06-01 جوامع الکلم المجلد السادس ـ الرسالة الاجماعية ـ مقابله

الرسالة الاجماعیة

 

من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم

الشيخ احمد بن زين‌الدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 4 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمدللّه رب العالمين و صلي اللّه علي خير خلقه محمد و آله الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي اني لمارأيت كثرة الاختلاف بين علمائنا في اكثر طرق الاستدلال و كيفية استنباط الحرام و الحلال و كثرة القيل و القال بين الاخباريين و الاصوليين و كثرة وقوع كل في الاخر حتي انتهي بهم الحال الي اشنع المقال من نسبة بعضهم الي بعض الكفر و الضلال واصل الاختلاف اختلاف الطبايع و الاطوار و تباين المقاصد و الاقطار و اظهر التكليف مااستنبطوا و اضمروا لان الحق لم‏يخلص و لوخلص لم‏يخف علي ذي‌حجي و لكن اخذ من هذا ضعث و من هذا ضغث فمزجا امتحانا في التكليف و فضلا منه سبحانه بالترغيب و الترهيب في التعريف ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و الاصل في ذلك ماقيل ان الكتاب التدويني طبق الكتاب التكويني فكما ان الكتاب التدويني فيه المحكم و الظاهر و المتشابه و المجمل و الخاص و العام و الناسخ و المنسوخ و حرف مكان حرف و التقديم و التأخير الي غير ذلك، كذلك هذه في الكتاب التكويني ففي الناس المحكم و هذا لا يستقر فؤاده الاّ علي المحكم و فيهم الظاهر و هذا لا يسكن قلبه الاّ علي الظاهر من الكتاب و ان كان يمكنه ادراك المحكم و تحصيله و فيهم المتشابه و هذا لاتسكن نفسه الاّ بالمتشابه من الحجج و الكلام الاّ ان للّه الحجة البالغة فلايترك احدا الاّ و يعرفه الحق في نفسه قبل او لم‏يقبل و بالجملة فجري الاختلاف الذاتي علي الاختلاف التكليفي و كان مما وقع فيه الاختلاف باعتبار المختلفين و كثر(كثرةخ‌ل) الاختلاف فيه مسئلة الاجماع حتي ملأ الاسماع و طبق الاصقاع و اكثر منكروه النقض و الابرام حتي دخلت في الحيرة علي كثير من القائلين به لكثرة ايرادهم الاجماعات المتعارضة في المواضع المتكاثرة من كلام العلماء ممن يحتج به و اشتغل القائلون به بنقض مايرد عليهم و تمادي الزمان بالناس

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 5 *»

فنسو الاساس و وقع عليهم الالتباس حتي وجدنا من يحتج به لايعرف كثير منهم الاجماع و لا ما اراد العلماء به و لايدفع مايرد عليه و كلما طال الزمان غطت الشبهات مداخله لان من تأخر لايعرف من التمسك به الاّ ما قد يستفيده من كلام الخصم و لم‏ينقّحوا معالم الاصول و لم‏يظفروا بزبدة المحصول الي زماننا هذا و هو السنة الخامسة عشرة بعد المأتين و الالف حتي بلغ باهل زماننا الحال الي انهم في ذلك اذا كولموا ينظرون الي من قال لا الي ماقال و قد سري هذا الداء العضال في كثير من الفريقين و لقد كنت اسمع بعض اهل الاخبار يناقض خصمه لا بمايتعقله بل بما ينقله و كذلك بعض اهل الاصول يجيبونهم بما ليس فيه وصول الي محصول و ربما خاطبت بعض الفريقين فوجدته لايفهم مايقول و لا مااقول فاحببت ان اكتب كلاما في الاجماع و في اقسامه و حجيته و وقوعه و امكان العلم به يكون دليلا لأولي الاستبصار و عمود ميزان قسط ليس فيه انكسار و طريق قصد واضح ليس عليه غبار و ضياء نور يغشي برقه بصائر الاغيار يكاد سنابرقه يذهب بالابصار فكتبت هذه الرسالة علي تشتت بال من حل و ارتحال و تقسم فكر لا يسع فيه المقال في ذلك المنوال و اودعتها صحيح الاستدلال علي ذلك بالادلة العقلية و النقلية مقتصراً علي البعض خوف الاطالة و الملال و انما كتبتها لماكان الجدال بالمقال لايكاد يقطع العذر لان الخطاب لايثبت معناه عند المخاطب اذا كانت الشبهة قدسبقت اليه لتمكنها و لايدرك اشاراته مثل مايكون من الكتاب لانه يمكنه المراجعة و التأمل في خلواته فيستقرّ المعني الذي يستفيده فتذهب الشبهة بخلاف الخطاب لانه يذهب قبل ان‏يدرك معناه و يفني قبل ان‏يفهم مراده و مؤدّاه و قد يقبل من الكلام مع غيبة صاحبه مالايقبل مع حضوره و لا اورد في ازالة تلك الشبهة في اكثر الموارد مااورده العلماء لانهم تغمّدهم اللّه برضوانه و ان كانوا عرفوا الاساس الاّ انهم كانوا في زمان ليس فيه علي ما اصلوا التباس فاوردوا في كتبهم تلك الاصول و لم‏يقرروا ماخذها لعدم الحاجة في ذلك الزمان الي ذلك و لانهم سلكوا في الاستدلال طريق المجادلة بالتي هي احسن لابتناء بيانهم علي الظاهر لاجل التبيين و الوضوح و هي لاتقطع العدد الاّ اذا كانت مشتملة علي

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 6 *»

المقدمات الضرورية او المسلمة و هي في هذه المسئلة ليست موجودة في جميع انحائها فلاتكاد تقطع العذر بخلاف طريق الحكمة و الموعظة الحسنة لان طرق الاستدلال ثلاثة قال تعالي ادع الي سبيل ربك بالحكمة و هو الدليل العقلي الذوقي و الموعظة الحسنة و هو الالزام بمافيه السلامة كماقال تعالي و ان‏يك كاذبا فعليه كذبه و ان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم و جادلهم بالتي هي احسن و هو معروف و هذه الثلثة الطرق المشار هي اليها في قوله تعالي ايضاً و من الناس من يجادل في اللّه بغير علم و لا هدي و لا كتاب منير فالعلم هي المجادلة بالتي هي احسن اذا كانت بالضروريات و المسلمات و الهدي هي الحكمة و الكتاب المنير هي الموعظة الحسنة و العلماء (ره) ذكروا دليل المجادلة للوضوح لانه لايحتاج الي جزم كالموعظة الحسنة و لا الي عقل مستنير كالحكمة فاتي من بعدهم و لم‏يعرف ماخذهم فعارض بعض من عارض غير عارف بالمأخذ و اجاب من لايعرف الجواب لان الجواب المستوفي لم‏يذكره الاصحاب كله في كتاب و ان ذكروا بعضه لم‏يكن كافيا لكل اعتراض و هذا المجيب قد لايعرف الحكمة و لهذا قلت لااورد في اكثر الموارد مااورده العلماء يعني من الاقتصار علي طريق المجادلة الاّ شيئا من كلامهم جاريا في البيان علي سبيل التتميم او مرادا به محض التفهيم و جعلتها مشتملة علي مقدمة و سبعة فصول و خاتمة فيها تذنيب فالمقدمة في تعريف الاجماع و بيان المراد منه و الفصل الاول في القسم الاول و هو الاجماع الضروري من المسلمين و الفصل الثاني في القسم الثاني منه و هو الاجماع الضروري من الفرقة المحقة و الفصل الثالث في القسم الثالث منه و هو الاجماع المشهوري و الفصل الرابع في القسم الرابع منه و هو الاجماع المركب و الفصل الخامس في القسم الخامس منه و هو الاجماع المنقول و الفصل السادس في القسم السادس منه و هو الاجماع المحصل

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 7 *»

و الفصل السابع في القسم السابع منه و هو الاجماع السكوتي و الخاتمة في امكان وقوعه و امكان العلم به و حجيته و التذنيب في نقل ماذكره الشيخ محمد المقابي‏ (ره) من حجج النافي لحجية الاجماع و جوابه له و كلامنا عليهما بمايناسب و يكون فيه تصحيح حجية الاجماع فاقول و باللّه المستعان.

المقدمة في تعريف الاجماع و بيان المراد منه اعلم ان الاجماع لغة يطلق علي العزم كماقال تعالي فاجمعوا امركم مأخوذ اما من قولهم امرهم مجمع اي مستور و مكتوم او من جمع اخلاف الناقة اي صرها فكانهم ضموا آرائهم بعضها الي بعض او تستروا في جمع آرائهم عمن ينقضها او من الجمع و هو تأليف المتفرق اي الفوا آرائكم و علي الاتفاق و هو مأخوذ منه ايضاً و من قولهم اجمعوا اي صاروا ذوي جمع كمايقال البن الرجل و اتمر اي صار ذالبن و تمر و اصطلاحا اتفاق جماعة احدها المعصوم قطعاً غيرمعلوم بعينه علي امر من الامور و قولنا غيرمعلوم بعينه ليخرج حال تعينه لانه اذا علم بعينه يكون قوله خبرا و لم‏يكن اجماعا اذا لاعبرة بالاتفاق ما لم‏يكن احدهم (احد المتفقين خ‌ل) و اما قوله منفردا فهو خبر فان شافه به السائل كما لو امره بشي‏ء تعين العمل به عليه ما لم‏ينفه و الا كان حجة عليه بشروط منها ان لايخالف الكتاب المجمع علي تأويله و لا السنة التي لا اختلاف فيها و ان لايعارضه خبر آخر اقوي منه او مساو له عند الترجيح و الاّ يوافق القوم و الاّ يشهد العقل المهذب برده و الاّ يخالفه اجماع او اصل متحقق لايصلح ذلك المعارض للاخراج عنه الي غيرذلك من التراجيح و انما حكمنا بانه اذا كان في جملة قائلين قطعاً غير معلوم بشخصه كان ذلك حجة بقوله مع اقوالهم اذا لم‏يتعين لوجود المقتضي للحجية و هو قول المعصوم7 و انتفاء المانع هو احتمال التقية علي نفسه او علي شيعته و احتمال ارادة احد السبعين المخرج كمارواه المفيد (ره) في الاختصاص و الصفا في البصائر و غيرهما من قوله7 اني اتكلم بالكلمة و اريد بها احد سبعين وجها لي من كل منها المخرج و قوله7 انتم افقه الناس ماعرفتم معاريض كلامنا انا نتكلم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 8 *»

بالكلمة لها سبعون وجها ان شئت اخذت هذا و ان شئت اخذت هذا و قوله7 و اللّه انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيها حتي يلحن له و يعرف اللحن و في آخر حتي يكون محدّثا و هي و امثالها دالة علي ان المراد من كلامهم(ع) ليس مشرعة لكل خافض و انما تحصيله لاشخاص مخصوصة كما هو معلوم لكثرة الاحتمالات منه فاذا كان هكذا سبيلهم لايكاد يقطع بمرادهم (ع) اذا انفرد قولهم و لهذا اختلفت الروايات عنهم ظاهراً بل وقع ذلك منهم في المسئلة الواحدة في المكان الواحد و احتيج في فهمه الي التراجيح و التوسل اليه بكل وسيلة و لو علم مرادهم من قولهم بدون دليل لاكتفي كل احد بكل رواية حصل اليقين او الظن الذي لم‏يحصل اقوي منه بصحيح وردوها عنهم: اختلفت او اتفقت و الواقع ان مرادهم اذا انفرد قولهم لايعرف الاّ بمادلوا عليه و اشاروا اليه و تلك الدلالة و الاشارة معلومة عند اهل العلم بخلاف ما اذا كان كلام المعصوم (ع) في جملة كلام غيره فانه يكون بحكم كلام غيره فلايريد غير ما تريد الجماعة التي هو من جماعتهم لعدم المانع الموجب لمخالفة الظاهر كماقلنا و وجود المقتضي و هو قول الحق و حفظه علي اهله لئلا يرتفع عنهم و الاّ لكان مغريا بالباطل و الخطاء و لو اراد غير ماارادوا لماادخل قوله في جملة اقوالهم لماقلنا و قولنا سابقا انه لو علم قوله بعينه لم‏يكن حجة الاّ بتلك الشروط ردّ علي من توهم ذلك من اهل الاصول ممن لم‏يكن فيه قدم راسخ و علي من اعترض من اهل الاخبار علي قول العلماء بان قالوا اذا علم انه فيهم كان قوله7 هو الحجة لا الاجماع و الجواب ماقلنا من انه اذا علم بعينه كان خبرا لايزيد علي قوله الذي هو عندنا و قداتفقنا علي انه لايتعين العمل به الاّ بتلك الشروط بخلاف ما اذا كان من جملتهم غيرمتعين لايقال انه اذا كان قوله مطابقا لقول المتفقين كان قوله هو الحجة و ان علم بعينه لانه لايحتمل الاحتمالات المذكورة لموافقة اولئك المتفقين فلامعني لاشتراطكم عدم تشخصه لانا نقول انما يتم ماذكرتم اذا لم‏يوجد مخالف او وجد مخالف و قد نص صريحا علي بطلان قول ذلك المخالف و لكنه حينئذ امر ضروري لاينكره احد اما اذا وجد مخالف و لم‏يظهر نص علي خلافه (نفيه خ‌ل) فان قوله

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 9 *»

لايكون حجة قاطعة للاحتمالات الاّ بشروط التراجيح فان قيل اذا كان الامر كماقلتم من عدم التعيين فلايخلو اما ان ينص بنفي الخلاف اولاً فان نص فالحجة في نصه و قوله و ان لم‏ينص لم‏يكن حجة فلاتثبت للاجماع حجة قلنا انما قلنا اذا لم‏يظهر نص علي نفي قول المخالف لايكون حجة الاّ بشروط التراجيح اذا كان قوله ظاهراً متعينا للاحتمالات السابقة اما اذا لم‏يكن ظاهراً متعينا فانه يكون في ضمن اقوال من وافقهم حجة لعدم الاحتمالات و للموافقة المذكورة الموجبة لتوافق الظاهر للباطن و الموجبة لنفي الاحتمالات فتفهم ماذكرناه و مانذكره فهذا معني مانريد من الاجماع حيث يطلق سواء كان طريق اثباته في المسئلة المستدل به عليها اليقين ام الظن و يأتي بيان يحتاج اليه فما يراد منه زائداً علي ماذكرناه (ذكر خ‌ل) فتأمل فيه و الحمدللّه وحده.

الفصل الاول في القسم الاول من الاجماع الضروري من المسلمين.

الفصل الثاني فی القسم الثاني منه و هو اجماع الفرقة المحقة و هذان القسمان من الاجماع لاخلاف في حجيتهما عندنا لتحقق دخول قول المعصوم7 في جملة اقوالهم و كلامنا هذا مع بعض منا فلانحتاج الي تصحيح اجماع الفرقة المحقة و اثبات حجيته اذ ليس كلامنا مع العامة فلهذا لم‏نتكلم عليه.

الفصل الثالث في القسم الثالث منه و هو الاجماع المشهوري و هو ان‏يعلم كون قول المعصوم7 في جملة القول المشهور و ذلك اذا لم‏يوجد قرينة من آثارهم (ع) صارفة عن المشهور بعبارة او اشارة كما لوتساوي القولان او الروايتان في جميع مراتب التراجيح المعتبرة و لم‏يكن للقول المشهور او الخبر المشهور او النادر مرجح يصار اليه الاّ ان احدهما مشهور بين الاصحاب و الاخر غير مشهور  فان الاخذ بالمشهور متعين لان الامام7 قد نص علي الاخذ بالمشهور اذا لم‏يكن مرجح لاحدهما و انما قلنا بتعين الاخذ بالمشهور اذا لم‏يكن ذلك التعين الاّ لنصه7 علي الاخذ بذلك المشهور و لم‏يكن النص منه7 علي ذلك الاّ لدخول قوله7 في جملة اقوال المشهور و علامة تعين ذلك عدم المرجح و لهذا امر به و سماه اجماعا كما في مقبوله عمر بن

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 10 *»

حنظله حيث قال ينظر ماكان في روايتهما في ذلك الذي حكمنا به المجمع عليه بين اصحابك فيؤخذ به من حكمنا و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك فان المجمع عليه لاريب فيه و كذلك في مرفوعة زرارة من قوله7 خذ ما اشتهر بين اصحابك و دع الشاذّ النادر فان المجمع عليه لاريب فيه و المراد به المشهور فسمّ المشهور مجمعا عليه و انه لاريب فيه و لايكون كذلك مع تجوير خروج قول المعصوم7 و انفراده عنهم و لايمكن العلم بذلك بمجرد الشهرة اذ رب مشهور لااصل له ما لم‏يكن علي النحو الذي ذكرنا لايقال ماالفرق بين المشهور الحجة و المشهور الذي لا اصل له و كل منهما مشهور مع انكم قلتم انه لامرجح للمشهور الحجة الاّ انه مشهور و هذا معني الشهرة لانا نقول الفرق بينهما ان المشهور الحجة لم‏يعثر المستنبط بعد استفراغ وسعه علي صارف عنه بخلاف الاخر فانه اذا استفرغ وسعه وجب في الحكمة ان‏يقع علي الصارف عنه و الاّ لكان حجة كالاول و لايقال لعل المراد بقوله (ع) خذ مااشتهر بين اصحابك ان هذا المشهور مجمعا عليه انه متفق عليه في الرواية لان الراوي للنادر ايضاً راو للمشهور و هذا لااشكال في كونه اجماعا و هو غير ماتريدون لانا نقول انه يأتي ان شاء اللّه ان الرواية اذا خالفها عمل الراوي فان كان ذلك لانها لم‏تصح عنده اما لعدم صحة الواسطة او لان عنده ما هو اصح منها او لعدم معرفة الحكم منها فلاعبرة بروايته لها و لايكون ذلك مرجحا و ان كانت عنده صحيحة و لا معارض لها اقوي منها فلاعبرة بروايته لانه فاسق فيلزم علي مايأتي تفصيله ان شاء اللّه تعالی صحة مابنينا عليه كلامنا من ان المراد به المشهور في العمل و لايقال ان قولكم اذا

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 11 *»

لم‏يكن مرجح بخلاف ما في الرواية فانه7 بعد النص علي المشهور جعل لهما لوكانا مشهورين العرض علي الكتاب و السنة و خلاف الجماعة لانا نقول انما قلنا اذا كان احدهما مشهوراً لا اذا كانا مشهورين فانهما اذا كانا مشهورين لابد من الترجيح بينهما كما لوتعارض اجماعان اذ لاتزيد الشهرة علي الاجماع و انما قلنا بتعين الاخذ بالمشهور اذا لم‏ينصب الامام7 العالم بدخول قوله في المشهور و خروجه عنه قرينة تدل المكلف بالاستنباط علي خروج قوله عن المشهور فانهم: قد اكملوا الدين لاهل استيضاح و التبيين فمهما كانت فی المسئلة قولان او اكثر فلابد ان ينصبوا دليلا في اخبارهم و ارشاداتهم و هدايتهم تصريحا او تلويحا يدل علي ان حكمهم و قولهم المتعين الذي هو دينهم في قول من تفقده من اهل الاستنباط وجده البتة ان لم‏يكن الكل فالبعض فمن استفرغ وسعه من اهل الاستيضاح و الاستنباط لتحصيل ذلك الدليل المعين لدخول قول المعصوم7 في جملة قول من الاقوال او المعين لخروجه باليقين الذي لايحتمل النقيض عنده في ذلك الوقت لا مطلقا و لا في نفس الامر لجواز ظهور ذلك الدليل المعين لغيره او له في غير ذلك الوقت من عثر علي ذلك الدليل صحّ له دعوي الاجماع بقول مطلق و هذا هو الفرق بين قولنا بحجية الاجماع المشهوري و بين قول من يقول بان مجرد الشهرة اجماع من حيث ورود الامر بالاخذ بالشهرة لماقلنا و ورد ربّ مشهور لا اصل له و ان لم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 12 *»

‏يعثر علي ذلك الدليل فسبيله في الحكم علي حسب مايقضي (يقتضي خ‌ل) له من الظن فيحكم باقوي ظنونه ان تعددت و ان اتحدت لحق بالاول و الاّ يحصل الظن فهو المتردد الذي يقف مع الحاجة الي العمل هو او مقلده و يحتاط مع الحاجة كذلك و يلزم الظان و المردد ماقلنا لتعين ذلك عليه لا لان الظاهر و الظن من حيث هما يسميان علما بل العلم هو المانع من النقيض و لو مطلقا و لايكون للحاكم حينئذ الاّ تعين العمل علي الاصح لا علي ظاهر ماقررنا في كثير من كتبنا الذي لاينبغي العدول عنه كما اشار اليه الاثار و شهد له صحيح الاعتبار الذي ليس عليه غبار ثم اذا صح له دعوي الاجماع لتعيين الدليل علي دخول قوله او خروجه فهيهنا بيان و هو انه اذا (ان خ‌ل) كان بين مشهور و نادر و لم‏يجد قرينة و لا دليلا يدل علي دخول قوله في النادر او خروجه عن المشهور بل كان الدليل علي ذلك معدوما كمابيناه كان المشهور هو المجمع عليه لكشفه عن دخول قول المعصوم7 لانه انما قال خذ بمااشتهر بين اصحابك لدخول قوله في جملة اقوالهم و لعلمه بان الحجة هو قوله7 و لانه ان لم‏يدخل في ذلك المشهور الذي جرت عادة القلوب في الجملة علي تقويته و الميل اليه ما لم‏يكن صارف اقوي من ذلك لان الاكثر في الغالب ابعد عن الخطاء من الاقل اذا عري الكل عن الامارة بل ربما وجد في بعض النصوص الاشارة الي ذلك و لم‏يتعين في ذلك المشهور المذكور دخوله وجب عليه نصب الصارف عن المشهور و الاّ لكان امرا بغير قوله لانه قال7 خذ بمااشتهر الخ و هو في الواقع خارج عما اشتهر فيكون مغريا بالباطل وقوع ذلك منه محال لانه (الله خ‌ل) سبحانه اذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً و ايضاً يكون الدين ناقصاً اذ كمال الدين بنصب القرينة الصارفة اذا لم‏يكن داخلا في المشهور و لاسيما بعد امره بالاخذ به اذا عدم الترجيح بدون تقييد و هذا هو الاجماع المشهوري و لايكون منه اجماعان في وقت واحد و مكان واحد نعم قد يتعاقب و يتعاكس مع اختلاف الزمان و المكان و السر فيه مانبهناك عليه من ان الدليل القاطع الدال علي دخول قوله في المشهور انما هو باعتبار يقين المستوضح للحجة لا باعتبار نفس الامر و السر في هذا السرّ

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 13 *»

ان التكاليف في الغالب جارية بالاقتضاءات فقديقتضي وصف المكلفين في مكان دون آخر او في زمان دون آخر حكما غير مايقتضيه الوصف في ذلك الزمان و ذلك المكان و اما حكم اللّه الواحد الذي لا يختلف ابدا فانه قديطابقه حكم اللّه المتعدد المتكثر و قد يخالفه و الامام7عنده الحكمان (اما خ‌ل) الاول الواقعي الذي لايختلف فانه7 في نفسه لايلزمه العمل به في كل حال مادامت دولة الضلال الاّ اذا اتفقت الامة علي خلاف الحكم الذي لايختلف فانه7 يتعين عليه حينئذ العمل به ان لم‏تقتضي الحكمة عمله بخلافه و الاّ عمل بالحكم المختلف اذا اقتضي الوقت ذلك بشرط ان يكون عامل بالواقعي من الفرقة المحقة لئلا يرتفع الحق عن اهله لان تكليفه مشارك لنا في اكثر الاحوال و ذلك يجري منه علي حسب مايصلح للرعية كما قال الصادق7 و اللّه انا لاندخلكم الاّ فيما يصلحكم و اما الثاني المتكثر[1] فالعلماء الذين هم ابواب الحجة و وسائط بينه و بين غنمه الذين امر ‏غنمه و رعيته بالاخذ عنهم و الاقتداء بهم كما اشار اليه سبحانه بقوله تعالي و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 14 *»

ظاهرة فالقري التي بارك اللّه فيها آل محمد (ع) و القري الظاهرة هم العلماء المشار اليهم و قدرنا فيها السير بان‏يأخذ مقلدوهم الذين هم غنم الامام7عنهم مايحتاجون اليه من الاحكام و ان اختلفوا لان الاختلاف اوقعه الامام7 بينهم ابقاء لهم فهم المكلفون (مكلفون خ‌ل) به و هو كماقلنا قديطابق الاول و قديخالف (يخالفه خ‌ل) فان لم‏يحصل مانع من العمل بالحكم الاول الواقعي الذي لايختلف في وقت او مكان وجب عليه7العمل به و وجب عليه7 هداية الوسائط اليه لوقوع (بوقوع خ‌ل) الاتفاق او الاجماع و ذلك بحسب الامكان و يجب في الحكمة اصابة بعض العلماء من ابواب الامام (ع) و وسائطه له و لو من عالم يعتبر بعلمه لئلا يخرج الحق عن الفرقة المحقة الذين لايزالون علي الحق حتي تقوم الساعة و ان حصل مانع من العمل بذلك الحكم الواقعي بحيث يلزم منه استيصال الفرقة المحقة كان تكليفهم فيما فيه النجاة و كان علي الامام7 ان يجري في ذلك في الظاهر ان كان ظاهراً مع شيعته بان يكون في جملة القائلين بذلك الحكم و يلزمه العمل بذلك الحكم الواقعي لنفسه باطنا و كذا اذا كان مستتراً حفظاً لوجود النوع المتوقف علي وقوع الحق فيه في الجملة و لابد في شيعته من موافق له في ذلك الحكم الواقعي و يكون بذلك مستترا كامامه او متروك القول بالنسبة الي المشهور لوجوب اتصاف التابع بشي‏ء ممااتصف به المتبوع و لو من واحد من ذلك النوع لتحقق المتبوعية و يكون بظاهر علمه (عمله خ‌ل) الذي لايمنع من ظهوره مانع مع المشهور من شيعته و عليه نصب الامارات و الاشارات الي ذلك المشهور بحيث يحصل لاهل الاستنباط تحقق دخول قوله الظاهري في جملة اقوال المشهور بحيث يتجه دعوي الاجماع من المشهور لكشفه عن دخول قوله اذا ليس جايزاً ان يخلو قول المشهور من قوله و الاّ لنصب له الصارف عنه و لكن عليه في سلوكه علي الحكم الظاهري مادام المانع العمل باقرب المجازات الي الحقيقة اي باقرب الاحكام الي الحكم الواقعي الاولي فيكون مادام المانع ظاهر القول مع اهل القول الظاهر مستتر العمل بالحكم الواقعي الذي لايختلف مع بعض من شيعته مستتراً او متروك

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 15 *»

القول و ربما زال المانع او حصل مانع آخر مغاير لذلك المانع في وقت فيتغيّر الوضع و الي هذا المعني اشرنا سابقا بقولنا في المشهورين اللذين يمكن في كل منهما دعوي الاجماع انهما دعوي الاجماع انهما لايكونان في وقت واحد في مكان واحد او مكانين يمكن اتصالهما فانا قلنا قديتعاقب و يتعاكس مع اختلاف الزمان و المكان و لايرد علينا منع التعاكس المذكور في الاجماع المركب لمابيناه و علي الامام7 ارشاد العلماء من فرقته و شيعته علي الحالتين علي المصلحة التي يعلمها الي سلوك طريقته و اصابة بعض منهم و لو واحدا لقوله علي الفرضين بنصب دليل يدلّ علي مراده منهم في الاختلاف و الاصابة كماقال (قاله خ‌ل) جعفر بن محمد8لعبيد بن زرارة علي مارواه الكشي قال7 و الذي خالف بينكم هو راعيكم الذي استرعاه اللّه امر غنمه فان شاء فرّق بينها لتسلم او يجمع بينها لتسلم و في الكافي عنه7 قال ان الارض لايخلو الاّ و فيها امام كيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا شيئا اتمه لهم هـ. فاستمع لمااتحفناك به و كن به ضنينا فانه من اسرار الحق و الكبريت الاحمر و ادلة ماذكرناه يطول فيها الكلام الاّ انها مذكورة فلتطلب من مظانّها فاذا عرفت مااشرنا اليه ظهر لك انه قديتحقق الاجماع المشهوري في المتقدمين و ينعكس في المتأخرين بل في مكانين لايتصلان فاذا رأيت ذلك في كتب العلماء فلاتسارع الي تغليظ احدهم و لاتنسبه الي الغفلة و السهو و عدم الضبط او الی المجازفة و كاني بناظر في كلامي هذا يضحك منه و يهزء به و انا اقول له كما قال الشاعر:

علي نحت المعاني من مواضعها   و ما علي اذا لم‏يفهم البقر

و الومه في ذلك و اقول له كما قال الشاعر:

فهب اني اقول الصبح ليل   ايعمي الناظرون عن الضياء

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 16 *»

هذا اذا كان في قولين مشهور و نادر و ان لم‏يكن كذلك بل كان بين قولين مشهورين فان لم‏يتساويا و حصل للمستوضح الدليل القاطع علي دخول قول المعصوم7 في احدهما صحّ له ان يدعي الاجماع لكشفه عن دخول قول المعصوم7 و هذا هو الاجماع المحصل كمايأتي و هو حجة للمستوضح قاطعة بتعيين (بتعين خ‌ل) العمل عليه الاّ انه لايكون حجة علي من لايعثر علي ذلك الدليل و هذا الاجماع كثير بين الاصحاب حتي ان منهم من يدعي الاجماع في كتاب و يدعي الاجماع علي العكس في كتاب آخر فيطعن عليه من لايعلم ذلك منه جهلا منه بالامر و استعجالا و قولا بما لايعلم و تكذيبا بمالم‏يحط بعلمه و لمايأته تأويله و قديكون اجماعا العالم المختلفان ليسا محصلين بل قديكون احدهما محصلا و الاخر منقولا او مشهورياً بناء علي ماحققناه و يأتي ايضاً تحقيق ذلك و تمحل بعض الفضلاء لتسديد الاجماعات المختلفة بان قال مامعناه يحتمل انهم; انما نقلوا الاجماعات المختلفة عمن قبلهم فيما اذا كان الحكم مستنده خبران تساوي (تساوت خ‌ل) فيهما جميع التراجيح بحيث كان الحكم عندهم الاخذ بايهما شئت من باب التسليم فاذا اخذ قوم بخبر من باب التسليم كان حكمه لازما لهم مادام التساوي من جميع الوجوه موجودا و هم حاكمون بصحة الاخر مجمعون علي صحة كل منهما و كذلك القوم الاخرون الاخذون بالخبر الاخير مجمعون علي صحة مااخذ به الاولون فاذا نقل المتأخر عنهما قول احدهما و ادعي الاجماع علي ذلك فهو حق و اذا ادعي الاجماع علي القول الاخر كان حقا لان كل قول مجمع علي صحته كان حقا و لايخفي مافيه لان الخبرين المشار اليهما المتساويين من جميع الوجوه في جميع التراجيح لايكاد يوجد ان فضلا عن ان يبلغا في الكثرة الي هذا الحد بحيث يكثر نقل العلماء الاجماع عن اقوال الاخذين بهما من باب التسليم و اعتذر لهم الشهيد في الذكري باعتبار (باحتمال خ‌ل) تسميتهم المشهور اجماعا او بعدم الظفر حين دعوي الاجماع بالمخالف او بتأويل الخلاف علي وجه يمكن مجامعته لدعوي الاجماع و ان بعد او ارادتهم الاجماع علي روايته بمعني تدوينهم في كتبهم منسوبا الي الائمة: و امثال ذلك و هو

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 17 *»

اعتذار واه يعين الخصوم علي معارضة الاجماع و ابطاله كمالايخفي علي من تتبع كلامهم فانهم كثيرا مايتمسكون بمثل هذه العبارات فان الاصحاب اذا احتمل انهم يسمعون الشهرة اجماعا كان اعتمادهم في اجماعهم علي مجرد الشهرة لاغير مع ان المعروف من مذهبهم انهم يطعنون علي اهل الخلاف حيث لم‏يشترطوا دخول المعصوم في الاجماع و انما يقولون انه يتحقق باتفاق المجتهدين فهم علي(هذا خ‌ل) احسن طريقة من الفرقة المحقة لانهم انما يدعون الاجماع مع دعوي الاتفاق لا مع الشهرة و اصحابنا انما يريدون بالاجماع مايتحقق باتفاق جماعة يعلم دخول قول المعصوم في قولهم قطعاً و يكون غير معلوم بعينه و نسبه و لابد عندهم ان يكون في جملة المتفقين مجهول النسب يجوز ان يكون هو الامام7 فلاتكون الشهرة عندهم اجماعا الاّ علي النحو الذي بينناه هنا و اما قوله او بعدم الظفر حين دعوي الاجماع بالمخالف الخ فيأتي في خلال كلامنا جوابه و بيانه من انه قديكون ذلك كاشفا لدخول قول الحجة7 في بعض الاحوال فيتحقق الاجماع حينئذ فقول ذلك المتحمل و ان امكن في بعض (الافراد خ‌ل) الاقوال النادرة لكنه لايحمل عليه ما هو كثير الوقوع بل الاولي كما مرّ و يأتي ان‏يحمل ذلك علي كون احد الاجماعين محصلا مثلاً و الاخر منقولا و لم‏يثبت عند غير المحصل بكسر الصاد المحصل بفتح الصاد و لعل المنقول ايضاً محصل في نفسه كمايأتي او لم‏يثبت المنقول عند غيرالمحتجّ به فلاعيب علي مدّعي الاجماع بعد تحقق الاحتجاج به مع وجود المخالف و مع قيام الاحتمال المنافي عند غيره بل قد يدّعيه علي خلاف المشهور في الموارد كماوقع من ائمة الهدي و اعلام التقي صلوات اللّه عليهم اجمعين كما هو معروف من آثارهم من دعوي الاجماع و الاحتجاج به مع وجود الخلاف اذا قام الدليل القاطع علي المدّعي و ان كان من احد الادلة الثلثة المشار اليها سابقا و من ذلك ما اشار اليه الهادي7 في رسالته الي الاهواز و احتجاجه بالاجماع كما يظ لمن‏تتبع كلامه7هناك فان قيل انما كان ذلك هنالك لانه قصد به بيان الرد علي العامة الذين

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 18 *»

يعتمدون (علي خ‌ل) الاجماع من حيث هو فلايكون الاحتجاج به دليلا علي حجيته قلنا انما اراد تأسيس اصل و قاعدة لشيعته الذين طلبوا منه الدليل فبين لهم و لذا تراه يستدلّ فيما لاتعلق له مع العامة بوجه كما في رواية الاحتجاج الاتية فتأملها و ذكره لاجماع الامة لاينافي ماقلنا لان المراد منه حجية الاجماع غاية ما في الباب انهم يعتمدون اجماع الامة و نحن نعتمد الاجماع الكاشف عن قول المعصوم7 و لهذا لو حصل اتفاق كثيرين معلومين ليس فيهم مجهول يجوز ان يكون الامام7 لايكون ذلك حجة عندنا نقرر (فقرر خ‌ل) الاستدلال بالاجماع المعتبر و هو دليل علي حجية الاجماع المعتبر و بطلان مايخالفه (خالفه خ‌ل) و من تدبّر كلامه عرف ماقلنا و كذلك كلام الحجة7 لمحمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري علي ما رواه ابوطالب الطبرسي في احتجاجه حين كتب اليه يسئله عن دعاء التوجه الي ان قال7 و السنة المؤكدة التي هي كالاجماع الذي لاخلاف فيه وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض الخ و فيها و هدي اميرالمؤمنين7 و في آخرها و انا من المسلمين اللهم اجعلني من المسلمين و لم‏يوجد في غير هذه الرواية هذه الالفاظ بل مارواه اصحابنا انما هو و منهاج علي بن ابي‏طالب و رووا و انا من المسلمين و ليس بعدها كماذكر هنا مع انه7 قال التي هي كالاجماع الذي لا خلاف فيه فجعل الاجماع حجة يستدلّ به كما تري و شبّه مالم‏يكن معروفا بالاجماع لظهور قوله بعينه و نحن نشترط عدم معلومية قوله بعينه لماذكرنا سابقا فلما كان الشرط الذي اشرنا اليه سابقا حاصلا بالمفهوم و الاشارة و اللازم شبه ذلك بالاجماع لانا قلنا ان ظهور كلامه مظنة للتقية و احتمال احد السبعين الوجه كما ذكرنا فاذا كان قوله في جملة القائلين لم‏يزد المراد منه علي مرادهم من كلامهم فلاحظ فالمشهوري حجة علي ماقررناه و اجماع حقيقة علي مااصّلناه و بينا من ان الاجماع انما نعتدّ به اذا كشف من دخول قول المعصوم7 و الاّ فليس من مذهبنا و قول كثير من علمائنا ان المشهوري ليس اجماعاً حقيقة بل مجازا كما قال الشهيد في الذكري الحق بعضهم المشهور بالمجمع عليه فان ارادوا في الاجماع فممنوع و ان ارادوا في الحجية فقريب و احتج علي الحجية

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 19 *»

بقوة الظن في جانب الشهرة رواية و فتوي و غيره من اصحابنا مبني علي ملاحظة التسمية و مماشاة مع المخالفين في تلك الدعوي و الاّ فانا لاننعاطاه و لانطلقه حقيقة الاّ علي قول من كان المعصوم في جملتهم بلافرق بين حصول ذلك في جميع المسلمين و في خمسة رجال لانا لانعتدّ الاّ علي قوله7 الداخل في الجملة الغير المتشخص كماذكرناه مكررا مرددا ليتذكر من تذكر فهو اجماع و حجة كماجعله7 كذلك فلاحظ ماتقدم و مايأتي من الاخبار من اطلاق الاجماع عليه و الاصل في الاستعمال الحقيقة الاّ ان يكون المراد من الاجماع ماذهب اليه المخالفون و لا دلالة في الوضع اللغوي علي ارادة من لاتعتبر ارادته و الاّ لماتحقق في اتفاق اهل الحلّ و العقد لقلتهم في سائر الخلق و اما قول الشهيد; في احتجاجه علي الحجية بقول الظن في جانب الشهرة فغير متجه لانه ان اراد بحجية الشهرة بدون اعتبار قول المعصوم7 فيهم ففي حيّز المنع اذ ربّ مشهور لا اصل له علي ان ظاهر كلامه ان الظن الحاصل من الادلة اذا وافق الشهرة قوي و هذا ليس من الحجية في شيء بل ليس كل ما وافق الدليل الشهرة قوي و ان حصلت القوة لم‏تستقل في تقوية الضعيف و لاترجيح لاحد المتساويين دائما و لا عبرة بالاتفاق في بعض الاحوال ممايراد منه كونه اصلاً و ان اراد بالحجية مع اعتبار قول المعصوم7 فلايفيد الظن شيئا بل لابد من القطع علي نحو ما مرّ مكررا و مايعتبر من الظن في الاجماع المنقول فانما هو في ثبوته في نفسه لا في حجيته و يأتي بيان هذا ان شاء اللّه تعالي و لاينافي كلامنا هذا (هنا خ‌ل) قولنا سابقاً من ان الاكثر ابعد من الخطاء من الاقل لان قولنا هناك ليس المراد به الاحتجاج علي حجية الاكثر كماهنا فاذا عرفت ماذكرنا فاعلم انه قدبقي شي‏ء ينبغي التنبيه عليه و هو انه قداختلفت (اختلف خ‌ل) العلماء في المراد من قوله7 في مرفوعة زرارة خذ مااشتهر بين اصحابك هل المراد به مااشتهر في الفتوي و العمل او في الرواية او فيهما فمن نظر الي ماظهر من الروايات و قطع النظر عن المراد منها قال بانه مااشتهر في الرواية و عليه اجتمع رأي الاخباريين و من قصر النظر الي ان المراد منها العمل قال كماقاله شارح

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 20 *»

مختصر الاصول و غيره من ان المراد به المشهور فتوي قطعاً او احتمالا قال و هو حجة من ذهب من الاصوليين و الفقهاء الي ان الشهرة مرجحة عند تعارض الدليلين و استدلّ به بعض العلماء علي حجية الاجماع ثم تنظر فيه و ذكر ما حاصله ان الخبر يدلّ علي ان الاجماع مرجح لاحد الخبرين علي الاخر لا انه حجة برأسه انتهي و الذي اعطاني النظر بعد ان اعطيته حقه قاطعا للالتفات الي القولين هو ارادة المعنيين.

