04-03 مکارم الابرار المجلد الرابع ـ الرسالة القراباغية في العلم ـ مقابله

الرسالة القرباغية في العلم

 

من مصنفات

العالم الرباني و الحکيم الصمداني

مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني

اعلي‌الله‌مقامه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۸۵ *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطيبين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين من الاولين و الآخرين.

و بعد – يقول العبد الاثيم کريم بن ابراهيم انه قد بلغني انه قد وقع بين اخواننا بقراباغ اعانهم الله علي سلوک سبل رضاه تشاجر في مسألة علم محمد و آل محمد عليهم السلام بما يکون و ما سيأتي من العلوم الخمسة التي ذکرها الله عزوجل في کتابه و قال ان الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الارحام و ما تدري نفس ماذا تکسب غداً و ما تدري نفس بأي ارض تموت ان الله عليم خبير. فمنهم من قال انهم سلام الله عليهم عالمون بجميع ذلک علم احاطة و منهم من قال ان ذلک غلو و هم لا يعلمون ذلک و هو مخصوص بالله عزوجل و بلغ الامر الي تکفير بعضهم بعضاً و الي النسبة الي الغلو و التقصير فاحببت ان اکتب في ذلک رسالة اليهم رجاء ان تصلهم و يوفقوا لان يراجعوا ما ادرجت في هذه الاوراق من مر الحق الذي لا شک فيه و يرعووا عن تکفير بعضهم بعضاً و تبري بعضهم عن بعض و ارجو الله سبحانه ان ينفعهم بها و يثيبني عليها و يجري علي يدي و قلمي ما يکون سبب تأليف الفرقة و اجتماع اهل المذهب ان شاء الله و رتبتها علي مقدمة و فصول.

المقدمة

اعلموا يا اخواني انه کما يکون الايمان هو تصديق الله جل و عز الذي يتحقق بتصديق رسله صلوات الله عليهم الذين هم السنة الله المفصحون عن حق الله المعربون عن ارادة الله کذلک الکفر هو تکذيب الله و انکار ربوبيته الذي يتحقق بتکذيب رسل الله المؤدين عن الله و کما ان الانسان ما لم يصدق لم‌يؤمن کذلک ما لم‌يجحد و لم‌يکذب لم‌يکفر و ان ثبت عند امرء نصب الرسل خلفاء هم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۸۶ *»

و امرهم باتباعهم و تصديق اقوالهم يکون تصديق اولئک الخلفاء ايضا تصديق الرسل و تصديق الرسل هو تصديق الله و تصديق الله هو الايمان بالله فالمرء مؤمن ان صدقهم و سلم لهم و يکون جحود اولئک الخلفاء ايضا جحود الرسل و جحود الرسل هو جحود الله و جحود الله هو الکفر فالمرء کافر ان جحدهم و کذبهم و يکشف عن ذلک قول ابي جعفر عليه السلام کل شيء يجره الاقرار و التسليم فهو الايمان و کل شيء يجره الانکار و الجحود فهو الکفر و قوله عليهم السلام في حديث لا يخرجه الي الکفر الا الجحود و الاستحلال ان يقول للحلال هذا حرام و للحرام هذا حلال و دان بذلک فعندها يکون خارجاً من الاسلام و الايمان داخلا في الکفر و قوله عليه السلام لو ان العباد اذا جهلوا وقفوا و لم يجحدوا لم‌يکفروا و قيل لابي عبدالله عليه السلام اخبرني عن وجوه الکفر في  کتاب الله عزوجل قال الکفر في کتاب الله علي خمسة اوجه فمنها کفر الجحود و الجحود علي وجهين فالکفر بترک ما امر الله و کفر البراءة و کفر النعم فاما کفر الجحود فهو الجحود بالربوبية و هو قول من يقول لارب و لا جنة و لا نار الي ان قال و اما الوجه الآخر من الجحود علي معرفة و هو ان يجحد الجاحد و هو يعلم انه حق قد استيقن عنده و قد قال الله عزوجل و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم ظلماً و علواً و قال الله عزوجل و کانوا من قبل يستفتحون علي الذين کفروا فلما جاءهم ما عرفوا کفروا به الخبر. الي غير ذلک من الاخبار الموافقة للکتاب المؤيدة بالعقل المستنير بنور الاطياب و اما من يرجع الي الکتاب و السنة و يتدبر فيهما و هو من اهل التسليم و الاذعان و يفهم شيئاً و يشتبه عليه فهم الحقيقة و يلتبس عليه مر الحق و يزعم ان ما فهمه هو الحق الذي نزل به الکتاب و اخبر به حجج الله الاطياب فيقول به تصديقاً لحجج الله و تسليماً لهم فما باله يکفر و هو مذعن مسلم مؤمن نوعاً و قد کان اصحاب الائمة عليهم السلام ربما يقولون بالعظائم و يخالفون الحق اشتباهاً و ربما کانوا يردون علي ظواهر کلمات الامام عليه السلام زعماً منهم انه يتقي في قوله و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۸۷ *»

يباحثون مع الائمة عليهم السلام و يناظرونهم و لم يکفروهم و ما نسبوهم الي کفر بل و لا فسق فانهم کانوا من اهل التسليم و التصديق و کان ردهم و مناظرتهم لما اشتبه عليهم فما بالکم يکفر بعضکم بعضاً و کل منکم يستند في قوله الي کتاب و سنة و يتحري حق الله و رضاه و مذهب محمد و آل محمد عليهم السلام غاية الامر ان احدکم يزعم ان اخاه غالط في ما ذهب اليه و اشتبه عليه الامر و ذلک غير موجب للکفر البتة فاياکم اياکم ان يکفر بعضکم بعضاً و يتبرأ منه فا من کفر احداً و تبرأ من ما ذهب اليه فقد کفر احدهما من حيث لا يعلم اما سمعتم قول ابي جعفر عليه السلام ما شهد رجل علي رجل بکفر قط الاباء به احدهما ان کان شهد علي کافر صدق و ان کان مؤمناً رجع الکفر عليه فاياکم و اللعن علي المؤمنين اما سمعتم قول ابي عبدالله عليه السلام ان اللعنة اذا خرجت من صاحبها ترددت بينه و بين الذي يلعن فان وجدت مساغاً و الارجعت الي صاحبها و کان احق بها فاحذروا ان تلعنوا مؤمنا فيحل بکم انتهي. اما تراجعون اخبار حقوق المؤمن و عظمتها و من عظمة حقه ما قال رسول الله صلي الله عليه و آله ايما مسلمين تهاجرا فمکثا ثلثاً لا يصطلحان الا کانا خارجين عن الاسلام و لم يکن بينهما ولاية فايهما سبق الي کلام اخيه کان السابق الي الجنة يوم الحساب و من عظمة حقه ما في القدسي ليأذن بحرب مني من آذي عبدي المؤمن و في القدسي من اهان لي ولياً فقد ارصد لمحاربتي و انا اسرع شيء الي نصرة اوليائي الي غير ذلک مما لا تحصي کثرة فاياکم اياکم ان يکفر بعضکم بعضاً بل اياکم اياکم ان يفسق بعضکم بعضاً اما سمعتم قول ابي عبدالله عليه السلام اذ قال الرجل لاخيه المؤمن اف خرج من ولايته و اذا قال انت عدوي کفر احدهما و لا يقبل الله من مؤمن عملاً و هو مضمر علي اخيه المؤمن سوءاً و اياکم اياکم ان يهجر احدکم اخاه او يترک مکالمته او تتعاملون بينکم بما کنتم تعيبون علي مخالفيکم بتکفيرهم اياکم نعم هکذا يکون

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۸۸ *»

اهل کل مذهب اذا طال بهم الزمان و قد کان المسلمون اخوة يوم اول يتباذلون انفسهم دون اخيهم فلما طال عليهم الامد و قست قلوبهم اختلفوا و آلوا الي ثلث و سبعين فرقة و کفر بعضهم بعضاً و تبرأ بعضهم من بعض و کذلک کنا يوم اول اخواناً بررة تنزع نفوس بعضنا الي بعض فلما طال علينا الامد و قسا قلوبنا و لم نأو الي رکن و ثيق و استبد کل منا الي رأيه حدث بيننا ما عبنا به علي غيرنا و لاحول و لا قوة الا بالله العلي العظيم ما شاء الله کان و ما لم يشأ لم يکن الم احسب الناس ان يترکوا ان يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الکاذبين.

فصل

اعلم ان الله سبحانه و تعالي ذات احدية بسيطة ليس فيها ذکر غيرها لا عيناً و لا کوناً و لا امکاناً لا باثبات و لا نفي لا فرضاً و لا اعتباراً بل يمتنع معه ذکر غيره امتناعاً بحتاً ليس له عين و لا عنوان فهو هو وحده وحده وحده لا شيء سواه و هو العالم و العلم و المعلوم و کما لا کيف له لا کيف لعالميته و لا لعلمه و لا لمعلوميته هذا هو التوحيد الادني و کمال التوحيد نفي الصفات عنه اثباتاً و نفياً فمآل قول القائل انه عالم انه ليس بجاهل و انه علم انه ليس بجهل و انه معلوم انه ليس بمجهول لنفسه بل هذه الليسات ايضاً شيء اذ النفي شيء و کان الله و لم يکن معه شيء فهو هو بل ان قلت هو هو فالهاء و الواو کلامه و الهاء لتثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغائب عن درک الحواس و الغائب موصوف و کل موصوف مصنوع لشهادة کل صفة انه غير الموصوف و شهادة کل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالتضايف و الاقتران و شهادة الاقتران بالتحديد و شهادة التحديد بالترکيب و شهادة الترکيب بافتقار الحاصل و شهادة الافتقار بالحدث الممتنع عن الازل الممتنع عن الحدث.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۸۹ *»

فصل

ثم ما سواه جل و عز حادث فقير محتاج منطو تحت احديته کائناً ما کان بالغاً ما بلغ فانما هو و خلقه لاثالث بينهما و لا ثالث غيرهما و لا خلق الا بخلقه اياه فانه لا خالق سواه و ليس الخلق غنياً عنه قائماً بنفسه لنفسه فکل ما سواه مخلوق له بخلقه اياه ثم انه اما مخلوق بنفسه کالمشية او مخلوق بغيره کساير الاشياء قال ابو عبدالله عليه السلام خلق الله المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية انتهي. و کل مخلوق حادث غير واجب الوجود فهو ممکن فالمشية و ما سواها کلها ممکن و لا يجوز ان يکون امکان الشيء متأخراً عن ذاته فيکون ذاته موجودة قبل الامکان فتکون واجبة فلابد و ان يکون الامکان سابقاً علي الشيء او مساوقاً معه و کلاهما واقعان اما المشية فامکانها مساوق معها فانه لا سابق علي مشية الله و امکانها هو الامکان الراجح فانه مخلوق بنفسه و لا يفقد نفسه کما عرفت فامکانها مساوق مع وجودها و اما ساير الخلق فامکانها سابق عليها و امکانها هو الامکان الجايز قال ابو عبدالله عليه السلام في حديث اول شيء خلقه من خلقه الشيء الذي جميع الاشياء منه و هو الماء فقيل خلقه من شيء او لا من شيء فقال خلق الشيء لا من شيء کان قبله و لو خلق الشيء من شيء اذاً لم يکن له انقطاع ابداً و لم يزل الله اذاً و معه شيء و لکن کان الله و لا شيء معه فخلق الشيء الذي جميع الاشياء منه و هو الماء انتهي. هذا هو قول الله عزوجل و من الماء کل شيء حي و کل شيء حي لقوله و ان من شيء الا يسبح بحمده و لکن لا تفقهون تسبيحهم و ذلک الماء هو الامکان الجايز اي هو بحر متشاکل الاجزاء يمکن کل جزء منه ان يتشکل باي شکل شاء الله و اراد فخلقه الله اولاً و وضع عرشه عليه ثم خلق ما خلق من ذلک الماء و ليس تقدم ذلک الماء علي الاشياء تقدماً زمانياً بل و لا دهرياً و انما تقدمه عليها تقدم سرمدي و اول الدهر من العقل باعتبار و من الفؤاد باعتبار آخر و هو قبلهما و مرادي من کونه سرمدياً انه محل المشية الامکانية و مضاف اليها و هو قوة جميع الاوقات و الامکنة و دار عدم لها اي العدم الامکاني المشار اليه في الدعاء خلق الاشياء من العدم و هو هذا العدم.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۰ *»

