رسالة في جواب المرحوم الملا احمد بن الملاحسين التبريزي
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني
اعلياللهمقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۳۷ *»
d
الحمدلله رب العالمين و الصلوة علي سيدنا محمد و آله الطيبين و رهطه المخلصين و اللعنة علي اعدائهم ابد الآبدين.
و بعــد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قد أتاني كتاب من بعض الاحباب الذين لهم الحق الواجب علي في كل باب و هو جناب الذكي الالمعي و المولي الصفي الجناب الامجد الملااحمد بن المرحوم المبرور الملاحسين بن المرحوم الملااسمعيل التبريزي اطال الله بقاه و جعل اخراه خيراً من اولاه و سأل فيه عن مسائل معضلة و مطالب مشكلة اراد مني جوابها مع قلة البضاعة و كثرة الاضاعة و تبلبل البال و اختلال الحال من شرور اشباه الرجال كفانا الله شرورهم في جميع الاحوال و لماستحسن ترك جوابه فان الميسور هو المقدور و لاينبغي تركه بالمعسور و لاقوة الا بالله و اعتذر عنده من البسط و التطويل فان القلب من الهموم عليل و في الصدر من تراكمها غليل فاختصر العبارة و اكتفي بالاشارة و اذكر فقرات سؤاله كالمتن مصدراً بـ«قـال» و جوابي عنها كالشرح مصدراً بـ«اقـول» كما هو عادتنا في جواب المسائل.
قـال سلمه الله: بعد البسملة الحمدلله الذي هدانا الي معرفة اركان الدين و ارشدنا الي الانقياد لهم مع اليقين و الصلوة و السلام علي سيد المرسلين و رهطه الهادين المخلصين و اللعنة علي اعاديهم ابد الآبدين.
و بعد فالمعروض علي خدمة قبلة العارفين و قدوة العالمين ظاهر ائمتنا فينا و هادينا الي حجتنا و راعينا و سيدنا و فخرنا و من حبه يوم القيمة ذخرنا اني لما رأيت لاتخيبون سائلاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۳۸ *»
و لاتردون آملاً مع عدم فهمي لبعض المسائل المعضلة و المطالب المشكلة كما ينبغي فبادرت الي السؤال من خدمت ذلك الجناب المفضال فالمسئول من بابكم الكريم ان تمنوا علي ذلك الحقير بخطابكم العظيم و ان تبينوا بياناً واضحاً لايخفي علي مثلي ما فيها و توضحوا ايضاحاً لائحاً حتي يتبين لي ظاهرها و خافيها شكر الله سعيكم و كثر امثالكم.
اقـول: ذكرت ذلك مع علمي بقصوري و تقصيري و كثرة اضاعتي و قلة بضاعتي ليعلم حسن ظنه و من احسن الظن بحجر القي الله مطلبه فيه و انا اقول اني اعلم بنفسي من غيري و الله اعلم مني بنفسي اللهم لاتؤاخذني بما يقولون و اجعلني احسن مما يظنون و اغفر لي ما لايعلمون و اما بياني واضحاً فهو علي شرط ذكرت و ارجو الله انيجريه علي قلمي ما ينحل به الاشكال و يكفيكم في شرح الحال و لاقوة الا بالله المتعال.
قـال سلمه الله: الاولي؛ ما المراد من الطول و العرض و التركيب و الامتزاج و كيفيتها بطور لايبقي فيها اشكال لمثلي في قول الشيخ الاجل اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه في «الرسالة القطيفية» في الجواب عن مسألة معني النفخ حيث قال روحي فداه: «و اذا اراد الله تجديد الخلق احيي اسرافيل و نفخ في الصور نفخ الدفع و هو النفخ المعروف فاذا نفخ خرج الركن الابيض لان النفخ يمر عليه اولاً فيدفعه الي الاصفر فيتركب معه بالطول فيدفعها الي الاخضر فيتركب معهما بالعرض و يدفعها الي الاحمر فيتركب مع الاخضر بالطول و مع الاولين بالعرض و يدفعها الي المادة و تمازجها الي آخر» فالمرجو من السامي روحي فداه التفصيل علي قدر الامكان و اقتضاء الزمان فان الاجر عند الله مجزول.
