رسالة في جواب الحاج خسروخان في شرح حديث لو علم الناس الخ.
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني
اعلياللهمقامه
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 321 *»
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.
و بعــد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قد ارسل الي قرة العين بلامين خسروخان ادام الله عزه من طهران برسالة قد ذكر فيها انه قد وقع بينه و بين بعض خلطائه مكالمة في حديث رواه الكليني قدس سره بسنده عن شهاب قال سمعت اباعبدالله7 يقول: لو علم الناس كيف خلق الله تبارك و تعالي هذا الخلق لميلم احد احداً فقلت له اصلحك الله و كيف ذاك؟ فقال ان الله تبارك و تعالي خلق اجزاءً فبلغ بها تسعة و اربعين جزءً ثم جعل الاجزاء اعشاراً فجعل الجزء عشرة اعشار ثم قسمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء و في آخر عشري جزء حتي بلغ به جزءً تاماً و في آخر جزءً و عشر جزء و آخر جزءً و عشري جزء و آخر جزء و ثلثة اعشار جزء حتي بلغ به جزئين تامين ثم بحساب ذلك حتي بلغ بارفعهم تسعة و اربعين جزء فمن لميجعل فيه الا عشر جزء لميقدر علي انيكون مثل صاحب العشرين و كذلك صاحب العشرين لايكون مثل صاحب الثلثة الاعشار و كذلك من تم له جزء لايقدر علي انيكون مثل صاحب الجزئين و لو علم الناس ان الله عزوجل خلق هذا الخلق علي هذا لميلم احد احداً انتهي. فسألني ان اشرح له هذا الحديث فاتفق جوابي له في حال انا في غاية الكلال و الملال و تبلبل البال من غلبة الجهال و عدوان الضلال و اسأل الله سبحانه انييسر ذلك لي بحيث يقطع المقال علي كل ذيمقال و لاقوة الا بالله المتعال.
فأقــول: اعلم يا اخي و قرة عيني ان الله سبحانه نور لاظلمة فيه و كامل لانقص فيه و خير لاشر فيه فتجلي بالخلق الاول و النور الازل و جعله آية توصيفه
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 322 *»
و تعريفه به عرف نفسه له و للخلق به فجعله بالنسبة نوراً لاظلمة فيه و كاملاً لانقص فيه و خيراً لاشر فيه و جعله علة العلل و مبدأ للخلق لميزل فخلق به جميع ماخلق من الاواخر و الاول فاختلف درجات الخلق بحسب قربهم من ذلك المبدء و بعدهم عنه فانه السراج الوهاج المنير لجميع عرصات الامكان فكل نور كان اقرب اليه كان اوحد و انور و اكمل و اخير و كل نور كان ابعد عنه كان اشد تكثراً و اقل نوراً و اكثر نقصاً و شراً كما تري من مراتب نور السراج و اختلافها بحسب قربه من السراج و بعده عنه و قد مثل لدرجات نور السراج في القوة و الضعف بمثلث قاعدته عند المنير و رأسه في غاية البعد عن المبدء كما رسم في الهامش فالقاعدة الوسيعة مثل قوة النور و كثرة الكمال و الخير عند القرب من المبدء الكامل و رأس المثلث الدقيق عند غاية البعد مثل ضعف النور و قلة الكمال و الخير حتي يكاد ان يفني و هذا المثلث كله نور المبدء النير و الاصل الحيز و هو آية المبدء