جواب سؤال
المحقق المدقق
الميرزا محمد اسمعيل
الاديب الطبيب الطهرانی رحمه الله
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی الله مقامه
«* الرسائل جلد 4 صفحه 370 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
فرمايشي ديگر فرمودهاند به اين عبارت:
بسم اللّه تعاليشأنه العزيز.
يا مفتاح كنوز الحقائق و حلال الرموز الدقائق منوا علينا ادام اللّه ظلكم بالبيان المتين و البرهان المفيد لليقين ان اي مفسدة ترد علي القول بوحدة الوجود علي طريقة الفهلويين المرضية عند المحققين من الحكماء.
فان القائلين بوحدة الوجود علي ما وصل الينا تفرقوا ثلثاً ففرقة قالت بوحدة الوجود و الموجود جميعاً و هذا الوجود الواحد و الموجود الفارد هو الحق جلّشأنه و الكثرات الامكانية عندهم اعتبارات صرفة و اوهام محضة بحيث ماشمت رائحة الوجود و التحقق اصلاً و هذا القول لطائفة من المتصوفة خذلهم اللّه و هو مردود عند ابناء التحقيق بلا شك و ريب لانه يستلزم القول بعدمية الذوات الكريمة القدسية و الاشخاص الشريفة الملكوتية و ذوات الانبياء و الاولياء و الاجرام العظيمة المتعددة المختلفة بحركاتها جهة و قدراً مع ان لكل من هويات الممكنات آثاراً مخصوصة و احكاماً خاصة و لانعني بالحقيقة الا ما يكون مبدأ اثر خارجي فكيف يكون الممكن لا شيئاً في الخارج و لا موجوداً فيه.
و فرقة قالت بوحدة الوجود و هو حقيقة الحق جلّشأنه و كثرة الموجود بمعني المنتسب الي الوجود نحواً من الانتساب و الارتباط فعندهم معني قولنا الانسان او الفرس موجود ان له نسبة الي الواجب تعالي حتي ان قولنا وجود زيد و وجود عمرو بمنزلة قولنا اله زيد و اله عمرو و هذا القول كسابقه
«* الرسائل جلد 4 صفحه 371 *»
مزيف و مردود و مضعف و مطرود عند ابناء التحقيق بوجوه عديدة كما قرر في موضعه.
و اما الفهلويون من القدماء و المحققون من المتأخرين فهم يقولون بوحدة الوجود و الموجود جميعاً في عين كثرتهما فان الوجود عندهم حقيقة واحدة شخصيَّة ذات مراتب متفاوتة بالكمال و النقص و الشدة و الضعف و التقدم و التأخر و المرتبة التامة الكاملة الشديدة المتقدمة من مراتب هذه الحقيقة هي حقيقة الواجب تعاليشأنه و ساير المراتب هي الوجودات الامكانية الفاقرات الذوات الي الحقيقة الواجبية جلت عظمتها فهم يقولون بالكثرة في عين الوحدة و بالعكس فالحقايق الامكانية عندهم امور عينية و وجودات متحصلة لا اختلاف بينها بالنوع و لا تباين بينها و بين الحقيقة الواجبية بينونة عزلية بل بينونة وصفية و كل مرتبة متقدمة من هذه الحقيقة واجدة لكل كمالات المراتب المتأخرة و هي مترشحة منها فالمرتبة الاولي التي هي حقيقة الواجب مع انها بسيطة غاية البساطة لانها وجود لايشوبه عدم و تام لايعتريه نقص و غني لايعرضه فقر و حق لايتطرق اليه البطلان واجدة لكل كمالات المراتب الامكانية من وجوداتها و كمالات وجوداتها لان الكل مستفيض منها و مفتقر بذاته اليها و معطي الشيء كيف يكون فاقداً له.
و هذا معني قولهم بسيط الحقيقة كل الاشياء و ليس بشيء منها بحيث يستعملون هذه القاعدة في هذا المقام لا ان معني قولهم هذا ان الوجود الواجبي مجموع الوجودات الامكانية هيهات هيهات حاشاهم عن ذلك.
و العجب ان المشايخ رضوان اللّه عليهم يطعنون في هذه القاعدة و ينسبون قائليها الي الكفر و الالحاد مع انهم ايضاً يقولون بمثل ذلك و اكثر كلماتهم مؤيد لهذه القاعدة.
