رسالة في جواب الميرزا رحيم بن المرحوم الميرزا حسن الهمداني (1)
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني
اعلياللهمقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۸۷ *»
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين الي يوم الدين.
و بعــد قد سألني السيد الجليل و السند النبيل صاحب المفاخر و وارث المآثر السيد العليم الحكيم الميرزا رحيم بن المرحوم الآغا ميرزا حسن الهمداني عن مسألة معضلة في ضمن رسالة ارسلها الي من بلدة همدان صانها الله عن طوارق الحدثان و قد وصلت الي في حال تبلبل البال و اختلال الحال و كثرة الاشغال و وددت انها كانت تصلني في فراغ بال و استقامة احوال لاقضي حق جوابه ولكن العذر عند كرام الناس مقبول فأذكر في الجواب بقدر ما هو الميسور ان شاء الله تعالي و العاقل يكفيه الاشارة و الجاهل لايتنبه بالف عبارة. و ترجمة سؤاله هذا:
استدعي ان تبين لي معني الجسد و الجسم و الجسمين و الجسدين في عالم الحروف ممثلاً و في الانسان الفلسفي بل تبين من ابتداء كيفية البسط و التفصيل و التزويج و عقد النطفة و اخراج الجسدين و الجسمين و معرفة استخراج الارواح الي مقام بلوغ الانسان و تمام الكلمة.
اقـول: و ان اقصر الخطبة فقد اعظم المسألة و لايمكن لعالم الجواب عن حقيقتها مشروحاً مفصلاً لانه لايحل له الا اني اذكر في الجواب ان شاء الله ما قدره الله و قضاه و يمكن التعبير عنه.
اعلم ان الجسد يطلق في اللغة علي معان. منها جسم الانسان و الجن و الملائكة و الزعفران و عجل بنياسرائيل و الدم اليابس و اما الجسم فيطلق علي جماعة البدن و الاعضاء من الناس و ساير الحيوان العظيمة الخلق و اما في العرف فالجسم اعم من الجسد فان الجسد يخص الحيوان و الانسان و الجسم يطلق عليهما و علي ساير الجمادات و النباتات و البسائط العنصرية و الفلكية فهو اي الجسم عند الطبيعيين هو الجوهر القابل للابعاد الثلثة و عند اهل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۸۸ *»
التعاليم هو نفس الابعاد الثلثة اي الطول و العرض و العمق. و اما في اصطلاحنا فالجسم هو الجوهر المقداري سواء كان الجوهر مادياً اي من المواد الشهادية الملكية ام مجرداً اي عن المواد الشهادية فعلي هذا يكون الارواح ايضاً اجساماً كما روي ان الروح جسم لطيف البس قالباً كثيفاً فالجسم هو المركب من مادة و صورة مميزة عن غيرها سواء كانتا كثيفتين ام لطيفتين شهاديتين ام غيبيتين و اما الجسد فهو المركب من العناصر الطبيعية دنياوية كانت او برزخية او اخروية فالجسد عندنا ثلثة و الجسم ثلثة.
اما الجسد الاول فهو الجسد الدنياوي المؤلف من هذه العناصر العرضية الدنياوية التي هي تحت فلك القمر الميتة في الاصل المحياة بالروح الفلكي العارض عليها فهذا الجسد في نفسه ميت لاحيوة له الا بما يعرض عليه من الروح الفلكي و حركته و احساسه بالروح لا من نفسه فهو مادام فيه الروح حي حساس متحرك فاذا فارقه الروح يخر ميتاً لاحراك له فهو كثوب البس علي الروح يلبسه حيناً و يخلعه حيناً و هذا معني ما رواه في العلل عن ابيعبدالله7 في حديث الانسان خلق من شأن الدنيا و شأن الآخرة فاذا جمع الله بينهما صارت حيوته في الارض لانه نزل من شأن السماء الي الدنيا فاذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت ترد شأن الاخري الي السماء فالحيوة في الارض و الموت في السماء و ذلك انه يفرق بين الارواح و الاجساد فردت الروح و النور الي القدرة الاولي و ترك الجسد لانه من شأن الدنيا و انما فسد الجسد في الدنيا لان الريح تنشف الماء فييبس فيبقي الطين فيصير رفاتا و يبلي و يرجع كل الي جوهره الاول الخبر. فسمي7 ما من شأن الدنيا بالجسد و هو المركب من الماء و الطين و ذكر ان حيوته بما من شأن السماء فحيوته في الارض يعني حال الاقتران و موته في السماء يعني يكون الروح حال موت الجسد في السماء فالجسد قبل حلول الحيوة فيه ميت ثم يحيي بالروح ثم يموت كما قال سبحانه و كيف تكفرون بالله و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۸۹ *»
كنتم امواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم الآية. و ذكر7 انه بعد مفارقة الروح يعود كل جزء من جسده الي جوهره و عوده هذا عود ممازجة لاعود مجاورةكما صرح اميرالمؤمنين7 في حديث اقسام النفس في النفس النباتية انها من لطائف الاغذية فاذا عادت عادت عود ممازجة لاعود مجاورة.
