03-02 مکارم الابرار المجلد الثالث ـ رسالة في شرح حديث الفضيلة ـ مقابله

 

 

رسالة في شرح حديث الفضيلة

 

من مصنفات

العالم الرباني و الحکيم الصمداني

مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني

اعلي‌الله‌مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۱۳ *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي تجلي بنور عظمته لعبذذاده ليعرفوه و نهاهم بما عرفهم من قدسه ان يصفوه فسبحانه من خفي ما اعظم ظهوره و تعالي من محتجب ما اشد نوره و الصلوة علي من اقامه مقامه في عرصة الامكان و ادي ما اراد اداءه اليهم به باوضح بيان و علي خلفائه القائمين مقامه المشيدين بنيانه و الرافعين اعلامه و علي اوليائهم المعترفين بمقامهم المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم المستمسكين بولايتهم المؤتمين بامامتهم المسلمين لامرهم المجتهدين في طاعتهم المنتظرين ايامهم المادين اليهم اعينهم و لعنة الله علي اعدائهم الكاتمين لفضائلهم الصادين عن سبيلهم ما ذر شارق و خفق خافق.

و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم اني لمارجعت من طهران و وردت بلدة يزد و تلاقيت الاخوان صانهم الله عن طوارق الحدثان قد سألني جناب عالي النجار جليل الفخار حاج بيت الله الحرام و زاير ائمة الانام المولي الولي الحاج محمدعلي الرشتي حفظه الله و ابقاه و جعل اخراه خيرا من اولاه عن حديث جليل و خبر نبيل قد رواه السيد العظيم و المحدث الفخيم السند العامل العالم السيد هاشم المعروف بالعلامة بن المرحوم السيد سليمان بن السيد اسمعيل بن السيد جواد الكتكاني التوبلي البحراني في كتابه غاية المرام في الباب الثاني منه في انه لولا محمد رسول الله9 و علي وصيه الامام و الائمة الاحدعشر من ولده: ماخلق الله تعالي الخلق و هم من نور واحد من طريق الخاصة و هو الحديث الخامس منه و هو مشتمل علي اصول فضائل غزيرة  و كمالات كثيرة لمحمد و اله: و لعمري انه و ان اقصر الخطبة طول المسألة و لو شئت ان اشرحه علي ما منحني الله من معاني ذلك الحديث يطول جواب السؤال و يورث الكلال و يوجب الملال و يقتضي رسم كتاب كبير و انا من اشتغال البال و اختلال الحال بمحل و لايمكنني ذلك و ان اقصر عما يقتضي من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۱۴ *»

الجواب يقل الانتفاع به لذلك الجناب فالاحسن ان ابين ما يقتضيه الحال و يكفي ذلك الجناب المفضال في ضمن التلويح و الاشارة و تهذيب العبارة ليتنبه ذلك الجناب و يعزب عن اهل الارتياب و يقرب اهل القرب و يبعد اهل البعد و ذلك انه لاكل احد يحتمل من فضائلهم العجائب و يمكنه درك الغرايب و ان لاطفاء كل نور شيطانا و لكل جدار آذانا فاقتصر علي الاشارة و اطوي ما امكنني العبارة و اذكر فقرات الحديث كالمتن مصدرا بقال و اختمها بالي آخر و لااصدر شرحي بشيء لئلا اكون ممن يقول قال الحجة و اقول اذ لاقول لي الا منهم و لا ارد الا اليهم و لااصدر الا منهم ان شاء الله و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و آله الطيبين.

قال السيد ره شرف الدين النجفي فيمانزل في اهل البيت: من القرآن عن الشيخ ابي‌محمد الفضل بن شاذان باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي عن الامام العالم موسي بن جعفر الكاظم8 الي آخر.

اما السيد هاشم فقد قال في امل الامل السيد هاشم بن سليمان الحسيني البحراني التوبلي فاضل عالم ماهر مدقق فقيه عارف بالتفسير و العربية و الرجال له كتاب تفسير القرآن كبير رأيته و رويته عنه و قال في لؤلؤة البحرين و كان السيد المذكور فاضلا محدثا جامعا متتبعا للاخبار بما لم‌يسبق له سابق سوي شيخنا المجلسي و قد صنف كتبا عديدة يشهد بشدة تتبعه و اطلاعه الي ان قال فقام بالقضاء في البلاد و تولي الامور الحسبية احسن قيام و قمع ايدي الظلمة و الحكام و نشر الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و بالغ في ذلك و اكثر و لم‌تأخذه لومة لائم في الدين و كان من الاتقياء المتورعين شديدا علي الملوك و السلاطين الي آخر كلامه. و اما الشيخ شرف الدين النجفي كما في امل الآمل فهو ابن الشيخ علي النجفي كان فاضلا محدثا صالحا له كتاب الايات الباهرة في فضل العترة الطاهرة الي آخر بالجملة هما من العلماء الذين يوثق بهم و ان لم‌يوثقوا فان من البديهيات

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۱۵ *»

القطعية ان علماء الشيعة لايروون علي ائمتهم و ساداتهم ما لم‌يرد و لايفترون عليهم فهم مصدقون فيما رووا و فيما نسبوا الي كتاب او ارسلوا الي راو سابق او الي الحجج: فانهم لايروون قطعا الا ما رأوا و رووا فلينظر الي من رووا عنه. و اما الشيخ ابومحمد الفضل بن شاذان فهو علي ما في منتهي المقال لابي علي الفضل بن شاذان الخليل ابومحمد الازدي النيشابوري كان ابوه من اصحاب يونس و روي عن ابي‌جعفر الثاني7 و قيل الرضا7 ايضا و كان ثقة اجل اصحابنا الفقهاء و المتكلمين و له جلالة في هذه الطائفة و هو في قدره اشهر من ان نصفه و نقل انه ترحم عليه ابومحمد7 مرتين و روي ثلثا ولاءا الي آخر. و اما جابر بن يزيد الجعفي فشأنه اجل من ان يتعرض لتوثيقه و هو من الاجلاء النبلاء في منتهي المقال انه لقي اباجعفر و ابا عبدالله و كان صاحب اسرارهما و قد ذكر في يونس و يقال انتهي علم الائمة: الي اربعة نفر اولهم سلمان الفارسي و الثاني جابر و الثالث السيد و الرابع يونس بن عبدالرحمن الي آخر بالجملة الحديث مرسل و رجاله المذكورون ثقات و كفي لصحة مضامين الخبر بمطابقته للكتاب و السنة و اخبار عديدة و اعتبارات سديدة دليلا علي صحته فالخبر صحيح باصطلاحنا مرسل باصطلاح ساير العلماء ولكنه محفوف بالقرائن القطعية الدالة علي صحة مضمونه فيمكن السكون عنده و الركون اليه و قد روي هذه الرواية محمد رضا بن اسمعيل بن جمال الدين في تفسيره الكبير المسمي بكنز الدقايق حيث قال و جاء في ابتداء خلق نوره نوره الكريم نبأ لايحتمله الا ذو القلب السليم و الدين القويم و الطريق المستقيم ينبي من فضله و فضل اهل بيته و هو ما نقله الشيخ ابوجعفر الطوسي عن الشيخ ابي‌محمد الفضل بن شاذان باسناده عن رجاله عن جابر بن يزيد الجعفي عن موسي بن جعفر و ساق الخبر كمايأتي و رواه السيد هاشم رحمه الله في تفسيره الكبير المسمي بالبرهان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۱۶ *»

عن الشيخ شرف الدين عن الشيخ ابي‌محمد الفضل بن شاذان باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي عن الامام العالم موسي بن جعفر الكاظم8 و ساق الحديث كما يأتي ولكن في الروايات الثلاث اختلاف جزئي في بعض الالفاظ و لعله اختلاف من الكتاب و ننبه عليه ان شاء الله في اثناء الشرح.

قال صلي الله عليه ان الله تبارك و تعالي خلق نور محمد9 من نور اخترعه من نور عظمته و جلاله الي آخر.

اعلم ان الله سبحانه كان و يكون في قدس احديته و تنزه فردانيته اذ لا شيء سواه لا موجود و لا معدوم و لايذكر معه غيره لا عينا و لا كونا و لا امكانا و لا اثباتا و لا نفيا و لاينتهي الي حد فيغيي و لايحصر في وقت فيتناهي تعالي عن ذلك كله علوا كبيرا فتجلي لا بحركة بعد سكون و لا بنطق بعد سكوت و لا بعد مضاء وقت ممتد و لا في مكان ممهد بنور لا غاية له و لا نهاية و ليس معه سواه و منفي عنه ماعداه و ليس بينه و بين هذا النور نسبة و لا اضافة ليس هو في نوره و لا نوره فيه و انما هو نور اقامه بنفسه و حده بنفي ماسواه فهو نور وحداني المنظر مركب المخبر ركبه من اثبات و نفي و صحو و محو و موصوف و صفة و ابلغ وصف في معناه ما قال الصادق7 في حديث اعلم ان النور لم‌يكن باطنا في الذات فظهر منه و لا ظاهرا منه فبطن فيه بل النور من الذات بلاتبعيض و غايب في غيبه بلااستتار و مشرق عنه بلاانفصال كالشعاع من القرص و النور من الشعاع الخبر و في البحار باسناده عن ابن عباس قال سمعت رسول الله9 و هو يخاطب عليا7 و يقول يا علي ان الله تبارك و تعالي كان و لا شيء معه فخلقني و خلقك روحين من نور جلاله و عن ابي‌عبدالله7 قال خلقنا الله من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فاسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا و بشرا نورانيين لم‌يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۱۷ *»

منه نصيبا و قال علي بن الحسين8 ان الله عزوجل خلق محمدا و عليا و الائمة الاحد عشر من نور عظمته ارواحا في ضياء نوره الخبر و قال ابوجعفر7 يا جابر كان الله و لا شيء غيره لا معلوم و لا مجهول فاول ما ابتدأ من خلق خلقه ان خلق محمدا و خلقنا اهل البيت معه من نوره و عظمته فاوقفنا اظلة خضراء بين يديه حيث لاسماء و لاارض و لامكان و لاليل و لانهار و لاشمس و لاقمر يفصل نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس و عن جابر بن عبدالله الانصاري قال قلت لرسول الله9 اول شيء خلق الله تعالي ما هو فقال نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير و قال9 اول ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره و اشتقه من جلال عظمته فاقبل يطوف بالقدرة حتي وصل الي جلال العظمة في ثمانين الف سنة ثم سجد لله تعظيما ففتق منه نور علي7 فكان نوري محيطا بالعظمة و نور علي محيطا بالقدرة و عن محمد بن سنان قال كنت عند ابي‌جعفر الثاني7 فذكرت اختلاف الشيعة فقال ان الله لم‌يزل فردا متفردا في وحدانيته ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة فمكثوا الف الف دهر ثم خلق الاشياء و اشهدهم خلقها و اجري عليها طاعتهم و جعل فيهم منه ما شاء و فوض امر الاشياء اليهم فهم قائمون مقامه يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاءوا و لايفعلون الا ما شاء الله فهذه الديانة التي من تقدمها غرق و من تأخر عنها محق خذها يا محمد فانها من مخزون العلم و مكنونه انتهي

و هذا النور لم‌ينتزع من ذات الله و لم‌يخلق منها و انما اخترعه بلاكيف و لا اشارة و لانطق و لا حركة و لافعل و انما هو نور منير و قدرة قدير نور دائم و ظل قائم قال عمران للرضا7 يا سيدي اليس قد كان ساكتا قبل الخلق لا ينطق ثم نطق قال الرضا7 لايكون السكوت الا عن نطق قبله و المثل في ذلك انه لايقال للسراج هو ساكت لاينطق و لايقال ان السراج ليضيء فيما يريد ان يفعل بنا لان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۱۸ *»

الضوء من السراج ليس بفعل منه و لاكون و انما هو ليس شيء غيره فلما استضاء لنا قلنا قد اضاء لنا حتي استضأنا به فبهذا تستبصر امرك الي آخر و لم‌يتناه الذات اليه و لم‌يتناه اليها و لاينسب الذات اليه و لاينسب اليها بوجه من الوجوه انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله رجع من الوصف الي الوصف و دام الملك في الملك فاذا نظرت اليه جل و علا و تعالي عن النظر لم‌تر شيئا معه لا بنفي و لا باثبات فهي اذ ذاك ذات بحت لا شيء سواه و اذا نظرت الي ذلك النور لم‌تر الذات فهو اذ ذاك نور لا شيء سواه و ذلك ان الخلق المركب يمتنع في الاحد و الاحد يمتنع في المركب و ان قلت اذا كان الامر كذلك فمن اين قلتم ان هذا النور خلقه جل شأنه و اضفتموه اليه و لايري معه قلت هذا رمز مبهم و سر منمنم و الاشارة اليه انا لما رأينا انطواء ذلك النور تحت الاحد جل شأنه و كونه اولي به منه و اوجد في مكانه منه اضفناه اليه و عرفنا اضمحلاله تحته و لولا ذلك لم‌يمكن لاحد ان يعرف ان الخلق خلقه قائم بفعله و امثل لك انك اذا رأيت الاعداد و انطواءها تحت الاحد و كونه اولي بها منها و اوجد في امكنتها منها عرفت ان الاعداد ظهور الاحد و تمثله و تجليه مع انه اذا رؤي الاحد لم‌ير عدد و اذا رؤي العدد لم ير الاحد ابدا ولكن بانطوائه تحته و استوائه عليه عرف انه عبده و ظهوره و نوره و تجليه و بروزه و انما سمي ذلك التجلي بالنور لان النور هو الظاهر في نفسه المظهر لغيره و هذا التجلي ظاهر بنفسه في نفسه لم‌يظهره شيء غيره اذ ليس غيره معه و هو في نفسه قائم بنفي ماسواه و ليس قبله شيء و لا معه شيء و مظهر لغيره اذ جميع ماسواه قد ظهر بفضل ظهوره و كمال نوره و هذا النور يقابله ظلمة العدم و الامكان فاذا هو الوجود القائم بنفسه الذي قام به غيره قيام صدور فهو نور الانوار و ظهور الجبار تجلي الله عزوجل به له اولا ثم تجلي به لغيره بغيره ثانيا و هو نور محمد اول ماخلق الله كماعرفت.

و اما قوله7 من نور اخترعه من نور عظمته فمن لبيان المادة كما

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۱۹ *»

تقول صنعت الخاتم من فضة و المراد بيان تركيب هذا النور و ان له مادة و صورة و لم‌يرد به ان تلك المادة كانت مقدمة علي ذلك النور فخلق المادة اولا ثم بقي اوقاتا ثم خلق منه نور محمد9 كمايخلق الانسان من الطين بل المراد ان نور محمد9 له مادة و تلك المادة مساوقة معه لانه اول ماخلق الله و تجلي به لايسبقه سابق و لايفوقه فائق و لايلحقه لاحق و لايطمع في ادراكه طامع فهو و مادته و صورته متساوقة مادته نور العظمة و صورته هيكل التوحيد و صفة التفريد اذ به عرف الله و لولاه ماعرف الله و اما قوله اخترعه من نور عظمته فاخترعه صفة للنور و من نور عظمته متعلق بقوله اخترعه فالله سبحانه خلق نور محمد الذاتي اي ذات محمد من نور مخترع من نور العظمة اي نور هو العظمة اي خلق محمدا من نور العظمة كما هو صريح ساير الاخبار فالنور المخترع هو نور العظمة كماقال ابوعبدالله7 خلقنا الله من نور عظمته و العظم لغة خلاف الصغر و قد يخص بالمعني كمايخص الكبر بالصورة و لذلك قال الله عزوجل و له الكبرياء في السموات و الارض و روي مستفيضا الكبرياء رداء الله و هو يلبس فوق جميع الثياب فهو مقام الظاهر و خص حال القيام بالتكبير و حال الركوع بذكر التعظيم و حال السجود بذكر العلو فالعلو يناسب الحقيقة و العظمة تناسب عالم المعني و لذلك يوصف الامور المعنوية بالعظمة فيقال فلان عظيم القدر و عظيم الشأن و الكبر يناسب الصورة و الظاهر و لذلك ظهر كبرياء الله في السموات و الارض و صارت رداءه بالجملة عظمة الله هي نور قد بديء في عرصة المعاني العليا اولا ثم تنزل الي ان ظهر في معاني ساير الخلق الي غاية البعد فلماخلقه الله من نور عظمته علي الاطلاق فله9 عظمة الخلق و عظمة القدر و الشأن و عظمة العلم و عظمة العقل و الفهم و هكذا ساير المكارم و الخصال فهو عظيم فيها عظمة يعجز جميع ماسواه عن الاتيان بمثلها او الاتصاف بها فلاعلم كعلمه و لاحلم كحلمه و لاحكم كحكمه و لاقول كقوله و لاقدرة‌ كقدرته و لاحيوة كحيوته

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۰ *»

و لادوام كدوامه و هكذا و ذلك انه نور عظمة الله جل و عز و عظمة الله لانهاية لها و لاغاية و هو نور خلقه الله و اختاره قبل جميع الاشياء كمارواه في الكافي عن الرضا7 في حديث اول ما اختار الله لنفسه العلي العظيم لانه اعلي الاشياء كلها فمعناه الله و اسمه العلي العظيم هو اول اسمائه علا علي كل شيء انتهي و هو نوره7 فانه روي ما معناه نحن والله الاسماء الحسني التي امر الله ان تدعوه بها فهم اسماء الله و هو9 في مقام الفرق اول اسمائه فاول ما اختار الله لنفسه العلي العظيم لانه اول المخلوقات و اما سر تثنية اول ما اختار الله لنفسه لتلازم العلو و العظمة فلاعال الا و هو عظيم و لا عظيم الا و هو عال لولا العلو لماخلق الله العظمة و لولا العظمة لماخلق الله العلو و العظمة نفس العلو و انيته و هويته و مقام العلو مقام العرش المكتوب عليه الذكر الاجل الاعلي الاعلي الساجد تحت سطوع نور الله لايرفع رأسه ابدا و مقام العظمة مقام الكرسي الراكع الخاضع تحت سطوع نور الله باسمه العلي فلاينتصب ابدا و هما اخوان في الله و قد ورد في الاخبار ان الله خلق النبي9 من نور عظمته فالمراد ظاهر النبي و انيته و اما حقيقته فهي مخلوقة في مقام العلو لانها منه و العظمة كبر المعني و الانبساط العرضي البائي و هو مقام علي7 و العلو مقام الوحدة و الاتحاد الطولي الالفي فهو في مقام الاتحاد نور العلو و لماجاء في المقام الظاهر الانبساطي خلق من نور العظمة و لاجل ذلك حصل منه علي7 هنا و يكشف عن ذلك قول رسول الله9 اول ماخلق الله نوري ابتدعه من نوره و اشتقه من جلال عظمته فاقبل يطوف بالقدرة حتي وصل الي جلال العظمة في ثمانين الف سنة ثم سجد لله تعظيما ففتق منه نور علي7 فكان نوري محيطا بالعظمة و نور علي7 محيطا بالقدرة ثم خلق العرش و اللوح و الشمس و ضوء النهار و نور الابصار و العقل و المعرفة و ابصار العباد و اسماعهم و قلوبهم من نوري و نوري مشتق من نوره انتهي.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۱ *»

و اما قوله و جلاله فاعلم ان الجلال في اللغة العظمة فهو عطف تفسيري علي العظمة و قد اختلف العرفاء في تقدم الجلال علي الجمال و عكسه و الجمال لغة الحسن في الخلق و الخلق و عن بعضهم الجمال رقة الحسن و الذي افهم ان كلا من الفريقين رأوا وجها و غفلوا عن الوجه الاخر و ذلك ان الجلال جلالان و الجمال جمالان ذاتي و وصفي فان اريد بالجلال و الجمال الذاتي فلاتقدم لاحدهما علي الاخر فان هناك اسماؤه تعبير و صفاته تفهيم و لا تعدد في ذاته بوجه من الوجوه و هو ذات احدية لاتثني و لاتجزي لا في الخارج و لا في الذهن لا علي الحقيقة و لا علي نحو الاعتبار و ملاحظة الحيوث اذ لاحيوث لايجري علي ذاته ما اجراه في خلقه و ان اريد بهما الوصفي فالجلال ان اخذ بمعني العزة كماتقول جل عن ان تناله الافهام و عز عن ان يبلغه الاوهام فهو مقام القدس و التنزه عن جميع الالواث الخلقية و الكثرات و النعوت و الاوصاف و العظمة في مقام النعوت و الاوصاف فالجلال مقدم علي الجمال و الجمال صفة ذي الجلال و ان اريد بمعني الستر مأخوذا من الجل فيكون بمعني الحجب و ذو الجلال بمعني ذو الحجاب فهو مقام طرد السوي و تبعيد مادون و الجمال هو مقام الجذب و الجمع و التقريب و بمقتضي سبقت رحمتي غضبي و بمقتضي باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب يكون الجمال اعلي من الجلال و اقرب الي الله المتعال و الجلال دون ذلك فان اريد نسبة ‌الجلال الذاتي الي الجمال الوصفي فالجلال مقدم فانه مقام طرد ماسواه طرد الامتناع فلايحوم حول جلاله ذكر شيء لا بوجود و لا عدم و لا نفي و لا اثبات اذ هو الاحد الفرد القديم الممتنع من الحدث فهذا الدفع مقدم علي الجذب و ان اريد بالجمال الذاتي او الوصفي فهو مقدم علي الجلال فان الجمال جمع و تقريب و جذب و الجلال تفريق و تبعيد و دفع و الجمع مقدم علي التفريق فالجمال مقدم علي الجلال هذا و ان الله جل جلاله لجلاله جمال و لجماله جلال فلكل واحد من القولين وجه يصح من ذلك الوجه و المراد هنا اما مرادف العظمة فان الله سبحانه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۲ *»

خلقهم من نور عظمته فهو بمعني الكبر المعنوي كالعظمة كما يقال جلالة القدر و جلالة الشأن و عظمة القدر و عظمة الشأن و اما بمعني العزة و الارتفاع و العلو فيكون اعلي من العظمة فيكون الجلال في مقام القدس و العظمة في مقام المعني كماقال علي7 في صفة الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير اشارة فالجلال هو مقام الحقيقة و مقام الفؤاد و العظمة مقام العقل و لذا يقال رب العرش العظيم و الكرسي الرفيع و في التنزيل و هو رب العرش العظيم و العرش مقام العقل و وصفه بالعظمة لظهور عظمة الله عليه و اما الجلال فآيته المطلق الاعلي و هو الحقيقة فالعظمة من سبحات الجلال و انواره و بهذا المعني الجمال ايضا من سبحات الجلال و انواره فالله سبحانه خلق نور محمد من نور عظمته في مقام العقل و من نور جلاله في مقام الفؤاد و بلحاظ في مقام النفس التي هي دون العقل يعني حقيقة ‌محمد9 هي نور جلال الله كما روي عن الباقر7 في قوله تبارك اسم ربك ذي الجلال و الاكرام قال نحن جلال الله و كرامته التي اكرم الله تبارك و تعالي العباد بطاعتنا و محبتنا.

قال7 و هو نور لاهوتية و في نسخة لاهوتيته الذي تبدا لاه و في نسخة يبدي من لاه اي من الهيته من انيته و في نسخة من نيته الذي تبدا منه و في نسخة تبدي منه و تجلي موسي لرؤيته و في نسخة لموسي بن عمران في طور سينا فما استقر له و لاطاق موسي لرؤيته و لاثبت له حتي خر صاعقا مغشيا الي آخر.

اعلم انه لم‌اجد نسخة صحيحة اطمئن بها و بصحتها و وجدت له ثلث نسخ و كلها مما لايوثق بها لكثرة اغلاطها فانا الان افسر ان شاء الله ما يكون في نظري اقرب الي الصواب والله العالم بحقيقة الحال اعلم ان اللاهوت ان كان عربيا فاما يكون من لاه ليها كباع اي تستر و وزنه فعلوت بفتحتين مثل رحموت و رهبوت و ملكوت و اما يكون مركبا من كلمتين لا و هو و التاء للمبالغة كمايقال في ماهوت  و انه مما هو و معناه ليس فيه هوية و كذلك من هذا الباب الماهية و هي كلمتان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۳ *»

ما و هي ولكن التاء مصدرية و كذلك الانية التاء مصدرية و ان هي المؤكدة اي ما يقال في حقه انه كذا و المراد به الحقيقة و كذا المائية اي الذي يقال في حقه ما حين السؤال عن حقيقته و في حديث الزنديق قال السائل فقد حددته اذا ثبت وجوده قال ابوعبدالله7 لم احده ولكني اثبته اذ لم‌يكن بين النفي و الاثبات منزلة قال السائل فله انية و مائية قال نعم لايثبت الشيء الا بانية و مائية الخبر و المراد بهما الحقيقة اذ لايثبت الشيء الا بحقيقته و اما الاه او لاه اعلم انهم اختلفوا في الله فمنهم من قال انه غير مشتق و هو خطاء و الحق انه مشتق كما نطق به الاثار و هو مشتق من اله كامام فدخلت عليه الالف و اللام فصارت الاله فحذفت الهمزة الثانية لكثرة الاستعمال و ادغمت اللام الاولي في الثانية للمشاكلة فبقي الله و في حديث هشام عن ابي‌عبدالله7 فقلت الله مما هو مشتق قال يا هشام الله مشتق من اله و اله يقتضي مالوها الخبر يقال اله الاهه ككتابه و الوهة كرطوبة و الوهية عبد عبادة و الاسم الالهة ككتابة اي العبادة فالاله علي الفاعل العابد و المألوه المعبود و الاله كالكتاب من يعبد علي المجهول كما ان الامام من يؤتم به و الكتاب ما يكتب فالاله ككتاب من يعبد فقوله الله مشتق من اله علي صيغة الفاعل اي العابد و العابد يقتضي مألوها لان الفاعل يقتضي مفعولا و المألوه يشتق له علي وزن كتاب كما ذكرنا فالاله ككتاب هو المألوه اي المعبود فالله اصله الاله اجتمعت همزتان في كلمة كثير الاستعمال فاستثقلوهما فحذفوا الاصلية فاجتمعت لامان اوليهما ساكنة فادغمتا فصار الله و يمكن ان يكون مشتقا من اله بمعني تحير و الاله المتحير و الاله ككتاب من اله فيه اي تحير فيه كما في الدعاء رب زدني فيك تحيرا ثم عومل به كما مر و يمكن ان يكون من اله اليه اي فزع و لاذ و اله كفاعل من يفزع و يلوذ و اله كامام من يفزع اليه و يلاذ به و قيل يمكن ان يكون من لاه ليها كباع بيعا بمعني تستر و جاء لاه بمعني اله فادخل عليه الالف و اللام و ادغم اللام في اللام و الحق هو ما في حديث هشام كما مر و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۴ *»

الظاهر من ضم بعض النسخ ببعض انه كان الاصل هكذا و هو نور لاهوتيته الذي يبدي من الاه اي من الهيته من انيته الذي تبدي منه و تجلي لموسي بن عمران في طور سيناء فما استقر له و لاطاق موسي لرؤيته و لاثبت له حتي خر صعقا مغشيا و علي اي حال هو اشارة الي نور العظمة الذي خلق منه محمد9 يقول7 ذلك النور نور لاهوتيته الذي و هو صفة النور اي النور الذي يبدي اي يبديه الله و يظهره من الاه و فسره اي من الهيته او يبدي علي المجهول اي يظهر يعني مبدء نور العظمة الذي يظهره الله من الهيته هو نور لاهوتيته و قوله من انيته بدل من الهيته يعني نور العظمة هو نور لاهوتيته يظهره الله من الهيته و انيته و الذي الثانية بدل الذي الاولي اي الذي تبدي اي ظهر و تجلي لموسي اي تجلي الله لموسي بن عمران به في طور سيناء فما استقر له و لا طاق موسي لرؤيته و لاثبت له حتي خر صعقا مغشيا عليه فاذا عرفت ظواهر الكلمات علي ما اظن ان النسخة الصحيحة لعلها كذلك فاعلم ان مراتب التوحيد خمسة اللاهوت و الهوية و الالوهية و الاحدية و الصمدية فاللاهوت هو مقام الذات و نفي الهوية و الصفات و مقام اللاتعين و هو اعلي مقامات التوحيد و لايعرف الا بالفؤاد في مقام النقطة و الهوية هي مقام التجلي بالغيبوبة و الخفاء و هي مقام تثبيت الثابت و الاشارة الي الغائب عن درك الحواس و التعين الاول و ارق التعينات و الطفها و هي مقام لايدرك الا بالفؤاد لكن في مقام النفس الرحماني و الالوهية هي مقام اول الظهور و مبدء النور و مجمع الاسماء و الصفات و معدن الكمالات و اول اسم يضاف اليه كل صفة و لايضاف الي شيء منها و هي مقام لايدرك الا بالفؤاد لكن في مقام الالف و الاحدية هي مقام الوصف الاول الطاوي لجميع التجليات و الحاوي لكل الظهورات المنزه عن الكثرات الممتنع فيها ذكر مادونها من الحدود و الصفات و هي مقام لايدرك الا بالفؤاد لكن في مقام الحروف و الصمدية و هي مقام السلطنة و المقصودية من كل وجه و واجدية كل صفة بالفعل و الاقتران و هي مقام لايدرك الا بالفؤاد لكن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۵ *»

في مقام الكلمة فبها تمت كلمة التفريد و مقامات التوحيد فالالوهية من ذلك مقام اول الظهور و مبدء النور و الجامعية الكلية و العلمية و الائية الظاهرة و مقام اول التسمية و التعبير و الخليفة عن الهوية الغيبية و الترجمان عنها و المعبر عنها و الدليل لها و الموصل اليها و معناها و ظاهرها فلاجل ذلك خلق نور محمد من نور الالوهية الظاهرة التي هي خليفة الهوية الغيبية و هو نور لاهوتيته في الحقيقة اذ الكل له و مضاف اليه لكن هو نوره يبدو من الوهيته فانها اول ظهوراتها و اسمائها و تجلياتها و اعلامها و ما يعبر به عنها فاضاف النور اولا الي اللاهوتية ثم وصفه بانه نور يبديه الله من الوهيته كما ان اصل جميع الاثار حقيقتك ولكن درك المعاني منه يظهر من العقل و درك العلوم منه يظهر من النفس و هكذا كما ان درك الالوان منه يظهر من العين و درك الاصوات منه يظهر من الاذن و هكذا فكذلك نور محمد9 من نور ذات الله كماقال7 اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده الا انه ظهر من الوهيته فانه مقام اول الظهور و هو9 اول ما ظهر من غيب الغيوب و اول ما بدا من الغيب الذي لايدرك و اول معروف من المجهول الذي لايعرف و اول من تنتهي اليه الالفاظ و الكلمات و الاسماء و التعبيرات و ما قيل و ما يقال الي ما لانهاية له في الملك من النعوت و الاشارات فهو الحجاب الذي لايهتك و الحد الذي لايتجاوزه متجاوز انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله قال7 و هو المحتجب و نحن حجبه فهو غاية الغايات و نهاية النهايات و ليس وراء ذلك الا كشف الاستار و هتك سر الجبار و تلك الالهية هي الانية اذ الانية هي الوجود و هي الحقيقة و اول ظهور الانية و تجليها انما هو في الالوهية كما شرحنا و بينا و لافرق بين الانية و اللاهوت الا بالنفي و الاثبات و التعين و عدم التعين و الظهور و الخفاء كماقال7 و بمقاماتك و علاماتك التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لافرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك و ذلك النور اي نور الالوهية هو النور الذي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۶ *»

تجلي الله به لموسي7 حين سأل ربه فقال رب ارني انظر اليك فامر الله واحدا من الكروبيين الذين خلقوا من ظل نور الالوهية ان يتجلي لموسي و قومه فاندك الجبل و مات السبعون من قومه و خر موسي صعقا و نسبة ذلك الكروبي الي نور الالوهية نسبة الواحد الي السبعين او نسبة الواحد الي اربعة‌الاف و تسع‌مأة فقد روي عن ابي‌عبدالله7 ان الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الاول جعلهم الله خلف العرش لو قسم نور واحد منهم علي اهل الارض لكفاهم ثم قال ان موسي لما سأل ربه ما سأل امر احدا من الكروبيين فتجلي للجبل فجعله دكا انتهي و ذلك الكروبي هو حقيقة موسي عليه السلام التي هي جهة ارتباطه الي مبدئه و هي من شعاع محمد و آل محمد: الذين خلقهم الله من نور عظمته و الوهيته و انيته و لماكانوا سلام الله عليهم في ذلك المقام هم بانفسهم عظمة الله و جلال الله و كبرياء الله و صفة الوهية الله و انية الله و لايعرفون الا بالله عزوجل و لايطلق علي الله الا الحق كما قال عز من قائل لاتغلوا في دينكم و لاتقولوا علي الله الا الحق اطلق علي الكروبيين الخلق الاول جعلهم الله خلف العرش اي عند الوحدانية كما قال ابوعبدالله7 في قوله رب العرش عما يصفون قال اي رب الوحدانية فان مقام الوحدانية اي الاحدية هو المنزه عما يصفون الخلق باجمعهم و ان الله عزوجل جعل الكروبيين خلف عرش الوحدانية و هو مقام محمد و آل محمد: الذين خلق الله جميع خلقه في عوالمه من شعاع انوارهم فلايجري عليهم ما هم اجروه و لايعود فيهم ما هم ابدأوه فهم عرش الوحدانية التي قد استوي عليه الرحمن و تقدس عن مجانسة مخلوقاته و تعالي عن مشاكلة مذروآته فالكروبيون هم خلف هذا العرش مما يلي الدنيا لانهم خلقوا من شعاع العرش فلمااراد الله ان يتجلي لموسي و من معه امر حقيقة موسي التي هي المخلوقة من نور ذلك العرش اي عرش الوحدانية ان يتجلي علي الجبل و علي جبلات ساير من معه بكليته النسبية و علي جبلة موسي و جماديته و نباتيته و حيوانيته و انسانيته فماطاقت و ما ثبتت عند ظهور نور رب العالمين قال9

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۷ *»

اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و هو ذلك النور و آية تجليها علي بدنه و عدم طاقتها ما تشاهد من نفسك حين يستولي عليك الغضب او الهم و الغم او التوجه الي الله عزوجل فترتعد فرايصك و ربما يغشي عليك فان كنت انت مع محجوبيتك بحجب انيتك كذلك فما حاله و هو قد كشف له عن ذلك النور و عاين ذلك الظهور فلما سأل موسي ربه الرؤية اشتد توجهه الي الله و هتك الاستار و محا الاغيار و كشف السبحات و اغمض عن الكثرات فصحا له نور رب البريات و سري تجليه درجة بعد درجة الي ان ظهر آثاره في بدنه فماطاق و غشي عليه صعقا ولكن موسي له كلية بالنسبة الي قومه و الي ساير الجمادات و النباتات اثر تجلي حقيقته في الهوا و الجبل و ظهر للقوم بعض آثاره فلم‌تتماسك و مات القوم و اندك الجبل فعن ابي‌عبدالله7 ان موسي بن عمران لما سأل ربه النظر اليه وعده الله ان يقعد في موضع ثم امر الملائكة ان تمر عليه موكبا موكبا بالبرق و الرعد و الريح و الصواعق و كلما مر به موكب من المواكب ارتعدت فرايصه فيرفع رأسه و يسأل افيكم ربي فيجاب هو آت و قد سألت عظيما يا ابن عمران و عن ابي‌جعفر و ابي‌عبدالله8 قال لما سأل موسي ربه تبارك و تعالي قال رب ارني انظر اليك قال لن تراني ولكن انظر الي الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلماصعد موسي الي الجبل فتحت ابواب السماء و اقبلت الملائكة افواجا في ايديهم العمد و في رأسها النور يمرون به فوجا بعد فوج يقولون يا ابن عمران اثبت فقد سألت امرا عظيما قال فلم‌يزل موسي واقفا حتي تجلي ربنا جل جلاله فجعل الجبل دكا و خر موسي صعقا فلما ان رد الله اليه روحه و افاق قال سبحانك تبت اليك و انا اول المؤمنين و عن القمي قال قال فرفع الله الحجاب و نظر الي الجبل فساخ الجبل في البحر فهو يهوي حتي الساعة و نزل الملائكة و فتحت ابواب السماء فاوحي الله الي الملائكة ادركوا موسي لايهرب فنزلت الملائكة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۸ *»

و احاطت بموسي و قالوا اثبت يا ابن عمران فقد سألت الله عظيما فلما نظر موسي الي الجبل قد ساخ و الملائكة قد نزلت وقع علي وجهه فمات من خشية الله و هول ما رأي فرد الله عليه روحه فرفع رأسه و افاق قال سبحانك الاية و قال ابوعبدالله7 في قوله فلما تجلي ربه للجبل الاية ساخ الجبل في البحر فهو يهوي حتي الساعة و عن النبي9 صار الجبل ستة اجبل وقعت ثلثة بالمدينة و هي احد و وقار و رضوي و ثلثة بمكة وهي ثور و ثبير و حراء و سئل علي7 عن الذر الذي يدخل كوة البيت فقال ان موسي7 لما قال رب ارني انظر اليك قال الله عزوجل ان استقر الجبل لنوري فانك تقوي ان تنظر الي و ان لم‌يستقر فلاتطيق ابصاري بضعفك فلماتجلي الله للجبل تقطع ثلث قطع قطعة ارتفعت في السماء و قطعة ساخت في تحت الارض و قطعة بقيت فهذا الذر من ذاك الغبار غبار الجبل و سئل عن قول موسي رب ارني انظر اليك قال فكانت مسألته تلك امرا عظيما و سأل امرا جسيما فعوقب فقال الله تبارك و تعالي لن تراني في الدنيا حتي تموت فتراني في الاخرة ولكن ان اردت ان تراني في الدنيا فانظر الي الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فابدي الله سبحانه بعض آياته فتجلي ربنا للجبل فتقطع الجبل و صار رميما و خر موسي صعقا ثم احياه الله و بعثه فقال سبحانك تبت اليك و انا اول المؤمنين يعني اول من آمن بك منهم انه لن‌يراك بالجملة لاشك ان الله جل جلاله لايتجلي بذاته كما قال ابوعبدالله7 فتجلي لخلقه من غير ان يكون يري و هو يري انتهي و لافرق في ذلك بين الدنيا و الاخرة فما روي من الرؤية في الاخرة فليس علي معني رؤية الذات و انما المراد ان في الاخرة يصفو قلبك عن التعلق بالكثرات و تتخلص عن اغشية الظلمات فتزداد يقينا و تراه بعينك التي اعارك اياها لتراه بها و ينظر اليك بها و قد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲۹ *»

قال اميرالمؤمنين7 لم‌تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقايق الايمان و سئل ابوعبدالله7 عن الله عزوجل هل يراه المؤمنون يوم القيمة قال نعم و قد رأوه قبل يوم القيمة فقيل متي قال حين قال الست بربكم قالوا بلي ثم سكت ساعة ثم قال و ان المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيمة الست تراه في وقتك هذا قيل فاحدث بهذا عنك فقال لا فانك ان حدثت به فانكره منكر جاهل بمعني ما تقوله ثم قدر ان هذا التشبيه كفر و ليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالي الله عما يصفه المشبهون و الملحدون انتهي بالجملة ان الله جل جلاله خلق نور محمد9 من نور الوهيته اي مادة النبي9 نور الالوهية الجامعة لجميع الصفات الكمالية المهيمنة علي جميع الاسماء و الصفات المتعالية عن جميع الحدود و الكثرات الذي هو اول ظاهر من الكاينات كما في الزيارة السلام علي اسم الله الرضي و وجهه المضيء و نور الالوهية هو علي البيانية كما يقال نور المؤمن و المراد حقيقته لا شعاعه و‌ آثاره التي هي التمليكية و اللامية و لا غرو لان الاسم كائنا ما كان غير المسمي و الظهور غير الذات قال7 نحن والله الاسماء الحسني التي امر الله ان تدعوه بها و لعلي نقلته بالمعني و نور الالوهية هو نور الانية و الوجود الظاهر من حيث هو هو فان الالوهية هي مقام اول تعين ظاهر في عرصة الخلق و اول تمثل و اول ظهور.

قال7 و كان ذلك النور محمدا و في نسخة نور محمد فلما اراد ان يخلق محمدا9 قسم ذلك النور شطرين فخلق من الشطر الاول محمدا و من الشطر الاخر علي بن ابي‌طالب و لم‌يخلق من ذلك النور غيرهما الي آخر.

اعلم ان لهم صلي الله عليهم مقامات عديدة و لهم في كل مقام حالة و صفة و عالم و لذلك اختلفت الاخبار في بدء انوارهم و شأنهم فان كل خبر جري علي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۰ *»

حسب ما يقتضيه المكان و الزمان و حال السائل و غير ذلك و اول مقام لهم صلوات الله عليهم مقام الوحدة و الاتحاد الدالة علي وحدة الله جل و علا للعباد التي وصف الله بها وحدته لاهل الانداد و هو حيث كانوا من نور الالوهية قل انما انا بشر مثلكم يوحي الي انما الهكم اله واحد و قل هو الله احد و من يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم فهنالك مقام اولنا محمد و اوسطنا محمد و آخرنا محمد و كلنا محمد و انا محمد و محمد انا و اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة و امثال ذلك لكن من حيث الائية ففي ذلك المقام كلهم نور واحد يدل بوحدته علي وحدة الله جل و عز فقوله7 و كان ذلك النور محمدا او نور محمد يعني في مقام الجامعية من حيث هو و قوله فلما اراد ان يخلق محمدا يعني في مقام الفرق و الاثنينية قسم ذلك النور يعني في مقام الظهور لا في ذاته فلايكون بعد نور متحد بل ذلك النور المتحد في مقام ذاته موجود علي وحدته لا فناء له و لا زوال و لايتكثر بعد توحده و هو من حيث الاعلي ابدا آية التوحيد و سر التفريد لكنه تجلي في المقام الثاني بنوره و تنزل بنور مثني مجزي قابل للتقسيم بان ظهر فيه جهتان جهة رب و جهة نفس و ربوبية و عبودية فجعل الله جهته الي ربه مبدءا للنبوة المطلقة و جهته الي نفسه مبدءا للولاية المطلقة و لماكان جهته الي ربه جهة وحدانية قد غلب فيها جهة الوحدة و الائية للاحد اتحد المخلوق منها فكان محمدا9 بتعينه و لماكان جهته الي نفسه متكثرة بالنسبة صارت مبدء الكثرات يتجلي في الجهات فالمخلوق من هذه الجهة هو الولي المطلق لا المتعين و ذلك الولي المطلق هو الذي سماه بعلي و هذا هو العلي الكلي الواقف مقام العصا في قوله و اذ استسقي موسي لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل اناس مشربهم فموسي هو محمد9 صاحب النبوة المطلقة و قومه امته فقلنا اضرب بعصاك اي الولي المطلق الحجر و هو فاطمة3 فانبجست منه اثنتا عشرة عينا اي اثنا عشر اماما قدعلم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۱ *»

كل اناس في كل عصر مما يلي امامهم مشربهم فالعصا هو مقام الولاية المطلقة و صاحبها علي فانهم كلهم علي حقيقة و هو الذي يتقلب في الصور كيفما يشاء الله

ما في الديار سواه لابس مغفر

و هو الحمي و الحي و الفلوات

و هذه الاثنينية تتحقق في مقام العقل باعتبار و في مقام النفس باعتبار كما ان الوحدة الاولية في مقام الفؤاد ففي مقام العقل حصل الاثنينية فانه اول الظهور و مبدء النور و اول التعين و هذا الذي اشار اليه ابوجعفر7 لمحمد بن سنان يا محمد ان الله تبارك و تعالي لم‌يزل متفردا بوحدانيته ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة فمكثوا الف الف دهر الخبر فالله سبحانه لم‌يزل متفردا بوحدانيته اي في مقام المحمدية العامة ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة في مقام الفرق و خلق فاطمة من نفس علي7 كما قال الله جل جلاله خلق لكم من انفسكم ازواجا ففاطمة خلقت من نفس علي و انيته و ماهيته التي هي ضلعه الايسر فذلك المقام الاول هو الواحد و النبوة و الولاية هما الاثنان و النبوة و الولاية و العصمة هي الثلثة و عن النبي9 اول ماخلق الله نوري ابتدعه من نوره و اشتقه من جلال عظمته فاقبل يطوف بالقدرة حتي وصل الي جلال العظمة في ثمانين الف سنة ثم سجد لله تعظيما ففتق منه نور علي فكان نوري محيطا بالعظمة و نور علي محيطا بالقدرة الخبر فقوله9 اول ما خلق الله نوري اي في مقام الوحدة العامة الكلية ابتدعه من نوره اي من نور الوهيته و انيته و نور عظمته فاقبل يطوف بالقدرة المراد بالقدرة هنا مقام العقل من حيث الرب فانه ظهور مشية الله جل و عز و قدرته التي استطال الله بها علي كل شيء فكان يطوف بالقدرة ثمانين الف سنة الي ان نزل الي مقام العظمة و هي مقام النفس فهيهنا سجد و خضع لله تعظيما و وضع جبهته علي التراب تراب النفس فهيهنا فتق منه نور علي الذي هو نفسه فكان نوره محيطا بالعظمة التي هي نور علي و كان نور علي محيطا بالقدرة يعني باطن محمد محيط بظاهر علي و باطن علي محيط بظاهر محمد8

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۲ *»

كما قال علمني علمه و علمته علمي و مثل الباطنين العرش و الكرسي و الظاهرين الشمس و القمر فالقدرة التي هي محاط علي7 هي ظاهر القدرة فافهم و هذا الخبر علي ان يكون النفس هي مقام الاثنين كما اشرنا اليه سابقا بالجملة انوارهم سلام الله عليهم في مقام المحمدية واحدة وحدة ليست بشخصية فتكون شخصا كالاشخاص و لا نوعية فتكون نوعا كالانواع و لا حقيقية فتكون بسيطة كذات الازل جل شأنه بل وحدتها وحدة وصفية تكون آية واحديته عزوجل و اذا نزلت درجة ظهر فيها آثار التركيب ولكن ادني درجات التركيب فكان لها مقامان اعلاهما مقام الارتباط بالعالي و البرزخية فكان مبدء نور النبوة و ادناهما مقام نفسه و عبوديته فكان مبدء الولاية لكن علي نحو الكلية فلما تنزلت درجة اخري تأكد فيها الانية و تفصلت في الجملة فظهر الثلثة النبوة و الولاية و العصمة فلما نزلت درجة اخري ظهر التفصيل في الانية و بدت الكثرة في ثلث دورات اولا لان ادوار القابلية ثلثة تجسمت في العالم الظاهر بالجمادية و المعدنية و النباتية و في الغيب كيان ثلثة و هي الانية من حيث هي هي مختلفة الاجزاء و غير مؤتلفة و اول مقام التركيب و حصول الواحديه الظاهرية التأليفية غير معتدلة الموازين و غير متفقة الطبايع و آخر مقام التركيب و حصول الوحدة الحقيقية الاتحادية و الاعتدال الميزاني و الاتفاق الطبيعي فلاجل ذلك ظهر فيه آية حيوة العالي المقبولة بالجملة اول مقام تكثر الانية تميز الادوار الثلثة و ظهر اقل مراتب الكثرة فاذا نزلت درجة اخري ظهر كل دورة بكيفيات اربع عليها مدار حدوث كل حادث فتحقق اثنا عشر مقاما عليها مدار كثرات الانية و آية هذه المقامات العرش المتوحد الاطلس المتنزه عن الكثرات و الكرسي المفصل بدورات ثلث المفصلة بطبايع اربع فتحقق له اثنا عشر برجا و مقام الارض و هي آخر مقامات الانية فلما استسقي موسي العرش لقومه قال الله عزوجل له اضرب بعصاك الكرسي الحجر الارض و زوج بينهما فانبجست منه اي من حجر الارض اثنتا عشرة عينا كانت اذكارها في صلب العصا و هي البروج الاثنا عشر فتحقق في الارض اثنتا عشرة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۲ *»

عينا يجري من باطنها الي ظاهرها مياه امداد ينتفع بها الخلق و تلك الانهار اربعة اصناف من اصناف الجمادات و هي العناصر الاربعة و ماغلبت فيها من التركيبات الناقصة و اربعة اصناف من المعادن و هي المعادن الظاهرة المتفتتة و المتحجرة و الخفية المنطرقة و المنسحقة و اربعة اصناف من النباتات و هي الاشجار الباقية سنين ذوات اخشاب صلبة و الاشجار التي ليست بذوات اخشاب و تبقي سنين و اعمارها قليلة كالخروع في البلاد الحارة و التي لايبقي فروعها و يبقي اصولها سنين فيأتي في كل ربيع و يذهب في كل شتاء كالخطمي مثلا و التي لايبقي فروعها و لا اصولها كالحنطة و الشعير فهذه اثناعشر نهرا تجري بامر الله من حجر الارض لانتفاع اهل الارض و لك في لحاظ ان تعد الادوار الجماد و النبات و الحيوان فان المعدن لا حيوة له و لا نفس و هو جمادي و الوجه الاول بنظر ان القابلية مقام الارض و المقبولية مقام السماء فما من الارض ثلثة جماد و معدن و نبات ثم يظهر عليها المقبول الذي من السماء و هو الروح الحيوانية و في هذا النظر عمموا الحيوان علي ان الانسان حيوان ناطق و اما الوجه الثاني الانسانية هي المقبول و قابلية الجمادية و النباتية اللتين هما من الارض و الحيوانية التي هي من السموات التي هي دخان صعد من الارض و هي من لطايف الارض ارض القابلية فما منها و هو الحيوانية من حدود القابلية و المقبولية الانسانية من الكرسي كما ان بلحاظ آخر حدود القابلية ثلثة و هي النباتية و الحيوانية و الانسانية و المقبول لذلك هو الكلية الالهية التي هي من العرش و لكل وجه بالجملة للمقبول في كل اعتبار مقام ظهور المحمدية و النبوة و للقوابل مقام ظهور جهات الولاية العلوية كما بينا و شرحنا و اما قوله7 و لم‌يخلق من ذلك النور غيرهما فاعلم ان كل اثنين في ملك الله لايخلو اما ان يتحدا في مادة مشتركة بينهما و يختلفا في الصورة و اما ان يختلفا في المادة و الصورة و اما اتفاقهما في الصورة فمحال فانها مما به يمتاز الاشياء اما الاول فذلك كالاشياء التي بينها نسبة التواطي كجماد و جماد و نبات و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۴ *»

نبات و حيوان و حيوان و انسان و انسان و هكذا فهذا النوع من الخلق يشترك افراده في تلك الحقيقة النوعية و هي امكانها المطلق يمكن في كل حصة منه التصور بكل صورة من صور الافراد و مثله المداد و الحروف حيث تشترك في المداد و هو امكانها و يمكن في كل قطرة منه التصور بصورة كل حرف و مرادي بالمداد هنا المداد الدهري الكلي النوعي و الا فالمداد المشهود في القارورة حرف من الحروف يخلع منه صورة و يلبس صورة و الكلي النوعي لايحضر في محضر الافراد فهذه الافراد نسبتها نسبة التواطي و اما ما كانت من الافراد علي التشكيك فهي ايضا من نوع واحد الا ان فعليات الصور تختلف في الشدة و الضعف و اللطافة و الكثافة نعم الصورة اللطيفة تلبس علي المادة اللطيفة و الصور الكثيفة تلبس علي المادة الكثيفة فالماس و الحجر الغاسق و ان كان كلاهما من العناصر الاربعة الا ان الماس من صوافيها و الحجر من غلايظها و كثائفها ففي الحقيقة لايمكن الباس صورة الحجر علي مادة الماس الا ان تغلظ و لالبس صورة الماس علي مادة الحجر الا ان تلطف فالمادة اللطيفة و المادة الكثيفة صنفان من نوع واحد فالافراد التشکيکية و ان‌کانت من نوع واحد هي من اصناف متعددة لايسع من هو من صنف ادني ان يكون من الصنف الاعلي الا بنقض و حل و عقد و لم‌يجر العادة به و ذلك قول ابي‌عبدالله7 لو علم الناس كيف خلق الله تبارك و تعالي هذا الخلق لم‌يلم احد احدا فقيل له اصلحك الله و كيف ذاك فقال ان الله تبارك و تعالي خلق اجزاءا بلغ بها تسعة و اربعين جزءا ثم جعل الاجزاء اعشارا فجعل الجزء عشرة اعشار ثم قسمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء و في آخر عشري جزء حتي بلغ به جزءا تاما و في آخر جزءا و عشر جزء و آخر جزءا و عشري جزء و آخر جزءا و ثلثة اعشار جزء حتي بلغ به جزئين تامين ثم بحساب ذلك حتي بلغ بارفعهم تسعة و اربعين جزءا فمن لم‌يجعل فيه الا عشر جزء لم‌يقدر علي ان يكون مثل صاحب العشرين و كذلك صاحب العشرين لايكون مثل صاحب الثلثة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۵ *»

