03-24 جواهر الحکم المجلد الثالث ـ مقدمات في صفات الله و اسمائه ـ مقابله

مقدمات فی صفات الله و اسمائه

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 581 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة الاولي– في ان الصفات و الاسماء الالهية علي قسمين، اتفق الامامية بل و جماعة من غيرهم علي ان الصفات علي قسمين ذاتية و فعلية لانها اما صفات كمال يصح اثباتها له سبحانه و لايصح اثبات نقيضها و ضدها له تعالي او صفات كمال يصح اثباتها و نفيها فالاولي عندهم هو الصفات الذاتية كالعلم و القدرة و الحيوة و السمع و البصر و غيرها فانها كمالات يجب اثباتها له تعالي و لايجوز اثبات نقيضها فلايقال ان الله تعالي عالم مرة و جاهل اخري او قادر مرة و عاجز اخري و حي مرة و ميت اخري و هكذا غيرها فحيث انتفي السلب المطلق ثبت اثبات المطلق فهي كمالات ذاتية ثابتة لها (له ظ) سبحانه بلا تعدد و اقتران و اتصال و انفصال و كثرة بل هي شيء واحد ترد علي معني واحد و اثباتها التعبير عن الكمال لا اثبات مفاهيمها المتعددة المختلفة المتفاهمة له تعالي علوا كبيرا فهي واحدة لا اختلاف فيها الا في اللفظ فهي الذات و الذات هي بلا فرق لا فرضا و لا اعتبارا لا في الذهن و لا في الخارج و لا في نفس الامر و لتحقيق هذه المسألة مقام آخر و قصدنا هنا الاشارة الي الصفات الذاتية فقط و الثانية هي الصفات الفعلية كالغافر و البديع و الصانع و المريد و المشيّئ و امثالها فانك يصح ان‌تقول لم‌يغفر و لم‌يصنع و لم‌يرد و لم‌يشأ كما قال تعالي ان الله لايغفر ان‌يشرك به و يغفر مادون ذلك لمن يشاء و قال تعالي اولئك الذي لم‌يرد الله ان‌يطهر قلوبهم و قال عليه‌السلام الاتري انك تقول سافعل كذا ان‌شاء الله و لاتقول ان علم الله فقولك ان شاء الله دليل علي انه لم‌يشأ و السلب دليل النفي الذاتي لان الصفة الذاتية عين الذات بلا اختلاف فاثباتها اثبات الذات و نفيها نفيها و لايصح و لايعقل اثباته سبحانه و نفيه تعالي عن ذلك علوا كبيرا فان قلت قوله تعالي و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين دليل علي نفي العلم و اثباته في المستقبل كالارادة و المشية و غيرهما

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 582 *»

و العلم من صفات الذات فيلزم ما الزمت آنفا قلت هذا مضاف محذوف مثل و اسأل القرية علي زعمهم فتقدير الكلام اولياء الله و ملائكته و انبيائه الذين صدقوا و ليعلمن هؤلاء الكاذبين فان الفتنة و الاختبار لظهور الامر لهؤلاء لا لنفسه سبحانه فانه تعالي اعلم بهم منهم و قبل وجودهم و ذلك معلوم و انما حذف المضاف و نسبت العلم الي نفسه تشريفا و تعظيما لبيان ان علمهم علمه و قولهم قوله و طاعتهم طاعته و معصيتهم معصيته و امرهم امره و نهيهم نهيه كما قال الذين يبايعونك انما يبايعون الله من اطاع الرسول فقد اطاع الله و قال نفخت فيه من روحي و لا ريب ان روح آدم ليس من ذات الله و ذلك معلوم و هذا كله علي قراءة المشهور من القراء و اما علي قراءة مولانا اميرالمؤمنين (ع) و ابنه جعفر بن محمد (ع) في ليعلمن بضم الياء و كسر اللام فلا اشكال من اصله فلايصح نفي العلم الذاتي بوجه و هذا التقسيم اي الصفات الي الفعلية و الذاتية مما اتفقت عليه الامامية و وافقهم المعتزلة و نطقت الاخبار بصفات الافعال و استفاضت بل و تواترت معني و قد عقد الكليني في الكافي و الصدوق في التوحيد و المجلسي في البحار بابا لبيان صفات الافعال و لايشك في صفات الافعال و لايجعل الصفات كلها صفات الذات الا الخارج من هذه الفرقة الناجية كما اتفق الاشاعرة و وافقهم بعض الصوفية و هؤلاء ايضا اعترفوا بصفات الافعال عند التعلق فجعلوا الصفات كلها ذاتية في نفسها و فعلية عند المتعلق و بالجملة هذه المسألة عند الشيعة لا شك فيها و لا ريب يعتريها كالمنكر (و المنكر خ‌ل) لها عار عن المعرفة خارج عن طريقة الفرقة المحقة الذين لازال الحق فيهم الي ان‌تقوم الساعة.

