رسالة في جواب بعض الاجلة في شرح الحديث النبوي.
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني
اعليالله مقامه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۵ صفحه ۳۱۱ *»
d
الحمدلله و سلام علي عباده الذين اصطفي.
و بعــد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قد سألني بعض الاجلة ادام الله اجلاله و احسن في الدارين مآله عن حديث شريف في بعض المجالس فاحببت ان اكتب له رسالة في معناه بقدر ما يقتضيه الحال و ما هو الميسور و هو لايسقط بالمعسور و هو ما يروي عن النبي۹ علماء امتي كانبياء بنياسرائيل.
اعلم ادام الله عزك و علاك ان النبي۹ كان مبعوثاً علي جميع ما خلق الله من شيء في جميع العوالم الالف الالف لقوله سبحانه تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيرا. و العالمين جميع محلي بالالف و اللام يفيد العموم الاستغراقي فهو۹ مبعوث علي جميع ما دخل في عالم الاكوان من الذوات و الصفات و الاعراض.
و اما قوله۹ كأنبياء بنياسرائيل فالكاف هيهنا ليس للتشبيه بل هو لبيان تعظيم شأن الانبياء فان المخاطب اذا كان معظماً مبجلاً و اراد المخاطب بالكسر اجلاله و اعظامه يخاطبه علي نحو التشبيه لا علي نحو التصريح كماتقول لرجل مثلك لاينبغي انيفعل كذا او تقول علماء بلدنا مثل فلان و فلان و اكابر بلدنا كفلان و فلان و يريد انفسهم لا امثالهم فقوله۹ علماء امتي كانبياء بنياسرائيل يعني علماء امتي انبياء بنياسرائيل انفسهم لا احد آخر مثلهم و تخصيص انبياء بنياسرائيل بالذكر لشهرتهم و قرب زمانهم بالمخاطبين و معرفتهم باحوالهم و الا جميع الانبياء: علماء امته۹ و ناشروا شريعته و مظهروا امره و طريقته و ذلك لانه۹ هو المبعوث علي الكل و الشرع شرعه و الدين دينه
«* مکارم الابرار عربی جلد ۵ صفحه ۳۱۲ *»
و اما وجه اختلاف شرايع الانبياء مع هذه الشريعة الظاهرة بظهوره۹ فهو من باب النسخ كما انه في هذه الشريعة ايضاً كانت تنسخ بعض الاحكام النازلة في اول الامر فكذلك الشرايع السابقة ايضاً كانت من شرعه و دينه الا انها كانت مخصوصة بازمانها و كان ينسخ كلما ينقضي احكامها فكان من شرع النبي۹ و دينه في زمان آدم علي نبينا و آله و عليه السلام ما كان يدعوا اليه آدم و كذلك كان في زمن نوح۷ ما كان يدعوا اليه و كذلك كان شرع موسي و عيسي۸ فكلها من دين نبينا۹ و كانت مخصوصة بازمنتها و نسخت بعد ما انقضي اجلها الي ان صار مقتضي الزمان انيظهر هذا الدين المبين فظهر و لذا قال العسكري۷ في تاريخه الذي وجد بخطه قد صعدنا ذري الحقايق باقدام النبوة و الولاية الي ان قال ان الكليم لماعهدنا منه الوفا البسناه حلة الاصطفاء و روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة. و روي عن علي۷ في خطبة له انا مرسل الرسل انا منزل الكتب. و قد انزل الله سبحانه في كتابه تصديق ذلك حيث قال و اذ اخذنا ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال ءاقررتم و اخذتم علي ذلك اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا و انا معكم من الشاهدين. فقد امروا جميعهم انيؤمنوا بمحمد۹ و كتابه و حكمته و ينصروه في ازمنتهم باظهار دينه و شريعته في اممهم و اخذ العهود له۹ علي اممهم و ينصروه في آخر الزمان في الرجعة باظهار هذه الشريعة و الجهاد مع القائم۷٫