الاعشار و كذلك من تم له جزء لايقدر علي ان يكون مثل صاحب الجزئين و لو علم الناس ان الله عزوجل خلق هذا الخلق علي هذا لم‌يلم احد احدا انتهي الي غير ذلك من الاخبار فمن جعل علي جزء لم‌يقدر علي ان يكون مثل من جعل علي جزئين لانه من صنف اعلي له مادة الطف و صورة الطف و من جعل علي جزء له مادة اكثف و صورة اكثف فلايقدر ان يكون كصاحب الجزئين و لذا روي لو علم ابوذر ما في قلب سلمان لكفره لانه لايطيقه ولكن الاختلاف الصنفي اهون من الاختلاف النوعي و اما اصحاب التواطي فيسع احدهم ان يكون كالاخر و يكلف بما يكلف الاخر و لايعذر ان لايكون كالاخر في الخير بخلاف اصحاب التشكيك فانه لايكلف الادني بما كلف به الاعلي و لايراد منه ما يراد من الاعلي و لايلام علي عدم بلوغه حد الاعلي فلو كان ابوذر من صنف سلمان و كان ابوذر بحيث لو كلف بامر كلف به سلمان لكفر و لم‌يقبل لكان كافرا غير مسلم ولكنه عذر و لم‌يلم لانه لم‌يكن من صنفه و ماكان يحتمل ماكان يحتمل و لايكلف الله نفسا الا وسعها و لذا روي ان سلمان كان في الدرجة العاشرة و اباذر في الدرجة التاسعة من الايمان فافهم و اجمل لك القول ان الامر ان كان برهانه مما يسعك فهمه و هو من عالمك و تراه و تفهمه فهو مما كلفت به و تلام علي عدم القبول ان لم‌تقبل و ان كان برهانه مما لاتدركه و لاتشعر به و لو القي اليك فهو مما لاتطيقه و لاتلام علي تركه و لم‌تكلف به و ذلك قوله تعالي لايكلف الله نفسا الا ما آتاها اي ماعرفها فلايزعمن زاعم ان هولاء الاقشاب الذين يردون علينا فضائل آل محمد: و يكفروننا و لايتحملون هم معذورون لنقصان عقولهم و هو من باب رد ابي‌ذر علي سلمان حاشا فان ما نبديه و نبينه ادلته في الكتاب و السنة موجودة و قد اخذ الله الميثاق عليهم بالعمل بما فيهما و الرد اليهما بل نحن نلتزم بان لانقول في آل محمد: شيئا الا ان نأتي له بشاهد من احاديث العامة و معترف به من علمائهم فكيف يسع هؤلاء المعاندين ان يردوا علينا و كيف يعذرون بتكفيرهم المعترفين بفضائل آل محمد: و ان ما لابرهان له

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۶ *»

من عالمهم اي ظواهر الكتاب و السنة فلايلقي اليهم و لايخرج من الصدور الي الطروس و لايسمعونه و من ذلك ما يلقي صاحب الزمان صلوات الله عليه و علي آبائه الي اصحابه فيردون عليه و يكفرون فيذهبون و يجولون الارض فلايجدون بدا من القبول فيأتون و يقبلون و اما الثاني اي ما يختلف في المادة النوعية فلابد فيهما من الاختلاف في الصورة ايضا لان الصور العالية تلبس علي المواد العالية و الصور الدانية تلبس علي المواد الدانية فالاعالي محجوبون باشعة انوارهم عن اعين الاداني فلايرونهم و لايدركونهم و لايعرفونهم و لايقدرون علي وصفهم قال ابوجعفر7 ان الله عزوجل لايوصف و كيف يوصف و قال في كتابه و ماقدروا الله حق قدره فلايوصف بقدر الا كان اعظم من ذلك و ان النبي9 لايوصف و كيف يوصف عبد احتجب الله عزوجل بسبع و جعل طاعته في الارض كطاعته في السماء فقال و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و من اطاع هذا فقد اطاعني و من عصاه فقد عصاني و فوض اليه و انا لانوصف و كيف يوصف قوم رفع الله  عنهم الرجس و هو الشك و المؤمن لايوصف و ان المؤمن ليلقي اخاه فيصافحه فلايزال الله ينظر اليهما و الذنوب تتحات عن وجوههما كما تتحات الورق من الشجر انتهي فالذي متأخر رتبة مادة و صورة لايقدر علي معرفة الذي هو فوق مشاعره و لم‌يؤخذ مادته من مادته و لا صورته من صورته اللهم الا ان ينزل ذلك العالي و يتجلي في بدن من جنس الاداني للاداني فذلك البدن الداني هو من جنس الاداني يرونه و يعرفونه و يلامسونه و يصلون اليه و هو ليس بذاك الذي هو مستعل مادة و صورة بل هو من جنس مادتهم و صورتهم نعم هو بالنسبة اليهم علي التشكيك فهو اطهرهم و افضلهم و اكملهم و ذلك قوله تعالي انا بشر مثلكم و المماثلة تكون في النوع كما ان المجانسة تكون في الجنس و المشاكلة تكون في الافراد و لولا ان المراد بالمماثلة المماثلة في النوع للزم التناقض فانه كان يجب

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۷ *»

ان يكون طويلا قصيرا ابيض احمر عالما جاهلا صحيحا مريضا عادلا فاسقا و ذلك لايقول به عاقل فالمراد المماثلة في النوع و هو افضل افراد النوع فهو اعلمهم و اقومهم و اسبقهم و ادومهم و اكملهم و هكذا لقيام الضرورة علي انه خير خلق الله و انه الواسطة بين الله و بين خلقه فهو الطفهم و لاجل ان بدنه الظاهري في اعلي الدرجات التشكيكية و صفوة الله من خلقه لايسبقهم سابق و لايفوقهم فائق و لايلحقهم لاحق و صاروا ائمة و حججا لمن دونهم و علي من سواهم و اما مقامهم الذي يخصهم فذلك فوق شهادات الخلق قد بانوا من الخلق بموادهم و صورهم فلم‌يشاركهم احد في فضل لا ملك مقرب و لا نبي مرسل و لم‌يجعل الله لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا و لم‌يجعل لاحد مشعرا من جنسهم فهم مجهولون لهذا الخلق كما ان ماسوي المدركات الخمسة لو كان والله اعلم مجهول مطلق لك و شهاداتك منحصرة في هذا الخمس كذلك جميع شهاداتك منحصرة فيما خلقت منه و ليس لك مشعر خارجا عن فسحة وجودك فماوراءها مجهول مطلق لك فاذا كنت هكذا بالنسبة الي اوائل جواهر العلل فمايكون حالك بالنسبة الي الله عزوجل و هو اصدق القائلين و المخبرين عن نفسه يقول لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و يقول وليه ظاهري امامة و وصية و باطني غيب ممتنع لايدرك بالجملة هذا النوع من الخلق النسبة بين افراده الاثرية و المؤثرية و الداني ظهور العالي و نوره و تمثله منطو تحت احديته يمتنع وجود الداني في رتبة العالي و العالي قد طوي الداني تحت احديته و هو اوجد منه في امكنة وجوده و اولي به منه و اقرب اليه منه متمثل ظاهر به له في تلك الرتبة قريب منه في بعده و بعيد منه في قربه عال عنه في دنوه و دان منه في علوه ناء منه لاببعد مسافة و قريب منه لابتداني مماسة مع امتناع الداني عن العالي و العالي عن الداني و هو رمز مبهم و سر منمنم لايزيده البيان الا خفاءا و لا السكوت الا عمي فاكتف بما ذكرنا و مرادي بامتناع الاثار في المؤثرات الامتناع الخلقي كامتناع كون البياض

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۸ *»

سوادا و السواد بياضا فانهما من صقع الخلق لا الامتناع الحقيقي و لا بأس بالاشارة الي ذلك هنا فانا لم‌نشرحه في غير هذا الكتاب اعلم انا نقول ان الفعليات الخلقية من حيث هي يمتنع ان تكون غير هي كما ان السواد من حيث انه سواد يمتنع ان يكون بياضا فعلي هذا السواد من حيث انه سواد يجب ان يكون سوادا ولكن وجوب كون السواد سوادا بايجاب الله سبحانه فلو لم‌يخلق الله السواد و لم‌يخرجه من الامكان لم‌يكن السواد فبعد ما خلق الله كان السواد فهو واجب بعد ايجاب الله و بعد خلقه اياه هو هو و اما قبل فهو معدوم في الامكان غير متعين و تلك القطعة من الامكان تصلح لان تكون سوادا و بياضا كما تري في المداد انه يصلح لان يكون الفا و ان يكون باءا و اما اذا كتبت به الالف فالالف من حيث انها الف يمتنع ان تكون باءا من حيث انها باء و لو لم‌تكتبها لم‌تكن شيئا حتي يمتنع ان تكون غيرها و كذلك المؤثر بعد ان خلقه الله و جعله هو هو يمتنع ان يكون اثرا و يمتنع الاثر فيه و لو لم‌يخلقه الله سبحانه لم‌يكن مؤثر حتي يجب ان يكون هو هو و يمتنع عن ان يكون غيره و كذلك حال الاثر بعد ان خلقه الله امتنع ان يكون مؤثرا من حيث انه اثر و يجب ان يكون اثرا و ان لم‌يخلقه الله لم‌يكن شيئا حتي يجب ان يكون ذلك الشيء فاذا قلنا ان الاثر يمتنع في المؤثر نريد منه هذا المعني و لا كذلك قولنا ان الخلق يمتنع في الخالق فان الخالق هو الواجب القائم بنفسه يمتنع امكانه و عدمه فلم‌يسبقه امكان فيكون فيه معدوما و صالحا لان يكون و ان لايكون فهو قائم بنفسه بالفعل هو هو و يمتنع ان يكون غيره و جميع ماسواه ممكن فان القديم معني واحد احدي لايتعدد و ما فرض تعدده ليس بقديم و ما به اشتراك المتعددين امكان المتعددين و الا لم‌يكونوا منه فجميع الامكان ممتنع في الازل القديم الواحد الاحد هذا و المؤثر و الاثر و ان لم‌يشتركا في مادة هما مشتركان في الجنس و مثلهما الغنم و البقر و ان لم‌يشتركا في النوع لكنهما يشتركان في الجنس الذي هو الحيوان الا تري ان المؤثر و الاثر مخلوقان و شيئان ممكنان و موجودان حادثان فبينهما اشتراك في الجنس الاعلي لامحالة غاية الامر انهما في المادة متفارقان و نوع الاثر متأخر وجودا عن نوع المؤثر و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳۹ *»

نوع المؤثر طاو لنوع الاثر و اما عند الاعلي فكلاهما منطويان تحت اعلي منهما الذي نسبته اليهما علي السواء و امثل لك مثالا تعرف به المسألة عيانا السيف غير السكين و السكين غير السيف و نسبتهما التواطي يمكن كسر السيف و صوغه ثانيا سيفا و كسر السيف و صوغه ثانيا سكينا و هما منطويان تحت الحديد و هو مؤثر لهما و هما اثراه و ظهوراه و تمثلاه و وجوداه في الخارج و مادة السيف و السكين من ظهور الحديد و الدليل علي ذلك ان السيف حديد تام لا بعض الحديد و السكين حديد تام لا بعض الحديد فليس مادتهما نفس الحديد و لم‌يتبعض الحديد و لم‌يتحصص و مادتهما من ظهور الحديد بهما لانطوائهما تحت الحديد و قد اعطاهما اسمه و حده و الحديد مادته ليس من ظهوره بل من حقيقة عليا فليس مادة السيف و السكين من مادة الحديد و هما اثره و ظهوره و نوره لانطوائهما تحته و يمتنعان في الحديد لان الحديد من حيث انه حديد عدمهما و هما هما بوجودهما و الوجود من حيث انه وجود يمتنع ان يكون عدما و العدم من حيث انه عدم يمتنع ان يكون وجودا و اما السيف و الحديد فكلاهما منطويان تحت المعدني المنطرق المهيمن عليهما فافهم فهكذا حال الاثر و المؤثر كلاهما منطويان تحت الوجود الاطلاقي الاعلي و لا كذلك حال امتناع الخلق في الخالق فليسا بمنطويين تحت اطلاق اعلي و ان زعم المتكلمون المعرضون عن آل محمد: ان الوجود المطلق مهيمن عليهما و الواجب فرد من افراده و الحادث فرد من افراده و هو غلط باطل و زبد مجتث زايل و كذلك يقول من ينقطع عن آل محمد: بالجملة تواترت الاخبار و تكاثرت الاثار حتي ملأ الاقطار ان الخلق من نور محمد و آل محمد: و ان الله خلقهم قبل خلق الخلق بالف الف دهر ثم خلق الخلق من نورهم فهم الشمس المضيئة في سماء اللاهوت و السراج المنير في فضاء الماهوت لايسبقهم سابق و لايفوقهم فائق و لايلحقهم لاحق و لايطمع في ادراكهم طامع فهم المؤثرون لجميع من دونهم و جميع من دونهم من الانبياء الي التراب آثارهم لم‌يخلق شيء من تلك الاثار مما خلق منه محمد و آله الاطهار

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۰ *»

: و انما نسبة الاثر الي المؤثر كنسبة الكلام الي المتكلم و القيام الي القائم ان توجه اليه كان و ان اعرض عنه لم‌يكن و لم‌يخلق الله خلقا مما خلق منه انوارهم و حقائقهم و الا لساواهم و كان النسبة بينهم و بينهم التواطي نعوذ بالله قال ابوعبدالله7 خلقنا الله من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فاسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا و بشرا نورانيين لم‌يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا الخبر. فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر انه لم‌يخلق الله من نور العظمة و الجلال غيرهما و حقيقة جميع من سواهم من دون حقيقتهم فالكل اشباحهم و آثارهم و انوارهم قائمة بهم و ان ظهروا في عرض الاثار بلباس الاثار. 

قال7 خلقهما الله بيده و نفخ فيهما بنفسه من نفسه لنفسه و صورهما علي صورتهما الي آخر و ترك في نسخة قوله من نفسه.

اعلم ان اليد في اللغة القوة و القدرة و السلطان و الملك و النعمة و ان كانت اسما لجارحة مخصوصة ولكنها لايناسب القديم الاحدي جل شأنه فالمراد هنا احد تلك المعاني و كلها صحيحة اي خلقهما الله بقوته و قدرته و بسلطانه و بملكه و بنعمته ولكن لذلك التخصيص معني خاص و الا فقد خلق الله جميع ما خلق بقوته و قدرته و سلطانه و نعمته فالمعني الذي هو شرف لهم دون غيرهم هو ان الله سبحانه لاشك في انه لايجري الاشياء بذاته الاحدية اذ لاتقارن شيئا و لاتلامس شيئا و لاتتغير عما هي عليه و لاتتجزا و لاتتبعض و لاتتحرك بعد سكون و لاتنتقل من حال الي حال و لاتجامع بعد تفرد و لاتستأنس بعد توحش و ابي ان يخلق ما يخلق الا باسبابها و جعل تلك الاسباب بعضها مترتبا علي بعض و بعضها مستنبطا من بعض و بعضها حاصلا من بعض و بعضها ناشيا من بعض فجميع تلك الاسباب الخلقية كلها مسبب من جهة و سبب من جهة الا تري ان الحمي تحدث من عفونة الاخلاط و العفونة تحدث من الحرارة الغريبة الواردة و الحرارة الغريبة تحدث

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۱ *»

من المؤثرات الخارجة و هكذا تترتب الاسباب بعضها ببعض حتي تنتهي الي سبب الاسباب و السبب الذي ليس بمسبب لغيره و ان كان مسببا لنفسه اذ خلقه الله بنفسه و لابد ان يكون هو اول ماخلق الله الذي ليس قبله خلق يقوم به و يستند اليه فذلك هو سبب الاسباب و هو المخلوق بنفسه و لايعقل ان يفني المخلوق بنفسه او يكون له اول او آخر فانه ان فرض له عدم وجب ان يمتنع خروجه اذ المعدوم لايوجد نفسه و لاسواه شيء يوجده فليس له اول مبتدا و لايعقل فناؤه اذ هو لايفقد نفسه و هو قائم بنفسه و هو هو فليس له آخر منتهي فهو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن و الازلي الخلقي و القديم المدي الذي ليس لوجوده مبتدا و لا لكونه منتهي بالجملة هذه و ما لايقدر هذا الناس سماعه صفة اول ماخلق الله و هو سبب الاسباب و مفتاح الباب و مختام الكتاب و هو قوله7 خلق الله المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية و قد قام الاجماع من المسلمين ان محمدا9 اول ماخلق الله و قد قام اجماع الشيعة ان الائمة: من نوره و طينته و اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض فهم اول ماخلق الله فهم سلام الله عليهم سبب الاسباب و مفتاح الباب منهم البدء و اليهم الاياب لاشك في ذلك و لا ارتياب و اليهم منتهي الاسباب في كل باب فهم السبب الاعظم الذي ساير الاسباب اشعتهم و انوارهم و آثارهم كماقال7 في حديث و نحن سبب خلق الخلق و في الزيارة فما من شيء منا الا و انتم له السبب و اليه السبيل الزيارة فهم السبب الذي به خلقهم الله اذ خلقهم بانفسهم اذ لم‌يسبقهم سابق و لم‌يفقهم فائق و جميع من سواهم خلقهم بهم و بانوارهم و آثارهم و لماكانوا سلام الله عليهم قد فنوا في جنب الله حتي لم‌يبق لهم من حيث انفسهم وجود و تمحضوا بقدر ما يسع الامكان في حيث الرب صاروا جهة الرب و جهة خطابه و صنعه و معرفته و اضافته فجميع ما يضاف اليهم مضاف الي الله وحده و لذلك صار من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله و من تخلي منهم فقد تخلي من الله و من اطاعهم فقد اطاع الله و من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۲ *»

عصاهم فقد عصي الله و من احبهم فقد احب الله و من ابغضهم فقد ابغض الله و من اعصتم بهم فقد اعتصم بالله و هكذا كما في الزيارات و الاخبار فالاسباب اسبابهم و الايدي ايديهم و الوجوه وجوههم و الافعال افعالهم و الاقوال اقوالهم و الاحكام احكامهم و الاثار آثارهم و الانوار انوارهم في الدعاء لايري فيه نور الا نورك و لايسمع فيه صوت الا صوتك و في الدعاء ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدل عليك و متي بعدت حتي يكون الاثار هي التي توصلني اليك عميت عين لاتراك و لاتزال عليها رقيبا الدعاء و الغرض انه

ما في الديار سواه لابس مغفر

و هو الحمي و الحي و الفلوات

فالله سبحانه خلقهم اذ خلقهم بيده العليا التي ليس فوقها يد يد الله فوق ايديهم و خلق ما خلق بساير الايدي الدانية التي منها قوله لما خلقت بيدي استكبرت الاية و منها قوله الله يتوفي الانفس حين موتها و قوله و السماء بنيناها بايد و انا لموسعون و الارض فرشناها فنعم الماهدون في دعاء الحسين7 اللهم منك البدء و لك المشية و لك الحول و لك القوة و انت الله الذي لا اله الا انت جعلت قلوب اوليائك مسكنا لمشيتك و ممكنا لارادتك و جعلت عقولهم مناصب اوامرك و نواهيك فانت اذا شئت ما تشاء حركت من اسرارهم كوامن ما ابطنت فيهم و ابدأت من ارادتك علي السنتهم ما افهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك و تدعو اليك الدعاء فتدبر تفهم.

و اما قوله و نفخ فيهما بنفسه من نفسه لنفسه فاعلم ان المراد بالنفخ نفخ الروح و انما ينفخ الروح في الجسد الذي هو دونه لا في المقام الاعلي منه فالمنفوخ اعلي و اشرف من المنفوخ فيه البتة فالمراد بقوله خلقهما الله بيده خلق ابدانهم في تلك البحبوحة العلياء اي ادني مراتبهم و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۳ *»

اسفل مقاماتهم فلماخلق تلك الابدان و الظواهر الطاهرة نفخ فيها الروح الذي هو اعلي و اشرف من تلك الابدان اذ به حيوتها و به ارتباطها بملكوتها و تعلقها بمبدئها و من البين ان الروح لطائف الجسد و رقايقه و لذا قال7 في الروح انه جسم رقيق البس قالبا كثيفا فالنسبة بينهما تشكيكية يختلفان في المادة الصنفية يجتمعان في النوع فهما من مادة نوعية واحدة و ان اختلفت مراتبها في اللطافة و الكثافة فما لطف منها صور بصورة لطيفة روحانية و ما كثف منها صور بصورة كثيفة جسدانية فالروح في الحقيقة جسد رقيق ملكوتي و الجسد روح غليظ ملكي يدل احدهما علي الاخر و الروح ربوبية الجسد و الجسد عبودية الروح فما فقد في الجسد وجد في الروح و ما خفي في الروح اصيب في الجسد و الجسد مقدم ظهورا علي الروح و الروح مقدم وجودا علي الجسد و الجسد لسان داع و الروح اجابة حاضرة من المدعو يجيب دعوة الداع اذا دعاه كما دعاه علي حسب ما دعاه و لاجل ذلك خلق الله الروح قبل الجسد رتبة باربعة الاف سنة و خلق الله الجسد قبل الروح في الظهور و البروز فما لم‌يوجد جسد في الدنيا و الملك لم‌يوجد روح في العليا و الملكوت قال الله عزوجل قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فما لم‌يدع الله الجسد بلسان قابليته و استعداده ان يعطيه روحا ما اعطاه فبدعائه يخلق له روح و ان كان رتبته اعلي منه ثم لماكان مشاكلا للريح عبر عنه بالنفخ و هو اخراج هواء ما في الجوف و لماكان الروح من جوف الغيب و يتعلق بالجسد الشهادي عبر عنه بالنفخ ثم نسب ذلك النفخ بنفسه اذ فقدت الوسائط بينه و بينه و كان اول صادر من ربه بنفسه او المراد من النفس هنا هو النفس التي من عرفها فقد عرف ربه و هي الفؤاد و هي نفس محمد9 و هي نفس الله لاختصاصها بالله كما في الزيارة السلام علي نفس الله القائمة فيه بالسنن فقد نفخ الله روح محمد9 في جسد محمد بفؤاد محمد و حقيقته صلوات الله عليه و آله و هي اي تلك النفس يد الله العليا في احداث جميع الاشياء قال ابوعبدالله7 خلق الله المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية فكان نفخ روح محمد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۴ *»

في جسد محمد بنفس محمد9 قد تجلت للجسد بنورها فاشرق الجسد بفضل تجليها و لماكان تلك النفس من الله و الي الله و لله نسبت اليه فافهم.

و اما قوله من نفسه فشرح بيان حقيقة ذلك الروح كماقال الله عزوجل يسألونك عن الروح اي ما حقيقته و ما كنهه قل الروح من امر ربي اي مادته من امر الله كما تقول صغت الخاتم من الفضة اي مادته من الفضة فاذا ثبت ان مادته من فضة و هو خاتم فصورته مشهودة و انما كان المجهول مادته فشرح فقال قل الروح من امر ربي و امر الله هو مشية الله قال له الخلق و الامر فمادة الروح المسئول من المشية و ذلك الروح المسئول هو روح محمد9 فساير الارواح و ان كانت ايضا من امر الله لكن من امر الله الجزئي الذي هو رأس لامر الله الكلي او هو من امر الله بوسايط فالروح الکلي من امر الله الکلي و الروح الجزئي هو من امر الله الجزئي و كل روح في حده من ملكوت رتبته و امر عالمه و روح محمد روح كلي فهو من الملكوت الكلي و مادته من الامر الكلي المخلوق بنفسه فمادة روحه من امره و امره مخلوق بنفسه و نفس الامر حقيقته التي خلق منها فنفخ في جسد محمد9 الروح بنفسه من نفسه فهو منه و به.

و اما قوله لنفسه فهو اثبات فضل عظيم و مقام جسيم فانه قد بين بهذه الكلمة ان الله جل و عز اصطنعه لنفسه و خلقه لاجله فكان له كما خلقه له و لم يك لنفسه فكان من ذاته الي ذراته لله عزوجل لا لغيره فكان الله اولي به من نفسه و اوجد منه في مكان وجوده و ابين منه في حدود شهوده فصار موجودا بالله و من الله و لله كماقال الله عزوجل سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين فنفي الاختصاص به عن جميع الاناسي و الانبياء و المرسلين و اثبت الاختصاص بالحمد الذي هو حقيقة محمد اذ هو الذي اثني الله نفسه له به فلاجل ذلك صار ذاته ذات الله و روحه روح الله و نفسه نفس الله و ظهوره ظهور الله و مرآه مرأي الله و مسمعه مسمع الله و مقاله مقال الله و مفعله مفعل الله و جميع ما له لله و جميع ما به بالله و هكذا و لذلك صار حبه حب الله و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۵ *»

بغضه بغضه و الاعتصام به الاعتصام بالله و طاعته طاعة الله و معصيته معصية الله و معرفته معرفة الله و جهله جهل الله و التخلي عنه التخلي عن الله فكذلك كان لله عزوجل و هذا معني لنفسه. و اما قوله7 و صورهما علي صورتهما اعلم ان الصورة تطلق علي حدود الماهية و الانية فلها مراتب بحسب مراتب الماهية من الدرة الي الذرة بل من اول الخلق الي آخره فان الله سبحانه لم‌يخلق خلقا فردا قائما بنفسه للذي اراد من الدلالة عليه قال الله سبحانه و من كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون فجميع ماسوي الله عزوجل الاحد الواحد مثني و كل مثني له وجود و ماهية و كل ذي ماهية له صورة و حدود و نهايات بالمعني الاعم و كلما كانت المادة الطف كانت الصورة الطف و كلما كانت اكثف كانت الصورة اكثف فالحدود و النهايات الذكرية تسمي بالحقيقية و الحدود و النهايات الملكوتية تسمي بالمعنوية الكلية الملكوتية و الحدود و النهايات الدهرية تسمي بالصور النوعية الغيبية و الحدود و النهايات الملكية تسمي بالصور الشخصيةالظاهرية و جميعها صورة بالمعني الاعم و قد يقال الصورة في مقابلة المعني فتختص بحدود النفس و مادونها و قد يطلق الصورة و يراد منها الصفات و منه قوله7 خلق الله آدم علي صورته اي علي صفته اي جعله عليما سميعا بصيرا خبيرا ذكورا شكورا و هكذا و قد يطلق الصورة علي التمثلات و الاثار فيكون العرش و الكرسي و الافلاك مثلا صور الجسم الكلي لانها تمثلاته في الخارج و قد يطلق الصورة علي الوجودات المنفصلة كمايقال ان الولي صورة النبي و الارادة صورة المشية و هكذا و اعلم ان الصورة صورتان كونية و شرعية اما الكونية فهي نهايات الماهية و الانية و اطرافها و حدودها و ارفها و اما الشرعية فهي اجابة امر الشارع و امتثال حكمه و عصيانه و مخالفته و ذلك انه كما ان الاكوان كانت قبل ايجادها في الامكان معدومة العين كذلك الاكوان الشرعية في امكانها الذي هو الوجود

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۶ *»

الكوني معدومة العين لاتعين لها فيه فلاجل ذلك تجده صالحا للسعادة و الشقاوة لايمتنع عن احدهما و كما ان الاكوان في الامكان لاتخرج بانفسها من العدم الي الوجود الا ان يخرجها كائن موجود كامل كذلك الاكوان الشرعية لاتخرج من عدمها و امكانها الي الوجود اي الوجود الشرعي الا ان يخرجها كائن شرعي موجود كامل في الشرع و هيهنا كليمة ينبغي التصريح بها و هي انا كثيرا ما نقول ان الكائن كان قبل كونه في الامكان و اخرجه الموجد الي عرصة الوجود و ليس المعني علي ما يستبان منه ظاهرا بل المعني ان الامكان صالح الانفعال و صالح القبول يعني اذا افاض موجود عليه وجودا قبله و ذلك كالمرآة فانها صالحة لكل صورة و ليس صورة من الصور فيها ولكنها صالحة لقبول كل ما يرد عليها و لم‌تكن صورة فيها و لا استخرجت منها و انما هي مثال الشاخص الموجود بالفعل و كمال كامل و فضل فاضل منحها اياه فقبلت لصلوحها للقبول و من هذا تبصر الامر و اعرف المسألة و كذلك زيد  الموجود الكوني مثلا فانه صالح للسعادة و الشقاوة و ليس فيه سعادة و انما السعادة صورة الشارع الكامل و فضل الامر الفاضل منحه اياها فقبلها فتصور بصورة السعادة فكان سعيدا و سعادته من الغير كما ان المرآه اذا قابلها الشاخص الاحمر احمرت و صارت حمراء و انما حمرتها من الشاخص و لم‌تكن فيها حمرة كامنة تستخرج و اما الشقاوة فهي باعراضه عن مبدء الخير و توجهه الي مبدء الشقاوة و وقوع ظل الشقي الكامل في شقاوته عليه فلم‌تكن فيه شقاوة كامنة تستخرج و انما هو صالح لقبول ما يلقي عليه و قد القي عليه الشقاوة فكان شقيا و شقاوته من الشاخص راجعة اليه و هذا معني قوله7 نحن اصل كل خير و من فروعنا كل بر و اعداؤنا اصل كل شر و من فروعهم كل فاحشة و لنرجع الي ما كنا فيه فذلك الكائن الموجود في الكون امر كوني و في الشرع امر شرعي و كما ان الله جل و عز جعل الامر الكوني منتهي جميع خلقه و قال وليه7 خلق الله الاشياء بالمشية كذلك الامر الشرعي منتهي جميع الشرعيات و الوجودات الشرعية خلق جميعها به و كما ان الشواخص اذا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۷ *»

ذهبت ذهبت المثل و الصور جميعا معها و بقيت المرايا خلوة من الصور لا شيء لها و فيها كذلك اذا ذهب الامر الشارع ذهبت السعادات كلا معه و هو ممدوح بها و بقيت النفوس خلوة من السعادة ما اصابك من حسنة فمن الله ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه و انما هي معه كشعاع الشمس من الشمس يطلع اذا طلعت و هو منبث في المرايا و يغرب اذا غربت و خلت المرايا لا شيء فيها و في الزيارة اليكم التفويض و عليكم التعويض و كذلك اذا ذهب مبدء الشقاوة رجع جميع الشقاوات اليه و تبعته اذ هي برمتها منه و اليه و هو مذموم بها فقوله فصورهما علي صورتهما بعد ذكر الخلق و النفخ فالمراد به التصوير الشرعي بعد الخلق الكوني فانه ذكر انه خلقهما و نفخ فيهما من روحه فتم بذلك خلق ظاهرهما و باطنهما ثم قال انه صورهما علي صورتهما اي الصورة التي اقتضت اجابتهما بعد ان دعاهما فدعا النبي بلسانه و دعا الولي بلسان النبي و ذلك انه علي ما ذكرنا كما ان انتهاء الخلق الي الامر و الامر هو بدء كل شيء منه و ختم كل شيء اليه فلايسبقه سابق و لايفوقه فائق و لايلحقه لاحق وجب ان يکون مخلوقا بنفسه لا بشيء غيره اذ لا شيء غيره فکذلک يجب ان يکون الامر الشرعي مهديا بنفسه مدعوا بنفسه منبئا بنفسه اذ لايسبقه سابق و لايفوقه فائق و لايلحقه لاحق فهو مهدي بنفسه و مدعو بنفسه فهو الداعي و المدعو و المنادي و المجيب و صوره الله بصورة مدعو يدعي بنفسه و هو صورة النبوة الكلية العامة فصوره الله بهذه الصورة و اما الولي فقد دعاه الله بلسان نبيه الاقدم9 فاجابه و صوره الله بصورة‌ اجابته و هذه الصورة هي الطينة المذكورة في الاخبار التي منها و فيها تحقق عليون و سجين فمن اجاب امر الامر صور بصورة عليين و كتب كلمة اجابته في كتاب عليين كلا ان كتاب الابرار لفي عليين و ما ادراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون و من انكر امر الامر و خالفه صور بصورة سجين كلا ان كتاب الفجار لفي سجين و ما ادراك ما سجين كتاب مرقوم فمن تصور كينونته بصورة الاجابة و الامتثال و هي الاعتراف بالتوحيد و صفات الله و اسمائه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۸ *»

و افعاله علي ما ذكره في كتابه و الاعتراف بالنبوة لجميع الانبياء و اقر بفضائلهم و صفاتهم و انزلهم عن الربوبية و اثبت لهم جميع الكمالات مماسواها و لم‌يبخل الله فيهم و لم‌يسلبهم صحة استعدادهم الذي منحهم الله و لم‌يصغر عظمة الله فيهم و سبح الله باسمائه ثم اعترف كذلك بالاوصياء و اقر بفضائلهم و سلم لرواتها و قبل من حملتها و ائتم بهم و والاهم و عادي اعداءهم ثم والي اولياءهم و عادي اعداءهم و اقر بجملة ما جاءوا به و اقتصر علي الاخذ منهم و جانب الاخذ عن غيرهم و عمل بآثارهم و اقتصر علي اخبارهم و هجر الرأي و الهوي في دين الله فذلك المجيب حقا و المصور بصورة‌ محبوبة هي صورة عليين فكتب كلمة وجوده بتلك الصورة في حدود وجوده و لوح شهوده و هو من الابرار و من تصور و العياذ بالله بصور الانكار و الانحراف و هي انكار التوحيد و الصفات و الاسماء و الافعال علي ما اتت به الرسل و نزلت به الكتب و انكار الانبياء و المرسلين و اوصيائهم المكرمين و انكار فضائلهم الظاهرة و ما خصهم الله به من القدرة و الکمال و انکار حملة علومهم و رواة فضائلهم و انكار ما جاءوا به جميعه او بعضه و العمل في دين الله بالرأي و الهوي فذلك هو المنكر الذي كتبه الله بانكاره في كتاب الفجار في سجين في مقام شهوده و موضع وجوده بهيأة ما هو عليه و اعلم ان انكار الجميع و انكار البعض بمنزلة واحدة فلايغرنك قوم يأخذون باكثر امور الدين و هم للبعض منكرون و هذا هو الفرق بين الاقرار و الانكار فالاقرار بالبعض لايغني عن الاقرار بالكل و اما انكار البعض فيكفي عن انكار الكل اذ هو بمنزلة انكار الكل الا تري انه لو اقر رجل بجميع امور الدين و انكر شيئا واحدا ثابتا فكأنه انكر الكل فان انكار الشيء الواحد الثابت انكار للنبي9 و تكذيب له فيه و تكذيبه تكذيب لرسالته و معجزاته و هو كفر بالله العظيم فمن انكر شيئا واحدا ثابتا من الدين فقد صور بصورة الانكار و ان ما اقر به فانما هو  كيد و نفاق و يكذب فيه البتة بالجملة ان الله سبحانه لما ان خلق محمدا و آل محمد و اتم كينونتهما صورهما في التشريع بصورتهما (ع) التي هي النبوة و الولاية و ابانهما و ابان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴۹ *»

فضلهما عن العالمين و صورهما علي صورة التوحيد و هيكل التفريد و درك ذلك مشكل جدا حيث ان الكثرة الصورية مضادة للوحدة و الاشارة اليه ان الله سبحانه خلق نور محمد و آل محمد: حيث خلقه في مقام اللاهوت في غاية الوحدانية التي تمكن في الامكان و هي التركيب من البسيطين اللذين لاقوام لاحدهما بدون الاخر فكان واحدا متوحدا ليس في الامكان شيء اوحد منه فلما انزله الي غاية‌ المراتب الوجودية فصل ذلك النور في كل رتبة بعد رتبة فكان ذلك التفصيل تفصيل ذلك الاجمال و ذلك الاجمال اجمال ذلك التفصيل بحيث لو اجمل ذلك التفصيل صار ذلك الاجمال و لو فصل ذلك الاجمال صار ذلك التفصيل بعينه لايزيد عليه و لاينقص و ذلك كبرمة كسرتها اعشارا فاذا وضعت كل قطعة مكانها و الزقتها باللازوق صارت برمة واحدة و اذا فصلتها حصلت تلك القطع فلو كانت انقص لكان يبقي عند الالزاق ثلمة و لو كانت ازيد لزاد قطعة بعد تمام البرمة فتفصيل تلك الاعشار تفصيل تلك البرمة الواحدة و تلك البرمة اجمال تلك الاعشار وهذا مبدأ علم القيافة و منشاؤه و لاجل ذلك صاروا يستدلون من الهيئة و اللون و السحنة و الخطوط و الاسارير علي الحالات النفسانية و الاخلاق الروحانية و ذلك ان الجسم تنزل الروح و جمود ذائبه و تفصيل اجماله و غليظ رقيقه لافرق بينهما الا في الرقة و الغلظة فاذا كانت الحقيقة آية التوحيد و ظهور التفريد كانت الصور الدانية التي هي تنزلها صورة التوحيد و هيكل التفريد و كلما كان الشخص ابعد عن لحوق الاعراض و البوائن كان اخلص في كونه ظهور التوحيد و تمثل التفريد و لماكان محمد و آل محمد: معصومين مطهرين عن لحوق جميع الاعراض و البوائن لم‌يلحقهم شيء من اعراض المراتب و امراض المقامات فكانوا في كل مرتبة علي صرف مقتضي مشية الله المحبوبة و هيأة اسمائه و صفاته و انواره و كمالاته فكانوا في كل مقام علي صورة ‌التوحيد و هيكل التفريد يدلون اليه و يظهرونه لايعدلون عنه الي غيره و لايدلون الا اليه فافهم ان كنت تفهم فكذلك صورهما علي صورتهما فكانوا مقامات الله و علامات الله التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه اهل الافئدة باسرارهم و اهل العقول

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۰ *»

بانوارهم و اهل النفوس ببصايرهم و اهل الاجسام باجسامهم فاقامهم مقامه في ساير عوالمه في الاداء فادوا الي اهل كل لسان بلسانهم فمن اراد الله بدا بهم و من وحده قبل عنهم و من قصده توجه اليهم صلوات الله عليهم.

قال7 و جعلهما امناء له الي آخر.

اعلم ان الامناء جمع الامين كالحكماء جمع الحكيم و الامين من تثق به و لاتخاف منه علي شيء فيختلف مراتب الامين علي حسب الخصوصية و الاطلاق فمنهم من يوثق به في شيء مخصوص و منهم من يوثق به في شيئين و منهم من يوثق به في اشياء و منهم من يوثق به علي الاطلاق فالامين المطلق لايكون الا المعصوم الحقيقي فانه الذي لايخاف منه علي شيء ان يكون منه علي خلاف رضاء الله و محبته و مشيته المحبوبة و خلاف مقتضي توحيده و لماعلم بالدليل القطعي انهم سلام الله عليهم معصومون مطهرون فكانوا امناء الله علي الاطلاق فآمنهم علي اداء توحيده الذاتي بلسان حقيقتهم و سرهم حيث امر الله سرهم بقوله قل هو الله احد الله الصمد لم‌يلد و لم‌يولد و لم‌يكن له كفوا احد فقالوا ذلك بلسان زلق في جميع عرصة الامكان فمن وحده قبل عنهم و تعلم منهم و عرف بهم و الا لم‌يكن لاحد خبر من التوحيد ابدا ابدا و آمنهم علي اداء توحيده الوصفي فلم‌يظهروا الا بها و لم‌يظهروا الا اياها فكانوا بذلك قدرة الله و علم الله و حيوة الله و سلطان الله و وجه الله و عين الله و يد الله و لسان الله و هكذا و آمنهم علي اداء توحيده الفعلي فلم‌يصدر منهم فعل الا فعل الله و بالله و لم‌يصدر من الله فعل الا فعلهم و بهم اذ كانوا محل مشية الله و وكر ارادته فهو اذا شاء ما شاء اينما شاء و حيثما شاء حرك من سرائرهم كوامن ما ابطن فيهم من مشيته و اظهره علي ايديهم و السنتهم فلم‌يقولوا الا قوله و لم‌يفعلوا الا فعله لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۱ *»

وآمنهم علي اداء الشرايع الکونية فادوا الي كل ذي حق حقه و ساقوا الي كل مخلوق رزقه فلم‌يزووا عن احد شيئا اراده الله له و لم‌يزيدوا احدا شيئا لم‌يجعله الله له فاعطوا كل شيء خلقه ثم هدوا بم شاء و كيف شاء و آمنهم علي اداء الشرايع الوصفية فادوا ما حملهم الله من دينه و شرعه و هيئات رضاه و صفات محبته فاعذر رسوله9 و انذر و بلغ و ادي كما شاء حتي انزل الله في حقه قرآنا فقال ما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي و قال ان اتبع الا ما يوحي الي و قال و لو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فلم‌يزد في دين الله حرفا و لم‌ينقص من دين الله حرفا و لم‌يقل في دين الله بظن و لاحدس و لاتخمين و لا رأي و لا هوي و لا باستدلال بدليل و لا بنظر منه و لو كان غير عليل بل بنص قاطع و وحي خاص نازل و العجب من قوم غير معصومين متحول النظر في كل حين يحكمون في دين الله بالظن و التخمين و يسمونه الشرع المبين و يستدلون بعقولهم و يستبدون بآرائهم و يحكمون بمصالحهم و استحساناتهم ثم يسمونه دين الله و شرعه و يحرمون التخلف عنه و يثيبون عليه و يعاقبون عليه و يختار كل واحد منهم بعقله الباير المختلف في الاحيان رأيا ثم يعدون بطاعتهم الجنة و يوعدون بعصيانهم النار لا ادري ءانزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم علي اتمامه او انزل الله دينا تاما فقصر الرسول عن ابلاغه او هم شركاء لله فلهم ان يقولوا و عليه ان يرضي او رأوا دينا ناقصا مهملا فتبرعوا باكماله املكوا زمام الجنة و النار فكانوا قسيمها حتي صاروا يعدون و يوعدون ابعثهم الله انبياء فلم‌ لايقولون بالوحي ام فوض اليهم امر ملكه فيختاروا ما يشاؤا فلم‌ يقولون بان الله مالك يوم الدين بالجملة تلك شقشقة هدرت ثم قرت فجعلهم الله امناء علي اداء دينه و شرعه فادوا كما في الزيارة حتي اعلنتم دعوته و بينتم فرايضه و اقمتم حدوده و نشرتم شرايع احكامه و سننتم سنته و صرتم في ذلك منه الي الرضاء و سلمتم له القضاء و في العوالم بسنده عن المفضل بن عمر قال قال ابوعبدالله7 يا مفضل ان الله خلقنا من نوره و خلق شيعتنا منا و ساير

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۲ *»

الخلق في النار بنا يطاع الله و بنا يعصي يا مفضل سبقت عزيمة من الله انه لايتقبل من احد الا بنا و لايعذب احدا الا بنا فنحن باب الله و حجته و امناؤه علي خلقه و خزانه في سمائه و ارضه حللنا عن الله و حرمنا عن الله لانحتجب عن الله اذا شئنا و هو قوله تعالي و ما تشاءون الا ان يشاء الله و هو قوله9 ان الله جعل قلب وليه وكرا لارادته فاذا شئنا شاء الله و آمنهم الله علي امر ملكه ففوض اليهم امر ملكه اجمع و هو المالك لما ملكهم و القادر علي ما اقدرهم عليه فهم و ما فوض اليهم في يده مملوكون له قال7 اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده و في الكافي عن زرارة قال سمعت اباجعفر7 و ابا عبدالله7 يقولان ان الله عزوجل فوض الي نبيه امر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثم تلا هذه الاية ما آتيكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا انتهي و عقد لذلك بابا فهم امناء الله علي خلقه بالجملة حق و خلق لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما و هم اول الخلق لايسبقهم سابق و لايفوقهم فائق و خلق ماسواهم من اشعتهم و انوارهم و قد فوض اليهم امر جميع اشعتهم و انوارهم كمافوض الي الشمس امر جميع اشعتها منها بدوها و اليها عودها و هي تدبرها و تديرها و تحولها من حال الي حال و تقوم بها في ذاتها و صفاتها و آثارها فالشمس امين الله في تدبير اشعتها مفوض اليها و لاشرك و كذلك هم صلوات الله عليهم و لاشرك و التفويض الذي هو الشرك ان يقال انه فوض الله امر شيء الي احد ثم رفع يده عنه فهو بعد مستقل فيه او شريك مع الله فيه و اما اذا كان الامر بيد الله و لم‌يخرج من يده و لن‌يخرج و هو المدبر له وحده وحده وحده لاشريك له و مالك الكل فليس بشرك و كذلك نقول في كل شيء دائما و لاينافي ما قلنا آنفا ما قلناه هنا و انا امثل لك مثالا فاعتبر به ان كنت ممن لاحنق في قلبك لآل محمد: اخبرني عن البلورة التي تؤخذ قبال الشمس فتحرق المقابل هل البلورة هي حارة ام هي ضيئة علي الاستقلال ام بشركة مع الشمس ام

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۳ *»

الشمس وحدها هي المحرقة المضيئة و ان اظهرت احراقها و ضوءها من البلورة اذ حفظت اشعتها و جمعتها و لم‌تكن حجابا لها فلاشك ان الشمس هي المحرقة المضيئة وحدها الا انها اظهرت نورها من البلورة و هي جسم بارد غليظ ظلماني فافهم ان كنت تفهم و آمنهم علي الحكم بين العباد في الدنيا و يوم التناد ففوض اليهم امر الحكم بين العباد فيحكمون بينهم بما اراهم و فتح عين بصيرتهم حتي يبصرون كل شيء بحقيقته و يبصرون ما فيه و ما عليه و ما منه و ما له و ما به علي ما هو عليه فيحكمون له او عليه بما يستحقه فهم حكام الله في الدنيا و الاخرة و اياب الخلق اليكم و حسابهم عليكم و فصل الخطاب عندكم و آمنهم علي علمه و جعل عندهم خزائن علومه فهم يكتمون عن الكل ما ينبغي كتمانه عن الكل و يسعه صدورهم فلايطلعون عليه ملكا مقربا و لا نبيا مرسلا ابدا ابدا و يكتمون عماسوي المقربين و المرسلين و الممتحنين ما لايطيقونه و ما لايحتملونه و ما يكفرون به لو علموهم و ينشرون بين الناس ما امروا بنشره علي حسب طاقة كل فرد فرد و هم امناء الله في علمه عن التغيير و التحريف و التبديل فيحفظونه كما اودعهم و ذلك ان الامين امينان امين اكتسب الامانة بقوة روحانيته و نفسه القدسية و مهما غفل جرت طبايعه علي مقتضي ما فيها من الشيطنة و الخيانة و لو بالسهو و الخطاء و الجهل و امثال ذلك و امين جبل علي الامانة و خلق عليها في ذاته فلاتقتضي ما ينافي ذلك الا ان يعدم و يوجد غيره و الا فمادام هو هو كذلك و جبل علي ذلك و الذاتي لايتخلف كالنار المجبولة علي الحرارة و الاحراق فلاتسهو و لاتلهو و لاتخطي و لاتغفل و لايتأتي منها غير ذلك فهم سلام الله عليهم مجبولون بالذات  علي الامانة و ان كان الجبل علي نحو الامر بين الامرين اينما كان و لاجبر و لاتفويض فهم امناء الله بالذات آمنهم الله علي علمه يضعونه اينما اراد الله لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و آمنهم الله علي وحيه الكوني و الشرعي اذ وجدهم حافظين له لايغيرون و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۴ *»

لايبدلون لاستقامة فطرتهم و مشاعرهم و ثباتهم و دوامهم علي ما جبلهم الله عليه فيتلقون الوحي كما يوحي اليهم و يفهمونه علي ما اراد الله و يؤدونه علي حسب ارادة الله فبذلك صاروا امناء الله علي وحيه تلقيا و تفهما و اداءا و هو قوله7 مابعث الله نبيا الا و هو ذو مرة سوداء صافية و ذلك ان المرة السوداء مابين الاخلاط اثبتها و احفظها و اصونها عن التغير فافهم و آمنهم الله علي انفسهم حيث خلقهم بانفسهم اذ لايسبقهم سابق و لايلحقهم لاحق و هم اول ماخلق الله فجعلهم الله يده في احداث انفسهم و فعله في ايجادهم فكانوا كما شاء الله لايتخلفون عن وجه محبته و سبيل رضاه لانهم محبة الله و لايمكن تخلف المحبة عن كونها محبة و هم محبة الله و انما قد يتخلف غير المحبة عن المحبة فهم كانوا علي حسب محبة الله فهم امناء الله علي ما احب فكانوا كما احب فلاجل ذلك صاروا امناء الله علي انفسهم فلايجرون بعد ما كانوا علي ما احب في غير سبل رضاه فلاينطقون الا بما احب و لايفعلون الا ما احب و لايفقدهم الله حيث احب و لايجدهم الله حيث يكره ابدا و لايمكن مثل تلك الامانة في غيرهم اذ لم‌يجبلوا علي صرفها مثلهم بالجملة هم امين الله في الكل و فيما ذكرنا و مثلنا كفاية و بلاغ و لايسع وقتي اكثر من ذلك.

قال7 و شهداء علي خلقه الي آخر.