اما ان المراد به ما اشتهر في الرواية فظواهر الاخبار شاهدة به و المراد به ان شهرة الخبر بين الاصحاب و تكرره في الاصول من المرجحات التي يتعين المصير اليها اذا لم‏يعارضه مرجح اقوي منه و لم‏يحصل التعين الاّ علي النحو الذي ذكرناه سابقا و اما ان المراد به مااشتهر في الفتوي فلانه لايخلو ذلك المشتهر من ان يكون فتوي او رواية فان كان فتوي و كان غير المشتهر لم‏يحصل له في مستنده مايقال ذلك المشهور من صحة الاعتبار مع عدم مقابلة اجماع مشهور او محصل و لم‏يحتمل (لو محتمل خ‌ل) احتمالا مساويا بعد تمام التفتيش فان ذلك المشهور من الفتوي حجة اذا لم‏تكن من معلومي النسب و ليس ذلك بحجية (لحجية خ‌ل) مجرد الشهرة كماذكره بعضهم فان مجرد الشهرة ليس بحجة بل اذا كانت الامارات و القرائن حاكمة بعدم خروج مذهب الحجة7 منها لحكم قطعي محصل من قوله7 خذ بمااشتهر بين اصحابك فان ذلك صادق عليه انه اشتهر بين الاصحاب و من اهمال الامام (ع) الدليل الدال الصارف عنه عند الحاجة الي العمل الذي امر7 به مع امره بالاخذ بذلك المشهور و لولا علمه و الحال هذه بدخول قوله في جملة ذلك المش لوضع الدليل الصارف و لما امر به و الاّ لكان مغريا بالباطل و ان كان ذلك المشتهر رواية فلايخلو اما ان يكون قداشتهر العمل

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 21 *»

بها او بخلافها او لم‏يعلم العمل بمقتضاها و مدلولها و لاتركه و انما اشتهارها تكررها في الاصول فان كان الاول فقد اتحدت الشهرة و اتحد الدليل و قد مر و ان خالفها العمل بان ‏عمل الرواة بخلافها فلاريب في ردها لان عمل الراوي بخلاف روايته امارة دالة علي عدم صحتها او عدم صحة العمل بها عنده و المفروض انه لادليل مرجح الاّ ذلك الاشتهار فلايعتمد علي اشتهارها عندهم اذا تركوا العمل بها و لايلتفت الي قول من قال من اهل الاخبار من ان تركهم العمل بمارووه مشتهرا ان علم سبب الترك و كان منصوصا قبل ذلك منهم و ان لم‏يعلم او علم و لم‏يكن منصوصاً فلايلتفت الي عملهم بل يترك عملهم و تؤخذ روايتهم لانه (لانهم خ‌ل) ان لم‏يثبت عندهم ماينافي العمل بها و تركوا العمل بها كانوا فسّاقا يجب التثبت عند خبرهم فتترك روايتهم و لايرد عليهم مارواه جابر بن يزيد الجعفي قال سمعت اباجعفر7 يقول ان لنا اوعية نملأها علما حكما و ليست لها باهل و مانملأها الاّ لينقل (لتنقل خ‌ل) الي شيعتنا فانظروا الي ما في الاوعية فخذوها ثم صفّوها من الكدورة و تأخذونها بيضاء نقيّة صافية و اياكم و الاوعية فانها وعاء سوء فتنكّبوها هـ. لان اولئك اكثرهم ثقات و ان كانوا فاسدي المذهب و دلت القرائن علي صحة روايتهم و ان كانت (كان خ‌ل) علي بعض الوجوه من امثال التخصيص و التقييد و غيرهما بخلاف هؤلاء و لاسيما مع عدم الامارات و القرائن علي صحة روايتهم كما هو المفروض و ان ثبت عندهم المانع من العمل ثبت ماقلنا علي انه لايلزم من عدم اطلاعنا علي المانع عدم وجوده و لايحتاج الي استبانة ذلك بعد قيام الدليل علي المقبول من ذلك المردود و ان لم‏يعلم عملهم بها و لاعدمه لمحضّت ارادة الاشتهار في الرواية و ح فان خالفها عمل غيرهم من اهل عصرهم تركت و رجّح العمل بنحو ما مرّ في مخالفتها لعمل رواتها و كذا من غير

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 22 *»

اهل عصرهم لان شهرتها مع مخالفتهم لها تدلّ علي عدم صحتها بل بماذكرنا لان المفروض انهم من اهل الاستيضاح و اهل الاستيضاح لايخفي عليهم الدليل و لايضيق عليهم المنهج لماسنبينه ان شاء اللّه تعالي و ان وافقها عمل بعض و خالفها عمل بعض فسبيلها كغيرها في رجوع حكمها الي التراجح و ان كان مقتضاها حكما مسكوتا عنه نظر فان لم‏يعارضها ما هو اقوي منها من كتاب او سنة او اجماع او دليل عقلي (عقل خ‌ل) علي نحو ماقرره العلماء شكر اللّه سعيهم وجب العمل بمقتضاها و الاّ فالاقوي منها اولي منها و اقوي و جميع مافصلناه دخل في مجمل قولنا قبل ذلك ان المشهور مطلقا اذا عدمت التراجيح وجب الاخذ به لانه امر بالاخذ به و لايأمر به علي سبيل التعيين الاّ لدخول قوله في ذلك لانه يعلم قوله و ان لم‏يدخل لنصب له صارفا فلاحظ مامرّ و بقي شي‏ء آخر هو انه قديقال كيف يكون المشهور حجة و اجماعا فلايكون ذلك الاّ مع تيقن دخول قول المعصوم و قلتم ان ذلك انما يحصل اذا لم‏يكن مرجح في الظاهر الاّ الشهرة و قلتم ان مجرد الشهرة لايكون حجة و لا دليلا و اجماعا حتي ينصّ الامام علي الاخذ بها و لاينص علي الاخذ بكل شهرة لان ذلك معلوم البطلان بل علي شهرة معينه و لا نعرفها الاّ بان لاينصب علي ضدها دليلا صارفا عنها فاذا وجد المقتضي و هو امره و عدم المانع و هو الصارف عنها وجب الاخذ بها و كانت اجماعا لكشفها عن دخول قوله فكيف تتحقق هذا و نحن نجد في كثير من احوال الشهرة المقتضي و المانع اما المقتضي فلعموم قوله7 خذ بمااشتهر بين اصحابك و هو صادق علي افرادها كلها و من افرادها مايوجد فيه المانع و هو انه قديكون الشهرة التي يتناولها الامر بالاخذ بها و لم‏يجد بزيد في ضدها عنها المانع و يجده عمر و فان قلتم هذا متحقق في حق زيد قلنا يكون هذا من افراد الاجماع المحصل لا المشهوري و الاّ لم‏يتحقق الاجماع المشهوري و الجواب انا انما نقول بالمشهوري اذا لم‏يمكننا العثور علي المانع و ليس في وسعنا تحصيله لانا لانكلف مالانقدر عليه و ليس علينا التوقف اذا لم‏نعثر مع استفراغ وسعنا علي المانع لانا مأمورون بالاخذ بالمشهور فانه مجمع عليه و لا ريب

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 23 *»

فيه و اما اذا وصل الينا المانع الاّ انا لم نتحقق بكونه مانعا فان ذلك الاجماع الذي ندّعيه بالشرط المذكور حينئذ محصّل لا مشهوري و قد مرّ بيانه مكرّرا فلاحظ و يأتي فارتقب.

الفصل الرابع من اقسام الاجماع الاجماع المركب و هو ان‏يستقرّ مذهب اهل العصر علي قولين بان كان موضوع المسئلة كليا فالحكم فيه بالايجاب الكلي او السلب الكلي او في بعض افراد الموضوع بالايجاب و البعض الاخر بالسلب فحكم بعض اهل العصر بالايجاب الكلي و بعضهم اما بالسلب الكلي او بالسلب في بعض و الايجاب في البعض الاخر فاذا استقر المذهب علي احتمالين من الثلثة المذكورة لم‏يجز القول بالاحتمال الثالث لانا نجرم حينئذ ان المعصوم7 في احد القولين الاولين فيكون الثاني باطلا قطعاً فبطلان القول بالثالث ثابت بالطريق الاولي و هذا عندنا متفق عليه الاّ انه بعد العلم بانحصار مذهب اهل العصر من الفرقة المحقة في قولين و بيان طريق العلم بذلك يأتي في بيان امكان وقوعه فترقب ان شاء اللّه تعالي ثم ان كان اهل احد القولين معلومي النسب و لم‏يكن المعصوم (ع) احدهم وجب المصير الي اهل القول الاخر و يكون حينئذ اتفاق هؤلاء و هم من فيهم مجهول النسب الذي يجوزان يكون هو المعصوم7 اجماعا واحدا بسيطا لا مركبا و ان لم‏يكن كل واحد (احد خ‌ل) من الطائفتين معلوم النسب بل كان في كل منهما مجهول النسب يجوز ان يكون هو الامام فان كان مع احدهما دلالة علي قوله تفيد القطع و اليقين وجب المصير اليه و يكون كالاول ان لم‏يكن تحصل تلك الدلالة للاخيرين (للاخرين خ‌ل) فان حصلت كان كل قول منهما اجماعا محصلا بالنسبة اليه و لكن حجية كل منهما لاتكون عامة الاّ في عصرين علي جهة التعاقب كمااشرنا اليه سابقا فلاحظ و اما في عصر واحد فتكون حجية خاصة بالمحصل بكسر الصاد اللهم الاّ ان يكونا في مكانين متباعدين يعسر اطلاع كل منهما علي قول الاخر فان كلا منهما تكون حجيته عامة في الجملة لمحصل الدلالة القطعية و فاقدها بل يكون كل منهما اجماعا بسيطا بالنسبة الي مكانه و ان لم‏يكن مع احدهما دليل

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 24 *»

قاطع يوجب العلم كان فرض المستدلّ طلب الدليل فان حصل له دليل قاطع يرجح احد القولين تعين عليه العمل بظنه غير مدّع للاجماع و ماحكي عن الشيخ; عن التخيير بالعمل بايهما شاء اعمالا لاخبار التخيير في الخبرين المتعارضين مع عدم الترجيح مطلقا هنا لاتحاد الحكم ليس بجيّد علي اطلاقه بلاانما يكون ذلك علي اصله اذا دلّ الدليل علي انحصار الحقّ فيهما و تعذر الترجيح من جميع الوجوه و اضطرّ الي العمل لتعين تكليفه باحدهما ظاهراً (حاضرا خ‌ل) و هذا عند من لم‏يقل بالتوقف مطلقا او مع عدم الحاجة و الضرورة الي العمل او في العبادات علي انا لانسلم وقوع تعذر الترجيح مطلقا اذ لو لم‏يجعل اللّه لنا سبيلا الي الترجيح في حال الوضع عنا التكليف حينئذ و التخيير هنا يستلزم كون نسبتي شيئين الي شي‏ء واحد نسبة واحدة جهة و مسافة و وقتا و رتبة و قد برهن علي امتناعه لاستلزامه الترجيح من غير مرجح و ماثبت فيه التخيير من الاحكام فقد ثبت فيه الترجيح و التخيير توسعة و تخفيفا و ليس هذا منه لعدم الترجيح و الاّ لامتنع التخيير و يأتي ان شاء اللّه تمام البيان فلاخيرة في التخيير و اما قول بعض الاصحاب باطراح القولين و التماس دليل من غيرهما فالظاهر ان المراد منه التماس دليل آخر يرجح احد القولين لانه اذا اقتصر علي دليل احدهما اداه ذلك الي القول به و هو قد فرض تعادلهما و الاّ لكان احدهما ارجح دليلا و ان لم‏يكن قطعياً تعين العمل بالراجح فعلي هذا يكون تضعيف الشيخ لقول هذا القائل بانه يلزم منه اطراح قول الامام (ع)ضعيفا. و اما اعتراض المحقق علي الشيخ بمااعترض به علي ذلك القائل فليس بمتجه لان قوله و بمثل هذا يبطل ماذكره يعني الشيخ لان الامامية اذا اختلفت علي قولين فكل طائفة توجب العمل بقولها و تمنع من العمل بالقول الاخر فلوتخيرنا لابحنا ماحظره المعصوم غيرتامّ اذ لايلزم من التخيير ذلك لعدم تعين قول المعصوم7 فتخير احدهما تخير بقول المعصوم7 لاتركه كما قيل في استحباب التياسر لاهل المشرق في القبلة علي ان الشيخ له دليل في بادي الرأي علي مايدّعيه كما مرّ و لا دليل للمحقق و قول صاحب المعالم; بان

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 25 *»

كلام المحقق جيد ليس بجيد و ان كنا نمنع قول الشيخ بوجوب حصول الترجيح في كل حال و الاّ لاتجه قوله مع التعادل من جميع الوجوه و الضرورة الي الحكم و العمل و ذلك كله اذا تعين اتباع احدهما بان دلّ الدليل القطعي علي انحصار الحق في احدهما فلو لم‏يكن مع احدهما دليل قاطع لم‏يتعين علي مستوضح الحجة اتباع احدهما بل لو اداه الدليل الي قول ثالث تعين العمل عليه بظنه ح لانه لم‏يكن حينئذ اجماع مركب و الاّ يحصل القطع باحد القولين او في القولين و لايبعد حمل قول القائلين باطراح القولين و التماس دليل من غيرهما علي ذلك اذ (ان خ‌ل) يبعد ممن له ادني مسكة من العلم ان يتحقق له دليل قاطع علي دخول قول المعصوم في الفريقين يعني في احدهما لاعلي التعيين لعدم الدليل القطعي المعين ثم يأمر باطراحهما و التماس دليل من غيرهما الاّ علي نحو ماذكرنا سابقا او علي ذكرنا لاحقا من عدم تحقق انحصار الحق فيهما فتدبر. و من الادلة علي جواز القول بغير القولين اذا لم‏يقم الدليل القاطع علي احدهما او فيهما احتمال كثير من الاصحاب في هذا المقام في كثير من الاحكام لغير القولين فانك تري احدهما يقول و لو قيل هكذا (بکذا خ‌ل) لكان حسنا و امثال هذه العبارة التي تدل بصريحها علي عدم سبق قائل به ثم يقطع به و يكون قولا له بل و لغيره كمانقله ابن ادريس في السرائر عن السيد المرتضي في قوله بالفرق بين ورود الماء علي النجاسة فلاينفعل و ورود النجاسة علي الماء فينفعل قال السيد في المسائل الناصريات قال لااعرف نصا لاصحابنا و لا قولا صريحا و الشافعي يفرق بين ورود الماء علي النجاسة و ورودها عليه فيعتبر القلتين في ورود النجاسة علي الماء و لايعتبر في ورود الماء علي النجاسة و خالفه سائر الفقهاء في هذه المسئلة و يقوي في نفسي عاجلا الي ان يقع التأمل لذلك صحة ماذهب اليه الشافعي و الوجه فيه انا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد علي النجاسة لادي ذلك الي ان الثوب لايطهر من النجاسة الاّ بايراد كرّ من الماء عليه و ذلك يشقّ فدل علي ان الماء اذا ورد علي النجاسة لاتعتبر فيه القلة و الكثرة كمايعتبر فيما يرد النجاسة عليه انتهي ثم حكم به و كان قولا له مع انه اقرّ بانه لم‏يعرف لاصحابنا فيه نصّا و لا صريحا قولا

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 26 *»

بل هو مذهب الشافعي لما اداه الدليل اليه و امثال ذلك هذا مع ان المعروف ان مذهب الفرقة المحقة اشتراط الكرية عند الملاقات من غير استفصال و عدم الاشتراط في الازالة كذلك و قد قال شيخنا الشهيد الثاني; في شرح الشرايع في كتاب الوصايا عند قول المحقق; و لو اوصي له بابنه فقبل الوصية انعتق عليه اجماعا مامعناه الاجماع انما يكون حجة مع تحقق دخول قول المعصوم7في جملة اقوال المجمعين و دخول قوله7 في جملة اقوالهم في هذه المسئلة و نحوها من المسائل النظرية غير معلوم ثم نقل قول المحقق; في اول المعتبر مستشهدا به و مستحسنا له ثم قال و بهذا يظهر جواز مخالفة الفقيه المتأخر لغيره من المتقدمين في المسائل التي ادعوا عليها الاجماع اذا قام له الدليل علي خلافهم و قد اتفق ذلك لهم كثيرا الاّ ان زلة المتقدم مسامحة بين الناس انتهي كلامه و امثال ذلك كثير في كلامهم و كلام غيره و ان كان اكثر اقوالهم مضطربة حيث لم‏يعثروا علي العلة التي لاجلها جازت المخالفة او امتنعت و انما يقول المستدل المستوضح بخلاف قول غيره اذا فقد الدليل القاطع علي تعين الرجوع الي احد القولين و قام له الدليل علي مااستحسنه و لهذا قد تكون من بعضهم غفلة عن المأخذ فيتسرع الي الرد علي ذلك القائل بان ماذهب اليه لاقائل به بل يريد بذلك ان هذا القائل قد تفرد بالقول و خالف ماعليه الفرقة المحقة و ليس كذلك الاّ اذا انفرد (تفرد خ‌ل) بعد ظهور الدليل القطعي علي ان الحق في احد القولين و انه غير خارج عنهما اما اذا لم‏يحصل ذلك بل حصل له دليل علي خلافهما فانه اذا عمل بالدليل لم‏يكن متفردا بالقول حينئذ بل انما قال بمقتضي مايقولون و لكن اكثرهم لايعملون فان قلت كلام الشهيد; صريح في جواز مخالفة الاصحاب مطلقا لمن قام الدليل عليها (عليه خ‌ل) لقوله و بهذا يظهر جواز مخالفة الفقيه المتأخر لغيره من المتقدمين في المسائل التي ادّعوا عليها الاجماع الخ و هذا يلزم منه مخالفة الاجماع المركب و البسيط قلنا انما قال ذلك في المواضع التي يدل الدليل فيها علي عدم تحقق الاجماع

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 27 *»

المدعي و يدل علي خلاف حكمه و اذا دلّ الدليل علي خلاف حكمه و لم‏يدلّ علي عدم تحققه فانه لايقول به و لا احد من الاصحاب و لهذا قال في المسالك في شرح قول المحقق (ره) مامعناه ان المرأة المطلقة اذا تزوجها الاجنبي ثم طلقها و تزوجها الاول ان ذلك يهدم الطلاق السابق قال بعد تقرير دليل عدم الهدم و تقويته و لايخفي عليك قوة دليل هذا الجانب لضعف مقابله الاّ ان عمل الاصحاب عليه فلاسبيل الي الخروج عنه انتهي فمنع من مخالفة الاصحاب حيث لم‏يقم دليل صارف عنه و مانع منه كماقررناه و ان وجد دليل علي خلاف حكمهم لانه حينئذ ناقص لاينهض به حجة الاّ مع صارف فتدبر ثم اني اقول و ليس ذلك في كل واحد من الاصحاب في جميع مااختلفوا فيه فان الجواد قديكبو و الصارم قد ينبو و لكن هذه طريقتهم لايخطي المقتصد منهم المستيقظ سمتها و علي اللّه قصد السبيل و منها جائر ثم اذا استقرّ القولان و تحقق الاجماع المركب فهل يجوز اتفاقهما علي احد القولين بعد اختلافهما الحق انه يجوز ذلك لان المصيب احدهما و الاخر مخطي‏ء في نفس الامر فاذا اتفقا ظهر خطاء القول المتروك قطعاً و لايجوز اتفاقهم علي الخطاء و منع الشيخ علي قوله بالتخيير ممنوع اما اولاً فلان قوله بالتخيير انما هو علي تقدير عدم الترجيح و الاّ لما جاز التخيير من الراجح و المرجوح قولا واحدا و اتفاقهم علي قول انما هو لمرجح و الاّ لما جاز لاحدي الفريقين ترك قولهم و القول بقول الفرقة الثانية من غير مرجح فلايلزم من القول بالتخيير عدم جواز الاتفاق لاختلافهما فلم‏يتفقا في مادة و اما ثانياً فلان التخيير انما هو بين قولين احدهما في نفس الامر خطاء و انما قيل بالتخيير لعدم تعين القول الصواب بعينه لكن لما لم‏يحصل الدليل المعين لمافيه الحق و تعذر الترجيح قيل بالتخيير و الاتفاق معين للقول الحق و لبطلان القول المعدول عنه و ان كان الاتفاق انما يكون بعد حصول الموجب فيجوز الاتفاق علي القول بالتخيير لان التخيير مشروط بعدم حصول الاتفاق و قول المحقق هنا في الجواب عن قول الشيخ علي ماذكره الشيخ حسن في المعالم ان قلنا بالتخيير لم يصحّ اتفاقهم بعد الخلاف لان ذلك يدل علي ان القول الاخر باطل و قدقلنا انهم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 28 *»

مخيرون بقوله و لقائل ان يقول لم لايجوز ان يكون التخيير مشروطا بعدم الاتفاق فيما بعد ليس بشي‏ء لماقلنا اولاً من ان التخيير انما هو بين قولين احدهما في نفس الامر خطاء و انما جاز التخيير حيث لم‏يحصل المرجح و ليس من شروط جوازه اصابة الصواب فقول المحقق بكونه مشروطاً بعدم الاتفاق فيما بعد يلزم منه ان شرط التخيير اصابة الحق لان قوله فيما بعد يدلّ علي ان التخيير في وقت شرطه ان لايقع الاتفاق في وقت آخر بعد ذلك الوقت لانهم اذا اتفقوا كان القول المعدول عنه باطلا فقديكون هو المختار سابقا فيكون من التخيير اصابة الباطل فاذن شرط التخيير ان لايكون الاتفاق بعده و لايخفي ما في كلامه اعلي اللّه مقامه اذ شرط التخيير عدم حصول الاتفاق حين التخيير لابعده و لا شرط له غير ذلك الاّ عدم الترجيح و ذلك بعد وجود الدليل القاطع المعين للحق في احدهما لا علي التعيين و قول صاحب المعالم ان كلام المحقق هذا كالسابق في غاية الحسن و الوضوح متهافت كما تري و من الاجماع المركب ما اذا لم‏تفصل الامة بين مسئلتين سواء نصت علي المنع ام لا اذا كان بين المسئلتين علاقة توجب التساوي و الاتحاد بل و لو لم‏توجد العلاقة اذا استقرّ العمل بالمسئلتين عندنا لان الامام في احدي الطائفتين و التفصيل حينئذ خرق للاجماع المركب و هو باطل نعم لو لم‏تنص و لم‏توجد تلك العلاقة و لم‏يستقرّ العمل بان لم‏يمض وقت و ان قلّ علي العمل بها من دون التفصيل امكن التفصيل اذا قام عليه الدليل و لم‏يقم علي تعين احدي المسئلتين او علي حصر الحق فيهما كما مرّ فراجع مامضي هنا.

الفصل الخامس من اقسام الاجماع الاجماع المنقول و هو اقسام فالمنقول بالتواتر لاريب في ثبوته و كذا المنقول بالخبر المحفوف بالقرائن الموجبة للعلم و اختلفوا في ثبوت الاجماع بخبر الواحد علي القول بحجية خبر الواحد فنفاه قوم محتجين بان الاجماع اصل بنفسه و الاصل اذا لم‏يكن يقينيّا لم‏يخبر بناء الاحكام عليه و ان كانت ظنية لان الاصل اذا لم‏يتعين الرجوع اليه لكونه يقينيّا لم‏تبن الاحكام عليه و لم‌يصادم خبر الواحد اذا عارضه و الاجماع اذا ثبت صادم خبر الواحد و (اذا خ‌ل) عارضه و خبر الواحد لايفيد اليقين ليكون ماثبت به يقيناً و انما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 29 *»

اجزنا العمل بخبر الواحد في فروع المسائل مع انه لايفيد اليقين لانه فرد من مجموع يتعين الرجوع اليه و هو السنة فلوفرض ان السنة لايتعين الرجوع اليها بقول مطلق لماجاز العمل بخبر لايوجب اليقين فصحة العمل به بناء علي تعين الرجوع الي اصله و اثبته آخرون و هو الحق و الجواب عما اورد النافون انا نقول انما تثبت حجية الخبر الواحد به من جميع الشرائط المذكورة في كتب الدراية و اصول الفقيه بحجيته من صحة النقل و عدالة الناقل و عدم معارض اقوي منه او مساو و غير ذلك مماتثبت به حجية خبر الواحد يثبت به الاجماع المنقول و ليس الثابت بخبر الواحد حجية الاجماع التي هي ثمرة القطع بدخول قول المعصوم7 ليرد ان الاصل لابد و ان يكون يقينيا يتعين الرجوع اليه و خبر الواحد لايفيد القطع بل الثابت نفس الاجماع في خصوص تلك المسئلة الفرعية المدعي ثبوته فيها بالنقل و هو جزئي من كلي و الاصل هو كونه حجة يتعين الرجوع اليه حيث يتحقق وجوده في شي‏ء و ذلك لايثبت بخبر الواحد و كما ان السنة لم‏يثبت كونها حجة بخبر الواحد قطعاً بل بمايفيد العلم و القطع الذي يتعين به الرد اليها و كذلك ثبوت حجية الاجماع و كما ان السنة تثبت في خصوص مسئلة فرعية بخبر الواحد كذلك الاجماع فلايضرّ ظنية طريق ثبوته مع قطعية حجية علي ان مثل هذا الظن المعتبر هنا يؤل الي العلم لتعين العمل به و لان الحجة تثبت بالظن المعتبر كماثبت (تثبت خ‌ل) بالعلم كماتثبت السنة بالظن قيل هنا المعروف ان وجه الشبه في المشبه به يجب ان يكون اقوي من المشبه و هذا ليس كذلك لان الاطلاع علي الاجماع امر بعيد جداً نادر الحصول فالظن الحاصل بوقوع شي‏ء آخر غير نادر الوقوع من اخبار الاحاد اقوي من الظن الحاصل بوقوع شي‏ء نادر الوقوع و هو حصول الاجماع فالمساواة ممنوعة فضلا عن ان يكون الاجماع اولي و جوابه ان ندور وقوعه ليس للتعذر او العسر لذاته ليتم هذا التقريب و انما ذلك لقلة المسائل التي ينقل فيها الاجماع بالنسبة الي المسائل الخلافية التي لم‏ينقل فيها فندور الوقوع راجع الي متعلقه لا الي نفسه بل ربما يقال ان ثبوت الاجماع بخبر الواحد اولي من ثبوت السنة به و ذلك باعتبار صراحة

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 30 *»

دلالته علي المدلول بحيث لايحتمل دلالته غالبا غيرمايفهم منها بخلاف السنة و صراحة الدلالة علامة قوة التحقق الذي يلزم منه الحجية (تلزم منه الحجة خ‌ل) فتبتني عليه الاحكام و يصادم الخبر الواحد و ان كان منقولا بخبر الواحد و ان تساوي الخبران في المرجحات لصراحة دلالته و احتمال دلالة خبر الواحد غالبا علي ان الاجماع عندنا انما كان حجة لكشفه عن تحقق السنة الواقعية و خبر الواحد انما يفيد الظن التحقق (التحقيق خ‌ل)اذا لم‏يحتمل غير مايفهم منه.

فان قلت انه انما يكون مقبولا اذا توفرت شروطه و خبر الواحد اذا توفرت شروطه قبوله لايجوز العدول عنه فهو يفيد القطع قلت انه مع شروط قبوله انما يفيد القطع بتعين العمل لانه اذ ذاك يكون راجحا و لايجوز ترك الراجح و المصير الي مقابله المرجوح بخلاف ما لو كان مثبتا للاجماع فانه ح و ان كان الظني الدلالة الاّ انه بالقطع بتعين العمل بمقتضاه لرجحانه كماقلنا يلزم حجية الاجماع في تلك المسئلة المنقول عليها اذ ذلك المقتضي هو ثبوت الاجماع المستلزم للدليل الجازم فخبر الواحد يفيد الظن بنفسه و اذا تعين العمل به اثمر العلم للتعين لا لذاته و اذا كان ناقلا للاجماع افاد الظن بثبوت الاجماع بنفسه ثم اذا تعين العمل به اثمر تعين العمل بالاجماع و العمل بالاجماع نص باتّ لامردّ له فان قلت خبر الواحد ناقل للاصل قديثبت (لاصل قد ثبت خ‌ل) بالدليل القاطع الردّ اليه و هو السنة و اذا كان ناقلا للاجماع كان ناقلا لاصل يجب الرد اليه فماالفرق بينهما علي ان الاجماع انما وجب الرد اليه لانه مثبت للسنة فالذي ينبغي ان يقال ان الحاكي للنسة اولي من الحاكي للحاكي للسنة قلت ان الخبر الواحد الحاكي للسنة ليس نصّاً في ثبوت اصلها الواقعي الذي لايحتمل النقيض كمامرّ مكرراً بخلاف الحاكي للاجماع الحاكي للسنة لانه يحكي ثبوت الاجماع المثبت لاصلها الواقعي الذي لايحتمل النقيض فهذا هو الفرق فيكون العمل به اولي مع التعارض.