و اما الجسد الثاني فهو الجسد المركب من عناصر هورقليا اي الاقليم الثامن فتراب تلك العناصر الطف من محدب العرش الدنياوي و تلك العناصر هي في غيب هذه العناصر مع انها الطف من محدب العرش فنارها في نارها و هوائها في هوائها و مائها في مائها و ترابها في ترابها و كما انه اخذ من العناصر الدنياوية حصص لبدن الانسان اخذ من تلك العناصر ايضاً حصص له فاذا مات الانسان و دفن بدنه الدنياوي في ارض طبايع هذه الدنيا يبقي الجسد الثاني في قبر طبايعه البرزخية الهورقلياوية و هو الذي يبقي في القبر مستديراً كما روي في الاخبار و يفتح له باب من الجنة او يخد له خد من النار الي ان ينفخ في الصور و هو الذي يسئل الروح فيه في القبر و هو الذي يصيبه ضغطة القبر و يفسح له مد بصره و ينام نومة العروس الي ان يفنخ في الصور او يعذب بفوح النار الي ان ينفخ في الصور ثم يعود كل جزء منه الي جوهره من العناصر البرزخية و ينحل في الطبايع بين النفختين كما انحل هذا الجسد في الطبايع الدنياوية و هذا الجسد له جوهرية بالنسبة الي الجسد الدنياوي ولكن عرض بالنسبة الي الجسد الثالث.
و اما الجسد الثالث فهو مركب من العناصر الاخروية الجوهرية الحقيقية و له حصص منها و هي ترابها الطف من محدب عرش عالم البرزخ و مع ذلك نارها في غيب غيب هذه النار الدنياوية و هوائها في غيب غيب هذا الهواء و ماؤها في غيب غيب هذا الماء و ترابها في غيب غيب هذا التراب فاذا اخذ حصص من هذه العناصر اخذت حصص منها و في كل قبضة منها قبضة من تلك العناصر و اذا تركب جسد من هذه تركب جسد من تلك و تلك الطف من هذه العناصر باربعة آلاف و تسعمأة مرة كما ان عناصر هورقليا الطف من هذه العناصر بسبعين مرة فالعناصر الاخروية هي هذه العناصر الا انها تصفي اربعة آلاف و تسعمأة مرة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۹۰ *»
و تلك عودتها عودة مجاورة لاعودة ممازجة بخلاف اوساخها الهورقلياوية التي هي عناصره و اوساخها الدنياوية التي هي عناصرها فانها تعود الي اصولها عود ممازجة اذ ليست من الانسان و لا الي الانسان فالجسد الاخروي هو هذا الجسد المحسوس الملموس المقدر الموزون الا انه مصفي بحيث يري مخ ساقه من وراء سبعين حلة و يصير في طرفة عين مثل الدنيا سبع مرات لشدة لطافته و صفائه و يكون قابلاً لمعانقة الحور الحسان و مشاهدة نور الرحمن و لايطرؤ عليه فناء و تفكك و موت ابداً بخلاف هذه الاوساخ فالدنياوية يتفكك عند انقطاع اجلها في الدنيا و الهورقلياوية عند انقطاع اجلها عند نفخ الصور افهم ما اقول لك بتثبت و تبصر و اخلع عنك ربقة التقليد و ما وصل اليك من الشيخ الاوحد من تثنية فلاينافي تثليثنا فانه لاحظ اعلي الله مقامه العرضية و الجوهرية و لاحظنا رتبتي العرض و الجوهر و هو ايضاً صرح بذلك في بعض رسائله هذا و لايعلم رطنه الا ولد بطنه فهذه مراتب الاجساد و اما الاجسام فهي ايضاً ثلثة و هي تطلق علي الاجساد اذا افردت و تفارقها اذا زوجت فاذا زوجت بالاجساد يراد منها ثلثة.
