رسالة فی جواب بعض الاخوان عن احدی عشر مسألة
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 401 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطاهرين.
اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان بعض الاخوان في الدين و حلفاء اليقين الذين ميزوا الغث من السمين و فرقوا بين التراب و الماء المعين بعث اليّ مسائل و انا في كمال اختلال البال و تعارض الاحوال و عروض الامراض المانعة من استقامة الحال و لكني لميسعني الا اجابته و اتيت بما هو الميسور لانه لايسقط بالمعسور و جعلت سؤاله بالفاظه متنا و جوابي كالشرح له حرصا للتطابق و صونا عن عدم التوافق.
قال سلمه الله تعالي بعد البسملة: النور اللامع من ضياء شمس النبوة المحمدية الهاشمية و البدر الطالع في سماء الامامة العلوية و الدرة المنيرة الخارجة من الصدفة الفاطمية و الثمرة الجنية الناتجة من الدرجة الحسنية و الحسينية اطال الله حياته و اكرم ذاته و عظم صفاته و اسعد اوقاته و رفع منزلته و جاهه اعني به سيدنا و مولانا و من نتكل عليه في امور ديننا السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني من لازال يعرج في اوج المنقول و المعقول و لابرح يركض في رد الفروع الي الاصول و لابرحت مهمّات المسائل تبسم بين يديه في وجه المسؤول و السائل بحرمة جده و ابيه و امّه و ذويه آمين، و بعد فالمملوك يلتمس من جناب السيد سلمه الله و ابقاه بمحمد علي مولاه رد جواب مسائل.
منها مايقول سيدنا في ام المعصوم هل هي بتول ام لا.
اقول اما الزهراء ام الحسن و الحسين عليها و عليهما السلام فلاشك انها البتول لطهارة ذاتها و بشريتها عن الفضول الردية و عن الاذي و الكثافة البشرية فهي معتدلة المزاج منزهة عن الانحراف و الاعوجاج و حكمها حكم الاكسير
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 402 *»
في التسخين و التبريد و الترطيب و التيبيس و ساير الاحوال المتضادة لعدم التضاد و المنافرة و المناكرة و المضادة لأجل الذنوب قال عليهالسلام ماتناكرتم الا لما بينكم من الذنوب و هي طاهرة طيبة معصومة فأين الفضول فهي اذن البتول و لاشك في ذلك و اما ام باقي الائمة عليهمالسلام فحيث انهن وعاء فلايشترط طهارتهن الا حين كونهن وعاء للمعصوم عليهالسلام فهن حين حملهن للائمة عليهمالسلام طاهرات معصومات لاشراق نور الامام عليهن و علي جميع ظواهرهن فليس هناك موضع للظلمة حتي تقضي (تقتضي ظ) المعصية فأم الامام عليهالسلام حين حملها اياه روحي له الفداء طيبة طاهرة معصومة عن جميع الذنوب و المعاصي طاهرة عن درك جميع الاخباث و الارجاس لا في كل الحالات اذ لا حاجة اليها الا حين كونها وعاء لاغير فطهارتها حين الحمل لاغير و الي هذا المعني اشير في قوله عليهالسلام في الزيارة اشهد انك كنت نورا في الاصلاب الشامخة و الارحام المطهرة و المراد بطهارة الارحام حالة حملها اياه عليهالسلام لانها في تلك الحالة يكون رحما له عليهالسلام لا في باقي الحالات و اما ابوه عليهالسلام فيجب انيكون مؤمنا طيبا لانه حامل النطفة في صلبه مدة مديدة فيعظم عليه الاشراق و يذهب الظلمات فلايبق للكفر و الفسق موضع هناك بخلاف الام فان حملها اياه في وقت دون آخر و ذلك معلوم انشاء الله تعالي فعلي هذا ماسوي سيدتنا الزهراء علي ابيها و بعلها و بنيها و عليها آلاف التحية و الثناء لايجب انيكون باقي امهات الائمة عليهمالسلام بتولا لما ذكرنا فافهم راشدا موفقا.
قال سلمه الله تعالي: منها معني قوله عليهالسلام من عرف نفسه فقد عرف ربه.
اقول لما دلت الادلة العقلية و النقلية علي ان الادراك لايمكن الا انيكون المدرك محيطا علي المدرك بفتح الراء او غيره (كذا) امتنع ادراك الازل الواجب الحق سبحانه و تعالي فانسدت باب معرفته و لايحيطون به علما و عنت الوجوه
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 403 *»
للحي القيوم و قد خاب من حمل ظلما و قد دلت الادلة العقلية و النقلية ايضا علي انه سبحانه و تعالي انما خلقنا لنعرفه و نعبده كما في الحديث القدسي كنت كنزا مخفيا فاحببت اناعرف فخلقت الخلق لكياعرف و قال تعالي و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون و لما استحالت معرفة الازل بذاته لميبق الا معرفته بوصفه و لما كان الازل صمدا لميدخل فيه شيء و لميخرج منه شيء ليس لأحد سبيل الا توصيفه و تعريفه سواه وجب انيصف نفسه لخلقه و يعرفهم اياها ليعرفوه بما وصف نفسه لهم و يعبدوه كذلك و لما كان فعل الله سبحانه يجب انيحمل علي اكمل ما ينبغي في الوجود وجب انيكون وصفه نفسه لخلقه اجلي ما يمكن من التوصيف و التعريف لئلا يكون لأحد حجة و يكون اكمال نعمة للمؤمنين و اتمام حجة للكافرين المعاندين و لما كان الوصف قسمين حالي و مقالي و كان الحالي اجلي من المقالي وجب انيصف سبحانه نفسه لهم بالوصف الحالي يعني يخلق لهم امثاله و آياته و صفاته ليعرفوه بها و لما كان الوصف كل ما هو اقرب الي من وصف له كان ابلغ و اكمل و اقطع للحجة و ليس شيء اقرب الي الشيء من نفسه اليه جعل سبحانه و له الحمد و المنة ذوات الخلائق و انفسهم امثالا و صفاتا لمعرفته في كل المقامات في توحيده و في اسمائه و صفاته و في آثاره و افعاله و في عبارته (عبادته ظ) فأبان عن هذه الحقيقة بقوله الحق سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق، الا انه بكل شيء محيط و قال تعالي و في انفسكم افلاتبصرون، و تلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الا العالمون فهو سبحانه عرف نفسه لك بك فلولاه ما عرفته فهو تعالي بنفسه عرف نفسه لنفسك بنفسك و الي العبارة الاولي اشار اليه في الدعاء يا من دل علي ذاته بذاته و في دعاء السحر بك عرفتك و انت دللتني عليك و دعوتني اليك و لولا انت لمادر ما انت فكان الدعاء الثاني بيانا و شرحا للدعاء الاول بأن المراد انه هو الذي دل علي نفسه بنفسه بما وصف للخلق من امثال توحيده و آيات تفريده في انفس الخلق و لذا قال اميرالمؤمنين عليهالسلام من عرف نفسه فقد عرف ربه اي من عرف نفسه
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 404 *»
بما جعل الله سبحانه فيها من ادلة توحيده و اسرار اسمائه و صفاته و كيفية عبارته (عبادته ظ) و ظهور آثاره فقد عرف ربه بما يمكن له انيعرف لا انه يعرفه علي ما هو عليه في ذاته حاشاه عن ذلك و انما هي المعرفة الكاملة الممكنة في حقه مما يجد من الصفات الالهية التي فطرت طويته و جبلته عليها و حقايق الخلايق هي هيكل التوحيد و لذا قال النبي صلي الله عليه و آله اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه.