منها ما حققه المرحوم المغفور آقا اعلي اللّه مقامه في الفصل الثالث من الرسالة المسماة بفصول الحكم حيث قال اعلي اللّه مقامه: فاذا نظرت
«* الرسائل جلد 4 صفحه 372 *»
الي مجموع هذا العالم اي الموجود الكائن و قطعت النظر عن اعيانها و اكوانها و امكانها و ذواتها و صفاتها و جواهرها و اعراضها و خصوصها و عمومها و قراناتها و نسبها و اتصالاتها و وجوداتها و اعدامها و جميع ما يميز و يدرك و يتوهم و يشار اليه منها بقضها و قضيضها و دقيقها و جليلها بحيوثها و اعتباراتها كلها من حيث هي بل نظرت الي الكائن تجد حينئذ وجوداً بحتاً بسيطاً مطلقاً قدطوي باحديته كل ذات و صفة و جوهر و عرض و نسبة و اقتران و ارتباط و تلازم و ترتب بحيث لايشذ عنه شاذ و لايخرج عن سلطانه خارج.
و قال ايضاً في هذا الفصل: و هذا الوجود ليس بوجود الاشياء فان وجود الاشياء مادة قدعرضها صورة هي غيرها و هو قدطوي المادة و الصورة.
فليت شعري ما الفرق بين قوله اعلي اللّه مقامه تجد حينئذ وجوداً بحتاً بسيطاً الخ و بين قولهم بسيط الحقيقة كل الاشياء فان ظن ظان ان معني قولهم هذا ان الحقيقة البسيطة الواجبية مجموع وجودات الامكانية فهذا افتراء عليهم بلا امتراء كيف و هم مصرحون في جميع دفاترهم بان هذه المرتبة التامة الكاملة القوية القاهرة الغنية المتقدمة الشديدة من تلك الحقيقة علة لساير المراتب الناقصة الضعيفة فساير المراتب معاليل لتلك المرتبة العلية و مفتقرات اليها بذواتها فكيف يتفوه عاقل بان الوجود التام الغني الواجبي مجموع الوجودات الناقصة الفاقرة الممكنة.
و بالجملة لانري فرقاً بين القولين بحسب الظاهر فان انعم علينا ادام اللّه علوه ببيان الفرق كانت المنة اعظم و الحمدللّه رب العالمين.
اقول: و باللّه المأمول بوساطة آل الرسول سلام اللّه عليهم ظواهر الاقوال في هذا المجال علي ما ذهبتهم اليه يشبه بعضها بعضاً كظاهر السراب و الطهور من الشراب و بواطنها كبواطن ما اشير اليهما و قدامكن لنا السرد في الدفاتر و لايمكننا الهتك و المحو و الكشف عن الخواطر انما تحد الادوات
«* الرسائل جلد 4 صفحه 373 *»
انفسها و تشير الالات الي نظائرها و علي الجاذب الجذب لصفة التوحيد و نعت التفريد و علينا الكتب لا رفع الحجب و علي اللّه قصد السبيل و منها جائر و نعم المولي و نعم النصير.
فاعلم ايها النحرير و لاينبئك مثل خبير انه لايعقل كما لاينقل ان الوجود الصرف شيب@مشيب خل@ بشيء سواه اذ سوي الوجود الصرف هو العدم المحض و العدم المحض ليس محض لايعقل شوبه بشيء كما لاينقل و لايصلح انيصير عارضاً علي شيء او معروضاً لشيء او حالاً في شيء او محلاً له او مختلطاً بشيء او ممتزجاً به و هكذا لايعقل كما لاينقل انيكون غيباً في شيء او شهادة له او روحاً لشيء او بدناً له او مجرداً عن شيء او مقترناً به و هكذا كل ما يمكن انيقال له شيء من ذات او صفة او جوهر او عرض او فاعل او فعل او مؤثر او اثر او اثر اثر او شبح او شبح شبح الي مالانهاية له او اضافة او نسبة او رتبة او جهة او وضع او فعل او انفعال و امثال ذلك.
فالعدم المحض و الليس الصرف لايصلح لانيصير شيئاً من ذلك و غيره فالوجود الصرف هو هو لايتركب شيء غيره و لايمتزج بنحو من الانحاء فلايصير معروضاً لعارض غيره و لا عارضاً لمعروض غيره اذ لا غير له و كل مايكون له غير فهو كغيره محدود به و كل مادل علي محدودية غيره فهو بعينه دال علي محدوديته و كل محدود مركب من الحد الحاد و المحدود به و كل مركب منقطع عن غيره كما ان غيره منقطع عنه و كل منقطع متناه و كل متناه ينتهي الي نهايته كما ان نهايته تنتهي الي المنتهي بها فلذا صار جميع الموجودات محدودات مركبات منقطعات متناهيات و لو بعدم النهايات.