اقـول: هذه العبارة من مشكلات عباراته و معضلات اشاراته و الكلام دليل علم المتكلم و عقله اعلم ان المشية هي قلم الايجاد علي احد المعاني و الامكان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۳۹ *»
هو لوحه و قد كتب الله جل و عز بذلك القلم علي ذلك اللوح كلمات الاكوان ماكان و مايكون منها الی ما لانهاية له و المراد بهذا الامكان هو الامكان الجايز فاول ما وضع الله القلم علي لوح الايجاد حدث منه النقطة و نعبر بها عن الوجود الجايز فانه نقطة واحدة صادرة عن قلم المشية و اول اثر صدر منه من حيث الصدور و الاثرية للمشية اذ ليس المراد بالوجود الا حيث اثرية الحادث للمحدث و هو نقطة واحدة لاتكرر لها و اول ما جري القلم حدث منه نقطتان لاغير و النقطة الثانية اول انية حدثت لقوام النقطة الاولي ثانياً و بالعرض فتركبت مع النقطة الاولي فحدث منهما خط بسيط عرضاً مركب طولاً و المراد منه العقل الذي هو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش و اول مركب خلق و ابسط من جميع المخلوقات اذ لاكثرة قبله يتركب منها فيعبر عنه في التمثيل الخطي بالالف القائمة هكذا «ا» و اقل الطول هو التركب من نقطتين و لاجل ذلك صار الالف اول حرف من الحروف الكتبية و ليس النقطة من الحروف و لذلك عبر عنها علماء الجفر بالاختراع الثاني علي ان المشية هي الاختراع الاول ثم لما حصل التكثر و حدثت النفس التي هي في عالم الصورة و تصادمت الكثرات حدث لها عرض عريض فقيل في التمثيل بالحروف انبسطت الالف و تعرضت و حدثت الباء فصار صورتها هكذا «ـــ» و سميت بالالف المبسوطة و الابداع الثاني علي ان الارادة هي الابداع الاول و اما الرقايق التي هي بين العقل و النفس و المعني و الصورة و البساطة و الكثرة و القيام و الانبساط صار اعلاها يشاكل العقل في الامتداد و الطول و اسفلها يشاكل النفس في الانبساط و التعرض و صورتها البرزخية هكذا « » لكنها لبرزخيتها ما عدت من الحروف و لذلك يعبر عنها بورقة الآس لان هيئتها هكذا «» فاعلاها ممتد الي الاعلي دقيق ليشاكل الالف القائمة و اسفلها متعرض غليظ ليشاكل الالف المبسوطة ثم خلق الله الطبيعة و هي انحلال مجموع عالم الغيب فيجتمع فيها تنزل العقل و النفس فيميل فيها العقل الي الانبساط اما الانبساط فلتكثرها الباطني و اما الميل فللانحلال الظاهري و يميل فيها النفس للتنزل فحدث لها شكل الجيم هكذا ٬«شکل» فهذا «» ميل الالف الي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۰ *»
الانبساط و هذا«» ميل الباء الي الانحطاط فكأنه قائم في الاسفل طولاً فلما احدث الله المادة و ظهرت الكثرة الخفية في الطبيعة تكثر فيها العقل تكثراً بيناً ظاهراً و انبسطت و تكثرت النفس تكثراً شهادياً انبسطتا معاً فتمثل في عالم الحروف منه الدال و صورتها في الكوفي المطابق مع التكوين هكذا «» فلما تمثل في عالم الصورة الظلية مستجمعاً للقيام و الميل و الانبساط و معذلك كان بين المادة التي هي آية العقل و الجسم الذي هو آية النفس تمثل علي هيئة ورقة الآس هكذا «» و قد يجعل له بطنان ليدل اعلاهما علي الروح و اسفلهما علي المثال هكذا «» و دقة اعلي البطن الاول ادق و غلظة اسفل البطن الثاني اغلظ كمارأيت و لما احدث الجسم ظهر فيه انبساط المادة و صنوبرية المثال و تمثل منه في الحروف هكذا «» في الخط الكوفي فاذا عرفت ذلك البيان الواضح الجلي و تفكرت في كلامه اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه عرفت ان كلامه ليس مشرعة لكل خائض و كل كلمة من كلماته مأخوذ من علم و اشارة الي سر.
فقال اعلي الله مقامه: «فاذا نفخ خرج الركن الابيض لان النفخ يمر عليه اولاً فيدفعه الي الاصفر فيتركب معه بالطول».