فالجسم الاول هو الروح البخاري الدخاني الذي يساوي لطافته و رقته رقة الافلاك و لطافتها و هو القبضة التي في الانسان من الافلاك و هو مركب الروح الحيواني و هو من صوافي الطبايع و خلاصتها كما ان الافلاك من صوافي العناصر ثم استوي الي السماء و هي دخان و هو الصاعد من الماء المزبد فاذا مات الانسان يتفرق ذلك الدخان في الرياح كما ان الشعلة اذا انطفأت و فارقها روح النار تفرق دخانها في الهواء و الرياح و هذا الروح هو الجسم الرقيق الذي هو واسطة بين الروح الحيواني و بين القالب الكثيف الذي البسه كما مر.
و الجسم الثاني هو الروح الحيواني الذي هو من افلاك عالم هورقليا كما ان الجسد الثاني كان من عناصره و ذلك الروح راكب هذا البخار داخل فيه و هو غيبه و لطيفه كما ان افلاك عالم هورقليا راكبة هذه الافلاك و هي فيها لايخلو منها منها جزء فعرشه في عرشه و كرسيه في كرسيه و افلاكه في افلاكه و هي الطف منها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۹۱ *»
بسبعين مرة و هو الذي يسله ملك الموت من البدن الدنياوي و يلبسه حلة صفراء و يجعله في قالب كقالبه الدنياوي و يدخل جنة الدنيا و نارها و يبقي في عالم المثال الي ان ينفخ في الصور و هو الجسم اللطيف الذي البس قالباً كثيفاً و هو النفس الحيوانية التي قال علي7 انها اصلها الافلاك و هذان الجسمان عرضيان و جوهرهما الجسم الثالث الذي هو من افلاك عرصة القيمة و هو الحيوانية التي في الانسان في قولك في حده حيوان ناطق و ليست هي من جنس حيوانية الحيوانات و انما التي من جنسها هي الجسم الثاني اي الروح المثالي فهو الذي يشارك الانسان الحيوان فيه و الجسم الاول اي الروح الدنياوي هو الذي يشارك الانسان النبات فيه لان جسم الافلاك الدنياوية هو النفس النباتية التي يكون في الافلاك ما يوافقها في اللطافة فالجسم الثالث هو الروح الحيواني الفلكي الاخروي و هو الجوهر الباقي الذي عوده عود مجاورة لاعود ممازجة بخلاف النفس الحيوانية و النباتية فانهما تعودان عود ممازجة كما نص عليه علي7 في حديث النفوس فبدء النفس النباتية من هذه الدنيا و بدء النفس الحيوانية من عالم المثال و العود الي المبدء لايتجاوزه و اما حيوانية الانسان و نباتيته و جماديته فكلها عائدة محفوظة تعود عود مجاورة لاعود ممازجة و لايبطل تركيبها و انما الباطل ارواح الحيوانات و ما في الانسان منها بالعرض و ارواح النباتات و ما في الانسان منها بالعرض و تركيب الجمادات و ما في الانسان فيها بالعرض و قد قام الاجماع علي عود الانسان يوم القيمة لا الجماد و النبات و الحيوان فالوحوش و ان حشرت لكن لاتحشر في مواقف الاناسي و لاتبقي بل تصير تراباً حتي يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً بالجملة الاجسام ثلثة و تثنية الشيخ الاوحد اعلي الله مقامه اياها نظراً الي العرضية و الجوهرية و نحن فصلنا مقام العرض و لكل كلمة مع صاحبها مقام و يناسب كل رجل كلام فذلك مراتب الاجساد و الاجسام علي قدر الميسور.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۹۲ *»
فصــل