فالوجود الصرف لا غير له سواء كان ذلك الغير هو النهاية او المنتهي اليها فهو فوق ما لايتناهي بما لايتناهي فلاينتهي الي شيء و لاينتهي اليه شيء اذ لا شيء سواه ينتهي اليه او اليه ينتهي و كذا لاينتسب الي شيء و لاينتسب اليه شيء اذ لاشيء غيره فينتسب اليه او اليه ينتسب فلايكون اصلاً
«* الرسائل جلد 4 صفحه 374 *»
لشيء اذ لا شيء غيره و لا فرعاً له اذ لا شيء غيره و لا حقيقةً لشيء و لا مجازاً له و لا ظاهراً لشيء و لا باطناً له و لا روحاً لشيء و لا جسماً له و لا ذاتاً لشيء و لا صفة له و لا وصفاً لشيء و لا موصوفاً له و لا اسماً لشيء و لا مسماه و لا رسماً لشيء و لا مرسوماً له لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و لشهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بامتناعه عن الازل و حصوله بين المقترنين كما اشار اليه امير المؤمنين عليه و آله صلوات المصلين في خطبته.
و استدلاله7 عقلي قد ضمنه العقل و هو جار في الاسم و المسمي و اللفظ و المعني و كل من المتضايفين كائنين ما كانا من فاعل و فعله و مفعوله و عالم و علمه و معلومه و صانع و صنعه و مصنوعه و قوي و قوته و شديد و شدته و ضعيف و ضعفه و بسيط و بساطته و مركب و تركيبه و مجرد و تجرده و مادي و مده و المبتدأ و ابتدائه و المنتهي و انتهائه و الاول و اوليته و الاخر و آخريته و الغائب و غيبته و الحاضر و حضوره و الظاهر و ظهوره و الباطن و بطونه و العالي و علوه و الداني و دنوه و الرفيع و رفعته و الوضيع و وضعه و العظيم و عظمته و الكبير و كبريائه و الصغير و صغره و السماء و سموها و الارض و دنوها و الحار و حرارته و البارد و برودته و الرطب و رطوبته و اليابس و يبوسته و هكذا كل ما كان من المتضايفات فهو من عالم المحدودات و الوجود الصرف غيرمشوب بشيء حتي الصرافة فهو هو بل ان قلت هو هو فالهاء و الواو كلامه فالهاء لتثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغائب كما ورد الاثر ممن جاء بالخبر و لاينبئك مثل خبير.
فان علمت ما بينت و اوضحت و ابهمت و اجملت فقد علمت الفرق بين القولين كالفرق بين الظلمات و النور و الظل و الحرور فاين الشدة و الضعف و ساير العوارض في نفس ما ليس شيء الا هو و لا نهاية له اذ كل ما لا نهاية له ليس شيء غيره اذ لو كان معه غيره لكان محدوداً كغيره فما لا نهاية له ليس
«* الرسائل جلد 4 صفحه 375 *»
شيء معه غيره سواء كان ذلك الغير شدة او ضعفاً او غيرهما مما يسمي باسم شيء كائناً ما كان من الوحدة و الكثرة و النقص و الكمال و التقدم و التأخر و امثالها و الشدة شيء عارض علي الشديد كالضعف العارض علي الضعيف و المادة فيهما واحدة فان عرض الشدة علي مادة الضعيف لصارت شديدة و ان عرض الضعف علي مادة الشديد لصارت ضعيفة كالحرارة اذا عرضت علي الجسم صار حاراً و البرودة اذا عرضت عليه صار بارداً و هكذا جميع العوارض بالنسبة الي معروضاتها فانشدك باللّه اين الفرق بين المواد الامكانية و بين الذات التي وصفوها كالمداد و الخلق حروفه و البحر و الخلق امواجه و النفس و الخلق قواها و امثال ذلك كقولهم:
و ما الناس في التمثال الا كثلجة | و انت لها الماء الذي هو نابع | |
ولكن بذوب@يذوب خل@ الثلج يرفع حكمه | و يوضع حكم الماء و الامر واقع | |
من و تو عارض ذات وجوديم | مشبكهاي مشكات وجوديم | |
چه ممكن گرد امكان برفشاند | بجز واجب دگر چيزي نماند |
فما الفرق بين واجبهم و بين البحر و الماء و المداد و ساير المواد «دريا نفس زند بخارش نامند بهم پيوندد ابرش گويند فرو چكد بارانش نامند بهم پيوندد سيلش گويند چون به دريا رسد همان دريا باشد، البحر بحر علي ما كان في القدم».