بقي هنا شي‏ء و هو ان الاجماع المنقول بخبر الواحد يحتمل ان يكون هو

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 31 *»

الاجماع المشهوري او المركب و قدمرّ حكمهما و انهما حجة علي ماسمعت و يحتمل ان‏يكون الاجماع المحصل و يحتمل علي بعد ان‏يكون الاجماع السكوتي و الاجماع المحصل كمامرّ و يأتي قديكون حجة خاصة لمن‏حصّله لا لمن‏نقله او نقل اليه لحصول الدليل القاطع للمحصّل علي دخول قول الامام7 في جملة قول قائلين و لايحصل ذلك الدليل للناقل و الاّ لكان محصلا لا ناقلا فلايكون حينئذ حجة لغير من حصله و ان كان مقويا فلوعارض قول ذلك الغير عن دليل عنده صالح للاستيضاح و الاستنباط لم‏يكن ذلك الاجماع المنقول حجة علي ابطال دليله مالم‏يحصل له ماحصل لمن حصله بل ربما لو اطلع علي مأخذ ذلك المحصل لم‏يستفد منه ذلك اليقين كما استفاد ذلك منه و لهذا تري كثيراً منهم يحكم بحكم في مقابلة الاجماع المنقول مع عدالة الناقل و اعتماده علي خبره لماذكرنا لانه ليس من نوع الخبر ليكتفي فيه بالنقل و انما هو من نوع المسائل الاجتهادية و لهذا اشترطنا في ثبوته شرائط حجية الخبر لا شرائط نقله فلايكون حجة لناقله بمجرد النقل لايقال انما حكم بهذا في مقابلة الاجماع المنقول لعدم ثبوته عنده لانا نقول انما لم‏يقل ثبوته لماقلنا لا لطعن في النقل من حيث الناقل او غير ذلك و انما هو لعدم الاطلاع علي الاصل و لقيام الاحتمال عنده لعدم توفّر شروط الصحة في الاصل و اما الاجماع السكوتي اذا تحقق بعد التفتيش كان اجماعا لاشتماله في الحقيقة علي تقرير المعصوم7 و كان حجة ايضاً لذلك و تأتي تتمة الدليل ان شاء اللّه فلو علم ان الاجماع المنقول كان سكوتياً الاّ انه وقع من كمال مايمكن من التفتيش كان حجة لكنه فيه احتمال عدم الاستقصاء كماوجدنا في كلام كثير دعوي الاتفاق مع وجود المخالف و دعواه الاتفاق كمايحتمل عدم اعتداده بقول المخالف يحتمل عدم اطلاعه علي المخالف بل هذا هو الظاهر و هذا يكون ممن يقتصر علي قول من سبق بالاتفاق فنقل الاتفاق من كتابه و لعل السابق لم‏يعتدّ بقول المخالف لمعلوميّته عنده و ضعف دليله بخلاف هذا اللاحق فربما اراد بنقله عدم وجود مخالف لاعدم اعتداده به كما اراد السابق فلو فتّش لم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 32 *»

‏يقل بالاتفاق كذلك دعوي عدم الخلاف فانها مع احتمال المخالف لاتتم الاّ ان يكون ذلك بعد كمال التفتيش بحيث ينتفي احتمال المخالف او يكون احتمالا لايعتدّ به علي انا نقول ان عدم الاعتداد بقول المخالف لمعلوميته لايضرّ في الاجماع الصريح و اما في الاجماع السكوتي فانه مانع منه و ان كان معلوم النسب لماسيأتي ان شاء اللّه تعالي فلابد في السكوتي من كمال التفتيش و لايرد علينا هنا مااورده الاخباريّون من استحالة الاطلاع علي جميع من يعتبر قوله من الشيعة لتفرقهم في اقطار الارض لماسيأتي ان شاء اللّه تعالي محققاً في امكان ثبوت الاجماع من امكان ماتقوم به الحجة من ذلك عند استفراغ الوسع و بذل الجهد و الاّ لزم التكليف بالمحال او سقوط التكليف اذ استحال اذ مرادنا بكمال التفتيش عدم الاقتصار علي بعض الممكن لمنافاته لاستفراغ الوسع و بذل الجهد بل مثل هذا الاحتمال القايم في الاجماع المحصل و الاجماع السكوتي يقوم في الاجماع المشهوري المراد من كلام كثير من الاصحاب الذين يقنعون فيه بالظن و بمجرد الشهرة كماقال (قاله خ‌ل) شيخنا الشهيد; في الذكري قال: الحق بعضهم المشهور بالمجمع عليه فان ارادوا في الاجماع فممنوع و ان ارادوا في الحجة فقريب انتهي و اكثر الاصحاب انما يطلقون الاجماع علي الشهرة علي سبيل المجاز و انما يحتجّون بها تقوية للاحتجاج و اما ظاهر البعض فكون الشهرة اجماعا اخذاً من ظواهر الاخبار لا علي النحو الذي قرّرنا كمامرّ محتجّين بقوة الظن في جانب الشهرة فيكون ذلك امارة علي دخول قول المعصوم7 في المشهور سواء كان ذلك في الرواية بكثرة تدوّنها في الكتب او في الفتوي و الحق انه ليس باجماع و لا حجة اما الاول فلان الاجماع عندنا انما هو الكاشف عن قول المعصوم و مجرد الشهرة لا دلالة فيها علي ذلك بوجه من الوجوه بل ربما انعكست القضية و الاّ لزم ان كلما وجدت الشهرة لتحقق الاجماع و هو باطل اتفاقا لان مراد ذلك البعض ان مجرد الشهرة يقوي الظن في جانبها و اما الثاني فلانه متفرع علي الاول و لان الظن لايغني من الحق شيئا و انما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 33 *»

يكتفي بالظن المستند الي النقل و هنا ليس كذلك بل في النقل رب مشهور لا اصل له فان قلت قولكم بثبوت الاجماع بخبر الواحد من هذا القبيل قلت انما قلنا ان الاجماع يثبت بخبر الواحد المشتمل علي شرائط قبوله التي يلزم منها تعين العمل بخبر الواحد و ان لم‏يصل بها الي حدّ العلم فاذا تعين قبوله تعين العمل بمقتضاها و هو اثبات الاجماع فهذا الظن (ظن خ‌ل) مقبول لادائه الي القطع لعدم جواز العمل بالمرجوح بل لايزالون يطلقون علي هذا الظن العلم الذي لايحتمل النقيض لذلك و الظن الذي منشاؤه مجرد الشهرة لا غير غير مقبول (لانه ظن خ‌ل) لامستند له لان مجرد الشهرة كمامرّ مكرراً ليست حجة بخلاف ظنية طريق ثبوت الاجماع فانها مقبولة لتعينها و لقطعية حجية و لماقلنا سابقا من ان الاجماع حجة فيثبت بالظن كمايثبت بالعلم كالسنة فانها كما تثبت بالمتواترات (بالمتواتر خ‌ل) تثبت بخبر الواحد فاذا تقرر ذلك الاحتمال في المشهوري كان الاجماع المنقول المحتمل لاحد هذه الثلاثة المحتملة لايخلو من وهن اذ لا حجة في هذه الاجماعات المحتملة مع عدم الاحتمال او مرجوحيته علي نحو ماقررنا في المشهوري و يأتي في السكوتي و المحصل اذ حجية مثل هذه الاجماعات لم‏تثبت بخبر الواحد و لا تثبت لانه انما يثبت به نفس الاجماع لاحجيته و تسمية مثل ذلك اجماعا في الاصطلاح دائرة مدار ثبوت الحجية فاذا لم‏تثبت الحجية لم‏تثبت التسمية في الحقيقة نعم يمكن ان‏يقال في ذلك ان الاصل عدم ذلك الاحتمال اذ من المعروف عند اهل الظن (الفن خ‌ل) انهم لايطلقون الاجماع الاّ علي ثابت الحجية لكشفه عن قول الحجة7 و لايكاد يخفي عليهم مايقدح في الحجية مع شدة اجتهادهم و استفراغ وسعهم في ذلك و لهذا كان مذهب الاكثر عدم تسمية السكوتي اجماعا علي الحقيقة لكن هذا علي رأي من يشترط العلم بدخول قول المعصوم في جملة اقوال المجمعين اما علي رأي من يطلق الاجماع علي مجرد الشهرة فالاعتراض عليه غير مردود.

و الفصل السادس في القسم السادس منه و هو الاجماع المحصّل و هو ما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 34 *»

يحصل بالاطلاع علي كثير من اقوال الفرقة المحقة و اعمالهم و رواياتهم بلطف (بلطيف خ‌ل) المعاينة و حسن التسامع شيئاً فشيئاً حتي يحصل للمطّلع المتتبع القطع بان هذه الطريقة التي توافقوا عليها قولا و عملا مع فحصهم عن طريقة امامهم (ع) و لزوم الردّ اليه طريقة امامهم و قدوتهم و انه قوله داخل في جملة اقوالهم و عمله مع عملهم بحيث اذا ورد عن امامهم (ع) خبر يخالف ذلك اتجه لذلك المطلع له محمل صريح عنده يصرفه اليه حيث هجم به حسّه علي اليقين الذي لايقدح فيه عروض مخالف له لتراكم القرائن و تطابقها و اتحاد اقوالهم و اعمالهم و توافقها و هذا ادل دليل علي ان مذهب المتبوع داخل في مذهب التابعين له في ذلك المذهب لشدة فحصهم و تفتيشهم عن مذهبه ليأخذوا به كمايحصل لنا العلم القطعي بان مذهب الشافعية مذهب محمد بن ادريس الشافعي و ان قوله داخل في قولهم و كمانعلم ان اقوال الائمة الاربعة داخلة في اقوال متابعيهم و يعلم الجمهور ان اقوال (قول خ‌ل) ائمتنا داخلة في اقوال شيعتهم و لايرد هذا الاّ مكابر لعقله منكر لبديهته فان قلت هذا حاصل لنا اذا لم‏يكن مخالف و حصل الاتفاق باخبار كل قائل عن اختياره و علم صدقه في اخباره بان لايخالف ظاهره باطنه و يكون ذلك في آن واحد و هذا متعذر في الاتفاق و الاخبار و مواطاة الظاهر للباطن في وقت واحد قلت هذان حاصلان و ذلك ايضاً حاصل و ان وجد المخالف فيه كماقررنا سابقا و انت تجد بعض الاحكام يحصل لك القطع بانها هي مذهب الامام و ان وجد مخالف فيه اذا تكثرت علي ثبوت  (كثرت علي ثبوته خ‌ل) القرائن كقوة الادلة و مقبوليته و كثرة القائلين به و استغراب خلافه و غير ذلك فراجع نفسك تجد ذلك و قول فخري الرازي الانصاف انه لاطريق الي معرفة حصول الاجماع الاّ في زمن الصحابة حيث كان المؤمنون قليلين يمكن معرفتهم باسرهم علي التفصيل جهل بمعرفة موقع الانصاف من النفس بل الانصاف لو كان يسمع او يعقل انما يجزم به في احكام مذهبه انها من احكام متبوعه بحيث لايشك فيها انما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 35 *»

هو للاجماع مع انه يجد في نفسه انه لم‏يحط بجميع من يعتبر قوله من اهل مذهبه مع تفرقهم و انتشارهم في اقطار البلدان علي انهم من اهل الرأي و القياس و الاستحسان و من كانت هذه طريقته يكثر فيهم الاختلاف و تعدد الاقوال و هو لم‏يدرك الصحابة و لاالتابعين و لا تابع التابعين و انما هو من التأخرين توفي سنة ست و ستماءة من الهجرة فكيف حصل له اليقين ببعض المسائل الذي هو اثر الاجماع لان ادلتها كلها او جلها ظنية و انما حصل له اليقين للاجماع الذي يثبت عنده بكثرة القرائن و تطابق الامارات و ان لم‏يحسن (لم يحس خ‌ل) به هو لجموده علي عدم حصوله فيما فيما تأخر عن زمان الصحابة الاّ من جهة النقل و لهذا اعترضه العلامة رفع اللّه اعلامه وقرب عنده مقامه قال نجزم بالمسائل المجمع عليها جزما قطعيا و نعلم اتفاق الامة عليها علماً وجدانياً حصل بالتسامع و تظافر الاخبار و اعتراضه عليه في غاية المتانة رفع الله قدره و مكانه و انا اقول كما قال الشاعر:

اذا قالت حذام فصدقوها   فان القول ماقالت حذام

و ردّ اعتراض العلامة; من لايعرف كلامه و لايروم مرامه كماذكره صاحب المعالم بقوله و انت بعد الاحاطة بماقرّرناه خبير بوجه اندفاع هذا الاعتراض عن ذلك القائل لان ظاهر كلامه ان الوقوف علي الاجماع و العلم به ابتداء من غير جهة النقل غيرممكن عادة لامطلقاً و كلام العلامة; انما يدلّ علي حصول العلم به من طريق النقل كمايصرّح به قوله اخيراً علما وجدانياً حصل بالتسامع و تظافر الاخبار انتهي. و يريد بماقرره قوله الحق امتناع الاطلاع عادة علي حصول الاجماع في زماننا هذا و ماضاهاه من غير جهة النقل اذ لاسبيل الي العلم بقول الامام7 كيف و هو موقوف علي وجود المجتهدين المجهولين ليدخل في جملتهم و يكون قوله مستوراً بين اقوالهم و هذا مما يقطع بانتفائه و كل اجماع يدّعي في كتب الاصحاب ممايقرب من عصر الشيخ الي زماننا هذا و ليس مستنداً الي نقل متواتر او احاد حيث يعتبر او مع القرائن المفيدة للعلم فلابد من ان يراد به ماذكره الشهيد; من الشهرة و اما الزمن السابق ماذكرنا المقارب لعصر

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 36 *»

ظهور الائمة7 و امكان العلم باقوالهم فيمكن حصول الاجماع و العلم به بطريق التتبع هـ.

اقول لايخفي بطلان هذا الرد من وجوه منها ان ماقرره من قوله الحق امتناع الاطلاع عادة الخ انه مصادرة علي المطلوب فان هذا الدليل هو الدعوي مع انه يلزم منه ان الاجماع ليس المراد به ماتعني الخاصة بل المراد ما تعني العامة من الاحاطة باقوال الكل و نحن نريد به مايكشف عن قول الحجة7 في جملة اقوال جماعة لا كل ذي‌قول و لايمتنع الاطلاع علي دخول قول الحجة الاّ مع الاطلاع علي الكل لحصول اليقين لنا ببعض المسائل مع وجود الخلاف في مقابلها مع انا في الحقيقة لم‏نحط بجميع المخالفين لانا لم‏نطلع علي جميع اقوال كل من يعتبر قوله لكثرة تشعّبهم و انتشارهم في البلدان كما هو معلوم هذا و لاينكر عاقل منصف من اهل العلم حصول العلم و اليقين (له خ‌ل) به ببعض المسائل في مثل هذه الحال بحيث يجزم ان هذا مذهب الامام7 و ليس ذلك الاّ لحصول الاجماع و لايضرّه وجود المخالف و ان كان مجهول النسب لان ذلك انما يضرّ بمايتوقف حصول اليقين منه علي انتفاء مجهول النسب لعدم تحققه الاّ (لا خ‌ل) بالانتفاء و ليس ذلك دائما و نحن نحيل (نحيلك خ‌ل) في هذا علي الوجدان فمن لم‏يجد ذلك في بعض المسائل فليسئل اللّه ان يصلح وجدانه اذ لاينفك احد ممن يعتبر عن ذلك و انا اقول لك ايها المنكر كماقال المتبني:

فهب اني اقول الصبح ليل   أيعمي الناظرون عن الضياء

و منها ان قوله كل اجماع يدّعي في كتب الاصحاب ممايقرب من عصر الشيخ الخ بشي‏ء اذ الظاهر انها كلها محصّلة او منقولة عن محصّلة و ليست منقولة عن الاجماع الذي هو عبارة عنده علي ماتدلّ عليه عبارته عن اتفاق اهل الحل و العقد ظاهراً و باطناً في آن واحد ليحصل العلم بدخول قول الامام7 في جملة اقوالهم و ان لم‏يحصل الاتفاق لم‏يحصل العلم بل مردّها او جلّها

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 37 *»

الي الاجماعات المحصلة كان يدّعي شخص الاجماع علي جواز مسئلة و يدّعي الاخر الاجماع علي تحريمها مثلاً او ينقل ان ذلك مع انهما في عصر واحد فلوكان ذلك المدعي طريقه الاتفاق لوجب كذب احدهما و افتراؤه اذ لايخفي علي اهل كل عصر الاجماع منهم الذي طريقه الاتفاق بل و لا علي من بعدهم حتي يدّعي مدّع الاتفاق علي خلاف مقتضي مااتفقوا عليه فكمالايصح دعوي اجماعين كذلك مختلفين في الدلالة كذلك لايصحّ نقلهما كذلك بالنقل المعتبر و العلماء; اجلّ شانا و معرفة و ديناً من ان‏تقع منهم مثل هذين و مااكثر من مشي علي ظاهر العبارة فاخطأ في الصواب و حكم بان ذلك مراد الاصحاب هيهات ليس لمحال المسئلة جواب و لايجب ان يراد بذلك الشهرة مع عدم النقل المذكور لان الشهرة انما تجوزوا  في تسميتها اجماعا المتأخرون و اما المتقدمون فلايطلقون الاجماع علي غير الاجماع و انما خرج ذلك بعض المتأخرين لمارأي الاجماعات المختلفة و كان لايعرف من الاجماع الاّ ماطريق معرفته الاتفاق كمااشرنا اليه فلم‏يجد بدّا من ان يقول انما ارادوا بها الشهرة حيث اعجزه الاستخراج اذ لافرق في تحصيله بين ما هو في عصر الشيخ و مابعده و بين ماقبله اذ ليس المراد منه الاّ مايتعين فيه دخول قول الامام7 حيث ماوجد وجد و حيث ما فقد فقد لاخصوص الاتفاق و ان كان يلزم منه ذلك اذ لاينحصر فيه بل لو لم‏يعتبر ذلك في الاتفاق لم‏يعتبر الاتفاق و منها ان قوله في معني كلام العلامة (ره) انما يدلّ علي حصول العلم به من طريق النقل كمايصرّح به قوله اخيراً علما وجدانياً حصل بالتسامع و تظافر الاخبار الخ، خلاف مراد العلامة لانه لايرد صحة حصوله من طريق النص (النقل خ ل) اذ ليس في ذلك اشكال علي فخر الدين الرازي ليتعرض (ليعترض خ‌ل) عليه العلامة باثبات ذلك او ان العلامة مع ما هو عليه من الذكاء وجودة المعرفة باساليب الكلام و اصطلاحات اهل العلم يعترض علي الرازي حين ينكر حصول الاجماع من غير جهة طريق النقل بحصوله من طريق النقل بل مراد العلامة ماذكرنا سابقا من بيان احد طرق تحصيل الاجماع يعني به انا لايزال كون حكم المسئلة

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 38 *»

الفلانية الوجوب بطريق (يطرق خ‌ل) اسماعنا و ينقل ذلك لنا كذلك من العالم و المتعلم و السامع و العامل و الصغير و الكبير حتي يكون ذلك شعارا يعرفنا به اهل الخلاف و تعرفه به من لم‏يتمكن نعرف دينه قبل ذلك بحيث يحصل العلم الجازم بان ذلك مذهب الامام لكثرة تراكم القرائن و تطابقها فبمثل هذه الطريقة يحصل الاجماع و اياها اراد ره لاالنقل كما زعمه الزاعم و قديحصل الاجماع في هذا الزمان بالمعني الذي يريدونه الاصحاب ايضاً لمن نظر في الاخبار و عرف مالحنوا: لهم في اخبارهم فيعرف (فعرف خ‌ل) احكامهم فنطقت به عباراتها و اشاراتها بحكم المسئلة و نظر الي الاخبار المخالفة ظاهرا لتلك التي هي مستند حكمه فعرف المراد منها فحملها علي مااريد به و وضع الكلام مواضعه بدلالة مالحنوا: له حتي وصل بذلك الي حدّ اليقين بان قول الامام7 الذي هو دينه كذا و كذا و ان قوله الاخر انما اراد به مطابق (مطابقة خ‌ل) التدوين للتكوين و للخلاف و الاختلاف و استنطاق صامت بالانكار لينجوا به من نجي و هلك به من هلك الا تري ان الاختلاف الواقع في اخبارنا اكثر من المذهب الحق و من جميع مذاهب اصحاب الباطل فلاتجد حقا و لا باطلا الاّ و اليه اشارة و نجد (تجد خ‌ل) بعد ذلك اخباراً لاتصلح دليلا لمذهب من المذاهب المعلومة و انما تصلح لمايتجدد علي مرّ الدهور اما لان تكون دليلا لواقعة لم تكن بعد او لتقية تتجدد و الحق واحد لاتعدد فيه ثم اذا عرفت المقصود و تحققت ماذكرناه عرفت صحة حصول الاجماع في كل زمان و الحوالة في الاستشهاد علي الضرورة و الوجدان لمن‏عرف طريق التحصيل و بقي شي‏ء و هو انه قد يقال ان الاجماع بجميع انواعه في الحقيقة كله محصل فماالفرق بينهما فماالفائدة في التقسيم و الجواب اما الفرق بين الانواع فباعتبار كيفية الاثبات حصل الفرق لا الثبوت فان الضروري من المسلمين و الضروري من الفرقة المحقة الذي لايختلف في مقتضاه اثنان في المعاني بحكم وجود الاعيان الذي لايحتاج ثبوته الي اثبات في الاذهان و العيان اذ لاخلاف في مقتضاه ليجب اثباته لنفي مقتضي الخلاف الاّ ان هذا الحكم مستمرّ علي الاطلاق

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 39 *»

في الاول و اما الثاني فكذلك عند الفرقة المحقة و اما عند من سواهم فيحتاج الي الاثبات في الاحتجاج علي غيرهم بمالايمكنهم ردّه ممايلزمهم و لاينكرونه كماتري الاصحاب رض يستدلّون علي غيرهم في مثل هذا المقام بهذا الاجماع الذي هو عبارة من اجماع اهل‏البيت: الذين اجماعهم حجة و قولهم حقّ لاية التطهير و حديث الكساء المتواتر معني النافي للاحتمال و لعموم حديث اصحابي كالنجوم و غيرذلك علي ان ذلك كله انما هو لاثبات الحجية لا لاثبات نفس الاجماع لانه لايمكن تجاهله فلايحتاج الي الاثبات في نفسه كالاول و اما الاحكام (الاقسام خ‌ل) الخمسة الاخيرة فالفارق بينهما طرق اثباتها و الاّ فالمفاد بعد التحقيق واحد و اما الفائدة في التقسيم فهي معرفة مالايحتاج بعد تحققه في الاحتجاج به الي الترجيح و التصحيح من المحتمل و الصريح و مايحتاج في بعض الاحوال الي ذلك لقيام الاحتمال كما مرّ سابقا و يأتي مايدلّ علي ذلك كما اذا وصل الينا الاجماع المنقول بخبر الاحاد فانا نعلم ان هذا الاجماع المنقول لم‏يكن ضرورياً فيماسبق بل ادّعي مع وجود المخالف و الاّ لنقل الينا (لنا خ‌ل) بطريق التواتر لان الضروري لايكون مجهولا و لا يجوز تبدّله و لا مخالفته لان مقتضاه باق ببقاء التكليف و كذلك المركب المتحقق ظهوره لانه لايزال كذلك مادام التركيب فان انقرضت احدي الطائفتين كان كالاول في كل احواله فبعد ان يكونا معلومين لايكونا مجهولين لايعلمان الاّ بطريق نقل الاحاد فالمنقول بطريق الاحاد لايكون في الحقيقة الا الاجماع المحصل و فيه ماتقدم من الاحتمال نعم لو كان مقتضي الاجماع مسئلة ليست مما تعمّ به البلوي بحيث تناط بافعال المكلفين و انما الحاجة لها من بعض الناس نادرة الوقوع فالمنقول حينئذ كما يحتمله المحصّل يحتمل الضروري و انما لم‏ينقل بالتواتر لعدم عموم البلوي بها فلم‏يعتني بها و انما يكون حاجة لبعض الاشخاص في بعض الاحوال كالاجماع

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 40 *»

المنقول بنقل محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي صاحب كتاب الرجال في الرجال الثمانية عشر المعلومين ان العصابة اجمعت علي تصحيح مايصح عنهم و اقروا لهم بالتفقه فان مثل هذا يحتمل الاجماعين و ليس احتمال وهن حجيته ناشئاً من ان مقتضاه ليس نصا صريح الدلالة في الحجية لانه يحتمل ان مقتضي هذا الاجماع احد الوجوه المذكورة من صحة الارسال او صحة العمل بالرواية او صحة ورودها عن المعصوم: او صحة الواسطة بينهم و بين الامام (ع) او صحتهم في انفسهم او رجحان روايتهم علي غيرهم مع تساوي المرجحات بل هو ناش عن احتمال عدم التحقق اما في نفسه او في عمومه لجواز كونه محصلا خاصاً بالمحصل كما مرّ فلاحظ و لهذا كثيرا مايطرح الشيخ قدس سره في كتابه الاخبار العمل بمقتضاه مع قرب زمانه وجودة اطلاعه و لقائه لمن قارب زمان الدعوي و تبعه كثير ممن تأخر عنه فبمثل هذا و نحوه يظهر فائدة التقسيم و لهذا تري كثيرا منهم يقول الاجماع المنقول بخبر الاحاد (الواحد خ‌ل) بحكم خبر الواحد في المفاد حتي ان الاجماعين اذا تعارضا وجب الترجيح بينهما كالخبرين و لايخفي عليك ان هذا الكلام حسن في الجملة لا في التحقيق لان دلالة الاجماع كما مرّ اقوي من دلالة الخبر و اشدّ تعيينا و اما الترجيح بين الاجماعين فهو اصعب من الترجيح بين الخبرين لايقال لافرق بينهما و بين الخبرين اذا تعارضا في ذلك لانا نقول انه لايجوز الاقتصار في الترجيح بينهما علي اصحية النقل و اصرحية الدلالة كالخبرين بل لابد من اعتبار ماقدّمنا سابقا لان الاجماع المنقول يحتمل الاحتمالات المتقدمة فيحتاج الي مرجّحات من الاخبار و الاعتبار و من عمل العلماء الاخيار مثل مسئلة الصلوة في فروا السنجاب فقد اختلف فيه الاصحاب فذهب الشيخ في المبسوط و اكثر المتأخرين الي جوازه (الجواز خ‌ل) حتي انه قال في المبسوط فاما السنجاب و الحواصل فلاخلاف في انه يجوز الصلوة فيه و ظاهره دعوي الاجماع و انما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 41 *»

قلت ظاهره لان هذه العبارة حيث تطلق انما يراد بها ذلك من دعوي الاتفاق الذي هو عبارة عن الاجماع و لو اراد به عدم اطلاعه علي المخالف لقال فلااعرف فيه خلافاً كما هو المعروف لديهم الا ان في ذلك احتمال ان مدلول ذلك الحكم بالنفي فكما ان استعمالها مشهور في الاتفاق كذلك لفظها موضوع لدلالة ما هو من دعوي النفي و العلامة نسب الجواز الي الاكثر و الشيخ في الخلاف و في المطاعم من النهايه ذهب الي المنع و هو اختيار ابن البراج و ابن ادريس و هو ظاهر ابن الجنيد و مرتضي و كذلك ابوالصلاح و الظاهرة من ابن زهرة في الغنية نقل الاجماع عليه و نسبه الشهيد الثاني ره الي الاكثر و ذهب ابن حمزة الي الكراهة و الصدوق ذكر في الفقيه و قد روي فيه رخص بعد نقله عن رسالة ابيه الجواز و قال المجلسي ره في البحار و الاخبار فيه مختلفة و الجمع بينها (بينهما خ‌ل) اما بحمل اخبار المنع علي الكراهة او بحمل اخبار الجواز علي التقية و لعل الاول ارجح اذ مذهب العامة جواز الصلوة في جلود ما لايؤكل لحمه مطلقا و اخبار الجواز مشتملة علي المنع من غيره و ان كان الاحتياط في الاجتناب انتهي. و علي ظاهر الحال تصادم الاجماع من الشيخ علي جواز الصلوة فيه و الاجماع من ابن زهرة علي المنع فنقول اولاً لايجوز ان يراد بها (بهما خ‌ل) هنا معا الاتفاق لان القائلين (الناقلين خ‌ل) في عصر واحد كلاهما قرءا علي الشيخ المفيد و كيف يخفي علي واحد منهما اتفاق اهل زمانه حتي يدعي الاتفاق علي خلافه مع عدالتهما و اجتهادهما و شدة احتراسهما عما ينافي قولهما و لا ان يراد بهما معا الشهرة لان عبارة الشيخ تأبي ذلك في حق دعواه و في دعوي السيد ابن زهرة لنفيه الخلاف بقول مطلق و لا يتجه ان يراد بنفي الخلاف نفي الخلاف المعتد به لان الاصل في الاستعمال الحقيقة و قوة الخلاف من الطرفين و لايمكن ان يحمل الاّ علي المحصل و ذلك علي نقل ابن زهرة متجه لا علي نقل الشيخ لنفيه الخلاف الاّ ان يقال ان الاستعمال اعمّ من الحقيقة و لهذا نسبه العلامة الي الاكثر بل قد خالفه هو في الخلاف و في المطاعم من به وهو المعروف من مذهب من ذكرنا سابقا لهذا نسبه الشهيد الثاني ره الي الاكثر كما مرّ فيتجه احتمال المحصل

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 42 *»

علي نقل الشيخ ايضاً فلم‏يكن لاحدهما ترجيح علي الاخر الا من جهة الناقلين في الجملة و لا من جهة النقلين لانه كما ان الاجماع هو الظاهر من كلام الشيخ كذلك هو الظاهر من كلام ابن زهرة علي مانقل عن عبارته و لا من جهة العموم لان المحصل حجة خاصة بالمحصل بكسر الصاد و لا من جهة التحقق فلم‏يبق ترجيح الاّ من جهة المستند و الاخبار اذا تأملتها وجدت مستند دعوي ابن زهرة عاما مثل رواية ابن بكير قال و سئل زرارة اباعبد اللّه7 عن الصلوة في الثعالب و الفنك و السنجاب و غيره من الوبر فاخرج كتابا زعم انه من املاء رسول اللّه9 ان الصلوة في وبر كل شي‏ء حرام اكله فالصلوة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شي‏ء منه فاسدة فلاتقبل تلك الصلوة حتي تصل في غيره ممااحل اللّه اكله ثم قال يا زرارة و اللّه هذا عن رسول اللّه9 فاحفظ ذلك يا زرارة الحديث و رواية ابرهيم بن محمد الهمداني قال كتبت اليه يسقط علي ثوبي الوبر و الشعر ممالايؤكل لحمه من غير تقية و لا ضرورة فكتب لاتجوز الصلوة فيه و نحوهما و كمايحتمل خصوص الاولي في السنجاب لذكره في السؤال فيما سئل عنه يحتمل خصوص الجواب بماسواه لدلالة الاخبار المخرجة له عن المنهي عنه و عليه هذا هذا اظهر و اما مستند دعوي الشيخ فخاص كما في رواية مقاتل بن مقاتل قائل سئلت اباالحسن8 في الصلوة في السمور و السنجات و الثعالب و فقال لا خير في ذلك كله ما خلا السنجاب فانه دابة لاتأكل اللحم و في رواية ابي علي راشد عن ابي‏جعفر8 قال صل في الفنك و السنجاب فأما السمور فلاتصل فيه قلت الثعالب يصلي فيها قال لا و لكن يلبس بعد الصلوة الخ و في رواية بشر بن بشار صل في السنجاب و الحواصل الخوارزمية و لاتصل في الثعالب و لا السمور و مثل رواية علي بن ابي حمزة قال سئلت اباعبداللّه7 عن لباس الفرو و الصلوة فيها فقال لاتصل فيها الاّ ماكان منه زكيا قال قلت او ليس الزكي مازكي بالحديد قال بلي اذا كان مما يؤكل لحمه فقلت و مالايؤكل لحمه من غير غنم فقال لابأس بالسنجاب فانها دابة لاتؤكل اللحم و ليس هو مما نهي عنه رسول اللّه9 اذ نهي عن

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 43 *»

كل ذي ناب او مخلب و هذه و امثالها كلها خاصة و الخاص يحكم علي عالم و لاسيما الاخيرة المبنية كون السنجاب مما ليس نهي عنه و لايعترض بالارانب لانها لاتؤكل اللحم اذ هي ممانهي عنه فيكون قول الشيخ في المبسوط اظهر و اشهر و لاتحمل هذه علي التقية (التقييد خ‌ل) لماذكرناه عن صاحب البحار و لو جمع بينها بالحمل علي الكراهة كمااختاره ابن حمزه كان حسنا لا لدلالة النهي عنه اذ في الحقيقة لا نهي عنه صريح و العموم كما ذكرناه مخصص و احتمال الدخول معارض باحتمال الخروج بل لشبهة الخلاف و مع هذا فالاحتياط لايخفي هذا حكم المسئلة و بيان مانحن فيه من كيفية ترجيح الاجماعين المتعارضين من انه اذا تعذر الترجيح من الناقل او النقل او التحقق او العموم او غير ذلك رجعنا الي المستند فنرجح به كما رأيت لايقال ان مذهب من ذكرت سابقا كابن البراج و ابن ادريس و ابن الجنيد و المرتضي و الشيخ في الخلاف و النهاية مقوية لمايظهر من نقل ابن زهرة لانا نقول بل الظاهر انها مضعفة له فيتمش الترجيح الي النقل ايضاً لان عبارة الشيخ في الخلاف ليست صريحة في المنع بل ظاهرها علي ما في المختلف الجواز فانه قال فيه كل ما لايؤكل لحمه لايجوز الصلوة في جلده و لا وبره و لا شعره زكي ام لم‏يزك و دبغ ام لم‏يدبغ و رويت رخصة في جواز الصلوة في الفنك و السمور و السنجاب و الاحوط ماقلناه انتهي و اما كلام ابن الجنيد فهو يصلي في وبر ما احل اللّه من الحيوان دون مالايؤكل لحمه و لاتصل في جلده ايضاً ذكاه الذبح ام لم‏يذكه و كلام ابي‌الصلاح هكذا يجتنب النجس و المغصوب و الميتة و ان دبغت و جلود مالايؤكل لحمه و ان كان فيه مايقع عليه الذكاة و قال المرتضي في الجمل لايجوز الصلوة فيمالايؤكل لحمه و اطلق و قال العلامة في المختلف و كذا قال ابن زهرة يعني مثل قول المرتضي و هذه و امثالها عبارات المانعين و اغلبها من هذا القبيل مطلقة و المقيدة منها ما اذا تأملت مأخذه وجدته مطلقا و هي مستند ابن زهرة و ذلك ما (مما خ‌ل) يضعف نقله الاجماع بخلاف عبارات المجوزين فانها مقيدة مخصصة و مستندها كذلك فيكون ذلك مرجحا لحكم المبسوط فالقول بالجواز لمن لم‏يطلب الاحتياط اقرب و اللّه سبحانه اعلم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 44 *»

و انما ذكرت هذه المسئلة دون غيرها مع ان غيرها اظهر في تحقيق الاجماعين و تصادمهما لفائدتين احديهما الدلالة علي استنباط الاجماع و تحصيله و كثرة تعارض الاقوال و الثانية الحاجة الي معرفة حكم المسئلة لبعض السائلين حال جمع هذه الكلمات.

