شرح المشاعر – الجزء الثانی
من مصنفات الشیخ الاجل الاوحد المرحوم
الشیخ احمدبن زین الدین الاحسائی اعلی الله مقامه
قال و ان اريد به المعني البسيط المعبر عنه بالفارسية بهست و مرادفاته فهو موجود و موجوديته هو كونه في الاعيان بنفسه و كونه موجودا بنفسه كونه وجودا لا ان له امرا زايدا علي ذاته و الذي يكون لغيره منه يكون له في ذاته كما ان الكون في المكان و الزمان لهما بالذات و لغيرهما بواسطتهما و كما في التقدم و التأخر الزمانيين و المكانيين فانهما لاجزائهما بالذات و لغير اجزائهما بواسطتهما و كما في معني الاتصاف فانه ثابت للمقدار التعليمي بالذات و لغيره بسببه و كالمعلومية للصورة ( للصور خل ) العلمية بالذات و للامر الخارجي بالعرض .
اقول يريد بالمعني البسيط من الوجود الذي يعبر عن ضده بالفارسية نيست و مرادفاته و ما كان بمعناه مثل الحصول و هذا الذي يشير اليه ليس هو الوجود الذي هو حقيقة الاشياء عندنا و لا عنده في بعض الاحوال لان عباراته في المراد منه مضطربة جدا فمرة يفهم من بعضها انه الواجب تعالي و مرة يفهم منها انه المطلق الصادق علي الواجب و الحادث و تارة يفهم منها ارادة الحادث بخصوصه و تارة يفهم منها ارادة المعني المصدري كما هنا فان قولك ان زيدا هست لمترد بهست حقيقته و انما تريد به حصوله و هو معني مصدري فعلي و ليس مما نعني ( يغني خل ) به من الوجود في شئ نعم عبارات القوم من المشائين و الرواقيين و المتكلمين صريحة في ارادة هذا لكنهم يجعلون الشئ هو الماهية و هذا الوجود عارض عليها و قولهم هذا صحيح لو عرفوا حقيقة المراد منه و انما نقول ان كلامهم باطل لعدم معرفة المراد من ذلك و معرفته
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 174 *»
كما نريد قد اشرنا اليه سابقا من انا نريد بالوجود هو حقيقة الشئ الفائضة من فعل الله سبحانه و هي عندنا هي المادة المطلقة خلقها سبحانه من الامكان الراجح الذي هو محل المشية الامكانية و متعلقها و من هيئة تلك المشية التي هي فعله فامكنها بتلك المشية الامكانية ثم كون الشئ بمشيته التكونية ( التكوينية خل ) من حصة من تلك المادة المطلقة و من هيئة مشيته التكوينية الخاصة بذلك الشئ و هذه الهيئة التي هي صورة الشئ خلقت من هيئة مادته بهيئة المشية الخاصة به فالوجود الذي خلق بنفسه لا بوجود زائد علي نفسه هو حقيقة هذا ( ذلك خل ) الشئ المركبة في الاصل من المادة المسماة بالوجود الموصوفي و من الصورة المسماة بالوجود الصفتي فان تلك الحقيقة خلقت بنفسها لا بحقيقة زائدة علي نفس تلك الحقيقة و هذا الوجود المعبر عنه بهست عارض علي ذلك الوجود و هو نسبة له خارجية و الحصول مثله و هذا غير الحصول الذي هو ذلك الشئ و هو كونه لا كونه في الاعيان كما هو المراد من حصولهم هذا و هو قول المصنف و موجوديته هو كونه في الاعيان بنفسه و هذا معني مصدري فعلي عارض للشئ باعتبار حضوره ما بين امثاله بخلاف حصولنا و كوننا اذا اطلقنا احدهما نريد به الوجود اي حقيقة الشئ اي الذي به الكون في الاعيان و بيان حصولنا و كوننا علي جهة الاختصار و الاقتصار مضافا الي ما سبق و هو انه اذا اراد سبحانه ايجاد شئ اوجده اي احدثه و هو احداث وجوده فقال له كن فالامر كن و صورته الكاف و النون اشارة الي الكون بالكاف و الي العين التي تسمي الماهية بالنون فكما ان الامر الذي هو المؤثر باذن الله صورته مركبة من الكاف و النون كذلك الاثر الذي هو حقيقة الشئ مركب من اثر الكاف الذي هو الكون و من اثر النون الذي هو العين و معني قولنا الاثر ان الكاف و النون يشار بهما الي ثلثة اشياء الاول بالكاف الي المشية و النون الي الارادة و الثاني بالكاف الي الفعل الذي هو المادة و بالنون الي الانفعال الذي هو القابلية و الصورة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 175 *»
و الثالث بالكاف الي التكوين و التأثير و بالنون الي التكون و التأثر فالصادر من فعل الله عند ايجاد الشئ هو الوجود و ليس في الحقيقة شئ غير مادته و صورته علي نحو ما قدمنا فهما وجوده و هما كونه و هما حصوله و ليس غيرهما شئ الا المصدري الارتباطي الفعلي لانه في وجوده متوقف علي تحقق الحاصل و الكائن و الحاضر و الحصول و الكون و الحضور العامية نسبة المترتبة علي وجوده لا وجوده و قوله و موجوديته هو كونه في الاعيان بنفسه ، فيه ان الموجودية عندهم و عنده من المعقولات الثانية و هي معني اعتباري عدمي عنده فجعلها هي وجوده قول بقولهم الذي نفاه و هو الآن بصدد نفيه و انما هي موجودة في الخارج علي قولنا لا علي قوله نعم قد يستعملها في المعني التحققي و يطلقها علي الوجود كما فعل هنا و جعل كونها في الاعيان هو وجودها و قد سمعت ان الكون في الاعيان معني مصدري نسبي تابع للوجود زائد عليه و قوله و الذي يكون لغيره منه يكون له في ذاته صريح بان الوجود شئ غير الماهية في الخارج و الذهن لانه يقول ان الماهية لا وجود لها من نفسها بل بالوجود و هو يشعر بكونها به في الخارج فلا معني للاتحاد الذي يدعيه و الامر كذلك و اما عندنا فالشئ هو الوجود بلحاظ انه اثر لفعل الفاعل عز و جل و هو الماهية بلحاظ انه هو و تشبيهه بالمكان و الزمان في قوله كما ان الكون في المكان و الزمان لهما بالذات و لغيرهما بواسطتهما يشعر بان الوجود زايد علي الماهية كما يقوله الاكثرون و ان كان هو لايرتضيه لان الكون للمكان في المكان و الكون للزمان في الزمان هو نفس الكائن لانه كون الشئ في نفسه و هذا ظاهر و اما كون المكان في الزمان و كون الزمان في المكان و كون غيرهما فيهما فهو زائد علي الكائن بخلاف ما اراد و ذلك علي رأيه و اما علي رأينا فله عندنا وجه مصحح و هو ان الكون للشئ كونان كون هو وجوده و هو كونه في نفسه بنفسه ( نفسه خل ) و له جهتان احديهما يراد بها كونه بنفسه انه احدث و اخترع بنفسه و اقيم بنفسه و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 176 *»
هذا وجوده الشامل للوجود الموصوفي المقبول و الصفتي القابل و ثانيهما كونه الذي هو قابليته و انفعاله و متممات ذلك من الكم و الكيف و المكان و الزمان و الجهة و الرتبة و ما يتبع ذلك من الوضع و الاذن و الاجل و الكتاب و غير ذلك من المشخصات كالاقوال و الاحوال و الاعمال مما بينه الشرع الشريف امرا او نهيا و مجموع هذه هو الوجود الصفتي و هو جزء الشئ و هو جهته من نفسه و هو وجه ماهيته و كون هو حصوله في الاعيان اي في شئ او لشئ و هذا المعني نسبي مصدري زايد علي ماهيته و كذلك الكلام في التقدم و التأخر الزمانيين و المكانيين فانهما اي التقدم و التأخر لهما حكم الحصول بالنسبة الي الحاصل علي نحو ما تقدم فما كان من مادتهما و صورتهما فذاتي بالنسبة اليهما و ما كان منهما نسبة لاجزاء الزمان و المكان و ما كان منهما ايضا لغير اجزاء الظرفين بواسطتهما فكله زائد علي الماهية تابع لها مترتب علي وجودها اي علي وجود ما كان نسبة ( نسبته خل ) له و قوله كما في معني الاتصال فانه ثابت للمقدار التعليمي الخ ، المراد بالاتصال في المعني كون شئ واحد يقدر فيه اجزاء تشترك في الحد في الحقيقة لا خصوص الاصطلاحي الذي هو الجسم التعليمي و هو الشبح بلا مادة جوهرية فمعني الاتصال بالمعني اللغوي ثابت لنفسه بالذات و لمادة الجسم الطبيعي كذلك و بالمعني الاصطلاحي ثابت لنفسه بالذات و لمادة الجسم الطبيعي بالعرض و التبعية فيكون اتصال اجزائها علي الاصطلاحي انما هو ظله و اثره و ذكر المصنف التعليمي يدل علي خصوص ارادة الاصطلاحي فيلزمه ان ما في الماهية من الوجود كالاتصال الذي في المادة من اتصال التعليمي فيلزمه علي هذا التمثيل عدم اتحاد الوجود بحقيقته بالماهية و انما المتحد بها خارجا هو ظله فان سلم له الاتحاد وجب ان يكون المتحد هو عرض الماهية او ان الماهية عارضة علي الوجود عند تحققها بعرضه لئلايكون المعلول اقوي من العلة و متبوعا لها فيلزم من عروضها قول الصوفية الذي نفاه سابقا و ان لميسلم فالحجة ان الخارجي جوهر لا عرض فافهم
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 177 *»
و قوله و كالمعلومية الكلام فيه كالكلام في الموجودية و المراد ان كون الصورة العلمية معلومة بنفسها هو كونها علما و اعلم ان الناس اختلفوا في العلم هل هو نفس المعلوم ام غير المعلوم ام بعض منه هو المعلوم و بعض غيره فقال بعض اهل الاشراق ان العلم نفس المعلوم مطلقا اي في الواجب و الحادث و في الغيب و الشهادة و قال المتكلمون و بعض من غيرهم ان العلم غير المعلوم مطلقا خرج منه ما ثبت بالدليل القطعي في علم الله تعالي بذاته لعينية الصفات و بقي الباقي علي عموم اصل المغايرة و قال جماعة من المشائين و غيرهم بان العلم في الغيب كالصور الذهنية و المعاني العقلية عين المعلوم و الا لزم التسلسل و في الشهادة غير المعلوم فالعلم بالصورة بالذات للعينية و بذي الصورة بالعرض لشهادة الوجدان ان صورة العلم بزيد غير زيد و الحق الذي يشهد له العيان و البرهان و تجري عليه احكام الايمان هو الاول و قد ذكرنا عليه شواهد قطعية في شرح رسالة الملا محسن الذي صنفها لولده علمالهدي في كيفية علم الله تعالي و ان اتي فيما بعد ما يقتضي ذلك ذكرنا شيئا من ذلك ان شاء الله تعالي و ظاهر كلام المصنف الميل الي الثالث فان قوله كالمعلومية للصور العلمية بالذات و للامر ( الامر خل ) الخارجي بالعرض فان قوله بالذات ان معلوميتها عين علميتها بالذات كما اذا تصورت زيدا فان هذه الصورة هي العلم به و لا ريب انها معلومة لك و لاتعلمها بصورة اخري و الا لزم التسلسل فتعلمها بنفسها و كون زيد معلوما لك بالعرض يعني ان معلومية الصورة حاصلة لك بالذات لان الصورة ثابتة في ذهنك و معلومية زيد حاصلة لك بالعرض اي بواسطة الحاصلة لك و هو الصورة بذاتها و اما معلومية زيد فبتبع معلومية الصورة لانها هي الملحوظة فمعلومية زيد ماحصلت و لالحظت بالذات بل ثانيا و بالعرض و اعلم ان الصورة التي في ذهنك هي صورة زيد حالة ( حال خل ) رؤيتك له و هي صورة منفصلة منه و لهذا اذا غاب عنك بقي عندك ما انتزعته بمرءاة خيالك من مثال زيد و مدة غيبته عنك فانت لاتعلم شيئا من احواله هل هو ماش ام قاعد ام حي ام ميت و لو كان ما عندك هو الصورة المتصلة به لكان كل ما تغير شئ من
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 178 *»
احواله في غيبته تغيرت الصورة التي عندك لان العلم مطابق للمعلوم و مقترن به فلما لمتتغير الصورة التي عندك دل علي انها ليست علما بزيد و انما هي علم بحالة صورته عند رؤيته قبل غيبته و هي صورة منفصلة عنه قائمة بذهنك قيام عروض محفوظة بواسطة مثاله الذي كتبه الملكان الحافظان في لوح غيب مكان الرؤية و وقتها فالمثال قائم هناك الي ( لا خل ) يوم القيمة و هو الشاخص الذي تنطبع صورته في مرءاة خيالك فقول المصنف و للامر الخارجي مبني علي مذاق العوام لان المعلوم الخارجي هنا هو المثال المذكور القائم بتلك الهيئة في غيب ذلك المكان و ذلك الزمان و لو علمه ( علمته خل ) كما وصفت لك لماقال خارجي بل كان يقول هو ذهني و هو عندنا ليس بذهني بل هو خارجي و انما الذهني ما في ذهنك من شبحه و صورته و اما ذلك المثال ان كان خيرا فهو مكتوب اي منقوش في نفس فلك البروج كلا ان كتاب الابرار لفي عليين و ماادريك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون و ان كان شرا فهو مكتوب اي منقوش في الصخرة التي تحت الارض السابعة و هي نفس الجهل الاول و هي سجين كلا ان كتاب الفجار لفي سجين و ماادريك ما سجين كتاب مرقوم فاذا قابلت بمرءاة نفسك و هي الخيال ذلك الكتاب من اي الكتابين بواسطة رؤيتك لظاهرهما انتقش شبح ذلك المثال المنفصل من ذات زيد القائم بذينك الغيبين و المنطبع فيك منفصل منه ايضا فالخارجي الذي يعني هو زيد و هو ليس معلوما لا بالذات و لا بالعرض لان المعلوم بالذات هو الصورة التي في ذهنك و المعلوم بالعرض هو مثال زيد الذي هو حاله وقت الرؤية و الحضور و هو القائم الذي نقشه الملكان الحافظان في غيب مكان الرؤية و وقتها .
قال سؤال فيكون كل وجود واجبا بالذات اذ لا معني لواجب الوجود الا ما يكون وجوده ضروريا و ثبوت الشئ لنفسه ضروري الجواب هذا مندفع بثلاثة امور التقدم و التأخر و التمام و النقص و الغني و الحاجة و هذا المورد لميفرق بين الضرورية الذاتية و الضرورية الازلية فواجب الوجود يكون مقدما علي الكل غير معلول لشئ و تاما لا اشد منه في قوة الوجود و لا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 179 *»
نقصان فيه بوجه من الوجوه و غنيا لا تعلق له بشئ من الموجودات .
اقول ان المصنف لما قرر ان الوجود موجود بنفسه و هو قوله و كونه موجودا بنفسه كونه وجودا استشعر اعتراضا متفرعا علي قوله فجعله سؤالا ليرفع بجوابه عنه جميع الاحتمالات و يحتمل انه اعتراض منهم و علي كل حال فهو اعتراض ضعيف لانهم يقررون ( يقرون خل ) ان المعلول اذا كانت علة وجوده تامة يجب وجوده عند وجود العلة التامة و مثل هذا لايكون واجب الوجود لذاته الا اذا كانت علة وجوده هي ذاته و الوجود الحادث لايدعي احد ان علة ايجاده نفسه و انما الاحتمال في ان وجود الوجود هل هو بنفسه بمعني انه لايحتاج في وجوده الي وجود آخر ام هو مساو لغيره و قوله و هذا المورد ظاهره ان الاعتراض من القائلين بالاعتباري و قوله لميفرق الخ ، ان ضرورية الذاتية و هي القضية التي حكم فيها بامتناع انفكاك المحمول عن ذات الموضوع ما دام ذات الموضوع موجودة و الضرورية الازلية هي القضية التي حكم فيها بامتناع انفكاك المحمول عن ذات ( ذلك خل ) الموضوع مطلقا اي مع قطع النظر عن جميع ما سوي الذات و عن التقييد بما دام الذات و عن الاشتراط بما دام الوصف فالازلية اخص من الذاتية لان كل مادة تثبت فيها الازلية تثبت فيها الذاتية لا العكس و انما اجاب بالفرق بين الضرورتين حيث استدلوا عليه بقوله ان الوجود موجود بذاته فيكون واجب الوجود و هو انما عني بقوله بذاته يعني لا بوجود غيره فاقرهم علي ظاهر القول لانه ( بانه خل ) لو عارض بما اراد امكن ان يردوا عليه بما سيأتي من كلامه من اتحاد العاقل بالمعقول و الحس بالمحسوس فانه يقرر ما يلزمه هنا بما اعترضوا به عليه من وجوب الوجودات فان ما كان وجوده بنفسه فالوجود له ضروري ذاتي فاجاب بالفرق بين الضرورتين بان الذاتي هو ما امتنع الانفكاك عن ذاته ما دامت موجودة فصار بهذا المعني اي القيد وجوده منسوبا الي نفسه بالعلة الخارجة فقد ( و قد خل ) انتهي وجوب وجوده و ذاتيته الي العلة الخارجة و تأثيرها فيه مشروط بثبوته بخلاف الضرورة الذاتية الازلية فان امتناع الانفكاك ليس مقيدا و لا مشروطا لانه ليس من الغير ليتوقف التأثير علي حصول القابل بدءا او
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 180 *»
دواما فلذا قال فواجب الوجود يكون مقدما علي الكل غير معلول لشئ و تاما لا اشد منه الخ ، الا انه يرد علي قولهم و قوله محذور و هو ان القوم اطلقوا الوجوب و جعلوه مشتركا معنويا كما جعلوا الوجود كذلك فلذا توجهت عليهم الاشكالات و اعترضتهم الشبهات فاحتاجوا الي التكلفات البعيدة مما يرد عليهم و من كان عارفا بما هنا يري انهم لايتخلصون من شبهة الا بما هو اسوء حالا منها و اقوي اشكالا و الجواب الحق منع اصل الاشتراك بين الواجب و الحادث في كل شئ لا باللفظي و لا بالمعنوي و المصنف حيث انه قائل بالاشتراك المعنوي وردت عليه الاشكالات اشد من اصحاب الاشتراك اللفظي فيتكلف الاجوبة الغير السديدة المشككة ( المشكلة خل ) و قد يلتزم بالاقوال و الاعتقادات البعيدة المهلكة و لهذا التزم بالاشتراك المعنوي في الضرورة و في الوجوب و في الذاتية فاحتاج في تمييز المعبود عن العابد بهذه الثلثة الامور فقال المعبود سابق لكل شئ و العابد مسبوق و معلول للسابق و المعبود تام مطلق لا اشد منه في التمام و لايجوز عليه النقص بكل اعتبار و العابد ناقص لان فوقه تمام لايتناهي و المعبود غني مطلق لايحتاج الي شئ و لايتعلق بشئ و العابد بخلافه و في بنائه هذا هدم لبنائه لايمكن علي قوله و التزامه زواله بوجه و ذلك لانه قد جعل للمعبود و العابد صفات اشتركا ( اشتراكا خل ) فيها لذاتهما و لا بد ان تكون تلك الصفات وجودية ذاتية و هذه الاشياء الثلثة التي ميز بينهما بها ان كانت ثابتة وجودية ذاتية تركبا مما به الاشتراك و مما به الامتياز و المركب حادث عايد لمحدثه و ان لمتكن وجودية او كانت و ليست ذاتية بطل التمييز و بقي الاشتراك الذي تمسك به اهل الاعتباري في مناقضاتهم لانها ان لمتكن موجودة لميحصل مميز و التمييز الاعتباري و ان صح علي رأي اهل الاعتباري لميصح عند المصنف و ان كانت عرضية كانت خارجة عن ذاتهما ( ذاتيهما خل ) فيلزم ان يكون المميز عارضا و فيه محذوران احدهما ان يكون الاشتراك سابقا فلايعتبر العارض في التمييز الا اذا كان مقسما فيلزم من هذا الاجتماع ثم الافتراق و الاتحاد ثم التغاير و فيه مع ثبوت الجنسية اختلاف احوال الواجب و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 181 *»
مختلف الاحوال حادث و ثانيهما ان يكون القديم محلا للعوارض الغيرية و ذلك حادث يلزم منه الحدوث .
قال اذ وجوده واجب بالضرورة الازلية من غير تقييده بما دام الذات و لا اشتراطه بما دام الوصف و الوجودات الامكانية مفتقرات الذات متعلقات الهويات اذا قطع النظر عن جاعلها فهي بذلك الاعتبار باطلة مستحيلة اذ الفعل يتقوم بالفاعل كما ان ماهية النوع المركب يتقوم بفصله فمعني كون الوجود واجبا ان ( انه خل ) ذاته بذاته موجود من غير حاجة الي جاعل يجعله و لا قابل يقبله و معني كون الوجود موجودا انه اذا حصل بذاته او بفاعل يفعله لميفتقر في كونه متحققا الي وجود آخر يحصل له بخلاف غير الوجود لافتقاره في كونه موجودا الي اعتبار الوجود و انضمامه .
اقول يريد ان واجب الوجود و ان اشترك مع الحادث في حكم الضرورية الذاتية لكن الواجب تكون ضروريته الذاتية ازلية سابقا علي كل ما سواها فالقيود و الشروط لاحقة بالممكنات لان وجوب الوجود الازلي سابق علي ما سواه مستغن عن الافتقار و التعلق و الانتساب الي غيره في كل احواله بخلاف الممكنات فانها مفتقرات الذات متعلقات الهويات يعني انها تفتقر في ذاتها الي الجاعل لا تحقق لهويتها الا بتعلقها بفاعلها فلو نظر الي ذواتها و هوياتها من حيث هي هي وجدت باطلة مستحيلة اذ لاتعقل لها ذات و هوية الا منتسبة الي الغير الجاعل اذ الفعل في حد ذاته يتقوم بفاعله لا بنفسه كما ان النوع في ماهيته انما يتقوم بفصله ثم فرع علي ما قرر ان معني كون الوجود واجبا اذا اطلقناه ( اطلقنا خل ) علي الحق تعالي ان ذاته بذاته موجود من غير حاجة الي جعل و لا الي جاعل يجعله لاستحالة كونه مسبوقا لشئ سواه ليكون حصول مقبوليته من السواء السابق و لايحتاج ايضا الي قابل لمقبوله لا من جهة انفعاله لانه معلل بسبق الصنع و الفعل ثم عطف علي ما فرع علي ما قرره مما سبق فقال و معني كون الوجود موجودا انه اذا حصل بذاته او بفاعل لايحتاج في تحققه الي وجود آخر غير نفسه كما هو شأن غيره من الحوادث فانها تفتقر الي شئ غير ماهياتها
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 182 *»
و هو الوجود و يرد علي المصنف في كلامه هذا ثلث ايرادات الاول علي قوله اذ الفعل يتقوم بالفاعل فان المقام يقتضي ذكر المفعول لا الفعل و انما اتي بالفعل لما يأتي من انه يري ان المفعول يتحد بالفعل بل و الفاعل و فيه ما سمعت و تسمع ان شاء الله تعالي من فساد هذا القول الثاني علي قوله كما ان ماهية النوع المركب يتقوم بفصله و فيه ما تقدم و هو ان تشبيه افتقار هويات الوجودات الامكانية و احتياجها الي جاعلها و تعلق حقايقها به بحيث لو قطع النظر عن جاعلها كانت بهذا الاعتبار باطلة مستحيلة بماهية النوع المركب في تقومه بفصله يلزم منه مساواتها في التحقق بجاعلها و عدم التحقق لعدم تعلقها بجاعلها لماهية النوع المركب بالنسبة الي فصله و ان لذوات تلك الوجودات و هوياتها لذاتها نوع تحقق بدون اعتبار تعلقها بجاعلها كما ان النوع في الحقيقة حصة من الجنس و الجنس لميفتقر الي الفصل في تقومه من حيث هو هو بل باعتبار كما تقدم قوله المنقول من الكتاب الكبير حيث قال ان افتقار الجنس الي الفصل ليس في تقومه من حيث هو هو بل في ان يوجد و يحصل بالفعل فان الفصل كالعلة المفيدة للجنس بل باعتبار بعض الملاحظات التفصيلية العقلية انتهي ، و بعده بقليل في مقام منع ذلك يلزم ان يكون الفصل مفيدا لمعني ذات الجنس فكان الفصل المقسم مقوما هذا خلف ه ، و غير هذا من كلامه مما هو صريح في ان الفصل ليس مفيدا لذات الجنس و حصة النوع منه و ليس هذا حكم الحادث بالنسبة الي جاعله الثالث علي قوله و معني كون الوجود موجودا انه اذا حصل بذاته او بفاعل يفعله الخ ، فان الظاهر من قوله بذاته او بفاعل يفعله انه اراد به المطلق الصادق علي القديم و الحادث و يلزم الاتحاد في الحقيقة او في الحكم و ( او خل ) الصفة و الاشتراك الا بالتمييز و ذلك يستلزم التركيب .
قال سؤال اذا اخذ كون الوجود موجودا انه عبارة عن نفس الوجود و كون غيره من الاشياء موجودا انه شئ له الوجود فلميكن حمل الوجود علي الجميع بمعني واحد و قد ثبت ان اطلاق الوجود علي جميع الموجودات بمعني
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 183 *»
مشترك فلا بد من اخذ الوجود موجودا اما بمعني الذي اخذ في غيره من الموجودات و هو انه شئ له الوجود فلميكن الوجود موجودا لاستلزام التسلسل عند عود الكلام الي وجود الوجود .
اقول هذا الكلام وارد علي قوله قبل هذا و معني كون الوجود موجودا الخ ، فهذا السؤال وارد عليه فان قوله بعد هذا بخلاف غير الوجود صريح في ان الوجود عبارة عن نفس الوجود اي شئ هو الوجود و ان غيره من الاشياء شئ ثبت له الوجود فيتغايران و المصنف حاكم بان اطلاق الوجود علي كل موجود بالاشتراك المعنوي فيكون حقيقة واحدة بسيطة و بناء اعتقاده علي هذا فيلزم من حكمه علي غير الوجود بانه شئ له الوجود و ان جميع الاشياء من هذا الوجود و غيره من الماهيات متساوية في حمل الوجود عليها ان للوجود علي فرض تحققه وجودا فلميكن الوجود متحققا و الا لزم التسلسل او الاشتراك اللفظي و هو لايقول به و هذا السؤال يؤل الي معني دقيق حقيق في باب المناقضة و الالزام بالتصديق فان المصنف اذا الزم ( التزم خل ) بالاشتراك المعنوي و انه حقيقة كل شئ لميخلصه من هذا الاعتراض ما التجأ اليه من التجوز في معني اللفظ المطلق و انه من جهة صدق المفهوم من اللفظ و قد تقدمت الاشارة ان صدق حكم الذهن بمطابقته لما في نفس الامر فاذا حكم علي الخارج بخارج كحكمه علي الانسان بانه حيوان في الخارج كان صحيحا و الا فلا فاذا حكم باشتراك الوجود معني و انه متحد بالماهيات خارجا كان قوله الوجود موجود مساويا لقوله زيد موجود في حمل حقيقة الوجود و جوابه بنفي الاختلاف بحمل الوجود المشتق مقرر للاختلاف لان المشتق غير ما به التحقق فاذا حكم بصحة الحملين بما به التحقق علي الاشتراك المعنوي كما هو المدعي بطل الحكم باتحاد المحمولين او اختلافهما علي المشتق لعدم مطابقته لما في نفس الامر لان المصدري ليس هو ما به التحقق عندنا اذ علي الاشتراك المعنوي لو جوزناه منعنا حمل المصدري علي ذات الحق تعالي و ان جوزناه في الحمل علي عنوان معرفته .
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 184 *»
قال جواب هذا الاختلاف بين موجودية الاشياء و بين موجودية الوجود ليس يوجب الاختلاف في اطلاق مفهوم الوجود المشتق بين الجميع لانه اما معني بسيط كما مرت الاشارة اليه و اما عبارة عما ثبث له الوجود بالمعني الاعم سواء كان من ثبوت الشئ لنفسه الذي مرجعه عدم انفكاكه عن نفسه او من باب ثبوت الغير له كمفهوم الابيض و المضاف و غيرهما فان مفهوم الابيض ما له البياض سواء كان عينه او غيره .
اقول قد اجاب عن قولهم بلزوم الاختلاف بين الحملين بل و المحمولين بان كون الوجود في نفس الامر موجودا بمعني انه موجود بنفسه لا بوجود آخر و ان غيره به موجود لايلزم من ذلك منع اطلاق الوجود عليهما لان المحمول اما نفس المعني البسيط المعبر عنه بهست اي الحصول و الثبوت و اما الوجود بالمعني الاعم الشامل بمعني ما ثبت له الوجود سواء كان ثبوته بنفسه اي بالضرورة لعدم انفكاك الشئ عن نفسه ام ( او خل ) من غيره و هو بكل من هذين المعنيين يجوز ان يؤخذ منعا للملازمة المناقض بها لاطلاقه علي الجميع علي السواء و اعلم ان عبارة المصنف بحسب ظاهرها غير متسقة فانه في الجواب في تعليله لنفي الاختلاف في اطلاق مفهوم الوجود المشتق في حمله علي الوجود و غيره في قوله لانه اما معني بسيط كما مرت الاشارة اليه و اما عبارة عما ثبت له الوجود و ذكر الوجود المحمول علي قسمين فقال ان المحمول اما معني بسيط و يريد به المعبر عنه بهست و اما عبارة عما ثبت له الوجود و هذا القسم بيان للموضوع و هو يريد تقسيم المحمول و يمكن تصحيحها بان يقال لعله اراد بقوله و اما عبارة عما ثبت له الوجود ان المحمول يراد منه اما المعني البسيط و اما ثبوته لما ثبت له الوجود بالمعني الاعم اي ثبوته لشئ اعم من ان يكون هو نفس ما ثبت له امر غيره فيكون العموم و الشمول اما من ذات المحمول كالمعني الاول البسيط و اما من جهة حمله و تعلقه اي كون حمله و تعلقه مطلقا يعني غير مقيد بالمغايرة و عدمها و اما هو مطلق الثبوت و حينئذ تتسق عبارته ظاهرا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 185 *»
و باطنا بمثل هذا التوجيه و التقدير و اعلم ان من القائلين بالاشتراك المعنوي بين الواجب و الممكن من وجود و ماهية بقول مطلق يجعلون هذا الشامل بالنسبة الي الوجود الحق تعالي انما كان صادقا علي وجود الحق الخاص عز و جل صدق العارض علي المعروض و كذلك صدقه علي كل ما شمله فانه عارض عليها لان الوجود الحقيقي هو ذات الشئ و ذات الشئ لاتصدق علي غيره فالشامل المقول بالاشتراك المعنوي علي الجميع هو المعني البسيط المعبر عنه في الفارسية بهست و المصنف في ابحاثه في اوايل هذا الكتاب قائل بهذا و ان كان فيما يأتي يجعل الشامل هو الحقيقي المتحد في كل شئ بماهيته خارجا و لهذا نعارضه في اكثر ادلته بما يناقض هذا المراد و ان كان اراد بالشامل المعني الاولي كما اراد هنا في هذا البحث لان عباراته لاتكاد تتخلص في خصوص مراد بل تعطي في اغلبها التردد بين المعنيين المرادين من الوجود المطلق لان قوله ليس يوجب الاختلاف في اطلاق مفهوم الوجود المشتق بين الجميع لانه اما معني بسيط كما مرت الاشارة اليه و اما عبارة عما ثبت له الوجود بالمعني الاعم الخ ، صريح بظاهره انه اراد بهذا المطلق المعني الاول اي مطلق الحصول و الثبوت الشامل للكل بالاشتراك المعنوي و مع هذا كله فانا اناقضه بالمعني الثاني اعني الحقيقي الذي به الحصول و التحقق و هو المتحد بالماهيات في الخارج لا هذا المعني الاشتقاقي المصدري لان كلامه في الحقيقة يدور علي مفهومه اللفظي فيريد منه مرة المعني الاول و تارة المعني الثاني لانه كما تقدم يصفه بانه هو بنفسه في الاعيان و غيره به و انه غني عن غيره و انه اخفي الاشياء كنها و ابعدها ادراكا و هذا المعني المصدري ليس يصدق عليه شئ من هذه الاوصاف لانه صفة و نسبته مسبوق بالموصوف المنسوب اليه علي ان هذا لايوصف بالوجوب لذاته لانه غير الذات الحق تعالي و لايجوز ان يكون عارضا للوجوب الذي هو ذاته المقدسة لان ذاته تعالي ليس محلا للغير و في غير الواجب تعالي ايضا كذلك فانه ليس هو بنفسه في الاعيان و ليس غيره به و هو محتاج الي ما يعرض له و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 186 *»
يحمل عليه و هو اظهر الاشياء و اقربها اكتناها و ادراكا و لهذا لما كان بعض منهم اطلقه علي الواجب تعالي اعترض عليه بانه ان كان هو ذاته تعالي لزم ان تكون ذاته معلومة مدركة لان هذا الوجود معلوم مدرك اجاب بمعني ما تقدم بان هذا ليس هو الوجود الحق و انما هو صادق عليه تعالي صدق العارض علي معروضه و الحاصل الذي ظهر مما ذكرنا ان السؤال باق لان جواب المصنف بالمفهوم اللفظي الشامل و السؤال علي المصداق الخارجي و هما متغايران نعم قد يراد بهذا اللفظ المفسر بالكون في الاعيان و بالحصول و الثبوت و التحقق ما هذه به و هو ذات الكائن في الاعيان و ذات الحاصل و ذات الثابت و ذات المتحقق و هو الشئ و ذلك هو المسئول عنه و الكلام في الحقيقة انما هو فيه فاذا اريد منه ذات الحق تعالي لميقع الا علي عنوان المعرفة و هو المخلوق الذي ليس كمثله شئ اذ به يعرف الله فلو كان له مثل لعرف الله تعالي بذلك المثل فليس كمثله شئ و هو عبد الله و خلقه فتقه و رتقه بيده لا اله الا هو العزيز الحكيم .
قال و التجوز في جزء معني اللفظ لاينافي كون اطلاقه بحسب الحقيقة و كون الابيض مشتملا علي امر زايد علي البياض و انما لزم من خصوصية بعض الاجزاء ( الافراد خل ) لا من نفس المفهوم المشترك نظير ذلك ما قال الشيخ الرئيس في الهياتالشفاء ان واجب الوجود قد يعقل نفس واجب الوجود كالواحد قد يعقل نفس الواحد و قد يعقل من ذلك ان ماهية ما انسان او جوهر آخر هو او واجب الوجود كما انه يعقل من الواحد انه ماء او انسان و هو واحد و قال ففرق اذا بين ماهية يعرض لها الواحد و الموجود و بين الواحد و الموجود من حيث هو واحد و ( او خل ) موجود .
اقول قوله و التجوز اتي به جوابا لسؤال مقدر استشعره و هو ان ثبوت شئ لآخر معناه الحقيقي ان يكون شئ ثبت لغيره فاذا اخذتم الوجود لغيره لميكن شاملا لاخذه لنفسه علي الحقيقة لان المغايرة حينئذ اعتبارية فغاية ما يجوز فيه علي جهة المجاز اذا اخذ بالمعني العام فيكون حمل موجود عليه مجازا لان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 187 *»
طريق شمول الثبوت له مجازي فاجاب عن ذلك بقوله و التجوز اي استعمال المجاز في جزء معني اللفظ كما اذا كان معناه ذا اجزاء فاستعمل في جزء من معني اللفظ المجاز لاينافي هذا التجوز في جزء المعني لاطلاق ذلك اللفظ علي مجموع معناه بالحقيقة لعدم المانع منه فان مفهوم الابيض شئ له البياض سواء كان ذلك الشئ نفس البياض ام امر زائد عليه لان الزيادة العارضة لبعض افراد البياض انما هي من اقتضاء بعض افراد البياض للزيادة لخصوصية كالتقوم بها فهذا الاقتضاء ليس من جهة المفهوم لتساويه بالنسبة الي حقيقة البياض من حيث هي ثم نظر لذلك اي لاتحاد المفهوم و تعدد المصداق فيما استدل عليه و هو مفهوم ثبوت الوجود في اتحاده و تعدد مصداقه في ثبوته لنفسه او لغيره و فيما استدل به و هو مفهوم البياض في اتحاده بالنسبة الي افراده في ثبوته لها و تعدد مصداقه في ثبوته في بعض الافراد لنفسه و في بعضها لامر زايد اقتضته بما ذكره ( ذكر خل ) ابنسيناء في الهياتالشفاء كما نقله المصنف في المتن و هو المذكور الذي مفاده جواز اتحاد المفهوم و تعدد المصداق لان ما يطلق عليه لفظ واجب الوجود من حيث مفهومه قد يراد به الواجب الحق تعالي و يراد به جوهر آخر واجب الوجود و ذلك كلفظ الواحد فانه قد يطلق و يراد من الواحد انه ماء او انسان مع انه واحد و اعلم ان في هذا الجواب و في كلام الرئيس مجازفة حيث كان الجواب و نظيره مبنيا علي غير العلم العياني و ذلك لان افراد المشترك المعنوي متساوية في معني الحقيقة علي نحو التواطي و انما التشكيك العارض لبعض الافراد ليس من جهة نفس الحقيقة بل من جهة قابلية تحقق الفرد في القرب و البعد فيقوي او يضعف فاذا تساوت في نفس الحقيقة لميعرض لشئ منها المجاز من حيث تلك الحقيقة بل لو عرض مجاز لبعض منها فانما هو عارض لما عرض له او بواسطته و انما الجواب الحقيقي ان يكون بنفي المجاز بان يمنع من كون ثبوت الوجود لنفسه مجازا لان ثبوت الشئ لنفسه اوغل من ثبوته لغيره في كل مرتبة من مراتب الوجود اذ ثبوت الوجود للماهية اعني ثبوت علة تحققها لها فرع
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 188 *»
لثبوته لنفسه و تحقق العلية و المعلولية مع الاتحاد اقوي من تحققها مع المغايرة لان الاول اقتضاء الشئ لنفسه لان ذلك شأن صقع الربوبية و ما يقرب من تأثيرها من الآثار لان كل اثر يشابه صفة مؤثره التي بها التأثير و ما نظر به من كلام صاحب الشفاء فليس فيه شفاء لانه لايجري علي طريقة اهل العصمة ( الحق خل ) عليهم السلام اذ كلام الشفاء مبني علي جواز تصور الواجب و الممتنع و هو باطل لان الممتنع ليس شيئا فاذا تصور انما تصور ممكنا لان هذه الصورة الذهنية اما ان تكون حقيقة الممتنع ام ظله فعلي الاول يكون موجودا لا ممتنعا و كذا علي الثاني لان الصورة لاتوجد قبل ذي الصورة فما تصوره ( تصوروه خل ) فهو ممكن كما قال تعالي و تخلقون افكا و اما تصور الواجب فهو تصور الثبوت الحادث و اللزوم الممكن فليس للواجب الحق سبحانه صورة و لا مفهوم غير ذاته او ما يكون اثرا لعنوان عنوان معرفته و هو مخلوق و لهذا قال بعض العارفين ان واجب الوجود لذاته يستحيل ان يكون له ماهية وراء الوجود فلايمكن ان يفصلها الذهن الي ماهية و وجود و هذا ظاهر قال جعفر بن محمد عليهما السلام كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود عليكم الحديث ، فليس له تعالي مفهوم اذ المفهوم للمدرك المحاط به فكيف يمكن تعقل الكثرة في مفهوم هذا اللفظ لان ما يصلح لغيره يمتنع عليه و ما يصلح له يمتنع علي غيره و الا لكان له ند و ضد تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا و معقولية الماء و الانسان من الواحد لتعدد ما يصدق عليه الواحد و اما الواجب فليس حقيقته ( حقيقة خل ) في الحق تعالي تشاركه فيها كون صلوة الظهر واجبة و زيد الموجود واجب الوجود لوجود علته و فرض وجود واجب آخر كما يفرضونه في باب التوحيد فان هذا الوجوب للصلوة ثبوتها و عدم جواز تركها لما يترتب عليه من العقاب مع امكانه و في زيد هو امكاني كيف و حمي ليلة يفسخه و المفروض موهوم لا تحقق له الا في التوهم و هو لفظ ليس له مسمي كما اشار اليه سبحانه بقوله قل سموهم ام تنبئونه بما لايعلم في الارض ام بظاهر من القول علي ان قول المصنف في جوابه غير مطابق للسؤال لان الدعوي اخص من
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 189 *»
الدليل لان السؤال انما تضمن انكار حمل الوجود البسيط الذي به التحقق علي نفسه و علي غيره و الجواب المطابق بمنع ( يمنع خل ) مغايرة المحمول فيهما بان المحمول هو المدعي ثبوته و الثابت لنفسه هو الثابت لغيره لان تحقق نفسه به لا غير و تحقق الغير به لا غير و اعتبار المغايرة لاجل صحة الحمل الصناعي ظاهر معلوم لان المغايرة يجب اعتبار عدمها في نفس الامر في صحة الحمل و انما تعتبر في صحة حمل اللفظ الذي هو دليل المعني و ذلك لان جاهل الاتحاد في الموضوع و المحمول تعرض له المغايرة و صورة الحمل اللفظي فيما توهم الجاهل فيهما المغايرة مقررة للاتحاد الواقعي ( الواقع خل ) عنده و يكفي فيها توهمه لها و الجواب بالمعني المصدري الشامل لهما غير مطابق لان المصدري لاحق لهما بعد تحقق كل منهما به لذاته فاتصاف كل منهما به لذاته فاتصاف الماهية بعد ثبوتها و تحققها بالوجوب المسئول عنه بهذا الوجود المصدري لذاتها لا من حيث ما به تحققها و كذلك اتصاف الوجود به فلايكون مطابقا للوجود المسئول عنه فضلا عن ان يكون هو اياه فتفهم هذا الكلام لتعرف وجه المغالطة فانها من باب اخذ اللازم مكان الملزوم اي ما من الشئ مكان ما به الشئ بواسطة الاشتراك في اللفظ عند الاطلاق و اكثر اجوبته من هذا النوع .
