بسم الله الرحمن الرحيم
الواردات
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني
اعلياللهمقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۹۷ *»
هذه الواردات للعبد الاثيم كريم بن ابراهيم
واردة – في بعض اسرار الخلقة علي سبيل الايماء و الاشارة و يظهر منها سر الامر بين الامرين و الكون و اشياء اخر نكتمه في ضمن التلويحات فانها سر دقيق و بحر عميق بالكتمان حقيق و واد سحيق كثير الحيات و العقارب مظلم كالليل الدامس اذا اخرج يده لميكد يريها في قعره شمس تضيء لايطلع عليها الا الفرد الصمد و من علمه اياها و اياك ان تنظر فيها بتتبع الالفاظ فانك لن تصل اليها ابدا بل ان كنت كذلك فهي طريق مظلم فلاتسلكه و بحر زخار فلاتلجه و سر غيبي فلاتتكلفه و ستر الله فلاتهتكه و ان ابيت الا الوغول في غمراتها و زخارها و منعت الا السباحة في عبابها و تيارها فانظر فيها بنور الله سبحانه و عينه التي اعارك اياها فلعلك تري آياتها و ظهوراتها و اصغ لما اقول و تربص في تصاريفه المأمول و استعين بالله فانه اكرم مسؤل.
اعلم ان الله سبحانه كان في قدس كماله و عز كنهه و لميكن معه شيء مما سواه لا وجود و لا عدم و لا نفي و لا اثبات فان كنهه تفريق بينه و بين خلقه و غيوره تحديد لما سواه ثم خلق الخلق حيث خلقهم في مكان حدودهم و محل شهودهم بما سألوه كما سألوه بالسنة استعداداتهم للانوجاد التكون في ذلك الحد و المكان و ما سألوه الا بما خلقهم كما خلقهم و هذا مجمل القول في ذلك و عسي ان نفصل الايات لعلهم يتذكرون و ان كان و لايعقلها الا العالمون و ذلك ان كل شيء بلسان شيئيته في الحد الذي هو فيه بالحد الذي هو في عند الحد الذي هو فيه من حيث انه هو هو في ذلك الحد سائل ان يكون هو اياه كذلك دون غيره بل يمتنع عن غيره كما تري ان السواد من حيث انه سواد يمتنع عن ان يكون بياضا بل مقتض للسواد حسب و كذا الاعوج من حيث انه اعوج يمتنع عن ان يكون مستقيما من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۹۸ *»
حيث انه مستقيم و كذلك نضرب الامثال ليذهب عن بصرك العمي و الكلال و مع ذلك ان اختطفت فانت انت لانه لايتذكر بذلك الا اولو الالباب فالممتنع لايقبل فيض الامكان و الكون عن مفيضهما ابدا و لايستعد لذلك و لايقتضيه فلاتتوجه اليه القدرة ابدا لعدم الاقتضاء للايجاد من القادر المتعال فانه ما يعبؤ بشيء ربي لولا دعائه فقد كذب و ما قبل قوله كن فسوف يكون الامتناع الذي هو ذلك التكذيب لزاما له لايوجد و لايلبس حلية الكون ابدا فلايوجد الممتنع ابدا فلايكون الشيء غيره لا وجودا و لا عدما و لا نفيا و لا اثباتا فبوجوب كون الشيء هو اياه الذي هو مقتض للايجاد و امتناع كونه غيره الذي هو عدم المانع رجح ايجاده علي ما هو عليه فاوجده الله برجحانه كذلك و لولا ايجاد الله اياه كذلك لميكن له وجوب و لا رجحان كما في الازل فكان وجوب كونه و هو بايجاب الله سبحانه باقتضاه الانوجاب و كذلك رجحان استعداده بعد خلق الله اياه لا قبله كما ان الله اذا اراد ان يخلق البياض لميخلقه سوادا من حيث انه بياض و كذا الاعوج اذا شاء