الفصول
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني
اعلياللهمقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۵ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي سيدنا محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين الي يوم الدين .
و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم ان هذه كلمات دقيقة و حكم انيقة في بيان مسائل كلية و ابواب عامة من مسائل الحكم الالهية و العلوم الربانية التي يفتح منها ابواب وضعتها في هذه الرسالة لما رأيت ان معرفتها من الامور التي لا غناء عنها لطالبي الحكم و المعارف لابتناء جميع المسائل عليها بحيث لايعرف مسئلة علي الحقيقة الا بمعرفتها و ذلك انه لا شيء من المسائل يعرف بحقيقة المعرفة الا و ان يعرف مشروح العلل مبين الاسباب مفصل المبادي و الغايات و ذلك لايعرف الا بعد الفحص عن الحقايق و عللها فحداني ذلك الي رسم هذه الرسالة في بعض المهمات مستعينا بالله سبحانه مستهديا منه اذ لا حول و لا قوة الا به و تحقيق تلك المسائل يقتضي رسم فصول و لذلك سميتها بالفصول .
فصل اعلم ان للشيء مقامات : مقام حقي ذاتي و هو حيث كونه هو هو من دون ذكر لشيء من صفاته معه بنفي او اثبات و قد يعبر عن هذا المقام بالاطلاق علي معني لابشرط علي ان لايكون هذا النفي قيدا له بل بمعني عدم الالتفات الي ذكر شرط معه فان هذا الحيث للشيء حيث بساطته الاضافية عن كثرات دونه و لايسع ذكر ما سواه بنفي او اثبات فان النفي ايضا شيء و كلما سوي الشيء خارج عن حقيقة ما هو به هو و لايعقل ان يكون الشيء في ذاته هو هو و هو غيره و مفهوم هو هو غير مفهوم هو غير غيره فيكون في الخارج ايضا كذلك فان المفهوم تابع للخارج كما هو الحق و لذلك اذا امعنت النظر الي الشيء الي حقيقته تكون غافلا عما سويه بالكلية غير شاعر لما دونه بنفي او اثبات و لست تشعر حين توجهك الي زيد انه غير القيام مثلا و الا لكنت حين التفاتك الي زيد شاعرا لغير زيد و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۶ *»
هو بديهي الخلاف فهذا المقام هو مقام حق الشيء و اطلاقه و هو حيث آئيته لله سبحانه لايعرف منه الا ما ظهر له فيه و لا ذكر له عنده الا اياه و لايتجاوز شيء هذا المقام ابدا ابدا و هو مقام كشف السبحات من غير اشارة و مقام هتك الستر لغلبة السر و مقام محو الموهوم و صحو المعلوم و مقام جذب الاحدية لصفة التوحيد و غير ذلك و مقام حقيقي و هو حيث كونه هو هو لا غيره مبهما و يعبر عن هذا المقام بالاطلاق بمعني بشرط لا فيكون هذا الحيث منه مركبا من حيث هو هو و من حيث هو غير غيره و لايلحظ حينئذ معه خصوصية غير فلان و فلان مما سواه مما لا نهاية له بل غير غيره علي نهج الابهام لان هذا الحيث هو حيث كون الاشياء مما دونه فيه بالقوة التي هي عدم الفعليات و هو حيث امكان تجليه بسواه و ذلك كما تري في المداد مثلا انه غير الحروف و نفيها صالح لان يتصور بصورها و هي فيه بالقوة و معدومة بالفعل فهو بهذا اللحاظ مركب من حيث هو هو و من حيث انه عدم الحروف و صلوحها و هذا المقام غير المقام الاول بالبداهة فانك في المقام الاول كنت تجد المداد من حيث هو هو غافلا عن ذكر غيره بنفي و اثبات و صلوح و عدم صلوح و في هذا اللحاظ تجده مقيدا بنفي الشرط و النفي شيء فهو مقيد حقيقة بشيء الا انه لا شيء نسبي فالمطلق الحقيقي هو في اللحاظ الاول و ما سواه مقيد الا ان اللحاظ الثاني مطلق نسبي و اشبه الاشياء بالمطلق الحقيقي و آية له و دليل عليه في المقيدات و هو عرش الموجودات المطلس عن كل تعين فعلي و مبدؤها و منتهاها و قطبها البعيد عنه اقطارها البريء عن حدودها و اطوارها يحوم حوله جميع اكوارها و ادوارها و هو مبدؤ المبادي و غاية الغايات و علة العلل لايتجاوزه مقيد و لايدرك و هو حجاب لايهتك و دائم لاينفك و مقام الجزئية و الخصوصية و هو حيث كونه مقترنا بالقيود متصفا بالحدود ظاهرا في عرصة الشهود و قد يسمي بالوجود المقيد فهذا الحيث هو مقام اقتران ظهور ذلك المقام الاول بالهويات و تجليه بالمقيدات بعد ان كان في ذاته بريئا عن التعينات و لايزال هو كذلك في كونه هو هو و هذا الحيث هو اثر المقام الثاني
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۷ *»
و شبحه المنفصل منه بدؤه و اليه ايابه به ظهر المقام الاول له حتي صار ظهورا فالمقام الثاني بالنسبة الي المقام الثالث كالفعل و المصدر و المؤكد و المؤكد به و العطف بيان و المعطوف عليه و الصفة و الموصوف و امثال ذلك و ذلك كالمداد المصور بصورة الحروف في اقترانه بالصور و لا شك ان صورة الالف غير المداد تعرض علي المداد و كانت فيه بالقوة و خرجت الي الفعلية و الالف حين كونها الفا مقيد حيث مداديتها بصورة الفيتها مشروط بوجودها و كل احد ممن له درية يعرف ان المقام الذي فيه الصورة الالفية بالفعل غير المقام الذي الصورة الالفية فيه بالقوة و هو مقام نفس المداد من حيث كونه امكانا للحروف صالحا لها و سيجيئك تفاصيل هذه المقامات حتي تعرف مواضعها و هذان المقامان غير مقام نفس المداد من حيث هو هو و ذكر المقامين الاولين في هذا المقام معدوم بالكلية اذ الشيء من حيث هو لايكون الا هو و لايسع عرصة الذات غير الذات و كلما يمكن ان يكون معه غيره فهو في عرصة الصفات و التمايز و الاثنينية بالبداهة ففي عرصة الذوات يمتنع ذكر غيرها للزوم التناقض بان يكون الشيء من حيث هو غيره من حيث هو غيره@ فافهم و تبصر .
فصل و اذ قد عرفت ان ذلك في كل شيء و ان من شيء الا و فيه هذه المقامات الثلثة فهي في كل شيء بحسبه اذ الشيء الملحوظ اذا كان محدودا كان مقام اطلاقه الحقي محدودا في نفسه و اطلاقه نسبي بالنسبة الي ظهوراته التي هي دونه لا بالنسبة الي ما هو في عرضه فالذهب مثلا منزه في نفسه عن حدود ما يصنع منه من الجزئيات و ليس بمنزه عن حدود تميزه عن الفضة فهو بالنسبة الي الفضة مقيد و ان كان غير محدود فمقام اطلاقه الحقي غير محدود حقيقة و انما يكون هذا فيما لا ثاني له و نعبر عنه عند التعبير بالوجود فانه لا ثاني له و ما سواه عدم بمعني الامتناع فان الوجود ان كان وصفيا يمكن ان يكون سواه ايضا موجودا فان مقام الصفات مقام الكثرة و دايرتها متسعة و ان كان الوجود ذاتيا فما سواه ممتنع و الوجود الذاتي هو القائم بنفسه لنفسه فقط و ما سواه ممتنع محض
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۸ *»
و ليس صرف و الوجودات الوصفية لاتعادلها و لاتقوم و لاتعد معها فلايعقل ان تكون سواها و آية ذلك ان الجسم المطلق لايعد معه عرش و لا كرسي و لا ارض و لا شيء الا الجسم المطلق ابدا مع ان الوجود العرشي الوصفي و الوجود الكرسي و غيرهما موجودة و ليست بشيء يقوم مع الجسم المطلق و يعد معه حيث يذكر و الوجود الوصفي وصف الوجود الذاتي و كماله و فعليته كما يأتيك مفصلا ان شاء الله فالمطلق البسيط الحقيقي واحد لا ثاني له و ساير المطلقات البسيطة الاضافية كثيرة متدرجة لا غاية لها و لا نهاية و هي كل واحد منها في مقامه آية البسيط الحقيقي و صفة تعرفه و تعريفه قد عرف نفسه لاهل تلك المرتبة بذلك و اما الاطلاق الثاني اي بشرط لا فهو ايضا في كل مقام بحسبه فان كان الشيء محدودا كان مقام الاطلاق فيه متناهيا كاطلاق المداد الصالح للحروف و هو غير صالح لان يكون سكينا من هذا الحيث و ان كان غير محدود حقيقة كان مقام الاطلاق فيه غير متناه البتة و ذلك كالامكان المطلق فانه غير متناه من كل وجه و كذلك المراتب الجزئية الشخصية فهي ايضا تتفاوت بحسب المراتب فظهورات المحدود متناهية معدودة و ظهورات غير المحدود لا تناهي لها و انما ذلك نحو ما يصاغ من المداد و نحو افراد الممكنات ، و اما قولنا في اطلاق المداد و صلوحه للحروف متناه فانما نريد منه التناهي النوعي و الا فنفس صلوحه للحروف غير متناه فان الحروف غير متناهية و اما نوع الحروف فانما هو متناه لانه غير نوع السلاح مثلا و كذلك الظهورات فان تناهيها نوعي.
