04-28 الرسائل المجلد الرابع – رسالة في جواب الشبهات التي سنحت لمحمدعلي خان في کلمات المشايخ ـ مقابله

جواب الشبهات

التي سنحت لمحمد علي خان

في كلمات المشايخ العظام

اعلي الله مقامهم

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی‌ الله مقامه

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 362 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه و سلام علي عباده الذين اصطفي.

و بعد قد وصل الي خطاب جسيم و كتاب كريم من صاحب الشرف الرفيع و الحسب البديع و النسب المنيع سبط الاساطين و نجل السلاطين الزكي الاوزعي محمد علي خان حفظه اللّه من طوارق الحدثان و قد امرني ان‏اكشف ما خطر بباله من الشبهات الحاجبة لمشاهدة المراد من بعض كلمات المشايخ العظام+ فاوردت عباراته بعينها اولاً و اشرت الي ما يليق ثانياً و اعتذر لديه من تفصيل الحال لما بي من الضعف و اختلال الاحوال و الاشتغال بما لا مندوحة فيه في المبدأ و المآل و لاسيما من كان من اهل الاشارة لايحتاج الي تطويل العبارة ان‌شاءاللّه.

قال اعلي اللّه كعبه: بعد حمد اللّه و الصلوة علي نبيه و آله التمس من جنابكم العالي الجواب عن بعض الشبهات التي سنحت لي و اوجبت علي سؤالها اذ قد صعبت علي دفعها ارسلتها الي جنابكم فمنوا علي بالجواب و رفع الحجاب و تبيين بعض الاسرار و لاتقتصر علي ظاهر الظاهر فاحسن الي احسن اللّه اليك.

سؤال: ما المراد بكلمة اللّه في قوله قل هو اللّه احد فان كان المراد به الذات البحت البسيط المجهول المطلق علي خلاف طريقتكم من انه لايقع تحت العبارة و لايكون مشاراً بالاشارة و ان كان المراد به العنوان كما هو طريقتكم من انه اذا اطلقت عليه العبارة تقع علي العنوان و الدليل و هو ما اوجده اللّه من وصفه. نقول ان اول ما اوجده و اول ما صدر عنه هو الحقيقة المحمدية و المقامات التي لا تعطيل لها في كل مكان التي هي اعلي

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 363 *»

ما يحصل في الامكان هي هذه الحقيقة فهي علة الموجودات علة الفاعلية علي مقتضي طريقتكم و انما نشأ الموجودات كلها منها فلم‏يصح قوله لم‏يلد اذ المراد بالولادة كل ما نشأ و خرج من شي‏ء جسماً او جسمانياً لطيفاً او كثيفاً جوهراً او عرضاً و لماكان هذه الحقيقة ايضاً من جملة الممكنات و المنشئات و نشأ من ايجاد اللّه اياها و خرج من مكمن الغيب فلم‏يصح قوله لم‏يولد لانه مولود بهذا المعني و ايضاً لماكانت هذه الحقيقة علة مادية لجميع الموجودات كانت بمراتبها مولودة لها و لماكان محمداً و علياً صلوات اللّه عليهما ابوا هذه الامة و الابوان في اي مرتبة كانا كفوان فلم‏يصدق و لم‏يكن له كفواً احد و انا السائل محمد علي بن حاج خسرو ميرزا.

اقول: و باللّه المأمول بوساطة آل الرسول صلوات اللّه عليهم اعلم ايدك اللّه ان الايرادات التي اوردت علي ما سنحت ببالك و تصورتها بخيالك واردة علي معتقد الجمهور ايضاً حيث زعموا ان الذات علة فاعلية للموجودات فهو اب الموجودات و هي اولاده و هو اصلها و هي فروعه و هو حقيقتها و وجودها و هي ماهياته لعين ما مر من كلامك و كل ما تجيب اجيب ولكنك لما لم‏يكن مرادك البحث و الايراد ان‌شاءاللّه و تريد رفع شبهات و دفع الوساوس لابد لي من الاشارة الي المقصود ان‌شاءاللّه فأعرني لبك و استعمل عقلك و تفكر فيما اقول لتنال المأمول ان‌شاءاللّه تعالي.