فالطول هو العارض علي الطويل و القصر علي القصير فهل تجد فرقاً بين العوارض الظاهرة الشهادية و بين العوارض الغيبية في عروض كل منها علي موادها و غاية ما في اقوالهم من التقديس و التنزيه لواجبهم انه مادة المواد و الصور المادية ايضاً عارضة عليه فاين الذي لا شيء سواه لعدم نهايته من انيعرض عليه عارض سواء كان شدة او ضعفاً او وحدة او كثرة و كيف يترشح منه شيء و لا شيء سواه او يرشح من شيء و لا شيء سواه و كيف يعقل انيتنزل في المراتب المتفاوتة بالكمال و النقص و لا كمال و لا نقص و لا
«* الرسائل جلد 4 صفحه 376 *»
مراتب فيه اذ ليس شيء سواه و الكمال عارض للكامل كالنقص علي الناقص و كلاهما مركبان من جوهر متصف بالكمال او النقص فواجبهم هو المادة التامة الشديدة المتقدمة فهو المحدود بهذه الحدود كما ان الحوادث محدودات بحدودها و لو لميكن بينهما و بين الحقيقة الواجبية بينونة عزلة فتكون بينونة وصفية و كل مرتبة متقدمة من هذه الحقيقة واجدة لكل كمالات المراتب المتأخرة و هي مترشحة منها تتولد منها كما بينتم فتلد نعوذ بالله فاين قوله لميلد و لميولد.
فتفطن ايها البصير و لاتقلد في عقايدك من لميدع المجيء من عند الخبير و لميدع العصمة في التخبير فضلاً من وجودها فيه فهل هذه المترشحات اشياء سواه ام هي عينه بكل حيث و اعتبار ام هي غيره باعتبار و عينه باعتبار فان كانت عينه بكل اعتبار فلم صارت مترشحة منه فهو هو و لا شيء سواه و ان كانت عينه باعتبار و غيره باعتبار فله جهتان و اعتباران جهة العينية و جهة الغيرية كما تكون الجهتان ثابتين فيها ايضاً فتفطن فيما له جهتان هل هو مركب منهما ام لا فان لميكن فيه جهتان فالقضية كاذبة و ان كان فيه الجهتان فهو المركب منهما و اين التركيب فيما لا نهاية له اذ التركيب يحصل بوجود اشياء متعددة كل واحد منها غير الاخر و ليس لما لا نهاية له غير معه فهو هو و لا شيء معه وجوداً و كوناً و عيناً و امكاناً و اثباتاً و نفياً اذ كل ما كان معه غيره و لو باعتبار هو غيره و غيره غيره و كلاهما محدودان و لو باعتبار و ما لا نهاية له لاحد له بكل اعتبار فاين الشدة فيه كالضعف و الشدة فيه نعوذ باللّه كالضعف بكل اعتبار.
فان قلت فما هذه الصفات التي اتصفت بها و الاسماء التي له و امر انتدعوه بها.
اقول هي صفات في مقام الاتصاف و اسماء للمسمي بها و المسمي و الموصوف ايضاً من الصفات و ان كانا اعلي منها و هي متعددات و كنهه تفريق
«* الرسائل جلد 4 صفحه 377 *»
بينه و بينها المتر انك تجمعه و المتسمع قوله7 كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع عن الازل و المتسمع قوله7 من عرف مواقع الصفة بلغ القرار من المعرفة و اين المواقع المتعددة فيما لا ثاني له فتلك بيوت النور و قمص الظهور و الايات و العلامات التي قال سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لميكف بربك انه علي كل شيء شهيد الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شيء محيط.
فان زعمت من هذه التعبيرات التي هي التفهيم للفهيم تعطيلاً فيه كمازعم الزاعمون جهلاً زعموه علماً فحصل لهم جهل علي جهل مركباً فتفطن ان المعطل هو المحدود بالتعطيل كما ان المشبه هو المحدود بالتشبيه فاين التعطيل او التشبيه فيما لا حد له فسبحان من كان هكذا و لا كان هكذا غيره و سبحانه عن التعطيل او التشبيه.
و اما قولكم و معطي الشيء كيف يكون فاقداً له فان اردتم انه معطي الكثرات باسرها و هي باسرها فيه فاين وحدته و بساطته و الوحدة التي هي الكثرة بكل اعتبار و الكثرة التي هي الوحدة بكل اعتبار فلاكثرة و لاوحدة بكل اعتبار و منكر الكثرة مكابر كما ان مكابر الوحدة كافر و ان اردتم ان معطي الشيء ليس فاقداً له في ملكه لا في ذاته فهو مما لاشك فيه و لاريب يعتريه ان الفاقد للشيء في ملكه لايقدر علي اعطائه.