المقدمة الثانية – في ان صفات الافعال و اسماءها محدثة غير قديمة ازلية و ان صفات الذات قديمة ازلية غيرمحدثة و ذلك ايضا معلوم عندهم مسطور في كتبهم و زبرهم لايرتابون في ذلك لانهم اجمعوا علي ان الله سبحانه واحد من كل الجهات و كل الاعتبارات و ليس هناك حيث و حيث و جهة و جهة

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 583 *»

لاقامة البرهان بل بالمشاهدة و العيان ان مختلف الحالات حادث و متعدد الجهات مخلوق فان الكثرة بجميع انحائها مسبوقة بالوحدة بالضرورة و علي ذلك استقر مذهب الامامية لايختلفون في ذلك ابدا و اتفقوا ايضا علي ان الصفات الذاتية عين الذات بلافرض المغايرة اصلا و ما اعتبره بعضهم ان تلك الصفات متغايرة بالمفهوم متحدة في المصداق فمرادهم بالمفهوم ما يفهمونه من دلالة الالفاظ المؤلفة المحدثة من المعاني و قد اجمعوا ايضا علي ان ذات الله لايدرك و لايحاط بها علما و الصفات الذاتية الالهية الخارجة متحدة المصداق و المراد و لا تعدد فيها بوجه من الوجوه ابدا في حال من الاحوال اذ لم‌يسبق له حالا حال ليكون اولا قبل ان‌يكون آخرا و يكون ظاهرا قبل ان‌يكون باطنا فاذا كانت الوحدة المحضة حاصلة فاين التعدد و ان كانت عين الذات فاين الحدوث فما يعبر عنه بصفات الذات قديم لمكان العينية المتفق عليها عند الامامية كافة و اما صفات الافعال فهي غير الذات و الا لما صح سلبها بالضرورة لاستلزامه سلب (عين خ‌ل) الذات بالضرورة لكنها يصح سلبها بالضرورة كما تلونا عليك سابقا فلاتكون عين الذات بالضرورة و كل ما سوي الذات حادث و الا لكان قديما و تعدد القدماء محال بالضرورة و كل هذه من ضروريات مذهب الشيعة الامامية بل من ضروريات مذهب كل عاقل ان انصفوا و تدبروا فصفات الافعال حادثة بالضرورة من مذهب الامامية و مما نص علي ذلك المجلسي في عدة من كتبه منها حق اليقين الذي رسمه بالفارسية للعوام و هذا لا شك فيه و لا ريب يعتريه.

المقدمة الثالثة – في ان الفاعل و الخالق و الرازق و المحيي و المميت و الباري و المصور هل هي من صفات الذات او من صفات الافعال.

اعلم انه علي مقتضي القاعدة المقررة الاجماعية الفعلية المنصوص عليها من اهل الخصوص عليهم‌السلام في التمييز بين صفات الفعلية و صفات الذاتية من صحة السلب و عدمها يجب ان يكون من صفات الافعال دون الذات لصحة

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 584 *»