فاعلم ان البسيط الحقيقي لا نهاية له اذ كل ما له نهاية له حد لامحالة و المحدود مركب من وجوده و حده فهو غير البسيط فالبسيط لاينتهي الي وجود شي‏ء كما لاينتهي الي ماهيته و لا الي مادة شي‏ء و لا الي صورته و لا الي حقيقته و لا الي سبحاته و لا الي اصله و لا الي فرعه و لا الي ذاته و لا الي صفاته و لا الي جوهره و لا الي عرضه و لا الي غيبه و لا الي شهادته و لا الي كمه و لا الي كيفه و لا الي رتبته و لا الي جهته و لا الي وقته و لا الي مكانه و لا الي وضعه و لا الي اضافته و لا الي فعله و لا الي انفعاله و لا الي اتصاله

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 364 *»

و لا الي انفصاله و هكذا القول في جميع ما ينسب اليه و له و به و منه و عليه و مجمل القول الفصل ان البسيط لاينتهي الي شي‏ء و الشي‏ء اعم الاشياء فمن عرف انه لا نهاية له عرف انه هو المتفرد الذي لا شي‏ء غيره معه باثبات او بنفي او بايجاب او بسلب و اذ لم‏يكن معه غيره لاينسب اليه غيره و لاينسب الي غيره اذ لا وجود لشي‏ء معه.

و انت تعلم ان‌شاءالله ان اللفظ و المعني و الاسم و المسمي من الاشياء و لا وجود لها معه لانه لا نهاية له فليس له حد محدود و لا نعت موجود و لا اسم مشهود و لا رسم مفقود و لا شي‏ء غير ذلك هو هو وحده وحده بل ان قلت هو هو فالهاء و الواو كلامه و الهاء لتثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغائب عن درك الحواس و لمس الاخماس فلايشار اليه و لايكني عنه اذ لا شي‏ء غيره معه بنفي او اثبات و قد رددت العبارة و كررت الاشارة لعلك تصل الي المراد و تعرف انه غير مراد ان‌شاءاللّه اذ المراد غير المريد و الفاعل غير المفعول و كل واحد محدود مركب و البسيط غير المركب و المركب غير البسيط فلا تعبير عنه بوجه من الوجوه و حيث من الحيوث و اعتبار من الاعتبارات فاذا انتهي الكلام الي اللّه فامسكوا و لاتمسكوا بعصم الكوافر حيث زعموا و عموا ان هذه الكلمات كلمات نفيية سلبية تعطيلية و قد غفلوا اني قد نفيت النفي و اثبت الاثبات و نفيت الاثبات و اثبت النفي و نفيت الاثبات و النفي و اثبت النفي و الاثبات و علي نحت القوافي من مواقعها فتدبر فيما اقول قل هو اللّه احد اللّه الصمد لم‏يلد و لم‏يولد و لم‏يكن له كفواً احد.

فـالهاء لتثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغائب و اللّه اسم للذات المستجمع لجميع الصفات الكمالية المبرء عن جميع صفات النقص و الاحد لايثني و لايجزي و اللّه غير مكرر و هو الموصوف بالصمد بخلاف المبتدأ لانه مخبر عنه بخبر و الصمد هو السيد المطاع المصمت غير المجوف فـلم‏يلد لان الوالد مجوف و لم‏يولد اذ المولود يولد

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 365 *»

من مجوف و لم‏يكن له كفواً احد لان الاحاد اعداد مركبة مجوفة ليس في جوفها شي‏ء الا نفس الاضافة الي الغير فهي بانفسها مع قطع النظر الي الغير ليس محض و عدم صرف فالذي قام بنفسه ليس كالذي قام بغيره في حقايقه و لايساوي من كانت حقايقه دعاوي مع من كانت الدعاوي به دعاوي فالسورة بتمامها نسبة الرب جلّ‏جلاله و لذا سميت بسورة النسبة حيث طلبوا منه9 بانا ننسب آلهتنا فانسب الهك فنزلت.