و اما العجب من المشايخ+ في الطعن علي القائلين بوحدة الوجود و اتيانهم بكلمات متشابهة فذلك لاجل عدم الاطلاع علي مصطلحاتهم اما وجه الطعن فهو ما اشرنا اليه. و اما وجه التعبيرات فيحتاج الي الانس بقواعدهم المستنبطة عن اقوال المخبرين عن اللّه المعصومين عن الخطاء: و عدم الانس بقواعد من لميدع العصمة عن الخطاء فضلاً عن
«* الرسائل جلد 4 صفحه 378 *»
وجودها فيهم.
فان اردت الوصول الي الموصول فتدبر في قولهم قطعت النظر عن اعيانها الي قولهم و وجوداتها و اعدامها و جميع ما يميز و يدرك و يتوهم و يشار اليه منها بقضها و قضيضها و دقيقها و جليلها بحيوثها و اعتباراتها كلها الي آخرها و تدبر ايضاً في قولهم هذا الوجود ليس بوجود الاشياء فان وجود الاشياء مادة قد عرضها صورة هي غيرها فقوله فان وجود الاشياء الي آخر بيان شريف و تنبيه لطيف لحصول المراد و وصول العباد به انشاءاللّه تعالي. و اني لااتهم الفطانة منك بالبلادة نعوذ باللّه و كفي به شهيداً ولكني اقول انك بما كنت فيه من الفطانة لمتسمع المطالب منهم فلعلك تري منهم لفظاً و تحمل معناه علي ما هو المتبادر الي ذهنك من المعاني المكتسبة من الفاظ غيرهم فتتحير فلنمثل لتقريب ذهنك الي وجه النظر في شيء من الاشياء و قس عليه البواقي.
فاقول ان حقيقة السكنجبين المصفي للدم القاطع للبلغم المطفئ للصفراء المرقق للسوداء بجميع خواصه و افعاله و آثاره و لوازمها هو المركب من الخل و الانجبين الممتزجين فليس الخل بالسكنجبين كما ليس الانجبين به و لو لميكن احدهما او كلاهما لميكن السكنجبين ولكنهما ليسا بالسكنجبين حداً و وصفاً و رسماً و خاصية و اثراً الا بعد المزاج و التركيب مقيداً بهما لا مطلقاً فمن وصفه بهما او باحدهما من غير قيد الامتزاج فقد رام مجازاً و سامح جزافاً و يصح حينئذ السلب و التكذيب بان قضية الواصف قضية كاذبة اذ لايكون فيهما و لا في احدهما خواصه و لوازمها و ذلك غير نكير لدي البصير بحيث لايحتاج الي التكرير و قد عده الزكي من البديهيات و لعمري لو اجراه في جميع المراتب لايكاد انتزل قدمه@قدم خل@ بعد ثبوتها فكذا الحال في الخل و الانجبين وحدها.
فالخل حقيقته هو الحاصل من العنب مثلاً بعد التعفين و البلوغ الي
«* الرسائل جلد 4 صفحه 379 *»
الغاية من الحموضة فهو حقيقة الخل و خواصه و آثاره و لوازمها تابعة لتلك الحقيقة فليس العنب خلاً حقيقة و حداً و وصفاً و خاصيةً و اثراً و ان لميكن العنب لايوجد الحاصل منه فمن وصفه به فقد اخطأ و كم من حاصل يكون ضداً لما حصل منه فيكون احدهما حاراً و الاخر بارداً و توصيف الحار بالبارد و بالعكس سخيف بارد جداً فالعنب حلو و الخل حامض كمايكون اثر كل واحد منهما و خواصه غير اثر الاخر و خواصه فمن عرف مواقع الصفة بلغ القرار من المعرفة و وضع كل شيء موضعه فوصف العنب بما فيه و الخل بما فيه لا الخل بما في العنب و العكس و كذا العنب لاينبغي انيوصف بشيء من الفواكه الا بما فيه من العنبية و لاينبغي انيوصف بشيء من العناصر و لا بشيء من اشعة الكواكب فلايكون العنب ماءً و لا تراباً و لا ناراً و لا هواءً و لا شعاعاً و لو لميكن العناصر و الاشعة لميوجد عنب ولكنه حاصل منهما([1]) بكمية خاصة و كيفية خاصة في مرتبة خاصة فلايوجد العنب في عرصة التراب و الماء و الهواء و النار مجموعة و منفردة الا بعد الامتزاج بالكمية و الكيفية الخاصة فغلط من سمي العنب باحد من العناصر او باجمعها و حده بحدودها الا بما وجد فيه و هو فيه لا في العناصر.