السلب فانه يجوز ان‌تقول ان الله لم‌يفعل القبيح و لايفعله ابدا و لم‌يخلق خلقا افضل من محمد و علي (ع) و لم‌يرزق من لم‌يخلقه بعد و احيي زيدا و امات عمرا فاذا صح السلب و الاتصاف بالنقيض فلايصح ان‌يقال انها من الصفات الذاتية فاذا بطل كونها ذاتية كانت فعلية لضرورة صحة الاتصاف و لا واسطة بين الذات و الفعل و الحدوث و القدم فاذا لم‌تكن ذاتية كانت فعلية و القول بان الصفة هي الخالقية و الرازقية و الاحياء و الاماتة دون الخالق و الرازق و المحيي و المميت من اسخف الاقوال و اقبحها فان الخالقية و امثالها هي المعني المصدري الذي هو اثر الذات و هو بالضرورة لايحمل علي الذات و قد قالوا ان الصفة تحمل موصوفها و قالوا ان الصفة هي المشتقة و المبدأ اما الفعل او المصدر و لاريب ان مبدأ الاشتقاق هو الاصل و المشتق فرع منه و الخالق مشتق اما من خلق او الخلق و المشتق فرع متاخر عن المبدأ الذي هو الاصل و الذي هو الفعل او المصدر و هما حادثان بالضرورة فالمشتق اولي بان‌يكون كذلك الاتري ان قولك جاء زيد الفاعل او القائم فالصفة هو الفاعل القائم لا الفعل او القيام الا بتقدير ذو كأن تقول ذو فعل و ذو قيام و قد اجتمعت الامامية كافة من غير نكير بينهم ان الخالق و الفاعل من الصفات الفعلية دون الذاتية و يكلف بعضهم بجعل الخالق من الصفات الذاتية بان الذات بحيث يصدر منه الخلق و الرزق و هذا القدر يكفي لصحة الاسم و هذا المعني لايسلب عنه تعالي فيكون ذاتيا من اقبح التكلفات فان ما ذكره علي فرض صحته هو معني القدرة و السلطان لا الخالق فلو فتحت هذا الباب لزم مفاسد كثيرة منها لصح ان‌يقال لمن يقدر ان‌يظلم ظالما و ان‌يسرق سارقا و ان‌يزني زانيا قبل صدور المبدأ منهم و هذا في البطلان بمكان و قد اجمعوا ان المشتق لايصح قبل وجود المبدأ و ان اختلفوا في صدقه بعد وجوده علي اقوال و لذا اتفقوا علي ان اسم الفاعل بمعني المستقبل مجاز و دعوي اختصاص هذا الحكم اي جواز اشتقاق اسم له تعالي قبل وجود المبدأ لذلك الاشتقاق بالله سبحانه قول لا بينة له و لا برهان معه فلايصغي اليها بوجه من الوجوه فلم‌يبق الا القول بحدوث هذه الاسماء و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 585 *»

الصفات و مدلولاتها كما هو المتفق عليه عند كافة الامامية.

المقدمة الرابعة– في ان الاسماء التي تطلق علي الله تعالي هل يصح اطلاقه علي غيره تعالي ام‌لا.

اعلم ان غير الاسمين الاعلين الذين هما الله و الرحمن يصح اطلاقه علي غير الله سبحانه اتفاقا من جميع اهل اللسان كافة من غير اختصاص بالمؤمنين بل و بالمسلمين و اما الاسم المبارك الله فلايصح اطلاقه علي غيره سبحانه اتفاقا من جميع المسلمين و اما الاسم المقدس الرحمن فالمسلمون فيما اعلم كافة علي عدم صحة اطلاقه علي غيره تعالي و لكن بعض من عاصرناه في كتابه المسمي بمفاتيح الاصول ذهب الي جواز تسمية غيره سبحانه بالرحمن الي شعر مادح مسيلمة الكذاب حيث يقول:

سموت بالمجد يا بن الاكرمين اذا

و انت غوث الوري لازلت رحمانا

و بالجملة فتسمية غيره سبحانه باسمائه سواء كانت ذاتية او فعلية في غير الاسمين مما لا خلاف و لا نزاع بين جميع اهل الاسلام بل و اهل اللسان من ساير الاديان خصوصا اسم الخالق و الرازق فان الله سبحانه سمي بهما غيره في عدة من مواضع مثل قوله تعالي تبارك الله احسن الخالقين و قوله تعالي و تخلقون افكا و قوله تعالي و اذ تخلق من الطين و في الحديث علي ما في الفقيه و الكافي ان الله يبعث ملكين خلاقين يقتحمان رحم المرأة من فمها فيقولان يا رب كيف نخلقه ذكرا او انثي فيأتيهما النداء بما يريد الله تعالي ثم يقولان يا رب نخلقه سعيدا او شقيا فيأتيهما النداء بما يريد الله سبحانه نقلت معني الحديث و في البحار ان الله خلق ملكا و فوض اليه امر السموات و الارضين فخلق سموات و ارضين ثم قال من مثلي فارسل الله اليه نويرة من نار قيل ما النويرة قال (ع) نار بقدر النملة فاستقبلها الملك بجميع ما خلق فتخللها الي ان وصلت اليه لما ان دخله العجب هـ ، و امثال ذلك من الاحاديث و استعمالات

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 586 *»

العرف و العادة كثيرة اما سمعت ان الحكماء و الاطباء يقولون ان الواهمة خلاقة فثبت ضرورة ان اسم الخالق و الرازق و المحيي و المميت يصح اطلاقه علي غيره تعالي و اما هذا الاطلاق حقيقي او مجازي او حقيقة بعد حقيقة فلتحقيقه محل آخر و لعمري انهم يقولون ان المشتقات كليات صدقها علي افرادها من باب التواطي او التشكيك فهي في القدر المشترك اما سمعتهم يقولون في الكتب الاصولية هي من باب الوضع العام و الموضوع له العام و لايختلفون في ذلك ابدا و قد قالوا ان العالم و القادر و ساير الاسماء المشتقة اطلاقها علي الله و علي غيره من باب الاشتراك المعنوي و اختلفوا في لفظ الجلالة الله هل هو كلي و مشتق منحصر في الفرد ام جزئي جامد فلولا ان الشرع منع جاز عندهم اطلاق هذا الاسم المبارك و الاسم الرحمن علي غيره تعالي و ليس هناك عندهم منع لغوي و لقد اشبعنا الكلام في هذا المقام في ساير مباحثتنا و مصنفاتنا و بينا فساد هذه الاقوال و انه ليس لها سبيل الي الحق و ليس هذا المختصر محلا لبيان هذه المباحث اذ الغاية هنا اثبات ان هذه الاسماء غير الاسمين يصح اطلاقها علي غيره تعالي و ليست من الاسماء الخاصة سبحانه و تعالي.

المقدمة الخامسة – ما معني الصفات الفعلية و انها حادثة و توصيف القديم سبحانه بها.

اعلم انه من البين ان الصفة تنسب الي موصوفها و تستند اليها و تقترن بها كما قال اميرالمؤمنين (ع) لشهادة كل صفة علي انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف علي انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث فمن وصفه فقد قرنه و من قرنه فقد ثناه و من ثناه فقد جزاه و من جزاه فقد الحد فيه و اما الصفات الذاتية فلايراد بها التعدد و الاقتران و بيان الصفة المغايرة و انما المراد بها التعبير عن الكمال المطلق و المرجع الي احدي الذات و المعني فلامغايرة بينها و بين الذات و لا بين بعضها و بعض الا من باب التعبير للخروج عن الحدين حد

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 587 *»