بالجملة ذيل الكلام طويل ولكن المجلس لايقتضي ازيد من ذلك و قد ظهر لمن نظر انه۹ نبي علي جميع الخلق و جميع الانبياء علماء امته و مبلغوا امره الي اهل العالم و التشبيه للتعظيم و التخصيص لشهرتهم و معروفيتهم و له معني آخر و هو انيراد بالعلماء النقباء و النجباء لانهم من اهل البيت كماقال الصادق۷ انما صار سلمان من العلماء لانه رجل منا اهل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۵ صفحه ۳۱۳ *»
البيت. فالعلماء هم النقباء و النجباء نظراء سلمان فعلماء امتي يعني نقباؤهم و نجباؤهم كانبياء بنياسرائيل حيث ان الله سبحانه بعث بعد موسي في بنياسرائيل انبياء كثيرين و لميكن احد منهم صاحب شريعة جديدة ناسخة و انما كانوا يروجون شريعة موسي۷ و يفسرون غوامض علومه و شرايع احكامه لهم علي حسب مقتضي كل زمان و يظهرون في كل عصر فضائل موسي و هرون للناس علي حسب قابلية كل زمان و يبدون اسراره و اسرار دينه و مقاماته لامته من بعده في كل عصر حتي ان عيسي۷ ايضاً لميغير شريعة موسي۷ الا بعض تغيير في تحليل بعض ما كان عليهم من الاصار حيث قال لاحل لكم بعض الذي حرم عليكم. و انما كان شرعه شرع موسي الا بعض ما نسخ فكما كان علماء بنياسرائيل كذلك علماء امتي ايضاً يظهرون اسرار شريعتي في كل عصر و يحملونها و يبلغونها الي الناس كماقال الصادق۷ ان لنا في كل خلف عدولاً ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين فلهم: في كل قرن علماء حلماء حكماء ابرار اتقياء يحملون شرايع نبيهم و يؤدونها الي رعيتهم و يظهرون في كل عصر فضائلهم و ينشرون مناقبهم بقدر تحمل كل عصر فيهم في هذه الامة كانبياء بنياسرائيل و يمكن انيشار بهذا الشبيه الي ان علماء امتي في امتي مقهورون مظلومون ينكر عليهم و يجحد امرهم و يقتلون و يؤسرون كما فعل بنوااسرائيل مع انبيائهم و آذوهم اشد الايذاء و قتلوهم باشنع قتل فيكون الخبر من باب الاخبار بالملاحم الواقعة بعد النبي۹ و كذلك يشار الي ان علماء امتي يأتون تتري كلما افل منهم نجم طلع لهم نجم و ليس يخلو عصر من الاعصار الي يوم القيمة من احد من العلماء الناشرين لامري كما لميخل عصر من اعصار شريعة موسي من نبي يظهر امره و يبدي سره لان الارض لاتخلو من حجة فكذلك لايخلو عصر من الاعصار من ناشر لاعلام دين محمد۹ و رافع للوائه فان وجودهم لطف بالخلق و ان الله سبحانه لايقبض لطفه عن خلقه فان في ذلك بوارهم و هلاكهم.
«* مکارم الابرار عربی جلد ۵ صفحه ۳۱۴ *»
الحاصل ان وجوه التشبيه كثيرة و ناهيك ان تتدبر في امر الانبياء: فتجري في علماء هذه الامة ما جري علي الانبياء: فانه لافرق بينهم و بينهم الا انهم انبياء و هؤلاء علماء و لايقتضي الوقت ازيد من هذا البيان.