و كذا الحال في حد كل واحد منها و وصفه فهي الاجسام الغليظة تحت فلك القمر مثلاً بمراتبها و حدودها المميزة الممتازة عن الافلاك و حدودها فلميكن شيء منها بمطلق الجسم الا بعد التقييد بالقيود الخاصة التي وجدت في كل منها خاصة لاتوجد في غيره و لو لميكن الجسم المطلق لمتكن الاجسام المقيدة ولكن المقيدة مقيدة حقيقة و المطلق مطلق حقيقة فكذب من وصف المقيدة بالمطلق و المطلق بالمقيد@بالمقيدة خل@ فليس شيء من المطلق بالمقيد و ليس شيء من المقيد بالمطلق و المطلق مطلق بالضرورة و المقيد مقيد بالضرورة و المطلق مقيد قضية كاذبة و المقيد مطلق قضية كاذبة و الصادقة
«* الرسائل جلد 4 صفحه 380 *»
هي الصادقة و هي كل شيء هو هو لا غيره و لو لميكن عزلة بل صفة.
و كذا الحال في الجسم فانه جوهر غليظ متحيز ذو كمّ و كيف و جهة و رتبة و زمان و مكان و امثال ذلك فليس شيء من الجسم بجوهر وحده و لا بغلظة وحدها و لا بكمّ و كيف و جهة و رتبة و زمان و مكان كل واحد وحده و لو لميكن جميعها او واحد منها لماكان الجسم فالجسم هو الجوهر المقيد بالقيود الخاصة به لاتوجد في غيره فغفل من حده@حدده خل@ بما لايخصه.
و كذا الحال في كل واحد من المذكورات فهي و ان كانت من الوجود المقيد في اصطلاحنا ولكنها لاتوجد في اعاليه فاعاليه العقل و ادانيه الجسم و حدوده فليس شيء من العقل بالجسم لتجرده و عدم تجرد الجسم.
و كذا الحال في الوجود المقيد في اصطلاحنا من درة العقل الي ذرة الجسم ليس شيء منه بفعل اللّه و مشيته و قدرته المطلقة و الملحق بها التي لا نهاية لها و لو لمتكن القدرة المطلقة لميكن الوجود المقيد ولكنه مقيد دائماً و هي مطلقة سرمداً.
و لاتزعم من ظواهر البيان ان كل ما وقع في المرتبة العالية يصير مادة لما يوجد في المرتبة الدانية منها لما يترائي في كثير من درجات المثال فتقول ان معتقد القائل هو معتقد ضرار و اصحابه حيث زعم ان المشية هي المشاءات و هي مادة المواد فهي التي تأكل و تشرب و تنكح و تفعل الفواحش و قد كذبه الصادق الامين عليه صلوات المصلين او تقول هو بعينه معتقد اصحاب وحدة الوجود حيث زعموا ان مادة المواد و علة العلل و اصل الاصول و حقيقة الحقائق و امثال ذلك هو الذات و حقائق الاشياء هي المستجنة في غيب الذات كحقائق الامواج المستجنة في البحر و حقائق الحروف المستجنة في المداد و امثال ذلك.
فاقول لرفع هذا التوهم القريب الي الاذهان من ظواهر البيان البعيد عما في الجنان بما شاهدناه بحقائق الايمان و اخبرنا عنه باللسان لاتمام العمل
«* الرسائل جلد 4 صفحه 381 *»
بالاركان فليس مرادنا ايراد تلك الامثال ان الاشياء كائنة ما كانت و بالغة ما بلغت انها بسيطة و ان هي الا مركبة و ان كان بعضها مترتباً علي بعض كوجود السكنجبين علي الخل و الانجبين فهي اما غيبية او شهادية او مجردة او مادية او جوهرية او عرضية او مادية او صورية و امثال ذلك كالاصل و الفرع و الاجزاء و المركب و الذات و الصفة كزيد و قيامه او كزيد القائم او الاطلاق و التقييد و الكلي و الجزئي او النوع و الافراد و الجنس و الانواع سواء كانا حقيقين او اضافيين و هكذا الي انينتهي الانواع الي الاجناس و الاجناس السافلة الي العالية الي انينتهي الي جنس الاجناس و حقيقة الحقائق فهي كلها مركبات و ان كان لكل واحد من المراتب بساطة اضافية بالنسبة الي ما دونه و له ذاتية بالنسبة الي الصفات التي دونه و ليس بين كل عال و دانيه بينونة عزلة بل تكون البينونة بينهما بينونة صفة فهي كلها اشياء مركبة ليست بسيطة فليس كمثله شيء من الاشياء كما لميكن مركباً كشيء من الاشياء و هذا معني قوله: و هذا الوجود ليس بوجود الاشياء فان وجود الاشياء مادة قد عرضها صورة هي غيرها.