التعطيل و حد التشبيه فليس هناك صفة مغايرة و لا تعددا بحال من الاحوال و لا كذلك الصفات الفعلية فان اجماع الامامية قد قام و الادلة من العقلية و النقلية قد دلت علي انها غير الذات و انها حادثة فحينئذ ما موصوفها و الي م استنادها فان كان هو الفعل كما هو مقتضي القول بانها صفات فعلية فما اراك تقول ان الفعل هو الفاعل الخالق الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فان الصفة بحيث انتسابها الي موصوفها و توصيفه بها كما تقول زيد القائم و لاتقول عمرو القائم عند قيام زيد فان صفة شيء لاتنسب الي غيره و لاتوصف بغيره بالضرورة فان كانت هذه هي صفات الافعال فالواجب ان تصف الفعل بها مع ان المسلمين بل المليين علي خلاف ذلك و لايقولون الا ان الله سبحانه هو الخالق الرازق المحيي المميت و هو دليل علي ان الله هو الموصوف بها فان قلت ان الله اسم للفعل مع انه يكذبك الاسلام و المسلمون من ان هذا الاسم الشريف لايراد به عند الاطلاق الا الذات سبحانه و تعالي يلزم صحة توصيف الفعل بها مع ان الامر ليس كذلك اذ لايعقل ان‌يكون الشيء موصوفا لصفة مع اسم و لايوصف بمرادفه فصح لك ان‌تقول ان الاسد شجاع و لايصح ان‌تقول ان الضرغام و الضيغم و العفرنا شجاع و الحاصل ان الضرورة قاضية ببطلان هذا القول علي الوجه المعروف فاذا كان الله سبحانه موصوفا بهذه الصفات فكيف يصح القول بانها صفات فعلية مع ان الموصوف لايصح ان‌يكون فعلا فلايقال ان الفعل هو الخالق بل يقال ان الله هو الخالق و قد اجمعوا علي ان لايراد من هذا الاسم المبارك الا الذات سبحانه و تعالي فان قيل معني الصفات الفعلية ان الذات سبحانه و تعالي عند الفعل و الايجاد يتصف بهذه الصفات لا من حيث هو هو قلنا ان هذا التوصيف حادث او قديم فان قيل انه قديم فلا اثر اذن للفعل فلم تكن فعلية بل هي ذاتية و ان قيل حادث فهذا التوصيف للذات او للفعل فان قيل للذات يلزم ان‌يحدث في الذات (للذات خ‌ل) ما لم‌يكن ضرورة ان الحادث لم‌يكن ثم كان و لزم ان‌يكون له تعالي حالتان حالة عدم التوصيف و حالة وجوده و مختلف الحالات حادث فلايصح التوصيف بوجه لاستلزامه مع ذلك

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 588 *»

ان‌يكون محلا للحوادث و هو في البطلان بمكان و ان قيل ان هذا التوصيف للفعل فكان الفعل نفسه موصوفا دون الذات مع انه لاتنسب هذه الصفات الي الفعل ثم عند توصيف الذات بها كما هو مقتضي القول بان الله هو الخالق الرازق فنقول هذه الصفات و الاسماء جواهر ام اعراض فان كان الاول فهي حادثة او قديمة فان كان الثاني يلزم تعدد القدماء و تبطله ادلة التوحيد فان كان الاول كانت الاسماء جواهر ذاتية خلقها الله سبحانه بفعله و اقامها بنفسها فهي عباد مكرمون لا فرق بينه و بينهم الا انهم عباده و خلقه و مااظن القوم يلتزمون به في بادي النظر و ان كان الثاني اي كانت الاسماء اعراضا كما هو المعروف عندهم و المشهور لديهم من ان الصفات اعراض من مقولة الكيف فنقول ان العرض لايقوم الا بجوهر و محل و ذلك المحل لايخلوا اما ان‌يكون هو الذات سبحانه و تعالي او غيره فان كان الاول فالاسماء لاتخلوا اما ان‌تكون حادثة او قديمة و الثاني باطل بالضرورة من الدين عند المليين فضلا عن المسلمين و الاول كذلك كذلك لاستلزامه ان‌يكون سبحانه محلا للحوادث و ان كان الثاني اي يكون محل الاسماء و الصفات غيره فذلك لايعقل فرض كونه قديما فلم‌يبق الا ان‌يكون حادثا لعدم تعقل فرض الواسطة فان كان حادثا فلابأس ان‌يكون حادث محلا لحادث و لكن الله سبحانه كيف يوصف بالحوادث اذ لا نسبة بينه تعالي و بين خلقه بحال ليس بينه و بين خلقه وصل و لا له عليها فصل فيستوي الصانع و المصنوع و المنشيء و المنشأ (المشيء و المشاء خ‌ل) فنقول ان هذه الاسماء و الصفات و ان كانت حادثة فعلية و موصوفها و مسماها و ان كان فعلا فان الحوادث كلها مخلوقة بالفعل كما قال (ع) خلق الله الاشياء بالمشية و خلق المشية بنفسها و لكن الفعل لما كان متلاشيا متصرما مضمحلا عند ظهور الذات لم‌يبق له ظهور عند ظهوره سبحانه لينسب اليه شيء و الوسايط تضمحل عند ظهور سلطان نعت نسبة الاسماء و الصفات الي موصوفها و سماها القريب فنسبت اليه سبحانه لعدم ظهور الفعل عند ظهور الذات فليس هو سبحانه موصوفها لانها حادثة تنتهي الي حادث و ليس للفعل استقلال حتي تنسب اليه