اقول: و ذلك الاصفر من حيث الاعلي دقيق ذاهب الي البساطة العقلانية و اللطافة المعنوية فاذا دفع اليه الابيض بالتنزل اي تنزل اليه تأييدات العقل و امداده و فيوضه فقد ظهر العقل عليه و له في اعلاه الذاهب طولاً حتي ينتهي الي نقطة فيتركب تنزل العقل معه في اعلاه طولاً بحيث يشبه الالف و ان لميكن ببساطة الالف الاولي فيدفعهما الصور بالتنزل لاتنزل انفسهما بل تنزل انوارهما و تأييداتهما الي الاخضر و لما كان الاخضر مقام الالف المبسوطة المنبسطة هكذا «ـــ» لشدة كثراته و جهاته و حيوثه فلما ظهر عليه العقل و الروح انبسطا علي جميعه فظهرا علي جميع جهاته و كثراته فيتركب معهما بالعرض اذ هو بنفسه انبساط الالف القائمة و انبساط الروح القاعدة فيظهر آثار العقل و الروح في جميع اجزائه و ان كان في بعض اكثر و في بعض اقل و يدفعها اي يدفع الصور بالنفخ الثلثة الي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۱ *»
الاحمر فيتركب مع الاخضر بالطول فان الاخضر في نفسه كان منبسطاً فاذا تنزل و مال تسفل كالظل المعكوس و مال الي غاية البعد فهو ايضاً ذاهب الي الطول الي الاسفل فالنفس تظهر للطبيعة راكناً الي غاية البعد طالباً لعرصة الشهادة هذا و مقام الطبيعة مقام الانحلال الشهادي و هي في الشهادة ليس فيها كثرات فعلية اذ هي قوة جميع ما في عالم الشهادة من الكثرات فلاجل ذلك فيه بساطة الفية في الجملة الا انها متسفلة و اما العقل و الروح فقد ظهرا عليه بالميل لما ذكرنا فحدث من ذلك صورة الجيم هكذا «» فهذا معني فيتركب مع الاخضر بالطول و مع الاولين بالعرض و يدفعها اي يدفع الاربعة الصور الي المادة و تمازجها اذ فيها جهات طولية و عرضية و يظهر الاربعة في طولها و عرضها و جميعها فعبر عنه بقوله تمازجها و تنفذ في جميع اقطارها و يدفعها الي الصورة التي هي المثال فتقوم معلنة بالثناء علي الحي القيوم و هذا هو القيام البرزخي الظلي لان المادة يتعين هنا طولها و عرضها و كمها و كيفها و جهتها و رتبتها و مكانها و وقتها و وضعها و اجلها فتقوم متمثلةً بتمثل ظلي لطيف مثنيةً علي الحي الذي احياها بعد ما اماتها و القيوم الذي اقامها و نعش صرعتها و جعلها متصرفة فيما يشاء فيدفعها الصور الي جسمها فتقصد جسمها منجذبة مشتاقة اليه اشتياق الحبيب الولهان الي حبيبه و تنجذب اليه انجذاب الحديد الي مقناطيسه و ذلك كله في طرفة عين و في ما ذكرنا حل مواضع الاشكال التي سألتم عنها و لو زدتم في السؤال حرفاً لزدنا في الجواب حرفاً.
قـال سلمه الله: الثاني؛ كيف يكون النفخ بعد الموت مع كون مراتب الروح دهرية ثابتة لايمضي عليها زمان و كيف تفكك مراتب الانسان بعضها عن بعض و لاقوام و لاوجود لبعضها بدون الاخر و كيف يكون نفخ الدفع و العالم صاعد.
اقـول: النفخ دفع لطيف بلطيف او جذب لطيف بلطيف و الروح جسم لطيف كالريح و بهذه المجانسة اشتق لها اسم من اسمها و هذه الارواح التي في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۲ *»
الروحانيين جسم سماوي ظاهره من ظاهرها و باطنه من باطنها يحصل ظاهرها من تصعيد الدم بخاراً ثم دخاناً فاذا حصل ظاهرها مستعد القبول الروح اشتعل بالارواح الفلكية النازلة مع اشعتها فيشتعل البخار اشتعال الدخان من الشعلة الضيئة فيتحرك بالحيوة منقبضاً و منبسطاً و اذا كان هذه الروح الحيوانية باعتدال البخار معتدلة بحيث تطاوع النفس الناطقة الانسانية تعلقت بها و صارت بها شاعرة للكليات مدركة لما هو آت لانها دهرية محيطة بالزمان و يحضر لديها المستقبل و الماضي بحسب لطافتها و صرافتها فانها اذا انهمكت في الحيوانية الزمانية حصرت في الوقت الزماني حتي انها لاتدرك الا ما تقارنه و كلما تجافت عنها و زهدت فيها و انقطعت عنها تخلصت عن قيودها و حدودها و احاطت بها و استجمعت الماضي و الآتي منها. بالجملة بتعلق النفس القدسية يكون الشخص انساناً و لايتعلق شيء من العالي بالداني الا بعد سؤال الداني و استدعائه قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعائكم و لاينقطع فيض العالي عن الداني الا بتركه المسألة و الدعاء و قد كذبتم فسوف يكون لزاماً ان الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم فالانسان الظاهر حي ما يكون