اعلم ان الشهداء جمع شهيد يقال شهد الرجل اي اطلع عليه و عاينه و حضره فهم سلام الله عليهم شهداء الله علي خلقه كما خاطبهم في كتابه و قال ملة ابيكم ابرهيم هو سميكم المسلمين من قبل و في هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء علي الناس كماوضع قاعدة كلية فقال يوم نبعث من كل امة بشهيد و جئنا بك علي هولاء شهيدا و كل نبي و وصي شهيد ما يليه من العصر كما قال عيسي7 و كنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۵ *»

انت الرقيب عليهم و انت علي كل شيء شهيد ثم فصل ذلك في كتابه فقال بئس للظالمين بدلا مااشهدتهم خلق السموات و الارض و لاخلق انفسهم و ماكنت متخذ المضلين عضدا فدلت الاية بمفهوم اللقب انه اتخذ الهادين العادلين عضدا و اشهدهم خلق السموات و الارض و هم الهادون العادلون باتفاق الامة فهم شهداء الله في خلقه و كيف لايشهدون الخلق و هو برمته مخلوق بهم و من اشعتهم و انوارهم و آثارهم و هم منهم كقيامك منك قائمون بهم قيام صدور موجودون بتوجههم اليهم اذ هم مشيته و امره و حكمه و في الدعاء كل شيء سواك قائم بامرك و قال الله و من آياته ان تقوم السماء و الارض بامره و هم العاملون بامره حيث يقول لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فلايعقل احتجاب شيء عنهم سلام الله عليهم قال ابوجعفر7 في قول الله تعالي و كذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا قال منا شهيد علي كل زمان علي بن ابي‌طالب في زمانه و الحسن في زمانه و الحسين في زمانه و كل من يدعو منا الي امر الله و سئل عن قول الله تبارك و تعالي و كذلك جعلناكم امة وسطا الاية قال نحن الامة الوسط و نحن شهدائ الله علي خلقه و حجته في ارضه و قال ابوعبدالله 7 في قول الله عزوجل فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد و جئنا بك علي هؤلاء شهيدا قال نزلت في امة محمد9 خاصة في كل قرن منهم امام منا شاهد عليهم و محمد9 شاهد علينا و سئل عن قوله قل اعملوا فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون فقال7 ايانا عني و الاخبار بشهادتهم متواترة و اعلم انهم: يشهدون الخلق من وجوه عديدة منها انهم صلوات الله عليهم في اعلي مقاماتهم في مقام الوجود المطلق الذي ليس معه غيره علي معني النفي لا الامتناع الحقيقي فلهم في هذا المقام ثلثة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۶ *»

انظار نظر يكشفون فيه عن سبحات الجلال و يهتكون الاستار بغلبة السر و يجذب احديتهم لصفات توحيدهم و يمحون الموهوم حتي يصحو المعلوم فيقفون وجدانا في مقام الكينونة التي هي الحقيقة و الوجود الحق الائي فلايرون حينئذ الا الاحد الحق الائي لا من حيث الائية بل بامتناع الائية الوجداني و نظر يرون فيه انفسهم في مقام الاطلاق فلايجدون معهم سواهم الا بالنفي و نظر يرون فيه آثارهم و انوارهم و تمثلاتهم بهم و ذلك حين اعراضهم عن قيد اطلاقهم و النظر بحقيقة وجودهم فيعلمون حينئذ ماكان و مايكون الي يوم القيمة علم احاطة و عيان لاعلم سماع و اخبار و امثل لك في ذلك مثالا تشاهده و هو ان ما تري من السموات و الارض و  ما بينهما اجسام شخصية مشهودة يجمعها الجسم بقول مطلق اي لابشرط و الجسم لا بشرط هو اعلي درجات الجسم بشرط لا الذي هو مقام الاطلاق و ليس للجسم بقول مطلق وجود مباين للجسم المطلق غيره بل الموجود في الخارج هو الجسم المطلق فاذا رفع النظر عن قيد اطلاقه فهو الجسم بقول مطلق و كذلك ليس للجسم المطلق وجود مباين فوق العرش كما ان العرش فوق الكرسي بل الجسم المطلق موجود بوجود هذه الاشخاص و هذه هي تمثله في الخارج ليس له وجود خارج عنها فوقها بل هو فيها و بها و مثله و مثلها كمثقال مداد كتبت جميعه و صورته علي صورة الحروف فلامداد في غير هذه الحروف و هذه الحروف تصور مدادك و تمثله في الخارج فالموجود في الخارج هو حروفك فاذا رفعت النظر عن خصوصية الحروف فهي المداد الصالح كل جزء منه لكل حرف و ليس فيه صور الحروف و هو موجود في الخارج حقيقة و ليس معني ينزع عن الشخصيات و الحروف كما يزعمون بل هو موجود في الخارج كماتري و يراه كل حيوان لكن في لباس الحروف و اذا رفعت النظر عن صلوحه و نفي الحروف رأيت مدادا بقول مطلق لاتذكر فيه عدم الحروف و لاوجودها فليس علي الصفحة شيء متذوت غير المداد قطعا جزما فالمداد ليس يخفي عليه شيء من الحروف و هو يعلم كلها كيف لا و ليس الحروف الا وجوداته و تمثلاته في الخارج و كذلك امر الوجود الحق الائي فان جميع ما في العوالم الالف الالف

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۷ *»

كلها موجودات و هي تمثلات الوجود الحق الائي و ظهوراته و هو الذي اشتبه علي القوم و زعموه الاله القديم و من ثم قالوا بوحدة الوجود و زعموا الخلق تنزلات الحق و ظهوراته و زعموا انه كما يكون السماء و الارض جسما يكون جميع الخلق هكذا الها و هو غلط باطل و مجتث زايل و كفر بضرورة الاسلام والله عزوجل كنهه تفريق بينه و بين خلقه و كل مايجوز في الخلق يمتنع فيه و هذا امر ممكن محسوس في الخلق فيمتنع في الخالق فمثل ذلك محال في الخالق جل و علا و اما الوجود الحق الائي فلاريب في كونه كذلك كما انه ليس في هذا العالم شيء غير الجسم فيناسبه في هذا المقام:

ما في الديار سواه لابس مغفر

و هو الحمي و الحي و الفلوات

بالجملة فالحقيقة المحمدية الجامعة الكلية في هذا اللحاظ و بهذا النظر تعلم جميع الاشياء علما وحدانيا ليس فيه تفصيل ولكن لايغادر صغيرة و لاكبيرة الا يعلمها و لايغيب عنه غايبة في السموات و الارض الا شهدها و علمها علم احاطة و عيان و اما من حيث الاطلاق و في رتبة الاطلاق فيعلم صلوح الاشياء و امكانها لا اكوانها و اعيانها و هو العلم المراد بقوله علمه بها قبل كونها كعلمه بها بعد كونها و هو العلم الصلوحي و المراد بهذا الصلوح هو صلوح التجلي لاصلوح الانفعال و قد حققنا هذه المراتب في مواقعها من ساير كتبنا و منها انهم صلوات الله عليهم عقل الكل و روح الكل و نفس الكل في مقام الكلية و بهم يتحرك المتحركات و يسكن السواكن و بهم يدبر الله جميع عوالمه و بهم يقوم العوالم كمايقوم الجسد بالروح و جميع حركة الملك و شعوره و ارادته و حيوته و خياله و فكره و وهمه و علمه و تعقله بهم صلوات الله عليهم فهم الناظرون من كل عين و هم اولي بالخلق من انفسهم و هم السامعون من كل اذن و الناطقون من كل لسان و الباطشون من كل يد و المدركون من كل ادراك و المحركون كل متحرك و المسكنون كل ساكن كالحيوة في بدنك و نفسك و روحك و عقلك فيك بلاتفاوت فلايخفي عنهم خافية في السموات و الارض قال

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۸ *»

7 ان لنا مع كل ولي اذنا سامعة و عينا ناظرة و لسانا ناطقا و في العوالم عن ابي‌الحسن7 انما منزلة الامام في الارض بمنزلة القمر في السماء و في موضعه هو مطلع علي جميع الاشياء كلها و قال ابوعبدالله7 ان الله احكم و اكرم و اجل و اعظم و اعدل من ان يحتج بحجة ثم يغيب عنه شيئا من امورهم و في البحار عن رميلة عن علي7 انه قال يا رميلة ليس من مؤمن يمرض الا مرضنا بمرضه و لايحزن الا حزنا بحزنه و لايدعو الا امنا لدعائه و لايسكت الا دعونا له فقلت يا اميرالمؤمنين جعلني الله فداك هذا لمن معك في القصر ارأيت من كان في اطراف الارض قال يا رميلة ليس يغيب عنا مؤمن في شرق الارض و لا غربها و قد تواتر عنهم انه اذا تولد الامام يرفع له عمود من نور يري به مابين المشرق و المغرب و قال المفضل لابي‌‌عبدالله7 جعلت فداك يفرض الله طاعة عبد علي العباد ثم يحجب عنه خبر السماء قال الله اكرم و ارأف بعباده من ان يفرض عليهم طاعة عبد يحجب عنه خبر السماء صباحا او مساءا و عن الثمالي قال سمعت اباجعفر7 يقول لا والله لايكون عالم جاهلا ابدا عالم بشيء جاهل بشيء ثم قال الله اجل و اعز و اعظم و اكرم من ان يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه و ارضه ثم قال لايحجب ذلك  عنه الي غير ذلك من الاخبار المتواترة و ان شئت حقيقة شهادتهم فاصغ لما اقول اعلم ان الله عزوجل لا اقتضاء في ذاته لشيء ابدا فانه احد حق يمتنع فيه ذكر ماسواه امتناعا حقيقيا و لم‌يمض عليه مدة في تفرده ثم خلق فيحدث فيه حال بعد حال بل هو في تفرده ازلا ابدا لم‌يقارنه شيء بعد تفرده و لم‌يوجد معه شيء بعد توحده و خلق ما خلق لا بعد مدة انقضت اذ لافصل بينه و بين خلقه و لا وصل بل لم‌يأت وقت لم‌يكن الخلق خلقا فكان الخلق في مكانه و رتبته ابدا خلقيا خلقا ماكان خلوا من ملكه قبل انشائه و لايكون خلوا منه بعد ذهابه و خلق كل شيء

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵۹ *»

اياه اياه اذ يمتنع ان يكون الشيء غير ذلك فخلق السبب سببا و المسبب مسببا و العلة علة و المعلول معلولا و الفعل فعلا و المفعول مفعولا و الكلي كليا و الجزئي جزئيا و المنير منيرا و النور نورا و الغيب غيبا و الشهادة شهادة و السماء سماءا و الارض ارضا اذ لااقتضاء من نفسه عزوجل لشيء و لايقتضي شيء‌ ان يكون غير ذلك الشيء كما لايقتضي التسعة ان تكون عشرة لو كانت عشرة لكانت عشرة ابتداءا لاتسعة اقتضت ان تكون عشرة و كان ذلك الاقتضاء مع الخلق حين الخلق وجودا و قبله علما اذ كان ذلك في علمه الوحداني غير المتناهي فخلق المشية مشية اولا بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية و لماكان يجب ان يكون كل شيء علي ما هو و مما يكون المشية عليه ان لايسبقها سابق و لايفوقها فائق و ان تكون منتهي كل شيء و لاتنتهي الي غيرها بل الي نفسها و ان تكون مخلوقة بنفسها و ان لايكون لها مبدء و لامختم و ان تكون اوحد ما يمكن في الامكان و ابسطه فتكون مركبة من البسيطين فلايكون لها زوال و لا انتقال حال و ان لايجري عليها ما هي اجرته و لايعود فيها ما هي ابدته و ان تكون منفردة في رتبتها و مقامها ليس معها غيرها لم‌يخلق مما خلقت منه غيرها و لم‌يشاركها في مادتها و لا صورتها احد سواها فكان جميع ماسواها نورها و شعاعها و تمثلها اذ كان من مادة دون مادتها و علي صورة دون صورتها فنسبة جميع ماسواها اليها نسبة ما يصنع من الحديد الي الحديد المطلق و ما يصنع من الطين الي الطين المطلق و ما يصنع من المداد الي المداد المطلق الدهري لا المداد الذي في الدواة و لا الامواج الي البحر فان المداد الذي في الدواة حرف و البحر المتموج موج و في ذلك ضل الجهلة و هم سلام الله عليهم حقيقتهم ذلك الوجود المطلق الذي انتهي اليه الكل و اليه مرد الكل و اياب الكل باجماع الامة حيث انهم اجمعوا علي انهم اول ماخلق الله و الاول ما لايسبقه سابق و لايفوقه فائق و تضافرت الاخبار بانهم امر الله و حكم الله و مشية الله و ان كانوا في مقام محل مشية الله و في مقام المخلوق بمشية الله و في مقام بشر مثلنا فان لهم مقامات فاذا كان نسبة الخلق اليهم نسبة الحروف الي المداد  المطلق

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۰ *»

الدهري فلايخفي عليهم خافية في السموات و الارض اذ:

ما في الديار سواه لابس مغفر

و هو الحمي و الحي و الفلوات

فلم‌يك شيء يخفي عليهم و يطلق عليه الموجود اذ هو شعاعهم و نورهم ليس له لحاظ وجود الا برؤيتهم فان لم‌ترهم فلاوجود له و ذلك كالنور فانه نور ان رأيت فيه الشمس و ان لم‌تر فيه الشمس فهو ظلمة فنورية النور من كونه مرأي الشمس و جمالها و ظهورها و تمثلها فان لم‌تر الشمس و لم‌تظهر منها فلانور و كذلك كل ما يطلق عليه الموجود هو موجود ان رؤي منه و فيه الوجود فان لم‌تر فيه الوجود فلاموجود و الوجود المطلق هو تلك المشية و الواحد الذي ينتهي اليه كل كثرة فلاشيء سوي ذلك الوجود و نهاياته و حدوده و ارفه و تلك النهايات لاتخفي علي العالم بالمتناهي و المحدود الاتري انك لو علمت المداد لم‌يخف عليك نهايات الالف لاسيما ان تلك النهايات كلها مما يصلح في ذات المداد التجلي بها و فيها بقي شيء انهم سلام الله عليهم يختلف مقامات شهاداتهم بالاجمال و التفصيل ففي هذا المقام الذي اشرنا اليه هم يشهدون كل ما دخل عرصة الوجود و اطلق عليه اسم الوجود شهادة ليس فوقها شهادة و هي اكبر الشهادات الا انها شهادة وحدانية قد طوي جميع الموجودات طي المؤثر للآثار و المنير للانوار و هي وان كانت اعمها نظرا و اوسعها الا انها ليست شهادة تفصيلية برانية من خارج النهايات و الارف و الحدود و انما هي شهادة جوانية علي انهم اوجد في مكان كل شيء من نفس ذلك الشيء فلا يخفي عليهم شيء و لهم مشاهدة اخري في مقام القطبية و القلبية اذ نزلوا الي عالم الكثرات و دائرتها فيشاهدون كل شيء  و في هذا المقام مناظر فبالعقل يشاهدون الكل حيث انهم عقل الكل و العقل وسط الكل و قلب الكل كماقال الله عز من قائل ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب فهم في هذا المقام يعلمون الاشياء و يشاهدونها علي نحو الكلية بنفس ذلك العقل و بالانفس علي نحو الصورية في مراتبها العشرين حتي انهم الناظرون من كل عين السامعون من كل اذن و الذائقون من كل ذوق و اللامسون من كل لمس و هكذا بل المتحركون من كل متحرك و الساكنون من كل ساكن و هكذا كما ان

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۱ *»

عقلك هو المتعقل بذاته و العالم بنفسه و المتخيل بخياله و المتفكر بفكره و الناظر بعينه و المعاين لكل ما عاينت و المشاهد لكل ما شاهدت كذلك عقل الكل في جسم الكل حرفا بحرف فيشاهدون كل شيء بنفس ذلك و يعلمونه بعلمه بنفسه فهو اولي بالكل من نفسه فيشاهدون دبيب النمل في الليلة الظلماء علي الصخرة الصماء تحت الثري بحسه و شعوره و كذلك يشاهدون مادونهم حيث انهم روح الكل و نفس الكل و طبع الكل و مثال الكل و جسم الكل بكل رتبة يشاهدون مادونها بنفس تلك الاداني كما ذكرنا في العقل حتي انهم في مقام انهم جسم الكل مطلعون علي كل جسم بنفس ذلك الجسم فكل جسم آلة ادراك خاصة لهم كما ان عينك آلة ادراك خاصة لك و لهم في هذا المقام نحو ادراك آخر و هو انهم في مقام الكلية مثلا في مقام العقل مؤثرون لجميع العقول الجزئية و هي انوارهم و آثارهم فهم محيطون بها عالمون بها علم احاطة و يشاهدونها مشاهدة استيلاء و امداد وجودي و كذلك روحهم في الارواح و نفسهم في النفوس و طبعهم في الطبايع و مثالهم في الامثلة و جسمهم في الاجسام ففي كل مقام هم يشاهدون  جميع انوارهم و آثارهم مشاهدة احاطة كما كانوا يشاهدون في المقام الاول جميع ما دخل عرصة الوجود و اعلم ان مشاهدة المؤثر اثره و علمه به علم احاطة و المراد بعلم الاحاطة ان يكون العالم المشاهد اولي بمعلومه من نفسه و اوجد منه في مكانه و اقرب اليه منه و ذلك يكون حيث لا وجود للداني الا عند مشاهدة العالي و رؤيته فيه و طيه له طي الاحدية الحقيقية و ان لم‌تكن حقية فعند ذلك يعلم العالم معلومه علم احاطة لا علم اكتساب او اخبار و اما علم كل مرتبة بجميع مادونه يكون ايضا كذلك مع توسط تنزل يعني ان العقل الكلي يدرك العقول الجزئية بالاحاطة و يدرك النفوس الجزئية بالاحاطة بتوسط تنزله اولا الي النفس الكلية ثم بالنفس الكلية يحيط بساير النفوس الجزئية ثم يتنزل الي الطبع الكلي ثم بالطبع الكلي يحيط بجميع الطبايع الجزئية و هكذا الي انه بالجسم الكلي يحيط بجميع الاجسام فبقول مطلق يمكن ان يقال انهم بعقلهم يحيطون بجميع ماسواهم فان تنزل الشيء صورته

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۲ *»

و جموده و تنزله و هذا هو المشار اليه بقوله7 في العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها عارف بالشيء قبل كونه فهو علة ‌الموجودات و نهاية المطالب انتهي فقال انه محيط بالاشياء جميعا و هذا وجه احاطتهم بالاشياء و بذلك يرون الاشياء من الاعلي فلايحجب عنهم شيء شيئا ففي البحار باسناده عن المفضل قال دخلت علي الصادق7 ذات يوم فقال لي يا مفضل هل عرفت محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين: كنه معرفتهم قلت يا سيدي و ما كنه معرفتهم قال يا مفضل من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمنا في السنام الاعلي قال قلت عرفني ذلك  يا سيدي قال يا مفضل تعلم انهم علموا ماخلق الله عزوجل و ذرأه و برأه و انهم كلمة التقوي و خزان السموات و الارضين و الجبال و الرمال و البحار و علموا كم في السماء من نجم و ملك و وزن الجبال و كيل ماء البحار و انهارها و عيونها و ماتسقط من ورقة الا علموها و لا حبة في ظلمات الارض و لا رطب و لا يابس الا في كتاب مبين و هو في علمهم و قد علموا ذلك فقلت يا سيدي قد علمت ذلك و اقررت به و آمنت قال نعم يا مفضل نعم يا مكرم نعم يا محبور نعم يا طيب طبت و طابت لك الجنة و لكل مؤمن بها و عن ابي‌جعفر7 قال سئل علي7 عن علم النبي9 فقال علم النبي9 علم جميع النبيين و علم ماكان و علم ما هو كائن الي قيام الساعة ثم قال والذي نفسي بيده اني لاعلم علم النبي و علم ماكان و علم ما هو كائن فيما بيني و بين قيام الساعة و قال ابوعبدالله7 اتقوا الكلام فانا نؤتي به و الاخبار في ذلك متواترة يتحير الانسان ايتها يذكر و الكتب منها ملأي و اما علمهم سلام الله عليهم في عالم الشخصية الدنياوية فمما اشكل حاله علي العلماء فهم بين غال مفرط و بين مقصر مفرط و جاهل خابط و عالم متوسط

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۳ *»

و انا انبئك بحقيقة الحق و لاحول و لاقوة الا بالله و ان قلت:

و كل يدعي وصلا بليلي

و ليلي لاتقر لهم بذاكا

قلت:

اذا انبجست دموع من خدود

تبين من بكي ممن تباكي

فهب اني اقول الصبح ليل

ايعمي الناظرون عن الضياء

قال الله عز من قائل قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين اعلم ان الله جل و عز خلق الشيء من مادة مبهمة و صورة مشخصة فالمادة هي ذات قوة لقبول الصور التي تمكن فيها و ليس فيها فعلية واحدة منها تجامع كل صورة و اما الصورة فهي فعلية موجودة لايمكن ان تجامع غيرها في حدها كما لايمكن و لايعقل ان يجامع البياض السواد و الطول القصر و الخفة الثقل و هكذا و اما المادة فتجامع السواد و البياض و الطول و القصر و الخفة و الثقل و غيرها فتكون في وقت او مكان سوداء و في وقت او مكان بيضاء و هكذا طويلة و قصيرة و خفيفة و ثقيلة و اما حين كونها بيضاء و في حد كونها بيضاء يمتنع ان تكون سوداء و في حد كونها طويلة يمتنع ان تكون قصيرة كما يمتنع ان يكون البياض سوادا و الطول قصرا فاجسامهم سلام الله عليهم في هذا العالم اجسام مركبة من هذه العناصر كساير الاجسام لها مادة و صورة و لايعقل ان تكون حين كونها متحركة ساكنة و بالعكس و حين كونها مقبلة مدبرة و حين كونها بيضاء سوداء و حين كونها ناطقة ساكتة و هكذا عكوسها و ما روي من انهم کانوا يظهرون لاعين في آن واحد باشكال مختلفة كما رواه في الخرايج عن خادم علي بن محمد8 قال كان المتوكل يمنع الناس من الدخول الي علي بن محمد8 فخرجت يوما و هو في دار المتوكل فاذا جماعة من الشيعة جلوس بقرب الباب فقلت ما شأنكم جلستم هيهنا قالوا ننتظر انصراف مولانا لننظر اليه و نسلم عليه و ننصرف فقلت لهم اذا رأيتموه تعرفونه قالوا كلنا نعرفه فلما وافي قاموا اليه فسلموا عليه و نزل فدخل داره و اراد اولئك الانصراف فقلت يا فتيان اصبروا حتي اسألكم اليس قد رأيتموا مولاكم قالوا بلي قال فصفوه لي فقال واحد هو شيخ ابيض الرأس ابيض مشرب بحمرة و قال

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۴ *»

الاخر لاتكذب ما هو الا اسمر اسود اللحية و قال الاخر لا لعمري ما هو كذلك هو كهل مابين البياض و السمرة فقلت اليس زعمتم انكم تعرفونه انصرفوا في حفظ الله انتهي و هذا الخبر يعطي انهم كانوا يرونه دائما كذلك و الا كانوا يتعجبون اول مرة و ينكرونه اول مرة بالجملة ليس هذا تصور مادة واحدة في آن واحد و مكان واحد بصور عديدة فان ذلك ممتنع في العقول و محال في القول و ليس في محال القول حجة و لا في المسألة عنه جواب و يمكن ذلك بالتصرف في الابصار و المشاعر التي هي القابلة حتي تري ما هو الواقع هكذا كما تري ان وجهك ابيض مستقيم يري في المرآة الحمراء العوجاء احمر معوجا و يري الواحد في مرءاة متعددا كما يري الاحول الواحد اثنين و اما ما كان يحكي عن علي7 انه انضاف في وقت واحد في اربعين بيتا و كان يحارب من وراء سبع عشرة كتيبة فذلك انها من باب التجلي بمواد عديدة و صور عديدة فانه صلي الله عليه اخذ من المواد العرضية الدنياوية ما شاء و صورها بصورته و تجلي فيها و منها و نطق منها و نظر و تحرك و سكن منها فان نسبته الي جميع الدنيا واحدة و هو آية استواء الرحمن فاينما وجد مرآة تحكيه و يظهر منها كما ظهر روح زيد من جسده حرفا بحرف فان روح زيد ايضا في الملكوت و ليس في الزمان فلو صيغ جسده في مكة كان يظهر فيه و لو صيغ في المدينة لظهر فيه و لو صيغ في العراق لظهر فيه و هكذا المشرق و المغرب و الارض العتيقة و الجديدة فاينما صيغ جسده ظهر فيه كذلك هو7 في الملكوت الاعلي فلماصيغ جسد له في مكة ظهر فيه و لو صيغ له جسد آخر في مكان آخر يشاكله لظهر فيه فلماكان صلي الله عليه صاحب قدرة يعمل بامر الله صاغ ابدانا متعددة علي شكله فصارت تحكيه كمرايا عديدة وضعت تحت الشمس فانها تحكيها بعددها فلماوضع الاجساد المتشالكة العديدة تحت روحه الملكوتي المستوي علي الامكنة حكته فلو صيغ الف الف جسد لظهر في الكل و اما من باب التصرف في الابصار كما عرفت فاذا عرفت ذلك فاجسامهم العنصرية الدنياوية المحسوسة لها اقبال غير

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۵ *»

ادبار و ادبار غير اقبال و وجه غير ظهر و ظهر غير وجه و ما روي و علم انهم كانوا يرون من خلفهم كما يرون من امامهم فذلك بغير هذه العين و انما هو من باب احاطة الارواح و الا فعيونهم هذه كالمرآة ينطبع فيها ما قابلها و يذهب الشبح عنها اذا فارقته فاذا نظروا الي امامهم ينطبع فيها ما امامهم و من نظر في عينهم يري فيها عكس ما امامهم و ماكان يري في ساير جسدهم عكس ما امامه كمايري في المرآة و كذلك حركة لسانهم غير سكونه و تحركه بالالف غير تحركه بالباء و لايمكن ان يتحرك جسدهم حركتين مختلفتين في آن واحد البتة و ان كانوا يقدرون علي احداث جسد آخر يتحرك كما يشاءون و كما ان الامر في ظاهر الجسد العنصري كذلك فاقول كذلك الامر في حواسه الباطنة البرزخية المقرونة بالعنصرية و كذلك حال قلبه و حال صدره فلايعقل ان يتوجه قلبه الي شيئين في آن واحد و لا ان يتخيل خيالين في ‌آن واحد و لا ان يتفكر فكرين في آن واحد اللهم الا بسرعة التعاقب ولكن سرعة تعاقبهم في الامور فوق ما يتحمله امثالنا و ذلك انه كلما يلطف الجسم يلطف مكانه و  وقته و حركته و كلما يغلظ تغلظ الم‌تسمع ان الشمس تقطع في وقت قولك متي خمس مأة عام كما في البحار عن ابي‌جعفر7 قال ان موسي سأل ربه ان يعلمه زوال الشمس فوكل الله بها ملكا فقال يا موسي قد زالت الشمس فقال موسي متي فقال حين اخبرتك و قد سارت خمس مأة عام و انما ذلك لان الافلاك الطف من الارض و العرش الطف من الافلاك بمرات فانظر في سرعة حركة العرش و قطعه الامكنة في آن واحد و بدن الامام7 الاصلي منه الطف من العرش بمرات فانظر في سرعة تعاقب ادراكاتهم و حركاتهم.

بالجملة فابدانهم و ان كانت سريعة التعاقب الا ان العقل يحكم بانها حين حركتها غير ساكنة و حين سكونها غير متحركة و كذلك حين تخيلها لزيد ليس بمتخيل لعمرو و بالعكس و ذلك ان الخيال مرآة كالعين و هو آلة ادراك القلب الجزئيات الدهرية المرتبطة بالمواد الزمانية كما ان العين آلة ادراكه الجزئيات

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۶ *»

الشهادية فكما انه حين نظره الي زيد ليس بناظر الي عمرو كذلك حين تخيله لزيد غير متخيل لعمرو و ان كانوا في مقام الكلية محيطين بزيد و عمرو معا في آن واحد اذ لا آن هناك و اما في مقام الجزئية و في الان فكما اخبرتك فلاجل ذلك يرد عليهم الشيء بعد الشيء و ربما يسألون و يقولون لانعلم و يقولون يقبض عنا فلانعلم و يبسط لنا فنعلم و ورود الشيء اليهم يعبر عنه بنقر في الاسماع و نكت في القلوب و رجم الظنون و البسط و الالهام و النجوي من الله و وتأييد روح القدس و الوحي و امثال ذلك و جميع ذلك اصله و منشاؤه ورود الشيء الي خواطرهم و ان كانوا يعلمونه في مقام الكلية في ملكوتهم كما انك تعلم علم النحو جميعه لست بجاهل به قطعا ولكنك لست حين اكلمك ذاكرا ان تقديم الخبر المجرور يفيد الحصر كقولك في الدار زيد و اذ لم‌تكن ذاكرا كان مقبوضا عنك لاتعلمه و ليس يحضر قلبك و اما اذا سئلت و توجه مرآة خاطرك و خيالك الي نفسك انطبع فيه ما طلبه منها فوجده القلب في خياله فبسط له فعلم افهم ما اقول لك فانه النمرقة الوسطي اليها يرد الغالي و بها يلحق التالي و لو فهمت ما قلت لك و ظني اني اوضحت غاية الوضوح جمعت بين جميع الاخبار بلاغبار و علمت انهم يجيبون كل احد علي حسب فهمه من مرتبة من مراتبهم و كلها صادق حق و الجاهل يزعم ان فيها اختلافا فقد روي في البحار عن ضريس قال كنت مع ابي‌بصير عند ابي‌جعفر7 فقال له ابوبصير بما يعلم عالمكم جعلت فداك قال يا ابامحمد ان عالمنا لايعلم الغيب و لو وكل الله عالمنا الي نفسه كان كبعضكم ولكن يحدث اليه ساعة بعد ساعة انتهي و هو ما اخبرتك به من ورود العلوم علي قلبه شيئا بعد شيء من منبع نفسه و عن ابي‌الربيع الشامي قال قال ابوعبدالله7 العالم اذا شاء ان يعلم علم انتهي و هو ما اخبرتك به ان قلب الامام كفوارة يخرج منها ماء الالهامات و العلم و يجري اليها من منبع نفسه المجتمع فيه جميع العلوم الماضية و الغابرة فاذا سئل عن مسألة و لم‌يكن في قلبه شيء لها توجه الي منبع نفسه و جري منه في فوارة قلبه جوابه حتي ينزل في قلبه جواب تلك المسألة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۷ *»

و هو ما سئل ابوعبدالله7 عن الامام يعلم الغيب قال لا ولكن اذا اراد ان يعلم الشيء اعلمه الله ذلك و قيل له جعلت فداك الذي يسأل عنه الامام و ليس عنده فيه شيء من اين يعلمه قال ينكت في القلب نكتا و ينقر في الاذن نقرا و عن ابي‌جعفر7 قال كان علي7 يعمل بكتاب الله و سنة نبيه فاذا ورد عليه الشيء الحادث الذي ليس في الكتاب و لا في السنة الهمه الله الحق فيه الهاما و ذلك والله من المفصلات و في رواية رجم فاصاب و في اخري رجم فيه يعني ساهم فاصاب بالجملة المراد من جميع ذلك ماكان يجري في قلبه من فوارته من منبع نفسه التي هي كتاب الله و سنة نبيه و ما من شيء الا و فيه كتاب او سنة و فيه تبيان كل شيء و قال ابوعبدالله7 كان علي7 محدثا و كان سلمان محدثا قيل فما آية المحدث قال يأتيه ملك فينكت في قلبه كيت و كيت انتهي و هو ما ذكرت لك و قال ابوعبدالله7 انا لنزداد في الليل و النهار و لو لم‌نزد لنفد ما عندنا قيل جعلت فداك من يأتيكم به قال ان منا من يعاين و ان منا لمن ‌ينقر في قلبه كيت و كيت و منا من يسمع باذنه وقعا كوقع السلسلة في الطست فقيل من الذي يأتيكم بذلك قال خلق لله اعظم من جبرئيل و ميكائيل و عن بشر بن ابرهيم عن ابي‌عبدالله7 قال كنت جالسا عند ابي‌عبدالله7 اذ جاءه رجل فسأله عن مسألة فقال ما عندي فيها شيء فقال الرجل انا لله و انا اليه راجعون هذا الامام المفترض الطاعة سألته مسألة فزعم انه ليس عنده فيها شيء فاصغي ابوعبدالله7 اذنه الي الحائط كأن انسانا يكلمه فقال اين السائل عن مسألة كذا و كذا و كان السائل قد جاوز اسكفة الباب قال ها انا ذا فقال القول فيها هكذا ثم التفت الي فقال لولا نزداد لنفد ما عندنا و قيل لابي‌جعفر7 لو تعلمون الغيب فقال يبسط لنا فنعلم و يقبض عنا فلانعلم و سئل ابوجعفر7

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۸ *»

عن علم النبي9 فقال علم النبي علم جميع النبيين و علم ماكان و علم ماهو كائن الي قيام الساعة ثم قال و الذي نفسي بيده اني لاعلم علم النبي و علم ماكان و علم ماهو كائن فيما بيني و بين قيام الساعة فذلك علم نفوسهم في الملكوت فانها محيطة بما هو كان و ما هو كائن و اما العلم الحادث الوارد فهو مع الزمان يحدث منه شيء بعد شيء و مثل ذلك انك تعلم علم النحو باجمعه مع انه ليس في قلبك منه شيء و اذا درست يرد علي قلبك منه كلمة بعد كلمة و مسألة بعد مسألة الي منتهي المسائل و القلب لايحتمل ورود جميع ذلك عليه دفعة‌ فلاجل ذلك يرد عليه شيئا بعد شيء و كذلك حال النبي و الحجج: فان قالوا نعلم ماكان و مايكون فيريدون علمهم المجموعي الملكوتي الدهري و ان قالوا لانعلم و ان شئنا علمنا فيريدون خواطرهم الزماني البرزخي هذا هو النمرقة الوسطي التي يجب ان يرد اليه الغالي و يلحق به التالي فافهم ثبتك الله بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الاخرة و لهم سلام الله عليهم في عالم الشخصية علوم جزئية استدلالية استنباطية لاتحصي كالنجوم و الرمل و الحصيات و الخيوط و الجفر و القيافة و الطبيعيات و غيرها مما يحيطون به و لايحيط بها احد سواهم و لايعلم حقيقتها فيستدلون من النجوم مثلا علي ماكان و مايكون علي النهج الحق بالجملة لايعزب عن علمهم شيء في السموات و الارض يعلمونها علي المجموع في نفوسهم و علي التدريج و التوارد في خيالهم و فكرهم بالجملة قد طال الكلام في هذا المقام فلنعد الي ما كنا فيه من المراد فشهادة الحجة7 علي الخلق في عالم الشخصية اي العنصرية الدنياوية بالمشاعر الجسمانية المشاركة فيها مع ساير الخلق فلايشاهدون الا ما حاذي مشاعرهم و حضر في محاضرهم كماقال الله عزوجل و ماكنت بجانب الغربي اذ قضينا الي موسي الامر و ماكنت من الشاهدين و قال عز من قائل و كنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم و هم سلام الله عليهم لايعلمون

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶۹ *»

الغيب اي ماغاب عن مشاعرهم فماغاب عن عينهم لايعلمونه بالعين و لعلهم يعلمونه بمشعر آخر كما انك لاتري الصوت بعينك و هو غائب عن عينك ولكنك تعلمه باذنك و لاتعلم المخيلات بحواسك الظاهرة و هي غائبة عنها و انما تعلمها بحواسك الباطنة و كذلك هم سلام الله عليهم لايعلمون الغيب قطعا في عالم من العوالم فمن زعم انهم يعلمون فهو غال اشركهم مع الله الاحد و لايعلمون الا ما يشاهدونه و يحاذي حواسهم فما حاذي حواسهم الظاهرة يعلمونه و ما لم‌يحاذ حواسهم الظاهرة لايعلمونه بتلك الحواس ولكن يعلمونه بحاسة اعلي فيعلمونه بحواسهم المثالية و ما غاب عن حواسهم المثالية فلايعلمونه بتلك الحواس و انما يعلمونه بنفوسهم و ما لم‌يحاذ نفوسهم فانما يعلمونه بعقولهم فانها محيطة بالاشياء من جميع جهاتها عالمة بالشيء قبل كونه فلايخفي عليهم خافية مماكان او يكون الي يوم القيمة و ليس ذلك بعلم غيب فان الغيب ماغاب عن الشخص والله يقول في حقهم بمفهوم الاية بئس للظالمين بدلا ما اشهدتهم خلق السموات و الارض و ماكنت متخذ المضلين عضدا و بذلك ايضا يجتمع الاخبار بلاغبار كما روي في العوالم عن ابي‌المغيرة قال كنت انا و يحيي بن عبدالله بن الحسن عند ابي‌الحسن7 فقال له يحيي جعلت فداك انهم يزعمون انك تعلم الغيب فقال سبحان الله ضع يدك علي رأسي فوالله مابقيت شعرة فيه و لا في جسدي الا قامت ثم قال لا والله ما هي الا وراثة عن رسول الله9 و عن الساباطي قال سألت اباعبدالله7 عن الامام يعلم الغيب قال لا ولكن اذا اراد ان يعلم الشيء علم و عن ابي‌بصير عن ابي‌جعفر7 سئل عن علم النبي9 فقال علم النبي علم جميع النبيين و علم ماكان و علم ما هو كائن فيما بيني و بين قيام الساعة فلاشك انهم لايعلمون علم الغيب و لايعلمون الا ما يشاهدون و يعلمون ما يغيب عن غيرهم لانهم يشاهدونه والله سبحانه يعلم ما يغيب عنهم سلام الله عليهم مما لم‌يخلقه و هو في سابق علمه جل جلاله و فيماذكرنا هنا كفاية و بلاغ.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۰ *»

قال7 و خلفاء علي خليقته و عينا عليهم و لسانا له اليهم الي آخر.

اعلم ان الخليفة علي ما في المعيار فعيلة بمعني فاعل و بمعني مفعول و اما الخليفة بمعني السلطان الاعظم فيجوز ان يكون فاعلا لانه خلف من قبله اي جاء بعده و يجوز ان يكون مفعولا لان الله جعله خليفة قال تعالي هو الذي جعلكم خلائف في الارض و الخليفة اصله خليف بغير هاء لانه بمعني الفاعل و الهاء مبالغة كعلامة و نسابة و يكون وصفا للرجل خاصة و منهم من يجمعه باعتبار الاصل علي خلفاء كحكيم و حكماء و هذا الجمع مذكر فيقال ثلثة خلفاء و منهم من يجمعه باعتبار اللفظ علي خلائف ككتيبة و كتائب و يجوز تذكير العدد و تأنيثه في هذا الجمع فيقال ثلاثة خلايف و ثلث خلائف و هما نعتان فصيحتان و هذا خليفة آخر بالتذكير و منهم من يقول خليفة اخري بالتأنيث و استخلفته علي استفعل جعلته خليفة انتهي و يقال خلف فلانا علي اهله و ماله خلافة ككتابة و خليفي كخصيصي صار خليفته و زيدا جاء بعده و هم سلام الله عليهم خلفاء الله علي خليقته استخلفهم الله في عباده و  خلفهم في بلاده و انما ينصب الحكيم خليفة بعده علي اهله و عبيده و امائه و ملكه ليحكم فيهم بحكمه و يجري فيهم امره و يسير فيهم بسيرته و يكون قوله قوله و حكمه حكمه و امره امره و نهيه نهيه و طاعته طاعته و معصيته معصيته كماقال عز من قائل يا داود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق و قال عز من قائل للملائكة اني جاعل في الارض خليفة و الغرض من جعله اظهار امره و انفاذ حكمه و قال عز من قائل يا هرون اخلفني في قومي و اصلح و لاتتبع سبيل المفسدين والله سبحانه و ان كان حاضر كل ملأ و شاهد كل نجوي و لايغيب عنه شيء الا انه لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار فالناس محجوبون عنه كما في الدعاء انك لاتحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الامال دونك و قد احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه و بعظم نوره و بشدة ظهوره فلاعين تبصره و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۱ *»

لامشعر يدركه فاحتاج الناس الي خليفة لله علي خلقه حتي ينتهوا الي امره و يروه و يسمعوه و يدركوه حتي يمكنهم طاعته و امتثال امره قال7 بنا عبد الله و لولانا ماعبد الله فبالخليفة يعبد الله و يطاع و لولا الخليفة ماعبد الله و ما اطيع فانه لايدرك و لايسمع منه و لايعرف فالخليفة مرآه و مسمعه و وجهه الذي منه يؤتي و يتوجه اليه الاولياء و لسانه و يده و امره و حكمه و معانيه و ظاهره كماقال7 في حديث اما المعاني فنحن معانيه و ظاهره فيكم اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده الخبر و خلافتهم سلام الله عليهم تتحقق في مقامات فهم خلفاء الله في شرعه في اداء توحيد الذات و توحيد الصفات و توحيد الافعال و توحيد العبادة و هم خلفاء الله في تبيين معرفة الذات و معرفة الهوية و معرفة الالوهية و معرفة الاحدية و معرفة الصمدية و هم خلفاء الله في اظهار معرفة البيان و المعاني و الابواب و هم خلفاء الله في امره و نهيه و تحليله و تحريمه يأمرون بما شاءوا و ينهون عما شاءوا و يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاءوا و يعرفون وجوه الحكمة فيها بل يجب امتثال امرهم و حكمهم و ان لم‌يكن له حكمة مفهومة لنا كمايجب امتثال امر صاحب الدار في متاع داره و لايسأل عن حكمته و ينبغي ان يطاع و ان كان علي خلاف الحكمة الا تري انه لو قال لاتحرك هذه الآنية من هنا و كان المصلحة في رفعها من هناك لايجوز رفعها لعدم رضاء صاحب البيت كذلك خولهم الله عوالمه و اوجب علي الخلق طاعتهم و قال ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا و قال هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب فهم يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاءوا و ان كانوا لايشاءون الا ان يشاء الله و لايشاء الله الا ما يوافق الحكمة و هم خلفاء الله في الكون فهم خلفاء الله علي مشية الله و امره فلايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون فلايشاءون الا ان يشاء الله و هم خلفاء الله علي قضائه و قدره في مجاري امره فهم المناة المتيحون الذين لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و خلفاء الله في اقامة الوجود و تحديد اركان الشهود و خلفاء الله

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۲ *»

في مقام القطبية و القلبية فبهم الافتتاح و بهم الاختتام فهم الفاتحون لما استقبل و الخاتمون لماسبق و المجرون الي كل ذي حق حقه و السائقون الي كل مخلوق رزقه بالجملة قال الله سبحانه في كتابه المجيد وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لايشركون بي شيئا و فسرت في رواية ‌بالائمة و في رواية بالقائم و اصحابه و في رواية نزلت في علي بن ابي‌طالب و الائمة من ولده: و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني عني به ظهور القائم7 و روي هم والله شيعتنا اهل البيت يفعل الله ذلك بهم علي يد رجل منا و هو مهدي هذه الامة الخبر فقوله عزوجل وعد الله فان اريد بالخلافة ‌الخلافة الظاهرة فظاهر فانه وعد الله ان يظهر هذا الدين علي الدين كله و لو كره المشركون و يكون ذلك حال الظهور و الرجعة و ان اريد بها الخلافة الكونية و شرعها فهو ما وعد بقوله ادعوني استجب لكم فهم دعوا الله بالسنة قابليتهم المعتدلة التي هي ناشئة القطب لا شرقية و لا غربية اللائقة للحكم بالعدل بين العباد في الكون و الشرع ان يجعلهم الله خليفة في الارض ليحكموا بالحق كماقال يا داود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق و وعدهم الله الاجابة لتأخر الظهور عن الوجود و التفصيل عن الاجمال و الكثرة عن الوحدة و قد انجز و فعل و له الحمد فقد جعلهم الله خلفاء في ارضه و الارض في الحقيقة هي ارض قابلية الامكان قال ابوعبدالله7 الائمة خلفاء الله في ارضه انتهي و الدليل علي ذلك قول علي7 في خطبة الغدير و الجمعة اشهد ان محمدا عبده و رسوله استخلصه في القدم علي ساير الامم علي علم منه انفرد عن التشاكل و التماثل من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۳ *»

ابناء الجنس و انتجبه آمرا و ناهيا عنه اقامه في ساير عوالمه في الاداء مقامه اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الملك الجبار الخطبة فلمابين7 انه اقامه في ساير عوالمه اي جميع عوالمه عرفنا ان المراد بالارض في الباطن ارض الامكان و قد انزلهم الله من سماء المشية الي ارض الامكان كماقال يا ايها الذين آمنوا قد انزل الله اليكم ذكرا رسولا فنزل الي ارض الامكان فكان خليفة الله فيها قائما مقامه في الاداء بظهور ذاته و صفاته و افعاله و اقواله و احواله و آثاره و اشعته و انواره فيؤدي عن الله ما اراد الله اداءه الي خلقه و الذين آمنوا و عملوا الصالحات هم الائمة سلام الله عليهم في المقام الاعلي فهم الذين آمنوا اي اعطوا الامان اهل جميع عرصات الاكوان حين اخرجوهم من مكمن العدم الي فضاء العالم عن البوار و الدثور و الفناء و الاضمحلال و مقتضاه ان لايخرج من عرصة الوجود من دخلها فسعوا بذمتهم الي الله عزوجل و اجاز الله امانهم و ذمتهم فآمن اهل عرصة الوجود عن الفناء و كذلك آمنوا شيعتهم من عذاب الله و اجاز الله امانهم و آمنوا بالله علي الحقيقة و صدقوه بجنانهم و لسانهم و افعالهم في ذواتهم و صفاتهم و احوالهم و اعمالهم و غيوبهم و شهاداتهم و اعضائهم و جوارحهم و لا مؤمن كذلك سواهم و لذلك خصهم الله باسم الايمان في آي كثيرة كماقال انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا و قال قل اعملوا فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون و كذلك عملوا الصالحات التي ليس في الامكان اصلح منها كما قالت الحكماء ليس في الامكان ابدع مما كان و في الخبر ان الله لايفعل بعباده الا الاصلح و كذلك عملوا الصالحات حيث شرعوا شرعا ليس اقوم منه و لا اعدل و لا اتقن بحيث حارت العقول في اتقانه و نظمه و كونه صلاح الخلق رافعا للفساد و اذعنت بالخضوع و الخنوع و العجز عن درك شيء منه ما لم‌يصل منهم شرع فيه و كذلك عملوا الصالحات حيث عملوا برضاء الله و ما فيه صلاح نفوسهم و ترقيتهم الي حضرة اسماء الله و صفاته و انواره

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۴ *»

فبلغوا الي آثار اعمالهم و اي صالح اصلح من ذلك و كذلك عملوا الصالحات من النسل الطيب حيث كانوا طيبين و اولدوا طيبين في الايلاد الدنياوي الجسماني و في الايلاد الروحاني كماقال9 انا و علي ابوا هذه الامة كما استخلف الذين من قبلهم من آدم و هرون و داود او جميع الانبياء و الاوصياء في ارض العلم و الحكم فان الله سبحانه خلفهم في الارض الظاهرة و لم‌يمكن لهم و لم‌يأمنوا خوف عدوهم فالتشبيه بهذا لايناسب الوعد و ذيل الاية و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم اي ليمكنن دينهم في جميع العالم او من جميع الاديان اذ اظهره الله علي الدين كله و جعل ذلك لهم و لاجل ظهور سلطانهم و دولتهم و علمهم و حكمتهم و سياستهم المدن و قهرهم اعداءهم و تربيتهم اولياءهم فقوله يمكنن بالمعني الاول بمعني يثبتن و بالمعني الثاني اي نظهره و نسلطه علي جميع الاديان او المعني ليجعلن الدين منقادا لهم مطيعا بان يحلوا ما شاءوا و يحرموا ما شاءوا و يعلنوا ما شاءوا كيف شاءوا و لايخفوا شيئا خوفا من التقية او المعني ليمكنن عليا7 او الائمة: اذا كان المراد بالذين آمنوا الشيعة فان عليا و الائمة: دينهم الذي ارتضي لهم او المعني المجازاة التي ارتضاها لهم ليجزوا بها اولياءهم و اعداءهم كماتقول كما تدين تدان فليمكنن لهم مجازاتهم اولياءهم و اعداءهم حتي يجزوا بقدرة و شدة و في الظاهر المراد من الدين الاسلام لقوله و من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه و ان الدين عند الله الاسلام و رضيت لكم الاسلام دينا و تمكين الاسلام تثبيته و تقريره في الدنيا لاجلهم لانه سنتهم و امرهم و حكمهم فالاسلام يظهر يومئذ علي ما صدر من الله في حكم حقايق الاشياء من حيث هي خالية عن الامراض عالية عن الاعراض و هو الدين المرتضي الموافق لرضاء الله و مشيته الجاري باقتضاء المشية المرضية لا علي حسب اقتضاء الاعراض و الامراض و ليبدلنهم من بعد خوفهم من فرعون و ملأه ان يفتنهم او يفتن رعيتهم امنا يعبدونني لايشركون بي شيئا و ذلك حين

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۵ *»

الوقت المعلوم و قتل ابليس و جنوده و خلوص الحق عن شوب الباطل كماقال جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا بالجملة ان الله سبحانه جعل محمدا و آل محمد خلفاء في ارضه يؤدون ما اراد الله اداءه الي الخلق و هم خلفاء الله من يوم خلقوا الي ما لانهاية من ملكه لا راد لقضائهم و لا مانع من حكمهم الا انهم في دولة الباطل يحكمون علي حسب اقتضاء القوابل العرضية فاذا انقضي دولتهم و صعد الملك عن عرصتهم يحكمون بالحق الاولي المطابق لمقتضي مشية الله و لامثلن لك مثالا تعتبر به اذا كان لك صبي تعامله بمقتضي ضعف بدنه و عقله و تسامحه و تعاشره و تكالمه علي حسب ضعفه و تغمض عن كثير من صفاته و اقواله و افعاله رحمة عليه و مداراة اذ لا يطيق منك غير ذلك و ان كنت تستقذر كثيرا مما هو فيه و تعلم سخافته و قباحته و وهنه و كونه لغوا و لهوا فتداريه ولايصلحه غير ذلك و لايعيش بغير ذلك فلمابلغ اشده و استوي تنهاه عماكان فيه و تأمره بما يناسب رضاك و عقلك و علمك و ادبك فسلوكك الاول و امرك و نهيك من قضائك لكن علي حسب اقتضاء بنيته و هي علي خلاف كينونتك و اما ما تأمره به و تنهاه حال كبره فهو علي حسب اقتضاء كينونتك و طبيعتك و رضاك و من هذا تبصر امر قضائهم صلوات الله عليهم فانهم سلام الله عليهم يقضون في دولة الباطل و في هذه الازمنة علي حسب اقتضاء بني العباد و البلاد و لايتحملون غير ذلك و ازيد من ذلك قال7 و اما وجه الانتفاع بي في غيبتي كانتفاع الناس بالشمس اذا جللها السحاب و اذا خلص الحق عن شوب الباطل و زهق الباطل يحكمون في العالم علي حسب اقتضاء عقولهم و طباعهم و صفاتهم و اخلاقهم و احوالهم فهم ابدا خلفاء الله علي العباد و البلاد الا ان هذه الازمنة لاتتحمل ازيد من ذلك فالاستخلاف الموعود ظاهرا هو الاستخلاف الظاهري الدنياوي فافهم و اما قوله7 و عينا عليهم و لسانا له اليهم فالعين تطلق علي معان عديدة يناسب هذا المقام بعضها فالعين بمعني الديدبان و هو من تضعه علي قوم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۶ *»

في مرتفع ليشاهد ما هم عليه فارسي معرب فهم سلام الله عليهم الديدبان الذي جعلهم الله في مقامهم الرفيع ليشاهدوا خلق السموات و الارض و خلق انفسهم و اعمال العباد و افعالهم علي معني ما مر في الشاهد فهم عين الله علي خليقته قال الله تعالي قل اعملوا فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون و تكون بمعني السيد و كبير القوم و شريفهم فهم السادة الكبراء الشرفاء علي جميع الخليقة و الخلق عبيدهم و اماؤهم قال علي7 نحن صنايع الله و الخلق بعد صنايع لنا و تكون بمعني الباصرة فهم عين الله الناظرة في خلقه ينظر الله الي خلقه بهم لا بباصرتهم وحدها بل بهم بجميع اعضائهم و مراتبهم فانهم بكلهم حقيقة الادراك يدركون الكل بكلهم و من لم‌يعرف سر تعديل الاجزاء الاكسيرية بعد تهذيبها و تنقيتها و تلطيفها و تشكيلها لايعرف حدوث فعل النار من الماء و فعل الماء من النار و فعل الهواء من التراب و فعل التراب من الهواء و لنعم ما قال ابن ارفع راس الشذوري حيث قال:

و كم طينة خمرتها فتصورت

بنفخي فيها الروح نفسا بذاتها

و محمومة ربعا قلبت مزاجها

الي ضده لما علت زفراتها

بجنية‌ انسية ملكية

هوائية نارية لفحاتها

جنوبية غربية مشرقية

شمالية كل الجهات جهاتها

القصيدة فهم سلام الله عليهم لما قد عدل امزجة مراتبهم و تقاربت و تشاكلت و تناسبت و توحدت صار يحصل من كل عضو فعل كل عضو فانملة منهم تسمع و تبصر و تشم و تذوق و تلمس و تتخيل و تتفكر و تعلم و تعقل و تعرف و علي هذه فقس ماسواها فلست اقول عينهم عين الله بل اقول كلهم عين الله يعلم الله بهم كل معلوم من غير حاجة من الله اليهم و لا اقول كما قال قائلون ان الله يعلم بعلم و يقدر بقدرة علي انه محتاج الي علم غيره او قدرة غيره نعوذ بالله بل لاشك انهم ليسوا بشيء الا بالله و لله و لاشك ان الله يعلم خلقه في رتبة خلقه و ليس يعلمه في ذاته اذ كونه في ذاته كذب و علمه حق صدق فيعلمه في رتبة خلقه و لاشك ان ذات

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۷ *»

الله تعلم الخلق بنفس ذلك الخلق و بعلله و اسبابه لانه مذكور في علله و اسبابه و هم سلام الله عليهم اعظم علل الخلق و اعظم اسبابه يعلمون والله اولي بهم من انفسهم و هم و ذواتهم و صفاتهم و افعالهم و اقوالهم لله فكما ان قولهم قول الله و حكمهم حكم الله كذلك كلهم لله و علمهم علم الله و لا عالم بالخلق في الخلق فوقهم فافهم و لاتغل في دينك فان الذي خلقهم و خلق ما لهم و منهم و بهم و فيهم و اليهم من العدم ليس يحتاج اليهم ابدا و كلهم قائم بعطاء الله و مدد الله فلايذهبن بك المذاهب و زنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير و احسن تأويلا و اما قوله7 في زيارة علي7 و عينه التي من عرفها يطمئن فهي بمعني الحقيقة لا الباصرة فان معرفة الباصرة لاتكون سبب الاطمينان بل هي معرفة الحقيقة و هي التي تزيل الشكوك و الشبهات التي هي سبب اضطراب النفس اذ لا شبهة بعد العيان فهم حقيقة الله المخلوقة التي سأل عنها كميل اميرالمؤمنين7 فهم الحقيقة التي من عرفها عرف الله و من جهلها جهل الله و هي نور اشرق من صبح الازل فلاح علي هياكل التوحيد آثاره و كونهم حقيقة الله ككون الكعبة بيت الله و سميت بيت الله لانها بيت شريف لم‌يملكه احد دون الله عزوجل و لاشريف في الخلق اشرف من محمد و آله صلوات الله عليهم و لم‌يكونوا الا لله و لم‌ينظروا الا الي الله و لم‌يحکوا الا الله و عن الله فکان جميع القوم لله بل كانوا جهة اضافة الله فافهم و تبصر و لاتغل و كذلك الامر في قوله و لسانا له اليهم فهم لسان الله بجميع مراتبهم يتكلمون بلغات عديدة منها ما يفهمه كل موجود و منها ما يفهمه الامريون و منها ما يفهمه النوريون و منها ما يفهمه العقليون و منها ما يفهمه الروحيون و منها ما يفهمه النفسيون و منها ما يفهمه الطبعيون و منها ما يفهمه البرزخيون و منها ما يفهمه السماويون و منها ما يفهمه الارضيون و منها ما يفهمه الجمادات و منها ما يفهمه النباتات و منها ما يفهمه الحيوانات و منها ما يفهمه الاناسي و منها ما يفهمه الملائكة بصنوفها و اقسامها و في كل عالم بكل لسان يتكلمون بالكلمة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۸ *»

و يريدون منها سبعين وجها لهم من كلها المخرج و قد بينوا في كل عالم بلسانه توحيد الله سبحانه و اسماءه و صفاته حتي عرفوا اهله توحيد الله بجميع مراتبه فمن وحده قبل عنهم و من عرف الله عرفه بهم و بتعريفهم و عرفوا شأن انفسهم و فضائلهم مما خصهم الله به و كان فرضا عليهم اظهاره لانه لا عارف بهم سواهم الا بتعريفهم و ليس ذلك التزكية المذمومة الا تري ان يوسف حين اضطر الي تزكية نفسه اذ لم‌يعرفه غيره قال اني حفيظ عليم و الا تري الرسل ان لم‌يقولوا انا رسل الله لم‌يعرفهم احد فلما بعثوا الي الخلق كان الفرض عليهم ان يقولوا انا رسل الله و اثبات الرسالة تزكية ليس فوقها تزكية فكذلك عرفوا اهل كل عالم انفسهم و فضائلهم و مقاماتهم و صفاتهم و افعالهم و بينوا شرايع احكام الله و سنته و دينه كمايحب الله و يرضي و من تلك العوالم هذا العالم و من تلك الالسنة هذا اللسان المعروف فبينوا جميع مرادات الله عزوجل و شرائعه و فرايضه و احكامه و حكمه و علومه علي ما يتحمله الرعية حتي صاروا الي الرضا من الله فهم لسان الله بكلهم في جميع المراتب و لسان الحال ابلغ من لسان القال بسبعين مرة فان لسان الحال يعرفه كل احد و لسان القال لايعرفه الا صاحب تلك اللغة الا تري ان قول النار انا المحرقة يعرفه و يفهمه اهل كل لغة و اما قول العربي انا الجمال لايعرفه الا العربي فقط فهم سلام الله عليهم بينوا في كل عالم بلسان الحال حتي عرفه جميع اهل ذلك العالم و اما في هذا العالم و للاناسي فبينوا بلسان عربي بالجملة هم لسان الله الي الخلق.

