05-05 مکارم الابرار المجلد الخامس ـ رسالة في جواب بعض الاخوان في شرح احاديث ثلثة ـ مقابله

رسالة في جواب بعض الاخوان في شرح احاديث ثلثة.

 

من مصنفات

العالم الرباني و الحکيم الصمداني

مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني

اعلي‌الله مقامه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 297 *»

الحمدلله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطاهرين.

و بعــد فقد امرني بعض الاخوان صانه الله عن طوارق الحدثان بشرح احاديث ثلثة و انا في غاية تشتت البال و اختلال الاحوال و اشتغال القلب فبادرت علي ما انا فيه الي الائتمار بالمأمور علي حسب الميسور فانه لاينبغي ان‌يترك بالمعسور و علي الله التكلان في جميع الامور.

قــال سلمه الله: اخبرني عن الحديث المروي عن الامام الهمام جعفر بن محمد الصادق8 انا لنا مع الله حالات نحن فيها هو و هو نحن الا انه هو هو و نحن نحن.

اقــول: اعلم انه قد علم بداهة ان القديم القائم بالذات غير الحادث القائم بالغير و ان الازل ممتنع عن الحدث و الحدث ممتنع عن الازل و ان الازل لابد و ان‌يكون واحد الالتزام التعدد التركيب المستلزم للحدوث الممتنع عن الازل و ان الازل يمتنع فيه التغير لانه من صفات الحدوث فاذا عرفت ذلك فلايجوز ان‌يتصور ان مرادهم انهم في بعض الحالات عين الذات القديمة و في بعضها غيرها فانه لو كان كذلك لتفاوتت حالات الذات و خرجت عن الازل معناها. فالمراد بقوله «الله» هو الاسم المستجمع لجميع الصفات القدسية و الاضافية و الخلقية. و سئل الرضا7 عن الاسم فقال صفة لموصوف. و قال7 في حديث كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادة كل صفة و موصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل. فاذا كانت لفظة «الله» اسماً و الاسم هو الصفة و الصفة غير الموصوف و الصفة و الموصوف حادثان مخلوقان بنص الخبر

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 298 *»

المطابق لكتاب الله سبحانه حيث يقول سبحان ربك رب العزة عمايصفون و هذا من ذاك فاذاً لفظة «الله» غير الذات القديمة و هي صفة و الموصوف بها ايضاً مقترن بها بنص الخبر فلاينافي ادعاء الاتحاد مع غير الله مع ادعاء التوحيد.

و لما عرفت ان الله صفة مهيمنة علي جميع صفات القدس و الاضافة و الخلق و الصفة غير ذات الله فهي اعلي الصفات و اسنيها و اقدمها و اشرفها و انت خبير ان جابراً سئل الباقر7 عن اول ماخلق الله فقال نور نبيك يا جابر. فاذاً هو اعلي الاشياء و اسنيها و اقدمها و اشرفها و ذلك معلوم ببداهة الاسلام حتي ان العامة يعلمون انه اول ماخلق الله فاذاً المراد في هذا الخبر النبي9 و قد حذف المضاف بقرينة امتناع صيرورة الحديث قديماً فكان كذلك ان لنا مع نبي الله9 حالات نحن فيها هو و هو مقام اتحاد انوارهم و قد قرأت في الزيارة الجامعة اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض و قد قال الله تعالي ان الله اصطفي آدم و نوحاً و آل‌ابرهيم و آل‌عمران علي العالمين ذرية بعضها من بعض و آل‌ابرهيم هم: لقوله تعالي مخاطباً لهم ملة ابيكم ابرهيم هو سميكم المسلمين من قبل و في هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم و تكونوا شهداء علي الناس الآية. فهم ذرية بعضها من بعض بالكتاب و السنة و الاجماع الشيعة([1]) فلهم حالات هم رسول‌الله و رسول‌الله هم: و كذا قال7 انا و علي من نور واحد و قد جعله الله نفسه في كتابه و مع ذلك هو هو9 و هم هم في مقام الفرق في عالم التفصيل و امثل لك مثالاً تبصر به امرك في نفسك ان روحك هي السميعة البصيرة الذائقة الشامة اللامسة فهي التي تسمع و تبصر و تذوق و تشم و تلمس و السمع نفسها و البصر نفسها و الذوق نفسها و الشم و اللمس نفسها بلاتفاوت في حدها و مقامها و انما تعدد تلك الصفات في مظاهر خمسة فيظهر البصر في العين و السمع في الاذن و الذوق في اللسان و الشم في حلمتي الانف و اللمس في جميع البدن فلهذه القوي حالات في وجودها متحدة مع الروح المهيمنة علي جميع صفاتك و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 299 *»