قال و قال ايضا في التعليقات اذ ( اذا خل ) سئل هل الوجود موجود فالجواب انه موجود بمعني ان الوجود حقيقته انه موجود فان الوجود هو الموجودية و لقد اعجبني كلام السيد شريف في حواشي المطالع و هو ان مفهوم الشئ لايعتبر في مفهوم المشتق كالناطق و الا لكان العرض العام داخلا في الفصل و لو اعتبر في المشتق ما صدق عليه الشئ انقلبت مادة الامكان الخاص ضرورية فان الشئ الذي له الضحك هو الانسان و ثبوت الشئ لنفسه ضروري فذكر الشئ في تفسير المشتقات بيان لما يرجع اليه الضمير فيها انتهي ،
اقول هذا الكلام المذكور في التعليقات من نوع ما ذكر لان كلام المصنف مقتبس منه و من مثله و قول الشيخ ان حقيقة الوجود انه موجود يظهر منه كأنه لميعرف اللغة فان حقيقة كل شئ ليست هي انه موجود او
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 190 *»
مخلوق او حادث او ممكن و ما اشبه ذلك فان هذه خارجة عن حقيقة الشئ و الا لاعتبر مفهوم الشئ في مفهوم المشتق و ان اراد بالمشتق نوعا من التفسير مع التقدير الصلة يعني حقيقته انه موجود بنفسه كان الكلام صحيحا من جهة التعبير و لكن يحتاج الي تقدير مضاف هو مضاف اليه اي حقيقة تكوين الوجود انه موجود بنفسه فيكون بيانا لكيفية ايجاده و اين المعنيان مما نحن فيه و يدل علي ارادة الاول قوله فان الوجود هو الموجودية و اتي بهذا المصنف استشهادا له و استدلالا به مع ان الموجودية عنده من المعقولات الثانوية و كلام السيد شريف مليح في صورة اللفظ و قد اعجب المصنف و لقد اعجبني اعجابه كيف قبل منه ان مفهوم الشئ لايعتبر في مفهوم المشتق و قبل كلام الشيخ ان الوجود هو الموجودية و هو بعينه اعتبار مفهوم الشئ كالوجود في مفهوم المشتق كالموجودية لان مفهوم الوجود عرض عام علي اصطلاحهم و مفهوم الموجودية التي هي اسم المفعول هو مفهوم المشتق و هو مستلزم للفصل و ان لميكن فصلا حقيقيا من حيث كونه اسم مفعول الا انه من حيث انه منتزع من الفصل الذاتي الذي هو موجود كان مطابقا له فيكون الموجود فصلا ذاتيا فاذا اعتبر مفهوم الوجود في مفهوم الموجود الذي هو الفصل كان مركبا من الخارجي الذي هو العرض العام و من الذاتي الذي هو موجود للزوم الاتحاد في الحمل و المركب من الذاتي و الخارجي خارجي و الفصل ذاتي لانه جزء ماهية النوع فان قلت انما عنوا بالشئ لفظ الشئ كما صرحوا به و الشيخ و المصنف لميذكرا الشئ و لميريداه و انما ذكرا ان الوجود هو الموجودية و ارادا به كون الوجود موجودا قلت يلزم من ذلك ما قلنا لان الوجود المحمول يريدان به نفس الوجود الذي هو الشئ و الذات و الموجودية صفة فهو كقولك زيد هو القائم فاذا اعتبرت مفهوم زيد في مفهوم القائم لزم دخول العرض العام الذي هو المنتزع من ماهية زيد في مفهوم المشتق فان مفاد قولك زيد القائم هو مفاد زيد الشئ القائم و ان اعتبرته باعتبار المصداق لزم ما نذكره علي نمط ما قلنا اذ مناط ذلك المحذور اعتبار معني الموصوف في معني الصفة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 191 *»
كما اشار اليه السيد شريف في قوله و لو اعتبر في المشتق ما صدق عليه الشئ انقلبت مادة الامكان ضرورية فان الشئ الذي له الضحك هو الانسان و ثبوت الشئ لنفسه ضروري الخ ، ففي كلامهما اعتبرا في الموجودية الوجود لانه هو مفاد الحمل في الحقيقة و اما صحة زيد القائم فلان المعتبر في القائم ما صدق عليه ظهور زيد بالقيام و هو مثاله لا ذات زيد ليرد المحذور كما هو رأي الاكثرين الذين يعتبرون في القائم ما صدق عليه زيد فان المحذور وارد علي قولهم في هذا و في امثاله مما لايثبت به لهم قول صحيح لا في مسائل علومهم و لا في امر توحيدهم و في خلال هذا الشرح يظهر لك كثير من ذلك و مراد السيد شريف ان مفهوم الشئ عرض عام فاذا اعتبر في مفهوم الناطق اسم الفاعل الذي هو المشتق و هو الذي انتزع من الناطق الذي هو الفصل فهو و ان كان غيره باعتبار الذاتية و العرضية الا انه خاصة يصدق علي كل ما يصدق عليه الفصل فاذا اعتبر ذلك العرض العام اعني مفهوم الشئ في مفهوم ما يطابق الفصل كان الفصل مركبا من الداخل في الماهية و الخارج عنها و المركب منهما خارج و يلزم ايضا علي هذا انقلاب مادة الامكان الخاص اعني سلب الضرورة من الطرفين ضرورية لان حمل العرض العام الخارج عن الماهية اذا كان جزءا للداخل الذي هو جزء الماهية حمل الشئ علي نفسه اعني ثبوت الشئ لنفسه و ثبوت الشئ لنفسه ضروري لعدم انفكاكه عن نفسه و كان قبل اعتبار دخوله في الداخل ممكنا بالامكان الخاص و انقلاب الحقايق محال و المصنف يريد انا لو اعتبرنا في المحمول الاتحاد لكان اعتبارا لمفهوم الموضوع في مفهوم المشتق و يلزم منه دخول العرض العام في المشتق و يكون الفصل مركبا و يلزم ما قاله السيد شريف بخلاف ما اذا اردنا بالمحمول المعني البسيط او مطلق الحمل بالمعني الاعم اي مطلق ثبوت الشئ من غير تقييد كونه لنفسه او لغيره فيقال له ان قبولك لكلام الشيخ و هو قوله في التعليقات فان الوجود هو الموجودية يلزم منه دخول العرض العام في المشتق الذي يلزم منه تركيب ( تركب خل ) الفصل كما ذكرنا سابقا مع عدم مطابقة الدليل للدعوي و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 192 *»
الجواب للسؤال لان الدعوي ثبوته بنفسه و الدليل ثبوته بالبسيط او بالمعني الاعم و لميرد به ان الاعم هو الموضوع المتحقق في الخارج و انما يريد في الحقيقة هو المعني البسيط و ذلك البسيط تارة تشمل الوجود بعمومه و تارة بعموم تعلقه و ارتباطه و لما ذكر السيد شريف ان اخذ مفهوم الشئ في مفهوم المشتق يلزم منه المحذور المذكور استشعر اعتراضا تقريره انه علي ما قررت يلزم المحذور مع انهم كثيرا ما يقولون مثل ذلك كما يقولون الضارب شئ ثبت له الضرب و لايلزم عندهم من ذلك شئ فاجاب بقوله فذكر الشئ في تفسير المشتقات بيان لما رجع اليه الضمير الذي فيها يعني انهم هناك انما اتوا به لبيان معود ضمير المشتق و الجواب علي ما هو المعروف عندهم صحيح و اما في نفس الامر فالاتيان به لاجل ما ذكر و عدم لزوم محذور مما ذكر هو في هذا صحيح لكن فيه شئ يلزم الكل لايختص بالسيد شريف و انما ذكرته لبيان سر من اسرار العربية لتقف عليه و هو انك اذا قلت زيد ضارب و فسرت معود الضمير بزيد كما في قولهم ان زيدا ذات او شئ ثبت له الضرب فهو غلط لان ذات زيد لمتتصف بصفة من صفات افعالها في الحقيقة لان صفات الافعال تنتهي الي الافعال لا الي الذات لان الذات لميصدر عنها الضرب و انما صدر عن فعلها و هو شئ غيرها احدثته الذات بنفسه لانه حركة ايجادية يحدث عن حركة ايجادية و هي ذاته و ذات زيد ليست حركة و لاتتحرك في افعالها بذاتها قط و انما تتحرك بفعلها نعم الفعل قائم بزيد قيام صدور و هو ثابت له في ملكه و استطاعته الخارجة عن ذاته لا في ذاته فمعني انه ثبت له الضرب اي ثبت له في ملكه فعود الضمير اليه مجاز و الضارب اسم فاعل و الفاعل هو الفاعل للضرب و هو الظاهر به و هو صفة فعلية لذات زيد فالضارب صيغ من الحركة الايجادية للضرب و من الضرب الذي هو الاثر و في الحقيقة هو مثال زيد لا زيد تأمل في قولك جاء زيد الضارب فان زيدا مرفوع فاعل جاء و الضارب مرفوع باي شئ و كم استحقاقه من المجيء حيث قلت مرفوع بالتبعية فهو مرفوع لانه ظله و شعاعه فاستحقاقه من الفاعلية واحد من سبعين و رفعه كذلك و هذا تنبيه و الا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 193 *»
فبيانه يحتاج الي تقديم مقدمات و قولي سابقا ان كلام السيد شريف مليح في صورة اللفظ فيه تنبيه علي ما يرد علي كلامه و لو اعتبر في المشتق ما صدق عليه الشئ انقلبت مادة الامكان الخ ، فيه ان قولك كل انسان ضاحك لايكون ضاحك نفس الانسان ليلزم منه المحذور اذ الانسان ما ثبت له الضحك و ما يثبت للشئ قد يكون لاحقا بذاته و قد يكون لاحقا بفعله او صفته مثل الانسان ناطق و زيد ضارب و عمرو مالك و قيل في تصحيح معني عدم اخذ مفهوم الشئ في مفهوم المشتق انه يلزم التكرار في الماهية الموصوفة و هو معلوم الانتفاء ه ، يعني لو انك اخذت مفهوم الشئ في مفهوم المشتق و قلت في جاء زيد الضارب معناه جاء زيد الشئ الضارب و الضارب صفة لزيد كان المعني جاء زيد زيد الضارب لان زيدا هو الشئ الذي له الضارب فيلزم التكرار ( التكرر خل ) في الماهية الموصوفة و الحق انه لايلزم الانقلاب المذكور لان المشتق غير الفصل و تركيب ( تركب خل ) المغير من الخاصة و العرض العام بالنسبة الي المفهوم يكون رسما مفيدا للتميز بالخارج و كلاهما خارج فهو كقولك الانسان ضاحك ماش لايلزم منه الانقلاب المذكور لان المشتق غير الفصل و لو اريد من المشتق الفصل لدلالته عليه انفسخ عنه ما اعتبر في المشتق للعدول عنه حين الارادة و تقرر حكم الفصل و لو لوحظ في مفهوم الشئ معناه الخارجي لكان اذا اعتبر في المشتق جاء فيه ما قلنا في معود ضميره فيبطل الحمل لان معني الشئ هو الذات و معود ضمير المشتق هو مثاله كما ذكرنا و اذا اعتبر في الفصل كان قولك الانسان الشئ الناطق اخذا ( اخذ خل ) من الجنس البعيد او يكون بدلا لفائدة الابهام او التخصيص فلايلزم تكرر الماهية و ان جاز تكررها بقصد خاص لذلك لعدم الفائدة .
قال و هو قريب مما ذكره بعض المتأخرين في حاشية القديم لاثبات اتحاد العرض و العرضي فعلم ان مصداق المشتق و ما يطابقه امر بسيط ليس يجب فيه التركيب بين الموصوف و الصفة و لا الشئ معتبر في الصفة لا عاما و لا خاصا .
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 194 *»
اقول هو المحقق الدواني قال في الحاشية القديمة لايدخل في مفهوم المشتق الموصوف لا عاما و لا خاصا لانه لو دخل في مفهوم الابيض مثلا الشئ كان معني قولك الثوب الابيض الثوب الشئ الابيض و لو دخل فيه الثوب بخصوصه كان الثوب الثوب الابيض و كلاهما معلوم الانتفاء انتهي ، و اورد علي هذا معاصره السيد بانه لو دخل فيه الشئ او الثوب لميكن معناه ما ذكره بل يكون معناه علي الاول الثوب الشئ له البياض و علي الثاني الثوب الثوب له البياض انتهي ، و قال المحقق الباغنوي في حاشيته علي الحاشية القديمة في توجيه كلام الدواني بهذه العبارة المراد بالابيض هيهنا هو الناعت وحده و هو الذي عبر عنه بالفارسية سفيد و حاصل غرضه انا نعلم بالبديهة انه ليس في توصيف الثوب بالابيض تكرير الموصوف اصلا لا بطريق العموم و لا بطريق الخصوص مع انه لو كان الموصوف داخلا في مفهومه لزم التكرار انتهي ، و اقول مراد المحقق الدواني ما وجهه الباغنوي يعني ان الابيض صفة للثوب لايلحظ جهة الموصوف بعموم فيقدر له الشئ و لا بخصوص فيقدر له الثوب لان الابيض صفة محضة تحمل علي جهتها من الموصوف فلايكون من تلك الجهة محمولة علي نفسها مع الصفة لا بخصوص و لا بعموم و ان اتحدت بها بعد الحمل اتحادا ركنيا لكون الصفة ركنا لتلك الجهة من الموصوف و المعقول ان الصفة و جهتها محمولان بعد الحمل محتمل فيه حمل الصفة علي الجهة مثاله الابيض في قولك الثوب الابيض فانه مركب من البياض الذي هو ركن الابيض و من جهة الموصوف به اعني الثوب و هو مثاله و صورته فحمل البياض علي المثال و حمل المركب علي الثوب فبالعبارة الظاهرة ليس في الابيض شئ من ذات الثوب و انما المعتبر في الابيض منه جهة الاتصاف بالابيض و تلك الجهة قام بها البياض كما قلنا في القائم صفة لزيد انه ليس يعتبر فيه شئ من ذات زيد لا بخصوص كما توهموا في قولهم الثوب الثوب الابيض و لا بعموم مثل الثوب الشئ الابيض و انما فيه ظهور زيد بالقيام و هو الحركة و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 195 *»
حدتها المحمول عليها الذي هو ركنها و هو القيام و مجموعهما القائم محمول علي تلك الجهة التي هي جهة اتصافه به و هي ظهوره بالقيام و هو الصورة و المثال المعبر عنه بالفاعل و القائم اسمه فعلي كل اعتبار لايتصور ذات الموصوف في المشتق لا في ذاته و لا في مفهومه فاذا قصد ذلك علي جهة العموم و قيل الثوب الشئ الابيض او الخصوص و قيل الثوب الثوب الابيض لمتتكرر ماهية الموصوف لذاته و انما يظهر صورة عموم ظهوره علي الاول و صورة خصوصه علي الثاني و اما توجيه السيد علي فرض دخول الشئ او الثوب بان معناه علي الاول الثوب الشئ له البياض و علي الثاني الثوب الثوب له البياض فمبني ( علي خ ) كلامه السابق و ما يقال علي الكلامين واحد و قول المصنف لاتحاد العرض و العرضي يشير به الي ان كلام الدواني و السيد متقاربان لاتفاق رأيهما في اتحاد العرض اي الابيض اذا اخذ بشرط لا المقابل ( القابل خل ) للجوهر بالعرضي كالابيض اذا اخذ لذاته اي لا بشرط شئ و ان اختلفا في اللازم علي فرض دخول الموصوف في الصفة فان السيد جعل اللازم من ذلك الانقلاب المذكور سابقا و اليه يميل المصنف فيما مر من قوله الذي مرجعه عدم انفكاكه عن نفسه و الدواني جعل اللازم تكرر الماهية في قوله لكان معني قولك الثوب الابيض الثوب الشئ الابيض لو كان الداخل الشئ و لو كان الثوب كان الثوب الثوب الابيض و لاجل موافقته في اللازم و الملزوم للسيد قال و لقد اعجبني كلام السيد و لموافقته للمحقق الدواني في الملزوم و مخالفته في اللازم قال و هو قريب مما ذكره الخ ، و وجه دليله من كلامهما ان البياض المحمول علي الابيض ليس هو المعني المصدري لانه عنده من الامور الاعتبارية التي لا تحقق لها في الخارج و الابيض متحقق اللون خارجا بل المحمول عليه معني خارجي بسيط و هو المعبر عنه بالفارسية بسفيد فيكون المحمول عنده علي الوجود و الماهية ليس هو المعني المصدري المعبر عنه بالفارسية بهستي بل المعني البسيط الخارجي المعبر عنه بالفارسية بهست و قد تقدم الكلام علي جعل المحمول المعني البسيط و كل هذا و امثاله تمحل في
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 196 *»
الاستدلال بما لايجدي و لاينفعه الاستشهاد بكلام السيد شريف الا ان يقول بجواز اخذ مفهوم الموصوف في مفهوم الصفة لذاتهما لان المحمول لا محالة يتحد بعد الحمل مع الموضوع اما في الذات او في جهة الاتصاف فاذا جعل المحمول هو المراد بهست اي المعني البسيط كان هو الصفة و المنازع فيه هو الموصوف و لا بد من الاتحاد بعد الحمل فان كان المحمول صفة لميحمل علي ذات الموصوف كما حققناه مرارا لعدم اتحاد الصفة بذات الموصوف و ان كان هو الذات صح عندنا الا انه عنده يلزم عليه التسلسل و مع هذا فلايقال انه المعني البسيط المعبر عنه بهست لان هذا صفة لما به التحقق و ما به التحقق هو المتنازع فيه لا صفته اللاحقة للمتحقق سواء كان بنفسه ام بغيره و قد تقدم هذا المعني متكررا .
قال سؤال ان كان الموجود ( الوجود خل ) في الاعيان صفة موجودة للماهية فهي قابلة له و القابل وجوده قبل وجود المقبول فتقدم الوجود علي الوجود .
اقول هذا السؤال ليس بصحيح في نفس الامر و ان كان علي طريقتهم معتبر و لهذا اعتبره المصنف و استعد به و تكلف للجواب عنه اما قولنا انه ليس بصحيح فلان المصنف لايدعي كونه صفة في الخارج لان هذا رأي المتكلمين و المشائين لان الشئ عندهم هو الماهية و الوجود عارض عليها عكس قول اهل التصوف ان الشئ عندهم هو الوجود و الماهية عارضة عليه و اما المصنف فمذهبه كما مر و يأتي اتحاد الوجود بالماهية في الخارج و انما يفرض عروضه له ( عروضها لها خل ) في الذهن و لكن لما كان مقتضاه منافيا لقوله وجب عليه الجواب عنه و اما علي ما عندنا فالوجود المقبول و الماهية هي القابل هذا بالنسبة الي اصل التكوين لان الوجود عندنا هو المادة المطلقة و الماهية لها اعتباران الماهية الاولي نريد بها انفعال المادة لفعل الله سبحانه فهو القابل و القابل قابلة ( قابل خل ) بانفعاله و انفعاله هو الماهية الاولي و هي كالصورة النوعية فالمادة هو الوجود الموصوفي و الصورة و الانفعال و الماهية الاولي هي الوجود الصفتي لان الوجود خلق بنفسه لا بوجود آخر كما تقول المادة خلقت بنفسها لا من مادة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 197 *»
اخري او بمادة اخري و الصورة و الانفعال و الماهية الاولي خلقت من نفس المادة من حيث هي لا من حيث خالقها و لا من حيث فعله و الاعتبار الثاني ان الموجود من حيث كونه نور الله سبحانه و اثر الله و صنعه هو وجود و من حيث كونه هو هو ماهية و علي كل فرض و كل قول فالقابل و المقبول يجب كونهما في الاعيان دفعة علي جهة المساوقة لايتقدم احدهما علي الآخر كالكسر و الانكسار و ذلك لانه لميكن معه تعالي غيره فاحدث فعله بنفسه اي بنفس الفعل ثم خلق المادة بفعله لا من شئ فانخلقت فانخلق هو الانفعال فبخلق كان المقبول لانه اثره و بانخلق كان القابل لانه اثره و قد تقدم في كلامنا هذا مكررا و نذكره ان شاء الله تعالي فيما بعد ليتحقق في اذهان المؤمنين الطالبين للحق و اليقين و تعيها اذن واعية فعلي ما ذكرنا لايتقدم الوجود علي نفسه و لا علي الماهية الا بالذات كتقدم الكسر علي الانكسار ثم انا نعارض السائلين بقولهم بالوجود الاعتباري بهذا الكلام لانهم لايقولون بتقدم الماهية عليه بل يقولون باعتبار موجوديتها وجدت و نقول الماهية هي القابل و الاعتباري هو المقبول فيلزمهم ان يكون الماهية موجودة قبل اعتبار موجوديتها فتكون موجودة قبل كونها موجودة فجوابهم لنا هو جوابنا لهم .
قال كون الوجود متحققا في الاعيان فيما له ماهية لايقتضي قابلية الماهية له اذ النسبة بينهما اتحادية لا ارتباطية و اتصاف الماهية بالوجود انما يكون في ظرف التحليل اذ الوجود من العوارض التحليلية للماهية كما سبق و سيجيء زيادة ايضاح .
اقول قد ذكرنا ان السؤال المتقدم غير وارد علي المصنف و هو و ان كان واردا علي بعض من المشائين القائلين بان الوجود صفة خارجية متحققة الا انها منضمة الي الماهية لان الصفة لاتقوم بنفسها فهي كالبياض العارض للجسم و اكثرهم قائلون بالاعتباري و السؤال وارد علي البعض و جواب المصنف ليس لوروده عليه بل لبيان عدم الورود فقال كون الوجود متحققا في الاعيان فيما له ماهية و هو سائر الممكنات احترازا عن الواجب تعالي لان وجوده لايزيد علي
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 198 *»
ماهيته لا خارجا و لا ذهنا بخلاف الممكنات عند المصنف فان وجوداتها تزيد علي ماهياتها ذهنا و تعرض لها فكونه كذلك لايقتضي قابلية الماهية له المستلزم للتقدم اذ نسبة قابليتها له لو صحت نسبة ارتباطية و ليس كذلك اذ نسبة قبولها له نسبة اتحادية و شأن النسبة الاتحادية و مقتضاها عدم التقدم و التأخر لان هذا مقتضي المغايرة ثم استشعر اعتراضا و هو انك قائل بعروضه لها في الذهن و هو مناف لدعوي الاتحاد فاجاب بان اتصاف الماهية بالوجود المقتضي للمغايرة انما يكون في ظرف التحليل اي مكان التحليل و التفكيك العقلي و هو الذهن و ذلك بلحاظ المفاهيم لا بشرط شئ و حينئذ يكون عارضا لها عند التحليل لانه من العوارض التحليلية لها .
قال سؤال ان كان الوجود موجودا فاما ان يتقدم علي الماهية او يتأخر او يكونا معا فعلي الاول يلزم حصوله مستقلا دون الماهية فيلزم تقدم الصفة علي الموصوف و تحققه بدونها و علي الثاني يلزم ان تكون الماهية موجودة قبله و يلزم التسلسل و علي الثالث يلزم ان تكون الماهية موجودة معه لا به فلها وجود آخر فيلزم ما مر فبطلان التوالي باسرها مستلزم لبطلان المقدم .
اقول هذا السؤال انما يصح علي طريقتهم من حصر التأثير و التأثر في حالتي التقدم و التأخر فاذا فرض كون الوجود متقدما علي الماهية يلزم حصوله قبلها مستقلا و عندنا يجوز ان يكون متقدما بالذات و يتوقف علي الماهية في الظهور كالكسر و الانكسار بل ليس غيره و لو سلمنا قولهم علي هذا الفرض بحيث يلزم منه تقدم الصفة علي موصوفها الممنوع منه قلنا انما يلزم الممنوع منه علي فرض التقدم لو قلنا بانه صفة للماهية كما توهموه و ليس ما به التحقق هو الصفة بل هو في الحقيقة هو الموصوف لان الماهية قابليته او هويته من حيث نفسه و الوجود الهوية من فعل الله تعالي فما بالاعتبار من فعل الله سبحانه سابق بالذات علي ما بالاعتبار من نفس المصنوع اذ لا ذكر له قبل ذكره من فعل الله تعالي كالكسر و بعد تحققه بالانكسار كان مذكورا من حيث هو و اما الوجود الواقع صفة فليس هو ما به التحقق الذي فيه النزاع و انما هو التابع اللاحق للشئ
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 199 *»
بعد اعتبار ثبوته كالثبوت و الحصول اللاحقين للثابت و الحاصل و لو سكتنا عن هذا قلنا هذا ايضا وارد عليكم لانكم تجعلون الاعتباري متقدما علي الماهية و هو صفة فجوابكم لنا جوابنا لكم لانكم اذا قلتم باعتبار موجودية زيد كان موجودا فلا بد من تقدم الاعتبار ذهنا علي الموجود و الا كان تحصيلا للحاصل و مع ذلك فلانجوز كونه مستقلا و ان كان هو الموصوف لما ذكرنا من امتناع وقوع حادث مستقلا بنفسه عقلا و نقلا اما العقل فلان كل مخلوق لا بد و ان يكون له اعتبار من ربه و اعتبار من نفسه فما من ربه اي من فعل ربه تعالي فهو وجوده و ما من نفسه فهو ماهيته و هما متلازمان كالكسر المتوقف علي الانكسار في الظهور و كالانكسار المتوقف علي الكسر في التحقق و اما النقل فهو قول الرضا عليه السلام ان الله سبحانه لميخلق شيئا فردا قائما بنفسه ( بذاته خل ) دون غيره للذي اراد من الدلالة علي نفسه و اثبات وجوده و علي فرض التأخر ايضا لايلزم التسلسل او الدور لا عندنا لان الماهية اذا فرضت موجودة قبله انما يتوجه السؤال علي فرض انها لاتوجد بنفسها و لا بالوجود المتنازع فيه اذ لو فرض انها موجودة بنفسها كقول اهل الانتساب لمتحتج الي فرض وجود غيرها لامتناع تحصيل الحاصل و لو فرض انها موجودة بوجود آخر فكذلك اي لمتحتج الي فرض وجود غيره فاذا انما يتوجه السؤال علي فرض انها لاتوجد الا بهذا الوجود و علي هذا يبطل الفرض لانه يكون بمعني انها لو فرضت انها موجودة بهذا الوجود قبل ان توجد به و ذلك لعلة وجودها بنفسها او بغير هذا الوجود او به فيبطل الفرض علي الاحوال الثلثة و علي فرضهم و سكوتنا فالوجود المفروض سابقا عليها ان كان هو المسبوق فوجوده عند المصنف بنفسه فلايلزم الدور و كذا ان كان وجودا غيره به يتحقق غيره لاشتراكهما في العلة و كذا ان فرض كونه ماهية سمي به فلايتحقق فرض التسلسل و لو بني علي ان الوجود وجد بوجود آخر لانه المفهوم من كونه موجودا ليتوجه التسلسل او الدور قلنا ان هذا وارد علي وجودكم الاعتباري فانه يعتبر باعتبار و يعتبر الاعتبار بالاعتبار فيلزم الدور او التسلسل و جوابكم لنا جوابنا لكم و علي المعية بان تكون
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 200 *»
الماهية موجودة معه فلها وجود آخر لايلزم ان يكون لها وجود آخر غيره بل توجد به علي اختلاف القولين فيكون متوقفا عليها لسبقه ذاتا و هي متوقفة عليه في التحقق لانها خلقت منه فيكونان متساوقين في الظهور و ان اختلفا في الذات و التبعية و ذلك كالكسر و الانكسار و هذا هو لان المادة المطلقة التي هي مادة كل شئ و هي عندنا هو الوجود لمتكن شيئا فلما كونها تكونت فاثر كون وجود و اثر تكون ماهية و هما متلازمان متساوقان في الظهور .
قال جواب قد مر ان اتصاف الموصوف الماهية بالوجود امر عقلي ليس كاتصاف الشئ بالعوارض الخارجية كالجسم بالبياض حتي يكون لكل منهما ثبوت آخر ليتصور هذه الشقوق الثلثة من التقدم و التأخر و المعية فلا تقدم و لا تأخر لاحدهما علي الآخر و لا معية ايضا اذ الشئ لايتقدم علي نفسه و لايتأخر و لايكون ايضا معه .
اقول ان المصنف ذكر وجها آخر ماذكر في السؤال من الوجوه الثلاثة و هو ما كان يذهب اليه من اتحاد الوجود بالماهية في الخارج و عروضه لها في الذهن و اختياره لهذا لايحسن ان يكون جوابا عن تلك الوجوه الثلاثة الا ان يقال انه انما اتي بهذا جوابا لهذه ( بهذه خل ) الوجوه حيث انه قدم ما اختاره و يأتي مستدلا عليه حيث اقام عليه بما يصح عنده فاكتفي بتصحيحه هناك عن اقامة البرهان عليه هذا فيما عنده و اما ما عندنا فانا لمنسلم له ما هنا لنرضي به هنا جوابا ثم اذا سلمنا له هناك فنقول جوابه لما يرد عليه في خصوص دعواه لا علي مطلق القول بكون الوجود متحققا في الخارج فان كثيرا من المشائين قائلون بثبوت الوجود للماهية في الخارج عارضا عليها فان هذا السؤال يرد عليهم و لايصلح جوابه ان يكون جوابا عنهم و لايقال لا داعي له الي الجواب عنهم لانا نقول انه يرد ( يريد خل ) رد سؤالهم و ابطاله من جهة انهم ينكرون مطلق وجوده خارجا و لميكن اعتراضهم عليه بالخصوص و انما اعتراضهم علي القائلين بوجوده خارجا و هو منهم فالمناسب رد قولهم بما يصلح للجميع و قد تقدم بعض الاشارة الي ما يذهب اليه من عروضه لها في الذهن بما يوهن جوابه هذا في نفسه بل يتوجه هذا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 201 *»
السؤال علي كلامه هناك فانا قلنا هناك هذا العارض لها في الذهن هو المتحد بها في الخارج ام هذا ظله المنتزع به و هذه الماهية المغايرة المعروضة في الذهن هل هي موجودة ام لا و هل وجودها بنفسها ام بالعارض لها ام بالخارج ام بالذهن و هل وجود العارض بوجود الذهن ام هو بالخارج ام بغيرهما و قد تقدم ما عندنا في مثل هذه المسائل في الجملة علي نحو الاشارة من ان كل ما في الذهن مطلقا شبح لما في الخارج و ظل له من وجود و ماهية و ان وجود الظل من ذي الظل كالنور من السراج نسبة واحد من سبعين و ان ما في الذهن ان خالف الخارج لميكن شبحا له فالوجود الذهني ان كان عارضا لها في الذهن فهو من العارض في الخارج فان قلنا بقول المصنف باتحادهما ( خارجا خ ) محمولة عليه لا بد و ان نريد بالماهية ظل الموجود في الخارج من حيث نفسه اي من حيث هو هو و ان نريد بهذا العارض لها هو ظل المعني المصدري فان المعني المصدري هو العارض لها في الخارج و هو حصوله في الاعيان و هو غير ما به التحقق للشئ في نفسه و ان نريد بالمعني الخارجي هو الموجود من حيث صانعه تعالي اي كونه نورا و اثرا فكونه اثرا لفعل الله وجوده و ماهيته هويته من جهة نفسه اي انيته و ان قلنا بقول المشائين فهما غير متحدين في الخارج و ما في الذهن مطابق لما في الخارج العارض ذهنا من العارض خارجا و كذلك المعروضان بقي الكلام محصورا فيما ذهب اليه المصنف ان الوجود هو حقيقة كل شئ و الحقيقة يجب ان تكون معروضة فاذا سلم له اتحادهما في الخارج و حللهما العقل في ظرف التحليل يتحللان علي خلاف ما هما عليه في الخارج الذي هو نفس الامر في حقهما فتكون الحقيقة عارضة لما هو كالمجاز و كالفرع و كالظل فلا بد ان يكون المحللان غير المتحدين و شرح الحال يطول فيه المقال و انما اشير الي بعض التبيين تنبيها للغافلين و علي كل حال اذا سلمنا له اشياء لايقبلها الا العقل المقلد لكل ( فكل خل ) ما سمع اذا كان اتصاف الماهية بالوجود امرا عقليا فلايخلو اما ان يكون للامر العقلي تحقق ما و لو في الذهن فانه قسيم الخارجي و قد اثبت له الوجود بنسبته كما نقلنا عنه في الكتاب الكبير سواء
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 202 *»
فرض ذلك التحقق ظلا و فرعا علي الخارجي ام كونه اصلا برأسه قد استحق من الوجود ما له من قسمة العناية الالهية او من قوة النفس ام لا تحقق له اصلا فان كان له تحقق ما فاما ان يطابق الخارجي او لايبني عليه و لايجعل في مقابلته لا في تقسيم و لا تتميم و لا تفريع و لا تقويم و ان لميكن له تحقق اصلا و لا تعلق بالخارجي فلم فرغت فيه المحابر في الدفاتر و علي الاعتبار و لو بوجه ما تلزمه العوارض الذهنية و تترتب عليها ( عليه خل ) الاحكام الذهنية و يتناولها في انتقاشها و تصورها هذا السؤال بنسبة تحققها اذ لا شك في ان حصولها من جهة الاعتبار و التعقل علي ترتيب كالامور الخارجية من التقدم و التأخر و المعية فافهم .
قال و عارضية الوجود للماهية ان للعقل ان يلحظ الماهية من حيث هي هي مجردة عن الوجود فحينئذ يجد الوجود خارجا عنه فلو اعيد السؤال في القسمة ( النسبة خل ) بينهما عند التجرد بحسب الذهن يقال هما بحسب التحليل معان في الوجود بمعني ان الوجود بنفسه او بجاعله موجود و الماهية بحسب نفسها و اعتبار تجريد العقل اياها عن كافة الوجودات لها نحو من الثبوت كما سيجيء بيانه .
اقول هذا جواب عن سؤال مقدر تقريره ( تقديره خل ) انك قلت فيما سبق ان عروض الوجود امر عقلي لايترتب عليه ما يترتب علي اتصاف الشئ بالعوارض الخارجية سلمنا لكن الوجود يكون صفة للماهية عارضا لها فيلزم الدور او التسلسل لوجوب تقدم الموصوف علي الصفة و المعروض علي العارض في الوجود فجري ( فيجري خل ) السؤال المتقدم بشقوقه الثلثة فاجاب ببيان المعني المراد من العروض فانه ليس علي نمط العروض الخارجي الذي تلزمه النسب المذكورة باحدها و انما المراد ان العقل كما ( ان خ ) في قوته ان يلحظ الاشياء مع ما يلحقها من النسب كذلك له ان يلحظ ما شاء معري عن جميعها فاذا لحظ الماهية من حيث هي هي مجردة من الوجود وجد الوجود الخارجي و الذهني خارجا عنها اما لذاتها او لمفهومها فاذا التفت اليه في حال تجردها في ذاتها عنه وجده عارضا لها فلايجري عليهما ( عليها خل ) حينئذ شئ من النسب المذكورة لان جريان ذلك
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 203 *»
بلحاظ آخر لخروجها عن ذات الماهية و الوجود فكان هذا جواب عن السؤال الابتدائي ثم استشعر عود السؤال عليهما حال التجرد اي تجردها في لحاظ العقل عن الوجود الخارجي و الذهني في وجدانه منها لا في نفس الامر من وجودها لانها لايمكن تعقلها مجردة عن احد الوجودين في نحو من انحاء واحد منهما اذ لا شيئية لشئ بدون جهة من احدهما و انما لحاظه لها مجردة عنهما في وجدانه فحينئذ تخطأ السؤال السابق اليهما بشقوقه الثلاثة عند لحاظ عروضه لها اذ حال العروض تكون بينهما نسبة فهي احد الشقوق الثلاثة فاجاب عن تقدير عوده علي فرض العروض حال التجرد فقال فلو اعيد السؤال في النسبة بينهما عند التجريد ( التجرد خل ) بحسب الذهن يقال هما بحسب التحليل معان في الوجود بمعني ان الوجود بنفسه او بجاعله موجود الخ ، و الظاهر من آخر عبارته الجواب باختيار الثاني لقوله لها نحو من الثبوت و يمنع ما يلزمه من التسلسل لما سيأتي من كونها امورا اعتبارية تنقطع بانقطاع الاعتبار بخلاف الامور الخارجية و الحاصل ان المفهوم من اول كلامه انه اجاب بمعني رابع غير ما يطلب لاحد الثلثة ثم اجاب باختيار الاول من غير لزوم تقدم الصفة علي الموصوف ثم اجاب باختيار الثاني من غير لزوم دور و لا تسلسل و بعد هذا يجيب باختيار الشق الثالث في قوله و الحاصل ان كونهما معا في الخارج الخ ، من غير لزوم كون الماهية موجودة لا به كما يأتي و يمكن ان يكون جوابا باختيار الاول لافادة الفاعل الوجود بنفسه و الماهية به و بالجملة هو يجيب بما عنده فيه باربعة تعبيرات يمكن ان يصرف كل تعبير الي اختيار واحد من الشقوق هو الجواب عن الثلثة الشقوق من غير لزوم ما يخصه مما هو مذكور و يكون صالحا للجواب عندهم الا ان اكثر مسائل ما ذكر و ما بناها عليه لاتصح عندنا علي طريقتنا يعرف ذلك من تتبع ما ذكرنا سابقا و نذكر فيما بعد و قوله يقال هما اي الوجود و الماهية بحسب التحليل معان يعني ان الوجود معني و الماهية معني آخر في ظرف التحليل و ذلك هو منشأ التغاير الذهني بينهما بخلاف الخارجي فان الموجود واحد و هذا منشأ الاتحاد ثم فسر
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 204 *»
كون كل منهما معني غير الآخر في نظر العقل التحليلي باخذها من حيث هي هي مجردة بان معني كون الوجود معني انه بنفسه او بجاعله موجود و ان كونها معني آخر انها به لا بنفسها الا ان لها نحوا من الثبوت لصدق عروضه لها ذهنا و صدقها عليه خارجا فيستخرج من هذا التفسير المبني علي ما اختاره في اصل المسئلة امكان الاجوبة الاربعة بمعونة باقي كلمات جوابه من غير لزوم شئ من الموانع علي طريقته و قوله ان الوجود بنفسه او بجاعله يحتمل انه اراد بالاول الواجب تعالي لتحققه في الخارج و فيه ما تقدم من بطلان ارادة المطلق و الاشتراك المعنوي في الحقيقة و بالثاني الحادث و يحتمل انه اراد بالاول الوجود انه موجود بنفسه لا بوجود آخر و بالثاني الماهية و يكون المعني ان الجاعل سبحانه جعلها بالوجود و يحتمل انه اراد بالاول اسناد الايجاد الي العلة المادية و بالثاني اسناد الايجاد الي العلة الفاعلية .
قال و الحاصل ان كونهما معا في الخارج عبارة عن كون الوجود بذاته موجودا و الماهية متحدة به و موجودة بنفسه لا بغيره فالفاعل اذا افاد الماهية افاد وجودها و اذا افاد الوجود افاد نفسه فوجود كل شئ هو في ذاته مصداق تحمل ماهية ذلك الشئ عليه فلا تقدم و لا تأخر لاحدهما علي الآخر .