قال7 قد استودع فيهما علمه و علمهما البيان و استطلعهما علي غيبه الي آخر.

اعلم ان الوديعة ما يترك عند احد و استودعه اياها استحفظه اياها و الوديعة مملوكة للمستودع بالكسر لم‌تخرج عن ملكه يأخذها متي شاء و ليس للمستودع بالفتح فيها حق الا انه استأمنه المالك فاستودعه اياها فبين7 بقوله استودع

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷۹ *»

فيهما علمه ان الله سبحانه هو اولي بعلمهم منهم و هو المالك لما ملكهم و القادر علي ما اقدرهم عليه ليسوا بشركاء لله في تملك ذلك العلم و لا بمستقلين دونه فعلمهم علمه جل شأنه ثم اعلم ان العلم الذي استودعهم الله هو الذي قال الله عزوجل و لايحيطون بشيء من علمه الا بماشاء فقسم الله علمه قسمين قسم لايحيطون به و قسم يحيطون به فلايصح ان يكون العلم الذي لايحيطون به مما استودعوه فهو الذي يحيطون به و هو العلم المشاء الذي تعلق به المشية فما لم‌يتعلق به المشية و لم‌يخلقه الله لايعلمونه هذا مجمل القول و لنا في هذا المقام تحقيق دقيق رشيق هو فوق كلام المقصرين و دون كلام الغالين اعلم ان ذات الله جل و عز ذات احدية يمتنع معها سواها امتناعا بحتا و لذلك تفرد بالاحدية و لا شيء سواه فتلك ذات لايعلمها احد بل لايصح ان يقال علم نفسه فان علم فعله و لا فعل هناك مع ان المعلمة لنفي الخلاف و لا خلاف هناك و ليس الا ذات احدية مبرات من الحيوث و الجهات و الاعتبارات و الانظار و الفروض تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا و اما ماسواه جل و عز فعلي ثلثة اقسام امكان و تكوين و مكون لا رابع لها اما الامكان فهو عرصة القوة المحضة لاتعين لشيء فيها و لا تمييز فلاشيء هناك علي الحقيقة فانما سمي الشيء شيئا لانه مشاء و لا مشاء هناك و لم‌يتعلق به تكوين و لا كون من غير تكوين فهو عرصة العدم و هو معني واحد عدمي و ليست الاشياء فيه متعينة و لا قويها فيه ممتازة بل هو قوة واحدة لا تأبي عن قبول تكوين شيء من الاشياء و هو مع ذلك بحر غير متناه لا ساحل له و لايحيط به من كون فيه و منه و انما يحيط به الله وحده لاشريك له و هو العلم المخصوص بالله يقدم منه ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يبدو فيه كيف ما شاء و يزيد من يشاء منه و هو خزانته التي لا نفاد لها و يخرج منها ما لانهاية له الي ما لانهاية له و مثاله المداد حيث يكون حصة منه صالحة لكل صورة مما لانهاية لها فاذا تصورت بصورة الالف مثلا تعينت من هذه الحيثية ولكن يمكن في الالف من الكم و الكيف و الجهة و الرتبة و الوقت و المكان و الوضع و الاجل و النسب و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۰ *»

غير ذلك ما لانهاية له و جميع ذلك في الامكان معدوم الكون و العين و لايعلمها الا الله الخارج عنه الذي هو وراء ما لايتناهي بما لايتناهي و يعلمها الله فيه كما هي فيه و لولا ذلك لكان كذبا والله علمه صدق حق و اما التكوين فهو نفس المشية فهو و ان كان اصل كل شيء و منه صدر كل شيء و به قام كل شيء الا انه وحداني في سرمده قال الله سبحانه و ما امرنا الا واحدة و هو امر واحد دليل آمر واحد و ليس فيه كون الاشياء و لا عينها و انما في المشية صلوح تعلق الاشياء يعني انها موجودة صالحة لان يصدر منها زيد و عمرو و بكر و سماء و ارض و هكذا الي ما لانهاية له فالمشية امكان راجح لامور لانهاية لها فهي امكان زيد مثلا و زيد الامكاني و يصلح ان يخلق به و يصدر منه عمرو و بكر و انسان و حيوان و نبي و شيطان و ارض و سماء و هكذا الي ما لانهاية له و مع ذلك هو امكان زيد و زيد الامكاني و يمكن ايضا ان يكون امكان بكر و خالد و سماء و ارض و هكذا الي ما لانهاية له و هو هو امكان زيد و زيد الامكاني و الامكان ان كان صلوح الايجاد فهو الامكان الراجح الوجود و ان كان صلوح الانوجاد فهو الامكان الجايز الوجود بالجملة علم التكوين مخصوص بالله سبحانه لانه الحرف الرابع المخفي المكنون المخزون الذي لايطلع عليه احد سواه و جميع ماسوي التكوين قد وطيء عرصة الاكوان بالتكوين و قد قال الصادق7 خلق الله المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية فهم سلام الله عليهم من عرصة الوجود قد اوجدوا بالمشية و هم محلها و لا استمساك لهم معها مضمحلون عندها متقلبون تحتها فلايحيطون بما فيها نعم يعلمون الامكان بانه عدم الاكوان و لا امتياز بشيء من الاشياء فيه و كذا يعلمون التكوين بانه وجود اطلاقي بشرط لا و انه صلوح احداث كل شيء لاتعين فيه و اما المكون فهو الموجود الذي قد تعلق به المشية الكونية و البسته حلة الوجود فما البس حلة اما هو سبب و اما هو مسبب فالسبب هو هم صلوات الله عليهم كما في الزيارة فما من شيء منا الا و انتم له السبب و اليه السبيل و اما المسبب فساير الخلق و بذلك قد تضافرت الاخبار و تكاثرت الاثار و تواترت المعاني فجميع المسببات

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۱ *»

من آثارهم و اشعة انوارهم كالقيام بالنسبة الي القائم فهم يعلمونه و هم خزانه و مستودعه فلايعزب عن علمهم شيء موجود في السموات و الارض و الدنيا و الاخرة فان الشيء ان كان بعد لم‌يلبس حلة الوجود فهو معدوم و لايناسبه علم و ان لبس حلة الوجود فذلك الوجود شبح منفصل من وجودهم و جمال لهم و نور منهم فلايخفي عليهم الشبح الذي انفصل من وجودهم كما لايخفي القيام علي القائم و ذلك انهم صلوات الله عليهم محال المشية و وكر الارادة و لايخلو المراد من ذلك من غموض فاصغ لما اقول علك@ص426 تنال المأمول. اعلم ان المشية و ان كانت وجودا راجحا ابسط ما يمكن في الامكان الا انه من الامكان و يعتبر فيه الجهات لما يشاهد في آثاره التي هي علي طبقه و ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية فله مقامان مقام خلق به نفسه و مقام خلق به غيره اما في المقام الاول فله اعتباران اعتبار فعلية و اعتبار مفعولية الا تري ان اباعبدالله7 قال خلق الله المشية بنفسها فاثبت لها المفعولية و اثبت لها الفعلية فهي من حيث انها مفعولة محل لها من حيث انها فعل و وكر لها لاقوام لاحديهما الا بالاخري فالمشية و المشاء متضايفان لايتحقق احدهما الا بالاخر كالضرب و المضروب فان المضروب محل الضرب و لا ضرب الا في مضروب و لا مضروب الا بضرب و ليس ان الله شاء و تأخر المشاء عنه حاشاه بل اذا شاء كان المشاء و مهما كان مشاء فبمشيته كان و تلك المشية التي اشرنا اليها مشاؤها انية المشية و ماهيتها لم‌يخلق بها سواها فلماخلق الله بتلك المشية نفسها و تجلت تلك المشية في تلك الماهية و ثبتت و تمثلت و قامت و كانت مشية خلق من شبحها و نورها ساير الاكوان و اول ماخلق بها هيهنا عقل محمد9 فانه اول خلق من الروحانيين  عن يمين العرش ثم تجلي في العقل لساير الخلق و لذلك صار علة ‌العلل و مبدء الموجودات فهم سلام الله عليهم محل المشية في المقامين في السرمد و في الدهر اما في السرمد فهم محل المشية بافئدتهم و اما في الدهر فهم محل المشية بعقولهم يعني تلبست بهم و تجلت بهم كما ان حركة يدك تتجلي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۲ *»

بيدك للحروف و لاتتعلق بالحروف الا من وراء حجاب اليد كذلك مشية الله جل و عز احتجبت بهم و تجلت و برزت منهم في قنوت الحسين7 اللهم منك البدء و لك المشية و لك الحول و لك القوة و انت الله الذي لا اله الا انت جعلت قلوب اوليائك مسكنا لمشيتك و ممكنا لارادتك و جعلت عقولهم مناصب اوامرك و نواهيك فانت اذا شئت ما تشاء حركت من اسرارهم كوامن ما ابطنت فيهم و ابدأت من ارادتك علي السنتهم ما افهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك و تدعو اليك بحقائق ما منحتهم الدعاء و فيه الكفاية و البلاغ فجميع ماسواهم اشباح لهم قد انفصل عن شبحهم المتصل بهم فلايخفي عليهم ما برز منهم فلاجل ذلك تواترت الاخبار عنهم انهم يعلمون علم ما كان و ما يكون الي يوم القيمة علم احاطة لا علم اخبار و ذلك وجهه و هذا هو العلم الذي قد شاء الله احاطتهم به كما قال و لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء ثم ما يحيطون به منه منجز فهم يحيطون به انه يكون كذا و كذا علي ما هو عليه بظاهره و باطنه و مبدئه و منتهاه ولكن لايحيطون بمنتهي اجله انه يستمر الي متي و متي يفني و منه مشروط بشروط لماتتحقق و شروطه بعد في عرصة الامكان اما الشروط فمعدومة و لايحيطون بها و اما الموقوف بها فيعلمون انه ان وجد كان كذا و كذا و اما متي تقع و هل تقع فلا و لذا روي انا لانوقت و من وقت شيئا فكذبه فما يحيطون به قسمان قسم قد كان و يحيطون به احاطة مشاهدة و عيان و قسم لم‌يكن فيحيطون به احاطة اخبار من الله جل و عز و ساشرح لك ان شاء الله معني الاخبار و هيهنا مسألة غامضة صعبة ان ما سيأتي بعد في الازمنة الاتية هل هو مما قد كان و يحيطون به علم عيان او هو مما لم‌يكن و هو بعد في عرصة الامكان و قد طال من مشايخنا ذكرهم ان الزمان ماضية و غابره بحر راكد و الاجسام كالسفينة تجري في ذلك البحر و تحاذي جزءا بعد جزء فالمشرف علي الزمان يري كل جزء منه في محله فالغد في محله موجود و ان لم‌نشاهده و لم‌نصل اليه و هذا الكلام منهم صعب مستصعب و لامانع من الاشارة الي تحقيق ذلك فانه مطلب جليل.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۳ *»

اعلم ان الله جل و عز ذات احدية لامكان له و لاوقت و لا حد و لا اول له و لا آخر و لا مبدء له و لا غاية فهو ذات بالفعل لا قوة له و لا امكان فلايتجدد و لايزيد و لاينقص و لايحدث فيه ما لم‌يكن فيه و يمتنع معه ماسواه فلاوقت له من سرمد و دهر و زمان و الازل ذاته و الابد ذاته لا وقته و ما قيل ان الازل ما مضي منه و الابد ما بقي فهو ازلي اي لا اول له و ابدي اي لا آخر له قول سخيف ينافي الاحدية فهو ذات قائمة بالفعل ازله عين ابده و ابده عين ازله ثم احدث المشية و احداثه لها عينها لا شيء بينه و بينها فاحدثها بها و جعل مكانها الامكان و وقتها السرمد و الثلثة من  غاية المشاكلة واحدة بالوحدة الواحدية فالمشية هي الوجود الاطلاقي الراجح الوجود لانه قائم بنفسه و ما فقدت نفسها و نفسها لاتوجد بدونها فهي لا بدء لها و لا منتهي و هي وجود بالفعل الا انها للوجود الحق لا لنفسها و الوجود الحق قائم بنفسه لنفسه و هذا قائم بنفسه لغيره فهو لاينتظر لنفسه حدوث كمال و لاتترقب طروء جمال لايزيد و لاينقص و لايمر عليه وقت و لاينتقل من مكان الي مكان و لاينقطع كما لم‌يحدث بعد ان لم‌يكن و ذلك انه لايعقل فيما يقوم بنفسه مبدأ و منتهي هذا و هو ابسط ما يمكن في الامكان فهو مركب من بسيطين و لايعقل في المركب من البسيطين مبدأ و لا غاية و لاجل ذلك قال الله و ما امرنا الا واحدة فهذه المشية ليس فيها امتداد وقت و لاتقض و لا ماض و لا غابر بل هي وجود موجود بالفعل حاضر عند ربه بكله فلايتجدد للرب جل و علا مشية شيء لم‌يكن شائيا له و ارادة امر لم‌يكن مريدا له فقد شاء ما شاء هناك و كان ماكان و حضور المشية عند الله جل و عز حضور ازلي و ان كان عند نفسها سرمديا فهي بمجموعها العلم الازلي عند الله عزوجل حاضرة لديه ازلا ابدا لابداء لله فيها و لم‌يعلم الله بعد شيئا لم‌يكن علمه لايزيد في علمه و لاينقص و لايري ما لم‌يكن يري ثم اشرق هذه المشية و خلق من اشراقها الدهر فلابد و ان يحدث جميع الدهر بالنسبة اليها لانها لاتتقوي بعد ضعف و لاتتغير عماكانت و هي ذات واحدة اقتضت الاشراق فاشرقت فوجدت اشراقاته جميعا و قامت لديها بها لاتزيد و لاتنقص فلايعقل ان يحدث بعد بالنسبة الي المشية دهر لم‌يكن و ان كان الدهر بالنسبة الي نفسه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۴ *»

وجودا مستمرا له اجزاء بالنسبة الي البسيط الاعلي و ان كان الدهر ايضا بلاتقض بالنسبة الي الزمان الا ان له في نفسه تقضيا و انقضاءا و يكون في نفسه كطومار يطوي من طرف و ينشر من طرف و الحاضر دائما شيء منه لكنه بكله منشور عند المشية لايطوي شيء منه و لاينشر مجددا شيء منه فالمشية تري الدهر بكله حاضرا لديها قائما بها و لايتجدد و لايبدو فيه شيء لم‌يبد و مجموعه عندها سرمدي لا دهري و ذلك ان الدهر وقت الانوار و ليس الدهر وقتا للدهر و انما وقت الدهر هو السرمد فمجموع الدهر حاضر في السرمد لدي السرمد للسرمد في وقت سرمدي فالدهري لايكاد يحيط بجميع الدهر فانه من المتجددات فيه و اما السرمد و السرمدي فيطلع علي جميع الدهر اطلاعا واحدا باحاطة و عيان و ذلك ان السرمد اولي بالدهر من الدهر و اقرب منه به و اوجد منه في مكانه الا ان كون الدهر بكله سرمديا لايخرجه عن كونه ذا امتداد سرمدي و لايجعله ازليا نعم مجموع السرمد و الدهر عند الازل لوح ازلي موضوع عنده لايزول و لايحول و لايتغير و لايتبدل و لايمر عليه وقت سرمدي و لا دهري و الزمان كالدهر حرفا بحرف يعني مجموع الزمان لوح موضوع لدي الدهر دهري و ليس الزمان وقت الزمان و انما هو وقت الزماني فالزماني يمر عليه الزمان و اما الزمان فدهري لايمر عليه الزمان فهو عند الدهر دهري و له تقضيات الدهر و هو و الدهر معا حاضران عند السرمد و لهما حالات السرمد و الثلثة حاضرة لدي الازل و لاتقضي له و لازوال و لاتحول و لا انتقال فالازل لايخفي عليه شيء من الثلثة و لايعزب عن علمه شيء منه و اما السرمد فيشهد الدهر و الزمان ولكن يقال استطرادا للقول انه يخفي عليه التحولات السرمدية ان كانت و الدهر مطلع علي الزمان لايعزب عنه شيء منه ولكن يخفي عليه التحولات الدهرية و الزمان يخفي عليه تقلبات الزمان و تقضياته و تحولاته اذ هو في نفسه كطومار يطوي ماضيه و ينشر من غابره الي ما لانهاية له ولكن هذا الذي ذكرنا من حضور الزمان لدي الدهر ليس انه حاضر عند كل دهري بل هو حاضر لدي الدهر الكلي لا الدهر الجزئي فالدهري الجزئي لايستحضر جميع الزمان و لايطلع عليه و لايحيط به و لايشاهده

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۵ *»

الا ماكان من الزماني من شعاعه و نوره و مجموع الزمان شعاع الدهر الكلي و كذلك مجموعهما حاضر لدي السرمد الكلي الذي مجموعهما شعاعه و نوره و لماكانوا هم سلام الله عليهم الدهر الكلي هم يحيطون بالزمان احاطة مشاهدة و عيان ولكن يحتمل عندهم في الدهر البداء الدهري كما يحتمل عندهم في الزمان البداء الزماني و لايحتمل عندهم في الدهر البداء الزماني لان الزمان بمجموعه حاضر عندهم يشاهدون كل جزء منه في محله و ان التفت خيالهم الشخصي الدهري الي شيء منه بعد شيء ولكنهم في مقام الكلية يرون مجموع الزمان دفعة دهرية و يرون مجموع الدهر و الزمان بالعين السرمدية حيث كونهم محل المشية دفعة واحدة و لايحتمل عندهم فيهما بداء الا البداء السرمدي ان كان و انما ذكرنا ذلك استطرادا للكلام و ان كان في ذكرنا كذا ما لايخفي علي الاعلام و اما الذي لابداء له في شيء فهو الله الواحد الفرد الصمد جل جلاله و جميع ماسواه من الخلق لايعلمون الا ما علمهم الله الم تسمع قول النبي9 لااعلم وراء الجدار الا ما علمني ربي انتهي و ذلك ان كل مخلوق موصوف بصفة بها تمييزه عن غيره و كل موصوف محدود و كل محدود مفقود في ماوراء حده و لامشعر للموجود في موضع فقدانه فلايعلم حيث هو مفقود فيه و هذا هو معني الغيب و اما الله سبحانه فليس بموصوف و لا محدود و هو موجود في كل مكان بل هو اوجد من كل شيء في مكان وجوده فلايفقد شيئا مما في الامكان و الاكوان و الاعيان مما قد كان او يكون و لا شيئا من قراناتها و نسبها و ما لها و بها و منها و فيها و اليها و معها و كذلك الرب القديم الاحد جل جلاله فعنده مفاتح الغيب لايعلمها الا هو فافهم. بقي شيء و هو انه كيف يعلم الجسم المطلق الدهري جميع الجسمانيات الموجودة في الامكنة و الاوقات و ما صفته و كيفيته و ذلك من المشكلات اعلم ان الجسم في نفسه حقيقة واحدة دهرية غير مخصصة بوقت من الاوقات و مكان من الامكنة و هو الذي تراه في كل جسم في كل وقت و كل مكان و هو

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۶ *»

جوهر غليظ قابل لكل حد من الحدود الستة صالح للتصور بكل صورة من الصور التخطيطية فان لوحظ عدم تقيده بشيء من القيود و تصوره بالفعل بشيء من الصور سمي بالمطلق و ان قطعت النظر عن اطلاقه هذا ايضا كان جسما لا بشرط و هو حق الجسم و حقيقته التي تعرف الله بها للاجسام و هي آية الله القدوس عن المشابهة بساير الاجسام المعراة عن الحدود الجسمانية كما حققناه في محله و هي نفس هذا العالم التي من عرفها من هذا العالم فقد عرف ربه و من جهلها فقد جهل ربه البتة و هي تعرف الله له و تعريف الله الذي لايطيق العبد الايمان بغيره اذ لايكلف نفسا الا ما آتيها و هو غاية الاحدية التي يدركها الاجسام بالجملة فذلك الجسم الحقي شيء في نفسه احدي في حده و مقامه فهو في نفسه بنفسه يعلم امرا احديا ليس فيه ذكر شيء غيره من عرش او فرش او مابينهما او جزئي او كلي بل ليس فيه ذكر اطلاق فضلا عن تقييد هو هو لامعلمة هناك و اما الجسم بشرط لا و هو الجسم المطلق فهو في نفسه معني صلوحي قد يذكر فيه الاشياء بالقوة و الاشياء فيه معدومة بالفعل موجودة بالقوة فالجسم بشرط لا يعلم بنفسه في نفسه امرا وحدانيا لا كثرة فيه بالفعل مما يحدث به بعد و اما عرصة الاجسام و الحدود الفعلية ففيه تصادم و تضايق و لايجتمع فيه فعليان معا ابدا ابدا في وقت واحد و مكان واحد فلايكون الشيء طويلا و قصيرا في آن واحد و ابيض و اسود في وقت واحد و ثقيلا و خفيفا في وقت واحد فيصدم الفعليات بعضها بعضا فلاجل ذلك يكون الماضي و الاتي معدومين و الحال موجودا و المراد بالمعدوم المعدوم في حد الحال لا المعدوم في موضعه و حده لان ما دخل في ملك الله لايخرج من ملك الله و لو خرج من ملك الله لايراه الله بعد و نقص علم الله و الاشياء من كمال الله و كمال الله لاينقص و لايزيد فهو موجود في حده و مقامه ابدا خالدا بخلود ملك الله اما الماضي المعدوم و الاتي المعدوم فلاشك انهما ليسا في الحال و لايراهما عين الحالي نعم الماضي و الاتي في قوة مادة الحال كما ان الالف حين كونها الفا يكون الباء و الجيم في قوة المداد المتصور بصورة الالف فماكان قبل بصورة الباء و مايكون بعد بصورة الجيم فهما في قوة المداد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۷ *»

يعني مثلهما و الا فنفس الصورة الكائنة قبل بالفعل لم‌تعد الي عرصة القوة و لاتعود و لن تعود بالجملة العين الحالية لاتري الصورة‌ الماضية و الصورة الاتية و يحتمل لها في آتيه البداء اذ لم‌يخرج من القوة الي الفعلية حال الحال فلاتدرك عين الحال البحر الراكد الزماني قطعا و اما الجسم بشرط لا فبعينه الذاتية فلاتدرك الا جسما بشرط لا فانه دار القوة و نفي الفعلية و العدم و انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظايرها و ليس الماضي و الغابر في نفس الجسم المطلق فلايدركهما بعينه الذاتية ابدا و هل يري الجسم المطلق الاجسام الماضية و الغابرة بهما ام لا فاقول نعم فان الجسم المطلق ليس موقتا بوقت من الاوقات الثلثة فهو جسم بالفعل لايتجدد عليه الاوقات و هو مؤثر كل جسم كان او يكون الي ما شاء الله و جميعها قائم به قيام صدور فوجب ان يكون الجميع قد صدر منه الا ان كل جسم منه في حده و وقته و مكانه فهو يري الكل لكن لا بعين نفسه بل بها اي بنفس تلك الاجسام و هي بعينها صور علمية للجسم المطلق و عرصتها بعينها عرصه خيال له و تلك الصور صور خيالية له يتخيلها بها فهي علمه و معلومه يراها و يسمعها بها كماتري خيالك بخيالك فافهم ان كنت تفهم و الا فاسلم تسلم و جميع تلك الصور هي كائنة و ما لم‌يحدثه فهو ممالايكون.

و ان قلت فعلي ذلك لابداء لتلك الصور عند الجسم المطلق قلت اما البداء الزماني فلا و اما البداء الدهري فيحتمل فيها فانها تتجدد بتجددات دهرية و اما الجسم الحقي فهو بنفسه لايري الا جسما احديا بالنسبة و بفعله الذي هو المطلق يري جسما مطلقا لا شيء فيه و اما الاجسام الزمانية فيراها علي نحو القوة في الجسم المطلق و علي نحو الفعلية في انفسها و ما علمه منها لاينسي و لايضل و هو يري ماضيها و حالها و غابرها في عرصة واحدة و وقت واحد فلتلك الصور من حيث انها صور علمية للجسم الحقي ازلية اضافية و من حيث انها صور علمية للجسم المطلق سرمدية اضافية و ليس لها دهرية فان نسبتها مع الدهر نسبة‌ عرضية لا طولية و المستعلي بالعرض لايحيط بالداني لانه ليس اثره كما ان خيال الانسان لايحيط بجميع اوقات الجسم و كذا نفسه و عقله و لعلك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۸ *»

تعرف من ذلك ان مشاهدة الماضي و الغابر ليست حظ كل جزئي و لاتحصل الا للشخص الكلي المؤثر و هو منحصر في الاربعة عشر سلام الله عليهم حتي ان ذلك ليس حظ كل ولي و نبي فضلا عن ساير الرعية نعم كل شيء يحيط بآثاره و اعماله في مقام المؤثرية و وجدوا ماعملوا حاضرا و يستحضرون ما لهم من غيرهم لا نفس غيرهم و المؤثر يستحضر نفس الغير فافهم فقد اسقيتك ماء غدقا و الحمد لله و لا حول و لا قوة الا بالله نعم و يتم هذا الكلام بان نقول ان لهم سلام الله عليهم مقامين مقام شخصية ظهروا بها للاشخاص حتي يروهم و يسمعوهم و هو مقام انا بشر مثلكم فهم في هذا المقام جزئيون يمر عليهم الاوقات فلايرون شيئا مما مضي و لا شيئا مما بقي بعين شخصيتهم الجزئية لانها في الاوقات و من مواد ساير الاجسام الزمانية فيبدو لهم فيما سيأتي و هيهنا جرت الاية يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الكتاب و لاجل هذه الاية لم‌يخبروا بما يكون الا مع الشرط و انما يعلمون علم ما يكون علم اخبار و احاديث مكتنزة و وحي نازل و كذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا و ما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الي موسي الامر و ما كنت من الشاهدين و لهم مقام كلية و مؤثرية يشهدون الاشياء كل شيء في مقامه و حده و هو مقام مفهوم قوله بئس للظالمين بدلا ما اشهدتهم خلق السموات و الارض و لا خلق انفسهم و ماكنت متخذ المضلين عضدا و مقام ثم جئنا بك علي هؤلاء شهيدا و مقام ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء علي الناس و مقام قول علي7 انا اخو رسول الله و وراث علمه و معدن حكمه و صاحب سره و ما انزل الله حرفا في كتاب من كتبه الا و قد صار الي و زاد لي علم ماكان و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸۹ *»

مايكون الي يوم القيمة اعطيت علم الانساب و الاسباب و اعطيت الف مفتاح يفتح كل مفتاح الف باب و امددت بعلم القدر يجري في الاوصياء من بعدي ماجري الليل و النهار و قال في خطبة اخري انا علم الله انا عندي علم ماكان و مايكون الي يوم القيمة لايدعي ذلك احد و لايدفعني عنه احد و قال في خطبة اخري و لقد علمت من عجايب خلق الله ما لايعلمه الا الله و عرفت ماكان و مايكون و ماكان في الذر الاول مع من تقدم مع آدم الاول و لقد كشف لي فعرفت و علمني ربي فتعلمت الا فعوا و لاتضجوا و لاترتجوا فلولا خوفي عليكم ان تقولوا جن او ارتد لاخبرتكم بما كانوا و ما انتم فيه و ما تلقونه الي يوم القيمة علم اوعز الي فعلمت و لقد ستر علمه عن جميع النبيين الا صاحب شريعتكم هذه صلي الله عليه فعلمني علمه و علمته علمي الي ان قال علمت مافوق الفردوس الاعلي و ماتحت السابعة السفلي و ما في السموات العلي و ما بينهما و ماتحت الثري كل ذلك علم احاطة لا علم اخبار الخطبة و لاينافي علمهم بالاشياء في ذلك المقام عدم علمهم في مقام الشخصية و آية ذلك انك تعلم اكثر لغة العرب و يمر عليك آنات لاتتذكر اسماء اغلب الاشياء بالعربية فاذا سئلت عنها توجهت و ذكرت و قلت فلان و تعلم علم النحو و حين تكلمك في الفقه لاتذكر شيئا من علم النحو ولكن اذا سئلت عنه اجبت و كذلك هم صلوات الله عليهم يعلمون الاشياء في مقام الكلية و المؤثرية ولكن ابدانهم الشخصية قد لاتتوجه الي شيء و اذا سئلوا عنه و ارادوا علموا و هذا معني قولهم اذا شئنا علمنا فتدبر و اما ما وعدناك من معني علم اخبار و وحي فاعلم ان الله جل و عز ذات احدية لاتتغير و لاتتبدل و لاتتحول و لاتزول و لاتتحرك بعد سكون فلايخرج منه شيء و لا صوت ان هذا هكذا و مشيته ايضا كلية واحدة لاتعين في نفسها بشيء من الاشياء و انما التعينات في القوابل و اول شيء صدر منها العقل و هو عقلهم و ليس يخرج من نفس المشية صوت و لا شيء الي عرصة المخلوقات و انما وقع

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۰ *»

شبحها علي مرآة قابلية العقل فوجد العقل و علي مرآة قابلية الروح فوجد الروح و هكذا فمعني اخبار الله لهم ما جعلهم الله عليه من الاحاطة بالكاينات و المشاهدة لحقايق الموجودات و ذلك ان احاطتهم و مشاهدتهم مخلوقة و المخلوق مخلوق بمشية الله فاذا كان المخلوق خبر زيد مثلا كان الفعل المتعلق به الاخبار فقعود زيد باقعاد الله و قيامه باقامة الله و هكذا فهم سلام الله عليهم لايعلمون شيئا الا بتعليم الله كما سمعت قول النبي9 لا اعلم وراء الجدار الا ما علمني ربي اما مقامهم الكلي المؤثر فيشاهد حقايق الاشياء الخارجة الي عرصة الكون و الفعلية و مشاهدتهم ذلك باشهاد الله جل و عز كماقال ما اشهدتهم خلق السموات و الارض و هو يعلم ما ليس فيه بداء زماني و لا دهري و اما مقامهم الجزئي الشخصي فلايعلم الا علم اخبار و اخبارهم في هذا المقام اما باخبار نبي او ملك او نكت في القلوب او وقر في الاسماع او الهام او انطاق جماد او نبات او حيوان او انسان او ارض او سماء او نجوم او بر او بحر او جبل او غير ذلك و منه استنباط استدلال من وضع العالم و قراناته و اوضاعه من ساير العلوم كل ذلك وجوه اخبار الله لهم فهم سلام الله عليهم بقول مطلق لايعلمون الا ما علمهم الله و هكذا علمهم الله و جمع لهم جميع هذه الطرق و لايعلمون مع ذلك الغيب و يعلمون ما اشهدهم الله و يعلمون ما خلقه الله و لايعلمون ما لم‌يخلقه الله و هو بعد في عالم الامكان و عرصة العدم و لله فيه البداء ان شاء خلق و ان شاء لم‌يخلق انظر كيف يجتمع الاخبار المختلفة التي قد حار فيها العقول بحيث لا اختلاف فيها ابدا و لولا ان هذا العلم من عندهم لماكان به حل اخبارهم و شرح آثارهم ما لاتجتمع بغيره من العلوم ابدا الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله و رضي الله عن الذين هدونا بعد ما اهتدوا الي سواء الصراط المستقيم.

و اما قوله و علمهما البيان فاعلم ان البيان لغة الانكشاف و الظهور و الفصاحة و الاظهار و الافصاح و ماتبين به الشيء من الدلالة و غيرها و التبيان الايضاح و الافصاح و هذا الكلام اقتباس

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۱ *»

من قوله تعالي الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان فاقتبس من قوله علم القرآن قد استودعهما العلم و من قوله علمه البيان علمهما البيان و عن الصادق7 البيان الاسم الاعظم الذي به علم كل شيء و سئل الرضا7 عن قول الله تعالي الرحمن علم القرآن قال الله علم القرآن قيل فقوله خلق الانسان علمه البيان قال ذاك اميرالمؤمنين علمه الله بيان كل شيء يحتاج اليه الناس اعلم ان الله سبحانه اختار من بين جميع اسمائه الرحمن لان به استوي علي العرش و استولي به علي الكل و هو اسم يستجمع جميع الكمالات الاضافية و الفعلية المتعلقة باذكار الخلق و اعيانه التي هي متعلق العلم و هي المعلوم المستثني في قوله و لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء و اما الله فهو صاحب العلم المستثني منه و المستثني فلاجل ذلك قال الرحمن و فسره في الخبر بالله فاراد به ان الرحمن اسم الله و المراد بالقرآن هو علم العرش الذي لايعزب عنه شيء علي ان العرش جميع الملك فلايخرج عن ملكه شيء فالقرآن الذي فيه تبيان كل شيء و مافرط فيه من شيء هو العرش و العرش و ان كان هو مقام القلم و الكرسي هو مقام اللوح و الكتب الا ان القلم هو مبدء اللوح و اجماله و معناه و اصله و منه يجري الي اللوح فاصل الكتاب و روحه مقام القلم و العرش و منه يتفصل في اللوح ما يتفصل فاللوح ظاهر الكتاب و صورته و العرش باطن الكتاب و معناه و مواد اللوح من تأييدات القلم و ظهور القلم في اللوح فلولا القلم ماخلق اللوح و لولا اللوح ما ظهر القلم فالقلم يعلم اللوح علم الوجود و الاجمال و الوحدة و المعنوية و اللوح يعلم القلم علم الظهور و التفصيل و الكثرة و الصورية بالجملة الرحمن المستوي علي العرش حق ان يعلم القرآن محمدا9 و يجعل قلبه عرشه لان قلب المؤمن عرش الرحمن و هو ذلك المؤمن لا غير نزل به الروح الامين علي قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين و هو علي7 لقوله و جعلنا لهم لسان صدق عليا خلق الانسان و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۲ *»

هو الانسان حامل الامانة امانة الولاية الظلوم الجهول في قوله تعالي انا عرضنا الامانة علي السموات و الارض و الجبال فابين ان يحملنها و اشفقن منها و حملها الانسان انه كان ظلوما جهولا علمه البيان لانه لسان صدق محمد حيث دعا و قال و اجعل لي لسان صدق في الاخرين و لسان القوم المتكلم عنهم ليبين مرادي و يكشف عما بلغت و اديت من رسالاتك فاستجاب الله له ذلك فعلي هو الذي علمه الله البيان يبين المراد من القرآن و مايعلم تأويله الا الله و الراسخون في العلم و هم اهل الذكر المسئولون بالبينات و الزبر او اللسان الصدق هو الثناء الجميل و الذكر الخير و سمي ما يؤدي باللسان لسانا كماسمي ما يؤدي باليد يدا و هو العطية فاللسان الصدق الثناء الصدق و اشار الي ذلك اميرالمؤمنين7 في حديثه لسان الصدق يجعل الله في الناس خير من المال يأكله و يورثه فعلي7 هو ثناء رسول الله9 في آخر الامم و في آخر الزمان و في الرجعة بالجملة علي7 هو لسان صدق رسول الله9 و كتب الي ابي‌الحسن الهادي7 و وهبنا لهم من رحمتنا و جعلنا لهم لسان صدق عليا فاخذ الكتاب و وقّع تحته وفقك الله و رحمك هو اميرالمؤمنين و قيل للرضا7 ان قومي طالبون باسم اميرالمؤمنين في كتاب الله فقلت لهم عن قوله تعالي و جعلنا لهم لسان صدق عليا قال صدقت هو هكذا انتهي فعلي7 لسان عربي مبين انذر النبي9 به قومه و بين شرايعه به و شرح القرآن به لامته فعلم الله النبي البيان بعلي7 و باستعانته و علم عليا البيان بقوة محمد9 كما انك تبين بلسانك و لسانك يبين بك و ان اردت بالاية باطنها فالمراد بالقرآن جميع ماخلق الله فانه الكتاب الكبير الذي فيه تبيان كل شيء فالرحمن المستوي علي عرش الملك علم محمدا القرآن و عرفه حقايق الاشياء و اشهده خلقهم كما دعا و قال اللهم ارني الاشياء كما هي فعلمه الله القرآن ثم خلق الانسان اي عليا7 من نفس محمد9

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۳ *»

لاية انفسنا و انفسكم ثم علمه البيان فشرح علم ماكان و مايكون و علم كل عالم و كل من يعلم علما فهو بتعليمه7 و ان اردت باطن باطنه فالرحمن جل و عز علم محمدا بان جعله كذلك شاهدا مطلعا علي الحرف المستور بقمص النور اذ هو اول اذكار القرآن و خلق عليا من محمد ثم علمه البيان فبين هو لقوابل ارض الجواز اسرار الوجود و انوار المعبود كتب العسكري7 ان روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدايقنا الباكورة و ان الكليم لماعهدنا منه الوفا البس حلة الاصطفاء الكتاب و العلم لايقف و المراتب لاتعد و المقامات لاتحصي فمنها ما يمكن بيانه و منها ما الاولي كتمانه.

و اما قوله7 و استطلعهما علي غيبه فاعلم ان الغيب ما غاب عن الشخص و خفي عن عينه و هو خلاف الشهادة و هي ما حضرك و تراه فمن اخبر عما يشاهد يقال شهد و من اطلع علي ما غاب عنه يقال علم الغيب و علي ذلك الغيب و الشهادة امران اضافيان فلرب شيء غائب عني مشهود لك و لرب مشهود لك غائب عني فانت اذا علمت ما تشاهده و هو غائب عني لايقال انك علمت الغيب لاجل انه غائب عني بل علمت ما شهدت فكل شيء غيب باعتبار و شهادة باعتبار و كل احد يعلم ما يغيب عن احد و لاغرو فالمراد بالغيب المطلق الذي يقال ان الله عالم به و لايعلمه سواه ينبغي ان يكون المراد به الغائب عن جميع خلقه و الا فليس شيء بغائب عن الله حتي يعلمه فيصدق عليه انه علم ما غاب عن نفسه نعوذ بالله بل المراد بعلم الله الغيب خلاف المراد بعلم الغيب من الخلق فالله سبحانه يعلم ما يغيب عن جميع خلقه الكائنين في عرصة الوجود و هو الامكان لا غير فان ما فيه في عرصة العدم و هو غائب عن اعين اهل عرصة الوجود و لذا روي عن ابي‌عبدالله7 الغيب ما لم‌يكن و الشهادة ماكان فالله عزوجل عالم الغيب و الشهادة اي عالم بما في الامكان و الاكوان و هو مجموع العلمين اللذين اشار اليهما في كتابه بقوله و لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فالمستثني

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۴ *»

منه هو العلم الامكاني الغيبي و المستثني هو العلم الكوني الشهادي و اما ما يقال للذات غيب الغيوب فهو كناية عن خفاء ذاته للحوادث و تعبير بلفظ حادث عن المعني المراد و الا فلايقال للذات الغيب فان في الغيب ذكر ما يغيب عنه و ليس فيه جل شأنه ذكر ماسواه فالمراد بالغيب الغائب عن الاكوان و هو الامكان و قد استعير منه الغيب للذات كساير الاسماء فالله خالق الغيب و الشهادة و اما قوله و عنده مفاتح الغيب لايعلمها الا هو فالمراد بالمفاتح مخازن الامكان لايعلمها احد غيره بلااستثناء و ان اريد بالغيب ما غاب عن الاناسي فيمكن الاستثناء منه كماقال عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احدا الا من ارتضي من رسول فيعلم رسوله علم ما قد كان و يزوي عنه علم ما لم‌يكن يعني هو بعد في الامكان فانه العلم المخصوص بالله عزوجل و ليس محمد9 موجودا حيث هو معدوم و يكشف عن ذلك انه سأل حمران بن اعين اباجعفر7 عن قوله عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احدا فقال7 الا من ارتضي من رسول و كان محمد والله ممن ارتضاه و اما قوله عالم الغيب فان الله عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شيء و يقضيه في علمه قبل ان يخلقه و قبل ان يقضيه الي الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنده اليه فيه المشية فيقضيه اذا اراد و يبدو له فيه فلايمضيه فاما العلم الذي يقدره الله و يقضيه و يمضيه فهو العلم الذي انتهي الي رسول الله ثم الينا انتهي و هو الذي اشرنا اليه من ان المراد بالغيب ما غاب عن الخلق و هو اعم مما قدر و قضي و ما لم‌يقدر و لم‌يقض فما قضاه و قدره علمه محمدا و آل محمد: و ما لم‌يقضه و لم‌يقدره و هو بعد في عرصة الامكان فلايعلمه الا الله عزوجل و يشهد بذلك ايضا قول ابي‌عبدالله7 ان لله علمين علم عنده و لم‌يطلع عليه احدا من خلقه و علم نبذه الي ملائكته و رسله فما نبذه الي ملائكته و رسله فقد انتهي الينا انتهي و اعلم انه لاكل ملك يعلم جميع العلم و لا كل رسول يعلم جميع العلم بل عند كل واحد منهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۵ *»

بعض العلم فمايصلح ان يعلمه ملك او رسول فانما انتهي اليهم فانهم افضل الكل محيط بالكل مؤثر للكل و عندهم ما ليس عند الملائكة و الرسل فهم: بقول مطلق لايعلمون ما غاب عنهم و لايغيب عنهم الا ما لم‌يكن و هو بعد في العدم فهم علماء بالشهادة كماقال الله عزوجل مااشهدتهم خلق السموات و الارض و لا خلق انفسهم و ما كنت متخذ المضلين عضدا و هم اعضاد و اشهاد كما في دعاء رجب فمن نسب اليهم علم الغيب فقد غلا في حقهم و لايرضون بذلك ابدا فقد روي في العوالم عن ابي‌المغيرة قال كنت انا و يحيي بن عبدالله بن الحسن عند ابي‌الحسن7 فقال له يحيي جعلت فداك انهم يزعمون انك تعلم الغيب فقال سبحان الله ضع يدك علي رأسي فوالله مابقيت شعرة فيه و لا في جسدي الا قامت ثم قال لا والله ما هي الا وراثة من رسول الله9 انتهي و هذا لاشك فيه و هم لايعلمون الغيب اي ما لم‌يكن و هو بعد في عالم الامكان و العدم و اما ما قد كان اي وجد في عرصة الاكوان سواءا كان ماضيا في الزمان او غابرا فلاشك انهم يعلمونه فما روي انه سئل ابوعبدالله7 عن الامام يعلم الغيب قال لا ولكن اذا اراد ان يعلم الشيء اعلمه الله انتهي فذلك بالنسبة الي بشريتهم لايعلمون ما غاب عن عالم الزمان و لو شاء ان يعلم الشيء اعلمه الله و اجري من نفسه علي بدنه علم ذلك كما انك حين تكلمك في الفقه لاتعلم النحو و متي ما شئت مسألة من مسائل النحو اجري الله من نفسك العالمة بالنحو تلك المسألة علي قلبك فافهم و اما ما روي عن اميرالمؤمنين7 ان لله علمين علم استأثر به في غيبه فلم‌يطلع عليه نبيا من انبيائه و لا ملكا من ملائكته و ذلك قول الله تعالي ان الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الارحام و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا و ماتدري نفس باي ارض تموت و له علم قد اطلع عليه ملائكته فقد اطلع عليه محمدا و آله فقد اطلعني عليه يعلمه الكبير منا و الصغير الي ان تقوم الساعة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۶ *»

انتهي و هذه الخمس مما لم‌يأت في الزمان و لم‌ينه علمها الي احد من اهل عالم الزمان و لا نبي مرسل و لا ملك مقرب و لايشاهدها المشاعر الجسمانية و هي غائبة و اما ما شهده احد في الزمان فقد انهاه الله الي محمد و آل محمد: و اما هم في مقام الكلية و المؤثرية فيعلمون ذلك و علمهم علم الله و هم مستودعه و جل اخبارهم بالغيوب من هذه الخمس و قد تواتر عنهم اخبارهم بما سيكون في آتي الزمان و قد قال ابوجعفر7 و قد سئل عن علم النبي فقال علم النبي علم جميع النبيين و علم ماكان و علم ما هو كائن الي قيام الساعة ثم قال والذي نفسي بيده اني لاعلم علم النبي و علم ماكان و علم ما هو كائن فيما بيني و بين قيام الساعة و قال ابوعبدالله7 في دعائه اللهم يا من اعطانا علم ما مضي و ما بقي و جعلنا ورثة الانبياء و ختم بنا الامم السالفة و خصنا بالوصية و قال في حديث ان موسي و الخضر اعطيا علم ماكان و لم‌يعطيا علم ما هو كائن و ان رسول الله9 اعطي علم ماكان و علم ما هو كائن الي يوم القيمة فورثناه من رسول الله وراثة و قال ابوعبدالله7 والله لقد اعطينا علم الاولين و الاخرين فقال له رجل من اصحابه جعلت فداك اعندكم علم الغيب فقال له ويحك اني لاعلم ما في اصلاب الرجال و ارحام النساء ويحكم وسعوا صدوركم و لتبصر اعينكم و لتسع قلوبكم فنحن حجة الله في خلقه و لن‌يسع ذلك الا صدر كل مؤمن قوي قوته كجبال تهامة الا باذن الله والله لو اردت ان احصي لكم كل حصاة عليها لاخبرتكم الخبر بالجملة من البديهيات انهم لايعلمون الغيب اي الغائب عنهم في كل عالم بحسبه و اما الشهادة و ما اشهدهم الله خلقه فهم يعلمونه و ليس بغيب بالنسبة اليهم و ان كان غيبا بالنسبة الي ساير الخلق و لم‌يطأ كائن عرصة الكون الا و هو من شعاعهم و نورهم و الشعاع و النور لايخفي عن منيره بداهة و لو خفي عدم و هذا علي علمنا علم غيب و اما علي علمهم فهو  علم شهادة و اعلم انه قد حصر

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۷ *»

الغيب في هذه الخمس فان المراد بقوله ينزل الغيث في الباطن هو الماء النازل من سحاب المشية الي الارض الجرز و هي ارض الامكان و هو ماء المادة و ماء الوجود المقيد حين سيره من الحق الي الخلق و بقوله و يعلم ما في الارحام هو ارحام ارض الامكان و ارض القوابل فان غيث الوجود ينحصر في ارحام قوابل الارض و يربي هناك و هي مقام الماهيات و الانيات ثم يخرج من الارض نبات الاكوان والله انبتكم من الارض نباتا و تلك النباتات هي الاولاد المتولدة من بطن ام الارض و رحمها المركبة من الوجود و الماهية والله يعلم ما في تلك القوابل و استعداداتها و ما فيها هل فيها ذكر يغلب فيه جهة الرب و هل فيها انثي يغلب فيها جهة النفس و هل هو سعيد ام شقي و هل جميل ام دميم و هكذا و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا بعد ما تولد في ارض الامكان و منها و تكون ماذا اي يصنع من مبدء كونه الي منتهي اجله مما يصعده صاعدا الي ربه باقدام امتثالاته الكونية و مما يصعده الي ربه الشرعي باقدام امتثالات اوامره الشرعية و ممايبعده عنه باقدام مخالفته ربه حين سيره في الخلق و ما تدري نفس باي ارض تموت و ينتهي اجله و يصعد صاعدا من عرضه غاية بعده و سيره من الخلق الي الحق و اما ان الله عنده علم الساعة فذلك عند بلوغ الاشياء في منتهي صعودها الي منازلها و مراجعها و معاداتها التي هي مباديها كما بدأكم تعودون و هي في السير في الحق و القيمة الكبري و انكشاف جميع الدائرة و القوسين الصعودية و النزولية و الانتهاء الي العلة الغائية فهذه الاية جارية في جميع ما في بدء الايجاد و ختمه و القوس النزولية و القوس الصعودية و جميع هذا العلم مخصوص بالله عزوجل لايعلمه الا من اشهده الله خلق السموات سموات العلل و الارض ارض المعلولات و خلق انفس الكائنات بينهما من ساير الجزئيات لا غيره و هم قد علموا ذلك بعلم احاطة و عيان قال اميرالمؤمنين7 لقد علمت مافوق الفردوس الاعلي و ماتحت الثري كل ذلك علم احاطة لاعلم اخبار و  قال انا محصي الخلايق و ان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۸ *»

كثروا و محاسبهم و ان عظموا الخطبة و قال و لقد نظرت في الملكوت فماغاب عني شيء مما كان قبلي و لا شيء مما يأتي بعدي و في حديث طارق في صفة الامام و علم الضمير و يطلع علي الغيب و يعطي التصرف علي الاطلاق و فيه مطلع علي الغيوب ظاهره امر لايملك و باطنه غيب لايدرك و عن محمد بن سنان عن المفضل عن ابي‌عبدالله7 انه قال يا مفضل من زعم ان الامام من آل محمد يعزب عنه شيء من الامر المحتوم يعني مما كتب القلم  علي اللوح فقد كفر بما انزل  علي محمد و انا لنشهد اعمالكم و لايخفي علينا شيء من امركم و ان اعمالكم لتعرض علينا و قد مر في بيان شهادتهم ما فيه كفاية.

قال7 و جعل احدهما نفسه و الاخر روحه و لايقوم احدهما بغير صاحبه الي آخر.