بدنه مؤتلفاً ايتلافا يستحق الحيوة و يستدعيها فاذا حصل في البدن خلل لايصلح معه لتعلق الحيوة به تقبض عنه الحيوة و تخفي عنه فاذا جاء ذومعجز و ازال خلل البدن و اصلحه ظهر فيه الحيوة ثانياً و اذا فسد مرة اخري خفي عنه الحيوة و انقبضت عنها و اذا اصلحه مرة اخري ظهرت فيه مرة اخري و هكذا و لو كان ذلك الفساد و الاصلاح الف الف مرة اذ لابخل في المبدأ و قد قال ادعوني استجب لكم و قال اجيب دعوة الداع اذا دعان. فكلما حصل دعاء فالاجابة قريبة منه و كلما كفر بترك الدعاء انقطع الاجابة فاذا عرفت ذلك فاعلم انه لما خلق الله العقل و امره بالادبار و ادبر جاء الي هذا العالم و ظهر بالتراب و كمن فيه و حصل لكل ظهور له في هذه المراتب اعراض لضعف البني و وهن القوي و وجود الكثرات و تعاكسها و تصادمها و تعارضها فحصل لكل مرتبة اعراض و خالطت الاغراض فوهن تركيبها بتخلل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۳ *»
تلك الاعراض و تباينها و عروض الاعراض شيئاً بعد شیء و تقوي كل عرض بمثله و ضعفه بضده فلاجل ذلك صارت الدار دار فناء و زوال و كل ما فيها آئل الي انقطاع و اضمحلال انك ميت و انهم ميتون و كل نفس ذائقة الموت و انما يكسر الابدان لازالة ما فيها من الاعراض فاذا كسرت و طهرت من تلك الاعراض كان اجزاء البدن الاصلي متناسبة متشاكلة منجذباً بعضها الي بعضها فاذا طهرت الابدان تركبت ثانياً و استوت ابداناً فدعت بلسان استوائها ارواحها فافاض الله عليها ارواحها المعدة لها فالابدان في هذه الدنيا لابقاء لها لوجود الاعراض المتخللة فيها و طروء الاعراض المفككة لها فيحصل فيها خلل و فساد و لو بعد حين فاذا فسدت يئس منها الروح و لمتنفعها لحوايجها و لمتستعد لظهورها عليها فتوجهت الي مبدئها و غابت عنها و لمتؤثر فيها بتأثير لعدم مطاوعتها لها فالروح تنجذب الي صور الروح الكلية و جذب الروح الكلية هو نفخة للجذب فانها تدعوها اليها و تناديها بالخروج و العود اليها فتغيب عن البدن و تبقي في عالم المثال و مثالها الذي كانت متمثلة به اما في فسحة و نور و رخاء و سرور او في جحيم و حميم و ظل من يحموم فيبقي المثال بما فيه طول عالم البرزخ و قد كسر بدنه للتحليل و التصويل و التطهير فمهما تطهر بدنه عن الاعراض الدنيوية المانعة عن الحيوة الدائم عاد اليه الروح و رجع ولكنه لايأمن الموت البرزخي الحاصل بسبب الاعراض البرزخية فينفخ في الصور ليموت في عالم البرزخ لما تدعو اليه الاعراض البرزخية و تقتضيه و ما لمتتخلل المثال البرزخي و تترك استدعاء المراتب العالية لمتنجذب المراتب العالية فاذا تخلل و ترك التوجه و الدعاء انقطع عنه الاجابة و غاب عنه المادة و توجهت الي مبدئها و هكذا اذا حصل الخلل في المادة بعد اوقات هي اطول من طول عالم المثال فان اعراض المادة اقل و تركيبها اشد فبعد تلك المدة التي الله اعلم بمداها تتخلل المادة فتنزع عنها الطبيعة فتبقي الطبيعة مدة اطول من مدة بقاء المادة بما الله اعلم بمداها ثم تتخلل و هكذا الي ان يتخلل الروح فيخرج عنها العقل و تلك المنازل هي منازل ثقب الصور الستة و الصور هو الروح الكلية للعالم و هي القرن من النور و هيئتها صنوبري علي شكل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۴ *»
القلب و اليه تنجذب جميع الارواح و المراتب فاذا انجذبت الارواح اليها و بقي كل مرتبة في منزلها تفكك كل مرتبة و تفرق اجزائها للخلل الحاصل لها فتبطل الحركات و الادراكات و لايبقي حاس و لامحسوس و لاينافي هذا التفكك دهرية المراتب و ثباتها فانها علي مقتضي عالم البرزخ و هو اسفل الدهر و فيه شائبة التقضي و لما تصر دهراً صرفاً خالصاً عن اسباب التقضي و الفناء فان اسباب التقضي و الفناء هي الاعراض و هي موجودة و ما لمتتطهر المراتب من جميع الاعراض لمتصر ثابتة قارة علي حالة واحدة بالجملة اذا تفككت المراتب بقي امثلتها التي كانت تلبسها و تخلعها في مواطن حدودها لاتزول فانها صور علم الله الذي في ام الكتاب لايضل ربي و لاينسي و كذلك يبقي الاجزاء من كل شيء مجاورة لاجزاء غيره حاشا الاعراض فانها ترد الي جواهرها و تبقي الاجزاء الاصلية من كل مرتبة مجاورة لغيرها و سر المجاورة سر مبهم و رمز منمنم و سأشير لك اليها.