خلقه لميخلقه مستقيما من حيث انه اعوج فالبياض بياض وجوبا و كذا الاعوج اعوج وجوبا و لولا ذلك لميكن هو هو و كذلك الرجحان فلو لميرجح جهة ايجاده علي عدمه بعد الخلق لما كان يخلقه الله قبل الرجحان فاول ما خلق الله من العوالم السرمد و هو عالم الامر فبمفاد ما سبق من ان الشيء هو هو وجوبا كان السرمد سرمدا وجوبا ابدا دائما سرمديا في مكانه و هو مكانه ابدا سرمديا لا شيئا غيره لا من حيث انه نفيه و لا من حيث انه اثبات نفسه فان غيره اما فوقه و اما دونه و كليهما محال ان يكونا في حده و الممتنع ليس بشيء فالسرمد بالدوام السرمدي و وقته كان دائما ابدا ثابتا لايزال في حده بايجاد الله سبحانه اياه في ذلك الحد و بذلك سماه علي عليه السلام ازلا في قوله انا صاحب الازلية الاولي فلم يجيء وقت سرمدي لميكن هو اياه حتي يلزم محاذير سبق الايجاد و الانوجاد و ذلك كله بايجاد الله سبحانه اياه سرمدا ابدا سرمديا فقبل خلق الله اياه يعني في الذات لميقتض الايجاد و بعد خلق الله اياه اي في السرمد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۹۹ *»
اقتضي الايجاد و هذا بعينه هو الخلق بعد الاقتضاء فارتفع المحذور و كشف المستور و تبدل الظلمات بالنور فالسرمد هو وقت الفعل و الامكان الراجح محله و كلها شيء واحد بلاتعدد و لاتكثر و لا اختلاف في الواقع ولكن الفؤاد لما راي اثاره حيث يمتنع ان يكون الشيء الحادث و لميكن له وقت و مكان حكم فيه من حيث التعلق بذلك و ذلك الفعل الذي هو ذلك السرمد و الامكان مخلوق بنفسه فانه الفعل و هو اول مظاهر الذات و صفة بدئه بنفسه بحسب تزييل الفؤاد اياه كما رأي في آثاره ان الله سبحانه بعد ان كان كنزا مخفيا و سأل الفعل ان يعرفه الله نفسه و ليشكره و يعبده بحسب الله ذلك بسؤاله ظهر بذلك الفعل له فكان ظهورا للذات لنفسه فكان ظاهرا له فلما ظهر هو سبحانه به انتشر منه نوره و جماله فان الظاهر كان ضوء و جميلا فكان ذلك النور و الجمال من حيث نفس الظهور و كان محلا له من حيث التعلق به فظهوره ذلك هو المشية و ذلك النور محلها فالله سبحانه ظاهر للظهور به و للنور به و بالظهور و يعبر عن ذلك النور بنفس المشية التي خلقت بها او المشية التي خلقت بنفسها فعلي الاطلاق الثاني يكون الظهور النفس و النور المشية المخلوقة بالنفس و اما علي الاطلاق الاول مع ن النفس التي هي النور مخلوقة بالمشية المعبر عنها بالظهور فلانه قد ثبت في الحكمة ان المفعول هو فاعل فعل الفاعل له كما عبر الله عنه بقوله كن فيكون فصار المشية حاصلة في خلقين علي طبق آثارها المطابقة لها خلق اولي نوعي و هو خلق الظهور و هو مركب من مادة و صورة نوعيتين اما المادة فهي الظاهر فانه جهته من ربه و اما الصورة فهي الظهور فهو ظاهر الله لنفسه التي هي ظهوره فنفسه لا ظهور لها من حيث هي الا بالنور و هو الصورة الشخصية فان الظهور ظهور لفوقه لنفسه لا لنفسه لغيره فلاظهور للظهور لغيره الا بذلك الغير و ان شئت مثاله فانظر الي المرآة و شبحك فيها فان شبحك هو ظهورك له و انت ظاهر له به فهو ظاهرك له ولكن نفسه لغيره لا ظهور له الا بذلك الغير و هو المرآة فالمرآة هي ظهور شبحك ثانيا فظهور شبحك لنفسه بنفسه و للمرآة بالمرآة و نريد بالمرآة الصورة الشخصية كفاك ذلك قليلا من كثير.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۰ *»