اعلم ان النفس لغة تطلق علي معان منها الروح قال الله تعالي الله يتوفي الانفس اي الارواح و الدم و ذلك ما في الاخبار من ذي النفس السائلة اي الدم السائل و الجسد و عين الشيء و حقيقته و لذا يؤكد به و يقال رأيت الشيء نفسه و العظمة و العزة و الهمة و الانفة و الارادة فاذا كان المراد بقوله جعل احدهما نفسه محمدا9 فالمراد بالنفس العين و الحقيقة فانه حقيقة الله المخلوقة و هي ذات الله العليا المدلول عليها في قوله يا من دل علي ذاته بذاته و النفس المحذرة منه في قوله و يحذركم الله نفسه اذا كان الكناية راجعة الي الله عزوجل فنفسه محمد9 و هو نفس جميع خلق التي من عرفها فقد عرف ربه و من جهلها جهل ربه و يمكن ان يكون بمعني العظمة و العزة فانه المخلوق من نور العظمة و الجلال كماعرفت و يمكن ان يكون بمعني الهمة فان الهمة اول العزم و قد تطلق علي العزم القوي فهو اول ما هم الله بايجاد الخلق فاول

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹۹ *»

عزم الله في عالم الامر قبل ان يتعلق و العزم القوي و آخره بعد ما تعلق فهو ارادة الله قبل ان تتعلق بالمرادات يقال في العربية هممت بالشيء اذا اردته و لماتفعل فافهم و يمكن ان يؤخذ بمعني الانفة و ذلك ان وجوده المبارك لماكان علة العلل لايجري عليها ما هي اجرته و لايعود فيها ما هي ابدته هو آية قدس الله و تنزه الله عن مشاكلة المخلوقات و سبحانه جل و عز و قد روي ان سبحان الله انفة لله و هو تنزيه و تعظيم جلال الله و تنزيهه عما قال فيه كل مشرك فهو9 نفسه اي سبحانه و تسبيحه و تقديسه و ان اريد به علي7 فهو نفس الله لانه نفس محمد9 و ما يضاف اليه فهو مضاف اليه فانه جهة اضافته اذ هي غيره فلاجل ذلك قوله قول الله و حكمه حكم الله و طاعته طاعة الله و نفسه نفس الله و لذا تقرأ في الزيارة السلام علي نفس الله القائمة فيه بالسنن و عينه التي من عرفها يطمئن و ذلك لانه نفس محمد9 بالاتفاق و لقوله و انفسنا و انفسكم فمن هو نفس محمد و عينه هو نفس الله و عينه فانه لااعتبار له لنفسه من نفسه و انما هو محض جهة اضافة الله في الجل و القل و يمكن ان يؤخذ بمعني الروح فهو7 روح محمد9 اما لاجل ان محمدا9 بمنزلة العقل المعنوي و هو بمنزلة الروح الصوري و اما بملاحظة باطن الولاية و ظاهر النبوة فهو بالنسبة اليه كالروح في الجسد و يمكن ان يؤخذ بمعني الجسد علي ان عليا7 ظاهر النبي و ظاهره ظاهر الله عزوجل بالجملة الظاهر من العبارة ان المراد من الفقرة الاولي هو محمد9 و المراد به حقيقته الظاهرة في عالم الخلق التي من عرفها فقد عرف ربه و هي التي هي اعلي من الروح و اشرف فقد جعل محمدا نفسه و هي المشار اليها بقوله و يحذركم الله نفسه يعني يحذركم الله محمدا ان تصعدوه و تجعلوه ربا قديما مستقلا فتغلوا في دينكم و تكفروا و ان تنزلوا محمدا9 الي رتبة الرعية فتجعلوه كاحد الرعية بانكار فضائله فتقلوه فتكفروا بل اقروا له بما خصه الله به من الفضائل و المقامات كما امروكم نزلونا عن الربوبية فقولوا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۰ *»

في فضلنا ما شئتم و لما جعله الله اول ماخلق باجماع المسلمين الفاتح لما استقبل و الخاتم لماسبق فهو الوجود العام الشامل الذي خلقه الله قبل جميع الخلق و اليه مرد جميع الخلق و لذا قال علي7 في صفة الامام انه صراط الحق و عصمته و مبدء الوجود و غايته و قدرة الرب و مشيته و ام الكتاب و خاتمته و قال فهم سر الله المخزون و اولياؤه المقربون و امره بين الكاف و النون لا بل هم الكاف و النون الي الله يدعون و عنه يقولون و بامره يعملون و قال انهم قطب الوجود و سماء الجود الخبر فهو9 الوجود العام الشامل السابق فانه اول ماخلق الله فانه الماء المشار اليه بقوله7 اول ماخلق الله الماء و قد قال الله عزوجل و جعلنا من الماء كل شيء حي و ذلك الماء هو الوجود الاول الذي خلق اول كل شيء ثم خلق منه كل شيء فذلك الوجود قد تبرأ من جميع كثرات الشهود و هو ظهور وحدة المعبود و وصف الله نفسه لخلقه فمن عرف قدسه عن كل نسبة و اضافة و اسم و رسم و عبارة و اشارة و كثرة و تعديل و تحديد عرف وصف الله و تعرفه و عرف الله فلاجل ذلك صار نفس الله و عين الله و حقيقته التي وصف بها نفسه لعباده ليعرفوه به فمن عرفه عرف الله و  من جهله جهل الله و كذا الظاهر ان المراد من الفقرة الثانية هو علي7 فهو روح الله اذ به حيوة جميع الكائنات كونا و ولايته هي حيوة كل سعيد شرعا قال الله عز من قائل استجيبوا لله و للرسول اذا دعاكم لما يحييكم و هو الولاية كونا و شرعا فانه ما دعا الا اليه و قال اومن كان ميتا فاحييناه اي ضالا فهديناه فولاية علي7 هي الحيوة الشرعية فهو روح الكل في الكون و الشرع و لاختصاصه بالله صار روح الله و اذا صار عيسي روح الله باحيائه الموتي و الطير و مؤمني قومه فكيف لايكون علي7 روح الله باحيائه الكاينات و جميع المؤمنين من الاولين و الاخرين و صار روح الله لاختصاصه بالله عزوجل كما كان البيت العتيق عن تملك الغير بيت الله و اما قوله7 و لايقوم احدهما بغير صاحبه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۱ *»

فاعلم ان الله سبحانه هو الواحد الاحد و لا احد سواه و ان جميع ماسوي ذاته الاحدية المقدسة مثني و مركب و متعدد الاجزاء و ذلك ان جميع ماسواه ممكن و الامكان مقدم عليه و الا لكانت الاشياء واجبة فاذا كان الامكان مقدما علي الكائن كان الكائن مسبوقا بالعدم اذ الامكان عدم الكون الا انه صلوحه و قوته و هذه القوة لاتخرج بنفسها الي عرصة الفعلية بنفسها لان المعدوم لايكمل نفسه و لايوجدها فهو محتاج الي موجود خارج عنه يشرق عليه بفضل وجوده حتي يوجد تلك القوة يعني حتي يتصور ذلك الوجود المشرق بصورة ذلك الصلوح و الامكان كماتري في المرآة انها لاصورة فيها الا انها صالحة لقبول كل صورة ترد عليها و تلك الصورة اذا اشرقت  عليها تتصور بصورتها علي حسب قابليتها فان كانت مستقيمة و لا لون لها و لا هيأة تظهر تلك الصورة علي حسب استقامتها و الا فعلي حسب اعوجاجها و الوانها فالصورة الظاهرة في المرآة مركبة من شيئين من صورة جائية من قبل الشاخص هي هنا المادة و من صورة من الزجاجة و بذلك تركب جميع الممكنات من مادة و صورة مادته من شبح الموجد و صورته من صورة القابلية و هيأتها و لعلك عرفت  ان جميع المخلوقات مسبوق بالامكان الذي هو العدم و هو العدم الذي كان يقال كل حادث مسبوق بالعدم و هنا مسألة غامضة و هي ان كل ممكن مسبوق بالامكان و الامكان عدم الاشياء فاي وجود اشرق علي الامكان حتي انعش صرعي القوابل و احيي امواتها اما ذات الله عزوجل فهي اجل من ان يكون لها شبح و اشراق و ان كان قد يقال بعض هذه الالفاظ بالنسبة الي الذات ولكنها علي نحو الاستعارة و التعبير اللفظي و كثير مثل هذه التعبيرات في هذا  الباب والله جل و عز اجل من ان يشرق علي شيء او يصدر منه شيء او يقابل شيئا اذ مجموع ذلك صفات الحوادث الممتنعة من الازل الممتنع من الحدث فذلك الوجود الذي جميع ما في الامكان يوجد باشراقه هو الوجود المطلق القائم بنفسه لغيره به و هو الذي عبر عنه ابوعبدالله7 بقوله خلق الله المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية فجميع الاشياء اشباح المشية المشرقة علي الارض الجرز و مركبة من اشراق المشية التي هي الوجود و من صفة ذلك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۲ *»

الامكان الذي هو العدم اي نفي الوجود و ذلك سر تركب جميع الموجودات من وجود و ماهية و مادة و صورة و جهة رب و جهة نفس و ماء و طين و روح و جسم و عال و دان و غيب و شهادة و باطن و ظاهر و هكذا و ان قلت فمابال المشية هل هي مركبة ام واحدة فان قلت واحدة احدية فلااحد الا الله و لايعقل تعدد الاحاد و ان قلت مركبة فمن المشرق علي امكانها بالوجود و لا سابق عليها قلت هذا هو السر المنمنم بينه ابوعبدالله7 بقوله خلق الله المشية بنفسها فوجب ان يكون المشية قوتها مساوقة فعليتها و فعليتها مصاقعة قوتها و تكونا في غاية الاتحاد الخلقي الذي ليس شيء ابسط منه بحيث يكون اتحادها فوق مشاعر جميع الكاينات و لاتعقل فيها التعدد بوجه من الوجوه فهما علي حذو قول الشاعر:

رق الزجاج و رقت الخمر

فتشاكلا فتشابه الامر

فكأنما خمر و لا قدح

و كأنما قدح و لا خمر

و ذلك ان الواجب ان تكون مخلوقة بنفسها و المخلوق بنفسه لايعقل ان يكون عليه سبق حال عدم لانه ان كان معدوما حينا ما امتنع بعد خروجه من العدم الي الوجود و كذلك لايعقل في امداده الواصلة اليه العدم لان الشيء لايقدر ان يحدث مددا ذاتيا لذاته و فعله لايجري علي ذاته بل و اعلي من ذاته فالواجب ان يكون جميع قوته في الفعلية بحيث لايزيد و لاينقص فاذا هي لا اول لها و لا آخر و لا زوال و لا انتقال لا غاية لها و لا نهاية الا انها ليست لنفسها بل لغيرها بها فيها و ذلك رمز ليس فوقها رمز بالجملة هذا الوجود الثابت الباقي الدائم السرمدي هو الوجود الكامل الذي من فضل وجوده خلق كل موجود و من شعاع نوره كينونة كل مشهود و هو الموجود الاول الذي لايسبقه سابق و لايفوقه فائق ولايلحقه لاحق و لايطمع في ادراكه طامع ظاهره امر لايملك و باطنه غيب لايدرك لاقوام لفعليته الا بقوته و لا لقوته الا بفعليته لم‌يسبق احديهما صاحبتها لان سبق فعليته يستلزم ان لاتكون من عرصة الامكان و سبق قوته يستلزم ان لاتكون مخلوقة بفعل الله فلولا فعليته

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۳ *»

لم‌يخلق قوته و لولا قوته لم‌يخلق فعليته فعليته نفس الله القائمة فيه بالسنن و قوته روح الله الذي به حيوة كل شيء و ذلك ما روي في القدسي لولاك لماخلقت الافلاك و لولا علي لماخلقتك و هذه الرواية منقولة عن المجلسي رحمه الله فالمراد بالافلاك افلاك الولاية فلولا محمد لماخلق الله عليا و لولا علي لماخلق الله محمدا لان عليا نفس محمد9 بالاتفاق و لولا نفس الشيء لماكان الشيء و لولا الشيء لماكان نفسه و ذلك قول ابي‌عبدالله7 يا مفضل ان الظهور تمام البطون و البطون تمام الظهور و القدرة و العزة تمام الفعل و متي لم‌تكن كليات الحكمة تامة في بطونها تامة في ظهورها كانت الحكمة ناقصة من الحكيم و قال ايضا ان الحكمة اظهار ما في الكيان الي العيان و لو لم‌يظهر ما علمه من غامض علمه الي وجود معاينة بعضها لبعض لكان ناقصا و الحكمة غير تامة لان تمام القوة الفعل و تمام العلم المعلوم و تمام الكون المكون الحديث فكان الامر في عرصة السرمد هكذا فكانا بسيطين لاقوام لاحدهما بدون الاخر و هما من نور واحد و لماتجلي ذلك الموجود في عرصة الفصل و الشهود امتاز احدهما عن الاخر فكان محمد فؤاد الكل و علي عقل الكل و محمد عقل الكل و علي روح الكل و محمد روح الكل و علي نفس الكل و محمد نفس الكل و علي مادة الكل و محمد مادة الكل و ابوهم و علي صورة الكل و امهم و هكذا محمد روح الكل و علي جسم الكل و محمد العرش و علي الكرسي و محمد الكرسي و علي الافلاك و محمد الافلاك و علي الارض و في كل عالم لاقوام لاحدهما الا بالاخر و هم علي حسب اختلاف المصالح و القوابل يعبرون لكل احد عن مقام بما شاءوا كيف شاءوا و كان الامر كذلك الي ان جاءوا في مقام الشخصية الدنياوية فظهر محمد نبيا و علي وليا فواخاه و جعله وزيره و ترجمانه و خليفته و وليه و كان ناصره و معينه و موازره و الدافع عنه لايقوم احدهما الا بالاخر قال9 في الحديث المتفق عليه علي مني و انا منه و هو باطن قوله تعالي و يقطعون ما امر الله

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۴ *»

به ان يوصل و قوله يريدون ان يفرقوا بين الله و رسله فافهم و اكتف به.

قال7 ظاهرهما بشرية و باطنهما لاهوتية ظهروا للخلق علي هياكل الناسوتية حتي يطيقوا رؤيتهما و هو قوله تعالي و للبسنا عليهم ما يلبسون الي آخر.

اعلم ان البشر الانسان ذكرا او انثي واحدا او جمعا لكن العرب ثنوه و لم‌يجمعوه و في التنزيل قالوا لبشرين مثلنا و قد يجمع علي ابشار كسبب و اسباب و ظاهر جلد الانسان قيل و غيره جمع بشرة كقصب و قصبة جمع الجمع ابشار كسبب و اسباب كذا في المعيار و اللاهوت قيل انه مشتق من لاه و وزنه فعلوت مثل رحموت و رهبوت و قيل انه مركب من كلمتين لا و هو و التاء للمبالغة و معناه ليس فيه هوية و الناسوت مبالغة ناس من ناس ينوس بمعني تحرك قيل فيطلق علي الانس و الجن كماقال تعالي في صدور الناس من الجنة و الناس و الظاهر بعده و انه تفسير الوسواس لا الناس و المراد بقوله ظاهرهما بشرية يعني انهما ظهرا في الدنيا بالانسانية و مباشرة ساير الاناسي ولكن باطنهما لاهوتية يعني من عرصة  اللاهوت و هي فوق الجبروت و هي عرصة الحقيقة الكلية التي لايعتبر فيها الهوية فان الهاء لتثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغايب عن درك الحواس و الحقيقة متعالية عن الغيبة و الحضور منزهة عن السبحات بلااشارة فلاجل ذلك صار عالمها عالم اللاهوت فباطنهما مقام حقيقة الكل التي من عرفها عرف ربه ظهروا للخلق علي هياكل الناسوتية حتي يقول كل واحد انا بشر مثلكم و يتمكنوا من رؤيتهم و معاشرتهم و مساورتهم و السماع منهم و الاختلاف اليهم و التعلم منهم و الا لم‌يتمكنوا من رؤيتهم و لم‌ينتفعوا منهم فالخلق محتاجون الي تنزلهم لا هم سلام الله عليهم و لذا قال الله تعالي قد انزل الله اليكم ذكرا رسولا و هو قول علي7 في حديث طارق و الامام يا طارق بشر ملكي و جسد سماوي و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۵ *»

امر الهي و روح قدسي و مقام علي و نور جلي و سر خفي فهو ملكي الذات الهي الصفات زايد الحسنات عالم بالمغيبات حظا من رب العالمين و ميراثا من الصادق الامين و هذا كله لال محمد لايشاركهم فيه مشارك الخبر و اعلم ان الاداني لبعد مراتبهم مادة و صورة عن المبدء عاجزون عن درك الاعالي و الاطلاع علي اراداتهم و امرهم و نهيهم كونا و شرعا الا ان يظهر العالي في رتبة‌ الاداني بلباسهم حتي يتمكنوا من رؤيته و الاستماع منه و الانفعال بفعله و الاداني المنحرفة الجزئية انقص من ان يتحملوا ظهور العالي الكلي الجامع و اضيق من ان يسعوا جميع تجليات العالي الا تري ان العين لاتليق بظهور سمع الروح العالي و الاذن لاتليق بظهور بصر الروح العالي و هكذا اللهم الا ان يتفق في رتبة الاداني دان معتدل في الجهات متوسط يكون الطف و اعدل و اصفي من الكل يكون بريئا من جميع تعينات الاداني حتي لايأبي عن تحمل ظهور من ظهورات العالي كالقلب الواقع في الوسط و المراد به الروح البخاري الحاصل من صفايا جميع اخلاط البدن و يكون معتدلا بينها فهو يمكن ان يصير عرش استواء العالي و كرسي استيلائه و بيت مظهره و مجلاه فيظهر عليه نور الروح الملكوتي و امره و نهيه و يكون خليفته في عباده و القائم مقامه في بلاده و ترجمان مراده و لسان تعبيره فيعبر للاعضاء و الجوارح و يعطي كل ذي حق حقه و يسوق الي كل عضو رزقه فيعطي العين البصر و الاذن السمع و الانف الشم و اللسان الذوق و الاعضاء اللمس و اليد البطش و الرجل السعي و هكذا و هو بنفسه بصير بكله سميع بكله شام بكله ذائق بكله لامس بكله باطش بكله ساع بكله و هكذا فهو آية الروح الملكوتية و خليفته و لولاه لماكان للاعضاء خبر عن الروح و لا فيها منه اثر و من هذا اعتبر و تبصر و محمد و آل محمد: هم قلب العالم و اعدل اجزائه و قطبه و هو قول اميرالمؤمنين7 للدهقان الم اروّك من عين التوفيق قال بلي يا اميرالمؤمنين فقال انا و صاحبي لا شرقي و لا غربي نحن ناشئة القطب و اعلام الفلك الخبر و قال في حديث و هل يعرف او يوصف او يعلم او يفهم او يدرك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۶ *»

او يملك شأن من هو نقطة الكائنات و قطب الدايرات و سر الممكنات الخبر و قال فيه فهم رأس دائرة الايمان و قطب الوجود و سماء الجود و شرف الموجود الخبر فهم قطب العالم و قلبه و اجسامهم يساوي في اللطافة العرش و في الاعتدال اعدل منه و اجمع فلاجل ذلك ظهر حيث عليتهم علي ابدانهم الظاهرة و لايطيقه غيرها ابدا ابدا و لايتحملها الا تري ان موسي علي نبينا و آله و عليه السلام لماتجلي نور احد من شيعتهم من الخلق الاول الذين جعلهم الله خلف العرش عليه ماطاق و ماثبت و خر صعقا و مات من معه و اندك الجبل فاذ لم‌يطق موسي نور احد من شيعتهم ان يظهر له فكيف يطيق احد من الاناسي نور حيث وحدانيتهم و آئيتهم و عليتهم و لولا تلك الابدان لم‌يظهر ذلك النور و لولا ظهور ذلك لم‌يوجد شيء من الاداني و لم‌يهتد واحد منهم فلاجل ذلك اوجب الله في الحكمة وجودهم في عالم الاداني فمن حيث هم بشر مثلنا ولكن الفرق بينهم و بيننا ما اوحي اليهم من نور الوحدة الالهية و سر المعبودية الذي لايطيقه احد سواهم و اما قوله7 و هو قوله تعالي و للبسنا عليهم ما يلبسون هو استشهاد بقوله تعالي حيث يقول و قالوا لولا انزل عليه ملك و لو انزلناه ملكا لقضي الامر ثم لاينظرون و لو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا و للبسنا عليهم ما يلبسون فالكفار اقترحوا اقتراحين احدهما لولا كان معه ملك نشاهده و يصدقه علي نبوته و ثانيهما هل لابعث الله ملكا رسولا الينا يهون علينا اتباعه فاجاب الله عن الاقتراحين فقال ان اعينكم اعين بشرية خلقت من غلائظ العناصر و غلب عليها التراب و هي لاتري الا ماكان من جنسها لان الالات تشير الي نظايرها فلايمكن رؤيتكم للملك الا باحد امرين اما باصعادكم الي رتبتهم و اما بانزالهم الي رتبتكم فان اصعدناكم الي رتبة الملائكة قضي الامر و متم و لابد من خلعكم ابدانكم التي هي لايمكن ان تري الملك لعدم المجانسة و نظركم باعين ارواحكم و في ذلك موتكم كماتدركون الملائكة حين غطيتم اعينكم عن الدنيا عند الموت و ان انزلناهم الي عالم البشرية و الجسمانية و جاءوا اليكم كاحدكم اشتبه الامر عليكم و اختلط

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۷ *»

هل هم بشر مثلكم ام غيرهم و ما نفعكم اجابتنا اقتراحكم و ان فعلنا ذلك كنا نحن اوقعناكم في الاختلاط و الاشتباه و اضللناكم و نحن لانلبس علي عبيدنا و امائنا الذين نريد هدايتهم و نحن لانغري بالباطل.

و اما قوله ما يلبسون فالظاهر انه مفعول مطلق اي كما تلبسون الحق علي الناس و علي اتباعكم و الاخذين منكم و تختارون هذه الرذيلة علي النصيحة لعباد الله و الهداية و القول بالحق و صرنا نحن مثلكم في هذه الرذيلة و اتصفنا بصفتكم فاخترنا للرسالة بشرا و اجرينا علي يده افعالنا لتعلموا انه من لدنا و يتم الحجة عليكم بالجملة الاستشهاد بالاية علي ان الخلق كانوا عاجزين عن درك انوار محمد و آله صلي الله عليه و عليهم لتشعشع انوارهم في العالم الاعلي و تلألؤ اشعتهم في العالم الاعلي و ماكان يمكن معاشرتهم و مساورتهم و مكالمتهم و استهداؤهم بهم فانزلنا اليهم ذكرا رسولا من العالم الاعلي و صورناه بالصورة‌ الناسوتية حتي يتمكنوا من الاهتداء به و ذلك لازم في الحكمة و ليس ذلك تضليلا و تخليطا فان محمدا انسان لا انه اشرفهم و اكرمهم علي الله عزوجل ولد من اب و ام يأكل الطعام و يشرب الشراب و ينكح النساء و يصح و يمرض و ينام و يستيقظ كساير افراد الانسان الا انه كان اشرفهم و اسبقهم و الطفهم و اعدلهم لايمكن ساير الخلق ان يستأنسوا به الا ان ينزل اليهم بلباسهم و يخرج الي الدنيا كخروجهم و يموت كموتهم و موضع الاستشهاد بالاية ان رؤية الكثيف اللطيف لايمكن الا باحد قسمين و الواقع هنا انزال العالي كما قال و للبسنا عليهم مايلبسون فهو شاهد لقوله ظهروا للخلق علي هياكل الناسوتية حتي يطيقوا رؤيتهما و يمكن ان يقال بل هو الاولي ان اللبس لبسان لبس تضليل و لبس تمكين و المذموم هو لبس التضليل و هو ان يصرف اللابس الانسان من الحق الي الباطل و اما اذا كان اللبس لتمكين الشخص من الحق و ابعاده عن الباطل فلايضر بل هو ممدوح الا تري ان جبرئيل كان يظهر بصورة دحية و ماكان لبس تضليل و كان يظهر بصورة الاعرابي و ماكان لبس تضليل و ظهرت الملائكة لابراهيم و لوط بصورة الضيفان و ماكان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۸ *»

لبس تضليل و بصورة هاروت و ماروت و ماكان لبس تضليل و هكذا ظهرت الملائكة في مواضع كثيرة بالصورة الجسمانية و لم‌يك لبس تضليل و ان كان لبسا و علي هذا يصير قوله ما يلبسون يعني كمايلبسون هم علي رعيتهم و من هو دونهم و اطفالهم و اهاليهم عند الحاجة الي اللبس و لولا ذلك اللبس لفسد عليهم امرهم و هلكوا عن آخرهم فنحن ايضا في حكمتنا يجب ان نلبس عليهم الامر فاذا لبسنا لايدرون اهو بشر ام ملك و الان ايضا لاتدرون ان محمدا من هو فلعله ملك من الملائكة العالين الذين خلقهم الله في عرشه فانزله الله اليكم لهدايتكم و هو الحق فانه اول ماخلق الله و من شعاعه خلق كل ملك مقرب و كل نبي مرسل و كل انسان و جن و حيوان و نبات و جماد و سماء و ارض و عالم و هو اعظم من ذلك كله انزله اليكم فتبين ان اقتراحكم باطل و انكم لاتؤمنون و علي هذا يصير الاستشهاد تاما فافهم.

قال7 فهما مقام رب العالمين و حجابا لخالق الخلائق اجمعين و في نسخة صحيحة و حجاب خالق الخلائق اجمعين و الاولي فيها غلط الي آخر.

اعلم ان المقام محل القيام و القيام قيامان ظاهري و هو الانتصاب المعروف و هو لايليق بالله و قيام معنوي  و هو القيام بالامر و يطلق القيام علي الحفظ و البقاء و الكفاية فالقائم هو الحافظ الباقي الكافي القائم بالامر و هذه المعاني يليق ان تنسب الي الله تعالي فهو قيوم و هو مبالغة القائم اي شديد الحفظ و كثير البقاء و الكفاية و شديد القيام بالامور فهما صلوات الله عليهما مقام الله افرد الخبر لاتحادهما او المراد ان كل واحد منهما مقام الله اي محل بروز قيومية الله و قيامه بامر الخلايق اجمعين و حفظه لهم و بقائه و دوامه و كفاية‌ امر الكائنات فجميع ذلك يظهر فيهم و منهم و بهم و عليهم في الكون و الشرع و ذلك انهم صلوات الله عليهم محال مشية الله  و اوكار ارادته و كذلك هم مجالي اسماء الله و صفاته و انواره فيهم تتجلي و منهم تظهر و تنتشر و هذا هو المشار اليه في دعاء رجب

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۰۹ *»

اللهم اني اسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك المأمونون علي سرك المستبشرون بامرك الواصفون لقدرتك المعلنون لعظمتك اسألك بما نطق فيهم من مشيتك فجعلتهم معادن لكلماتك و اركانا لتوحيدك و آياتك و مقاماتك التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لافرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك فتقها و رقتها بيدك بدؤها منك و عودها اليك اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و رواد فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت فبذلك اسألك و بمواقع العز من رحمتك و بمقاماتك و علاماتك الدعاء ذكرنا اكثره لاشتماله علي جلايل الفضائل و ارتباط بعضها ببعض و موضع الاستشهاد قوله و مقاماتك التي لاتعطيل لها في كل مكان الي آخر الفقرة اعلم ان مقام المقامية اعلي المقامات و اسنيها و ارفعها و ازكيها و اجمعها و ازهاها فاعلاه مقام الهوية التي هي اول مقام التركيب الغيبي فالهاء لتثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغائب عن درك الحواس و الهاء دليل الثابت الدائم القائم و الواو مقامه و مظهره المشير الي الغائب و لذلك تري ان الهاء هي ما به اشتراك الضماير في هو هما هم هي هما هن و الواو ما به الامتياز فالواو للغائب و ما للغائبين و الميم للغائبين و الياء للغائبة و ما للغائبتين و النون للغائبات و الهاء فيهن جميعا لتثبيت الثابت الظاهر فيهن جميعا بالجملة الواو حرف الانية الغيبية الدالة علي مبادي الحدود التي هي مظهر و مقام لما يدل عليه الهاء من ذات ثابتة دائمة قائمة وهي اول المقامات ليس قبلها مقام و فوقها مقام الاحدية الذاتية و هذا المقام هو مقام الضمير المستتر في قولك زيد ضارب الراجع الي جهة فاعلية زيد الظاهرة في الضارب اذ هي الذات الظاهرة في الضرب و هي الضاربة دون ذات زيد اذ لو كان ذات زيد هي الضاربة و كانت الضاربية عينها لفنيت بفنائها و وجدت بوجودها و اذ وجدنا الذات هي هي في حال اتصافها بكل صفة صفة علمنا ان الصفات ليست بذاتية لذات زيد و تفسخت دونها النعوت و انما جميعها راجعة الي جهة ظهور الذات بها ففي الضارب ظهور من الذات تجلي في مرآة الضرب و انصبغ بصبغ

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۰ *»

الضرب فوجد الضارب و في الناصر ظهور من الذات تجلي في مرآة النصر فانصبغ في النصر فتولد منهما الناصر و هكذا كما ان شبح الشمس يقع في مرايا مختلفة و يتشكل في كل مرآة بحسبها و الشمس شمس علي ما هي عليه و ان تدقق نظرك و قلت ان الشمس جسم مركب له مادة و صورة و الشبح المنفصل ينفصل من صورته و شبحه المتصل و ذات الله جل جلاله احدية لا شبح لها فکيف ينفصل عنها شبح و يقع في مرايا قوابل المعاني قلت نعم ان الذات ليست بمركبة و لاينفصل عنها شبح البتة ولكن الله يوجد ذلك الظهور بذلك الظهور بلاكيف و لا اشارة و لا حركة و لا كلام فذلك الظهور ذات ظاهرة قائمة بنفسها لغيرها بها و ذلك رمز مبهم و سر منمنم قد اشرنا اليه سابقا فذلك الظهور يتجلي في مرايا المعاني المشار اليها في الدعاء المذكور فانت تدعو الله بيا رحيم و المعني الذي ظهر الذات به الرحمة و لذا يقال انها من اسماء المعاني و قسموا الاسم بقسمين اسم الذات و هو كزيد و اسم المعني كالقيام مثلا فالرحمة من المعاني اي من مظاهر الذات و سمي المعني بالمعني لانه يظهر من الذات قال7 اما المعاني فنحن معانيه و ظاهره فيكم فظهور الذات يتجلي في معني الرحمة فينصبغ بصبغها فيتولد اسم الرحيم و يتجلي في المغفرة فينصبغ بصبغها و يتولد منهما الغافر و هكذا فذلك الظهور المنصبغ هو جهة ‌فاعلية الذات لذلك المعني فاذا قلت زيد ضارب فضارب صفة تلك الجهة و دليل لها و اسم لها و تلك الجهة ليست مستقلة تري نفسها ولكنها مضمحلة تحت الذات و ليست الا لها فما لها و اليها و بها للذات و الي الذات و بالذات فبذلك تقول زيد ضارب يعني بجهة ظهوره في مرآة الضرب و زيد ناصر يعني بجهة ظهوره في النصر و الا فصرف الذات منزهة عن الصفات مبراة عن النعوت فتلك الجهة هي مقام زيد و مظهر قيومته علي الضرب و النصر ثم اعلم ان لزيد ظهورين ظهور كلي يجمع جميع ظهوراته كائنا ماكان بحيث لايغادر كمالا من كمالاته و هو المسمي بزيد حقيقة فان الذات البحت البات مبراة عن الاسماء و الصفات لا اسم لها و لا رسم و ظهور جزئي في الضرب و النصر و الفتح و العلم و غير ذلك و هو المسمي بالضارب و الناصر و الفاتح و العالم و هذه الظهورات

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۱ *»

الجزئية ظهورات ذلك الظهور الكلي و آثاره و لذلك يوصف زيد بالضارب و الناصر و لايوصف الضارب و الناصر به البتة فزيد اي المسمي بزيد اي الظهور الكلي هو المقام الاعلي الاعلي و اما الظهورات الجزئية فهي المقامات الدنيا و هي التي لاتعطيل لها في كل مكان يعني ان الظهور الكلي متجل في جميعها و جميعها محلي بتلك الحلية التي هي الظهور الاعلي يعرف زيدا بها اهل كل رتبة ما يساوقها و تجلي زيد لهم به و في جميع المراتب لافرق بين زيد و بينها اي لافرق بين زيد في احداثه الضرب و بين الضارب و في احداثه النصر بينه و بين الناصر و في احداثه الفتح بينه و بين الفاتح و فرق بينه و بين الضارب في احداثه الفتح فان الضارب لايحدث الفتح و ذلك من نقصان الضارب و محدوديته و من اطلاق زيد عن التعينات و اما زيد اي الظهور الكلي فلافرق بينه و بين الذات الا ان الذات لنفسه و الظهور الكلي لغيره فافهم ما اقول لك فانه من الاسرار الخفية التي يجريه الله علي قلمي لكي يتنبه به من كتب له ثم اعلم ان بين الظهور الكلي الاعلي و بين الظهورات الجزئية برزخ و ظهور هو مبدء الجزئيات و منتهي ذلك الكلي فليس في كليته بتوحد الاعلي و لا بتكثر الادني فذلك هو اسم لزيد نعبر عنه الان بالفاعل المطلق او الصانع المطلق و هذا الاسم مهيمن علي جميع تلك الجزئيات فان الضرب صنع و النصر صنع و الفتح صنع و هكذا و زيد بهذا الاسم يستولي علي ملك تلك الصفات و يحوزها قال الله تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم و قال في الارض آيات للموقنين و في انفسكم فلاترد لك فوق ذلك بيانا فان للحيطان آذانا فالمقام الاول الذي اشرنا اليه كائنا ماكان بالغا مابلغ غير الاحد و كلما هو غير الاحد مثني مجزا فالاعلي منهما محمد و الادني منهما علي فان عليا نفس محمد فهما مقام رب العالمين فان شئت قل كل واحد لان محمدا هو علي و عليا هو محمد و يفعل كل واحد منهما ما يفعل الاخر و هما في المقام الاعلي في غاية المشاكلة الاتحادية و ان شئت قل هما معا مقام الله لانهما في غاية البساطة الامكانية لا وجود في الخارج لكل واحد الا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۲ *»

بالاخر و لاقوام لكل واحد الا بالاخر فهما معا مقام رب العالمين و اما قوله حجاب خالق الخلائق اجمعين فاعلم ان الحجاب في الظاهر في المعيار جسم حائل بين جسدين و قد استعمل للمعاني فقيل العجز حجاب بين الانسان و مراده و المعصية حجاب بين العبد و ربه و الحجاب الستر و قيل ما احتجب به لانه يمنع المشاهدة اعلم ان اصل الحجاب من الحجب و هو الستر و المنع يقال حجبه اذا ستره او منعه و الحجاب ککتاب اسم الساتر و المانع و يقال لمانع الدخول علي السلطان الحاجب و يقال لشعاع الشمس المانع من النظر اليها الحجاب فهم صلوات الله عليهم حجاب الله لانهم خلقوا من شعاع نور الله و ذلك الشعاع من شدة ظهوره و عظم نوره و قدس وجوده و نزاهة كينونته طرد الاغيار فلااحد من الخلق يقدر من النظر اليهم فضلا الي ربهم في الدعاء اللهم اني اسألك يا من احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه يا من تسربل بالجلال و العظمة و اشتهر بالتجبر في قدسه الي ان قال و اسألك بالاسماء التي تجليت بها للكليم علي الجبل العظيم فلمابدا شعاع نور الحجب من بهاء العظمة خرت الجبال متدكدكة لعظمتك و جلالك و هيبتك و خوفا من سطوتك راهبة منك و في الخبر و هو المحتجب و نحن حجبه و قال الباقر7 في حديث خاطبهم الله من اجلكم ابتدأت خلق ما خلقت فانتم خيار خلقي و احبائي و كلماتي و اسمائي الحسني و اسبابي و آياتي الكبري و حجتي فيما بيني و بين خلقي فخلقتكم من نور عظمتي و احتجب بكم عمن سواكم من خلقي و جعلتكم استقبل بكم و اسأل بكم و كل شيء هالك الا وجهي و انتم وجهي لاتبيدون و لاتهلكون و لايهلك و لايبيد من توالاكم و من استقبلني بغيركم فقد ضل و هوي الخبر اعلم ان الله جل جلاله خلق كل شيء من خلقه في حده و مقامه هو فوق مقامه معدوم و دون وجوده مفقود و هو محصور بين الحدين لايستطيع احد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۳ *»

التجاوز عن حده و مقامه و هو تأويل قوله تعالي و ما منا الا له مقام معلوم و انا لنحن الصافون فاعلي اذكار كل شيء يمنعه من الصعود و التجاوز عنه لايستطيع احد ان يتجاوز اعلي اذكاره فهو حجاب العالي المرخي دونه بينه و بين العالي لايستطيع الداني رفعه و التجاوز عنه و هو المشار اليه في فقرة الدعاء فلما بدا شعاع نور الحجب من بهاء العظمة خرت الجبال متدكدكة لعظمتك و جلالك و هيبتك و المراد بالحجب حجاب فؤاد موسي و حقيقته فانه الملك الكروبي الذي تجلي لموسي و هو من الخلق الاول من خلف العرش و هو من شيعة اميرالمؤمنين7 فلمابدا شعاع نور الحجب اي شعاع نور فؤاد موسي من بهاء العظمة و ذلك النور هو بهاء العظمة و ذلك الحجاب هو العظمة و من بيانية و يمكن ان يراد بالحجب آل محمد: لانهم اعلي اذكار  الخلق جميعا لايتجاوزه خلق من الخلايق كما في الزيارة لايلحقه لاحق و لايفوقه فايق و لايسبقه سابق و لايطمع في ادراكه طامع فحيث لايتجاوزهم خلق فهم ايضا حجاب الله الذي يمنع مادونه ان يتجاوزه و نور الحجب هو علي هذا حقيقة موسي المخلوقة من شعاعهم فلمابدا شعاع نور الحجب و شعاع الحقيقة ماوقع علي جسد موسي و الجبل من بهاء العظمة خرت الجبال جبل طور و جبال جبلات بني اسرائيل و جبل جبلة موسي متدكدكة لعظمتك  و جلالك و هيبتك الدعاء هذا علي معني المانع فهم حجب الله و حجاب الله يطردون جميع الحوادث من الذوات و الصفات و الافعال و المعلولات و العلل و الخلق و الامر ان يصعد عن حدهم و مقامهم و يصل الي خالق الخلق و  كذلك هم الستر المسدول علي وجه الخلائق فلااحد يقدر علي كشفه و رفعه و كونهم سترا لاجل كسر سورة نور الاحدية بالكثرة الخلقية التي فيهم حتي يقدر بني الخلق علي تحمل اعباء‌ مشاهدة انوار التوحيد و اشعة التفريد و لولا هذا الستر المرخي لاحرق شعاع نور التفريد جميع الخلق في الخبر ان لله تعالي سبعين الف حجاب من نور و ظلمة لو كشف لاحرقت سبحات

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۴ *»

وجهه ما انتهي اليه بصره من خلقه و تلك السبعين الف حجاب هي مقاماتهم قبل ان يخلق الله الخلق وهي من نور الوجود و ظلمة الماهية و كان سبعين فانه في مقام الكاف و النون قال علي7 في صفة الامام و امره بين الكاف و النون بل هم الكاف و النون و صار الفا لان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون فهم حجب الله السبعون الف لو كشفت لاحرقت سبحات وجهه ما انتهي اليه بصره من خلقه سئل اميرالمؤمنين 7 عن الحجب فقال (اول خ‌ل) الحجب سبعة غلظ كل حجاب منها مسيرة خمس مأة عام و بين كل حجابين مسيرة خمس مأة عام و الحجاب الثاني سبعون حجابا بين كل حجابين مسيره خمس مأة و (طوله خمس مأة عام خ‌ل) حجبه كل حجاب سبعون الف ملك قوة كل ملك منهم قوة الثقلين منها ظلمة و منها نور و منها نار و  منها دخان و منها سحاب و منها برق (و منها مطر خ‌ل) و منها رعد و منها ضوء و منها رمل و منها جبل و منها عجاج و منها ماء و منها انهار و هي حجب مختلفة غلظ كل حجاب مسيرة سبعين الف عام ثم سرادقات الجلال و هي (ستون خ‌ل) سبعون سرادقا في كل سرادق سبعون الف ملك بين كل سرادق و سرادق مسيرة خمس مأة عام ثم سرادق العز ثم سرادق الكبرياء ثم سرادق العظمة ثم سرادق القدس ثم سرادق الجبروت ثم سرادق الفخر ثم سرادق النور الابيض ثم سرادق الوحدانية و هو مسيرة سبعين الف عام في سبعين الف عام ثم الحجاب الاعلي و انقضي كلامه7 و سكت فقال له عمر لابقيت ليوم لااراك فيه يا ابا الحسن و عن السفيان الثوري عن جعفر بن محمد الصادق7 عن ابيه  عن جده عن علي بن ابي‌طالب7 قال ان الله خلق نور محمد قبل ان خلق السموات و الارض الي ان قال و قبل ان خلق الانبياء كلهم باربع مأة الف و اربع و عشرين الف سنة و خلق عزوجل معه اثني عشر حجابا حجاب القدرة و حجاب العظمة و حجاب المنة وحجاب الرحمة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۵ *»

و حجاب السعادة و حجاب الكرامة و حجاب المنزلة و حجاب الهداية و حجاب النبوة و حجاب الرفعة و حجاب الهيبة و حجاب الشفاعة ثم ذكر ما حبس في كل حجاب من المدة و ذكر ذكره فيه و عن ابي‌عبدالله7 قال قال رسول الله9 قال جبرئيل في ليلة المعراج ان بين الله و بين خلقه تسعين الف حجاب و اقرب الخلق الي الله انا و اسرافيل و بيننا و بينه اربعة حجب حجاب من نور و حجاب من ظلمة و حجاب من الغمام و حجاب من ماء و في خبر المعراج فعبر رسول الله9 حتي انتهي الي الحجب و الحجب خمس مأة حجاب من الحجاب الي الحجاب مسيرة خمس مأة عام و عن ابي‌عبدالله7 قال الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي و الكرسي  جزء من سبعين جزءا من نور العرش و العرش جزء من سبعين جزءا من نور الحجاب و الحجاب جزء من سبعين جزءا من نور الستر الخبر بالجملة ليس بين هذه الاخبار اختلاف و ان لله عزوجل حجبا بعدد ذرات الكاينات كما في الدعاء انت لاتحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الامال دونك و في دعاء الاعمال دونك فان اخذت الحجاب بمعني المانع فكل انية حجاب لصاحبها تمنعه عن تجاوزها و الصعود عن حدها فهو محجوب عن ربه بحجاب انيته مرخي عليه والله غير محتجب عنه ولكنه محجوب عنه كما ان الشمس غير محتجبة ولكن حجاب الضعف و العمي يمنع ابصار ضعفاء العيون عن النظر اليها و يدل علي هذا الحجاب ما روي في حديث المعراج انه صعد الي ان كان بينهما حجاب يتلألأ بخفق و لااعلمه الا و قد قال زبرجد فنظر في سم الابرة الي ما شاء الله من نور العظمة الحديث و حجاب الزبرجد هو حجاب النفس الذي لايمكن للحادث كشفه ابدا فانه لو لم‌يفكك كينونته بقي علي التركيب من وجوده و ماهيته و لو فكك لفني و ان الله لم‌يخلق شيئا فردا قائما بذاته للذي اراد من الدلالة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۶ *»

عليه و ان اخذت الحجاب بمعني اول الاذكار فكل شيء لايتجاوز ماوراء مبدئه و هو محصور في حده فهو ابدا وراء اول اذكاره الي غاية وجوده فالحجب لاتتناهي فهم سلام الله عليهم يجملون في بيانهم تارة و يفصلون اخري و يقتصرون علي بعض الكليات حينا و يضيفون اليه بعضا حينا علي حسب ما يقتضيه حال السؤال و يريدون اظهار العظمة فالحجاب الاعظم الاعظم الاعظم الذي لايكشف و لايكشفه احد من المخلوقين هو حجاب وجودهم صلوات الله عليهم فانهم اول الخلق و اعلي اذكار الخلق فلايتجاوزهم احد و اما ساير الحجب فهو حجاب مسدول لاحد مكشوف عن احد فتبصر.

قال7 بهما فتح بدء الخلق و بهما يختم الملك و المقادير الي آخر.

ان كون محمد9 اول الخلق و فاتحته من بديهيات الامة و ضروريات الاسلام و تواتر بذلك الاخبار من طريق الخاصة و العامة كما رواه في البحار عن احمد بن حنبل باسناده عن جابر بن عبدالله قال قلت لرسول الله صلي الله عليه و آله اول شيء خلقه الله تعالي ما هو فقال نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير و عنه ايضا قال قال رسول الله9 اول ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره و اشتقه من جلال عظمته و من طرقنا عن ابي‌جعفر7 قال قال اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ان الله تبارك و تعالي احد واحد و تفرد في وحدانيته ثم تكلم بكلمة فصار نورا ثم خلق من ذلك النور محمدا9 و خلقني و ذريتي ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فاسكنه الله في ذلك النور و اسكنه في ابداننا فنحن روح الله و كلمته و بنا احتجب عن خلقه فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس و لا قمر و لا ليل و لا نهار و لا عين تطرف نعبده و نقدسه و نسبحه قبل ان يخلق الخلق و عن ابي‌ذر الغفاري عن النبي9 في خبر طويل في وصف المعراج ساقه الي ان قال قلت لا ملائكة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۷ *»

ربي هل تعرفونا حق معرفتنا فقالوا يا نبي الله و كيف لانعرفكم و انتم اول ما خلق الله خلقكم اشباح نور من نوره في نوره من سنا عزه و من سنا ملكه و من نور وجهه الكريم و جعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه و عرشه علي الماء قبل ان تكون السماء مبنية و الارض مدحية ثم خلق السموات و الارض في ستة ايام ثم رفع العرش الي السماء السابعة فاستوي علي عرشه و انتم امام عرشه تسبحون و تقدسون و تكبرون ثم خلق الملائكة من بدو ما اراد من انوار شتي و كنا نمر بكم و انتم تسبحون و تحمدون و تهللون و تكبرون و تمجدون و تقدسون فنسبح و نقدس و نمجد و نكبر و نهلل بتسبيحكم و تحميدكم و تهليلكم و تكبيركم و تقديسكم و تمجيدكم فمانزل من الله فاليكم و ما صعد الي الله فمن عندكم الخبر و عن محمد بن سنان قال كنت عند ابي‌جعفر الثاني7 فاجريت اختلاف الشيعة فقال يا محمد ان الله تبارك و تعالي لم‌يزل متفردا بوحدانيته ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة فمكثوا الف الف دهر ثم خلق جميع الاشياء فاشهدهم خلقها و اجري طاعتهم عليها و فوض امورها اليهم فهم يحلون ما يشاءون و يحرمون ما يشاءون و لن يشاءوا الا ان يشاء الله تبارك و تعالي يا محمد هذه الديانة التي من تقدمها مرق و من تخلف عنها محق و من لزمها لحق خذها اليك يا محمد الي غير ذلك من الاخبار التي ملأت الاقطار و من بديهيات المذهب انهم جميعهم نور واحد و حقيقة واحدة يجري علي آخرهم ما يجري علي اولهم فهم باجمعهم اول الخلق و الاول من لايتقدمه متقدم و الا فهو ثان و ثالث و هكذا و انت تعلم انه حق و خلق لاثالث بينهما و لا ثالث غيرهما و هم من الخلق و اول الخلق فلايتقدم عليهم الا الازل جل شأنه و جميع من سوي و ماسوي ذاتهم الشريفة من ذات او صفات او افعال او اسماء او حروف او نسب او اضافة او غير ذلك مما يقال له شيء فهو دونهم درجة فهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۸ *»

في الاولية و السابقية حيث لايلحقهم لاحق و لايفوقهم فائق و لايسبقهم سابق و لايطمع في ادراكهم طامع و سبقهم هذا لمن عرفه ام الفضائل و اصلها فلايذكر لهم فضل الا و هو فرع هذا المقام بل جميع اسرارهم و فضائلهم الخفية فرع هذا فانهم ليسوا بآلهة قديمة قطعا و لايتجاوزون رتبة الحدوث فجميع فضائلهم تحت معرفة معني سبقهم علي جميع الحوادث و هم من حكمتهم جعلوا هذا المطلب من بديهيات الامة حتي لايبقي لاحد عذر في انكاره الفضائل التي هي برمتها دونه و من فروعه فاذ قد عرفت ان الله فتح الايجاد بهم فاعلم انه قد ختم بهم ايضا و لابد من ذكر اشارات تعرف منها هذا الفتح و الختم اعلم ان الله سبحانه خلق الفعل قبل القوة فان الذات القديمة فعلية محضة لاقوة فيها و القوة عدم و الفعل وجود و الوجود هو آية الله التي عرف بها نفسه لا العدم فالفعل و الوجود مقدم علي العدم و القوة فلماخلق الفعل انزله الي دار القوة فكمن في القوة و عدم ثم ظهر منها و هنا كان الظهور هو المسبوق بالعدم و تبين هنا معني الجواز و الحدوث و ان قلت  ان كان الفعل مقدما و لاقوة فهو ازلي قلت قولي ان الفعل مقدم علي القوة ليس معناه انه خلق الله فعلا بلاقوة لان الله لم‌يخلق شيئا فردا قائما بذاته للذي اراد من الدلالة عليه و ليس فعل بلاقوة ولكن الوجود هو اولي بالقرب و العدم هو اولي بالبعد و هما متداخلان تداخل المثلثين حادان لاينفرد احدهما عن الاخر و الفعل في كل مقام مقدم علي القوة وجودا مؤخر عنها ظهورا و هكذا يترامي الامر الي الوجود الاول فهناك يتحد القوة و الفعلية فلايسبق احديهما صاحبتها بدا لامتناع تقدم احديهما علي صاحبتها كماقدمنا القول في ذلك ولكن مع وجود الاتحاد اعتبار الفعلية مقدم علي اعتبار القوة لان اعتبار الفعلية هو اعتبار آئيته و ماعرف الله نفسه به و ما من الله مقدم و كذلك الفعلية هي اعتبار كونه في العلم الازلي و هو قبل اعتبار خلقيته بالمشية التي خلقت بالعلم بالجملة ان الله جل و عز خلق الوجود قبل الظهور و النور قبل الظلمة و الوجود قبل العدم و الفعل قبل القوة و لماكان الوجود الاول في غاية القرب من حضرة الاحدية و الكمال كان كاملا له انوار و اشعة تملأ عرصة الاكوان و هذا هو

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۱۹ *»

معني ان اول ماخلق الله العقل ثم قال له ادبر فادبر ثم قال له اقبل فاقبل و معني ادباره حدوث انواره في الدرجات الدانية و كان كلما ينزل درجة يضعف فعليته بغلبة شيء من القوة عليه و كان يغلب عليه القوة شيئا بعد شيء حتي استترت الفعلية و ظهرت القوة بحيث كانه تمحض في القوة و ذلك حين بلوغه غاية البعد الذي هو اولي بالعدم و نفي الوجود فكان هذا الوجود المفاض من المبدء و العدم المنتهي اليه الوجود كالمثلثين المتداخلين فكلما صعد صاعدا قوي الوجود و ضعف العدم و كلما نزل نازلا ضعف الوجود و قوي العدم و كانت التسمية بالغلبة فصار النصف الاسفل دار القوة و الاستعداد و النصف الاعلي دار الفعلية و الوجود و لعلك من ذلك تتبين معني قول علي7 حين سئل عن العالم العلوي فقال صور عالية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد تجلي لها فاشرقت و طالعها و تلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله انتهي فسمي العالم السفلي بعالم المواد و القوة و الاستعداد لاجل غلبتها عليه لا انه خال عن الوجود و سمي العالم العلوي بعالم الصور و المراد بها الفعلية و الوجود لاجل غلبتها عليه لا انها خالية عن القوة و الاستعداد فبلحاظ تقدم عالم الصور و الفعلية علي عالم المواد و الاستعداد و تقدم العلم علي الخلق يكون الفعل مقدما علي القوة و بلحاظ اجزاء كينونة الحادث هما متساوقان الا ان اعتبار ما من الرب مقدم علي اعتبار ما من العبد هذا و المعدوم يخلق بالموجود و الموجود لايخلق بالمعدوم فلاجل ذلك خلق الله العقل الذي هو فعلية العلم و العمل قبل جميع خلقه و كان احب الخلق الي الله عزوجل و كان قويا فيما به هو هو و لما امر بالتباعد و الاشراق كلما بعد درجة خفي شيء من نوره و صار بالقوة الي ان بلغ غاية البعد مقام التراب فصار جميع انواره و حيوته و قوته و ادراكه و فعاليته بالقوة فلماامر بالصعود صاعدا صعد الي ربه بخلع الاعراض التي لحقته في بعده و كلما يصعد درجة كانما ينشط من عقال و يظهر منه نور كان في قوته و يزداد نورا الي ان بلغ الي موطنه الاصلي و مقام قربه فصار بالفعل كماكان اول مرة و تحصل العلوم التفصيلية و المعارف اللانهاية و هذا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲0 *»

معني قوله تعالي كما بدأكم تعودون و هذه السنة جارية في الانسان الكلي الذي هو العالم و في الانسان الجزئي بل و في كل شيء فمن زعم ان القوة مقدمة علي الفعل فقد اخطأ و لو كان كذلك لماخلق الارواح قبل الابدان باربعة آلاف عام و الارواح وجود الحيوة و الابدان عدمها و تحتاج الي الارواح في حيوتها فكان افتتاح الخلق بالعقل الذي هو وجود محمد9 و كان مقدما وجودا و كان اختتام الخلق حين صعوده في قوس الصعود الي مبدئه بالعقل فبه فتح الله و به يختم و هو الفاتح لما استقبل و الخاتم لما سبق يعني ان الله ابتدأ في جميع ملكه بوجود محمد9 و ختم جميع ملكه بوجود محمد9 و الي ذلك اشار بفتح كتابه المطابق لملكه بالحمد الذي هو عند صاحب اللواء و اشار الي ذلك ايضا بقوله الحمد لله الذي خلق السموات و الارض و الختم به حيث يقول و تري الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم و قضي بينهم بالحق و قيل الحمد لله رب العالمين فختم ملكه بالحمد فبالحمد فتح الله و بالحمد ختم و محمد9 هو صاحب لواء الحمد و علي7 حامله و اعلم انه ما من حادث الا و له اربع علل علة غائية و هي المهيجة المثيرة للفاعل الباعثة له علي الفعل المرجحة وجود الفعل علي عدمه و هي مقدمة علي الكل وجودا و ان كانت مؤخرة ظهورا فاذا حصل للغاية في نفس الفاعل نبهت راقد الفعل و هيجته فقام الفاعل بالفعل فاذا حصل الفعل علي صفة خاصة و هي مطابقة الغاية و مناسبتها انفصل منه شبح علي صفته و صورته فكان ذلك الشبح هو العلة المادية و حصل من نفس تلك المادة صورة المفعول فانها علي حسب قبولها و في عالم الحقايق تلك الصورة تابعة للمادة و المادة تابعة لصورة الفعل و صورة الفعل تابعة لمادة الفعل و مادة الفعل تابعة للعلة الغائية فهي غاية الغايات و نهاية النهايات خلقت الخلق لكي اعرف و خلقتك لاجلي و خلقت الخلق لاجلك و ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و للخلق في كل رتبة علل و العلة مقدمة علي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۱ *»

المعلول لامحالة و لكل علة علل حتي تنتهي الي علة العلل التي لاعلة لها قبلها فهي علة بنفسها لنفسها لبطلان التسلسل فهناك تنتهي سلسلة العلل و المعلولات فلاعلة فوقها و لامعلول و اذا حصلت الضرورة علي ان محمدا اول ماخلق الله و اتفق اهل المذهب علي اتحاد نور محمد و آل محمد: فهم باجمعهم اول الخلق و هم علة العلل و سبب الاسباب فهم العلة الغائية فان الله جل جلاله لايعرف الا بهم قال7 نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا و في الزيارة الجامعة الصغيرة الذين من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله فالعلة الغائية معرفة الله لا ذات الله و هم معرفة الله و تعريف الله و تعرف الله و لاشك في ذلك و لماخلق الله الخلق لاجلهم و لاجل معرفتهم فمعرفتهم هي الموجهة لمشية الله الي جانب الاحداث يعني شاء ما شاء لاجل ان يعرفوا و علي صفة تعريفهم و الفاعل ليس هو ذات الله و الا كان يمتنع عليه ان لايكون فاعلا و كان يجب ان يكون فاعلا مقسورا علي ذلك و من البين ان الله ليس يمتنع عليه ترك الايجاد يفعل الله ما يشاء بقدرته و يحكم ما يريد بعزته فهو فاعل بفعله لكن لا من حيث انه حركة مطلقة صالحة لكل عمل بل من حيث تجلي ذلك المطلق في مرآة قابلية المفعول و انصباغ ذلك التجلي بذلك المفعول فالضارب هو فعل زيد لا من حيث نفسه بل من حيث تجليه في مرآة الضرب و انصباغه بها و ذلك التجلي يحكي الذات و هو الذات الظاهرة للضرب و الذات الظاهرة بالضرب هي الضاربة و مع ذلك ذات زيد هي الضاربة بتجلي فعله في مرآة الضرب كما انك انت البصير لكن في عينك و السميع لكن في اذنك و المتكلم لكن في لسانك فافهم و التجلي الكلي العام الشامل الذي عم الكل بظهوراته التي هو اولي بها و طوي الكل بذاته هو وجود محمد9 الذي هو اول صادر منه بالاجماع فهو العلة الفاعلية كما في الزيارة فما من شيء منه الا و انتم له السبب و اليه السبيل فهم العلة الفاعلية بهذا المعني الذي قلنا لا كما يفهمه العوام انهم الخالقون بالاستقلال اذ هو الكفر الصراح و كذلك هم العلة المادية باشعتهم و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۲ *»

انوارهم لانه خلق الكل من نورهم اذا اريد بالمادة المادة الشخصية و ان اريد بها النوعية فهم الكلي الطاوي للكل بلاشك و كذلك هم العلة الصورية لان الصورة من نفس المادة و المادة من شعاعهم هذا و صورة الاثر تابعة لصورة فعل المؤثر اذا لوحظ الاثر قبل وقوعه علي القوابل العرضية المغيرة كما ان صورة النور علي حسب النور قبل وقوعه في المرايا فاذا وقع في المحال العرضية احمر و اخضر و هكذا فهم العلة الصورية بتجليهم و شعاعهم و نورهم و هو اولي به منه فاذا كانوا علة الخلق باجمعهم فلابد من تقدمهم و فتح المعلول بالعلة و كذلك ختم كل معلول اليهم فيعودون في الاستمدادات و الاستفاضات و ينتهي الايجاد عودا اليهم و بهم و ختم الله علي فم القلم الذي هو العقل الكلي الذي به بدأ الله فبهم ختم علي فمه حين جعله مشرفا علي جميع الكاينات و احضرها لديه و اشهده خلقها فلايتجدد عنده شيء ابدا و انما لم‌يحدث بعد لانه احدث في آن واحد ما يقتضيه امر الله الواحدي و وقته السرمد الذي لاتجدد له و ما اقتضي امر الله فانما هو علي ما اقتضاه الاحدية فلاينطق القلم بعد شيئا و اعلم انه كما فتح الله بهم الكون و ختم فتح بهم الامكان و ختم ايضا و ذلك ان امكانات جميع الاشياء النوعية في الامكان الراجح و هو و ان كان بسيطا بحرا متشاكل الاجزاء الا ان الامكانات فيه مترتبة مثلا هو صالح لان يتعلق بالعلة و بالمعلول و لاتعين لاحدهما فيه ولكن هو صالح لان يتعلق بالمعلول من حيث انه معلول بعد تعلقه بالعلة و لابد من سبق تعلقه بالعلة قبل المعلول و هكذا فالامكانات مترتبة كترتب الاكوان فعلي ذلك امكان وجود علة العلل و سبب الاسباب به فتح الامكانات و به ختمها و لايسبقه سابق و لايفوقه فائق و لايلحقه لاحق فبهم فتح الله الامكانات و ختم و بهم فتح الله الاكوان و ختم و كذلك بهم فتح الله الشرايع و ختم اذ جميع الخلق امتهم و الانبياء علماؤ الامة و الشرع شرعهم في كل امة و الانبياء مبلغون عنهم الي رعيتهم او هم المبلغون الي رعيتهم بلسانهم كماقال العسكري7 ان الكليم لماعهدنا منه الوفاء البس حلة الاصطفاء الخبر و في الزيارة و ان الانبياء دعاة و هداة رشدكم انتم الاول و الاخر و خاتمته

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۳ *»

الزيارة و كذلك روي في الاخبار انهم هم الانبياء كما في الخطبة الا و انا نحن النذر الاولي و نذر الاخرة و الاولي و نذر كل زمان و اوان فالشرع شرعهم و الدين دينهم و هم المؤدون عن الله بهم فتح الله و بهم يختم صلوات الله عليهم و اما قوله يختم الملك و المقادير فالمراد بالملك ما عرفت او المراد ختم الملك بدولتهم في الرجعة و فناء دولة الباطل و تمحض الملك لهم و اما المقادير فهو جمع المقدار كمفتاح و مفاتيح او جمع المقدور كمفعول و مفاعيل و مقدار الشيء منتهي مبلغه في صفة من صفاته فبهم ختم الله مقادير كل الاشياء في كمالاتها او جميع المقادير تنتهي اليهم لانها تفاض منهم الي ساير الخلق كلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ماكان عطاء ربك محظورا او المقدورات التي تعلق بها القدر فجميعها تنتهي اليهم لان ارادة الله في مقادير اموره تهبط اليهم و في بيوتهم الصادر عما فصل من احكام العباد و هم محال المشية و اوكار الارادة و امكنة القدر فلايتعلق بشيء الا بهم و جميع الاشعة تابعة لمحل القدر كما ان جميع الانوار تابعة للدهن المكلس المستضاء بمس النار و يمكن ان يراد بالملك عرصة الجواز و الخلق و بالمقادير عرصة الامر و الرجحان او يراد بهما الغيب و الشهادة او السماء و الارض و لكل وجه فافهم.