في تمثيل الاجساد و الاجسام في عالم الحروف اما في طول الحروف فظاهر فان للحروف ثلث مراتب: احديها مقام الحروف الدنياوية المصوغة من الحركات الجسمانية فتلك اجسامها من الحركة البسيطة التي هي من مقتضيات الروح البخاري الفلكي الدنياوي و اجسادها من صورها الحاصلة لها من مقتضيات الاجساد الكثيفة العنصرية فذلك جسمها الاول و جسدها الاول. و ثانيتها الحروف الخيالية التي يستعملها النقش بندية كثيرة و يسمي الذكر المركب منها عند الصوفية بالذكر القلبي و منها الوسوسة و حديث النفس فتلك الحروف من عالم البرزخ و لها خواص و طبايع و آثار و تراكيب و تمازج بحسب هذه الحروف الدنياوية الظاهرة و تلك ايضاً مركبة من اجسام هي حركة النفس الحيوانية البسيطة الفلكية البرزخية و اجساد هي صورها الحاصلة من محال ذلك الروح من الجسد البرزخي من تجويف خياله او فكره او وهمه او علمه او عاقلته و ذكرنا للعاقلة و الوهم مع كونهما معنويين نظراً الي كونهما معنويين اضافيين و الا فهما صوريان مثاليان بالجملة اجساد تلك الصور من مقتضيات الجسد الهورقلياوي الذي هو من روحه كجسدك هذا من روحه. و ثالثتها الحروف النفسية و هي حروف جوهرية ملكوتية صور عالية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد و منها يتركب القرآن و يأتي يوم القيمة علي صورة بهية و يمر بالصفوف و يشفع و يشفع كما روي و تلك الحروف هي التي منها تكتب صحائف الاعمال و هي صفات منفصلة عن النفوس كما ان الحروف الظاهرة انها صفات منفصلة عن الاجساد في الدنيا و لها هناك ايضاً اجسام هي من مقتضيات افلاكها و اجساد هي من مقتضيات عناصرها و انما ذلك لانها صفات منفصلة عن الاشخاص تحكي موادها موادهم و صورها صورهم و هي المثبتة في اللوح المحفوظ و الصحف و تنشر يوم القيمة و تلزم عنق صاحبها و يقرؤها و يحاسب نفسه و هي حروف جوهرية باقية الي يوم القيمة منها بدأت و اليها تعود و اما في عرض الحروف فهي اخص و لاتجري في الكل بل في البعض
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۹۳ *»
دون بعض و ذلك ان في اصطلاح هذا الفن تنقسم الحروف علي اربعة اقسام قسم منها معري عن الصور الملكية و الملكوتية و المعاني الجبروتية و هو «ا» «و» «ي» فهذه الحروف هي اللاهوتية المحجوبة المكنونة العالية عن درك الابصار و البصاير و فيها العلم المكنون المخزون الذي لايطلع عليه الا الله سبحانه و لذلك اختصت بالعلة المهيمنة علي المعلولات المقدسة عن درك المذروءات و ثلثة اقسام منها هي الظاهرة للخلق لفاقتهم اليها فمن هذه الثلثة حروف جبروتية اخروية جوهرية معنوية و هي «ه» «ح» «ع» «غ» فهذه الحروف معنوية غيبية و حروف ملكوتية و هي «ت» «ث» «ج» «د» «ذ» «ر» «ز» «س» «ش» «ص» «ض» «ط» «ظ» «ق» «ك» «ل» «ن» و هذه الحروف برزخية مثالية و حروف ملكية شهادية و هي «ب» «م» فهذه الحروف ظاهرة محسوسة مدركة بالابصار ظاهرة للانظار ثم حرف برزخي بين الجبروت و اللاهوت و هو «الهمزة» و حرف برزخي بين الجبروت و الملكوت و هو «خ» و حرف برزخي بين الملكوت و الملك و هو «ف» و كل من الحروف الجبروتية و الملكوتية و الملكية له جسم و جسد فجسم عالم الجبروت «د» «ح» «ع» و جسده «غ» و جسم عالم الملكوت «ر» «س» «ص» «ط» «ق» «ك» «ل» «ن» و جسده «ت» «ث» «ج» «د» «ذ» «ش» «ض» «ظ» و جسم عالم الملك «م» و جسده «ب» و البرازخ الثلث كلها اجساد للاعلي و ظواهر له. فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان الاجسام في عالم الحروف من حيث عرضها ايضاً ثلثة و الاجساد ايضاً ثلثة ماتري في خلق الرحمن من تفاوت.