فصفاته تعبير و اسماؤه تفهيم و الالفاظ كلها من عالم الخلق و لم‏تكن مع الخالق فان قلت انه كذا و كذا فقد تكلَّمت و الكلام من عالم الخلق و ان سكت فلم‌تقدر علي التفهيم فلابد للمعلم التعليم فاذا اثبت فقد اثبت باللفظ و هو لايقع علي الذات البحت البات و اذا نفي فقد نفي باللفظ ايضاً و هو من عالم الخلق فلابد للمعلم التفهيم بالاثبات و النفي و المراد لايراد بالاثبات وحده و لا بالنفي وحده بل المراد ما هو فوق الاثبات و النفي فانظر فيما ورد من البيانات في الخطب و غيرها من الائمة البلغاء الفصحاء: الذين فصحوا و اوضحوا المراد في التوحيد فقالوا: داخل في الاشياء لا كدخول شي‏ء في شي‏ء فاثبتوا انه داخل و نفوا انه لا كدخول شي‏ء في شي‏ء فاذا اثبتوا انه داخل فيها لا كدخول شي‏ء في شي‏ء نفوا بقولهم: خارج عن الاشياء لا كخروج شي‏ء عن شي‏ء فاثبتوا الدخول و نفوه بالخروج و لفقوا كلاً من الاثبات و النفي بالاثبات و النفي للتفهيم.

و قالوا: قريب لا بمداناة بعيد لا بمناءاة فعلم ان القريب نقيض البعيد كالداخل و الخارج و النقيضان لايجتمعان و لايرتفعان في عالم الخلق في مادة واحدة و قد اجتمعا و ارتفعا في بيان التوحيد للتفيهم و التعليم فالقريب الذي يقرب بغير قرب فهو ليس بقريب و اذ ليس بقريب فهو بعيد و البعيد الذي يبعد بغير بعد فهو ليس ببعيد و اذ ليس ببعيد فهو قريب و القريب الذي هو البعيد ليس بقريب و لا بعيد اذ ليس معه شي‏ء سواه حتي

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 366 *»

يكون قريباً منه او بعيداً عنه بل هو القريب بلا نهاية و البعيد بلا نهاية ما من نجوي ثلثة الا هو رابعهم و لا خمسة الا هو سادسهم و لا ادني من ذلك و لا اكثر الا هو معهم و قدكفر النصاري حيث قالوا ان اللّه ثالث ثلثة و قد بينت المراد لمن اراد اللّه و من اراد اللّه بدأ بهم و هم: لايملكون لانفسهم نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً و الحمد للّه رب العالمين و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم.

اما قولك و ان كان المراد به العنوان الي آخر كلامك فاعلم ان العنوان لو اري نفسه فهو مري نفسه فليس حينئذ عنواناً فانك ان رأيته نفسه فقد رأيت شيئاً مستقلاً كسائر المستقلات الاتري انك تنادي زيداً و تقول يا زيد و عنونت للشخص الخارجي لفظ الزاء و الياء و الدال و تريد الشخص الخارجي و لاتريد الزاء و الياء و الدال و لاتلتفت اليها مفردة و مركبة حين ندائك الشخص و لو التفت الي شي‏ء منها لغفلت عن الشخص حين التفاتك اليها لامحالة اذ ماجعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه يلتفت بهذا الي شي‏ء و بذاك الي شي‏ء آخر.

فانت حين توجهك الي الزاء و الياء و الدال مفردة او مركبة لم‏تتوجه الي الشخص البتة و هي غيره مفردة و مركبة و هي حروف مكتوبة مصنوعة و كذلك ان رأيت شخصين متباينين مجتمعاً او منفرداً رأيت مخلوقين مصنوعين لا الخالق الصانع الواحد سواء كانا كفوين او غير كفوين و هما ليسا بعنوان منفرداً او مجتمعاً بل هما هما كل واحد منهما ابو اولاده و ابن ابويه و اجداده و بعل نسوانه و قد اتخذ صاحبة و ولداً يلد و يولد و له كفو لامحالة فمن عبده فقد كفر برب العباد و من اشركه فقد اشرك قال7 من عبد الاسم دون المعني فقد كفر و لم‏يعبد شيئاً و من عبد الاسم و المعني فقد اشرك و من عبد المعني بايقاع الاسماء عليه فاولئك اصحاب اميرالمؤمنين حقاً.

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 367 *»

و معني الايقاع ان لاتري من الاسم شيئاً فان رأيته و رأيت انك اوقعته علي المعني فقد اشركت و ان رأيته من غير ايقاع فقد كفرت و ان رأيت المعني من غير ان‏تراه معني لذلك الاسم فقد رأيت المعني فلا اسم حينئذ و لا معني و ذلك سر مبهم معمي و من يرد اللّه ان‏يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد ان‏يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصّعّد في السماء، و لايأمركم ان‏تتخذوا الملائكة و النبيين ارباباً ايأمركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون.

