فائدة في عالم الذر
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني
اعلياللهمقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۵۱ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة: ان عالم الذر ليس بعالم مقدم علي هذا العالم زمانا بل هو مقدم رتبة و درجته بالنسبة الي هذا العالم درجة الانسان بالنسبة الي المواليد فكما ان زيدا الان صاحب انسانية و حيوانية و نباتية و جمادية كذلك عالم الذر الان فوق هذا العالم و هو عالم الاناسي و و فوق هذا العالم باربعة الاف سنة فروح الانسان الان في عالم الذر و ما يؤدي اليه الانبياء في الدنيا يؤدون الي قوابله هنا ولكن الي روح الانسان هناك فقد اخذوا الميثاق عن روح الانسان في رتبة الانسان فمن آمن خلق الله له طينة من ماء عذب دعوة الداعي و تراب طيب قبوله فكان من عليين و من كفر خلق الله له طينة بماء ملح دعوة قائد الضلال و تراب خبال اجابته فكان من سجين و هو عالم القيامة عودا فاذا خرب الدنيا الجماد و النبات و الحيوان حضر قيمة الانسان و هو دهري لايمر عليه زمان و نسبته الي الدنيا كنسبة الجسم مثلا الي الازمنة و الامكنة لاتخصص له بشيء منها كذلك روح الانسان ليس له سبت واحد و ليس له مشرق و مغرب و ليس له حمرة و صفرة و ليس له صغر و كبر و ليس له حرارة و رطوبة و ليس له علو و سفل و ليس له وضع مثل اوضاع هذه الدنيا فهو ليس بدنياوي و هو دهري فاذا خرب الدنيا و الزمان لميخرب روح الانسان لانه ليس بمؤلف من الزمانيات و هو الان فوق الزمان و كان قبل الزمان و يكون بعد الزمان لايطرؤ عليه تغير الزمان و ان رأيت حدوثه في زمان تولد الولد فليس يحدث في يوم السبت فيكون السبت ظرفه و ان كان يظهر في يوم السبت فلايقال روح الانسان حدث في يوم السبت و ان لميكن يوم الجمعة لا هنا و لا في الدهر و مثل ذلك ان لايكون ماء مثلا في الدنيا و يخلق الله نهر ماء في يوم فيخلق النهر في يوم خاص ولكن يحدث الماء لا في يوم فانه صالح الظهور لان يظهر في اول الزمان و اوسطه و آخره فافهم فتبين من ذلك ان الله اخذ في الذر بنيآدم من ظهورهم ذريتهم و ولدهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۵۲ *»
كما في الدنيا حرفا بحرف و التوليد الدنياوي هو ظهور ذلك التوليد و طال التوليد بقدر توليد الدنيا بل هو هذا التوليد ولكن تولد البدن من البدن في الدنيا و النفس من النفس في الذر حين تولد هنا و لا زمان هناك و ذلك صعب الا لمن فتح الله عين قلبه فرأي الانسان في درجته و القوابل في درجتها و رأي ان الزمان في القوابل و ان الانسان فوق الزمان فليس له زمان و ان تولد في زمان معين فظهر معني قوله تعالي فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل.
واعلم ان ذيل عالم الذر مترام الي عالم المثال و عالم الدنيا للقوابل و المراد بعالم المثال ليس مثل هذه الدنيا المطروحة في اماكنها بل المراد بعالم المثال عالم المشاعر الباطنة اي خيال الانسان و فكره و وهمه و علمه و عقله فان تلك المثل افعال النفوس قد تعلقت بالمواد فاذا خرب الدنيا يبقي روح الانسان متخيلا متفكرا متوهما عالما عاقلا دراكا لما كان يدرك في الدنيا مشغولة مشاعره بما كانت مشغولة به في الدنيا كما كانت مشغولة به في الدنيا علي ما كانت مشغولة به في الدنيا و ليس يخرب مشاعره بخراب الدنيا كما هو الان في الدنيا اذ الان في الدنيا بدنه في الدنيا و مشاعره الان في عالم المثال مشغولة بما تدركه فاذا خرب البدن بقيت الحواس الباطنة مشغولة بشغلها و تلك المشاعر الدهرية الذات زمانية المتعلق فتدرك الحمرة و الصفرة و الطول و القصر و هي مادية المنشأ دهرية البقاء يعني ان الحمرة التي ادركتها بخيالك فانك و ان كنت نزعتها من مادة زمانية الا انها ليست في بقائها في خيالك محتاجة الي بقاء المادة الزمانية بازاء عينك بل بعد زوال المقابلة بل و فنائها يدركها الخيال و يدركها الخيال متي ما شاء و تلك المثل في لوح الدهر كل مثال في مكانه وحده و النفس مهيمنة عليها و تدرك كل مثال بخيال مواجه له و اصل الخيال دهري و تعلقه برزخي و قولي تدرك كل مثال بخيال مواجه له لاجل ان الخيال هو فعل النفس المتعلق بالمثل الناشئة من المواد الزمانية فما لميواجه النس مثالا بخيالها لمتدركه و ما واجهته بخيالها في الدنيا فقد واجهته في البرزخ و ما لمتواجهه بها لمتدركه فلاجل ذلك لايدرك الانسان ما لميقابله في الدنيا فليس لكل انسان في الاخرة ما لميدركه في الدنيا و ليس للانسان الا ما سعي و ان سعيه سوف يري.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۵۳ *»
و انت لو عرفت المطب لشاهدت جميع ذلك الان في الدنيا فان مقام الانسانية العالمة الحليمة الذكورة الفكورة و النبيهة المتنزهة الحكيمة مقام عالم الذر و القيامة باعتبارين و الان هو ثابت موجود فوق هذه الدنيا و من راجع انسانيته عرف حاله يوم القيامة و كيفية اجابته في عالم الذر و مشاعره الباطنة عرصة برزخه و مثاله و ذره الثاني و هو ثابت موجود و من راجع مشاعره عرف قرينه في عالم البرزخ و جنته او ناره و جسده في عالم الدنيا و حواسه في حضرة الدنيا و هو ثابت موجود دون البرزخ و دنياه له جمادية و نباتية و حيوانية و برزخه مثالي و آخرته انسانية فشاهد الدور الان و انطق عن بصيرة فاذا مات الجسد خرجت الروح و هو دراك و مداركه متعودة بما تعودت به في الدنيا مشغولة بعقايده و مدركاته فعالم البرزخ وقت برزخي بين الدنيا و الاخرة
«الي هنا وجدنا بخطه الشريف اعلي الله مقامه »