و لما كانت مراتب الخلائق متفاوتة في العلو و السفل و التجرد و المادية و العلية و المعلولية و الاثرية و المؤثرية و القرب و البعد كان وصف الحق سبحانه نفسه للخلق ايضا علي حسب مراتب الموجودات و لذا قيل الطرق الي الله بعدد انفس الخلائق فوصف سبحانه نفسه للقوي بما هو عليه و للضعيف بما هو عليه و لايعرف احد الا ما انتقش في لوح حقيقة (كذا) من صفة توحيد ربه و معرفة معبوده حتي قالت النملة ان لله زبانيتين و قال النبي صلي الله عليه و آله يا علي ما عرف الله الا انا و انت الحديث، و لاعرف علي عليهالسلام من معرفة الله سبحانه ما عرفه النبي صلي الله عليه و آله و النبي صلي الله عليه و آله يقول ماعرفناك حق معرفتك فالادراك الذاتي الازلي مما سده الغني المطلق عن كل مبروء و مذروء و الادراك الوصفي تختلف مراتب الخلق فيه في القوة و الضعف حتي كان ادراك الضعيف في التوحيد شركا بالنسبة الي ادراك القوي الا انه توحيد بالنسبة اليه لانه الذي اعطاه الله سبحانه حسب مسألته و لايكلف الله نفسا الا ما آتيها، معاذ الله اننأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده فعلي هذا نفهم معني قول اميرالمؤمنين عليهالسلام انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظايرها، انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله رجع من الوصف الي الوصف و دام الملك في الملك و هجم له الفحص علي العجز و البلاغ علي الفقد و الجهد علي اليأس الطريق مسدود و الطلب مردود دليه (آياته ظ) و وجوده اثباته نقلت معني الحديث بتقديم و تأخير في اللفظ و هو قول مولانا الصادق عليهالسلام كل ما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم فاتضح
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 405 *»
الامر لمن طلب الرشد و الحق و اعلم انك لاتتوجه الا الي الحق القديم الازلي و لاتعبد الا الله الحي القيوم لكنه بقي الكلام في كيفية معرفة النفس التي هي معرفة الرب فقالت كل طائفة حسب ما وجدوا مقدار ماوصلوا لأنهم لما نزلوا في القوس النزولي و في الصعودي اختلفت مراتبهم فكل من وقف مقاما حسب انه وصل و صعد الي المنزل الاصلي و الموطن الواقعي لكنه ليس كذلك و نعم ما قال:
خليلي قطاع الفيافي الي الحمي
كثير و اما الواصلون قليل
لان لهم علامات و حالات بها يعرفون انهم ممن اشهدهم الله خلق انفسهم و خلق السموات و الارض فمنهم من قال في كيفية المعرفة انه يعرف نفسه اي روحه بانه ليس في الجسد داخلا دخول الممازجة و لا خارجا عنه خروج المفارقة و ليس في مكان خاص في الجسد و لايخلوا منه مكان فيه و هو المقوم للجسد و المحصل الممد له فاذا عرف هذا في نفسه عرف ربه بالنسبة الي العالم الكلي هذا معرفة اولي العلم اصحاب عالم النفوس مقام الرسوم و النقوش و منهم من قال يعرف نفسه بالعجز فيعرف ربه بالقدرة و يعرف نفسه بالذل فيعرف ربه بالعز و يعرف نفسه بالفناء فيعرف ربه بالبقاء و يعرف نفسه بالجهل فيعرف ربه بالعلم و امثال ذلك من الامور و الاحوال و هذا معرفة اولي الالباب اصحاب عالم العقول و منهم من قال يعرف نفسه المنسوب اليها كل الاحوال و هي غيرها فيعرف ربه بذلك كما انه يقول جسدي و جسمي و خيالي و نفسي و روحي و عقلي و ذاتي و كلي و جزئي و احوالي و اعراضي و هو منزه و مبرأ عن ذلك كله لضرورة المغايرة بين المنسوب و المنسوب اليه كما هي شرط الاضافية كذلك الله عزوجل يقول عبدي و ملكي و سمائي و ارضي و اسمي و صفتي و هويتي و ماهيتي و هو سبحانه منزه عن الكل و الكل منسوب اليه و هذا اعلي المعاني معرفة اولي الافئدة اصحاب الحقائق و اهل المشاهدة و اصحاب الاذواق يقولون ان كيفية معرفة النفس كما سأل كميل عن اميرالمؤمنين عليهالسلام قال يا اميرالمؤمنين ما الحقيقة قال عليهالسلام ما لك و الحقيقة قال
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 406 *»
اولست صاحب سرك قال عليهالسلام بلي و لكن يرشح عليك ما يطفح مني قال اومثلك يخيب سائلا قال عليهالسلام الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير اشارة قال زدني بيانا قال عليهالسلام محو الموهوم و صحو المعلوم قال زدني بيانا قال عليهالسلام هتك الستر لغلبة السر قال زدني بيانا قال عليهالسلام جذب الاحدية لصفة التوحيد قال زدني بيانا قال عليهالسلام نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل التوحيد آثاره قال زدني بيانا قال عليهالسلام اطفيء السراج فقد طلع الصبح هـ ، و المراد بالحقيقة المسؤول عنها هو النفس التي معرفتها هي عين معرفة الرب فبين عليهالسلام انها بالمحو و الصحو و لو اردنا شرح هذه الكلمات لطال بنا المقال و انا النوام المكسال و مرادي الاشارة الي حقيقة المراد و قد كتب مولانا و استادنا اعلي الله مقامه رفع في الخلد و في الدارين اعلامه مبسوطا كافيا وافيا لهذا الحديث الشريف.