و صفة تعريفه و جهة الرب و كمال المبدء المنبث في اصقاع الامكان يدعو الي مولاه و يشير الي معناه و لايطلب سواه و لماكان سبحانه و ابي انيخلق خلقاً منفرداً متوحداً لانه جلشأنه هو القديم المتفرد المتوحد و كلما سواه حادث و يجب انيكون بخلاف القديم فان معني الحادث غير معني القديم و صفته غير صفته و يمتنع فيه ما يجب في القديم و يمتنع في القديم ما يجب انيكون الحادث عليه خلق مثلثاً آخر للظلمة قاعدته في غاية البعد عن المبدء و هي مثل كثرة الظلمة و الشر و قوتهما و رأس ذلك عند غاية القرب من المبدء علي عكس المثلث الاول كما رسمناه في الهامش
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 323 *»
ثم مزج بين هذين المثلثين لاظهار سر الاختيار في الخلق فجعل المثلثين متداخلين لميخل جزء من مثلث النور من مثلث الظلمة و لاجزء من مثلث الظلمة من مثلث النور فوقع تحت كل جزء من النور جزء من الظلمة و فوق كل جزء من الظلمة جزء من النور كما رسمناه في الهامش تمثيلاً ثم خلق خلقه من هذين الجزئين اي النور و الظلمة فحصل في كل مخلوق نور و ظلمة و وجود و ماهية و جهة الي ربه و جهة الي نفسه و داع الي الخير و داع الي الشر و آمر بالمعروف ناه عن المنكر و آمر بالمنكر ناه عن المعروف و هو قوله تعالي تأويلاً و من كل شیء خلقنا زوجين و قول الرضا7 ان الله سبحانه لميخلق شيئاً فرداً قائماً بذاته للذي اراد من الدلالة عليه فلاجل انه خلق الخلق من هذين الجزئين صار مختاراً له سبيل و آلة لاختيار الخير و سبيل و آلة لاختيار الشر. قال الله سبحانه انا هديناه السبيل اما شاكراً و اما كفوراً. و جعل لكل من الداعيين مكملات و اسباب من الدواعي الخارجية و الآلات و الاسباب و القوي و غير ذلك بحيث لايمتنع عليه اختيار احد الامرين فبذلك اختلف مراتب الخلق فمنهم من صار فيه النور اكثر و الظلمة اقل و منهم من صار فيه الظلمة اكثر و النور اقل و منهم من صار من اهل الاعراف و تسوية النور و الظلمة في المصاف و هو مقام بين القاعدتين كما مثلنا به و قد جعل في حكمته ان لايغلب النور الزايد الظلمة القليلة
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 324 *»
بحيث يعدمها من رأسها فتكون كان لمتكن و لا انيغلب الظلمة الزايدة النور القليل بحيث تعدمه من رأسه فيكون كان لميكن رأساً بل جعل لكل من النور و الظلمة سواء كانا زايدين او قليلين اثراً في المركب و سأمثل لك مثلاً حتي تعلم انه لميجر الايجاد الا علي ذلك افرض منا من الماء المغلي الحار و ربع من او اقل من الماء البارد في غاية البرد و امزجهما فالماء الحار و ان كان يغلب الماء البارد ولكن لايغلبه بحيث انيعدمه كان لميكن بل يعمل البارد ايضاً في الحار فيكسر سورته في الجملة البتة كمايعمل الحار في البارد و يكسر سورته اكثر فكل منهما فاعل في صاحبه و منفعل منه و الماء المركب منهما ليس بحار محض و لاببارد محض و ان كان الحرارة فيه اغلب