افعالك و حركاتك و سكناتك و مختلفة في مقام الظهور في المظاهر علي ما تري و انما هم: كذلك كما قال7 اولنا محمد و اوسطنا محمد و آخرنا محمد و كلنا محمد و قال7 انا محمد و محمد انا و لم‌يقل انا الله و الله انا نعوذبالله في مقام الجمع و قال انا عبد من عبيد محمد9 في مقام الفرق و الحديث المسئول عنه عبارة اخري لهذه المعاني و انما عبر بتلك العبارة حيث لوحظ في المقامات حيث الآئية و مقام لافرق بينك و بينها و استشعر فيه معني قول الحسين7 أيكون لغيرك من الظهور و قوله ظهرت لكل شيء حتي لايجهلك شيء علي حد قول علي7 مارأيت شيئاً الا و رأيت الله قبله او معه فحذف المضاف حيث لم‌يره لاضمحلاله في جنب الله و فنائه بحيث لم‌يبق له ظهور فحيث حذف نفسه في التكوين حذفوه في التشريع و التعبير للزوم تطابق اللفظ و المعني و لان المعني في اللفظ كالروح في الجسد فقالوا لنا مع الله حالات و المراد مع الله المحذوف نفسه مع النبي9 في التكوين عند تشعشع انوار الآيات و الظهورات و عند تغيبت الذات الصفات فلم‌يتحدوا الا مع النبي9 و تفرقوا عنه في مقام الظهور و التفصيل حال التعلق و التوجه الي غير الله سبحانه و هذا وجه من سبعين وجهاً من وجوه هذا الكلام و انهم ليتكلمون بالكلمة و يريدون منها سبعين وجهاً لهم و لبعض شيعتهم بتعليمهم من كلها المخرج و ماذكرنا وجه من تلك الوجوه و لولا اشتغالي بالمصيبة العارضة لاذنت للقلم في تحرير بعض تلك الوجوه مما يمكن بيانه فخذه فانه من ينبوع الحكمة و بيت العلم و كن من الشاكرين و الحمد لله رب العالمين.

قــال سلمه الله: و الحديث الآخر المسطور في بصائر الدرجات المروي عنهم ايضاً ان امرنا سر مستسر و سر لايفيده الا سر و سر علي سر و سر مقنع بسر

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 300 *»

و ايضاً عنه7 ان امرنا هو الحق و حق الحق و هو الظاهر و باطن الظاهر و باطن الباطن و هو السر و سر السر و سر المستسر و سر مقنع بالسر.

اقــول: هذان الحديثان من احاديثهم الصعب المستصعب الذي لايحتمله الا ملك مقرب او نبي مرسل او مؤمن ممتحن و لو شئنا ان‌نشرح لك ما فيه و نبين ظاهره و خافيه يطول بنا المقال و يمنع عنه كثرة الملال و الكلال ولكن نأتي منه بقدر ما يقتضيه الوقت.