و اما قوله فاذا نظرت الي مجموع هذا العالم اي الموجود الكائن الي آخر قوله فليس مراده اذا نظرت اليها بهذه الكيفية تري شيئاً بسيطاً كما يترائي ذلك من ظواهر بيانه اماتري ان البصر لمتبصر الاضواء و الاشكال و الالوان و هي اعراض عارضة علي الاجسام فكيف يمكنه ابصار البسيط الذي ليس بعارض لشيء و لا بمعروض له فمراده انه و ان لمتره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان فاذا نظرت اليها و تراها بموادها و صورها و ذواتها و صفاتها و غيبها و شهادتها و نسبها و اوضاعها كمابينه الي ان قال بقضها و قضيضها و تريها كلها محدثة موجودة مخلوقة دلتك الي محدث لها ليس كمثلها اذ هي كلها عاجزة فهو القادر و كلها محدودة فهو غير محدود و كلها متناهية فهو لايتناهي و هي كلها
«* الرسائل جلد 4 صفحه 382 *»
مركبة فهو لاتركيب فيه و لها امثال و اشباه فليس له مثيل و شبيه و له اضداد و اعداء(انداد ظ) فليس له ضد و لا ندّ و لا شبيه ليس كمثله شيء.
فهي ان كانت عالية ليست بدانية و لايعقل انيكون شيء عالياً يكون دانياً من حيث كونه عالياً فهو سبحانه ليس كمثله شيء فيكون عالياً دانياً فبمضادته بين الاشياء علم ان لا ضد له و بتركيبه بينها علم ان لا تركيب له و بتشكيله بين المتشاكلات علم ان لا شكل له و بتصويره بين المصورات علم ان لا صورة له و بتأليفه بين المواد علم ان لا تأليف و لا تألف له@ان لا تأليف له و لا تألف خل@ اذ لو كان كاحد منها و هي كلها عاجزة لكان عاجزاً مثلها فلميكن قادراً فلمتره العيون لانها تري العوارض الموجودة بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان عميت عين لاتراك و لاتزال عليها رقيباً و قد تريها محدثة فعلمت ان لها محدثاً فان جهلت عميت.
بالجملة فكل الاشياء مخلوقة كائنة ما كانت و بالغة ما بلغت فمنها البسائط و منها المركبات و منها المواد التي ليس لها انتهاء بالنسبة الي الصور الكامنة فيها و منها الصور التي لها انتهاء و ان كثرت و منها العلل و منها المعلولات و منها الفواعل و منها المفعولات و منها الاسباب و منها المسببات و منها الشرائط و منها المشروطات و منها اللوازم و منها الملزومات و هكذا جميع المتضايفات كالمطلقات و مقيداتها و الكليات و جزئياتها و الاجناس و انواعها و الانواع و افرادها و الافراد و اوصافها و افعالها و ان لمتكن البيونة بين عواليها و سوافلها بينونة عزلة بل تكون البينونة بينونة الصفة.
بالجملة سواء كانت البينونة بينونة صفة او بينونة عزلة كبينونة زيد و عمرو كلتاهما واقعتان بين الاشياء الممتازة التي كل واحد منها غير الاخر و لو بغيرية الصفة و الموصوف و اين الاشياء كائنة ما كانت و بالغة الي اي درجة من المراتب ما بلغت و الذي لا انتهاء له ابداً ازلاً بل هو فوق ما لايتناهي بما لايتناهي غير ما له نهاية و هو غيره و لو صفة لا عزلة و ليس كمثله
«* الرسائل جلد 4 صفحه 383 *»
شيء له ما لا نهاية له و لا ما له نهاية و هي كلها اشياء محدودة و لو بعدم الحد و قد احدثه الذي ليس كمثله شيء فهو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه و تعالي عما يشركون.
فأي شيء من الاشياء خلق ما سواه ثم رزقه ثم يميته ثم يحييه و هو بنفسه مخلوق مرزوق ميت حي لايملك لنفسه نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوةً و لا نشوراً و لا حول و لا قوة الا باللّه@الله و بالله خل@ و من اللّه و الي اللّه هو المالك لما ملكهم و القادر لما اقدرهم عليه و هذا الوجود ليس بوجود الاشياء التي وجوداتها مفاضات من غيرها فالفرق بين قولنا و قولهم هو الفرق بين اللّه و بين خلقه فقولنا اللّه اللّه و الخلق خلقه و كلهم محتاجون مخلوقون مرزوقون لايملكون لانفسهم نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوةً و لا نشوراً و هو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه و تعالي عما يقول القائلون بانه كل الاشياء.