قال سلمه الله تعالي: و منها معني قوله عليهالسلام كل ما في العالم في القرآن و كل ما في القرآن في الحمد و كل ما في الحمد في البسملة (و كل ما في البسملة ظ) في الباء و كل ما في الباء في النقطة و انا النقطة تحت الباء.
اقول اما ان كل ما في العوالم في القرآن فلأن العالم كتاب تكويني و القرآن كتاب تدويني و يجب التطابق بين الكتابين لانهما من الله و ما منه ليس فيه اختلاف و هو قوله تعالي و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فوجب اشتمال كل منهما علي كل منها و هو قوله تعالي و كل شيء احصيناه كتابا، و لارطب و لايابس الا في كتاب مبين، و تفصيل كل شيء، و تبيانا لكل شيء، و لقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل و امثالها من الآيات فجميع احوال العالم من الذوات و الصفات كلها مشروحة مفصلة في القرآن و اما ان كل ما في القرآن في الحمد فاعلم ان العلماء ذكروا ان الوجود يدور علي حق مطلق و خلق مطلق و رابطة بين الحق و الخلق فالحق المطلق هو الظاهر بالاسماء الخمسة في قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين و
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 407 *»
للرابطة و الواسطة قوله تعالي اياك نعبد و اياك نستعين و للخلق المطلق قوله تعالي اهدنا الصراط المستقيم الي قوله و لا الضالين فجميع المراتب الموجودات تنتهي الي هذه الوجوه الثلاثة مما ينسب الي الحق سبحانه و الي الخلق و الي الواسطة و الباب و الوجه و الجناب و لايشذ من هذه الوجوه الثلاثة شيء اصلا فالمعاني القرآنية كلها تدور علي . . . و تنتهي اليها و لنا في هذا المقام بحث شريف و كلام لطيف لا اقبال لي لذكره و لا توجه لنشره (ظ) و قد ذكرته في شرح القصيدة مشروحا مفصلا و ربما يخطر ببعض الخواطر ان ظاهر قول اميرالمؤمنين عليهالسلام ان كل ما في القرآن في الحمد بعمومه يعطي ان كل ما في القرآن من الالفاظ و المعاني كلها في الحمد و القرآن قد ذكر فيه و الحروف الثمانية و العشرون و لين (و ليس ظ) في الحمد من الحروف الا واحد و العشرون من الغير المكررة و الجواب ان الحروف علي اربعة اقسام قسم منها بازاء لا اله الا الله و هي سبعة احرف و القسم الثاني بازاء محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و القسم الثالث بازاء اميرالمؤمنين و اولاده الاحدعشر و فاطمة الصديقة اولياء الله و القسم الرابع بازاء اعداء الله و اعداء الاولياء آل الله و لما كانت الاعداء يجب انتترك و تنسي كما انهم نسوا الله و هو قوله تعالي نسوا الله فنسيهم يعني تركهم و ذكرهم بالكتابة (بالكناية ظ) و لميذكرهم بالتصريح لان الكتابة (الكناية ظ) ابلغ من التصريح لان ذكر الاولياء الاحباء يستلزم ذكر الاعداء فتلك السبعة مذكورة و لو بالكناية من غير تصريح و لذا قال غير المغضوب عليهم و لا الضالين فافهم الدقيقة.
و اما ان البسملة جامعة لما في الفاتحة فان البسملة من حسب اللفظ ثمانيةعشر حرفا فيستنطق منها الاسم الحي و من حيث المكتوب تسعة عشر يستنطق منها الواحد الذي هو مبدأ الاشياء و محققها و مذوتها و هو القيوم و هما الاسم الاعظم كما ورد عن اهل البيت عليهمالسلام و هذا غير الاسم الاعظم الذي تكون البسملة اقرب اليه من سواد العين الي بياضها و اذا حسبت الملفوظ و المتكوب يكون واحدا و عشرين و ذلك يطابق عدد الفاتحة فالسبعة المنسية
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 408 *»
تذكر بالكناية التي هي ابلغ من التصريح و اما ان الباء جامعة ما في البسملة فلأن الباء هي الالف المبسوطة مقام النفس الكلية و اللوح المحفوظ من الزمردة الخضراء المكتوبة فيها ما كان الي يوم القيامة و ما بعدها و هو قول رسول الله صلي الله عليه و آله ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم، و اما النقطة فهي سر الاسرار و نور الانوار نعمة الله علي الابرار و نقمته علي الفجار قد تحركت فحصلت من حركتها الالف اللينة[1] و انعطفت اي اللينة فكانت عنها الحروف الثمانية و العشرون و الالف اللينية ابوها و اصلها و اسها و اسطقصها و الحروف الثمانية و العشرون تألفت منها الكلمات القرآنية الحاملة لمعانيها و اما ان اميرالمؤمنين عليهالسلام هو النقطة تحت الباء فالمراد بها النقطة الكونية فان الحروف اللفظية كما انها تشعبت و تكونت من الالف اللينية و هي انما تحصلت من النقطة فهي مدار الالفاظ و الكلمات و الحروف كلها و هي منها تحققت و اليها تنتهي كذلك الحروف و الكلمات التكوينية و الذوات الغيبية و الشهودية كلها خلقت و وجدت من نور مولانا اميرالمؤمنين و اخيه و اهل بيته الغر الميامين عليهم سلام الله ابد الآبدين و دهر الداهرين و لا شك ان مرجع الشعاع المنير فانتهت الاشياء اليه كانتهاء الكلمات القرآنية الي النقطة فافهم.
قال سلمه الله تعالي و في معني قوله عليهالسلام لاتحيط به الاوهام بل تجلي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمها.