اعلم ان الدار داران دار قوة و دار فعلية و جميع الفعليات في القوة منحلة مذابة معدومة العين و الاثر و اما في دار الفعلية فمتعينة متشخصة خارجة الي حد الامضاء محصورة في حدها ليست تتجاوزها ابداً و ماتري من خروج السرير من قوة الخشب الي الفعلية و الامضاء ثم كسره و حرقه و رد صورة السرير الي القوة و العدم فليس ان صورة السرير دخلت القوة بعد خروجها الي الفعلية بل هي ثابتة في محلها لاتزول و انما ظهر الخشب في حدثان بفعلية ثانية غير الفعلية الاولي فهي و السريرية فعليتان كل مكتوبة في حدها ثابتة لاتزول و انما ساوقت انت فعلية بعد فعلية فرأيت واحدة بعد اخري فالجسد الاصلي مثلاً هو الجسد بالفعل علي ما هو عليه علي مقتضي الدهر و هو فعلية كلية علي صفة عقيدته و عمله الكليين اي ملكة عقائده و اعماله فهو ابداً علي صورة تلك الملكة قد خرج من القوة الي الفعلية فليس يرجع الي القوة ابداً نعم بقدر ما مازجه الاعراض حصل لها قوة و استعداد يوجب التقلب في الصور و هي من عالم القوة و الاستعداد و هو هذا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۵ *»
العالم عالم الاعراض. المتسمع علياً۷ حيث سئل عن العالم العلوي فقال صور عالية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد و المراد من العالم العلوي دار الفعلية و الدهر و من القوة و الاستعداد دار المحو و الاثبات و التقلب في الصور فالصور المتممة تجيء و تذهب لانها من الاعراض و اما الصورة المقومة فهي فعلية دهرية لاتجيء و لاتذهب و لاتمحي و لاتتغير و هي غير المتممة فليست هذه الصور المتممة هي المقومة الكلية و انما هي راجعة الي اصوله التي هي الاعراض فالصورة المقومة مجاورة لغيرها لاتمازجه ابدا و لاترد الي القوة سرمداً لايضل ربي و لاينسي و لو رجع الي القوة لبطل الثواب و العقاب بالجملة الاجزاء الاصلية من كل مرتبة تبقي في مرتبة من مراتب الصور لاتمازج غيرها حتي يزول اعراضها التي صارت سبب تفككها بمشاكلتها لماديات دار القوة و الاستعداد و دار المحو و الاثبات فتبقي الي ان تطهر فاذا طهر الجسد الاصلي الفعلي و تركبت اجزاؤه استدعي المثال الفعلي الاصلي و اذا طهر المثال استدعي المادة بعد تركبه و هكذا كل رتبة دنياً تطهر و تتركب حتي اذا طهر الروح و تركب اجزاؤه استدعي العقل فنفخ صاحب الصور اجابة لمسئوله فدفع اليه العقل ثم دفعهما الي النفس ثم دفعها الي الطبع ثم دفعها الي المادة ثم دفعها الي المثال ثم دفعها الي الجسد و كلما دفع عال الي دان حيي الداني و تحرك و صار شاعراً الي ان يحيي الجسد و يتحرك و يصير شاعراً فيقوم معلنا بالثناء علي الله و هذا في النزول و يظهر علي الجسد كل دان قبل العالي كما بدءكم تعودون و اما تفككها مع قوام بعض ببعض فلما ذكرنا من الاعراض المنافية فاذا زالت الاعراض وردت الي صرافتها ائتلفت ايتلافاً لاتفكك لها و لازوال خلقتم للبقاء لا للفناء و انما تنتقلون من دار الي دار اي من دار خرجتم بالاعراض الي دار ليس فيها اعراض و هنالك يستحق اسم الدهرية الصرفة الخالصة و اما نفخ الدفع و العالم صاعد فلاجل ان التطهير هو الصعود و انما حجب العالي بالخلل الحاصل للداني فاذا صعد الداني عن رتبة الخلل العالي ظهر العالي عليه كما كان النبي۹ يحيي الموتي و العالم صاعد فافهم.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۶ *»
قـال سلمه الله: الثالث؛ ما معني قوله تعالي قل يحييها الذي انشأها اول مرة في جواب الاعرابي حيث اخذ عظاماً باليةً ففتها ثم قال يا محمد۹ من يحيي العظام و هي رميم و كيف تبعث العظام و هي اعراض عنصرية فانية التي لاتعاد يوم القيمة؟