و معني آخر للخبر انيراد بالعلماء الائمة: لقولهم: نحن العلماء و شيعتنا المتعلمون فعلماء الامة الائمة: و ان اخذ الامة جميع الخلق فانهم العلماء بالنسبة الي جميع الخلق و جميع الامة المرحومة في العالمين شيعتهم فهم العلماء في الملك و شيعتهم اي الانبياء و الرسل و اوصياؤهم و اممهم المرحومة هم المتعلمون فجميع الخلق متعلمون منهم صلوات الله عليهم فهم سلام الله عليهم كانبياء بنياسرائيل في اظهار دين جدهم صلوات الله عليه و آله و ابداء شريعته و حمل اسراره الي الخلق كماكان انبياء بنياسرائيل بالنسبة الي موسي۷ و كذلك ذلك اخبار بمصائب آلمحمد: فكأنه قال ان آلي يقتلون بالسم و يذبحون و يغصبون كما قتل انبياء بنياسرائيل بالسم و ذبحوا و غصبوا و انكر عليهم و ذلك لقوله تعالي لتركبن طبقاً عن طبق و قول النبي۹ لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة حتي انهم لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه. فكل ما فعل اليهود لعنهم الله بانبيائهم يفعل هؤلاء القوم باهلي و عترتي العلماء من بعدي فذلك اخبار بافعال الامة و سلوكهم مع عترته الطيبين الطاهرين و من انبياء بنياسرائيل يحيي۷ فقد فعل هذه الامة بالحسين۷ كما علمتم فعلماء امتي كانبياء بنياسرائيل مقهورون مغلوبون ظاهراً مقتولون اسري الي غير ذلك من وجوه التشبيه.
و معني آخر ان النبي صيغة فعيل و الفعيل قد يأتي بمعني المفعول و قد يأتي بمعني الفاعل فالنبي يكون بمعني المنبئ بالكسر و يكون بمعني المنبأ بالفتح و انت تعلم ان المرسلين انبياء منبئون بالفتح لانه اوحي اليهم و منبئون بالكسر لانهم ينبئون الناس فالنبي يكون بمعني المنبأ بالفتح فالنبيء بمعني المنبأ قد يكون منبأ
«* مکارم الابرار عربی جلد ۵ صفحه ۳۱۵ *»
عن الله سبحانه و قد يكون منبأ عن رسله سلام الله عليهم كماقال في محكم كتابه و ماكان لبشر انيكلمه الله الا وحياً او من وراء حجاب او يرسل رسولاً فيوحي باذنه ما يشاء فالرسول۹ يوحي باذن الله الي من يشاء من عباد الله فذلك العبد منبؤ عن رسولالله۹ فهو نبي.
فاذا عرفت ذلك فنقول ان اسرائيل هو علي۷ لقول الصادق۷ في الزيارة لعلي۷ السلام علي اسرائيل الامة. فبنواسرائيل بنوعلي۷ فانبياء بنياسرائيل هم الائمة: فانهم المنبئون عن رسولالله۹ فحينئذ اما نقول ان علماء الامة هم الائمة: ايضاً و علماء امتي كانبياء بنياسرائيل اي هم انبياء بنياميرالمؤمنين: و التشبيه لاجل التعظيم كما مر او نقول ان العلماء هم علماء الشيعة و هم كانبياء بنيعلي۷ اي هم كائمتهم في اداء الشرايع و الاحكام و العلوم و الاسرار لافرق بينهم و بينهم الا ان الانبياء اي الائمة رؤساء و هم التابعون او ان العلماء كالائمة اي امثال الائمة و صفاتهم و اشباحهم علي ان الكاف بمعني المثل و المثل بمعني الصفة كقوله تعالي مثل الجنة التي وعد المتقون، اي صفة الجنة و كقوله تعالي ليس كمثله شيء، اي ليس كصفته شيء علي ان لله سبحانه صفات يقيناً و ليس كصفاته شيء فالعلماء كالائمة اي مثل الائمة و مثلهم اي صفتهم و نورهم و شبحهم.