فصل

ثم خلق الله من هذا الامکان من لطايفه و هي النور الدهر و اعلاه العقل المشار اليه في وصية النبي لعلي عليهما السلام يا علي ان اول خلق خلقه الله عزوجل العقل الحديث. و في قول ابي عبدالله عليه‌السلام ان الله عزوجل خلق العقل و هو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره الحديث. و اسفله عالم البرزخ باعتبار و اسفل عالم الهباء باعتبار و کلما يصعد صاعداً يلطف الدهر و الدهريات و کلما تنزل نازلة تغلظ و لو کسرت و اذيبت و کسر اعيانها و اکوانها ردت الي الامکان و الي ذلک النور و کان بحراً متشاکل الاجزاء و بطل الدهر و مکانه و بقي الامکان و النور الحاضر في عرصة السرمد و خلق من غلايظ ذلک الامکان الزمان و الزمانيات و اعلاها محدب العرش و اسفلها مرکز الارض و کلما تصعد صاعدة يکون الزمان و الزمانيات الطف و کلما تنزل نازلة تکون اکثف و اغلظ و اذا کسرت اعيانها و اکوانها ردت الي الجسم المطلق الذي هو غليظ ذلک الامکان و ليس فيه تعين شيء من الاشياء الزمانية و ليس ذلک الجسم من الزمان فان اول الزمان محدب العرش و آخره مرکز الفرش و الزمان حاد لها و الجسم المطلق خارج عنه کما ان لطايف الامکان و هو النور قبل الدهر و ملحق بالسرمد و جميع الزمان و الزمانيات معدوم في الجسم المطلق عيناً اذ هو قوة الکل کما ان الدهر معدوم في النور.

فصل

اعلم ان لوح الزمان و هو المادة الزمانية لا يسع الا حرفاً واحداً فلو اراد الله ان يحدث حرفاً واحداً آخر وجب في حکمة الايجاد ان يمحو الحرف الاول من لوح الزمان حتي يکتب الحرف الآخر و هو قوله جل و عز يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الکتاب الا تري انک اذا اخذت قطعة طين و جعلتها لبنة ثم اذا اردت ان تظهر علي صلوح الطين صورة کأس لابد من ان تمحي صورة اللبنة ثم تجعل طينه علي صورة الکأس و تثبتها عليه و علي هذه فقس ما سواها فلا يمکن اثبات صورتين علي مادة واحدة زمانية في آن واحد الا بالمحو و الاثبات فليس

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۱ *»

علي لوح الزمان و هو المادة الزمانية و الاهبية الجسمانية دائماً الا صورة ما في الآن و اما ما مضي و ما سيأتي فليسا ثابتين علي المادة الزمانية في هذا الآن الموجود لانها ضيقة لا تسع غير ما فيها و اليه الاشارة بما ينسب الي علي امير المؤمنين عليه السلام:

ما فات مضي و ما سيأتيک فاين             قم فاغتنم الفرصة بين العدمين

فالماضي و المستقبل معدومان عن عرصة وجود الزمانيات و في عرصته دائماً ما يحضرک و اما ما صدر من المشايخ اعلي الله مقامهم ان الزمان بحر راکد ماضيه و مستقبله و انت تسير فيه فالمراد ان ذلک البحر دهري و زمانه معه في الدهر الا تري انه لا يمر علي ذلک البحر بعد زمان آخر و انما مثل ذلک ان الجسم الزماني يأتي مع زمانه يوم القيمة فتحشر الايام و الاوقات مع الاجسام في عرصة واحدة کذلک بحر الزمان دهري ثابت لا ماضي له و لا مستقبل و لا يمر عليه ايام و لا اعوام بعد فما مضي و ما سيأتي معدومان و في القوة في عرصة الزمان و ان کانا في عرصة الدهر بالفعل و کذلک اقول في الدهر فان للدهري مادة هي امکان صوره و صورية دهرية بالفعل کالزمانيات و يخرج من کمون مادته الي عرصة شهوده في کل حين دهري صورة و بذلک يترقي الدهري و بذلک يزيد في نعيم اهل الجنة و يترقون بذلک في الدرجات و لهم ما يشاؤن عند ربهم. و کلما رزقوا من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل و يتضاعف عذاب اهل النار کلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب. و يقال لهم ذوقوا فلن نزيدکم الا عذاباً و في کل آن دهري يخرج من کمون امکانه فعلية الي عرصة الشهود و ليس لذلک غاية و لا نهاية و قبل خروجها کانت في القوة و معدومة کالزمان بعينه الا ان آنات الدهر اوسع من آنات الزمان و آن من الدهر بوسعة جميع الزمان و له ترقيات في عالمه لم تکن له بالفعل و کذلک الامر في السرمد علي التنزيل الفؤادي و علي قوله قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنا لک لا يعلم الا بما هيهنا. و ما تري في خلق الرحمن من تفاوت و ذلک ان السرمدي ايضاً ممکن و امکانه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۲ *»

قوته و وجوده فعليته و قد خرجت من قوته بنفسها فهما من هذا الحيث متحدان الا ان تلک الخرجة خرجة لا غاية لها و لا نهاية و ذلک الآن الواحد اوسع من مجموع الدهر و الزمان بسبعين مرة و لکن من حيث انه ليس بفعلية محضة بسيطة و الا لکان واجباً غنياً عن غيره قلنا انه يخرج من امکانه الي کونه في کل آن و لا آن فعلية لا غاية لها و لا نهاية و لنعم ما قال ابن الازري.

ما عسي ان اقول في ذي معال                         علة الدهر کله احداها

فذلک الآن الواحد منه علة جميع الدهر و الزمان و لا علم لهما بساير آناته الا انا نعلم علماً قطعياً انه ليس بواجب احدي حتي يکون فعلية محضة لا قوة لها و لا يستزيد و انه ممکن ذو قوة فيستزيد الا ان امره بين بين و ليس لاحد ان يقول انه لم يکن ثم کان او لم يجد ثم وجد فانه لا يعقل ذلک في المخلوق بنفسه مع انه ليس بفعلية محضة و ذلک لا يسمي بواجب و لا جايز و انما يسمي بالراجح الذي هو برزخ بين الواجب و الجايز و کما انه راجح برزخي وجدانه و فقدانه ايضاً برزخي بخلاف الدهر و الزمان فانهما جايزان فيجدان شيئاً و يفقدان شيئاً هذا و جميع ما سوي الله فقير الي الله مستمد من الله کلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ما کان عطاء ربک محظوراً و لا غني سوي الله و هو الذي لا يتغير و الحادث دائم التغير بالامداد النازلة و لا يکون المدد مدداً  الا ان يکون معدوماً و يخرج الي عرصة الفعلية دائماً الا ان کلاً بحسبه فافهم ما القيت اليک من سر الواقع فلا حادث الا و جميع ما سوي فعليته الحاضرة الموجودة عنده في عدمه و قوته و يخرج اليه شيئاً بعد شيء فما خرج وجده بمشعره الفعلي و ما لم يخرج هو في عرصة العدم و لا يجده الموجود بالفعل بمشعره الفعلي.

فصل

اعلم ان الاحد جل شأنه لا غاية له و لا نهاية و لا رتبة له و لاحد و ليس هو فوق خلقه و ليس مع خلقه و ليس دون خلقه و لا يقال له من حيث ذاته اول و لا آخر و لا باطن و لا ظاهر و لا عال و لا دان و لا قريب و لا بعيد و لا مقارن و لا مفارق بل هو غير متناه بنهاية و هو اوجد من کل شيء في مکانه وحده و اولي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۳ *»

بکل شيء من کل شيء فلا يخفي عليه خافية و لا يعزب عن علمه مثقال ذرة من الامکان و الاکوان و الاعيان و يعلم کل شيء بنفس ذلک الشيء في مکانه وحده علي ما هو عليه لا يزيد في علمه ابداً ابداً حرف واحد و لا ينقص من علمه ابداً ابداً حرف واحد و لا يبدوله في شيء و لا يتغير شيء عما کان عليه في علمه ابداً ابداً و حروف هذا العلم مکتوبة في الامکان و الکون و السرمد و الدهر و الزمان و لکن الزمانيات مکتوبة في صفحة علمه ذلک باربع حالات حالة زمانية تمر عليها الازمنة و حالة دهرية مقرونة بزمانها و حالة سرمدية مقرونة بزمانيتها في دهريتها و حالة ازلية مقرونة بزمانيتها في دهريتها مع سرمديتها و الدهريات مکتوبة في صفحة علمه ذلک بثلث حالات حالة دهرية تمر عليها الدهور و حالة سرمدية مقرونة بدهريتها و حالة ازلية مقرونة بدهريتها في سرمديتها و السرمديات مکتوبة في صفحة علمه ذلک بحالتين حالة سرمدية في سرمديتها و حالة ازلية مقرونة بسرمديتها و الازليات فهي علوم جمة لها حالة واحدة و منها قوله تعالي و لو شئا لنذهبن بالذي اوحينا اليک و منها لو نشاء لا ريناکهم فلعرفتهم بسيماهم و منها لو نشاء لجعلنا منکم ملئکة في الارض يخلفون و منها لو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم و لو اسمعهم لتولوا و هم معرضون و منها و لو تقول علينا بعض الا قاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين و منها لو يشاء الله لهدي الناس جميعاً و منها و لو انزلناه علي بعض الاعجمين فقرأه عليهم ما کانوا به مؤمنين و منها کلا انها کلمة هو قائلها و منها لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و امثال ذلک و هذه الحروف لا غاية لها و لا نهاية و لا يحصيها الا الله و قد عرفت ان لجميع الحروف حالة ازلية و بذلک روي ان علمه ازلي کما روي عن ابي جعفر عليه السلام کان الله و لا شيء غيره و لم يزل عالماً بما کون فعلمه به قبل کونه کعلمه به بعد ما کونه و سئل الرضا عليه السلام ايعلم الله الشيء الذي لم يکن ان لو کان کيف کان يکون او لايعلم الا ما يکون فقال ان الله تعالي هو العالم بالاشياء قبل کون الاشياء قال الله عز

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۴ *»

وجل انا کنا نستنسخ ما کنتم تعملون و قال لاهل النار و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و انهم لکاذبون فقد علم عزوجل انه لوردهم لعادوا لما نهوا عنه و قال للملئکة لما قالت اتجعل فيها من يفسد فيها و يسفک الدماء و نحن نسبح بحمدک و نقدس لک قال اني اعلم ما لا تعلمون فلم يزل الله عزوجل علمه سابقاً للاشياء قديماً قبل ان يخلقها فتبارک ربنا و تعالي علواً کبيراً خلق الاشياء و علمه بها سابق لها کما شاء کذلک لم‌يزل ربنا عليماً سميعاً و قال ابو عبدالله عليه السلام في حديث لم يزل عالماً بالمکان قبل تکوينه کعلمه به بعد ما کونه و کذلک علمه بجميع الاشياء کعلمه بالامکان و هذا العلم في هذه الحالة فوق العلم التفصيلي و الاجمالي فانه يحويهما و هما حرفان منه و فوق العلم الامکاني و الاکواني فانه يجمعهما بل هو علم احدي ازلي لا يعزب عنه شيء و لا يزيد و لا ينقص و ما کان ربک نسياً و من هذا العلم يظهر الله ما يشاء و يخفي ما يشاء الي اجل مسمي ثم يظهره و يخفي ما يشاء ثم لن يظهره ابداً و لا يدخله عرصة السرمد و لا عرصة الدهر و لا عرصة الزمان و منه ما يظهره في عرصة السرمد دون الدهر و الزمان و منه ما يظهره في السرمد و الدهر دون الزمان و منه ما يظهره في السرمد و الدهر و الزمان.