و كذلك العكس و المتوقع من هذا الماء انيبرد بقدر برودته و يسخن بقدر سخونته و كذلك اذا مزجت منا من الخل بربع من او اقل من الدبس فكما يعمل الخل في الدبس اولاً يعمل الدبس في الخل و يكسر كل واحد منهما سورة صاحبه بقدر قوته و ليس يغلب الخل الدبس بحيث يعدمه بالكلية و كذلك العكس اللهم الا بعد الاستحالة فان اثنينيتهما عرضية و اما اذا كانت الاثنينية ذاتية فلااستحالة و لو استحال النور في الظلمة او بالعكس لعاد الشيء متفرداً باحد الجزئين و لميخلق الله شيئاً فرداً فالمتوقع من هذا المركب انيعمل في البدن بقدر ما فيه من الخل و بقدر ما فيه من الدبس اذ كل واحد منهما له اقتضاء و اثر و لميعدم احدهما صاحبه و انفعل كل منهما من الآخر و كذلك الانسان الذي فيه صفراء زايدة و بلغم قليل فليست الصفراء تعدم البلغم بل تنفعل عن البلغم و ينكسر سورتها كماينفعل البلغم منها البتة فان لكل واحد منهما اثراً البتة و علي هذه قس امر النور و الظلمة فالذي فيه الف جزء من الظلمة و جزء من النور ليست الظلمة تستهلك النور بالكلية فتعدم اثره لان بينونتهما ذاتية بل الظلمة تنفعل من النور و ان كانت الف الف جزء و كان النور جزءً واحداً فان لكل اثراً و عملاً فالمتوقع من هذا الشخص انيعمل بالشر بمقتضي الف الف جزء من ظلمته و يعمل بالخير بمقتضي جزء من نوره فلو ذهب يترك الخير رأساً و يعمل بالشر جملة فهو الذي عمل بخلاف
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 325 *»
مقتضي ما جبل عليه. و اعلم ان هذه الدرجات التي بيناها و هذا الاختلاف الذي بيناها هو الذي جبل الله الخلق عليه و قضي عليهم به اولاً ثم ارسل الرسل و انزل الكتب و كلفهم و اراد من كل واحد منهم وسعه و لميكلفهم شططا و لميحملهم علي ما لميقض فيهم قال الله سبحانه لايكلف الله نفساً الا وسعها و لايكلف الله نفساً الا مااتيها و قال الله معاذ الله اننأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا اذا لظالمون. فمحال في عدل العدل الحكيم انيجعل في عبد جزء نور ثم يكلفه بمقتضي جزئين او يجعل في احد الف جزء ظلمة ثم يكلفه بمقتضي جزء واحد فلميكلف الله جل و عز الرعية انيكونوا انبياء و يعذبهم اذا قصروا عنه و لميكلف الضعيف العقل السفيه انيكون كالعاقل الفطن النبيه و لميكلف الجاهل انيكون كالعالم و لميكلف الداني انيكون كالعالي بل يتفاوت تكليف الخلق علي حسب درجاتهم و مراتبهم ألمتسمع ما روي في البحار عن ابيعبدالله7 الايمان عشر درجات فالمقداد في الثامنة و ابوذر في التاسعة و سلمان في العاشرة و ليس يعذب المقداد بعدم وصوله الي درجة ابيذر و لاابوذر بعدم وصوله الي درجة سلمان و لكل درجات مماعملوا و ما منا الا له مقام معلوم. فاذا عمل كل عبد بحسب ما يمكنه و لايمكنه الا ما جبل عليه و اوتي من الخلق فقد ادي ما حمل و عمل بما عليه جبل و برئ ذمته و لايكلفه الله سبحانه ازيد مما يمكنه و ازيد مما جعل فيه البتة.