او نقول ان المراد بالعلماء الانبياء السالفة: و هم علماء امة النبي۹ كما مر فـعلماء امتي كانبياء بنياسرائيل اي الانبياء السالفة كآلمحمد: في بيان الشرايع و الاحكام و الاسرار كما مر و هم كآلمحمد اي مثل آلمحمد: و مثلهم المضروب لبنياسرائيل كماقال سبحانه و لما ضرب ابنمريم مثلاً اذا قومك منه يصدون، يعني كان عيسي بن مريم۷ مثل علي۷ و قد ضرب لبنياسرائيل حتي يعرفوا صفة علي۷ قبل ظهوره فالانبياء الذين هم علماء الامة امثال انبياء بنياسرائيل
«* مکارم الابرار عربی جلد ۵ صفحه ۳۱۶ *»
اي امثال الائمة من نسل علي۷ اسرائيل الامة فافهم.
و معني آخر انيؤخذ الامة جميع الاكوان الغيبية و الشهادية فعلماء الاكوان العقول كما ان جهال الامة النفوس فـعلماؤ امتي اي عقول الاكوان و حقائقهم كانبياء بنياسرائيل اي امثال آلمحمد: و اشباحهم كما مر فابان بهذا الخبر ان حقايق جميع الاشياء من شعاع آلمحمد: و نورهم خلقت من فاضل طينتهم و لذلك صارت مثلهم. و يمكن انيؤخذ الامة جميع عالم السرمد و الدهر و الزمان و يؤخذ علماؤها السرمديات فعلماء الامة اي السرمديات كانبياء بنياسرائيل اي اشباح آلمحمد: و صفاتهم و يمكن انيؤخذ بنواسرائيل ظاهر الائمة: في هذه الدنيا فنقول علماؤ الامة اي العقول و الحقايق في الاداء عن الله و اهتداء الخلق بها كانبياء بنياسرائيل اي كآلمحمد: في هذه الدنيا في ادائهم عن الله سبحانه او عن النبي۹ و اهتداء الخلق بهم علي ان العقل ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان. و قد قال الصادق۷ بعبادتنا عبد الله و لولانا ماعبد الله.
او نقول السرمديات في اداء الاوامر الكونية كآلمحمد: في اداء الاوامر الشرعية في هذه الدنيا.
او نقول ان بنياسرائيل هم الانبياء السلف باجمعهم يعني مأة الف و اربعة و عشرين الف و المراد باسرائيل علي۷ و هم باجمعهم بنيعلي۷ لانهم من امة محمد۷ و قد قال انا و علي ابوا هذه الامة. فالانبياء بنيعلي۷ فعلماؤ الامة هم جميع الانبياء: و التشبيه للتعظيم او الائمة: كالانبياء السالفة فهؤلاء بنوعلي كما هم بنوعلي و ان شئت انتفسر العلماء بالعقول و الانبياء بانبياء السلف فيجوز علي ان الانبياء هم مظاهر العقول و التشبيه لاجل ان المشبهبه اشد معروفيةً عند المستمعين و مثل ذلك يجوز في التشبيه.
و ان شئت ان تفسر العلماء بالسرمديات و الانبياء بانبياء السلف علي ان الانبياء هم حملة الاوامر الشريعة كما ان السرمديات حملة الاوامر الكونية فلك
«* مکارم الابرار عربی جلد ۵ صفحه ۳۱۷ *»
من حيث القابلية.
و اعلم انهم يتكلمون بالكلمة و يريدون منها الف الف معني في الف الف عالم لانهم الواقفون علي الطتنجين الناظرون في المشرقين و المغربين و المتكلمون للكونين،
بئر معطلة و قصر مشرف | مثل لآل محمد مستطرف | |
فالقصر قدرهم الذي لايرتقي | و البئر علمهم الذي لاينزف |
و لو شئنا لبينا كثيراً من تلك المعاني ببركة آلمحمد: و شيعتهم و لايقتضي الوقت ازيد من ذلك.
كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم في العشر الآخر من شهر صفر من شهور سنة ۱۲۶۳ حامداً مصلياً مستغفراً تمت.