فصل

اعلم ان الشيء يعلم الشيء علي ثلثة اوجه فاما يعلمه بالانطباع و هو علم المصاقع للمصاقع فيقع شبحه في حواس صاحبه فينطبع فيها کما ينطبع الشبح في المرآة فيدرکه کما ذکرناه في الرسالة المهدوية مفصلاً و في ضياء البصاير في علم المناظر و المرايا فالزماني يدرک الزماني بالانطباع و لا ينطبع في مشاعره الا الزمانيات و ليس ينطبع فيها شيء من الدهريات و السرمديات و کذلک الدهري يدرک الدهري بالانطباع و لا ينطبع في مشاعره شيء من السرمديات و السرمدي لتوحده في مقامه لا يحتاج الي ادراک بالانطباع و يأتي صفة ادراکه و اما يعلمه بالاتحاد و هو علم الداني بالعالي فان الداني لا يدرک العالي من حيث نفسه و انما يدرکه بآيته يعني يدرک آيته و الداني بنفسه هو آية العالي فاذا عرف نفسه عرف

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۵ *»

العالي و انما يعرف نفسه بالاتحاد اذ لايفقد نفسه مادام هو هو و هو افضل العلم و اما يعلمه بالاحاطة و هو علم العالي بالداني و علم الاولوية و الاوجدية فيجد کل شيء بنفس ذلک الشيء في مکانه و حده اذ هو اولي به منه و اقرب اليه منه انما وليکم الله و رسوله و الذين آمنوا. و نحن اقرب اليه منکم و لکن لا تبصرون و يجد کل دان علي ما هو عليه بما هو عليه فافهم و تنبه.

فصل

اعلم ان لمحمد و آل محمد عليهم السلام مقامات عديدة و لکن مقام خواص و قد ظهروا في ذلک المقام بتلک الخواص و علي حسب مقتضاه فمن مراتبهم جسمهم الذي ظهروا به في عالم الاجسام علي اکمل صورة من صور الاجسام و صاقعوا به اجسام الاناسي الزمانية و کما ان جسم الاناسي هذا المرئي المحسوس خلق من عشر قبضات تسع من الافلاک و واحدة من الارض کذلک اجسام محمد و آل محمد عليهم السلام خلقت من عشر قبضات و کما ان ظاهر اجسام الاناسي خلق من العناصر و رکب من اخلاط اربعة و ارکان ثلثة کذلک اجسامهم و کما ان لاجسام الاناسي حواس ظاهرة خمسا و حواس باطنة خمسا كذلك لاجسامهم و هم في هذا العالم بشر مثل الاناسي في النوع الا انهم الطفهم و اشرفهم و اقواهم و انعمهم و اصفاهم فلاجل ذلک يأکلون کما يأکلون و يشربون کما يشربون و ينکحون کما ينکحون و يتولدون کما يتولدون و يموتون کما يموتون و يصحون و يمرضون و يتحرکون و يسکنون مثلهم الا انهم يکونون في کل ذلک للحق و بالحق معصومين و مطهرين لا يعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون فهم في هذا العالم في کل آن لهم فعلية واحدة و جميع ما سويها عندهم معدومة و هم فاقدون لها مثلاً حين يکون احدهم متحرکاً ليس بساکن البتة و يفقد السکون و حين هو ساکن ليس بمتحرک البتة و حين هو ناطق ليس بساکت و حين هو ساکت ليس بناطق و حين يقرأ الحمد ليس يقرأ التوحيد و بالعکس و حين يرکع ليس بسجد و بالعکس و هکذا ابداً هو ظاهر بفعلية واحدة و يفقد ما سواها

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۶ *»

و ليس من المعرفة ان يقول الانسان نکراً و يعتقد ما لا يسعه عذراً و لا امنع  کون الحجة قادراً علي ان يظهر بالف الف صورة في آن واحد و يرکع بواحدة و يسجد بواحدة و يقرأ بواحدة و يکبر بواحدة الا ان کل صورة لا يسعه ان يقرأ و يکبر في آن واحد و يرکع و يسجد في آن واحد و اما تجلي العسکري عليه السلام لکل واحد من اصحابه بصورة في آن واحد و کل واحد رآه بشکل کما روي في الخرايج عن ابي القاسم بن ابي القاسم عن خادم علي بن محمد عليهما السلام قال کان المتوکل يمنع الناس من الدخول الي علي بن محمد عليهما السلام فخرجت يوماً و هو في دار المتوکل فاذاً جماعة من الشيعة جلوس بقرب الباب فقلت ما شأنکم جلستم هاهنا قالوا ننتظر انصراف مولانا لننظر اليه و نسلم عليه و ننصرف فقلت لهم اذا رأيتموه تعرفونه قالوا کلنا نعرفه فلما وافي قاموا اليه فسلموا عليه و نزل فدخل داره و اراد اولئک الانصراف فقلت يافتيان اصبروا حتي اسألکم اليس قد رأيتم مولاکم قالوا بلي قلت فصفوه لي فقال واحد هو شيخ ابيض الرأس ابيض مشرب بحمرة و قال الآخر لا تکذب ما هو الا اسمر اسود اللحية و قال الآخر لا لعمري ما هو کذلک هو کهل ما بين البياض و السمرة فقلت اليس زعمتم انکم تعرفونه انصرفوا في حفظ الله انتهي. فانما ذلک بتصرف في اعينهم الا تري انک لو وضعت الف مرآة قبال وجهک بالف صبغ و الف شکل تظهر في کل واحد منها بشکل البتة و انت انت علي صورة واحدة و ذلک ان المادة الزمانية لا تسع فعليتين بوضع الله سبحانه و الا لما کان حاجة الي المحو و الاثبات يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الکتاب و هل يمحو الا الثابت و هل يثبت الا ما لم يکن ثابتاً و کذلک اذا تکلم امام و سمع کل واحد من السائلين جوابه بلسان مثلاً فانما هو بتصرف في آذانهم و الا فاللسان الواحد الجسماني اذا تحرک بالالف لا يمکن ان يکون قد تحرک بالباء و بالجيم و اما اذا تحرک بالالف و سمع کل سائل حرفاً غير الآخر فذلک ممکن بالتصرف في الآذان و کما عرفت هذا في ظاهر هذا البدن فاعلم ان باطنه ايضاً کذلک فمتفکرة هذا البدن لايسعها ان تتفکر في آن واحد فکرين و متخيلته لايسعها ان تتخيل في آن واحد خيالين و هکذا ساير مشاعره الباطنة ففي کل آن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۷ *»

يجد في قلبه و صدره شيئاً واحداً و ليس فيهما غيره فان توجه الي غيره انطبع فيه و الا فليس فيه الا ما فيه و ذلک قولهم عليهم السلام يقبض عنا فلا نعلم و يبسط لنا فنعلم و قولهم اذا شيئاً علمنا و قد سئل ابو عبدالله عليه السلام عن الامام يعلم الغيب قال لا و لکن اذا اراد ان يعلم الشيء اعلمه الله و سئل ابو عبدالله عليه السلام عن مسألة فقال لا اعلم فاسترجع السائل ثم اصغي الي الحائط فاجابه و لاجل ذلک روي انه ينکت في قلوبهم و ينقر في آذانهم و يخبرهم و يسددهم الروح و کان النبي صلي الله عليه و آله يتلکأ عن جواب السائلين و المستفتين حتي يأتيه جبرئيل من عند الله و ليس شيء من ذلک تصنعاً و تلبيساً بل هذا البدن واقعاً حقيقة فاقد لما لا يحضره لا يعلم الا ما يأتيه بوحي او الهام من الله جل و عز و ان کان انفسهم في الدهر عالمة بما يجوز لهم علمه قال الله عزوجل و کذلک اوحينا اليک روحا من امرنا ما کنت تدري ما الکتاب و لا الايمان و لا تحسبن ان کل ما يعلمه النفس يحضر البدن دفعة و امثل لک مثالاً انک تعلم مسائل النحو کملاً او مطالباتک الناس و لکن حين توجهک الي مسألة رفع الفاعل او مطالبتک زيداً لا يحضرک الا هذه و متي ما شئت ان يحضرک مسألة المفعول و نصبه او مطالبتک عمراً تحضرک و تنزل من نفسک الي بدنک و في کل آن لا يعلم جسدک و بدنک الا ما يحضره و الفرق بينک و بين الحجة في امرين احدهما انه کل ما ينزل اليه من عليين و من عند رب العالمين و تسديد روح القدس و انت لا تدري هل هو من عليين او سجين و من عند الله او من عند نفسک و بتأييد روح القدس ام بوسوسة الشيطان نعم ما اصبت في الواقع فهو بتأييد روح القدس و من الله و من عليين و لکن ذلک يحتاج الي التوزين بالموازين و ثانيهما ان نفسک لا تعلم کل شيء و لا تحيط بکل شيء فربما يطالبها بدنک و ليس عندها علمه فيبقي علي جهله و هم لا يسألون الله علم شيء الا و يعطيهم و جعل نفوسهم عليمة بکل شيء کما قال بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم و قال و کل شيء احصيناه في امام مبين و ذلک ما سئل الصادق

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۸ *»

عليه السلام عن الامام يعلم الغيب قال لا و لکن اذا اراد ان يعلم الشيء اعلمه الله و قال ابو جعفر عليه السلام ان عالمنا لا يعلم الغيب و لو وکل الله عالمنا الي نفسه کان کبعضکم و لکن يحدث اليه ساعة بعد ساعة فافهم و لاامنع من تلکأ النبي و الولي في الجواب ايضا اياما لاشتغال ابدانهم بما هو اهم، فرضاً من الله فلايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون الا تري انهم حال توجههم الي الله کانوا معرضين عما سوي الله و من هذا الباب ما روي ان الامام يعلم ان السم في طعامه و شرابه و لکنه حين ينقضي اجله ينسي فيتناول و معني ينسي اي يغيب عنه بشدة توجهه الي الله فنسيان حجج الله سلام الله عليهم هو الترک لما سوي ما هم مأمورون به بالجملة ابدانهم الزمانية لا يحضرها في کل وقت ظاهراً و باطناً الا فعلية واحدة و تفقد جميع ما تقدمها و لابد و ان يردها کما قال ذلک من انباء الغيب نوحيها اليک و جميع ما يستقبلها و لابد و ان يأتيها و لا تدري نفس ماذا تکسب غداً و لا تقولن لشيء اني فاعل ذلک غداً الا ان يشاء الله و ذلک حق بين واضح من الاخبار وضوح الليل و النهار لاينکره الا غبي و يجب علي الحکيم ان يضع کل شيء مقامه فهم سلام الله عليهم ربما يجيبون السائل عن ظاهرهم و ربما يجيبون عن باطنهم و ربما يجيبون عن باطن باطنهم فتري ظاهراً فيه اختلافاً و ليس باختلاف فان کل جواب صفة مقام و لهم سلام الله عليهم مقام دهري و هو مقام کليتهم علي ان عقلهم هو العقل الکلي و روحهم الروح الکلي و نفسهم النفس الکلية و طبعهم الطبع الکلي و مادتهم المادة الکلية و مثالهم المثال الکلي و جسمهم الجسم الکلي و جميع ما سويهم من تمثلاتهم و ظواهرهم علي حذو قول الشاعر:

ما في الديار سواه لابس مغفر                و هو الحمي و الحي و الفلوات

ففي هذا المقام احدهم يجد نفسه علي ما هي عليه من الکلية التي ليس فيها الا صلوح التجلي و التمثل بما سواها و ليس فيها ذکر الاشياء باکوانها و اعيانها بل هيهنا علمهم بالاشياء کعلم المداد في نفسه بالحروف و کيف يکون علم اکوان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹۹ *»

الحروف و اعيانها في المداد و هو عدم الکل و قوته و ليس فيه ذکر حرف من الحروف نعم هو صالح لان يظهر منه الالف و الباء و غيرهما و اما علمهم بما کان و ما يکون من اول الزمان الي آخره فاما ما خلق و امضي فبهم خلق و بهم امضي و خلق من شعاعهم فلا يخفي عليهم و هم يعلمونه بالاحاطة فقد سئل علي عليه السلام عن علم النبي صلي الله عليه و آله فقال علم النبي صلي الله عليه و آله علم جميع النبيين و علم ما کان و علم ما هو کائن الي قيام الساعة ثم قال و الذي نفسي بيده اني لاعلم علم النبي و علم ما کان و علم ما هو کائن فيما بيني و بين قيام الساعة و هو العلم المزبور في اللوح و کل شيء احصيناه في امام مبين و منه الفعليات الموجودة في الآن حين تحدث و تمضي شيئاً بعد شيء و هو العلم المبسوط لهم سلام الله عليهم فيزدادون في کل آن علم ما يحدث في کل عالم اذ بهم يحدث ما يحدث و اما ما لم يحدث بعد في الزمان و لم يمض فما فار من فوارة المشية دون غيرها يعلمون بانه شاء الله ذلک اذ امضيت مشيته و لايعلمون بانه يريده الله ام لا فاذا اخبروا اخبروا بما شاء الله و يقولون شاء الله کذا و يحتمل ان يبدوله و لم يرده فيمحيه و يشاء غيره و ما فار من فوارة المشية و الارادة يخبرون بانه شاء آلله ذلک و اراد و تأکد عزمه علي ذلک و لکن لا ندري هل يبدوله ام الا فلربما يمحيه و يشاء و يريد غيره و ما فار من فوارة المشية و الارادة و القدر معا يخبرون بان الله شاء و اراد و قدر ذلک و لکن لا ندري هل يقضيه ام لا و لربما يمحيه الله لما يبدو له کما روي الدعاء يرد القضاء و لو ابرم ابراماً و ما فار من فوارة المشية و الارادة و القدر و القضاء يخبرون ان الله شاء و اراد و قدر و قضي و له البداء ان شاء امضاه و ان شاء محاه و ذلک کله ان الله ما شاء او اراد او قدر او قضي او امضي فبهم يفعل ما يفعل فما اجراه الله بهم فهم يعلمونه و اما ما لم يشأه  الله و هو بعد في علمه المکنون فلم يجره بهم و ان قلوبهم وعاء مشية الله کما قاله الحجة عليه السلام فما لم يشأه الله لم يحرک من سرايرهم کوامن ما ابطن فيهم فلم يشأوا و ما تشاؤن الا ان يشاء الله و ما لم يشأوه لم يتوجه اليه نفوسهم و ما لم يتوجه اليه نفوسهم فقد ترکوه و ما ترکوه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۰ *»

فقد اعرضوا عنه و ما اعرضوا عنه لم يستحضروه و ما لم‌يستحضروه لم‌يعلموه فان العلم حضور المعلوم عند العالم فلايعلمون مما سيأتي ما لم يدخل تحت الامضاء و لم يمض و يعلمون ما قضي بالقضاء و ما قدر بالقدر و ما اريد بالارادة و ما شيء بالمشية و هذا البحر الذي لم يجر عليه المشية هو بحر الامکان و بحر القدرة و هم يستزيدون الله دائماً منه کما امر قل رب زدني علماً و علم هذا البحر مخصوص بالله سبحانه ان اريد منه التفصيلي و ان اريد منه الاجمالي فلا فصل فيه فما شاء الله اظهاره بمشيته من هذا البحر فبهم يشاء فاذا شاؤا شاء الله و علموا بانه شاءه الله قال عليه السلام اذا شئنا علمنا و ما شاء تأکيده بارادته فبهم يريد فاذا ارادوه اراد الله و علموه بانه اراده الله ارادة الله في مقادير اموره تهبط اليکم و ما شاء الله هندسته و تقديره فبهم يقدر فاذا قدروا قدر الله و علموه بانه قدره الله و في الدعاء في صفاتهم مناة و اذواد فالمناة المقدرون و ما شاء الله قضاءه فبهم يقضي فاذا قضوه فقد قضي الله و علموا انه قضاه و ما کان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله امراً ان يکون لهم الخيرة من امرهم و ما شاء الله امضاءه فبهم يمضي فاذا امضوه فقد امضاه الله و لا شک انهم لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فهم بنظرهم الدهري و بنفوسهم لا يعلمون مما سيأتي الا علي حسب ما کررنا فيه العبارة و رددنا فيه الاشارة لعلک تعرفه و احسبني قد اوضحته کمال الوضوح بحيث لا عذر لاحد يخالفه فهم لا يعلمون في عالم الدهر الا ما شيء او اريد او قدر او قضي او امضي کلا علي ما هو عليه کما لا يعلمونه في عالم الزمان و لا تحسبن ان ما في الدهر لا يزيد و لا ينقض و لا يمکن ان يبدو لله جل و عز فيه بل يخرج في الدهر دائما من امکانه الي کونه ما لم يکن و هو قوله عزوجل و لدينا مزيد و کلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل و کلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً فما لم يدخل بعد تحت المشية و الذکر الاول فهم لايعلمونه و ما دخل فبهم دخل و هم يعلمونه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۱ *»

و لهم سلام الله عليهم مقام سرمدي علي انهم محل المشية و وعاؤها و وکرها اعني هم مشائية المشية و مخلوقيتها حيث يقول خلق الله المشية بنفسها و هم في هذا المقام سرمديون فانهم اول ما خلق الله بالکتاب و السنة و الضرورة و لا مخصص فهم حيث مخلوقية المشية و هو محل حيث فعلية المشية لنفسها.

و هنا کلام لابد من تقديمها و هو ان الواجب جل شأنه ذات بالفعل لا امکان له قبله و ليس بمتحد مع الامکان فلا يرجو لنفسه زيادة و لا يخشي نقيصة و لا يخاف تغيراً بل هو فعلية بسيطة محضة صرفة لا قوة معها ابداً و بذلک کان واجباً غنياً عن موجد و اما المشية فهي لما کان الفرض انها اول ما خلق و لا يعقل ان تکون بغيرها و هي مخلوقة بفعل الله و هي فعل الله فهي مخلوقة بنفسها فهي قائمة بنفسها لکن لغيرها بخلاف القديم فانه قائم بنفسه لکن لنفسه لانه ليس بمخلوق بنفسه بل ذات مستقلة هي هي بالفعل فلا فرق بينه و بينها الا انها خلقه فتقها و رتقها بيده و هي يده بدؤها منه اي من تجليه و هي تجليه و عودها اليه اي الي تجليه و هي تجليه لانه انتهي المخلوق الي مثله و الجأة الطلب الي شکله و رجع من الوصف الي الوصف و دام الملک في الملک و لما کانت مخلوقة کانت ممکنة لا واجبة لکن لايسبقها امکانها اذ لابد و ان يکون بفعل الله و هي فعل الله فهي متحدة مع امکانها فقوتها متحدة مع فعليتها فلا نهاية لفعليتها و لا غاية لان الامکان لا نهاية له في ثلثة وجوه احدها انه صالح لان يکون ذرة منه زيداً و عمراً و حيواناً و نباتاً و جماداً و بسيطاً و مرکباً و جوهراً و عرضاً و ذاتاً و صفة و فعلاً و هکذا الي ما لا نهاية له و ثانيها انه يمکن ان يخرج منه شيء واحد مثلاً زيد و زيد و زيد الي ما لا نهاية له و لا ينقص من امکانه شيء.

و ثالثها ان يکون الزيد الواحد منه في حدود و تطورات لا غاية له و لا نهاية و کذلک تقدير العزيز العليم فهذا الامکان الغير المتناهي عين فعلية المشية فلا نهاية لفعليتها و لکن ليس فعلية المشية کثرات و معدودات غير متناهية بل ليس شيء في الامکان ابسط منها و لا اوحد فهي ذات احدية بسيطة امکانية لا تعين فيها

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۲ *»

و لا تکثر غير انها هي هي فمن عرفها عرفها علي ما هي عليه واحدية بسيطة و هي تعرف نفسها هکذا و لا تري في نفسها تکثراً بل ذکر شيء و هي عدم التعينات و بذلک تسمي وجوداً بشرط لا فهي في نفسها ليس شيء غيرها و دونها فما تعلق به المشية و الارادة و القدر و القضاء و الامضاء و الاجل و الاذن موجود في محله وحده و ما لم يتعلق به شيء من ذلک فليس بموجود فهي تعلم نفسها بالوحدانية و البساطة و ما دونها بما هو مشاء و مراد و مقدر و مقضي و ممضي و ليس کل ما هو في الامکان قد خرج الي الاکوان و ليس کل ما هو تحت القدرة قد تعلق به المشية بل ما بقي تحت القدرة و في الامکان بعدد کل مشاء لا يتناهي و لم يخرج الي عرصة الاکوان الا احسن ما قد کان و ما کان علي نحو الانتظام و الارتباط و الدلالة علي وحدة الصانع و لذلک قالت الحکماء ليس في الامکان ابدع مما کان و قال الله عزوجل احسن کل شيء خلقه و قال تبارک الله احسن الخالقين و لم يقل اقدرهم و اعلمهم و اقويهم لاجل ذلک و قال خلقنا الانسان في احسن تقويم و قال ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور و لذلک سمت الحکماء اليونانيون العالم بقوسمر و هو بمعني الزينة و ذلک انهم وجدوه علي احسن ما يمکن فالمشية تعلم نفسها علي ما هي عليه من الوحدة و البساطة و الامکان بانه بحر متشاکل الاجزاء و هو عدم جميع الاشياء و ليس فيه ذکر شيء بعينه و لا کونه و تعلم ما تعلقت به علي حسب ما تعلقت و ما لم تتعلق به تعلم انه لم تتعلق و الذي يمکن ان يسأله سائل هو انه هل يقع ان لايکون المشية قد تعلقت بشيء ثم تتعلق او تعلقت بما تعلقت ثم جف القلم لا يزيد و لا ينقص فيجاب عنه بان المشية وحداني الذات و الجهات و الاوقات فمن حيث المشية وقع التعلق و لا يتکرر ولا يتعدد فقد جف القلم فانه تعلق بکله و جري بکله علي لوح الامکان الجايز و لکن اللوح لم يجف و يظهر عليه شيء بعد شيء و فيه استزادة الخلق کلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ما کان عطاء ربک محظوراً کما تري من وقوع تعلق المشية الوحدانية بالزمان و تجدد الزمان و الزمانيات آناً بعد آن و حيناً بعد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۳ *»

حين فيبدو في کل حين ما لم يکن بادياً کذلک في الدهر في کل حين دهري يبدو ما لم‌يکن بادياً و لذلک قال الله سبحانه و لدينا مزيد. و کلما رزقوا منها من ثمرة رزقا. و کلما نضجت جلودهم فيبدو في کل حين للدهريات ما لم يکن بادياً و ينتقلون من مقام الي مقام و من درجة الي درجة و بذلک يشهد اخبار کثيرة فالقلم و ان جف و لم يکتب بعد و تعلق باللوح تعلقاً واحداً و لايتعدد الا انه في اللوح يظهر شيء بعد شيء و لا رطب و لا يابس الا في کتاب مبين فالقلم يابس و اللوح رطب و هما في کتاب مبين و هو کتاب العلم الازلي فما ظهر في اللوح حضر عند المشية و ما لم‌يظهر لم يحضر و ما حضر علمته فان العلم حضور المعلوم عند العالم و ما لم يحضر لاتعلمه الا بالامکان فانها تعلم الشيء علي ما هي عليه و ليست الدهريات و الزمانيات مذکورة في المشية الا علي نحو العدم و في امکنتها هکذا تکون و لاجل هذا المعني اخبر الله جل و علا في آي کثيرة عن عدم الحضور کما قال ام حسبتم ان تدخلوا الجنة و لما يعلم الله الذين جاهدوا منکم و يعلم الصابرين و قال و ليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الکاذبين و قال و ما جعلنا القبلة التي کنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه و قال و ليعلمن الله الذين آمنوا و ليعلمن المنافقين و امثال ذلک من الآيات الباهرات فهم سلام الله عليهم في هذا المقام يعلمون الامکان بانه عدم الاکوان و الاعيان و يعلمون المشية بانها قدرة لا نهاية لها و لا غاية و الله قادر علي ما يشاء و ليس شاء کل ما قدر عليه و يعلمون العقول فما دونها مشاءها علي نحو المشائية و مرادها علي نحو المرادية و مقدرها علي نحو المقدرية و مقضيها علي نحو المقضيية و ممضاها علي نحو الممضائية و يحتمل البداء في غير الممضي علي حسب ما هو حاضر في ملک الله و کتابه و يفعل الله ما يشاء بقدرته و يحکم ما يريد بعزته و لاينافي ذلک ما روي انهم يعلمون ما کان و ما يکون فان ما کان هو الممضي و يعلمون ما يکون الآن علي ما يکون فان کان مشاءاً يعلمون انه مشاء و يحتمل فيه البداء و ان کان مشاءاً و مراداً او ان کان مشاءاً و مراداً و مقدراً او ان کان مشاءاً و مراداً و مقدراً و مقضياً فکذلک

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۴ *»

و يجوزون فيه البداء حتي يمضي و لذلک روي في احاديث عديدة نحن لانوقت و روي کذب الوقاتون و قال سبحانه فلاتعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين و قال ان الساعة آتية اکاد اخفيها لتجزي کل نفس بما تسعي و قال و ما تدري نفس ما ذاتکسب غدا و امثال ذلک من الآيات.