و الثاني عالم الخلق المخلوق بالامر الصادر عنه و له رتبتان غيب و شهادتان و ملكوت و ملك و دهر و رمان فالدهر الذي هو الغيب و الملكوت كان دائما دهريا ثابتا لايزال و لايزول و لميجيء عليه حين من الدهر لميكن شيئا مذكورا نعم ما كان في السرمد و هو قوله تعالي أولا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل و لميك شيئا و صفة بدئه و ايجاده انه مركب من مادة و صورة فمادته هي نور صادر عن الفعل لحقته بسبب البعد عن المبدء و بانتشاره في فضاء الامكان حدود دهري فتجمد ببرد البعد في تلك الحدود بحسب مراتب الدهر فكان الشيء الحاصل دهريا فاول مراتبه العقل فهو مركب من مادة و صورة و مادته ذلك النور و لحقته حدود معنوية فتجمد فيها و صار تفصيلا لاجمال فوقه و قشرا للبه و ظاهرا لباطنه لان كل تلك الحدود ممكنات ذاتية و ذلك النور ظهرت هيهنا لانها كانت من هذه الرتبة فالعقل من حيث هو هو كان دائما دهريا عقليا في اول مراتب الدهر فبوجوب كونه هو هو في حده خلقه الله و بخلق الله وجب فلولا سؤاله الايجاد كما في السرمد لميخلقه الله و لولا خلق الله اياه كما في تلك الرتبة لميسئل فبسؤاله كما في الدهر خلق و بخلق الله اياه كما في تلك الرتبة سئل و قس علي ذلك الرقيقة التي هي بعده و النفس بعدها و الطبيعة بعدها و المادة بعدها و المثال بعدها و هو البرزخ بين الدهر و الزمان.
و الثالث و هو الرتبة الثانية للخلق و هو عالم الزمان و محل الاجسام و لها مراتب بحسب كثافتها و لطافتها فالزمان دائما زمانيا كان زمانا فلميجيء حين من الزمان لميكن الزمان زمانا نعم ما كان في الدهر و اما في رتبته و حده كان دائما لايزول و لايحول و صفة بدئه انه مركب من مادة هو ذلك النور المشار اليه و صورة شخصية زمانية الا ان ذلك تكثف و تفصل اكثر مما كان في الدهر فكان مادة جامدة جسمانية و كان ذلك ايضا بحسب مراتب الزمان في اللطافة و الكثافة فكان في المحدد الطف و ابسط و في الافلاك اكثف و في الطبيعيات اكثف و اخس فكل واحد من تلك المراتب كان دائما زمانيا مناسبا لرتبته كذلك لايزول و لايحول و خلقه الله كذلك بسؤاله في حده ان يكون هو هو و لولا سؤاله لميخلقه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۱ *»
كما في الدهر و بخلق الله سئل كما في الزمان و لولا خلق الله لميسئل كما في الدهر و بسؤاله خلقه كما في الزمان فهو في حده كان دائما سائلا و كان الله خالقا له دايما و هو كان في تلك الرتبة سائلا كذلك وجوبا بايجاب الله تعالي فمجمل القول ان كل شيء واجب ان يكون هو هو في ذلك الحد بايجاب الله سبحانه و يمتنع ان لايكون هو هو و لايذهبن بك وجوبه انه واجب بنفسه فان الواجب بالنفس لامؤثر له و ليس اثر لشيء فلايكون تحت شيء و لايكون شيء فوقه اذ لمنرد بالتحتية الا رتبة الاثرية و بالفوقية الا رتبة المؤثرية و لسنا نريد الرتبة و المكان اذ هما مما جري الكلام فيها ايضا فافهم ذلك و اكتمه عن الاغيار فانه من الاسرار و الحمد لله العزيز الغفار تمت.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۲ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