اقول يجوز ان يكون قوله ان كونهما معا تأكيدا لما قرر من الجواب المخالف للشقوق الثلثة من السؤال او جوابا باختيار الشق الثالث و هو المعية و قوله عبارة عن كون الوجود الخ ، تفسير للمعية عنده او ان معية السؤال تؤل الي هذا المعني و هو الجواب او ان مطلق المعية لايصح الا بهذا المعني فعلي الاحتمال الاول ظاهر و علي الثاني فمتوقف علي تسليم السائلين و ظاهر قولهم عدم الرضا و علي الثالث لايصح المعني لانا قررنا سابقا في مواضع بان المعية الحقة في الاشياء معني المساوقة في المتغايرين و لو بالمفهوم فمعني كونهما معا ان الوجود يتوقف علي الماهية في الظهور لانها مقتضي قابليته و حقيقة انيته فلايتحقق له ظهور في الخارج الا بها و ان تقدم عليها بالذات كما هو
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 205 *»
شأن المواد المطلقة بالنسبة الي صورها و ان الماهية تتوقف عليه في التحقق لانها انما خلقت من نفسه من حيث هو هو فلذا قلنا هي مقتضي قابليته و اما المعية التي ذكرها فهي في الحقيقة اتحاد شئ بنفسه فان المتحد بالوجود من الماهية هو وجودها لا نفسها لان قوله و موجودة بنفسه يعني في الخارج يشهد بالمغايرة بينهما في الخارج و الامر كذلك فان صدور الآثار الوجودية المتضادة في الخير و الشر في الخارج دال علي ذلك دلالة قطعية فان الشر لايصدر من الوجود الذي هو خير كله و لايعنون بالخارج الا ما ترتب ( يترتب خل ) عليه الاحكام و الآثار الخارجية و ايضا قد ذكرنا سابقا بانه هو المادة للشئ و انها هي الصورة له و لا شك في تغايرهما خارجا و تحققهما و ليس هذا من باب المفاهيم الذهنية لكونه مدركا بالبصر و بالشم و اللمس و غيرها و ما ميز به ذلك بقوله فالفاعل اذا افاد الماهية الخ ، هو ما نريد لانا نقول ان الفاعل يفيد المادة نفسها ( بنفسها خل ) و يفيد الصورة بالمادة و قوله فوجود كل شئ هو في ذاته مصداق الخ ، نريد ان نتكلم في الخاتم مثلا اي شئ هو مصداقه و اي شئ هذه الماهية المحمولة علي ذلك المصداق في الخارج لانجد في الخارج الا الفضة و الصورة المعلومة فان قلت ان المحمول غير الصورة علي الفضة او غير المجموع منهما من حيث هو هو عليه من حيث انه اثر و صنع علي الاعتبارين في تسمية الماهية لميكن الحمل في الخارج بل و المحمول ايضا بل و الموضوع ايضا فاين المصداق و المحمول عليه الخارجيين ( الخارجين خل ) في الخارج و كذلك السرير في ( من خل ) الخشب و الصورة و يلزمكم ان الوجود و الصورة و الموجود امور اعتبارية وهمية لا تحقق لها في الخارج كما يقول اكثر المتصوفة اما نحن فاعتقادنا بان الوجود الموصوفي هو الفضة المرئية و الصورة المسماة بالماهية الاولي و بالانفعال و القابلية هي الوجود الصفتي و هي المحمولة علي الفضة لان الصفة تحمل علي موصوفها و علي الاعتبار الثاني الحقيقي الخاتم من حيث انه اثر القدرة وجود و من حيث هو هو ماهية و الجهة السفلي تحمل علي الجهة العليا كل ذلك في
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 206 *»
الخارج و اما انتم فقولوا ما شئتم و لكنكم لاتقولون ما تشاؤن و انما تقولون بما ( ما خل ) تسمعون و ينقل لكم و قوله فلا تقدم و لا تأخر لعله يريد به الجواب عن السؤال باختيار الشق الثالث مع منع المانع و نحن قدمنا اختيارنا بانه لا تقدم و لا تأخر لما قررنا فيما تقدم من وجوب المساوقة في الظهور الكوني الملكي و اما في الظهور الملكوتي فلا بد لها من مقومات في مراتب كلياتها تجب فيها المساوقة كالكوني و الملكي و اما بالنسبة الي افرادها فهي متقومة بمقوماتها الكلية حية بحياتها الذاتية قبل الافراد فكل مظهر منها يعني فردا من اي افرادها اقترنت به مشخصاته ظهر متشخصا ( مشخصا خل ) بما له من التشخص الذي به هو هو و بما له من العموم اعني الصلوح للتكثر مثلا جوهر الهباء هو آخر المجردات و هو متقوم بمقوماته الملكوتية الكلية و هو حي بحياته الذاتية يسبح الله سبحانه باسمه الآخر كالخشب مثلا في الملك و ذلك قبل تنزله بافراده التي هي مظاهره كالخشب قبل تنزله بما يعمل منه كالسرير و الباب بمشخصاتهما فايما فرد من افراده اقترنت به مشخصاته ظهر مشخصا كالسماء و الارض و زيد و عمرو و بالجملة فكل ما له اعتبار في التشخص فباعتبار حصول مشخصاته تقوم لا قبلها و كل ما له اعتبار عموم فباعتبار مميزاته الكلية تقوم بحصولها له لا قبل ذلك فلايكون شئ في الكون بسيطا ماخلا الله سبحانه و تعالي فانه البسيط الحقي في كينونته و عز صمديته .
قال و ما قاله بعض المحققين من ان الوجود متقدم ( مقدم خل ) علي الماهية اراد به ان الاصل في الصدور و التحقق هو الوجود و هو بذاته مصداق لصدق بعض المعاني الكلية المسماة بالماهية و الذاتيات عليه كما انه بواسطة وجود آخر عارض عليه مصداق لمعان تسمي بالعرضيات .
اقول هذا جواب عن سؤال مقدر و هو ان قولك لا تقدم للوجود علي الماهية و لا تأخر مناف لما قاله بعض المحققين الخ ، فاجاب بان ما قالوه يريدون به ان تقدم الوجود علي الماهية ليس في الظهور الكوني اي الكون في
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 207 *»
الاعيان لانه في هذا لايخرج الا متحدا بالماهية و انما تقدمه بالذات و هذا معني صحيح و هو غير ظاهر جوابه لان ظاهر جوابه ان مرادهم بتقدمه عليها تقدمه في الصدور من المبدء الفياض و في التحقق في ذاته بذاته و هو قول بتقدم الوجود علي الماهية بنحو ما مر في فرض تقدمه في السؤال و انا لاادري كيف عبارات هذا الشيخ هل اضطرابها لاضطراب فهمه في ذلك او اعتقاده ام عدم قدرته علي التعبير المؤدي عن مراده فانه اذا اثبت ان مراد المحققين المفرر ( المقرر ظ ) له هو ان الوجود مقدم علي الماهية في الصدور عن المبدء الفياض و التحقق فاي تقدم له عليها غير هذا المعني بل معني هذا انه صدر ( صدور خل ) و تحقق قبلها و يلزمه امتناع الاتحاد بها و ليس له سبيل الي القول بعروضها عليه كما يقوله الصوفيون و لايصح اعتبار الاتحاد بين العارض و معروضه و الا لوجب عليه القول باتحادهما ذهنا ايضا و الحق ان تقدمه عليها تقدما ذاتيا كتقدم الكسر علي الانكسار و لعل هذا مراده و ان كانت عبارته لاتؤدي ذلك لانه يري ان المجعول بالذات هو الوجود خاصة و الماهية ليست مجعولة بل بالعرض اي ليس لها جعل الا جعل الوجود بنفسه فهي علي هذا ماشمت رايحة الوجود لا بذاتها و لا به و لاتصح اتحاده بما هو لا شئ كما يظهر من عباراته فيما يأتي و في سائر كتبه بانها امر اعتباري و الاعتباري عنده ليس بموجود و علي هذا فلا اتحاد اصلا و الا لبطلت قضية دليله فيما يأتي في مسئلة بسيط الحقيقة كل الاشياء فانه علي هذا تكون مفهوم حقيقته مركبة مما هو به كذا و مما هو ليس به كذا كما يأتي و قوله و هو بذاته مصداق لصدق بعض المعاني الخ ، لايصح لان المصداق متحد في نفس الامر بما صدق عليه بمعني ان حقيقتهما شئ واحد في كل بحسبه فان كان الصدق ( المصداق خل ) في الذاتين فهما ذات واحدة و ان كان في الوضعين ( الوصفين خل ) فهما شئ واحد اي وصف واحد و هنا مختلفان فان الوجود ثابت و بالذات و بالحقيقة و بنفسه وجد لا بغيره و الماهية غير ثابتة لانها اعتباري و بالعرض و بالمجاز و وجدت بغيرها فلايصح اتحاد الذاتين لا خارجا و لا ذهنا الا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 208 *»
بالاعتبار و هو ليس وجوديا متحققا لان صدقها عليه خارجا ان كان اتحاديا كان عين صدقه عليها و ليس امر الاتحاد خارجا و الصدق راجعا الي المفاهيم و الامور الاعتبارية بل هو راجع الي التحقق الكوني الثابت خارجا و لا شئ من ذلك بينهما علي ما يدعيه نعم لو قال فيهما بما نقول صح له ان يقول بكثير من اموره لا بكلها لانهما علي قولنا ليس اتحادهما اتحاد استهلاك حتي يضمحلا و يكون شئ ( شيئا خل ) آخر و انما هو اتحاد تقوم فكل منهما كرة تامة الا ان الوجود يدور علي التوالي و هي علي خلاف التوالي و بينهما تمازج في تمايز كتمازج اشعة السراج بالظلمة و كتمازج نور القمر بنور السراج فانهما حال اجتماعهما غير متمايزين مع انهما متمايزان بالذات فان نور القمر متوجه الي جرم القمر مقبل عليه و نور السراج متوجه الي السراج مقبل عليه و بالفعل فان نور القمر بارد و ابيض و نور السراج حار و احمر فهما في الحقيقة كرتان متداخلتان متمازجتان متمايزتان متقابلتان في السطوح كما مثلنا الا ان دور الوجود علي نقطة مبدئه من فعل الله تعالي الذاتي علي التوالي و دور الماهية علي نقطة مبدئها من فعل الله تعالي العرضي الذي هو شعاع فعل الله الذاتي و علي نفس الوجود من حيث هو هو علي خلاف التوالي و قوله كما انه بواسطة وجود آخر عارض عليه مصداق لمعان تسمي بالعرضيات غير منتظم علي طبيعة الصنع فحق العبارة ان يقول كما ان وجودا آخر عارضا عليه اي علي الوجود الذاتي بواسطته مصداق لمعان تسمي بالعرضيات ( بالعرضية خل ) فان الوجود العارض علي الحقيقي المتقوم به اي بالمعروض في قبوله للايجاد ( و خ ) هو مصداق المعاني العرضية كالابيض العارض علي الجسم المتقوم به هو اي الابيض مصداق لمعناه لا الجسم لان المعني العرضي مصداقه الصفة العارضة لا معروضها ثم في قوله وجود آخر نوع تجوز لان العرض ليس هو وجودا غير وجود المعروض بمعني انه ليس اجنبيا من المعروض لانه صفته نعم هو خارج لا داخل هذا علي ظاهر القول و اما علي حقيقته فعلي مذهب القوم خصوصا علي مذهبه ان حقيقة الوجود العارض و الوجود المعروض
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 209 *»
حقيقة واحدة بسيطة مقولة عليهما ( عليها خل ) بالاشتراك المعنوي علي نحو التشكيك و اما عندنا فالمعروض حقيقته غير حقيقة العارض بمعني ان المعروض ذات و العارض صفة و هو شبحه و مثاله خلق من شعاعه كما ذكرنا سابقا و قوله و ليس تقدم الوجود علي الماهية الخ ، اما عنده معهم فان الوجود شئ لايتصورونه و اذا رتبوا احكام العلة علي المعلول علي حسب ما يتوهمون من حقيقة الوجود لمتنطبق و كذلك القابل و المقبول و غاية ما فهموا منه انه اصل بقول مجمل و يلزم لذلك الاتيان بعبارة تلائم ما توهموا فقال ما بالذات علي ما بالعرض و ما بالحقيقة علي ما بالمجاز فهو في الحقيقة ازدراد لشئ مأكول بغير لوك بالاسنان و اما عندنا فالوجود المشار اليه هو المادة المطلقة احدثها صانعها سبحانه بنفسها لا بشئ غير ( غيرها خل ) اي لا من مادة غيرها و هو المقبول لا القابل كما توهموه من ان المادة هي القابلة للصورة و هي الام و هي الماهية و ان الصورة هي المقبول و هي الاب و هي الوجود لان هذا بعكس ما عندنا و بعكس ما عند اهل البيت عليهم السلام من ان المادة هي الوجود و هي المقبول و هي الاب و ان الصورة هي القابلة ( القابلية خل ) و هي الام و هي الماهية و خلق من نفس المقبول اعني الوجود من حيث هو و هو المادة ذات مفعول خلق او نائب فاعله .
القابل لانها انفعال المادة و هي الماهية و هي الام اي للصورة ( الصورة خل ) فالقابل متأخر في الذات عن المقبول و ان تساوقا في الظهور فتقدم المقبول الذي هو الوجود علي القابل الذي هو الماهية تقدم علي ( علي ما خل ) في الذات لانه المادة و هي متأخرة عنه بالذات لانها خلقت منه فهو كالكسر و هي كالانكسار فان الكسر خلق بفعل الفاعل بنفسه اي لا بكسر آخر و الانكسار خلق بفعل من الفاعل هو صفة فعله الاولي من نفس الكسر من حيث هو هو و لما كان هذه الكلمات في التقدم و التأخر و في المراد من القابل و المقبول و في تعيين الاب و الام و في ان الوجود هو المادة و الماهية هي الصورة و ما يترتب عليها مخالف لكلام القوم و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 210 *»
مصطلحاتهم وجب بيان هذه و ان طال بها الكلام بما يحصل به اليقين و معرفة مذهب اهل الحق عليهم السلام و بيان مخالفة كلام الحكماء لكلامهم عليهم السلام و لو ادعيت هذه بغير ذكر ما يدل عليها لكان كل من سمع هذا انكر حقيته و انكر ان يكون له ذكر عند اهل البيت عليهم السلام فاقول و بالله المستعان اعلم ان كلام اهل البيت عليهم السلام متضمن لهذه ( بهذه خل ) الامور بخصوصها و ان لميكن عند من لميسمع بها خصوصا من انس بقول الحكماء و اصطلاحاتهم و لاسيما ما يعرض لكثير من افهام الناس من استبعاد ان كل الحكماء و العلماء ماقالوا بهذا و ماسمع منهم و لمينقل عن احد مع اطلاعهم علي سائر اقوال الحكماء و العلماء خصوصا لكثرة خوضهم و قرائتهم و درسهم و رواياتهم لروايات الائمة المعصومين عليهم السلام و لميطلع عليه غير واحد من سائر الناس فلاجل ما في نفوس الاكثر من الاطمينان خصوصا من الاستبعاد المذكور لااقدر ان اقول به بدون ذكر بعض البيان و مع ما اذكر فما اكثر من لميقبل مني خصوصا من كان مشتهرا بالعلوم و هو قائل بين العلماء و المتعلمين و الملوك و ملأ الدفاتر من ذلك ثم اقول كل ذلك باطل و هذا هو الحق فلايقبله بعد انسه بخلافه الا من اخذت العناية الالهية بيده و اراد الله تعالي نجاته و لكن قال صلي الله عليه و آله لسراقة بن مالك اعملوا فكل ميسر لما خلق له و كل عامل بعمله ه ، و هذه وصية مني للناظر في كلامي قدمتها ليتنبه و الله ولي التوفيق .
اعلم ان الوجود شئ خلقه الله لا من شئ فليس كامنا في ذاته ثم ابرزه كالنار من الحجر او كالابصار من البصر او كالبداوات و الخطرات فان كل هذه و امثالها ولادة و هو سبحانه لميلد و لميولد بل لميسبق لهذا الوجود قبل احداثه ذكر مطلقا فاول ما ذكره به مشيته له و هي فعل الله سبحانه كما قال الرضا عليه السلام لعمران الصابي المشية و الارادة و الابداع اسماؤها ثلثة و معناها واحد و قوله عليه السلام ليونس تعلم ما المشية قال لا قال هي الذكر الاول تعلم ما الارادة قال لا قال هي العزيمة علي ما يشاء الحديث ، و الاخبار بان المراد من المشية و الارادة و الابداع فعل الله و ان ذلك هو الذكر الاول كثيرة فهذا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 211 *»
المخلوق الاول هو الوجود الذي خلق منه ما شاء و ليس المعني انه خلق به ( منه خل ) ما شاء ليكون مغايرا للمادة بل خلق منه ما شاء و هو العنصر الاول الذي خلق منه الاشياء و هو الماء الذي جعل منه كل شئ حي لا انه جعل به فافهم و معلوم ان الله سبحانه اقام الاشياء باظلتها كما في كلامهم عليهم السلام يعني اقامها بها اي بموادها و صورها لا بشئ آخر هو ( هو خ ) مفعول و هو الوجود و لان الوجود حقيقة الشئ فلو كان حقيقة الانسان غير المادة التي هي الحصة الحيوانية و الصورة التي هي الناطق لكان قولهم في حد الانسان الحقيقي المركب من الذاتيات هو الحيوان الناطق ليس حدا حقيقيا بل رسمي او مجازي مع اتفاق العقلاء علي انه حد حقيقي لتركبه من الذاتيات و هو عندهم بالاتفاق جامع مانع فاين الوجود المدعي انه حقيقة الانسان غير الحيوان الناطق و يؤيد هذا ان العقلاء اتفقوا علي ان مادة الشئ المطلقة التي هي مادة ذلك الشئ حصة منها هي ما يدخل عليها لفظة من كما تقول خلق من تراب و صنع السرير من الخشب و صيغ الخاتم من الفضة و هذا ظاهر لا اشكال فيه فاذا عرفت هذا فتأمل قول جعفر بن محمد الصادق عليه السلام امامك الذي تأتم به و تدين الله بالاخذ عنه ( منه خل ) و بولايته و بالبرائة ممن خالفه و مما خالف قوله قال عليه السلام ان الله سبحانه خلق المؤمنين من نوره و صبغهم في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و امه الرحمة ثم استشهد بقول جده اميرالمؤمنين عليه السلام اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله قال الصادق عليه السلام يعني من نوره الذي خلق منه او قال بنوره الذي خلق منه ه ، و الشك مني لاني حال نقل الحديث كنت حافظا له بلفظه فشككت حال الكتابة بين من نوره او بنوره و لميكن عندي الكتاب الذي فيه الحديث حاضرا حال كتابته و لكن المعني لايختلف فانظر بعين بصيرتك و تدبر في قوله يعني من نوره الذي خلق منه الذي هو نور الله هل هو الوجود ام غيره فان قلت هو الوجود فهو المادة لانه هو الذي خلق منه بدليل دخول لفظة من عليه و ان قلت هو غير الوجود فما هو و اي شئ مصرف الوجود الذي ليس هو خالق زيد لان الوجود حقيقة زيد و لا فعل الخالق لان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 212 *»
المفعول لايتركب من الفعل كما ان الكتابة لاتتركب من وجود الكاتب و لا من حركة يده و انما تتركب من المداد و هو الذي صنع الكاتب الكتابة منه فقد تبين لمن يعقل و يطلب الحق ان الوجود هو المادة و تفهم ايضا قول الصادق عليه السلام قال ان الله خلق المؤمنين من نوره و هو الوجود و هو المادة لدخول من عليه و صبغهم في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و هو الوجود الذي خلق منه ما شاء و هو المادة و امه الرحمة و هو الماهية و هو الصورة فسمي الوجود الذي هو المادة ابا و سمي الماهية التي هي الصورة اما و هذا بخلاف ما ذكروا و الدليل ان المادة هي الاب قوله تعالي خلقكم من نفس واحدة و هو آدم عليه السلام و هو الاب و خلق منها زوجها فاول ما خلق تعالي الاب و هو آدم عليه السلام و خلق منها زوجها و هي حواء و هي الصورة فالمادة هي الاب و منه خلق الام بدليل دخول من عليه في قوله تعالي خلقكم من نفس واحدة لانه يخلق منه المادة اي النطفة كذلك يصنع السرير من الخشب و مادة السرير المطلقة قبل الصورة و الحصة الخاصة به مع الصورة و الدليل عليه ايضا ان الصورة هي الام قوله عليه السلام الشقي من شقي في بطن امه و هي الصورة فان المادة لايشقي فيها الشقي فان الخشب ليس فيه شقاوة و لا سعادة لانه المادة فاذا عمل من الخشبة الواحدة من نصفها سريرا و من النصف الآخر صنما يعبد من دون الله سبحانه كان شقاوته في بطن الصورة التي هي الام و لو كان في بطن المادة لكان كلما يعمل من الخشب فهو شقي يدخل النار و الحاصل ان الاحكام منوطة بالصورة و لهذا قال الفقهاء لو نزي كلب علي شاة فاولدها فحكم الولد حكم صورته لانه ان كان المولود بصورة شاة فهو حلال و طاهر و ان كان بصورة الكلب فهو حرام و نجس و المادة واحدة و انما الحلية و الطهارة و الحرمة و النجاسة في الصورة و علي ما ذكر يكون المقبول هو المادة و الماهية هي القابل و عندنا لايكون القابل سابقا بل اما ان يكون المقبول سابقا او يكونا متساوقان يعني ان كون المقبول سابقا عبارة عن تقدمه الذاتي و انه اصل القابل و كون القابل مسبوقا انه خلق من نفس المقبول من حيث هو هو و كونه مساوقا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 213 *»
انه يظهر في الكون مع المقبول مثاله الكسر و الانكسار فالكسر كالوجود و المادة و الانكسار كالماهية و الصورة لانها انفعال المقبول عند ايجاده الا ان المقبول اثر فعل الفاعل و القابل صفة ذلك الاثر و اذا اردت ان تعرف حقيقة كون الوجود و انه المقبول و انه السابق ذاتا المساوق ظهورا و تكون الماهية منه و انها القابل و انها المسبوقة ذاتا المساوقة ظهورا فتأمل في الكسر و الانكسار فانه المثال المطابق من كل وجه و لهذا تري الكسر منسوبا الي الفاعل و الانكسار منسوبا الي المفعول كما قدمنا مرارا ان الشئ الموجود في الخارج اذا لحظته بانه اثر فعل الصانع فهو الوجود و اذا لحظته انه هو هو فهو الماهية فافهم فهمك الله الصراط المستقيم .
قال و ليس تقدم الوجود علي الماهية كتقدم العلة علي المعلول و تقدم القابل علي المقبول بل تقدم ما بالذات علي ما بالعرض و ما بالحقيقة علي ما بالمجاز .
اقول لعله اراد بالعلة هنا العلية ( العلة خل ) الفاعلية او الغائية لانه ان اراد هذين فكما قال في نفس الامر اذ العلة الفاعلية متحققة في الكون قبل المعلول و المعلول بعد كونه لميكن مركبا منها و من شئ آخر و هذا عندنا ظاهر و ان كان فيما مضي من بعض كلماته ما يشعر باستغنائه عن الماهية في كل حال و علي هذه الكلمات يكون تقدمه عليها كتقدم العلة الفاعلية علي معلولها و هذا التقدم انما يصح بالنسبة الي العلة الكلية و ( او خل ) الامكانية و اما العلة الخاصة بالمعلول فهي مساوقة له في الظهور سواء كانت فاعلية ام مادية ام صورية و اما الغائية فلها حالان فبعضها متقدم و بعضها متأخر و ان اراد بالعلة العلل المنسوبة الي الماهية كالمادة و الصورة فعندنا ان تقدمه عليها تقدم ( كتقدم خل ) الماهية علي الشئ بل و الصورة لما قدمنا ان الشئ مركب من الوجود الموصوفي الذي هو المادة و الوجود الصفتي الذي هو الصورة فحينئذ تقدمه عليها علي ظاهر قولنا هو تقدم المادة علي الصورة لان الصورة عندنا هي الانفعال و هي الماهية الاولي فينطبق كلامه بظاهره علي كلامنا و ان اختلفت الارادتان الا انه و ان انطبق في تقدم العلة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 214 *»
الكلية علي المعلول لمينطبق في تقدم القابل علي المقبول اذ الامر علي العكس لان القابل و المقبول عندنا متساوقان في الظهور و المقبول متقدم بالذات و قد تقدم الكلام فيه و اما قوله بل تقدم ما بالذات علي ما بالعرض الخ ، يشير الي مذهبه بان الماهية ليست مجعولة الا بالعرض فالجعل انما هو للوجود خاصة و فيه شئ اما اولا فلان ما بالعرض خارج عن ماهية ما بالذات فلايتحد به و هو قائل بالاتحاد و اما ثانيا فلان مفهوم الوجود نقيض مفهوم الماهية او مخالف له و المتغايران يجب ان يتغاير جعلاهما لان المجعول مشابه لصفة الجعل و دور الوجود علي جعله علي التوالي فهو مغرب و دور الماهية علي جعلها علي خلاف التوالي فهي مشرقة فكيف يوجدان بايجاد واحد كما ان ا يوجده الكاتب بحركة مغايرة للحركة التي يوجد بها ب لان ا صورته الف قائم و ب صورته الف مبسوط و صورة القيام غير صورة القعود فلايوجدان بحركة واحدة هذا علي مذهبه و اما علي مذهبنا فتقدم الوجود علي الماهية تقدم ما بالذات علي ما بالعرض ايضا و لكنه مجهول الاسم و البيان و بيانه ان الوجود وجد بالذات لان السر و الفائدة و منشأ المطلوب و هو الطاعة و امتثال الامر انما هو من الوجود لانه خير محض و هو المطلوب و لاجله صدر الايجاد كما قال تعالي لولاك لماخلقت الافلاك و قوله تعالي بك اثيب و بك اعاقب فهو المقصود بالذات و اما الماهية فليست مقصودة بالذات اذ لا خير فيها لذاتها الا انه لما اجري سبحانه حكمته بانه لميخلق شيئا فردا قائما بذاته دون غيره للذي اراد من الدلالة عليه لميكن للوجود الحادث استقلال بذاته فلا بد من ايجاد ضد له يستند اليه و يتقوم به لانه دعامة له و لان باجتماعهما يحصل الاختيار للمخلوق الذي به تقوم الحجة عليه و هي علي طرف النقيض من الوجود ان تحرك سكنت و ان قام قعدت و ان فعل تركت و ان اقبل ادبرت و هكذا و بالعكس في العكس فهي ضد له عام و ذلك في ذاتيهما و في افعالهما و لا تحقق له بدونها و بالعكس فوجب في الحكمة ايجاد ( ايجادها خل ) لاتمام امر الوجود كما ان الطاعة التي هي ميل
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 215 *»
الوجود و فعله لايمكن ان تحقق الا بالتمكن من المعصية التي هي ميل الماهية و فعلها فاذا امر بالطاعة طلب الوجود من الشخص فعل ما امر به بواسطة وجهه و وزيره الذي هو العقل و طلبت الماهية من الشخص ترك ما امر به بواسطة وجهها و وزيرها الذي هو النفس الامارة فاذا فعل الشخص الطاعة المأمور بها بميل الوجود و وزيره العقل و هو قادر علي الترك بميل الماهية و وزيرها النفس الامارة صحت الطاعة و لو عكس ( عكست خل ) صحت المعصية و لو انه فعل الطاعة و لميقدر علي تركها لمتتحقق الطاعة او عكس و لميقدر علي تركها لمتتحقق المعصية و تم النظام و صلح التكليف و الثواب و العقاب علي ثبوت التمكين ( التمكن خل ) من الطاعة و المعصية اللذان هما في الظاهر الفرع و لايتم هذا و لايصلح الا بايجاد الشخص المكلف علي هذا النمط فلهذا كان ايجاد الماهية ثانيا و بالعرض اي لانها بها يتقوم المقصود و المطلوب و لكن قوله غير قولنا في الارادة لانه يقول وجد الوجود اولا و بالذات و الماهية ثانيا و بالعرض اي بجعل واحد و نحن نقول وجد الوجود اولا و بالذات و الماهية ثانيا و بالعرض و ليسا بجعل واحد لان اختلاف الآثار يدل علي اختلاف المؤثرات بل كانا باربعة جعلات اولا جعل الوجود ثم خلق من شعاع هذا الجعل جعل الماهية ثم خلق من شعاع جعل المهية جعل التلازم ثم خلق من شعاع جعل التلازم جعل الزام الماهية للوجود و بين ايجاد كل جعل منها بنفسه و بين الجعل الآخر الذي خلق من شعاعه سبعين عاما يا رب عز جارك و جل ثناؤك و تقدست اسماؤك و لا اله غيرك يا كريم فقد اتفق اللفظان و اختلفت ( اختلف خل ) الارادتان و اما قوله و ما بالحقيقة علي ما بالمجاز فيمكن تصحيحه علي مرادنا فان كون الوجود حقيقة للماهية لتكون تقدمه عليها من هذا القبيل مما لا اشكال فيه عندنا علي الاحتمالات الثلثة احتمال المصنف و موافقوه من ان حقيقة الشئ هو الوجود كما قال فيما سبق ان حقيقة كل شئ هو وجوده الذي تترتب عليه آثاره و قال و بالحقيقة ان الموجود هو الوجود كما ان المضاف بالحقيقة هو الاضافة انتهي ، و محصل عباراته في هذا الكتاب مختلف في المعني منها ان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 216 *»
الوجود المحمول علي الوجود و الماهية بسيط او بالمعني العام و نحن نعرف من هذا المحمول علي قوله انه مجاز لذلك الموضوع الحقيقي و منها العارض عليها في الذهن الذي هو ظرف التحليل و منها ما اخذه من مفهوم اللفظ الي غير ذلك و الاحتمال الثاني عندنا هو ما اذا اردنا به الانفعال الصفتي فانه مجاز للموصوف ( للموصوفي خل ) كما تقدم و الاحتمال الثالث هو ما اذا اردنا به ما منه الذي نسميه بالماهية بلحاظ انه هو فانه مجاز و حقيقته ما بلحاظ انه نور الله و انه اثر الله و قد تقدم و باعتبار هذه الاحتمالات الثلثة يكون تقدمه عليها تقدم ما بالحقيقة علي ما بالمجاز .
قال سؤال نحن قد نتصور الوجود و نشك في كونه موجودا ام لا فيكون له وجود زائد و كذا الكلام في وجود الوجود و يتسلسل ( فيتسلسل خل ) فلا محيص الا بان يكون الوجود اعتباريا محضا .
اقول اورد هذا السؤال الشيخ الالهي في حكمة الاشراق و في التلويحات بناء علي اصله من الاعتباري فان محله الذهن و هو وارد عنده و اما علي قولنا هذه فلايتوجه السؤال اصلا اذ تصوره يوجب ثبوته و تحققه عندنا خارجا لان ما في الذهن لايكون الا منتزعا من الخارجي و قد قدمنا بيان هذا و برهانه القطعي الوجداني علي جهة الاشارة من انك لاتقدر ان تتصور شيئا رأيته قبل يوم التصور الا في مكان رؤيته و وقتها بان تلتفت بمرءاة خيالك الي مكان الرؤية و وقتها فتري شبح الشئ المتصور بهيئته و صفته التي رأيته عليها في كل زمان و مكان لاتذكره بان تتصوره الا ان تري شبحه هنا ( هناك خل ) في تلك الهيئة فتنتقش صورته في خيالك و لاتقدر علي تصوره بدون ذلك و هذا هو الدليل علي ان جميع ذلك المتصور في الذهن كله انتزاعي فمن ادعي انه اصلي فنطلب منه ان يتصور شيئا رآه في الزمان السابق من غير ان يلتفت الي مكان رؤيته و وقته فان قدر فله ان يدعي بانه غير منتزع و ان لميقدر فليعلم انه منتزع و هذا جار في جميع الاذهان الا ما كان في ذهن علة الاشياء صاحب القيومية بها المسمي بامر الله و اما علي قول غيرنا فالسؤال متوجه لانه اذا تصور الوجود لايعلم هل هذا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 217 *»
انتزاعي ام لا و الاصل انه اصلي فاذا تصور الوجود فان كان موجودا في الخارج فللوجود وجود و ننقل الكلام الي وجوده و يتسلسل او يدور و ان لميكن موجودا ثبت المطلوب و هو الاعتباري و بطل المدعي الخارجي نعم هذا السؤال لايرد علي خصوص قول المصنف لانه في اكثر عباراته المتقدمة يمنع ان يكون للوجود وجود ذهني يتبدل عليه و انما هو الخارجي فقط و ما يحصله ( يحصل خل ) الذهن منه فانه عارض و هو حكاية عن الخارج فلايرد عليه السؤال الا ان يكون اراد برده مطلق وروده او وروده علي صورة الكلام و لهذا نفي حصول الوجود في الذهن .
قال جواب حقيقة الوجود لايحصل في ذهن من الاذهان اذ ليس الوجود امرا كليا و وجود كل موجود هو عينه الخارجي و الخارجي لايمكن ان يكون ذهنيا و الذي يتصور من الوجود هو مفهوم عام ذهني يقال له الوجود الانتسابي الذي يكون في القضايا و العلم بحقيقته لايكون الا حضورا اشراقيا و شهودا عينيا و به حينئذ لايبقي الشك في هويته .
اقول يقول في جوابه انا قد قررنا بالدليل المتقدم ان الوجود فرد خارجي متحقق و الذي ينقل ( ينتقل خل ) الي الذهن مفهومه العام الانتسابي العارض للمفاهيم الارتباطية للمحمولات و هو انتزاعي بخلاف المدعي فيه فانه متحقق في الخارج اذا طلبت حقيقته بالعلم كان اشراقيا حضوريا يعني ان العلم به عين حصوله للعالم و وجوده له بعين وجوده لذاته فالعلم به نفس تحققه في نفسه فهو شهودي عيني يعني العلم به شهود عيني علي نحو ما قررناه في رسالة العلم التي وضعناها شرحا لمقدمة الملا محسن التي وضعها في كيفية علم الله لابنه علمالهدي و لو اريد من السؤال القياس الاقتراني لميلزم تخصيص التصور بالساذج ليتعدد الوسط بل يؤخذ الاعم منه و من التصديق فلايدخل الشك في الوسط و انما الشك في الاكبر من اللازم اي انا نتصور الوجود بذلك المعني و نشك في كونه موجودا فلو كان موجودا لزم ان يكون له وجود زائد عليه و هكذا و يتسلسل لكان قول المصنف ان للوجود فردا خارجيا هو حقيقته و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 218 *»
هو موجود بنفسه لا بوجود زايد عليه مع ان حقيقته لايدرك كنهها ليتصور ( التصور خل ) و يكون مكتنها بذهن غير تام في الجواب اذ لايستلزم التصديق تصور الموضوع بالكنه بل يكفي ادني تمييز يعينه ( تميز بعينه خل ) ليكون الحكم علي موضوع معين و الباقي دعاوي يلزم منها المصادرة و قيل لعل المصنف حمله علي الاستثنائي فيفرض حاصل السؤال ان الوجود لو كان موجودا في نفسه لما شك في وجوده حين تصوره لكن بعد تصوره نشك في وجوده فعلي فرض وجوديته يجب ان يكون وجوده زائدا عليه فيتسلسل فاورد الجواب بابطال التالي في قوله حقيقة الوجود لاتحصل بكنهها في ذهن من الاذهان الخ ، يعني انه لايمكن ان يتصور ليرتب الشك في وجوده علي التصور و انت خبير بان هذا ( الجواب خ ) كغيره يلزم منه المصادرة فلايكون تاما لا ( الا خل ) علي تقدير الاقتراني و لا الاستثنائي بل الاولي في الجواب ان يقال ان المراد من الوجود حاصل من الاشياء الخارجة ( الخارجية خل ) قبل تصوره اي قبل توجه الذهن الي تصور ما به حصولها و ذلك بنفس حصولها و الشك بلحاظ ثان بعد التصور مترتب عليه فالشك الناشي من التصور المترتب عليه في حصول السبب الباعث علي التصور لايتصور و قوله و الذي يتصور من الوجود الخ ، جواب عن سؤال مقدر حاصله ان تصور الوجود معلوم لنا فاجاب بان ما تتصورونه ليس هو الوجود المقصود الحقيقي بل هو الانتزاعي الانتسابي الذي يكون في القضايا كما قال و اعلم ان الوجود قد يراد به النسبي مثل الانسان موجود و قد يراد به الرابطي مثل الانسان يوجد كاتبا فان المنسوب هو الكتابة و الوجود رابطة النسبة و قد يراد به البسيط المعبر عنه بهست في الفارسية و قد يراد به العام الذي اشار اليه سابقا الشامل ثبوته للوجود و الماهية و قد يراد به المطلق المتناول للنسبي و الرابطي و غيرهما و هذا الانتسابي العام الذي ذكره بانه يكون في القضايا كما يكون ( النسبي خ ) الرابطي فيها هو النسبي الرابطي و اذا كان في القضايا و الفارق بينها ( بينهما خل ) الاعتبار و المحمول من هذه داير مدار الاصطلاح و منها تنشأ الشبه ( الشبهة خل ) في كثير من الاعتقادات لانها قد يبني عليها اصل يؤخذ قاعدة في
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 219 *»
اشياء تكون منشأ الخطأ و لولا اني لست بصدد هذا لذكرت كثيرا من ذلك و ان كنت قد ذكرت شيئا فيما مضي و اذكر فيما يأتي الا انه متفرق منها ان قوله في جواب السؤال الوارد عليه هنا هذا الكلام بان حقيقة الوجود لاتحصل في الذهن بكنهها الخ ، و انما الموجود فيه هو الانتسابي يعني ان هذا غير ما نريد و فيما تقدم في جواب قول السائل اذا اخذ كون الوجود موجودا انه عبارة عن نفس الوجود الخ ، في قوله ليس يوجب الاختلاف في اطلاق مفهوم الوجود المشتق بين الجميع يظهر لك منه و من غيره ان محصل قوله ان الوجود الذي هو حقيقة كل موجود انه هو الله سبحانه ( تعالي خل ) و هو المطلق الشامل له و لغيره بصدقه و هو الفرد الخاص الخارجي الذي هو به لا بغيره و غيره به و هو البسيط المعبر عنه بالفارسية بهست و هو النسبي و هو الانتسابي و هو الرابطي و الحاصل يتصرف فيه بحسب المعني في ما يقرر بما يصدق عليه لفظ هذه الاحرف الاربعة و ج و د فان عدد زبرها تسعةعشر لاتبقي و لاتذر لواحة للبشر عليها تسعةعشر و قوله و العلم بحقيقته لايكون الا حضورا الخ ، جواب عن سؤال مقدر و هو اذا كان الوجود لايمكن حصوله في الذهن باي شئ يكون به معلوما فاجاب بان العلم بحقيقة الوجود لايكون الا حضورا اشراقيا و شهودا عينيا اقول جوابه هذا في كون العلم اشراقيا الخ ، صحيح الا انه ليس خاصا بالوجود بل كل شئ حادث فالعلم به اشراقي يحصل مع حصول المعلوم و ليس مغايرا له و يعدم بعدمه و هذا الاشراق يوجد فيما وجد فيه المعلوم و له مطلقا ان كان المعلوم صورة فالعلم بها حضورها و حصولها الذي هو ذاتها و الاشراق نفس ذلك الحضور و الحصول في الذهن و ان كان غير صورة ففي ( بقي خل ) مكان حضوره و حصوله عند العالم اذ حضوره عنده وجوده لنفسه لا وجوده للعالم خاصة بمعني ان وجوده للعالم مغاير لوجوده في نفسه بل هو شئ واحد و انما نفيت كونه للعالم لئلايتوهم المغايرة و ان حصوله للعالم نفس وجوده في نفسه بمعني الا وجود له في نفسه و انما الموجود وجوده للعالم بناء علي المغايرة كما ذكره المصنف فيما سبق من ان وجود العرض نفس حلوله في الجوهر لا غير و راجع
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 220 *»
ما قلنا هناك و الحاصل العلم بكل شئ حضوره و حصوله في نفسه بهو هو لا حصوله في كذا و لا لكذا لان هذا غير ما هو به هو فالعلم بالصورة وجودها في نفسها و حضورها في الذهن و العلم بذي الصورة وجوده و حضوره بين يدي العالم بما هو به هو و كل هذه علوم اشراقية لها عند العالم بها تثبت بثبوتها و تنتفي بنفيها لان الشئ يثبت بنفسه و ينتفي بنفيه و ثبوت زيد بما هو هو له علم اشراقي حضوري للعالم به و شهود عيني له به فالاشراق الحاصل للعالم و الحضور هو وجود زيد و حقيقته اذ لميحصل للعالم شئ غيره لا ظاهرا و لا باطنا انما هو هو حصل للعالم فحين ( فيمن خل ) حصل للعالم و حضر عنده فقد حصل للعالم و حضر عنده فهذا العلم الاشراقي الحصولي الحضوري فتفهمه فانه عظيم الشأن رفيع المكان ثابت الاركان قد انحطت عن ادراكه اكثر الاذهان و اسألوا ( اسأل خل ) الله من فضله ان الله ( انه خل ) كان بكم رحيما فانه لاينال الا بتوفيق الله لمن اطاعه و اتقاه و قوله و به حينئذ لايبقي الشك في هويته يعني انه بسبب امتناع حصوله في الاذهان و عدم معرفته الا بالعلم الحضوري الاشراقي الذي هو عبارة عن وجود المعلوم في الاعيان لايبقي الشك في تحققه و ثبوته خارجا و كل هذه الادلة غير ملزمة لان منها اقناعي و منها مصادرة و منها مغالطة و ليس قولي هذا تصحيحا لقول اهل الاعتباري فانه ليس قولا معتبرا و انما قولي من جهة النظر في هذه الادلة .