اقـول: حاشا انيكون العظام كلها اعراضاً عنصرية فانية و لو كان ذلك كذلك لكان كل البدن اعراضاً عنصرية و لميكن للانسان اذن بدن اصلي بل في جوف هذا العظم و اللحم و الدم يعني في غيبه اجزاء اصلية هي اصل بدن زيد مثلاً و به يقوم في الدنيا في ايام عمره و به يكون في البرزخ و به يحشر يوم القيمة و هو بدن زيد في الحقيقة و قد لحقه من المأكل و المشرب اعراض تجيء و تذهب فقد يكون ما يتحلل اقل من المدد فيسمن الانسان و قد يتساويان فيبقي الانسان علي حال واحدة في ازمنة و قد يكون ما يتحلل اكثر فيهزل الانسان و قد يكون الانسان سميناً قدر ثلثين مناً و قد يمرض و يهزل و يكون عشرة امنان و هذه الزيادة و النقيصة تكونان في فضول الاغذية و هي متبادلة في ايام الحيوة و في جميع هذه الاحوال يكون البدن الاصلي سارياً جارياً نافذاً في جميع هذه الفضول و هو باق علي حاله من اول التولد الي آخره و هو موجود في العظم و اللحم و الدم و جميع اجزاء البدن و هو لاختلاطه بهذه الاعراض تتفرق بتفرق هذا البدن الظاهري و تقطعه كما يتفرق و يتقطع روح الحية بتفرق بدنه و تقطعه و كذلك البدن الاصلي لاختلاطه بهذه الاعراض جري عليه حكمها و عرضه الموت و نزع عنه المثال و يبقي في القبر مستديراً حتي يحيي اذا شاء الله و ذلك حين تطهره من الاعراض فاذا طهرت اجزاؤه تجاذبت اجزاؤه و تجاوبت فتضامت فاتحدت فكان بدناً تاماً قابلاً للحيوة فالعظام كما ترم يرم ما فيها من الاجزاء الاصلية الا انك تري الاعراض بعينك العرضية و لاتري الاجزاء الاصلية لصفائها فاذا اخذت عظماً في كفك ففيها العظمان الاصلي و العرضي مختلطين فيحييها الذي انشأها اول مرة و هو بكل خلق عليم.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۷ *»
قـال سلمه الله: الرابع؛ ما النسبة بين المطلقات و المقيدات هل هي بالعرض او الطول و كيفيتها مشتملة علي الادلة المسلمة.
اقـول: اعلم ان الشيئين اما ان يشتركا في المادة و يختلفا في الصورة او يختلفا في الصورة و المادة معاً فان اشتركا في المادة فهما في عرض واحد يمكن استحالة هذا الي ذاك و ذاك الي هذا فان المادة و صلوح الصورتين في الشيئين موجودة و ان اختلف المادة فلايصلح المادة العليا للصورة الدنيا و لا الدنيا للعليا فحينئذ انظر الي المطلق و المقيد هل مادتهما واحدة و الاختلاف في صرف الصورة فيجوز ان يسلب عن الفرد الواحد الصورة الشخصية و يلبس عليه الصورة الاطلاقية و يمكن ان ينزع عن المطلق الصورة الاطلاقية و يخلع عليه الصورة التقييدية ام لا و لااظن عاقلاً يقول بجواز ذلك فان صورة الاطلاق موجود في الفرد و لاتصادم صورة الفرد و لايحتاج حين تلبسه بصورة الفردية ان يسلب عنه الصورة الاطلاقية الا تري ان المثلث لايمكن ان يكون مربعاً الا ان يسلب عنه التثليث و يلبس بعده صورة التربيع و لايجب ان يسلب عن الخشب الصورة الخشبية حتي يلبس صورة السرير بل هو خشب حين كونه سريراً و ليس المربع مثلثاً حين كونه مربعاً فهذا هو الفرق بين الصورتين و الصورتين فاذا مادة المطلق غير مادة المقيد فليستا في صقع واحد فاذا احداهما اعلي و الاخري اسفل فاذا الاطلاق في مقام المؤثر و التقييد في مقام الاثر و اما علو العقل علي الروح و الروح علي النفس فهو من باب التشكيك و المادة واحدة و صورة العقل الطف و صورة الروح اكثف كما ان صورة السماوية الطف من صورة العنصرية فلاجل ذلك صار السماء اعلي و الارض اسفل و ليس من باب اختلاف المادة و يمكن احالة كل واحدة الي الاخري لانه يمكن في مادة الارض صورة السماء و يمكن في مادة السماء صورة الارض.
قـال سلمه الله: الخامس؛ هل الجحيم مع مراتبها مؤمنة ام لا اي بالايمان الشرعي و ان كانت مؤمنة فكيف تكون من مراتب الجهل.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۸ *»
اقـول: اعلم ان الله جلشأنه خلق الخلق من الدرة الي الذرة ليعرف و لايعرفون الا ان يعرفهم نفسه و تعريفه نفسه شرعه و دينه و يجب علي الخلق ان يعرفوه كما عرفهم بما عرفهم من حيث عرفهم و هو الدين الخالص الذي لادين سواه ثم ان الله سبحانه عرف نفسه خلقه في مقامين: الاول في مقام قيام الخلق بحضرته جميعاً و نسبتهم اليه فاستوي في هذه المعرفة صغيرهم و كبيرهم و ضعيفهم و قويهم و عالمهم و جاهلهم و روحانيهم و غير روحانيهم و نورهم و ظلمتهم و هكذا جميع اضدادهم فدانت له السموات و الارض بالعبودية و اقرت له بالوحدانية و شهدت له بالربوبية يسبح لله ما في السموات و ما في الارض و ان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم فسجد له سواد الليل و بياض النهار. و اقرت في هذه العرصة النار كما اقرت الجنة بل و اهل النار كما اقرت اهل الجنة و اقر الجهل كما اقر العقل فلايوجد في ملك الله في هذه العرصة شيء الا و هو مؤمن بالله وحده و الا لميوجدوا فانه دعاهم في هذه العرصة بلسان ايجادهم.