و اما الحروف اللاهوتية فحرفان منها من حيث الاحدية و هما «ا» «ي» و حرف من حيث الواحدية و هو «و» و هي خارجة عن صقع الاجسام و الاجساد و لايطلق عليها هذه الاسماء فافهم فقد ذكرت لك من اسرار الحروف المتعلقة بما سألت حقيقتها و حقها و فيه كفاية و بلاغ.
فصــل
و اما ما سألت عنه من تطبيقه بعالم الفلاسفة و بالانسان الفلسفي فاعلم ان لهذا الانسان الجامع ايضاً ثلثة عوالم عالم ملك ظاهر دنياوي و عالم برزخ ملكوتي هورقلياوي و عالم آخرة نفسانية انسانية جوهرية حقيقية باقية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۹۴ *»
جبروتية فعالمه الاول عالم مادته بما فيها من الارمدة و الاوساخ فهو في هذا العالم له جسم و جسد جسمه الماء القراح و جسده الحبرة السودا المسماة بالغراب فهو مادام حياً في الدنيا يكون روحه في جسده فاذا مات نزع روحه من جسده فروحه الماء القراح و هذا الاسم لظاهره الغير المطهر و جسده الحبرة و هذا الاسم لظاهره الغير المطهر فالاسمان لاوساخهما فاذا مات يبقي جسده الثاني في جسده الاول و جسمه الثاني في الجسم الاول فيستخرج الحكيم الروح الثاني من الروح الاول و الجسد الثاني من الجسد الاول فالجسد الثاني هو العسل الماذي و الشحمة البيضا و هو الذي قد ازيل ريش الغراب عنه و ازيل عنه الارمدة و الاوساخ التي ما كانت منه و لا اليه و كانت سبب السواد و الاحتجاب و كانت سبب انحراف المزاج الحاجب للمثال الملقي فيه عن اظهار افعاله و الجسم الثاني هو الماء الوردي المستخرج من الشحمة البيضاء و هو النار السائلة فيرد هذا الروح الي الجسد بالتماليح و التزاويج في القبر و البرزخ للسؤال و الجواب فيبقي في عالم البرزخ من اول التزويجات الي آخر الجويريات فينكح الحوريات في جنان البرزخ الي ان ينفخ في الصور و يستنزع الروح اخيراً عن الجسد حتي يبقي الجسد بلاحراك فيظهر بين النفختين بالمناخل السبع الاكسيرية فاذا طهر الروح و الجسد يحصل الجسم الثالث و الجسد الثالث اما الجسم الثالث فهو المياه الثلثة الماء الالهي و الزيبق الغربي و الزيبق الشرقي و رابعها الصبغ الشمس المنيرة و اما الجسد الثالث فهو الجسد الجديد و الارض المقدسة و هذا الجسم هو الجسم الاول كونا في الخارج الا انه كان له اوساخ فزالت مرة بعد اخري و كانت الاوساخ تشاهد و الجوهر يخفي تحت حجب الاوساخ و كذا هذا الجسد هو الجسد الاول الا انه كان له اوساخ فزالت و نحن نسمي الاوساخ الاول بالدنيا و الاوساخ الثانية بالبرزخ و الجوهر الخالص بالآخرة فاذا سمع من لادرية له ان الجسد الدنياوي لايعود يزعم ان ذلك انكار للمعاد و حاشا ثم حاشا و لعن الله من يقول بذلك بل المعاد هو هذا الجسد بعد التطهير الاتري انك تسمي الرمل للصورة الرملية بكدورتها و تفرق اجزائه فتقول ان الرمل لايشف عما وراءه فاذا اذبته مع القليا و طهرته شف
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۹۵ *»