فصل فاذا نظرت الي مجموع هذا العالم اي الموجود الكاين و قطعت النظر عن اعيانها و اكوانها و امكانها و ذواتها و صفاتها و جواهرها و اعراضها و خصوصها و عمومها و قراناتها و نسبها و اتصالاتها و انفصالاتها و وجوداتها و اعدامها و جميع ما يميز و يدرك و يتوهم و يشار اليه منها بقضها و قضيضها و دقيقها و جليلها بحيوثها و اعتباراتها كلها من حيث هي بل نظرت الي الكائن تجد حينئذ وجودا بحتا بسيطا مطلقا قد طوي باحديته كل ذات و صفة و جوهر و عرض و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۹ *»
نسبة و اقتران و ارتباط و تلازم و ترتب بحيث لايشذ عنه شاذ و لايخرج عن تحت سلطانه خارج فهو المتوحد الذي لا ند له و المتفرد الذي لا ضد له و الاحد الذي ما سويه ممتنع بحت لانه وجود ذاتي بسيط و ما سوي الوجود الذاتي عدم بحت علي معني الامتناع و من ذلك يعلم انه لايمكن ان يعرض علي هذا الوجود عارض و لا ان يعرض علي غيره و لا ان يرتبط بشيء و لا ان يرتبط به شيء و لا ان ينتسب الي شيء و لا ان ينتسب اليه شيء و لايكون علي شيء و لا عليه شيء و لا في شيء و لا فيه شيء و لا من شيء و لا منه شيء و لا لشيء و لا له شيء و لا مع شيء و لا معه شيء و لا كشيء و لا مثله شيء و لايستنبط من شيء و لايستنبط منه شيء و هكذا هو بريء قدوس سبوح عن كل ما سواه و لا شيء غيره حتي يكون هو غيره او عينه او كله او بعضه او مطلقا عنه او مقيدا به او اجماله او تفصيله او نفيه او اثباته او عينه او في ضمنه او حقيقته او ظهوره او ذاته او صفته او جوهره او عرضه او يخرج عنه بعد كمون فيه او يخرج هو عن غيره بل هو احد صمد لميلد و لميولد و لميكن له كفؤا احد و من زعم انه ليس كذلك فغيره عرف و الي سواه وصل و هذا الوجود هو الحق جل شأنه القديم الازلي الاحدي و سميته بالوجود لما روي في الدعاء وجوده قبل القبل في ازل الآزال و بقاؤه بعد البعد من غير انتقال و لا زوال و سماه في هذا الدعاء بالموجود السرمدي و هذا الوجود هو اعرف من كل شيء اذ لا شيء سواه و اظهر من كل شيء كما في الدعاء أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدل عليك و متي بعدت حتي يكون الآثار هي التي توصلني اليك عميت عين لاتراك و لاتزال عليها رقيبا ، و ايضا في الدعاء لايري فيها نور الا نورك و لايسمع فيها صوت الا صوتك ، و هذا الوجود ليس بوجود الاشياء فان وجود الاشياء مادة قد عرضها صورة هي غيرها و هو قد طوي المادة و الصورة و ليس بامكان الاشياء فان الامكان جوهر متصور بصورة الصلوح و النفي و هو قد طوي الاثبات و النفي فليس شيء سواه حتي يقترن به و يعرض عليه و يسمي و يوصف به فهو اذا لايعرفه غيره و لايصل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۰ *»
اليه سواه ابدا ابدا لايدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير، بك عرفتك و انت دللتني عليك و لولا انت لمادر ما انت، اعرفوا الله بالله و كل معروف بنفسه لغيره مصنوع و كل ممتاز عما سواه مخلوق ، كل ما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم و ليس بالله من عرف بامتياز بل ليس بالله من عرفه غيره و انما هو هو لايعلم ما هو الا هو و هذا الوجود لايصدر من شيء و لايصدر منه شيء و لايضاف الي شيء و لايضاف اليه شيء و لايقترن بشيء و لايقترن به شيء لايحد و لايوصف و كمال توحيده نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و امتناع غيره حيث هو هو فتعالي قدره عما يقول المعطلون و المشبهون و الواصفون و المنزهون و الناطقون علوا كبيرا و اكمل القول قوله سبحانه سبحان ربك رب العزة عما يصفون تدبر فقد عرفت لك التوحيد و بينت لك التفريد فان عرفت مع هذا التكرير فانت انت و كم من ناظر ينظر في كلماتي هذه و يظن انها هي قول اصحاب وحدة الوجود و معاذ الله ان يكون ذلك مذهبهم و الفرق بين القولين كالفرق بين الكفر و الايمان و البعد بين الجنة و النيران ، اني و اني و هم يقولون ان بسيط الحقيقة ببساطته كل الاشياء و هم يقولون انه قد شاب صرف الوجود اعدام و نقايص و لوازم رتب حتي بدت ساير الاشياء و منهم من يقول انه بحر و الخلق امواج و مداد و الخلق حروف و الاشياء كانت فيه بنحو اشرف و بالقوة و كونها فيه حضرة علمه الازلي و انه اظهر ذاته و منهم من يقول ان الخصوصيات اعراض للذات اي الوجود الحق و منهم من يقول ان الخلق من الله بالسنخ و ان معطي الشيء ليس فاقدا له في ذاته و منهم من يقول وجود الواجب مع الحادث بالتشكيك و منهم من يقول بثبوت الاعيان في ذاته سبحانه بتفاصيلها و جزئياتها و الا يلزم جهله بتفاصيلها بالجملة الفرق بين القولين هو الفرق بين الايمان و الكفر و علي من يقول بوحدة الوجود و هو متبع في ذلك غير آلمحمد عليهم السلام و لميشتبه عليه ذلك بسبب الرجوع الي اخبارهم سلام الله عليهم، لعنة الله و لعنة اللاعنين انظر فيما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۱ *»
ذكره القاشاني في الكلمات المكنونة علي زعمه هل تجد لكلامنا مشاكلة مع كلامه قال قال اهل المعرفة حقايق الاشياء عبارة عن تعينات وجود الحق و تميزاته في مرتبة العلم و منشأ تلك التعينات و التميزات خصوصيات الشؤن الذاتية التي هي نسب و اعتبارات مستجنة في غيب الذات مندرجة فيه اندراج اللوازم في الملزومات كاندراج النصفية و الثلثية مثلا في الواحد العددي قبل ان يصير جزء الاثنين او الثلثة لا اندراج الاجزاء في الكل عقلية كانت او خارجية و لا اندراج المظروف في الظرف فالوجود يتجلي بصفة من الصفات فيتعين و يتميز عن الوجود المتجلي بصفة اخري فيصير حقيقة ما من الحقايق الاسمائية و صورة تلك الحقيقة في علم الحق سبحانه و هي المسماة بالمهية و العين الثابت الي ان قال ثم تحصل تلك الاعيان في الخارج مع لوازمها و توابعها بالفيض المقدس فهي من وجه عين الوجود و من وجه غيره كالاسم و الصفة ، الي آخر كلمته التي ليته لميتكلم بها و هل فيما نقول رايحة من هذا القول المخبط خبط العشواء و انظر في كلام الملاصدرا حيث يقول: ان العقل و ما فوقه كل الموجودات و ان الوجود كله مع تباين انواعه و افراده ماهية واحدة و تخالف اجناسه و فصوله حدا و حقيقة جوهر واحد له هوية واحدة ذات مقامات و درجات عالية او نازلة ، الي آخر كلامه و يقول ايضا : بسيط الحقيقة ببساطته كل الاشياء و يقول شاعرهم :
و ما الناس في التمثال الا كثلجة
و انت لها الماء الذي هو نابع
و لكن يذوب (بذوب ظ) الثلج يرفع حكمه
و يوضع حكم الماء و الماء واقع
و يقول شاعرهم :
انظر فما رأيت سوي البحر اذ رأيت
موج بدا و منه بدا فيه ما بدا
الي غير ذلك من اشعارهم و كلماتهم و قد ملأ الاصقاع و طرق الاسماع و اين قولي من اقوالهم و كلمتي من كلماتهم و ما اقول منطبق علي الكتاب و السنة لايخالفه حرف و لايحتاج معه حرف منها الي تأويل و انا اقول الله سبحانه احد بسيط يمتنع معه ما سواه من امكان او كون او عين او نسبة او ارتباط او اقتران او تلازم او ترتب و كل ما يدرك او يعقل بوجه من الوجوه و حيث من الحيوث و اعتبار من الاعتبارات
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۲ *»
و فرض من الفروض و هو سبحانه لايثني و لايجزي و لايتناهي الي شيء اذ لا شيء و هو قائم بذاته لذاته موجود بذاته لا بمعني انه هوية متصفة بالوجود بل هو هو فان شئت فسمه وجودا بحتا بسيطا بالذات للتفهيم و ان شئت فسمه ماهية مستقلة قائمة بنفسها و المقصود انه شيء بسيط بحقيقة الشيئية و اسماؤه تعبير و صفاته تفهيم و هو لا اسم له و لا رسم له و ليس مرادي من امتناع ما سواه معه ان له رتبة و ما دونها فيها ممتنع و دونها ممكن نعوذ بالله فانه ليس له رتبة محدودة هي غير ذاتها الاحدية الغير المتناهية اسفلها مماس لاعلي رتبة اخري بل هو هو بلا نهاية و لا رتبة هي غير ذاتها هو هو بلا نهاية فلا شيء سواه يزاحمه و لا ذكر لغيره علي معني امتناع ما سواه فانه كائن بالذات و ما سوي الكائن بالذات ممتنع فهو اذ ذاك هو لا شيء سواه و ان قلت فما هذا العالم المحسوس المتكثر و ما منشاؤ هذه الكثرات قلت سيأتيك القول في ذلك في الفصول الآتية و انت عجالة لا محيص لك عن تصديقي فيما اقول من امتناع ما سواه اذا اقررت انه سبحانه ليس وجوده بوجود تمثلي وصفي كما قال عليه السلام في الدعاء لميمثل فيكون موجودا بل وجوده وجود ذاتي اي هو نفس الوجود و الوجود نفسه و ما سوي ذات الوجود عدم بحت اذ لو كان سواه ايضا موجودا لامتاز عما سواه بتمثل وصفي و كان موجودا وصفيا لا ذاتيا فلما كان موجودا ذاتيا و وجودا بالذات احدا بسيطا امتنع معه ما سواه لان ما سوي الوجود عدم و لاتزعم انه سبحانه مجموع الموجودات التمثلية فان الموجودات الممثلة ممكنة حادثة قائمة بالغير يسبقها العدم الذي هو قوة التمثل و الحوادث اذا اجتمعت لاتصير قديما فليس بسيط الحقيقة كل الاشياء المركبة و ليست الحوادث مذكورة مع القديم جل شأنه لا باعيانها و لا باكوانها و لا بامكانها و لا علي نحو اشرف و لا باعيانها و ماهياتها و لا اذكار لها ازلية و انما احدثها لا من شيء و ليس هو عينها و لا غيرها و القول الجامع ما ذكرت لك ان ما سواه ممتنع معه و هو هو لا سواه و ليس وجوده سبحانه بمادة قد البست صور الحوادث و لا بكلي صدق علي كثيرين و لا بامكان يصلح للتطور باطوار خلقه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۳ *»
فان جميع ذلك صفة ما معه صورة ما غيره تلحقه سواء كانت صورة اطلاقية او صلوحية او مادية او كلية او جزئية او غيره و يمتنع جميع ذلك في حق الحق جل شأنه و ليس هو جل شأنه باطلاق الوجودات المتمثلة فان اطلاق الوجودات المتمثلة متمثلة كما عرفت ان اطلاق المحدود محدود و انما هو اطلاق بالاضافة بل هو هو لايضاف الي شيء و لايضاف اليه شيء اظهر من كل شيء لا لشيء و انما هو هو لا شيء سواه فلايعلم ما هو الا هو فافهم ان كنت تفهم و الا فاسلم تسلم .