واردة
في بيان مراتب الممكنات و سر لزوم القطب في كل رتبة علي سبيل الاشارة
اعلم ان ما سوي الواجب سبحانه ممكن مخلوق مربوب الا انها علي اختلاف مراتب فمنها مخلوق بنفسه و منها مخلوق بواسطة و منها مخلوق بواسطتين و منها بوسائط و كل هذا الخلق مظاهر لله سبحانه قد ظهر لها بها في اختلاف مراتبها ليعرف نفسها بها لها فاول ما ظهر و تعرف ظهر لمحمد و آل محمد عليهم السلام فكانوا هم ظهور الذات اولا و بالذات لهم بهم و لميكن موقوفا بشيء غير نفسه لعدم مسبوقيته بشيء غيره فظهر له به علي ما هو عليه و ما هو عليه ان يكون ظهورا للذات فكان ظهورا لها من غير سبب يتوقف به او مانع يمنعه عنه لا من نفسه و لا من غيره و لما كان ذلك ظهور الذات كما يمكن في الممكن و كان اثرا لها و الاثر يحكي صفة مؤثره و كان الذات منيرا به لزم ان يكون هو ايضا منيرا لانه اسم الفاعل بل الذات الظاهرة و ان يكون له نورا كما كان هو نورا لفوقه فخلق من نور تلك الحقيقة الحقية حقايق الانبياء صلوات الله و سلامه عليهم فكانوا ظهور الذات لهم بهم و بمحمد و آل محمد عليهم السلام ثانيا و كذلك لما كانوا اثر المنير و الاثر يشابه صفة مؤثره كانوا بذلك مؤثرا منيرا لمن دونهم و خلق من نورهم انوار المؤمنين و حقايقهم فكانوا ظهورا للذات لهم بهم و بالانبياء و بمحمد و آل محمد عليهم السلام و هكذا خلق من شعاعهم مؤمني الجن و من شعاعهم الملائكة و من شعاعهم الحيوانات و من شعاعهم النباتات و من شعاعهم الجمادات و هكذا الي ما يترامي الوجود و بقي شيء لابد من ذكره ان كل واحد من هذه العوالم و المراتب له سماء و ارض و شمس و قمر و نجوم كما في عالم الشهادة حرفا بحرف كما اشار اليه الرضا (ع) قد علم اولوالالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا الا انها في كل عالم بحسبه و كذلك كل من اهل هذه العوالم كامل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۳ *»
في كينونته تام في مراتبه له وجود و عقل و روح و نفس و طبيعة و مادة و مثال و جسم و جسد و من البين ان كل مرتبة لايترتب عليه الاثر الا بعد تمام مراتب كينونته فما تم الخلق الاول و كمل و سطع منه الاشعة لميحمل هذا الشعاع من الخلق الثاني الا ما كمل اعتداله و تم نضجه و اشتد تركيبه و صفائه فهو لطيفة تلك الرتبة و صافية و خلاصته و هو القطب لتلك الرتبة و هو محل نظر الفوق اليه ينزل المدد و هو المستمد من الفوق بصفاء ذاته و لطافة كينونته و هذا لايكون الا واحدا لان المعتدل الناضج الشديد التركيب الصافي من جميع الجهات في الكم و الكيف و الجهة و الرتبة و الزمان و المكان و الوضع بمعانيها لميكن في كل رتبة الا واحدا و هو اول مخلوق في كل رتبة و آخر موجود منها و هو الممد لساير الاعضاء و الاشخاص من فاضل مدده بمنزلة القلب فانه في البدن