قال و الاولي بهذا السؤال ان يورد الزاما علي من قال بزيادة الوجود علي الماهية مستدلا بما ذكر من انا نعقل الماهية و نشك في وجودها او نغفل عنه و المعقول غير المشكوك فيه او المغفول عنه فالوجود زائد علي الماهية لكن علي ما حققناه في الاصل من ان الوجود غير زائد علي المهية و ليس عروضه لها عروضا خارجيا و لا ذهنيا الا بحسب التحليل كما اشرنا اليه فانهدم الاساسان .
اقول ينبغي ان يكون هذا السؤال الزاما لمن قال بزيادة الوجود علي الماهية كبعض المشائين القائلين بزيادته علي الماهية و تحققه خارجا مغايرا لها
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 221 *»
عارضا عليها و بما ( ربما خل ) اجبناه و حققناه من كون الوجود غير زائد علي الوجود و لا علي الماهية انهدم الاساسان اساس الايراد بهذا السؤال و اساس المورود عليهم القائلين بالزيادة او اساس القول بزيادته علي الوجود و بزيادته علي الماهية او اساس نفس السؤال او اساس زيادة الوجود مطلقا بقي شئ علي المصنف و هو ان صحة عروضه لها بعد التحليل و صحة التحليل متفرع علي انهما شيئان في الخارج و لو سلم دعوي الاتحاد فانما هو امتزاج ظاهري لايستلزم الاتحاد الحقيقي اذ الاتحاد الحقيقي لايعقل الا في البسيط الذي لايحلله العقل او في الثالث الحاصل من الشيئين و هو غيرهما فلايسمي باسمهما و لايحلله العقل الا بلحاظ ما قبل الاتحاد و هو حينئذ اثنان علي ان المحللين في الذهن ليسا هما المتحد في الخارج لان المحللين عرضيان و الا لكان الحقيقي ذهنيا و قد تقدم هذا و امثاله فراجع .
قال سؤال لو كان الوجود في الاعيان و ليس بجوهر فيكون كيفا لصدق تعريف الكيف عليه فيلزم مع ما مر من تقدم الموضوع المستلزم للدور او التسلسل كون الكيف اعم الاشياء مطلقا و كون الجوهر كيفا بالذات و كذا الكم و غيرها .
اقول يريد ان الوجود اذا كان في الاعيان انه صفة للماهية و الجوهر لايكون صفة لانها كيف الموصوف فلو كان في الاعيان لصح ( يصح خل ) ان يقع صفة و لا شئ من الجواهر يصح ان يقع صفة و قيل عليه ان اراد الحقيقي منعنا الصغري و ان اراد الاشتقاقي منعنا الكبري و يحتمل ارادة الحقيقي و يكون بحكم الفصل فلايرد منع للصغري و يرد علي هذا ما ورد سابقا علي فرض تقدم الموضوع الذي هو الماهية من عدم تحقق فرض التقدم فانها ان كانت موجودة بنفسها كما هو علي القول به فلا تقدم و الا فان وجدت بغير السابق بطل الفرض و بالسابق يمتنع و قد تقدم فلا دور و لا تسلسل و قوله يلزم علي وجوده خارجا كونه كيفا لصدق تعريفه عليه لكونه الحال في المتحيز و كون الكيف اعم الاشياء لصدقه علي جميع الاشياء اذ هو الوجود و كون الجوهر كيفا بالذات و كساير
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 222 *»
( كذا سائر خل ) المعقولات ( المقولات خل ) و هو خلاف المعروف عندهم و قوله و كون الجوهر كيفا بالذات احتراز عن كونه كيفا بالعرض كما هو عند المصنف في ظرف التحليل و عندهم و قيل اورده صاحب الاشراق علي المشائين نظرا الي ما يلزم من كلامهم من ان المجعول بالذات انما هو الوجود و الماهية من حيث هي غير مجعولة و من المعلوم انه بهذا النظر وارد علي المصنف فان هذا رأيه كما يأتي فيما بعد بل وروده عليه اولي لبعد قوله عن صاحب الاشراق بالنسبة الي المشائين .
قال جواب الجوهر و الكيف و غيرهما من المقولات من اقسام الماهية و هي معان كلية تكون جنسا و نوعا ذاتية و عرضية و الحقايق الوجودية هويات عينية و ذوات شخصية غير مندرجة تحت كلي ذاتي او عرضي فالجوهر مثلا ماهية كلية حقها في الوجود الخارجي ان لاتكون في موضوع و الكيف ماهية كلية حقها في الوجود الخارجي ان لاتقبل ( لايقبل خل ) القسمة و لا النسبة و هكذا سائر المقولات فسقط كون الوجود جوهرا او كيفا او عرضا آخر من الاعراض .
اقول هذا جواب لقول السائل لو كان الوجود في الاعيان الخ ، يعني ان الوجود غير هذه الاشياء فان الجوهر و الكيف و سائر المقولات من اقسام الماهية و الماهية غير الوجود لانها بجميع اقسامها كليات لاتمتنع من قبول الكثرة فان هذه المقولات كسائر اقسامها معان ذهنية كلية تكون اجناسا و انواعا ذاتية و عرضية و هي ذهنية لا خارجية فلاتوجد الا في افرادها علي قول بخلاف الحقايق الوجودية فانها متحققة في الخارج بانفسها و لاتدخل في شئ من الاذهان الا بعوارض انتزاعية ليست من حقيقة الوجود و انما هي حكايات عن تلك الحقايق الخارجية و اظلة لها و هذه الحقايق الخارجية مصاديق لتلك المفاهيم الذهنية و هذه المصاديق هويات عينية اي حقايق ثابتة بذواتها في الاعيان شخصية لاتندرج تحت كلي لا ذاتي و لا عرضي بان تكون جزئية له ثم رد كلام السائل بقوله و ليس بجوهر فيكون كيفا بان الجوهر
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 223 *»
لايحل بالموضوع ليكون كيفا لان حق الجوهر عدم الحلول في موضوع و لايريد به كون الوجود جوهرا لان الجوهر ماهية كلية لكنه في الخارج يكون محلا لا حالا بخلاف العرض و حق العرض في الخارج عدم قبوله القسمة و لايرد ( لايريد خل ) ان الوجود عرض لعدم قبوله القسمة لان العرض ماهية كلية فهما متخالفان و الوجود مخالف لهما فلايراد من احدها ( احدهما خل ) الآخر فبهذا الاعتبار سقط حكم الملازمة في السؤال فانه وارد علي غير مورده .
قال و قد مر ايضا ان الوجود لا جنس له و لا فصل و لا هو جنس و لا فصل و نوع لشئ و لا عرض عام و لا خاص لان هذه الامور من اقسام الكليات و ما هو من الاعراض العامة و المفهومات الشاملة هو معني الموجودية المصدرية لا حقيقة الوجود و من قال ان الوجود عرض اراد به المفهوم العام العقلي و كونه عرضا انه الخارج ( الخارجي خل ) المحمول علي الماهيات .
اقول قد مر ان الوجود لا جنس له و لا فصل الخ ، في كلامه و قد مر هناك ايضا ما يرد عليه و كذلك مر انه لايكون جنسا لشئ و لا فصل الخ ، و مر هناك الكلام عليه و قوله و ما هو من الاعراض العامة الي قوله لا حقيقة الوجود الامر كما قال هنا في هذا الا انه يخلط بعضها ببعض فيما مر و قد نبهنا عليه هناك و قوله و من قال ان الوجود عرض الخ ، في قوله هو و اما المشاؤن فمنهم انه عرض في الخارج للماهيات الخارجية و قد صرح به ( هو خ ) لان من قال بان الوجود متحقق في الخارج منهم من قال بانه متحد بالماهية كالمصنف و منهم من قال انه عارض عليها كجماعة من المشائين و من المتكلمين و منهم من قال بانه معروض للماهية كالصوفية فليس كل من قال انه عرض اراد به المفهوم العقلي العام .
قال و ايضا الوجود يخالف للاعراض لان وجودها في نفسها وجودها لموضوعها و اما الوجود فهو بعينه وجود الموضوع لا وجود عرض في الموضوع و الاعراض مفتقرة في تحققها الي الموضوع و الوجود لايفتقر في تحققه الي موضوع بل الموضوع يفتقر في تحققه الي وجوده و الحق ان وجود
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 224 *»
الجوهر جوهر بعين جوهرية ذلك الجوهر لا بجوهرية اخري و وجود العرض عرض بعين عرضية ذلك العرض لا بعرضية اخري كما علمت الحال بين الماهية و الوجود .
اقول هذا الكلام ليس جوابا آخر و انما هو من تمام الكلام الاول و اما قوله لان وجودها اي الاعراض في نفسها وجودها لموضوعها فقد تقدم الكلام فيه في الاستشهادات و قوله و الوجود لايفتقر في تحققه الي موضوع هو علي ظاهره في الجملة ليس فيه بأس لانه ليس حكمه حكم العرض و اما في نفس الامر و هو الذي يطلب مني فقد قدمنا بعض بيان هذا مفرقا منه ان الجوهر وجود موصوفي و العرض وجود صفتي ( وصفي خل ) و في كلام المصنف ما يفيد بعض ظاهر كلامنا و هو قوله و الحق ان وجود الجوهر جوهر بعين جوهرية ذلك الجوهر الخ ، و ان كانت الارادتان مختلفتين و ان كل شئ مكون فهو مركب من وجودين موصوفي نسميه بالوجود و بالمادة و صفتي نسميه بالماهية و الانفعال و بالصورة و انه لميخلق الله في ساير الاكوان شيئا بسيطا حقيقيا فردا للذي اراد من الدلالة علي نفسه و اثبات وجوده كما قال الرضا عليه السلام ( صلوات الله عليه خل ) لعمران الصابي و ان هذا الانفعال و الصورة جزء المركب فالجوهر مركب منهما اي من هذين الوجودين و نعني بالصورة الهندسة المشتملة علي جميع المشخصات من الاعمال و الاقوال و الاحوال و الاعتقادات و الانفعالات و الحدود الباطنة من الاجابات لدعوة الله عز و جل و من الاستعدادات و الملكات و المعارف و العلوم و الاذن و الاجل و الكتاب و الرزق و النسب الغيبية ( العينية خل ) و من الحدود الظاهرة كالطول و العرض و غيرهما و المقدار و الكم و الكيف و الجهة و المكان و الوقت و الرتبة و اقسام الوضع فكل هذه و ما اشبهها اجزاء المركب منها مقبول و هو الوجود و هو المادة و منها قابل و هي هذه المذكورات و ما اشبهها و كل هذه يتوقف ظهور الشئ علي جميعها في عالم الاعيان و ان تقدم المقبول في الذات علي القابل و اما في الظهور فكلها شرط لكلها هذا في
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 225 *»
الجوهر و اما في العرض فحكمه حكم الجوهر في كل ما ذكر و يزيد علي الجوهر سبق وجود الجوهر و لو في الاعتبار في بعض الموجودات الا انها في العرض بنسبة عرضيته ( عرضية خل ) كما انها في الجوهر بنسبة جوهريته ( جوهرية خل ) و قد ( فقد خل ) تساويا في باطن الصنع علي حد واحد ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا و هو حسير و قوله و الحق ان وجود الجوهر بعين جوهرية ذلك الجوهر لا بجوهرية اخري الخ ، صحيح الا ان المراد الواقع غير ما اراد به فان الواقع ان وجود الجوهر هو ما به الجوهر و هو مركب من وجود هو وجود موصوفي و هو المادة اعني الحصة الخاصة به اي من جنسه و من وجود صفتي و هو الصورة اعني الحصة الخاصة به اي فصله او حصة منه اذا كان المركب شخصيا مفردا و بنحوه بنسبة المركب اذا كان عرضا كما ذكرنا لانه موجود مثل الجوهر الا ان نسبته من الجوهر نسبة الواحد من السبعين لوقوعه منه في الرتبة الثانية من الجوهر لانه صفته فالوجود في كل شئ ما به تحققه و هو لا شك انه المادة و الصورة اذ ليس شئ غيرهما يتوقف تحققه عليه غيرهما و راجع ما ذكر سابقا و المادة و الصورة في الجوهر ظاهران و ربما خفيا في العرض و من اجل ذلك قيل فيه ان حقيقة وجود العرض حلوله في الجوهر و قد بينا بطلانه فيما سبق لان الذي قام عليه الدليل ان كل نوع من انواع الخلايق من المعاني و الاعيان و الجواهر و الاعراض و كل شئ صح ان يعلم و يعلم مما يمكن ان يعبر عن معناه فانه مخلوق خلقه الله سبحانه لا من شئ ليس بمحدث و كل محدث خلقه الله فله مادة بنسبة تحققه من مقام الصنع فمادة كل شئ من نوعه فمادة الجوهر جوهرية موصوفية استقلالية و مادة العرض عرضية صفتية غير مستقلة في القيام بنفسها لانه صفة ( صفته خل ) و مادته من نوع الصفات ، و قوله كما علمت الحال بين الماهية و الوجود يريد ان قولنا ان وجود العرض من عرض الخ ، اي ان وجوده عارض لوجود الجوهر كما انه عارض للجوهر و ذلك مثل نسبة وجود الماهية بالنسبة الي وجود الوجود يعني ان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 226 *»
وجودها عارض علي وجوده و هذا كلام بقولنا صحيح و اما بقوله فهو غلط لانه يريد ان الماهية لا وجود لها اصلا و ليست مجعولة الا بتبعية جعل الوجود انه جعل واحد كان به الوجود و كانت به الماهية لا بجعل عارض لجعل الوجود فهي لذاتها لمتشم رايحة الوجود و هذا غلط فاحش لان المصنف مركب من وجود و ماهية فوجوده متحقق و اما ماهيته عنده فليست بشئ الا في ظرف التحليل عند الاعتبار فعلي هذا هو وجود و ليس له انية لان الماهية هي الانية و ما في الذهن انما هو اعتباري و لو فرض ان ما فيه حقيقة الشئ فانها مجردة عن العوارض الخارجية اذ الفارق عنده بين الذهني و الخارجي هو ان الذهني لاتترتب عليه الاحكام و الآثار الخارجية و قد قرروا ان الوجود خير محض فلايصدر عنه المعاصي و لا شئ من المكاره و ان ذلك الشرور و المعاصي من آثار الماهية و ميولاتها فاذن المصنف لايصدر عنه شئ من المعاصي و الهفوات لانه في الخارج وجود بحت و الوجود كله خير محض و لو كان هذا حقا لماقال بامثال هذه الاوهام و اما عندنا فلها جعل خاص بها غير جعل الوجود الا ان ما به جعلت عرض لما به جعل مثل قولنا في وجود العرض فانه وجود عارض علي وجود الجوهر كما ان الجوهر معروض عليه و هذا معني قولهم ان الوجود اولا و بالذات اي جعل ابتداء و الماهية ثانيا و بالعرض اي جعلت لاجل تقوم الوجود لان الوجود لايتقوم بدون الماهية و مثال الثاني و بالعرض اني اشتريت الفرس بمائة دينار بايجاب من مالكها الاول و قبول مني فاشترائي لها اولا و بالذات لحاجتي الي الركوب ثم انها تحتاج الي الجل فاشتريته بدينار بايجاب من مالكه الاول و قبول مني مثل عقد بيع الفرس الا اني لا حاجة لي به لولا الفرس فاشترائي للجل ثانيا و بالعرض و لا فرق بين الاشترائين و كذلك ايجاد الوجود و هو محبوب لذاته الا انه لايقدر علي الاستقلال في الظهور بدون الماهية فجعلت ليتقوم بها في الظهور و هي متحققة في الخارج معادلة للوجود فمنه تصدر الطاعات و به يفعلها المكلف و يترك المعاصي و منها تصدر المعاصي و بها يفعلها المكلف و يترك الطاعات و الشئ مركب منهما و هما متمايزان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 227 *»
في تمازجهما كالظلمة الممازجة لنور السراج الا انه كلما قرب من السراج ضعفت و رقت و كلما بعدت منه قويت و كثفت بعكس نور السراج فكذلك الوجود في الشخص كلما قرب من فعل الله قوي و اشتد و كلما بعد ضعف و رق و الماهية بالعكس و هذا معني قولنا ان كلامه علي معني ما نريد صحيح لا علي ما يريده و اصل كلامه هذا رفع ( دفع خل ) لما يتوهم من قوله ان الوجود لا جنس له و لا فصل و هو ليس بجنس لغيره و لا فصل انه عرض ليس بجوهر فابان بانا لانريد بذلك نفي جوهريته و انما نريد اصالته و بساطته و عمومه مع تشخصه .
قال سؤال اذا كان الوجود موجودا للماهية فله نسبة اليها و للنسبة ايضا وجود و حينئذ فلوجود النسبة نسبة الي نسبته و هكذا الكلام في وجود نسبة النسبة فيتسلسل .
اقول هذا السؤال اورده الشيخ الالهي في حكمة الاشراق علي المشائين و فيه الزام لهم علي رأيهم بالتسلسل الا ان يلتجئوا الي ان ما سوي النسبة من الاشياء تلزمه حصول النسبة خارجا و الا لميكن بين الاشياء الخارجية نسبة لو اريد منها ذهنيها ( ذهنيا خل ) لعدم ترتب الآثار علي الامور الذهنية في الخارج لكن النسبة نفسها لايلزم لنسبتها نسبة لانها بذاتها كافية عن اعتبار نسبة ( النسبة خل ) زائدة علي نفسها و هذا الالتجاء في الحقيقة قوي فبهذا الاعتبار لايرد عليهم السؤال و المصنف فرض وروده علي قوله من جهة انه يري ان النسبة لاتوجد بنفسها فاذا تسلسلت لزم التسلسل في الوجود فاجاب عنه بقوله .
قال جواب ما مر من الكلام يكفي لاندفاعه اذ الوجود عين الماهية خارجا و غيرها في الذهن فلا نسبة بينهما الا بحسب الاعتبار و عند الاعتبار يكون للنسبة وجود و هو عينها بالذات و غيرها بحسب الاعتبار و مثل هذا التسلسل ينقطع بانقطاع الاعتبار العقلي و ستعلم كيفية الارتباط ( الاعتبار خل ) بينهما عند التحليل .
اقول ما مر من الكلام يكفي لاندفاع قول المصنف لان رده انما هو بما
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 228 *»
لميسلمه الخصم فهو يأول الي المصادرة اعلم ان الحكيم المسدد الملا احمد في تعليقاته علي هذا الكتاب نقل ما اورده المحقق اللاهجي هنا و رده و انا احببت نقل كلامهما لغرض و ربما اذكر بعد ذلك بعض ما يتعلق بكلامهما قال نقل مقال و دفع ( رفع خل ) اشكال اعلم ان الفاضل المحقق اللاهجي قد اورد هيهنا اشكالا و زعم انه من اعظم الاشكالات فقال في كتابه المسمي بشوارق الالهام قد صرح كافتهم بان الوجود ليس الا نفس تحقق الماهية لا ما به تحقق الماهية و مذهب قاطبتهم ان التحقق مفهوم واحد بديهي التصور فلو كان للوجود فرد يجب ان يكون هو ايضا نفس تحقق الماهية المخصوصة لا ما به تتحقق الماهية المخصوصة و كلما نفرض محققا لايمكن ان يكون له خصوصية في نفس التحقق فان معني التحقق واحد في جميع التحققات و لايمكن ان يتحصص الا بان يكون تحقق هذا و تحقق ذاك ( ذلك خل ) و هذا تحصيص حاصل بمجرد الاضافة الي ما هو يتحقق بذلك التحقق و هذا هو معني الحصة فليس للوجود الا حصص متكثرة بالاضافة الي الماهيات المتكثرة و هذه الحصص ليست الا نفس مفهوم التحقق مع قيد الاضافة الي الماهية انتهي كلامه رفع مقامه و حاصل الاشكال ان هذه الطائفة يقولون بان الوجودات حقايق متخالفة متكثرة بانفسها لا بمجرد عارض الاضافة و يقولون ان المطلق و الحصة خارجان عن تلك الوجودات فهناك امور ثلثة مفهوم الوجود و حصصه المتعينة باضافته الي الماهيات و الوجودات الخاصة المتخالفة و نسبة الاولي الي الثاني نسبة الذاتي الي ذي الذاتي فان الوجود المطلق داخل في حصصه و الحصص هي ذلك المفهوم مع قيد الاضافة و لكن هما خارجان عن الوجودات الخاصة عرضيان بالنسبة اليهما كما مر سابقا و الحال انه يلزم عليهم بناء علي ما اعترفوا به من تلك المقدمات ان لايكون الوجودات الخاصة الا الحصص فيلزم مخالفة جميع ما نقل عنهم و بالجملة علي ما قال يلزم عليهم ان يكونوا قائلين بالمتناقضين هذا هو الاشكال و نقول في دفعه ان الوجود الذي ليس الا نفس التحقق لا ما به تتحقق الماهية هو مفهوم الوجود العام البديهي الذي هو من ثواني المعقولات بالمعني
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 229 *»
الاعم و الفرد الذي قالوا به هو ما تتحقق به الماهية لا بانه امر ينضم الي الماهية فتصير موجودة بان تكون صفة موجودة في الخارج منضمة الي الماهية فيه كالحال في السواد بالقياس الي الجسم فانه باطل ضرورة بل بان الوجود بذاته موجود و الماهية متحدة به و موجودة بنفسه لا بغيره كما مر و هو كما انه فرد لما تتحقق به الماهية فرد للتحقق ايضا بمعني انه ينتزع من حاق ذاته و لهذا يحمل عليه فلا اشكال اصلا هذا انتهي كلامه في تعليقاته و اقول اما قول المحقق اللاهجي في تصريح كافتهم بان الوجود ليس الا نفس تحقق الماهية فليس بصحيح لتصريح اكثرهم بغير ذلك علي وجوه متعددة نعم بعض اطلاقاتهم يراد منه ذلك و اما ان مذهب قاطبتهم بان التحقق مفهوم واحد بديهي التصور فصحيح و توجيه الاشكال مبني علي تسليم انهم لايعنون بالوجود الا التحقق و هو غير ثابت بل المعروف من اطلاقهم انهم يطلقون الوجود و يريدون مرة التحقق و تارة المعني العام و تارة البسيط و تارة المطلق و تارة الفرد و تارة الحصة الي غير ذلك و اما توجيه صاحب التعليقات للاشكال بان هذه الطائفة يقولون بان الوجودات حقايق متخالفة متكثرة بانفسها لا بمجرد عارض الاضافة فالنقل عنهم صحيح و معناهم باطل فان الادلة النقلية و العقلية تفيد علي جهة القطع بان تلك الوجودات انما تعددت و تمايزت بما لحقها من الاضافات بل لمتتحقق الا بذلك و ان الحصة داخلة فيها و اما المطلق فاذا اريد به المفهوم كان عارضا و ان اريد به المصداق علي قول بعضهم فهو داخل و ستعرف تفصيل ذلك من خلال كلامنا في هذا الشرح ان شاء الله تعالي و فيما مضي اشارة الي بعض ذلك و اما ان الوجود المطلق داخل في حصصه و الحصص هي ذلك المفهوم مع قيد الاضافة فالحق فيه ما ذكرنا و قوله و يلزمهم بناء علي ما اعترفوا به من تلك المقدمات الاتكون الوجودات الخاصة الا الحصص فالحق فيه ان الحصص موجودات في الخارج بقوابلها و مشخصاتها و هي حصص اجزاء لا حصص جزئيات لانها من كل لا من كلي و قد قدمنا الاشارة الي بعض بيان هذه و قوله و نقول في دفعه الي قوله
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 230 *»
بالمعني الاعم صحيح و كذا قوله و الفرد الذي قالوا به هو ما تتحقق به الماهية علي ظاهره و اما ما في نفس الامر فقد قدمنا ان الوجود و الماهية هو الموجود الخارجي باعتبارين و قوله لا بانه امر ينضم الخ ، المعروف من كثير من عباراتهم انه امر ينضم الي الماهية كقول المشائين الا من يقول باتحاده معها في الخارج و قوله بان يكون صفة موجودة في الخارج كما يقوله بعض المشائين رد بغير دليل ، و قوله بل بان الوجود بذاته موجود و الماهية متحدة به و موجودة بنفسه لا بغيره قد تقدم الكلام عليه فانها دعاوي من غير دليل و ان الوجود ( الموجود خل ) هو المادة المطلقة و اما انه شئ غير المادة و الصورة و هو اصل الشئ و كل الشئ فان قيل بانه صفة عارضة لماهية الشئ و حقيقته فهذا كلام معقول الا انه لايكون اصلا للشئ و لا كل الشئ بل كما قال بعض المشائين و ان قيل بل هو الاصل و كل الشئ و هو غير المادة و الصورة فشئ ليس بمعقول الا ( لا خل ) للمدعين و لا لغيرهم بل لو سألوا عنه اجابوا بانه لاتدركه العقول و الحاصل ان الخصم لايسلم لهم و لهذا قال بعض بانه صفة وجودية و آخرون انه صفة اعتبارية ذهنية و غير ذلك و السبب في ذلك انهم كلما طلبوا لميجدوا غير امر اعتباري او مصدري و الدليل علي هذه الحيرات مثل قول صاحب التعليقات و لهذا يحمل عليه لان ادلتهم صناعية مرجعها الي مدلولات الالفاظ بدلالتها اللفظية و المفاهيم و صناعة ترتيب الكلام و كلها لاتغني من الحق شيئا مثل ما اورد بعض المتأخرين علي قول الحكماء ان ماهية الواجب لذاته هي الوجود المجرد اسولة الاول ان الوجود من حيث هو وجود اما ان يكون مقتضيا لمقارنة ماهية او لايكون فان كان الاول لزم ان يكون وجود الواجب لذاته مقارنا لماهية و قد مر بطلانه و ان كان الثاني لزم ان يكون وجود الممكن غير مقارن لماهية و هو محال و ان لميكن الوجود مقتضيا لاحدهما فيكون كل واحد منهما محتاجا الي سبب فيحتاج تجرد الوجود الواجب الي سبب و كل محتاج الي سبب ممكن فالوجود الواجب لذاته ممكن لذاته هذا خلف و الثاني و الثالث بهذا النمط فتأمل قولهم ان كان الوجود مقتضيا لمقارنة لزم ان يكون الواجب
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 231 *»
كذا و ان لميكن مقتضيا لزم ان يكون الممكن كذا فهل هذا الا ان الوجود حقيقة واحدة للواجب و الممكن و الحاصل ادلتهم اوهن من بيت العنكبوت .
قال المشعر الخامس في كيفية اتصاف المهية بالوجود و لعلك تعود و تقول لو كانت للوجود افراد في المهيات سوي الحصص لكان ثبوت فرد منه للمهية فرعا علي ثبوتها بناء علي القاعدة المشهورة فيكون لها ثبوت قبل ثبوتها كما مر فاعلم انه لا خصوصية لورود هذا الكلام علي عينية الوجود بل وروده علي انتزاعية الوجود اشكل لان الوجود عين المهية علي تقدير العينية فلميكن بينهما اتصاف بالحقيقة و غيرها علي هذا التقدير فيكون وصفا لها .
اقول يريد بكيفية اتصاف المهية بالوجود بيان ما اتصفت به من الوجود او بيان ما يريد من قولنا بذلك و لعل الاول اوفق بمراد المصنف فصور سائلا عن بيان ذلك علي سبيل المعارضة و المنع يقول لم جوزتم اتصافها بالوجود و ذلك يستلزم تحققها قبل الوجود او قبل الاتصاف و الاول هو المراد و لو كانت للوجود افراد في المهيات ( للمهيات خل ) سوي الحصص الخ ، يعني ان الثابت من مفهوم الوجود و المحصل منه انما هو الحصص التي تتعين كل حصة بما اضيفت اليه و اما ان له افرادا متعينة بذاتها من دون قيد الاضافة فلا و لو ثبت فرد منها لمهية لكان ثبوته فرعا علي ثبوتها كما هو مقرر في القاعدة المشهورة من ان ثبوت شئ لشئ فرع علي ثبوت ذلك الشئ الذي ثبت له الشئ فتكون ثابتة قبله و لا ثبوت لها بدونه فيكون ( فلايكون خل ) لها ثبوت قبل ثبوتها كما مر و يلزم التسلسل او ثبوت الشئ قبل نفسه ثم ان المصنف اتي بالجواب مضمنا و صريحا فالمضمن في الزامهم بان هذا السؤال ليس واردا علي خصوص قولنا من كون الوجود عين المهية خارجا بل يرد عليكم علي قولكم بالانتزاعي لانه علي قولنا بالعيني يكون اتصافها بالانتزاعي العقلي بعد وجودها و تحققها بالحقيقي قبل الاتصاف و اذا اتصفت به حينئذ فهي موجودة بالحقيقي و لايلزم تقدم الشئ علي نفسه بخلاف قولكم بالاعتباري فانه غيرها و به تتحقق عندكم فاتصافها به
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 232 *»
يلزم منه تقدم وجودها علي وجودها فالامر عليكم هنا اشكل فما يجيبونا به فهو جوابنا لكم و هو قوله لان الوجود عين المهية يعني عندنا فلميكن بينهما اتصاف ( اتفاق خل ) بالحقيقة و هو غيرها في التحليل العقلي فتتصف به بعد تحققها بالحقيقي و انما يشكل كيفية الاتصاف علي فرض المغايرة لان اتصاف المهية بالوجود يعني به تتحقق علي تقدير ان يراد به الكون المصدري فان تقدمها عليه بحسب مطلق الكون و الحصول علي مطلق الكون و الحصول اذ يلزم منه تقدم كونها علي كونها فلذا ،
قال فيشكل كيفية الاتصاف بها لان اتصاف المهية بالوجود علي تقدير ان يراد به الكون المصدري مصداقها نفس حصول المهية و المهية باي اعتبار اخذت كان لها كون مصدري فلايتصور تقدمها بحسب مطلق الكون علي مطلق الكون بخلاف ما اذا كان الوجود امرا حقيقيا و للمهية تحصلا عقليا غير وجودها .
اقول يعني انه يشكل عليهم كيفية الاتصاف لان اتصافها بالوجود علي تقدير ان يراد به الكون المصدري مصداقها اي مصداق ذلك الاتصاف نفس حصولها لانكم اذا لمتريدوا به الكون المصدري لا مناص لكم عن الحقيقي اذ المراد اما ما به الاتصاف او ما به التحقق فاذا اردتم المعني المصدري باي اعتبار اخذت المهية ذهنية او خارجية كان لها كون مصدري و حينئذ لايتصور تقدمها بحسب مطلق الكون علي مطلق الكون بخلاف ما اذا كان الوجود امرا حقيقيا و للمهية تحصل عقلي غير وجودها فلايلزم تقدم الشئ علي نفسه لان ما به التحقق غير ما به الاتصاف و هذا هو الجواب المضمن للالزام اي قوله ضمنا فجوابكم لنا بما الزمناكم بسؤالكم جوابنا لكم عما اوردتم علينا .
قال لكن الحقيق بالتحقيق ان الوجود سواء كان عينيا او عقليا نفس ثبوت المهية و وجودها لا ثبوت شئ ( لشئ خ ) او وجوده لها و بين المعنيين فرق واضح و الذي تجري فيه القاعدة المذكورة هو ثبوت شئ لشئ لا ثبوت شئ في نفسه فقولنا زيد موجود كقولنا زيد زيد فلاتجري فيه قاعدة الفرعية .
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 233 *»
اقول هذا هو الجواب الصريح و هو ان القاعدة المشهورة لايدخل حكم الوجود فيها لانها انما تتناول ما كان فيه تغاير و الوجود مع الماهية في الخارج شئ واحد فلايدخل تحت القاعدة المشهورة و اعلم ان المصنف قد اثبت في عنوان كلامه هذا كون الوجود صفة فقال المشعر الخامس في كيفية اتصاف الماهية بالوجود و كذا في توجيه الاشكال علي الخصم و ليس علي وجه الحكاية بل ظاهر كلامه ذلك علي تقدير ارادة الكون المصدري و كذا في حكم التحليل الذهني فانه قد اثبت لها وجودا ما قبل الحمل الذهني كما اشار اليه فيما سبق و كذلك قوله في هذا المشعر و للماهية تحصل عقلي غير وجودها علي ما عندنا و هنا في هذا الجواب الذي عناه بقوله الحقيق بالتحقيق نفي ذلك بعبارة لاتدل عندنا دلالة قطعية و ان كان لايريد الا القطع بقوله ان الوجود سواء كان عينيا او عقليا نفس ثبوت الماهية و وجودها و هذا لا اشكال فيه عند الخصم فان الخصم ايضا يقول ان الوجود نفس ثبوت الماهية و المصنف يريد الاتحاد لانه يريد انه هو كونها و تحققها اي هو هي لانه اذا اعتبر لها مفهوما مغايرا لمفهوم ثبوتها و كان عارضا لها في الخارج كما هو ( كله خل ) عارض لها في الذهن و الخصم لايفيد قوله ثبوتها نعتا في الاتحاد و هذا في الحقيقة لايفيده لفظا و الذي يفيده ان يقول ان الوجود هو الماهية لا ان يقول هو نفس ثبوتها فانهم يقولون ان ثبوتها غيرها و هو محمول عليها و صفة لها فرجع جوابه اعترافا لانه اذا ثبت كونه صفة كان ثبوتها فرعا علي ثبوت الموصوف و هذا ظاهر و ان كان لايريد الا الاتحاد ليتم له المراد و قوله لا ثبوت شئ لشئ علي ظاهره ان الوجود اذا كان هو ثبوتها كان ثابتا مغايرا لها نعم مثل هذا التدقيق في العبارة يتسامحون فيه و اكثر ما يقع مثل ذلك غفلة لا تسامحا و الدليل علي ان هذا وقع منه غفلة قوله و الذي تجري فيه القاعدة المذكورة هو ثبوت شئ لشئ لا ثبوت شئ في نفسه فان المطابق لثبوت شئ في نفسه ان يقول ان الوجود نفس الماهية و لا شك ان الوجود ليس هو الماهية قطعا و انما ادعي الاتحاد لعدم الوقوف علي الفارق في
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 234 *»
الخارج و لما يلزمه من الالزامات التي لايتخلص منها علي زعمه الا بالاتحاد و قد ذكرنا مرارا و نذكر انه مغاير لها في الخارج باختلاف آثار الشئ الواحد الطبيعية اختلافا بالتضاد و لايحصل ذلك بالاتحاد و الحاصل ان مراده ان ما يدخل تحت تلك القاعدة هو ثبوت شئ لشئ لا ثبوت شئ في نفسه و اعترض علي المصنف بان قولك الماهية موجودة قضية و لا بد لكل قضية من نسبة فيدخل تحت القاعدة و اجاب في رسالته الموضوعة لبيان كيفية اتصاف الماهية بالوجود بان ذلك بحسب تفصيل اجزاء القضية و اعتبارات الاطراف بحسب المفهوم لا بحسب مفاد الحكم و مصداق القضية فانه اذا قيل زيد زيد فهو من حيث مفهوم القضية و انه حكم بين امرين ( الامرين خل ) لا بد له من اعتبار اجزاء ثلثة هي الطرفان و الرابطة و ليس الكلام فيه و انما الكلام فيما يدخل في مصداق الحكم فبعض الاحكام مما ليس يتحقق فيه الا ذات الموضوع فقط كقولنا زيد زيد و زيد حيوان لان الطرفين فيهما شئ واحد بالذات ماهية و وجودا او وجودا فقط و من هذا القبيل زيد موجود فان مصداقه ماهية الموضوع و وجوده لا غير و المحمول اذا كان نفس الوجود فلا حاجة الي رابطة اخري لان جهة الاتحاد و الربط هو الوجود ليس الا و اذا حمل غير الوجود علي موضوع احتيج الي وجود يقع به الربط ( الرابط خل ) ما بينهما و اما اذا حمل الوجود فلا حاجة الي وجود آخر يصير رابطة بينهما انتهي ، و اقول ان هذا الجواب و بيان وجه الاتحاد بين الوجود و نفسه فهي صحيح لا اشكال فيه الا ان تعليله ينقض تقريره في قوله كقولنا زيد زيد و زيد حيوان لان الطرفين فيهما شئ فان كلامه في هذا المثال صحيح و لكنه في الوجود و الماهية ليس بصحيح لان الوجود ليس هو الماهية لان الوجود وجه الشئ من ربه و اعتباره من جهة صانعيته و الماهية وجه الشئ من جهة نفسه و هويته اذ لو كان هو الماهية لكان موجودا بغيره كالماهية و الا كانت بنفسها لا بالوجود علي ان الماهية لو صدقت علي الوجود فان كان صدقا صناعيا كما هي عادتهم لمتتحد به في نفس الامر و ان كان حقيقيا لميكن عارضا في الذهن كما انه لايمكن في قولك زيد زيد ان يعرض المحمول
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 235 *»
للموضوع في الذهن الا باعتبار عوارض خارجة كما تتصور مثلا ان زيدا المسئول عنه او المخبر به هو زيد المعلوم او بالعكس يعني باعتبار امر خارج تلحقه بالموضوع او المحمول لاجل صحة الحمل في الصورة و هو في الحقيقة عروض اعتبار وصف لموصوف لا نفس الذات فتفهم الكلام و لاتكتفي بمجرد العبارة و اعلم ان هذه القاعدة المشهورة انما قررت فيما يعتبر فيه التغاير بالحقيقة و لو عرض عليها ما تغايره بالاعتبار لميدخل تحتها الا بجهة التغاير الاعتباري الذي هو منشأ للتغاير و ليس لك مع الانصاف اذا ( اذ خل ) ادعي الخصم دخول ما تغاير بالاعتبار تحتها ان تعارضه بالاتحاد يعني مع قطع النظر عن ذلك الاعتبار مثل كون الوجود موجودا بنفسه فانه في الحقيقة ليس شيئا غير نفسه فاذا ادعي الخصم الدخول باعتبار مفهوم الحمل فان الوجود موجود تعارضه بجهة عدم المغايرة فانه وجد بنفسه و لانريد ( لايريد خل ) بالحمل الا هذا المعني و لو انه ادعي الاتحاد ليخرج عن القاعدة عارضته باعتبار المغايرة لان هذه الطريقة لايحقق بها العلم و انما يحقق بها الجهل فان هذه طريقة المغالبة و ليس كل قاعدة صحيحة و لا كل من اعتبر بها العلم مقتصد فان العلماء اي المسمين بالعلم علي اربعة اصناف صنف اذا اوردت عليه المسئلة انكرها لغرض نفساني و هذا لايكاد يصيب الحق و صنف ليس هكذا و لكنه انس من تلك المسئلة بخلاف ما اوردت عليه و لاتقدر نفسه علي مفارقة ما انست به نفسه فيتكلف الرد و هذا كالاول و صنف ليس كالاولين و لكنه يزنها بما عنده من القاعدة فما وافق قاعدته قبله و ما لميوافق لميقبله و هذا كالاولين اذ لعل الغلط في قاعدته او في تفريعه ( تعريفه خل ) عليها و صنف اذا اوردت عليه الكلام تفهمه مع قطع النظر عما تمسك به الاولون و انما يريد معرفة الامر في نفسه و هذا لايكاد يخطئ الصواب لانه قد احسن النظر و جاهد نفسه لله و في الله و الله سبحانه مؤيده و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و ان الله لمع المحسنين ، و من وصيتي لك انك اذا سمعت من الآخر الكلام بما هو خلاف ما عندك او الاعتراض عليك فتفهم ما يقول و اياك ان تكون حين كلامه
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 236 *»
مشتغلا في نفسك باعداد الجواب او النقض فتكون قد اشتغلت عن فهم كلامه لان استعدادك لمعارضته حجاب لك يمنعك من فهم كلامه و من التوفيق لاصابة الحق فان العلم ليس بكثرة التعلم و انما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء فينفسح فيشاهد الغيب و ينشرح فيحتمل البلاء كما روي عنه صلي الله عليه و آله قيل و هل لذلك من علامة قال صلي الله عليه و آله التجافي عن دار الغرور و الانابة الي دار الخلود و الاستعداد للموت قبل نزوله ه ، و هذه القاعدة المشار اليها ليست جارية علي حقيقة نفس الامر و انما هي مبنية علي ما يفهم من صناعة المحمولات و الموضوعات و علي ان الامور الاعتبارية ليست شيئا متحققا و علي اصطلاحات و ترتيبات لايفيد ( لاتفيد خل ) من تعلمها شيئا من النور و انما تفيده قوة الجدل و المطارحات الكلام و سهولة التعبير و امثال ذلك مما ليس لها في شئ من الحق تعلق و لا ارتباط و لكن رسول الله صلي الله عليه و آله قال لسراقة بن مالك اعملوا فكل ميسر لما خلق له و كل عامل بعمله فقول المصنف فلاتجري فيه قاعدة الفرعية لاتجري فيه قاعدة الاصلية ايضا فان ثبوت زيد لزيد هو ثبوت زيد و ثبوت الوجود لزيد هو ثبوت زيد و ثبوت الوجود للماهية ليس هو ثبوت الماهية يعني ليس هو الماهية لان غير الماهية لايكون عينها بوجه واحد بوجه من الوجوه الا باعتبار آخر بان تقول هذا الشئ هو الوجود باعتبار كونه اثر فعل الله سبحانه ( تعالي خل ) و هو الماهية باعتبار هويته في نفسه و انيته فقول اميرالمؤمنين صلوات الله عليه من عرف نفسه فقد عرف ربه للنفس المذكور لحاظان فان لحظت انها هي هي فمن عرفها لميعرف الله ربه فان زيدا اذا عرف انه هو لو عرف بهذا ربه كان المعني انه عرف ربه بنفسه و هذا كفر صريح و ان لحظت انها اثر فعل الله سبحانه و نور الله عرف “٢” ربه فان معرفة الاثر دالة علي وجود المؤثر و النور دال علي المنير و مثال آخر لهذا اوضح اذا نظر “٢” الي الرمح مثلا ان لحظت كونه طويلا لمتعرف به الله لان الله سبحانه لايعرف بالطول و ان لحظت انه اثر فعل الله سبحانه عرفت الله به لانه اثر و الاثر يدل علي المؤثر و اما كون الوجود هو الماهية بلحاظ واحد فهو ظاهر الفساد صاد
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 237 *»
عن طريق الرشاد فافهم هذا الكلام المكرر المردد .