فصل

اعلم ان الله جل شأنه ذات احدية بسيطة لا تکثر فيها بوجه من الوجوه و ليس فيها جهة و جهة و حيث و حيث و اعتبار و اعتبار و فرض و فرض و ليس لها وجوه يصدق عليها من وجه شيئ و من وجه شيء فليس هناک ذکر غيره علي معني الامتناع البحت البات فهي للخلق عماء مطلق و مجهول الکنه و کمال توحيده نفي الصفات عنه فهناک لاعلم و لا عالم و لا معلوم و لامعلمة بل هي هي و ان ابيت الا ان اصفه فاقول هناک هو العالم و هو المعلوم و هو العلم لا شيء سواه و کما انها مجهولة الکنه علمها ايضاً مجهول الکنه و هو العلم الذاتي بالذات فان نظرت في ما سواها فاول ما سواها المشية و الامکان الراجح و الله جل شأنه يعلم الامکان و المشية بهذا العلم و هو العلم الحادث المشار اليه بقوله کان عليماً قبل ايجاد العلم و العلة و المشار اليه في الحديث عن ابي عبدالله عليه السلام لم يزل الله عزوجل ربنا و العلم ذاته و لا معلوم و السمع ذاته و لا مسموع و البصر ذاته و لا مبصر و القدرة ذاته و لا مقدور فلما احدث الاشياء و کان المعلوم وقع العلوم منه علي المعلوم و السمع علي المسموع و البصر علي المبصر و القدرة علي المقدور الحديث. فبهما يعلمهما ذات الله جل و عز علي ماهما عليه من البساطة الاضافية و الوحدة الواحدية و کونهما مشروطاً فيهما نفي ما سواهما فهکذا يعلمهما الله جل شأنه و الالکان کذباً ثم يعلم الدهريات في امکنتها و الزمانيات في امکنتها کل شيء في حده و مقامه علي ما هو عليه محدوداً بحده محصوراً في مکانه و لولا ذلک لکان علمه کذباً و الفرق بين علمه و بين علم المشية ان علمه جل و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۵ *»

عز سابق علي المشية محيط بها و بغيرها و ان المشية فما دونها يعلمون ما خرج الي الکون و ما لم يخرج و کان في خزانة الامکان و لله فيه البداء فلا يعلمون هل يخرج الي الاکوان ام لا و هو قوله تعالي و لا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فالخلق لا يعلمون ما لم يمض و لم يکتب في اللوح مميزاً محدوداً و ما کان في صلب القلم و في المداد ما لم يکتب و اما الاحد جل شأنه فهو ذات احدية لا ينتظر في ملکه لنفسه حدوث کمال و لا بدو جمال و لا يزيد و لا ينقص في ملکه ابداً فهو يعلم الجميع بعلم مجهول للخلق لا يقول قائل انه لا ينتظر في ذاته الاحدية حدوث حادث فانه احد و اما في ملکه فلا ضير بان ينتظر کما ينتظر في الزمان بنص الکتاب فانا نقول انه ينتظر في الزمان حدوث زماني و في الدهر حدوث دهري و لا انتظار في السرمد علي ما بينا من معني البين بين و اما في العلم الذي هو فوق المشية الذي اشار اليه الکاظم عليه السلام بعلمه کانت المشية و اشار الله اليه و لا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فلا يجري ذلک فانه علم غير متناه قد احاط بغير متناه فلا يفوته ما کان في زمان في الامکان و سيحدث في زمان او ما کان في دهر في الامکان و سيحدث في دهر و هو مع ما لا يتناهي بما لا يتناهي و لا کذلک الدهريات و الزمانيات فان جميعها متناهيات و لا يحيط المتناهي بغير المتناهي و اما السرمد و ان کان لا نهاية له في ذاته الا انه غير الاحد و علمه علم وحداني اجمالي و علم الاحد علم احدي يسع الاجمال و التفصيل و هو فوق المشية و المشية حرف منه کما ان کل مشاء و کل نسبة و کل اقتران و کل جهة و کل اعتبار و کل ما وطي عرصة الکون و الامکان حرف منه فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات في صلب الاقلام و لا في الارض في بطن الالواح فالله جل و عز لايعقل ان يکون في ما سواه شيء الي ما لانهاية له الا و قد کان في علمه قبل ان يخلق المشية ثم خلق المشية علي حذو ما علمه و خلق المشاءات علي حذو ما علمه منها کما روي انه قيل لابي عبدالله عليه السلام جعلت فداک يا ابن رسول الله من اين لحق الشقاء اهل المعصية حتي حکم لهم في علمه بالعذاب علي عملهم فقال ايها

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۶ *»

السائل علم الله عزوجل ان لا يقوم احد من خلقه بحقه فلما علم بذلک وهب لاهل محبته القوة علي معرفته و وضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم اهله و وهب لاهل المعصية القوة علي معصيتهم لسبق علمه فيهم و لم‌يمنعهم اطاقة القبول منه لان علمه اولي بحقيقة التصديق فوافقوا ما سبق لهم في علمه و ان قدروا ان يأتوا خلالاً تنجيهم عن معصيته و هو معني شاء ما شاء و هو سر و سئل ابوالحسن موسي بن جعفر عليه السلام عن معني قول رسول الله صلي الله عليه و آله الشقي من شقي في بطن امه و السعيد من سعد في بطن امه فقال الشقي من علم الله عزوجل و هو في بطن امه انه سيعمل اعمال الاشقياء و السعيد من علم الله و هو في بطن امه انه سيعمل اعمال السعداء الحديث. و هذا العلم هو العلم الغير المتناهي المخصوص الذي لا يعلمه سواه من محمد صلي الله عليه و آله الي ما دونه من جميع الخلق من الدرة الي الذرة و منه يستزيد محمد صلي الله عليه و آله بقوله رب زدني علماً و رب زدني فيک تحيراً و اليه يرتقون و منه يستمدون و بجهلهم به يفتقرون الي الله سبحانه و منه يظهر البداء و هو العلم الازلي لله سبحانه و هو الذي لا کيف له کما ان الذات لا کيف لها و هو المجهول النعت کما ان الذات مجهول النعت و من لم يعرف الاحد و احاطته لا يعرف هذا العلم و احاطته بما قبل المشية و ما بعدها و لما وقع لبعض طلاب العلم شبهة في هذا المقام و زعم ان علم الله يمکن ان يحدث فيه ما لم‌يکن و زعم ان علم الله لا بد و ان يکون حقاً فهو عند عدم الشيء يعلم انه لا شيء فاذا حدث يعلم انه حدث و لا يجوز ان يعلم وجود ما ليس بموجود فيکون کذباً، احب ان ابسط هنا بسطاً لعله يقع في يديه و يرتدع عما عليه.

اعلم ان من عرف ان الله جل شأنه احد حق عرف انه لا نهاية له بوجه من الوجوه و لا وجه و انه يجل عن نحو تناهي المخلوق و عدم تناهيه فليس عدم تناهي الله کعدم تناهي الامکان فان الامکان غير متناه بمعني ان النهايات و الحدود في عرصة الاکوان و هو قبل الاکوان و مأخوذ فيه شرط لا نهاية فهو عدم الاکوان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۷ *»

و فقدها و عادم الاکوان و فاقدها في رتبة ذاته و اما عدم تناهي الاحد فليس بشرط لا و لا نفي و النفي شيء و شرط شيء ذکر شيء و هو سبب نهاية و حد و ينافي الاحدية و انما يناسب الواحدية فالاحد جل شأنه غير متناه بمعني امتناع النهايات معه فليس يشبه شيئاً من خلقه فليس قوة خلقه و عدمها فيکون امکاناً و لا عدم الاعيان فيکون کالاکوان و لا واحدياً کالسرمدي و لا مجرداً  کالدهريات و لا مادياً کالزمانيات و ليس کمثله شيء فلا يتناهي الي الاکوان کالامکان و لا الي الاعيان کالاکوان و لا الي الدهر کالسرمد و لا الي الزمان کالدهر فجميع ما يتوهم او يعقل او يدرک بمشعر من المشاعر هو من الحدود الخلقية و هو منه بريء جل جلاله و عظم شأنه و لا اله غيره و هو اولي بکل شيء من نفس کل شيء و اوجد في کل مکان من المکين فيه و احضر من کل حاضر في کل محضر و اظهر من کل ظاهر في کل مظهر و في دعاء الحسين عليه السلام أيکون لغيرک من الظهور ما ليس لک حتي يکون هو المظهر لک متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدل عليک و متي بعدت حتي يکون الآثار هي التي توصلني اليک عميت عين لا تراک و لا تزال عليها رقيباً فاذا قدرت ان لا يکون شيء في ملک الله فلا يعلمه الله ثم کان فعلمه الله فان اردت العلم الحادث الذي هو عين حضور المعلوم في محضره فلا عيب فيه کما صرح به الآيات و اما اذا اردت العلم الازلي فاسألک هل کان الله اوجد من هذا الشيء في مکانه و حده و اولي به من نفسه ام لا وصار کذا بعدما اوجده فان قلت کان کذا و يکون فکيف لم يکن عالماً بما هو اولي به من نفسه و اوجد منه في مکانه و ان قلت لم يکن ثم کان فقد حددت الاحد و جعلته متناهياً و حادثاً و تعالي عن ذلک و الاحد لا يتناهي و لا يتغير و لا يتبدل فمن زعم انه يمکن ان لا يکون في علم الله شيء ثم يوجد فقد انتهي الي علم الکلي بالجزئيات و شبه الله بالکلي و جعل الخلق من جزئياته و ذلک ان الکلي کالجسم مثلاً يعلم بجزئياته التي هي في عرصة الوجود و اما ما لم يخرج الي عرصة الوجود و هو بعد في عدم الامکان فلا يعلمه موجوداً بل يعلمه ممکناً و في الامکان کما

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۸ *»