فصل و اذا رجعت البصر كرة اخري و رددت الطرف مرة بعد اولي و تدبرت في اصناف الموجودات من لطيفها و كثيفها و عاليها و دانيها و غيبها و شهادتها و ذواتها و صفاتها و جواهرها و اعراضها و اعيانها و اكوانها بقضها و قضيضها تجدها كلها و يعمها اطلاق بشرط لا اذ تجدها غير قائمة بنفسها و تري وجوداتها وجودات وصفية تمثلية و تجد جميع الاسماء التي يطلق عليها تقع علي مثلها و صفاتها التي ميزت بها عما سويها و لها محل عليه حلت و به قامت و عليه عرضت و منه خرجت كساير المثل و موادها و تجد تلك المثل كلها جايزة الزوال و التغير و التبدل و تجدها كلها امواج بحر لايساحل و تطورات مداد لايقدر يمكن انغمار الكل في ذلك البحر و انمحاء مثلها فيه و هذا البحر هو البحر الذي زعمه القوم بحر القدم و هذا هو الذي زعم القوم ان الاشياء تطوراته و شؤنه و هي فيه كالنصفية و الثلثية في الواحد العددي قبل ان يصير شطر الاثنين و بعض الثلثة و هذا هو الذي زعموا انه كل الاشياء و جميع اشعارهم و كلماتهم ينطبق عليه و هذا البحر هو بحر الاطلاق بمعني بشرط لا شيء فان البحر مصور بصورة نفي الامواج و عدمها اذ صورته صلوح الامواج و قوتها و هي مستجنة فيه علي الابهام فهو اطلاق مركب و بساطته بالنسبة الي مقيدات الامواج و الا فهو بالنسبة الي الاطلاق الاول مركب له مادة وجودية و صورة عدمية نفيية اضافية و الا فهي ايضا وجودية بالوجود الابهامي الاطلاقي و هذا هو الامكان الراجح و العمق الاكبر و الوجود المطلق لانه قد كسر و اذيب فيه جميع الصور المادية و الصورية و هذا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۴ *»
المطلق لايعطي ما دونه اسمه و حده بل يوجد بظهوره في ضمنها كما ان الخشب يوجد في ضمن السرير و الباب و ليس صورة السرير و الباب بالخشب بل حصة من الخشب البست صورة السرير و صورة الباب و هما غيره و هو مركب من مادة نوعية و صورة نوعية ثم اخذ حصة منهما و البست الصورة الشخصية هي غير الحصة و الحصة موجودة في ضمنها و ليس المميز بالمبهم و المقيد بالمطلق فحصص الخشب موجودة في ضمن الافراد التي قد تحصصت بصورها فتدبر ، الاتري انك تسمي كل جزئي من هذا العالم بالجسم و لاتسميه بالجسم المطلق و انما ذلك لان الجسم المطلق مركب و صورته اطلاقه و الاطلاق عدم القيود و لايجامع العدم الوجود و اما الجسم البسيط المعري عن قيد الاطلاق و التقييد و العموم و الخصوص يعطي ما دونه اسمه و حده فانه نافذ باحديته الاضافية في الكل و طوي جميعها فلا شيء سواه و لميقارنه غيره و لاشاب بسواه حتي يحدث من شوبه بغيره ساير الاجسام بل ليس الا الجسم و اما الجسم المطلق فمخصوص بالعموم فلايعم الخصوص و لايقع عليه و لايعطيه اسمه و حده فليست الاشياء بوجود راجح و لا امكان راجح و ليست المشية هي الانشاء و كذب ضرار و اصحابه حيث زعموا ان المشية هي الانشاء اي المخلوقات بها فهذا الوجود بالنسبة الي الاشياء كالبحر للامواج و المداد للحروف و الهواء للكلام و انت لو كسرت الموجودات و اذبتها و حللتها و محوت مثلها تجدها بحرا واحدا سيالا متشاكل الاجزاء البتة كما انك لو حللت عقد جميع الاجسام المرئية تجدها جسما مبهما صالحا للتطور بجميع الاطوار و لو كسرت الحروف وجدتها مدادا سيالا متشاكل الاجزاء له صورة ابهامية نفيية و لاتزعم انا نريد من البحر الصورة المجموعية التي للماء في حفرته فانها ايضا موج كبير بل المراد بالبحر في كلامنا قوة التمثلات الكبيرة و الصغيرة و هو لاتقف مع الامواج في عرض واحد بل الامواج و التمثلات حيث هو معدومة منفية و هو فوق عرصة التمثلات المقيدة سابق عليها و لايبعض بهذه الامواج كما يبعض المقدار الاعظم الذي هو البحر الظاهر بالامواج و ان اردت المشاهدة فخذ منا من الماء و جزه اربعين جزءا فتجد كل جزء من حيث المائية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۵ *»
الابهامية صالحا للتطور بجميع الاطوار التي يصلح لها الجزء الآخر و كل جزء جزء من اربعين جزء من المن فالمتحصص هو الصورة المنية لا الماء المبهم الصالح و تحصيص الماء المبهم تفريق مادته عن صورته فالوجود الراجح الذي هو الامكان بنفسه لايتحصص بصور المقيدات و انما يتحصص ظهوره المجموعي بصور الابعاض فليس الوجود الراجح موجودا بوجود المقيدات و لا موجودا في ضمنها بل الوجودات المقيدة هي حدثه و تأكيده حدثت عنه حدوث الضرب عن ضرب و قولنا انه محلول المقيدات و مذابها فمعناه انها فيه غير مذكورة باكوانها و اعيانها و انما هي مذكورة فيه بصلوح الظهور قال الرضا عليه السلام ليونس اوتدري ما المشية قال لا قال هي الذكر الاول و الذكر الاول هو ذكر صلوح الظهور فتدبر و هذا الاطلاق هو مقام الوجود الراجح البرزخ بين الواجب و الجايز فانه من حيث تركيبه و تصوره بالابهام يشبه الوجودات الجايزة الوصفية و من حيث تعاليه عنها و قيامه بنفسه يشبه الواجب اي هو آيته و دليله و هذا الوجود لايقوم بالوجود الحق و لايقترن به و لايرتبط و لاينتسب به و لايضاف اليه فانه معدوم حيث يذكر الوجود الحق ممتنع معه و وجوده وصفي غاية الامر انه ابهامي نفيي و هما ايضا وصفان فهو لايضاف الا الي نفسه و لاينسب الا اليها و ليس الا لها و لكن هنا دقيقة يجب الاشارة اليها و هي ان اسماء الوجودات الوصفية لاتقع الا علي الاوصاف فالوجود المطلق يقع علي صورة الابهام و الاطلاق حسب ، كما ان الوجود المقيد يقع علي نفس القيود و ليس حقيقة المسمي في كلا المقامين الا الوصف فهو اي الوصف يضاف الي نفسه من حيث انه مصداق اسم العالي و هو اعلي اذكاره و حقه علي ما بينا و شرحنا آنفا و امثل لك مثالا و هو ان العرش اسم للكرية و الاطلسية خاصة و هذا الكائن في الخارج جسم البتة فالعرش ظهور من ظهورات الجسم و الجسم المضاف هو الاسم المعطي بالفتح لا المسمي المعطي بالكسر لان العرش معه ممتنع و الممتنع لايضاف الي الموجود فالمضاف اليه للعرش ما يصاقعه و هو الجسم الاسمي المعطي و هو عند التعبير ظهور الجسم المطلق الاول و نوره و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۶ *»
ظهوره و لذا نستدرك قولنا ان الخلق قائم بالله بقولنا اي هو قائم بامره كما قال و من آياته ان تقوم السماء و الارض بامره مع انه الحي القيوم فعلي هذا المعني يقال ان المشية قائمة بنفسها لربها و هي فعله سبحانه خلقه به و خلق به ما سواه فافهم و تبصر امرك فالفاعل هو الاسم المعطي لا المسمي في التعبير المعطي و ذلك بحر ضل فيه السوابح و هو سر لايفيده الا السر و هو مقام البيان و لايدرك الا بالعيان لمن له عينان و لايجوز التصريح بازيد مما بٰان و ان اردت مشاهدة ذلك بالعيان انظر في امواج البحر فانك تجد كل موج مصداق اسم الماء و كلها كذلك فهذا الماء الذي تجده في الكل هو الماء المطلق بالاطلاق الاول الاضافي و هو غير كل موج و غير جميعها و غير البحر و غيوره تحديد للامواج و البحر و مع ذلك يصدق عليها اسم الماء و حده فاذ صارت من حيث هي غير الماء يقينا و صدق عليها الماء لميبق مجال من ان تكون اسما للماء و صفة و ظهورا من حيث صدق الاسم فهي من حيث صدق الاسم مضاف اليه لها من حيث صدق اسم الامواج و البحر فالماء المضاف اليه في قولك انها ظهور الماء هو الماء الذي اُعطِيَته الامواج و البحر و الاسم المعطي ايضا مشهود فيها لانك تجد في البحر و الامواج علانية شيئا يصلح للتصور بكل صورة كما تشاهد في الالف المكتوبة شيئا يصلح لان يكون باءا و تجد في الكوز شيئا يصلح لان يكون كأسا و الذي تراه في الحروف صالحا للتصورات غير المداد المطلق الذي لايذكر فيه صلوح الحروف كما عرفت فالذي لايذكر فيه ذكر الحروف هو المطلق و الذي يذكر فيه صلوح الحروف هو العام و الحروف هي الخواص و ذلك العام من حيث الوجود اي المادة المصورة بصورة العموم مع قطع النظر عن الصورة هو الاسم و الصفة و الآية و الظهور للمطلق الاول و هو المضاف اليه لكل ما يضاف اليه و المنسوب اليه لكل ما ينسب اليه فان للصور معها ذكرا و تقوما في الواقع و ان لمتلاحظ حين غفلتك الصورة معها و لكن يجب ملاحظتها حين الاضافة البتة و هذه المراتب الثلث في كل شيء و في كل شيء علي حسبه فالذي تجده عند قطع نظرك عن العموم و الخصوص اللذين في جملة العالم هو الوجود المطلق و العام الذي تجده في العالم هو الوجود
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۷ *»
العام و المثل المشهودة هي الوجودات الخاصة فتثبت .
فصل و اما الوجود المقيد فهو نفس القيود الكائنة في الخارج متمثلة الا ان لها جهتين جهة الي الوجود العام و هي حيث كونها فعليات تلك القوة و جهة الي نفسها و هي كونها هي هي فالجهة الاولي هي مادتها و الوجود المقيد و الجهة الثانية الصورة و المهية لما قد بيناه في محله و حققناه ان الصفة و الموصوف مقترنان و لا بد و ان يكون الموصوف بالصفة في صقع الصفة و المادة هي الموصوفة بالصورة مصورة بها فهما في صقع واحد و هو صقع الصفة الا انه اعلي الصفة فوجدان المراتب في الالف المكتوبة ان الالف اسم يقع علي الهيئة الخاصة بلا شك و لها مادة و صورة مادتها هي تلك الهيئة من حيث انها فعلية المداد و كماله و صورتها هي تلك الهيئة من حيث نفسها و لها امكان و هو المداد من حيث انه قوة الحروف صالح للتطور باطوار الحروف و الظهور بها و ليس يتطور المداد من حيث انه مداد بطور الالف فيكون صورة مداديته طور الالف فلو كان كذلك لكان غير قابل للتطور بطور الباء كما ان الالف لاتصلح لذلك فالمداد نفسه لايتطور بطور الالف و انما الالف هي ظهوره و فعله و دون رتبته و المداد باق علي مداديته ابدا ظهر بالالفية او لميظهر و له من حيث انه مداد مادة و صورة مادته هي صورة المداد الابهامية من حيث انها كمال المداد المطلق و صورته نفس تلك الصورة من حيث هي هي اذ لايقع اسم المداد العام الا علي صورة عمومه و ابهامه و المادة و الصورة مقترنتان كما عرفت و اما المداد المطلق فهو المداد من حيث هو هو معري عن قيد العموم و الخصوص فالمداد العام الذي هو صورة العموم تحت رتبة المداد المطلق و غيره و دونه و هي نوره و ظهوره احدثها بها لا من شيء كما سيجيئ ان شاء الله تعالي و من اجل ان اسم العموم و الخصوص يقع علي الصور نقول ان ما سوي المطلق صفات و صور و اسماء و ظهورات غير متذوتة و لا مستقلة و الذات المستقلة هي المطلق وحده و لا ذات سواه فتفهم ما اذكره لك فانك لاتجده في كتاب و لاتسمعه من خطاب فلا ذات مستقلة قائمة بنفسها لها الا الذات الاحدية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۸ *»
البسيطة المطلقة عن العموم و الخصوص و الكلية و الجزئية و اما الوجود العام الكلي الذي قد نعبر عنه بالمطلق و نريد به المطلق عن كل شرط غير نفسه فهو ظهور الوجود الاحدي بالعموم و هو بالنسبة الي الذات الاحدية صرف صورة عموم و ظهور بالعمومية و الكلية و الاطلاق و له في نفسه مادة و صورة و نسمي مادته عند تخاطب القوم بوجوده و صورته بماهيته و اما الوجود الخاص الجزئي الذي نعبر عنه بالوجود المقيد لتقيده بشرط سبق الوجود الراجح العام فهو ظهور للوجود الراجح اذ لايتصور نفس الوجود الراجح بصورته و انما هو ظهوره و نوره حدث عنه لا بشيء و لا من شيء فليس مثال قولنا نعوذ بالله ان الله سبحانه مادة مشيته و لا ان مشيته مادة خلقه و انما هذه التوهمات تنشأ عن خلط الاصطلاحين فاذا اخذ الالفاظ باصطلاحهم و فسر كلامنا علي تلك المرادات يجيء الخبط و اذا اخذ الفاظنا علي اصطلاحنا و فسر كلامنا علي مرادنا فلايري الا ما يطابق الكتاب و السنة البتة فلنعنون فصلا آخر لرفع هذه التوهمات .