الثاني في مقام نسبة بعضهم الي بعض و تجلي الجبار من وراء الاستار فامتحنهم في هذه العرصة و ناديهم من وراء الحجاب و عرفهم نفسه علي لسان الابواب و تجلي لهم بهم بلانقاب و جدد لهم الميثاق و ذكرهم يوم التلاق يوم هم بارزون لايخفي علي الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار فاختلفوا هنا فمنهم من انف من الاقرار انفة من الخضوع لدي الاستار و منهم من آمن بلامهلة بخوعاً لدي الابواب و خضوعاً عند الحجاب و منهم من تأمل و تفكر و قال هذا امر عظيم و خطب جسيم ثم آمن بعد حين فهنالك تثني الخلق و تضاد و حصل مؤمن و كافر و عليون و سجين و سعيد و شقي و هكذا و هيهنا امتاز العقل و الجهل فصار العقل مؤمنا مقبلاً و الجهل كافراً مدبراً و اصل الجحيم ليس من اتباع الجهل بل هو مؤمن بالله منقاد له و لابوابه أليس يقعد الولي علي عجزها و يقول خذي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴۹ *»
هذا و ذري هذا و هي منقادة له اشد من انقياد الذلول لقائدها فهي مؤمنة شرعاً و كوناً كزبانيتها من الملئكة و موالكها بلاتفاوت و ليست من اتباع الجهل المدبر عن الحق. المتسمع لقوله السلام علي رحمة الله علي الابرار و نقمته علي الفجار فهو۷ نقمة الله علي الفجار و غضبه علي الكفار و هو هو و ليس من اتباع الجهل فافهم.
قـال سلمه الله: السادس؛ التطبيق بين السلسلة الطولية المستعملة في كتب الشيخ الاوحد و السيد الامجد روحي فداهما من كون الانبياء مع جميع مراتبهم موجودة من اشراق السلسلة الاولي و كذلك السلاسل الباقية بحذافيرها و بين كون العقول الجزئية من اشراق العقل الكلي و النفوس الجزئية من اشراق النفس الكلية و كذلك المراتب الي الجسم متضمناً للدلائل الباهرة.
اقـول: ليس بين القولين اختلاف و الحمدلله و مجموع ملك الله كانسان واحد له فؤاد كلي و عقل كلي و روح كلية و نفس كلية و طبع كلي و مادة كلية و مثال كلي و جسم كلي فكما ان هذا العالم عالم الاجسام و فيه اجسام جزئية و كلها تحت جسم اطلاقي كلي كذلك عالم العقول فيه عقول جزئية و كلها تحت العقل الكلي الاطلاقي بلاتفاوت و كذلك ما بين العقل و الجسم من العوالم ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فالعقل الكلي هو الحقيقة المحمدية الكلية الجامعة في مقام العقل و العقول الجزئية برمتها اربعةعشر و هي مراتب المعصومين في مقام الجزئية و اما عالم الارواح فارواح العالم الكلي حقايق الانبياء و هي من شعاع الروح الكلية التي هي روح الشخص الكلي و الروح الكلية تنزل العقل الكلي فحقائق الانبياء شعاع تنزل العقل الكلي لاشعاع نفس العقل الكلي و لاشعاع العقول الجزئية و كذلك النفوس الجزئية هي حقائق الاناسي و هي شعاع النفس الكلية و النفس الكلية نفس الشخص الكلي و هي تنزل الروح الكلية فحقائق
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۵۰ *»
الاناسي هي شعاع تنزل الروح الكلية لاشعاع نفسها و لاشعاع الارواح الجزئية و كذلك الطبايع الجزئية هي حقائق الجن و هي شعاع الطبيعة الكلية التي هي تنزل النفس الكلية فحقائق الجن من شعاع تنزل النفس الكلية لاشعاع نفسها و لاشعاع افرادها و هكذا الي آخر السلسلة و في كل مقام الافراد الدانية من شعاع المطلق الكلي الذي فوقها و ذلك الكلي تنزل الكلي الذي فوقه و جميع الكليات مراتب الشخص الكلي و شعاع كل تنزل يضاف الي الكلي الاعلي كما انك تقول الكتابة اثري و هي اثر حركة يدك فافهم.
قـال سلمه الله: السابع؛ ان جنابكم العالي بينتم في الرسالة التطبيقية في بيان تطبيق العالم الصغير مع العالم الكبير بسلاسله الثلثة ان مثال المراتب الطولية الصرفة في الانسان العقل و النفس و ان مثال الطولية العرضية ايضاً هو العقل و النفس نقلت المحصول بالمعني فما الفرق بين العقل في الطول و بينه في العرض.