قال و الجمهور حيث غفلوا عن هذه الدقيقة وقعوا فيما وقعوا من الاضطراب و تشعبوا في الابواب فتارة خصوا القاعدة الكلية القائلة بالفرعية بما سوي صفة الوجود و تارة هربوا عنها و انتقلوا الي الاستلزام بدل الفرعية و تارة انكروا ثبوت الوجود اصلا لا وصفا و لا عينا قائلين انه اعتبار مجرد الوهم الكاذب و اختراعه لان مناط صدق المشتق اتحاده مع الشئ لا قيام مبدء الاشتقاق لان مفهوم المشتق كالكاتب و الابيض امر بسيط يعبر عنه بالفارسية بدبير و سفيد فكون الشئ موجودا عبارة عن اتحاده مع مفهوم الوجود لا قيام الوجود به قياما حقيقيا او انتزاعيا و لايحتاج الي وجود اصلا .
اقول قوله و تشعبوا يعني قالوا اقوالا مختلفة لاجل غفلتهم عن الفرق بين ما هو متحد بالذات و المغايرة كما تقدم فتارة خصوا القاعدة اعني ثبوت شئ لشئ فرع علي ثبوت ما له الثبوت فلما وجدوا ان الوجود متحد بالماهية خصوها بما سوي الوجود فانه لاتكون هذه صفته و تارة هربوا عن ذلك و التجأوا الي الاستلزام اي بان ثبوت شئ لشئ يستلزم ثبوت ما له الثبوت يعني يكون اتصاف الماهية بالوجود مستلزما لحصولها و الا لميحسن الثبوت لغير ثابت زعما منهم انهم التجئوا الي ركن وثيق و عندنا لو ارادوا المساوقةلصح قولهم كما في معني الكسر و الانكسار و تارة انكروا ثبوت الوجود اصلا لا وصفا و لا عينا تمسكا بالقاعدة بانه لو كان موجودا لوجب دخوله تحتها و لو كان كذلك لزم ما تقدم من التسلسل او توقف الشئ علي نفسه قائلين انه مجرد اعتبار الوهم الكاذب و اختراعه و اعتبار الذهن اذا لميطابق نفس الامر كان كاذبا و اختراعه لانه لو كان انتزاعيا كان اصله الخارجي ثابتا و لو كان عينيا كان له مصداق غير عارض و لا معروض او عارض فيلزم المحذور المتقدم في اسولة او معروض فيخالف ذهنيه و عللوا العدم بان صدق المشتق كالابيض و الكاتب علي الشئ اتحاده به فليس الا الشئ لا قيام البياض و الكتابة بالشئ فان مفهوم الكاتب و الابيض المعبر عنه بدبير و سفيد
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 238 *»
امر بسيط فليس مناط صدقه قيامه بالشئ بل اتحاده فكون الشئ موجودا عبارة عن اتحاده مع مفهوم الوجود لا قيام الوجود بذلك الشئ ليكون الوجود شيئا مغايرا لذلك الشئ بل ليس قائما لا قياما حقيقيا و لا انتزاعيا فان الشئ بنفسه قائم في الاعيان و لايحتاج الي وجود اصلا نعم هو اعتباري ذهني اي نعتبر وجود الشئ خارجا في الذهن هذا ظاهر ما حكاه المصنف عن هذا من قوله او لازم قوله و اعلم ان ما اشار اليه هذا القائل كله خطاء علي مراده و مراد خصمه و اما علي مرادنا ففيه صواب و فيه خطاء فاما قوله ان صدق المشتق هو اتحاده فليس بصحيح فاين الصفة الخارجة من الذات بل صدقه قيام مبدئه بالشئ و اما ان كونه موجودا عبارة عن اتحاده به فصحيح علي معني ما ذكرنا سابقا من ان الوجود الحقيقي عبارة عن المادة المطلقة و هي باعتبار حقيقة مصداقه علي قسمين موصوف و صفة فالمواد وجود موصوفي و الاعراض و الصور و النسب و مبادي المشتقات و المفاهيم و الكليات و المعقولات الثانية و الانفعالات و الاوضاع و الآجال و الامكانات و الامور الاعتباريات و الانتزاعيات و ما اشبه ذلك كلها وجودات صفاتية و الكل موجود بالوجود الخارجي و ماهيات كل الاشياء موجودات في الخارج و هي الاشياء انفسها ( بانفسها خل ) باعتبار هويتها و انيتها و كنهها من حيث هي هي و يدخل في لحاظ مسمي الوجود كل ما سوي الله من حيث كونه اثر فعله و يدخل في مسمي الماهية كل ما سوي الله من حيث هو هو و قول اميرالمؤمنين عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه اراد بها النفس التي هي اثر لفعل الله تعالي و هي الوجود لا نفسه التي هي هي من حيث نفسه فان الله لايعرف بها و لانريد ان من عرف وجوده عرف ربه لان الوجود ليس مقولا علي الله و علي العبد بالاشتراك المعنوي و لا اللفظي و لا نسبة بين الرب و بين العبد بوجه من الوجوه و انما نريد ( يريد خل ) انه اثر يدل علي المؤثر فمن لميعرف نفسه بانه اثر لميعرف نفسه و لميعرف ربه و الحاصل ان كل ما سوي
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 239 *»
الله فهو مخلوق و موجود في الخارج و وجود و الله سبحانه خالق كل شئ وضع سبحانه كل شئ في المحل اللائق به فوضع الجواهر و الاجسام في امكنتها و وضع الاعراض في معروضاتها و وضع الذهنيات في محالها و هي الاذهان و تفصيل هذه حتي يزول الاشكال عما هو خلاف المعروف عند الاكثر مما يطول به الكلام و لكن نشير الي نبذ في مواضع متفرقة يوفق الله سبحانه من يشاء لفهمها و يمنع منها من لمتسبق له العناية منه و انا اسأل الله عز و جل ان يوفق من نظر في كتبي ممن يريد الحق لما يريد به الخير و سعادة الدارين .
قال فالواجب عند هذا القائل عين مفهوم الموجود لا عين الوجود و كذا الممكن الموجود و كذا في جميع الاتصافات بالمفهومات و الفرق بين الذاتي و العرضي من المشتق عنده بكون الاتحاد في الوجود الذي هو مناط الحمل عندنا في الذاتيات بالذات و في العرضيات بالعرض اذ لا وجود عنده بل بان المفهوم الذاتي هو الذي يقع في جواب ما هو و العرضي هو الذي لميقع فيه و هذا كله من التعسفات .
اقول يريد ان هذا القائل عنده ان الواجب عز و جل عين مفهوم الموجود لا عين الوجود و اقول اي منع و محذور في ان الواجب هو نفس الموجود الحق لا انه مفهوم بل هو المعلوم و هو الوجود و عين الوجود و من اراد بالواجب عز و جل غير الموجود المعبود بالحق فقد الحد و كفر و اشرك فهو هو لا غيره و كذا من جعله تعالي هو الوجود المغاير للموجود الحق و قوله و كذا الممكن الموجود فانه هو عين وجوده الا انه يحلله العقل الي ماهية و الي مفهوم الوجود بخلاف الواجب فانه مع ذلك لايمكن ان يحلله ( العقل خ ) الي ماهية و الي مفهوم الوجود و كل هذا لا بأس به فانه حق علي ما قررنا ثم قال المصنف ان هذا القائل عنده الفرق بين الذاتي و العرضي في الاتحاد ليس انه في الذاتيات بالذات و في العرضيات بالعرض كما هو عندنا لاثباتنا للوجود الذي هو مناط الحمل بل بان مفهوم الذاتي في الاتحاد هو الذي
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 240 *»
يقع في جواب ما هو و مفهوم العرضي هو الذي لميقع فيه اذ لا وجود عنده فلا فرق بين الاتحادين عنده الا بالدخول في جواب ما هو و عدمه اقول و الاولي في شأن الحمل اعتبار المصنف في نفس الحمل بالاتحاد في الذاتي بالذات و في العرضي بالعرض و اعتبار القائل ايضا في الدخول و عدمه لعدم المنافاة بينهما فان الاول بيان نفس الاتحاد و الثاني بيان تعريفه و العبارة عنه فالحيوان هو الضاحك لا فرق بينهما الا ان الحيوان يدخل في جواب ما هو بخلاف الضاحك هذا هو قول القائل و الظاهر انه غير مناف لكلام المصنف الا بالتعبير لان الدخول للاتحاد الذاتي و الخروج للعرضي و قوله و هذا كله من التعسفات يحتمل الاشارة الي ما وقعوا فيه و الي خصوص هذا القائل و الثاني اظهر .
قال اشراق حكمي وجود كل ممكن عين ماهيته خارجا و متحدا بها نحوا من الاتحاد و ذلك لانه لما ثبت و تحقق بما بيناه ان الوجود الحقيقي الذي هو مبدء الآثار و منشأ الاحكام و به تكون الماهية موجودة و به يطرد العدم عنها امر عيني فلو لميكن وجود كل ماهية عينها و متحدا بها فلايخلو اما ان يكون جزءا منها او زائدا عليها عارضا لها و كلاهما باطلان لان وجود الجزء قبل وجود الكل و وجود الصفة بعد وجود الموصوف فتكون الماهية حاصلة الوجود قبل نفسها و يكون الوجود متقدما علي نفسه و كلاهما ممتنعان و يلزم ايضا تكرير نحو وجود شئ واحد من جهة واحدة او التسلسل في المترتبات المجتمعة من افراد الوجود و هذا التسلسل مع استحالته بالبراهين و استلزامه لانحصار ما لايتناهي بين حاصرين اي الوجود و الماهية يستدعي المدعي بالخلف هو كون الوجود عين الماهية في الخارج لان قيام جميع الوجودات بحيث لايشذ عنها وجود عارض يستلزم وجودا لها غير عارض و الا لميكن المفروض جميعا جميعا بل بعضا من الجميع .
اقول قوله وجود كل ممكن عين ماهيته هذه دعويه المتكررة يريد ان يبرهن عليها ليخرج من اسم الدعوي الي حكم الحقيقة و معني هذا ان وجود
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 241 *»
زيد ماهيته و قوله و متحدا بها نحوا من الاتحاد ينافي الاول لان مفاد الثاني ان الاتحاد طار علي التغاير سواء كان بالذات او بالاعتبار و ان معني نحوا من الاتحاد انه لا مطلقا بل في حالة او بجهة و كل هذا مناف للعبارة ( للمغايرة خل ) الاولي و لعل هذا النحو هو المبين في التعليل من انه به تكون موجودة و به يطرد عنها العدم و كل هذه منافية لكون الوجود عين الماهية لان المعروف من كون شئ عين آخر انهما اسمان علي معني واحد و ما كان هكذا لايخالف الاعتبار الذهني الا عند ضم شئ يكون منشأ للمغايرة الذهنية و اما كون الوجود الحقيقي منشأ للآثار و الاحكام فيحتمل احد امرين اما انه اذا حصل للماهية نشأت عنها و منها الآثار و الاحكام او انه اذا حصل نشأت عنه و منه الآثار و الاحكام فان اراد الاول كان الشئ حقيقة هو الماهية و اما الوجود فانه علة كونها و علة الكون قد تكون فاعلية او غائية و هما خارجان عن حقيقة الشئ فلايكونان عينا لها و لا جزءا منها فان حركة يد الكاتب و الانتفاع بالكتابة ليسا جزئين لها مع انها بهما كانت و لايكون عين حقيقة الشئ الا ما كان من علل الماهية كالمادة و الصورة و ان اراد الثاني فقد ذكرنا سابقا ان الآثار و الاحكام انما تترتب علي الصورة لا علي المادة فان جعله كالمادة لمتترتب عليه الآثار و ان كان سببا لنشوها و ان جعله كالصورة فقد بينا سابقا انها عارضة للمادة و لاحقة بها كما مثلنا و قلنا انها الام و ان المادة هي الاب بعكس المعروف عندهم و ذكرنا هناك الدليل عقلا و نقلا عن الائمة الهدي عليهم السلام و علي هذا لاتكون الماهية سابقة الثبوت علي الوجود كما ان المادة كذلك و علي كل تقدير فكونها به لا بغيره لايفيد العينية المدعي ثبوتها فتدبر و قوله فلو لميكن وجود كل ماهية عينها و متحدا بها فلايخلو اما ان يكون جزءا منها الخ ، يقال هو ليس جزءا منها و لا زائدا عليها عارضا لها لانه لو كان جزءا لكانت مركبة منه و من شئ آخر لا انه يلزم منه
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 242 *»
تقدمه علي نفسه لان كونها نفسه محل النزاع سلمنا لكن اذا لميكن متقدما عليها لمتكن به كما يقولون و انما يلزم من كونه جزءا لها انها مركبة منه و من شئ آخر و علي قوله بان الوجود عين الماهية اي الشئ يظهر مما قررنا سابقا لزوم ( لزم خل ) كونه جزءا منها لانا قد قررنا ان الشئ الذي هو الماهية منضمة او منفردة او هو الوجود منضما او منفردا مركب من وجود و ماهية هي انفعاله لفعل الفاعل سبحانه كالكسر و الانكسار و هو معني قول الحكماء المتقدمين الذين اخذوا حكمتهم من الوحي بواسطة الانبياء عليهم السلام ان كل شئ محدث لا بد له من اعتبار من جهة ربه و اعتبار من جهة نفسه و مرادهم بما هو من ربه هو الوجود المنفعل بفعله تعالي و بما من نفسه هو انفعاله المسمي بالقابلية الاولي و الماهية الاولي في الخلق الاول و مجموعهما هو الشئ و هذا ظاهر ثم الماهية الثانية هي هذا المجموع من حيث هو هو و هو الوجود من حيث كونه اثرا فلا مفسدة في كونه جزءا منها و اما ارادة الاتحاد في الخارج فهو شئ لا معني له لوجوه ذكرنا منها سابقا مثل انه يلزم ان لايحلله العقل الا علي معني ما قلنا مثل ان المتحد المدعي مثل السرير فانه شئ واحد متحد و يحلله العقل الي مادة من الخشب و صورة معينة و هي متحللان في الخارج و كذلك مادة السرير هي شئ واحد في الخارج و لايحلله الذهن الا بلحاظ كون الخشب الخارج مركبا من مادة و صورة نوعية و هي ايضا متحللة في الخارج فكونها واحدة و كونها مركبة انما هو باعتبارين في الذهن و في الخارج فلو قلت في الخارج شئ واحد قلنا من حيث شخصيته فلو لحظته في الذهن من هذه الحيثية لمتجد الا بسيطا فالتحليل و امكانه فرع وقوعه فما امكن تحليله ذهنا فهو مركب خارج و ما لميمكن تركيبه كالواجب عز و جل لميمكن تحليله في الذهن فافهم و اسأل الله انك تفهم و اما كونه عارضا لها فيراد من العارض الوجود العارض اللازم للذات الخارج عنها و هو الكون و الحصول في الاعيان لا ما به الكون فانه هو الشئ باعتبار و الماهية باعتبار اي و الماهية هي الشئ باعتبار كما تقدم
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 243 *»
فقوله فتكون الماهية حاصلة قبل الوجود اي علي فرض انه عارض فانه صفة و هذا ايضا كالاول يعني ان اردت به الكون في الاعيان فلا عيب في عروضه و سبقها عليه لانه صفتها و ان اردت به ما به الكون فهو نفس الشئ لا علي معني ما ذكر المصنف بل علي معني ان الشئ انما هو شئ به لا بغيره و هذا هو الذي لايجري عليه التحليل الذهني لان التحليل الذهني انما يجري علي المتعدد في نفس الامر و الاتحاد الذي اشار اليه المصنف هو لمتعدد في نفس الامر لانه يريد به شيئين كانا بالاتحاد واحدا احدهما شئ وجد بنفسه لا بغيره سماه الوجود و الثاني شئ وجد بغيره لا بنفسه سماه ماهية و جعل علة الاتحاد كونها به لا بنفسها كما ذكر في قوله و به تكون الماهية موجودة و به يطرد عنها العدم فلاتتوهم انه يريد ما اردنا لانا نقول ان الشئ انما شئ به لا بغيره فاذا اردنا ان نسميه علي الخلق الاول منفعل و انفعال اي وجود و ماهية اي مادة و صورة اي مقبول و قابل كلها علي ما فصلنا و اذا اردنا ان نسميه علي الخلق الثاني قلنا شئ له جهتان جهة من ربه و جهة من نفسه اي كونه اثرا هو وجود و كونه هو هو ماهية فاين قولنا من قوله فلاتتوهم ان الارادتين متفقتان و ان اختلف اللفظ بل الاختلاف بينا ( بيننا و بينه خل ) في اللفظ و في المعني و في الارادة و قوله و يلزم ايضا تكرير نحو وجود واحد من جهة واحدة اي يلزم علي فرض انه جزء مع لزوم التقدم تكرير وجود الشئ فان هذا الجزء وجود و ما به الماهية وجود فيتكرر نحو اي نوع او طريق وجود واحد للماهية الواحدة حاصل من الجزء المفروض و مما به تحصلت فان كلا منهما محصل و كذا يلزم التكرير من فرض كونه عارضا فان مفروضه ( معروضه خل ) موجود و العارض عليه وجود فيتكرر الوجود من جهة واحدة اي جهات تعلقه مختلفة بل انما هو الماهية فقط و هذا لازم علي فرض تسليم فرضه و اما علي نحو ما بينا فقد اشرنا سابقا الي ما يلزم منه نفي التكرير من انه ان اراد بالجزء علي تصوير ما يتعلق بالخلق الاول
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 244 *»
فقد قلنا سابقا ان الشئ مركب من وجود و ماهية اولي اي انفعاله فالوجود احدث بفعل الله تعالي فهو ( و هو خل ) في حقيقته اثر فعل الله تعالي و اما هذه الماهية التي هي الانفعال فانها خلقت من نفس الوجود من حيث هو كما مثلنا في نور الشمس و الظل الظاهر من الجدار بها و قلنا هناك انه اثر لفعل الله الخاص به و الماهية اثر لفعل لله ( الله خل ) سبحانه انشأه من الفعل الذي احدث به الوجود من صفته فهو واحد من سبعين كما تقدم فلايكون تكريرا و علي تصوير ما يتعلق بالخلق الثاني فعلي نحو الخلق الاول ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و ان اراد بالعارض الصفة فالصفة من الموصوف و التابع من المتبوع و النور من المنير و المندوب من الواجب و هكذا كلها علي نمط ( واحد خ ) كالاول فاين التكرير و قوله او التسلسل في المترتبات المجتمعة الخ ، يعني به انك اذا فرضته جزءا او عارضا فانقل الكلام الي كل منهما علي نحو ما فرضت في الوجود مع الماهية فيلزم افراد مترتبة لان كلا منها به الكون لما هو بعده لانها وجودات مؤثرة و مجتمعة لان ما هو وجود لايكون معدوما فتحصل الاجزاء و العوارض الوجودية المؤثرة علي جهة الترتيب المجتمعة الحصول لانها وجودات الي غير النهاية محصورة الدوران بين الوجود و الماهية و هذا باطل بالاتفاق و هذا انما يتم له مع موافقته في الاحتجاج و اما مع موافقته في مذهبه فلايتم له لانه علي مذهبه لايحتاج الوجود الي وجود و ان احتاج غيره اليه فلاتسلسل فكلامه اما ان يكون ردا علي الخصم بما هو مسلم عنده او مصانعة ( مصادفة خل ) في الكلام فعلي مذهبه لايلزم التسلسل و علي مذهبنا بالطريق الاولي و قوله و هذا التسلسل مع استحالته بالبراهين اذا ثبت لزومه فهو مستحيل و دعوي لزومه هنا غير مسلم كما سمعت قال يستدعي المدعي ان يثبت المدعي بالخلف اي بقياس الخلف و هو انه اذا لمتصدق ( لميصدق خل ) نتيجة الاول في القياس اعني كون الوجود جزءا او عارضا للزوم المفسدة من كون الماهية حاصلة الوجود قبل نفسها و كون الوجود متقدما علي نفسه و لزوم تكرير نحو وجود واحد من جهة واحدة او
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 245 *»
التسلسل المستحيل صدق نقيضها و هو ان الوجود ليس بجزء للماهية و لا عارض لها زائد عليها بل هو عين الماهية في الخارج و هذا كله علي فرض صحة الحصر العقلي فيما ذكر و لكن الاحتمالات غير محصورة فيما ذكر بل يجوز ان تكون الماهية عارضة علي الوجود كما نقله المصنف عن الصوفية و ان تكون امرا اعتباريا و هو متأصل كما يظهر من كلامه في بيان جعل الوجود و ان تكون جزءا من الوجود فعلي الاول لايثبت الاتحاد الا علي قول القائل الذي لميثبت الوجود اصلا بعدم الفرق بين الذاتي و العرضي الا في دخوله في جواب ما هو و عدمه و اما اتحاد العرض عنده فانه عرضي و هو مناف لما يريد من الاتحاد و علي الثاني كذلك ايضا لان الاتحاد انما هو بين الوجودين و اما بين وجود و عدم فلا و علي الثالث فعندنا لا بأس به علي اعتبار و هو ما اذا اردنا بها الماهية الاولي التي قلنا هي الانفعال و الصفة و الصورة فقد قدمنا انها وجود صفتي و المادة وجود موصوفي هذا في الخلق الاول و اما في الخلق الثاني فغير جائز علي قولنا لانا نريد بها كل الشئ من حيث نفسه و الوجود كل الشئ من حيث كونه اثرا نعم لو اعتبرنا الشئ بانه هو مجموع الاعتبارين كانت جزءا لكنها جزء للشئ لا للوجود و لو صورنا جوازه امكن اذا اردنا الا انه بمغالطة لانطلبها بحول الله و قوته لا بحولنا و قوتنا لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم و اذا احتملت هذه الاحتمالات بطل ما استدل به من قياس الخلف مع انا كثيرا ما نقول ان الاحكام المنطقية و قواعدها انما تصلح للعلوم الشرعية و ما اشبهها و اما العلوم الالهية و الاسرار الربوبية فلايصلح علم المنطق كله ان تكون آلة لها و برهان كلامي ان كنت تعقل ان علم المنطق بنيت قواعده علي مدارك العقول و الافهام و هي قاصرة عن ادراك معرفة الملك العلام و انما يعرف بنحو ما وصف به نفسه لعباده و ماوصف به نفسه لعباده الا علي السنة اوليائه محمد و اهل بيته الطاهرين و محال وحيه من انبيائه صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و عليهم
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 246 *»
اجمعين و لله در القائل :
اذا شئت ان تختر لنفسك مذهبا ** * ** ينجيك يوم البعث من لهب النار
فدع عنك قول الشافعي و مالك ** * ** و حنبل و المروي عن كعباحبار
و وال اناسا نقلهم و حديثهم ** * ** روي جدنا عن جبرئيل عن الباري
و قوله لان قيام جميع الوجودات الخ ، بيان لما ابطل من كون الوجود عارضا المستلزم للتسلسل و لما استدل به من حكم قياس الخلف علي كون الوجود عين الماهية يعني ان جميع ما يفرض من الوجودات العارضة لا بد لها من اصيل تنتهي اليه اي لا بد ان يكون فيها ما ترجع اليه و الا لميكن ما فرض انه جميع الموجودات جميعها بل هو بعضها و البعض الآخر هو الذي ليس بعارض .
قال فاذا ثبت كون وجود كل ممكن عين ماهيته في العين فلايخلو اما ان يكون بينهما مغايرة في المعني و المفهوم او لايكون و الثاني باطل و الا لكان الانسان مثلا و الوجود لفظين مترادفين و لميكن لقولنا الانسان موجود فائدة و لكان مفاد قولنا الانسان موجود و قولنا و الانسان انسان واحدا و لماامكن تصور احدهما مع الغفلة عن الآخر الي غير ذلك من اللوازم المذكورة في المتداولات من التوالي الباطلة و بطلان كل من هذه التوالي مستلزم لبطلان المقدم فتعين الشق الاول و هو كون كل منهما غير الآخر بحسب المعني عند التحليل الذهني مع اتحادهما ذاتا و هوية في نفس الامر .
اقول قوله فاذا ثبث كون وجود كل ممكن عين ماهيته هذا ما لميثبت فلايترتب علي حكم لميثبت حكم و ليس المراد بالترتب توقفه عليه بل ليكونا ( يكونا خل ) مذهبا خاصا مركبا من مسئلتين فكأنه قال قد ثبت شق فاذا ثبت
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 247 *»
توجهنا الي الآخر فقيل له ان الاول لميثبت فارجع اليه او فارجع عنه و قوله فلايخلو اما ان يكون بينهما مغايرة في المعني و المفهوم او لايكون و الثاني باطل و اقول من اين جاء البطلان لانه ان كان وجود كل ممكن عين ماهيته من جميع الجهات لميكن بينهما مغايرة فلايكون الثاني باطلا و ان كان وجود كل ممكن عين ماهيته باعتبار او في حال لميكن بينهما اتحاد من كل جهة فلايكون الثاني باطلا مطلقا بل في حال دون حال و لايلزم منه كون اللفظين مترادفين و يكون لقولنا الانسان موجود فائدة و بيان هذا ان الانسان هو الذات المعلومة الذي هو الحيوان الناطق فانت ما تريد بالوجود الذي حملته عليه اهو الناطق ام هو الحيوان ام هما المجموع ام شئ آخر فان اردت به الثالث و انه هو مصداقه لميكن بينهما مغايرة و ان كان اللفظان مترادفين و ان اردت به ما سوي الثالث لميكن عينه و مثله قولك الانسان موجود و قولك الانسان انسان فان موجود المحمول ان كان هو الانسان اي الحيوان الناطق كان المفاد واحدا و الا فليس هو عين الانسان و الوجود المحمول هو المعبر عنه بهست بالفارسية او المعني المصدري و هو في الحقيقة محمول علي الماهية المتصفة بذلك و هي وجه الماهية الحقيقية لا ذاتها فالحقيقية هي المتحصلة بالايجاد و المحمول هو المعني المصدري الذي هو اثر الايجاد و الموضوع هو ذلك الوجه و المتحصلة هي الكل هذا مجمله و مفصله ان الوجود الحقيقي ليس هو المحمول بل هو الموضوع و المحمول هو الماهية الاولي اي الانفعال كما ذكرنا و معني ذلك انه تعالي لما خلقه انخلق فخلقه هو النسبة من فعل الله و انخلق هو نسبة الممكن من نفسه و كلاهما من صنع الله فوجب الاعتباران في كل منهما فجهة الصنع لهما هو الوجود الحقيقي و هو المعبر عنه بقوله عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه و هو الفؤاد الذي هو محل المعرفة التي ضدها الانكار و جهة الممكن من نفسه من حيث هو هو هي الماهية هذا بلغة اهل الحق عليهم السلام و اما بلغة القوم فاذا قلت زيد موجود فالمحمول هو الوجود و الوجود الحقيقي هو الموضوع و اما المحمول فهو المفهوم المصدري
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 248 *»
او المعني البسيط الذي هو هست و ليس شئ منهما حقيقة زيد لا وجوده و لا ماهيته بخلاف قولك الانسان انسان فان المحمول هو عين الموضوع فهذا هو عينه في الخارج و لايكون غيره في الذهن و اما موجود في قولك الانسان موجود مثلا فهو غير الانسان و لو كان هو عينه لماحمل عليه ضده فلايصح اذا كان عينه ان تقول الانسان معدوم فلما جاز ضده علم بان هذا الموضوع يعتوران عليه و قوله فتعين الشق الاول و هو كون كل منهما غير الآخر و هو صحيح كما ان التوالي المذكورة باطلة و كذا تقييده بقوله بحسب المعني عند التحليل الذهني مع اتحادهما ذاتا و هوية في نفس الامر فانه باطل اذ لو اتحدا ذاتا و هوية في نفس الامر لماامكن تحليلهما في الذهن كما لايمكن تحليل الانسان انسان الا عند تعدد اللفظين بان تتصور لفظ الانسان و تتصور ان لفظ انسان ( الانسان خل ) حمل علي الاول مع اتحاد المعني ذهنا و خارجا .
قال بقي الكلام في كيفية اتصاف الماهية بالوجود بحسب المغايرة الاتصافية في ظرف التحليل العقلي الذي هو نحو من انحاء وجود شئ في نفس الامر بلا تعمل و اختراع و ذلك لان كل موصوف بصفة او معروض لعارض فلا بد له من مرتبة من الوجود و يكون متقدما بحسبه علي تلك الصفة اذ ذلك العارض غير موصوف به و لا معروض له فعروض الوجود اما للماهية الموجودة او غير الموجودة او لا الموجودة و لا المعدومة جميعا فالاول يستلزم الدور او التسلسل و الثاني يوجب التناقض و الثالث يقتضي ارتفاع النقيضين .
اقول لما كان يذهب الي اتحاد الوجود بالماهية خارجا و الي تغايرهما ذهنا و الي ان الوجود عارض علي الماهية في الذهن فذكر الوجهين الاولين و ذكر هنا الثالث فقال في كيفية اتصاف الماهية بالوجود بحسب المغايرة الاتصافية في ظرف التحليل العقلي الذي هو نحو من انحاء شئ يعني انه في الذهن يكون عارضا عليها و قد ذكر قبل ان الموصوف قبل الصفة فيكون عروضه علي ماهية موجودة قبل عروضه اذ لو كانت موجودة به لميكن عارضا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 249 *»
لها ، و قوله نحو من انحاء وجود شئ اي نوع من انواع وجود شئ يعني ان ظرف التحليل العقلي و ما يحل فيه نوع من الوجود في نفس الامر بلا تعمل و اختراع اي بغير صنع و هذا من جملة الاوهام الباطلة و هو ان الشئ الذي اذا لوحظ لنفسه يعني لا مع وجود او عدم كان له نوع وجود غير معتمل و لا مخترع اي لميصنع نفسه و لميصنعه غيره و قد قام الدليل القطعي من العقل و النقل علي ان كل ما سوي الله سبحانه مما يصدق عليه السوي فهو محدث و الله سبحانه خالقه فقوله بقي الكلام في الشق الثالث الذي هو كيفية اتصافها بالوجود و قوله و ذلك لان كل موصوف توطية ( قد خ ) يستدل به و الاشارة الي النحو من انحاء وجود شئ قال لان كل موصوف بصفة او معروض لعارض فلا بد له اي الموصوف و المعروض من مرتبة اي من كون و مقام من الوجود يتقدم فيه او يفرض تقدمه فيه علي الصفة او العارض بحسبه اي بحسب ذلك المقام او الرتبة من احد ظرفي الوجود الخارجي او الذهني اذ ذلك العارض غير موصوف له ( به خل ) و لا معروض عليه ليتأخر المعروض عنه فعلي هذا الفرض من ان الوجود عارض لها في الذهن يكون عروضه اما للماهية الموجودة التي اتصفت بالوجود قبل عروضه او غير الموجودة اي التي لمتتصف به بل اتصفت بالعدم او التي لمتتصف بالوجود و اللاوجود او لميلحظ فيها شئ جميعا اي سلب عنها الوجود و العدم في نفس الامر او في الوجدان و الاعتبار فالاول اي عروضه للماهية الموجودة يستلزم الدور لان عروضه متوقف علي وجودها و وجودها متوقف علي عروضه اذ لا وجود لها بدونه او يستلزم التسلسل لترتب الوجودات العارضة لها بعضها علي بعض لا الي نهاية و الثاني يوجب التناقض لاستلزام المعروضية للوجود حال اتصافها بالعدم و الثالث يقتضي ارتفاع النقيضين اذ لايخلو المحل من احدهما فاذا تعذرت الثلثة الوجوه بعد ثبوت التغاير بينهما في الذهن و لزوم
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 250 *»
حمل احدهما علي الآخر لثبوت عدم جواز الانفكاك فلا بد ان يكون للمعروض تقدم معنوي خارج عن الاقسام الخمسة للتقدم لايلزم منه شئ من هذه الفروض الثلثة علي نحو ما يذكره بعد هذا و انت اذا نظرت بعين البصيرة طلبا للحق خاصة رأيت لهذا المحقق في استنباطاته خصوصا في هذه المسئلة تكلفات و تعسفات ليس لها من الحق اسم و لا رسم و انما هي مجرد احترازات و توقيات مما يرد عليه لاتخفي علي احد الا علي من نظر الي هذا الرجل بنفسه مع ما ملأ قلبه و سمعه من شهرة تحقيقه و تدقيقه بحيث لو القي اليه مثل هذا الكلام غير عالم بانه لذلك العالم الكبير المحقق لضرب به عرض الحائط فاذا تأملت في توجيهاته هذه وجدته قد انقطع نفسه من التمحلات الباطلة ليتستر بها الاتري تطويله للكلام و تنقلاته من مقام الي مقام ليحصل له المرام فوالله مادعاني الي مثل هذا الكلام شئ اجده في نفسي عليه و ما بيني و بينه شئ الا ما اعتقده و ادين الله به و حسبي الله و كفي به حسيبا فان قلت فما جوابك انت في هذا قلت جوابي ان الوجود مغاير للماهية في الخارج علي ما سمعت مني مرارا و ما في الذهن كله انتزاعي من الخارج فما كان متحدا خارجا اتحادا حقيقيا كزيد مثلا فانه واحد في الخارج و الذهن و ما كان متعددا كزيد و حركته حقيقة او بالاعتبار كزيد من حيث انه جسم و روح و عقل فهو متعدد في الخارج و في الذهن و لايكون شئ متغايرا في الذهن الا اذا كان كذلك خارجا او في نفس الامر فالوجود الذي هو حقيقة الموجود اي الذي به تحققه فهو معروض للماهية في الخارج و في الذهن علي ما ذكرنا مرارا اما في الخارج فمن حيث الواقع ان زيدا كله من حيث كونه اثرا لفعل الله سبحانه فهو وجود و من حيث انه هو ماهية و الثاني عارض للاول و مغاير له و اما من حيث الآثار فما كان من اعماله طاعة فهو من وجوده لانه خير كله لايعصي الله سبحانه و يجد زيد في نفسه ان فعله لما هو طاعة ليس من داعي نفسه بل من امتثال امر الله و ما كان منها معصية فهو من ماهيته لانها ظلمة لاتطيع الله سبحانه و يجد زيد في نفسه ان فعله لما هو معصية ليس من الله تعالي و لا من امتثال امره تعالي بل من
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 251 *»
شهوة نفسه و ميلها و صدور الطاعة من زيد و المعصية و هما ضدان متغايران يدل علي ان مبدأ كل منهما غير مبدء الآخر و انهما متغايران في الخارج و اما تغايرهما في الذهن فكما في الخارج فلاتجد ما من فعل الله محمولا علي ما من نفسه بل بالعكس و اما الوجود المحمول في الذهن علي ماهية زيد فليس هو جهته التي من فعل الله تعالي اذ لاتجد الجهة التي من فعل الله عارضة علي الجهة التي من نفسه بل المحمول هو مفهوم الوجود العام المطلق اذ ( او خل ) البسيط اي الحصول و الكون في الاعيان فانه صفة عارضة لزيد في الخارج و في الذهن بخلاف الحصول الذاتي الذي به التحقق فانه هو الشئ سواء اعتبرته وجودا لانه من ربه او ماهية لانه هو فالعارض صفة عارضة ذهنا و خارجا و المعروض موصوف ذهنا و خارجا الا في القضايا الكواذب كما اذا قلت زيد فرس صاهل و تصورت اشياء في هذا او في غيره باعتبار مفاد اللفظ الكاذب او ما تتخيله فان ذلك علي انحاء لا فائدة في ذكرها و ان كان اكثرها علي خلاف ما هو المعروف بين الناس و الحاصل في التصورات الصحيحة و القضايا الصادقة لايخالف الذهن الا في صرف شئ منه الي ما يشاركه في اللفظ او الصفة او غيرهما مثل قول المصنف في ان الوجود هو حقيقة الموجود و هو الذي به التحقق و عليه تحمل الماهية خارجا و تصدق عليه و في الذهن هو غيرها و محمول عليها و عارض لها و هو كلام صحيح ظاهرا كل علي حده يعني ان الوجود الذي به التحقق و هو ما به الكون في الاعيان اي الشئ لا الكون في الاعيان فهو كما وصفه في الخارج في الجملة و هو الوجود الموصوفي و اما العارض في الذهن للماهية و هي معروض له فهو صحيح و لكنه غير ذلك الوجود لان العارض هو الصفتي الفعلي او اللازم الذاتي و هذا غير ذلك لان العارض في الذهن للماهية هو صفتها و هو عارض لها في الخارج فلما اخذ للذهن غير ما اخذ للخارج من جهة توافق الاسمين كتوافق اسم الشمس للقرص و للشعاع الواقع علي الجدار صرفه بالاسم الي غيره فان كنت الآن تري ان الشعاع عارضا علي قرص الشمس و القرص معروضا في الخارج و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 252 *»
في الذهن تري القرص عارضا للشعاع لان الشعاع اسمه الشمس فيكون معروضا في الذهن لان المسمي به اي القرص معروضا في الخارج و المصنف هكذا فعل .
قال و الاعتذار بان ارتفاع النقيضين عن المرتبة جايز بل واقع غير نافع هيهنا لان المرتبة التي يجوز خلو النقيضين عنها هي ما يكون من مراتب نفس الامر و لا بد من ان يكون لها تحقق ما في الجملة سابقا علي النقيضين كمرتبة الماهية بالقياس الي العوارض فان للماهية وجودا مع قطع النظر عن العارض و مقابله كالجسم بالقياس الي البياض و نقيضه و ليس لها مرتبة وجود مع قطع النظر عن وجودها فقياس عروض الوجود للماهية كقياس عروض البياض للجسم و قياس خلوها عن الوجود و العدم بخلو الجسم في المرتبة ( مرتبة خل ) وجوده عن البياض و اللابياض قياس بلا جامع اذ قيام البياض و مقابله بالجسم فرع علي وجوده و ليس قيام الوجود بالماهية فرعا علي وجودها اذ لا وجود لها الا بالوجود .