هو المعتدل الصافي الناضج التي يكون قابلا لحكاية الفوق و لظهوره فيه فهو اول متحرك من البدن و آخر متحرك منه و ساير الاعضاء انما يسوي الروح فيها به و بسببه و لولاه لميكن باقي الاعضاء مستعدا لتلقي الفيض لعدم اعتدالها و نضجها و استعدادها و بذلك وردت لو رفعت الحجة لساخت الارض باهلها و ايضا هو بمنزلة العرش للعالم فهو اول ما يصل اليه الفيض و آخر ما يقطع عنه و لولاه لهجم الذبول و الفناء علي باقي الاشياء فذلك المعتدل في هذه الرتبة مثل نبينا صلي الله عليه و آله فيهم فهو القلب و هم جوارحه و اعضائه اخذ علهيم ميثاقهم له ان يأخذوا امره و يحملون عنه و يجاهدون بين يديه و كذلك هذا الخلق اذا تم بجميع مراتبه و سطع منه الاشعة و خلق المؤمنين لميستعد لظهور نور ذلك القطب الاحد الا واحد كما مثلنا لك حرفا بحرف و لميستعد لظهور انوار الانبياء عليهم السلام الا بعدتهم و كثرت تلك القوابل لعدم الاحتياج الي النضج التام و ذلك فيك مثل حواسك حرفا بحرف فلما حصل هذه القوابل و تم نضجهم تعلق كل نور بمظهره علي حسب مقتضي كينونة كل واحد واحد و هكذا في جميع المراتب و عليك باجراء هذه القاعدة في كلها حتي ان انتهت الامر الي آخر المراتب التي هي الجمادات فحصلت فيها قوابل استعدادات لظهور نور النبات و في تلك النبات قوابل لظهور نور الحيوان و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۴ *»
فيها قوابل لظهور نور الملائكة و فيها قوابل لظهور نور الجن و فيه قوابل لظهور نور الانس و فيه قوابل لظهور نور الانبياء و فيه قوابل لظهور نور نبينا محمد صلي الله عليه و سلم و آله عليهم السلام .
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۵ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
واردة
اعلم ان الداني اذا اعتدل مزاجه و صح توجهه و منهاجه و فارق الاضداد شابه اوائل جواهر علله فسأل بلسان حاله الافاضة و الامداد من بواطن افعال علته فالقت العلة في هويته مثالها فاظهرت عنه افعالها و ذلك بقدر سعة قابليته و ضيقه فالمثال لذلك الدهن اذ اعتدل مزاجه و قلت رطوباته اللزجة و ما فيه من المائية بمس النار الرحماني او الرحيمي و صح توجهه و منهاجه الي النار و فارق الاضداد الطبيعية شابه بيبسه و خفته و حرارته و لطافته النار و سأل ان يكون وجها لها و يظهر فيها الاضائة و الاشراق فلما رأت النار تحمله للاسرار و مفارقته الاغيار و هتكه الاستار القت في هويته مثاله و وجه فاظهرت عنه افعاله فكلست و احرقت و احمت و اضاءت و جففت به بقدر سعة قابليته فلو كلس جميع ما في العالم مرة واحدة لصارت شعلة واحدة و حكت جميع وجوه النار و شؤنها و ظهوراتها من حيث تعلقها بها ولكن الشعلة الصغيرة ايضا تحكي جميع شئون النار و ظهوراتها الا انها بقدرها و ذلك كالقطرة و البحر فجميع ما في البحر في القطرة و يعرف نوع البحر من القطرة الا ان القطرة قطرة و تنفد و البحر لاتنفد و النوع واحد و كالجمرة فانها تحكي النا و نيران النمرود ايضا تحكي الا ان الجمرة جمرة و يغلب عليها حفنة ماء و النيران نيران لايغلب عليها جابية.