اقـول: اعلم ان الشيء لايتركب من جزئين احدهما اثر للآخر فان الاثر يعدم عند ذكر المؤثر و ينطوي تحت احديته فكيف يجامعه حتي يتركب معه فليس في وجود الانسان مؤثر مع اثر و انما المراد مما ذكرنا ان الانسان فيه مرتبة اذا قطع النظر عن خصوص ما يخصه او يعرضه يعرف به العالي فالامر في التطبيق بين السلسلة الطولية و الانسان وجداني الا تري انه ليس في الانسان وجود حق قديم قطعاً ولكن له مشعر اذا كشف السبحات عنه وجد ربه قد وصف نفسه له به فذلك الوصف في الوجدان ما في الانسان من الوجود الحق و يعرف به الهه الحق المنزه الاحدي خالق السلاسل الطولية لا من شيء و اله المشية و الارادة و الا ففي الواقع لايتركب الحق مع الخلق ابداً و كما ان في الانسان آية وجود الحق فيه آية الوجود المطلق و المشية و بها يعرف الانسان الحقيقة المطلقة و ليست المشية مع الحق في العرض ولكن في الانسان رتبة اذا كشف السبحات عنها عرف بها الوجود المطلق و هكذا ساير المراتب علي ما ذكر في رسالة التطبيق.
و اما ما في الانسان علي طبق
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۵۱ *»
الكليات العرضية المترتبة فوجودي اذ فيه المراتب الثمانية فبالعقل وجداناً يعرف الحقيقة المحمدية و وجوداً يعرف به العقل الكلي و بالروح وجداناً يعرف حقايق الانبياء و وجوداً يعرف الروح الكلية و بالنفس يعرف حقيقة الانسان و هي وجوداً تدل علي الروح الكلية و الباقي علي ما ذكرنا في رسالة التطبيق.
قـال سلمه الله: و الثامن؛ ان الشيطان غالب في نفس الحقير و لايمكن لي دفعه فالمأمول انتمنوا علي محبكم بدعاء و ورد مبعد للشيطان غاية التبعيد لاملجأ لي سواك و لامفزع للحقير عداك ادام الله افاضتكم و كثر امثالكم الي آخر.
اقـول: هذا آخر مسائله ادام الله توفيق اعلم ان الله جل و عز خلق للانسان قلباً واحداًٌ و جعله وحداني التوجه لايمكن له ان يتوجه الي شيئين في آن واحد البتة و ربما يشتبه علي الانسان و يزعم انه توجه الي شيئين او ادرك شيئين في آن واحد و الحق انه من سرعة تعاقب كل من الادراكين الآخر بالجملة الانسان له توجه و ادراك واحد و جهة الرب جهة وحدة و نور و خير و جهة النفس جهة كثرة و ظلمة و شر فمن توجه الي النور وجده و غفل عن الظلمة حال ادراكه النور و من توجه الي الظلمة وجدها و غفل عن النور و الوحدة لامحه هذا حتم محتوم و بخاتم الله مختوم فاذا وجدت في نفسك توجهاً الي الشيطان و نجوي منه و وسوسة فاعرض عنه و توجه الي الرحمن ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون فلاعلاج لدفع الشيطان عن الجنان الا بالتوجه الي الرحمن و ينبغي ان تديم التوجه الي الرحمن حتي يغلب علي توجهك الي الشيطان فان النفس تطاوع العادة الغالبة فاذا جرت العادة بالتوجه الي الشيطان و غلبت علي التوجه الي الرحمن اتبعت النفس العادة الغالبة فلاعلاج له الا ان تذكر الله جل و عز و تديم عليه الي ان تعتاد نفسك التوجه الي الرحمن و يغلب هذه العادة علي تلك العادة بحيث يجري الذكر من النفس بلاتكلف و مشقة فحينئذ تنصرف الي النور
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۵۲ *»
و تولي عن الظلمة فتتنور. هذا علاجه و كل من قال غير ذلك فلاتصدقه و الذكر المناسب للمداومة «لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم» و ان ضممت اليها «البسملة» في اولها فنور علي نور و ان ضممت اليهما «و صلي الله علي محمد و آله الطيبين» في آخرهما فبها و نعمت و كذلك ينفع لذلك قول «لااله الا الله» و غيرهما من الاذكار المأثورة و قد ذكرناها في كتبنا كثيراً و الاصل ما ذكرنا و ان كان لخصوص الاذكار ايضاً دخل و الاصل الذكر الدائم مطلقاً ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون.
و قد فرغ من تسويده العبد الاثيم كريم بن ابراهيم في سلخ شهر شعبان من شهور سنة ثلث و ثمانين من المأة الثالثةعشرة في بلدة طهران حامداً مصلياً مستغفراً تمت.