اعلم ان لهم: مقامات عديدة لاغاية لها و لانهاية و انواعها الف الف و مقامهم المشاهد في هذه الدنيا آخر تلك المقامات و قد قال الحجة7 في دعاء شهر رجب و بمقاماتك و علاماتك التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لافرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك الدعاء. فلاغاية لمقاماتهم و لانهاية فانها لاتعطيل لها في كل مكان ولكن كلياتها التي يمكن لنا ان‌ننظم لك عجالة اربعة اولها البيان و ثانيها المعاني و ثالثها الابواب و رابعها الامامة و اليها يشير قول الباقر7 لما قال الجابر الحمدلله الذي من علي بمعرفتكم قال يا جابر أوتدري ما المعرفة المعرفة‌ اثبات التوحيد اولاً ثم معرفة المعاني ثانياً ثم معرفة الابواب ثالثاً ثم معرفة الامام رابعاً ثم معرفة الاركان خامساً ثم معرفة النقباء سادساً ثم معرفة‌ النجباء سابعاً الخبر. و التوحيد هو البيان لانه7 قال في حديث يا جابر عليك بالبيان و المعاني قال قلت و ما البيان و ما المعاني قال قال7 اما البيان فان تعرف الله سبحانه و تعبده و لاتشرك به شيئاً و اما المعاني فنحن معانيه و نحن جنبه و يده و لسانه و امره و حكمه الحديث. نقلته بالمعني و لعل فيه اختلاف جزئي لايغير المعني فالتوحيد هو البيان فالمقامات الاربعة البيان و المعاني و الابواب و الامامة اما كون البيان مقامهم فانهم قالوا نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا و سئل الحسين7 عن معرفة الله فقال هي معرفة الامام

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 301 *»

7 و قال بنا عرف الله و لولانا ماعرف الله. و معني ذلك ان الله سبحانه هو القديم الازلي لاينزل من الازل الي الحديث فيشاهد فيعرف فيتغير حالاته فيكون حادثاً و لايصعد الحادث الي الازل فيشاهد الله سبحانه في غيب كنهه فيعرفه فيكون الله سبحانه معروفاً موصوفاً مقترناً بالغير حادثاً لانه قال علي7 كل معروف بنفسه مصنوع و كل قائم في سواه معلول. و قال انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله الطريق مسدود و الطلب مردود دليله آياته و وجوده اثباته. فاذا لايعرف الله في كنه ذاته لامتناعها كماعرفت فاذا يعرف بصفاته و قد قال الصادق7 في تلو قوله و لله الاسماء الحسني فادعوه بها، نحن والله الاسماء الحسني التي امر الله ان‌تدعوه بها و قد قال علي7 لما سئل عن الاسم هو صفة لموصوف فلما كانوا هم اسماء الله سبحانه كانوا هم صفات الله بنص القرآن بضميمة تفسير من نزل في بيته فاذا هم صفات الله و قد عرفت ان الله سبحانه لايعرف ذاته و انما يعرف بصفاته فانما يعرف الله بهم فانهم صفاته تعالي كماعرفت.

و قد عرفت سابقاً في الحديث السابق الذي شرحنا لك انهم هم اول الخلق و اشرفه ليس لله خلق اشرف منهم و تقرؤ في الجامعة لايسبقه سابق و لايلحقه لاحق و لايطمع في ادراكه طامع. فهم اعظم الصفات و اشرفها التي بها يعرف الله بل لايعرف الله الا بهم فانه ليس الا هم و ظهوراتهم و صفاتهم و اسماؤهم انظر الي قول الحجة7 في دعاء شهر رجب فبهم ملأت سمائك و ارضك حتي ظهر ان لا‌اله الا انت فهم صفة الله لا غيرهم بل ليس غيرهم و ان الله سبحانه لايعرف الا بصفته كماعرفت فلايعرف الا بهم فهم اركان التوحيد و انوار التفريد و الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتهم و لايعرف الله الا بهم فمقام البيان لهم لا لغيرهم و التوحيد معرفتهم لا غير كما قال علي7 يا سلمان و يا جندب معرفتي بالنورانية معرفة الله عزوجل و معرفة الله عزوجل معرفتي. و سئل الحسين7 عن معرفة الله فقال هو معرفة الامام و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 302 *»

ذلك لان معرفة الله معرفة صفاته و هم صفاته فمعرفة الله معرفة الصفات و معرفة الصفات معرفة الله قال ابوعبدالله7 لمفضل من عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة فهذا المقام مقام البيان و هو احد مقاماتهم و لم‌يؤذن لنا ان‌نشرح هذا المقام اكثر من ذلك فانه7 قال من اذاع سرنا قتلنا قتل عمدٍ لا قتل خطاء.