فاذا عرفت ذلك فاعلم ان مراتب الاشخاص تختلف كذلك باختلاف قلة توجههم و كثرته و صفاء طويتهم و كدورتها و مفارقتهم للاضداد و ملازمتها و سعة قلوبهم و ضيقها فلرب شخص او اشخاص اعتدل مزاجهم و صح منهاجهم و فارقوا الاضداد و شابهوا اوائل جواهر عللهم فالقت العلة صفته و هي نور الله الذي خلقوا منه في هوياتهم فاظهرت منه افعالها فصاروا بذلك من المتوسمين و ارباب الافئدة و اولوالالباب ولكن مرآة قوابلهم صغيرة فكانوا بذلك من نوع المتوسمين فلايدركون جميع الحقايق الكونية في آن واحد بنظر واحد لصغر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۶ *»
المرآة نعم يدركون ذلك بانظار مختلفة و التفاتات كثيرة فهؤلاء يغفلون و لهم الغفلة و السهو و الخطاء و النسيان لكن في جهات عنها غافلون و لايحتمل الغفلة و السهو و الخطاء و النسيان فيما توجهوا اليه و عزموا معرفة كنهه فانه ينطبع فيه لامحالة مثل ذلك المرآة الصغيرة توجه بها نحو السماء فلاينطبع فيها الا كواكب معدودة فتخطي فيما لمينطبع فيها لانها بالاستدلال و لاتخطي فيما انطبع فيها لانها بالعيان و الكشف ولكنها جوهرة يمكن انطباع جميع اجزاء الفلك فيها اذا توجهت بها الي كل جزء جزء فاي جزء واجهها ينطبع فيها و تحكيه من غير خطاء لامحالة و هؤلاء تختلف احاطتهم بالاشياء بسبب صغر قوابلهم و كبرها ولكل درجات مما عملوا و لكن كلما كسروا قوابلهم تحت الاعمال و التكاليف لطفت و رقت فانبسطت و توسعت فحكت ازيد مما كانت تحكي في الاول يعني في النظرة الواحدة و الالتفات الواحد فحينئذ رب اصغر كسر قابليته تكسيرا انعم من تكسير ذلك الاكبر فتقدم عليه بذلك و صار اكبر من الذي كان اكبر منه و لربما عمل الصغير علي ما كان يعمل و قصر الكبير او عاقه شيء فقتقدم عليه الصغير و بالجملة هذا الطريق كحلبة الرهان و هما فرساه و السبقة مغفرة من الله و الداعي هو الله سبحانه يقول و سارعوا الي مغفرة من ربكم و يقول سابقوا الي الخيرات و لرب شخص منهم سار سيرا حثيثا و بلغ في طرفة عين و لرب من قصر من المشي و قصر و قصر كما قال علي عليه السلام وليسبقن سباقون كانوا قصروا و ليقصرن سباقون كانوا سبقوا ثم لرب رجل سارع في المشيء و سابق في الاقران في الرهان و كسر قابليته بالتكاليف و الاعمال تكسيرا ناعما بحيث لطفت و رقت حتي فارقت الصورة و الحدود المعنوية و النهاية فصار حينئذ يحكي تمام الاسماء و الصفات و تمام المثال الملقي في آن واحد فلايعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات و لا في الارض و يري كل شيء بحقيقته بل هو حينئذ كلي كل شيء و محرك المتحركات و مسكن السواكن و الناطق بالالسن و الناظر بالاعين و السامع بالاذان و الباطش بالايدي فلايخفي عليه شيء في الارض و لا في السموات و هو العليم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۷ *»