و صار زجاجاً فالزجاج اسم لهذه الصورة من المادة الخارجية و الرمل اسم لتك الصورة من عين هذه المادة فتقول الرمل ليس بشاف و ليس قولك سلب الشفافة عن الزجاج و انكاراً لشفافة الزجاج و ليس الزجاج غير هذا الموجود في يدك الا ان هذا الموجود في قبضتك ان لم يطهر هو رمل و ان طهر فهو زجاج كما ان الكلب نجس بصورته و كلب بصورته فاذا صار ملحاً فهو ملح بصورته فان قال قائل ان الكلب غير الملح فقد صدق و ان قال هذا الملح هو ذلك الكلب و قد تصفي و تطهر فقد صدق فهو كما قال الامام7 في المثل باللبن المكسور المردود في الملبنة هي هي و هي غيرها فالجسد الاخروي هو الجسد الدنياوي مادة و هو غيره صورة لان صورته الدنياوية كانت وسخة مشيبة بالاعراض و صورته الاخروية هي صورة طاهرة طيبة باقية ولكن الجهلة انكروا علينا و لما يأتهم تأويل كلامنا و امثل لك مثالاً آخر للتوضيح انظر الي الرمل الذي تأخذه منا منه مثلاً محدوداً مقدراً فهو رمل له مادة و صورة وسخة رملية بها يسمي بالرمل فتذيبه بنار السبك مع القلي بعد الحمص فيذوب و تصيغ منه زجاجات شفافة و هذه الزجاجات هي ذلك المأخوذ المقدر المحدود و قد دبرته فزالت عنه الاوساخ المسماة بالرمل فهو اذ ذاك زجاج و لارمل ثم تكسرها و تدبرها و تطهرها باكسير البياض المخصوص به فتطهرها عن الاوساخ مرة ثانية فيعود الزجاج بلوراً قد ذهب عنه اسم الزجاج مع الاوساخ و لاق بان يسمي بالبلور لمكان صورة اخري غير صورة الزجاجة ثم اذا كسرته مرة اخري و اذبته و طرحت عليه اكسير البياض صار ماساً او اكسير الحمرة صار ياقوتاً بهرمانياً فقد زال عنه اسم البلور مع اوساخ البلور و كان اسماً لها و الان يسمي بالماس او الياقوت لمكان الصورة فان قلت هذا الماس هو ذلك الرمل و اشرت الي المادة الكائنة في الخارج صدقت و ان قلت ان هذا غير الرمل و اردت مسمي الرمل و مصداقه و هو الوسخ صدقت و ان قلت هذا غير ذاك و اردت المادة كذبت و ان قلت عينه و اردت الصورة كذبت فالبدن المحشور في الآخرة هو هذا البدن المحسوس الملموس الموزون المقدر في الدنيا مادة و هو غيرها صورة و كلاهما محل اجماع المسلمين و لااحد يقول
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۹۶ *»
ان صورة اهل الجنة في الجنة صورة اليرقان و الاستسقا و الذبول و الهزال و القيء و الاسهال و غير ذلك من اعراض هذه الدنيا و لااحد يقول ان الجسد الدنياوي اي الكاين في الدنيا غير عايد فمن قال بان الاوساخ لازمة للبدن في المعاد و الجنة فقد كفر بالكفر الصراح و خالف الكتاب و السنة و الاجماع و العقل و من قال بان المحشور غير هذا الدنياوي مادة و صورة فقد كفر بالذي انزل السبع المثاني و القرآن العظيم فالذي نقوله هو المجمع عليه بين الامة بجميع فرقها و المتخلف عنا مخالف شاق الله و رسوله ولكن الحسدة لما لميجدوا في مشايخنا مغمضاً و ارادوا اسقاطهم عن اعين الناس تمسكوا بالافتراءات فمرة قالوا انهم ينكرون المعاد الجسماني و مرة قالوا ينكرون المعراج الجسماني و مرة قالوا ينكرون قتل سيدالشهداء روحي لمشهده الفداء و هكذا توصلوا الي قدحهم بكل فرية حتي يسقطوهم عن اعين الناس و
لزينالدين احمد نور فضل | تضاء به القلوب المدلهمة | |
يريد الحاسدون ليطفئوه | و يأبي الله الا ان يتمه |
و هذا آخر ما اردت ايراده من شرح الجسم و الجسد و تطبيقه بعالم الحروف و الشجاع الذي يكسر الصفوف و لايكترث بالالوف اي المولود في عالم الفلسفة و قد قضينا الحق و اما تفصيل مراتب المولود من بدو كونه مادة الي آخر التركيب فقد ذكره القوم تفصيلاً و ذكره مشايخنا+ في كتبهم و ذكرنا في كتبنا كمرآة الحكمة و ساير اجوبتنا للمسائل فلانطيل الكلام بذكره هنا مع ما بي من اختلال الحال و غاية الكلال و جناب العلام الممجد الآغا عبدالصمد مطلع بمجاري الحال و يعتذر عند ذلك المفضال.
و قد فرغ من تسويده مصنفه كريم بن ابرهيم عصر يوم التروية من سنة 1268 حامداً مصلياً مستغفراً تمت.