فصل اعلم انه لا شك ان الجسم المطلق آية الاطلاق الاول فما عرفنا من مقام الجسم و نفوذه و طيه للمظاهر هو منتهي حظنا من معرفة الاطلاق الاول في المعرفة الجسمانية اذا وضعنا عنه ما يخص رتبته و ذلك ان اولي الالباب قد علموا ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا و العبودية جوهرة كنهها الربوبية فنقول لا شك ان الجسم المطلق يطلق علي كل شخص شخص من الاجسام الظاهرة فلنمثل بفردين من الاجسام فليكونا الدر و الماس فلا شك ان الدر جسم علي الحقيقة و الماس جسم علي الحقيقة و لايسع احدا من اولي الالباب ان يقول ان الدر ليس بجسم و الماس ليس بجسم لصدق حده علي كل واحد ثم من الواضحات البينة عند كل احد ان الدر غير الماس و الماس غير الدر فحينئذ تفكرنا في انفسنا ان الدر بما هو در غير الماس بما هو ماس لو كان جسما لما كان الماس بما هو ماس غير الدر بما هو در جسما كما انه ليس الماس درا و كذلك لو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۱۹ *»
كان الماس بما هو ماس غير الدر بما هو در لو كان جسما فعلمنا بداهة ان الدر بما هو در و الماس بما هو ماس ليس بجسم فليس واحد منهما بجسم البتة و الا لكان الدر ماسا و الماس درا لانك تقول الماس جسم و الدر جسم و الجسم معني واحد و كذلك تفكرنا في انفسنا انه هل الدر و الماس كلاهما جسم معا فرأينا انه لو كان كلاهما معا جسما و هما معا اثنان لكان كل واحد نصف الجسم كما ان كل واحد نصف الاثنين بالبداهة و الحال انا نري ان كل واحد جسم بتمامه و يصدق عليه تمام حده بلا شك و بلا ريب و ليس انا نعرف هذه من جهة صدق الالفاظ و ما تعلمنا من آبائنا انهم اطلقوا هذه الالفاظ في هذه المعاني بل نشاهد ان كل واحد تمام الجسم و لذلك نطلق عليه اسم الجسم بل يراه كل طفل و لذلك يطلق عليه الاسم و انما كل واحد نصف الاثنين الذي هو المقدار و ليس كل واحد بنصف الجسم و لذلك انكرنا علي القوم حيث زعموا الجنس و النوع مقسما للانواع و الافراد فقلنا ان المقسم يجب ان يكون كما قابلا للقسمة فاذا قسم كم كان كل قسمة بعض ذلك الكم و لايصدق عليه تمام الكم و ما تري من ان منا من الماء ينقسم و يصدق علي كل قسمة انه ماء هو عين المدعي و الماء لمينقسم و ليس بمقسم البتة و انما هو المن و هو المنقسم و المقسم و كل قسمة من المن ليس بمن البتة فالجسم ليس بمقسم و الا لكان كل قسمة بعض الجسم و الحال انك تري ان كل قسمة جسم تام فما قيل ان اعتبار المقسم في القسيم واجب فان اريد بالمقسم محض اسم للكلي علي اصطلاحهم فلا ضير و ان اريد منه المعني فالكلي ليس بمقسم و انما المنقسم الكم المجموعي فحينئذ المقسم بتمامه ليس بمعتبر في الاقسام بل بعض المقسم معتبر في الاقسام نعم الاسم الذي كان يصدق علي المقسم يجب ان يصدق علي الاقسام ايضا فمن من الماء ماء و كل سير منه ماء و حصة من المن معتبرة في كل سير تفكر في الامور و انظر كيف اشتبهت علي الناس نقيرها و قطميرها فليس مجموع الدر و الماس من حيث انهما اثنان منضمان بجسم اذ لو كان كذلك لكان كل واحد منهما نصف الجسم و الحال ان كل واحد تمام الجسم البتة فأيسنا ان يكون الجسم احدهما او كليهما ثم تفكرنا و رأينا انه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۰ *»
لايصح ان يكون الجسم شخصا غيرهما في عرضهما فيكون الجسم الياقوت مثلا اذ لو كان كذلك و الياقوت غيرهما بتة و لايصدق عليهما اسم الياقوت لكان و لايصدق عليهما الجسم بتة و نحن نري صحة الاطلاق و نلاحظ فيهما الحد علانية فايسنا من ان يكون الجسم احدهما او كليهما او غيرهما مما في عرضهما فقلنا لا بد و ان نصعد من هذه العرصة لعلنا نشاهد حقيقة الجسم فصعدنا عن تلك العرصة بقطع النظر عن خصوصيات الافراد فرأينا ان مقام الجسم هنا و عرصته عرصة ليس فيها شرق و غرب و جنوب و شمال و فوق و تحت و لا رتبة و ليس فيها مكان و لا وقت و لا كيف و لا كم بل هو جوهر معري عن هذه الحدود الخاصة بافراده فرأيناه حينئذ اذ لا جهة له مستويا علي عرش الجهات و الرتب و الامكنة و الاوقات و الكيوف و الكموم و لايشغله شأن عن شأن فرأيناه حين كونه في المشرق يكون في المغرب فان الجهات تحت مقامه و هو بسيط محيط بها و هكذا ساير الحدود كلها عنده سواء و الذي اذا كان طويلا لايكون عريضا هو الموصوف المتخصص بالطول و هو حصة من المجموع فتلك الحصة حين كونها طويلة لاتكون عريضة و الجسم لايتحصص لما بيناه آنفا فهو حين كونه طويلا في الطول بتمامه يكون عريضا في العرض بتمامه و المثل التقريبي المركز في الدايرة فهو بكله متوجه الي جهة المشرق من الدايرة و الي الجنوب و المغرب و الشمال فالشرقي الذي هو غير الغربي هو الحصة من الدايرة و اما المركز فهو شرقي غربي جنوبي شمالي بكله و يواجه كل نقطة من الدايرة و ما اجود ما قاله الشذوري في تائيته :
و محمومة ربعا قلبت مزاجها
الي ضده لما علت زفراتها
بجنية انسية ملكية
هوائية نارية نفحاتها
جنوبية غربية مشرقية
شمالية كل الجهات جهاتها
بالجملة رأينا ان الجسم بما هو جسم عرصته فوق هذه الحدود المكملة نسبته سواء الي كلها و انما التصادم و التمانع في نفس الحدود و لاتمانعه و هو خارج عن عرصتها و رأيناه ظاهرا في كل حد كائنا ما كان بالغا ما بلغ و رأينا تمامه في السماء و النار و الهواء و الماء و التراب و ما تولد منها و رأينا الحدود
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۱ *»
بعد ذلك كلها فعليات ما به الجسم الجسم لان الجسم ليس ببسيط حقيقي و انما هو جوهر له حدود ابهامية اي كم و كيف و جهة و رتبة و وقت و مكان مطلق و هذه الحدود بعض موضوع الجسم و الجسم هي مع جوهر دهري الا انها في نفس الجسم ابهامية اطلاقية مجردة عن كثرات هذه الفعليات و هذه الكثرات كمالاته و ظهوراته و فعلياته علي ما سنبين ان شاء الله و ليس الجسم باجمال هذه التفاصيل فان الاجمال لايصدق علي التفصيل و ليس بغيب هذه الشهادات فان الغيب لايصدق علي الشهادة و ليس بمبدء هذه المنتهيات فان المبدء لايصدق علي المنتهي و ليس بتجرد هذه الكثرات المتلبسة فان المجرد لايصدق علي المتلبس و ليس بمعني هذه الالفاظ فان المعني لايصدق علي اللفظ و ليس بحقيقة هذه الظواهر فان الحقيقة لاتصدق علي الظواهر و ليس بمضاف الي هذه الحدود فان المضاف لايصدق علي المضاف اليه و ليس بكل هذه الكثرات فانه لايتبعض و ليس بعين هذه الكثرات لعدم تكثر فيه و ليس بغير هذه الكثرات لانه يصدق علي الكل و ليس ببعض هذه الكثرات فانه يصدق علي الباقي و ليس باثبات هذه الكثرات لعدم تكثر فيه و ليس بنفي هذه الكثرات لان النفي لايصدق علي الاثبات و ليس باشرف هذه الاخسات فان الاشرف لايصدق علي الاخس و ليس بقوة هذه الفعليات فان القوة لاتصدق علي الفعل و ليس بداخل في الاشياء لان الداخل لايصدق علي المدخول فيه و كذلك ليس بخارج لانه يصدق علي الكل و هكذا ليس بمباين و لا بمقارن و لا ببعيد و لا بقريب لعين ما مر و ليس بصرف هذه المشيبات فان الصرف لايصدق علي المشيب بكله بل هو في ضمن المشيب بالجملة ليس بشيء مما يجري فيه التضايف ابدا ابدا فاين ذهب وحدة الوجود الا الي النار و متي نحن نقول به نعوذ بالله من بوار العقل و قبح الزلل و به نستعين فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر و انصف و اعتبر ان الجسم المطلق لا نسبة له مع هذه الظهورات و هذه الظهورات معه غير ملحوظة و الوجودات الوصفية بقضها و قضيضها معه معدومة صرفة في النظر و اللحاظ فليس حيث هو الا هو بكل اعتبار و هذا آية الوجود الحق فما ظنك بالوجود الحق جل قدسه مع تنزهه عن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۲ *»
جميع الاوصاف الصورية و المعنوية و الحقيقية الزمانية و الدهرية و السرمدية كائنة ما كانت و بالغة ما بلغت فبطل ما كانوا يؤفكون و زهق ما كانوا يفترون و خاب ما كانوا يظنون و تعالي الوجود الحق عن جميع ما كانوا يقولون و الحمد لله رب العالمين بل هذا الوجود الحق بهذا القدس الذي سمعت آية للازل جل شأنه المتعالي عن معرفتنا و تنزيهنا و تقديسنا و بياننا و تسميتنا و تعبيرنا و اشاراتنا و تكنيتنا بادق معارفنا و اوهامنا لانا لانتجاوز مبدأنا و سبحان من هو هكذا و لا هكذا غيره و الحمد لله الذي رقانا في مراقي هذه المعارف و نزه اوهامنا و مشاعرنا عن ان نعتقد فيه تعطيلا او تشبيها او نذهب مذهبا لميعرفنا مسالكه و صلي الله علي الهادي اليه بالحق و سلم تسليما كثيرا كثيرا .
فصل و اريد و لا قوة الا بالله ان اعرفك سر صدق الجسم المطلق علي الاجسام الظاهرة و حق عطاء المطلق ما دونه اسمه و حده و هي مسألة غامضة لميكشف الي الآن لثامها و لميفض ختامها لمتخرج من فلق فم و لمتجر علي شق قلم لميهتد اليها الا الخصيصون و لميعثر عليها الا الربانيون فاعرني لبك و سمعك و بصرك حتي تفوز مع الفائزين اعلم ان الجسم المطلق لما تعالي عن نفي الاوصاف و اثباتها و عن حدود الكلية و الجزئية و صار جسما بالذات و ذات الجسم لميك سواه جسم اذ ما سوي الجسم غير جسم البتة كما ان ما سوي الحرارة برودة و هي غير الحرارة و ما سوي النور ظلمة و هي غير النور و الجسم بالذات كما عرفت بريء عن الامكنة و الاوقات و الرتب و الجهات و الكموم و الكيفيات و الوضع و سائر التعينات الشخصية كملا فهو غير متناه بشيء من هذه النهايات اذ المتناهي بالنهاية هو كما عرفت نفس النهاية اذ الموصوف نفس الصفة و هو فوق النهاية فلايكون متناهيا بنهاية و لا بغير نهاية فانه ايضا نهاية بالمعني الاعم و النفي شيء فاذ صار غير متناه لميك له تخصص بحد و تقيد بتعين فلميشغل حدا فيفرغ منه حد و لميشغل مكانا و زمانا و جهة و رتبة و كما و كيفا فيفرغ منه مكان آخر و زمان و جهة اخري و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۳ *»
رتبة و كم آخر و كيف و الشاغل للمكان اي الممكن عين المكان و الموقت عين الوقت و الموجه عين الجهة و المرتب عين الرتبة و المكمم عين الكم و المكيف عين الكيف و ان اردت ان اعرفك هذا الاصل اقل ان الموصوف لايخلو اما هو فوق عرصة الصفة او فيها او دونها و لا رابع فان قيل انه فوق عرصة الصفة اي في رتبة لايوجد فيها بسائط الصفة التي هي ركبت منها فلايعقل ان يصير مصبوغا بصبغ الصفة فان صبغ الصفة لايوجد فوق بسائط الصفة و ما ليس مصبوغا بصبغ لايكون موصوفا به كما تري ان ما ليس مصبوغا بصفرة ليس باصفر البتة فذات العالي عن عرصة الصفة لاتنصبغ بصبغ الصفة الدنيا البتة فليس ذات العالي موصوفة بالصفة الدنيا مقترنة بها مصبوغة بصبغها و كذلك بعين هذا الدليل لايعقل ان يكون الموصوف تحت عرصة الصفة فان صبغها الذاتي لازم عرصتها و لاينزل الي الدنيا الا بظهورها هذا و الموصوف متبوع و الصفة تابعة قائمة به و لايعقل تقدم التابع غير القائم بنفسه علي المتبوع القائم بنفسه فلا بد و ان يكونا في عرصة واحدة فلايخلو حينئذ من ان يكون غيرها و في رتبتها كزيد و عمرو مثلا او يكون عينها و ليس بينهما منزلة فان كان غيرها لايجوز ان يتصف بها اتصافا حقيقيا و لايكون اولي بالمتبوعية من التابعية البتة فوجب ان يكون الموصوف عين الصفة عيانا و وجودا في الخارج الا ان للصفة جهتين جهة الي المبدء و هي حيث كونها آية للعالي و مثالا له و جهة الي نفسها و هي حيث كونها هي هي و هذا اللحاظ هو ما لاحظه اميرالمؤمنين عليه السلام حيث قال لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و اما اللحاظ الاول فهو ما لاحظه عليه السلام في قوله رجع من الوصف الي الوصف و في قوله انتهي المخلوق الي مثله فالموصوف هو الوصف وجودا في الخارج و غيره من حيث لحاظ الآئية و الانية كما تري من شبح غيرك في المرآة انه هو ظهوره و هو ظاهره لك و الظاهر لك لا غير فالموصوف هو الصفة وجودا و ليس هو هي حيثا و جهة فاذا عرفت هذا الاصل الاصيل عرفت ان المحدود عين الحدود و الممكن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۴ *»