اقول المراد بالاوهام ليس هي القوة الواهمة خاصة التي تدرك المعاني الجزئية بالمراد (بل المراد ظ) بالاوهام المشاعر كلها من الفؤاد و القلب و الصدر و الدما (كذا) و ما اشتمل عليه من القوي فمراده عليهالسلام ان القوي و المشاعر لاتحيط بذات الله سبحانه و لاتدركها و هذه المعرفة الحاصلة لها انما
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 409 *»
هي من وصفه سبحانه نفسه لتلك المشاعر بنفسها يعني جعل فيها من آثار قدرته و آيات حكمته ما يستدل بها عليه و يعرفه سبحانه بها كما في الدعاء بك عرفتك و انت دللتني عليك و دعوتني اليك و في الدعاء ايضا يا من دل علي ذاته بذاته حيث ان التعريف بذاته لايمكن فقد عرفها نفسه سبحانه بنفسها لا بغيرها يعني جعل نفسها آية معرفته بما نقش فيها من آيات حكمته و هو معني تجلي لها بها اي ظهر لها بها بما جعل عندها من صفة التوحيد و آية التفريد و التجريد فان الشيء لايدرك ماوراء ذاته.
و اما قوله عليهالسلام و بها امتنع عنها فمعناه انه سبحانه احتجب عن الخلق بالخلق بانفسهم يعني جعل لهم جهتين فبجهة يستدلون بها عليه تعالي و يتوجهون بها اليه و بها تجلي لها بها و جهة اخري جهة انفس الخلق و جهة ميولاتهم و شهواتهم و انظروا (كذا) اليها و توجهوا بها نسوا ربهم و مالوا الي شهواتهم و انياتهم و ميولاتهم فاحتجب الحق سبحانه عنهم بهم و هو قوله عليهالسلام في الدعاء و انك لاتحتجب عن خلقك بل تحجبهم الآمال دونك و بهذا المعني امتنع الحق سبحانه عن الظهور لهم لما جعلوا انفسهم حجبا مانعة عن مشاهدة آيات ربهم التي هي جهة تجلية سبحاته (تجليه سبحانه ظ) لهم بهم فالخلق هم الادلاء علي الله و اسماء تدل عليه بجهتهم العليا و انفسهم المحدودة بحدود اعراضهم و اغراضهم هي المانعة عن مشاهدتهم لنور الحق سبحانه و ظهوره فهم الحجب و هم السبل فبهم تجلي لهم و بهم امتنع عنهم و هذا الذي ذكرنا احد وجوه تفسير هذه الفقرة الشريفة و له وجوه اخر تركتها لما بي من الكسل و الملل.
و اما قوله عليهالسلام و اليها حاكمها فمعناه ان الله سبحانه جعل في حقيقة الانسان الظاهرة بالمشاعر و المدارك المعبر عنها بالاوهام كل ما يريد من تلك الحقيقة من حيث ظهورها في افرادها و بالمشاعر و المدارك من احكام العبودية من معرفتهم بتوحيد ربهم و باسمائه و صفاته و بمعرفة احكام النبوة و الولاية و ما يتفرع عليهما و معرفة الاحكام الشرعية و الحدود الالهية و ساير ما يتوقف
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 410 *»
عليه من العلوم و الرسوم كلها جعلها عنده و جعل قلب الانسان خزانة لهذه العلوم و المعارف فجعله سبحانه حكما علي نفسه اذا قصر عن حكم ربه بما جعله سبحانه عنده من معرفته فجعله قاضيا علي نفسه و هو قوله تعالي اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا فهو سبحانه يحاكمه عند نفسه اذا اراد انيجري عليه مقتضي عدله.
قال سلمه الله تعالي و في معني قوله عليهالسلام انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظايرها.
اقول لما كانت المناسبة واجبة بين الدرك و المدرك (المدرِك و المدرَك ظ) و الا لجاز ادراك كل شيء كل شيء و البديهة تنادي بخلاف ذلك ذلك ضرورة ان المبصرات لاتدرك بالسمع و المسموعات لاتدرك بالبصر و الارواح و النفوس و القوي الباطنية الغيبية لاتدرك بالحواس الظاهرة و لايكون ذلك الا لفقد (ظ) المناسبة وجب انيكون كل شيء انما يدرك ما هو من سنخه و جنسه فالمجردات تدرك الحقايق المجردة و الماديات تدرك الطبايع المادية و القوي البرزخية كعالم المثال و الارواح تدرك البرازخ الغيبية و الشهودية فلايدرك الشيء الا ما كان من جنسه و سنخه و نوعه و هو معني قول اميرالمؤمنين عليهالسلام انما تحد الادوات انفسها اي تميز و تشخص القوي المدركة ما هو من نفسها و من سنخها كما تقول ان اميرالمؤمنين عليهالسلام نفس رسول الله صلي الله عليه و آله اي من سنخه و جنسه لا انه عينه (ظ) بل المراد انهما نور واحد قد انقسم قسمين نبي و ولي و الدليل علي ما ذكرنا الفقرة التي بعدها و هي قوله عليهالسلام و تشير الآلات الي نظايرها و هذه الفقرة عبارة اخري للاولي اي الآلات المدركة انما تشير الي ما يناسبها و هو النظاير انما عبر عن الاولي بما عبر لبيان ان النظاير لايتوهمن متوهم انها هي الاشباح و الامثال و الآثار المنفصلة كالصورة في المرآة فانها لاتدرك الا محض الشبح لا حقيقة الشاخص و هو ادراك رسمي لا حقيقي و الادراك الحقيقي لايكون الا انيكون المدرك و
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 411 *»
المدرك من جنس واحد فالجواهر لاتدرك الا الجواهر و الاعراض لاتدرك الا الاعراض و الارواح لاتدرك الا الارواح و الاشباح لاتدرك الا الاشباح و العقول لاتدرك الا العقول و الافئدة لاتدرك الا الافئدة و هكذا و مايري من ادراك العين المحسوسات فان المدرك هو الذي انطبع في الجليدية من الشبح لا حقيقة الجسم الموجود في الخارج و لذا تختلف احوال الادراك بحسب اختلاف الجليدية في الصفا و الكدورة و القوة و الضعف.
فان قلت انكم تقولون ان في الجنة يدرك الارواح الاجسام بدون الارواح و الاجسام تدرك الارواح بدون الارواح و هل هذا الا القول بعدم المناسبة بين المدرك و المدرك و قد نفيته كما هو مضمون (ظ) الحديث المذكور الشريف.