هو في الخارج فاذا خرج في عرصة الکون و الوجود الخارجي يعلمه موجوداً في الخارج و ذلک ان العلم هو حضور المعلوم عند العالم و الحاضر عند الجسم الکلي هو هذا العرش و الکرسي و الافلاک و العناصر و المرکبات بينها و ما لم يخلق بعد في الزمان فغائب عنه و ما مضي فقد محي عن لوح علمه الزماني و اثبت في لوح علمه الدهري و اما ما لم يخلق بعد في الزمان فلم يخلق بعد في رتبة من المراتب لا في الدهر و لا في السرمد کما حققناه مفصلاً في محله فالجسم لا يحضره الاجسام الآتية فاذا خلقت حضرته فمن زعم ان الله سبحانه يمکن ان لا يعلم ثم يعلم و لا يحضر في ملکه شيء ثم يحضر فقد فرض الله کلياً و هو ليس بجنس فيشا کله الاجناس بل فرض هذا الرجل ربه شخصاً في الرتبة العلياء کالسماء و الخلق في الرتبة السفلي کالأرض ثم نظر من السماء الي الارض فقال ما يضرني اذا لم يکن في الارض شيء ان لا اراه و ليس بجهل بل هو من صدق علمي فاذا وجد رأيته و هو من صدق علمي و في الحالين انا انا لم يتغير جسمي عما کان ففرض الازل کرتبة السماء و فرض الخلق کرتبة الارض و الله ناظر الي الخلق فيري شيئاً و يغيب عنه اشياء لم‌يکن و ليس بجهل فاذا اوجده من غير علم علمه بعد و تعالي الله عن ذلک علواً کبيراً بل هو سبحانه عال لا کعلو سماء علي ارض او علو دهر علي زمان او علو سرمد علي دهر بل هو اعلي من کل عال حين هو ادني من کل دان و بعيد ابعد من کل شيء حين هو قريب اقرب من کل شيء و هو اوجد في کل مکان من مکينه و اولي بکل شيء من نفسه و حيث هو لا شيء سواء فهو ابداً اقرب الي ما لم يوجد في وقت ثم وجد من نفس ذلک شيء و اوجد منه في حده و بذلک کان احداً لا شيء مثله و هذا المقام لا يوجد لمحمد صلي الله عليه و آله و من دونه و هو مقام الربوبية اذ لامربوب المخصوص بالله سبحانه کما قال نزلونا عن الربوبية و قولوا في فضلنا ما شئتم و لن تبلغوا فلا تغلوا في دينکم و لا تقولوا علي الله الا الحق و لا تعطوا المخلوق ما لم‌يستحقه فهذا المقام مخصوص بالاحد لا‌يشارکه فيه و منه يزيد فيما يريد و يبدو فيما يشاء و لا يقال لهذا العلم الحادث

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰۹ *»

بل هو علم قديم ازلي علي معني قلت و هو غير الذات الاحد جل شأنه قال العبد الصالح موسي بن جعفر عليه السلام علم الله لا يوصف منه باين و لا يوصف العلم من الله بکيف و لا يفرد العلم من الله و لا يبان الله منه و ليس بين الله و بين علمه حد و قال ابو جعفر عليه السلام في العلم هو کيدک منک و قال عليه السلام کان الله و لا شيء غيره و لم يزل عالماً بما کون فعلمه به قبل کونه کعلمه به بعد ما کونه و قال ابو عبدالله عليه السلام العلم هو من کماله و سئل عليه السلام هل يکون اليوم شيء لم يکن في علم الله عزوجل قال لابل کان في علمه قبل ان ينشي السموات و الارض و سئل عليه السلام عن الله تبارک و تعالي أکان يعلم المکان قبل ان يخلق المکان ام علمه عند ما خلقه و بعد ما خلقه فقال تعالي الله بل لم يزل عالماً بالمکان قبل تکوينه کعلمه به بعد ما کونه و کذلک علمه بجميع الاشياء کعلمه بالمکان و سئل عليه السلام هل يکون اليوم شيء لم يکن في علم الله بالامس قال لا من قال هذا فاخزاه الله قيل ارأيت ما کان و ما هو کاين الي يوم القيمة اليس في علم الله قال بلي قبل ان يخلق الخلق. الي غير ذلک من الاخبار و هذا العلم هو مبدأ المشية و اصل الارادة و علي حسبه شاء الله ما شاء و هو المشار اليه في الحديث حيث سئل العالم عليه السلام کيف علم الله قال علم و شاء و اراد و قدر و قضي و امضي الي ان قال فبعلمه کانت المشية الي ان قال فالعلم يتقدم المشية الي ان قال فللّه تعالي البداء فيما علم متي شاء الي ان قال فالعلم بالمعلوم قبل کونه الي ان قال فبالعلم علم الاشياء قبل کونها الخبر. ذکرنا منه کلمات کانت موضع الحاجة و قيل لابي عبدالله عليه السلام لم يزل الله تعالي مريداً قال ان المريد لا يکون الالمراد معه لم يزل عالماً قادراً ثم اراد و قيل له عليه السلام علم الله و مشيته هما مختلفان او متفقان فقال العلم ليس هو المشية الا تدري انک تقول سافعل کذا ان شاء الله و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۰ *»

لا تقول سافعل کذا ان علم الله فقولک ان شاء الله دليل علي انه لم يشأ فاذا شاء کان الذي شاء کما شاء و علم الله السابق للمشية انتهي. فهذا العلم هو العلم الازلي و هو فوق الاکوان و فوق المشية و لا يقال لهذا العلم المخلوق لان المخلوق هو اما مخلوق بنفسه و هو المشية و اما مخلوق بغيره و هو ما سواها فهذا العلم ازلي غير مخلوق مخصوص بالازل جل شأنه و لا يخرج من هذا العلم شيء و لا يدخل فيه شيء و الله لم يزل عالماً بهذا العلم باحديته و بکونه اولي بکل شيء من کل شيء فان لم‌يکن في علمه شيء لم يکن اولي به و لم يکن اوجد منه في مکان وجوده ثم ان وجد في علمه شيء  لم يکن فيه صار بعد وجوده اولي به و اوجد منه في مکان وجوده و لکان متغيراً مستزيداً محدوداً متناهياً و کل شيء يزيد قابل للزيادة و کل قابل للزيادة قابل للنقيصة و القابل ممکن لا واجب و ذو قوة و ليس بالفعل و تعالي الله عما يقولون علواً کبيراً بالجملة هذا العلم لا يحيط به احد الا بما شاء منه و ما شاء جزء منه اخرجه الي عرصة الکون فثم يمکن ان يعلمه من شيء به و ما شيء به و ذلک قوله و لا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فافهم و هذا العلم غير العلم الذاتي الاحدي القديم الذي هو عين الذات اذ ذلک العلم لا يجزأ و لا يقع عليه الاستثناء و الاستثناء المنقطع خلاف الاصل بل هذا العلم هو مبدء المشية و نسبته الي المشية کنسبة المشية الي الارادة و نسبة الارادة الي التقدير و نسبة التقدير الي القضاء.

فصل

اعلم انه قد علم مما قدمنا ان لله تعالي علمين علماً مخصوصاً به لا يشارکه فيه احد و علماً علمه ما سواه من خلقه اما العلم الذي علمه ما سواه من خلقه فله درجات و مراتب و فوق کل ذي علم عليم حتي ان من هذا العلم علمک بيدک و باعضائک و بان اسمک زيد مثلاً حتي ان من ذلک علم الحيوان بالماء و المرعي فهذا العلم مبثوث علي جميع الخلق من الحيوان و الجن و الانسان و الملئکة و الانبياء عليهم السلام فهذا العلم المبثوث في جميع الخلق اجتمع في

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۱ *»

محمد و آل محمد و ازيد مما يخصهم و لا يشارکهم فيه احد من الانبياء و الملئکة و غيرهم فانهم في مقام العلية لساير الخلق و للعلة احاطة و هيمنة ليست لساير المعلولات و لنعم ما قال ابن الازري:

ما عسي ان اقول في ذي معال                        علة الدهــر   کلــه احداهــا

و يشير الي هذين العلمين قول ابي جعفر عليه السلام العلم علمان علم عند الله مخزون لم يطلع عليه احد من خلقه و علم علمه ملئکة و رسله فاما ما علم ملئکته و رسله فانه سيکون لا يکذب نفسه و لا ملئکته و لا رسله و علم عنده مخزون يقدم فيه ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يثبت ما يشاء و عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام ان الله علماً خاصاً و علماً عاماً فاما العلم الخاص فالعلم الذي لم يطلع عليه ملئکته المقربين و انبياءه المرسلين و اما علمه العام فانه علمه الذي اطلع الله عليه ملئکته المقربين و انبياءه المرسلين و قد وقع الينا من رسول الله صلي الله عليه و آله الي غير ذلک من الاخبار فهذا العلم العام هو الذي خرج من العلم الخاص فشيء و ان لم يرَد او شيء و اريد و ان لم يقدَر او شيء و اريد و قدر و لم يقض او شيء و اريد و قدر و قضي و لم يمض او شيء و اريد و قدر و قضي و امضي ففي جميع المراتب يحتمل عنده غيره سبحانه البداء الا فيما امضي فلا بداء فيه کما بينا و شرحنا و اوضحنا و يدل علي ذلک قول العالم عليه السلام حيث سئل کيف علم الله قال علم و شاء و اراد و قدر و قضي و امضي فامضي ما قضي و قدر ما اراد فبعلمه کانت المشية و بمشيته کانت الارادة و بارادته کان التقدير و بتقديره کان القضاء و بقضائه کان الامضاء فالعلم يتقدم المشية و المشية ثانية و الارادة ثالثة و التقدير واقع علي القضاء بالامضاء فالله تعالي البداء فيما علم متي شاء و فيما اراد لتقدير الاشياء فاذا وقع  القضاء بالامضاء فلا بداء فالعلم بالمعلوم قبل کونه و المشية في المنشاء قبل عينه و الارادة في المراد قبل قيامه و التقدير لهذه المعلومات قبل

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۲ *»

تفصيلها و توصيلها عياناً و وقتاً و القضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الاجسام المدرکات بالحواس من ذي لون و ريح و وزن و کيل و ما دب و درج من انس و جن و طير و سباع و غير ذلک مما يدرک بالحواس فلله تعالي فيه البداء مما لا عين له فاذا وقع العين المفهوم المدرک فلا بداء و الله يفعل ما يشاء فبالعلم علم الاشياء قبل کونها و بالمشية عرّف صفاتها و حدودها و انشأها قبل اظهارها و بالارادة ميز انفسها في الوانها و صفاتها و بالتقدير قدر اقواتها و عرّف اولها و آخرها و بالقضاء ابان للناس اماکنها و دلهم عليها و بالامضاء شرح عللها و ابان امرها وذلک تقدير العزيز العليم انتهي. ذکرناه بطوله لکثرة محصوله و امثل لک مثالاً تعرف به امرک، النجار ينهض من مکانه فيتوجه الي خشب فيقطعه قطعاً ثم يرکبها و يتمها سريراً موضوعاً في محله فذلک النهوض هو مقام المشية في الظاهر و هو صالح للحرکة الي الخشب و الي غير الخشب فاذا نهض ثم بدا له فجلس فهو له و لکن ثبت النهوض و لا يمکن ان لا يکون ناهضاً ثم اذا نهض و مشي الي الخشب تعين حرکته المطلقة الاولية الجنسية و هو مقام الارادة تعيناً نوعياً فکانت حرکة الي الخشب دون الحديد و الذهب و غيرهما و له ان يترکه و يجلس و لکن لا يمکن ان لا يکون ناهضاً ماشياً الي الخشب ثم اذا نهض و مشي الي الخشب و قطعه قطعاً تعين الخشب تعيناً اخص و هو مقام القدر و له ان يجلس و يحرقها و لا يصنع سريراً و لکن لايمکن ان لا يکون ناهضاً ماشياً الي الخشب مقطعاً له قطعاً ثم اذا نهض و مشي الي الخشب و قطعه قطعاً و شرع في الترکيب و رکب قطعة علي قطعة تعين القطع لامر خاص و هو مقام القضاء و ظهر انه للسرير دون الباب و الشبکة و الصندوق و له ان يترکه فلا يتم الترکيب و يحرق القطع المرکبة ما لم يتم و اما اذا تم الترکيب و القي عليه صورة السرير کان سريراً و حتم و امضي فلا يمکن ان لا يکون سريراً و ان لا يکون ناهضاً ماشياً الي الخشب مقطعاً له قطعاً مرکباً لها ترکيباً تاماً القي عليه صورة السرير و هو مقام الامضاء فلا بداء و جميع هذه الاعمال و الافعال مسبوق بعلم النجار النفسي و هو کان يعلم انه ينهض للمشي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۳ *»