و اما المقام الثاني فهو مقام المعاني و قال الباقر7 نحن معانيه و نحن جنبه و يده و لسانه و امره و حكمه اذا شئنا شاء الله و يريد الله ما نريد. و شرح هذا المقام مما يطول به البيان و اني اجمل لك القول و هو انه قد عرفت سابقاً ان الصفة مقترنة بالموصوف و الاقتران يشهد بالحدث فيمتنع القديم ان‌يكون صفة و موصوفاً لحدوثهما. و قد قال علي7 المعني في اللفظ كالروح في الجسد. و قد قال الله سبحانه و ان من شيء الا عندنا خزائنه و ماننزله الا بقدر معلوم. و تلك الخزائن لاتصلح ان‌تكون ذات الله فان الله سبحانه يقول عندنا خزائنه و لم‌يقل نحن خزائنه و تلك الخزائن هي غيوب الشهادة بقرينة قوله و ماننزله و تلك الخزائن هي معاني الالفاظ التدوينية و التكوينية و هي فيها كالروح في الجسد فانه لو لم‌يكن المعني له خصوصية لم‌يكن معني هذا اللفظ و لكان تخصيصه به ترجيح من غير مرجح و هو ممتنع عن الحكيم فلابد و ان‌يكون بين اللفظ و المعني مناسبة تكون مرجحاً للتخصيص و ان الوضع و ينزل اللفظ منه و يكون خزانة له فاذا لايصلح ان‌يكون الله سبحانه من حيث الذات و لاحيث معني لفظاً من الالفاظ الكينونية و التدوينية فانه لامناسبة بينه و بين خلقه و لذا قال الصادق7 اسماؤه تعبير و صفاته تفهيم. و الاسم صفة كماعرفت و كمال التوحيد نفي الصفات عنه و سبحان ربك رب العزة عما يصفون و قد قال علي7 لا اسم له و لا رسم. فاذا خزائن الالفاظ و معانيها غير الله سبحانه و ليس غير الله سبحانه مايستحق تلك الاسماء الحسني الا هم: فمعاني الاسماء

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 303 *»

هم: قال الصادق7 نحن والله الاسماء الحسني التي امر الله ان‌تدعوه بها و قال الباقر7 اما المعاني فنحن معانيه الحديث. فمقام المعاني مقامهم و هم المقصودون بتلك الاسماء فتدبر و لايذهبن بك المذاهب و لاتتوهم انهم هم الله سبحانه فانه كفر صراح و انما هم الاسماء و المعاني و الله سبحانه ليس باسم و لا معني فان المعني في اللفظ كالروح في الجسد و الله سبحانه ليس بروح شيء من الاشياء فانه لايحل في شيء حاشا ثم حاشا لعن الله من افتري و خاب من ادعي ولكن المراد المعبود هو الذات القديمة سبحانه و انما يتوسل الي عبادته باسمائه و معاني اسمائه الاتري انك تفهم المعاني و الله لايفهم فالذي لايفهم ليس بمعني و المعني مفهوم معروف و كل معروف مصنوع قال علي7 كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم و في ذلك كفاية لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد و العاقل يكفيه الاشارة و الجاهل لايغنيه الف عبارة. فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان المعاني مقامهم فان المعني اسم غيبي و الاسم معني شهودي و لكل اسم معني الا ان المعني اسم لطيف عقلاني و اللفظ اسم كثيف جسماني و هم: اسماء الله في كل مقام لكل احد قال الصادق7 بعبادتنا عبد الله.

و اما المقام الثالث فمقام الابواب و هذا ان شاء الله ظاهر بين انهم هم الذين ينزل اليهم و عنهم كل خير و يصعد اليهم كل عمل صالح و قد قرأت قوله7 في الجامعة ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه و قد تواتر في الاخبار انهم هم ابواب الله التي اليهم ينزل كل خير عن الله سبحانه اولاً ثم يخرج منهم الي ساير الخلق و كذلك يصعد اليهم الكلم الطيب و كل عمل صالح فهم باب كل خير و فيض و واسطة كل امر و ذلك لانهم محال مشية الله و مهابط امر الله و في الزيارة ارادة الله في مقادير امره تهبط اليكم و في

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 304 *»

بيوتكم الصادر عما فصل من احكام العباد. و قال7 في الزيارة الخارجة عن الناحية المقدسة و من تقديره منايح العطاء بكم انفاذه مقروناً محتوماً فما شيء منا الا و انتم له السبب و اليه السبيل الزيارة. الي غير ذلك من الاخبار و قد اوردنا شطراً من الاخبار و الادلة علي ذلك في رسالتنا الموضوعة في جواب ملامحمد حسن الچترودي.