قلت و حيث ان الدار الآخرة هي الحيوان ترتفع الغرائب و الاعراض هناك فتتروح الاجسام انشاءت و تتجسد الارواح ان ارادت فتلك الجهة تري ما تناسبها لا انها تري من حيث الاخري فان ذلك محال فالاجسام بوجهها الاعلي تدرك الارواح للمناسبة لانهما من سنخ واحد و بوجهها الاسفل تدرك انفسها كالارواح بوجهها الاسفل تدرك الاجسام لما ذكرنا من انتفاء الغرائب و الاعراض الغريبة و اما مادامت الارواح و الاجسام في هذه الدنيا حيث انها قد اتصلت بها ثاء الثقيل (ظ) و هاء الهبوط و ميم المركز و نزل آدم عليهالسلام من الجنة الي هذه الدنيا حصلت الاغشية و الحجب و اختص كل بجهة دون الاخري و اما عند رفع الحجاب و ظهور قوله تعالي لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد يظهر المعني الذي ذكرنا و لذا قال عليهالسلام ان طعام اهل الجنة اسفله طعام و اعلاه علم هـ ، و العلم شأن الارواح الغيبية و الطعام شأن الاجسام الشهودية فانظر ماذا تري و لذا كان اميرالمؤمنين عليهالسلام بطينا لامتلاء بطنه الشريف بالعلم كما نص عليه عليهالسلام مع ان العلم امر غيبي كيف يؤثر في الجسم الشهودي و ذلك لأن جسمه عليهالسلام في هذه الدنيا كاجسام اهل الجنة روحاني قد تجسد و جسماني قد تروح فتؤثر زيادة الروح في الجسم كالعكس فادراك الجسم للروح بما عنده من مجانسته
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 412 *»
مع الروح لانهما من حقيقة واحدة و كذلك بالعكس و قد بينا في ساير رسائلنا و مباحثاتنا و اجوبتنا للمسائل ان الفؤاد حقيقة واحدة قد نزلت الي هذه المراتب و الكل حدود حقيقة واحدة و صبح (فصح ظ) اشارة الآلات الي نظايرها فافهم و لهذا الحديث الشريف معاني اخر تركت ذكرها لتبلبل البال و تعارض الاحوال و في ما ذكرناه كفاية.
قال سلمه الله تعالي و في معني قوله تعالي شهد الله انه لا اله الا هو و الملائكة و اولوا العلم بينوا لنا الاقسام الاربعة من الشهادة و السر في قوله تعالي لا اله الا هو و لميقل لا اله الا الله و تقديم الملائكة علي اولي العلم.
اقول شهادة الله لنفسه عين نفسه فلايعرفها احد و لايصل اليها احد و لايدانيها احد فمن رام معرفتها و الوصول اليها فقد ضل ضلالا بعيدا و خسر خسرانا مبينا لان ذات الله سبحانه لاتدرك و لايصل اليها احد لا ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا مؤمن ممتحن و ذلك معلوم بالضرورة من الدين و اما شهادة الله سبحانه نفسه لخلقه فهي عين خلقه كما ذكرنا في معني حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه فشهادته لنفسه بنفسه عين نفسه و شهادته لخلقه عين خلقه قد تجلي لهم بهم و حقا يقيناً (كذا) تلك الشهادة و هي الآية المرئية في الآفاق و في انفس الخلايق كما مر مشروحا و اما الضمير فلذكر الاسم الاعظم الاعظم الاعظم فان لفظ الجلالة و ان كان اسما اعظم لكن الاسم هو اعظم و اعظم لدلالته علي الهوية المطلقة الغيبة و دلالة لفظ الجلالة علي الالوهية الظاهرة بالاسماء و الصفات و اين مقام الوحدة من الكثرة و الغيب من الشهود فافهم و اما تقديم الملائكة علي اولي العلم لأن الملائكة من حيث النوع و الدلالة و الطهارة اشرف و ان كان من حيث الوجود انزل كاسم الفاعل فانه مشتق من المصدر و المشتق فرع لمبدأ الاشتقاق مع انه اشرف في الدلالة فانه يدل علي الذات و المصدر يدل علي الحدث و الملائكة حيث انهم روابط الفيض و ليست فيهم جهة المخالفة و جهة الظلمة و المعصية فيهم مضمحلة
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 413 *»
مقهورة لاظهور لها بحال من الاحوال فهم انوار محضة من حيث الظهور و ان كانت حقايقهم مركبة لكن جهة النور فيهم غالبة بحيث لاظهور للظلمة فهم ابدا الا . . . الاولي و هو قوله تعالي في تنزيل قوله تعالي بل عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و قال تعالي عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون فهم بالنوع اطهر و لذا قدمهم في الذكر و يحتمل انيكون المراد بالملائكة في هذا المقام هم العالون و الكروبيون و هم اقدم و افضل و اما العالون فهم في مقام مراتب الحقيقة المحمدية صلي الله عليها و لذا قال عليهالسلام نحن العالون، و اما الكروبيون فهم في اعلي مقامات مراتب حقايق الانبياء و قد قال الصادق عليهالسلام ان الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الاول لو قسم نور واحد منهم علي اهل الارض فكفاهم و لما سأل موسي ربه ما سأل امر رجلا منهم فتجلي له بقدرتهم (بقدر سم ظ) الابرة من نوره فدك الجبل و خر موسي صعقا و الذي يخر موسي صعقا لعدم تحمل مقدار سم الابرة من نوره فهو في مقام عظيم و خطب جسيم و هؤلاء هم حملة الفيض من الواقفين علي فوارة القدر الي الانبياء و لاريب ان هؤلاء الملائكة مقدمون عل كل احد من الخلق لانهم ليسوا من الملائكة الذين هم حملة التدبير و التقدير باذن اللطيف الخبير و لذا ورد في روح القدس انه خلق اعظم من جبرئيل و ميكائيل و انه بشر و ليس بملك و قد قال مولانا الصادق عليهالسلام في العقل انه اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش و العالون هم الارواح المقدسة روح القدس و الروح من امر الله و نفس لايعلم مافيها عيسي و غيره من الانبياء و الروح علي ملائكة الحجب و بالجملة فهؤلاء رتبتهم التقديم و التكريم فقدمهم الله سبحانه و قولكم بينوا لنا الاقسام الاربعة ما عرفت المراد منه فان ما ذكرتم ثلاثة قد بينا الوجد (الوجه ظ) فيها.