قال7 ثم اقتبس من نور محمد فاطمة ابنته كما اقتبس نوره من نوره و اقتبس من نور فاطمة و علي الحسن و الحسين كاقتباس المصابيح هم خلقوا من الانوار الي آخر.

اعلم ان الشيئين لايخلوان من احدي النسبتين فاما ان يتحدا في المادة و يختلفا في الصورة كالسيف و السكين مثلا فانهما يتحدان في الحديد و كلاهما من الحديد و انما اختلافهما في الصورة السيفية و السكينية و اما ان يختلفا في المادة و الصورة كزيد و قيام زيد فان مادة القيام غير مادة زيد و زيد محدث القيام بمادته و صورته ثم ان المتفقين في المادة اما يتساوي مادتهما في الصفات النوعية كما مر و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۴ *»

اما تختلفان في الصفاء و الكدورة و الرقة و الغلظة و اللطافة و الكثافة الا انهما من جنس واحد كالماس و الحجر و منه التراب و الماء و هو و الهواء و هو و النار و هي و السماء و هكذا ساير المراتب المترتبة علي نحو التشكيك.

فالقسم الاول بقسميه هما اثرا مؤثر غيرهما اخترع مادة صالحة لهما بفعله ثم جعل حصة منها هذا  و حصة منها هذا كزيد و عمرو او فرس و فرس او نبات و نبات او حجر و حجر و كالهواء و الماء و الماء و التراب و امثالها فان كل اثنين منها خلق من مادة صالحة لكل منهما قبل التصور و بعده فاخذ حصة منها صالحة لعمرو و صورت بصورة زيد و حصة منها صالحة لصورة زيد و صورت بصورة عمرو مثلا فلازيد خالق مادة عمرو و لاعمرو خالق مادة زيد و هما معا مخلوقان لخالق غيرهما و اثران لمؤثر سواهما و اما في المراتب التشكيكية فالحق انهما ايضا من مادة واحدة نوعا و ان كان في حصصها اختلاف بحسب الصورة النوعية في اللطافة و الكثافة و الرقة و الغلظة و غير ذلك  فالحصة اللطيفة نوعا تلبس صورة لطيفة شخصية و الحصة الكثيفة نوعا تلبس صورة ‌كثيفة شخصية كالهواء و الماء فان مادتهما واحدة نوعا بدليل جواز خلع صورة الماء عن مادته و الباسها صورة الهواء كما هو محسوس و كذلك يجوز خلع صورة التراب عن مادته و الباسها صورة الماء و يجوز خلع صورة الهواء عن مادة الهواء و الباسها صورة النار كما ثبت في الفلسفة بما لا ريب فيه فالعناصر مادتها واحدة نوعا و هو الجسم الطبيعي و لكن حصة النار منه الطف من حصة الهواء و حصة الهواء الطف من حصة الماء و هكذا و لا يمكن لبس صورة النار الشخصية علي مادة التراب و لاالعكس بداهة فمادة كل عنصر مخصوصة بصورته و فيها اختلاف في الصورة النوعية و مثله في ظاهر الدنيا ان الماس من التراب و الرخام من التراب و لايمكن لبس صورة الماس علي حصة ‌الرخام من التراب و لا العكس و حصة الرخام تراب كثيف و حصة الماس تراب لطيف و حصة الرخام صالحة للماس لكن يغير منها الصورة النوعية ثم يجعل ماسا و حصة الماس صالحة للرخام لكن يغير منها الصورة النوعية ثم يجعل رخاما و يجوز عندنا تغيير الصورة النوعية كمايغير صورة الفضة الي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۵ *»

صورة الذهب فافهم.

و اما القسم الثاني فليسا من مادة واحدة نوعا و ان كانا متحدين في اعلي الاجناس كزيد و قيامه فانهما يشتركان في الحدوث الجنسي المحيط بهما الطاوي لهما و يصدق الحدوث علي كل منهما حقيقة و كذا الامكان و الشيء مثلا و هو الجنس الاعلي ولكنهما في المادة النوعية مختلفان و ليس مادة القيام بمذكورة في رتبة زيد و لم‌يؤخذ حصة من نوع مادة زيد فتلبس صورة القيام و مع كونها غيرها اي كون مادة القيام غير مادة زيد هي دونها قائمة بها دالة عليها مطوية تحتها انطواء الاعداد تحت الاحد الا تري ان القائم زيد و القاعد زيد و الراكع زيد و الساجد زيد و زيد اوجد منها في امكنة وجودها بلاشك و هي مظاهر زيد و مجاليه و آياته و مقاماته فهي اثر زيد و لا نعني بالاثر الا هذا و هي شعاعه صدر منه كما صدر نور الشمس من الشمس و ليس مادة النور و مادة الشمس واحدة و ليس مادة ظهورك في المرآة و مادتك واحدة فافهم فانك لاتجده بهذا الوضوح و التصريح في كتاب فيما اعلم ففي هذا القسم يكون العالي منيرا و الداني نورا و المنير يحدث نوره احداثا و ينشئه انشاءا و ان قلت ان كان المنير يحدث نوره احداثا و ينشئه انشاءا و يخترعه اختراعا فكيف اشترك النور و المنير في الجنس الاعلي الثابت و المنير محدث نوره يقينا و ليس بمحدث الجنس الاعلي يقينا لانه لم‌يحدث نفسه و ما المراد من هذا الاشتراك قلت هذه مسألة عويصة و ان وفقت للسؤال فاسأل ان يوفقك لاستماع الجواب فلاكل سائل يلقي السمع و يوفق للاستماع فاعرني سمعك و بصرك و قلبك و حواسك حتي تفهم الجواب.

اعلم وفقك الله تعالي انه لاشك في ان جميع ماسوي الاحد جل شأنه ممكن و يخلق امكان الممكن قبل كونه اذ لو لم‌يخلق قبله و خلق بعده لكان الشيء واجبا و اما المساوقة مع البينونة فلايصح ان يكون المباين امكان المباين و اما مع الاتحاد فلايتحد العدم مع الوجود فامكان كل شيء خلق قبله و الامكان امكانان امكان صالح للفعل كامكان فعلك ان تكتب به الالف و الباء و الجيم و امكان صالح للانفعال و التصور كامكان المداد ان يكون الفا و باءا و جيما فالامكان الاول لايؤخذ

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۶ *»

منه حصة للالف و لايعرض صورة الالف عليها و لا صورة الباء و غيرها و انما كل حصة منها صالحة لان تتعلق بايجاد الالف و الباء و يمكن صدور الالف من كل حصة و صدور الباء من كل حصة و هكذا و اما الامكان الثاني فهو يؤخذ منه حصة للالف و تلبس عليها صورة‌ الالف و هذه الحصة حين كونها لابسة صورة الالف ليست لابسة صورة الباء و هي غير الحصة اللابسة صورة الباء و هكذا يتحصص هذا الامكان بعدد جميع الافراد و من لم‌يفرق بين هذين لم‌يعرف حقيقة الحق و الفرق بينهما ان الامكان الاول يصدق علي كل فرد فرد و يحيط بها و يطويها طي الاحد للاعداد كما تري ان الفرس حيوان و الغنم حيوان و الابل و البقر و النعامة و غيرها كلها حيوان بالبداهة كما ان الواحد احد و الاثنان احد و الثلثة احد و هكذا و تنفي بنفي الاحد فقولك ما رأيت احدا ينفي الكل و رأيت احدا يثبت كل واحد علي البدلية و اما السيف فليس مما منه السكين و السكين ليس مما منه الوتد مثلا و ان قلت هي كلها من الحديد قلت هو الحديد الدهري الجنسي كالحيوان في المثال الاول و اما ما صنع منه السيف في عالم الزمان لم‌يصنع منه السكين و ما صنع منه السكين لم‌يصنع منه الوتد فهذا هو الفارق بينهما.

فاذ قد عرفت ذلك فاعلم ان النور و المنير عند الامكان الاعلي مطويان ليس كل واحد منهما من حصة من العالي ولكن العالي امكان ايجاد و احداث لا امكان انوجاد و حدوث فهما قائمان في صف واحد عند العالي خلقهما بفعله و ان خلق المنير بنفسه و خلق النور بالمنير و للمنير فان قلنا ان المنير محدث نوره و هما مشتركان في الاعلي لم‌يلزم منه ان يكون المنير محدث الامكان الاعلي بل الامكان الاعلي منيرهما و محدثهما فالمنير نوره الاول و النور نوره الثاني اي نور نوره فافهم ان كنت تفهم و اما القسم الاول اي ما اتحد مادته مع الاخر فهما اثرا مؤثر اعلي لم‌يسبق احدهما الاخر و هما كالالف و الباء ليس احدهما مؤثرا للاخر و هما معا اثرا حركة يد الكاتب.

و اذ قد عرفت هذه المقدمة فاعلم ان محمدا و آ‌له الطيبين صلوات الله عليهم اجمعين جميعهم من نور واحد نوعي و طينة واحدة نوعية و ارواحهم من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۷ *»

روح واحد نوعي بل و اجسامهم من جسم واحد نوعي كما تقرأ في الزيارة و ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض و قد شاع و ذاع بين العامة و الخاصة قوله9 علي مني و انا منه و حسين مني و انا من حسين و انا و علي من نور واحد و امثال ذلك فهم سلام الله عليهم في عرض واحد ليس بين اثنين منهم اثرية و مؤثرية و قد اثبتنا في الحكمة ان فعل المصاقع في المصاقع تكميل و فعل العالي في الداني تأثير فليس آل محمد صلوات الله عليهم من شعاع محمد  المنفصل بل هم منه و هو منهم كزيد و عمرو ففعل محمد9 في علي و آله سلام الله عليهم فعل تكميل لا فعل تأثير و لذا قال علي7 انا من محمد9 كالضوء من الضوء و لذا قال هنا كاقتباس المصابيح و من البين عند اهل الفلسفة و الحكمة ان المصباح لايتوقد من المصباح الا بالتكميل و ليس مثل المصباح الثاني عند المصباح الاول الا كجزء الدهن الثاني الواصل الي الشعلة و ليس هو الا بالتكميل فان النار كامنة في الدهن ضعيفة فاذا لاقاها النار من الخارج تقوت و تكملت حتي غلبت علي الاجزاء الباردة الرطبة فحللتها و بددتها و فككت اجزاء الدهن حتي جعلتها دخانا صاعدا بقوة الحرارة فاذا احمته و احمر صار شعلة و هكذا يعمل هذا المشتعل في الدهن الثاني سواءا اتصل به او انفصل فالسراج يتوقد من السراج بالتكميل و انما مثل علي7 عند رسول الله9 مثل الدهن عند السراج المشتعل فكان في علي بالقوة ماكان في رسول الله بالفعل في التكوين و التشريع فاذا قارن رسول الله9 توقد و ظهر عليه من الوجود و التوحيد و القدرة و العلم و الحيوة و الكمال ماكان في رسول الله9 ظاهرا و لافرق بينه و بين النبي9 الا في كلمة واحدة و هي ان رسول الله9 كانت زيت وجوده يكاد يضيء و لو لم‌تمسسه نار المشية المتجلية فيه فهو المشتعل بنفسه اول مرة بالاصالة و علي مشتعل برسول الله9 ثم الحسن7 كذلك مشتعل بعلي و الحسين7 مشتعل بالحسن او

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۸ *»

هما مشتعلان بعلي7 ثم القائم7 مشتعل بالحسين ثم الائمة: مشتعلون بالقائم عجل الله فرجه و لم‌يصل الينا ترتب الثمانية و هذه الاقتباسات المذكورة في المتن هي الاقتباس التكويني الظهوري في هذه الدنيا فان في هذه الدنيا تولد فاطمة من محمد9 و اهتدت به و تولد من نوره علي7 حين اهتدي بهداه ثم تولد من فاطمة و من علي8 الحسن و الحسين و خلق جميعهم من النور نور المشية و شعاعها و اما في الواقع فنور فاطمة3 مقتبس من نور الائمة: لان الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض و هي و ان كانت احدي الكبر نذيرا للبشر الا انه بالنسبة الي سائر الائمة عند انفسهم فاطمة تكون في مقام النساء المخلوقة من جانب النفس و الائمة: في مقام الجانب الايمن و العقل ففي حديث سلمان قال9 يا سلمان خلقني الله من صفاء نوره فدعاني فاطعته و خلق من نوري عليا فدعاه الي طاعته فاطاعه و خلق من نوري و نور علي فاطمة فدعاها فاطاعته و خلق مني و من علي و من فاطمة الحسن و الحسين فدعاهما فاطاعاه الي ان قال ثم خلق من نور الحسين تسعة‌ ائمة فدعاهم و اطاعوا الخبر و الاخبار في ذلك تزيد علي حد الاحصاء و قوله عليه السلام هم خلقوا من الانوار يعني في مقام الظهور في القوابل و الا ففي مقام الذات خلقوا من نور واحد كما قال رسول الله9 خلقت انا و علي من نور واحد و قال الباقر7 كان الله و لا شيء غيره لا معلوم و لا مجهول فاول ما ابتدأ من خلق خلقه ان خلق محمدا و خلقنا اهل البيت معه من نور عظمته فاوقفنا اظلة خضراء بين يديه الخبر و ذلك ان فؤادهم هو الفؤاد الكلي و هو لايتعدد و عقلهم هو العقل الكلي و روحهم هو الروح الكلي و هكذا فلايعقل فيهم التعدد فلما ظهروا في القوابل المختلفة بحسب الامكنة و الاوقات ظهروا في كل عصر علي ما يقتضيه ففي مقام الظهور خلقوا من الانوار

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲۹ *»

و في مقام الحقيقة هم من نور واحد و روح واحد و نفس واحدة و طينة واحدة فذلك الواحد ظهر في الشهادة بمراتب تشكيكية مختلفة و في مقام الحقيقة واحد فافهم ان شاء الله.

قال7 و انتقلوا من ظهر الي ظهر و من صلب الي صلب و من رحم الي رحم في الطبقة العلياء من غير نجاسة بل نقلا بعد نقل لا انه ماء مهين و لا نطفة جسرة كساير خلقه بل انوار انتقلوا من اصلاب الطاهرين الي ارحام المطهرات لانهم صفوة الصفوة الي آخر.

اعلم ان درك هذه المسألة من المشكلات كحقيقة جميع المسائل و الناس في غفلتهم يزعمون انهم ادركوا شيئا و هم لايعلمون الا ظواهر ما ادركته اعينهم او سمعته آذانهم او شمته انوفهم او ذاقته السنتهم او لمسته اناملهم او تخيله خيالهم من اشباح هذه الاشياء لا غير و اري ان الكاملين الواصلين الي الحقائق لما لم‌يروا احدا يفهم السنتهم تكلموا معهم علي قدر عقولهم و عقولهم في حواسهم فشبهوا لهم الحقائق بمادة او صورة لون او صوت او ريح او كيفية و امثالها و وصفوا لهم بذلك الحقائق فتعلموه منهم و زعموا انهم وصلوا الي حقيقة الحق شحيحين به متبجحين و هم غافلون انهم تكلموا معهم بالصبيانية لانهم لايعرفون غير ذلك و الحقيقة لاتؤدي باللسان و انما تعرف بالجنان بمشاهدة العيان و ليس عنها بيان و هم ينادون علي انفسهم بقولهم:

و عبرت عن خلي بليلي و تارة

بهند فما ليلي عنيت و لا هندا

قال الله تعالي و تلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الا العالمون و قال ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد بالجملة و هذه المسألة منها و انا ارجو الله سبحانه ان اذكر لك في هذا المقام بما يمكنني من الكلام اعلم ان الله جل و عز احد ليس له وقت فيسبق جزء منه علي جزء و يتأخر جزء عن جزء فليس له ماض و لا حال و لاغابر اذ لا وقت له و الازل

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۰ *»

عين ذاته الاحدية بلااختلاف اعتبار و هو جل و عز لاينتظر لنفسه حدوث كمال و لا بروز جمال و هو احد لايفقد نفسه ابدا و لم‌يكن فاقدا لنفسه ابدا فخلق مشية واحدة بنفسها فلايعقل سبق عدم عليها فان المعدوم لايوجد نفسه و هو موجود بنفسه و لا لحوق عدم بها فانها نفسها سبب وجود نفسها و لاتغيب عن نفسها فلاتنتظر لنفسها زيادة و لاتخاف نقيصة لعين ذلك و وقتها السرمد فهي مستمرة بالفعل لاتجدد في ذاتها و ان كانت تتجدد في تجلياتها و كل يوم هي في شأن لكن جف قلم ايجاد فعلياتها و ختم علي فمه فلاينطق ابدا و بهذه المشية خلق الله الدهر بجميع اجزائه فظهرت المشية في الدهر علي التدرجات الدهرية و اظهرت فيه شيئا بعد شيء لا من حيث نفسها بل من حيث قوابله و امثل لك مثالا لو وقف قبالك رجال علي فواصل كثيرة و انت ناديت بنداء فانما الصادر منك نداء واحد بميزان واحد ولكنهم يسمعونه واحدا بعد واحد فتدرج السماع من حيث قربهم و بعدهم لا من حيث الصوت الواحد الصادر منك و كذلك النور الصادر من المشية واحد لاتعدد فيه فلما وقع في المرايا الدهرية حدث فيه التقدم و التأخر و المتقدم والمتأخر في الحضور السرمدي حاضران معا لايسبق احدهما الاخر ولكن في الدهر ليس المتأخر في حد المتقدم و لايري المتقدم المتأخر و لايأتي المتأخر ما لم‌يذهب المتقدم ولكن مع ذلك للدهر جمعية بالنسبة الي الزمان بحيث ان جميع الزمان كان من الدهر و جميع الزمان كائنا ماكان حاضر لدي الدهر و الدهر يحويه و يطويه في آن منه و انما تجدداته في نفسه و في مراتبه لايحس به الزماني و لايعقله فخلق الله بمشيته الظاهرة في الدهر الزمان و خلق بها جميع الزمان في آن واحد دهري لايتقدم يوم منه علي يوم و لايتأخر آن منه عن آن بل جميعها حاضر بحضور واحد في حضرة الدهر في امكنة وجودها و مقامات حدودها و ذلك لان الدهر يطويها طيا و انما يظهر نور المشية في الزمان علي تجدد آن بعد آن و حين بعد حين و شيء بعد شيء و لايطلع سابقه علي لاحقه و لايأتي لاحقه حتي يذهب سابقه و لكل من اجزائه حد محدود و مقام شهود و مع ذلك كل فعلية منه ممكن في قوة الفعلية الاخري كالالف و الباء انهما فعليتان لكن الالف ممكن في

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۱ *»

مداد  الباء و الباء ممكن في مداد الالف فالالف معدوم في الباء و الباء معدوم في الالف و لاجل ذلك يكون الغد معدوما في اليوم و كذلك الامس معدوما في اليوم و الموجود من الزمان لك و عندك هو الان وحده ولكن الدهر يري الامس و اليوم و الغد في آن واحد و محضر واحد صافة في صف واحد فالزمان علي ما تري و الدهر قائم فوقه و هما متلازمان فلادهر بغير زمان و لا زمان بغير دهر و لا سرمد بغير دهر و لا زمان لكن كل في مكانه و حده فالزماني زماني في الزمان و الزمان دهري في الدهر و الدهر سرمدي في السرمد و السرمد دائم مستمر لاينفد فاذ قد عرفت ذلك فاعلم ان الله خلق انوار محمد و علي و آلهما: قبل كل شيء فكانوا في مقامهم الاعلي و لا شيء لا موجود و لا معدوم و لا معلوم و لا مجهول ثم بدا له فخلق الخلق و اختار في رتبة الخلق ابدانا لهم اختارها علي ساير الابدان و اصطفاها علي جميع ما في صقعها فانطبع انوارهم العالية في تلك الابدان المصطفاة فنطقت باذن الله و عملت و تحركت كما شاء الله و هذا معني قوله قد انزل الله اليكم ذكرا رسولا و معني قوله بلسان بدنه انا بشر مثلكم يوحي الي بذلك الانطباع انما الهكم اله واحد و لم‌يوح اليكم شيء و  قوله ما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه و تلك الابدان واقفة تحت تلك  الانوار دهرا و رتبة ابدا في مقامها و ان كانت و لم‌تكن في بعض الاوقات و تلك الانوار واقفة فوق تلك الابدان دهرا و رتبة ابدا و لتلك الانوار جمعية و فعليات حاضرة لاتدرج فيها و لتلك الابدان فعليات متدرجة تأتي آنا بعد آن و حينا بعد حين و ذلك الروح خزانة هذا البدن و هذا البدن تنزل ذلك الروح لولا هذا البدن هنا لم‌يكن ذلك الروح هناك لان البدن هو السائل للروح من المبدء و الروح هو اجابة سؤاله قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم و لولا ذلك الروح هناك لم‌يكن هذا البدن هنا لان البدن تنزل الروح و غليظه و كثيفه فان لم‌يكن البدن المستعد هنا لم‌يكن الروح هناك و ان كان كان فلم‌يكن روح زيد في الدهر قبل تولد بدن زيد في الدنيا يعني قبل تولده في الدنيا لم‌يكن لسان سائل من الله في تلك الايام روحا فلم‌يكن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۲ *»

الله مجيبا من غير دعوة و لا خالقا من غير اقتضاء و لو كان خلق روحا لكان خالقا بلااقتضاء من الخلق بل باقتضاء من نفسه و لا اقتضاء لنفسه فلم‌يكن خالقا روح زيد في الدهر المستعلي علي هذه الايام فاذا تولد بدن زيد و حصل لسان سائل اجاب الله دعوته و خلق روح زيد فوقه و قبله باربعة الاف عام و هذا معني قول مشايخنا اعلي الله مقامهم اني اذا لم‌اخبرك بقيام زيد لم‌تكن تعلم قيام زيد في عالم من العوالم و اذا اخبرتك به كنت عالما قبل اخباري اياك باربعة الاف عام و لامثلن لك مثالا حتي تعرف المراد فانه مشكل جدا انت لو كان عندك خمر و هي جسد زماني جسماني مشهود هل لهذه الخمر دهرية ام لا بل نعم لها دهرية و هي الخمر المطلقة الدهرية و هذه فرد من افرادها و ظهور من ظهوراتها منطوية تحتها يقينا ففوق هذه الخمر الخمر المطلقة الدهرية و قبلها باربعة الاف عام لان الدهر خلق قبل الزمان بهذه المدة و ليس فوقها خل مطلق و لايري فيها و ان ما يري فيها الخمر المطلق الدهري كما تري فاذا استحالت و صارت خلا اليست تحت الخل الدهري و هو مقدم و سابق عليه باربعة الاف عام و الذي يري فيه و تجلي فيه هو الخل الدهري لا الخمر المطلقة فهذا الجسم كان كمرآة فما قابلت الخمر ظهر عكسها فيها و اذا قابلت الخل ظهر عكسه فيها فمادامت خمرا دهريتها خمر لا خل و اذا صارت خلا فدهريته خل لا خمر و كذلك انت فمادام لم تسمع بقيام زيد انت جاهل هنا و بدنك واقع تحت الجاهل و لذا ظهر عليه الجاهل فانت في الدهر جاهل و كنت جاهلا به باربعة آلاف عام قبل ذلك و اذا سمعت قيام زيد و علمت هنا فانت كنت عالما في الدهر قبل ذلك باربعة آلاف عام و لا اظنك تجد هذا المطلب الصعب في كتاب باوضح من ذلك فهكذا مادامت العناصر لم‌تتركب لبدن زيد هي واقعة تحت دهري آخر و تري ذلك الدهري فيها لا غير فاذا تركبت لبدن زيد و وجد قابل روح زيد و انطبع فيه عكسه و كان مخلوقا قبل بدنه باربعة آلاف عام فلاجل ذلك فقل ان ولدا لم‌يخلق لي بعد هنا ليس له ذكر في عالم من العوالم الي المشية العليا فاذا خلق هنا ولد كان في الخزاين العليا الي المشية قبل ذلك بثمانية آلاف سنة فعلي هذا البيان الرشيق انت ما لم‌تخرج الي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۳ *»

الدنيا في ما مضي من الزمان لم‌يكن لك ذكر في الدهر و لا في السرمد و ان كان الدهر محيطا بجميع الزمان و جميع الزمان منه كطرفة عين و كذا و ان كان السرمد محيطا بهما جميعا و هما منه اقل من طرفة عين كما عرفت و رأيت و الحمد لله و مع ذلك نقول ان روح زيد كان في الدهر و خلق قبل بدنه باربعة آلاف عام لكن كان في ازمنة عدمه في غيب العناصر و لم‌يكن يظهر الي ان خلق الله اباه و امه و خلق نطفته فكان في غيب نطفته و تحول الي علقته و الي مضغته و الي عظامه و الي كسوته لحما فاذا اعتدل مزاج بدنه و استقام تركيبه و رقت ابخرة اخلاطه و انتضج ظهر عليه الروح و في جميع الاوقات السابقة كان في غيب العناصر فان الدهر لايحل في الزمان كحلول ماء في كوز او شبح في مرآة حقيقة ولكن الدهر في الزمان داخل لا كدخول شيء زماني في شيء زماني و خارج عنه لا كخروج شيء زماني عن شيء زماني فالروح كان في غيب هذه الاجسام و نسبته الي الجهات الجسمانية سواء و لذا لو خلق بدن كبدن زيد في المشرق او المغرب او السماء او الارض في اي مكان خلق و استعد ظهر عليه ذلك الروح و لذا يكون نسبة روح الاموات بالنسبة الي جميع الامكنة و الاوقات واحدة يرون المشرق و المغرب و السماء و الارض علي حد سواء و لذلك تسلم علي شهداء الطف من قريب البلاد و بعيدها و لولا انهم يسمعون ما كان للسلام عليهم فائدة فهم يسمعون من جميع الامكنة و انما يؤتي مواضع قبورهم تبركا و تذكرا و لان ارواحهم اشوق الي قبورهم من غيرها و هي اشد انتسابا بهم.

فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فاعلم ان الله سبحانه خلق ارواح محمد و آل محمد: قبل ساير الموجودات بالف الف دهر بل كانت حقايقهم سرمدية لايحصي امدها و لايستقصي حدها كما روي في العوالم عن محمد بن سنان قال كنت عند ابي‌جعفر الثاني7 فذكرت اختلاف الشيعة فقال ان الله لم‌يزل فردا متفردا في وحدانيته ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة فمكثوا الف الف دهر ثم خلق الاشياء و اشهدهم خلقها و اجري عليها طاعتهم و جعل فيهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۴ *»

منه ما شاء و فوض امر الاشياء اليهم فهم قائمون مقامه يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاءوا و لايفعلون الا ما شاء الله فهذه الديانة التي من تقدمها غرق و من تأخر عنها محق خذها يا محمد فانها من مخزون العلم و مكنونه و من الاختصاص عنهم: ان الله خلقنا قبل الخلق بالفي الف عام فسبحنا فسبحت الملائكة لتسبيحنا انتهي.

بالجملة ان الله خلقهم في عرصتهم قبل خلق الخلق فكانوا يسبحون الله حيث لاتسبيح و يهللون حيث لاتهليل الي ان بدا لله في الخلق فخلق ما خلق من فضل انوارهم و جميع الخلق من فاضل انوارهم و اشعتهم فقريب دان في قربه مستشرق علي نهج الكمال و بعيد ناء في بعده ناقص في الاستضاءة و الاحتمال و لكل منا مقام معلوم و ليس المراد بالقرب و البعد القرب و البعد المكاني بل الاستعدادي فلم‌يظهر نورهم صلوات الله عليهم في كل شيء غلظ و كثف و لم‌يعتدل و ظهر نورهم في كل شيء رق و لطف و اعتدل و صفا و كذا لم‌يظهر في كل زمان لم‌يستعد نوع العالم لظهوره و ظهر عند حصول الاستعداد كما مثلنا آنفا بالروح و النطفة و العلقة فكانوا صلوات الله عليهم في غيب هذا العالم فان نسبتهم الي اول الزمان و آخره واحدة فكانوا في غيب العالم و كان العالم لكثافته حجابا لهم لايظهر فيه نورهم و كل شيء رق و صفا حكي من نورهم بقدره حتي ان المعدن لماحصل فيه رقة ما و صفاء ما حكي من نورهم بقدر صفائه فظهر فيه بعض القوي و وحدانية ما و صار منشأ آثار ما و النبات لما صار الطف و ارق و اصفي واعدل صار يحكي من نورهم و كمالاتهم اكثر فبدا فيه القوي و الحيوة و النفس النباتية و الحركة في مركزه و الحيوان لما صار ارق و اصفي و اعدل صار احكي لنورهم و كمالهم حتي ظهر فيه الحس و الحركة و الارادة و الانتقال من مكانه و الانتزاع من محل وجوده و حصل له ملكة و قدرة و رضاء و غضب و حب و بغض و الانسان لما صار اعدل و اصفي و ارق و الطف حكي من انوارهم و كمالاتهم و صفاتهم ما لايحكيه مادونه فصار ذا علم و حلم و ذكر و فكر و نباهة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۵ *»

و نزاهة و حكمة و قدرة و تصرف و احداث و ايجاد و تأثير و لما وجد مثل ابدان الانبياء صارت تحكي اكثر و اوفر لشدة اعتدالهم و صفائهم و قلة حجبهم لشيء من انوارهم فنطقوا بالنبوة و قدروا علي المعجزة و نطقوا بالحكمة و صار لهم من الفضل ما لهم الي ان خلق في العالم ابدانهم المعتدلة الكاملة الصافية التي ليس في جميع الزمان ابدان اكمل منها و لا اعدل و لا اصفي و لا ارق و لا اطوع للغيب فكانوا بذلك المصطفين المرتضين المجتبين و صفوة الله و خيرة الله و علي ما هم عليه مما يعجز اللسان عن تمجيدهم و تقديسهم فنطقوا باسرار الربوبية و النبوة الكلية و الولاية المطلقة و ظهر من ايديهم تلك القدرة و من لسانهم تلك الحكمة و من اعضائهم تلك السيرة و من اخلاقهم تلك الشيمة و الغرض ان انوارهم كانت في غيب هذه الدنيا محجوبة بحجب انيات الاشياء و كانت تظهر في كل شي‌ء رق و صفي و لماكان آدم علي نبينا و آله و7 نبيا مرسلا صافيا معتدلا و اول الخلق ظهر تلك الانوار من جبهته و لسانه و يده و اعضائه و لم‌يظهر في غيره و لم‌يكن غيره مستعدا لماكان مستعدا له و كان كذلك الي ان خلق وصيه في بطن حواء و استعدت حواء و استعدت تلك النطفة في رحمها بدت انوارهم من جبهتها و لما ولد شيث بدا انوارهم من جبهته و نطق بآثارها لسانه و جرت بها يده دون ساير ولده لانهم لم‌يكونوا معتدلين مستعدين لذلك فكان كذلك الي ان ظهر له مستعد لذلك النور فظهر منه و هكذا الي ان وجد عبدالله مستعدا لحيث النبوة و وجد ابوطالب مستعدا لحيث الولاية انقسم ذلك النور فيهما يعني كل واحد منهما قابل جهة من جهات ذلك النور الوحداني الدهري و حكيها فتولد من عبدالله و آ‌منة ولد جامع كامل حاك لجميع جهات تلك الانوار من حيث ربها و تولد من ابي‌طالب و فاطمة ولد جامع كامل حاك لجميع جهات تلك الانوار من حيث نفسها فكان ذاك نبيا و هذا وليا فافهم ان كنت تفهم فقد اوضحت لك السبيل و عرفتك الدليل كما رواه في العوالم في حديث طويل شريف لم‌يمنعني من رسمه بكله الا طوله عن الباقر7 ثم اودعنا بذلك النور صلب آدم7 فمازال ذلك النور ينتقل من الاصلاب و الارحام من صلب الي صلب و لا استقر في صلب

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۶ *»

الا تبين عن الذي انتقل منه انتقاله و شرف الذي استقر فيه حتي صار في صلب عبدالمطلب فوقع بام عبدالله فاطمة فافترق النور جزئين جزء في عبدالله و جزء في ابي‌طالب فذلك قوله تعالي و تقلبك في الساجدين يعني في اصلاب النبيين و ارحام نسائهم فعلي هذا اجرانا الله تعالي في الاصلاب و الارحام و ولدنا الاباء و الامهات من لدن آدم7 انتهي و من البين ان الاصلاب القذرة و الارحام النجسة التي وجدت باقتضاء دواعي النفس و الشهوات و اطاعة الشيطان و بذلك صارت بعيدة عن الرحمة و محرومة عن دخول الجنان لاتكاد تتحمل تلك الانوار و لم‌تكن متوجهة الي اعلي عليين حتي ينطبع فيها انوارهم ابدا و بسوء اعمالهم و افعالهم التي منعوا بها من الجنان ممنوعون عن حكاية انوار الرحمن يقينا فلااشكال في انهم سلام الله عليهم كانوا ابدا في اصلاب طيبة و ارحام طاهرة و بيوت رفيعة لان غيرها لم‌يكن مستعدا متوجها اليهم فلم‌يظهروا الا في بيوت اذن الله ان ترفع و يذكر فيها اسمه بل لايجوز ان يكون احد من آبائهم كافرا مشركا معرضا عن الله و عن التوجه الي اعلي عليين و كيف ينطبع انوار الله في قلوب طبع الله عليها بكفرهم و اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات و اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون و الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات و الطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات و انا مورد لك هنا خطبة لعلي7 رواها في العوالم في ذكر آباء النبي صلوات الله عليهم و آله اجمعين بطولها لكثرة محصولها قال7 الحمد لله الذي توحد بصنع الاشياء و فطر اجناس البرايا علي غير اصل و لا مثال سبقه في انشائها و لا اعانة معين علي ابتداعها بل ابتدعها بلطف قدرته فامتثلت في مشيته خاضعة ذليلة مستحدثة لامره الواحد الاحد الدائم بغير حد و لا امد و لا زوال و لا نفاد و كذلك لم‌يزل و لايزال لاتغيره الازمنة و لاتحيط به الامكنة و لاتبلغ صفاته الالسنة و لاتأخذه نوم و لاسنة لم‌تره العيون فتخبر عنه برؤية و لم‌تهجم عليه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۷ *»

العقول فتتوهم كنه صفته و لم‌تدر كنه صفته و لم‌تدر كيف هو الا بما اخبر عن نفسه ليس لقضائه مرد و لا لقوله مكذب ابتدع الاشياء بغير تفكر و لامعين و لا ظهير و لا وزير فطرها بقدرته و صيرها الي مشيته و صاغ اشباحها و برأ ارواحها و استنبط اجناسها خلقا مبروءا مذروءا في اقطار السموات و الارضين لم‌يأت بشيء علي غير ما اراد ان يأتي عليه ليري عباده آيات جلاله و آلائه فسبحانه لا اله الا هو الواحد القهار و صلي الله علي محمد و آله و سلم تسليما اللهم فمن جهل فضل محمد9 فاني مقر بانك ما سطحت ارضا و لا برئت خلقا حتي احكمت خلقه و اتقنته من نور سبقت به السلالة و انشأت آدم له جرما فاودعته منه قرارا مكينا و مستودعا مأمونا و اعذته من الشيطان و حجبته عن الزيادة و النقصان و حصلت له الشرف الذي يسامي به عبادك فاي بشر كان مثل آدم فيما سابقت به الاخبار و عرفتنا كتبك في عطاياك اسجدت له ملائكتك و عرفته ما حجبت عنهم اذ تناهت به قدرتك و تمت فيه مشيتك دعاك بما اكننت فيه اجبته اجابة القبول فلما اذنت اللهم في انتقال محمد9 من صلب آدم الفت بينه و بين زوج خلقتها له سكنت و وصلت لهما به سببا فنقلت من بينهما الي شيث اختبارا له بعلمك فأنه بشر كان اختصاصه برسالتك ثمّ نقلته إلي‏ انوش‏، فكان خلف أبيه في قبول كرامتك و احتمال رسالتك، ثمّ قدرت المنقول إليه قينان و الحقته في الخطوة بالسّابقين و في المنحة بالباقين، ثمّ جعلت مهلائيل رابع اجرامه قدرة تودعها من خلقك من تضرب لهم بسهم النّبوّة و شرف الابوة حتّي انما قبله برد عن تقديرک تناهي به تدبيرك إلي اخنوخ‏ فكان مأوي من جعلت من الاجرام ناقلا للرّسالة و حاملا اعباء النبوة فتعاليت يا ربّ لقد لطف علمك و جلّت قدرتك عن التفسير الّا بما دعوت إليه من الاقرار بربوبيّتك، و أشهد انّ الاعين لا تدركك و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۸ *»

الاوهام لا تلحقك و العقول لا تصفك و المكان لا يسعك و كيف يسع من کان قبل المكان و خلق المکان، أم كيف تدركه الاوهام و لم‌تؤمر الاوهام علي امره و کيف تؤمر الاوهام علي امره و هو الذي لا نهاية له و لا غاية، و كيف تكون له نهاية و غاية و هو الذي ابتدأ الغايات و النهايات، أم كيف تدركه العقول و لم يجعل لها سبيلا إلي إدراكه، و كيف يكون لها ادراک بسبب و قد لطف بربوبيّته عن المحاسّة و المجاسّة، و كيف لا يلطف عنهما من لا ينتقل عن حال إلي حال و کيف ينتقل من حال الي حال و قد جعل الانتقال نقصا و زوالا فسبحانك ملأت كل شي‏ء و باينت كلّ شي‏ء، فانت الّذي لا يفقدك شي‏ء انت الفعّال لما تشاء تباركت يا من كلّ قدر من خلقه و كلّ محدود من صفته، أنت الّذي لا يستغني عنك المكان و لا نعرفك إلا بانفرادك بالوحدانيّة و القدرة، و سبحانك ما ابين اصطفائك ادريس علي من سلك من الحاملين لقد جعلت له دليلا من كتابك، إذ سمّيته صدّيقا نبيّا و رفعته مكانا عليّا و انعمت عليه نعمة حرّمتها علي خلقك الا من نقلت إليه نور الهاشميّين و جعلته أوّل منذر من أنبيائك. ثمّ اذنت في انتقال محمّد9 من القابلين له متوشلح و لملك المفضين إلي نوح فأي آلائك يا ربّ علي ذلک لم توله و اي خواص كرامتك لم تعطه. ثم اذنت في ايداعه ساما دون حام و يافث، فضربت لهما بسهم في الذلّة و جعلت ما اخرجت من بينهما لنسل سام خولا، ثمّ تتابع‏ عليه القابلون من حامل إلي حامل و مودع إلي مستودع من عترته في فترات الدهور حتّي قبله تازح اطهر الاجسام و اشرف الاجرام، و نقلته منه إلي ابرهيم فاسعدت بذلك جده و اعظمت به مجده و قدّسته في الاصفياء و سمّيته دون رسلك خليلا، ثمّ خصصت به اسمعيل دون ولد إبراهيم فأنطقت لسانه بالعربيّة الّتي فضّلتها علي سائر اللّغات فلم تزل تنقله محذورا عن الانتقال في کل مقذوف من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳۹ *»

اب إلي اب حتّي قبله كنانة عن مدركة فاخذت له مجامع الكرامة و مواطن السّلامة و اجللت له البلدة الّتي قضيت فيها مخرجه. فسبحانك لا إله إلا أنت اي صلب اسكنته فيه لم ترفع ذكره و أيّ نبيّ بشّر به فلم يتقدم في الأسماء اسمه و أيّ ساحة سلكت به لم تظهر بها قدسه حتّي الكعبة الّتي جعلت منها مخرجه، غرست أساسها بياقوتة من جنّات عدن و امرت الملكين المطهّرين جبرئيل و ميكائيل فتوسّطا بها ارضك و سمّيتها بيتک و اتّخذتها معمدا لنبيّك و حرمت وحشها و شجرها و قدّست حجرها و مدرها و جعلتها مسلكا لوحيك و منسكا لخلقك و مأمن المأكولات و حجابا للآكلات العاديات، تحرم علي انفسها اذ صار من اجرت، ثمّ اذنت للنضر في قبوله و ايداعه مالكا ثم من بعد مالك فهرا، ثمّ خصصت من ولد فهر غالبا و جعلت كلّ من تنقله إليه أمينا لحرمك حتّي إذا قبله لوي بن غالب آن له حركة تقديس فلم تودعه من بعده قلبا إلا جلّلته نورا تأنس به الأبصار و تطمئن اليه القلوب. فأنا يا الهي و سيّدي و مولاي المقرّ لك بأنك الفرد الذي لا ينازع و لا يغالب و لا يشارك، سبحانك لا إله الا أنت، ما لعقل‏ مولود و فهم مفقود، مدحق من ظهر مريج نبع من عين مشيج بمحيض لحم، و علق در الي فضالة الحيض و علالات الطّعم، و شاركته الاسقام و التحفت عليه الآلام، و لايقدر علي فعل و لا يمتنع من علة ضعيف التركيب و البنية ماله و الاقتحام علي قدرتك و الهجوم علي ارادتك و تفتيش ما لا يعلمه غيرك سبحانك أيّ عين تقوم نصب بهاء نورك و ترقي إلي نور ضياء قدرتك و أيّ فهم يفهم مادون ذلك إلا أبصار كشفت عنها الاغطية و هتكت عنها الحجب العمية، خرقت أرواحها إلي اجنحة الارواح فناجوک في ارکانک و الحوا بين انوار بهائک و نظروا من مرتقي التربة إلي مستوي كبريائك فسمّاهم أهل الملكوت زوّارا و دعاهم أهل الجبروت عمارا. فسبحانک يا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۰ *»

من ليس في البحار قطرات و لا في متون الأرض جنيات و لا في رتاج الرّياح حركات و لا في قلوب العباد خطرات و لا في الأبصار لمحات و لا علي متون السّحاب نفحات إلا و هي في قدرتك متحيّرات أمّا السّماء فتخبر عن عجائبك و أمّا الأرض فتدلّ علي مدائحك و امّا الرّياح فتنشر فوائدك و أما السحاب فتهطل مواهبك و كلّ ذلك يحدث بتحنّنك و يخبر افهام العارفين بشفقتك، و أنا المقرّ علي ألسن اصفيائك ان أبانا آدم7 عند اعتدال نفسه و فراغك من خلقه رفع وجهه فواجهه من عرشك، وسم فيه لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه فقال الهي من المقرّون باسمك فقلت محمّد خير من اخرجته من صلبك و اصطفيته بعدك من ولدك و لولاه ما خلقتك‏ فسبحانك لك العلم النافذ و القدر الغالب، لم تزل الآباء تحمله و الاصلاب تنقله، كما انزلته ساحة صلب جعلت له فيها صفا يحثّ‏ العقول علي طاعته و يدعوها إلي متابعته، حتّي نقلته إلي هاشم خير آبائه بعد إسمعيل، فايّ أب و جدّ و والد اسرة و مجتمع عترة و مخرج طهر و مرجع فخر جعلت يا ربّ هاشما، لقد اقمته لدن بيتك و جعلت له المشاجر و المتاجر، ثمّ نقلته من هاشم إلي عبد المطلب، فانهجته سبيل إبرهيم و الهمته رشدا للتأويل و تفصيل الحقّ و وهبت له عبداللّه و أباطالب و حمزه و فديته في القربان بعبداللّه كسمتك في إبراهيم بإسماعيل و وسمت بأبي طالب في ولده كسمتك في إسحاق بتقديسك عليهم و تقديم الصّفوة لهم. فلقد بلغت يا الهي ببني أبي طالب الدّرجة الّتي رفعت إليها فضلهم في الشّرف الّذي مددت به أعناقهم و الذّكر الّذي جلت به اسمائهم و جعلتهم معدن النّور و جنّته، و صفوة الدّين و ذروته، و فريضة الوحي و سنّته، ثمّ اذنت بعبد اللّه في نبذه عند ميقات تطهير أرضك من كفّار الامة الّذين نسوا عبادتك و جهلوا معرفتك و اتخذوا أندادا و جحدوا ربوبيّتك و انكروا وحدانيّتك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۱ *»

و جعلوا لك شركاء و أولادا و صبوا إلي عبادة الاوثان و طاعة الشيطان فدعاك نبيّنا صلوات الله عليه بنصرته فنصرته بي و بجعفر و حمزة، فنحن الذين اخترتنا له و سمّيتنا في دينك لدعوتك أنصارا لنبيّك قائدا إلي الجنة خيرتك و شاهدنا أنت ربّ السّماوات و الأرضين، جعلتنا ثلثة، ما نصب لنا عزيز إلا اذللته بنا، و لا ملك إلا طحطحته بنا، اشدّاء علي الكفّار رحماء بينهم تريهم ركّعا سجّدا و وصفتنا يا ربّ بذلك و انزلت فينا قرآنا جليت به عن وجوهنا الظّلم و ارهبت بصولتنا الامم، إذا جاهد محمّد رسولك عدوّا لدينك تلوذ به اسرته ‏و تحفّ به عترته كانّهم النّجوم الزّاهرة إذا توسّطهم القمر المنير ليلة تمّه. فصلوتك علي محمّد عبدك و نبيّك و صفيّك و خيرتك و آله الطّاهرين أيّ فقيه لم تهد بها دعوته و أيّ فضيلة لم تنلها عترته، جعلتهم خير أئمّة اخرجت للناس يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يجاهدون في سبيلك و يتواصلون بدينك، طهّرتهم بتحريم الميتة و الدّم و لحم الخنزير و ما أهلّ و نسك به لغير اللّه تشهد لهم و ملائكتك أنّهم باعوك أنفسهم و ابتذلوا من هيبتك أبدانهم شعثة رءوسهم تربة وجوههم تكاد الأرض من طهارتهم تقبضهم إليها و فضلهم يمتد بمن عليها، رفعت شأنهم بتحريم انجاس المطاعم و المشارب من أنواع السكر. فأيّ شرف يا ربّ جعلته في محمّد و عترته فو اللّه لأقولنّ قولا لا يطيق أن يقوله أحد من خلقك انا علم الهدي و كهف التّقي و محلّ السخاء و بحر النّدي و طود النّهي و معدن العلم و نور في ظلم الدّجي و خير من آمن و اتّقي و اكمل من تقمّص و ارتدي و أفضل من شهد النجوي بعد النبيّ المصطفي، و ما أزكي نفسي و لكن بنعمة ربّي احدّث، انا صاحب القبلتين و حامل الرايتين، و هل يوازي بي احد و أنا أبو السبطين، فهل يساوي بيّ بشر و أنا زوج خير النّسوان فهل يفوقني أحد و أنا القمر الزّاهر بالعلم الذي علّمني ربّي و الفرات

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۲ *»

الزّاخر أشبهت من القمر نوره و بهاؤه و من الفرات بذله و سخاؤه، أيّها النّاس بنا أنار اللّه السّبل و أقام الميل و عبد اللّه في أرضه و تناهت إليه معرفة خلقه و قدّس اللّه جلّ و تعالي بابلاغنا الالسن و ابتهلت بدعوتنا الاذهان فتوفي اللّه محمّدا9 سعيدا شهيدا هاديا مهديّا قائما بما استكفاه، حافظا لما استرعاه، تمّ به الدّين و أوضح به اليقين و اقرّت العقول بدلالته و ابانت حجج أنبيائه و اندفع الباطل زاهقا و وضح العدل ناطقا و عطل مظان‌ّ الشيطان و أوضح الحقّ و البرهان، اللّهم فاجعل فواضل صلواتك و نوامي برتك و رأفتك و رحمتك علي محمّد نبيّ الرّحمة و علي أهل بيته الطّاهرين‏ انتهي ذكرتها بطولها لكثرة محصولها و لتعرف شرف آبائه و اجداده الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين.

