04-08 مکارم الابرار المجلد الرابع ـ فائدة جليلة في النفس و توحد العالي بالنسبة الي الداني ـ مقابله

فائدة جليلة في النفس و توحد العالي بالنسبة الي الداني

 

من مصنفات

العالم الرباني و الحکيم الصمداني

مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني

اعلي‌الله‌مقامه

 

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۵۷ *»

بسم الله الرحمن الرحيم

فائدة جليلة

اعلم ان ما من العالي ابدا متوحد متفرد بالنسبة الي ما من الداني و ما من الداني متكثر بالنسبة اليه فاذا اشرق ما من العالي متوحدا علي الداني كان ما من العالي جهة ربوبية للداني و ما من الداني جهة عبودية للعالي فكل ما يظهر من المركب منهما من آثار التوحد و التفرد فهو من جهة الربوبية يظهر علي العبودية و عنها و بها و كل ما يظهر منه من آثار التكثر فهو من جهة العبودية يظهر بالربوبية كما تري في المرآة ‌التي ظهر عليها نور الشمس فما اشرق من المرآة من ضياء و نور فهو من مثال الشمس ظهر بالمرآة و كل ما ظهر منها من صبغ و شكل و تعدد و اختلاف فهو من المرآة بذلك المثال فالمثال اولي بالضياء و المرآة اولي بالاصباغ و الاصباغ ميتة خفية بنفسها و انما تحيي و تظهر و تصير منشأ آثار و عكوس بحيوة المثال فلولا المثال لكانت ميتة لا اثر لها فالمثال في الاصباغ كالروح في الجسد ظهوره بها و حيوتها به فالمواليد التامة الموجودة في هذا العالم مركبة من مقبول و قابلية فالمقبول هو ما من السماء من حيوة حيوانية و هي حرارة غريزية متحدة لاتكثر فيها و القابلية هي الجمادية و المعدنية و النباتية و هي المرآة لتلك الحرارة الفلكية فالحرارة ظهورها بالقابلية الارضية و القابلية حيوتها بما من الفلك من تلك الحرارة فالحيوان مركب من هذين الشأنين فشأنه الفلكي من حيث نفسه متوحد ليس فيه سمع و بصر و ذوق و شم و لمس متعينة و انما منه الادراك المطلق الاعم من تلك الخمس و ليس له شهوة و لا غضب و جميع هذه الكثرات من شأنه الارضي فشأنه الفلكي يبصر بالعين و يسمع بالاذن و يشم بالانف و يذوق باللسان و يلمس بالجوارح و يغضب بالصفراء و يحب بالدم و يشهو بالبلغم و يسكن بالسوداء و هكذا ساير الخصال التي يرجع اليها مفردة و مركبة فاذا اشرق ذلك الشأن الفلكي علي الشأن الارضي بصرافته و توحده استنار و حيي الشأن الارضي فاذا حيي العين ابصرت و كذلك اخواتها و اذا حيي

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۵۸ *»

الصفراء غضب و كذلك اخواتها و لولا العين لما حصل له البصر و ان اشرق ابدا و لولا الصفراء لما غضب و ان اشرق ابدا فليس كما يظن ان الروح الحيواني له في نفسه شهوة و غضب و بشهوته يهيج البلغم و بغضبه يهيج الصفراء حاشا بل لا شهوة الا في البلغم و لا غضب الا في الصفراء و انما الروح حيوة‌ محضة بريئة من هذه الكثرات و ما ذكرنا مقدمات و المراد ان النفس الانسانية اشد توحدا من الروح الحيواني و اكثر بساطة و ليس فيها تعين عاقلة‌ و عالمة و واهمة‌ و خيال و فكر و حس مشترك بوجه من الوجوه و لا علم و لا حلم و لا ذكر و لا فكر و لا نباهة و لا نزاهة و لا حكمة بل هي انسانية محضة تجامع جميع ما ذكرنا و هي روح سار في الكل و انما هذه الكثرات في الافلاك النباتية و ذلك ان روح النبات و ان كان متوحدا بالنسبة الي قابليته لكنه ليس بمتوحد عن كثرات رتبته و ليس ببسيط و يوجد فيه الكثرات الفلكية و ان كان في اول تكونه رتقا ليس فيه شؤن الافلاك ظاهرة لكنه ينفتق بعد ذلك بالتصفية حتي يستوي سبع سموات و مع ذلك هو متوحد بالنسبة الي الكثرات العنصرية فلما انفتق سبع سموات و ظهر عليها الحيوة الحيوانية حييت افلاكه و دارت و شعرت علي حسب مراتبها و هي جميعها من الدخان النباتي فلما حييت بالحيوة الحيوانية و شعرت علي حسبها و ظهر عليها النفس و اشرق عليها نورها حييت الافلاك و صارت دراكة عاقلة‌ عالمة واهمة‌ متخيلة متفكرة فالنفس تعقل بالعاقلة و تعلم بالعالمة و هكذا و هي تبصر بالحيوانية بالعين و تسمع بها بالاذن و هكذا و تغضب بها بالصفراء و تشهو بها بالبلغم و هكذا و يصدر عنها جميع الخصال و الميول هكذا فلولا الصفراء لما كان لها غضب و لو اشرقت الف سنة فالنفس في رتبتها لتوحدها آية‌ الله جل جلاله من عرف نفسه فقد عرف ربه و انما تفعل ما تفعل بفعلها و مشيتها و اشراقها علي القوابل و اعظم من ذلك روح القدس فانه بعد اشد توحدا و تفردا و ليس فيه تكثر بوجه و ليس له

