رسالة في جواب بعض العلماء فی احوال البرزخ و الملک النقالة
من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم
الشيخ احمد بن زينالدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه
«* جوامع الکلم جلد 5 صفحه 564 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.
اما بعد فالمأمول من العالم الرباني و العارف الصمداني قطب دائرة العلم و المعرفة و مدار رحي الفضل و الحكمة شيخ العلماء الراسخين و فخر الفضلاء العارفين باسرار الدين العاثرين علي خفايا علوم الائمة الطاهرين عليهمالسلام ادام الله ظلاله انيبين لنا احوال البرزخ و حقيقته و كيفية معيشة الانسان هناك و ما يعرض له من خير و شر و يبين معني الملائكة (الملك خل) النقالة و كيفية نقلهم و بيان سره و ما يناسب هذين المقامين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم ان البرزخ هو الحائل بين الشيئين و المراد به الحائل بين الروح و الجسد و هو ما يراه في النوم لان النوم من البرزخ و البرزخ المسؤول عنه هو انه اذا مات الانسان خرجت روحه من البدن لابسة لقالبه الذي يشابه صورته في الدنيا و هذا القالب منذ نزلت روحه و دخلت في جسده هي لابسة له مادامت في الدنيا فاذا قبضها الملك خرجت به من البدن و راحت الي جنة الدنيا جنة ادم عليهالسلام المدهامتان تتنعم فيها ان كان سعيدا و نعيمه في البرزخ اقوي من نعيم الدنيا بسبعين مرة و اشد تيقظا و انتباها من احوال الدنيا بهذه النسبة و ان كان الميت شقيا راحت روحه الي نار الدنيا التي في المشرق يعذب فيها الي وقت غروب الشمس فتأخذهم الزبانية الي برهوت بحضرموت و هو واد باليمن و اذا طلعت الشمس اخذ بهم الزبانية الي النار في المشرق و ان كان من المؤمنين و عليه ذنوب و لمتكفرها بلايا الدنيا و محنها و مصائبها اخذته الزبانية الي النار في المشرق و في الليل الي برهوت حتي يستوفي فيه قدر ذنوبه ثم تأتيه الملائكة من جنود رضوان و تأخذه الي الجنتين (الجنة خل)
«* جوامع الکلم جلد 5 صفحه 565 *»
المدهامتين عند مغرب الشمس و ان كان الميت من الجهال الذين عاشوا في الدنيا بجهلهم لايعلمون شيئا و لايدرون و لايعرفون ما يريد الله منهم بل كانوا غافلين كالبهائم فهؤلاء اذا ماتوا دفنت ارواحهم مع اجسادهم و ليس لهم برزخ لا بثواب و لا بعقاب (عقاب خل) و لايأتيهم منكر و نكير و لايحاسبون بل يبقي اجسامهم و نفوسهم في قبورهم كالحجر الي يوم القيمة و لايرجعون اذا رجع محمد و آله صلي الله عليه و آله و شيعتهم و اعداؤهم فاذا كان يوم القيمة جدد لهم التكليف و يحاسبون فمنهم من يكون من اهل الجنة و منهم من يكون من اهل النار و الحاصل الناس ثلاثة اقسام قسم من محض الايمان محضا و قسم من محض النفاق او الكفر محضا و هذان القسمان في البرزخ فريق في الجنة و فريق في السعير و كل ما في الدنيا من خير او شر فانه في البرزخ اعظم منه في الدنيا بسبعين رتبة و القسم الثالث و هم الذين لميمحضوا الايمان و لا الكفر او النفاق بل كانوا جهالا لايعرفون ما يراد منهم ليس لهم برزخ و اذا ماتوا انطفأت حياتهم و شعورهم فكانوا كالجماد لاينتبهون (لايتنبهون خل) من نومهم الا يوم القيمة و اذا بعثوا يوم القيمة حوسبوا فمنهم من يلحق بالسعداء و منهم من يلحق بالاشقياء و الله سبحانه اعلم بما يصيرون اليه.
و اما الاطفال من المؤمنين فانه اذا مات الطفل حمله الملائكة الي سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام و تسلمه الي سارة و هاجر و اسية و كلثوم اخت موسي عليهالسلم و يربينه حتي يقدم احد من اقاربه المؤمنين فيطيبنه و يسلمنه الي قريبه القادم عليهم يربيه و لايزال علي قدره في الحجم حين مات الي يوم القيمة فاذا كان يوم القيمة دخل الجنة بعد انيشفع لابويه و لمن شاء ممن يحتاج الي الشفاعة ثم بعد ذلك فهو مختار انشاء انيكبر و انشاء بقي علي حاله.
و اما النقالة فان الله سبحانه خلق سبعين الف ملك و جعلهم ينقلون الاموات الي موضع تربته و اصل ذلك ان نطفة الرجل حارة يابسة كالنار و نطفة المرأة باردة رطبة كالماء فاذا وقعت نطفة الرجل في رحم المرأة نفرت نطفة
«* جوامع الکلم جلد 5 صفحه 566 *»
المرأة من نطفة الرجل و نطفة الرجل من نطفة المرأة لما بينهما من التنافر و لايخلق الا منهما معا كما قال تعالي يخرج من بين الصلب و الترائب لان نطفة الرجل من صلبه و نطفة المرأة من ترائب صدرها فامر الله سبحانه ملكا فقبض تربة من الارض و هي باردة يابسة فخلطها بالنطفتين فبيبوستها توافق نطفة الرجل لان نطفة الرجل حارة يابسة و ببرودتها تسكن حرارة نطفة الرجل و ببرودتها توافق نطفة المرأة لانها باردة رطبة و بيبوستها رطوبة نطفة المرأة فيحصل التوافق بين النطفتين فكانت مادة الانسان ثلث من الرجل و ثلثان من المرأة لان نطفتها اثقل من نطفة الرجل و شيء من قبضة التراب و هي اقل منهما الا انه كلما كان التراب اكثر كان الجنين اعقل فاذا مات الانسان لابد انيدفن في الموضع الذي اخذت منه تلك القبضة التراب فان دفن الميت فيها لمينقل و ان دفن في غيرها لابد انينقل من ذلك المكان الي موضع تربته و ايضا ربما يكون الرجل تربته من كربلاء و يدفن في يزد سنة او اقل ثم ينقلونه اهله الي كربلاء و السر في ذلك ان التربة التي قبضها الملك و خلطها بالنطفتين كانت من كربلاء و نقلتها الرياح او الملائكة الي الموضع الذي دفن فيه في يزد و بقيت تلك التربة في ذلك الموضع سنة مثلا قبل انيأخذها الملك ليخلطها بالنطفتين فيدفن في ذلك الموضع بقدر ما بقيت تربته فيه فانه يدفن في الموضع الذي نقلت التربة اليه بقدر (فقدر خل) ما بقيت ان كان يوما و ان كان عشر سنين او اقل او اكثر لكن الاموات تختلف احوالهم فان لمينقله اهله فمنهم من تنقله الملائكة في ايامه بغير مهلة لاجل اسباب يعلمها هو سبحانه و ان كان ما حصل له سبب موجب لنقله بلا مهلة بقي في قبره الي انتأكله الارض من جسده كل الاعراض و الموانع و تبقي طينته الاصلية خاصة فتحمله الملائكة الطبيعيون الموكلون بها و بالجملة الملائكة النقالة دل علي ثبوتهم و وجودهم العقل و النقل و النقل دل علي ان عددهم سبعون الف ملك و ذلك مما لا اشكال فيه و كتب العبد المسكين احمد بن زين الدين (الاحسائي خل).