عين المكان و الموقت عين الوقت و الموجه عين الجهة و المرتب عين الرتبة و المكمم عين الكم و المكيف عين الكيف و الموضع عين الوضع و المؤجل عين الاجل و المأذون عين الاذن و المكتوب عين الكتاب فالجسم بالذات المطلق عن القيود ليس مؤينا بأين و الا لخلا منه اين فكان عين ذلك الاين الخاص و ليس موقتا بوقت و الا لخلا منه وقت فكان عين ذلك الوقت و هكذا سائر الحدود و المطلق عن الحدود لايحد بها اذا المحدود بها عينها و هو مقيد بها و المطلق غير المقيد فاذا ليس المطلق مخصوصا مقيدا بقيد حد متناهيا بخصوص نهاية فلايخلو منه مكان و لا زمان و لا جهة و لا رتبة و لا كم و لا كيف و لا حد ابدا فلايتناهي الي عرش و لا كرسي و لا سموات و لا عناصر لا الي محدودها و لا الي حدودها و قد طوي باحديته الاضافية جميع المحدودات و الحدود و نفذ بها في جميع امكنتها الوجودية و لولا ذلك لانحد بحد الاجسام الجزئية اذ غير النافذ في الكرسي فما دونه عرش و غير النافذ في السموات و ما دونها كرسي مثلا و هكذا و الجسم المطلق غير مقيد بقيد عرش و لا كرسي و لا غيرهما فاذا حيث هو ليس الا هو و هو بالنسبة اليها كالاحد في الاعداد حيث لا شيء الا الاحد حيث هو مع انه لا شيء الا العدد حيث هو و لذلك يسعك ان تقول ان العرش جسم و الكرسي جسم و الافلاك جسم و يسعك ان تقول ان الجسم عرش و كرسي و افلاك و عناصر و ما تستغرب من الحمل الثاني فانما هو لاجل ان المتبادر من قولك الجسم جملة الاجسام لمكان الالف و اللام الدالة علي الاستغراق فتستغرب ان يكون جملة الجسم العرش و لكن اذا كان الالف و اللام لمحض التعريف لميك فيه غرابة كما اذا قلت لارينك الجسم ثم اريته الماء لبررت و لذلك طال ما حمل الاعلي الادني علي نفسه و قال انا موسي انا عيسي و قال الا و انا نحن النذر الاولي و نحن نذر كل زمان و اوان و قال انا الآمل و المأمول و انا العابد و المعبود و انا صلوة المؤمنين و صيامهم و في الزيارة ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه ، قل الله خالق كل شيء ، و من هذا الباب ما تحمل الاوصاف علي العالي فتقول زيد قائم و قاعد و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۵ *»
آكل و شارب و غير ذلك و من قدر علي اتخاذ ما يسمع علي الحقيقة فاز بباطن الباطن و الا فلا ، ماادري ما اقول و ماتفهم مما اقول و هل تري شيئا غير ما اقول و لنقبض العنان فان للحيطان آذانا و لنرجع الي ما كنا فيه من التأويل فانه انسب باهل الدليل و اوفق لسالكي السبيل فالجسم المطلق غير متناه البتة و النهايات من محدب العرش الي تخوم الارضين و المتناهي بها انفس تلك النهايات و ليس في عرصة النهايات غير النهايات و هي فعليات الجسم اي هي تمثلات الجسم في الخارج و موضوع له للجسم اي هي كونه مسمي بالجسم علي ما تطلقه علي الاجسام الجزئية و تعرفه و تنطق به و تريد منه و الا فالذي فوقها لا اسم له مما يصح اطلاقه لها فلا اسم له في عرصتها عندها اذ لاتصعد الجزئيات اعلي مداركها و مشاعرها و ليس للعالي عندها ذكر الا من حيث كونها فعلا له فالاسم عندها و لها من حيث كونها فعلية للعالي اي الجسم بها جسم بالفعل و لولا فعلية الجسم لميكن الجسم جسما بالفعل بل كان بالقوة و سأمثل لك مثالا و هو انه لو لميخلق الله سبحانه بحرا و لا قطرا و لا نهرا و لميكن في العالم النهائي من مبدئه الي منتهاه ماء ظاهري لميكن الماء المطلق موجودا بالفعل و انما كان في قوة الاجسام و انما فعلية الماء المطلق و كينونته الفعلية بهذه المياه الظاهرة اي البحر و القطر و النهر و امثال ذلك و ليس كما يزعمه الجاهلون ان الماء المطلق موجود مشخص عن التراب المطلق و ان لميكن في الدنيا ماء ظاهري اذ كينونة الماء المطلق و فعليته و وجوده التمثلي هذه المياه الظاهرة في اجزاء الزمان من اوله الي آخره فلولا هذه التمثلات التي هي الوجودات لميكن له وجود و ما ليس له وجود عدم فالوجود هو الفعل و العدم هو القوة فلولا هذه التمثلات لكان الماء بالقوة و لميكن بالفعل فلميكن موجودا فكان معدوما و انما ذلك لاجل ان التمثلات السنة داعية و قوي قابلة بها يفاض عليها الارواح و الوجودات ان كانت الالسنة ذاتية فهي ماهية تلك الوجودات و انيتها و الماهية نفس الوجود و لولا نفس الوجود لميكن وجود و هذا في الماهية الاطلاقية ظاهرة و اما في الماهيات الشخصية الذاتية فخفية و بيانه ان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۶ *»
الصور الشخصية هي كمال النوع و فعلية قواه و السنة داعية تسأل الله سبحانه نوعا بالفعل و يفاض عليها نوع بالفعل فلولاها لميكن نوع بالفعل فكان نوعا بالقوة لان الشخصيات اذا كسرت صارت بحرا مجموعيا صالحا للامواج و ذلك البحر سائل من الله سبحانه ماءا غير موجود بالوجودات الشخصية بل ماءا موجودا بالوجود البحري المجموعي و اذا فني البحر المجموعي لميبق لسان داع في الخارج فلميوجد ماء في الخارج في عالم الظهورات و اذ لميبق لسان داع ظاهر عام او خاص لميبق اجابة و هي الوجود النوعي المفاض عليها اذ تعين النوع بالنوعية مكتسب معين من تعينات الاشخاص كما ان وجود الاشخاص و تأصلها مكتسب من النوع فاذا عدم تعينات الاشخاص عدم تعينات الارواح ، افهم ما اقول لك و اتقنه فلولا المياه الزمانية في الزمان لميكن ماء مطلق معين دهري و لولا جسد زيد هنا لميكن له روح هناك و لولا لفظ هنا لميكن معني هناك و لولا ايمان زيد هنا لميكن زيد بمؤمن هناك قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا و العبودية جوهرة كنهها الربوبية و ما لمتكن جوهرة لميكن لها كنه فلولا الاجسام الزمانية لميكن جسم مطلق دهري بالفعل و الاجسام الظاهرة كينونة الجسم قال الصادق عليه السلام الظهور تمام البطون و الفعل تمام القوة و ما لميكن كليات الحكمة تامة في ظهورها تامة في بطونها كانت الحكمة ناقصة من الحكيم فما لميكن ابن لك هنا ليس ابن لك في عرصة من العرصات ، الاتري انه لو لميكن اعداد و اشخاص في البيت تقول لا احد في البيت فاذ لميكن اعداد في الدنيا و اشخاص فلا احد في الدنيا و كذلك في الملك و ليس ان روحا يكون معلقا معوقا في الدهر واقفا حتي يوجد هنا جسد بل اذا وجد هنا جسد وجد هناك روح و الا فلا فالجسد فعلية الروح و كينونته و صفاته فعلية صفاته و افعاله فعلية افعاله و لولا هذه الفعليات كان الروح و صفاته و افعاله بالقوة و كذلك حال جميع المطلقات اللهم الا القوابل العرضية فالمقبول موجود و ان لميكن قابل كوجود الشبح و ان لميكن مرآة و لايتمشي ذلك حيث يكون القابل شرط صدور المقبول و وجوده و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۷ *»
يكون هو انوجاده فهذه الاجسام الزمانية قوابل كونية و انوجادات للجسم المطلق و لولا هذه الانوجادات لميكن الايجاد و الموجود بموجود فهذه النهايات شرط كون الجسم جسما و بها يكون الجسم جسما بالفعل فان وجدت وجد الجسم و الا فلا ، نعم اذا وجدت و وجد الجسم كانت مع قطع النظر عن التعينات الابهامية و التعيينية جسما مطلقا و مع النظر اجساما مقيدة مشخصة و ان قلت فعلي ذلك الجسم المطلق كل هذه الاجسام اذ هي انوجادها و بها يكون موجودا قلت لو كان الجسم المطلق كل المقيدات لكان بعض المقيدات بعض الجسم و لكن ان قلت هو بعضها و هو كلها و هو غيرها و اردت من هذا الحمل ما اشرنا اليه آنفا لاامنعك كما قال الا و انا نحن النذر الاولي و هم البعض و نذر كل زمان و اوان و هم الكل فليس هو كلها علي ان بعضها بعضه و ليس هو بعضها علي انها تكرره و ليس هو كلها علي انه جوهر غير سور الكلية و هو صفته و غيره و ليس هو بعضها علي انه شيء موصوف بالبعضية و البعضية غيره و صفته و ليس هو غيرها علي انه مصور بالغيرية بل العرش جسم و الكرسي جسم و كلاهما جسم و الافلاك جسم و كلها جسم و العناصر جسم و كلها جسم فان كان هذا الحمل حقا فالجسم عرش و الجسم كرسي و الجسم كلاهما و الجسم افلاك و الجسم كلها و الجسم عناصر و الجسم كلها و الجسم غيرها لان العرش ليس بكرسي و هما ليسا بافلاك و هي ليست بعناصر و بعضها ليس بكلها و كلها ليس ببعضها آه آه لولا خوف ان تغلط فتضل لكنت اريك نصوصا لا محيص لمسلم عن الاقرار بها و الاخذ بها و لكني ،
اخاف عليك من غيري و مني
و منك و من مكانك و الزمان
فمن قال ان الجسم كل المتناهيات و رأي حيث الجسم جسم تكثرا للمتناهيات و زعم ان فيه ذكرا لها بالكلية بالفعل او بالقوة بالتفصيل او بالاجمال لميفز بما فزت و من عرف الجسم بعدم ملاحظة المتناهيات حيث هو بلا ذكر و لا اشارة عرف ما عرفت فحيث كان الجسم جسما بالذات لا جسما بالصفة و المتناهيات اجساما بالصفة كان كنهه تفريقا بينه و بينها و غيوره تحديد لها و ما يجب فيه يمتنع فيها و ما يجوز فيها يمتنع فيه و كيف لاتمتنع هي حيث هو و هو ذات و الصفة مفهومها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۸ *»
غير مفهوم الذات و الذات كيف لاتكون بنافذة في الصفة و هي غير متناهية و لو لمتكن نافذة لكانت صفة متناهية و جسما بالصفة فالجسم بالذات ما لا جسم سواها ابدا ابدا و ان قلت فما اصنع بهذه الكثرات المشهودة التي لاتنكر و نفي كثرتها خلاف البديهة قلت الكثرة ليست بوحدة هي بعض الكثرة و لا شك ان الكل غير الجزء و لست اقول ان العشرة واحد هو عشر العشرة بل اقول ان العشرة و التسعة الي الواحد كلها و بعضها احد و لذلك اذا قلت رأيت احدا يحتمل الكل و اذا قلت مارأيت احدا ينتفي الكل فان قلت رأيت جسما يحتمل الكل و ان قلت مارأيت جسما ينتفي الكل و الابعاض و الكل كلها ينطوي في الاحد و العشرة تكرر الواحد لا الاحد بل هي احد بكثرتها و التسعة احد بنقصانها و كذا الي الواحد بلا تفاوت في الصدق و الاحد طوي الكثرة و الوحدة و ليس بكثرة و لا وحدة لا اثباتها و لا نفيها بل هو بسيط عن عينيتها و غيريتها و ليس الاحد بصرف و الكثرات شوبه بغيره و ليس الاحد بمتنزل في المراتب يلحقه لوازمها و ليس الكثرات من سنخ الاحد و جنسه و ليس الكثرات من شؤن الاحد و ليس الاحد بجنس الكثرات يلحقه فصول و ليس الاحد بنوع الكثرات يلحقه شخصيات فان كل ذلك معناه ان غيره شيء ينضم به و يلحقه و ليس هناك اعيان ثابتة غير مخلوقة و لا موجودة يفاض عليها وجود و ليس هناك قوابل اذا هيأ اسباب غير معروفة افيض عليها انوار الوجود و خلع عليها لباسه كما زعموا ان المرآة اذا صقلت افيض عليها شبح الشاخص و قام بها قيام ظهور نعوذ بالله اذ كل ذلك يستلزم وجود قدماء ثابتة شركاء لله سبحانه و تعالي عن ذلك علوا كبيرا فضلت الاوهام و تاهت الاحلام و اشركوا بالله من حيث لايعلمون فمن حاد عما ذكرت و كررت و اوضحت و بينت و ابلغت الحد في معرفة الاحد جل شأنه و تاه تيها بعيدا اني و الاحد وجود بالذات و ما سوي الوجود بالذات امتناع بحت بات ، في الدعاء وجوده قبل القبل في ازل الآزال و بقاؤه بعد البعد من غير انتقال و لا زوال ، و حاصل الفصل ان في عالم الاجسام الذي مبدؤه محدب العرش و منتهاه تخوم الارض ليس شيء غير الجسم و ما تري من ان الحمرة مثلا غير الجسم فانما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۹ *»
ذلك لاجل ان الجسم مركب من مادة و صورة و المركب غير الصورة وحدها و غير المادة وحدها و اما المركبات فليست بشيء غير الجسم و لايطلق لفظ الجسم و لايصدق الا عليها و الجوهر القابل للابعاد هو هي مع قطع النظر عن الخصوصيات فلو نظرت الي اي فرد من افراد الجسم من حيث جوهريته مع قطع النظر عن خصوصيته رأيته جوهرا قابلا للابعاد عيانا و ليس مرادي بالقابل ما ليس فيه الابعاد بالفعل بل محض تصور الجوهر بالقبول سواء كان المقبول تعيينا او ابهاما مطلقا او مقيدا فالجوهر القابل جسم و كل ما تري كذلك جوهر قابل و لا جوهر قابل الا هي فلاجل ذلك يطلق اسم الجسم علي جميع الاجسام و الاجسام مصاديقه و حقائقه و الموضوع لها و هي كون المطلق مسمي و بها يسمي و لولاها لماتسمي و لميكن له اسم بل لميكن كما عرفت و اما الجسم المبهم الصالح لان يتصور بصور الشخصيات فذلك الجسم العام و المطلق بالمعني الثاني و الامكان و النوع مع ملاحظة النوعية و ذلك لايعطي ما دونه اسمه بكله بل يعطي جزء ما دونه اسمه كما بينا ان الخشب المبهم جزء السرير لا كل السرير و لا صورة السرير و انما هو جزء السرير بظهوره و هذا معني قولهم الكلي ما يكون جزءا للجزئي و ذلك يتمشي في الجسم المقيد بقيد الابهام و نفي الشخصيات فذلك الذي لايصدق علي الجزئي بل ذلك ايضا ليس بجزء للجزئي و انما جزء الجزئي ظهوره و المبهم العام لايتحصص بنفسه كما كررنا و انما نكرر هذه المطالب لعدم ناطق بها ناصر لها فاستنصر التكرار لعل كل كلمة يصير لي ناصرا و يعينني علي اظهار الحق و كفي بالله نصيرا و هو نعم المولي و نعم النصير يفعل ما يشاء بما يشاء كيف يشاء .