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۵۹ *»

قوي و خواص في ذاته من بقاء في فناء و نعيم في شقاء و غناء في فقر و عز في ذل و صبر في بلاء و لا رضاء و لاتسليم و ان كانت في توحدها بحيث يجامع جميع هذه الخصال ولكنها جميعها في كرسي نفس الانسان فاذا اشرقت عليه حيي باشراقها و ظهر اصباغه و هيئاته علي حذو ما عرفت و هي في مقامها آية الاحد جل شأنه و لولا اصباغ كرسي نفس الانسان لما ظهر لها قوي و خواص ابدا و كذلك لولا البواقي لما ظهر لها تلك القوي و خواص ابدا و كذلك لولا البواقي لما ظهر لها تلك القوي و الخواص و كانت في عز قدس توحدها احدية بالنسبة و ذلك ان ما من المبدء لا كثرة فيه و انما يتكثر في بطون القوابل و قد عرفت ان القابلية للكل هي الجمادية و المعدنية و النباتية و اسطقسها العناصر و لكل عنصر خاصية اذا اشرق عليه روح فالنار اذا حييت بالروح النباتي يحدث منها الجاذبة و تصير منشأ القوة الجاذبة و اذا حييت بالروح الحيواني تصير منشأ الغضب و اذا حييت بالروح الانساني تصير منشأ الحفظ و الذكر و اذا حييت بروح القدس تصير منشأ البقاء في الفناء و علي هذه فقس ما سواها و ان شئت شرح ذلك فراجع حديث الارواح الخمسة في الكافي فالصفراء آلة يستعملها كل روح علي حسبه في حاجته.

بقي شيء و هو انه اذا انكسر مرآة القابلية و بطل منشأ هذه الكثرات ما يبقي للروح من الكمال فاعلم ان روح النبات هو صوافي هذه العناصر الجسمانية الزمانية و الجمادية و المعدنية و النباتية كلها مركبات زمانية تألفت من المواد الزمانية اي من المواد الكائنة في زمان بلاتركيب و الاسماء الثلثة اسماء وضعت للمؤلف في زمان و هي كلها اذا عادت عادت عود ممازجة مع اصولها و بطل المؤلف و ذهب الاسم في الزمان الاتي و ان كان مثله في اوقات كونه في حدوده موجودة مرتسمة في لوح الدهر لاتمحي ابدا لانه به مذكور في لوح العلم و لايضل ربي و لاينسي و اما روح الحيوان فهو ايضا حرارة غريزية و اشتعال للادخنة النباتية بظل نفس الانسان و اشراقها فالادخنة النباتية بمنزلة دخان الشعلة و النار الجوهرية الغيبية بمنزلة‌ نفس الانسان و الاشتعال و صورة الشعلة بمنزلة نفس الحيوان

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۶۰ *»

الخاص فاذا تفكك الدخان بطل الشعلة و ذهبت و عادت الحرارة العرضية الفعلية عود ممازجة حتي ان اسدية الحيوان النوعية و شخصية كانتا في النبات فاذا تفرق النبات بطل الشخص و الاسدية النوعية و يبقي جنس الحيوان و هو اشراق نفس الانسان و اما مثله في اوقات كونه فموجودة في لوح الارتسام ابدا كما عرفت في الروح النباتي.

و اما نفس الانسان المشخص فلها تشخصان تشخص نباتي زماني من كونه ابيض او اسود او طويلا او عريضا و كون رأسه كذا و وجهه كذا و يده و رجله كذا علي ما يعرفه العامة من تشخص زيد و امتيازه عن عمرو فذلك ايضا يبطل و يذهب بتفرق النبات و كذا تشخصه الحيواني من خصوصيات حواسه و قواه و خواصه من الشهوة و الغضب بل و تشخصه المثالي من خصوصيات عقله و علمه و وهمه و خياله و فكره و حسه و لو بعد حين و يبقي نفسه الانسانية النابتة في ارض علم العالي معراة عن تلك المشخصات التي ذكرنا و لها تشخص دهري من حدود علمه و عمله و تلك الحدود هي ما اكتسبتها من تلك المرايا حين كانت مشرقة عليها متعلقة بها و حقيقة هذا الاكتساب من الاسرار الخفية و الاشارة اليه ان النفس الانسانية هي صورة علمية مفاضة علي المادة الكونية استخرجتها يد المشية‌ من كمون تلك المادة و للمادة مراتب ادناها المواد الجسمانية الزمانية و اعلاها المواد الدهرية و صفة ذلك ان هذه المواد المشهودة اذا التأمت و صفيت في الكبد حصل منها نفس نباتية هي صوافي الاغذية و هي الدم و هو تابع للاغذية في الصورة الشخصية الخاصة و اذا ذهب الي القلب و بخر هناك حصل بخار تابع للدم في الصورة الشخصية الخاصة و اذا ذهب الي القلب و بخر هناك حصل بخار تابع للدم في الصورة الشخصية و هو تابع للاغذية فالصورة البخارية تابعة للاغذية فيقع عليه شعاع فلك القمر و شعاع حيوة امه فيقويان ما في ذلك البخار من الحيوة فتخرج من القوة الي الفعلية و من الكمون الي البروز فتشتعل في ذلك البخار كما تشتعل النار الكامنة في الدخان بتكميل النار الخارجي في الدخان فصورة الشعلية الظاهرة علي الدخان هي شخص الحيوان الخاص فصورته الشخصية تابعة للبخار حتي ان البخار اذا تغير تغير تلك الصورة و صار حيوانا آخر كما يتغير نوع الدود الي نوع