فهل هذا المبتدأ عين هذا الخبر و هل هذا الموضوع عين ذلك المحمول من كل حيث و جهة و اعتبار ام غيره او من جهة عينه و من جهة غيره فان كان الموضوع الذي هو البسيط عين المحمول الذي هو كل الاشياء بكل اعتبار و هو بسيط بكل اعتبار فلايكون شيء من الاشياء موجوداً و قد كذب وجودها القائلين حتي وجود القائلين و ان كانت الاشياء و لا نكير لها الا المكابر و كلها عين الموضوع بكل الاعتبار فلا محمول فلا بسيط حينئذ بل الاشياء هي الاشياء فان كان الموضوع عين المحمول من جهة و غيره من جهة كما هو المعروف فنقول جهة العينية عين جهة الغيرية او غيرها فان كانت عينها فقد جاء المحذور الاول و ان كانت غيرها فقد جاء التركيب في البسيط من جهة العينية و الغيرية فان لميقصد من هذا الموضوع و المحمول شيء فلا معني لهما فان قصد كل واحد منهما عين الاخر من كل جهة فلا موضوع
«* الرسائل جلد 4 صفحه 384 *»
حينئذ و لا محمول و ان قصد كل واحد منهما عين الاخر من جهة و غيره من جهة فقد جاء التركيب في كليهما و لو من جهة الصفتية لا العزلة.
و اما نحن فنقول سبحان من جعل الموضوع موضوعاً و المحمول محمولاً و كل واحد منهما عين الاخر من جهة و غيره من جهة و لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه و يجعله النسبة بينهما علمنا انه لا نسبة له اليهما و لا لهما اليه و لا عدمها لديه لانه لا نهاية له بحيث لاتكون اللانهاية نهاية له فسبحان من هو هكذا و لا هكذا غيره.
بالجملة فان رأيت بعض العبارات المتشابهة في بعض تعبيرات المشايخ+ فاعلم انهم اجروا ذلك في بعض المقامات و العلامات التي هي الاسماء و الصفات لا في الذات جلّجلاله فان قلت بعد ذلك ان مرادهم هو مراد المشايخ+ فنحن لانقول بان الحق باطل و ان كان مرادهم غير مرادهم فهو الفرق بين القولين.
و نحن نذيل ببيان ذلك مزيداً بان الامكانات المعدومة في الاكوان و الاعيان التي لانهاية له@لها خل@ و الاكوان و الاعيان الموجودة التي في مراتبها كلها بالنسبة الي من لا نهاية له حتي اللانهاية علي حد سواء ليس شيء من الامكانات و الاكوان و الاعيان اقرب اليه من شيء آخر و كلها محدثات احدثها بها و لا نسبة لها اليه كما لانسبة له اليها كان النسبة وقعت بين الاشياء و هي من جملة الاشياء فكيف يعقل انيستجن فيه شيء من الامكانات المعدومة او الاكوان الموجودة او الاعيان المشهودة فالاعيان في الاكوان معدومة و في عالمها موجودة و الاكوان في عرصتها موجودة و في الامكان معدومة و الامكانات في الامكان المطلق موجودة و فيما سواه معدومة و تلك المعدومات و الموجودت ممتنعات في الذات وجوداً و اثباتاً و ايجاباً و سلباً و نفياً و عدماً و لا ذكر لها فيه و لا ذكر له فيها فهو هو وحده وحده و هي هي كلها محتاجة فليس الاول مبتدأ و الثانية خبره و ليس الاول موضوعاً و الخلق محموله و لا
«* الرسائل جلد 4 صفحه 385 *»
موصوفاً و الاخر صفته و هكذا اذ ليس لشيء من الاشياء ذكر لديه نفياً و اثباتاً و من الاشياء المبتدأ و الخبر و الموضوع و المحمول و المؤثر و الاثر.
فان فهمت من هذه المكررات المختلفات المؤتلفات المتعددات المتحدات ما هو المكنون في الجنان فقد عرفت الفرق و ان لمتعرف الفرق فقد ذهب بك البرق من مشاعرك و علينا النحت و عليك ابتغاء البحث و علي اللّه قصد السبيل و منها جائر فنعم المولي و نعم النصير و حسبنا اللّه و نعم الوكيل و لا حول و لا قوة الا به و قد اكتفينا بما اكتفينا تكلاناً علي الفهم النقاد الثاقب الذي قد اراحنا من التطويل مزيداً لمامر و الحمدللّه اولاً و آخراً و ظاهراً و باطناً.
و قد فرغنا منه في عصر يوم الثلثاء العاشر من شهر ربيع الاول من شهور سنة 1296 حامداً مصلياً مستغفراً.