الفصل السابع في القسم السابع منه و هو الاجماع السكوتي و يتحقق فيما اذا قال قائل من اهل الحجة و الاستيضاح بحكم و سكت الباقون ممن علم بحكمه او تحقق ذلك الحكم بان عمل به هو او مقلده و لم‏يكن راد لذلك ممن يعتبر قولهم حيث لايعسر اعتبار الاتفاق بالاتفاق او بمن يحصل بهم الاجماع فيما سوي الضروري و اختلف العلماء في هذا فقيل هو اجماع و حجة لحصول شرايط ذلك فيه و قيل هو اجماع كما هو الجاري علي الالسن و ليس بحجة لجواز ان يكون مذهب الساكت التصويب و انما لم‏ينكر علي ذلك القائل (قائل خ‌ل) لانه يري ان كل مجتهد مصيب و لايجوز الانكار عليه و ان لم‏يرتض به او لان اجتهاده اداه الي التوقف في المسئلة فيكون فرضه الكف و السكوت حتي يرجح احد الطرفين فيوافق او يخالف فينكر او لتمهل لينظر في فقه المسئلة او لخوف الفتنة بالانكار او اعتمادا علي ظن ان غيره ينكر عليه و غير ذلك فاذا احتمل امثال ذلك لم‏يكن حجة و قيل هو حجة لان الاصل و الظاهر خلاف ذلك كله و لان احتمال التصويب و التمهل و التوقف و الاخلال بالحسية و امثال ذلك احتمال مرجوح و الاحتمال اذا لم‏يكن مساويا لايضرّ بالاستدلال اذ الحجة تقوم بالاستدلال بالراجح و الظاهر و ليس باجماع اذ الاجماع هو الاتفاق لا عدم الخلاف الذي هو السكوت و قيل ليس باجماع و لا حجة لماذكرنا و قيل هو اجماع و حجة بعد انقراض اهل العصر استظهارا لكون المراد من عدم الخلاف و هو الاتفاق و قيل غير ذلك و الحق الحقيق بالتحقيق هو الاول خلافا فالاكثر اما انه اجماع فلان الساكتين لابد و ان يعتبر فيهم دخول المعصوم7 كمايعتبر في كل الاجماع عندنا اذ بدونه لايكون الاجماع عندنا حجة اتفقوا او اختلفوا سكتوا او نطقوا كما هو معلوم و قد مر و علمه و اطلاعه علي قول القائل اذ بدون علمه بذلك و اطلاعه عليه لايكون

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 45 *»

ذلك اجماعا لافرق بين السكوتي و غيره اما ظاهراً فلاعتبار دخوله في تحقق الاجماع و قوله بذلك القول كما سبق لا اعتبار عدم الاطلاع علي خلافه و اما باطنا فلما تواتر معني من الاخبار و ثبت في صحيح الاعتبار الذي ليس عليه غبار انهم: لايخفي عليهم شي‏ء من احوالنا و اقوالنا و ان لهم مع كل ولي اذنا سامعة و عيناً ناظرة و روي ان اللّه سبحانه يعطي وليه عمودا من نور يري فيه اعمال الخلايق كما يري احدكم الشخص في المرءاة فقال السائل عمودا فقال7 أتظن انه عمود من حديد انما هو ملك هـ. و ذلك كله من قوله تعالي قل اعملوا فسيري اللّه عملكم و رسوله و المؤمنون و هذا مما لاريب فيه و ماذكره بعض الاصحاب من انهم لايعلمون الغيب فهو جري منهم رضوان اللّه عليهم علي الظاهر المنوط به الاحكام و هذا الذي نحن فيه من الاصول فلابد من تحققه ظاهراً و باطنا او يخص بالغيب الواجب سبحانه من ذات اللّه و صفاته الذاتية او ان المراد انهم لايعلمون الغيب الاّ ما علمهم اللّه و الاّ فانهم اذا شاؤا علموا و عندهم الاسم الاكبر و هو العلي و الاعظم و الكبير و هذه الثلثة الحروف يعلمون بها ماشاؤا علي ان الانبياء السابقة كموسي و عيسي و سليمان و سائر الانبياء اخبروا بكثير من المغيبات بواسطة الوحي و انما هم و الوحي الذي نزل عليهم حسنة من حسنات محمد و آل محمد صلوات اللّه عليهم و عليهم اجمعين و قد نزل القرآن المحكم لذلك في حقهم قال اللّه تعالي و ما كان اللّه ليطلعكم علي الغيب و لكن اللّه يجتبي من رسله من يشاء و المجتبي من محمد و علي و اهل‏بيته: و قال تعالي عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احد الا من ارتضي من رسول و المرتضي من محمد علي و اهل‏بيته الطاهرون و لانقول انهم يعلمون الغيب من قبل انفسهم و لكن اللّه يعلمهم ماشاء و هو احوال الخلق لانهم الشهداء علي الخلائق و لايشهدون الاّ بمايشاهدون لقوله تعالي و كل شي‏ء احصيناه في امام مبين و قال تعالي في كتابه ماكان حديثا يفتري و لكن تصديق الذي بين يديه و تفصيل كل شي‏ء و هدي و رحمة لقوم يؤمنون فاذا كان القرآن فيه تفصيل كل شي‏ء و هم مخاطبون به وجب ان يعلموه و الاّ قبح خطاب

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 46 *»

الحكيم لمن لايعرف خطابه و لايرد ايضا علينا قوله تعالي و مايعلم تأويله الاّ اللّه و الراسخون في العلم يقولون آمنا به قل كل من عند ربنا فان اكثر القراء و العلماء يقفون علي اللّه و يبتدؤن بالراسخون لاجل ذلك و لئلا يعود ضمير يقولون الي الراسخين و الي اللّه لان الاشتراك في العلم بتأويله يوجب الاشتراك في القول بامنا به الخ و ذلك غير جائز او يعود الي بعض دون بعض مع تساوي النسبة و هو الترجيح من غير المرجح لانا نقول ان كثيرا منهم وقف علي الراسخون في العلم و جعل الواو عاطفة لماقلنا سابقا و منهم شارح المنهاج و غيره و قالوا لايلزم عود الضمير الي اللّه بل يكون عائدا الي الراسخين و القرينة مخصصة كما في قوله تعالي و وهبنا له اسحق و يعقوب نافلة فان الواو عاطفة و الحال من يعقوب فلم‏يلزم من الاشتراك في العلم الاشتراك في القول و بالجملة فلابد من علم المحجة الذي جعله اللّه عيناً و امينا و حافظا للشريعة عن الزيادة و النقصان بكل قول حق او باطل ليؤيد الحق و يبطل الباطل بنصب الدليل علي نفيه و كان النبي سليمان7 يعلم اذا تكلم شخص باخفي كلمة في مشرق الارض و مغربها اوصلت ذلك الريح الي اذنه و الانبياء يخبرون امرهم بمايأكلون و مايدخرون في بيوتهم و اين ما اوتوا مما اوتي محمد و آله9 و هذا الذي نشير اليه ليس من اجل مااتيهم اللّه فاذا قال القائل بحكم فلابد ان يكون الحجة قد اطلع عليه لماذكرنا انفا و لما ذكرنا سابقا من قوله7 ان الارض لايخلو الاّ فيها و امام كي ما ان زاد المؤمنون ردّهم و ان نقصوا اتمه لهم و حكم هذا الحاكم لابد ان يطلع عليه فاذا (فان خ‌ل) كان زائدا رده و لو بحكم يقع عليه دليلا ظاهراً لا يكون ضده اظهر منه و ان كان ناقصا اتمه لهم كذلك و ان كان حقا اقره عليه و تقريرا الامام7 بحكم قوله لانه لايجوز ان يسكت في مثل هذه الحال و تحرم عليه التقية فلايكتم علمه عند ظهورا لبدعة و ليس هو ممن يرضي بالتصويب لحكمة بتخطيه المخطي و لايجوز عليه التوقف لسعة علمه لانه حجة اللّه و ليس للّه حجة علي جميع عباده تقع الواقعة او الحكم بها لايعلم حكمها و لايعلم سائقها و لا ناعقها و لان التوقف ينشي‏ء عن (من خ‌ل) الادلة المتعددة المختلفة و دليله ليس بمتعدد و لا مختلف

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 47 *»

و لامحتمل بل هو حكم عدل و قول فصل كما قرّر في محله و لا يحسن لمقام الامامة المطلقة التمهل للنظر في فقه المسئلة لان ذلك مرتبة اصحاب الاستنباط و لايجوز له الاخلال بها بالعصمة و لانه حجة الله و الاخلال بها الاخلال بالحجة التي هي اصل التكليف و فرعه و اليه الاشارة بقوله اعرفوا اللّه باللّه و الرسول بالرسالة و اولي الامر بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث فاذا كان انما يعرف بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر فكيف يجوز له السكوت الاّ ان يكون مقرا له علي ذلك لعلمه به و لعدم المانع من الانكار بنفسه او بواسطة او بكتابة او غير ذلك مع وجود المقتضي و من المعلوم ان قول الامام7 و فعله و تقريره سواء كما هو مذكور في كتب الدراية فلايسكت عن قول القائل الاّ ان يكون غير عالم به او قائل بالتصويب او خالفا من فتنة او ليتمهل للنظر في معرفة الحكم او متوقفا فيه او مخلا بالحسبة او لظن وقوع الانكار من غيره و امثال ذلك من الموانع المعروفة (المفروضة خ‌ل) و لايمكن احتمال شي‏ء منها للحكمة و احتمال امكان صدورها منه خلاف الاصل و معارض بمثل ذلك في قوله7 فكما ان الاحتمال الثاني غير ملتفت اليه للراجحية و الاصل فكذا الاول لما قلنا فلم‏يبق الاّ انه قد اقره عليه و اما انه حجة فلان ذلك لازم لتحقق الاجماع المعتبر فيه دخول قول الحجة (ع) و تقريره و قوله سواء فثبت كونه اجماعا و حجة فان قيل من اين نعلم سكوت الباقين اذا وقفنا علي قول شخص بعينه او سكوت الامام7 ليتحقق المدعي من التقرير و لعل الانكار وقع و لم‏نعثر عليه لكثرة العباد و سعة البلاد علي انكم قلتم ان مجرد وجود الخلاف (المخالف خ‌ل) يبطل الاجماع السكوتي علم بعينه او جهل لانه عدم الخلاف بخلاف الاجماعات السابقة فانها الوفاق لاعدم الخلاف فلايضرّ هناك المعلوم النسب كما يضرّ هنا لانه اذا فرض وجود مخالف جاز كونه الامام (ع) او واسطة منه بالهام او كتابة لانه الغاية في الاكتفاء بوجود قائل في الجملة لان القائل اذا فرض انه مبطل و لم يكن قائل بخلافه لم‏يصدق قوله (ص) لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي تقوم الساعة و لا قوله7 كي ما ان زاد المؤمنون ردهم فاذا حصل قائل بخلافه و لو

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 48 *»

معلوم النسب انتقض الاجماع السكوتي اذ بوجوده لايرتفع الحق عن الارض و لا عن الطائفة المحقة قلنا انا نعلم سكوت الامام (ع) باستفراغ الوسع و بذل الجهد فان من كان من اهل الاستيضاح و الحجة و الاستنباط علي النحو المقرر اذا بذل جهده و استفرغ وسعه في التفتيش و التبصر (التنقير خ‌ل) لابد ان يقع من هذا الامر له علي ما هو يتأدي به مايراد منه و لايطلب منه ما زاد عليه لانه لاتكليف (لايكلف خ‌ل) الاّ ما هو دون الوسع و الطاقة فاذا استفرغ الوسع و الطاقة فقد ادي ماعليه و الاّ لزم تكليف مالايطاق او سقوط التكليف لايقال يلزم من قوله (ع) و ما من شي‏ء الاّ و فيه كتاب او سنة هـ ان قول ذلك القائل ان كان حقا فلايكتفي في معرفة حقيته بذلك بل لابد ان يوجد عليه دليل يعينه لانهم لم يهملوا شيئا الاّ و قد نبهوا عليه و ان كان باطلا وضعوا دليلا يدل علي بطلانه فلايحتاج في تحقق الحال الي سكوت الباقين او عدمه لانا نقول ان ذلك القول قد يكون و لا دليل عليه ظاهراً بنفي و لااثبات و انما يستدل علي الدليل عليه بعدم العثور علي القائل بخلافه بعد الفحص الشديد حتي يحصل ظن متأخم للعلم بالعدم فانه اذا كانت الحال هذه كذلك فلابد و ان يوجد في كلامهم دليل يشمله من عموم او اطلاق او غير ذلك و لايكون ذلك صالحا الاّ اذا عدم المخصص الصالح بعد الفحص الشديد اذ بدون ذلك لايعول عليه لاحتمال وجود المخصص فاذا لم‏يوجد ماكان صالحا لذلك فيكون العموم مثلاً مستندا لذلك السكوت المطابق لقول ذلك القائل او يكون مستندا بخلافه (لخلافه خ‌ل) فلايتحقق الاجماع السكوتي لان القول اذا لم‏يكن له دليل يصلح لتخصيص ذلك العموم كان العموم المعمول عليه مخالفا لقوله لقوله و يكفي ذل في الانكار عليه كما اذا عمل الاصحاب علي حكم عامّ اطلقوا عليه عباراتهم و عمموا فيه اشاراتهم و قال بعض بعد تحقق ذلك العمل علي ذلك العموم باخراج فرد مما يشمله ذلك العموم و الاطلاق بحكم مخالف لباقي الافراد الداخلة تحت العموم فان سكوتهم ليس في الحقيقة سكوتا مفيدا لتقريره علي ذلك الحكم بل هو قائم مقام الانكار عليه فيه و الاّ لجاز التفرد بالقول في مقابل (مقابلة خ‌ل) الاجماع و هو بديهي (يدعي خ‌ل) البطلان و قولي اذا لم‏يكن له

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 49 *»

دليل يصلح لتخصيص ذلك العموم بيان لاصل و هو انه لو وجد لما عمل الاصحاب علي العموم لانهم لايجوزونه قبل حصول القطع او الظن المعتبر الموجب لتعين العمل به بعدم المخصص فلايجهلون هذا الاصل فلايغفلون عنه و ان اختلوا في توقف العمل به علي حصول القطع او الظن المتاخم بعد الفحص الشديد فعملهم بالعموم ليس غفلة عن هذا الاصل و لاعدم عثور علي المخصص الصالح لان اللّه سبحانه و تعالي يقول و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و ان اللّه لمع المحسنين فمن بذل جهده في طلب رشده باستعمال اللطيفة التي وهبه اللّه اياها من عنده سالكا سبل ربه ذللا فانه محسن واللّه سبحانه حينئذ معه و لابد ان يهديه سبيل الحق الذي يطلب منه بحيث يسقط عنه التكليف بمازاد علي ذلك و الاّ جاء التكليف بمالايطاق و لعمري انهم شكر اللّه سعيهم قد استفرغوا وسعهم و بذلوا جهدهم فلم‏يعملوا بعموم الاّ بعد ان عجزوا عن تحصيل مخصص صالح لذلك لامطلق وجود مخصص في الجملة بل لو وجد من كتبهم مخصص افادنا الحال وجوب اطراحه و عدم اعتباره و من توهم في بعض المسائل تساهلهم في ذلك فانما كان ذلك التوهم منه لتساهله في معرفتهم و معرفة كلامهم و مأخذ احكامهم و انما اذنت للقلم في هذه الكلمات المقمّحة (المقحمة خ‌ل) في الجواب لبيان فساد مسئلة استحدثها بعض علماء ابناء الماءة الثانية عشر من الهجرة ينهدم بهذه الكلمات بنيانها و تنهدم (تنهد خ‌ل) بها اركانها و ذلك لمن‏يفهم اذ لاعبرة بمن لايعلم ثم نرجع الي تمام الجواب فنقول انا نعلم سكوت الباقين اما غير الامام فلان من قعد بين كتبه التي صنّفها العلماء من مشرق الارض و مغربها من السابق و اللاحق و علم ان كلا منهم باحث و مفتش مستفرغ وسعه في تصحيح مايقول و الاحتراز عن الايراد علي مايورد معتن بنقل الاقوال المعتبرة متوجه غاية التوجه الي تأسيس القواعد المقررة مورد لجميع الاثار المسطرة و في الحقيقة هو قاعد بين العلماء الثقات من الاولين و الاخرين كل منهم يورد عليه ماورد عليه و ينقل له ماعثر عليه و يحرر له ما يصح (صح خ‌ل) لديه و السنتهم في كتبهم له ناطقة بكل ما اطلعوا عليه كيف يخفي علي هذا قول معتبر حينئذ لان ذلك القول الخافي ان كان حقا فلابد

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 50 *»

ان يظهر لدلالة الاخبار المتقدمة و غيرها لئلا يرتفع الحق بموت حامله اذا لم‏يصل الي غيره و ان كان باطلا فلايضر خفاؤه هذا في نفس الامر علي انا لانكلف بحكم يتوقف علي اكثر مما سمعت و الاّ لزم المحال اذا تعذر الممكن و اما الامام7 فهو لايخل بالواجب و لايسترعي نائبا حاكما علي رعيته و يهمل مايحتاج اليه و يتوقف حكمه عليه مع علمه به و تمكنه منه و تحرير الادلة علي هذه الشقوق و المعاني ممايطول به الكلام و يخرج عن المرام و هذا و مثله يرد قول المعترض بكثرة العباد و سعة البلاد فلايكون المخالف في الحقيقة موجودا و ان وجد ظهر (ظاهراً ظ) لانه من لم‏يؤل امره الي الظهور ليتصل حكمه دل الدليل علي نفيه كما علي نفيه كماقلنا و لايكتفي بوجود قائل ما لم‏يكن قوله كما ذكرنا و الاّ لجاز خرق الاجماع البسيط و المركب بعد تحققه لجواز ان يخالفه قائل لكن الدليل دل علي ان قوله بط و قوله اذا بوجوده لايرتفع الحق من الارض الخ ان كان كما قلنا وصل الي غيره و وصل الينا و الاّ فلا يضر و لايلتفت اليه كما اذا انقرضت احدي الطائفتين من اهل الاجماع المركب بقي هنا شي‏ء و هو ان الاجماع السكوتي كثير الاشتباه في التحقق و لهذا كثيرا مايتوهم تحققه و لم‏يتحقق كما توهم تحققه بعض في مسئلة الجمع بين الشريفتين حيث منع من الجمع بينهما و لم‏يجوز ذلك الاصحاب بل سكتوا عند قول المانع و هو دليل علي اجماعهم علي ذلك و هو اجماع سكوتي و مثل ذلك ليس باجماع و لا حجة لانا قد قدمنا انا انما نعرف ذلك بعد الفحص الشديد بان يكون في كلامهم اشارة الي تقريره من عموم او اطلاق يشمله و يكون مستندا له فيتحقق او يكون ذلك مستندا للانكار فلايتحقق و في هذه المسئلة بعد ان حصروا المحرمات بجميع اسباب التحريم عمموا الاباحة فيما سوي ذلك و استندوا في التعميم الي قوله تعالي و احل لكم ماوراء ذلكم عاملين بذلك لايختلفون فيه غير غافلين عنه و لهذا نقل عن ابن حمزة القول في ذلك بالكراهة اعمالا لرواية

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 51 *»

التهذيب المروية في العلل عن ابان بن عثمان حيث لم يجعلوها صالحة لتخصيص عموم الاية بعد العمل بالعموم جمعا بينهما اذ لامنافاة بين الكراهة و العمل بالعموم و ذلك دليل علي عدم غفلتهم من ذلك الدليل المدعي انه دليل صالح للتخصيص و انهم غفلوا عنه و يا للّه العجب كيف يقال غفل عنه من رواه و نقله من اصله و وضعه في كتابه و استدلالهم بان اغلب العمومات مخصصة باخبار الاحاد مردود اذ ليس كل خبر مخصصا بل اذا كان صالحا لذلك بان يكون صحيحا اما لذاته مقبولا عندهم او بالقرائن علي ما قرره الشيخ في العدة و ذلك كله قبل استقرار العمل علي العموم و لايلزم المثل المشهور ما من عام الاّ و قد خص لان هذا ان اريد به العموم كان مخصوصاً بمقتضاه و ان اريد الامر الاغلبي فلايضر علي ان العمل بالعام كثير الوقوع في الاحكام و لايضره في بعضها تخصيص المقام بل جوز بعض العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص كالعلامة في تهذيب الاصول و نقل ان للمفيد قولا بتعين التكبير بعد السجود لما روي من انه اذ انتقل عن (من خ‌ل) حالة الي اخري فعليه التكبير مع وجود ما يخصصه بغير هذا الموضع و ورد التخيير بين العمل بايهما شئت من باب التسليم ففي مكاتبة محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري الي صاحب الزمان7 يسئلني بعض الفقهاء عن المصلي اذا قام عن التشهد الاول الي الركعة الثالثة هل يجب عليه ان‏يكبر فان بعض اصحابنا قال لايجب عليه التكبير فيجزيه ان يقول بحول اللّه و قوته اقوم و اقعد الجواب في ذلك حديثان اما احدهما فانه اذا انتقل من حالة الي اخري فعليه التكبير و اما حديث الاخر فانه روي اذا رفع رأسه من السجدة الثانية و كبر ثم جلس فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير و كذلك التشهد الاول يجري هذا المجري و بايهما اخذت من باب التسليم كان صوابا انتهي و الرواية و ان احتملت التقية كما هو الظاهر الاّ ان اخرها يدل علي جواز التخيير بايهما من باب التسليم و هو دال علي جواز العمل بالعام مع وجود المخصص و نظائر هذا كثير يطول بذكر مايحضر منه الكلام فليس الاستدلال بمثل ما من عام الاّ و قد خص بتمام (بتام خ‌ل) لان الواقع من ذلك اغلبي و الرواية التي هي مستند المنع متروكة غير صالحة للتخصيص و هو ايضاً ضعيفة

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 52 *»

السند علي ما في التهذيب و علي ما في العلل ففيهما ابان بن عثمان و هو و ان كان ممن نقل الكشي اجماع العصابة علي تصحيح مايصح عنهم الاّ انه ناووسي خبيث لايجوز التعويل علي ما تفرد به و كونه ممن اجمعت العصابة لايوجب العمل بروايته لاحتمال ان مقتضي الاجماع المنقول انما هو مجرد الترجيح بل هو الظاهر لاصحة الورود و لا صحة العمل و لا ثقة الراوي و غير ذلك لانا وجدنا من كان قريب العصر منهم (بهم خ‌ل) كالشيخ يرد كثيرا من رواياتهم المخالفة (لما يحكم خ‌ل) فلايحكم به و ليس لعدم ثبوت نقل الاجماع[2] عنده كما توهمه بعضهم لتصريحه بذلك في مواضع كثيرة من كتبه كالعدة و غيرها بل لمعرفته بان المراد من ذلك مجردا لترجيح فاذا حصل له ما هو ارجح منه طرحه مع ان جعفر بن محمد8 قال ما معناه ان لنا اوعية نملأها علما لتنقلها الي شيعتنا فصفوها تجدوها نقية صافية و اياكم و الاوعية فتنكبوها فانها اوعية سوء انتهي. فقوله فصفوها يدل ان هذه الاوعية تغير العلم و الاحاديث لخبثها فلاتقبل منها الاّ ما كان معتضدا بقرائن و مرجحات و الاّ فلا فماظنك بها اذا عارضتها القرائن و خالفتها المرجحات فعلي ما قررناه ينبغي المعرفة التامة للاجماع السكوتي للاشتباه المذكور بل قد يفقد فيما يوجد السكوت فيه و قد يوجد فيما لايظهر السكوت فيه كما اذا كان الموافقون معلومي النسب و دل الدليل علي صحة قولهم فان من سواهم و هم الساكتون فيهم الحجة و سكوتهم تقرير لذلك القول كما مر واللّه اعلم بالصواب و اليه المرجع و المآب.

الخاتمه في امكان وقوعه و امكان العلم به و في حجيته اما امكان وقوعه في زمن الشارع فالقائل به ممن ينكره كثير زعما منهم ان من يعتبر قولهم يمكن ضبطهم و الاحاطة بهم لقلتهم و اما في مثل هذا الزمان و ما قبله مما تأخر عن زمن الشارع فقد اختلف فيه فقيل بعدم امكان وقوعه لانه اذا كان عبارة عن الاتفاق و هو مع كثرتهم و اختلاف طبائعهم التي هي منشأ للاختيارات المختلفة المتكثرة

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 53 *»

لاختلاف الافهام و المذاقات باختلاف الطبايع (الطباع خ‌ل) و الاهوية و الاقاليم و المطاعم و قرب الزمان و المكان و بعدهما الي غير ذلك من الاحوال الموجبة للاختلاف كان متعذرا عادة بخلاف ما كان في الصدر الاول لان الطبايع (الطباع خ‌ل) و ان كانت كذلك هنا لكن لماتقاربت العوارض الواردة عليها لو اتحدت كقرب الزمان و المكان و الاقليم و اتحدت الاهوية و المطاعم و المشارب و تلاقي اصحاب تلك الطبايع (الطباع خ‌ل) لقرب مكانهم و تخالطوا في البحث و الكلام تلونت طبايعهم بمايكون عنده الاتفاق و ذلك لان الشخص اذا خالط اخر و كثر لقائه له و اجتماعه به و البحث معه حصل له لطخ من طبيعته و مسح من طينته حتي تكتسب من ذائقته و يمشي علي طريقته و ليس سلوكه لطريقته تقليدا له بل موافقة كانت منه عن استقلال و لكنه تخلق بخلقه و انطبع بذوقه لتساقيهما بنتايج افكارهما مشافهة حتي انهما لو اختلفا و تأملت حاليهما رايت أن السبب جمود كل علي رايه اذ لو خرجه (مزجه خ‌ل) براي الاخر و طلب طريق القصد اجتمعا غالبا و لايمكن في غير المشافهة مايكون فيها و هو لايمكن حصول الاتفاق منهم بخلاف من تأخر عن ذلك الزمان و تكثروا و تفرقوا في البلدان و الاقاليم المختلفة و الاهوية و المطاعم و اللغات فان الاتفاق متعذر منهم عادة و قيل بامكان وقوعه و هو الحق لان المفروض ان دواعي من يعتبر قولهم لاتختلف لانهم طالبون للحق و هو واحد لايختلف و اما اختلاف الطباع و الامزجة و الاهوية و الاقاليم فهي و ان كانت مؤثرة لكن تأثيره ضعيف بالنسبة الي الرد الي مؤسس الشرع لانهم انما ينظرون في كلام الحكيم الذي لايختلف في نفس الامر و ان اختلف ظاهراً فوجه الجمع بينهما (بينه خ‌ل) و الايتلاف اظهر و الحكيم كما اظهر الاختلاف اسس طريق التأليف كما في قوله تعالي و ما ارسلنا من قبلك من رسول و لا نبي الاّ اذا تمني القي الشيطان في امنيته فينسخ اللّه ما يلقي الشيطان ثم يحكم اللّه آياته و اللّه عزيز حكيم ليجعل مايلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض و القاسية قلوبهم و ان الظالمين لفي شقاق بعيد و ليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربهم فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم و ان اللّه لهادي الذين آمنوا الي صراط

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 54 *»

مستقيم يعني من التأويل و قد اتفق المؤمنون اولوا العلم ان قوله تعالي اذا تمني القي الشيطان في امنيته يراد به وجهان لا انه يحتمل احد وجهين فيكون حصول الحق مظنونا بل يراد به اذا تمني بمعني قرء و امنيته قرائته قرأته كما قال حسان تمني كتاب اللّه اول ليلة تمني داود الزبور علي رسل و بمعني الامنية و هو لغة طلب المتعذر او المتعسر و قد يستعمل هذا بمعني الترجي ايضاً و معني الاول انه اذا قرأ احتمل الشيطان لاوليائه في تلك القراءة معني غير مراد و لاتدل عليه المحكمات بل ترده ردا صريحا فيهدي اللّه الذين آمنوا الي ابطال ذلك الاحتمال الذي هو القاء الشيطان و معني الثاني انه تمني ان يأتيه كذا ممايحبه اللّه فاحذر الشيطان لاوليائه عند تمني النبي9 مايكرهه اللّه اغواء لاوليائه فاتي بعد ذلك ماتمناه النبي9 ممايحبه اللّه و هو الهداية التي جمع اللّه عليها اوليائه و انما قلت انهما مرادان معا لانهما وقعا و صحيح الاعتبار فيه يشهد بصحيح الاخبار فيه و انما استطردت هذا و امثاله ممالسنا بصدده لغاية عندي و فيه تمثيل للدليل فاذا كان الحكيم قاصدا لتأليف المؤتلف كمابيناه و كلامه عند العلماء يؤلون مذاقاتهم و انظارهم علي مايطابق مراده منه ليعرفوا حكمه كمااشارت اليه مقبولة عمر بن حنظلة بقوله7 و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا لا انهم يؤلون كلامه علي مايطابق مرادهم حاشاهم ان يقولوا علي اللّه ما لايعلمون فاذا كان كذلك كان اختلاف طبايعهم و اقاليمهم و اهويتهم لايؤثر مع ضعفه تفريقا للمجتمع و هو الحق من قوته و احكام طريقته الا تري ان علماء العرب علماء العجم من الفرس و الروم و الهند و غيرهم اقرب مشابهة بعضهم بعضهم بعضا في الملابس و الاخلاق و المذاقات و الطبايع في امور دنياهم مع اختلاف دواعيهم فضلا عن امور دينهم و متعلقا علومهم من عوام الناس المشابهة بعضهم ببعض فكيف و كلهم طالبون باحثون عن طريق واحد محكم الاساس و القواعد مضبوط الامارات و الشواهد فان قيل ان اجماع الناس علي مأكول واحد في وقت واحد محال مع انهم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 55 *»

صالح لهم في كل حال كذلك اجتماعهم علي قول واحد محال و انه قد يكون صالحا لهم في كل حال و الاّ لما جاء النسخ في الشرايع و الاحكام قلنا ان الفرق ظاهر فان الناس كانوا مختلفين في الدواعي لاختلاف الشهوات في الاوقات المتعددة بالنسبة الي الاكل و لعروض بعض الاسباب و الموانع لبعض في بعض الاوقات و ايضاً لانسلم ان الطعام الواحد صالح لكل الناس في وقت واحد لاختلاف الفصول بالنسبة الي البلدان و اختلاف الابدان و لان الاكل لشي‏ء واحد في وقت واحد لامصلحة فيه اذ هو شي‏ء ليس منوطا بالخلق علي سبيل الاجتماع و الحاجة له ليست موقتة اذ لو كان كذلك لجاز اجتماع الناس علي شي‏ء واحد في وقت واحد كما لو فرض الصيام في السرطان مثلاً او الاسد و اتفق حرّ شديد و سموم فانه يجوز ان يتفق الناس علي شرب الماء عند الافطار و يجوز الاتفاق علي الوطي اول ليلة من شهر رمضان و لا مانع من امكان ذلك و انما منعناه هنالك عادة لماذكرنا من اختلاف الدواعي و الاسباب و الموانع في المأكول الواحد و اما اتفاق الجميع علي حكم واحد فليس فيه من موانع مسئلة الاكل شي‏ء اذ مسئلة الاكل حكم طبيعة و اضطرار و ليس الطعام الواحد مراداً من الجميع في اوقات مختلفة متعددة و الاّ كان مرادا من الجميع في وقت واحد و الاّ لكان كذلك منه (مثل خ‌ل) مسئلة الاجماع فان الحكم الواحد حكم شريعة و اختيار و يجوز ان يكون مرادا من الجميع و صالحا لهم في كل حال و لهذا لايكون النسخ فيه و لايعرف الاّ بالتعريف الالهي من قبل الشرع فجار اتفاقهم علي ما هذا حاله مضافا الي ماقلنا سابقا من ان الحكم ليس دائرا مدار الشهوات و انما هو دائر مدار امر الشارع و مراده فليس لاحد ان يجري فيه من الطبايع المختلفة و الدواعي المتشعبة بخلاف الاكل لاختلاف دواعيه و اتفاق امارات الحكم و مع هذا كله و لا اشكال في انه وقع فانكار وقوع ماوقع قطعا قطعي الفساد بل صرح العامة بان الشيعة متفقون علي امكان وقوعه و امكان العلم به و حجيته و انما الخلاف في هذه الثلاثة عندهم و اما سبب وقوع الخلاف من بعض الشيعة في هذه الثلاثة فمن الالتفات الي خلاف اهل الخلاف و ذلك لان نصوص اهل الخصوص

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 56 *»

مشحونة بذكر الاجماع و الاخبار بوقوعه به و الاحتجاج به فمن اقتصر علي الاتباع لهم و جعل نظره تبعا لنظرهم لابد ان يقول بذلك و انما يتوقف فيها من نظر برايه في توجيهات اهل الخلاف بناء علي طريقتهم و لاشك ان من بني امر الاجماع و وقوعه علي طريقة اهل الخلاف لايكاد يتحقق عنده امر الاجماع اذ لايحصل عندهم الاّ بالاتفاق و هذا كما قالوه و اما عندنا فنحن نتحققه بدخول قول المعصوم و هو حافظ لشريعتهم عن الزيغ و الميل و الباطل لان لايخرج الحق عن اهله و لايدخل فيه ماليس منه فان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه لهم فيقر مصيبهم و يرد مخطئهم و ينصب لهم امارات الصواب و الخطاء حتي لايجهلهم امر دينهم و لاحظ هنا ماسبق تجد فيه لك دليلا مرشدا و اما امكان العلم به فاختلف فيه فقيل انه في عصر الشارع (ع) عند تأسيس الحكم و ابتدائه يمكن الاطلاع عليه لانه محصور في مكان واحد و الاتفاق المعتبر منحصر فيمن حضر و اما بعد ذلك العصر فقد انتشر ذلك الحكم في سائر البلدان و اشتهر بين العباد فتعذر الاطلاع عليه لان العلم باجماع المجتهدين علي الامر لايمكن الاّ بعد معرفتهم و معرفة ان كلا منهم افتي بذلك الحكم بحسب الاعتقاد عن صميم قلبه و قداجتمعوا علي ذلك و معرفة هذه الامور متعذرة لانتشار المجتهدين في مشارق الارض و مغاربها و تمتنع معرفتهم فان علماء الشرق لايعرفون علماء الغرب و علماء الغرب لايعرفون علماء الشرق و لجواز خفاء بعض منهم في مطمورة الزمان لا علم لاحد به و لجواز خمول احد منهم بان يكون نازل الرتبة مجهول النسب و اما معرفة ان حكمه بذلك عن صميم القلب فمتعذر ايضاً لجواز كذبه خوفا من ظالم او من مقت ذي منصب بذلك و لجواز رجوعه عن فتواه قبل الاخر لايقال انه لو اجتمعت الامة علي قولين و تعاكسا في الفتوي كان اجتماع و حصل اتفاق لقول النافي حال رجوعه بالايجاب و بالعكس لانا اولاً نمنع امكان التعاكس لاستلزامه قول اهل الحق بالباطل و اهل

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 57 *»

الباطل بالحق فيرتفع الحق عن اهله و ثانيا انا نمنع الاجتماع بعد التعاكس كما نمنعه قبله لان شرط حصوله في وقت لا في وقتين قال بذلك جماعة من الجماعة و تبعهم جماعة منا قائلين ان هذا لايمكن الاطلاع عليه الاّ من جهة النقل و قال بعض و لايمكن من جهة النقل ايضاً اذا النقل ان اعتبر الانتهاء الي مبدء الاطلاع لزم التعذر لتعذر الاطلاع ابتداء فكذا بالنقل و ان لم‏يعتبر الاطلاع الابتداءي فيه لم‏يتحقق الاتفاق للاحتمالات السابقة فاحتياج النقل الي الاطلاع الابتدائي مانع لفائدته لان الاطلاع الابتدائي اذا امكن كان النقل لغوا و اذا امتنع كان المتوقف عليه اولي بالمنع فلايمكن العلم به ايضاً و قال قوم بامكان العلم به و هو الحق لان الاحتياج الي معرفة جميع من يعتبر قولهم علي النحو الذي ذكره المانعون انما يتمشي علي مذهب اهل الخلاف و اما علي مذهبنا المبني فيه امر الاجماع علي دخول قول امام7 في جملة القائلين فحيث ما علم ذلك تحقق الاجماع فلايحتاج فيه الي الاحاطة بجميع اقوال من يعتبر قولهم مع معرفة مااتفقوا عليه عن صميم قلوبهم و محض معتقداتهم لان مذهبنا دين اللّه الذي لايطفأ نوره و لايرتفع عن اهله محفوظ عن كل مايخدشه اذ لايكون جهة من جهات العبارات و لا نحو من انحاء النفوس و لا مذهب من مذاهب العقول الاّ و قد وضع لنا حفظة الشرع عليه دليلا يبينه من صحة او فساد و امارة توصل الي مافيه السداد و حجة واضحة موضحة سبيل الرشاد و ذلك يحصل بالعبارة او بالاشارة او بالالهام او بالتنبيه او غير ذلك في نص او ظاهر بخصوص او عموم او تقييد او اطلاق او ايماء بعمل او تقرير او مثل و مااشبه ذلك و لهذا قال7 ما من شي‏ء الاّ و فيه كتاب او سنة فاذا استفرغ من له اهليته الاستيضاح و الاستنباط وسعه في تحصيل معرفة حكم الامام7 وقع عليه و عرف قوله و حكمه فيه لانه7 مهما طلب الحكم من النحو الذي امر بطلبه منه وجده فان لم‏نجد هنالك وجدناه حتي يوجدنا نفسه لانه هو القيم علي هذه الفرقة و هم رعيتة و عليه تسديدهم كما اشارت اليه النصوص و براهين هذه المعاني ممايطول به المقام و فيما تقدم مماقررناه ماينفعك هيهنا

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 58 *»

فلاحظ لايقال لو كان كماتقولون انه حيث ما طلب وجد لما وقع الخطأ من احد من اهل الاستنباط و انتم لاتقولون بذلك بل تجوزون علي كل واحد الخطأ لانا نقول ان الاحكام التي يستقيم بها النظام ليست كلها يقينية حتي يتحقق في كل مسئلة منها الاجماع بل نقول فيها المسائل اليقينية و فيها المسائل الخلافية و ما المسائل الخلاقية فعلامتها ان تكون الادلة فيها المتكافئة بالنظر اي المستدلين بل لايكون الرجحان فيها مانعا من النقيض بل يحصل فيها مايثبت به الظن لشخص و يثبت نقيضه بظن اخر لاخر و منها مايبلغ به التكافؤا الي ان يكون فيه (منه خ‌ل) اجماع مركب و هو ايضاً من الظن بالنسبة الي كل واحد علي الانفراد و ان كان اليقين فيهما معا او لايكون منه الاجماع المركب و منها ماسبيله التوقف و حكمه الاحتياط الي غير ذلك و هذه و امثالها يكتفي الشارع7 بوقوع التكليف بها و لايرتفع الحق عن اهله بذلك في ضمنها و اما اليقينية فلابد من حصول شرط اليقين كما قلنا و لا علامة لاحدهما الاّ حصوله عن الدليل الظني او اليقيني و الواقع لايخلو منهما و كل منهما حيث ماطلب وجد و لايجوز الخطاء فيما يحصل من الاجماع نعم مايحصل من الاجماع المحصل الخاص يجوز فيه لعدم عموم حجيته و لهذا جاز لمن يحصله مخالفته للدليل فان قلت ان الاخباريين يمنعون ماذكرت من امكان العلم به ان لم‏يحط لجميع من يعتبر قوله ماذكر و دعوي العلم بذلك يحتاج الي دليل قلت نعم الدليل حصول القطع لهم ببعض المسائل مع وجود بعض الاخبار المخالفة لها فان قالوا انما قطعنا للنص فيها قلنا و ان كان فيها نص لايحصل منه القطع مع وجود نص علي نقيضه الاّ اذا عرفتم بالقرائن انما حكمتم به مذهب الامام7 فاذا حصل لكم ذلك مع وجود القائل بخلافها عن نص للامارات و القرائن التي افادتكم اليقين بمعرفة ان ذلك مذهب الامام(ع) قلنا لكم لانعني بالاجماع الاّ هذا و لانسلم لكم ان معرفة مذهب الامام من هذا اللفظ الذي