الحكيم و مثل هذا الشخص سماء الدنيا التي انطبع فيها جميع البروج و الكواكب و الانوار في آن واحد و هو عالم بجميعها لايحتاج الي التفات خاص و نظر بخلاف المرآة و الجابية و البحر فانها لاتحكي الا مقادير معلومة و هل يمكن ان يتعدد امثال هذا الشخص ام لا نعم يتعدد و يمكن التعدد لان تعدد اولئك تعدد الصورة ولكنهم متحدون في الطينة و النور و ذلك كالحسن و الحسين عليهم السلام بل رسول الله صلي الله عليه و آله و علي و الحسن و الحسين عليهم السلام في عصر واحد فان كل واحد منهم كانوا صاحب هذا المقام و انما تعددوا في الصورة و كانت انوارهم واحدة لان المثال الملقي لا تعدد فيه و انما تتعدد الهويات و تلك الهويات من حيث الظاهر كانت متعددة و هي بنية كل واحد منهم في ظاهر الحيوةالدنيا و انما لطف ورق البخار الصاعد من العلقة الكائنة في تجويف قلب كل بنية حتي ساوي في لطافته محدب العرش فخرج عن الحدود الصورية الفلكية و المعنوية العرشية فاستدار علي نفسه استدارة الشيء علي قطبه فانطبع فيه جميع المثال الملقي و هو الجسم الكلي و مثال ذلك لو صنعت كرة مزججة بحيث ينطبع فيها كل ما يحاذيها لانطبع فيها جميع ما في السموات السبع بكبرها و كواكبها و انوارها فما دامت المرآة مصورة بالصورة المحدودة في الوضع لاينطبع فيها الا مقدارا معلوما سواء كان الحد صوريا او معنويا و اما اذا خرج عن الحد في الوضع و ان كان محدودا في المقدار كالكرة المزججة انطبع فيها كل شيء لانها تحاذي كل شيء فلطيفه الجسم العرضي اذا لطف ورق بحيث ساوي محدب العرش انطبع فيه تمام الجسم الكلي و ان كان صغير المقدار و لما علمت انه لايمتنع تعدد المحدودات المقدارية فلايمتنع تعدد الكرات المزججة الحاكية جميع الافلاك و انما تفاوتها في الكبر و الصغر في انفسهما و لاتفاوت بينهما في الحكاية فحينئذ يمكن ان يكون في عصر واحد شخصان يحيطان بجميع الاشياء التي في رتبتهما و ما دونهما خبرا ولكن لايمكن ان يكون كلاهما ناطقين بل احدهما ناطق و الاخر صامت وجوبا و المراد بالناطق المعبر المؤدي كونا و شرعا و الصامت العالم الغير المعبر المؤدي نعم له قوة التعبير و الاداء كالحسين عليه السلام في عصر الحسن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۸ *»
عليه السلام و كالصوامت من الائمة في عصر النواطق و ذلك لتقدم الناطق مقاما فهو المعبر للصامت و من دونه فلو نطق الصامت لروي عنه و لايفتي عن نفسه.
و ان قلت قد يكون الصامت افضل من الناطق كالاخيرين عليهما السلام فكيف نطق المفضول و صمت الفاضل قلت اذا صار كذلك فلاينطق الناطق الا عن الصامت و ان لميسند فان الفيض يصل اولا الي الفاضل ثم الي المفضول و المفضول يروي عن الفاضل ولكن حكم الظاهر اقتضي سكوت الفاضل في الظاهر كالسكوت النبي (ص) قبل البعثة و نطق اوصياء عيسي عليه السلام فاذا لميطق البصر رؤية نفس الشمس تلقي شعاعها في الهواء و تحتجب بالهباء فتنطق الهباء و تسكت الشمس ولكن الهباء يعبر عن الشمس و يروي عنها ابدا أ ليس ان الائمة عليهم السلام لاينطقون عن انفسهم ابدا و انما يروون عن النبي صلي الله عليه و آله بوسائطهم فهكذا كل مفضول يروي عن الفاضل و ان لميسند لصفاء مرآته و فنائه في المسند اليه و انما يسند الراوي لا المرسل و يسند المرسل لا المفتي اذا فني في القاضي بالحق.