قال سلمه الله تعالي في معني قوله تعالي انما امره اذا اراد شيئا انيقول له كن فيكون و هذا المخاطب موجود حين الخطاب او وجد بالخطاب.
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 414 *»
اقول المخاطب مشتق من الخطاب و لاشك ان المشتق فرع للمبدأ فانهم قالوا ان الاشتقاق اقتطاع فرع من الاصل و قد بينا بالادلة القاطعة من العقل و النقل في كثير من مباحثاتنا و اجوبتنا ان اللفظ علي طبق المعني و بينهما مناسبة و الله سبحانه حكيم يضع الاشياء في مواضعها و اذا كان الخطاب اشتق منه الخاطب فكيف يتقدم عليه و ذلك محال بل سر (بين ظ) الخطاب و المخاطب و المخاطب تضايف لايظهر كل منها الا مع الآخر كالابوة و البنوة و المراد بالمخاطب اسم الفاعل الاسم الاسم لا الذات فانها اتوصف (لاتوصف ظ) بالوصف الاقتراني كما هو المعلوم بالضرورة من الدين فيكون المخاطب انما وجد بالخطاب لاقبل و لا بعد كالمفعول المطلق و المفعول به بالنسبة الي الفعل فانهما مشتقان منه فلايتقدمان عليه و قولهم ان المفعول به مقدم علي الفعل كلام ضعيف لايلتفت اليه و اشكالهم في خلق الله السموات و الارض علي هذا الاصل غير وارد لبطلان اصل القاعدة من لزوم تقدم المفعول به علي الفعل و ما اجاب عنه بن هشام علي التزام اصلهم باطل فانا لو جعلنا السموات و الارض بدلا عن خلق الذي هو المفعول المطلق فالمفعول به اي شيء اذن اذ لا ريب ان خلق فعل متعد ليس بلازم و كلما كان كذلك لابد له من مفعول به و لايجب ذكره في الكلام و ذلك المفعول به قديم او حادث و الاول ينافي كونه المفعول به و الثاني سبق الفعل او تأخر و الاول ينافي الحدوث لان كل حادث مسبوق بالفعل و المشية و بالجملة فهذا القول في غاية السقوط فظهر من هذا البيان ان المخاطب انما تحقق حين الخطاب لا قبله و لا بعده فعلي هذا بطلت الاقوال الموحشة التي قالوها في هذا المقام من جواز الخطاب علي العدوم و من ان هذه الفقرة عبارة عن الحدوث و الايجاد لاتعلق بها بالخطاب و المخاطب و من ان المخاطب هو الاعيان الثابتة في العلم دون الكون و امثالها من الامور التي قد ابطلناها في كثير من المباحث لاسيما في كتابنا اللوامع.
قال سلمه الله تعالي و في معني قوله عليهالسلام ان اناسا من ضعفاء شيعتنا
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 415 *»
يزعمون انا نعلم الغيب الحديث بتمامه.
اقول هذا الحديث الشريف رواه ثقة الاسلام في الكافي و معناه ان مولانا الصادق عليهالسلام دخل المجلس فاذا هو غاص بأهله فقال عليهالسلام ان ضعفاء شيعتنا يؤذوننا يزعمون انا نعلم الغيب و الله لقد هممت بضرب جارية مني فانحادت و لمادري في اي زاوية من البيت هي ثم ان حمران بن اعين جلس حتي فرغ المجلس ثم قال ياسيدي انا لاننسبك الي الغيب و لكنا نعلم انك تعلم علماً جمّا فقال عليهالسلام يا حمران هل قرأت القرآن قال بلي قال عليهالسلام هل قرأت قوله تعالي قال الذي عنده علم من الكتاب قال نعم قال عليهالسلام ذاك آصف بن برخيا اتي بعرش ملكة سبا من اليمن الي الشام بأقل من طرفة عين و عنده حرف من الكتاب ثم قال عليهالسلام هل قرآت قوله تعالي و كفي بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب قال نعم و قال عليهالسلام يا حمران ايهما اعظم الذي عنده حرف من الكتاب او الذي عنده علم الكتاب كله قال حمران ما اقل ذاك بالنسبة الي هذا فقال عليهالسلام يا حمران علم الكتاب كله و اشار الي صدره الشريف هذا معني الحديث بتمامه فقلته (نقلته ظ) بالمعني و لماحفظ لفظه و هو موجود في الكافي و لاريب ان عجز هذا الحديث الشريف ينافي صدره لان في الاول يقول اني لماعلم الغيب ثم فسره عليهالسلام بأنه لميعلم موضع الجارية المنهزمة و يقول عليهالسلام في آخره علم الكتاب الذي من تاثير بعض حرف منه انيؤتي بعرش بلقيس من اليمن الي الشام في اقل من طرفة عين كله عنده و الله سبحانه يقول و لارطب و لا يابس الا في كتاب مبين و تفصيل كل شيء و تبيانا لكل شيء و مافرطنا في الكتاب من شيء، و كل شيء احصيناه كتابا، و كل شيء احصيناه في امام مبين و امثالها من الآيات المحكمة فاذا كان كل شيء في الكتاب و علم الكتاب كل عنده فما يجهل عن موضع الجارية و مكانها و احوالها و قد قال عليهالسلام في احاديث مختلفة متكثرة بل ربما متواترة انهم عليهمالسلام يعلمون كل ما يقع في المغرب و المشرق و الجنوب و الشمال و السماء و الارض فعرفنا ان صدر
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 416 *»
الحديث تقية منه عليهالسلام فمعني كلامه عليهالسلام ان ضعفاء شيعتنا يؤذوننا يعني الاعداء يؤذوننا فيهم يعني اذيتهم فان اذيتهم اذيتنا و دخول الاذي فيهم دخول الاذي فينا قال (فان ظ) مرجع العبد الي سيده و مقوله (معوله ظ) علي مولاه و اذية العبد اذية المولي واضح يزعمون انا نعلم الغيب و هو حكاية عن المخالفين يعني انهم يزعمون انهم تعلمون الغيب باقاويلهم الكاذبة و افتراءاتهم الباطلة كما تدعيه الصوفية منهم و المعني الآخر ان ضعفاء شيعتنا يؤذوننا باعتقادهم فينا اعتقادا يزرينا و ينقص في حقنا كما قال عليهالسلام علي ما رواه في الكافي . . . من الشيعة انهم يعتقدون فينا ان طاعتنا واجبة عليهم لطاعة رسول الله صلي الله عليه و آله ثم يكرون (يكسرون ظ) حجتهم و يخصمون انفسهم و يقولون انا لانعلم كل شيء و كيف يجعل الله سبحانه شخصا حجة علي اهل المشرق و المغرب ثم يخفي علمهم عليه، و بالجملة فالاخبار بهذا المعني كثيرة و ائمتنا عليهمالسلام دائما يشكون منهم من جهة ضعف اعتقادهم في ائمتهم عليهم السلام و هؤلاء يزعمون انهم يعلمون الغيب و الزعم ركوب مطية الكذب ثم قال عليهالسلام اني هممت بضرب جارية مني فانحادت و كان عنده عليهالسلام جارية مخالفة لطريقته و مذهبه عليهالسلام اراد انيجعلها من ضربهم يعني من نوعهم و قسمهم فان الضرب بمعني النوع يعني هممت بضرب جارية يعني بأن يجعلها من نوعهم و جنسهم و قسمهم فانحادت يعني ماقبلت و لمادر في اي زاوية من البيت هي يعني لاابالي في اي زاوية من زوايا جهنم و هذا المعني و ان كان خلاف الظاهر لكنه يجب انيحمل كلامه عليه لئلا ينافي حجر (عجز ظ) الحديث و الاحاديث الاخر و الآيات و المذهب و الادلة العقلية و قد بسطنا القول في ذلك في شرحنا علي الخطبة الطتنجية و استوفينا القول في ذلك الشرح باكمل بيان و اوضح تبيان.