فصل اعلم ان اول ما تجلي به الاحد الذي لا اسم له و لا حد و لا رسم و لا وصف و لا عبارة و لا اشارة هو الكينونة المعبر عنها بالوجود الحق الذي هو غاية الغايات و نهاية النهايات و هو غاية معرفة المخلوق بالله سبحانه لايتجاوزه شيء ابدا ابدا و جميع ما نقول او قلناه او قاله القائلون او يقولون لايتجاوزه و لايصل اليه ايضا الا اول التجليات و مبدؤ الظهورات لله سبحانه الذي قال كنا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۰ *»
بكينونته قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين موجودين ازليين و هو الاصل القديم و الازلية الاولية و هذا الاصل هو الاول و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شيء عليم فهو قد تجلي بالوجود المطلق المبهم الذي هو النفس الرحماني الاولي المصوغ منه كل كلمة و كلام و كتاب و هو الامكان الراجح المطلق الصالح لان يصاغ منه كل كائن و الماء الذي منه كل شيء حي علي احد المعاني و هو ظهور الاحد الحق بالواحدية الصالح لان يصاغ من تكسراته و تكرراته في ظهوراته الكسور و الاعداد و هو الواحد النوعي لا الشخصي و هو ابسط ما يمكن في الامكان و هو المشية المخلوقة بنفسها المخلوق كل شيء بها ثم تجلي الله سبحانه بها بالاطلاق المفعولي المشار اليه بقوله سبحانه و كان امر الله مفعولا و هو الوجود المقيد و الماء النازل من سحاب المشية الي الارض الجرز اي القوابل و هو المطلق النسبي و الحقيقة المحمدية و هذا الوجود له من مبدئه الي منتهاه مراتب ثمان اعليها الفؤاد و ادنيها الجسم و هو مطلق في جميع هذه المراتب اي فؤاده فؤاد مطلق و عقله عقل مطلق و روحه روح مطلق و نفسه نفس مطلقة و طبعه طبع مطلق و مادته مادة مطلقة و مثاله مثال مطلق و جسمه جسم مطلق فهو بكله مطلق اي مطلق مفعولي نسبي و هذا المجموع هو الشخص الاول الذي خلقه الله قبل كل شيء و هو الفاتح الخاتم و الاول الآخر ثم كما تري من تفصل الجسم المطلق الي عرش و كرسي و افلاك و عناصر قد تفصل جميع تلك المقامات الاخر الا ان تفصل الجسم اشد تميزا و تفصل ساير المقامات اقل تميزا كل بحسبه حتي ان تميز تفاصيل العقل الكلي علي نهج الكلية لا الشخصية و تميز تفاصيل الفؤاد الكلي علي نهج الحقيقة فلا تفصيل و لا تمييز اذ ما فقد في العبودية وجد في الربوبية و ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية فالتفصيل الاول الكلي بالبسايط التي غايتها اربعةعشر الثلثعشرة كرة و المجموع الجامع و هو غاية تفصل المطلق في كل مقام فاولها العرش مثلا له فؤاد و هو من تفصيل الفؤاد المطلق و عقل و هو من تفصيل العقل المطلق و روح و هو من تفصيل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۱ *»
الروح المطلق و هكذا الي انه جسم و هو من تفصيل الجسم المطلق فهذه الكرات المحسوسة لكل واحدة المراتب الثمانية علي ما عرفت و الخزائن المطلقة للجسم المطلق مطلقة نسبية لا تعين لها بالكلية و الجزئية و خزائن التفاصيل الكلية كلية صالحة للتحصص غير متعينة بالفعل علي طبق ما تري في هذا العالم و هذه التفاصيل الكلية حصص للمجموع الكلي و فيه ابهام كلي بالنسبة الي التفاصيل و صلوح للتحصص الحقيقي فللمجموع الكلي ايضا خزائن علي ما عرفت كل واحدة منها صالح للتحصص الحقيقي بتلك التفاصيل في كل عالم بحسبه فهذه الكليات الاربععشرة ظهورات للمطلق و آثار صدرت عنه اذ لميرد الحصص علي المطلق نفسه لصدق تمام اسمه علي تمام كل حصة حقيقة و مشاهدته في كل واحدة علانية و اما الكلي المجموعي فلايصدق تمامه علي تمام كل واحدة من الحصص بل كل واحدة حصة منه مع صورة خاصة و هذا هو الفرق بين الكلي و المطلق ثم هذه الحصص الكلية الثلثعشرة تتجزي بتجزيات جزئية و يحصل منها المواليد فيؤخذ لكل مولود حصة حقيقة من كل كرة و تتركب فيتولد من المجموع المركب مولود فان كان المولود تاما كاملا يفرز له ايضا حصص من الخزائن الكلية المبهمة الغيبية فيفرز له حصة من عرش الفؤاد الكلي فيكون فؤاد قلبه و من عرش العقل الكلي فيكون عقله و من عرش الروح الكلي فيكون روحه و هكذا الي ان يؤخذ له حصة من العرش الجسماني الكلي فيكون جسم قلبه ثم هكذا يؤخذ من الكرسي لصدره و من كل كرة لما يؤخذ له و يفرز لكل واحدة من خزائنها حصة فيحصل لكل مولود ثلثعشرة حصة من اجسام الكليات و من غيوبها واحدة و تسعون حصة و المجموع مائة و اربع حصص فاذا تركب حصل له في كل مرتبة ايضا حالة مجموعية خاصة و هي حصة مبهمة نسبية من الكلي الجامع فيحصل له مائة و اثناعشر مقاما البتة فاذا كان المولود تاما صدق عليه تلك الاسماء بالفعل و لما كانت هذه الحصص اسماء المطلقات و ظهوراتها صار جامعا لاسماء المطلقات يصدر عنه افعالها بالكلية مؤثرا بالفعل بجميع تأثيراتها و تعلق به جميع المطلقات الثمانية فجمع حينئذ مائة و عشرين مقاما فاذا اجتمع فيه هذه المقامات
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۲ *»
ظهر عليه حقيقة الوجود المطلق الامري و صار موجودا بالمشية يقول للشيء كن فيكون علي سبيل الاطلاق فاذا سار في شؤن الامر ظهر عليه سر الكينونة و صار كائنا بها فاذا بلغ هذا المبلغ يفعل الله سبحانه به ما يشاء و يحكم به ما يريد و لا كلام ازيد من ذلك في هذا المقام و اعلم ان الظاهر العالي بسيط في كل مقام بحسبه و المظهر الداني ان كان له تخصص يتخصص ظهور العالي فيه فاذا فارق الاضداد و التخصصات و التعينات و صفا و اعتدل صار صالحا لان يظهر فيه العالي و ان كان جزئيا مثل ما يظهر به للكلي المجموع فيصدر عن ذلك المولود و ان كان شخصا ما يصدر عن كل العالم و يظهر عليه العالي بكله اذ لا كل له فيحكي جميع اسمائه و صفاته و يصدر عنه جميع افعاله الا ان الفرق بينه و بين العالم الكلي ان العالم الكلي ظاهر بجميع الشؤن في آن واحد و هو بجسمه يصدر عنه جميع الافعال الجسمانية العالمية بالتدرج لانه جزئي ففي الزمان يظهر منه بالتدرج الزماني و في الدهر بالتدرج الدهري و في السرمد بالتدرج السرمدي و لا تدرج فيه و في الكينونة و ما ورائها لانه في كل مقام علي حسبه فهو شخص في مقامات فيها تفاصيل مميزة و يضمحل شخصيته في مقامات لا تميزات فيها فيدخل فيها في طمطام يم الواحدية و لجة بحر الاحدية النسبية او غير النسبية فيكون بها هو الظاهر في التفاصيل الكلية ايضا و الفاعل بها لان الاحد لايتجزي و لميصر الجزئي كليا و لا المقيد مطلقا و لا العبد ربا و الاحد احد حيث ظهر و الاحد الظاهر في شيء هو الظاهر في غيره اذا ظهر فيه و المولود اذا بلغ هذا المبلغ صار اشرف و اعلي من ابويه اللذين هما العلويات و السفليات لانهما لميعتدلا مثله و لميتشاكلا و لميمتزجا و لميتحدا و لميتصفيا مثله و قد شمله العناية الخاصة فسبقهما في الاجابة و صار اقرب الي المبدء منهما فحكي منه ما لميحكيا مع كبرهما و كليتهما ماادري اتفهم ما اقول ام لا فان تفهم فاحمد الله و الا فاسئله ان يعد لك و قل ،
قد يطرب القمري اسماعنا
و نحن لانعرف الحانه
فهذا المولود هو ناموس العصر و مرجع الامر و جاه الدهر و اما ساير المواليد الغير
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۳ *»
التامة فيكون بعض هذه المراتب فيه بالفعل و بعضها بالقوة علي حسب مقامه و حده و لسنا الآن بصدد بيانها .