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 59 *»

عندكم بوجود المخالف لفظا ايضاً و هذا ظاهر لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد علي انا نعارضكم بانكم لاتعملون بمجرد وجود حديث واحد وجد له مناف ام لا او مقيد او مخصص ام لا بل لابد من الترجيح و انتم تقرون بانكم لاتحيطون بجميع ما ورد عنهم: و لاتجوزون العمل ببعض دون بعض فان كان عندكم يجوز العمل ببعض الاخبار فان كان عاما لايحتاجون الي الاطلاع علي المخصص وجد او لم‏يوجد و ان كان مطلقا او مجملا مثلاً لاتحتاجون الي المقيد او المبين وجدا او لم‏يوجدا فينبغي ان يكتفي احدكم بادني كتاب و لايحتاج الي ترجيح و لا الي نظر و لا تصحيح فيكون من ادرك قيمة كتاب من كتب الاخبار تبلغ (بلغ خ‌ل) غاية الاعتبار و ان قلتم لابد من تحصيل الخاص للعام و المقيد للمطلق و المبين للمجمل و المحكم للمتشابه و هكذا وجب عليكم ان تحصلوا جميع ما خرج عن اهل العصمة (ع) و الاّ امتنع عليكم الحكم و انتم تقرون بعدم حصول الجميع لكم فان قلتم يكفينا مانقدر علي تحصيله و نعرف حكم الامام7 و لانكلف مالانقدر عليه فجوزوا هذا المعني لغيركم فكما انكم تعرفون حكم الامام7 ببعض مع وجود المخالف من الاخبار و تجزمون بكثير من الاحكام في مثل هذه الحال فكذلك غيركم مع انكم تقولون انه لايجوز القول بدون نص من جميع من يعتبر قوله فان امكن لكم تحصيل ادلة الجميع امكن لغيركم معرفة معرفة اقوالهم بطريق اولي لان القول كما مر سابقا لابد ان يظهر او ينقطع فيبطل و اما الدليل فلايجب اظهاره و ان كان ذلك القائل الذي لادليل له لايعتبر قوله الاّ اذا ظهر دليله و الاّ كان عندكم مطرح القول فليس ممن يعتبر قوله فلايضر عندكم وجود خلافه لانكم لانكم لاتشترطون علينا ضبط جميع السنة الخلق و انما تشترطون ضبط من يعتبر قوله فجوابكم لنا في استدلالكم بالاخبار مع عدم الاحاطة بكلها و فيها مالايجب اظهاره هو جوابنا لكم بامكان معرفة مذهب الحجة7 في جملة اقوال معتبرين و ان لم‏يكن الجميع محاطا بهم مع ان قول من يعتبر قوله ان لم‏يجب اظهاره لانه حق و لايرتفع الحق عن اهله وجب الحكم بفساده بطريق اولي فافهم و لاحظ ما مرّ فانه مشتمل علي كثير ممايكفي من

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 60 *»

يفهم

و احب نقل كلام الشيخ محمد بن الشيخ عبد النبي المقابي البحراني بلفظه و اختصر منه و اقتصر علي بعض في مكان من كتابه نخبة الاصول في حجية الاجماع و هو من كبار اهل الاخبار الذين يعترضون علي الاصحاب في هذا الباب قال ره ان خواص ائمة الدين لايفتون الاّ بسماع من ائمتهم و هذه هي العلة في اثبات حقيقة اجماعهم و لا ريب ان من تتبع احوالهم علم انهم لايفتون بالرأي و لا بالقياس و الاستحسان و لابمتشابهات القران و لا بروايات الاحاد و انما يعملون بمناطيق الاخبار المنقولة عن الائمة الاطهار متواترة كانت او محفوفة بقرائن القطع او مستفيضة مشهورة فالاولان هما منشأ اجماعاتهم لعدم جواز معارضتها بشي‏ء من الادلة و الاخير و هو الخبر المشهور ان كان غير معارض او معارضه خبرا شاذا فهو ايضاً منشأ اجماعاتهم و الخبر الشاذ الذي تفرد به الراوي لايعملون به و ان عارضه خبر مشهور مثله كان ذلك منشأ لاختلافاتهم لقوله و ان اخذت بايهما شئت من باب التسليم وسعك اللّه الي ان قال و اذا كان هذا شأن الخواص كان قولهم مطابقا لقول ائمتهم (ع) قطعا الي ان قال و مثل هؤلاء الاعلام اذا كان هذا شأنهم يجزم اللبيب المنصف ان قولهم يكون مطابقا لقول ائمتهم (ع) و من هنا امر الائمة بمتابعتهم و اخذ معالم الدين منهم خصوصا و عموما و صرحوا بانهم حجة علي سائر البلاد و الروايات في ذلك اكثر من ان تحصي منها قوله (ع) انظروا الي رجل منكم قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فاجعلوه حكما فاني قد جعلته حاكما عليكم و الراد عليه كالراد علي و الراد علي كالراد علي اللّه و في مكاتبة الامام ارجعوا الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه عليهم الي ان قال و هذه هي العمدة في حقيقة هذا الاجماع و انكار ذلك من متأخري بعض اصحابنا مكابرة صرفة لاينبغي الالتفات اليها و معلوم ان تتبع الشيخين و الصدوقين و ثقة الاسلام و علم الهدي لاحوال الرواة عن الائمة القادات اشد من تتبع متأخر بينهم و بينه اكثر من الف سنة مع عدم اطلاعهم علي شي‏ء عن اصولهم و لافتاويهم الاّ بسماع ممن لايجد نفعا لورأت اولئك

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 61 *»

الاعلام اختلافا في البين لماساع لهم الاحتجاج باجماعاتهم التي ملئوا بها الخافقين مع انها لاتكاد تخرج عن الشهرة فيما بينهم بل هم يقطعون بانها مطابقة لاقوال ائمتهم لشدة حسن ظنهم بهم و جزمهم بانهم لايجمعون علي باطل مع وجود الامام بين اظهرهم و لو جوزوا عليهم القول بالرأي من غير سماع عن الامام لماساغ لهم نقل اجماعاتهم في الاحتجاج بها علي الاحكام الشرعية بل قد يردون بها الاحاديث المروية عن الذرية النبوية : يعلم ذلك من تدبر كتبهم و عرف فتاويهم بل لو جوزنا عليهم العمل بالرأي لزم اطراح الروايات الواردة في الامر بالرجوع اليهم و الاخذ عنهم و لم‏يجز الاخذ عنهم الخ اقول يريد بهذا الجمع ان الاجماع حق و انه حجة لكن المراد به اجماع اصحاب الائمة الذين لايقولون الاّ بالخبر و اخرهم الشيخ و اما من بعده فانهم لايعول علي اجماعهم زعما منهم انهم يقولون بغير نص في كثير من الاحكام و هذا غلط فاحش و جهل واضح لان الذين يشير اليهم ليس من تقدمهم خيرا منهم لا في معرفة و لا ورع و لاعفة و لا اشد اطلاعا علي احوال التراجيح و النقاد للسمين من الغث لانهم قد جمعوا الي علومهم علوم من تقدمهم و لاينكر هو هذا الكلام الاّ انه يدعي هو امثاله من ان من تقدم احسن اطلاعا علي القرائن و الامارات كما هو المعروف عند كثيرين و ليت شعري بان اية قرينة تحصل للمتقدم يتوقف عليها معرفة الحق لايحصل للمتأخر او خير منها هيهات هيهات و اين هو من قوله تعالي ماننسخ من اية او ننسها نأت بخير منها او مثلها الم تعلم ان اللّه علي كل شي‏ء قدير الاّ ان كان المفروض جواز خروج الحق عن مستقره لان المتأخر من الفرقة المحقة كالسابق في كل ما استقر عليه الذين و يزيد عليه بمايتجدد له بعد ذلك فان كان الاولون عرفوا من الاخبار ما كان متكررا في الاصول لقربهم و ماكان من اصل عرض علي الامام او قبلته الطائفة مثلاً حتي اعتمدوا علي مالايحصل لمن بعدهم فلاريب ان من بعدهم ممن ادركهم قد ادركوا منهم ماكان مصفي من الكدورة لاذ الاولين اخذوا من الرواة ماليس بمصفي و صفوه بحسب مجهودهم و نصبوا عليه الدلائل و اخذه عنهم من لقيهم بدلائله ففتشوا فيه علي ما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 62 *»

كان عليه من التصفية و اقاموا عليه البراهين و اتي من بعدهم و نظر (نقر خ‌ل) فيما فتش غيره حتي وصل الينا هكذا، كل سابق ورث لاحقه فهمه و علمه فكان ذلك عند اللاحق و يزيد علي سابقه بمايتجدد له من مزايا الاحتمالات و لايخفي عليك انه لو دقق من قبلك في مسئلة فوصل اليك مااسداه لعثرت علي تدقيقه و الحمت له سبيل تحقيقه و قد صرح الشيخ الحر في الوسائل عند قول العلماء بان سبب عدول المتأخرين عن طريقة القدماء الي الاصطلاح الجديد اندراس الاصول و فناء القرائن قال ره و ذلك ممنوع ان ارادوا حصوله في زمن اصحاب الكتب الاربعة بل ممنوع مطلقا الخ و هو دال علي امكان حصول القرائن لكل احد علي الاطلاق فاذا ثبت عنده ان اجماع اولئك حجة كان هذا الثبوت في حق من بعدهم الذين وصل اليهم مااستقر من احكام اولئك و ليس لهم همّ الاّ  تحقق(تحقيق خ‌ل) مااستقر عند الاولين اولي و احق بالثبوت الاّ ان يقول ان المتأخرين انما يعملون بالراي و القياس و الاستحسان كما هو مفاد التعريض فلايعتبر مااعتبروه بخلاف الاولين فليس له جواب عندنا لكنا نقول هو بعدهم و ابعد منهم عن اولئك فان اخطأ الاقرب فالبعيد اولي بالخطاء لبعده و ان اصاب فالقريب اولي به لقربه و استشهاده بهذه الروايات الدالة علي الرجوع الي من روي الحديث فنعم و لكنه قال7 روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فجعل علامة نائبه معرفة احكامهم لامجرد رواية حديثهم فرب حامل فقه ليس بقيه و عنهم: و اللّه انا لانعد الرجل (احدا خ‌ل) من شيعتنا فقيها حتي يلحن له و يعرف اللحن و روي محمد بن سعيد الكشي رفعه قال قال الصادق7 اعرفوا منازل شيعتنا بقدر مايحسنون من رواياتهم عنا فانا لانعد الفقيه منهم فقيها حتي يكون محدثا فقيل له او يكون المؤمن محدثا قال يكون مفهما و المفهم المحدث هـ. المفهم و المحدث اسما مفعول و المراد به ذو اللطيفة الربانية التي يعرف بها الحكم و هي جزء من سبعين جزءا من الولاية و قال المجلسي ره في البحار في بيان قول علي7 في بيان احوال اشتباه

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 63 *»

العلماء يذري الروايات ذرو الريح الهشيم اه قال رحمه اللّه فان هذا الرجل المتصفح للروايات ليس له بصيرة بها و لاشعور بوجه العمل بها بل هو يمر رواية بعد اخري و يمشي عليها من غير فائدة كما ان الريح تذري الهشيم لاشعور لها بفعلها و لايعود اليها من ذلك نفع هي و لاريب ان المشار اليهم من المتأخرين اوسع احاطة و اشدّ نقادة و ادق فهما و الطف حسا و ليس فيهم من يذري الروايات ذروا الريح الهشيم و لا من ليس محدثا و لا من يلحن له فلايعرف اللحن و لا حامل فقه و ليس بفقيه و انما هم علماء اتقياء ازكياء بذلوا جهدهم في نفي انتحال المبطلين و موضوعات اخوان الشياطين عن الدين و لايذهب عليك ماورد عن اهل العصمة: في حق بعض من تقدم من الثناء فان من هؤلاء من لو كانوا في عصر الائمة لورد في شأنهم علي الخصوص مالم‏يرد في من سبق اليس هم الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلوة و ممارزقهم ربهم ينفقون و قوله ره و انكار ذلك من متأخري بعض اصحابنا مكابرة صرفة سوء ظن و ادب فان العلماء المتأخرين لايطعنون فيمن تقدمهم و انما يثنون عليهم كمال الثناء و انما ينكرون عليهم حصر الاقتداء بائمة الهدي: فيمن عني بحيث يكون من بعد الشيخ لايعتد باجماعهم لانهم لايقتصرون في احكامهم علي الكتاب و السنة بل في كثير من احكامهم يستندون الي الرأي و القياس و الاستحسان و لقد شافهني بعض اشباه الناس بذلك حتي قلت لهم فاذا هم ضالون فقال نعم و علي مثل ذلك و عند مثل هذا يكون من يجعل جميع علماء الشيعة و ان اختلفوا في الفتوي و في الطرق الي الحجة كلهم اهل الرد الي الكتاب و السنة لايخرجون عنها طرفة عين و انما يعدلون عن بعضها الي بعض منها ارجح عندهم من ذلك البعض المعدول عنه و ان كان من عموم الي خصوص او بالعكس كما يقع الترجيح بين الخبرين الخاصين مكابرا و هذا من شأن اشباه العلماء و لكنهم معذورون لانهم لايعرفون ما اراد العلماء و المرء عدو ماجهله و اما قوله في الرضا عن الشيخ و علم الهدي فجار فيمن بعدهما و اما دعواه أنهما من اهل الاخبار كما ذكر في نخبته فخالية عن صحيح الاعتبار فان شاء فليرجع الي العدة

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 64 *»

للشيخ و الذخيرة للمرتضي و لايقصر نظره علي التهذيب و بالجملة ذكر النقوض التي ترد علي كلامه يطول منه الكلام و علي من يفهم السلام قال ره بعد ان ذكر يونس بن عبد الرحمن و الفضل بن شاذان و معوية بن حكيم و جميل بن دراج و غيرهم قال فاذا حصل العلم بفتوي جماعة منهم حصل العلم بقول الامام (ع) كما قال الشيخ في العدة قد لايتعين لنا قول الامام (ع) في كثير من الاوقات فنحتاج حينئذ الي اعتبار الاجماع فنعلم باجماعهم ان قول المعصوم7 داخل فيهم و مع تسليم اقتصارهم علي الروايات فمذاهبهم تعلم من رواياتهم قطعا لان الراوي عن الامام مشافهة يعمل بما روي البتة و لايتصور من الراوي ان يدون في اصله ما رواه عن امامه فلايعمل به فيكون الحكم مجمعا عليه رواية و فتوي و هو اقوي من الاول بكثير هـ. اقول لايخفي علي من نظر ان عبارة الشيخ في العدة صريحة في ان الاجماع كاشف عن دخول قول المعصوم7 لا انه مطابق قوله كما زعمه رحمه اللّه فيما يأتي من نقل كلامه في ذكر من قال بحجية الاجماع علي ان المطابقة لو فهمها علي خلاف مراده لكان الكشف انسب بمراده لانه ره يذهب الي ان حجية اجماع اصحاب الائمة: لكون اجماعهم مطابقا لقول المعصوم7 و يلزم من هذا ان قوله7 ليس داخلا في قولهم و يلزم منه ان قول اولئك ليس من قوله7 و انما يكون قولهم مطابقا بقوله7 و هذا خلاف مايريد و يلزم ممانفاه و رده من ان الاجماع كاشف عن دخول قول المعصوم7 ان قولهم نفس قوله7 و هذا معني الكشف و هو يريده لكنه رده و نسبه الي الاصحاب و تأمل اول كلامه السابق و لو اعتبرنا المطابقة كما ذكر لصح عنده اجماع المتأخرين علي ظنه فيهم بقول الرأي لانه مطابق لقول المعصوم7 و ان لم‏يأخذوا بقوله7 فاذا طابق تحقق الاجماع فان قيل انه لم‏ينسب احدا منهم الي القول بالرأي و الاستحسان قلنا ان لم‏نقل (يقل خ‌ل) بذلك فما الفرق اذا بينهم و بين من قبلهم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 65 *»

فان قيل الفرق قربهم الذي يحصل به قرائن لايوجد مع البعد قلنا ليس المراد هذا لانا سمعنا من علماء اهل اخبار الذين عليهم المدار في زماننا ان تقليد ميت اذا كان من اهل الاخبار و ان كان من اهل الاصول لم‏يجز (لايجوز خ‌ل) تقليده ميتا كمالايجوز تقليده حيا و هذا الشيخ ايضاً يقول بذلك و لو كان ذلك من جهة القرب و البعد لما اجازوا تقليدهم بعد موتهم و منعوا من تقليد من تقدمهم لستمائة سنة فصاعدا و ليس الاّ لماقلنا علي انهم يصرحون بذلك من غير نكير و ايضاً قد بينا فيما قبل ان القرب قد لايجدي نفعا و رب بعيد اقرب من قريب و الي مثل هذه المعني اشار7 في الدعاء ما احسن ماصنعت لي يا رب اذ هديتني للاسلام و بصرتني ماجهله غيري و عرّفتني ماانكره غيري و الهمتني ماذهلوا عنه و فهّمتني قبيح مافعلوا و صنعوا حتي شهدت من الامر ما لم‏يشهدوا و انا غائب فمانفعهم قربهم و لا ضرني بعدي و انا من تحويلك اياي عن الهدي وجل و ما تنجو نفسي ان نجت الاّ بك و لم‏يهلك من هلك الاّ عن بينة الخ رواه الشيخ في المصباح بعد صلوة الظهر و قوله ره و مع تسليم اقتصارهم اه فيه اشارة الي ماصرّح به من ان المراد من الاجماع و حجية الخبر و حجيته و لهذا نص علي ان الاجماع اذا عارض الخبر وجب العمل علي الخبر و تأمل كلامه السابق و قوله لان الراوي عن الامام مشافهة يعمل بماروي البتة و لايتصور الخ غير متجه لانا وجدنا كثيراً من الرواة يروون الخبرين المتعارضين المتناقضين الذين لايمكن الجمع بينهما الاّ بالطرح و ان عندي نحواً من خمسة عشر اصلاً من اصولهم مشتملة علي التناقض كثيراً و ليس كلما يروي يعمل به و هذا الصدوق ره قد صرّح في اول كتابه الفقيه بهذا و قال و لم‏اقصد قصد المصنفين في ايراد جميع مارووه بل قصدت الي ايراد ما افتي به و احكم بصحته و اعتقد فيه انه حجة فيما بيني و بين ربي تقدس ذكره هـ فكلامه ره صريح في ان من تقدمه يوردون جميع مارووه و ان لم‏يفتوا به و يحكموا بصحة و هذا نص علي ذلك ممن يقرّ له بقوله و يعتقد ان قوله حجة و انه لايقول بالرأي و مع هذا كله فان المتقدمين الذين عناهم كثيراً مايختلفون في المسائل الاجتهادية الاستنباطية و

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 66 *»

يبحثون فيها علي طريقة المتأخرين و هذه كتبهم تنطق بذلك و قد نقل الصدوق في كتاب الميراث من الفقيه عن فضل بن شاذان النيشابوري و هو من اعاظم اصحابنا المتقدمين عن اصحاب الرضا7 و الجواد و الهادي8 مذاهباً غريبة و اقوالاً نادرة و استدلالات اجتهادية و بحث هو معه فيها و نقل عنه الكليني في كتاب الطلاق كلاماً طويلاً علي طريقة الاجتهاد و الاستنباط بمايشعر بدقة نظره و لطافة حدسه و حسه بل هو ابعد غوراً من كثير من استنباطاتهم و ذكر ذلك في باب الفرق بين من طلّق علي غير السنة و بين المطلّقة اذا خرجت و هي في عدّتها و اخرجها زوجها في جواب اجاب به اباعبيد في كلام طويل مشتمل علي مالامزيد عليه من النقص و الابرام و الجدل و الاستنباط و فيه ذكر معوية بن حكيم الذي اشار اليه هذا الشيخ في جملة من يعتبر قولهم جواب عمران (عمر خ‌ل) بن شهاب العبدي من هذا النحو في الاستنباط و حكي الاصحاب عن يونس بن عبد الرحمن و هو ممن اجمعت العصابة علي تصحيح مايصحّ عنه اقوالاً غريبة جداً مثل وجوب الزكوة في جميع الحبوب ممايدخلها الكيل و الوزن كما في الاستبصار و ان اب الاب اولي من ابن ابن الابن في الميراث كما في س و كلامه في الفرق بين ولد الزنا و ولد السفاح و كلام ابن ابي‏عمير و هو ممن عرفت في وجوب العدة بالخلوة في الجمع بين الاخبار تحقيقاً مثل تأويلات المتأخرين كما في الاستبصار و وقع بينه و بين هشام بن الحكم منازعة في الارض انها كلها للامام7 و هشام يقول بالخمس حتي هجره و لم يكلّمه حتي مات و هشام ناظر بعض المخالفين في الحكمين بصفين فقال المخالف كان عمر بن العاص و ابوموسي الاشعري مريدين للاصلاح بين الطائفتين فقال هشام بل كانا غير مريدين للاصلاح بينهما فقال المخالف من اين قلت هذا قال هشام من قول اللّه في الحكمين ان يريدا اصلاحاً يوفّق اللّه بينهما فلما اختلفا و لم يكن اتفاق علي امر واحد و لم يوفّق اللّه بينهما علمنا انهما لم يريدا الاصلاح و نقل سيد بن طاوس في كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة عن الشيخ قطب الدين سعيد بن هبة اللّه راوندي انه صنّف رسالة جمع فيها الاختلافات التي وقعت بين السيد المرتضي و

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 67 *»

الشيخ المفيد ره و انهاها الي خمس و تسعين مسئلة قال الشيخ الاوّاه الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني الماحوزي في حاشية منه علي رسالته المسماة بالعشرة الكاملة عند نقل هذا الكلام قال ره وقفت عليه باصفهان (في اصفهان خ‌ل) و طالعته من اوله الي آخره و ربما ظهر منه ان المراد بمسائل الاصول مسائل اصول الدين و هو اعجب لاعتبارهم اليقين ايضاً و من ثمّ حمله الاكثر علي اصول الفقه و فيه ان اليقين يعتبر عندهم ايضاً فيها فينبغي التأمل في عبارة الكتاب و في ذلك هـ و بالجملة فالاختلافات التي وقعت بين الاصحاب المتقدمين في الاستنباطات و الاجتهادات اكثر من ان يحصي فمن تتبع كتبهم او كتب من نقل عنهم وجد ذلك و اما حجية الاجماع فقد اختلف فيها من الفريقين فقيل بعدم الحجية (حجيته خ‌ل) اما من منع من اهل السنة كالنظام و الخوارج فلاكلام لنا معهم و لافائدة فيه و اما من منع من الشيعة فقال بعضهم لا حجة الاّ في الكتاب و السنة و اما الاجماع فشي‏ء وضعته العامة للمعارضة للكتاب و السنة في الحقيقة و ان استدلوا علي اثباته و حجيته بهما و قالوا آخرون لافائدة في الاجماع لانه ان لم يعتبر فيه دخول قول المعصوم7 كان اجماع اهل الخلاف و ان اعتبرناه فان علم قوله بخصوصه كان هو الحجة لا الاجماع و ان لم‏يعلم قوله لم‏يجز القول للايات النافية للقول بغير علم و للنصوص و احتمال دخول قوله في جملة اقوال المجمعين معارض باصل العدم و قال آخرون ان الاجماع ان كان وارداً في مادة خالية من النصوص او في مادة تخالفها النصوص فلاحجة فيه اما في الاول فلقوله اسكتوا عما سكت اللّه و قال تعالي و ان تقولوا علي اللّه مالاتعلمون و اما في الثاني فلان العامل به رادّ لحكم اللّه تعالي لانه ردّ السنة بغير حجة تقابلها و ان كان وارداً في مادة توافقها النصوص فالعمل علي النصوص لا علي الاجماع و ان كان في مادة تخالفها فيها النصوص فهذا هو الاجماع الذي يتجوز فيه بعدم وجود المخالف اذا كانت النصوص من الطرفين مشهورة و يسمي الاجماع المشهوري و هذا هو الذي يجوز مخالفته لانه عبارة عن اتفاقهم علي عدم ردّ الحكم المستفاد من النصين المتضادين و ان اختلفوا في قبوله الي غير ذلك من الاقوال المتهافتة المخرّجة و اما من قال بحجيته فمنهم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 68 *»

من قال حجيته عند اصحابنا لكشفه عن دخول قول المعصوم7 و ينبغي الاكتفاء باتفاق جماعة يعلم انهم لايفتون الاّ بقول المعصوم لان العبرة بقول المعصوم7 ليس الاّ هذا و ان لم‏يكن اجماعاً حقيقياً لكنه في حكم الاجماع فالاجماع الواجب الاتباع عبارة عن اتفاق جماعة من خواص الائمة علي حكم افتوا به و بصحة روايته و حجيته لكونه مطابقاً لقول المعصوم لا لكشفه عن دخول قوله في جملة اقوال المجمعين ثم قال ففي قولنا الاجماع حجة لكشفه عن دخول قول المعصوم7 مجازات ثلثة ارادة المشهور من لفظ الاجماع و ارادة الدليل الظني من لفظ حجة و ارادة مطابقته لقول المعصوم (ع) من لفظ كشفه عن دخول قول المعصوم7 في المجمعين و الغرض من اثبات الشهرة بين المتقدمين الاستدلال بها في مادة خالية من النصوص الي ان قال فالحكم اذا لم‏يرد به نص في الكتب الاربعة و قد نقل عليه الاجماع احد ثقاتنا المتقدمين كالشيخ و السيد يجب العمل به لان ذلك الاجماع لابد له من مستند من الحديث يقطع به اللبيب الذي لايشك في عفة ارباب النصوص نعم مع وجود النص يعمل به و ان خالفه الاجماع لا لسقوط الاجماع بالمرة بل للتصريح بذكر الامام في الرواية فلايعارضهما مع صحتها الاجماع الذي لم‏يصرح فيه بذكر الامام7 كما هو شأن اهل التفريع الي ان قال و قد يقال ان معارضة كثير من اجماعاتهم للنصوص الصحيحة لايدلّ علي ضعف الاعتماد عليها بل ذلك ممايقوي الاعتماد عليها لانه اذا علم عدم غفلتهم عن تلك النصوص الصحيحة الصريحة في خلاف ما اجمعوا عليه بل علم استفاضتها عندهم يحصل من هذا الاجماع المخالف العلم بوصول دليل اليهم يقطع العذر البتة فيحصل من هذا و مماتقدم التوقف في العمل هكذا ذكره الشيخ الممجد الشيخ محمد بن شيخ عبد النبي المقابي البحراني في كتاب له سمّاه نخبة مختصرة من كتابه الاصول الفقهية زعماً منه انه قد اختار فيها الجمع بين الاصوليين و الاخباريين و هو صلح بدون رضي

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 69 *»

الخصمين و قال الاكثر بحجيته لكشفه عن حقيقة مذهب الحجة (ع) فانا انما اعتمدناه اذا تحققنا ان الحجة قائل بقول المتفقين في ذلك الحكم فاذا كان قوله في جملة اقوالهم من دون ان يتعين و يتميز بعينه لم يحتمل قوله شيئاً من الاحتمالات الصارفة عن تعين الحجة كما مرّ فيتعيّن حينئذ الحجة بوجود المقتضي و عدم المانع بخلاف ما لوتميز قوله بعينه فانه يحتمل احتمالات الصارفة عن الحجة بحيث لايكاد يخلص لذلك الاّ بالقرائن و الامارات كما مرّ و يأتي فاذا كان كذلك وجبت الحجة و الاّ امتنعت الحجة و سقط التكليف و بيانه انه اذا علم قول الحجة حيث لايحتمل غير مايظهر منه فان لم‏تقم به الحجة و الحال هذه لم‏تقم به حيث يحتمل الاحتمالات الكثيرة غير مايفهم منه في حالة تمييز كلامه (ع) عن غيره لماذكر و سقط التكليف لسقوط الحجية فلماثبت قيام الحجة بقوله القابل للاحتمالات كان قيامها بقولها الغير القابل اولي و احقّ و هذا القول هو الحقيق بالتحقيق و الاقرب الي سواء الطريق و قد ذكر الشيخ المذكور الشيخ محمد المقابي البحراني في كتابه النخبة قال ره الثالث في بيان تأكد حجيته الاجماع و لا ريب ان اعتناء سيدنا علم الهدي و شيخنا شيخ الطائفة و اساتيدهما بهذه الاجماعات التي دوّنوها في كتبهم و اكثروا منها في تصانيفهم هذا الاعتناء العظيم يدلّ علي اعتناء مشايخهم الاولين بها و شدة اعتمادهم عليها تبعا لامر ائمتهم (ع) بذلك في احاديث عديدة منها قوله في مرفوعة زرارة خذ مااشتهر بين اصحابكم و دع الشاذّ النادر فان المجمع عليه لا ريب فيه و ذكر ما في مقبولة عمر بن حنظلة و خبر الاحتجاج و البصائر و الاحتجاج ايضاً الي ان قال و الاحاديث الدالة علي حجية الاجماع كثيرة و لو لم‏يكن حجة في الواقع لوقع النهي منهم: و عن الاخذ به كما نهوا عن الاخذ بالرأي و القول بالقياس و امثالهما مما هو معلوم فلا وجه لقول المعاصر انه مخترع بين متأخري اصحابنا كيف و احاديثهم (ع) تنادي بحجيته و الامر بالاخذ به بل هم: جعلوه كالمعيار عند تعارض الاخبار و نسبة البدعة (البدع خ‌ل) و الاختراع الي اولئك المشايخ الابدال ممالايليق بامثاله عند تعصبه في جداله

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 70 *»

و كيف يجوز لهم ان يخترعوا من تلقاء انفسهم هذه البدعة الردية التي ردوا بها اكثر الاحاديث العلوية في اكثر المسائل الشرعية و انما هذا الاجماعات المنقولة عن ارباب الروايات كانت معمولاً بها عندهم في زمان حضور ائمتهم ثم تلقيّت منهم بالقبول عند مشايخ الغيبة الصغري فاجمعوا علي ما اجمعوا عليه الي ان قال و الاطلاع علي مطابقة قولهم لقوله7يعرف بالقرائن المعلومة بالتتبع انتهي اقول اراد بالمعاصر الشيخ يوسف بن الشيخ احمد البحراني و اقول ايضاً ان اجري الحكم في المتأخرين كما اثبته في المتقدمين ثبت عليه حجية اجماعاتهم لانهم استدلوا بها كما استدل المتقدمون باجماعاتهم و الاّ فقد اثبت نسبة البدعة و الاختراع الي هؤلاء الاعلام فيقال له ماقال لمعاصره ثم قال ره ما هو في صورة الاجماع في ثلث صور الاول ان يري فتوي الصدوقين و الشيخين و الكليني و السيد و اضرابهم في حكم و لم نر به نصا لمابينا من طريقتهم فاتفاقهم لايكون الاّ عن نص قاطع الثانية ان يرد الحديث و يتكرر في الاصول و لا معارض له فيجب العمل به لانه مجمع علي قبوله الثالثة ان يرد حديثان و يعمل باحدهما القدماء دون الثاني فيجب العمل به لان عملهم كاشف عن كون الثاني ورد مورد التقية اقول هل اخبر الامام7 بان هذا الخبر بخصوصه ورد مورد التقية فان كان عندهم نص خاص في بيان ما ورد مورد التقية فكما قالوا و ان كان عرفوه بقرينة عمل الفرقة مثلاً و انهم انما يعملون به للحاجة فما الفرق بين الحالين نعم لافرق بينهما لذي العينين قال فتبين من هذا ان اجماعات اصحاب الائمة و اجماعات مشايخ الغيبة الصغري يقطع بكونها مطابقة لنص ائمتهم و ان الاجماعات التي ينقلها السيد و الشيخ انما هي اجماعاتهم و اما اجماعات مشايخ الغيبة الكبري فلاتفيد القطع بوصول النص اليهم رضي اللّه عنهم قد يعملون بدلالة ظنية و يعتقدون ما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 71 *»

ليس بدليل دليلاً و قد يغفلون عن المعارض و عن المرجح و عن وجه الجمع فاجماعهم لايوجب القطع لموافقة النص مثل اجماع خواص الائمة الذين حازوا شرف المشاهدة و علموا عرف ائمتهم بالمشافهة و اصحاب الغيبة الصغري الذين شاهدوا من شاهد الامام7 و جعله وكيلا ترد عليه التوقيعات فهم ايضاً يعرفون عرف ائمتهم و هم ابعد من الخطاء من المتأخرين بكثير اقول و قوله و اما اجماعات مشايخ الغيبة الكبري الخ كقوله السابق في التهافت و فيما يلزمه لان قوله فلايفيد القطع بوصول نص اليهم غفلة عما فعلوا لانهم لاينقلون الاجماع الا عن المتقدمين او عن السيد و الشيخ الناقلين عن المتقدمين فلم‏يكن له علي اجماعاتهم طعن الاّ بعدم توثيق مشايخ الغيبة الكبري و ان شاء فليقل هذا ان كان اجماعاتهم منقولة و اما ان (اذا خ‌ل) كانت غير منقولة فلاشك انهم لايدّعون الاجماع في مقابلة اتفاق (اجماع خ‏ل) المتقدمين بل اما ان يكون في وفاقهم الاّ انهم لم‏يصرّحوا بالاجماع و هؤلاء لمادلّت لهم القرائن علي دخول قول الامام (ع) في ضمن ما وصل اليهم من المعروف من مذهب المتقدمين صرّحوا بالاجماع و ادّعوه او فيما اختلفوا فيه معهم و هو يعلم انهم لايختلفون الاّ لاختلاف الاخبار و لكل نص فاذا ظهر للمتأخرين بالقرائن التي وصلت اليهم كانقراض احدي الطائفتين او عدولها الي قول الاخر او هجران قولها حتي ترك من بعدهم ذلك القول او نظروا في الدليلين حتي ظهر لهم القطع بصحة احدهما بحيث علموا ان قول الامام الذي هو مذهبه هو هذا لاذلك ادّعوا الاجماع (و خ‌ل) لايقال ان الطائفتين من المتقدمين انما استند كل منهما الي نص صحيح عنده بحيث لايشكّ في انه الحق فمن اين ظهر لمن‏تأخر عنهم يقين انه مذهب الامام (ع) و الذين شاهدوه لم‏يظهروا لهم لانا نقول ان من العلوم ان حكم اللّه واحد و ان احدي الطائفتين مخطئة و الائمة اطباء النفوس لما اراهم اللّه تعالي فلعل ذلك الوقت الذي وقع فيه الخلاف كان المصلحة فيه ذلك و لايحسن الاجتماع لاحد الاسباب التي اشرنا اليها سابقاً لانه (ع) هو الذي خالف بينهم ليسلموا ثم يجمع بينهم اذا زال العذر في وقت للمتأخرين لما علم زوال العذر سبب لهم الاجتماع

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 72 *»