اقول الاعتذار للاحتمال الثالث اعني قوله او لا الموجودة و لا المعدومة جميعا حيث قال انه يقتضي ارتفاع النقيضين و هو اي الاعتذار انهم قالوا بجواز ارتفاع النقيضين فقال ان هذا غير نافع هيهنا لان المرتبة التي يجوز فيها خلو النقيضين عنها هي ما تكون من مراتب نفس الامر يعني اذا نظر الي الشئ من حيث هو فانه لا متحرك و لا ساكن مثلا لانك اذا نظرت الي نفس الذات في نفس الامر مع قطع النظر عن الافعال و صفاتها الخارجة فان الجسم هو مادة و صورة و ليس في هذا النظر كونه متحركا او ساكنا كما هو حال مراتب نفس الامر بخلاف ما نظرنا بصدده فان نظرنا في وجود الشئ و عدمه فلايجوز فيه ارتفاع النقيضين كما اذا نظرت الي الجسم من حيث كونه متحركا او ساكنا فانه لايجوز ارتفاع النقيضين الا انه لا بد ان يكون له تحقق ما سابق علي النقيضين و ذلك كالماهية فان لها في مرتبتها بالنسبة الي عوارضها وجودا ما مع قطع النظر عن العارض و مقابله مثل الجسم بالنسبة الي البياض و نقيضه و اما
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 253 *»
الماهية بالنسبة الي وجودها ليس لها وجود مع قطع النظر عنه اي مع فسخه منها فلاتقاس الماهية بالنسبة الي وجودها بما سواها و هو قوله فقياس عروض الوجود للماهية كقياس عروض البياض للجسم و قياس خلوها الي قوله و اللابياض قياس بلا جامع لان القياس عند من اجازه لا بد له من جامع يجمع بين المقيس و المقيس عليه و اما مع الفارق فلايجوز اتفاقا ثم علل حصول الفارق بقوله اذ قيام البياض الخ ،
قال و التحقيق في هذا المقام ان يقال بعد ما اشرنا اليه من ان عارض الماهية عبارة عن شئ يكون عين الماهية في الوجود و غيره في التحليل العقلي ان للعقل ان يحلل الموجود الي ماهية و وجود و في هذا التحليل يجرد كلا منهما عن صاحبه و يحكم بتقديم احدهما علي الآخر و اتصافه به اما بحسب الخارج فالاصل و الموجود هو الوجود لانه الصادر عن الجاعل بالذات و الماهية متحدة به محمولة عليه لا كحمل العرضيات اللاحقة بل حملها عليه و اتحادها به بحسب نفس هويته و ذاته و اما بحسب الذهن فالمتقدم هي الماهية لانها مفهوم كلي ذهني تحصل بكنهها في الذهن و لايحصل من الوجود الا مفهومه العام الاعتباري فالماهية هي الاصل في القضايا الذهنية لا الخارجية و التقدم هنا تقدم بالمعني و الماهية لا بالوجود فهذا التقدم خارج عن الاقسام الخمسة المعروفة .
اقول قوله ان عارض الماهية عبارة عن شئ يكون عين الماهية في الوجود و غيره في التحليل العقلي لا شك ان المتحد بها في الخارج غير المغاير لها في الذهن و هذا كما تقدم كلام داير مدار اللفظ لان المتحد في الخارج اسمه الوجود و المغاير في الذهن شئ آخر اسمه الوجود و هذا من عجيب المغالطات كما لو قلت الشمس لايمكن ان تنالها بيدك في السماء و تنالها بيدك اذا وقعت في الارض يعني تنال شعاعها و يقول التحقيق في هذا المقام و يريد شيئا واحدا في الذهن يعرض للماهية و في الخارج هو يتحد بالماهية و هو شئ واحد و يفسر الذي في الخارج بالاصل و يقول فالاصل و الموجود هو الوجود لانه الصادر عن الجاعل بالذات و الماهية متحدة به محمولة عليه و هو مغاير لها
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 254 *»
في الذهن و لايحصل يعني في الذهن من الوجود الا مفهومه العام الاعتباري فهي تحصل في الذهن بكنهها و هو لايحصل فيه الا مفهومه ( مفهوم خل ) العام الاعتباري فمعني كلامه ان الوجود في الخارج اتحدت بالماهية و هي ذات و الماهية محمولة عليه و في الذهن هي بكنهها تنتقل الي الذهن و تكون معروضة لصفة الوجود و صفة الوجود الخارجي الاعتبارية محمولة علي كنه الماهية في الذهن فالوجود في الخارج متقدم عليها و هي متقدمة عليه في الذهن بالمعني و المفهوم يعني بقوله بالمعني الاحتراز عن الالزام بكونها متقدمة علي الوجود مع انها به كانت فينبغي له ان يقول هو متقدم عليها في الخارج لانه الاصل و هي محمولة عليه و في الذهن متقدمة عليه بالوجود و لا محذور لانه يريد بالوجود الذي تقدمت عليه هو المفهوم الاعتباري العام و هو صفة له عارضة عليه في الخارج و علي ما اتحد به فالوجود و ما اتحد به متقدم في الوجود و التحقق علي الصفة التي هي العام الاعتباري فلايحتاج الي ان يتكلف و يتصدع بان يجعلها متقدمة علي ذلك العام الاعتباري العارض لها بحسب المعني و قوله فالماهية هي الاصل في القضايا الذهنية صحيح لان المحمول عليها هو العارض الخارج و لو اريد الحقيقي لماخالف الذهن الخارج لانه مرءاة له تنطبع فيه صور ما كان في الخارج و ان خالفت ما هو محقق في الخارج فهي كاذبة فاذا كان المحقق عنده انها محمولة في الخارج فان حمل عليها شئ آخر فلا ضرر و ان حمل عليها في الذهن ما هي محمولة عليه في الخارج بعد تحقق ذلك فهي كاذبة و قوله و هذا التقدم خارج عن الاقسام الخمسة يعني التقدم بالمعني من جهة انه مخالف لها في اللفظ و الا فهو منها في الحقيقة فهذا التقدم الذاتي و الوقتي و المكاني و الشرفي لان المعني مقدم علي الرقيقة و الرقيقة مقدم علي الصورة و الصورة مقدم علي الطبيعة و علي كل تقدير فالمعني هو الحقيقة و هي للشئ عندنا علي قسمين حقيقته من ربه و هو الوجود و الفؤاد اعني ما عناه عليه السلام في قوله عليه السلام اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و حقيقته من نفسه و هي
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 255 *»
الماهية و هذه الحقيقتان ظهرتا في الكون دفعة و بالذات فحقيقته من ربه متقدمة علي حقيقته من نفسه فليس للماهية تقدم بل اما ان يكون الوجود متقدما او مساوقا لها و اما العارض الذي يعرض لها في الذهن هو المفهوم العام الاعتباري و هو كون وصفي فاذا كانت الماهية متحدة بموصوف ذلك العارض كانت متقدمة علي الصفة لما قررنا سابقا من ان الوجود لميتحقق قبل لزوم الماهية له لانها انفعاله عند تعلق فعل الله بتكوينه فتقدمها علي ذلك الوجود العارض تقدم الموصوف علي الصفة ( صفته خل ) .
قال فان قلت تجريد الماهية عن الوجود عند التحليل ايضا ضرب من الوجود لها في نفس الوجود فكيف تنحفظ قاعدة الفرعية في اتصافها بمطلق الوجود مع ان هذا التجريد من انحاء مطلق الوجود قلنا هذا التجريد و ان كان نحوا من مطلق الوجود فللعقل ان لايلاحظ عند التجريد هذا التجريد و انه نحو من الوجود فتتصف الماهية بالوجود المطلق الذي جردناها عنه .
اقول السؤال المفروض بانه قد ثبت ان الماهية في نفس الامر صفة للوجود كما حكمتم عليها في حال الاتحاد خارجا بكونها محمولة عليه و المحمول صفة فاذا جردت عن الوجود عند التحليل العقلي من الاتحاد الخارجي كان ذلك التجريد نوعا من الوجود المطلق لها كان حينئذ عارضا لها فهي قبل التجريد في رتبة الصفة و تجريدها لايخرجها عن مطلق الوجود ليجوز ان تكون في مرتبة الموصوف فهي حال التجريد في رتبتها لعدم خروجها عن مطلق الوجود اصلا فاذا كان عارضا لها كانت في ظاهر الحال في رتبة الموصوف فكيف تنحفظ قاعدة الفرعية من ان الصفة لاتكون في رتبة الموصوف و ان سلبت عن الاتصاف فاجاب بان هذا التجريد و ان كان يلزمه نحو من الوجود المطلق و الا لما كان المجرد شيئا يصح ان يكون معروضا لعدم شيئيته لان التجريد نحو من الوجود لانه وجود تجريد فلمتخرج الماهية عن رتبتها في كونها صفة الا انه لما كان للعقل ان يجرد كان له الايلاحظ التجريد و انه نحو من الوجود و الا لاتصفت بما جردت عنه .
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 256 *»
قال فهذه الملاحظة التي هي عبارة عن تخلية الماهية عن جميع الوجودات حتي عن هذه الملاحظة و عن هذه التخلية التي هي ايضا من الوجود في الواقع من غير تعمل لها اعتباران اعتبار كونها تجريدا و تعرية و اعتبار كونها نحوا من الوجود فالماهية باعتبار الاول موصوفة بالوجود و باعتبار الآخر مخلوطة غير موصوفة فالتعرية باعتبار و الخلط باعتبار و ليست حيثية احد الاعتبارين غير حيثية الاعتبار الآخر ليعود الاشكال جذعا من ان الاعتبار الذي به تتصف الماهية بالوجود لا بد فيه ايضا من مغايرته للوجود فتنفسخ ضابطة الفرعية و ذلك لان هذا التجريد عن كافة الوجود هو بعينه نحو من الوجود لا انه شئ آخر غيره فهو وجود و تجريد عن الوجود كما ان الهيولي الاولي قوة الجوهر الصورية و غيرها و نفس هذه القوة حاصلة لها بالفعل و لا حاجة لها الي قوة اخري لفعلية هذه القوة ففعليتها قوتها للاشياء كما ان اثبات الحركة عين تجددها و وحدة العدد عين كثرته فانظر الي سريان نور الوجود و نفوذ حكمه في جميع المعاني بجميع الاعتبارات و الحيثيات حتي ان تجريد الماهية عن الوجود ايضا متفرع علي وجودها .
اقول قوله فهذه الملاحظة تفريع علي جوابه قبل تمامه ( لاتمامه خ ) فهو للتتميم اي ان تخلية الماهية و تعريتها عن جميع الوجودات حتي عن هذه الملاحظة فانها من الوجود في نفس الامر من غير تعمل يعني ان الوجود يحصل بالتعرية و التجريد من غير تحصيل لها اي للملاحظة اعتباران الاول اعتبار كونها تجريدا للماهية عن الوجود و تعرية و الثاني اعتبار كون الملاحظة للماهية عند التجريد نحوا من الوجود فالماهية باعتبار كون الملاحظة تجريدا لها موصوفة بالوجود الذي هو وجود التجريد عن الوجود و باعتبار الآخر و هو عدم ملاحظة التجريد عند التجريد تكون الماهية مخلوطة من الاتصاف بالتجريد لوقوعه و من عدم الاتصاف لعدم الملاحظة فتكون غير موصوفة لان جهة الاتصاف التي هي ملاحظة التجريد غير ملحوظة فلاتكون بها موصوفة بعدمها و لا بعدم التجريد لوقوعه فمن حيث
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 257 *»
الاعتبار الاول كانت معروضة لانها حينئذ في رتبة الموصوف بخلاف الثاني لبقائها علي رتبتها من الصفة فلمتنفسخ ضابطة الفرعية فلايعود الاشكال جذعا شابا اي جديدا لعدم اختلاف الحيثين اذ لو فرض ان ما اتصفت به في هذا الاعتبار مغاير لما كانت له صفة لكانت حينئذ اي في حالة عروض الوجود لها في رتبة الصفة فتنفسخ قاعدة الفرعية بل لما خلعت عن رتبة التابعية بالتحليل و البست حلة المتبوعية جعلت متبوعة بهذا الاعتبار لما كانت تابعة له قبله فقد كان تجريدها عن الوجود اثبات نحو من الوجود التي جردت عنه لها كما كانت الهيولي اي المادة المطلقة قوة صورية و غير صورية للجوهر اي قواما له بمادته و صورته و نفس تلك القوة و القوام حاصلة للهيولي بغير شئ غيرها و اثبات الحركة لمثل الافلاك و غيرها عين تحققها و نفس تجددها و وحدة العدد كالعشرة عين تكثرها من الافراد و امثال ذلك كما اشار اليه عليه السلام في الدعاء يمسك الاشياء باظلتها و كما اقامك بك لا بغيرك ثم قال تأكيدا لهذه الاتحادات فانظر الي سريان نور الوجود و نفوذ حكمه في جميع المعاني بجميع الاعتبارات و الحيثيات حتي ان تجريد الماهية عن الوجود كان وجودا لها متفرعا علي وجودها يعني انه وجود تجريد عن الوجود و هو وجود و الحاصل ان تدقيقاته هنا و ان كانت في ظاهر الامر مقبولة لكنها في نفس الامر فيها منعان احدهما ان هذا الاتحاد مبني علي قواعدهم المعلومة المحصلة من مدلولات القضايا الصناعية التي مردها الي مجرد التسمية اللفظية كما ذكرنا مرارا و ثانيهما علي فرض تسليم هذه الظواهر يلزمه قبول اشياء كثيرة نفاها و لاتصح هذه الا بقبول ما نفاه و لولا خوف التطويل بلا طائل لذكرتها الا ان هنا حرفا واحدا اشير اليه و هو ان الماهية عنده و تحليلها و عروض الوجود لها امور ذهنية اعتبارية ليست موجودة كما ذكر فيما مضي و يذكر فيما بقي و قد انكرنا عليه في جعلها عدمية اذ عندنا كل ما يدل عليه لفظ فهو محدث ماخلا الله روي
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 258 *»
الصدوق في كتاب التوحيد بسنده عن ابيعبدالله عليه السلام قال اسم الله غير الله و كل شئ وقع عليه اسم شئ فهو مخلوق ماخلا الله و اما ما عبرت الالسن عنه او عملت الايدي فيه فهو مخلوق و الله غاية من غاياته و المغيي غير الغاية و الغاية موصوفة و كل موصوف مصنوع و صانع الاشياء غير موصوف بحد مسمي ( ما خ ) لميكون فتعرف كينونته بصنع غيره و لميتناه الي غاية الا كانت غيره لايذل من فهم هذا الحكم ابدا و هو الدين الخالص فاعتقدوه و صدقوه و تفهموه باذن الله عز و جل الي ان قال عليه السلام لايدرك مخلوق شيئا الا بالله و لاتدرك المعرفة الا بالله و الله خلو من خلقه و خلقه خلو منه الحديث ، و الحاصل من جعل الوجود حقيقة في نفس الامر فلايجده عارضا لا خارجا و لا ذهنا و اذا وجده عارضا فانما وجد شيئا غيره سماه وجودا و من جعله صفة فالامر علي العكس و مخالفة الذهن للخارج ( في الخارج خل ) مخالفة للواقع في احد الظرفين و الله سبحانه ولي التوفيق .
قال و ليعلم ان ما ذكرنا تتميم لكلام القوم علي ما يوافق مذاقهم و يلايم مسلكهم في اعتبارية الوجود و اما نحن فلانحتاج الي هذا التعمق لما قررنا ان الوجود نفس الماهية عينا و ايضا الوجود نفس ثبوت الشئ لا ثبوت شئ له فلا مجال للتفريع هيهنا فكان اطلاق الاتصاف علي الارتباط الذي بين المهية و وجودها من باب التوسع و التجوز لان الارتباط بينهما اتحادي لا كالارتباط بين المعروض و عارضه و الموصوف و صفته بل من قبيل اتصاف الجنس بفصله في النوع البسيط عند تحليل العقل اياه اليهما من حيث هما جنس و فصل لا من حيث هما مادة و صورة عقليان .
اقول ما ذكره علي مذاق القوم و هو مأخذ قوله بما سمعت كما يظهر لمن تتبع كلامه و فهم مرامه و القوم لميسلكوا مسلكه و ان كان يسقي بماء واحد كما قال اميرالمؤمنين عليه السلام ذهب من ذهب الي غيرنا الي عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض و ذهب من ذهب الينا الي عيون صافية تجري بامر الله لا نفاد لها ه ،
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 259 *»
قوله ان الوجود نفس الماهية عينا قد مر فيه الكلام و نقول ايضا اذا كانا متحدين في زيد في الخارج هل لزيد حقيقة يعرف بها و حد حقيقي يعرف به غيرهما ام لا فان كان له حقيقة و حد حقيقيين غيرهما فهما صفتان خارجتان و لايقول به و الا فهما المادة و الصورة او الحيوان و الناطق لان زيدا لايعرف و لايحد الا بهذين ثم هذان المتحدان هما الآن هما ام غيرهما فان كانا الآن اياهما فالاتحاد المدعي مجازي فزيد مركب منهما و وقوع الطاعة و المعصية من زيد يشهدان بذلك كما تقدم و ان كانا غيرهما فظاهر البطلان و لايقع عليهما حينئذ التحليل الا باعتبار ما قبل الاتحاد ان كان واجب الوقوع للموجب و الا لميصح لان الاتحاد حينئذ اضافي لا مزجي كما هو شأن كل متغاير المفهوم و ان كان الاتحاد من قبيل اتحاد الجنس و الفصل في النوع البسيط كما هو مراده و صرح به هنا و فيما قبل و بعد فلزيد حقيقتان احدهما وجود و ماهية و الاخري حصة من الجنس و الفصل و عندنا ثالثة لاندري كيف نصنع بها و هي المادة و الصورة فهل هي الاولي ام الثانية ام غيرهما و هل الجميع ثلاث ام واحدة تكثرت باعتبار التعبيرات او جهات التعبير عنها و علي تقدير التعدد فايها التي يعرف بها زيد و يحد قل لي بما يظهر لك و اما قوله الوجود نفس ثبوت الشئ لا ثبوت شئ له فقد تقدم ان هذه العبارة لاتؤدي مطلوبه لان مطلوبه ان الوجود هو الشئ من حيث ثبوته كما يقتضيه هذا المقام او ثبوته بنفسه لا بغيره كما فيما تقدم من ان الوجود وجد بنفسه و الماهية موجودة به و عبارته هذه بذلك المقام و هو انه وجد بنفسه و الماهية وجدت به اليق و قوله هما مادة و صورة عقليان يعني ان النوع في الاصل مركب من حصة من الجنس و من الفصل و هما في الخارج متحدتان في الوجود و يريد بالنوع الحقيقي الذي اتفقت افراده و انما خص البسيط كالعقول مبالغة في الاتحاد و ان كان يحصل مراده من المركب كالانسان لان مراده ان حصة جنسه و فصله متحدان في الوجود اي الخارج مع كونهما موجودين
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 260 *»
فاتصاف الوجود بالماهية في الخارج مع كونهما موجودين فيه اتصاف اتحادي من قبيل اتصاف الجنس بالفصل في الخارج في النوع البسيط فان اتصاف جزئيه مع تحققهما في الخارج اتحادي و هذا من حيث هما خارجيان لا من حيث هما مادة و صورة عقليان فانهما من هذه الحيثية لا تحقق لهما في الخارج و علي الظاهر من كلامه في التمثيل هنا لا في ما تقدم ان الوجود كالجنس و الماهية كالفصل بعكس ما يفهم من تمثيله فيما تقدم فعلي هذا ان كانا هما المادة و الصورة كما نقول او كالمادة و الصورة كما يقول اذا حللهما العقل هل يكون العارض في ظرف التحليل هو المعروض في ظرف الاتحاد ام يكون العارض فيهما واحدا و المعروض واحدا و تسميته لحصة الجنس و الفصل بالمادة و الصورة في قوله من حيث هما جنس و فصل لا من حيث هما مادة و صورة عقليان دالة ان حصة الجنس عنده هي المادة و الفصل هو الصورة كما هو عندنا لانا نريد بالمادة هو ما يتركب منها الشئ مع الصورة و ليس الوجود و الماهية غيرهما و صريح كلامه انهما غيرهما و علي كل تقدير فان اراد بالاتحاد التركيب فهو حق علي احد معنيي ما نريد و هو ان الشئ مركب من المادة و الصورة اي من حصة من الوجود و الماهية يعني الاولي التي هي الانفعال لانها ماهية الوجود لا ماهية الموجود التي هي الثانية و الحاصل انا نسلم اتحادهما بمعني التركيب و ان جزئي المركب وجود و ماهية لا ماهية الموجود كما يريده المصنف و القوم و ان العارض في ظرف التحليل هو العارض في ظرف الاتحاد ثم الموجود في ظرف التحليل شيئان باعتبارين احدهما الوجود و ماهيته كما هو في ظرف التحليل و هي عارضة له لانها انفعاله و ثانيهما الوجود الذي هو حقيقة الشئ من ربه و هو المعروض و ماهية الشئ و هي حقيقته من نفسه و هي عارضة لان الله سبحانه كان في الازل الذي هو ذاته وحده و هو الذاكر و لا مذكور فكان اول ما ذكر زيدا مثلا ذكره في مشيته بكونه اعني وجوده ثم ذكره في ارادته بعينه اعني ماهيته فما بالمشية في زيد هو ذكر الله سبحانه له الاول و هو قول ابيالحسن الرضا عليه السلام ليونس
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 261 *»
تعلم ما المشية قال لا قال هي الذكر الاول الحديث ، هذا هو الترتيب الحقيقي الذي جري عليه التكوين من عالم السرمد فيما لايزال .
قال المشعر السادس في ان تخصيص افراد الوجود و هوياتها بماذا علي سبيل الاجمال اعلم انك قد علمت ان الوجود حقيقة نوعية بسيطة لا انه كلي طبيعي يعرض لها في الذهن احد الكليات الخمسة المنطقية الا من جهة الماهية المتحدة بها اذا اخذت من حيث هي هي فاذن نقول تخصيص كل فرد من الوجود اما بنفس حقيقته كالوجود التام الواجبي جل مجده و اما بمرتبة من التقدم و التأخر و الكمال و النقص كالمبدعات و اما بامور لاحقة كافراد الكائنات .
اقول ذكر في هذا المشعر جوابا عن سؤال مقدر و هو انك حاكم بان الوجود حقيقة بسيطة متشخصة ليست كلية بل متحققة بذاتها في الخارج فما هذه الافراد المتكثرة المتمايزة فقال قد علمت يعني مما برهنا عليه سابقا ان الوجود من حيث هو حقيقة نوعية بسيطة ليست ذات افراد مختلفة من نحو ذاتها و ليس قولنا نوعية نريد به انه كلي طبيعي اي مطلق غير مقيد بعموم و خصوص بحيث يعرض لتلك الحقيقة الطبيعية في الذهن احد الكليات الخمس اعني الجنس و الفصل و النوع و الخاصة و العرض العام المستعملة علي اصطلاح اهل المنطق الا من جهة الماهية المتحدة بها اذا اخذت من حيث هي هي فان الماهية من هذه الحيثية تعرض لها تلك الامور الكلية و ذلك التعدد و الكثرة لامتيازها حينئذ عن الوجود فهذه الامور انما هي لاحقة لها في الحقيقة و اذا اتصف بها حينئذ الوجود كان بالعرض لان تلك الامور غير لاحقة به في الحقيقة فعند اعتبار الامتياز تعرض هذه الامور له كما يعرض هو للماهية حينئذ و اقول هذا و امثاله قد تقدم منه و قد تقدم فيه ما عندنا من انه في الظرفين معروض و ان ما يعرض لها منه فانما هو صفة من صفاته و اثر من آثاره و ان الطبيعة النوعية فيه لذاته حقيقة و ان له مراتب كل سفلي شعاع من العليا لاينزل عال منها الي رتبة دان بشئ من ذاته و لا من صفاتها و لايصعد سافل منها الي رتبة عال بشئ منه
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 262 *»
و ان منه الغيب المجرد عن المادة العنصرية و المدة الزمانية و منه عنهما و عن الصورة و منه الشهادة بما فيها من المواد العنصرية و المدد الزمانية و ان الافراد المميزة ( المتميزة خل ) في رتبة من رتبه فهي حصص منها تميزت بمشخصاتها و قوابلها و من قوابلها الاعمال و مدار اعراضها و متممات قوابلها الوقت و المكان و الرتبة و الجهة و الكم و الكيف و الوضع و الاذن و الاجل و الكتاب و الاعمال و الاقوال و الافعال و الاحوال فمقبولاتها موادها و قوابلها صورها كل شئ بحسبه من اول الوجودات و الموجودات كالعقول و الارواح و النفوس و الطبايع و المواد و الاشكال و الاجسام و الاجساد و النبات و المعادن و العناصر كل ذلك موادها وجوداتها و صورها ماهيات وجوداتها و كلها من حيث هي اثر فعل الله و نور الله تعالي حقايق وجودية و من حيث نفوسها و انياتها ماهيات عينية و قد كررت هذا المعني مرارا خوفا من الغفلة عنه و طلبا لتوجه ( لتوجيه خل ) الباحثين فيه و كل ميسر لما خلق له و من ذلك تقريري ان العقول و المجردات التي هي عندهم بسائط يشاركون بصفاتها صفات الواجب تعالي فيها كل ( تحل خل ) ما في الاجسام من جميع المواد و الصور و التركيبات و ما بالفعل و ما بالقوة و التجدد و التدريج و غير ذلك الا انها فيها بحسبها من النورانية و القرب و البقاء الي غير ذلك و انما خفي عن ادراك البصائر تجددها و تدريجها لسعتها و كبرها و بطؤ نفادها و لما كان ما بالفعل منها نشؤه و تقضيه اوسع من المدارك و المشاعر تناهت دونها و تأخرت عنها لعليتها و ما بالقوة منها آثار مقارناتها لمتعلقاتها و آثارها كان لايحس بها و بتجددها ما كان معلوما ( معلولا خل ) لما بالفعل فعلها فلاجل ذلك كان من طلب بيان ذلك قاصرا عنه لعظم شأنها بالنسبة الي ذلك الطالب و انما يدرك ذلك منها من طلبه من آثارها فان الاثر يشابه صفة مؤثره التي هي منشأ ذلك التأثير و قوله فاذن نقول تخصيص كل فرد من الوجود اما بنفس حقيقته فالوجود التام الواجبي جل مجده صريح بان الوجود الواجب تعالي ربي فرد من افراد تلك الحقيقة و تلك الافراد تميز بعض افرادها عن بعض تعيناتها و هو عز و جل لشدة تماميته و غناه المطلق عن كل ما سواه كان تعينه بنفسه لاستغنائه
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 263 *»
عما سواه و قد تتعين بعض افرادها بخصوص مرتبة ( مرتبته خل ) من التقدم و التأخر و الكمال و النقص اي بتأخرها عن رتبة من لايتناهي سبقه و تقدمها علي من يتناهي و كمالها بالنسبة الي من دونها و نقصها عن الكمال المطلق الذي لايحتمل النقصان بوجه لا من ذاته و لا بالنسبة الي غيره فبهذه الاعتبارات خاصة تعينت لبساطتها و عدم حاجتها الي تكميل و تتميم من غير مفيضها كالمبدعات الكلية الاولية التي لاينتظر بكمالها شيئا لتجردها عن الاستعدادات و الاضافات و لهذا قد تشارك الواجب في بعض ما تفرد ( تقرر خل ) به كما ذكره المصنف في اول هذا الكتاب في قوله و مسئلة ان البسيط كالعقل و ما فوقه كل الموجودات يشير الي ما يأتي بعد في هذا الكتاب و مراده انه و الواجب في غاية البساطة و بسيط الحقيقة كل الاشياء و قد يكون بعض افرادها كسائر افراد الكائنات يعني غير المجردات كالعقول يعني تتعين تلك الافراد بامور غير هوياتها تلحقها و ترتبط بها و بها يتميز بعضها عن بعض و تلك الامور هي الامور المشخصات لسائر الاشخاص و المنوعات لسائر الانواع و المجنسات للاجناس فحقيقة الوجود بسيطة واحدة تتمايز افرادها بثلاثة مشخصات الفرد الاكمل هو الواجب يتعين بذاته خاصة لشدة كمال غنائه و المبدعات كالعقول تتعين بنفس مراتبها بالنسبة الي بعضها من التقدم و التأخر و الكمال و النقص و ساير افراد الكائنات بما يلحقها من الحدود و النسب و الاوضاع و ما اشبه ذلك و اقول و انت اذا طلبت الحق و تفهمت هذا الكلام تبرأت من هذا المذهب و الاعتقاد المبني علي الاشتراك المعنوي في الوجود لان هذا هو القول بوحدة الوجود التي اجمع العلماء علي الحكم بتكفير معتقدها و الحق الحقيق بالاتباع هو ان وجود الله سبحانه وحده لا شريك له و لايدخل في عموم و لايدرك له مفهوم و لايعرف احد من خلقه شيئا مما هو عليه الا بما دل علي نفسه علي السن انبيائه و حججه عليهم السلام فان قالوا بقول صريح لايتأوله الجاهل فضلا عن العالم فقل به و اما ما يحتمل فلايجوز ان تصير اليه بحال من الاشياء سوي ان ترده الي المحكم من قوله ليس كمثله شئ و اعلم ان الرجل العالم له قدرة علي
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 264 *»
التصرف في الكلام بحيث يعجز الجاهل عن رده و ان كان باطلا فمدار الميزان علي ما يعرفه العامة من ظواهر اقوالهم (ع) و لاتأول الكتاب و السنة علي عبارات اهل الضلال فان القرءان ذلول ذو وجوه فاحملوه علي احسن الوجوه و اذا رجعنا في هذا الكلام الذي اشار اليه هو و اصحابه و وزناه بميزان المنطبق عليه ظاهر الاسلام رأيته باطلا و كيف يكون شئ واحد له افراد متعددة يصدق عليه اسم تلك الحقيقة في حقيقة الوضع و الاستعمال من باب التواطي علي الله تعالي و علي العقل و علي الحجر اشتراكا معنويا يعني ان تلك الحقيقة البسيطة الواحدة موجودة في كل واحد ( واحدة خل ) من الثلثة بالتواطي لا فارق بينهم الا الشدة و الضعف و اما ما اشار اليه من احوال المبدعات فقد دلت الادلة القاطعة انها مخلوقة و ان فعل الله تعالي بالنسبة الي المصنوعات بوضع واحد و ما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و ان ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا و قد قال تعالي و ان من شئ الا عندنا خزائنه و ماننزله الا بقدر معلوم فالتجدد و التقضي و التركيب و التأليف و التقدم و التأخر و التمام و النقصان و غير ذلك اشياء كانت عند الله في خزائنها من الممكنات و هي الآن موجودة في الاجرام السفلية فلا بد و ان تكون هناك و انما ينزله سبحانه الي قوابلها بقدر معلوم فكل ما في الجمادات و النباتات و الحيوانات ففي العقول من جميع انحاء ذرات الاركان الاربعة الخلق و الرزق و الممات و الحيوة في كل شئ بحسبه حتي العناصر الاربعة كما اشرنا اليه في الفوائد و الحاصل اجمل لك الامر المعبود الحق عز و جل سبحانه ليس كمثله شئ و ما سواه فهو مخترع الوجود كان و لميكن شيئا قبل تكوينه و كل ما يدخل تحت هذا السواء فهو مؤلف مركب الا انه كل شئ بحسبه قلة و كثرة و تقدما و تأخرا و لطافة و كثافة .
قال و قيل تخصيص كل وجود باضافته الي موضوعه و الي سببه لا ان الاضافة لحقته من خارج فان الوجود عرض و كل عرض متقوم بوجوده في
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 265 *»
موضوعه و كذا حال وجود كل ماهية باضافته الي تلك الماهية لا كما يكون الشئ في المكان فان كونه في نفسه غير كونه في المكان او في الزمان .
اقول بناء هذا القول علي عرضية الوجود و قد تقدم ان وجود العرض اضافته الي موضوعه و كونه فيه و الماهية هي الموضوع فتخصيص الوجود الممكن المخلوط بالماهية هو كونه فيها و هو عين كونه في نفسه و اليه الاشارة بقوله لا ( الا خل ) ان الاضافة لحقته من خارج بل من كونه فيها و هو كون رابطي و قوله و كذا حال وجود كل ماهية باضافته الي تلك الماهية من تفريع القيل علي ان تخصيص كل وجود باضافته الي ماهيته و لو كان علي ما اختاره من ان تخصيص الوجودات المخلوطة بالامور اللاحقة لقال و كذلك و قوله لا كما يكون الشئ في المكان او في الزمان و هذا علي اختيار المصنف من كون التخصيص بالامور اللاحقة لان الوجود عنده ليس بعرض ليكون متخصصا بكونه المتقوم به فيتخصص باضافته الي معروضه بل لما كان متحدا بالماهية عنده وجب ان يكون المخصص امرا لاحقا فان اهل القيل لو قاسوا الوجود في الماهية بكون الشئ في المكان او الزمان للزمهم ما قال المصنف فانه حينئذ في نفسه غير كونه في موضوعه مثل كون الشئ في المكان او الزمان فيتحقق بكونه في نفسه و يتخصص بكونه في المكان او الزمان كما يقوله هو و لو قال بعرضيته كاصحاب القيل للزمه ما قالوا من تخصيصه باضافته الي ماهيته ( ماهية خل ) خاصة و الحاصل انا قد اشرنا سابقا من ان المميزات و المشخصات كثيرة و هي في ظاهر الحال غير المشخص و اما في الحقيقة فهي جزء ماهيته لانها هي فصله اذ الفصل في نفس الامر مركب من اشياء كثيرة لانه هو الصورة كذلك فانها معنوية و صورية فالمعنوية تتركب من اوضاع هندستها كالاستعداد للعقل المدرك للكليات مثلا و للعلم ( العلم خل ) و الفهم و هيكل التوحيد المركب من حدود كثيرة كالايمان و الاسلام و العمل الصالح و القول الطيب و الافعال الجميلة و الزهد و العفة و الرضا بالقضاء و التوكل و التسليم و هكذا مما تكفل به علم التوحيد و علم الاخلاق و علم الشريعة فهذه و امثالها حدود ذلك الفصل المعنوي و مثل
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 266 *»
النطق و الاستقامة في الصورة و ما عليه تركيب الصورة البشرية ظاهرا و باطنا و علما و عملا و قولا و فعلا فالوجود هو المادة و ماهيته قابليته للايجاد و تلك القابلية انفعاله و له اسباب و دواعي و متممات و مكملات و متممات ذلك الانفعال و اسبابه الكم و الكيف و المكان و الوقت و الجهة و الرتبة و الوضع و الاذن و الاجل و الكتاب و الاعمال و الاقوال و الاحوال و الاعتقادات فاذا توفرت تمت القابلية فكان المصنوع بمقتضي القابلية فاختلفت الاشياء باختلاف هذه الامور في الاشخاص شدة و ضعفا و كثرة و قلة و صفاء و كدورة و استقامة و اعوجاجا و ما اشبه ذلك و حصة الوجود هي المقبول المعروض و هذه هي القوابل و هي شرط تعلق الفعل بالمفعول و كلها حدود الانية و اجزاء الماهية و الكل هو الوجود بلحاظ انها اثر لفعل الله سبحانه قائمة به قيام صدور و هي الماهية بلحاظ الانية و الهوية فالشئ له اسمان بلحاظين لحاظ الاول نور و لحاظ الثاني ظلمة و له جزءان مركب منهما مادة و هو وجود و صورته و هي ماهيته و هي تلك الامور المذكورة مجموع هذين الجزئين و هو ذو الاسمين باللحاظين و اعلم اني قد ذكرت مثل هذا في مواضع فيما مضي و اذكره فيما يأتي ان شاء الله تعالي تنبيها للغافلين و بيان هذه حتي تكون مشاهدة عيانا يضيق به الوقت لكثرة ما يتوقف عليه بيان هذه الامور و طولها مع صعوبة المأخذ و خفاء الادلة لدقتها لانها انما تعلم بدليل الحكمة لا بالمجادلة بالتي هي احسن و لو حصلت المشافهة كان هذا الطويل هو القصير و جمع لك القليل كل الكثير لان المشافهة تطرد العصافير بقطع الشجرة لا بالتنفير و الي الله المصير .
قال و هذا الكلام لايخلو عن مساهلة اذ قياس نسبة الوجود الي الماهية بنسبة العرض الي الموضوع فاسد كما مر من ان لا قوام للماهية مجردة عن الوجود و ان الوجود ليس الا كون الشئ لا كون شئ لشئ كالعرض لموضوعه او كالصورة لمادتها و وجود العرض في نفسه و ان كان عين وجوده في موضوعه لكن ليس بعينه وجود موضوعه بخلاف الوجود فانه نفس وجود
«* جوامع الکلم جلد3 صفحه 267 *»
الماهية فيما له ماهية فكما ان الفرق حاصل بين كون الشئ في المكان و في الزمان و بين كون العرض في الموضوع كما يظهر من كلامه بان كون الشئ في احدهما غير كونه في نفسه و كون العرض في الموضوع عين كونه في نفسه فكذا الفرق حاصل بين وجود العرض و بين وجود الموضوع فان الوجود في الاول غير الوجود في الموضوع و في الثاني عينه .
اقول فيه تسامح الظاهر منه ان كلامه ليس جاريا علي التحقيق لانه قاس نسبة الوجود الي الماهية بنسبة العرض الي الموضوع و هو قياس فاسد لان الماهية مجردة عن الوجود اصلا لا قوام لها في نفسها اذ الوجود ليس اثبات شئ لشئ ليكون ثابتا لما هو شئ قبل النسبة و انما هو اثبات الشئ و كونه و اما وجود العرض فهو اثباته للجوهر و كذا اثبات الصورة لمادتها و المراد من كون نسبة الوجود الي الماهية نسبة اتحاد هو ان وجود الوجود نفس الوجود و وجود الماهية نفس الوجود فالوجود نفس الماهية و العبارة عنه ان نقول وجود الماهية هو وجود الوجود الذي هو الوجود و لا كذلك العرض فان العرض و ان كان وجوده نفس وجوده في الموضوع و حصوله فيه لكن وجوده ليس هو وجود الموضوع و يحتمل ان المصنف يشير بالتسامح و التساهل ان القيل ليس سديدا في ظاهره كما سمعت الا انه يمكن تصحيحه بان يقال انه يريد ان الوجود لما كان عرضا للماهية في الحقيقة كان تخصصه تابعا لتخصص ما نسب اليه من الماهيات لا غير و لو فرض ان توابع و لواحق لحقته كانت سببا للتخصص فانما هي لواحق للماهية و توابع لها لمتنسب اليه لا بالعرض فصح انه بها تخصص الا ان الاول اظهر من عبارة القيل و انت اذا تأملت كلام المصنف مثل قوله مجردة عن الوجود ظهر لك ان الوجود فيما اراد او في لازمه عارض في الواقع للماهية و انما لميلحظ العروض في الخارج لعدم تحققها بدونه اصلا كما قال لا قوام لها مجردة عن الوجود و يدل علي هذا انه اذا تحللا في الذهن كان عارضا لان التحليل لايقلب الحقايق و انما يفرق المجتمع منها و هذا ظاهر من كلام المصنف في خلال عباراته و اما تصريحه بالاتحاد و لو كان قاصدا به
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 268 *»
انه حقيقة الشئ لاينافي هذا كما مثل به فيما سبق بالفصل فان الفصل و ان كان متحدا بالجنس في الحصة و جزءا ذاتيا من الشئ الا انه عارض للجنس و هذا لا بأس به لو اراده لكنه يحتاج الي تحقق ( تحقيق خل ) كونه اصلا و ان الماهية كما يذكر فيما بعد تابع له ليس لها جعل غير جعله و فيما ذكرنا قبل ما ينفعه في هذه الدعوي لو اراده و نحن رأينا ان الوجود معروض ذهنا و خارجا و ان الماهية عارضة كذلك و انها متحققة في الخارج معه ممتزجة به مزج اضافة لا مزج اتحاد و انها نفس الفصل و نفس الصورة في الماهية الاولي و ان لها جعلا علي حدة غير جعل الوجود لكنه مترتب عليه و مخلوق منه و قوله فيما له ماهية يشير به الي ان ما ذكرنا في الوجود انما هو في الوجود الذي له ماهية مغايرة له و هو احتراز عن الوجود الحق تعالي و لو انه احترز عن ادخاله تحت المفهوم الذي ادركه من الوجود بحيث زاحمه فيه عنده وجود الانسان و الحيوان لكان اولي و باقي كلامه معناه ظاهر مما ذكر و غير ظاهر بالنسبة الي كون الوجود اصلا فانه فرق بين كون الشئ في نفسه كالوجود في المهية و بين كون الشئ للشئ كالعرض في الجوهر و لميفرق بان الوجود معروض و قوله فان الوجود في الاول غير الوجود في الموضوع لايريد به ظاهره لانه ينافي تصريحه بان وجود العرض عينه وجوده في الجوهر بل يريد ان وجود العرض في الجوهر غير وجود الجوهر في نفسه .