فصل في مسئلة غامضة دقيقة انيقة و هو ان الذي يظهر من الاخبار و يساعده صحيح الاعتبار ان المطلقات علي ما وصفنا و شرحنا هي مقامات التجلي الاعظم و الظهور الاول الاكرم اذ هي اول صادر عن المشية كما عرفت و له مراتب من الفؤاد الي الجسم كما اوضحت و بعضها شرط بعض و هي من تمام كون الاثر اثرا و هذا الموجود المطلق هو الامر المفعولي الذي هو اثر الامر الفعلي و هو بالنسبة اليه كالضرب بالنسبة الي ضرب و الدلالة بالنسبة الي الكلمة كما هو معلوم و هذا الموجود قد كان قبل ان تكون سماؤ مبنية و ارض مدحية بل عرش و كرسي و قبل ان يخلق الله وجود شيء من الاشياء ثم خلق من شعاعه البسائط و الكليات من العرش و الكرسي و السموات و الارضين و هي كلها افعاله و صفاته و انواره و فضائله قائمة به قيام صدور في كل مرتبة من المراتب الثمان فالبسائط الفؤادية آثار فؤاده و هي كلها افئدة و البسائط العقلية آثار عقله و هي كلها عقول و البسائط الروحية آثار روحه و هكذا الي ان البسائط الجسمانية آثار جسمه و هي كلها اجسام يعطي كل رتبة منه ما دونه اسمه و حده و لكل من انواع هذه البسائط مواليد فالمواليد العقلية هي مقام الاربعةعشر سلام الله عليهم اجمعين اي لمتصر في احد بالفعل الا في آلمحمد عليهم السلام و فيه صلي الله عليه و آله و في هذا المقام لغاية الاجمال و الكلية يكون المواليد عين الكليات و لمتبلغ كثرتها ازيد من اربعةعشر و لميكن روح القدس بكله مع احد الا معهم عليهم السلام و المواليد الروحية هي مقام الانبياء و صارت فيهم بالفعل و المواليد النفسية هي مقام الاناسي و صارت فيهم بالفعل و المواليد الطبعية هي مقام الجن و صارت فيهم بالفعل و المواليد المادية صارت في الملئكة بالفعل و المثالية في الحيوانات و الجسمية الفلكية في النباتات و الجسدية العنصرية في الجمادات فكل مولود تكون في هذا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۴ *»
العالم و صفي و لطف حتي صار فيه احد هذه المقامات بالفعل صار يسمي باسم ذلك المقام كما بينا و شرحنا و لايظهر فيه مقام اعلي حتي يستكمل المقامات الدنيا و حقيقة كل طبقة و تمامه و كله هو ما يخصه و ما يلحقه من المقامات الدنيا هو له عرضي يزول اذا عاد الي اصله في القوس الصعودية و ترك كل عارض في حده و لايصعد و لكل منا مقام معلوم كما بدأكم تعودون فاذا لمحمد و آله عليهم السلام مقامان مقام في عرصة الاطلاقات كما عرفت و هو مقام جمعيتهم و مقام في عرصة العقول و هو مقام قطبيتهم لعالم التقييد فان العقل وسط الكل و هو القلب و هو مقام تفرقهم فهم في هذا المقام اول ما خلق و هو قول العسكري عليه السلام ان روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة و ما تضافر في الاخبار من ان اول ما خلق الله العقل و القلم و الماء و النور و الروح و غيرها و اما الانبياء الذين حقايقهم مواليد بسائط الروح الكلي فهم اشعة روح النبي صلي الله عليه و آله الذي هو الروح الكلي لان المقيد شعاع المطلق و فعله و اثره و فيهم مثال من العقل الكلي و هو عقلهم و هو شعاع العقل الكلي و ليس لهم في نفس العقل الكلي نصيب فعقلهم شعاع عقل الكل و حقيقتهم اي وجودهم و طينتهم شعاع روح الكل و اما الاناسي فحقيقتهم و وجودهم النفوس الناطقة الجزئية التي هي مواليد بسائط النفس الكلية و ابعاضها و لهم امثلة من ارواح الانبياء و حقايقهم هي ارواحهم و لهم امثلة من عقول الانبياء هي عقولهم و ليس لهم حظ في نفس عقول الانبياء و ارواحهم فضلا عن عقل النبي فالعقل الذاتي عقل النبي و عقل الانبياء وصفي و عقل الاناسي وصف الوصف و روح الانبياء وصفي بالنسبة الي روح الكل و ذاتي بالنسبة الي ارواح المؤمنين و ارواح المؤمنين وصفية ثم كذلك الجن حقيقتهم من جزئيات الطبائع و مواليد بسائط الطبيعة الكلية و لهم نفس من ظل نفوس المؤمنين و شعاعها و روح من ظل ارواحهم و عقل من ظل عقولهم و سائر القول كما مر و الملئكة حقائقهم من ذرات المواد و اهبيتها و لهم طبائع من ظل طبايع الجن و نفوس و ارواح و عقول من ظل ما لهم و شعاعه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۵ *»
و الحيوانات حقائقها من جزئيات عالم المثال و مواليد بسائط المثال الكلي و لها مواد و طبائع و نفوس و ارواح و عقول من ظل ما للملئكة و النباتات حقائقها من الاجرام الفلكية و لها امثلة و مواد و طبائع و نفوس و ارواح و عقول ظلية شعاعية لما للحيوانات و الجمادات حقائقها من جزئيات البسائط العنصرية و لها فلكية و مثالية و مادية و طبيعية و نفسانية و روحانية و عقلانية ظلية شعاعية مما في الافلاك و النباتات فكما ان الروح الكلي ليس شعاعا للعقل الكلي و النفس الكلية ليست شعاعا للروح الكلي و هكذا ليس كل واحد من جزئيات هذه المراتب من شعاع جزئيات المراتب العالية فليس بدن زيد في هذه الدنيا الجمادية شعاع نبات معين فلكي لكن في بدن زيد الجمادي شعاع من نبات معين فنباتية بدن زيد نبات ظلي شعاعي و ذلك تشريعي كوني اي من شرع الكون و في التكوين كل جزئي مقيد شعاع لمطلقه فاذا كان مطلقه شعاع مطلق اعلي كان هذا الجزئي شعاع شعاع الاعلي و اذا كان تنزل الاعلي كان شعاع تنزل الاعلي فلما كان النفس تنزل العقل كان افعال النفس شعاع النفس التي هي تنزل العقل و ليس تلك الافعال شعاع افعال العقل في عالمه ، نعم ما في النفس من ظل العقل الجزئي شعاع العقل الجزئي و ما يصدر من ذلك المثال من الافعال هو شعاع شعاع العقل الجزئي فلايشتبهن عليك الامور و هذه الاثرية و المؤثرية التي ذكرناها هي كونية علي ما سمعت و هنا اثرية و مؤثرية تشريعية و فيها يفترق سلسلة النور عن سلسلة الظلمة و لنعنون له فصلا آخر .
فصل اعلم ان السلسلة الطولية النورانية و الظلمانية التي قد تداولتها اصحابنا و خصوا بذكرها هي مسئلة غامضة قد ذكرها مشايخنا اجمالا و اخذها اصحابنا عنهم اعلي الله مقامهم اجمالا و عليها مدار اكثر مسائلنا و مبني اكثر مسائل الفضائل و نحن بحول الله و قوته قد وضعنا لها رسالة خاصة قد فصلنا القول فيها و هي كافية في المقصود الا انا نريد ان شاء الله ان نذكر في هذه الرسالة بعض ما شذ عنها و ندر و لعلها لاتعرف الا باستعانة ما نذكره هنا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۶ *»
فاقول علي نحو الاختصار ان للاشياء اربعة وجودات وجودان تكوينيان و وجودان تشريعيان فالوجود التكويني الاول هو صرف كينونة الشيء من حيث انها كمال الازل جل شأنه و ظهوره و نوره و هي المشار اليها بقوله لايري فيها نور الا نورك و لايسمع فيها صوت الا صوتك و المشار اليها في قوله عليه السلام أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك الدعاء ، و في قوله عليه السلام مارأيت شيئا الا و رأيت الله قبله فهي في هذا اللحاظ كينونة الله الظاهرة ليس فيها تعدد و اختلاف اذ ما لميلحظ الشيء مكشوف السبحات مهتوك الاستار لميكن ظهوره سبحانه و صفته و نوره و ثنائه و بهائه فاذا كشفت الاستار و ازيلت الاغيار لميبق فيها تعدد و اختلاف بل ينجذب جميع الكثرات بالاحدية المطلقة فلميبق الا نور احدي و وجود دائم ازلي و اما التشريعي الاولي فهو وجود الشيء و كينونته اذا قيس بغيره كوجود المفعول عند الفاعل و المعلول عند العلة و المسبب عند السبب و المدلول عند الدليل و الداني عند العالي و الشهادة عند الغيب فهذا الوجود وجود وصفي غير الوجود الاول اذ هو الذاتي و هذا الوجود وصف قد طرء علي الوجود الكوني من عكس الغير و ان كان هذا الوصف ايضا موجودا بالكينونة الاولي ، مثلا لنور الشمس كينونة من حيث انه ظهور الله سبحانه و نوره و هو في هذا اللحاظ لا فرق بينه و بين الشمس و كلاهما منحلان ذائبان في بحر الاحدية لا ترتب بينهما و له وجود بالنسبة الي الشمس و صدوره منها فهو بهذا اللحاظ اثر للشمس تابع لها لا باللحاظ الاول فاللحاظ الاول كينونة ثابتة ازلية و اللحاظ الثاني وصف عارض عليها توصف به فالكينونة الاولي ممكنة و امكانها في اللحاظ الثاني و حادثة حدوثها في اللحاظ الثاني دون الاول ، افهم ذلك فانه مشكل كما انا نقول ان اللوح المحفوظ له ثلثة اوراق فالورق الاول مستحيل المحو لانه علم الله مع انه ممكن لكن امكانه في الورق الثاني و وقوع المحو في الورق الثالث فاذا امكن في الثاني و محي في الثالث كان الامكان و المحو معا في الاول ، مثال ذلك علي وجه اوضح
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۷ *»
الماء المطلق و البحر و الجمد فان الماء المطلق لايجري عليه الكسر و الجبر و لكن يمكن و امكانه في البحر و وقوع الكسر و الجبر في الجمد ليس الوقوع في البحر و لا الامكان في الماء اذ هو المتعالي عنهما مع ان الامكان و الوقوع في الماء و البحر ظهور منه كالجمد و ان كان بواسطة البحر و كالاثنين و الواحد فانه لا فرق بينهما في الاحدية اذا لوحظا بلحاظ الاحدية فان كليهما احد و لكن الاثنين ضعف الواحد و الواحد نصفه و الضعفية و النصفية من الاحد و ضعفية الاثنين و نصفية الواحد وصف لكينونتهما الاولية التي بذلك اللحاظ تقول لهما احد و لذلك امثال كثيرة بل كلما في العالم مثاله فالوجود النسبي للاشياء وجود شرعي و هو وجود وصفي ، به يكون الحادث حادثا و المعلول معلولا و المفعول مفعولا فالفاعل هو محدث وصف المفعولية في المفعول و ذلك الوصف هو الكون المقيد العارض علي الوجود الراجح بل الوجود الراجح هو الوصف العارض بنفسه علي تلك الكينونة ايضا ، الاتري ان الفاخور هو محدث وصف الكوزية و الفخارية علي الطين و كذلك كل صانع هو محدث وصف المصنوعية في مصنوعه و تلك المصنوعية هي اثره فالمصنوع لا من شيء هو الكينونة الاولي التي هي الازلية الاولية لكن امكانه في الرجحان و حدوثه في الجائز و لما كانا من كمالها و تمامها قيل انها مخلوقة لا من شيء و هي من حيث انها لا من شيء كينونة الكائن لا من شيء المشار اليها بقوله لا من شيء كان و لا من شيء كون ما قد كان ، افهم ذلك فان فهمه عسير كما ان الاحد نصف و ثلث و ربع اذ بنفي الاحد ينفي كل نصف و ثلث و ربع و لكن نصفيته في نسبة الواحد و الاثنين و ثلثيته في نسبة الواحد و الثلثة و ربعيته في نسبة الواحد و الاربعة فالكينونة الاولي مخلوقة بنفسها في نسبة الوجود الراجح الي نفسه و مخلوقة بالغير في نسبة الوجود المقيد مع الوجود الراجح و الكل تلك الكينونة لا غير لا نور الا نورها و لا ظهور الا ظهورها قد عمت الطرفين و النسبة بينهما ، بالجملة هذا الوجود النسبي الوصفي بالنسبة الي الحقيقة هو الوجود التشريعي و هو الشرع في الوجود و فيه امر و نهي و هي بمشيتك دون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۸ *»