كما هو الواقع لانه و ان كان غائباً عن اعينهم فان نوره في قلوبهم و قد وردت النصوص عنهم: انهم ينتفعون بغيبته كماينتفع الناس بالشمس اذا غيبها السحاب هـ. بمعني ان الشمس اذا كانت موجودة الاّ انها مغيبة تحت السحاب ينتفع الناس بضيائها و يسعون في امور معاشهم كذلك وجوده7 و ان كان مستتراً فان نور وجوده و بركة دعائه و تسديده في قلوب اوليائه في كل حين يهجم بهم علي الصواب لئلا يرتفع الحق عن اهله فاذا حكم (ره) علي ان المتقدمين لايقولون الاّ بالنص لزمه علي ماقرّرناه ان المتأخرين يكون اجماعهم مستنداً الي النص لان المتأخرين كما ذكرنا لايجمعون في مقابلة اتفاق المتقدمين بل اما في وفاقهم او عند اختلافهم و من تذكر تنبيهي هذا و نظر في كتبهم و مذاهبهم (و هذا مذهبهم خ‌ل) ظهر له ما قلت و انما قلت من تذكر تنبيهي لان من الناظرين من تقع في نفسه الشبهة فينظر ملاحظاً لها فيختلط عليه الطريق و يفوته بظلمتها نور التحقيق و يلزمه ايضاً ان ادلتهم في ذلك لاتكون ظنية بل هي قطعية و لايلزمنا ماحكمنا به من حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد فانه ظني لما ذكرنا سابقا من ان الظن انما هو في ثبوت نفس الاجماع لا في حجيته و لانه اذا لم‏يكن ارجح منه تعين المصير اليه فاثمر اليقين لانا قدمنا انه لايثبت نفس الاجماع الاّ بما يثبت به حجية خبر الواحد و اذا حصل في نقل الاجماع ماتثبت به حجية خبر الواحد لا مناص عن قبوله نعم من لم يعتبر حجية خبر الواحد لم‏يثبت عنده الاجماع المنقول بخبر الاحاد و ايضاً الظن المعتبر جعله الشارع7 في احكام الفقه امارة لحكمه و مناطاً لتكليفه و اذا لم‏يحصل اليقين كما في باب السهو و الدعوي المظنونة و اللوث و الشهادات و غير ذلك و لهذا كثيراً مايقولون الفقهاء رضوان اللّه عليهم المرء متعبد بظنه و لقد اخبرني من اثق به و بخبره عن بعض العلماء المطلعين علي الاخبار انه متن حديث عن النبي9 و انه رواه ابن ابي‏جمهور الاحسائي في غوالي اللئالي الاّ اني تتبعت كثيراً منه فلم‏اقف عليه و بالجملة فالعمل بالظن اذا لم‏يحصل اليقين ممالاينبغي ان يتوقف فيه و قوله و علموا عرف ائمتهم (ص) مثل ما قبله فان المتأخرين عرفوا كذلك بتعريف من تقدمهم و بما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 73 *»

وصل اليهم منهم من البيان فقد حازوا علم من قبلهم و زيادة كماقلنا سابقاً . قوله او اصحاب الغيبة الصغري الذين شاهدوا من شاهد الامام كذلك لانه ان كان لقاء من لقي كافيا فلافرق بينهم و الاّ فلا الاّ ان يقال ان اصحاب الغيبة الكبري ليسوا ممن يعتبر قولهم لعدم معرفتهم و عدم ثقتهم فينقطع الكلام قال ره و الحاصل ان الاجماعات المنقولة في كتب المتأخرين ان دلّت القرائن علي ثبوتها بان كانت علي حكم ضروري الثبوت كوجوب الصلوات الخمس او وافقت احدي الثلث المذكور اقول يريد بالثلث ما مرّ في كلامه و هو اجماع المسلمين و اجماع الفرقة المحقة و الاجماع الموافق للنصوص المتواترة قال فهي حق و ان كانت نقلا عن القدماء و لم‏يكن هناك مخالف فهي حجة ايضاً و مع وجود المخالف ينظر فيها و كثيرا ماتري من المتأخرين يخطّي بعضهم بعضاً في نقل الاجماع و ينقلون خلافه و من غفلاتهم انهم يعارضون الخبر باجماعهم الذي يدّعونه مع ان نسبة الاجماع الي قول المعصوم7 اجمالية و نسبة الخبر الي قول المعصوم7 تفصيلية و بينهما بون بعيد فان قيل نسبة الخبر اليه (ع) في ضمن الاجماع قطعية و في ضمنه ظنية اجيب بان هذا انما يصحّ لو قطع باشتمال الاجماع علي قول المعصوم7 و قد عرفت ان اجماعاتهم مجرد دعاوي و لم‏تثبت مع المخالف نصاً او فتوي و لو استندت الي نصّ لظهر لتوفر الدواعي علي نقله و لو صحت لزم تفسيق المخالف و هم لايقولون به فتبين من هذا ان اجماعات المتأخرين غير ثابت علي الوجه المعتبر عند الامامية فينبغي الاعراض عما لم‏يثبت منها و العمل بالنص الثابت اقول ماذكره في اجماعات المتأخرين جار في اجماعات المتقدمين لانا نقول و هو ايضاً يقول به ان كانت اجماعات المتقدمين علي حكم ضروري الثبوت كوجوب الخمس الصلوات او وافقت احدي الثلث المذكورة فهو حق و ان كانت نقلا عمن قبلهم كما في حق اصحاب الغيبة الصغري و السيد و الشيخ اللذين قبل منها و لم‏يكن هناك مخالف فهي حجة ايضاً و مع وجود المخالف

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 74 *»

ينظر فيها حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة و اما قوله و كثيرا ما تري من المتأخرين الخ فهو جار فيمن سبق فهذا الشيخ و السيد و من عاصرهما يفعلون كذلك حرفا بحرف بل ذكر هو (ايضاً خ‌ل) قد ذكر ان السيد قد نقل الاجماع في تسع مسائل و لاقائل بها غيره و اعتذاره عن السيد بان عدم الوجدان لايدلّ علي عدم الوجود جار في المتأخرين بالطريق الاولي و وجه الاولوية ان من يعتبر قوله في المتقدمين لايكاد يخفي لقلتهم بخلاف المتأخرين لكثرتهم. قوله و من غفلاتهم الخ غلط لان هذا في الحقيقة من انتباهاتهم و كمال تذكرهم لان الخبر ان كان خبر آحاد فلاريب في انه لايصادم الاجماع بقول مطلق لقطعية الاجماع و ظنية الخبر اذ لايقابل اليقين بالشك و الظن اذا قابل اليقين كان شكاً كما في صحيحة زرارة عن الصادق7 كما في باب الرجل يصلّي في ثوب فيه نجاسة قبل ان‏يعلم من كتاب الاستبصار نعم لو عارض الاجماع المنقول بخبر الواحد خبر الواحد و اعتدلت فيهما الشروط قيل انه بحكم خبر الواحد و الحق انه ح مقدم علي خبر الواحد لقطعية دلالته و ظنية دلالة خبر الواحد ما  لم‏يكن منقول المحصل الخاص كما مر و الاّ فهو كخبر الواحد لامكان قيام الاحتمال لغير المحصل بكسر الصاد و لاحظ ماسبق و قوله ان نسبة الاجماع الي قول المعصوم7 جمالية و نسبة الخبر الي قول المعصوم7 تفصيلية ليس بشي‏ء راي اجمال مع القطع بان هذا قول المعصوم7 و ان هذا هو مراده و اي تفصيل بالنسبة الي الخبر مع عدم القطع بان هذا قوله و لو فرض ثبوت القطع لم‏يثبت القطع بالمعني المراد منه لاحتمال ارادة احد معاني المحتملة المشار اليها سابقا و قوله في الجواب انما يصح لو قطع باشتمال الاجماع علي قول المعصوم7 مردود بانه لم‏يتحقق الاجماع الاّ بذلك و لايدّعون الاجماع الاّ اذا قطع بدخول قول المعصوم7 و الاّ فلا الاّ مجازا كما يطلق بعضهم الاجماع علي مجرد الشهرة مجازا لتقوية الدليل لا لكونه اجماعا حقيقة الاّ علي النحو الذي قررنا سابقا و ليس اجماعاتهم مجرد دعاوي كما زعم بل هي جارية علي ماينبغي و عدم معرفة بعض لمرادهم ليس وارداً علينا و قد استندت الي نص ظاهر و لكنه

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 75 *»

لايعرفه و لايعرف ظهوره الاّ من كان من اهل الاستنباط و الاستيضاح و قد ثبتت مع وجود المخالف كما وقفت علي مايقوله هو في السيد في التسع المسائل مع عدم الموافق و لايلزم من صحتها تفسيق المخالف لها كما كان ذلك في المتقدمين ما لم‏يكن الخلاف بعد استقرار المذهب علي قول او قولين بحيث دلّ الدليل علي انحصار الحق فيه او فيهما و لو بعدم وجود المخالف علي الحقيقة في آن من الانات فان الاجماع عندهم كذلك يدعي مع وجود المخالف و لايلزم تفسيقه عنده كما في بايهما اخذت من باب التسليم وسعك قوله فتبين الخ مردود بماذكرنا غير مرة فاقول فتبين من هذا الذي ذكرناه هنا و سابقاً ان كل اجماعات المتأخرين ثابت علي الوجه المعتبر في الاجماع عند الشيعة من انه كاشف عن دخول قول المعصوم7 الا انه عبارة عن الاتفاق كما هو مذهب المخالفين و قوله فينبغي الخ جواب فينبغي التأمل و الانتباه و الانصاف قال ره الرابع في بيان ان السيد و الشيخ (رض) انما ينقلان اجماعات من تقدم عليهما من اصحاب الائمة: او من اصحاب الغيبة الصغري و ذلك اما ان يكون بطريق النقل اليهما عن مشايخهم خلفاً عن سلف او بطريق الاستقراء لمصنفاتهم و ذلك امر متيسر في زمانهما لان تلك الاصول التي عليها المعول في الزمن الاول اكثرها موجود في زمانهما مشهور في وقتهما اشتهار كتب فقهائنا في زماننا و مذاهب اربابها تعرف من رواياتهم فيها ان لم‏تكن فتاويهم مودعة في كتبهم و مستندات اجماعاتهم و مشهوراتهم موجود في تلك الاصول و اطلاع السيد و الشيخ عليها سهل المأخذ فدعويهما الاجماع من نقلة الاخبار علي العمل بذلك الحكم مما لاريب في وجوب العمل به لتنزهم عن الفتوي بغير ما يحكم به الامام بل اصولهم لاتوجد فيها فتاويهم علي ماقيل و انما هي اخبار محضة علي الظاهر و غاية الامر ان مذاهبهم تعرف من اخبارهم فاذا كنا نعمل بخبر الواحد منهم فكيف لانعمل بالخبر المجمع عليه عندهم او المشهور بينهم و لو فرض ان الاستقراء الذي افاد الاجماع حصل لهما من تتبع كتب الاصول و الفروع لم يزدد الاجماع الاّ قوة

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 76 *»

اقول اعتماده ره علي نقل السيد و الشيخ لاجماعات اصحاب الائمة: و اصحاب الغيبة الصغري لنقلهما عن مشايخهما خلفاً عن سلف او لاستقراء كتبهم و ذلك متيسر لوجود الاصول التي عليها المعول و مذاهب اربابها معروفة من رواياتهم يوجب عليه ان‏يعتمد علي نقل المتأخرين الاّ ان يحكم بفسقهم فيتبين لنبأهم او يحكم بجهلهم و عدم معرفتهم و ذلك لان مانقله الشيخ و السيد و اودعاه في كتبهما ان كان حقا فما نقله المتأخرون عنهما حق لانهما لم‏ينقلا عن المتقدمين الاّ ما صح لديهما و لم‏ينقل المتأخرون عنهما الاّ ذلك لان كتبهما و مذاهبهما معروفة عندهم و ان كان هؤلاء بالواسطة فهما ايضاً بالواسطة و ان كان ما نقله المتأخرون باطلاً فانهما نقلوا احكامهما و مذاهبهما ما صحّ عندهما فلافرق بينهما في كل حال الاّ ان يطعن علي المتأخرين كما هو شأنه عفي اللّه عنه في التعريض بهم حيث يقول في حق نقلة الاخبار لتنزههم عن الفتوي بغير ما يحكم به الامام7 و بالجملة فالفارق مكابر الاّ ان يلتجأ الي الوقيعة قال ره نعم لو فرض انهما ينقلان الاجماع من تتبع كتب الفروع مثل كتاب ابن الجنيد و كتاب ابن ابي‏عقيل و غيرهما ان وجد لهما ثالث قبل الشيخين لزم ان يكونا مقلدين لغيرهما من اصحاب كتب الفتاوي و هما بمعزل من ذلك فان الشيخ انما يفتي بالرواية و ان صنّف في الاصول للنحو الذي ذكرناه و السيد انما يعمل بالروايات القطعية دون غيرها اقول اما قوله في ابن ابي‏عقيل و ابن الجنيد و هو خلاف ما هما عليه فان من تتبع كتب الاصحاب و كتبهما وجد انهما غالبا انما يقولان بالرواية حتي لايكاد يوجد لهما قول الاّ و النص في الظاهر مساعد عليه فان كان كما يقوله من ان المدار علي مجرد الاخذ عن الرواية لكان عنده ان الاخذ بقولهما و النقل لمذاهبهما اولي من مذاهب الفضل ابن شاذان و يونس بن عبد الرحمن و لكن لما كان طريقهما في نقل (نقد خ‌ل) الاخبار غير نقل المتأخرين اختلفت اقوالهما و كانا في كثير من الفتوي كمذاهب العامة لجمودهما علي الروايات و ان كانا لايوردان متون الاخبار الا تري ان ابن ابي‏عقيل في كتابه يقول ان حكم المسئلة الفلانية مثلاً عند

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 77 *»

آل الرسول9 كذا و ابن الجنيد لاتكاد تجد قولا له الاّ عن نص و اما السيد المرتضي فانه هو صاحب التفاريع التي لاتكاد في كثير منها تدل عليه الاخبار و لاتشير اليه الاّ علي النحو الذي ذكره المتأخرون و ابعد[3] مثل مسئلة الورود في حكم النجاسة فانه قال  لا اعرف نصا لاصحابنا و لا قولا صريحا و الشافعي يفرق بين ورود الماء علي النجاسة و ورودها عليه الي ان قال و يقوي في نفسي عاجلا الي ان يقع التأمل لذلك صحة ما ذهب اليه الشافعي و الشيخ ره في المبسوط بل و في غير النهاية من كتبه ذكر فروعا لايكاد يوجد عليها دليل بعبارة و لا اشارة و لا عموم و لا اطلاق الاّ علي النحو الذي قرره المتأخرون شكر اللّه سعيهم الذين وقع فيهم هذا الشيخ فان من سلك مسلكهم لايكاد بل لاتوجد مسئلة من فروعهم الاّ و لها دليل من الكتاب و السنة من عموم يشملها او اطلاق يتناولها لايقال ان الشيخ ره انما وضع المبسوط هكذا لماقيل له ان الجمهور لهم فروع في المسائل و انتم معاشر الشيعة ليست لكم تلك الفروع و ليس عندكم كتاب مبسوط و انما اغلب ماعندكم رسائل او مثلها فصنّف كتاب المبسوط مجاراة للعامة و اغلب فروعه تبعا لهم لانه وقع منه علي سبيل الحكم و الفتوي لانا نقول ان كلامه في اول المبسوط يأتي ذلك لانه قال في اوله ان اعمل كتابا في الفروع خاصة فيصاف الي كتاب التهامة و يجتمع معه يكون كاملاً كافياً في جميع مايحتاج اليه الي ان قال فعدلت الي عمل كتاب يشتمل علي عدد جميع كتب الفقه التي فصّلها الفقهاء الي ان قال و اقول ما عندي فيه علي مايقتضيه مذاهبنا و توجيه اصولنا بعد ان اذكر جميع اصول المسائل و اذا كانت المسئلة او الفرع ظاهراً اقنع فيه بمجرد الفتيا الي ان قال و اذا كانت المسئلة او الفرع مما فيه اقوال العلماء ذكرتها و بينت عللها و الصحيح منها و الاقوي و انبّه علي وجه دليلها لا علي وجه القياس الخ و هذا الكلام دليل علي اعتماده علي ما فيه مع ان اكثر فروعه لا دليل عليها ظاهراً و قوله ره فان الشيخ انما يفتي بالرواية و ان صنّف في الاصول يردّه

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 78 *»

قول الشيخ و فعله في كتبه خصوصاً المبسوط و كلامه في اوله و السيد فيما ذكره في حقه من انه انما يعمل بالروايات القطعية الخ يردّه قوله و فعله بالطريق الاولي كما سمعت و يأتي فان كان ماحكما به مما لم‏يرد فيه نصّ مقبولا لانه راجع الي النص فالمتأخرون كذلك و ان كان لحسن الظن فيهما بانهما لايحكمان الاّ بالنص و لكن لم‏يصل الينا فكذلك المتأخرون علي ان السيد صرّح في مسئلة الورود بعدم النص و لكن الاولي لهذا الشيخ ان يقول ما نقبل من المتأخرين حقا و لا باطلا و السلام قال ره و العجب من بعض معاصرينا يزعم انهما انما ينقلان اجماعات علماء زمانهما و هو سهو ظاهر و كيف يمكنهما معرفة اجماع واحد علي مسئلة واحدة بل مشهور واحد بينهم و هم متفرقون شرق الارض و غربها بل لو ارادا معروفة مشهورات بلدة واحدة لم‏يتأت لهما ذلك نعم يمكنهما الاطلاع علي اجماعات من قبلهما بطريق النقل او بطريق الاستقراء و كلا الطريقين مفقودان في اجماعات اهل زماننا هذا اقول الحق التوسط لا افراط و لا تفريط لان الشيخ و السيد ينقلان اجماعات من قبلهما كما يقول بالطريقين و ينقلان اجماع اهل زمانهما بالاستقراء و بالتسامع كما مرّ القول عن العلامة اعلي اللّه مقامه اما الاستقراء فكما مرّ في بحث الاجماع المحصّل و يكون الاجماع محصلا عاما او خاصا كما فصّل سابقا و كذا ما بالتسامع و لا امتناع فيه و لا بعد انهم يرونه بعيدا و نريه قريبا و راجع ما مرّ و اما حكمه بالامتناع فبناء علي انه لايمكن معرف دخول قول الحجة7 الاّ بالاحاطة علي الجميع و هذا ما اشبهه بقول الجمهور الذين لايثبت عندهم الاجماع الاّ بالاتفاق و اما معشر الشيعة الذين يقولون انه يمكن اثباته في اثنين اذا علم ان احدهما الامام فلايصعب عليهم و لا امتناع فيه و انما المدار علي المعلومية بمذهب الحجة (ع).

تذنيب اعلم ان هذا الشيخ ذكر في نخبته حجج المخالف في حجية الاجماع و اجاب عنها و احبّ ان اختصرها و اضيف اليها مايسنح بالبال مما

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 79 *»

يكون حجة علي من طعن في الاجماع قال ره و للمخالف في حجية الاجماع اعتراضات لابأس بايرادها و الجواب عنها منها ان السيد نقل الاجماع في تسع مسائل و لا قائل بها غيره و الجواب ان عدم وجدان القائل بها من قدمائنا لايدل علي عدم وجود القائل بها منهم اما عدم وجود قائل بها من المتأخرين فغير مضرّ بالاجماع لان المتأخرين عن الشيخ لم‏تكن لهم همة في العمل بغير قول الشيخ لانهم اما مقلدون او ناقلون عنه علي ماقيل فاقوال السيد التي لم‏يقل بها الشيخ صارت مهجورة و ان كان من قبله مشهورة و لعل هذه المسائل التسع منها و ربما اتفق المتأخرون علي حكم لم‏يقل به احد من المتقدمين كما قيل به ايضاً و من ثم كانت اجماعاتهم تجوز مخالفتها اقول و قدّمنا تنبيها ينبغي لمن يحب الاطلاع علي اسرار التكاليف التي بها قام النظام ان يراجعه و يتفهّمه و لنذكر من مثله كلمات فتقول اعلم ان العلم هو الذي يقوم به النظام و عليه دارت الافلاك و هو الماء الذي جعل اللّه منه كل شي‏ء حي و هذا ظ لكنه لايقوم و لايتحقق الاّ بالعمل قال7 العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الاّ ارتحل و لاجل ماذكر قال9 لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي تقوم الساعة فاذا كان قول في الفرقة المحقة و لم‏يكن له مخالف علم انه حكم اللّه و لايجوز ان يكون باطلاً الاّ و يوجد في مقابلته قائل مصيب للحق لئلاتجتمع الفرقة المحقة علي الباطل و لايرتفع الحق عنهم فيبطل النظام لارتفاع العلم الذي هو حيوة كل شي‏ء و اذا كان قول ثم انقطع و ارتفع دلّ انقطاعه علي بطلانه و علي وجود قائل بالحق لانا وجدناه انقطع و النظام قائم و الافلاك تدور فعرفنا وجود حيوة النظام و هو العلم هذا فرض المسئلة و الاّ فلايكون قول مسكوت عن خلافه لا بعبارة و لا باشارة لا علما و لا عملاً الاّ و هو حق فان كان باطلا في نفس الامر فلايسكت عنه و لاحظ بيان هذا في بحث الاجماع السكوتي فقول السيد في هذه التسع ان كانت حقا فلابد من قائل بها قبله الا ان تكون في واقعة متجددة لم تقع قبل و لابد من قائل بها بعده لئلا يرتفع الحق

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 80 *»

الاّ ان يرد عليها نسخ و لا نسخ ظاهراً في سلطان الولاية لان النسخ مختصّ بسلطان النبوة و من التسع المدعي عليها الاجماع و لم‏يقل بها قائل حكمه بوجوب رفع اليدين عند التكبير علي ماذكره في الانتصار و عبارته هكذا و مماانفردت به الامامية القول بوجوب رفع اليدين في كل تكبيرات الصلوة و يحتمل ارادة المعني اللغوي من الوجوب و هو الثبوت و يحتمل عدم ارادة الاجماع بل المراد ان فيهم من قال بذلك و ان كان واحدا و لم‏يقل به احد من الجماعة و هذا لايدلّ علي الاجماع و لا علي الحقية و بالجملة فالقول المنقرض باطل و قوله ره و اما عدم وجود القائل بها من المتأخرين فغير مضر بالاجماع يريد به انه لم‏يقل بذلك احد من المتأخرين و الظاهر الجزم بعدم القائل فنحن نقول له مناقضة من اين امكنك العلم بعدم القائل مع ان انتشار العلماء في زمنك اشدّ من انتشارهم في زمن العلامة و الشهيد الاول فاذا كان امكنه العلم بعدم القائل الذي هو من قبيل شهادة النفي امكن من قبله العلم بقول القائل و الاطلاع علي مايتحقق به الاجماع بالطريق الاولي و اما قوله غير مضرّ بالاجماع فغير مضرّ بالاجماع لانا قرّرنا انه اذا انقطع القول تبين فساده فاذا لم‏يقل به قائل من المتأخرين و لم‏يكن الحكم منسوخاً تبين بطلانه لان الحق لايرتفع عن الفرقة المحقة و قوله معلّلاً لان المتأخرين عن الشيخ الخ عليل و هو يشير الي ماذكره الشهيد الثاني ره في درايته في العمل بخبر الواحد حيث قال فالعمل بمضمون الخبر الضعيف علي وجه يجبر ضعفه ليس بمتحقق و لما عمل الشيخ بمضمونه في كتبه الفقهية جاء من بعده من الفقهاء و تبعه منهم عليه الاكثر تقليداً الاّ من شذّ منهم و لم‏يكن منهم من يفسّر الاحاديث و ينقّب من الادلة بنفسه سوي الشيخ المحقق ابن ادريس و قد كان لايجيز العمل بخبر الواحد مطلقاً فجاء المتأخرون بعد ذلك و وجدوا الشيخ و من تبعه قد عملوا بمضمون ذلك الخبر الضعيف لامر ما رأوا في ذلك لعل اللّه يعذرهم فيه فحسبوا العمل به مشهوراً و جعلوا هذه الشهرة جابرة لضعفه و لو تأمل المنصف و حرّز المنقّب لوجد مرجع ذلك كله الي الشيخ و مثل هذه الشهرة لاتكفي في

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 81 *»

جبر الخبر الضعيف و من هنا يظهر الفرق بينه و بين ثبوت فتوي المخالفين باخبار اصحابهم فانهم كانوا منتشرين في اقطار الارض من اول زمانهم و لم‏يزالوا في ازديادهم و ممن اطلع علي اصل هذه القاعدة التي بينتها و تحققتها من غير تقليد الشيخ الفاضل المحقق سديد الدين محمود الحمصي و السيد رضي الدين بن طاووس و جماعة قال السيد ره في كتابه البهجة لثمرة المهجة اخبرني جدّي الصالح ورّام ابن ابي‏فراس قدّس الله روحه ان الحمصي حدّثه انه لم‏يبق للامامية مفت علي التحقيق بل كلهم حاك و قال السيد عقيبه و الان قد ظهر ان الذي يفتي به و يجاب عنه علي سبيل ماحفظ من كلام العلماء المتقدمين انتهي و قد كشفت لك بذلك بعض الحال و بقي الباقي في الخيال و انما يتنبّه لهذا المقال من عرف الرجال بالحق و ينكره من عرف الحق بالرجال هـ. اقول انما نقلت هذا بتمامه و ليس هذه الرسالة موضعه بيانا لاشارة الشيخ اليه في نخبته و لاشير بعده في كلمات الي عدم صحة هذا كلام و هي ان الذي دلّت عليه الاخبار المتواترة معني ان الارض لايخلو من حجة مادام التكليف و انه مسدد للفرقة المحقة كما ذكرنا انفا و انا مكلفون بطلب العلم و لاسبيل لنا اليه زمن غيبة الحجة الاّ آثار اهل العصمة و هي سواد في قرطاس و آثار وسائطهم سواد في بياض في كتبهم و آثارهم هي اخبار وسائط الائمة (ع) و وسائط وسائطهم فاذا بذل المكلف بمعرفة احكام الشريعة جهده و استفرغ وسعه و نظر في آثار اهل العصمة و آثار وسائطهم ليعرف ما اتفقوا علي صحته او علي قبوله او اختلفوا فيه او اتفقوا علي ردّه و الحجة (ع) بين ظهراني شيعته بالتسديد و ان غاب بجسده فهو حاضر بنوره و ببركته فلابد ان يصيب مايخرج به عن التقصير فيماكلف به لنفسه و لمقلديه و ليس عليه اكثر من هذا بان يبتغي نفقا في الارض او سلما في السماء فيأتي باية و ليس له ان‏يخرج عما اتفق عليه الفرقة المحقة و يتفرّد بالقول فان من شذّ شذّ الي النار فيما اختلفوا فيه لابد ان يكون قوله موافقا لقول احد منهم في كل مسئلة جري بحثهم فيها لماقلنا سابقا فلايضر من اتي بعد الشيخ ان يوافقه او يخالفه اذا سلك سبل ربه ذللا كماقلنا فاعتراض الشهيد ره و نقله لهذا

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 82 *»

الكلام مدخول لا وجه له و ان ابي الاّ ان يكون له وجه فهذا شرح اللمعة له و المسالك فان عباراتهما مشحونة بعبارات الدروس و القواعد و غيرهما نقل المسطرة و لقد تتبعت كثيرا من كلامه و من كلام غيره ايضاً و لم‏اعترض عليه كما اعترض علي غيره و لقد اعترض عليه و علي غيره بعض الناس حال المباحثة فاجبته عنه و عنهم بمثل هذا الجواب فجوابه عن نفسه جوابنا عمن اعترض عليهم بل لو قيل بانه اكثر ملامة لم‏يكن بعيد لان غيره لم‏يعترض بمايلزمه و هو مع دقة نظره و سعة دائرته و شدة تنظره لاسيما في شرح اللمعة فانه قد افتي في مواضع نفي فيها وجود النص مع وجوده كما في حكاية الاذان و كما في من عقد علي ذات البعل هل تحرم ام لا فانه نفي وجود النص فيها و الشيخ ره عقد لها باب في الاستبصار قال باب ان الرجل يتزوّج بامرءة ثم علم بعد ما دخل بها ان لها زوجا هي فان لقائل ان يقول لولا انه يقتصر علي كلام بعض المصنفين او نقلهم من غير مراجعة لادلة المسئلة في مظانها فان مظانها الكتاب و السنة و الحجة منها من دليل عقل او اجماع لم ينكر وجود النص في عدة مواضع كلها موجود فيها المعتبر المعمول به حتي منه فانه في الكتاب المذكور ذكر فيها وجهين و اختار انها كذات العدة الرجعية و النص موجود و لكنا لانحمله علي ماحمل عليه الاصحاب بل نقول لعله لم‏يعتمد علي الدليل لضعف سنده و بالجملة فالاشكال يجري علي الاكثر من كل من نظر الاّ من عرف ماسمعت من النظر الي سرّ التكاليف و الاولي بكل احد انه كما يخاف ان يلام لايلوم كما في قوله تعالي وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافواعليهم فليتقوا اللّه و ليقولوا قولا سديدا فالعلماء شكر اللّه سعيهم و هو منهم اجل شأنا من ان يكونوا مقلدين فيما تحملوا و لكن ورد في الحديث عنهم: لو علم الناس كيف خلق اللّه هذا الخلق لم يلم احد احداً و للّه درّ الشاعر حيث يقول:

لو كنت تعلم كل ما علم الوري   طراً لكنت صديق كل العالم

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 83 *»

لكن جهلت فصرت تحسب كل من   يهوي بغير هواك غير العالم

اللهم اغفر لي و لاتؤاخذني باسوء عملي اللهم اغفر لنا و ارحمنا و لاخواننا الذين سبقونا بالايمان و لاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم و نقول قول سديد الدين الحمصي انه لم‏يبق للامامية مفت علي التحقيق الخ كلام ليس بشي‏ء بل كل العلماء المعروفين مفتون علي التحقيق و ان حكوا الفاظ من قبلهم فحاشاهم ان يكونوا قلدوهم و لكن العبارات الفاظ اهل الاصطلاح فيسهل التفهيم بها و التفهم و التأليف و لا بأس بذلك و لو كانوا حاكين عمن قبلهم لماجاز تقليدهم و الاخذ عنهم لانهم ليسوا باهل الذكر و لانقلهم عمن قبلهم لانهم اموات و اذا مات العالم مات علمه لقوله7انظروا الي رجل فهذا التكليف جار لكل مكلف ان ينظر الي رجل في عصره يمكنه لقاؤه و قول علي7 كذلك يموت العلم بموت حامليه (حامله خ‌ل) فاذا كان الحال هذه وجب علي الحجة7 ان يخرج و الاّ يرتفع التكليف لئلا يلزم المحال فلما لم‏يظهر و التكليف باق اتفاقا عرفنا انه قد اقرّهم علي ذلك فهم مفتون علي الحقيقة و لايصح ان ينسب اليه تقصير فيما يراد منه لانه (ع) انما جعل في الارض خليفة كي‌ما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه لهم علي ان من بعد الشيخ وجدناهم مابين قائل بقوله حيث ساعده الدليل و بين مخالف له ناقض لكلامه و في الحقيقة لم‏يتبع الشيخ منهم احد و لم‏يوافقه منهم احد و لم‏يخالفه و انما قولهم دائر مدار الدليل اذ ليس الحق محصورا في خلافه و لا في وفاقه و نرجع الي كلام الشيخ محمد في نخبته فقوله ره فاقوال السيد التي لم يقل بها الشيخ صار مهجورة و ان كانت من قبله مشهورة و لعل هذه المسائل التسع منها مثل اقواله السابقة في عدم الاستقامة لان التي هجرت فلم‏يقل بها احد انقطعت و قد دلّ الدليل علي بطلان المنقطع فيكون عدم القائل بها دليلا علي بطلان ذلك الاجماع فيكون السيد انما ادّعي الاجماع المحصل الخاص و هو كما مر ليس بواجب الحجية علي غير محصله و لا بلازم الدوام فدعوي السيد في الاجماع حق في حقه

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 84 *»

و ان كان باطلا في نفس الامر بمعني ان دخول قول المعصوم في جملة اقوال من اعتبر قولهم السيد اما ان يكون دخولا في حكم في واقعة او انه قائل باقرب الاحكام الي الحكم الواقعي حتي زال اوانه لايقال ان هذا الوجه قول بالنسخ و ليس بجار بعد انقطاع الوحي و ارتفاع حكم ظاهر النبوة لانا نقول ان ذلك لايجري علي مايعرف لان اخبارهم و افعالهم (ع) مقررة لما استقر من السنة النبوية علي سانّها افضل الصلوة و السلام و انما يجري علي مايخفي و لايظهر اثره الاّ في اختلاف الفرقة المحقة في مشهوراتهم و اجماعاتهم المتبدّلة و المتعاقبة علي اختلاف الازمان فقد يكون المشهور في العصر الاول غير مشهور في العصر الثاني بان تنعكس الشهرة او تنقرض احديهما اذا لم‏يدلّ الدليل علي حجتيها كما مرّ و قديكون في الاول و الثاني سواء او شهرتان في وقت واحد بحيث يحصل من كل منها قوة الظن و تفيدان التوقف لم‌يحصل الترجيح و ربما كانت واحدة و ربما كانت اجماعا مركبا كما اذا دلّ الدليل علي انحصار الحق فيهما و ربما كانتا اجماعا بسيطاً و بالجملة فالاصل في التكليف في جميع الاحكام الحكم الوضعي هذا في القدر الالهي ثم الاقتضاء في حكم القضاء الالهي علي نحو ماقيل في بعض اقسام الوضع من ان الوضع عامّ و الموضوع له خاصّ لان السبب فعل و الفعل مقدم علي الانفعال الذي هو الاقتضاء نعم قديتأخر ظاهراً اثر السبب عن اثر المسبب لتوقف الاحساس به عليه و بالجملة فيكون النسخ فيمايخفي بحيث لاتناط به احكام و انما تناط بمايظهر لان فرضنا في معرفة الاحكام و استنباطها ان نجري كما امرنا به علي ماجري علماء الفرقة عليه و العدول عنه عدول الي الباطل لماقلنا من استقامة النظام عليه و عدم ارتفاع الحق عن اهله و لو كان ماعليه العلماء شكر اللّه سعيهم باطلا لبطل النظام لارتفاع العلم و يجب علي المستتر7 الخروج و اما مايخفي فليس علينا تدبيره و ليس لنا الالتفات اليه بمعني مبني بعض الاحكام عليه لابمعني معرفته فان الاطلاع علي معرفة مثل ذلك نور و شفاء لما في الصدور و لهذا كان هذا الشيخ المذكور لما لم‏يكن له ميل الي معرفة ذلك و لم‏يسلك طريقة العلماء قال ما قال زعماً منه تغمده اللّه برحمته انه عرف الحال و هو

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 85 *»

مقرون بالتمييز و ليس كذلك، لايقال:

و كلّ يدّعي وصلا بليلي   و ليلي لاتقرّ لهم بذاكا

لانا نقول

اذ انبجست دموع في خدود[4]   تبين من بكا ممن تباكا

قوله و ربما اتفق المتأخرون علي حكم لم‏يقل به احد من المتقدمين الخ مردود ممنوع لانا لانسلّم ذلك الاّ في مسئلة لم‏يجر لها حكم في المتقدمين او لم‏يستقر فيها قول منهم فان ذلك جائز بلااشكال و ان مايكونوا متفقين علي خلاف مااتفق عليه المتقدمون فدون تسليمه و تبيينه خرط القتاد و لهذا قلنا ان اجماعات المتأخرين لايجوز مخالفتها و لو كان الامر كما توهم لجاز مخالفتها كمايقول لكنه مردود ممنوع قال ره و منها ان السيد لايعتمد علي المراسيل و اجماعاته لاتخرج عنها لان مستند اجماعاته اما لحصر و الاستقراء لاقاويل العلماء و هذا متعذر تحصيله او النقل من الغير فيدخل في المراسيل (المرسل خ‌ل) فكيف يجوز له العمل بها مع استلزامها اطراح صحاح الاخبار و الجواب انها انما يكون من المراسيل اذا كانت علي سبيل النقل من المتقدمين بسند منقطع و الظاهر خلافه فانه يدّعي قطعيتها بل يدّعي ان معظم الفقه عنده معلوم بالضرورة فيكون طريق معرفة الاجماع عنده انما هو العقل لا النقل كوجوب الصلوة و الزكوة و نحو ذلك و جزمه بها مثل جزم الصدوق بالخبر حيث يقول قال الامام كذا فيدخل في باب المسانيد لجزمهما بذلك اقول في الاعتراض علي قواه و اجماعاته لاتخرج عنها منع اذ لانسلم ذلك و لاسيما علي رأي من يشترط في النقل الاطلاع الابتدائي كما ان الظاهر ان الواقع كذلك و ان توهم خلافه فلا ارسال في شي‏ء من اجماعاته و الحصر و الاستقراء بالقدر الذي يتأدي به المطلوب غير متعذر كما مرّ و النقل يعتبر فيه الاطلاع

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 86 *»

الابتدائي بمعني انه ينتهي اليه فلايكون شي‏ء من مستندات اجماعاته مرسلا بل جري في ذلك في ذلك علي اصله من عدم جواز العمل بخبر الاحاد (الواحد خ‌ل) و في الجواب ان تعليله بقوله فانه يدّعي قطعيتها عليل اذ ليس كل من ادّعي شيئا سلم له لاجل انه يدّعي ذلك و قوله بل يدّعي ان معظم الفقه عنده معلوم بالضرورة فيكون طريق معرفة الاجماع عنده انما هو العقل لا النقل الخ مثل سابقه فان كان دعواه قطعية الاجماعات مقبولة فدعوي المتأخرين قطعية الاجماعات مقبولة اذ لا فرق و ان كان لانه لايقبل الاّ المتواتر و لايعمل باخبار الاحاد فلهذا قبل اجماعاته فممن تأخر عن الشيخ كابن ادريس لايعمل باخبار الاحاد و يدّعي قطعية اجماعاته بل معظم الفقه كالسيد حرفا بحرف فهل تكون اجماعات ابن ادريس حجة فان قبلها هذا الشيخ فنحن نرضي بكل مايفعل لكنه لايقبلها قال ره و منها ان اجماعاتهم تخالف صحاح الاخبار بالاصطلاح الجديد و الجواب انه لاحرج في ذلك بعد ماعرفت ان منشاء اجماعاتهم انما هي صحاح الاخبار بالاصطلاح الاول و هم اعرف من غيرهم بكثير و الصحيح ماصحّحوه و ان كان ضعيفاً بالاصطلاح الحادث و الضعيف ماضعّفوه و ان كان صحيحا بالاصطلاح الحادث اقول مراد المعترض ان الاجماعات اذا اعتبرت انما كانت حجة اذا تضمنت الخبر الصحيح و اذا عارضها الخبر الصحيح لم‏تكن حجة لان دلالة الاجماع علي قول الامام (المعصوم خ‌ل)7 و حكمه اجمالية و دلالة الخبر علي ذلك تفصيلية و لا ريب في تقديم المفصل علي المجمل و نري اكثر الاجماعات تعارضها الاخبار الصحيحة علي مااصطلح عليه المتأخرون فتكون الاجماعات باطله حينئذ و هذا الكلام مبني علي طريقة اهل الاخبار و الجواب يتجه علي ظاهر ذلك و لايبعد انه ره اورده و اجاب عنه علي طريقتهم و اما علي ماقررناه فانها انما كانت حجة لاشتمالها علي قول الحجة الصحيح الصريح الذي لايحتمل غير مايظهر منه اشتمالا قطعيا لايحتمل النقيض فاذا عارضها الخبر الصحيح كانت اولي بالعمل بمقتضاها لان الاجماع خبر صحيح صريح واجب الاتباع لازم العمل

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 87 *»

بمقتضاه بخلاف الخبر فانه و ان كان صحيحا باعتبار سنده لكنه لايمنع النقيض لا في صحة الورود و لا العمل و لا في الدلالة فلايعارض الاجماع و راجع ما مرّ و قوله في الجواب و هم اعرف من غيرهم بكثير و الصحيح ماصحّحوه بناء علي طريقته لانه اعرض عن الجواب بنحو ماقلنا من ان الاجماع انصّ و اخصّ و اصحّ من الخبر لانه لايري ذلك نظرا الي ماقرّر من ان الصحيح ماصحّحه المتقدمون و اما التصحيح بالاصطلاح الجديد فليس بشي‏ء و لا بمعتمد و هو غلط و عدم معرفة بطريقة المتقدمين علي الحقيقة و ان توهم ماتوهمه كثير من العلماء و لا ببيان مااشرنا اليه من ان الاصطلاح الجديد معمول به عند المتقدمين في اكثر المسائل الاّ انه غير مدوّن فلما دوّنه المتأخرون شكر اللّه سعيهم عابوا عليهم و كذبوا بمالم‏يحيطوا بعلمه و معني البيان ان جهات الترجيح للاخبار كثيرة ليست بنحو واحد و ذلك انهم مرّة يرجحون عند التعارض بمطابقة الخبر لعمل الفرقة او للكتاب او للسنة او لخلاف العامة او لتكرّره في الكتب (كتب خ‌ل) الاصول او لشهرته او لصحة رواته و ثقتهم فانهم كانوا يعتمدون علي رواية مثل زرارة و محمد بن مسلم و ليث مرادي و بريد و باقي من اجمعت العصابة علي تصحيح مايصحّ عنهم و من معاني مايصحّ عنهم ان ما صحّت روايته عنهم بنقل الثقات فقد اجمعوا علي تصحيح وروده او العمل به و نظير ذلك النجار فان عنده القدوم و المنشار و المبرد و المطرقة و في غالب عمله يستعمل القدوم و المنشار و لايستعمل المبرد الاّ اذا اراد ان يستحدّ القدوم و المنشار و اذا ارد ان يعمل بابا او سفينة احتاج الي استعمال المطرقة كثيرا فكما انه في اغلب عمله لايستعمل المطرقة الاّ اذا اخذ يعمل في السفينة فانه لابد له منها لاجل دقّ المسامير فكما لاتخرج المطرقة عن كونها الة بحيث يستغني عنها كذلك المتقدمون لماكانت الاصول معهم و الائمة بين ظهرانيهم كانت اغلب حاجاتهم اليهم (ع) و الي الاصول المعروضة عليهم و اذا احتاجوا الي تصحيح الاخبار بتوثيق الرواة استعملوه و لهذا تري اكثر التوثيق بالنص عنهم عليهم السلام لانهم يسئلون عن احوال الرواة ليعتمدوا علي روايتهم فيوثق الائمة: لهم رجالا و

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 88 *»

يمدحون آخرين و يذمّون آخرين و يلعنون اقواما و لا يراد بذلك الاّ تصحيح رواياتهم و هذا ظاهر و في رواية زرارة خذ بما يقول اعدلهما عندك و اوثقهما في نفسك و مثلها رواية عمر بن حنظلة المقبولة و غيرهما فالمتقدمون كمايستعملون القرائن يستعملون هذا و هو من القرائن القوية التي لا شك فيها و كيف يعترضون (يعترض خ‌ل) علي المتأخرين في ذلك و المتقدمون يعملون به قال الصدوق ره في كتابه الخصال لا سبيل الي رد الاخبار متي صحّ طرقها و قال في باب الوصية من يه قدوردت الاخبار الصحيحة بالاسانيد القوية و قال في اخر باب صوم التطوع من يه و اما خبر صوم الغدير و الثواب المذكور فيه لمن صلّي فان شيخنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد كان لايصحّحه و يقول انه من طريق محمد بن موسي الهمداني و كان غير ثقة و كلما لم‏يصحّحه ذلك الشيخ قدس اللّه روحه و لم‏يحكم بصحتهم من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح و في يه ايضاً في باب حد الوضوء بعد ان اورد حديثا في المسح الخفين الي ان قال علي ان الحديث في ذلك غير صحيح الاسناد و كلامه ره في خبر صوم الغدير يعطي ان جميع الاخبار التي رواها عنه في ذلك الكتاب الذي هو عمدته و قد صحّحها شيخه ان تصحيحها و صحّتها انما هو من جهة السند و كذا كلام غيره من العلماء المتقدمين ممايطول به الكلام فان اجاز للصدوق هذه الطريقة لزمه ان يكون الصحيح (التصحيح خ‌ل) من جهة السند صحيحا معتمداً او لا عتب علي من دونه و ان منع من طريقة الصدوق ره و من قبله فانهم كلهم هكذا اذا احتاجوا الي الترجيح بتصحيح السند و كلام الشيخ ره في العدة ظاهر في هذا المعني فان من منع من هذه الطريقة سقط البحث معه قال ره و منها ان الشيخ قد يدّعي الاجماع علي حكم و يخالفه بل قد يدّعي الاجماع علي خلافه و الجواب اما اجماعات الشيخ علي الشي‏ء و ضده انما تكون في قولين مختلفين يستندان الي خبرين مشهورين متعارضين حكمت الطائفة بصحتهما و جواز العمل بهما من باب التسليم فصحّ ادعاء الاجماع علي كل من القولين المستندين الي الخبرين المتعارضين فيعني باجماعه الاول

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 89 *»

المشهور بين جماعة عملت باحد الخبرين و يراد بالاجماع الثاني المشهور بين جماعة عملت بالخبر الاخر و لا غرو في ذلك و لاتضادّ و يدلّ علي ذلك انك لاتراه يدّعي الاجماع علي الشي‏ء و ضده الاّ و هناك خبران متخالفان دالان علي القولين و قد اشار السيد ره في بعض رسائله الي جواز دعوي الاجماع علي الشي‏ء و ضده و لاتناقض في ذلك لان احد الخبرين يجوز العمل به من حيث انه حكم اللّه في الواقع و الاخر يجوز العمل به من باب الرخصة و ان لم‏يوافق الحكم الواقعي و انما يكون تناقضاً لو ادّعينا العلم (ادعيت خ‌ل) او الظن ان مدلول كل من الخبرين هو الحكم الواقعي و نحن لا ندّعي ذلك بل نقول انه يكفينا في جواز العمل بالاخبار علي مايفهم من كلامهم (ع) اما الحكم لكون مدلول الخبر موافقاً لحكم اللّه في الواقع او العلم بكونه ورد عنهم سواء علم كونه موافقا للحكم الواقعي ام لا و يعلم موافقته للحكم الواقعي بكونه مجمعا عليه او مخالفا لما عليه العامة و ما عدا ذلك يحتمل الامرين اقول مخالفة الشيخ لمايدّعي من الاجماع في موضع اخر بحكم او باجماع انما تكون اذا كان الاجماع منقولا و لم‏يظهر الدليل الجازم علي انحصار الحق فيه فظهر له في وقت رجحان دليل حكم مطابق للاجماع المنقول فايّد دليله بنقل الاجماع لان الاجماع المنقول لاينقص عن مفاد خبر الواحد ان لم‏يزد عليه كما حرّرناه سابقا و لم‏يكن عنده مانعا من النقيض و في وقت آخر يظهر له رجحان دليل عكس ماقال سابقا و هو مطابق الاجماع منقول غير الاول فيؤيده بنقل ذلك الاجماع فليس عنده مانعا من النقيض و قد يكون مانعا من النقيض اذا كان اخيرا او نقول ان المنع من النقيض في اليقين و الاعتقاد لا في الواقع و ان كان اخيرا لايقال ان نقل اجماعين غلط لانكم قلتم ان النقل يشترط فيه الاطلاع الابتدائي و اذا كان الحال هذه امتنع النقلان او احدهما لامتناع اتفاقين مختلفين لانا نقول لايكون اتفاقان مختلفان الاّ انا نقول بجواز النقلين المختلفين لاحتمال المحصل الخاص في كل منهما او في احدهما و الاجماعات المحصلة الخاصة لايشترط في تحققها الاتفاق ليقع التدافع فيجوز ان يكون تلك الاجماعات

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 90 *»

اجماعات محصلة خاصة بمحصّلها و هي تختلف باختلاف الاوقات في المسائل المتعددة بل في مسئلة واحدة في وقتين فلاحاجة الي ماذكره ره في الجواب من ان الاجماعات المختلفة انما تتحقق اذا وجد خبران مشهوران ليس لاحدهما راجحية علي الاخر الي ان يؤدي الحال الي التخيير كما ذكره لان ذلك فرض بعيد لايكاد يتحقق و كيف يوجد خبران مشهوران مختلفا الحكم يتساويان في العرض علي الكتاب و السنة و مذاهب العامة و عمل الفرقة و في صحة السند و في الرواة و في جميع مايعتبر في باب التراجيح و في الدلالة علي المراد و في تكررها في الكتب الي غير ذلك من الاعتبارات حتي يبلغ الحال الي التخيير هذا شي‏ء لايكاد يقع و علي مقتضي كلامه ره ان كل الاجماعات المختلفة مستندها الي روايات من هذا القبيل فيلزم ان يكون ذلك كثير الوقوع و لو كان كثيرا لعثرنا علي خبرين فضلا عن كثير حتي ان بعضهم منع من وقوع خبرين كما فرض و منهم من حكم بوقوعه و لكنه قليل و اما ورود حكمه في الاخبار فلايدلّ علي وقوعه و انما يدلّ علي امكان الوقوع و مايتراي‏ء من وقوعه كما في مكاتبة الحميري المتقدمة الدالة علي التخيير بين العمل بالعام و العمل بالخاص فللتقية لان الخاص حاكم علي العام و مايظهر من بعض انظار البعض فلعدم الاحسان في النظر و النقادة و الترجيح كمايحصل فيه التوقف لبعض فانه في الحقيقة للقصور او للتقصير و الاّ ففي الحقيقة ليس الاّ حكم واحد فالتوقف و التخيير من باب التسليم ليس منه بل كل حكم غير جازم ليس منه ايضاً و اما التخيير الجازم كتخيير الكفارات فمنه و ليس حديث التثليث منافيا لماقلنا حيث يقول9 حلال بين و حرام بين و شبهات بين ذلك الخ لان الشبهة حكمها في ظاهر الشرع ظاهر و انما حكم بكونه (بكونها خ‌ل) شبهة للاحتمال الناشي من القرائن و ملاحظتها طريق الاحتياط لكنه لاينافي في بيان الحكم ففي الحقيقة ليس الحكم الاّ حلالا او حراما و ليس بعزيز علي من له اهلية الاستنباط تحصيله نعم قديكون الباحث عن حكمه قاصرا او مقصرا في استفراغ الوسع فيحصل له التوقف او التردد لايقال ان العلماء الاعلام كثيرا ما يتوقفون و يترددون و شأنهم اجل من التقصير او القصور

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 91 *»

لانا نقول هذا حق ولكن لايلزم من كونه كذلك انه لايجهل في حال او نقول يحتمل انه قد يعتمد علي ماثبت عنده و لم‏يراجع او انه سلك في قوله بالتوقف طريقة الاحتياط في الافتاء اذا لم‏يكن حينئذ محتاجا للعمل لا هو و لا مقلده الي غير ذلك من الاحتمالات فظهر مماقررنا ان الاجماعات المختلفة ليس ماذكره ره سبباً لها و لاختلافها و تعددها و انما السبب كونها محصلة خاصة علي نحو ما مرّ سابقا قوله و انما يكون تناقضا الخ كلام مليح معناه المقصود في الجملة الاّ ان العبارة عنه فيها مافيها و لافائدة في البحث فيها لصحة مراده قوله و يعلم كونه موافقا للحكم الواقعي بكونه مجمعا عليه او مخالفا لما عليه عامة الخ فيه تفصيل يعلم مماسبق لان معرفة موافقته للحكم الواقعي اذا اجمع عليه المسلمون كافة او الفرقة المحقة كافة لا اشكال فيها اما باقي اقسام الاجماع فهي ممايحتمل و اما مخالفته للعامة ففيه تفصيل و هو انه ان اريد بالمخالفة لماعلم من مذاهب العامة فهو ممايحتمل الامرين اذ يوجد خبر يخالف ماعلم من مذاهبهم و مذاهب الخاصة و ان اريد به ماعلم و مايحتمل بناء علي ما هو الظاهر من ان مايكون للتقية اعم مما علم من مذاهب العامة لان مذاهبهم مبنية علي القياس و الرأي و الاستحسان و علي ماتنتظم به الشئون و الاغراض و الاعراض و مقتضي ذلك لاينضبط فيما علم و لانا نجد في الاخبار مايخالف الحق و لم‏يقل به احد منهم فيما علمنا و لايوجد منهم حكم يوافقه لا حق و لا باطل مع انهم: انما فعلوا ذلك و خالفوا بيننا لنسلم و ذلك خلاف الحكم الواقعي و لجواز ان يتجدد لهم قول لم‏يقل به احد منهم لان احكامهم منوطة بالاغراض و الشهوات فان اريد به مخالفته لماسوي الحق فهو ممايعلم موافقته للحكم الواقعي و الاّ فمما يحتمل و لايترتب بقولي لماسوي الحق فان الحق لايشتبه بماسواه قال ره و منها ان اتفاق الفرقة المحقة كملا علي حكم من الاحكام متعذر في نفسه غير معلوم و اتفاق جماعة من خواص الائمة (ع) علي حكم لايكون حجة الاّ اذا علم انهم لايفتون الاّ بسماع من الامام7 و المعلوم من تتبع آثارهم استنادهم في الاحكام الشرعية الي الظواهر القرانية فيجوز خطاؤهم في ذلك

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 92 *»

لسوء فهمهم ثم بينوا ذلك بان زرارة خالف الامام7 في مسئلتين الاولي ان زرارة يعتقد انه لاواسطة بين الايمان و الكفر لقوله تعالي فمنكم كافر و منكم مومن و للامام7 مصرّح بثبوت الواسطة بينهما لقوله تعالي خلطوا عملاً صالحا و آخر سيئا الثانية ان زرارة يعتقد ان الاما بحجبها الاخوة عمازاد علي السدس و ان لم‏يكونوا لاب لقوله تعالي و ان كان له اخوة فلامه السدس و لم‏يعرف انه يشترط في الاخوة الحاجبين ان يكونوا لاب ثمّ اردفوا ذلك بخبر صحيفة الفرائض التي ادّعي زرارة انها باطلة و انها ليست بشي‏ء و انها خلاف ماالناس عليه مع انها املاء رسول اللّه9 و خط علي7 و الجواب عن الاول الراجع الي نفي الاجماع الحقيقي ان اجماع الفرقة المحقة علي حكم غير متعذر اذا كان منشاءه الاحاديث المتواترة او المحفوفة بقرائن القطع علي ماتقدم و سيأتي فيه مزيد بحث ايضاً ان شاء اللّه و عن الثاني الراجع الي نفي الاجماع المشهوري ان زرارة و امثاله كابن حمران و الطيار و نحوهم كانوا قبل صحبتهم لائمتهم (ع) تلامذة لحكم بن عقيبة و غيره من فقهاء العامة و قبل عرافة صحبتهم لائمتهم: كانت لهم مذاهب فاسدة مستفادة من علوم اهل السنة و الجماعة مخالفة لمذاهب ائمتهم عترة النبي صلي اللّه عليه و اهل بيته الذين امر بالتمسك بهم بل كانت لهم مذاهب منكرة في الجبر و التشبيه و التجسيم و منهم الهشامان و القميون باسرهم سوي الصدوق كانوا كلهم غلاة و بعد ان استبصروا رجعوا الي الحق و السداد فماذكره لايكون طعنا في زرارة حتي يكون صارفا عن انه لايفتي بشي‏ء الاّ و هو مطابق لقول امامه كيف لا و قد ورد في حقه و حق غيره من سائر الخواص الامر باتباعهم و اخذ معالم الدين منهم خصوصاً و عموما و لاسيما زرارة فانه وردت فيه بخصوصه تارة و مع غيره اخري اخبار كثيرة تدلّ علي الامر باتباعه و انه من الاربعة الذين هم اوتاد الارض و انهم تحت العصمة و فوق العدالة فان كانت الاخبار المتكثرة في حقه يعارضها خبر الصحيفة الذي لو ابقي علي ظاهر دلّ علي كفر زرارة لزم ان لايقبل منه خبر رواه عن امامه بالمرة لعدم جواز قبول خبر الفاسق في احكام الدين فلابد من حمله علي ان ذلك

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 93 *»

وقع منه في مبادي امره بل هذا صريحه و ان الامر باتباعه وقع من الامام7 بعد تكامل و تمام صحبته بامامه7 قطعا و رسوخ علمه المستفاد من امامه و بيان عفته و سداده و ديانته فهو لاتخرج في فتواه عن مذهبه امامه قطعا غير انه مبتلي بمنازعة العامة كثيرا لكونه كان منهم فانحرف عنهم فهم لايقبلون منه ماينقله عن امامه7 يحتجون عليه بالقران (بالقرائن خ‌ل) فتقع المخاوضة بينهم في ذلك فاذا اعيا عن ردّ الجواب رجع الي امامه7 و خاوضه في الاية القرانية علي مذاق العامة ليتبين له الغث من السمين و يكون وسيلة الي رفع حجة المنكرين اقول كلامه في الاعتراض مبني علي طريقته من امتناع الاطلاع علي الاجماع الاّ في زمن اصحاب الائمة و قد مرّ جوابه مرارا و قوله ره و اتفاق جماعة من خواص الائمة7 الخ متجه من جهة عدم تحقق الاجماع بمجرد اتفاق جماعة الاّ ان قوله الاّ اذا علم انهم لايفتون الاّ بسماع من الامام7 ليس بمتجه و قد مرّ جوا به و تحقيقه و قوله و المعلوم من تتبع آثارهم متجه في كثير من الاحوال و في جوابه بعض المناقشة لايفي طائلها بطولها و ليس لنا فيه فيما نحن بصدده فائده قوله ره و منها ان صحيفة الفرائض صريحة في ان الاجماع قد لايكون مطابقا لقول الامام7 فان قول زرارة فيها نصّ في مخالفتها فيما عليه الناس كافة عامة و خاصة و الجواب ان المراد بالناس في الخبر انما هم المخالفون فقط لاطلاق الناس عليهم في اخبار الائمة (ع) و  لاريب ان اجماعهم ليس بحجة قطعا لعدم مطابقته لقول الامام7بل في الحديث دلالة علي ان الاجماع حجة فان زرارة انما جزم ببطلان الصحيفة لماجزم بذلك غاية الامر ان هذا الاجماع الذي يقطع بمخالفته لقول الامام7 ليس بحجة و لكن زرارة لم‏يتنبه له بعد لكونه جديد الاسلام اقول جوابه ره مليح و ان كان انما منع قبل الاعتراض قال ره و منها ان قصر كلامهم علي السماع مع تسليمه غير كاف في

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 94 *»

المطلوب لجواز سهوهم في السماع و خطأهم في فهم المراد من المسموع كما هو مشاهد في كثير من المواضع و الجواب ان هذا اولاً تشكيك في مقابلة النصوص الدالة علي الامر باتباعهم و اخذ معالم الدين منهم فلايجوز الالتفات اليه و ثانيا ان تجويز خطاء جماعة من الخواص الموثوق بهم بضبطهم و شدة تحرزهم عن الغلط في امر سمعوه من امامهم7 في غاية البعد جداً كيف و لانحن نقبل رواية الواحد منهم و نعمل بها و لا يجوز تعدّيها مع تجويزنا سهو راويها مع ان تطرّق الاحتمالات علي رواية لم‏يروها الاّ واحد منهم اكثر من تطرق الاحتمالات الي فتوي جماعة بشي‏ء سمعوه من امامهم7 و اجمعوا عليه كثير و كذا ايضاً جواز خطائهم في فهم معني المراد لامامهم يدخل في الروايات لان اكثرها مروية بالمعني فلوكان مجرد تجويز خطأهم في الفهم مانعا من قبول فتويهم المسموع من ائمتهم7 لكان ذلك مانعا من قبول رواياتهم المسموعة من ائمتهم المنقولة بالمعني و فتح هذا الباب يوجب عدم جواز العمل بالروايات التي لم‏يبق للشيعة اصل يعتمد عليه سواها ثم انهم استدلّوا علي تجويز خطائهم في فهم معني المراد بان الشيخ و جماعة وقع عنهم الخطأ في فهم المراد من حديث التيمم الذي استدلّوا به علي انه تجب الضربتان للغسل و معلوم انه مجرد دعوي و من اين ثبت خطائهم في الواقع بل جاز ان يكون الخاطي غيرهم و المعصوم من عصمه اللّه علي ان الكلام انما هو في خواصّ الائمة الذين حازوا خطاب المشافهة و علموا عرف ائمتهم فكانوا هم اعرف من غيرهم من المتأخرين بوجود الادلة من اقوال ائمتهم: و افعالهم و تقريراتهم فاظن بهم في حسن الفهم قوي و ان جاز عليهم خطاء فانا لانقول بعصمتهم بل نقول انه ابعد عن الخطاء من غيرهم اقول قول المعترض غير كاف في المطلوب لجواز سهوهم الخ ليس بصحيح لان هذا الاحتمال اذا وزّن باصابتهم لايعادله و الاحتمال انما يبطل الاستدلال اذا كان مساويا اما اذا كان مرجوحا فلايضرّ لان الظن و الظاهر حجة مع ان السهو خلاف الاصل ثم انا اذا وقفنا علي التحقيق قلنا ان المعروف من مذهب

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 95 *»

الشيعة و من اخبار ائمتهم: الاعتماد علي رواياتهم و علي كتبهم التي رووها و انما اعتمدوا عليها لامر ائمتهم: بذلك و هذا لا اشكال فيه و ليس ذلك الاّ لعلم ائمتهم بانهم لايقع منهم سهو يخفي لانه لو خفي في مسئلة لاخبروا: بها لماتقدم من قوله7 كيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه لهم و طريق اخبارهم: لشيعتهم في بيان مايقع سهوا مخالفا للصواب او عمدا ان ينصبوا لكل طريق الي الحق دليلا محكما او مايكون محكما من نصّ او اجماع او تسديد بحيث يستحيل في الحكمة ان يكون اهل الحق علي باطل او يكون حجج اللّه: في ارضه يهملون ماامروا باصلاحه مع علمهم به و لايجوز ان يجهلوا شيئا من دين اللّه الذي جعلهم اللّه قواما عليه فان كان سهو من احد الروات في مسئلة حفظها آخر و لايجتمعون علي السهو و الغفلة و عدم فهم المراد و لهذا قلنا ان الاجماع دليل قطعي حيثما تحقق بخلاف الخبر نعم الخبر المتواتر كذلك و لهذا قيل ان الاجماع ناطق بخبر متواتر و لابأس بهذا القول الاّ انه قيل ان مفاد الاجماع و الخبر المتواتر سواء الاّ ان بينهما عموما و خصوص مطلقا اذ كل خبر متواتر اجماع و بعض الاجماع خبر متواتر كما اذا كان في جملة كثيرين و بعضه ليس بخبر متواتر كما اذا كان فيمن لم‏يبلغوا خمسة فصاعدا هذا عند من يشترط في التواتر الزيادة في الرواة علي اربعة و اما من لم‏يشترط فعنده الاجماع خبر متواتر و الخبر المتواتر اجماع ففي كل مادة يتحقق الاجماع يمتنع السهو و الغفلة و عدم فهم المراد و قد مرّ كثير ممايؤيد هذا فراجع و هذا اقطع في الجواب من كل الوجوه لمن‏عرف و قوله في الاعتراض كما هو مشاهد في كثير من المواضع ليس في (من خ‌ل) محل النزاع اذ محل النزاع تحقق الاجماع لاتحقق الاجتماع اذ لانقول انه لايكون من احد منهم سهو او غلط و لا نقول اذا احتمل السهو امتنع الاجماع و لانقول اذا احتمل السهو امتنعت حجيته و انما نقول اذا دلّ الدليل علي النحو الذي قررناه سابقا علي تحقق الاجماع امتنع احتمال السهو و الغلط و عدم فهم المراد فافهم و يظهر من هذا ان قوله في الجواب و ثانيا ان تجويز خطاء جماعة من الخواص الموثوق بضبطهم الخ بعيد عن الصواب

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 96 *»

و مابعد هذا من كلامه و ان كان مناسبا للاعتراض لانه مصوغ (مصنوع خ‌ل) عليه مليح علي الظاهر الاّ انه قشري مبني علي قشري و قوله في الجواب ثم انهم استدلّوا علي تجويز خطائهم في فهم المعني المراد بان الشيخ و جماعة وقع منهم الخطاء في فهم المعني المراد من حديث التيمم الذي استدلّوا به علي انه تجب الضربتان للغسل و معلوم انه مجرد دعوي و من اين ثبت خطائهم في الواقع بل جاز ان يكون الخاطي غيرهم (و المعصوم من عصمه الله علي ان الكلام انما هو في خواص الائمة‌ الدين اعرف خ‌ل) الخ ليس علي ماينبغي لانه جعل اصابة الشيخ احتمالا و الحق انه في فهم هذا المعني مصيب و هو اختيار المفيد في غير الرسالة الغرية و الصدوق و سلار و ابوالصلاح و ابن ادريس قالوا الاخبار وردت بضربة و بضربتين و هي مطلقة و خصوا الضربتين بالغسل فان قيل هلا حكموا بوجوب الواحد و استحباب الاخري او بالتخيير فيهما مطلقا قلنا قدعلم بالدليل استحالة تناقض اخبارهم: و ان اختلفت ظاهراً و علم ان الجنابة حدث اكبر و لهذا لايرفعه الاّ الغسل و الحدث الاصغر يرفعه الوضوء و هو طهارة صغري كما ان الغسل طهارة كبري و لاريب ان الضربتين ابلغ من الضرب لانهما تحملان من الطهور و هو التراب اكثر و لان مسح اليدين بالضربة الثانية الجديدة اولي لذلك و لكثرة الفعل الدال علي المبالغة المناسب لكبر الحدث و لاستلزامه تكرر القصد الذي هو الجانب الاقوي في رفع الحدث لايقال ان منهم من لايشترط العلوق فلافائدة في كثرة مايحصل (يحمل خ‌ل) من التراب بل يستحب النقض لانا نقول ان الحق اشتراط العلوق اذا امكن و ان كان لطيفا و لاينافيه جواز التيمم بالحجر لامكان مايحصل به العلوق فيه من غبار و نحوه و لو قيل لو كان كذلك لماجاز التيمم بالحجر اذا كان مغسولا او وقع عليه مطر قلنا ان الحكم العام يناط باغلب افراد متعلقاته و لايضرّ تخلف بعض الرابطة في بعض الافراد ظاهراً لجواز وجودها و خفائها او وجود مايقوم مقامها مثل حصول اجزاء لطيفة منبثة في الماء بل لايكاد تفقد من الماء الاّ انها في مثل الدجلة

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 97 *»

و الفرات اكثر و اظهر بل لولا وجودها لما عاش في الماء الحوت علي مابرهن عليه في محله او مايصاحب بذلك من ذرو الرياح و لايمكن في الحكمة توقيف جميع المكلفين علي ذلك بحيث يقال لهم ماوجدتم الرابطة فيتمموا و الاّ فلالخائفها و عدم قابلية كل مكلف للمتفطن للاشياء الدقيقة التي لايهتدي اغلب الخواص اليها فسهّل اهل العصمة: مدارك الدين و التكاليف بتعليقها علي مايظهر و علي الغالب و ان كان التعليق في الواقع انما هو علي الرابطة و لاينافي ذلك ايضاً استحباب النقض لان النقض انما يذهب به مايشوه البشرة مماغلظ من التراب لامالطف و يكفي ممالطف حصول مسماه في نفس الامر و تحققه علي نحو ما ذكرنا من الخفاء و لاينافي ذلك ايضاً قوله تعالي في سورة النساء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم و ايديكم لعدم ذكر منه لانه لو اريد به ذلك لما حذفه لانا نقول ان هذه نزلت لبيان كيفية التيمم لا لبيان المتيمم به و الاية التي في سورة المائدة نزلت بعد سورة النساء فلذا كانت ايتها لبيان المتيمم به فاثبت فيها منه فيكون الضربتان الغسل انسب علي ان الشيخ ره مع هذا جمع بين الاخبار بالاخبار المخصصة كحسنة زرارة عن ابي‏جعفر7 قال ضرب واحد للوضوء و الغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه و مرة لليدين و في صحيحة محمد بن مسلم عن ابي‏عبد اللّه7 ان التيمم من الوضوء مرة واحدة من الجنابة مرتان و قد صرّح في التهذيب في وجه الجمع بنحو ماذكرنا و ربما فهم من كلامه في التهذيب حيث قال و مما ورد من الاخبار التي تتضمن ان الفرض مرة علي جهة الاطلاق خبر ابن‏بكير عن زرارة انه ره قائل بان الضربة الثانية مستحبة في الغسل اذا قيل بالمشهور او مطلقا علي القول الاخر فان ثبت ان ذلك قوله فهو جمع بين الاخبار حسن متجه و الشيخ ابرهيم بن سليمن القطيفي في شرح الفية الشهيد ره قال في ردّ دليل المشهور مع امكان حمل الزايد علي الاستحباب هـ. و استوجه هذا الحمل المحقق في المعتبر و استقر به صاحب الكفاية و صاحب المدارك بعد ذكر امكان الحمل علي الاستحباب جعل الاحوط عدم ترك المرتب مطلقا و كذا صاحب الذخيرة

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 98 *»

فلايكون علي كل حال ماوقع منه عن عدم فهم المراد و لا خطاء بل صواب و قوله ره علي ان الكلام انما هو في خواصّ الائمة: الذين حازوا خطاب المشافهة يناقض كلامه سابقا و ينافيه لانه ممن حكم له بصحة مايدّعيه من الاجماع و هنا فرق بينه و بين المتقدمين في صحة مايدّعونه من الاجماع لحسن الظن فيهم بعدم الغلط ففيه هنا حكم بالغلط المفهوم قال و منها انه مع العلم بانهم لايتكلمون الاّ بقول الامام (ع) و لايفتون بشي‏ء الاّ بعد السماع منه اي حاجة الي الاتفاق و لم لايكفي احدهم علي الاطلاق و الجواب انه قدتبين سابقا ان هذا العلم انما يحصل من تتبع احوالهم و الاطلاع علي تقويهم و ديانتهم و هو مختلف باختلاف اوصافهم فقد يحصل باثنين بل بواحد و قد يحصل بعشرة بل بعشرين اقول و هذا مثل ماسبق و لكن كلام المعترض متجه علي ماقرّر هو و ليس في جوابه جواب و لا مطابقة فان قوله ان هذا العلم يحصل الخ لايتمشي علي معرفته بالاجماع فان لقائل ان يقول ثبت عندنا العلم بالتتبع فلانحتاج الي الاتفاق بل الواحد يكفي و اما علي ماقرّرناه فان الواحد لايزيد علي كل فرض علي خبر الواحد الصحيح الصريح الدالة و لايثبت به عندنا مايثبت بالاجماع للاحتمالات السابقة فراجع و لاعبرة بمجرد الاتفاق علي ان قوله قديحصل بعشرة بل بعشرين ينافي قوله سابقا بان العبرة بالنص لا بغيره و لهذا قال لو تعارض الاجماع و الخبر قدم الخبر لان دلالته علي قول الامام (ع) تفصيلية بخلاف الاجماع فان ظاهر كلامه ان الواحد قد لايحصل به العلم و هذا خلاف ماقال من انهم لايقولون الاّ بالنص و يلزمه مع ذلك ان الواحد كاف لانه لايقول الاّ عن سماع من الامام7 قال و منها انهم ليست لهم فتاوي مجردة عن الاسناد الي الامام (ع) لان من عادتهم انهم اذا سمعوا من الامام (ع) شيئا اسندوه اليه و الجواب ان هذا غير مسلم بل كثيرا مايفتون بالحكم و لايصرحون باسناده الي الامام7 تقية عليه او لاجل غرض آخر و كثير من الاحاديث ناطقة بذلك و الاستبعاد بان التقية تقتضي