و اما المقام الرابع فهو مقام الامامة و السلطنة الظاهرة و هذا المقام و ان كان مجملاً مسلماً عند عوام علمائنا و ساير الناس الا انا نشير الي بعض الوجوه الخفية عنهم فان في انكارها حقيقة ادحاض للحجة و تيه عن المحجة.

اعلم ان الامام هو المتقدم علي المأمومين المقتدي لهم و لابد للامام من فضل علي المأمومين حتي يجوز تقدمه عليهم و في الخبر من أم قوماً و فيهم من هو اعلم منه لايزال امرهم الي سفال الي يوم القيمة و المراد بالامامة التقدم امام القوم و من البين ان ائمتنا: اوصياء رسول‌الله9 و خلفاؤه علي جميع من بعث اليه رسول‌الله و هو جميع ما برء الله بنص القرآن حيث يقول سبحانه تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً. و من العالمين الجمادات و النباتات و الحيوانات و الملئكة و الجن و الانس و الانبياء و الارضين و السموات.

و ان قلت ان العالمين جمع للذكور و بعض ما عددت غير عاقل و لايناسبها اللفظ الصالح للذكور، قلت قد نص الله سبحانه بانها ارباب عقول حيث يقول و ان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم فانزلهم منزلة العقلاء و قد حقق في الحكمة ان جميع الموجودات عقلاء مختارون الا ان بعضها اشد ادراكاً و بعضها اقل اختياراً و اضعف ادراكاً فاذا العالمين يشتمل جميع ما ذكرنا فهو النذير لجميع خلق الله و منهم الانبياء المبعوثون علي كل فرقة من الفرق المذكورة بنص القرآن حيث يقول و اذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 305 *»

قال ءاقررتم و اخذتم علي ذلك اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا و انا معكم من الشاهدين. فلابد و ان‌تكون ائمتنا: ائمة للانبياء كلا و يكون لهم فضل عليهم في جميع العلوم و المعجزات و الكمالات و جميع ما خصهم الله به من بين رعيتهم حتي يصيروا بذلك ائمة لهم يأتمون بهم في جميع تلك الامور و يتعلمون منهم جميع ما يعلمون و يفعلون باذنهم ما يفعلون و يتقربون الي الله بولايتهم حتي يستقيم لهم معني الامامة عليهم بل يجب ان‌يكون لهم ما يكون معجزة بالنسبة الي الانبياء حتي يقروا بحجيتهم و امامتهم و كذلك هم ائمة الانس مع تشتت علومهم و قدرتهم و كذلك الجن مع تفاوت احوالهم و شدة قوتهم و قدرتهم و كذلك الملئكة في شدة قدرتهم و قوتهم بحيث يحملون السموات و الارض و العرش و الكرسي و كثرة علومهم بحيث يعلمون عدد الانفاس و قطر الامطار و كيل البحار الي غير ذلك من عبادتهم و خضوعهم و خشوعهم عند الله سبحانه فيجب ان‌تكون ائمتك: في جميع تلك الامور بحيث يكونوا ائمة و حججاً علي جميع اولئك و يكون لهم ما يزيد علي ذلك مقدار ان‌يكون معجزة عند الملئكة حتي يكون لهم الفضل عليهم و يليقوا بالامامة عليهم و كذلك ساير الحيوانات و النباتات و الجمادات و الارضين و السموات و لو شئنا ان‌نفصل لك كمالات هذه الفرق اطال بنا المقال و يمنعني الحين عنه الكلال فمجملاً لابد و ان‌يكون لهم فضل علي جميع هذه الفرق بقدر ان‌يكون معجزة حتي يتم بهم الحجة و الامامة فاذا لايعزب عن علمهم مثقال حبة في السموات و لا في الارض سبحانه و تعالي عما يقولون علواً كبيراً و لايعجزهم شيء في السموات و لا في الارض بل يعجزون كل شيء قال7 ما معناه ان الله سبحانه اجل من ان‌يحتج برجل علي الخلق ثم يخفي عنه علمهم حاشا ثم حاشا و ان الله سبحانه عير اقواماً فقال ما اشهدتهم خلق السموات و الارض و لاخلق انفسهم و ماكنت متخذ المضلين عضداً مشيراً الي ان هناك اقوام اشهدهم خلق السموات و الارض و خلق انفسهم و لذا قال الحجة7 في وصف الائمة اعضاد و اشهاد و حفظة و رواد و