و اما الغيب الذي لايعلمونه عليهمالسلام فذلك الغيب الذي هو العدم الامكاني و الا فكلما دخل في الوجود في اي خزينة من الخزاين الغيبية و الشهودية من قوله تعالي و ان من شيء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 417 *»
فانهم عليهمالسلام يعلمونه و يحيطون به علما لأن كل ذلك في الكتاب الحفيظ و عندهم علم الكتاب.
و اما الغيب الذي موجود في احدي الخزاين و لميبرز في الوجود الشهودي فعندهم عليهمالسلام علمه و الي الغيب الاول اشار سبحانه بقوله قل لايعلم من في السموات و الارض الغيب الا الله و الي الغيب الثاني اشار سبحانه بقوله ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك و قوله تعالي عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احدا الا من ارتضي من رسول و قوله تعالي و ما كان الله ليطلعكم علي الغيب و لكن الله يجتبي من رسله من يشاء و الغيب الاول اذا دخل في الكون فيكون من الغيب الثاني الذي يطلعهم الله عليه او من الشهادة و بالجملة فهم عليهمالسلام يحيطون بكل ما دخل في الكون و ليس جملة الوجود و تفصيل هذا المطلب يطلب في ساير مصنفاتنا.
قال سلمه الله تعالي و في معني قوله عليهالسلام لجابر اتدري (اتدري ما ظ) المعرفة قال لا قال عليهالسلام المعرفة اثبات التوحيد اولا ثم معرفة المعاني ثانيا ثم معرفة الابواب ثالثا ثم معرفة الامام رابعا ثم معرفة الاركان خامسا ثم معرفة النقباء سادسا ثم معرفة النجباء سابعا.
اقول شرح هذه الفقرات و الامور السبعة طويل و دقيق عميق و لكنا لضيق المجال و تبلبل البال نقتصر علي قصر تندفع به الضرورة في الجملة فنقول اما التوحيد فظاهر و اما معرفة المعاني الاسماء و اركانها و هي مبدأ اشتقاق اسماء الله سبحانه كالعظمة للعظيم و الرحمة للرحمن الرحيم و الجلال للجليل و الجمال للجميل و العلم للعالم و القدرة للقادر و السمع للسميع و البصر للبصير و هكذا باقي مبادي الاشتقاقات و هي التي فصل بعضها مولانا الباقر عليهالسلام في دعاء سحر شهر رمضان و اجمل اكثرها في آخر الدعاء و هو قوله عليهالسلام اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه و كل بهائك بهي اللهم اني اسألك من جمالك بأجمله و كل جمالك جميل ثم اخذ عليهالسلام في التفصل الي قوله في
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 418 *»
آخر الدعاء اللهم اني اسألك بما انت فيه من الشأن و الجبروت و اسألك بكل شأن وحده و جبروت وحدها الدعاء و هذه هي المعاني و يلزمها الاسماء لأن كل معني من هذه المعاني التي هي بازاء اسماء الاعيان مبدأ اشتقاق اسم للذات الظاهرة بالفعل و الاثر و المراد معرفة توحيد الذات و معرفة الاسماء و الصفات و معرفة مبدأ اشتقاقاتها ليعلم ان الاسماء فرع لتلك المعاني مع دلالتها علي الذات و هذه دقيقة شريفة هي اعلي مقامات المعرفة و اما الابواب فهم الرسل و الوسايط في الافاضات التكوينية و التشريعية و الاصل ذلك الحقيقة المحمدية صلي الله عليها في مقام الظهور الاول و اما الامام فهو الواسطة في تبليغ الاحكام الشرعية التكليفية و اما الاركان فهم افاضل رعية الامام عليهالسلام و هم في هذا الزمان اربعة عيسي روح الله و ادريس و الياس و الخضر عليهمالسلام و هؤلاء الاركان يتلقون عن الامام عليهالسلام مايناسب كل منهم من مقتضي كينونتهم من الاحكام الاولية او الثانية و اما النقباء فهم الثلاثون الذين يتشرفون برؤية الامام عليهالسلام و يتلقون عنه ما يناسب مقامهم و كينونتهم و هم حملة الاسم الاعظم و النور الاقدم يتصرفون به كيفما يشاؤون مما يأمرهم الامام عليهالسلام و يأذن لهم و اما النجباء فهم العدول الذين ينفون عن الدين تحريف الغالين و انتحال (ظ) المبطلين و هم حملة العلوم الواقفون المطلعون علي نقطة العلم التي كثرها الجاهلون و هم الرابطون علي الثغر الذي يلي ابليس و جنوده و ليس لهم عدد خاص و ان قالت طائفة انهم اربعون لكن عددهم لميثبت من الاخبار و قد فصلت القول في النقباء و النجباء بما لامزيد عليه الا انيشاء الله في شرح القصيدة الكاظمية علي مشرفها آلاف الثناء و التحية و من اراد تمام التفصيل فليطلب ذلك الشرح فان فيه ما يشفي الغليل و معرفة السبعة لأجل كمال الايمان و رسوخه لا ان الايمان لايتم (ظ) الا بها و الا يلزم كفر اكثر الناس نعم كمال الايمان و ثباته و الاطلاع علي بهائه و مراتبه و مقاماته موقوفة علي معرفة هذه السبعة بشر (بشرط ظ) التسليم و التصديق قال عليهالسلام علي ما في الكافي انكم لنتؤمنوا حتي تعرفوا و لنتعرفوا حتي تصدقوا و لنتصدقوا حتي تسلموا
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 419 *»
ابوابا (ظ) اربعة لايصلح آخرها الا بأولها ضل اصحاب الثلاثة و تاهوا تيها بعيدا.