الي الخشب و يمشي الي الخشب للقطع و يقطع للترکيب و يرکب للسريرية و کان يعلم انه يترک في درجة من الدرجات عملاً من الاعمال ام لا و لکن اهل البصر الجسماني کانوا يرون کل عمل اذا عمل و لا يرون ما بعده و لا يدرون انه يعمل ما بعده ام لا فلهم يحتمل البداء الي ان يتم سريراً موضوعاً و علم النجار النفساني سابق و هو يعلم انه يترکه في اثناء العمل او يستمر فيه حتي يتمه سريراً فعلم النجار النفساني آية علم الله سبحانه و نهوضه آية المشية و توجهه الي الخشب آية الارادة و تقطيعه له آية القدر و ترکيبه آية القضاء و اتمامه سريراً آية الامضاء و قد اشبعنا القول في ذلک في کتابنا المسمي بالفطرة السليمة و غيرها فان امکنک فراجعها فاولوا الابصار لا يحيطون بشيء من علم النجار الا ما برز منه الي عرصة العمل في درجاته و کل درجة ظهر فانهم يرونه کما ظهر و کذلک حال الحقيقة المحمدية صلوات الله عليها فانها في عرصة السرمد و هي لاتدرک من علم الله الا ما ظهر منه في عرصة المشية و الارادة  القدر و القضاء و الامضاء و اذا برز في شيء منها تعلمه کما برز و يحتمل عندها في رتبة المشية و الارادة و القدر و القضاء البداء و اذا وقع القضاء بالامضاء فلا يحتمل البداء فاذا برز من علم الله شيء الي رتبة المشية او الارادة او القدر او القضاء و اخبروا عنها لمصلحة يشترطون فيه البداء و اذا اخبروا عما امضي فلا يشترطون فيه البداء و يخبرون عنه علي سبيل الحتم و علي ذلک تدل اخبار کثيرة منها ما روي عن الباقر و الصادق عليهماالسلام انهما قالا ان حدثناک بامر انه يجيء من هيهنا فجاء من هيهنا فان الله يصنع ما يشاء و ان حدثناک اليوم بحديث و حدثناک غداً بخلافه فان الله يمحو ما يشاء و يثبت و قيل لابي جعفر عليه السلام لهذا الامر وقت فقال کذب الوقاتون کذب الوقاتون کذب الوقاتون ان موسي  لما خرج وافداً الي ربه و اعدهم ثلثين يوماً فلما زاده الله علي الثلثين عشراً قال قومه قد اخلفنا موسي فصنعوا ما صنعوا فاذا حدثناکم الحديث فجاء علي ما حدثناکم به فقولوا صدق الله و اذا حدثناکم الحديث فجاء علي خلاف ما حدثناکم به فقولوا صدق الله توجروا مرتين و سئل ابو عبدالله عن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۴ *»

القائم فقال کذب الوقاتون انا اهل بيت لا نوقت و قال في حديث ما وقتنا فيما مضي و لانوقت فيما يستقبل و قال من اخبرک عنا توقيتاً فلا تهابه ان تکذبه فانا لانوقت وقتاً انتهي و ذلک ان ما لم يخرج معيناً محدودا و لم‌يقع لم يصل الي حد الامضاء و ما لم يمض يحتمل البداء و هم لا يخبرون عما يحتمل البداء علي سبيل الحتم و لذا ادب الله جل و عز نبيه و قال و لا تقولن لشي اني فاعل ذلک غدا الا ان يشاء الله و قال ما تدري نفس ما ذا تکسب غدا و سئل ابو جعفر عليه السلام عن قوله تعالي عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه احدا فقال له الا من ارتضي من رسول  فانه يسلک من بين يديه و من خلفه رصداً و کان و الله محمد من ارتضاه و اما قوله عالم الغيب فان الله تبارک و تعالي عالم بما غاب عن خلقه بما يقدر من شيء و يقضيه في علمه فذلک يا فلان علم موقوف عنده اليه فيه المشية فيقضيه اذا اراد و يبدو له فلا يمضيه فاما العلم الذي يقدره الله و يقضيه و يمضيه فهو العلم الذي انتهي الي رسول الله صلي الله عليه و آله ثم الينا و قال عليه السلام من الامور امور محتومة جائية لا محالة و من الامور امور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء و يمحو ما يشاء و يثبت منها ما يشاء لم يطلع علي ذلک احداً يعني الموقوفة فاما ما جائت به الرسل فهي کائنة لا يکذب نفسه و لانبيه و لا ملئکته و قال عليه السلام کان علي بن الحسين عليهما السلام يقول لولا آية في کتاب الله لحدثتکم بما يکون الي يوم القيمة فقيل له أية آية قال قول الله يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الکتاب انتهي و هذا الذي ذکرنا لا شک فيه و لا ارتياب و له يشهد آيات الکتاب و آثار الاطياب فلا تعدل عنه فتغلو في دينک يا سليل الانجاب.

فصل: اعلم انه قد روي اخبار صعبة لا يفهمها الا الراسخون في العلم کما روي عن ابي جعفر عليه السلام انه سئل علي عليه السلام عن علم النبي صلي الله

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۵ *»

عليه و آله فقال علم النبي صلي الله عليه و آله علم جميع النبيين و علم ما کان و علم ما هو کائن الي قيام الساعة ثم قال و الذي نفسي بيده اني لاعلم علم النبي و علم ما کان و علم ما هو کائن فيما بيني و بين قيام الساعة و ما قال ابو عبدالله عليه السلام و الله اني لا علم ما في السموات و ما في الارض و ما في الجنة و ما في النار و ما کان و ما يکون الي ان تقوم الساعة ثم قال اعلمه من کتاب الله انظر اليه هکذا ثم بسط کفيه ثم قال ان الله يقول و انزلنا الکتاب فيه تبيان کل شيء انتهي و امثال ذلک و لربما يزعمها رجل انه يخالف ما ذکرناه في الفصول السابقة و ليس کذلک و ذلک ان ما کان فهو ممضي و مثبت في اللوح الحفيظ و هم يشاهدونه اذ بهم امضي اذ امضي و بهم قام اذ صدر فان الله امضاه بمشيته و هم اوکارها و محالها و اما ما سيکون فانه لم يمض بعد و لکن شيء او اريد او قدر او قضي فما شيء مما سيکون فيعلمون انه شيء و ما اريد فيعلمون انه اريد و ما قدر فيعلمون انه قدر و ما قضي فيعلمون انه قضي و هو علمهم بما سيکون و لا يعلم هذا العلم الا من احاط بالعلل و الاسباب و کماله مخصوص بهم فان ما سيکون من ذلک فبهم سيکون و اما التوقيت و الامضاء علي الحتم فذلک لم يکن فمتي ما قضي و حتم فهم يعلمونه و هذا هو علمهم المستفاد الذي يزدادونه في کل حين و في کل ليلة جمعة و في کل ليلة قدر و الذي يدل علي ذلک ما روي عن ابي بصير قال دخلت علي ابي عبدالله عليه السلام فقلت جعلت فداک اني اسألک عن مسألة هاهنا احد يسمع کلامي قال فرفع ابو عبدالله عليه السلام ستراً بينه و بين بيت آخر فاطلع فيه ثم قال يا با محمد سل عما بدالک قال قلت جعلت فداک ان شيعتک يتحدثون ان رسول الله صلي الله عليه و آله علم علياً باباً يفتح منه الف باب فقال يابا محمد علم رسول الله صلي الله عليه و آله علياً عليه السلام الف باب يفتح من کل باب الف باب قال قلت هذا هو العلم قال فنکت ساعة في الارض ثم قال انه لعلم و ما هو بذاک قال ثم قال يابا محمد و ان عندنا الجامعة و ما يدريهم ما الجامعة قال قلت

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۶ *»

جعلت فداک و ما الجامعة قال صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلي الله عليه و آله و املائه من فلق فيه و خط علي بيمينه فيها کل حلال و حرام و کل شيء يحتاج اليه الناس حتي الارش في الخدش و ضرب بيده الي فقال تأذن لي يا با محمد قال قلت جعلت فداک انا لک فاصنع ما شئت قال فغمزني بيده و قال حتي ارش هذا کانه مغضب قال قلت هذا و الله العلم قال انه لعلم و ليس بذاک ثم سکت ساعة ثم قال و ان عندنا الجفر و ما يدريهم ما الجفر قال قلت و ما الجفر قال وعاء من ادم فيه علم النبيين و الوصيين و علم العلماء الذين مضوا من بني اسرائيل قال قلت ان هذا هو العلم قال انه لعلم و ليس بذاک ثم سکت ساعة ثم قال و ان عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام و ما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام قال قلت و ما مصحف فاطمة قال مصحف فيه مثل قرآنکم ثلث مرات و الله ما فيه من قرآنکم حرف واحد قال قلت هذا و الله العلم قال انه لعلم و ما هو بذاک ثم سکت ساعة ثم قال ان عندنا علم ما کان و علم ما هو کائن الي ان تقوم الساعة قال قلت جعلت فداک هذا و الله العلم قال انه لعلم و ليس بذاک قال قلت جعلت فداک فاي شيء العلم قال ما يحدث بالليل و النهار الامر بعد الامر و الشيء بعد الشيء الي يوم القيمة. تدبر في هذا الخبر الشريف کيف فرق بين علم ما کان و علم ما هو کائن و بين علم ما يحدث بالليل و النهار و ليس الا ماذکرنا من ان علم ما هو کائن علم بما شيء او اريد او قدر او قضي و يحتمل فيه البداء و اما علم ما يحدث بالليل و النهار فهو علم ما يمضي امر بعد امر و شيء بعد شيء و هو علم لا غاية له و لا نهاية في الدنيا و البرزخ و الآخرة و هو علم يزداد ما دام ملک الله و لا غاية لملک الله و کل شيء يمضي منه فبهم يمضي فانهم سبب جميع المسببات و علة جميع المعلولات و هذا هو علمهم الذي منه يستزيدون کما قال الله رب زدني علما قيل لابي عبدالله عليه السلام عندکم التورية و الانجيل و الزبور و ما في الصحف

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۷ *»

الاولي صحف ابرهيم و موسي قال نعم قيل ان هذا لهو العلم الاکبر قال لو لم يکن غير ما کان و لکن ما يحدث بالليل و النهار علمه عندنا اعظم و سئل ابوعبدالله عليه السلام عن مبلغ علمهم فقال مبلغ علمنا ثلثة وجوه ماض و غابر و حادث فالماضي فمفسر و اما الغابر فمزبور و اما الحادث فقذف في القلوب و نقر في الاسماع و هو افضل علمنا و لا نبي بعد نبينا انتهي، و معني ذلک ان من علومنا ما هو ممضي و قد مضي فهو مفسر و موضح قد اوضحه الله لنا حيث امضاه و کتبه في اللوح بنا فلا يخفي امره علينا و منه غابر و مستقبل فهو مزبور في کتب السماوات و الارض و الصحف التدوينية التي عندنا و نحن نقرأها و نراها فمنها مشاء و لم‌يرد و منها مراد و لم يقدر و منها مقدر و لم يقض و منها مقضي و لم يمض  و نحن نعلم کل شيء منها علي ما هو عليه الآن فان اخبرنا عنه نخبر عما نراه و نقرؤه في کتب السموات و الارض و لله فيه البداء يقدم منها ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يمحو منها ما يشاء و يثبت منها ما يشاء و لذلک قولوا صدق الله في کل ما اخبرناکم به وقع ام لم‌يقع و اما الحادث فما يحدث بالامضاء شيئاً بعد شيء في الدنيا و البرزخ و الآخرة و هذا العلم قد ينقر في آذانهم و قد ينکت في قلوبهم و قد يظهر لاعينهم و هکذا من وجوه العلم و من لاعلم له بحقايق ما ذکرنا لا يفرق بين علم ما يکون و بين العلم الحادث و قد اوضحنا ببرکة بقية الله في الارضين حقيقة الامر و من عرفه لا يري اختلافاً في الاخبار ابداً کيف و لو کان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً کثيراً.