قولك مؤتمرة و بارادتك دون نهيك منزجرة و اما الوجود التكويني الثانوي فهو الوجودات المقيدة من حيث انها هي هي شيء كائن ثابت كوجود زيد من حيث انه زيد و عمرو من حيث انه عمرو و هكذا فهي من هذا الحيث ايضا واحد وحدة نوعية لا حقيقية و اليه الاشارة بقوله سبحانه كان الناس امة واحدة فانهم بهذا اللحاظ خلق مثلث الكيان مربع الكيفية و ان كانوا مختلفين في الشخصية فهم في هذا الوجود متعينون كونا و لكن غير متزيلين و لا متميزين شرعا ليس فيهم حسن و لا قبيح و لا سعيد و لا شقي و لا مؤمن و لا كافر و لا ممدوح و لا مذموم و لا عالم و لا جاهل و لا تابع و لا متبوع و لا رب و لا عبد و لا غير ذلك من الصفات الحادثة بميزان الشرع المميز بين الاكوان و كذلك خلقوا في عالم الذر اولا و جعل فيهم ما اذا سألهم اجابوا و هو الشعور و القدرة و القوة و الاختيار و الآلات و الصحة و امثال ذلك فكان زيد زيدا بمادته و صورته المميزة اياه عن عمرو و عمرو عمرا بمادته و صورته المميزة اياه عن زيد و هكذا ثم كلفوا لحصول الوجود الثاني فيهم و هذا الوجود الاول بالنسبة الي الوجود الثاني هنا كالوجود الاول بالنسبة الي الوجود الثاني هناك فالوجود الاول هنا امكان للوجودات الثانية و وقوعه الوجود الثاني الذي هو بمنزلة الكون للوجود الاول الذي هو الامكان ، فزيد في الوجود الاول زيد يمكن ان يكون شقيا و ان يكون سعيدا و وقوعهما بعد وجود الشرع و حصول الميزان فاما شقي بعد و اما سعيد فيتميز بالتمييز الشرعي فالوجود الشرعي في هذه المرتبة ايضا وجود وصفي عارضي علي الوجود الكوني و الوجود الكوني ذاتي بالنسبة اليه فاذا تحقق الوجودات الكونية قامت السفراء و دعوا العباد الي الله سبحانه كما دعت الفواعل في العالم الاول مفاعيلها و امروهم و نهوهم بالاوامر الكونية فامروا العباد بمحاب الله و نهوهم عن مكاره الله و صدرت عنهم انوار حواملها الاوامر و النواهي فمن قبل تلك الانوار استنار و من لميقبل استظلم فصار النور الصادر مادة و القبول و عدمه صورة و منهما حصل وجود وصفي عرض علي ذلك الكائن و هذا الموجود الوصفي هو شخص وصف المؤمن و الكافر و السعيد و الشقي و الحسن و القبيح
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۳۹ *»
و غير ذلك يلبسه زيد و عمرو و بكر و غيرهم فيتصف به و يسمي به و في هذه العرصة الثواب و العقاب و الجنة و النار و عليون و سجين و غير ذلك من الاضداد و ما لمتفرق بين هذه الوجودات لمتفز بحقيقة هذه المطالب و قد فصلناها في رسالة موضوعة في هذه المسئلة فان شئت فاطلبها و ان عرفت ان المؤمن و الكافر و النور و الظلمة و السعيد و الشقي في الوجود التشريعي الثانوي لا غير عرفت ان السلسلة الطولية النورية و السلسلة الطولية الظلمانية في هذه المرتبة كما حققناه في تلك الرسالة الاتري انك تقول مؤمنوا الانس من شعاع الانبياء و كفارهم من ظلال الاشقياء و سحرة آل فرعون اصبحوا كفارا و امسوا مؤمنين و شعاع شيء لايجوز ان ينعزل عنه و يصير شعاع غيره فهم كانوا صباحا من ظل فرعون و مساءا من ظل موسي عليه السلام و لميكونوا من ظل فرعون الا لاجل كفرهم و لا من شعاع موسي الا لاجل ايمانهم فالمؤمن له وجود و ماهية وجوده من شعاع الداعي الي الحق و ماهيته قبوله للحق و شعاع دعوة موسي عليه السلام كان منتشرا و منه وجود من آمن به و لما توجهوا اليه و قبلوا استناروا بنوره فالنور المنصبغ في بطونهم هو المؤمن الخاص و هو من شعاع موسي عليه السلام علي حسب قابلية القابل و منها ضعف التشيع و قوته و كمال الايمان و ضعفه و من لميقبل فقد ادبر و انكر عليه و قبل ضده و خلافه مما كان ينبث من فرعون لعنه الله من الانكار علي موسي فانطبع في مرآة قابليته انكاره فصار منكرا و كفره فصار كافرا علي حسب قابليته فالكافر هو ظل فرعون علي حسب قابلية القابل فلاجل ذلك تقول مؤمنوا الانس من اشعة الانبياء و كفارهم من اشعة رؤساء المنافقين و لاتقول زيد من شعاع الانبياء نعم ان الخشب من حيث انه خشب ليس فيه سعادة و لا شقاوة و لكن اذا البس صورة الضريح احالت الصورة المادة فصارت المادة ايضا نورانية و ان كان نورانيتها في بطن الصورة و اذا البس صورة الصنم صار ظلمانيا و ان كانت ظلمانيته في بطن صورة الصنم و كذلك زيد الكوني لما كان امكان المؤمن و الكافر لما آمن كون بكون الايمان فاحال ايمانه مادته اي امكانه فجعله نورانيا و نورانيته في بطن صورة الايمان فاذا آمن صعد الي السموات العلي و دخل جنة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۰ *»
المأوي بزيديته و اذا كفر نزل الي الارضين السفلي و دخل جهنم بزيديته و مادته و صورته ، افهم ما اقول لك فانه دقيق و اما اكوان الاناسي فقد علمت ان ظواهرهم كلها من ماء و طين واحد نوعا و ليس فيها نور و ظلمة و حكم البعض حكم الكل و اما بواطنهم فقد مر في الفصل السابق انهم من مواليد بسائط الانفس جميعهم و المواليد من شعاع النفس الكلية الالهية جميعهم سواء كفروا او آمنوا ، هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه ، فكلهم من شعاع النفس الكلية الالهية و تمامها و كمالها و النفس الكلية هي غصن من اغصان المشية قد تعلق بخلق الاناسي كما ان الروح الكلي غصن من اغصانها قد تعلق بخلق الانبياء و العقل الكلي غصن من اغصانها قد تعلق بخلق المعصومين عليهم السلام بالجملة هو الذي خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن ، افهم ذلك و اتقنه فلما خلق الله بالنفس الكلية بسائط عالمها سمواتها و ارضها و خلق من قبضاتها مواليدها و احضرهم في عرصتها و هي عرصة عالم الذر كلفهم بواسطة دعاة الحق فمن آمن صعد الي سموات تلك العالم و فتحت لهم ابوابها و صاروا من نور مدخلهم نور و مخرجهم نور و من كفر هبط الي الارضين و لاتفتح لهم ابواب السماء و فتحت لهم ابواب الارضين و دخلوها فصاروا من ظلمة و مدخلهم من ظلمة و مخرجهم من ظلمة فتفرقوا الي عليين و سجين و نور و ظلمة فصار المؤمنون شعاع دعاة الحق بالحق و الكافرون ظل دعاة الباطل بالحق ، فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان هاتين السلسلتين في الوجود الشرعي و لو كان اصل الاكوان من اشعة المنافقين لامتنع عليهم الايمان و كانت دعوتهم الي الحق لغوا و لا عتب عليهم اذ لميؤمنوا و في ذلك تكذيب الكتاب و السنة و الانبياء البتة ، ففي الكون خلق الله الحجج اولا و من شعاعهم الانبياء و من شعاعهم الاناسي و من شعاعهم الجن و من شعاعهم الحيوانات و من شعاعها النباتات و من شعاعها الجمادات و لا خبث و لا طيب و في الشرع كل مؤمن دان شعاع مؤمن عال كما بينا و شرحنا فخذه اصلا من اصول هذا العلم و فرع عليه الفروع ان شاء الله .
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۱ *»
فصل اعلم ان من الاصول التي يفتح منها ابواب من العلم ان محمدا و آلمحمد عليهم السلام اول ما خلق الله حقيقة ثم جميع الخلق من شعاع انوارهم و من اتقن ذلك ينفتح عليه ابواب من علم الفضائل اعلم انه بعد ما ثبت نبوة نبينا صلي الله عليه و آله و امامة الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين و صدق كون الكتاب من عند الله سبحانه يلزم المكلف الاقرار بانهم اول ما خلق الله تعالي اما الكتاب فيشهد بذلك حيث يقول قل اني امرت ان اكون اول من اسلم و كلمة من يفيد العموم في مثل هذا الموضع بالبداهة و لا مخصص فهو اول جميع من اسلم و يقول الله و له اسلم من في السموات و الارض فهو اول من اسلم من اهل السموات من الملئكة و اهل الارض من الانس و الجن و الحيوان و النبات و الجماد بل يقول الله سبحانه و ان من شيء الا يسبح بحمده و يقول كل قد علم صلوته و تسبيحه فكل شيء دائن بدين و يقول و من يبتغ غير الاسلام دينا فلنيقبل منه و يقول ان الدين عند الله الاسلام فكل شيء مسلم و هو اول من اسلم فهو اول كل شيء و كذا يقول ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين فاذا كان هو اول العابدين اذا كان ولد و لنيكون فهو لله سبحانه اول العابدين بطريق اولي و بالبداهة فبنص الكتاب هو اول العابدين و كل شيء عابد لله و اول المسلمين و كل شيء اسلم لله فهو اول ما خلق الله علي سبيل العموم و الاطلاق و يدل علي ذلك مفهوم آية بئس للظالمين بدلا مااشهدتهم خلق السموات و الارض و لا خلق انفسهم و ماكنت متخذ المضلين عضدا فهم عليهم السلام قد شهدوا خلق السموات و الارض و خلق انفس الخلائق و ما لميكونوا سابقين عليهما و عليهم لميكونوا شاهدين عليهما و عليهم و ايجادهم و خلقهم و كذلك اتخذهم اعضادا لخلقه و صنعه و افاضاته و الآلة مقدمة علي المصنوع و من طريق السنة قد تضافرت الاخبار بانهم اول ما خلق الله و اول ما خلق نور النبي و عقله و روحه و هم السابقون و الكتب بها مشحونة بل يمكن ان يقال انها متواترة معني لانحتاج الي سردها و كذا الزيارات و الادعية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۴۲ *»
بها مشحونة فهم اول ما خلق الله و الاخبار في ذلك موافقة للكتاب و لا نكير عليها فهي مجمع عليها لا محيص للرد عليها بوجه فتبين و ظهر بالقواعد الاسلامية انهم اول ما خلق الله و بنص الكتاب هم ذرية بعضها من بعض و هم نفس النبي و الولد جزء الوالد فهم مشاركون في السبق و كذلك سائر الموجودات من شعاعهم لقوله تعالي انا ارسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا الي الله باذنه و سراجا منيرا فهو السراج المنير علي الاطلاق و الاخبار متضافرة بان الخلق من شعاعهم لا اختلاف لها في نوع هذا المعني و يطابق تفصيلها اجمال الكتاب و يشرحه و انت لو اتقنت سبقهم علي الخلق و كون الخلق من شعاعهم لكشف عليك فهم مسائل عديدة من فضائلهم لان اغلبها راجع الي هذين الاصلين و نذكر هنا بعض الاخبار تيمنا و تبركا في العوالم نقلا عن المشارق بسنده عن ابيجعفر عليه السلام ان الله لميزل فردا متفردا في وحدانيته ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة فمكثوا الفالف دهر ثم خلق الاشياء و اشهدهم خلقها و اجري عليها طاعتهم و جعل فيهم منه ما شاء و فوض امر الاشياء اليهم فهم قائمون مقامه يحللون ما شاؤا و يحرمون ما شاؤا و لايفعلون الا ما شاء الله فهذه الديانة التي من تقدمها غرق و من تأخر عنها محق خذها يا محمد فانها من مخزون العلم و مكنونه و من اكمالالدين عن الصادق عليه السلام ان الله تبارك و تعالي خلق اربعةعشر نورا قبل خلق الخلق باربعةعشرالف عام فهي ارواحنا ثم ساق الحديث الي غير ذلك من الاخبار المتكثرة جدا و قد اوردها الاصحاب في كتبهم و اما الدليل العقلي علي ذلك فهو مما يطول به البيان و نستوفيه ان شاء الله في الفطرة السليمة كتابنا الكبير . . .
( الي هنا وجد بخطه الشريف اعلي الله مقامه