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 99 *»

الافتاء بقول العامة لابقول الامام7 من غير نقله عنه غير موجه فان التقية كماتكون بالوجه الاول تكون بالوجه الثاني و مااستشهد به علي صحة الوجه الاول يقتضي الوجه الثاني و علي تقدير تسليم الدعوي يتمّ المطلوب ايضاً فان نقل الشيخ مثلاً اجماعهم يراد به اجماعهم علي الرواية و من رواياتهم تعرف مذاهبهم و هذا يجب علي الخصم قبوله فلايجوز له رد اجماعات الشيخ و اضرابه و هذا حالها. اقول مراد المعترض انكم اذا قلتم انهم لايفتون بغير قول الامام7 ماكانت لهم فتاوي حتي يحصل باتفاقهم اجماع و انما فتاويهم متون الاخبار فلايلزم من دعويهم الاجماع حجية الاجماع و ان كان كلامهم حجة لان حجيته حجية النص و هو متجه علي مارتّبه هذا الشيخ قال و منها ان دعوي وجود كتب اصحاب الائمة (ع) فضلا عن معلوميتها في عصر من تقدم علي الشيخ كالكليني و الصدوق بعيدة عن الانصاف الخ فاجاب بانه ان لم‏يحصل الكلي (الكل خ‌ل) فلاريب في حصول البعض و هو كاف الخ الي ان قال و منها ان الاطلاع علي مذاهب هؤلاء لايدلّ علي الاطلاع علي سائر مذاهبهم فضلا عن مذاهب غيرهم و الجواب انه لايحتاج الي ان‏يطلع علي سائر مذاهبهم الاّ لمن حاول اثبات الاجماع الحقيقي المدوّن في اصول الفقه و تحصيله اصعب من صيد العنقاء و اما من حاول اثبات اتفاق جماعة من خواص الائمة7 علي حكم رواية و فتوي فلايحتاج الي ذلك بل هو اسهل من شرب بارد الماء علي السيد و الشيخ و من قبلهما اقول و ايضاً كلام المعترض متجه عليه و علي مارتّب و يلزمه من جوابه بالاكتفاء بتحصيل البعض من المتقدمين الاكتفاء بتحصيل البعض من المتأخرين فان كان انما قبل من المتقدمين لحسن الظن فيهم كما ذكر سابقا في فهم مراد الامام7 عند نقل الحديث بالمعني و عدم السهو في النقل فكذلك المتأخرون فانهم اهل لذلك لان فيهم من لايكاد يوجد مثله في المتقدمين في التذكر و الفهم الاّ ان يقول بانهم يعملون بالرأي و القياس و الاستحسان و الاّ يلزمه

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 100 *»

مايلتزمه (ما يلزمه خ‌ل) للمتقدمين قال ره تتمة في الاجماعات و فيها امور الاول ان الاجماعات التي تدّعيها علماء الامامية في مصنفاتهم الافتائية ان ارادوا بها الاجماع الحقيقي في جميع الموارد فهو كذب بحت لايجوز نسبته اليهم رضوان اللّه عليهم و ان ارادوا به معني غير هذا فله صور احدها مايكون منعقدا وقت ظهور الائمة: و يراد به المشهور بين خواصهم رواية او فتوي او عدم الظفر بالمخالف حين دعوي الاجماع من المتأخرين كالفاضلين و الشهيدين و اضرابهم من غير نقل من المتقدمين غير مستقيم لعدم امكان اطلاعهم و اما مثل السيد و الشيخ و من تقدم عليهما فيمكن اطلاعهم عليه من غير جهة النقل لمعرفتهم بمنشأ الاجماعات و تيسر ذلك عليهم لوجود الاصول الاربعمائة كلها او جلها عندهم فيكون غاية الاجماع عندهم الشهرة او عدم وجود المخالف و لاريب في حجية هذا الاجماع اقول قوله ان ارادوا بها الاجماع الحقيقي الخ ليس بمتجه و قد مرّ جوابه في عدة مواضع و كيف يكون كذبا و كثير من المسائل ادّعي فيها الاجماع الحقيقي و هو كذلك كما لو كان المخالف موجودا في الصدر الاول بحيث يمتنع علي طريقته دعوي الاجماع كقول الصدوق بان ماء الورد يرفع الحدث مطلقا و ان النوم ليس بناقض بنفسه لانه ليس بحدث الي غير ذلك ثم انقرض الخلاف فان الاصحاب ادعوا فيهما و في نظائرهما الاجماع و هو اجماع حقيقي و ان وجد سابقا المخالف لانقراض قوله فقوله ره كذب بحت كذب بحت لايجوز نسبته اليهم رضوان اللّه عليهم و قوله و يراد به المشهور بين خواصهم الخ ان اراد به مجرد الشهرة فقد مرّ الكلام عليها و انها لا حجة فيها الاّ علي النحو الذي قرّرناه فانها اجماع و حجة سواء كان رواية او فتوي او رواية و فتوي و اما عدم الظفر بالمخالف حين دعوي الاجماع فان دلّ الدليل القاطع علي خطأ المخالف لو فرض وجوده كما اذا دلّ علي دخول قول الامام7 فهو اجماع لا فرق بين المتقدمين و غيرهم و الفارق مطالب بدليل الفرق المعتبر

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 101 *»

و اما مثل فرقه بين السيد و الشيخ و من قبلهما و من بعدهما فليس بشي‏ء لان استدلاله علي الفرق بان هؤلاء يتيسر عليهم لوجود الاصول عندهم لاينهض بالحجة لانهم ان كان استيضاحهم و اعتبارهم و انتقادهم معتبرا يعوّل عليه فلاريب ان المتأخرين و ان لم‏تصل اليهم الاصول فقد وصل اليهم كتب من وصلت اليهم الاصول و هي معتبرة كالاصول بل احسن منها لان الاصول ليس كلها تعتبر و كتب هؤلاء كلها معتبرة انتخبها من الاصول المعتبرة من يعتبر انتخابهم كالسيد و الشيخ و من قبلهما فما اعتمد المتأخرون الاّ علي ماهو معتمد فلافرق مع ان عند المتأخرين ما عند المتقدمين من القرائن غالبا من شهرة الخبر و تكرره في كثير من الاصول يعرفونها بوجود ما في كتبهم و ان لم‏توجد عندهم الاصول لان العلماء في الغالب اذا رووا حديثا ابتدءوا في السند بذكر صاحب الاصل و يعرف وجود الخبر في اصل ذلك الراوي المبتدء به في السند كان يقول الشيخ في كتابي الاخبار مثلاً الحسين بن سعيد و هو لم‏يقله و انما صدّر به السند لدلالة علي انه اخذه من اصله و كذلك اذا اخذه من جامع البزنطي قال في اول السند احمد بن محمد ابن ابي‏نصر بل قد عرفت عادة نقلة الاخبار بذلك و كذلك يعرفون عمل الاصحاب بذلك الخبر من استدلالهم به علي احكامهم و عدم عملهم به بحملهم له علي المحامل البعيدة و الطعن في رواته و دلالته و بالعرض علي الكتاب و السنة و علي مذاهب المجمهور و بالجملة فجعل القرائن بل كلها لاتكاد تخفي علي المتأخرين و عندهم زيادات قرائن لاتكاد تحصل للمتقدمين كانقراض احد القائلين و كاستقراء الحكم بعد الاختلاف علي قول او قولين و انقلاب المشهور نادرا و بالعكس و انقطاع حكم تقية سلف موجبها و وقوع حكم تقية تجددت لم‏تكن قبل و كالاحتمال المتجدد عند النظر في توجيه السابق من الواردات الالهية التي سنحت بنظر الحجة7 الحافظ للشريعة لئلا يرتفع الحق عن اهله و هذا اعظم من كل شي‏ء الي غير ذلك فمن عرف ماقرّرناه ظهر له يقينا ان المتأخرين الذين وصل اليهم الحكم اولي من المتقدمين بكل اعتبار و ادلة هذه الحروف الشريفة من الاخبار و صحيح الاعتبار ليس عليها

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 102 *»

غبار و لكني اقول كما قال محمد كاظم الاذري ره:

كم بجنبي الصبابة واد

كل ان حمامة نواح

قال ره الثاني مايكون منعقدا في زمان الغيبة الصغري علي طبق قول واحد من الائمة: و ان لم‏يكن صاحب الزمان7 و الاطلاع علي موافقة قوله لقولهم حاصل بالقرائن المعلومة بالتتبع بل احاديث الامر باتباعهم يشملهم ايضاً بل ربما بقال انهم المعينون بخصوصهم بتوقيع القائم7 كما مرّ اقول قوله بالقرائن المعلومة الخ يريد به ان المتأخرين لايكون اجماعهم حجة عنده لانهم لايطلّعون علي قوله7 ليكون قولهم موافقا لقوله الذي هو شرط اعتبار حجية الاجماع و قد مرّ مايغني عن جوابه و قوله بل احاديث الامر باتباعهم الخ ليس بصحيح لانه ان كان الامر باتباعهم مخصوصاً باولئك وجب الاخذ عنهم و لم‏يجز الاجتهاد في مقابلة اقوالهم و اقوالهم مختلفة و لايجوز الترجيح فيها لان غيرهم لم يؤمر باتباعه فلايعتبر نظره فيجب علي من بعدهم العمل بكل ما علم عنهم اتفق او اختلف و هذا لايقول به هو في ائمة الهدي: بل يقول لابد من النظر و الترجيح و من كان له تلك المرتبة كان مأمورا باتباعه و الاّ فهو اول من يعرض عنه ليس في محال القول حجة و لا في المسئلة عنه جواب كما قال الرضا7 قال ره الثالث مايكون منعقدا في زمان الغيبة الكبري بين اصحابنا المتأخرين و ليس هذا بحجة عندي و غايته الشهرة بينهم و لعل اصلها من الشيخ علي ماعرفت و الاحتجاج بالعدالة المانعة من الافتاء بغير علم مردود بامكان استنادهم الي مايظن دليلا و ليس بدليل بعد الاطلاع عليه فان الظنون مظنة الخطأ اقول قوله و ليس هذا بحجة عندي ليس بحجة عندي و المحكم بيننا من يعرف الرجال بالمقال لا من يعرف المقال بالرجال و قد مرّ البيان في عدة مواضع

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 103 *»

من هذه الرسالة و حصره لاجماعاتهم في الشهرة غلط لما مرّ مكرّرا علي انه قد مرّ ان الشهرة تكون حجة في حال ثم نقول كيف تكون شهرة المتقدمين حجة و لاتكون شهرة المتأخرين حجة و هم كل علي مذهب واحد و لايجوز ان يكون المتأخرون علي خلاف المتقدمين و الاّ كان الخطأ عند المتقدمين لانقراض طريقتهم و مذهبهم و لايجوز ان يكون في كل وقت قائم بها علي سبيل الاتصال لانه لو كان كذلك لاشتهر اما من يدّعي ذلك فانما نجده يعمل في اكثر مسائله بطريقة المتأخرين فيعول علي الظنون الضعيفة فيسلك اضعف طرق المتأخرين اذا اعوزه الخبر لانه لما لم‏يكن من اهل الفن و ديدنه انكار طريقتهم و لم‏يسمع منهم كان محجوبا غالبا عن معرفة الظن الذي يرتضيه الشارع لانه يحكم و يعتقد بطلان الظن بانواعه و يدّعي في جميع احكامه اليقين اما صريحا او اشارة و اذا قال بالظن ادّعي انه يقين حتي انا وجدنا من يقول بالظن في المسئلة و يخالف القائل فيها بمثل ظنه و يقول بان ظنه مطابق للحكم الواقعي و يحكم ببطلان قول مخالفه في نفس الامر و اذا قيل له ما الفرق بينكما قال نحن لسنا من اصحاب الظنون و انما ظننا يقين و يتكلم بما لايعلم و لاشك انه مطالب باليقين فكل مسئلة حكم بها لا عن يقين مؤاخذ بها لحكمه علي نفسه بذلك لانه رادّ لرخص اللّه و شدّد علي نفسه و الحكم بالظن اذا تعذّر اليقين رخصة مقبولة ممن امن بها مردودة ممن انكرها و لو كان هذا قائما بسنة الاولين علي زعمه فان كان الاولون عاملين بالظن اذا اعوز اليقين كمايعمله هو فانهم كالمتأخرين لان المتأخرين انما يصيرون الي العمل بالظن اذا لم‏يكن لهم طريق الي اليقين و لهذا تريهم يتركون اخبار الاحاد اذا قام الاجماع لذلك و هذه طريقتهم لايختلفون فيها و لايتساهلون فيها بل لو كان عند احدهم ظنان اجتهد في ترجيح احدهما فيعمل بالاقوي فيشقون بلطف حدسهم و حسّهم في وزن ذلك الشعر يشقون شكر اللّه سعيهم و عظّم اجرهم و ان لم‏يكن الاولون عاملين بالظن في حال لم‏يكن احد ممن بعدهم قائما بطريقتهم فتكون طريقتهم منقرضة و المنقرض باطل لان الحق شجرة اصلها ثابت و قوله و لعل اصلها من الشيخ قد مرّ جوابها و يجوز ان يكون مانقلوه من الشهرة انما هو مستفاد

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 104 *»

من كتب الشيخ و السيد و المفيد و ابن‌زهرة و ابن حمزه و سلار و اضرابهم و ما المانع منها و قوله و الاحتجاج بالعدالة الخ مردود بماسبق من اعتبار الظن حيث يفقد اليقين و بمااجابه به من اعترض في نفي حجية الاجماع في قوله و منها ان قصر كلامهم علي السماع فراجع و قوله فان الظنون مظنة الخطاء خطأ ان عمم لان الشارع اعتبره في مواضع من الاحكام لاتنضبط و ان خصّص فهو حق لكنه ليس بمحل النزاع قال ره الثاني الظاهر من دليل منكر حجية الاجماع بجميع انواعه نفي حجيته القطعية فلااقلّ من ان تبقي حجية الظنية فلا وجه للاعراض عنه و اطّراحه بالكلية و اول من ردّ اجماعات السيد و الشيخ لورود المخالف في صورة النزاع الشهيد الثاني ظناً منه ان الشيخ يريد الاجماع علي العمل بالخبر و الحال انه يريد الاجماع علي عدم ردّ الخبر او ظنا منه انه يريد الاجماع الحقيقي فانه يبطله وجود المخالف اقول قوله الظاهر الخ لعل الظاهر منه ارادة بطلانه بالكلية لا انه لايكون حجية قطعية لان القائل بالحجية يريد بها القطعية و لا اشكال في هذا و ماقيل في الاجماع المنقول فالمراد به في نفس ثبوته لا في حجيته و ما قيل انه بحكم خبر الاحاد و هو لايفيد الاّ الظن فقد قدّمنا انما ذلك في المنقول عن المحصل او المحصل الخاص فانه عند من لم‏يحصّله فلااشكال في انه لايفيد القطع و قد مرّ بيان ذلك و برهانه و قوله ظنا منه ان الشيخ الخ ليس بظاهر لاحتمال ان يكون الشهيد ره انما فعل ذلك لانه ظهر له الدليل علي عدم انحصار الحق في المنقول فيه الاجماع فجاز عنده ردّه لعدم ثبوته لاحتمال المحصّل او عدم صحة النقل للدليل و بالجملة فليس ردّه لذلك ردّ للاجماع و كيف لا و اكثر استدلاله به ألا تري انه في كثير من الموارد يستدلّ علي المسئلة و يورد الدليل و يؤيده بنقل الاجماع عن السيد و الشيخ و امثالهما لا انه يظن ان الشيخ يريد الاجماع الحقيقي لانه لو كان كذلك لكان المخالف ان كان معلوم النسب لم‏يردّ الاجماع بذلك الشهيد و ان كان مجهول النسب لم‏يدّع الشيخ حينئذ الاجماع الحقيقي و ان ادّعي

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 105 *»

المحصل لم‏يضرّ ذلك ردّ الشهيد لعدم حصول ذلك له و الشهيد ره لايجهل هذه المسئلة و هو من اهل الفنّ و لاينافي ذلك انه قد يقع منه ماينافي هذا الكلام لانه لايستنكف عن الغفلة هو و لا غيره الاّ من عصمه اللّه تعالي قال ره حتي سري الوهم في عصرنا هذا الي ابطال اجماعات فقهائنا الاولين و الاخرين حتي في صورة عدم وجود المخالف لعدم تحقق الاجماع في نفسه و لعدم الاطلاع عليه لتوقفه علي معرفة فتاوي علماء الامصار المنتشرين في الاقطار و مثل هذا الاجماع متعذّر حصوله و مدّعيه كاذب فكذبوهم في نقل تلك الاجماعات و طعنوا فيهم و نسبوهم الي الجهل و ان سبب ذلك مخالطتهم لعلماء العامة فاقتبسوا من اصولهم و هو قدح في علماء الشريعة اذ ما منهم احد الاّ و هو يعمل بالاجماع سيما السيد و الشيخ و المفيد و ثقة الاسلام و رئيس المحدثين و امثالهم ممن هو في زمانهم او قبلهم و العجب انهم يصدّقونهم في نقلهم اقوال العامة و لايصدّقونهم في نقلهم مذاهب الخاصة مع انهم يصدّقونهم في نقلهم الروايات و كان الانسب انهم لما رأوا ان الاجماع المدّعي لايمكن حمله علي حقيقته ان يحملوه علي اقرب مجازاته و هو الشهرة او عدم وجود المخالف او الاجماع علي عدم ردّ الحكم او الاجماع علي رواية الحكم بمعني تدوينها في كتب اصحاب الائمة كما اعتذر لهم الشهيد الاول في الذكري بنحو ذلك اقول انما سري ذلك الوهم من عدم التورع و من التجري و الاقدام علي مالايعلم فكانت النفوس تدّعي الربوبية بمعني ان من شأنها ان لاتحب الدخول تحت الحجر لشدة انيتها و عظم دعويها فلاتقبل الدخول تحت طاعة غيرها الاّ قسرا فلذا تقدم علي القول بغير علم و علي انكار ما لم‌تعلم لاجل اغراضها الفاسدة فان كانت فتواهم في مسئلة ضرورية محسوسة و ادلتها كذلك انقادت لها غالبا و ان لم‏توافقها كراهة الفضيحة بين امثالها لو ان الناس طلبوا الحق بدون ملاحظة الاغراض الفاسدة لم‏يختلفوا و ان كانوا مختلفين حين النظر لانهم متفقون حين الفطرة التي فطرهم اللّه عليها لان الذي يراد من الناس ان يتعلموا و طريق التعلم طلب مالايعلم ممن يعلم غير مستنكف و لا مستكبر و لا

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 106 *»

متبري‏ء من جهل فلو انهم سألوا من يقول بحجية الاجماع من العارفين به و يتفهم منه السائل منهم و اذا عرض عليه دليله و لم يعرفه قال اعد علي و لا‏يستنكف كراهته ان يقال انه بليد فان ذلك خير من ان يكون عنيدا (عتيدا خ‌ل) فلو كانوا كذلك لاتفقوا علي الحق و لهذا الداء النصان وقع النزاع فبما هو متحقق لاينبغي النزاع فيه و من ذلك انكروا الاجماع و حجيته علي طريقة الشيعة لا لعدم تحققه في نفسه و لا لعدم امكان الاطلاع لتوقفه علي معرفته فتاوي علماء الامصار المنتشرين في الاقطار لما نبّهناك عليه مرارا من ان الاطلاع لايتوقف علي ذلك و قوله ره مثل هذا الاجماع متعذّر حصوله و مدّعيه كاذب باطل لانه لاينكر وجود مسائل متفق عليها بحيث يجزم ان جميع العلماء المنتشرين في اقطار الارض متفقون عليها كوجوب المسح في الوضوء و تعين متعة الحج علي الافاقي بالاستطاعة و كلامه هذا و ان كان في مقام الرد علي منكري حجية الاجماع الاّ انه ممن لايقول بها قال ره الثالث لاريب ان اجماع الامامية ان تحقق فهو حجة قطعا للقطع بدخول قول المعصوم7 في جملة اقوالهم لكنه قل ان يتحقق في غير ضروريات الدين او ضروريات المذهب و الخلاف في غيرهما اشهر من ان يذكر فلاينبغي الالتفات الي اجماعات المتأخرين لعدم القطع بدخول قوم المعصوم7 بل هذا مما يقطع به في زمن ابن ادريس و ماشاكله الي يومنا هذا و لو اريد به المشهور بينهم لم‏يكن حجة قال في المعالم ان كل اجماع يدّعي في كلام الاصحاب ممايقرب من عصر الشيخ الي زماننا هذا و ليس مستندا الي نقل متواتر او آحاد حيث تعتبر الاحاد فلابد ان يراد به الشهرة ثم ذكر انه يمكن الاطلاع علي الاجماع في الزمن المقارن لعصر ظهور الائمة: لامكان العلم باقوالهم فيمكن فيه حصول الاجماع و العلم به بطريق التتبع اقول قوله و الخلاف في غيرهما اشهر من ان‏يذكر قد تقدم مايصلح جوابا له و نقضا و قوله و لاينبغي التفات الخ باطل اما اولاً فقد اثبتنا الالتفات فنفيه غير مسموع فراجع مامضي و اما ثانيا فلان

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 107 *»

نفيه الالتفات اليه جعله متفرعا علي وقوع الخلاف و ليس كلما وقع فيه الخلاف لايلتفت اليه لان وقوع الخلاف ليس دليلا علي عدم الالتفات اليه و لا علي عدم تحققه و باقي الكلام قد مرّ الكلام فيه قال ره و علي هذا لانحتاج الي اعتذار الشهيد الاول مع انه احسن الادب مع مشائخنا المتقدمين و اما الشهيد الثاني فقد اساء الادب معهم كثيرا قال بعد ان اورد مايقرب من اربعين مسئلة ادّعي الشيخ فيها الاجماع و ليس كذلك قال و اقررنا هذه المسائل للتنبيه علي ان لايغترّ الفقيه بدعوي الاجماع فقد وقع فيه الخطاء و المجازفة كثيرا من كل واحد من الفقهاء سيما من الشيخ و المرتضي و فيه تصريح بتخطئة السيد و الشيخ و غيرهما و نسبتهم الي المجازفة مع انه ناقض نفسه في اماكن كثيرة منها مانقله عنه في المدارك في وجوب غسل القطعة اذا كان فيها عظم قال هذا الحكم ذكره الشيخان و اتباعهما و احتج عليه في الخلاف باجماع الفرقة و اعترف جمع من الاصحاب بعدم الوقوف علي نص في ذلك لكن قال جدي ان نقل الاجماع من الشيخ كاف في ثبوت الحكم بل ربما كان اقوي من النص و هو مناف لماصرّح به من التشنيع علي الشيخ و غيره في دعوي الاجماع و المبالغة في انكاره اقول ان مقام الشهيد ارفع من ان يجهل كل الجهل بان ينكر الاجماع و يقع في الشيخ و غيره و لكن له مقاصد و لكلامه محامل و ان كنا نجوّز عليه الغفلة و الخطاء و لكن بيّن لك ان الاجماعات المنقولة ليست من قبيل الاخبار الاحاد بحيث يكفي فيها مجرد النقل و تكون بمجرد ذلك ثابتة و ان افادت مفادها بل هي من قبيل المسائل الاجتهادية فيجري فيها الترجيح للخلاف في شرائط الحجية من جهة معرفة دخول قول المعصوم7بالقرائن الدالة علي ذلك و اما وقوع الخطأ و احتماله المانع من التقليد فيه فلعدم العصمة و اما احتمال المجازفة فلامكان الاعتماد علي نقل الثقة لانه قرينة دالة و ذلك راجع الي حصول الظن للمعتمد فيكفي في حقه و ان كان لايكفي ذلك في حق غيره بل لابد من الاطلاع الابتدائي في النقل حيث يمكن ليعلم هل المنقول

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 108 *»

ضروري او مركب او مشهوري او غير ذلك و لايكتفي بالنقل بدون النظر فيه و قوله ره انه اساء الادب معهم كثيرا عجيب لانه انكر علي الشهيد في اساءة الادب مع الشيخ و السيد و لم‏ينكر علي نفسه في اساءة الادب مع الف سيد مثل السيد و الف شيخ مثل الشيخ و قوله ره مع انه ناقض نفسه في اماكن كثيرة منها مانقله عنه في المدارك الخ لايلزم المناقضة بل معني كلام الشهيد كماقلنا انه حصل له الظن بنقل الشيخ في هذه المسئلة فاعتمد علي ظنه لايقال كيف يحصل له الظن بنقل الشيخ في موضع و في آخر لايحصل لانا نقول ان مرادنا بحصول الظن حصوله عن رجحان الحكم في اللطيفة الربانية التي اشار اليها الصادق7 في مقبولة عمر بن حنظلة بقوله و عرف احكامنا فان العالم ينظر بنور اللّه و يكون الدليل مقارنا لنظره و مطابقا و لو كان في الحقيقة نظره تابعا للدليل ابدا لكان اذا تعارض الدليلان يتعذر عليه الترجيح لعدم المرجح الا تري انه لايقبل كل دليل و انما يقبل مايوافقه و نقل الشيخ للاجماع كغيره من الادلة يقبل منه العالم مايوافقه و تكون الموافقة عنده دليلا علي وقوع ذلك النقل الخاص لا عن خطأ و لا عن مجازفة و عدم الموافقة عنده دليلا علي احتمال الخطاء و المجازفة بحيث لايعتمد علي مجرد النقل بدون النظر فيه الي ان يحصل الموافقة فافهم الاشارة

قال ره و قد تبين مما مرّ ان مثل هذا التشنيع العظيم مبني علي ان طريق المتقدمين و المتأخرين واحدة و ليس كذلك فلنا ان تقول ان المتقدمين انما يعملون بهذه الاصول التي احدثتها العامة لاجل الزامهم بمالاينكرونه لا لاجل ان ذلك دليل عندهم كما انه كذلك عند المتأخرين و الاجماع من اشهر ادلتهم فلاينبغي نسبتهم الي الجهل و ان ذلك بسبب مخالطتهم و الطبع سراق لكن لابد و ان يراد به الاجماع الناشي عن اتفاق الاراء فانه من مخترعات العامة قطعا يدلّ علي ذلك مارواه في الكافي من جملة رسالة كتبها الصادق7 الي اصحابه يقول فيها و قد عهد رسول اللّه9 قبل موته فقالوا نحن بعد ماقبض اللّه نبيه9 يسعنا ان نأخذ بما اجمع عليه رأي الناس ثم قال7 في (فما ض) احد اجري علي اللّه و لاابين ضلالة منممن اخذ بذلك

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 109 *»

فاجماعات السيد و الشيخ و اضرابهما ان ارادوا الناشي عن اتفاق الاراء فمرادهم الزام العامة القائلين بذلك و ان ارادوا به الناشي عن اتفاق الروايات فهذا هو الحجة التي لايجوز ردها اقول قوله ره ليس كذلك يعني ان طريقة المتقدمين ليس مثل طريقة المتأخرين ليس بشي‏ء لمابيّنّا سابقا ان الطريقة واحدة و الاّ لزم انقطاع الحق و ارتفاعه في وقت من زمان التكليف عن الفرقة المحقة و قوله فلنا ان نقول انما يعملون بهذه الاصول الخ ممنوع في حق المتأخرين لتصريحهم بان الاجماع عندهم لايكون حجة الاّ اذا كان كاشفا عن قول المعصوم7 و هو ممن (مما خ‌ل) نقل ذلك عنهم و كتبهم مشحونة بذلك فدعواه علي المتأخرين بقوله كما انه كذلك باطلة و قوله منهم بهتان و قوله فلاينبغي نسبتهم الي الجهل يعني المتقدمين معارض بالقول الحق انه لايجوز نسبة المتأخرين الي الجهل و لو قلت بالطريق الاولي لم‏اكن مخطئا لمابينت سابقا من اختصاص المتأخرين بمزايا الاحتمالات المتجددة مع ان مااستقرّ من المذهب مع ادلته و تواجيهه و مااتفق عليه و مااختلف فيه قد صار اليهم و ان كان من جهة المخالطة مع العامة فالمتقدمون اشد و ان كان من جهة ان الطبع سراق فلاريب ان المتقدمين يخاف (يقام خ‌ل) عليهم من ذلك اشدّ من المتأخرين لاختلاط الاحكام و الحكام في عصر المتقدمين بخلاف المتأخرين و ليس في الحديث علي المتأخرين طعن بوجه ما و ماحكم للسيد و الشيخ و اضرابهما من الارادة الحسنة بانهم ان ارادوا الناشي عن اتفاق الاراء الي آخر كلامه فهو في حق المتأخرين بالطريق الاولي لان المتأخرين لايكادون يريدون الناشي عن الاراء قط و مايتوهم من عبارات بعضهم فهو اما لانه قد ظهر له تحقق دخول قول المعصوم7 و لم يظهر لغيره الناظر في عبارته او انه غلط في التعبير عن هذا المعني او انه رادّ علي غيره دليله بحمل الاجماع ذلك الغير علي ذلك ليبطله او انه اخطأ في الارادة لذلك سهوا و من ذهب منهم الي اعتبار حجية مجرد الشهرة كما سبق انما يزعم ان ذلك تحصل منه قوة الظن بدخول كلام المعصوم7 و علي كل تقدير فالشيعة لايعتبرون الاراء و لا اتفاقها في الدين مالم

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 110 *»

تفد دخول قول الحجة7 و المدعي عليهم باهت لهم قال الرابع سبب اختلاف علمائنا في مسائل التفريع اختلاف انظارهم و مباديها كما هو جار بين سائر الامة و سبب اختلافهم في المسائل المنصوصة فسببه اختلاف الروايات ظاهرا و قلّ ماوجد فيه التناقض بجميع شروطه و قد كانت الائمة: في زمان تقية و استتار القوة مخالفيهم و كثيرا ما يجيبون السائل علي وفق معتقد بعض من عسي ان يصل اليه المعاندون او يكون الجواب عاما مقصورا علي سببه او قضية في واقعة مخصوصة او اشتباه علي بعض النقلة عنهم او عن الوسائط بيننا و و بينهم كما وقع في زمن النبي9مع ان زمان الائمة (ع) كان اطول من الزمان الذي انتشر فيه الاسلام و وقع فيه النقل عن النبي9 و كانت الرواة اكثر عددا فهم بالخلاف اولي لاريب ان الاشتباه مع الاصحاب اقرب من الاشتباه مع الجماعة خصوصا اذا كانوا من العلماء المحققين و لم‌يوجد لهم مخالف و قد دلّ العقل و النقل علي قبح العمل بالمرجوح الضعيف و ترك العمل بالراجح القوي نعم في بعض الصور قد يحصل الظن القوي في خلاف المشهور فيجب العلم به لرجحانه علي الظن الحاصل من المشهور سيما اذا كانت الشهرة بين المتأخرين دون غيرهم و مااحسن ماقيل المناسب لاهل الورع ان يراعي في العمل بالاحكام الشرعية ماامكنه من الاحتياط في المسائل الخلافية فيختار فيها طريقا لاتعارضه رواية و لاتردّه دراية تتفق في حسنه الاراء و الاثار و تشهد علي صحته الفتاوي و الاخبار فانه مسلك لاريب فيه و سبيل واضح لا عيب يعتريه انتهي كلامه الذي اردنا نقله و الكلام عليه عفي اللّه عنه و عنا و عن جميع المؤمنين اقول اول كلامه هذا لابأس فيه الي قوله فهم بالخلاف اولي و قوله و لا ريب ان الاشتباه مع الاصحاب اقرب من الاشتباه مع الجماعة الخ يطول الكلام فيه الاّ انه لافائدة فيه فيما نحن بصدده و قوله لاسيما اذا كانت الشهرة بين المتأخرين الخ مردود بماتقدم و قوله و مااحسن ماقيل الي آخر كلامه فيه انه يلزم منه ان المصير الي الاخبار بدون ملاحظة كلام العلماء و سلوك الجمع بينهما ليس فيه

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 111 *»

احتياط و انما الاحتياط في الفتوي سلوك طريق الجمع بينهما فانه الذي لاريب فيه و لاعيب يعتريه و ماسواه ففيه ذلك و هو كما تري و انما اوردت كلامه اعلي اللّه مقامه لما في الكلام عليه من الفوايد المتعلقة بمسئلة الاجماع ممانثبته و ننفيه و اعلم ان فيما كتبت بعض المسائل المستغربة و لولا خوف الاطالة و قوله7 ما كلّ مايعلم يقال و لا كلما يقال حان وقته و لا كلما حان وقته حضر اهله انتهي لاوردت في ذلك من الاخبار و صحيح الاعتبار مايجعلها انسية بعد ماكانت وحشية و لكن لاحاجة الي ذلك فان اهلها يعرفونها و الاغيار غير مخاطبين بها و السلام علي من التبع الهدي و فرغ منها مؤلفها العبد المسكين احمد بن زين الدين بن ابرهيم الاحسائي قبل الزوال من السادس عشر من شهر رمضان سنة خمس عشرة بعد المائتين و الالف من الهجرة النبوية علي مهاجرها افضل الصلوة و السلام.

[1] بسم الله اعلم ان الله تعالي في کل شيء حکمين حکما اوليا و هو حکم ما جعل الله له من الاقتضاء من دون ضم غيره اليه و حکما ثانويا و هو عند ضم غيره اليه و ذلک ان للشيء مقامين مقام ذات و مقاما عرضيا و وجود المقام الذاتي هو المقدم علي الوجود العرضي و الذاتي منه هو مقتضي مشية الله الاولية المتعلقة بالاشياء الحتمية  و اما الوجود العرضي لها هو مقتضي مشية الله الوصفية و الاصل و بالذات في الاشياء ذلک الوجود الاولي و اما الثاني فبحسب الاسباب العرضية ليست من مقتضي مشيته الجارية علي حسب مقتضي الحکمة الکونية فتلک الحال الذاتية لیست تغلب عن العرضیه بحیث تضمحل و تعدم و تفنی و لا یکون لها اثر فی الدنیا فیکون خلقتها لغوا و یکون المقصود بالذات معدوما و المقصود بالعرض موجودا فذلک ما لا یکون فلابد و ان یکون حکم ذات الشیء فی الدنیا ابدا ظاهرا فی مکان من الامکنه و لا یخلو من ظهوره فی زمان مثلا ان الله سبحانه خلق الماء بمقتضی حکمته الکونیه حلوا رقیقا باردا سیالا و هی صفته الذاتیة و المرار]ة و الغلظة و الحرارة و الجمود تعرضه بحسب الاعراض و لابد ان یکون فی الدنیا فی موضع ما علی سبیل البدلیة ابدا ماء حلو رقیق بارد سیال اذ هذا الماء هو محظ نظر العالی فی الدنیا الذی یتعلق به العنایة والقلب فی المیاة المنحرفة المعوجة فلو لم یظهر ذلک الماء لفنی میاه العالم لانها لا تصلح لان تتعلق بها عنایة المشیة المتعلقة بالماء فینقطع مددها و لابد و ان یفنی فوجود المیاه المنحرفة دلیل وجود الماء المعتدل فاذا ظهر فی موضع ما یلزمه حکمه و لابد من عامل بحکمه البتة لئلا یتعطل احکام الله و لا یکون الحکم لغوا و الحکم الاصلی قطب الاحکام الثانویة و العمل بالحکم الاصلی قطب العمل بالحکم الثانوی فلابد فی کل عصر من عامل بالحکم الاولی فی الرعیة و من عمل الامام فی الباطن به و ان لم یعمل به فی الظاهر اما الامام فانه القطب للعالم و لدیه یجتمع الذوات و اما من الرعیة فانه لابد و ان یقوموا فی حدهم کما وجب فی صدر کل واحد قلب مع وجود الامام وجب عمل واحد بالحق مع عمل الامام و هذا اسرار قوله اعلی الله مقامه

[2] اي بثبوت الاجماع المنقول و هو ما نقله الكشي رحمه الله. منه اعلي الله مقامه

[3] و قد اوجب ره رفع اليدين في التكبير و لم‌يقل به احد. منه اعلي الله مقامه

[4] من عيون خ‌ل