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۶۱ *»

الطاير و اذا صعد ذلك البخار الي الدماغ و كان معتدلا و المحل مناسبا و راضه المربون بشعاع انسانيتهم و اشرق عليهم اشعة‌ الافلاك و فيها النفس الانسانية العلمية كمل ما في ذلك الحيوان من الانسانية يعني ان الانسانية العلمية كامنة في تلك الصورة الاشتعالية الحيوانية يعني ان تلك الحيوة صالحة لان تتعلم العلوم و تعتدل حركاته و اعماله و تصير دراكة و تشتعل بالعقل و العلم فتلك الصورة الاشتعالية الظاهرة علي الحيوان هو زيد و الانسان الخاص و ليس تلك الصورة الاشتعالية العالمة ساكنة الزمان و لا من المواد الزمانية بل هي صورة دهرية شاعرة عالمة و اما الحيوان و ان كانت صورة دهرية الا انها ليست شاعرة و دونها صورة النبات و المعدن و الجماد فالصور و ان كانت تبقي في الدهر الا ان منها صورة دراكة و منها صورة بهمة فافهم فانه روح المسألة و اما الحيوان فهو و ان كان شاعرا الا انه شعوره بحواسه الظاهرة و هي زمانية و هي ينقطع استمرارها في الزمان و يبقي له كمال الرؤية و السمع و الذوق و الشم و اللمس علي ما كان له في الدنيا ولكن كان ذلك اشخاص عديدة كما حققناه في محله و كأنه ليس له حقيقة واحدة شخصية و ذلك انه كلما يصعد الخلق صاعدا يتقوي جهة الوحدة و يضعف الكثرة و كلما ينزل نازلا يتقوي الكثرة و يضعف الوحدة حتي ان الجماد في كل آن شخص غير مرتبط به في الان الثاني و ان تشاكل حالتاه و ما تري من الاستحالات دليل في الجانب الاقوي و كلما يصعد صاعدا يتقوي جانب الوحدة فهو في الحالات هو هو و منتهي ذلك الي الله الاحد غير التغير ابدا لا في الذات و لا في الصفات و الافعال و ما سواه فعلي حسب قربه منه فالانسان مما فيه جهة الوحدة قوية فلاتتغير في مر الدهور في ذاته و ان تغير في صفاته و افعاله فلاجل ذلك هو دهري و اما الحيوان فجنسه متوحد يبقي ولكن شخصه متكثر زماني فلايبقي و ان كان للتكثر دهرية‌ باقية ولكن لايؤل الي واحد و انما هو كاشخاص عديدة فافهم فالانسان المتوحد شخصا دهري فلاجل ذلك عوده عود مجاورة لا عود ممازجة و بطلان و تبين من ذلك ان كل شخصي زماني لزيد يفني و يعود ممازجا و كل شخصي دهري له يبقي فلاجل ذلك نقول ان زيدا يأتي بصورة علمه و عمله

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۶۲ *»

و هي صورة وحدانية دهرية نعم الاوقات اي تستعلي عليها ولعلك عرفت مما بينا انه اذا انكسر مرآت القابلية يبقي تلك الصورة الوحدانية المستعلية علي الاوقات و بانكسار المرآت يبطل الخصوصيات الزمانية لها و صورتها الدهرية و ان كانت مكتسبة من الزمان الا انها مكتوبة في لوح الارتسام العلمي و هي دراكة شاعرة عالمة واحدة فتشعر ما فيه من النعيم المقيم او العذاب الاليم و تجد نفسه مصورة بصورة الثواب او العقاب فان الاعمال صور الثواب و العقاب فافهم فقد اوضحت لك في هذه الفائدة كثيرا من المطالب و لا قوة الا بالله العلي العظيم كتبها مفيدها بل مستفيدها من اوائل جواهر العلل كريم بن ابراهيم في يوم الثلثاء تاسع عشر شهر صفر المظفر من شهور سنة الثمان و السبعين من المائة الثالثة عشرة حامدا مصليا مستغفرا.