و ان قلت ان الذي جعل فيه جزء من نور و الف جزء من الظلمة ليس يسعه العمل بمقتضي النور لغلبة الظلمة عليه و استهلاكه فيها، قلت ليس كذلك و لايستهلك موجود في ملك الله بسبب موجود آخر بينهما بينونة ذاتية بحيث لميبق له اثر و لكل موجود و ان كان ضعيفاً اثر في العالم فيما يقارنه و ان كان قوياً حتي ان قطرة خل في البحر الاخضر له اثر اولا و يغير طعم البحر قليلاً و ليس يكلف الله سبحانه ذلك البحر انيعمل بمقتضي ازيد من تلك القطرة و ليس لك انتقول ان تلك القطرة لااثر لها مطلقاً غاية الامر انه يخفي اثره علي حسك ولكن في الواقع
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 326 *»
له اثر ضعيف فما ظنك بالشيئين المتباينين بالذات و لايحيل الحرارة البرودة و لا العكس و لايحيل السواد البياض و لا العكس و لايحيل النور الظلمة و لا العكس و انما يقع الاستحالة في الشيء بانيزول عنه عرض و يطرأ عليه عرض فلااستحالة في الذاتيات فليس يريد الله سبحانه منه اي من ذلك البحر ازيد مما جعل فيه فالذي يسأل عنه ذلك البحر انك لم لمتحمض بقدر القطرة و قد جعلناها فيك و ليس يسأله عن الحموضة ازيد من ذلك و هذا معني ما روي ان الله سبحانه يسأل الخلق عما كلفهم و لايسألهم عما قضي عليهم اي لايسألهم انك يا فلان لم صار النور فيك ربع الظلمة و انما يسأله عما كلفه و ما كلفه الا بقدر ما فيه من النور و ان ذهب يقول انه غلبت علينا شقوتنا و لمنقدر علي فعل الطاعة لاجل غلبة الظلمة علينا كذبوا و اوذوا بان لكل من النور و الظلمة اقتضاء و ان الظلمة ليست تقدر انتفعل في النور و لاتنفعل و انما يفعل النور فيها كماتفعل فيه و يكسر سورتها كماتكسر سورته و انما كان عليك انتطيع بقدر ما فيك من النور ثم كنت معذوراً فيما صدر عنك بمقتضي ضعفك فالحاصل ان الرب الحكم العدل يسأل العباد عن التقصير لا عن القصور فافهم ان كنت تفهم فمن عرف سر ما بينا لميلم غيره من اصحاب القصور.
و اما اصحاب التقصير فعليهم لوم و غضب و لعن ذلك من ضروريات ملتنا و ملل جميع الانبياء و المرسلين و لو لميكن علي اصحاب التقصير لوم فلم خلقت النار و لم كفر في الكتاب الكفار و حكم بنجاسة المشركين الاشرار و امر بقتلهم و سبيهم و اسرهم و نهبهم و الجهاد معهم حتي يفيئوا الي الحق و لم امرونا بلعن اعداء الدين و التبري من الكفار و المشركين فاذا كان ذلك من ضروريات الدين علمنا ان الامام7 لميرد من كلامه لميلم احد احداً ما يعم اصحاب التقصير و لمينصب قرينة في كلامه هذا لوضوح الامر و اي قرينة اعظم من ضروري جميع الملل الاتري انك لو قلت لخادمك لايدخل علي اليوم احد ليس يفهم من كلامك الانبياء و المرسلون و الملئكة المقربون بل و لا السلطان بل و لا ادني منه فانه بديهي ان
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 327 *»
خادمك لايقدر علي منع اولئك و انما تريد من يقدر خادمك علي منعه فكذلك قوله لميلم احد احداً ليس يريد اصحاب التقصير فان الله سبحانه لامهم في كتابه و هو يعلم كيف خلق و الائمة: لاموهم و كفروهم و امروا بالبرائة منهم و يعلمون كيف خلق الخلق فلايتشبثن اصحاب الاباحة و الاهمال الي امثال هذه الاخبار و هم لايعلمون ما فيها من الاسرار و كلام كل ناطق يحمل علي الممكنات لا الممتنعات و رفع اللوم عن اهل التقصير ممتنع مع خلق النار و الصراط و الميزان و الحساب و القبر و ضغطته بالبداهة و ان الله سبحانه يقول فاخذناه و جنوده في اليم و هو مليم و قال فالتقمه الحوت و هو مليم و قال و لاتجعل مع الله الهاً آخر فتلقي في جهنم ملوماً مدحوراً و قال لاتجعل يدك مغلولة الي عنقك و لاتبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً. فاللوم ثابت لبعض بنص الكتاب و الامام شقيق الكتاب لايقول ما يخالف الكتاب فاراد بكلامه اللوم علي اصحاب القصور لا التقصير يعني اذا رأيت رجلاً ضعيف العقل لايفهم المطالب العالية لاتلمه علي ذلك فان الله سبحانه قد اعطاه من العقل نصيباً معيناً و قضي عليه بذلك و ليس يكلفه ازيد من ذلك فلاتكلفه شططاً من امره و لاتحمله ما لايطيق و كذلك اذا رأيت احداً قليل العمل لايستطيع ازيد من ذلك و هو ساخط علي نفسه فلاتحمله ازيد من ذلك و لاتتبرأ منه لاجل ذلك فانه لميكلفه الله ازيد من ذلك اذ لميجعل فيه ازيد من ذلك و علامة القصور و التقصير ان صاحب القصور مؤمن ساخط علي نفسه ماقت اياها بنورانيته لما يصدر منه من المعاصي لان نوره لايرضي بذلك فعمله مشيب بظلمة العصيان و نور مقته و الايمان كما ان ذاته كذلك و قد يطيع بواسطة ما فيه من النور.