و اعلم انه قد اختلفت النسابة في ذكر آبائه بالزيادة و النقصان و الترتيب و الذي استخرجنا من التورية في آبائه: نظرا الي انها اقدم الكتب و اضبط من كتب جميع النسابة و عدم داع الي تحريف هذه الاشياء منها ان آدم ولد شيث و هو ولد انوش و هو ولد قينان و هو ولد مهلائيل و هو ولد يَرْد([1]) و هو ولد اخنوح و هو ولد ماتوشلح و هو ولد لامك و هو ولد نوح و هو ولد سام و هو ولد ارفخشاد([2]) و هو ولد شالح و هو ولد عابر و هو ولد فالغ و هو ولد راعو و هو ولد ساروغ و هو ولد ناحور و هو ولد تارح و هو ولد ابرهيم و هو ولد اسمعيل و هو ولد قيدار و الظاهر ان ما في التورية اصح لانها احفظ و اقدم و لماكان هذه الاسماء غير عربية لم‌يحفظها النسابة كماهي و اختلفت فالنسب من الجانب الاعلي من آدم الي قيدار محفوظ مضبوط و من الجانب الاسفل من محمد9 الي عبدمناف مضبوط مشهور و كثر الاختلاف فيما بين عبد مناف و قيدار فعلي رواية ابي الحسن البكري استاد الشهيد الثاني مرسلا عن الصادق7 هو عبد مناف بن فهر بن غالب بن لوي بن قصي بن كنانة بن حزيمة بن مدركة بن

—————————-

([1]) في الانجيل ارفخشاد ولد قينان و هو ولد شالح. منه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۳ *»

الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عندنان بن ادد بن يشحب بن نبت بن الهميسع بن قيدار ثمانية عشر و علي رواية المناقب عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عندنان قال و روي عنه7 اذا بلغ نسبي عدنان فامسكوا و عنه7 كذب النسابون قال الله تعالي و قرونا بين ذلك كثيرا و علي ما رواه عن ام سلمة سمعت النبي9 معد بن عدنان بن ادد بن الهميسع بن نبت بن اسمعيل و قال و اتفق النسابة و اصحاب التواريخ ان عدنان هو ابن اد بن ادد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيدار و علي قول ابن بابويه عدنان بن اد بن ادد بن زيد بن يقدو بن يقدم بن الهميسع بن نبت بن قيدار و علي قول ابن عباس عدنان بن اد بن ادر بن اليسع بن الهميسع بن يخشب بن منخر (منحد خ‌ل) بن صابوغ بن الهميسع بن نبت بن قيدار و علي ما رواه في البحار من كتاب العدد عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن اد بن ادد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن النبت بن حمل بن قيدار و علي ما في الخطبة السابقة لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن مدركة و قال المجلسي رحمه الله المشهور في نسبه عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن نضر بن كنانة بن حزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن اد بن ادر بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن النبت بن حمل بن قيدار و قال بعض المورخين من العامة هو عبد مناف بن قصي بن كلاب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن نضر بن كنانة بن مدركة بن الياس بن نضر بن عدنان و قال نسبه الي عدنان متفق عليه و مافوقه مختلف فيه انتهي.

اقول يصعب جميع هذه الاقوال علي طور عليه حجة بينة و يحتمل في بعضها سقوط طبقة من القلم و في بعضها بالاشتهار بالانتساب الي جد كما كان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۴ *»

يقال لابي‌الحسن الهادي و ابي‌محمد8 ابن الرضا و في بعضها الغلط و التحريف لانها لغات غير مأنوسة و في بعضها انه كان لرجل واحد اسمان كالهميسع كان اسمه زيد و نبت كان اسمه شر و هكذا فلاجل ذلك وقع الاختلاف و يحتمل في ما في الخطبة المذكورة اسقاط بعض الطبقات بالجملة لم‌يصح لي الي الان مابين عبد مناف الي القيدار حتي اعينه ولكن نعلم نوعا ان آباءه: كلهم طاهرون و امهاته كلهم طاهرات لم‌ينجسهم الجاهلية بانجاسها و لم‌يلبسهم مدلهمات ثيابها و لم‌يكونوا كافرين في عصر من الاعصار و لم‌يسجدوا لغير الله كيف و يقول الله تعالي و تقلبك في الساجدين اي في اصلاب الاباء الساجدين و كان ذلك النور في غيب تلك النطف و ينتقل من صلب الي رحم و من رحم الي صلب حتي وصل الي عبدالمطلب ثم لماحصل في العالم صلبان طاهران مستعدان متوجهان الي ذلك النور انطبع فيهما و انتقل اليهما و انشق فيهما و بدا آثاره منهما الي ان خرج منهما محمد و علي و لماتزوج محمد9 بالطاهرة خديجة و استعد رحمها و طهرت و وقع فيها نطفة طاهرة حصلت فاطمة المقتبسة من نور النبوة و لذا عبر الله عنها في كتابه في الباطن بالنبيين و جميع علوم النبيين كان من نور فاطمة3 و هي اعلمهم و انها لاحدي الكبر نذيرا للبشر و لماتزوج علي بفاطمة اجتمع ثانيا نور الولاية و النبوة فخرج منها ولد كان الغالب عليه نور محمد و شبهه و هو ابومحمد و ولد آخر كان الغالب عليه نور علي و شبهه و هو ابوعلي و هو باطن قوله تعالي و وصينا الانسان اي محمدا9 بوالديه اي الحسن و الحسين حسنا فهما ابوا هذه الامة بعد الابوين المقدمين صلي الله عليهم اجمعين و هما ولدا محمد في امته و هما من حيث باطن الولاية والدا محمد في ظاهر النبوة فافهم و تحقيق حقائق جميع ما يتشعب في البيان مما لايحتمله الزمان و لايطيقه اللسان و لا البنان و في ما ذكرنا كفاية لمن له عينان و اما ما في النسخة من نطفة جسرة و في نسخة حشرة فظني انها محرفة و الصواب و لانطفة رجسة.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۵ *»

و اما قوله7 لانهم صفوة الصفوة فاعلم ايدك الله ان الصفوة مثلثة الصاد تطلق علي معنين احدهما المؤثر فيقال انه صفوة الاثر و الثاني لطيف الشيء و خالصه عن الاعراض و الاكدار و كلا المعنين واقع اما الاول فانهم: مؤثرون لجميع ماسواهم من الاشياء اي خلق الله جميع من سواهم من اشعة انوارهم و اشعة اشعة انوارهم و هكذا كما ان للشمس نورا و اثرا خلقه الله من ظلها و لنورها نور و لنور نورها نور و هكذا و الكل من خلق الله سبحانه و بذلك تضافرت الاخبار و تكاثرت الاثار بحيث لم‌يبق شك لذوي الاعتبار و اما الثاني فان الله سبحانه لما انزلهم من فوق شهادات ساير الخلق ليروهم و يسمعوهم و يهتدوا بهداهم و يتمكن قوابلهم بتكميلهم و يستعدوا للاستفاضة من الغيب الذي لانسبة بينه و بينهم و يترجم لهم اوامر الغيب الكونية و الشرعية خلق لهم ابدانا رفيعة صافية لطيفة شريفة من اكمل ابدان رعيتهم و ارقها و الطفها و اصفاها حتي تكون فيهم بمنزلة القلب في البدن و يتلقي من الغيب الذي هو فوق شهادات الاعضاء و يوصل الي الاعضاء التي هي بكثافتها و غلظتها لاتكاد تتنبه باوامر الغيب اللطيفة فكانوا في هذا العالم من صفوة الخلق ليقدروا علي التلقي من الغيب و يتحملوا ما وصل اليه منه و في البحار قال ابوعبدالله7 الطينات ثلث طينة الانبياء و المؤمن من تلك الطينة الا ان الانبياء هم صفوتها و هم الاصل و لهم فضلهم و المؤمنون الفرع من طين لازب كذلك لايفرق الله بينهم و بين شيعتهم و قال طينة الناصب من حمأ مسنون و اما المستضعفون فمن تراب لايتحول مؤمن عن ايمانه و لاناصب عن نصبه و لله المشية فيهم جميعا و عنه7 ان الله عزوجل خلقنا من عليين و خلق محبينا من دون ما خلقنا منه و خلق عدونا من سجين و خلق محبيهم مما خلقهم منه فلذلك يهوي كل الي كل و عنه7 انه قال خلقنا الله من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۶ *»

مكنونة من تحت العرش فاسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا و بشرا نورانيين لم‌يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا و خلق ارواح شيعتنا من ابداننا و ابدانهم من طينة مخزونة مكنونة اسفل من ذلك الطينة و لم‌يجعل الله لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا الا الانبياء و المرسلين و لذلك صرنا نحن و هم الناس و ساير الناس همجا في النار و الي النار و الاخبار في هذا الباب كثيرة فالانبياء سلام الله عليهم صفوة الخلق لانهم الوسائط المؤدون و الاربعة عشر هم صفوة الانبياء لانهم الوسائط المؤدون اليهم فهم صفوة الصفوة و خلاصة الخلاصة قد طهروا من اعراض شيعتهم الباعثة لصدور الصغاير عنهم و من اعراض الانبياء الباعثة لصدور خلاف الاولي عنهم فصاروا بهذا الصفاء علي طبق مشية الله و ارادته التي لايجري عليها ما هي اجرته و لايعود فيها ما هي ابدته فكانت صافية عمايليق بآثارها و انوارها و كذلك هم صلوات الله عليهم لماصفوا عن الاعراض استعدوا لتلقي الاغراض كما يتلقي الروح البخاري عن الغيب بعد ان صفا عن اعراض الاعضاء الكثيفة المحجوبة باعراضها عن التلقي من الغيب فافهم راشدا موفقا.

قال7 اصطفاهم لنفسه و جعلهم خزان علمه و بلغاء عنه الي خلقه الي آخر.

الاصطفاء اخذ الصفوة و الخلاصة و جيد الشيء فالله سبحانه اصطفاهم في جميع العوالم من خلقها و اختصهم بنفسه فكانوا في كل عالم له لا لانفسهم و لا لغيرهم فاصطفاهم الله اولا في عالم القدم السرمدي حيث جعلهم قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين موجودين ازليين فصاروا هنالك الكينونة الظاهرة ‌لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و اصطفاهم ثانيا حيث جعلهم امره و حكمه كما قال الباقر7 اما المعاني فنحن معانيه و نحن جنبه و يده و لسانه و امره و حكمه و علمه و حقه اذا شئنا شاء الله و يريد الله ما

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۷ *»

نريده و اصطفاهم ثالثا حيث جعلهم محال مشيته و اوكار ارادته كماقال7 ان الله جعل قلوب اوليائه وكرا لارادته و اصطفاهم رابعا حيث جعلهم نفس جميع خلقه و حقيقته التي بها يعرفون الله في الزيارة الجامعة السلام علي الذين من والاهم فقد والي الله و من عاداهم فقد عادي الله و من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله و في العوالم عن جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه علي علي: قال قال رسول الله9 في حديث يا علي انا و انت و الائمة من ولدك سادة في الدنيا و ملوك في الاخرة من عرفنا فقد عرف الله و من انكرنا فقد انكر الله عزوجل فجعلهم آية توحيده و اركان تفريده و معاني اسمائه و اسماءه و صفاته و اصطفاهم كذلك في كل عالم الي ان انزلهم الي الدنيا فخلق الخلق شعوبا و قبائل فاطلع عليهم و احاط بهم علما فاختارهم من جملتهم ففي العوالم عن النبي9 لماخلق الله الخلق اختار العرب فاختار قريشا و اختار بني‌هاشم فانا خيرة من الخيرة و في المحتضر عن ابي‌عبدالله7 عن آبائه قال قال رسول الله9 في حديث ان الله اختار من الناس الانبياء و الرسل و اختارني من الرسل و اختار مني عليا و اختار من علي الحسن و الحسين و اختار من الحسين الاوصياء يمنعون عن التنزيل تحريف الضالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين تاسعهم باطنهم ظاهرهم قائمهم و هو افضلهم و في العوالم عن حماد بن عمرو عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جده عن علي بن ابي‌طالب: عن النبي9 انه قال في وصية له يا علي ان الله عزوجل اشرف علي الدنيا فاختارني منها علي رجال العالمين ثم اطلع الثانية فاختارك علي رجال العالمين بعدي ثم اطلع الثالثة فاختار الائمة من ولدك علي رجال العالمين بعدك ثم اطلع الرابعة فاختار فاطمة علي نساء العالمين و عن الصادق7 قال ان الله تبارك و تعالي انتجبنا لنفسه فجعلنا صفوته من خلقه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۸ *»

و امناءه علي وحيه و عن اميرالمؤمنين7 في خطبة له الا و اننا خيرة الله اصطفانا علي خلقه و ائتمننا علي وحيه الخطبة بالجملة و اصطفاء الله لهم في كل عالم من البديهيات علي الاجمال ولكن الشأن ان تعرف كيفية الاصطفاء في كل عالم.

و اعلم علي سبيل الاطلاق ان كل ماسوي الله جل و عز حادث و كل حادث مخلوق خلقه الله بنفسه عند مؤثره القريب و ان كان عند الاعلي مخلوقا بالعالي الا تري ان نور الشمس مخلوق بعد الشمس بنفسه ليس بفعل آخر بينه و بينها و لا بحركة و لا بامر و نطق و انما هي شمس و نورها لا ثالث بينهما فالنور من الشمس يصدر بنفسه لا بذات الشمس و لا بشيء ثالث و ان كان الله سبحانه خلقه بالشمس فماسمعت من ان الله خلق الخلق بالمشية فالمعني بتوسط المشية و الا فالخلق عند المشية مخلوق بنفسه فكل شيء في مقامه مخلوق بنفسه عند المؤثر القريب فله جهتان جهة فعلية و جهة مفعولية و لاشك ان جهة فعليته اشرف من جهة مفعوليته و الطف و اعلي و اولي بالله و كذلك لاشك انه في جهة فعليته جهة اجمال و هي اعلاها و جهة تفصيل و تعلق بالمفعول و جهة ‌اجمالها اشرف و ارفع و اعلي و اولي بالله ثم جهته الاجمالي مركب من مادة و صورة و مادته اشرف من صورته و اوحد و الطف و اولي بالله ثم تلك المادة من حيث انها الهيولي اي القابلة للصورة اشرف و الطف و اوحد و اعلي و اولي بالله جل و عز ثم تلك الهيولي مع قطع النظر عن قبولها الصورة و فقد ذكر جميع ماسواها اشرف و اوحد و اعز و اولي بالله عزوجل و للشيء مراتب لاتحصي و لاتقف علي حد و ال محمد: لماثبت بالعقل و النقل انهم اشرف الخلق و اسبق الخلق و اعلي الخلق حيث لايلحقه لاحق و لايفوقه فائق و لايسبقه سابق و لايطمع في ادراكه طامع و انهم الذين بهم يعرف الله في كل مقام و من وحده قبل عنهم فهم في كل مقام حقيقة ذلك المقام و حقيقة الشيء و اعلي اذكاره و اعلي درجاته الذي لايتجاوزه شهادات ذلك الشيء و ادواته و هو منتهي حده و غاية قدره فلاجل ذلك صاروا حجاب الله الذي به احتجب الله عن خلقه فلايهتكه شيء فهم في كل عالم صفوة الصفوة اصطفاهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴۹ *»

للاختصاص بنفسه كماقال في محكم كتابه الحمد لله رب العالمين فهم بذواتهم و عقولهم و ارواحهم و نفوسهم و طبائعهم و اظلتهم و اجسامهم و صفاتهم و اقوالهم و افعالهم لله عزوجل فهم لله و من الله و الي الله و بالله و في الله و هذا الاصطفاء لهم في جميع العوالم سوي الذات القديمة فهم صفوة الله علي الاطلاق و خلاصة الله بالاستحقاق و اما قوله فجعلهم خزان علمه بعد الاصطفاء كماقال في الجامعة و اصطفاكم لعلمه فالله  عزوجل بعد ان اصطفاهم و جعلهم صفوة الخلق رآهم اهلا ان يشهدهم خلق السموات و الارض و خلق انفسهم و سلم اليهم خزائن علومه الالف الالف في العوالم الخلقية و سلم اليهم مفاتحه و مفاتيحه فهم امناء الله علي تلك الخزائن و العلوم و لم‌يجعلهم خزان ذاته مع انه انقطع فيها العبارات و المعلمة لنفي الخلاف و هو احد ليس فيه ذكر غيره و يمتنع فيه غيره من ذكر او امكان او كون او عين و اما ماسوي ذاته المقدسة فقد اولاهم اياه و سلمه اليهم و فوض اليهم امره قال علي بن الحسين7 في حديث اما المعاني فنحن معانيه و ظاهره فيكم اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده و في العوالم قال ابوجعفر7 و الله انا لخزان الله في سمائه و ارضه لا علي ذهب و لا علي فضة الا علي علمه و قال7 نحن خزان الله في الدنيا و الاخرة و شيعتنا خزاننا و عن موسي بن جعفر عن ابيه8 قال قال ابوعبدالله7 ان الله خلقنا فاحسن خلقنا و صورنا فاحسن صورتنا فجعلنا خزانه في سمواته و ارضه و لولانا ماعرف الله و الاخبار في ذلك وافرة وافية و فيما ذكرنا و ماقدمنا من البحث فيه غنية و كفاية.

و اما قوله بلغاء عنه الي خلقه فالبلغاء جمع البليغ كحكماء جمع الحكيم و البليغ الفصيح الطلق اللسان الذي يبلغ ببيانه كنه مراده فهم سلام الله عليهم كانوا في جميع العوالم الامرية و الخلقية لما ان اصطفاهم الله و اختارهم عن خلقه و انتجبهم فاتخذهم خازن علمه مؤدون ما علمهم الله الي خلقه بلسان طلق ذلق لا اداء ابلغ منه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۰ *»

و لا افصح اذ لم‌يكن فيهم انية حاجبة عن ظهور نور الله عزوجل فتجلي الله منهم لخلقه كما هو اهله ان يتجلي اذ المراد من قولي كما هو اهله ليس ذاته و لا تجلي لذاته و انما يتجلي اذا تجلي بفعله و هم محاله التي لا منع فيها عن ظهور تجليه كما جعله الله عليه فتجلي منهم في كل عالم من العوالم الامرية و الخلقية كما هو اهله ان يتجلي و لاجل ذلك كانوا معصومين مطهرين علي سبيل الاطلاق فادوا عن الله كما يؤدي السراج عن النار ما اودعته من اسراره و صفاته فهو اي السراج يبين تلك الاسرار بابلغ بيان و افصح قول يفهمه العربي و العجمي بجميع فرقهم بلااشتباه و لا احتمال و بيان الحال افصح من بيان القال بسبعين مرة فهم سلام الله عليهم بكينونة ذواتهم في الذوات و بصفاتهم في الصفات و بافعالهم في الافعال و باحوالهم في الاحوال و باقوالهم في الاقوال افصحوا عن مراد الله لاهل تلك العرصة حتي لم‌يبق لذي مقال مقال و لم‌يسع احدا ان يقول لولا بينوا بافصح من ذلك و اوضح و العجب من قوم يزعمون ان النبي9 لم‌يكمل الابلاغ و لم‌يأت بجميع ما يحتاج اليه العباد و بقي اعباء النبوة علي ظهورنا و لو لم‌نبين و نستخرج احكامه و ما قصر فيه عن ابلاغه لبقي الدين ناقصا مبهما او اكمل و بلغ الي الناس ولكن غلب علي الله و علي رسوله و نقص الناس الدين و ظهروا عليه فنسوا او تناسوا و اخطأوا و عمدوا و افسدوا و لم‌يصل الينا و اخترم الدين الي ان يأتي امر الله و علينا اليوم ان نصلحه بآرائنا و انظارنا او اكمل و بلغ الي وصيه ولكن قصر او غلب و خاف و بقي اعباء الولاية علي ظهورنا و يجب علينا ان نستخرج الدين بآرائنا و نبينه للناس حتي لم‌يبق واقعة من الوقايع بلاحكم و الهادي7 يقول و جاهدتم في الله حق جهاده حتي اعلنتم دعوته و بينتم فرائضه و اقمتم حدوده و نشرتم شرايع احكامه و سننتم سنته و صرتم في ذلك منه الي الرضا الزيارة فمتي قصروا و متي غلبوا و اظهر الله دينه علي جميع الاديان و لو كره المشركون و انت لو عرفت ما ذكرنا علمت ان الاكمل ما بينوا و ان كان قوم يزعمون ان ماسواه اكمل و اوضح و هم غافلون انه قد يكون صلاح العباد و الاولي الاجمال و هم قد فصلوا زعما منهم انه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۱ *»

الاكمل و اخطأوا و قد يكون الصلاح في الابهام و هم يزعمون ان الايضاح اكمل و اخطأوا و قد يكون السكوت اولي و هم يزعمون ان الكلام فيه اتم و اخطأوا و من عرف انهم المعصومون لايتركون الاولي لابد و ان يجتنب هذه الخيالات و ان قلت انهم بانفسهم قالوا علينا ان نلقي اليكم الاصول و عليكم ان تفرعوا قلت كلامي فيما ليس منهم فيه عموم و لاخصوص و لا اطلاق و لاتقييد و انه المحذور الذي يجب علي المؤمن ان يحذره و الا فما نطقوا فيه بما ذكرنا فلاكلام فيه فلابيان ابلغ من بيانهم و لاشرح اوضح من شرحهم و لا اداء اكمل من ادائهم في جميع المراتب و قد مر في مطاوي هذا الشرح ما يكون فيه البلاغ و الكفاية.

قال7 اقامهم مقام نفسه لايري و لايدرك و لايعرف كيفية انيته الي آخر و في نسخة لانه لايري و هي الاصح و في نسخة و لايعرف كيفيته و لا انيته و لا بأس بها و قد ذكر7 تفصيل هذه الفقرة في خطبة‌ الغدير و الجمعة علي ما رواه الشيخ قال7 فيها و اشهد ان محمدا عبده و رسوله استخلصه في القدم علي ساير الامم علي علم منه انفرد عن التشاكل و التماثل من ابناء الجنس و انتجبه آمرا و ناهيا عنه اقامه في ساير عوالمه في الاداء مقامه اذا كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الملك الجبار الخطبة. اعلم ان الله جل و عز قسم جميع ماسواه اربعة اقسام و هي حروف الاسم الاعظم الذي لا اعظم منه فخص حرفا واحدا منها بنفسه و حجبه عن خلقه و هو الحرف السرمدي و القديم الخلقي المشار اليه في هذه الخطبة استخلصه في القدم علي ساير الامم و لاشك انه لم‌يستخلصه في رتبة ذاته الازلية و هو المشار اليه في الدعاء اللهم اني اسألك باسمك العظيم و ملكك القديم و هو الملك القديم و بذل الاحرف الثلثة لخلقه و هي الحرف الجبروتي و الملكوتي و الملكي و ذلك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۲ *»

انه خلق خلقه في هذه العوالم الثلثة و هي ماكان يقال انه لابد في كل مخلوق ان يكون له كيان ثلثة فالخلق محصور في هذه الكيان ليس يدرك مافوق هذه الكيان و لايتجاوز ماوراء مبدئها فلاجل ذلك خلق الله له في كل عالم مشاعر من جنسها يدرك بها ما في ذلك العالم لان الالات تشير الي نظائرها فخلق للانسان من جنس عالم الجبروت مشعرا يقال له العقل فبه يدرك الانسان المعاني الجبروتية الكلية و لولاه ما ادركها بساير المشاعر البتة لعدم المناسبة و المصاقعة المستلزمة للانطباع و خلق له مشاعر من جنس عالم الملكوت و هي العاقلة و العالمة و الواهمة و الخيال و الفكر فبها يدرك الانسان ما يصاقعها من موجودات عالم الملكوت من المعاني الجزئية و الصور و نسبها و خلق له مشاعر من جنس عالم الملك و هي البصر و السمع و الشم و الذوق و اللمس فبها يدرك الانسان ما يصاقعها من مدركات عالم الملك و بين الملك و الملكوت عالم مقداري برزخي مرتبط اسفله بالمواد الجسمية و اعلاه بالصور الملكوتية فخلق الله منه ايضا للانسان مشعرا يدرك به تلك المقادير و هو الحس المشترك كما ان بين الجبروت و الملكوت عالم مقداري برزخي اسفله مرتبط بالمواد النورية و اعلاه بالمعاني الجبروتية و خلق للانسان من جنسه مشعرا و هو الروح فبه يدرك الانسان ما في ذلك العالم و لماكان الله جل و عز ذكره متعاليا عن مجانسة مخلوقاته و ليس بمعني كلي كالمعاني الجبروتية و لا بصور ملكوتية و لا بحدود جسمانية ملكية عجزت المشاعر الخلقية عن دركه لان الادوات تحد انفسها و الالات تشير الي نظائرها فطردها عن حمي دركه فقال لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و علل ذلك بقوله ليس كمثله شيء فمحال لثواقب طامحات العقول دركه فضلا عن ساير المدارك كما قال7 في خطبة اخري انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله و قال7 كل ما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم و لاشك ان الله جل شأنه خلق العباد لمعرفته كما قال خلقت الخلق لكي اعرف و محال ان يقع المعرفة علي كنه الذات الاحدية لامتناع ماسوي الاحد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۳ *»

مع الاحد فهناك لاعارف و لامعرفة و لامعروف حتي انه لايقال ان الله يعرف نفسه فضلا عن غيره فلابد و ان يكون محل المعرفة دون رتبة الذات الاحدية في مقام الصفات الذي يمكن فيه وجود عارف و معروف و امتيازهما و الا فلاعارف و لامعروف و لامعرفة و اول مقام في الخلق يمكن فيه تعقل الجهات هو وجود محمد9 فانه الذي لايلحقه لاحق و لايفوقه فائق و لايسبقه سابق و لايطمع في ادراكه طامع فانه9 مخلوق كائنا ماكان و المخلوق مركب لامحالة كماكان يقال كل ممكن زوج تركيبي و قال الرضا7 ان الله لم‌يخلق شيئا فردا قائما بذاته فوجوده المقدس المنزه اول مقامات يمكن فيه المعرفة و اكملها و اجمعها و افضلها و هو اعظم الصفات و اعلاها و اجلها اذ الصفة كائنة ماكانت غير الذات و كل ماكان غير الذات فهو خلق و الذي كان يقال من الصفات الذاتية فالمراد بها الصفات التي هي عين الذات الظاهرة و هي المدلول عليها بها و الذات الاحدية ليس فيها حيث و حيث و جهة و جهة حتي تكون من حيث و جهة ذاتا و من حيث و جهة هي صفة بل هي هي ذات احدية لاتثني ولاتجزأ فان اطلقت الصفة هنالك فهي مترادفة مع الذات فالصفة الملحوظة فيها الوصفية هي دون الذات و قد ثبت بالضرورة انه ليس شيء دون الذات اعظم و اعلي و اجل و اشرف من محمد9 فهي الصفة العظمي التي اقامها الله مقامه في ساير عوالمه في الاداء و هي التي من عرفها فاز و اهتدي و من جهلها ضل و غوي فليس لله عزوجل معرفة غير معرفتها و هي الغاية التي خلق الخلق لاجلها الم‌تسمع الي قوله تعالي كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فالمعرفة هي المحبوبة و الحبيب و في الدعاء لاحبيب الا هو و اهله، فخلقت الخلق لكي اعرف اي لاجل المعرفة التي هي الحبيب فهي غاية الغايات و نهاية النهايات قال الحسين7 ايها الناس ان الله ماخلق العباد الا ليعرفوه فاذا عرفوه عبدوه فاذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه فقال له رجل يا ابن رسول الله بابي انت و امي فما معرفة الله قال معرفة اهل كل زمان امامهم الذي تجب عليهم طاعته انتهي و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۴ *»

تقرأ في الجامعة الذين من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله و قال7 نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا فمحمد9 هو الصفة التي من عرفها عرف الله و من جهلها جهل الله و لاشك عند الشيعة ان الاربعة عشر سلام الله عليهم اجمعين روحهم واحد و نورهم واحد و طينتهم واحدة و في المحتضر عن زيد الشحام قال قلت لابي‌عبدالله7 ايما افضل الحسن ام الحسين قال ان فضل اولنا يلحق بفضل آخرنا و فضل آخرنا يلحق بفضل اولنا فكل له فضل قال قلت جعلت فداك وسع علي فاني والله ما سألتك الا مرتادا فقال نحن من شجرة طيبة برأنا الله من طينة واحدة فضلنا من الله و علمنا من عند الله و نحن امناؤه علي خلقه و الدعاة الي دينه و الحجاب فيما بينه و بين خلقه ازيدك يا زيد قلت نعم فقال خلقنا واحد و علمنا واحد و فضلنا واحد و كلنا واحد عند الله تعالي فقال اخبرني بعدتكم فقال نحن اثناعشر هكذا حول العرش ربنا عزوجل في مبتدء خلقنا اولنا محمد و اوسطنا محمد و آخرنا محمد انتهي.

فهم سلام الله عليهم جميعهم الصفات الحسني و الامثال العلياء قال7 نحن والله الاسماء الحسني و سئل عن الاسم فقال صفة لموصوف فهم صفة تعرف الله بها لخلقه و عرف بها نفسه فعرف بها و هو علي ما وصف بها نفسه و كما اثني علي نفسه لافرق بينه و بين صفته في شيء الا انه ذات و هذه صفة فان جميع ما يقال فيه و يوصف به و يصدر منه و يرجع اليه و ينسب اليه فانما هو راجع الي صفته و هذه صفته فهي قائمة مقامها اي مقام الذات في اداء جميع ما يريد  اداءه الي خلقه من تعريف ذاته و هويته و الوهيته و احديته و صمديته و توحيد ذاته و صفاته و افعاله و عبادته و شرح صفات الذات و القدس و صفات الاضافة و صفات الافعال المقترنة و شرح رضاه اي تفاصيل واحديته و سخطه مما ينافيها فادوا سلام الله عليهم جميعها بذواتهم و صفاتهم و اقوالهم و احوالهم و افعالهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۵ *»

باداءات كونية و اداءات شرعية حتي صاروا منه الي الرضا لانه لم‌يخالف حرف من حروف كينونتهم شيئا من صفاته تعالي و لم‌يعقهم عن موافقتها عائق اذ كانوا قبل كل شيء و لم‌يمنعهم عن ذلك شيء بالجملة لما ان كلت المشاعر الخلقية بقضها و قضيضها عن درك ذاته رجعت حاسرة الي صفاته و هم صفاته صلوات الله عليهم بل لا معني للمعرفة و لا حقيقة الا معرفة الصفة فانه في مقام الذات لا كثرة و لا عارف و لا معروف و ان جاوزتها فليست الا عرصة الصفات و تحقق الامتيازات فافهم فمن عرفهم عرف الله و من جهلهم جهل الله و اعلم ان المراد بهذه المعرفة هي المعرفة‌ النورانية كما شرحناه مفصلا في شرحنا علي حديث النورانية و لامثلن لك في درجات المعرفة مثلا و هو انه اذا رأيت شبحا من البعيد فاول معرفتك به التي لاتشك فيها انه شيء ثم انه شبح مرئي لاتزيد علي ذلك و الباقي مجهول لك و انت جاهل به ثم اذا دنوت منه تبينت انه يتحرك فهو حيوان لاتشك في انه حيوان ليس بنبات و لاجماد ثم اذا دنوت منه تبينت انه انسان لاتشك فيه و تجهل فيه ماسواه ثم اذا دنوت منه تبينت انه رجل ثم اذا تبينت منه تبينت انه عرب مثلا ثم تدنو و تعرف انه مكي ثم تعرف انه زيد ثم تلحق به و تعاشره و تعرف انه عالم ثم تعرف انه فقيه او حكيم و هكذا و في كل مرتبة تعرف شيئا و تجهل ماسواه و هكذا الامر في معرفة النبي9 كم من رجل كان يعرفه انه محمد بن عبدالله المكي و كبير العرب و رئيسهم و يجهل مادونه و كم من رجل عرف انه نبي من الله و يجهل ماسواه من فضله و هو ذو فضائل جمة كيف و عبيده لايوصفون و روي المؤمن لايوصف و اغلب الناس غاية جهدهم ان محمدا رسول الله ثم يجهلون ماوراءه ولكن ما ذكرناه من فضله في هذا الكتاب او ساير كتبنا لايعرفه الا من عرفهم بالنورانية اي عرف ذواتهم التي خلقها الله من نور عظمته و جلال كبريائه فمن عرفهم كذلك فقد عرف الله و عرف صفاته و اسماءه و مقاماته و علاماته و تلك هي المعرفة التي من عرفهم بها يقال انه عرف الله و ليس ذلك حظ كل مسلم قال علي7 يا سلمان و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۶ *»

يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين قال ان معرفتي بالنورانية معرفة الله عزوجل و معرفة الله عزوجل معرفتي و هي الدين الخالص الذي قال الله تعالي و ما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين  الحديث و قد مر في مطاوي هذا الكتاب ما ينئبك عن بعض احوال المعرفة بالنورانية و ان كان ما ذكرته قطرة من بحار معارفهم فقد روي في المحتضر عن ابن ابان قال دخلت انا و كامل التمار علي ابي‌عبدالله7 فقال له كامل التمار جعلت فداك حديث رواه فلان فقال اذكره قال حدثني ان النبي9 حدث عليا7 بالف باب يوم توفي رسول الله9 فيه كل باب يفتح الف باب فذلك الف الف باب فقال قد كان ذلك قال قلت جعلت فداك فظهر ذلك لشيعتكم و مواليكم فقال يا كامل باب او بابان فقلت له جعلت فداك فما يروي من فضلكم من الف الف باب الا بابا او بابين قال فقال و ما عسيتم ان ترووا من فضلنا ما تروون من فضلنا الا الفا غير معطوفة انتهي و ما احسن ما قال ابن ازري رحمه الله:

ما عسي ان اقول في ذي معال

علة الدهر كله احديها

بالجملة يمكن ان يخصص قوله7 لايري بالمشاعر الظاهرة و لايدرك بالمشاعر الملكوتية و لايعرف بالمشاعر الجبروتية كما مر فافهم راشدا و ان قلت ان ظاهر قوله7 و لايعرف كيفية انيته او كيفيته و لا انيته يفيد ان له كيفية مع انه كيف الكيف فلاكيفية له قلت ان الله جل و عز من حيث تقدسه عن صفات خلقه لمااحدثها من العدم لايوصف بشيء من صفات خلقه فلذلك يقال هو اين الاين فلااين له و كيف الكيف فلاكيف له و هكذا هو اعطي كل شيء خلقه فلايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما ابداه ولكن قد يعبر عنه باسماء خلقية اضطرارا اذ ليس عندنا غيرها فتثبت عليه تارة و تنفي عنه اخري ليتحقق الامر بين الامرين من التوحيد فان التوحيد ان تخرجه عن الحدين حد التعطيل و حد التشبيه و حال جميع اسمائه و صفاته حال هذه الكيفية الاتري ان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۷ *»

مبصر البصر لاينبغي ان يثبت له البصر و مسمع السمع لاينبغي ان يثبت له السمع بل و مذوت الذات لاينبغي ان يثبت له الذات الا ان الاقرار و الاخبار الجأنا الي ذلك اذ لو لم‌نتكلم لايعلم المؤمن من الكافر و ان تكلمنا فلابد و ان نتكلم بالفاظنا التي مصاديقها عندنا و لذلك روي اسماؤه تعبير و صفاته تفهيم فالكيفية هنا منسلخة عن معني الكيفيات الخلقية بل المراد ما عليه انيته او ما هو عليه و ان كان هذه الالفاظ ايضا ناقصة ينبغي الاستغفار منها ولكن الضرورات تبيح المحظورات فافهم.

قال7 فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه المتصرفون في امره و نهيه الي آ‌خر.

اعلم ان المراد بهذه الفقرة في الظاهر ان الائمة: لايسبقون الله بالقول فان مشية الله في لسانهم كالروح في الجسد كماقال7 القدر في اعمال العباد كالروح في الجسد الا ان ساير العباد قد يخالف طبيعتهم القدر فيجري القدر فيهم علي نحو الخذلان فهم اولي بسيئاتهم من الله فينصبغ القدر في اعمالهم فيجري كما يكره الله كما اذا غلبت رطوبة في عضو سد مجاري نفوذ الروح في العضو كما ينبغي فظهر الروح فيه علي نحو الارتعاش لانه قد يفتح الروح المجري بقوته و يرفع العضو و قد يغلب الرطوبة فتسده فتقع و بتوالي هذين يحصل الارتعاش و ليس الارتعاش في روحک و لا من فعاله و لولا الروح لما کان ارتعاش فان الارتعاش حركة و لولا مرض العضو لماكان ارتعاش و ظهر حركة الروح علي حسب اقتضائه ولكن حصل الارتعاش من بين هذين فالروح اولي بالحركة و العضو اولي بالارتعاش بالجملة كل من هو غير المعصوم ينصبغ القدر المصاحب له في مرآة قابليته فيأتي علي حسبها فيخالف رضاء الله في القدسي يا آدم روحك من روحي و طبيعتك علي خلاف كينونتي فبذلك يظهر من الانسان ما يكره الله بقدر الله و ان كانت المرآة مستقيمة جاء علي حسب محبة الله و مراد الله مما القدر اولي به فهو اولي بحسناتك منک و انت اولي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۸ *»

بسيئاتك منه و اما الحجج المعصومون: فطبيعتهم علي وفق كينونة الله كماقال علي7 كنا بكينونته قبل الخلق و قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين موجودين ازليين منه بدئنا و اليه نعود الخطبة. فاذا كان كينونتهم بكينونته قبل كل شيء معوج او مانع و كانوا علي حسب اقتضاء الاحدية الوصفية فلايخالفون صفات الله و هم صفات الله فلاينصبغ فيهم القدر اذا نزلوا و نزل اليهم القدر هذا و الظاهر فيهم المشية العامة الكلية التي كل ماسوي الله بها فلايخالف حرف منهم حرفا منها و كانت حادة لهم و كانوا حادي المشية فما يشاءون الا ان يشاء الله فلاينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي ان اتبع الا ما يوحي الي و لو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فمهما تحرك لسانهم بكلام فقد تحرك المشية به و اذا جري منه فقد اجرته المشية كما انك تتكلم بلسانك حرفا بحرف و لسانك قد يتقاعس عن طاعتك فلايأتي بما تريد و اما هم سلام الله عليهم فلايتقاعسون عن الجري مجري مشية الله فاذا تكلموا فقد تكلم الله و اذا سكتوا فقد سكت الله فلاجل ذلك كان قولهم قول الله و حكمهم حكم الله و امرهم امر الله و نهيهم نهي الله و طاعتهم طاعة الله قال الله تعالي بعد ما ادبه حتي لم‌يبق فيه ما ينافي مشيته انك لعلي خلق عظيم فاذا بلغ هذا المبلغ قال ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا فاذا بلغ هذا المبلغ قال من يطع الرسول فقد اطاع الله و قال اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و انما امر بطاعة الرسول و الحجج: لما علم انهم معصومون لايخالفون محبته و رضاه و لولا ذلك لم‌يأمر بطاعتهم مطلقا كما قال لاتطع منهم آثما او كفورا و يكشف عما ذكرنا ما رواه في العوالم عن جابر قال قال رسول الله9 ان الله خلق السموات و الارض دعاهن فاجبنه فعرض عليهن نبوتي و ولاية علي بن ابي‌طالب7 فقبلتاهما ثم خلق الخلق و فوض

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵۹ *»

الينا امر الدين فالسعيد من سعد بنا و الشقي من شقي بنا نحن المحللون لحلاله و المحرمون لحرامه و عن محمد بن سنان قال كنت عند ابي‌جعفر7 فذكرت اختلاف الشيعة فقال ان الله لم‌يزل فردا متفردا في الوحدانية ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة: فمكثوا الف دهر ثم خلق الاشياء و اشهدهم خلقها و اجري عليهم طاعتهم و جعل فيهم ما شاء و فوض امر الاشياء اليهم في الحكم و التصرف و الارشاد و الامر و النهي في الخلق لانهم الولاة فلهم الامر و الولاية و الهداية فهم ابوابه و نوابه و حجابه يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاءوا و لايفعلون الا ما شاء عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فهذه الديانة التي من تقدمها غرق في بحر الافراط و من نقصهم عن هذه المراتب التي رتبهم الله فيها زهق في بر التفريط و لم‌يوف آل محمد9 حقهم فيما يجب علي المؤمن و من معرفتهم ثم قال خذها يا محمد فانها من مخزون العلم و مكنونه و قال ابوعبدالله7 ان الله ادب نبيه علي محبته فقال انك لعلي خلق عظيم ثم فوض اليه فقال ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا و قال من يطع الرسول فقد اطاع الله ثم قال و ان نبي الله9 فوض الي علي7 و ائتمنه فسلمتم و جحد الناس والله لحسبكم ان تقولوا اذا قلنا و تصمتوا اذا صمتنا و نحن فيما بينكم و بين الله فماجعل الله لاحد من خير في خلاف امرنا الي غير ذلك من الاخبار الساطعة المنار.

بالجملة هم سلام الله عليهم لموافقة طبيعتهم مشية الله لانهم محل مشية الله كماقال بقية الله عجل الله فرجه قلوبنا اوعية لمشية الله فاذا شاء شئنا و الله يقول و ما تشاءون الا ان يشاء الله انتهي يوافق حركاتهم و سكونهم مشية الله لاتفارقهم و لايفارقونه يفعلون ما يشاء الله و يشاء الله ما يفعلون بل هم بامره يعملون و بمشيته ينطقون و بارادته يفعلون فلاجل ذلك صاروا هم الناطقون المبلغون عن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۰ *»

الله المتصرفون في امره و نهيه اي انهم يتصرفون في امره و نهيه يعني يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاءوا و يعطون ما شاءوا و يمنعون ما شاءوا لان الله سبحانه صرفهم في امره و نهيه فهم يتصرفون فيهما طاعة له و امتثالا لامره هذا الذي سمعت في التشريع و هم سلام الله عليهم كما هم اول من خبر عن الله و علم به كذلك هم اول من خبر عن الله في التكوين بهم فتح الله و بهم يختم و هم رسل الله في التكوين يبلغون عن الله الي القوابل الاوامر الكونية التي كانت تقصر عن تلقيها فهم يحملونها اليها و يبلغونها اليها فمن امتثل اوامرهم سعد و اثيب بجنات الوجود و نعيمها الخالد المخلد فلايخرجون عنها ابدا و يزادون بالامداد سرمدا و من ترك قبول امرهم شقي و بقي في دار البعد و الهوان و مهاوي العدم فلايموت فيها و لايحيي و هو فيها خالد مخلد فهم الرسل المعبرون عن الله في الكون و الشرع و ليس ذلك بتفويض اليهم ابدا و ليس الخالق الرازق المحيي المميت الا الله عزوجل وحده وحده و يفعل الله ما يشاء بقدرته و يحكم ما يريد بعزته و هم معانيه جل و عز و هم الرحمة الواسعة و القدرة الكاملة و العزة الغالبة و القوة الفاضلة و العلم المحيط و الجود البسيط و الاسم العظيم و الملك القديم و قد بسطنا القول في ذلك في كتابنا في شرح دعاء السحر فان شئت فراجع و قد مر هنا ما يكتفي به المكتفي.

قال7 فيهم يظهر قوته و منهم تري آياته ومعجزاته الي آخر.

اعلم ان القوة ضد الضعف و الاية العلامة و الامارة فقوله فيهم يظهر قوته لانهم سلام الله عليهم وعاء مشية الله قد حووها برمتها فلاتخرج منهم الي غيرهم و هي حادة لهم و هم حادون لها فلايعون شيئا غيرها و لايسكن شيء منها في غيرهم و ذلك انهم الكليون الحقيقيون الذين لايصاقعهم كلي آخر بخلاف غيرهم من الكليات فان كل كلي غيرهم و ان كان كليا بالنسبة الي مادونه الا ان معه في رتبته افراد اخر هو و هي بتمامها افراد لكلي آخر فوقها كالفرس فانه و ان كان كليا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۱ *»

بالنسبة الي افراده الا انه فرد كالبقر و الغنم و الابل و هي مجموعها واقعة تحت الحيوان الذي هو جنس تلك الكليات و هكذا يترامي الكليات في عرصات الخلق الي كلي الكليات الذي ليس فوقه كلي آخر و ليس معه غيره شيء و الي ذلك اشار الهادي7 بقوله لايلحقه لاحق و لايفوقه فائق و لايسبقه سابق و لايطمع في ادراكه طامع و قال7 في الخطبة التي مرت استخلصه في القدم علي ساير الامم علي علم منه انفرد عن التشاكل و التماثل من ابناء الجنس الخطبة فاذ لم‌يفقهم فائق علم انه لا كلي فوقهم و اذا انفرد عن التشاكل و  التماثل من ابناء الجنس ليس معه فرد و لم‌يقل من ابناء جنسه فيثبت له جنسا و انما قال من ابناء الجنس يعني ليس معه افراد كلي فتكون هي و هو افراد كلي فوقهم فافهم فهم كلي منفرد ليس معهم غيرهم كما قال لم‌يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا فاذ كانوا كذلك لم‌يخرج عنهم مشية الله الي غيرهم و لم‌تقصر عنهم لانهم بمشية الله فصارت حادة لهم و صاروا حادين لها فلم‌تظهر قوة الله التي هي مشية الله الا منهم قال الحسين7 في دعائه اللهم منك البدء و لك المشية و لك الحول و لك القوة و انت الله الذي لا اله الا انت جعلت قلوب اوليائك مسكنا لمشيتك و ممكنا لارادتك و جعلت عقولهم مناصب اوامرك و نواهيك فانت اذا شئت ما تشاء حركت من اسرارهم كوامن ما ابطنت فيهم و ابدأت من ارادتك علي السنتهم ما افهمتهم عنك في عقودهم بعقول تدعوك و تدعو اليك بحقايق ما منحتهم الدعاء و القوة مطلقة عن القوة علي درك الاشياء من مبصر او مسموع او محسوس بحاسة من الحواس و علي احداث الاشياء و اخراجها من العدم الي الوجود و من تصريفها من حال الي حال و من امساكها و امدادها و احيائها و اماتتها و تنزيلها و تصعيدها و نشرها و حشرها و اثابتها و عقابها و ساير مالها و بها و منها و اليها و فيها مما لايمكن احصاؤها للعادين فان الله عزوجل هو ذو القوة المتين و هو قوي لايضعف عن شيء شاءه و اراده

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۲ *»

و اما قوله و منهم تري آياته و معجزاته اي آياته الدالة علي توحيده و علي صفاته و اسمائه و افعاله التي اراها الله في الافاق و الانفس كما قال سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق فتلك الايات التي اراها الله خلقه كانت صادرة منهم فاظهرها الله منهم و بثها في الافاق و الانفس و اراها خلقه و ذلك ان جميع ما خلق الله من خلق في الافاق و الانفس هي حادثة حدثت بمشية الله جل و عز و هم محال المشية التي لاتقوم المشية الا بها و لاتظهر الا منها فان الله جعل قلوب اوليائه وكرا لارادته فتعلقت اولا بهم و احدثتهم ثم سرت فيهم و اشتعلت في زيت قابليتهم و انصبغت في اصباغ هويتهم فظهرت منهم منصبغة بصبغهم كما انصبغ النار بصبغ الزيت المكلس الذي هو الدخان فصارت سراجا منيرا فما انبث منه من نور في الفضاء فانما كان من هيئة الشعلة و ان النار من حيث هي لا هيئة لها و لا صبغ و لا ظهور فاذا ظهرت منصبغة بصبغ الدخان اضاءت و جميع اضوائها يكون علي هيئة الشعلة و صبغها راجع اليها كما هو صادر منها و تلك الاضواء هي آيات النار المنبثة في الاقطار تدل علي وجودها و صفاتها و افعالها و كذلك المشية‌ اشتعلت في زيت وجودهم فاستضاء بها شعلة في عرصة الامكان و سراجا منيرا كماسماه الله به في قوله انا ارسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا الي الله باذنه و سراجا منيرا فاضاء عرصة الامكان بنوره و نوره الوجود المفاض فاوجد الله من نوره جميع الموجودات و استضاءت الهويات بانوارهم و بذلك النور عرفت ربها و عرفوها ربها و تعرف الله لها به و تلك الانوار آيات الله التي اراها الله خلقه حتي يتبين لهم انه الحق و تلك الانوار نفوس الخلق و حقايقهم التي ورد فيها من عرف نفسه فقد عرف ربه و هو التوسم المشار اليه بقوله9 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و قال الله عزوجل ان في ذلك لايات للمتوسمين.