بقي شيء و هو انهم قد يعلمون جملاً اشياء مما لم يکن و لم يمض انها تکون علي الحتم و ذلک مما اخبرهم الله بتعليم خاص انه سيکون و لا يبدو فيه ابداً و هم ايضاً يخبرون به علي الحتم کاخبارهم بالساعة و بعض کلياتها و جملها و بظهور الامام و بعض احواله و علاماته الحتمية و الرجعة و امثالها فهم يخبرون من ذلک علي الحتم و لما يمض فذلک بتعليم خاص من الله بهم و وجه التعليم ان الله سبحانه قد اشهدهم خلق السموات و الارض و انفس الخلق جميعاً و هم ينظرون

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۸ *»

الي الکل و يشاهدون و يعلمون بالاحاطة و المشاهدة سر الوحدة و الحکمة الاولوية في الخلق و يعرفون النظم الاحسن الذي يدل علي الوحدة و الحکمة الاولوية في الخلق و يعرفون النظم الاحسن الذي يدل علي الوحدة و الحکمة فيعلمون انه لايکون في الامکان الا ما هو احسن و اولي فيعلمون انه يقوم الساعة مثلاً و انه الاحسن الاولي الذي لا يترکه الله عزوجل الي غيره و يقوم الحجة و يظهر علي الدين کله و لو کره المشرکون و هکذا فذلک مما اخبرهم الله و انزله في کتابه التکويني و التدويني و بعض الصحف التي عندهم فذلک محتوم علمهم (علمه ظ) الله اياهم بتعليم خاص و لا يتخلف و ان کان يمکن في الامکان البداء فيه و الله قادر علي خلافه الا ان الاولي ان يکون خلافه تحت القدرة و وجوده تحت المشية الفعلية الا تري ان الکمال في ان يکون الله قادراً علي الکذب و يکون صادقاً البتة و يکون الله قادراً علي ادخال النبي النار و لا يدخله فيها البتة و يکون الله قادراً علي افناء الجنة و النار و يديمهما و لا يفنيهما البتة و هکذا فهم يعلمون ان ما يکون محتوماً من مقتضيات الاولي لايتخلف و ان کان الله قادراً علي خلافه و يکون واقعاً تحت صلوح البداء فلا کل صالح للبداء يبدو لله فيه و من ذلک ما يخبر به الحجة في مقام التحدي فالله سبحانه لا يکذب حجته و ليس من الکمال تکذيب الحجة بالفعل و ان کان القدرة علي تکذيبه من الکمال فافهم فقد و الله اسقيتک ماءاً غدقاً و ما اسعدک اذا فهمته و سلمت له.

فصل

و من حديثهم الصعب ما روي عن اميرالمؤمنين عليه السلام ان الله علمين علم استأثر به في غيبه فلم يطلع عليه نبياً من انبيائه و لا ملکاً من ملئکته و ذلک قول الله تعالي ان الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الارحام و ما تدري نفس ماذا تکسب غداً و ما تدري نفس باي ارض تموت و له علم قد اطلع عليه ملئکته فما اطلع عليه ملئکته فقد اطلع عليه محمداً و آله و ما اطلع عليه محمداً و آله فقد اطلعني عليه يعلمه الکبير منا و الصغير الي ان تقوم  الساعة انتهي. و وجه الصعوبة  انهم اخبروا عن کثير من افراد هذه الخمس و من معجزاتهم علم المنايا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱۹ *»

و البلايا و قد علموا بعض شيعتهم منها و اخبروا عما في الارحام و عن الملاحم الآتية و اخبار ظهور القائم و علاماته و سيرته و اخبار الرجعة و قد تواتر الاخبار بذلک بحيث لا يمکن انکارها و قد روي عن ابي عبدالله عليه السلام انه قال و الله لقد اعطينا علم الاولين و الآخرين فقال له رجل من اصحابه جعلت فداک اعندکم  علم الغيب فقال له و يحک اني لاعلم ما في اصلاب الرجال و ارحام النساء و يحکم وسعوا صدورکم و لتبصر اعينکم و لتع قلوبکم فنحن حجة الله في خلقه و لن يسع ذلک الا صدر کل مؤمن قوي قوته کجبال تهامة الا باذن الله و الله لواردت ان احصي لکم کل حصاة عليها لاخبرتکم و ما من يوم و لا ليلة الا و الحصي تلد ايلاداً کما يلد هذا الخلق و الله لتتباغضون بعدي حتي يأکل بعضکم بعضاً و سئل عن الامام يعلم الغيب قال لا و لکن اذا اراد ان يعلم علم و قال ابو جعفر عليه السلام ان عالمنا لا يعلم الغيب و لو و کل الله عالمنا الي نفسه کان کبعضکم و لکن يحدث اليه ساعة بعد ساعة و حل هذا الاشکال ان علم هذه الخمس علما بتياً جزمياً عند الله سبحانه لانها مما سيأتي و لم يمض بعد و مالم يمض عند الخلق يحتمل فيه البداء کما قدمنا و کما يشعر به الخبر المتقدم و انهم يخبرون عن ذلک علي وجه قدمنا يعني يشترطون البداء في اخبارهم عن هذه الامور مالم يمض و ما لم يقتض الحکمة البداء فيه فيخبرون عنه عن بت و حتم فالمراد من الخبر ان علم هذه الخمس عن بت حتم مخصوص بالله جل و عز فان ما لم يمض لله فيه البداء و لا يعلم عدم البداء فيها الا الله عزوجل و اما ما لا يقتضي الحکمة البداء فيه فهو مما عرفهم الله و علمهم بتعليم خاص و لا شک بين الامة ان ما اخبر الله نبيه عدم البداء فيه من هذه الخمس يعلمه النبي صلي الله عليه و آله و قد نزل بذلک الکتاب و اشتمل علي اخبار عما سيأتي و کذلک لا شک في المذهب ان علم النبي صلي الله عليه و آله عند آله و هم يعلمون کثيراً مما ما لم يمض بتعليم الله و تعليم رسوله صلي الله عليه و آله و کيفية التعليم ما اشرنا اليه فهم لا يعلمون هذه الخمس من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۲۰ *»

دون تعليم الله و اما بتعليم الله فهم عالمون به عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه احداً الا من ارتضي من رسوله فانه يسلک من بين يديه و من خلفه رصداً و مما يعلمهم الله ما لو دعوا و سألوا الله العلم به فان من الحکمة ان لا يرد الله دعاء هم اذا دعوه و دعاؤهم من مقتضيات عدم البداء و وقوع ما ارادوا و وقعه علي الحتم و ما تشاؤن الا ان يشاء الله اذا شئنا شاء الله و يريد الله ما نريد و ذلک لا يخرج الشيء الذي  اخبروا به عن صلوح البداء فيه و ان علمه کان عند الله و يکون فهو علي حاله الا انه اقتضي الحکمة عدم البداء فيه و هم علة العلل و سبب الاسباب فما شاؤا ان يکون يکون لا محالة فلا تنافي بين ما اخبروا انا لا نعلم هذه الخمس و بين ما اخبروا انه يکون کذا و کذا علي الجزم من هذه الخمس. و اعلم ان هذه الخمس المذکورة في الآية ليس معناها منحصراً في ظاهرها فانه ليس لها من بين ما لم يمض خصوصية بل هي تفصيل جميع ما لم يمض و ذلک ان للشيء خمسة مقامات اولها مقام الشيء في اول صدوره و في مبدأه الذي هو عين معاده و منتهي صعوده فانه کما بدأکم تعودون و ثانيها مقام ادباره و نزوله من مبدأه حيث قال له ادبر فادبر و مقام مادته و مقبوله النازل من سماء المشية و نطفة ابيه و ثالها مقام منتهي نزوله و قابليته و صورته و امه و رابعها مقام تولده و خروجه من بطن امه مصوراً مميزاً محدوداً يسيرفي العالم سيراً عرضياً الي منتهي اجله و مقام کونه مبين العلل مشروح الاسباب و خامسها مقام فساده و مبدأ صعوده و بطلان ترکيبه لتطهيره و زوال اعراضه ليعود الي اغراضه و قد خرج ما في قوته الي الفعلية فان من شيء الا وله هذه المقامات الخمسة من بدأه الي منتهاه فما وجد و امضي و مضي علي هذه الخمسة فهم سلام الله عليهم يعلمونه کما مضي بجميع احواله و اما ما سيأتي مما لم يمض احواله الخمسة فهي بعد في علم الله المخصوص به الا ما خرج منها الي المشية فقط فهم يعلمون انه مشاء او الي الارادة ايضاً فهم يعلمون انه مشاء و مراد او

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۲۱ *»

الي القدر ايضاً فهم يعلمون انه مشاء و مراد و مقدر او الي القضاء ايضا فهم يعلمون انه مشاء و مراد و مقدر و مقضي و ما علموا انه من مقتضيات الحکمة و الاولي و لا يفعل الله غيره فهم يعلمون انه مشاء و مراد و مقدرو مقضي و سيمضي و کل ذلک بتعليم الله سبحانه بتعليم خاص و لا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء و قد اشار الله عزوجل بقوله ان الله عنده علم الساعة الي المعاد الذي هو المبدأ اذ کل شيء يعود الي مبدأه و هو اصل خلق الشيء و اوله کما اشار اليه بقوله اول ما خلق الله العقل ثم قال له ادبر فالخلق هو قبل الادبار و هو حال الشيء في اول صدوره و اشار الي الادبار و النزول بقوله و ينزل الغيث و هو الماء النازل من سحاب المشية و هو غيث لان الله سبحانه به اغاث مستغيثات القوابل و اجاب به دعواتهم و اشار الي القوابل الداعية بقوله يعلم ما في الارحام فانه يصورکم في بطون امهاتکم و هي ارحام قوابل الخلق و الله سبحانه يعلم ما فيها مما نزل من سماء المشية و يعلم سعادتها و شقاوتها و حسنها و قبحها و جميع ما تستعد له و اشار الي تولدها و خروجها و سيرها العرضي و اکتساباتها في عالم الکون بقوله و ما تدري نفس ماذا تکسب غدا يعني في الآن المستقبل و اشار الي فسادها و مبدء صودها و خلعها الاعراض و موتها من کل درجة دنيا و صعودها الي درجة عليا بقوله و ما تدري نفس باي ارض تمون فهذه الخمس تشمل جميع ما سيوجد بجميع مراتبه و علم جميعه مخصوص بالله سبحانه لا يعلمه الا هو الا بتعليم خاص من الله کما بينا و شرحنا و اوضحنا مجمل القول ان علم الله جل و عز ذاتي و هو مخصوص بذاته عزوجل و هو مجهول الکنه کما ان ذاته مجهولة الکنه و علم خلقي بالمعني الاعم و هو علي ثلثة اقسام قسم ممکن مقدور غير مکون و لا يکون فآل محمد عليهم السلام يعلمونه انه ممکن مقدور غير مکون و قسم تکوين و هو عين المشية الواحدية و هو بشرط لا فهم يعلمونه کذلک

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۲۲ *»

لانهم محله و قسم مکون و هو علي قسمين موقوف بشروط لم توجد فهم يعلمونه و لا يعلمون شروطه الا بالاخبار من الله جل و عز و منجز قد وجد شروطه فهم يعلمونه فلا يعزب عن علمهم مثقال ذرة في السماوات و لا في الارض و کل شيء احصيناه في کتاب مبين و هو هم فلا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان محمداً و آل محمد عليهم السلام لا يحيطون بشيء من علم الله الا بما شاء الله و ان علم البداء مخصوص بالله سبحانه و هو الغيب الذي لا يعلمه الا هو و لا يظهر عليه احداً الا من ارتضي من رسول و ان محمداً و آل محمد عليهم السلام مع ذلک يعلمون ما کان و ما يکون الي يوم القيمة و جميع الاخبار مؤتلفة غير مختلفة کلها حق صدقو قد وقع کل واحد منها موقعه و هي من عند الله فلا اختلاف فيها و لو کان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً کثيراً و انا اقتصرت في هذه الرسالة علي الاشارة و مع ذلک کررت العبارة لينال الحق من کتب له هذا و قد کتبتها في بعض الجبال حيث لم يکن بحضرتي کتب اخبار الآل و لم يمکنني تفصيل المقال و قد تمت علي يدي مصنفها و کاتبها کريم بن ابرهيم عفي عنهما في غرة شهر جمادي الثانية من شهور سنة سبع و ثمانين بعد المأتين من الالف الثاني حامداً مصلياً مستغفراً.

اتمام پرونده در روز 3/1/1390 به دست محمد باقر سراجي