و اما صاحب التقصير نعوذبالله فهو لايندم علي ما صنع و لايمقت نفسه و لايعمل بمقتضي نور و هو الايمان و الندم و المقت فقد قصر في العمل بمقتضي ما جعل الله فيه فعلي مقتضي خلق الله انيؤمن و يندم كل احد و لو اقصي
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 328 *»
الخلق و ابعدهم عن الله عن معصيته و لو عصي في جميع اعماله في جميع عمره فلااقل من الندم علي ما عمل و الخوف لما صنع و مقت نفسه و اعترافه بالذنب فلو أتوا ذلك لكفاهم فقد قال ابوجعفر7 لا والله مااراد الله من الناس الا خصلتين انيقروا له بالنعم فيزيدهم و بالذنوب فيغفرها لهم و يشهد بما ذكرنا من ان الدرجات في الايمان.
و اللوم علي القصور ما روي عن ابيعبدالله7 ان الله عزوجل وضع الايمان علي سبعة اسهم علي البر و الصدق و اليقين و الرضا و الوفا و العلم و الحلم ثم قسم ذلك بين الناس فمن جعل فيه هذه السبعة الاسهم فهو كامل محتمل و قسم لبعض الناس السهم و لبعض السهمين و لبعض الثلثة حتي انتهوا الي سبعة ثم قال لاتحملوا علي صاحب السهم سهمين و لا علي صاحب السهمين ثلثة فتبهظوهم ثم قال كذلك حتي ينتهي الي سبعة.
و هنا حديث شريف مؤمل و هو من رجل من اصحابنا سراج و كان خادماً لابيعبدالله7 قال بعثني ابوعبدالله7 في حاجة و هو بالحيرة انا و جماعة من مواليه قال فانطلقنا فيها ثم رجعنا مغتمين قال و كان فراشي في الحاير الذي كنا فيه نزولاً فجئت و انا بحال فرميت بنفسي فبينما انا كذلك اذ انا بابيعبدالله7 قد اقبل فقال قد اتيناك او قال جئناك فاستويت جالساً و جلس علي صدر فراشي فسألني عما بعثني له فاخبرته فحمد الله ثم جري ذلك قوم فقلت جعلت فداك انا نبرأ منهم انهم لايقولون ما نقول قال فقال يتولونا و لايقولون ما تقولون و تبرئون منهم قال قلت نعم قال فهو ذا عندنا ما ليس عندكم فينبغي لنا اننبرأ منكم قال قلت لا جعلت فداك قال فهو ذا عند الله ما ليس عندنا افتراه اطرحنا قلت لا والله جعلت فداك ما يفعل([1]) قال فتولوهم و لاتبرأوا منهم ان من المسلمين من له سهم و منهم من له سهمان و منهم من له ثلثة اسهم و منهم من له
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 329 *»
اربعة اسهم و منهم من له خمسة اسهم و منهم من له ستة اسهم و منهم من له سبعة اسهم فليس ينبغي انيحمل صاحب السهم علي ما عليه صاحب السهمين و لا صاحب السهمين علي ما عليه صاحب الثلثة و لا صاحب الثلثة علي ما عليه صاحب الاربعة و لا صاحب الاربعة علي ما عليه صاحب الخمسة و لا صاحب الخمسة علي ما عليه صاحب الستة و لا صاحب الستة علي ما عليه صاحب السبعة الخبر.