قال سلمه الله تعالي و في بيان الايمان المستقر و المستودع.
اقول ان الخلق لما اقامهم الله في عالم الذر في ارض المحشر عرض عليهم التكليف و قال لهم الست بربكم فمن قائل بلي قلبا و لسانا و ظاهرا و باطنا و سرا و علانية ظهر نور التوحيد في سرائرهم و استجن الحب في ضمايرهم و انشرحت بالعلوم صدورهم و انغمست في بحر النور افئدتهم و ساير قربهم (قواهم ظ) فاستقر الايمان في حقيقهم (حقايقهم ظ) و قلوبهم و سرايرهم و ضمايرهم و من قائل نعم اجابة للنفي لا المنفي قلبا و لسانا و ظاهرا و باطنا و سرا و علانية اعرضوا عن نور اليقين و لميردوا شرايع المعرفة و المحبة فلعنهم الله و طردهم و ابعدهم و استقرت الظلمة في سرايرهم و استجن النفاق في ضمايرهم و المستضعفون يرجعون الي الامرين اي الصفين في المآل و هو قوله سبحانه هو الذي خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن فأهل الايمان جعلهم الله سبحانه في عليين و اهل النفاق في سجين ثم لما اراد الله سبحانه انزالهم الي هذه الدنيا جعل ارواح اهل الايمان في بحر المزن و جعل ارواح اهل النفاق في طمطام ثم خلق سبحانه شجرة تحت بحر المزن اسمها شجرة المزن و خلق شجرة فوق بحر الطمطام اسمها شجرة الزقوم فانزل قطرات من بحر المزن علي الشجرة و كل قطرة حاملة روح المؤمن من الاخيار الابرار الذين استقر الايمان في قلوبهم و تلك القطرة نزلت و خرقت السموات الي انوصلت الي الارض فلمتقع علي بقلة او ثمرة اكلها مؤمن او كافر الا و خرج من صلبه مؤمن و بالعكس صورة ابخرة من بحر الطمطام و وقعت علي شجرة الزقوم و تفصلت و صار كل بخار و دخان من تلك الابخرة و الادخنة حامل روح كافر من الكفار و منافق من المنافقين الاشرار الي ان صورت و خرقت الارضين السبع الي ان وصلت ارض الممات ارض الدنيا و لمتقع علي بقلة و ثمرة اكلها مؤمن او كافر الا و خرج من صلبه كافر منافق و هو قوله تعالي يخرج الحي من الميت و يخرج
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 420 *»
الميت من الحي فاذا اتفقت ان القطرة الحاملة لروح المؤمن جاورت البخار الحامل لروح الكافر حصل لكل منهما لطخ علي حسب ما يجاور و يناسب في القوة و الضعف فيكثر اللطخ من نور المؤمن في الكافر الي انيظهر الايمان و الصلاح و التقوي و الخير و يكثر اللطخ من الكافر في المؤمن و يظهر الكفر و الفسق و الفجور و المعاصي و اما القلوب فلاتوافق ما يظهر و ان لميكن لها قابلية المنع فالكفر في المؤمن صاحب اللطخ مستودع و الايمان في الكافر صاحب اللطخ مستودع فيذهب الكفر بذهاب اللطخ ما في الدنيا او عند الموت و يرجع الي الايمان الاصلي و يذهب الايمان المستودع في الكافر الاصلي بذهاب اللطخ اما في الدنيا او عند الموت و علامة الايمان المستودع انلايجد لنفسه في قلب طمأنينة فيما يظهر من العقايد الحقة بعكس الكفر المستودع و قد رويت عن شيخنا العلامة مرسلا عن النبي صلي الله عليه و آله انه قال ايها الناس اتدرون ما في يدي اليمني قال (قالوا ظ) الله و رسوله اعلم قال صلي الله عليه و آله في يدي اسماء اهل الجنة و اسماء ابائهم و ما يتوالدون الي يوم القيامة و ان من الناس من يعمل اعمال اهل النار حتي تظن الناس انه من اهل النار ثم يختم له بالخير فيدخل الجنة ثم قال صلي الله عليه و آله ايها الناس اتدرون ما في يدي اليسري قالو الله و رسوله اعلم قال صلي الله عليه و آله ان في يدي اليسري اسماء اهل النار و آبائهم و ما يتوالدون الي يوم القيامة و ان من الناس من يعمل عمل اهل الجنة حتي تظن الناس (تظن الناس انه ظ) من اهل الجنة ثم يختم بالسوء فيدخل النار هـ ، و هذا هو الايمان المستودع كما ان الاول هو الكفر المتسودع فافهم.
قال سلمه الله تعالي و في حال المعصوم عليهالسلام في بطن امه من جهة الغذاء.
اقول المعصوم عليهالسلام لايتغذي الا من الطيبات و هو قوله تعالي يا ايها الرسل كلوا من الطيبات و الخطاب عام لهم في كل الحالات و الاطوار فغذاؤهم
«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 421 *»
سلام الله عليهم يأتي من عالم القدس و يظهر بصورة المآكل و المشارب و كذا في البطن يتغذون من الانوار و لايتدنسون بالاغتذاء بدم الحيض و مايشابهه حاشاهم ثم حاشاهم هم الطاهرون و لايتغذون الا بالطاهر تحمله لهم الملائكة من ذلك العالم الاقدس اليهم سلام الله عليهم من غير انيتلون بكثافات البطن نجاساته و في الزيارة لمتنجسك الجاهلية بانجاسها و لمتلبسك من مدلهمات ثيابها.