قال قال الشيخ في التعليقات وجود الاعراض في انفسها وجوداتها لموضوعاتها سوي ان العرض الذي هو الوجود لما كان مخالفا لها لحاجتها الي الموضوع حتي يصير موجودا و استغناء الوجود عن الوجود حتي يكون موجودا لميصح ان يقال ان وجوده في موضوعه هو وجوده في نفسه بمعني ان للوجود وجودا كما يكون للبياض وجود بل بمعني ان وجوده في موضوعه نفس وجود موضوعه و غيره من الاعراض وجوده في موضوعه وجود ذلك الفرد .
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 269 *»
اقول قول الشيخ في بيان وجود الاعراض بمعني اي رتبة تستحقه من الوجود فبين لي ان حظها منه حصولها في موضوعها و قد تقدم كلامنا في هذا و لايخفي علي البصير ان مرادهم من الوجود غير حقيقة الشئ و ان قالوا بالسنتهم فان حقيقة الحمرة ليس هو حصولها في الثوب و انما حصولها فيه ثبوتها له و ان اريد به ما به يتحقق الشئ فكما قال الحكماء ان وجود الجوهر من تمام قابلية العرض للوجود فيكون من متممات قابليته و مع هذا كله يكون الوجود مقبولا علي ما يلزمهم و هم يجعلونه قابلا فعلي ارادة ما به التحقق تكون مادة العرض مثلا لونا يتوقف ثبوته خارجا علي وجود المحل فوجود المحل من حدود الصورة لانه هو ذات المادة و هو معلوم البطلان و كون العرض لا مادة له غلط فاحش اذ كل محدث فله مادة و صورة لان المادة و الصورة علل الماهية و ما قيل ان الشيخ لايريد بكلامه اثبات كون الوجود عرضا لانه نفاه لكنه قد تسامح في الكلام لان العرض هو ما يكون وجوده في نفسه عين وجوده لغيره و لما اثبت ان الوجود اثبات الشئ لا اثبات الشئ للشئ فقد نفاه حيث قال فالوجود الذي في الجسم هو موجودية الجسم و انما اطلق عليه العرض باعتبار عروضه للماهية في ظرف التحليل ليس بشئ لان عبارته صريحة في ان الوجود من سائر الاعراض و انما فارق الاعراض بهذه الصفة لخصوصية حاجة الاشياء اليه و عدم استغنائها عنه و استثناء هذه الخصوصية علمت من دليل آخر و الا لماحصل فرق بين الاعراض في انفسها اذ الكل في نفسه محتاج الي المحل و هذا العرض الخاص الذي هو الوجود يحتاج المحل اليه في تقومه و لايلزم الدور لاختلاف الجهة كما قلنا في توقف الكسر علي الانكسار او الانكسار علي الكسر و لا دور فان الكسر يتوقف علي الانكسار في الظهور فهو من علل وجوده و الانكسار يتوقف علي الكسر في التحقق فهو من علل ماهيته و لذلك قال لما كان مخالفا لها لحاجتها الي الموضوع حتي يصير موجودا و استغناء الوجود عن الوجود حتي يكون موجودا لميصح ان يقال ان وجوده في موضوعه هو وجوده في نفسه يعني انه لو كان كذلك لكان للوجود وجود غير ما به هو
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 270 *»
هو كما يكون للبياض فلذا قال بمعني ان للوجود وجودا كما يكون للبياض وجود بل بمعني ان وجوده في موضوعه نفس وجود موضوعه فلذا كان مخالفا للاعراض و ان كان عرضا في نفسه ثم نص علي كونه عرضا بقوله و غيره من الاعراض وجوده في موضوعه وجود ذلك الفرد اي من العرض يعني وجود الحمرة في الثوب هو وجود هذه الحمرة التي هو في هذا الثوب و حمل كلامه علي عروضه حين التحليل خلاف صريح كلامه و استشهاد المصنف بقول الشيخ في كون العرض وجوده عين حصوله في الموضوع فلايكون وجود الموضوع عين حصول العرض فيه بخلاف الوجود فان وجوده في الماهية نفس وجود الماهية لا تحقق لها بدونه و في انه متحد بها كما يدل عليه قوله وجوده في الماهية نفس وجود الماهية و بيان المأخذ انه ان حكم بالاتحاد فذلك المراد و الا لزم ان يكون لها وجود غير نفس الوجود كما في المعروض فيكون لها وجود قبل الوجود فلاتكون متحصلة به هذا خلف و لقائل ان يقول ان الشيخ لايلزم من كلامه انه يريد الاتحاد لجواز ان يكون اراد انها لاتتحقق الا بعروضه عليها عروضا اشراقيا كعروض نور السراج علي الاشياء الموضوعة في المكان المظلم فانها لاتظهر قبل اشراقه فيجوز ان تكون ثابتة قبله كما قاله من يفرق بين الثبوت و الوجود او يكون من قبيل الشرط فانه لايتحقق المشروط بدونه و ان كان خارجا عن ماهية المشروط فلايكون في كلامه ما يدل علي الاتحاد فانه من المشائين و الظاهر من كلامهم عرضية الوجود و انه عرض قائم بالماهية كالسواد القائم بالجسم و كونه انما قال علي مذاقهم خلاف الظاهر .
قال و قال ايضا في التعليقات فالوجود الذي في الجسم هو موجودية الجسم لا كحال البياض و الجسم في كونه ابيض اذ لايكفي فيه البياض و الجسم اقول ان اكثر المتأخرين لميقدروا علي تحصيل المراد من هذه العبارة و امثالها حيث حملوها علي اعتبارية الوجود و انه ليس امرا عينيا و حرفوا الكلم عن مواضعها و اني كنت في سالف الزمان شديد الذب عن تأصل الماهيات و اعتبارية الوجود حتي هداني ربي و اراني برهانا فانكشف لي غاية الكشف ان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 271 *»
الامر فيها علي عكس ما تصوروه و قرروه فالحمد لله الذي اخرجني من ظلمات الوهم بنور الفهم و ازاح عن قلبي سحب تلك الشكوك بطلوع شمس الحقيقة و ثبتني بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و الآخرة فالوجودات حقايق متأصلة و الماهيات هي الاعيان الثابتة التي ماشمت رائحة الوجود اصلا و ليست الوجودات الا اشعة و اضواء للنور الحقيقي و الوجود القيومي جلت كبرياؤه الا ان لكل منها نعوتا ذاتية و معاني عقلية هي المسماة بالماهيات .
اقول قوله فالوجود الذي في الجسم الخ ، يدل بظاهره انه ليس كالاعراض لان قوله لا كحال البياض و الجسم في كونه ابيض اذ لايكفي فيه البياض و الجسم يعني يحتاج في تحقق الابيضية الي امر ثالث غيرهما و هو حصول البياض للجسم الذي هو وجود البياض بخلاف الوجود فانه يكفي في انه لايحتاج في وجود الماهية الي شئ ثالث غيرهما بل هو كاف في ذلك فليس كالعرض الا انه في تلك الخاصية التي ثبتت له بالدليل و هذا هو المعروف من رأي المشائين و ان اختلفوا في اعتبارية الوجود او تحققه في الاعيان عارضا للماهيات و لا شك انه اذا اريد به ما به الكون في الاعيان باطل و راجع الي ما قلنا سابقا و المصنف حمل كلام الشيخ علي ان مراده ان الوجود متأصل و ليس عارضا اصلا و انما يطلق عليه العروض باعتبار التحليل العقلي و انا اقول ظاهر كلامه انه عارض و ان كونه عنده ليس كسائر الاعراض لاستغنائه عنها و حاجتها اليه انما هو لما قلنا من ثبوت هذا الحكم له بالدليل و لا منافاة بين كونه كذلك و بين كونه عرضا غير متأصل كما ذكرنا و لما قلنا ان التحليل اذا كان صحيحا لايكون بخلاف الثابت خارجا لانه تفريق بين المتلازمات لا تغيير لحقايقها فيجب بينهما التطابق و اما قوله ان اكثر المتأخرين لميقدروا علي تحصيل المراد الخ ، ففيه ان كان المراد يتحصل من اللفظ بمنطوقه او بمفهومه فهم قد فهموا ذلك و هو كما قالوا و ان كان في نفسه لميضع لفظا يدل عليه في كلامه فذلك شئ آخر
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 272 *»
و اما قوله الحمد لله الذي اخرجني من ظلمات الوهم فلعله يشير به الي انه كان في سالف الزمان يفهم من كلام الشيخ ما فهمه اكثر المتأخرين و لعله كان فهم من قول الشيخ استغناء الوجود عن الوجود و من قوله فالوجود الذي في الجسم هو موجودية الجسم انه امر اعتباري كما هو رأي القائلين بالاعتباري بان وجود زيد هو اعتبار موجوديته و كان قد فهم هذا فلما فهم عينية الوجود نسب فهمه الاول الي الوهم و نسب فهم المتأخرين في عدم القول بالعينية الي عجزهم عن ادراكها من كلام الشيخ و الظاهر ان العينية لايدل عليها كلام الشيخ بظاهره الا علي سبيل التأويل و انما يدل كلامه علي ان الوجود عرض قائم بالماهيات في الخارج و اما التأويل و التوجيه باب واسع و قوله فالموجودات حقايق متأصلة بيان لما هداه الله سبحانه له و دله عليه و هذا صحيح في كون الوجود حقيقة متأصلة لا اشكال فيه و انما الاشكال في المصداق فالمصداق عنده ليس له ضابطة فمرة يريد منه المعني البسيط المعبر عنه بهست في اللغة الفارسية و تارة يريد به المطلق اي المعني المصدري يعني الكون في الاعيان و تارة يريد المفهوم العام و هو المطلق الاصطلاحي الصادق علي الواجب و الحادث و الحاصل قد تقدم سابقا الاشارة الي ما يريد به و نحن اذا اردنا به ما به التحقق من انا لانتكلم الا في الوجود الحادث لانه مبلغ علم جميع الخلايق و من تجاوز هذا الحد فقد هلك و اهلك و اذا اردنا به الحادث فمرة نريد به المادة المطلقة و الماهية حينئذ هي الاولي اعني ماهيته و هي انفعاله و هي الصورة و مرة نريد به المجموع منهما فباعتبار كونه اثرا وجود و باعتبار كونه انه هو ماهية هذا مجمل القول ، و قوله و الماهيات هي الاعيان الثابتة التي ماشمت رائحة الوجود اصلا قيل معناه انها هي الاعيان اي الموجودات الخارجة بواسطة الوجود الثابتة في الذهن بالذات ماشمت رائحة الوجود بالحقيقة و من حيث ذاتها فان ما به الحقيقة موجود هو الوجود و يحتمل ان يكون قوله تعالي كل شئ هالك الا وجهه اشارة الي هذا انتهي ، و قيل انها عنده موجودة في الاعيان حقيقة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 273 *»
بمعني انها ليس من الانتزاعيات الصرفة كالفوقية و نحوها و معني عدم تأصلها علي زعمه عدم مجعوليتها بالذات بل اثر الجاعل بالذات و ما يترتب عليه حقيقة هو الوجود لكن يوجد بكل مرتبة منه بحيث يكون ذلك وجودها فان الماهية متحدة بالوجود في الوجود بحيث يتحلل ذلك الموجود الي شيئين في العقل و اذا قال ان الماهية امر اعتباري فمراده ذلك و هذا باعتبار ان الامر الاعتباري كما هو تابع بوجود ما ينتزع منه فكذلك الماهيات بالنسبة الي الوجودات و ان كان بينهما فرق من جهة اخري هذا و لاتتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله انتهي ، و قال المصنف في كتابه الكبير في آخر فصل عقده لتحقيق اقتران الصورة بالمادة بهذه العبارة ( العبارات خل ) فما يحصل في العقل من نفس ذاته يسمي بالذاتيات و ما يحصل فيه لا من ذاته بل لاجل جهة اخري يسمي بالعرضيات فالذاتي موجود بالذات اي متحد مع ما هو الموجود اتحادا ذاتيا و العرضي موجود بالعرض اي متحد معه اتحادا عرضيا و ليس هذا نفيا للكلي الطبيعي كما يظن بل الوجود منسوب اليه بالذات اذا كان ذاتيا و بمعني ان ما هو الموجود الحقيقي متحد معه في الخارج لا ان ذلك شئ و هو شئ آخر متميز في الواقع انتهي ، و في مواضع من ذلك الكتاب ما يدل علي انها امر اعتباري كالفوقية و كلامه فيها مختلف و ظاهر قوله في هذا الكتاب هنا هي الاعيان الثابتة التي ماشمت رائحة الوجود يحتمل انه يريد انها متحققة في الخارج من قوله الاعيان الثابتة و لو احتمل ارادته بالثابتة ماثبتت في العلم الازلي و قوله ماشمت رائحة الوجود يعني في الاعيان لميكن بعيدا و يحتمل انه يريد انها امور انتزاعيات اعتباريات كالفوقية من قوله ماشمت رائحة الوجود و قوله ماشمت رائحة الوجود يحتمل كونها عدمية اعتبارية و يحتمل ارادة انها ماشمت رائحة الوجود بالاصالة اذ لا وجود لها و انما هو الوجود و قال بعض الصوفية في تحقيق له يقول اني وفقت له بعد طول الكد من عند الملك الودود قال و الماهية هي المسماة عندنا بالعين الثابتة ان ( اذا خل ) اعتبر ثبوتها في العلم الازلي و بالحقيقة عند اشراق نور الوجود عليها و ظهور صورته فيها و قد تطلق الحقيقة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 274 *»
علي الماهية مطلقا مجازا و قول العامة ماهية الشئ ما به هو هو لايصح عندنا علي ارادة ما يحققه في نفسه بل هي نوعية و الشئ ما له التحقق فافهم انتهي ، و الحاصل ان الظاهر من كلام المصنف ان الوجود متحد بالماهية هو كونها موجودة خارجا فيكون قوله ماشمت رائحة الوجود انها موجودة بالتبع بمعني انها انجعلت بجعل الوجود و قد ذكرنا في الفوائد منع تحقق الجعل المركب علي دعويهم و انما الموجود الجعل البسيط لان المجعول ان كان وضع له اسمان مختلفا الدلالة و المفهوم بحيث يفهم ان المجعول شيئان فلا بد من جعلين اذ يمتنع ايجاد شيئين مختلفين بفعل بسيط غير مختلف كما يمتنع ايجاد ا بحركة كتابة ب لان الحركة التي تصدر عنها ا يمتنع ان يصدر عنها ب او ج بل في الحقيقة ان ج لايمكن كتابتها بوجه واحد من رأس حركة بسيط بل لا بد من ثلاثة و مثل ايجاد يد زيد فالحركة الايجادية التي صدر عنها انملة الابهام غير الحركة التي صدر عنها العقدة التي تلي الانملة و هما غير ما وجد به الظفر فما به الوجود غير ما به الماهية و لذا كما تقول الوجود اولا و بالذات و الماهية ثانيا و بالعرض تقول ما به الوجود اي الجعل الذي به الوجود اولا و بالذات و الجعل الذي به الماهية ثانيا و بالعرض و ما بالذات غير ما بالعرض و قد قلنا ان الوجود يدور علي جعله علي التوالي و الماهية تدور علي جعلها بخلاف التوالي و ما بالتوالي غير ما بخلاف ( بالخلاف خل ) التوالي و في الحديث قال له اقبل فاقبل و قال للجهل اقبل فادبر و هو اشارة الي هذا فافهم و قوله و ليست الوجودات الا اشعة و اضواء النور الحقيقي و الوجود القيومي جلت كبرياؤه المعروف منه و من غيره من كلماته مما رأيت من كتبه و ما سمعت من النقل عنه انه يريد بكون الوجودات الحادثة اشعة و اضواء من النور الحقيقي انها بارزة من ذاته كبروز الاشعة من جرم الشمس بغير فعل و لمتكن مسبوقة بشئ الا بذاته و لو كانت بفعل لكانت مسبوقة به و الفعل كله حادث و هذه الوجودات لمتسبق بحادث فهي اظلة القديم او من سنخه تعالي الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا و اصل هذه المذاقات الفاسدة تلقوها من الصوفية
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 275 *»
فوقعوا في هذه المقالات الشنيعة و من هذا ما قال ( قاله خل ) الشيخ محمد بن ابيجمهور الاحسائي في كتابه المجلي قال و اعلم ان من جملة ما استدل به اهل هذه الطريقة علي ان الوجود المطلق هو الواجب لذاته ان يقال كل ممكن قابل للعدم و لا شئ من الوجود المطلق بقابل للعدم ينتج لا شئ من الممكن بوجود مطلق و ينعكس الي لا شئ من الوجود المطلق بممكن فيكون واجبا لذاته و ليس الوجود الممكن هو القابل للعدم لان القابل يبقي مع المقبول و الوجود لايبقي مع العدم فالقابل له هو الماهية لا وجودها و زوال الوجود في نفسه و ارتفاعه ليس بممكن لان العدم ليس بشئ حتي يعرض للوجود و الا لزم انقلاب الوجود الي العدم و هو محال فالقابل له هو الماهية و يكون قبولها له زوال الوجود عنها و المطلق لايحتاج الي ماهية يقوم بها ليمكن زواله عنها و اقول قولهم و لا شئ من الوجود المطلق بقابل للعدم غير مسلم بل ممنوع لانه ان اراد به ما يتناوله الاسم فهو ممنوع و هو عين الدعوي و ان اراد بالمطلق معني البحت الخالص فهو مسلم الا انه يبطل القياس فان لا شئ من كذا يستعمل في المتعدد و لو بالاعتبار بل و لو بلحاظ معني الكلي فرضا و اعتبارا ذهنا و خارجا مطلقا ،
ثم قال و في التحقيق الممكن لاينعدم و انما يختفي فيدخل في الباطن الذي ظهر منه و المحجوب يتوهم انه ينعدم و هذا الوهم انما نشأ من فرض الافراد الخارجية للوجود و ليس فان حقيقته واحدة لاتكثر فيها و افرادها موجودة باعتبار اضافتها الي الماهيات و الاضافة امر اعتباري فلا افراد لها موجودة لتنعدم و تزول بل الزايل اضافتها اليها و لايلزم من زوالها انعدام الوجود و زواله و الا لزم انقلاب حقيقة الوجود بحقيقة العدم هذا خلف .
اقول قوله و انما يختفي فيدخل في الباطن الذي ظهر منه صريح في القول بوحدة الوجود و ان ظهوره من الباطن الذي يختفي فيه ولادة فلاتصح سورة الاخلاص بما فيها من قوله تعالي لميلد و لميولد و لميكن له كفوا احد ،
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 276 *»
و في الكافي بسنده الي علي بن الحسين عليهما السلام ان اهل البصرة كتبوا الي الحسين بن علي عليهما السلام يسألونه عن الصمد فكتب اليهم بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فلاتخوضوا في القرءان و لاتجادلوا فيه و لاتتكلموا فيه بغير علم فقد سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول من قال في القرءان بغير علم فليتبوء مقعده من النار و ان الله سبحانه قد فسر الصمد فقال الله احد الله الصمد ثم فسره فقال لميلد و لميولد و لميكن له كفوا احد لميلد لميخرج منه شئ كثيف كالولد و سائر الاشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين و لا شئ لطيف كالنفس و لاتتشعب منه البداوات كالسنة و النوم و الخطرة و الوهم و الحزن و البهجة و الضحك و البكاء و الخوف و الرجاء و الرغبة و السأمة و الجوع و الشبع تعالي عن ان يخرج منه شئ و ان يتولد منه شئ كثيف او لطيف و لميولد لميتولد من شئ و لميخرج من شئ كما تخرج الاشياء الكثيفة من عناصرها كالشئ من الشئ و الدابة من الدابة و النبات من الارض و الماء من الينابيع و الثمار من الاشجار و لا كما تخرج الاشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين و السمع من الاذن و الشم من الانف و الذوق من الفم و الكلام من اللسان و المعرفة و التمييز من القلب و كالنار من الحجر لا بل هو الله الصمد الذي لا من شئ و لا في شئ و لا علي شئ مبدع الاشياء و خالقها و منشئ الاشياء بقدرته يتلاشي ما خلق للفناء بمشيته و يبقي ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الله الصمد الذي لميلد و لميولد عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال و لميكن له كفوا احد ه ، فتدبر كلامه عليه السلام لتعلم ان كلام ابن ابيجمهور لميستند فيه الي اقوال ائمتنا عليهم السلام بل استند الي الجهال و ائمة الضلال ( اقوال الجهالة و ائمة الضلالة خل ) فلذا قال ما قال يعني ان وجودات الحوادث خرجت منه تعالي عن قبولهم ( قولهم خل ) و ترجع و تختفي فيه ، و قوله و هذا الوهم انما نشأ من فرض الافراد الخارجية للوجود صريح في دعويه ان حقيقته هي الله فينبغي انه ( ان خل ) يعبد نفسه افرأيت من اتخذ الهه هواه و اضله الله علي علم و ختم علي سمعه و قلبه و جعل علي بصره
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 277 *»
غشاوة و قوله بل الزائل اضافتها الخ ، اخذه من قولهم السابق و ليس الوجود الممكن هو القابل للعدم لان القابل يبقي مع المقبول و الوجود لايبقي مع العدم و معني هذا هو ما ذكرته لك سابقا من دورانهم علي صدق الالفاظ في الجملة لان الوجود ضد العدم و لايجتمع و لايحل به بل يتعاقبان علي الماهيات و هذا اذا اريد بالوجود مصدر وجد فان وجد ضد عدم بلا شك و لكن الكلام في الوجودات التي هي الذوات و تلك يحلها اذا كانت ممكنة العدم و ان ارادوا به المعني المصدري فقياسهم في الوجود المطلق باطل و لكن منشأ خطائهم ان الوجود الحق تعالي يصدق عليه لفظ الوجود و المعني البسيط المعبر عنه في الفارسية بهست يصدق عليه وجود و المعني المصدري و المفهوم و غير ذلك يصدق عليها وجود فاذن الوجود حقيقة واحدة بسيطة غير متفاوتة و لا متعددة و انما التكثر باعتبار الاضافة الي الماهيات كنور الشمس هو واحد و انما اختلف باعتبار اضافته علي ( الي خل ) الزجاجات المختلفة و الاضافة اعتبارية و الاعتباري موهوم لا حقيقة له الا في الفرض العقلي فافعل ما شئت بعد ما ثبت عندك صدق لفظ الوجود علي ما يتعارف و ثبت عندك ان الاعتباري لا تحقق له فقل زيد حي باعتبار و زيد ميت باعتبار و زيد رب باعتبار و زيد عبد باعتبار و مع هذا كله يقولون هي براهين عقلية قطعية .
ثم قال و اذا لميكن للوجود افراد حقيقية لايكون عرضا عاما و ما يقال انه يقع علي افراده لا علي التساوي فيكون مشككا باطل لان ذلك انما هو باعتبار الكلية و العموم و هو من حيث هو لا عام و لا خاص و لا كلي و لا جزئي بل التحقيق في اختلافه انه باعتبار تنزله في مراتب الاكوان و حضوره في حظائر الامكان و كثرة الوسائط يشتد و يضعف ظهوره و كمالاته و باعتبار قلتها تشتد نوريته و يقوي ظهوره فتظهر كمالاته و صفاته فيصير ( و يصير خل ) اطلاقه علي القوي اولي من اطلاقه علي الضعيف لان له مظاهر في العقل كما ان له مظاهر في الخارج كالامور العامة و الكليات التي لا وجود لها الا في الذهن فتفاوته انما هو باعتبار
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 278 *»
ذلك الظهور العقلي فالتفاوت لا في نفس الوجود بل في ظهور خواصه من العلية و المعلولية و كونه قائما بنفسه و بغيره و شدة الظهور و عدمه ،
و اقول تدبر كلامهم الدال علي ان حقيقة الواجب تعالي و حقيقة الحوادث شئ واحد و لكن لخوف التطويل تركت بيان ما فيه من الفساد و التضليل الا ان من تتبع كلامي و عرفه ظهر له فساد كلامهم كله في هذا النوع ليس فيه شئ من الحق و مخالف لكلام ائمة الهدي عليهم السلام .
ثم قال اذا عرفت ذلك فالماهيات كلها وجودات خاصة علمية ليست ثابتة خارجة منفكة عن الوجود كما توهمه المعتزلي بل ثبوتها منفكا عن الوجود الخارجي في العقل و كلما في العقل من الصور فائضة من الحق و فيض الشئ من غيره مسبوق بعلمه فهي ثابتة في علمه تعالي و علمه وجوده لانه عين ذاته و اقول تفهم قوله فان الاشياء كلها في ذاته .
ثم قال فلاتكون الماهيات شيئا غير الموجودات المتعينة في العلم و الا كانت ذاته محلا للامور المتكثرة المغايرة لذاته تعالي الله عنه .
و اقول هو يقول و فيض الشئ من غيره مسبوق بعلمه فجعلها مغايرة و هي في علمه و علمه ذاته ثم يقول و الا كانت ذاته محلا للامور المتكثرة فان قال انها حاصلة في ذاته حصولا جمعيا وحدانيا لايلزم منه التكثر كما يقوله اخوانه الملا محسن و المصنف و ابونصر الفارابي و مميتالدين بن عربي و غيرهم فاقول لهم هو سبحانه يعلم ان فيه شيئا غيره ام لا فان قلت يعلم كانت ذاته محلا لها و ان كان لايعلم ان فيه شيئا غيره و لا معه بطل كلما قلتم فلايكون في علمه الذي هو ذاته شئ غيره كما قال الصادق عليه السلام كان ربنا عز و جل و العلم ذاته و لا معلوم الحديث ، ثم قال بل الحق ان الوجود تجلي بصفة من الصفات فيتعين و يمتاز عن الوجود المتجلي بصفة اخري فتصير حقيقة ما من الحقايق و صورة تلك الحقيقة في علم الحق هي المسماة بالماهية و العين الثابتة بل هي الماهية و اقول فيه انه قد اختلفت حالاته و المختلف حادث فان قلت لميختلف
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 279 *»
لذاته بل المختلف التجليات قلت هي تجليات افعال ام تجليات ذات فان كانت تجليات افعال فهل تلك الحقايق المسماة بالماهيات اختلفت حالاتها قبل التجلي و بعده ام لا فان لميحصل اختلاف في شئ من هذه الفروض لميتجدد شئ و لميحصل تجل اصلا و ان حصل الاختلاف اما في الذات او في الحال فيها و من كل يلزم التغير ( التغيير خل ) و الحدوث ثم قال و لها وجود في عالم الارواح و هو حصولها فيه و وجود في عالم المثال و هو ظهورها في صورة جسدانية و وجود في الحق و هو تحققها فيه و وجود علمي في اذهاننا و هو ثبوتها فيه و بقدر ظهور نور الوجود بكمالاته تظهر تلك الماهيات و لوازمها تارة في الذهن و اخري في الخارج فيقوي الظهور و يضعف بسبب القرب من الحق و البعد عنه و قلة الوسائط و كثرتها و صفاء الاستعداد و كدره فيظهر للبعض جميع الكمالات اللازمة لها و للبعض دون ذلك و صورها في اذهاننا ظلالات تلك الصور العلمية حاصلة فينا ( فيها خل ) بطريق الانعكاس من المبادي العالية او لظهور نور الوجود فينا بقدر نصيبنا من تلك الحضرة الالهية و لهذا صعب ادراك الحقايق علي ما هي عليه الا علي من تنور بنور الحق و ارتفع الحجاب بينه و بين الوجود المحض فانه يدرك بالحق الصور العلمية علي ما هي عليه في انفسها و ينحجب عنها بقدر انيته فيحصل التمييز بين علم الحق بها و بين علم هذا الكامل بها فغاية عرفانه اقراره بالعجز و القصور و علمه برجوع الكل اليه انتهي ما اردت نقله من كلامه فقد بين لك انها كلها في ذاته كما قال و وجود في الحق و هو تحققها فيه و لا شك ان هذا التحقق فيه دليل مغايرتها له تعالي و بين ان الكامل منا يعني يكون تابعا لابنعربي و عبدالكريم الجيلاني و امثالهما يرتفع الحجاب بينه و بين الوجود المحض فانه يدرك بالحق الصور العلمية الخ ، و هذا ظاهر لانه انما اثبت كونها في ذاته لانه كشف عنه الحجاب فرءاها مرسومة في ذاته و لو لميرها منتقشة فيه لما حكم بذلك اماتري لما كنا لمندرك ذلك انكرنا ثبوتها في ذاته لعجزنا عن ادراك ذاته فحكمنا بعدم كونه محلا لغيره من جهة الدليل العقلي و الذي يشاهد بالمعاينة يحكم بمقتضاها و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 280 *»
لقد قال تعالي يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غرورا و لو شاء ربك مافعلوه فذرهم و ما يفترون ، و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالآخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون اللهم اني اشهدك اني ابرأ اليك و الي نبيك و اهل بيته الطاهرين و انبيائك المرسلين صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و عليهم اجمعين و الي عبادك الصالحين و ملئكتك المقربين من هذه الاقوال الباطلة و من التدين بها في الدنيا و الآخرة فاثبتها لي فيما القاك به يا ارحم الراحمين و اعلم اني انما تركت البحث في هذه مفصلا لطول الكلام عليه و القليل قد اشرت اليه فيما مضي و لاتتوهم ان مثل هذا الذي سمعت مني هو دليلي فتظن اني ارد كلامهم بالشتم و التبطيل لا بالدليل اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين فاما الشتم فلست ارضي به و لايؤذن لي فيه و اما تبطيل ما هو باطل فذلك واجب بالدليل فمن انس بعباراتهم لايكفيه القليل و لست بصدد التطويل فمن شاء ذكره و مايذكرون الا ان يشاء الله فقول المصنف فالوجودات حقايق متأصلة هو مثل ما سمعت من كلام ابن ابيجمهور فان طريقتهم واحدة و لو انهم قالوا انها حقايق الاشياء المتأصلة في الحدوث اقامها سبحانه باظلتها في اماكنها و اوقاتها فهي في الحقيقة آثار فعله لمتكن مذكورة قبل فعله بحال كونها و لمتكن شيئا قبل تكوينه كان كلامهم مستقيما و له معني و ذلك انه تعالي انما ذكرها حين خلقها و هو سبحانه الذاكر قبل الذاكرين و لا مذكور فذكرها بايجادها بفعله و حقيقتها من فعله انها اثره لا انها مركبة منه بل الفعل مبرأ عنها كان الله سبحانه و لا شئ معه و هو الآن كما كان ثم اخترع بفعله عنصرا نسبته ( عنصر النسبة خل ) من فعله كنسبة المصدر الذي هو الحدث من الفعل اي كنسبة ضربا الي ضرب و هذا الحدث هو الذي نسميه تارة بالماء الاول و تارة بالالف اللينية و تارة بالنفس الرحماني الثانوي و تارة بالحقيقة المحمدية و فلك الولاية و تارة بالوجود المطلق او محل الوجود المطلق و الوجود الراجح او محله و ركن الوجود و التجلي الاعظم و هذا الوجود قسمه عز و جل الي اربعةعشر قسما لميحتمل
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 281 *»
اكثر منها و هو ذات الذوات و به تذوتت و بقيت هذه الاربعةعشر الطيبة تسبح الله و تعبده و تثني عليه بكل ما يمكن من الثناء الف دهر كل دهر مائةالف سنة ثم اذن لها فاشرق نورها و شعاعها ثم خلق من ذلك الشعاع المتعلق بتلك الحقيقة تعلق النور بالمنير القائم بها قيام صدور مائةالف نور و اربعة و عشرينالف نور كل نور هو روح نبي من انبيائه فعلم المنير ذلك النور كيفية تسبيح الله و عبادته و الثناء عليه باسمائه الناطقة عليهم بوحي الله صلي الله علي محمد و آله الطاهرين فبقوا يعبدون الله سبحانه بالتوجه الي وجهه الباقي الذي هو ذلك المنير الاول المقسوم باربعةعشر قسما صلي الله عليهم و اليه الاشارة بقولي في مدح الحجة عليه السلام عجل الله فرجه و فرجنا به في ذكر توجه الانبياء عليهم السلام الي الله سبحانه به قلت :
فنوره وحيهم و وجهه قبلتهم ** * ** فحيث صلوا وصلوا و ذلك في دهر
ثم خلق الله سبحانه من انوار الانبياء عليهم السلام ارواح المؤمنين و هكذا حكم مراتب الوجود متسافلا كل سافل خلق من شعاع ما فوقه لا من نفس طينته الي طينة الحقيقة المحمدية و هي خلقت لا من شئ و لا اصل لها ترجع اليه قبل خلقها بفعله تعالي فكل شئ راجع الي الله تعالي برجوعه الي ما خلق منه و هو قول سيد الوصيين اميرالمؤمنين حجة الله علي الخلق اجمعين بعد ابن عمه و اخيه خاتم النبيين صلي الله عليهما و آلهما الطاهرين انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله الحديث ، و المراد بمثله مبدؤه فافهم فليس للوجود المخلوق حقيقة في الخالق بوجه من الوجوه و لله در من قال :
اذا كنت ماتدري و لا انت بالذي ** * ** تطيع الذي يدري هلكت و لاتدري
و اعجب من هذا بانك ماتدري ** * ** و انك ماتدري بانك ماتدري
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 282 *»
و قوله الا ان لكل منها نعوتا ذاتية و معاني عقلية هي المسماة بالماهيات يشير به الي تعيناته لان الاعيان ( الاعتبار خل ) الثابتة عندهم من حيث امتيازها عن المطلق لها تعينات عدمية و تعينات وجودية و تلك التعينات الوجودية الحاصلة لها هي عين الوجود فهي اي الماهيات كلها وجودات خاصة علمية كما تقدم في كلام صاحب المجلي فلاتكون الماهيات شيئا غير الوجودات المتعينة ( العينية خل ) في العلم الذاتي و التعينات العدمية هي الانتزاعية ( الانتزاعات خل ) العقلية و الحق ان للوجودات التي هي المواد نعوتات هي قوابلها المسماة بالماهيات الاولي التي هي الصور ( الصورة خل ) و الانفعالات و بها قوام الوجودات و من كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون و هي التعينات النوعية و للوجودات التي هي الاشياء نعوتات شخصية فالاولي في الخلق الاول كعمل المداد للكتابة و الثانية في الخلق الثاني كالصور التي بها تشخصت الحروف و الكلمات و بهذه النعوتات طابت الاشياء و خبثت فقوله ان لكل منها اي وجود من الوجودات المقيدة قيودا و نعوتا هي المسماة بالماهيات و المراد بها في الخلق الثاني لان المعاني العقلية مفاهيم للاشياء لا لاجزائها و هذه النعوت هي اسماء تلك الوجودات فيقال وجود زيد و وجود الفرس فظاهر كلامهم من قولهم وجود زيد ان الاضافة بمعني اللام و عليه يكون النعت هو الوجود لا الماهية و علي قولنا تكون الاضافة بيانية فالمنعوت هو الوجود و زيد بدل بيان المسمي باصطلاح النحاة بعطف البيان و النعت ما نسب اليه من اسم و فعل و قول و عمل و صورة خارجية او ذهنية و لهذا الشئ نعت نوري معنوي سماه الله به و وسمه به فقال في الاشارة الي ذلك بقوله الحق لايستطيعون لانفسهم نفعا و لا ضرا و لايملكون موتا و لا حيوة و لا نشورا و هذا هو النعت الوجودي و قال لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا و لملئت منهم رعبا و له نعت ظلماني وسم به فقال تعالي تعرفهم بسيماهم و لتعرفنهم في لحن القول و قال و اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم انا لله و انا اليه راجعون و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم .
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 283 *»
قال توضيح فيه تنقيح اما تخصيص الوجود بالواجبية فلنفس حقيقته المقدسة عن نقص و قصور و اما تخصيصه بمراتبه و منازله في التقدم و التأخر و الغني و الحاجة و الشدة و الضعف فبما فيه من شؤنه الذاتية و حيثياته العينية بحسب حقيقته البسيطة التي لا جنس لها و لا فصل و لاتعرض لها الكلية كما علم و اما تخصيصه بموضوعاته اعني الماهيات و الاعيان المتصفة به في العقل علي الوجه الذي مر ذكره فهو باعتبار ما يصدق عليه في كل مقام من ذاتياته التي يبحث عنه في حد العلم و التعقل و يصدق عليه صدقا ذاتيا من الطبايع الكلية و المعاني الذاتية التي يقال لها في عرف اهل هذا الفن الماهيات و عند الصوفية الاعيان و ان كان الوجود و الماهية فيما له ماهية و وجود شيئا واحدا و المعلوم عين الموجود ( الوجود خل ) و هذا سر غريب فتح الله علي قلبك باب فهمه ان شاء الله تعالي .