فاذا عرفت ذلك فاعلم انه يجب ان يكون في كل خلف رجل من الشيعة يحكي جميع فتاوي الحجة المعصوم الحي عليه السلام يعني فتاويه في الولايتين جميعا لاستمحال الطفرة و بينونة المبدء و المنتهي و عدم المناسبة و عدم اطلاع المنتهي علي مرادات المبدء بنفسها لعدم اطلاع الجوارح علي مرادات النفس من دون واسطة الروح البخاري مع ان المبدء موجود كامل و الاعضاء موجودة فلابد من برزخ واسطة يسمع عن الامام و يؤدي الي المأموم ليمتثلوا امره و يركعوا بركوعه و يسجدوا بسجوده و لولا هذا المنبه لميطلع المأموم علي ركوع الامام و سجوده فلميركع و لميسجد فكثرة لطافة ذلك الواحد الحجة متباينة مع كثافة نفوس الكثرة فابتغ بينهما من واسطة معبر و ان قلت ذلك الواحد بنفسه ظهر في كل مقام فلايحتاج الي معبر آخر عنه و يبلغ بنفسه قلت ذلك الواسطة هو ظهور الواحد في الوسط ولكن ظهوره غيره و هو غير ظهوره فاذا تفصلت الاشياء في عالم الظهور ظهرت الواسطة في مظهر آخر الاتري ان الله لاتعطيل لمقاماته في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰۹ *»
كل مكان و ليس لغيره من الظهور ما ليس له و هو علي كل شيء شهيد و مع ذلك ظهر نبي قائم مقامه معبر عنه و هو بعينه شهوده في ذلك المقام ثم ظهر لي مع وجود النبي و بلوغه كل مكان لان الولي شهود النبي في ذلك المقام فظهر كل واحد من الانبياء في مقامهم مع انهم شهود الولي في ذلك المقام كذلك شهود الحجج في مقام الواسطة بين المبدء و المنتهي هو رجل من الشيعة يروي عنهم في الولايتين مسندا او مرسلا او فتوي باختلاف مراتب الواسطة فاعلي الوسايط يقضي بقضاهم و من دونه من يفتي و هو تعبير القضاء و من دونه من يروي و هو تعبير الفتوي و خبر تدريه خير من الف ترويه ثم يسمع من الراوي من يسمع و القي السمع و هو شهيد و لايمكن ان يأتي عصر و ليس فيه قاض بقضائهم بلسان من يقضي له ليفهمه و ذلك لان لسانهم باطن العربية و حديثهم صعب مستصعب لايحتمله الا ملك مقرب من العالين او نبي مرسل او مؤمن ممتحن ولكن يعرف حديث المؤمن الممتحن من هو دونه و هكذا و الحكم حكمان حكم الله و حكم اهل الجاهلية فمن لميمتثل حكم حكم الله و يعمل به فقد عمل بحكم اهل الجاهلية و من لميتفقه في الدين فهو اعرابي فلابد من التسيلم لحكم حكم الله بل من لميعرف حكم الله فلعله يأخذ عن حكم اهل الجاهلية فيكفر من حيث لايدري فانظروا الي رجل منكم قد روي حديثهم في الكونين و نظر في حلالهم و حرامهم و عرف احكامهم فارضوا به حكما ولكن هذا الخلق المنكوس ابوا الا التحاكم الي الطاغوت و قد امروا ان يكفروا به مع انه جعل بينهم و بين القري المباركة قري ظاهرة و امروا بالسير فيها و قد اتينا علي ما اردنا ان افتريت فعي اجرامي و انا بريء مما تجرمون و السلام علي من اتبع الهدي.
ترتيب بروج خواجه نصير الدين عليه الرحمة:
فرحي للحية عاتبي و بياضها
و نقاء عتبتها و حمرة ناكس
ناصرت عقلتها لتجمع نصري
كطريق قبضك جمع قبضة عاكس
كريم بن ابراهيم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۱۰ *»
ترتيب دايره سكن:
و لحية قبضتها قبض جميع فرحا
عقلتها لناكس كحمرة البيض رقا
ناصرته لنصرتي عاتبني ككوسج
عاتبته فاجتمعت طريقها فانطلقا
لكريم بن ابراهيم.