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 306 *»

مناة و اذواد الي غير ذلك من الآيات و الاخبار و اجمل لك القول بما اجمله العزيز الجبار و قال و كل شيء احصيناه في امام مبين. فلايخفي عليهم خافية و من لايخفي عليه خافية لايعجز عن شيء لانه ما لم‌يكن له استعلاء و هيمنة لقدرة الله فيهم و يزعمون انهم ائمة لتعليم الحلال و الحرام حسب و انهم لايعلمون شيئا غير ذلك و قد ارخينا عنان القلم هنا في الجملة حتي تعلم ان المنكر لبعض فضايلهم منكر للكتاب و السنة و مكابر للعقل و ان ذلك الا من كلمة سبقت فيهم نعوذبالله من زوال العقل و قبح الزلل و به نستعين فهذه المقامات الاربعة كليات المقامات الالف الف التي لهم كماسبق و قد اشار الي هذه المقامات الاربعة في هذين الحديثين فقوله7 ان امرنا سر مستسر اي خفي مستخف اي خفي في نفسه و لايعرفنا الناس و علموا خفاءه كقوله صعب مستصعب اي صعب في نفسه و عرفوا صعوبته ايضاً فاستصعبوه كذلك امرهم لصعوبته خفي فاستخفي و هذا هو المقام الامامة حيث لم‌يعرفوا امامتهم الظاهرة فضلاً عن مقامهم الباطنة.

و اما قوله و سر لايفيده الا سر فهو مقام الابواب و هو سر الامامة و باطنه و لايفيده الا سر فان دليل كل شيء من جنسه.

و اما قوله و سر علي سر فهو مقام المعاني فانه سر علي سر لايفيده الا سر فان الامامة بالنسبة الي الثلاثة الظاهرة ليس بسر.

و اما قوله سر مقنع بالسر فهو المقام الرابع فانه اجل من ان‌يسمي بالسر و انما يعبر عنه بالسر فاستدرك ذلك بقوله مقنع بالسر و القناع ظهور المقنع و معناه ان امرنا سر عند التعبير لكنه مقنع بالسر و هو اجل من ان‌يقال له سر فالرابع مقام قناعه و ظهوره بالسر.

و اما الحديث الثاني ان امرنا هو الحق فالمراد به مقام الامامة و الابواب. و اما حق الحق فالمعاني و البيان و الظاهر هو الامامة و باطن الظاهر الابواب و المعاني و باطن الباطن البيان. و اما السر فهو الامامة كماعرفت و سر السر الابواب

 

«* مکارم الابرار عربی جلد 5 صفحه 307 *»

و السر المستسر المعاني و هذا مستسر لارباب العقول و كانت الامامة مستسرة لارباب النفوس الظاهرة و سر مقنع بالسر البيان كما عرفت و انما غير التعبير للاشارة الي كل مقام فمرة سموا الامامة سر الخفاء حقيقتها و مرة سموها ظاهر الظهور بالنسبة الي الابواب و مرة سموها بالحق لاثبات انها آية الحق لانه هنالك الولاية لله الحق و هكذا باقي المقامات هذا مجمل القول في هذه الاخبار علي حسب الميسور و انت تعلم تشتت البال في مجلس العزاء للزوم التوجه الي هذا الخلق المنكوس العنود و تعب البدن بكثرة القيام و القعود و تراكم الهموم و الغموم من جهة هذه المصيبة و المرجو ان‌تعذرني في الاقتصار و الصلوة علي محمد و آله الاطهار.

قد كتبه عبد الاثيم كريم بن ابرهيم في عصر الاربعاء سلخ شهر محرم‌الحرام من شهور سنة 1257 حامداً مصلياً مستغفراً.

([1]) اجماع الشيعة ظ