04-26 الرسائل المجلد الرابع – رسالة في جواب مسألتي بعض الاخوان عن صحة نسبة هذه العبارة من نظر الي غلام بشهوة … ـ مقابله

جواب مسألتي بعض الاخوان

 

ـ عن صحة نسبة هذه العبارة

(من نظر الي غلام بشهوة كمن قتلني سبعين مرة)

الي المعصومين: و عن معناها

2ـ و عن الكلف الواقع في وجه القمر و فائدته

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد باقر الشریف الطباطبایی اعلی‌ الله مقامه

 

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 354 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه و الصلوة علي الذين اصطفي و اللعنة علي من سلك سبيل الردي.

و بعد انه سألني بعض الاخوان عن مسألتين احداهما عن عبارة ارسلها و هي: من نظر الي غلام بشهوة كمن قتلني سبعين مرة، فطلب مني صحة نسبتها الي المعصومين: و علي فرض صحتها ما معناها.

اما تصحيح نسبتها فموقوفة علي الرجوع الي كتب الاخبار و ليس عندي الا قليل منها فراجعتها فمارأيت فيها هذه العبارة و ليس لي مجال تحصيل ماسواها و مراجعتها و علي فرض صحتها فمعناها معلوم لدي المراجعين الي اخبارهم: فانه كثيراً ما وقع امثال هذه العبارات فيها كقوله7 من اذاع سرنا كمن قتلنا قتلة عمد و سر ذلك علي سبيل الاختصار تكلاناً علي فهمه لانه يكفيه ادني الاشعار ان‌شاءاللّه تعالي موقوف علي ايراد مقدمة.

فاعلم ارشدك اللّه تعالي ان الحيوة و الموت لها معنيان حيوة عرضية و موته([1]) يعلمها الذين يعلمون ظاهراً من الحيوة الدنيا و حيوة حقيقية و موت واقعي يعقلهما اولوا الحجي فالحيوة الحقيقية هي حيوة الايمان كماقال سبحانه و تعالي استجيبوا للّه و للرسول اذا دعاكم لما يحييكم فالحيوة العرضية حاصلة و لا معني لتحصيلها فالمأمورة بالتحصيل هي حيوة الايمان و ذلك مما لا شك فيه ان‌شاءاللّه و كذلك الموت في مقابلها هو الموت الحقيقي و هو موت الكفر كما فسر قوله تعالي يخرج الحي من الميت و يخرج الميت

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 355 *»

من الحي اي يخرج المؤمن من الكافر و الكافر من المؤمن.

فاذا عرفت ان اصل الحيوة عند محمد و آل محمد: و اصل الموت عند اعدائهم لعنهم اللّه و اذا عرفت ذلك فاعلم ان كل من امتثل امرهم احياهم و كل من تركه قتلهم و ذلك لان امرهم: اثرهم و الاثر يشابه صفة مؤثره و الا لمادل عليه كما هو مبرهن في محله فامرهم البالغ الي المكلف شبحهم المنفصل عنهم: المطابق لشبحهم المتصل فاذا وقع ذلك الشبح المطابق علي مرآة قابلية المكلف فقبله و امتثله اظهره و احياه و ان لم‏يقبل و لم‏يمتثل اخفاه و اماته كما ان المرآة لما اظهرت نور الشمس اظهرته و احيته بصفاء قابليتها و الآجر لكثافته و كدورته اخفاه و اماته فالممتثل محييهم و العاصي مميتهم اعاذنا اللّه من التخلف عنهم فكل معصية مخفية لامرهم: و امرهم علي صفتهم بل امرهم في الواقع هو تجليهم في رتبة الرعية فمن اخفاه فقد قتلهم نعوذ باللّه حقيقة غاية ما في الباب انه لم‏يقتل حقيقتهم و حقيقتهم حيوة لن‏تقتل و ليس معني لقتلهم الا في رتبة الرعية و ذلك معلوم لديك ان‌شاءاللّه فاذا كان عصيانهم: هو قتلهم حقيقة فكلما ارادوا: تشديد امر و اظهار قبحه حقيقة لدي محبيهم عبروا عن الحقيقة فان لم‏يكن المخاطب ممن ذاق المحبة تركوا ذلك و عبروا عنها بما يفهم و يفرغ و يجتنب من التعبيرات الواقعة في احاديثهم: مما لايخفي علي امثالك.

و لماكان النظر الي الغلام بشهوة يجذب الناظر اليه و الي الفعل القبيح سنة قوم لوط7 و يصير ذلك سبباً للاعراض عن النساء اللواتي فيهن بقاء النسل في كل عصر و تكثير العدد و توفير المدد و ليس الا في ذلك غرض الاحد الصمد و لولا ذلك لم‏يبق احد للاقرار بربوبيته و التصديق بسفارة سفرائه و ليس الا في ذلك الفساد الافسد و المحظور الاشد فلاجل ذلك شددوا و اكدوا في حرمة النظر بشهوة الي المردان لانه يجر الي خراب عمران

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 356 *»

الملك المنان.