و اما قولك نقول ان اول ما اوجده هو الحقيقة المحمدية9 الي آخر قولك فاقول ان سورة التوحيد نزلت في توحيد اللّه و صفاته لا في الحقيقة المحمدية نعم هو9 اول الموجودات باتفاق الخاصة و العامة و اهل‌بيته: منه9 باتفاق الخاصة فهم كلهم اول الموجودات و اشرف الكائنات و بلغ اللّه بهم اشرف محل المكرمين و اعلي منازل المقربين حيث لايسبقه سابق و لايلحقه لاحق كما هو صريح الزيارة و ذلك طريقتنا بحول اللّه و قوته و ذلك طريقة محمد و آله صلوات اللّه عليهم.

و جميع من سواهم دونهم في الرتبة البتة و لولاك لماخلقت الافلاك في جميع المراتب من المتواترات و انما خلق سائر الخلق من انوارهم بواسطة او وسائط و النور اثر المنير و المنير اوجد النور بنفس النور لا بذاته و لم‏يصدر من ذاته شي‏ء و الولد جزء الوالد بنص الاية الشريفة حيث قال و جعلوا له من عباده جزءاً حيث جعلوا له بنين و بنات بغير علم و اما النور فلم‏يكن جزءاً لذات المنير كما تري من نور الشمس و نور السراج و غيرهما و النور اثر المنير بنفس الاثر و ليس بجزء منه حتي يكون ولداً له اما تري ان النقطة جزء من الوالدين تخرج منهما بخلاف النور فانه لم‏يخرج من ذات المنير بل المنير اوجد النور بنفس النور اما تعتقدان الموجودات آثار صنع اللّه و لم‏تكن اولاده قال اللّه جلّ‏جلاله الا انهم من افكهم ليقولون ولد اللّه و انهم لكاذبون.

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 368 *»

و اما قولك و لما كان هذه الحقيقة ايضاً من جملة الممكنات الي آخر قولك فقد علمت مما مر جوابه لانهم: آثار صنع اللّه لهم بهم لا بذاته سبحانه فلم‏يكونوا ولد اللّه سبحانه.

و اما قولك و لما كانت هذه الحقيقة علة مادية الي آخر قولك فالمراد ان مواد الاشياء من ظهور مادة الحقيقة المقدسة كما ان صورها من ظهور صورة تلك الحقيقة كما ان الشبح في المرآة كله اثر الشاخص و عكسه ولكنه لما كان مركباً من مادة و صورة اذ لم‏يوجد اللّه سبحانه شيئاً فرداً و كل ممكن زوج تركيبي فيكون مادة الشبح من مادة الشاخص اي من ظهور مادته و اثرها و صورته من ظهور صورته اي من اثر صورته فهم: علة غائية للخلق اذ لولاهم لماخلقوا و هم: علة فاعلية اذ هم الواسطة الكبري بين اللّه و بين سائر الخلق في جميع المراتب في الكون و الشرع و هم: علة مادية و صورية كما مثلنا لك لتقريب ذهنك فالخلق في جميع المراتب مرايا اشباحهم و اظلالهم بل هم بانفسهم اشباحهم و اظلالهم و لعلك عرفت ان الاشباح تختلف اشكالها و الوانها بحسب المرايا و القوابل فمنها ما يكون علي هيئة الشاخص و منها معوجة منصبغة علي خلافه و كلها آثارهم و الاثر اثر بنفسه لدي المؤثر احدثه به لا بذاته كماعرفت.

و اما قولك و لما كان محمد و علي صلوات اللّه عليهما و آلهما الي آخر قولك فاعلم ان انوارهم في العالم الاول نور واحد لا تعدد فيهم و لا كثرة حتي يكون واحد كفواً لواحد اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة، و ما امرنا الا واحدة نعم في هذه الدنيا صاروا متعددين في اصلاب الاباء و ارحام الامهات فصار واحد اباً و واحد ابناً قل انما انا بشر مثلكم ففي مقام المماثلة و الاختلاف و الامتياز جاء حكم التباين و التعدد.

و السلام خير ختام و قد اعتذر لدي الامر اعلي اللّه كعبه من الاختصار لما فيه من الفطانة و الحمدللّه و قد فرغت من كتبها يوم الاحد من شهر صفر المظفر من شهور سنة 1290 حامداً مصلياً مستغفراً.