و عن عبدالعزيز القراطيسي قال قال لي ابوعبدالله7 يا عبدالعزيز ان الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلايقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست علي شيء حتي ينتهي الي العاشرة فلاتسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك و اذا رأيت من هو اسفل منك بدرجة فارفعه اليك برفق و لاتحملن عليه ما لايطيق فتكسره فان من كسر مؤمناً فعليه جبره. و عن سدير قال قال لي ابوجعفر7 ان المؤمنين علي منازل منهم علي واحدة و منهم علي اثنتين و منهم علي ثلث و منهم علي اربع و منهم علي خمس و منهم علي ست و منهم علي سبع فلو ذهبت تحمل علي صاحب الواحدة اثنتين لميقو و علي صاحب اثنتين ثلاثاً لميقو و علي صاحب الثلث اربعاً لميقو و علي صاحب الاربع خمساً لميقو و علي صاحب الخمس ستاً لميقو و علي صاحب الست سبعاً لميقو علي هذه الدرجات. و عن الصباح بن سيابه عن ابيعبدالله7 قال ما انتم و البرائة يبرؤ بعضكم من بعض ان المؤمنين بعضهم افضل من بعض و بعضهم اكثر صلوة من بعض و بعضهم انفذ بصراً من بعض و هي الدرجات انتهي.
فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الله سبحانه خلق الخلق فطرة لو دعاهم الي الايمان لقدروا علي الايمان علي حسب ما هو عليه من درجته و لميخلق خلقاً لايقدر علي الايمان و لايسعه ذلك فمن قصر عن الايمان و لميؤمن فقد وقع عليه الحجة فانه اريد منه ايمان علي حسب درجته و لميرد منه ايمان من هو اعلي منه بدرجة و
«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 330 *»
كلف باعمال علي حسب ما هو فيه و لميرد منه اعمال من هو فوقه بدرجة و كل احد يقدر انيعمل علي حسب درجته و انما العجز لكل من عجز عما فوق درجته فاذاً لاعذر لاحد في التقصير عما يقدر عليه بحسب درجته و قد ذكر انه يقدر الانسان علي الايمان و العمل و لو ضعيفاً قليلاً من كان فيه نور و لو ذرة و يكون عليه مثل جميع الدنيا ظلمة فان النور لايستهلك و يفعل في الظلمة فعلاً لامحالة فيكلف بانيأتي بايمان و عمل علي حسب ما هو عليه و هو في وسعه و مقدوره اذ لايكلف الله نفساً الا ما آتيها و لايكلف الله نفساً الا وسعها فمن اتي بما في وسعه و مقدرته فهو ناج و لايلام علي قصوره و من عصي فيلام علي تقصيره و يفقأ عينه هذا هو مراد الامام الهمام7 و لايحوم حوله نقض و لاابرام فحاصل المراد انه لميلم احد احداً علي القصور لا علي التقصير و علامة القصور الايمان و لو ضعيفاً و الاعتراف بالذنب و الندم عليه و الشكر علي ما انعم فالحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله و صلي الله علي اصل كل خير و مبدأ كل نور و علي الوسايط البررة و لعنة الله علي الكفرة الفجرة.
قد فرغ من تصنيفه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم في عصر يوم الاحد ثالثعشر شهر رمضان المبارك في سنة 1271 احدي و سبعين و مأتين بعد الالف من الهجرة في قرية لنجر حامداً مصلياً مستغفراً.