بالجملة آيات الله هي تلك الانوار و هي منهم و اليهم و لهم و هي آياتهم قال علي بن الحسين7 في حديث الخيط بعد ان قال جابر يا سيدي العجب

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۳ *»

انهم لايدرون من اين اتوا قال اجل ثم تلا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا و كانوا بآياتنا يجحدون و هي و الله آياتنا و هذه احدها و هي والله ولايتنا يا جابر الخبر و يمكن ان يكون المراد ان الايات الكلية العامة الدالة علي كل الله و جمع الله و علي جميع انواره و صفاته و اسمائه و افعاله فهي تظهر منكم لا من غيركم فانكم قلب العالم الذي ظهر فيه تمام شئون مشية الله و اسمائه و صفاته و ساير الخلق بمنزلة الاعضاء فكل عضو يحكي من انوار الروح شأنا خاصا فالعين باصرة لا غير و الاذن سامعة لا غير وهكذا و اما البصير بكله و السميع بكله و الشام الذائق اللامس بكله و المتحرك الناطق الفاعل بكله و المدرك العاقل بكله فهو القلب و كذلك هم صلوات الله عليهم يستجمعون جميع انوار الله و صفاته و اسمائه و افعاله و شئونه بكلهم فالايات الكلية العامة لاتري الا منهم و لذلك وصف النبي9 في وحي الصبي الذي يعتقده اليهود بلفظهم كليليا اي الكل و الجملة في لغة العبري فهم صلوات الله عليهم الاية العظمي لله جل و عز كماقال تعالي لقد رأي من آيات ربه الكبري فعن ابي‌جعفر7 قال كان اميرالمؤمنين7 يقول ما لله آية اكبر مني و عن الرضا7 قال قال علي7 ما لله نبأ اعظم مني و لا لله آية اكبر مني و لقد عرض فضلي علي الامم الماضية علي اختلاف السنتها فلم‌تقر بفضلي انتهي فمنهم ظهر آياته الكبري التي ليس آية اكبر منها و ان اخذت الاية بمعني المعجزة فالعطف تفسيري و لاشك ان معجزات الله اي افعاله الجارية علي ايدي انبيائه و رسله علي خلاف عادة ابناء الجنس اتماما لحجتهم و دلالة علي نبوتهم و التي لم‌يظهر من الانبياء و ظهرت منهم و علي ايديهم فانما ظهرت منهم و صدرت منهم علي ايدي الانبياء والاولياء الماضين و ذلك لما علمهم الله اسمه الاعظم الاعظم الاعظم الذي ينقاد له جميع ماسوي الله و لايجاوزه شيء في الدنيا و الاخرة و ذلك ان الانبياء دعاة و هداة رشدهم و مجالي تجليات انوارهم و اشعتهم اكمام مشيتهم و ايدي ارادتهم يفعلون بهم ما يشاءون هم الاول و الاخر و الظاهر و الباطن

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۴ *»

و في المحتضر روي انه وجد بخط مولانا ابي‌محمد الحسن بن علي العسكري8 ما صورته قد صعدنا ذري الحقايق باقدام النبوة و الولاية و نورنا سبع طبقات اعلام الفتوي بالهداية فنحن ليوث الوغا و غيوث الندي و طعان العدي و فينا السيف و القلم في العاجل و لواء الحمد و العلم في الاجل و اسباطنا حلفاء الدين و خلفاء النبيين و مصابيح الامم و مفاتيح الكرم فالكليم البس حلة الاصطفاء لماعهدنا منه الوفا و روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدايقنا الباكورة و شيعتنا الفئة الناجية و الفرقة الزاكية صاروا لنا ردءا و صونا و علي الظلمة البا و عونا و سيسفر لهم ينابيع الحيوان بعد لظي النيران لتمام ال م و طه و الطواسين من السنين و هذا الكتاب درة من درر الرحمة و قطرة من بحر الحكمة و كتب الحسن بن علي العسكري في سنة اربع و خمسين و مأتين و روي انه وجد بخط يده7 ايضا اعوذ بالله من قوم حذفوا محكمات الكتاب و نسوا الله رب الارباب و النبي و ساقي الكوثر في مواقف الحساب و لظي الطامة الكبري و نعيم دار الثواب فنحن السنام الاعظم و فينا النبوة و الولاية و الكرم و نحن منار الهدي و العروة الوثقي و الانبياء كانوا يقتبسون من انوارنا و يقتفون آثارنا و سيظهر حجة الله علي الخلق و  السيف المسلول لاظهار الحق و هذا خط الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي‌طالب اميرالمؤمنين انتهي.

و لماكان الغرض نشر فضائلهم و كان في حديث النورانية شواهد علي ما مر نذكره بطوله لكثرة محصوله روي في العوالم عن محمد بن صدقة انه قال سأل ابوذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنه يا ابا عبدالله ما معرفة اميرالمؤمنين7 بالنورانية قال يا جندب فامض بنا حتي نسأله عن ذلك قال فأتيناه فلم نجده قال فانتظرناه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۵ *»

حتي جاء قال صلوات الله عليه ما جاء بكما قالا جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية قال صلوات الله عليه مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه لستما بمقصرين‏ لعمري إن ذلك الواجب  علي كل مؤمن و مؤمنة ثم قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال7 إنه لا يستكمل أحد الإيمان حتي يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان و شرح صدره للإسلام و صار عارفا مستبصرا و من قصر عن معرفة ذلك فهو شاك مرتاب يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال7 معرفتي بالنورانية معرفة الله عز و جل‏ و معرفة الله عز و جل معرفتي بالنورانية و هو الدين الخالص الذي قال الله تعالي‏ و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة يقول ما أمروا إلا بنبوة محمد9 و هو الدين الحنيفية المحمدية السمحة و قوله‏ و يقيموا الصلاة فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة و إقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان فالملك إذا لم يكن مقربا لم يحتمله و النبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله و المؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله قلت يا أمير المؤمنين من المؤمن و ما نهايته و ما حده حتي أعرفه قال7 يا باعبدالله قلت لبيك يا أخا رسول الله قال المؤمن الممتحن هو الذي لا يرد من أمرنا إليه شي‏ء إلا شرح صدره لقبوله و لم يشك و لم يرتب‏ اعلم يا أباذر أنا عبد الله و خليفته علي عباده لا تجعلونا أربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لن‌تبلغوا كنه ما فينا و لا نهايته فإن الله عز و جل قد أعطانا أكبر و أعظم مما يصفه واصفكم أو يخطر علي قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون قال سلمان قلت يا أخا رسول الله و من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۶ *»

أقام الصلاة أقام ولايتك قال نعم يا سلمان تصديق ذلك قوله تعالي في الكتاب العزيز و استعينوا بالصبر و الصلاة و إنها لكبيرة إلا علي الخاشعين‏ فالصبر رسول الله9 و الصلاة إقامة ولايتي فمنها قال الله تعالي‏ و إنها لكبيرة و لم يقل و إنهما لكبيرة لأن الولاية لكبيرة حملها إلا علي الخاشعين و الخاشعون هم الشيعة المستبصرون و ذلك لأن‏ أهل الأقاويل من المرجئة و القدرية و الخوارج و غيرهم من الناصبية يقرون لمحمد9 ليس بينهم خلاف و هم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلا القليل و هم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال‏ إنها لكبيرة إلا علي الخاشعين‏ و قال الله تعالي في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوة محمد9 و في ولايتي فقال عز و جل‏ و بئر معطلة و قصر مشيد فالقصر محمد و البئر المعطلة ولايتي عطلوها و جحدوها و من لم يقر بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد9 إلا أنهما مقرونان و ذلك أن النبي9 نبي مرسل و هو إمام الخلق و علي من بعده إمام الخلق و وصي محمد9 كما قال له النبي9 أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي و أولنا محمد و أوسطنا محمد و آخرنا محمد فمن استكمل معرفتي فهو علي الدين القيم كما قال الله تعالي‏ و ذلك دين القيمة و سأبين ذلك بعون الله و توفيقه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال كنت أنا و محمد نورا واحدا من نور الله عز و جل فأمر الله تبارك و تعالي ذلك النور أن يشق فقال للنصف كن محمدا و قال للنصف كن عليا فمنها قال رسول الله9 علي مني و أنا من علي و لا يؤدي عني إلا علي و قد وجه أبابكر ببراءة إلي مكة فنزل جبرئيل فقال يا محمد قال لبيك قال إن الله يأمرك أن تؤديها أنت أو رجل منك فوجهني في استرداد أبي بكر فرددته فوجد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۷ *»

في نفسه و قال يا رسول الله انزل في القرآن قال لا و لكن لا يؤدي إلا أنا أو علي يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أخا رسول الله قال7 من لا يصلح لحمل‏ صحيفة يؤديها عن رسول الله كيف يصلح للإمامة يا سلمان و يا جندب فأنا و رسول الله9 كنا نورا واحدا صار رسول الله9 محمد المصطفي و صرت أنا وصيه المرتضي و صار محمد الناطق و صرت أنا الصامت و إنه لا بد في كل عصر من الأعصار أن يكون فيه ناطق و صامت يا سلمان صار محمد المنذر و صرت أنا الهادي و ذلك قوله عز و جل‏ إنما أنت منذر و لكل قوم هاد فرسول الله9 المنذر و أنا الهادي‏ الله يعلم ما تحمل كل أنثي و ما تغيض الأرحام و ما تزداد و كل شي‏ء عنده بمقدار عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول و من جهر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من أمر الله‏ قال فضرب7 بيده علي أخري و قال صار محمد صاحب الجمع و صرت أنا صاحب النشر و صار محمد صاحب الجنة و صرت أنا صاحب النار أقول لها خذي هذا و ذري هذا و صار محمد9 صاحب الرجفة و صرت أنا صاحب الهدة و أنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله عز و جل علم ما فيه نعم يا سلمان و يا جندب و صار محمد يس و القرآن الحكيم‏ و صار محمد ن و القلم‏ و صار محمد طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي‏ و صار محمد صاحب الدلالات و صرت أنا صاحب المعجزات و الآيات و صار محمد خاتم النبيين و صرت‏ أنا خاتم الوصيين و أنا الصراط المستقيم و أنا النبأ العظيم‏ الذي هم فيه مختلفون‏ و لا أحد اختلف إلا في ولايتي و صار محمد صاحب الدعوة و صرت أنا صاحب السيف و صار محمد نبيا مرسلا و صرت أنا صاحب أمر النبي9 قال الله عز و جل‏ يلقي الروح من أمره

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۸ *»

علي من يشاء من عباده‏ و هو روح الله لا يعطيه و لا يلقي هذا الروح إلا علي ملك مقرب أو نبي مرسل أو وصي منتجب فمن أعطاه الله هذا الروح فقد أبانه من الناس و فوض إليه القدرة و أحيا الموتي و علم بما كان و ما يكون و سار من المشرق إلي المغرب و من المغرب إلي المشرق في لحظة عين و علم ما في الضمائر و القلوب و علم ما في السماوات و الأرض يا سلمان و يا جندب و صار محمد الذكر الذي قال الله عز و جل‏ قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلوا عليكم آيات الله‏ إني أعطيت علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب و استودعت علم القرآن و ما هو كائن إلي يوم القيامة و محمد9 أقام الحجة حجة الناس و صرت أنا حجة الله عز و جل جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأولين و الآخرين لا لنبي مرسل و لا لملك مقرب يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال7 أنا الذي حملت نوحا في السفينة بأمر ربي و أنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربي و أنا الذي جاوزت بموسي بن عمران البحر بأمر ربي و أنا الذي أخرجت إبراهيم من النار بإذن ربي و أنا الذي أجريت أنهارها و فجرت عيونها و غرست أشجارها بإذن ربي و أنا عذاب يوم الظلة و أنا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان الجن و الإنس و فهمه قوم‏ إني لأسمع كل قوم من الجبارين و المنافقين بلغاتهم و أنا الخضر عالم موسي و أنا معلم سليمان بن داود و أنا ذو القرنين و أنا قدرة الله عز و جل يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين صلوات الله عليك قال7 أنا أمير كل مؤمن و مؤمنة ممن مضي و ممن بقي و أيدت بروح العظمة و إنما أنا عبد من عبيد الله لا تسمونا أربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا و لا معشار العشر لأنا آيات الله و دلائله و حجج الله و خلفاؤه و أمناؤه و أئمته و وجه الله و عين الله و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶۹ *»

لسان الله بنا يعذب الله عباده و بنا يثيب و من بين خلقه طهرنا و اختارنا و اصطفانا و لو قال قائل لم و كيف و فيم لكفر و أشرك لأنه لا يسأل عما يفعل و هم يسألون يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال7 من آمن بما قلت و صدق بما بينت و فسرت و شرحت و أوضحت و نورت و برهنت فهو مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للإيمان و شرح صدره للإسلام و هو عارف مستبصر قد انتهي و بلغ و كمل من شك و عند و جحد و وقف و تحير و ارتاب فهو مقصر و ناصب يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال7 أنا أحيي و أميت بإذن ربي و أنا أنبئكم بما تأكلون و ما تدخرون في بيوتكم بإذن ربي و أنا عالم بضمائر قلوبكم و الأئمة من أولادي: يعلمون و يفعلون هذا إذا أحبوا و أرادوا لأنا كلنا واحد أولنا محمد و آخرنا محمد و أوسطنا محمد و كلنا محمد فلا تفرقوا بيننا و نحن إذا شئنا شاء الله و إذا كرهنا كره الله الويل كل الويل لمن أنكر فضلنا و خصوصيتنا و ما أعطانا الله ربنا لأن من أنكر شيئا مما أعطانا الله فقد أنكر قدرة الله عز و جل و مشيته فينا يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال7 لقد أعطانا الله ربنا ما هو أجل و أعظم و أعلي و أكبر من هذا كله قلنا يا أمير المؤمنين ما الذي أعطاكم ما هو أعظم و أجل من هذا كله قال7 قد أعطانا ربنا عز و جل علمنا للاسم الأعظم الذي لو شئنا خرقت السماوات و الأرض و الجنة و النار و نعرج به السماء و نهبط به الأرض و نغرب و نشرق و ننتهي به إلي العرش فنجلس عليه بين يدي الله عز و جل و يطيعنا كل شي‏ء حتي السماوات و الأرض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب و البحار و الجنة و النار أعطانا الله ذلك كله بالاسم الأعظم الذي علمنا و خصنا به و مع هذا كله نأكل و نشرب و نمشي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۰ *»

في الأسواق و نعمل هذه الأشياء بأمر ربنا و نحن عباد الله المكرمون الذين‏ لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون‏ و جعلنا معصومين مطهرين و فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين فنحن نقول‏ الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله‏ و حقت كلمة العذاب علي الكافرين‏ أعني الجاحدين بكل ما أعطانا الله من الفضل و الإحسان يا سلمان و يا جندب فهذا معرفتي بالنورانية فتمسك بها راشدا فإنه لا يبلغ أحد من شيعتنا حد الاستبصار حتي يعرفني بالنورانية فإذا عرفني بها كان مستبصرا بالغا كاملا قد خاض بحرا من العلم و ارتقي درجة من الفضل و اطلع علي سر من سر الله و مكنون خزائنه انتهي الخبر الشريف و انما ذكرناه بطوله لكثرة محصوله و لان فيهه شواهد كثيرة من فقرات هذا الحديث الذي نحن بصدد شرحه و قد شرحنا حديث النورانية و الحمد لله شرحا مفصلا و خرجت نسخته فمن شاء طلبها بالجملة فيهم ظهر قوة الله و قدرته علي ما يشاء و هي مشية الله المحيطة بكل شيء التي يقوم بها كل شيء و خلق من نورها و شعاعها و عكسها و ظلها كل شيء فهي اقوي من كل شيء و لايعجزها شيء وسع كرسيه السموات والارض و لايؤده حفظهما و هو العلي العظيم ان الله يمسك السموات و الارض ان تزولا و لئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده و في الزيارة و بكم يمسك السماء ان تقع علي الارض الا باذنه و ذلك بانهم محال مشية الله السرمدية التي بها تقوم المشية قيام ظهور و هي اي تلك المشية قوة الله التي لاتضعف عن ايجاد شيء و عن امداده و عن حفظه و عن افنائه و هي قائمة بهم و نافذة منهم الي غيرهم كماعرفت غير مرة و كذا و لذا تري منهم آياته التي شرحنا و بينا و شرح في حديث النورانية و كذلك منهم تري معجزاته التي تعجز عنها جميع الخلق من الملائكة المقربين و الانبياء المرسلين و ساير الخلق اجمعين فان الله سبحانه خلقهم بهم و اخرجهم من مكمن العدم الي عرصة الوجود بهم و خلقهم من شعاعهم و انوارهم و جميع

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۱ *»

ما بهم من قوة و قدرة و علم و حكمة فهي صادرة منهم و هو بالنسبة الي اضعف درجاتهم كنسبة الواحد الي السبعين فما يصدر منهم علي نهج الاعجاز يعجز عنه جميع الملائكة المقربين و الانبياء المرسلين و غيرهم من الخلق و كلهم يذعنون بانهم الحجة عليهم و الواسطة بينهم و بين الله عزوجل و قد نزلوا من مكان اعلي و لهم من القدرة و القوة ما ليس لغيرهم الذين كلهم دونهم اذ لاحول و لا قوة الا بالله و كل من هو اقرب الي الله عزوجل يظهر حوله و قوته فيه اكثر فما عنده منهما معجزة عند من دونه فافهم.

بقي شيء في معني المعجز اذ يخفي علي اغلب الخلق اعلم ان الله عزوجل ابي ان يجري الاشياء الا باسبابها لان الاشياء لاتطيق تلقي امره و نهيه و لاتطيق سماعهما و مداناتهما و ملاقاتهما حتي تنفعل عنهما فالاشياء احتاجت الي الاسباب الا تري ان الزيبق مثلا يحتاج في تصعيده الي نار ضعيفة و الكبريت يحتاج الي نار اقوي و الزرنيخ الي نار اقوي و الجسد الي نار اشد و اقوي فلو سلط صرف النار علي الزيبق لفرقته و بددته و لم‌يطق فاحتاج الزيبق الي حجب بينه و بين النار الصرفة و لاتحتاج النار الي الحجاب و كذلك الكبريت يحتاج الي حجاب ارق من حجاب الزيبق و اقل و الزرنيخ يحتاج الي حجاب اقل و ارق فهذه العقاقير تحتاج الي الحجب لا النار و لله المثل الاعلي فالخلق هم كانوا يحتاجون الي الاسباب لينطفي فيها حر نار المشية و قوة ضوئها و شدتها و واحديتها حتي يطيق كل واحد منهم علي حسبه بالجملة لاجل ذلك ابي الله ان يجري الاشياء الا باسبابها فكل شيء له سبب الا وجود محمد9 فانه هو نفس السبب الاول و لا سبب له في الزيارة فما من شيء منا الا و انتم له السبب و اليه السبيل و في الحديث نحن سبب خلق الخلق و الاسباب منها قريبة و منها بعيدة فالاسباب القريبة هي الاسباب المقارنة للاشياء المسببة في مراتبها و الاسباب البعيدة هي التي فوق رتبها و لا كلام لنا في الاسباب البعيدة و اما الاسباب القريبة المقارنة فمنها مشهودة و منها خفية و منها دانية و منها عالية فماكان لاهل تلك الرتبة فيه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۲ *»

صنع و يقدرون عليه خلق لهم السبيل اليه و كلفهم به و ما لم‌يخلق لهم فيه صنع و لم‌يمكنهم الوصول اليه و تناوله فقد تكفل الله بتدبيره و تقديره بما شاء كيف شاء مثلا النبات المعني به له اسباب قريبة مقارنة مقدورة للعباد كاثارة الارض و احدار الماء اليها و اجرائها و تبذيرها فوكلها اليهم و كلفهم بها و له اسباب بعيدة كالرياح و الشمس و القمر و النجوم و السحاب و المطر و امثالها فلاتنالها ايديهم و لايقدرون علي تحصيلها و ادارتها و ايصالها في مواقعها و اسباب خفية من الطبايع و القوي و الارواح فلايقدرون علي شيء منها و لايعرفونها و هذه الطاقة من النبات لم‌تنبت و لم‌تبلغ كمالها الا باجتماع جميع هذه الاسباب بل موافقة جميع الاجسام بل موافقة جميع الاوقات و الازمنة الماضية و ماكان فيها كما حققناه في محله و جميع ذلك وجوه المشية المتوجهة الي ايجاد هذا الشيء و قد اوجد المشية هذا الشيء بجميع هذه الاصابع التي هي كف الحكيم و آلات صنعه فمن ذا يقدر علي تحريك شيء في العالم الا ان تتعلق به المشية و يشاؤه الله  و يقدره قال ابوعبدالله7 في الربوبية‌ العظمي و الالهية الكبري لايكون الشيء لا من شيء الا الله و لاينقل الشيء من جوهريته الي جوهر آخر الا الله و لاينقل الشيء من الوجود الي العدم الا الله و قال لايكون شيء في الارض و لا في السماء الا بهذه الخصال السبع بمشية و ارادة و قدر و قضاء و اذن و كتاب و اجل فمن زعم انه يقدر علي نقض واحدة فقد كفر انتهي فهذه الاسباب المقدورة للعباد ما يقارنهم و ينالونها و لهم فيها عادة علي حسب بنيهم فيفعلون ما يفعلون علي حسب مصادمة فعليات الزمان و تدرج وجودها و قوتهم و قدرتهم و اما الاسباب العالية و الخفية فقد جرت عادة الحكيم فيها ان تجري علي حسب طاقة الخلق و قابليتهم فلو جرت علي خلاف ذلك لفسد جميع الخلق و لايطيقون فجعل في فعلياتها تصادما و تدرجا و ترتبا حتي تجري علي حسب ما يقدر الخلق علي تلقي آثارها و العيش معها فهذا هو المراد بالعادة اي عادة الخلق و عادة الله فيهم و الافاعيل تجري دائما علي حسب العادة و لاعجب فيها و لا دلالة فيها علي حق و لا علي باطل و اما اذا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۳ *»

ادعي احد انه من عند خالق الاسباب و جاعلها و مسبب الاسباب من غير سبب او هو السبب الاعظم لجميع الاسباب فلابد ان يأتي علي ذلك ببينة و بينة ذلك ان يغير الاسباب عن مجاريها العادية فيجعل القريب بعيدا و البعيد قريبا و السريع بطيئا و البطيء سريعا و المتحرك ساكنا و الساكن متحركا و المتصل منفصلا و المنفصل متصلا علي ان تجري الاسباب علي خلاف مقتضي العادة و يمسك بقوته و قدرته الخلق عن التضرر بخلاف العادة يعني اذا كان قوام اشياء باتصال اجراء القمر مثلا فاذا شقه امسك بني تلك الاشياء عن الفساد حتي لاتتضرر و الا لكان يقع الضرر العظيم علي الخلق بوقوع المعجزات و لاجل ذلك لايجب بل لايجوز علي النبي قبول كل ما يقترحه الخلق اذ ربما يقترح جاهل و يقول انك لو كنت صادقا فاهل السموات علي الارض او فرق الارض هباء في الجو اذ في ذلك فساد الخلق و لاينبغي اجابة احد في افناء قوم او في افساد العالم و اما ما يقترحونه مما ليس فيه فساد كثير فيجيبون الي ذلك و يجبرون كسر اقتراحهم بالجملة المعجز تهيئة مسبب الاسباب اسبابا غيبية لما اراد حتي يقرب البعيد و يسهل العسير و يجعل بالفعل ما هو بالقوة و ذلك هو الذي خارق للعادة و اما العمل بالاسباب القريبة المقارنة التي تناله الايدي اي اسباب كانت لاي عمل كان فليس بمعجز و ان للعقاقير و الحروف و الاعداد و قرانات الاشياء خواص لاتحصي علمها من علمها و جهلها من جهلها و من جهلها يمكن له علمها و العمل بها كمن علمها و ليس بخارج عن عادة العالم و ليس المراد بالعادة ما يتكرر وقوعه بل المراد ما يجري بالاسباب الظاهرة التي تناله الايدي و ان قلت لاشك انا لانعلم جميع العلل و الاسباب الظاهرة و لما لم‌نكن نعلم ربما نظن اكثرها غيبية فيشتبه الامر علينا و لانعلم هل العمل بالاسباب المجهولة لنا او الاسباب الغيبية قلت انما ذلك علي الله العالم بالغيوب و سراير عباده فان كان الله يعلم انه بالاسباب العادية و لكنها خفيت علينا فعليه ان يخزيه و يفضحه و ان كان يعلم انه بالاسباب الغيبية و من صنع مسبب الاسباب فعليه ان يصدقه قال في كتابه لايفلح الساحر حيث اتي و قال ان الله لايصلح عمل المفسدين و قال بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۴ *»

فاذا هو زاهق و قال جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا الي غير ذلك من الايات بالجملة ان الله لطيف بعباده و مقتضي لطفه ان يهيئ لهم اسباب التعريف و الهداية و العمل و ماكان ليخل بلطفه فيكون لخلقه حجة عليه و من اللطف ان يظهر ما خفي علي عباده و لايغري بالباطل و لايكل الي العباد ما لايسعهم فهمه و من ذلك اظهار بطلان الباطل و حقية الحق فتوكل علي الله انك علي الحق المبين و السلام.

قال7 و منهم من عرف عباده نفسه و بهم يطاع امره و لولاهم ماعرف الله و لايدري كيف يعبد الرحمن الي آخر.

اعلم انا قد قدمنا سابقا في هذا الشرح و ملأنا ساير كتبنا و مصنفاتنا و اوضحنا في مباحثاتنا و مكالماتنا ان الله جل و عز ذات احدية و يمتنع معه ماسواه بكل اعتبار و لا غاية له و لا نهاية و لاحد و لا قيد فهناك هو هو لا عارف و لا معروف و لا معرفة و لا ذات و لا معني و لا وصف و لا صفة و لا موصوف هو هو لا اله الا هو و لاشيء سواه و انما خلق ما خلق في رتبة الخلق بذواتها و معانيها و موادها و صورها و اوقاتها و امكنتها لا من شيء بعد ان كانت معدومة في دار القوة فلما خلق الخلق خلقها لاجل المعرفة و العبادة يعني غاية الايجاد هي الوصول و الاتحاد بما جعل فيهم من تعرفه و صفة تعريفه و ذلك هو منتهي ما يمكن في الخلق من عرف نفسه فقد عرف ربه و اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه فانما يعرف الله في تعرفه لا في غيبه الذي لم‌يتعرف و تعرفه هو النفس التي جعلها في الخلق و قد بينا سابقا ان نفس الكل التي بها تعرف للكل هي نفس محمد9 لاسواه و ليس لله تعرف لافوقه و لا معه سواه و لا افضل منه و لا ما يساويه دونه و جميع مادونه من التعرفات هو فضل تعرفه به لاغير فلاجل ذلك صار معرفته معرفة الله و الجهل به الجهل بالله قال اميرالمؤمنين7 نحن الاعراف نعرف انصارنا بسيماهم و نحن الاعراف الذين لايعرف الله عزوجل الا بسبيل معرفتنا و نحن الاعراف

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۵ *»

يوقفنا الله عزوجل يوم القيمة علي الصراط فلايدخل الجنة الا من عرفنا و عرفناه و لايدخل النار الا من انكرنا و انكرناه و زاد في رواية نحوها ان الله تبارك و تعالي لو شاء عرف الناس نفسه حتي يعرفوه و يأتوه من بابه ولكن جعلنا ابوابه و صراطه و سبيله و بابه الذي يؤتي منه و مر في حديث النورانية معرفتي بالنورانية معرفة الله عزوجل و معرفة الله عزوجل معرفتي بالنورانية و هو الدين الخالص و سئل الحسين7 عن معرفة الله قال معرفة اهل كل زمان امامهم الذي يجب عليهم طاعته و في الزيارة الجامعة الصغيرة السلام علي الذين من والاهم فقد والي الله و من عاداهم فقد عادي الله و من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله و من اعتصم بهم فقد اعتصم بالله و من تخلي منهم فقد تخلي من الله الزيارة فهو9 تعرف الله و جهة معرفته و وجه معرفته فلايعرف الا به و لا معرفة و لا تعريف فوقه ثم انه7 لما امره الله بقوله قل هو الله احد السورة قالها بالقول التكويني و هو الاشراق بنور التوحيد علي الهياكل الامكانية و القوابل فتجلي لها فاشرقت و طالعها فتلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله و هو اي ذلك المثال نفس كل هوية القي فيه به يعرف ربه و هيهنا قد جري قوله9 اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه و قوله7 من عرف نفسه فقدعرف ربه فعرف ربه من عرف بتوصيفه و تأديته عن الله عزوجل في الزيارة من اراد الله بدأ بكم و من وحده قبل عنكم فلولا وصفه9 ربه للخلق بالقاء مثاله الذي هو وصف الله نفسه لكل شيء بهم ما عرف احد ربه قال7 بنا عرف الله و لولانا ماعرف الله و قال ابوجعفر7 نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبب معرفتنا و نحن الاعراف الذين لايدخل الجنة الا من عرفنا و عرفناه و لايدخل النار الا من انكرنا و انكرناه و ذلك بان الله لو شاء ان يعرف الناس نفسه لعرفهم ولكن جعلنا سببه و سبيله و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۶ *»

بابه الذي يؤتي منه انتهي فبتعريفه9 يعرف الله من يعرف و هذا معني قوله7 و منهم عرف عباده نفسه و اما قوله بهم يطاع امره فلاجل ان امره الكوني الفعلي هو مشيته تعالي قدره و هم محاله و قلوبهم وكره فلايجري في الكون شيء في ايجاد او اعدام و في افاضة و امداد و قبض و بسط و فعل و ترك الا بهم صلوات الله عليهم فانهم وعاؤها و وكرها كما ان الدخان وكر النار و وعاؤها في الشعلة و هم سلام الله عليهم قد اشتعل زيت وجودهم بنار المشية و هو قوله تعالي يكاد زيتها يضيء و لو لم‌تمسسه نار و سمي النبي9 بالسراج المنير و مثل له بالمصباح في كتابه و قال و هم بامره يعملون و قال و ما تشاءون الا ان يشاء الله الي غير ذلك و قد مر الادلة علي ذلك فيما سبق من هذا الشرح فكما ان النار لاتحرق و لاتضيء الا في الدخان بالدخان و جميع انواره المنبثة تابع لهيأة الدخان مبتدء منه راجع اليه بالبداهة و الدخان المستضيء باب الانوار الي النار و سبب الانوار و سبيلها الي النار و هو يد النار في الاشراق و الاضاءة و وجهه في التوجه الي الانوار و لسانها و عينها و اذنها و هو المؤدي عنها الي الانوار و لولاه لماكان نور فامر النار لايطاع الا بالشعلة التي هي الدخان المستضيء اي لايتكون نور و لاينوجد و لاينفعل و لايكون الا بالشعلة لان النار الغيبية لا هيأة لها و لا ظهور حتي ينفصل عنها النور فافهم ان كنت تفهم و كذلك المشية السرمدية الغيبية لانها الحرف المخفي عن مشاعر العباد ليس لها شبح و لا هيأة ينفصل عنها انوار حقائق الاشياء و انما هي تشتعل في الحقيقة المحمدية و تتصور و تتهيأ هناك و بها تصير منشأ الانوار و سبب تعمير الديار فبهم اطيع امر الله الكوني الفعلي كماعرفت ان كتبت لك و تعرف دليل الحكمة و اما امر الله المفعولي الذي هو اول صادر عن المشية الذي هو حقيقتهم في مقام المفعولية و المخلوقية و هو العقل الكلي المرتفع و سمي بالامر لانه اثر الامر الفعلي الاولي فذلك ايضا يطاع بهم و اطاعته مطاوعة الماهيات و قبولها

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۷ *»

لها و ذلك ان الامر المفعولي هو مقبول الماهية و هي القابلة له فالقوابل الخلقية اطاعت و انوجدت و قبلت امر الله المفعولي الذي هو الوجود اي الماء النازل عن سحاب المشية اي الامر الصادر عن لسان المشية و الكون المنفصل عن كن الذي هو المشية بهم صلوات الله عليهم فانهم بلغوا الاوامر الجزئية الخلقية التي هي وجودات الخلائق التي هي اشعة و انوار من وجودهم الكلي فهم بلغوا تلك الاوامر الي القوابل و اطاعت بسبب ابلاغهم صلوات الله عليهم و اما الاوامر الشرعية فهي علي قسمين الاوامر الشرعية في الكون و الاوامر الشرعية في الشرع الظاهر اما الاوامر الشرعية في الكون فالمراد بالشرع في الكون هي الصفات و الحدود التي للاشياء و هي تأويل تلك حدود الله و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه فتلك الحدود هي الاوامر الشرعية و هي قد ظهرت من صفاتهم و انفصلت من هيأتهم صلوات الله عليهم الا تري ان الالف التي تكتبها لها مادة هي الحصة من المداد الظاهر و لها صورة طول و صورة طولها انما هي تابعة لهيأة حركة يدك منفصلة عنها دالة عليها و كذلك الاشياء بالنسبة اليهم فموادها من موادهم اي من اثر موادهم و صورها من صورهم صلوات الله عليهم و ان اختلفت الصور في القوابل علي حسب اختلاف القوابل في الوجود الثاني الا تري ان شبح الشمس مادته من ظل مادتها و صورته من ظل صورتها ولكنه اذا وقع في المرايا كان علي حسب المرايا و كذلك صور جميع الخلق من حيث الصدور تابع لصورهم اذ الكل من نورهم و ان اختلفت هيئات تلك الانوار في مرايا القوابل فبهم صلوات الله عليهم يطاع امر الله في الشرع الكوني و لولاهم لم‌يبلغ تلك الاوامر احد الي ساير الخلق و لم‌يقدر الخلق بانفسهم علي التلقي من الله و من مشيته و ان شئت مشاهدة ذلك انظر الي السراج و اشباحه في المرايا فان الاشباح الظاهرة في المرايا مادتها من مادة استضاءة الشعلة و صورتها من هيأة الشعلة و لولا الشعلة لم‌يبلغ المخروطية احد الي الانوار و لم‌يقدر الانوار بانفسها علي تلقي المخروطية من النار فالانوار تلقت المخروطية من الشعلة و هم سلام الله عليهم السراج المنير المشتعل بمشية

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۸ *»

الله عزوجل و جميع الكائنات من شعاعهم و نورهم صادرة منهم راجعة اليهم و في الزيارة و اياب الخلق اليكم و قال تعالي صراط الله الذي له ما في السموات و ما في الارض الا الي الله تصير الامور قال7 يعني عليا7 بالجملة بهم فتح الله و بهم يختم منهم البدء و اليهم العود فجميع الخلق من حيث المادة و الصورة صادرة منهم و لذلك قلنا انهم العلة المادية و العلة الصورية و انما ذلك ان مواد الانوار شعاع مادة المنير و صورها شعاع صورة المنير و ليعلم ان قولنا ان مواد الاثار من شعاع مادة المنير ليس معناه ان الاثر له ارتباط من حيث المادة الي مادة المنير من دون توسط صورة المنير بل مادة الاثر من شعاع مادة المؤثر الظاهرة في الصورة و بالصورة و من الصورة مثال ذلك اذا وضعت زجاجة خضراء علي شعلة و اخذت مرآة في مقابل الزجاجة تري في المرآة شعلة خضراء فمادة الشعلة في المرآة من الشعله في الزجاجة و خضرتها من خضرة الزجاجة ولكن مادة الشعلة في المرآة ليس لها سبيل الي الشعلة في الزجاجة بوجه من الوجوه الا من الزجاجة و بالزجاجة و مع ذلك تري انها تحكي الشعلة و خضرتها تحكي خضرة الزجاجة و ذلك مثل ما يتكلم النبي9 بكلام من نفسه و يقرأ القرآن فما يقرأه من القرآن فانما يقرأه من حيث مثال الرب الذي فيه و اما ما يتكلم به من نفسه فانما يتكلم به من ذات نفسه مع انه كلا الكلامين يخرج من فيه فمن ذلك تبصر امرك و كذلك اعرف ان مادة الخلق شعاع مادتهم و صورة الخلق شعاع صورتهم فلاتنافي بين قولنا ان عقول الخلايق شعاع عقلهم و ارواح الخلايق شعاع ارواحهم و نفوس الخلايق شعاع نفوسهم و قولنا ان الاشياء حقايقها و اعلي اذكارها شعاع اسفل مقاماتهم و نسبتها اليه نسبة الواحد الي السبعين و اما الاوامر الشرعية التي يعبر عنها بالكون في الشرع فصدورها منهم و توقفها عليهم و ان الله يطاع بهم فاظهر ظاهر فلولاهم لماتلقي احد امرا من الاوامر من الله جل و عز لانهم لم‌يكونوا بانبياء يتلقون الوحي من الله و كانوا محتاجين الي نبي يترجم لهم عن الله و يحكي لهم امر الله و لما ان صاروا سلام الله عليهم حكاة عن الله معصومين مطهرين لايغيرون و لايبدلون و يؤدون الي الخلق كما القي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷۹ *»

اليهم و ليس لهم من انفسهم رأي و لا هوي و لا ميل قال الله عزوجل لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و قال لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و قال من يطع الرسول فقد اطاع الله و قال ما آتاكم الرسول فخذوه فصار امره امر الله يعني ليس لله امر يطاع الا ما صدر منهم كما عرفت في الشعلة و النار ان عرفت فبهم يطاع الله في جميع العوالم و ذلك احد معاني قوله7 بنا عبد الله و لولانا ماعبد الله.

و اما قوله7 و لولاهم ماعرف الله و لايدري كيف يعبد الرحمن فاعلم ان لذلك بيانين اظهر و اخفي اما البيان الاظهر فهو ان الله جل و عز لو شاء ان يعرف نفسه عباده بغيرهم لفعل و لو شاء ان يبلغ الي عباده اوامره من غير طريقهم لفعل ولكنه الان جعلهم لسان تعريفه و جعلهم الهداة اليه و المترجمون عنه و بعد هذا التقدير لولاهم اي لو سكتوا عن التعريف و عن الاداء الي الخلق اوامر الله و نواهيه و ذلك كقوله7 في الدعاء و لولا انت لم‌ادر ما انت و لاشك انه لامعني لقولك لولا الله موجود بل المراد لولا انت معرف نفسك لم‌ادر ما انت فلولاهم صلوات الله عليهم لماعرفوا الله و لمااهتدوا الي اوامر الله و نواهيه فانهم لم‌يكونوا انبياء يتلقون من الله و لولا نبي مبلغ و حجة حافظ لم‌يعرف الله و لم‌يعرف امره و نهيه البتة و هذا الكلام علي حذو قولهم بنا عرف الله و لولانا ماعرف الله و بنا عبد الله و لولانا ماعبد الله و معني لولانا لو لم‌نقم بهذا الامر و لم‌نؤد الي الخلق كما تقول لرجل صنع صنعا لايعلمه غيره لولاك ماصنع احد هذا يعني لو لم‌تقم بهذه الصنعة و لولا انت في مقام صنع هذه الصنعة فلاشك في انه لولاهم ماعرف كما ان من لم‌يأخذ عنهم لم‌يعرف الله و لم‌يعرف شرايع دينه و كانوا ضلالا في معرفة الله و في دينه و جعلوا امرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون و ليس علي ملة ابرهيم احد غير شيعتهم ببركاتهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۸۰ *»

و اما البيان الاخفي فان الله جل و عز يعرف بجهة تعرفه و لايعرف بذاته ابدا و جهة تعرفه خلق من خلقه و اشرف خلقه و اعلي خلقه و اقرب خلقه و ادل خلقه عليه و انسب خلقه به و ليس هو الا محمد و آل محمد: فان عرف الله فبجهة معرفته عرف و ان لم‌يعرف فلم‌يعرف و هم جهة معرفته لا غير فلولا جهة المعرفة امتنع معرفة الذات و انما يعرف كل شيء بجهة معرفته و جهة معرفته غير ذاته فلولاهم امتنع معرفة الذات و ان قلت فهل كان يمكن ان يجعل الله غيرهم جهة معرفته قلت هم جهة معرفة ‌الله و تعرف الله بهم لانهم الوصف الموافق للواقع بكل جهاتهم و اعتبارات وجودهم و مالهم و بهم و عنهم و منهم و اليهم فان جعل غيرهم جهة معرفة الله و كان هو مخالفا لهؤلاء كان وصفا كاذبا لله عزوجل نعوذ بالله و ان كان هو وصفا صادقا فهؤلاء وصف كذب نعوذ بالله و ان كان ذلك الشيء من جميع جهات الوجود مثل هؤلاء بحيث لا اثنينية فهو هم بلاتعدد فهم هم فكل من هو غيرهم ليس بوصف موافق للواقع والله اجل من ان يصف نفسه بالكذب و يعرف به نفسه لعباده و يأمرهم بتوصيفه بالكذب و هو كان يكون عالما و يصف نفسه بالجاهل و يكلف الخلق بتوصيفه بالجاهل و ذلك ما لايكون البتة فان اراد ان يصف بما يطابق الواقع من كل جهة حتي لايكذب في جهة فلابد و ان لايغاير محمدا و آل محمد و ذلك لان المتغايران لايصدقان علي شيء واحد البتة فافهم هذا البيان الالهي النبوي الولوي و احمد الله و اعلم انه لولاهم ماعرف الله و لم‌يكن لمعرفته معني و امتنع معرفته فما مر في الخبر ان لو شاء ان يعرف نفسه لعرفهم فهو في البيان الاظهر فلو شاء الله ان يبعث اليهم رسولا غير محمد فعل كما ارسل موسي و عيسي ولكن الان ارسله و العصر عصر نبوته او المراد ان ما لايكون ليس بنفي القدرة من الله بل بنفي الاستعداد من الخلق فاذا قلنا ان الله لم‌يخلق انسانا له الف يد ليس لنفي القدرة منه علي ذلك بل هو قادر علي ما يشاء ولكن قابلية الانسان لم‌تستعد لذلك فلم‌يفعل فبالنسبة الي القدر تقول ان الله لو شاء فعل ولكن الله لايشاء ما يخالف الحكمة الا تري ان الله لو شاء ان يكذب كذب ولكن لايفعل و لو يشاء الله لهدي الناس

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۸۱ *»

جميعا ولكن لايفعل و لو شئنا لرفعناه بها ولكن لم‌يفعل و لو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض فعلي ذلك لاينفي القدرة عن الله و يفعل الله ما يشاء بقدرته و يحكم ما يريد بعزته فلو شاء لعرف نفسه عباده ولكن العباد لايطيقون ذلك و لابد لهم من معرفة جهة المعرفة و من معرفه حيث التعرف و هم جهة معرفة الله عزوجل فجعلهم الله سببه و سبيله و بابه الذي يؤتي منه و اما تخصيص العبادة بالرحمن فاعلم ان الله عزوجل سمي نفسه باسماء في خلقه عند خلقه لخلقه ليدعوه بها و الا فذاته جل و عز لا اسم لها و لا رسم و ليس في رتبة ذاته حروف كونية و لا ديوانية و لا صفات فلااسم هناك و لايسمي نفسه و لايحتاج الي اسم و انما سمي نفسه عند خلقه لخلقه ليدعوه به فلما رأينا في عرصة الخلق مبصرات بالنسبة الي ساير الناس يعني لايعلمها الخلق الا بالبصر و لايتصرف فيها الا بالبصر سمي نفسه في هذه العرصة من هذه الجهة البصير لا بمعني ان له بصرا يختص بالالوان و الاشكال و يدرك هذه الاشياء بذلك البصر دون غيره بل هو خالق البصر و العمي و المبصرات و البصير و الاعمي بلاادوات و الات فاسماؤه تعبير عن هذه المعاني و صفاته تفهيم لهذه الحكم و كذلك لمارأينا في خلقه الحكمة و الارتباطات الحكمية و الترتبات الحكمية و الخلق اذا صنعوا شيئا هكذا يقال له حكيم قلنا انه تعالي حكيم لا انه له حكمة كحكمة الخلق بها صنع ما صنع هكذا كيف و هو خالق الحكمة و الحكماء لا من شيء فوصفناه بالحكيم بمعني ان صنعه الحكمة و صنعه صنع الحكيم و هو حكيم في صنعه بصير في الالوان و الاشكال و كذلك سميع في الاصوات و هكذا فاذا عرفت هذا البيان الشريف الذي يرفع كثيرا من الشبهات فاعلم ان للخلق مقام جامعية و جمعية و كلية و هو عند ملاحظة جميعها بعضها علي بعض و الخلق في هذا النظر يسمي بالعرش علي ان العرش بمعني الملك كما روي في معني قوله تعالي الرحمن علي العرش استوي يعني علي الملك احتوي و استوي علي ما دق و جل فاذا لاحظت فحضور الملك بهذا الاعتبار  و قوامهم به و ايجاده

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۸۲ *»

للكل و  امداده للكل فالذي هو كذلك هو صاحب رحمة رحمانية عامة شاملة لايمنعها عن الولي و العدو و القريب و البعيد و المؤمن و الكافر و تحتوي علي جميع الاضداد فمن كان كذلك فهو رحمن بخلاف ساير الاسماء فان كل اسم منها مخصوص بشأن خاص ليس له هذه الجامعية فالمستوي علي الملك و ما دق و جل يسمي بالرحمن و هو السلطان المعطي للكل المنعم علي الكل المفيض علي الكل و المولي للكل و مبدء الكل و مآل الكل و مرجع الكل و هو مقام الشعلة المستوية علي عرش الانوار المفيضة علي كل قريب و بعيد علي السواء و اما اسم الله فهو اسم لواجب الوجود من غير ملاحظة الاستيلاء و الاقتران بل من حيث القدس و التنزه و الاستعلاء و لذلك يوصف بالرحمن و لايوصف الرحمن به و كذلك بكل صفة و لايوصف به صفة فمآل العبيد الي مولاهم و طاعته لمولاهم و عبادته لمولاهم و لذلك خاطب الله اهل العرش اي الملك اسجدوا للرحمن و قال المنافقون و ما الرحمن انسجد لماتأمرنا و زادهم نفورا ولكن مع ذلك ليس عبادة الرحمن غير عبادة الله فان الله هو الرحمن و كل ما ينسب الي الرحمن ينسب الي الله فانه جهة اقتران الله بالخلق و لذا قال الله قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ماتدعو فله الاسماء الحسني فلايتفاوت عبادة الرحمن و عبادة الله فان شاء الانسان الحكيم ان يبين استهلاك العبيد و العبادة و جهتها عند الله قال اعبدوا الله و قال عبادة الله و ان شاء ان يبين جهة العبادة و منتهي العبادة و موقع الصفة اي صفة المعبود علي ان من عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة قال اسجدوا للرحمن و انت لاتسجد للرحمن و لاتعبد الاسم و انما تعبد المعني بايقاع الاسم عليه فتعبد الله بعبادة الرحمن و قال لولاهم لايدري كيف يعبد الرحمن و اعلم انك ان لاحظت جملة الاسماء والصفات فالله جهة رب الرحمن و الرحمن جهة نفسه و ان عبرت بالرحمن عن الذات و ابتدأت في الصفات باولها فالرحمن جهة الرب و الرحيم جهة النفس في داخل الباب و المنتقم جهة النفس خارج الباب و لماكانت البسملة آية الرحمة و الامان و لذلك تركت في سورة‌

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۸۳ *»

البراءة اختصت بالرحيم و اختصت بهذه الاسماء الثلاثة فانت تستعين في كل امر باسم من تسميه بالله و الرحمن و الرحيم او تفتتح و تبتدئ في کل امر باسم من تسميه بالله و الرحمن و الرحيم و ان كان الاضافة بيانية فتبتدئ باسم هو الله و الرحمن و الرحيم فمن لم‌يعرف هذه الاسماء و حقايقها لم‌يبسمل و لم‌يبارك له فافهم ان كنت تفهم.

قال7 فالله يجري امره كيف يشاء فيما يشاء لايسأل عما يفعل و هم يسألون و ذلك تمام الخبر و في نسخة و لايسأل عما يفعل و لايتفاوت المعني.

اعلم ان كل موجود يوجد اذا كان له اربع علل و اذا حصل له الاربع علل وجد ان شاء الله الاول العلة الغائية و هي العلة التي اذا علمه الصانع و توجه اليه الصانع بعث ظله الواقع في نفس الصانع اشواق الصانع نحو اظهاره في الخارج يعني هيأ ذلك الظل نفس الصانع بهيأته فوقع ظل تلك النفس المتهيئة علي المراتب التنزلية التي دونها الي منتهي المراتب و انبعثت كل مرتبة علي التهيؤ بتلك الهيأة علي ما يناسبه فاظهره و ان عاق عن ظهوره عائق كمل ذلك الظهور برفع تلك العوائق و تهيئة اسباب تقتضي ظهوره فذلك الظل اي ظل العلة الغائية اذا وقعت في النفس آثار كوامن اشواقها نحو الحركة و الفعل ليظهره و يهيأ اسباب الظهور و يرفع عوائقه فاذا تحركت النفس نحو الاظهار صارت فاعلة و حركتها فعلا و سميت بالعلة الفاعلية فاذا حصلت العلة الفاعلية اشرق منها اشراق و وقع منها ظل فكان ذلك الظل مادة المفعول المقصود الذي هو ظهور العلة الغائية و تسمي تلك المادة بالعلة المادية و لماكان لحركة النفس هيئة مخصوصة علي طبق العلة ‌الغائية حصل لذلك الظل الذي هو مادة الظهور صورة ظهور و تسمي بالعلة الصورية فاذا تم هذه العلل الاربع حصل الشيء في الخارج و هو ظهور العلة الغائية التي كانت مقدمة في الوجود و لايحتاج الشيء من حيث هو الي غير هذه العلل و يوجد بها و يدوم و يقوم اللهم الا انه قد يكون للشيء متممات شخصية و حدود عرضية يحتاج لها الي علل اربع غير تلك العلل و الشيء اذا كان مجهولا يسأل عنه حتي يعلم و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۸۴ *»

الجهل لايتعلق بحقيقة الشيء الا من حيث صورته فيسأل كيف هو او من حيث مادته فيسأل مم هو او من حيث فاعله فيسأل بم هو او من حيث غايته فيسأل لم هو و انت اذا فتشت الاسؤلة لاتجدها خارجا عن هذه الاربع والله البديع البديء جل جلاله و تعالي قدره احدث ماسوي ذاته المقدسة الازلية القديمة احداثا و لم‌يك شيئا مذكورا فهو محدث العلة الغائية و الفاعلية و المادية و الصورية و لذا روي في الدعاء كان عليما قبل ايجاد العلم و العلة و لم‌يحدث هذه العلل بعلل قبلها اذ لا قبلها شيء و ان كان احدث ساير الاشياء بعدها بها و اما نفسها فلم‌تحدث بعلل سابقة عليها فلايسأل عما يفعل بوجه من الوجوه فلايقال له لم اوجدت ماسواك و بم اوجدت ماسواك و مم اوجدت ماسواك و كيف و علي م اوجدت ماسواك فانه موجد العلل و موجد لايوجد بعلة و لعلة و من علة و علي علة فلايسأل عمايفعل اذ ليس في محال القول حجة و لا في المسألة عنه جواب قال7 لا كيف لفعله كما لاكيف له و اما هم اي ساير الفواعل الخلقية الواقعة في عرض الخلق من الدرة الي الذرة فانهم يسألون فانهم يفعلون لشيء و بشيء و من شيء و علي شيء لامحالة فمجال السؤال عنهم موجود و ان كان فعلهم منسوبا الي الله تعالي الا تري انه يمكن ان يسأل مم خلق الله الانسان فيجاب عنه خلق الانسان من طين او من صلصال كالفخار او من الماء فجعله نسبا و صهرا او علي م خلق الله فيقال كالفخار مثلا او لم‌ خلق الله فيقال للعبادة مثلا فيسأل عما يفعل في اوساط الملك و اما في بدء الملك و فتحه فلايسأل و لماكان مآل الخلق كله الي ابتدائه صح ان يقال لايسأل عما يفعل فقل بقول مطلق لايسأل عما يفعل و هم يسألون و هو يجري امره كيف يشاء فيما يشاء و لك ان ترجع الكناية الي آل محمد: فتقول لايسأل الله عما يفعل فانه فاعل العلل و آل محمد يسألون و يمكن السؤال عنهم لانهم يفعلون ما يفعلون لشيء و بشيء و من شيء و علي شيء و استشهد بهذه الاية في آخر الخبر اشعارا بان الله سبحانه خلقهم هكذا و لايجوز السؤال عن فعله لم خصصت محمدا و آل محمد بما خصصت و لم فضلتهم علي جميع خلقك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۸۵ *»

تفضيلا فانه لا كيف لفعله كما لاكيف له و هو يجري امره و سنته و مشيته كيف يشاء فيما يشاء و قد شاءهم هكذا و جعلهم هكذا و جعلهم علل الخلق التي لا علل لها و لذا قال في حديث النورانية الذي مر بعد ذكر فضائله و لو قال قائل لم و كيف و فيم لكفر لانه لايسأل عما يفعل و هم يسألون الخبر فافهم راشدا موفقا و فيما ذكرنا من شرح الخبر كفاية و بلاغ و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله و انا اقول سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم.

و اعلم يا اخي اني ابطأت في اجابتك كثيرا لكثرة اشتغالي بالمباحثات و تعليم الفقه و التصنيف فيه و ورود المسائل من الاطراف و انا معتذر اليك و العذر عند كرام الناس مقبول و العفو منهم مأمول و اني و ان ابطأت في الجواب لكن ظني اني قد جئت بما تحب و ترضي في هذا الكتاب و نشرت فيه فضائل من فضائل الائمة الاطياب عليهم صلوات الله الوهاب و ان كانت كقطرة في البحر الاخضر و رجائي منهم ان يقبلوا مني ذلك فانه منهم و اليهم و لهم و الا فانا اجهل عبيدهم ليس لنا علم و لا فهم و لا عقل الا ما كان ببركاتهم و بفضلهم الابتدائي فانقطع الكلام و هذا هو الختام و الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطيبين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين و استغفر الله من زلة الاقدام و انحراف الاقلام و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم كتبه العبد الاثيم و الفاني الرميم كريم بن ابرهيم بيمناه الداثرة و جوارحه البايرة حامدا مصليا مستغفرا و كان الفراغ منه يوم السبت الخامس عشر من شهر محرم الحرام من شهور سنة خمسة و ثمانين من المأة الثالثة عشرة من الهجرة اسأل الله ان يعجل فرج بقيته7 و يديم ظله علي رؤس الانام تمت.

([1]) يارد في الانجيل كذا.