و اما وجه السبعين فلانه اذا صار المكلف بنفسه شاهياً صارت نفسه مؤثرة و صارت افعاله الصادرة عنها آثارها و المؤثر اقوي من آثاره بسبعين درجة لانه بنفسه اثر@اثرا خ‌ل@ لفعل اللّه و فعله سبحانه هو قوله كن و قواه سبعون فاثره ايضاً له سبعون درجة في القوة بالنسبة الي اثره فتأمل جيداً و ذلك لان امتثال العبد و عصيانه اثره فاذا صار اثره سبباً لهلاكه صار سبباً لهلاك من هو اقوي منه بسبعين درجة و كذلك الكلام في المقابل اذا صار سبباً لحيوة نفسه صار سبباً لحيوة من هو اقوي منه بسبعين درجة فبذلك عرفت ان‌شاءاللّه ما ورد في اخبارهم: ان من فعل الفعل الفلاني حشره اللّه في درجة محمد و آل محمد: او في درجة احد من الانبياء و الاولياء سلام اللّه عليهم فبتلك الكلمات القليلة فتحت لك ابواب المشكلات المعضلة الجمة الكثيرة ان‌شاءاللّه تعالي ففي هذا كفاية لمن قدر له الهداية.

و اما مسألتك الثانية و هي السؤال عن الكلف الواقع في وجه القمر و فائدته فاعلم ان القمر بنفسه جرم ظلماني ليس له نور من نفسه و نوره اكتسابه من الشمس كما هو معلوم لدي الحكماء و المنجمين و يصدقهم التجارب في انخسافه في وقوعهما في العقدتين او في قربهما و حيلولة الارض بينهما و منعها عن اكتسابه من الشمس فاذا علمت مجملاً ان نوره مكتسب من الشمس فاعلم مقدمة ظاهرة واضحة و هي ان فعل الفاعل لايظهر في القابل الا علي حسب قبوله فاذا وجد في القابل شرائط القبول قبل فعل الفاعل و اظهره و ان لم‏يكن فيه شروطه لم‏يقبل فان وجد فيه بعضها قبل بمقدارها كما لايخفي عليك ان‌شاءاللّه كما ان المرآة الصافية الواقعة تحت الشمس تظهر نور الشمس و عكسها و الآجر لاتظهره فاذا كانت المرآة الموضوعة تحتها بعضها صافية و بعضها كدرة تظهر الصافية و لاتظهر الكدرة.

فاذا علمت ذلك فاعلم ان جرم القمر ليس جرماً متشاكلة الاجزاء و فيه

 

 

«* الرسائل جلد 4 صفحه 357 *»

الصفاء في بعض اجزائه و الكدورة في بعض آخر و لاتصغ الي الزاعمين ان الاجرام الفلكية كلها بسيطة متشاكل الاجزاء من غير برهان بل البرهان مكذبهم لان الجسم المتشاكل الاجزاء لاتعقل ان‏يكون بعضها حاراً و بعضها بارداً و بعضها رطباً و بعضها يابساً كما لايخفي من طبايع الكواكب و ما قيل ان تلك الطبايع ليست في الجرم الفلكي و انما هي تأثيرات في الارض بحسب الاجزاء الارضية ليس جارياً في جميع الاحكام الفلكية و ان جري في بعضها و ليس هيهنا موضع بيانها ولكن لا شك ان تأثير الشمس في الشي‏ء الواحد غير تأثير القمر فيه و كذلك سائر الكواكب فلو كانا متساوية الاجزاء و الطبايع لم‏يعقل تغاير التأثيرات فلاشك ان في الاجرام العلوية فيها الاختلافات و ان لم‏يبلغ حد اختلاف السفليات.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الكلف الواقع في القمر هو الاجزاء الكدرة غير المستضيئة من الشمس كالصداء الحاصلة للمرآة غير المستضيئة من نور الشمس.

و اما فائدته فاعلم ان اغلب الرطوبات الواقعة في السفليات منسوبة الي القمر كمايدل عليه الاخبار عن آل اللّه الاطهار: و حصل به التجربة في مد البحر و جزره و غلبة الدماء و قلتها في الابدان في امتلائه و نقصانه فان لم‏يكن له كلف امتلي بجميعه نوراً و اثر في الارض و احدث الرطوبات ازيد مما يقتضيه حكمة الحكيم فلابد من هذا الكلف ليمنعه من الامتلاء التام المفسد لبنيان عمران العالم السفلي و ذلك تقدير العزيز العليم فلنكتف بما بينا للتكلان علي حدة فهم ذلك الاخ و امثاله سلمهم اللّه الملك المنان و حفظهم من شر آلام الازمان بمحمد و آله عليهم صلوات اللّه و صلوات اهل عالم الامكان و لعنة اللّه علي اعدائهم في كل زمان و مكان.

و قد تمت علي يدي الداثرة في الثامن و العشرين من شهر ذي‏القعدة من شهور سنة 1283 في دار ناصرنا بيده و لسانه سيدنا الناصر نصره اللّه في هذا اليوم و اليوم الاخر حامداً مصلياً مستغفراً.

 

 

([1]) موتة عرضية. ظ