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 589 *»

فتوجهت الحقايق و الذوات اليه عند ظهور هذه الاسماء الاتري في خلق الشخص الانساني الي ان‌يبرز الي هذا الكون الجسماني وسايط كثيرة من تدبير الملائكة المدبرات و تسخير المرسلات و حفظ المعقبات و تخصيص المقسمات و ساير الابوين و الاغذية و القوي الغاذية و المربية و المصورة و الدافعة و المحللة و غيرها فاذا راه العارف الوسايط من لاينسب ايجاده و خلقته و ابرازه في الوجود الا الي الله سبحانه و لايلتفت الي هذه الوسايط بل و لايراها ابدا انظر الي قوله تعالي و ما رميت اذ رميت و لكن الله رمي كيف نفي عنه صلي الله عليه و آله الفعل و نسبه الي نفسه مع انه المباشر دونه و قوله تعالي قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم فمباشر التعذيب هم الاصحاب و الله سبحانه هو المعذب فكذلك الفعل فانه هو الموصوف لتلك الصفات و المسمي لتلك الاسماء و لكنه حيث كان مضمحلا و متصرما و متلاشيا عند ظهور الذات نسبت اليه تعالي كما نسب الرمي اليه تعالي مع انه فعل النبي صلي الله عليه و آله و نسبة الوفاة الي الله تعالي في قوله الله يتوفي الانفس حين موتها مع انه فعل الملك لقوله تعالي قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم فافهم.

المقدمة السادسة – في معني الاسم اعلم ان الاسم مشتق من الوسم بمعني العلامة و قد ورد بذلك التصريح في قول مولانا الرضا (ع) في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم و في قول مولانا اميرالمؤمنين (ع) حيث قال الاسم ما انبأ عن المسمي فالمنبئ عن الشيء و العلامة له اسم له و لذا سميت الالفاظ الموضوعة لمعانيها اسماء لها اي علامات تنبئ عنها و لاشك ان كلما كان الشيء اقوي في الانباء و الدلالة كان اولي لان‌يكون اسما و لاريب ان دلالة الاثر علي مؤثر و انبائه عنه اقوي من جميع الدلالات و الانباءات فان اللفظ الموضوع للمعني قبل العلم بالوضع و المناسبة لايدل علي ذلك المعني كعدم دلالته عليه قبل الوضع و اما الاثر من حيث هو هو يدل علي مؤثره كائنا ما كان في كل مقام عند كل احد الا اذا خفي جهة كونه اثرا و ذلك معلوم ظاهر و لما كانت الحوادث كلها آثار

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 590 *»

دالة عليه تعالي في توحيده و تفريده و عظمته و كبريائه و جلاله و جماله و قيوميته و هيمنته تعالي كانت من هذه الجهة كلها اسماء لفعله تعالي دالات عليه تعالي منبئات عن قيوميته و لما كانت الاشياء و الحوادث لها جهتان: جهة الي باريها و منشيها فهي من تلك الجهة دالة عليه منبئة عنه و جهة الي نفسها و شهواتها و ميولاتها فهي من تلك الجهة حاجبة عنه و مبعدة لساحة جلاله كانت من جهة اسما له تعالي دالة عليه و من جهة حجابا و لما كان الممكن لايخلوا من هاتين الجهتين كان الحكم للغالب منهما فان كان الغالب عليه العليا كان اسما و ان كان الغالب عليه الجهة السفلي لايطلق عليه الاسم فاختلفت الاشياء لهذه الجهة في اطلاق الاسم عليها و عدم اطلاقه . . .

(الي هنا كان في النسخة)