اقول يريد به تفصيل ما ذكره سابقا قال في التعليقات الفرق بين ما ذكره في هذا الفصل و بين ما ذكره في الفصل السابق انه يعلم في هذا الفصل وجه كون التخصيص بنفس الحقيقة مفصلا مصرحا بخلاف ما مر و ايضا يعلم في هذا الفصل ان ما كان متقدما و ما كان متأخرا لما ذا صار كذلك و لميحصلا بعكس ما كانا هذا علي احتمال او معني التخصيص بالتقدم و التأخر مثلا علي احتمال آخر كما سننبه عليه ان شاء الله تعالي بخلاف ما مر و ايضا يعلم مفصلا في هذا الفصل ما اراده بقوله فيما مر بامور لاحقة من انها ليست منحصرة في العوارض الخارجية بل الماهيات داخلة فيها بخلاف ما مر و بالجملة قد بين و فصل في هذا الفصل الامور السابقة علي الوجه اللائق بلا قصور فلذا ( فلهذا خل ) عنونه بهذا العنوان انتهي ، يعني بالعنوان قوله توضيح فيه تنقيح و اقول ان المصنف ذكر سابقا هذه الاشياء فعرض له احتمالات ترد عليه باعتبار اطلاقات ما مر فاستطرد التوضيح لدفع ما قد يتوهم او ما فهمه من وروده عليه و علي كل حال لا بأس به اذا كان دافعا لايراده كافيا لمراده فقال اما تخصيص الوجود بالواجبية يعني انه لما ذكر بعض تخصيص افراد الوجود استطرد ذكر تخصص الواجب و ان كان مستغنيا عن التعريف او انه وجد احتياج المقام الي التعريف او انه ادخله
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 284 *»
في جملتها كما يفهم من ( في خل ) بعض كلامه سابقا فقال تخصيص الواجب ( الوجود ظ ) بالواجبية و الاولي ان يقال تخصصه او اختصاصه بالواجبية لان التخصيص لايكون من ذات المختص الا ان يريد به اثباته في ذهن العارف فلنفس حقيقته يعني انه بذاته تخصص لا باعتبار شئ غير ذاته و معني الكلام صحيح علي ارادة معني اثباته في الافهام و محو الاوهام المقدسة عن نقص و قصور نفي بهذا القيد مطلق الاحتياج و مطلق المغايرة فانها من النقص و القصور و اما تخصيصه بمراتبه و منازله في التقدم و التأخر كالرتبة و الغني للبسيط منه و الحاجة للمركب من الوقت و المكان و الكم و الكيف و الوضع الي غير ذلك من المعينات و المشخصات كما ذكرنا سابقا و الشدة و الضعف اللازمين للرتبة و الجهة و الكم و الكيف و المكان و التقدم و التأخر فبما فيه من شئونه الذاتية الخ ، و اعلم ان المصنف اراد من المخصص بالذات الواجب عز و جل كما قال اما تخصيص الوجود بالواجبية و هو ظاهر و اما قوله تخصيصه بمراتبه و منازله فيريد بها الوجودات الممكنة و الضمير في منازله و مراتبه يعود الي الواجب الحق تعالي عن ذلك علوا كبيرا يعني انه يتنزل في مراتبه و منازله في ظهوراته و هو يعني تتنزل الذات بذاتها الي المقامات السفلية فيتكثر ذلك الواحد البسيط لذاته بهذه المراتب و المنازل التي هي شئونه و حوائجه ليقضي منها وطرا فيعرض له بواسطة تلك المراتب و المنازل امور معينة و مشخصة للوجه الواقع منه في تلك الرتبة و المنزلة لان تلك الامور من لوازم تلك المراتب و المنازل فبذاته نزل في تلك المرتبة لاجل ذلك الشأن فلزمته لذاته لا من حيث نفسه لبساطتها و تقدسها بل من حيث تنزله في تلك المرتبة لان تلك الامور التي شأنها التشخيص و التعيين لازمة لتلك المرتبة و لمن تنزل فيها فمن حيث نفسه هو بسيط لا كثرة فيه و لا تعدد و لا تشخص و ما لحقه من تلك الامور المشخصة لافراد مظاهره فقد عرضت له بواسطة مراتب نزوله و ما تقدم من ظهوره في بعض مراتبه علي بعض فلخواص بعضها المقتضية لذاتها في الترتيب الطبيعي ان يتقدم ( تتقدم فيتقدم خل ) الظهور لامتناع الترجيح
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 285 *»
من غير مرجح فما هو متقدم من مراتب الوجود لايمكن ان يعكس و بالعكس و يحتمل ان يكون المراد ان ما ينتزع منه المفهومان من مراتب الوجود عند ملاحظة العقل لهما يجد بعضا متقدما و بعضا متأخرا صار كل من المفهومين او مما انتزع منه المفهومان سببا للامتياز و لتقدم بعض علي بعض علي اختلاف آرائهم فقوله و اما تخصيصه بمراتبه و منازله الي قوله فبما فيه من شؤنه اي ان تخصيصه بالمراتب و المنازل و اختلافها في الامور المذكورة من التقدم و الغني و الشدة و اضدادها فبسبب ما في ذاته من شئونه و دواعيه الذاتية لكونها صورا في علمه و علمه عين ذاته و كذا تلك الحيثيات العينية اي الاعتبارات و الجهات المتعددة بحسب ما هي عليه في علمه من صورها الذي هو اي علمه عين ذاته عرض لها الاختصاصات و النسب المذكورة علي حسب الشئون المذكورة التي هي مباد لهذه الامور المذكورة و في الحقيقة كلها من لوازم المراتب بسبب شئونه اي دواعيه او اسباب دواعيه و بواعثه التي هي اسباب تلك الامور المذكورة لان هذه الشئون كما ذكرنا مكررا صور وجودية في علمه الذي هو ذاته فبها صدرت و بها تحققت و بها عدمت و بها بقيت و منها برزت و اليها تعود و كل ذلك بحسب ذاته و حقيقته البسيطة التي لا جنس لها و لا فصل لها و لاتعرض لها الكلية لذاتها لكمال حقيقته ثم قال و اما تخصيصه بموضوعاته التي عرض لها في الذهن اعني الماهيات و الاعيان المتصفة به في العقل لانهما في الخارج متحدان و انما يعرض لها في ظرف التحليل علي الوجه الذي مر ذكره فباعتبار ما يصدق علي الوجود من الماهيات في كل مقام و رتبة من ذاتياته مما هو كالجنس و الفصل و النوع و الخاصة و العرض العام التي يبحث عنه اي ذلك الصادق في حد العلم و في التعقل كما جري عليه اصطلاح الحكمة النظرية و يصدق عليه صدقا ذاتيا لاتحاده بها في الخارج و ذلك الصادق من الطبايع الكلية و المعاني الذاتية لعل العطف تفسيري لان المراد من الطبايع هي الحقايق التي هي المعاني التي هي الماهيات و هي المسماة في عرف العرفاء بالماهيات لانها هي حقايق الاشياء
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 286 *»
من حيث هي و عند الصوفية هي الاعيان لانهم كما تقدم يسمونها اي الماهيات بالاعيان الثابتة ان اعتبر ثبوتها في العلم الازلي و بالحقيقة عند اشراق نور الوجود عليها و ظهور صورته فيها فمدار تخصيص كل وجود بموضوعه الخاص به علي اعتبار ما يصدق عليه فما صدق عليه منها فهو معروضه الخاص به ثم قال ان الوجود و الماهية في الوجود الذي له ماهية اي الفرد الحادث منه شئ واحد لا تعدد فيه الا في الذهن عند ارادة التحليل لنظر العقل الي نفس المفهوم ثم قال و المعلوم اي الماهية عين الموجود الذي هو الوجود و لما كان هذا الفصل انما وضعه للتوضيح و لتتميم ما نقص او خفي من المراد او من البيان ذكر هذا و قد كان ذكره قبل هذا للاشارة ( الاشارة خل ) علي ان الاتحاد بينهما كما هو في الخارج كذلك كما هو في الذهن و انما يتغايران في الذهن بالنظر الي مفهوميهما كما قال سابقا في نظر العقل عند ارادة التحليل ثم قال و هذا سر غريب يعني ان كون الماهية منشأ للتمييز مع انها عين ما تميز بها و عين ما اتحدت به و لاجل هذا كانت الوجودات المتعددة غير مختلفة نوعا لما ذكر من كون علة التمييز ( التميز خل ) علة الاتحاد فيه سر غريب لبعده عن افهام القاصرين و اقول و اما بيان المصنف في مراداته مما هو مخالف للحق علي سبيل الاختصار و الاقتصار فان قوله ان تخصيص الوجود بالواجبية فالاولي ان يقال تخصص و اختصاص لا تخصيص لانه فعل الغير و لايكون اختصاصه تعالي محصلا من غيره الا ان يراد به اثباته في الافهام و ازالة التعدد و الحاجة عن الاوهام علي ان ذلك كله تحديد لخلقه كما قال الرضا عليه السلام كنهه تفريق بينه و بين خلقه و غيوره تحديد لما سواه فكل هذه الاعتبارات تحديد لما سواه و اما تخصيصه بمراتبه فان اعاد ضمير الوجود الي الحق تعالي كما حملنا عليه كلامه كما هو صريحه و اراد الحقيقة فهو باطل لانه تعالي لايتغير عن حاله
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 287 *»
قبل الايجاد و الا لكان حادثا و انما ظهوره لما شاء بايجاده اياه كما قال اميرالمؤمنين عليه السلام لاتحيط به الاوهام بل تجلي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمها ه ، فظهوره للخلق ايجادهم لا انه يتنزل انظر الي آياته في الآفاق فهذا السراج ظهر لجميع اشعته بها و احتجب عنها بها و لميخل منها شئ بمعني قيومية فعله و امره لا بذاته فانه لايتغير عما هو عليه و هذا آية الله تعالي و لو كان كما قال لظهر في مظاهره و لايمكن الا بان يتصف بصفاتها و اما ما ذكر من شئونه فانما هي شئون احدثها بفعله من خلقه لخلقه لمتكن مذكورة في ذاته الا بفعلها و اما انه عالم بها فالمراد انه عالم في الازل بها في الحدوث فهو في الازل بذاته الذي هو الازل يعلمها في اماكنها و اوقاتها و ليست في الازل و الا لكان معه غيره و اما حصول صورها في علمه فهو علمه الحادث الذي هو اللوح المحفوظ و امثاله كما قال تعالي قال فما بال القرون الاولي قال علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي و لاينسي و قال تعالي قد علمنا ما تنقص الارض منهم و عندنا كتاب حفيظ و اما الامور المذكورة التي هي علة التعدد فهي قوابل الاشياء و انفعالاتها و شرائط ايجاداتها و هي محدثة معها علي جهة المساوقة كالكسر و الانكسار لمتكن تلك المشخصات الخاصة قبل المشخص و لا بعده و لا حقيقة للوجودات الحادثة الا الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله و لا حقيقة لها قبل ذلك قال اميرالمؤمنين عليه الصلوة و السلام انتهي المخلوق الي مثله و قال عليه السلام علة الاشياء صنعه و هو لا علة له ه ، و تفصيله كما اشرنا اليه سابقا و اما تخصيص الوجود فيما له موضوع فموضوعه هو الموصوف منه و العارض هو الصفة و قد ذكرناه مرارا و ان ما اتحد خارجا في الحقيقة اتحد ذهنا الا باعتبار شئ تصفه به او تنسبه اليه خارجا و حينئذ هو في الخارج بتلك الجهة غير متحد و اما تحقيق الماهيات فقد اشرنا اليه سابقا للماهية الاولي الركنية و الثانية الهوية اي الموجود من حيث هو فراجع
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 288 *»
و اما ان المعلوم اي الماهية عين الموجود فقد ذكرناه و ليس علي هذا المعني بل كما قلنا فان الوجود الموصوفي هو المادة و الصفتي هو ( هي خل ) الصورة و المجموع منهما باعتبار كونه اثرا وجود ( موجود خل ) و باعتبار كونه هو هو ماهية و اما ما ذكره من كون ما به التمييز هو ما به الاتحاد فهو علي ما اشرنا اليه هو الماهية الاولي التي هي الانفعال هي التي بها التمييز لانها مجموع المشخصات التي بها التمييز و اما التي بها الاتحاد فليست هي التي بها التمييز فان ما به الاتحاد علي دعواه هي هوية الشئ و حقيقته من نفسه و هذه لايكون بها التمييز بل يمكن ان يقال ان هذه ايضا لايكون بها الاتحاد اذ لايتحقق الا باعتبار مغاير للاعتبار الذي به يتحقق الوجود فهي علي المذاقين لايكون بها الاتحاد و قد يكون بها التمييز علي المذاقين اما علي المذاق الاول فلانها هي الانفعال الذي هو محل الحدود المشخصة و به يحصل التعين لانه القابل و المقبول يظهر بها و يجري الايجاد علي مقتضاه كما يشير اليه قوله تعالي و قالوا قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم و اما علي المذاق الثاني فكما قلنا من انها لاتتحقق الا باعتبار مغاير لما به يتحقق الوجود من الاعتبار و اما مأخذ اتحادهما عندهم في الخارج من جهة الفهم الذي هو منشأ دليلهم الصناعي هو انهم فهموا ان هوية الشئ هو الماهية و وجودها حصولها و لا مغايرة بينهما و هو الاتحاد المراد و اذا فتشت فيه وجدت موصوفا و صفة مع ان تعليله عليل فان قوله و لاجل هذا كانت الوجودات المتعددة غير مختلفة نوعا يعني انها متحدة في النوع كالانسان اي الحيوان الناطق و هو متعدد في الشخص كزيد و عمرو و كالخشب المتحد في النوع المتعدد في الشخص اي في الباب و السرير و غيرهما و هذا ظاهر في كل الانواع و مع هذا يلزم ان هذه الوجودات تدخل تحت نوعها كما تدخل الانواع منها تحت جنسها فلا فرق بين الوجودات و غيرها بخلاف ما قرره المصنف و في كلامي هذا بان ما به التمييز ( التميز خل ) هنا لايكون به الاتحاد كما سمعت سر غريب لبعده عن افهام المدعين لعدم القصور .
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 289 *»
قال قال الشيخ الرئيس في المباحثات ان الوجود في ذوات الماهيات لايختلف بالنوع بل اذا كان اختلاف فبالتأكيد و التضعيف و انما يختلف ماهيات الاشياء التي تناول الوجود بالنوع و ما فيها من الوجود فغير مختلف النوع فان الانسان يخالف الفرس بالنوع لاجل ماهيته لا لاجل وجوده انتهي كلامه فالتخصيص في الوجود علي الوجه الاول بحسب ذاته و هويته و اما علي الوجه الثاني فباعتبار ما معه في كل مرتبة من النعوت الذاتية الكلية .
اقول يريد بنقل كلام الشيخ الاستشهاد علي اتحاد الوجود في نفسه و ان تعدده انما هو باعتبار تعدد موضوعاته فقول الشيخ ان الوجود في ذوات الماهيات اي في الوجودات ( الموجودات خل ) التي لها ماهيات يعني بها ما سوي الوجود الحق يعني ان الوجود فيما له ماهية لايختلف بالنوع اي في نفسه بل هو شئ واحد بل اذا وجد اختلاف فيه و تكثر فبسبب تأكيده في نفسه و تضعيفه كذلك كما في ظهور مراتبه علي نوع التشكيك فيعرض له الشدة و الضعف مع بقاء الوحدة و صدقها عليه و انما تختلف ماهيات الاشياء التي تناول الوجود بالنوع يعني انها تختلف بالنوع فاذا اختلفت تلك الماهيات بانواعها تعددت تعلقات الوجود بها و ما فيها من الوجود المتعلق غير مختلف بالنوع فان الانسان يخالف الفرس بالنوع لاختلاف فصليهما اللذين عندنا هما ماهيتاهما الاوليين و عند المصنف و عند القوم هما كالماهيتين و ما في زيد و الفرس من الوجود غير مختلف و هذا الوجود عندنا هو الحصتان من الحيوان و عندهم هما كالحصتين و بالجملة كما ان اختلاف الانسان و الفرس انما هو لاختلاف فصليهما و الا فحيوانيتهما غير مختلفة بالنوع كذلك اختلافهما انما هو باعتبار ماهيتهما فان ماهية الانسان غير مهية الفرس مع اتحاد وجودهما و لذا ( و لهذا خل ) علل الشيخ اختلاف الانسان و الفرس فقال لاجل ماهيته لا لاجل وجوده ففرع المصنف علي ما قرره الشيخ بيان ما قرره هو فقال فالتخصيص في الوجود علي الوجه الاول و الظاهر ان مراده بالاول تخصيصه بمراتبه و منازله في التقدم و التأخر و الغني و الحاجة و الشدة بحسب ذاته و هويته يعني به ما قال قبل في قوله فبما فيه من شئونه
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 290 *»
الذاتية و حيثياته العينية فانه بحسب ذاته و هويته لانه حين كونه في رتبته من الثبوت الازلي قائم في القدم بما له من الشئون الذاتية و الحيثيات العينية اي في العلم الذي هو ذاته تعالي عما يقولون علوا كبيرا فتخصيصه في هذه الرتبة و هي اول ما له من مراتب التعين بهذه الشئون و الحيثيات و اما علي الوجه الثاني و هو تخصيصه بموضوعاته فباعتبار ما معه في كل مرتبة من النعوت الذاتية الكلية و الا فهو واحد بلا تعدد لذاته و يحتمل ان يريد بقوله علي الوجه الاول و اما تخصيصه بالواجبية فلنفس حقيقته المقدسة عن نقص و قصور و بقوله علي الوجه الثاني تخصيصه بمراتبه و منازله الخ ، بما فيه من شئونه الذاتية و حيثياته العينية و من الوجه الثاني تخصيصه بموضوعاته و يؤيد ارادة الاحتمال الاول حسن ظني بالمصنف تخفيفا لشناعة القول و ان كان لايجدي نفعا و جعلي له انه الظاهر من جهة تخفيف الشناعة و يؤيد المعني الثاني قوله في الوجه الاول بحسب ذاته و هويته كما قال فيه اولا فلنفس حقيقته المقدسة و في الوجه الثاني فباعتبار ما معه في كل مرتبة من النعوت الذاتية كما قال فيه اولا بمراتبه و منازله في التقدم و التأخر و الغني و الحاجة و الشدة و الضعف فبما فيه من شؤنه الذاتية و حيثياته العينية و انما لوحنا بترجيح الثاني لما يلوح به و يصرح من وحدة الوجود بل و الموجود هذا كله علي رأيه في حكم الوجود من التوحد و ( او خل ) التعدد و اما علي رأينا فلانتكلم في ذات الله تعالي لان من تكلم في ذات الله تعالي لايزداد عن الحق الا بعدا و انما نتكلم في الوجود الحادث الذي هو من نظائرنا فاقول كان الله عز و جل وحده و لا شئ معه يعني انه مايعلم ان معه شيئا غيره و هو الآن علي ما كان ثم انه احدث الفعل بنفسه اعني مشيته و ارادته و ابداعه و قدره و قضائه و ما اشبه ذلك من انواع افعاله ثم احدث به امكانات الاشياء الكلية و الجزئية علي نحو العموم و الكلية التي لايتناهي منها شئ في الامكان و هذا هو العلم الذي لايحيطون بشئ منه مثلا امكان زيد احدثه بمشيته الامكانية فكان علي نحو الكلية في جزئيته فيمكن ان يخلق مما يمكن
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 291 *»
ان يكون زيد منه قبل ان يكون كليا و جزئيا و انسانا و حيوانا و جنة و نارا و ملكا و نبيا و شيطانا و ارضا و سماء و برا و بحرا و هكذا الي غير النهاية هذا امكان زيد فاذا خلق منه زيد ( زيدا خل ) جاز ان يغير زيد ( زيدا خل ) الي ما شاء مما ذكر و مما لميذكر الي غير النهاية و هكذا كل شئ يمكن فيه كل شئ قبله و بعده فكان كل شئ ممكنا بمشيته الامكانية و لايعلم احد من الخلق من ذلك العلم شيئا فاذا قلت زيد يمكن ان يكون كذا و ان يكون كذا بلا نهاية يعلم العارفون بالله ذلك و لكن لايعلم احد من الخلق اي شئ منها يكون الا اذا اخبر تعالي به او كونه و هو قوله تعالي و لايحيطون بشئ من علمه الا بما شاء تكوينه او الاخبار به فافهم فلذا قلنا كان كل شئ ممكنا بمشيته الامكانية ثم انه تعالي خلق نورا و طينة طيبة و لميكن قبلها شئ و هذا هو الماء و هو الوجود و هو الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله و هو الامر الذي اقام به كل شئ فكان باعتبار جهاته الست الظاهرة و الباطنة و مقبوله و قابله اربعةعشر ركنا لا غير فتكثر هذا الوجود و قابله و جهات نوره و جهات طينته الي هذا العدد خاصة فخلق من شعاعه نورا و من شعاع هذا النور نورا فتكثرت تنزلاته باشعته في مراتبها ففي كل مرتبة تكثرت افراده من جهة المشخصات فالمتشخص وجود واحد موصوفي و مشخصاته صفاته من الجهة و الرتبة و الكم و الكيف و الوقت و المكان و الوضع و الاذن و الاجل و الكتاب و الاعمال الكونية و الشرعية و ما اشبه ذلك اصلها انفعاله و قابليته و هذه حدودها و متمماتها و مكملاتها فتخصيص الوجود الحق بالواجبية هو و لايعرف حقيقة ذلك الا هو تعالي و لا كلام لنا الا في عنوانات معرفته و اما الوجود المخلوق فلميكن مذكورا قبل كونه الا في امكانه و لميكن مذكورا قبل امكانه بشئ و لايعلم الله سبحانه ان في الازل غيره و الازل ذاته و ليس في ذاته شئ غير ذاته لا صورة و لا مثال و لا تعين و لا ما يصدق عليه اسم الشئ ثم امكنه في امكانه لا من شئ و لا لشئ بمشيته الامكانية فكان عنده بذلك مذكورا ثم كونه بمشيته التكونية ( الكونية خل ) و هو العلم الذي يحيطون به اي المستثني في قوله تعالي الا بما شاء يعني ما شاء تكوينه او الاخبار بتكوينه ثم تكثرت الاشياء علي
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 292 *»
نحو ما ذكرنا اولا بقوابلها و حدودها و متمماتها و مكملاتها في كل مرتبة من مراتب ظهوراته فالواجب عز و جل ظهر بافعاله و مفعولاته و هو جل و علا لايظهر بذاته و لايتنزل ( لاينزل خل ) بها و لايتغير عن حاله ابدا و ما سواه من الوجودات المحدثة تظهر بذاتها و بافعالها و باشعتها و الوجود الاول منها الحقيقة المحمدية (ص) و هو اول فائض عن المشية الكونية و امكانه اول ما امكن بمشيته الامكانية و هو امر الله الذي قامت به السموات و الارض و فيه قال الصادق عليه السلام في الدعاء كل شئ سواك قام بامرك ثم خلق به الارض الجرز و الارض الميتة و هي قابلية ( قابليته خل ) التي ذكرها في كتابه و هو الزيت في قوله يكاد زيتها يضيء و لو لمتمسسه نار فتخصيص هذا الوجود بذلك الزيت المسمي بالارض الجرز و بالارض الميتة لان هذا الوجود هو الماء المساق الي الارض الميتة و الارض الجرز و تخصيص كل وجود حادث بتلك المشخصات لانها صفاته و هو الموصوف و كل شئ انما يتخصص بصفاته و يتعدد بتفاوتها كالجهة مثلا و الرتبة فبعض يخالف الآخر في الجهة و ان وافقه فيها خالفه في الرتبة و بالعكس و ان وافقه فيهما خالفه في الكم او في الكيف و هكذا فالتكثر من المشخصات و هي صفات وجودية و المتشخصات وجودات موصوفية فهو وجود واحد كالمداد في الكتابة للحروف المتكثرة المختلفة بمشخصاتها لان الوجود هو المادة المطلقة و تعدده كتعدد الباب و السرير و السفينة من الخشب و انما اكرر التعريف حرصا علي التفهيم و مع هذا التكرير و الترديد فان فهمت المراد فانت انت و الله سبحانه ولي التوفيق و اما قول المصنف فباعتبار ما معه فليس كما قال و ان كان اللفظ صحيحا الا انه لميرد المصحح اذ الوجود ليس معه شئ غيره نعم يمكن فيه بالفعل التكويني اظهار ما بالقوة الي الفعل كالكسر فانه ليس فيه شئ غيره و لكن بالفعل يظهر ما يمكن منه و هو الانكسار الذي به يتمكن من الظهور و يتشخص .
قال و لايبعد ان يكون المراد بتخالف الموجودات نوعا كما اشتهر من
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 293 *»
المشائين هذا المعني اذ هو بعينه كتخالف مراتب الاعداد انواعا بوجه و توافقها نوعا بوجه فانها يصح القول بكونها متحدة الحقيقة اذ ليس في كل مرتبة من العدد سوي المجتمع من الوحدات التي هي امور متشابهة و يصح القول بكونها متخالفة المعاني الذاتية اذ ينتزع العقل من كل مرتبة نعوتا و اوصافا ذاتية ليست ثابتة لغيرها و لها آثار و خواص متخالفة يترتب عليها بحسب احكام نفسه ينتزع من كل مرتبة لذاتها خلاف ما ينتزع من مرتبة اخري لذاتها فهي بعينها كالوجودات الخاصة في ان مصداق تلك الاحكام و النعوت الكلية ذواتها بذواتها فاتقن ذلك فانه من العلوم الشريفة .
اقول يريد ان ما ذكره لايبعد ان يكون مراد المشائين في تخالف مراتب الاعداد انواعا مطابقا لمراده في التمثيل بناء منه علي ان الاعداد و مراتبها غير الوجودات و مراتبها او علي المغايرة بين الوجود و الموجود و الا فعلي ما ذكره في كتابه الكبير كما تقدم النقل عنه ان الاعداد منها لان لها وجودات بنسبتها فالكلام فيهما واحد فان مراتب الاعداد تختلف انواعا بوجه كالآحاد و العشرات و المأت و تتوافق نوعا بوجه فتخالفها من جهة اختلاف كم افرادها و مراتبها كثرة و قلة و الكثرة و القلة احد المشخصات الموجبة باختلافها للتعدد و قد اشار المصنف الي اختلاف كمها في الافراد و المراتب في تعليله تخالفها بقوله اذ ينتزع العقل من كل مرتبة نعوتا و اوصافا ذاتية ليست ثابتة لغيرها اي ليس نعت واحد منها ثابتا لغيره و توافقها لاتحاد حقيقتها لتألف كل منها من هيئات الواحد كما قال المصنف اذ ليس في كل مرتبة من العدد سوي المجتمع من الوحدات التي هي امور متشابهة و المراد بالوحدات جمع وحدة و هي صفة الواحد لان الاعداد كالخمسة مركب من خمس صفات و امثال من الواحد اذ الواحد متعدد بامثاله في كل عدد بقدر تعدد قوابله كتعدد امثال الوجه الواحد عند مقابلة المرايا المتعددة و استدل علي صحة القول بتعدد انواعها باعتبار و اتحادها باعتبار بحمل التخالف عليها بوجه و الاتحاد بوجه بناء علي طريقتهم من الاعتماد علي صحة الحمل سواء كان اوليا ذاتيا او صناعيا متعارفا و جعل
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 294 *»
اختلافها من امور ذاتية لها لما يدرك العقل منها من كونها اوصافا ذاتية لها و اتحادها من اجتماعها من صفات متماثلة لكونها امثال الواحد و بالجملة فقد جعل اختلاف مراتب الاعداد من مغايرة اوصاف ذاتية بعضها لبعض و اتحادها من تألفها من وحدات متشابهة كما جعل اختلاف الوجودات في مراتبها و منازلها باحوال ذاتية لها و اتحادها لكونها من نوع واحد و نحن نقول ان الغلط نشأ عليه من ترتيب مقدمات ادلته المعنوية لا من مادتها و الاشارة الي بيان الغلط فيها ان الاعداد كلها مركبة من هيئات الواحد و امثاله فنفس الامثال علي طريقته هي مثال الوجود لان الوجودات عنده كالمواد الاشياء تتركب من المواد و الصور و القوام للمواد و الاحكام للصور كما ذكرنا سابقا من ( ان خ ) السعادة و الشقاوة انما هو في بطن الام اي الصورة لا في المادة كما تري في الصنم فان القبح في صورته لا في المادة التي عمل منها الصنم و عنده كذلك ان السعادة و الشقاوة انما هي في الماهية لا في الوجود و مادة الاعداد نفس الوحدات و اما ما لحقها من الكثرة و القلة و الزوجية و الفردية و الوقوع في الاولي مرتبة الآحاد او العشرات او المآت و ما لحق ذلك من التمامية و الكمالية و الكمال الظهوري و الكمال الشعوري و النقص و الزيادة و ما اشبه ذلك فهي لواحق لمتممات ( المتممات خل ) او متممات و كل ذلك هو الصورة و الصورة خارجة من الوجود داخلة في الشئ و اما عندنا فهي خارجة من الموصوف داخلة في مطلق العدد كما ان تلك الشئون التي جعلها ذاتية للوجودات و هي المخصصة لها ليست ذاتية لها لان الوجودات هي الموصوفات و هذه المخصصات صفات خارجة عنها نعم هي داخلة في مطلق الوجودات اعني الموجودات لانها الركن الاسفل منها و هي الفصول و الفصول ليست ذاتية للاجناس و انما هي ذاتية للانواع لانها الركن الاسفل فالمشخصات و المخصصات ليست ذاتية من الحصص و ان كانت اجزاء من الانواع و الاشخاص و الحصص هي الوجودات فتشخصها و تخصصها بامور خارجة ( خارجية خل ) هذا علي اعتبار الوجود بالمعني الذي نتوافق معهم فيه و اما علي المعني الذي نختص به و هو ان الموجود كزيد و الفرس و الشجرة و الجدار
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 295 *»
بلحاظ كونه اثرا لفعل الله و نورا لله سبحانه نسميه وجودا و بلحاظ كونه هو هو نسميه ماهية و مشخص هذا الوجود عندنا هو الماهية اي ماهية لتوقف ( تتوقف خل ) ظهوره او تعينه في الوجود و الحصول عليها لا في الوجدان عند نفسه لانه اذا وجد نفسه انما يجد ماهية اذ الوجود لايجد نفسه الا الوجود الذي ليس له ماهية غيره عز و جل فانه من حيث هو وجود عين ماهيته و ذات نفسه بلا مغايرة لا بالاعتبار و لا بالفرض فلا تعدد فيه بكل اعتبار مطلقا و قول المصنف اذ ينتزع العقل من كل مرتبة نعوتا و اوصافا ذاتية ليست ثابتة لغيرها الخ ، هو ما قلت لك ان الغلط نشأ عليه من ترتيب مقدمات ادلته المعنوية لا من مادتها كما اشرت لك في بيانه لانه يري ان هذه المنتزعات ذاتيات للمراتب اي اطوار الوجود في تنزلاته و هي لاتتمشي علي قوله ان الوجود و الماهية جزءان للموجود سواء فرض اتحادهما ام تعددهما لان المراتب لاتثبت له من حيث هو هو و انما تثبت له بضميمة اسباب المرتبة الخارجة بالنسبة الي الحصة لا بالنسبة الي الموجود فانها في الحقيقة ركن ماهيته و اما علي لحاظنا الثاني من كون الوجود كون الموجود اثرا و من كون الماهية كونه هو هو فتدخل المرتبة و ما يلحق لها في الوجود من حيث هي نور الله و اثر فعل الله لا من حيث هي هي و الحاصل مجمل القول ان المخصص و المشخص لو كان ذاتيا للمشخص و المخصص لمافارق التخصيص و التشخيص كما قلنا في الواجب و انما مشخص الحادث ليس ذاتيا له فيبقي في مقام الفناء ينتظر حصول مخصصه فاذا وجد تخصص و الا فلا فليس ان مصداق تلك الاحكام و النعوت الكلية ذواتها بذواتها كما توهمه المصنف فاتقن ذلك فانه من العلوم الشريفة .
قال المشعر السابع في ان الامر المجعول بالذات من الجاعل و الفائض من العلة هو الوجود دون الماهية و عليه شواهد الاول انا نقول ليس المجعول بالذات هو المسمي بالماهية كما ذهب اليه اتباع الرواقيين كالشيخ المقتول و من تبعه و منهم العلامة الدواني و من يحذو حذوه و لا صيرورة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 296 *»
الماهية موجودة كما اشتهر من المشائين و لا مفهوم الموجود من حيث هو موجود كما يراه السيد المدقق بل القادر بالذات و المجعول بنفسه في كل ما له جاعل هو نحو وجوده العيني جعلا بسيطا مقدسا عن كثرة تستدعي مجعولا و مجعولا اليه .
اقول قوله في العنوان في ان الامر المجعول اي المصنوع بالذات احترازا عن المجعول بالعرض و التبع من الجاعل يعني المعبود بالحق عز و جل و الفائض اي البارز و عبر عن هذا الظهور بالفيض لان المفاض يكون ظهوره متصلا سيالا كظهور الماء من الينبوع من العلة و المراد بالعلة هنا هو المعبود بالحق تعالي هو الوجود دون الماهية و فيه اشارة الي ان الماهية غير مجعولة فاول ما يحتاج التنبيه عليه قوله المجعول بالذات من الجاعل ظاهر هذا الكلام ان الوجود مجعول بغير واسطة و لا تبعا لمجعول و فيه ان الجعل مستلزم لتوسط الفعل بين الفاعل و مفعوله لانه غير معقول احداث مفعول بغير متوسط و لعل هذا عند التنبيه اليه مما لا اشكال فيه و ان كان كثير منهم يعبر بعبارة ظاهرها انه ليس الا ذات الفاعل و ذات المفعول لا غير الا انك اذا نبهته علي ذلك اعترف بوجود الفعل الا اذا كان المفعول هو البارز بنفسه من غير صنع من الفاعل نعم ظاهر كلام كثير منهم ان الفعل امر اعتباري نسبي و ليس شئ في الحقيقة الا الفاعل و المفعول و الحق ان فعل الله سبحانه ذات تذوتت الذوات منه بل تحقق اعظم المفاعيل بالنسبة الي تحققه كنسبة الشعاع في التحقق الي تحقق المنير و هو آدم الاول و علي هذا فالجاعل هو الله سبحانه و الجعل هو فعله و المجعول هو الوجود و هو الفائض الذي افاضه الله سبحانه بفعله لا من شئ بل بالاختراع لا من شئ و لا لشئ و اطلاق العلة علي ما قلنا علي الله سبحانه مجاز للبيان و الا فليس هو علة بل العلة فعله و هو قول اميرالمؤمنين عليه السلام علة ما صنع صنعه و هو لا علة له ه ، فقوله فالفائض من العلة هو الوجود معناه عنده ان الفائض من ذات الله هو الوجود بناء علي مذهبه من ان الوجود حقيقة واحدة فالوجود الصرف البحت هو الله سبحانه و الوجود المخلوط بالماهية هو
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 297 *»
تنزل الصرف البحت الي مراتبه و منازله فيتكثر بتكثر شؤنه الذاتية لان كل ما كان في الامكان من الذوات و الصفات فهو في ذاته بنحو اشرف و اما عندنا فالفائض من العلة التي هي فعله تعالي هو الوجودات الجوهرية و العرضية و معني كونه فائضا هو كونه مخترعا به لا من شئ و لا لشئ اذ لميكن له ذكر قبل هذا الفيض و اما الماهية فقد وقع فيها اختلاف كثير و قد ذكر الشيخ لطفالله البحراني الطف الله به في رسالة له طويلة وضعها في حكم الذهب و الفضة و الابريسم في لبسه و الصلوة فيه كثيرا من الاقوال في الماهية قال اعلم ان العلماء و الحكماء اختلفوا في الماهية هل هي مجعولة ام لا فقال بعضهم بجعل الماهيات مطلقا و بعضهم لميقل بل قال مطلقا و بعضهم فرق بين مرتبتها في الاعيان و مرتبتها في العين فقال في الثانية دون الاولي و بعضهم جعله متعلقا اولا و بالذات بها و بالوجود ثانيا و بالعرض فجعل الوجود تابعا لجعل الماهية علي معني انه لايحتاج الي جعل جديد و بعضهم علي العكس من ذلك و بعضهم عكس فجعله في الاولي بمعني انها فائضة منه سبحانه دون الثانية و بعضهم جعله متعلقا بها و اطلق و بعضهم قال بمعني انها فائضة منه سبحانه بتجلياته الذاتية بصور شئونه المستجنة في غيب هوية ذاته بلا تخلل ارادة و لا اختيار بل بالايجاب المحض و بعضهم قال انها ليست مجعولة بل هي صور علمية للاسماء الالهية التي لا تأخر لها عن الحق تعالي الا بالذات لا بالزمان فهي ازلية ابدية غير متغيرة و لا متبدلة و بعضهم قال و المراد بالافاضة التأخر بحسب الذات لا غير و بعضهم قال بجعل استعداداتها ايضا و اطلق و بعضهم قال بمعني انها فائضة من الحق سبحانه الخ ، من غير طلب منها اليه و بعضهم قال بطلب منها بلسان حالها اليها و بعضهم لميقل بافاضتها بل قال بعدمه و بعضهم قال انها من مقتضياتها و مقتضي الذات لايتخلف عنها الي غير ذلك مما تضمنته تلك العبارات عنهم انتهي ، و المصنف يذهب الي انها غير مجعولة اولا و بالذات و لمتشم رائحة الوجود و انما هي مجعولة ثانيا و بالعرض و تحققها تبع لتحقق
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 298 *»
الوجود و لذا قال ان المجعول اولا و بالذات هو الوجود دون الماهية ثم قال في الشاهد الاول ليس المجعول بالذات هو المسمي بالماهية كما ذهب اليه الرواقيون القائلون باعتبارية الوجود و انما المجعول هو الماهية اي الموجود الخارجي و منهم الشيخ المقتول و من تبعه كالعلامة الدواني التفاتا الي ان الموجود في الخارج هو الماهية و لا شئ غيره الا ما نعتبره و نفرضه في الذهن من موجودية هذا الخارج و لا الموجود بالذات صيرورة الماهية موجودة كما اشتهر من المشائين و قيل ان مرادهم ان اتصاف الماهية بالوجود فيكون من باب اضافة الصفة الي موصوفها فيكون المعني علي هذا ان المجعول بالذات هو المهية المتصفة بالوجود يعني انها هي موجودة فالوجود المحمول عليها هو النسبي او كونها موجودة اي مجعولة بنفسها و يكون الوجود قد ضم اليها للتعبير عن كونها مجعولة بجعل الجاعل و ربما وجه كلامهم بمعني ما قال الشيخ في جواب من سأله عن هذه المسئلة و هو حين السؤال يأكل مشمشا قال لميجعل الجاعل المشمش مشمشا بل جعل المشمش موجودا يعني انه احدث وجود المشمش و هذا يلايم مراد المصنف من ان الجاعل جعل وجود الماهية فلما لمتكن لذاتها شيئا و انما هي لازمة لوجودها اتحدت به يعني لميكن لها في الجعل نوع اعتبار غير جعل الوجود و لا الموجود بالذات مفهوم الوجود من حيث هو كما يراه السيد شريف و يكون مصداقه الموجود الخارجي الذي هو لازم له من حيث هو موجود و انت خبير بان الفائض الاول انما اطلق عليه الوجود الذي هو صورة المصدر لانه الصادر من جهة ان ذلك الحصول في مقابلة عدمه فاطلق علي الموجود مبالغة في مناسبة التسمية به لان الموجود انما هو شئ بالايجاد و الايجاد معني فعلي و الموجود معني مفعولي و المصدر يصدق عليه لان المفعول ثمرة الفعل و اثره فكل صادر اولا و بالذات يكون احق باسم الوجود الذي هو في الاصل حدث حصل من الايجاد و اذا قطعنا عن الاقوال ( الاحوال خل ) و الاصطلاحات ظهرت لنا الاشياء بما البسها الله سبحانه من الاسم و اذا نظرنا اليها بنظر ما قيل فيها و ما اصطلحوا عليه من العبارات تسهيلا لمطالبهم و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 299 *»
اختصارا في التعبير ظهرت الاشياء لنا بما البسوها من حلل مراداتهم و لمنر عليها الحلل التي البسها جاعلها جل و علا فلاجل هذا غطت العبارات اغلب الحقايق عن ابصار الناظرين فبهذا النظر لمنعرف الا ما قالوا و هم بعضهم من بعض كما قال اميرالمؤمنين ذهب من ذهب الي غيرنا الي عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض و ذهب من ذهب الينا الي عيون صافية تجري بامر الله لا نفاد لها ه ، و انت اذا اردت ان تعرف الاشياء كما هي فانظرها في الحلل التي البسها جاعلها لان تلك الحلل علامات علي المراد منها فافهم فاذا نظرنا الي الاشياء من غير التفات الي كلام القوم اصلا وجدنا ان الجاعل عز و جل اولا جعل الذوات و الموصوفات ثم جعل منها صفاتها و لمنجد موصوفات للاشياء غير انفسها فقد جعلها بذاتها لا بشئ و الا لكان موصوفا لها و هو اظهر منها و لما كان الشئ قبل الجعل عدما و نفيا كان بعد الجعل وجودا و هو الموجود علي نحو ما ذكرنا سابقا فمن قال باعتبارية الوجود لميجعله مجعولا و اذا لميكن مجعولا لميكن به جعل المجعول و هذا ظاهر لايحتاج الي الطلب و من قال بالمفهوم الذي هو انتزاعي في الحقيقة يكون مجعولا من غيره فلايكون ذلك الغير مجعولا به و الا لزم الدور و لو قيل في تصحيحه انه ليس بانتزاعي لميقبل منه و لو فرض لكان ضعيف التحقق لايبني عليه ما هو اقوي منه و من قال انه عارض مقوم لمعروضه فاسوء حالا و من قال بانه ما جعل المشمش مشمشا بل جعل المشمش اي جعله موجودا بمعني انه خلق وجوده و لميجعله اي الوجود موجودا فكما قبله في البطلان فان الجاعل جعل المشمش و جعل المشمش مشمشا شئ آخر غير الاول و الا لما قال لميجعل المشمش مشمشا فمن جعل الثاني هل هو الجاعل للاول ام المشمش هو جاعل نفسه مشمشا ام غيرهما فان قلت ان كون المشمش مشمشا شئ فهو مخلوق فمن خلقه و ان قلت ليس بشئ فلم نفيته و قلت لميجعل المشمش مشمشا ثم هل كان اللفظ الدال عليه مهملا ام لا فان قلت لو قيل به لزم الجبر في التكليف قلنا انت قل به لانه حق و لاتنكر الحق خوفا من ان يلزمك القول بالباطل اذ لكل مسئلة من حق او باطل جواب حق فاطلبه من اهله
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 300 *»
و قد دلت اخبار الائمة عليهم السلام علي كثير من نظائره و انما اراد بقوله بل جعل المشمش موجودا ان المشمش لما لميكن شيئا لذاته و انما هو شئ لازم لوجوده اتحد به و هذا توجيه لكلامه من اتباع المصنف و هو غير ظاهر كلامه و انما ظاهر كلامه القول بالاعيان الثابتة في العلم غير المجعولة و انما المجعول وجوداتها و التحقيق في بيان الوجود و الماهية ان الذات الحق هو الواجب عز و جل و ان الخلق كلهم ذوات باعتبار و اعراض باعتبار فالعلة ذات لمعلولها و هو بالنسبة اليها عرض و بالنسبة الي معلوله و صفته ذات و هذا حكم كل الاشياء كلها فالوجود اثر و صفة للايجاد الذي هو الفعل مثل ضربا فانه اثر و صفة لضرب فلما احدث بفعله الوجود لزمته هويته و هي الماهية و لا تحقق له بدونها لانه هو جهة الشئ من ربه و هي جهته من نفسه هذا في الوجود الذي هو مادة الشئ و الماهية التي هي صورته اعني انفعال المادة و بهذا النظر حكم الوجود الذي هو الشئ المركب الخارجي و حكم ماهيته لان الوجود الركني الاولي خلق بالفعل اولا و بالذات و انفعاله ثانيا و بالعرض و هما مخلوقان فهما اثر فعله تعالي و هو الوجود اعني الشئ المركب الخارجي و جهته من نفسه هي الماهية و هي اثر الوجود و صفته و هو اثر الفعل و صفته فتفهم هذا المعني المكرر المردد فالفاعل بفعله يفعل و القادر بفعله يصنع و الجاعل بفعله يعمل فليس القادر بالذات انه يعمل بذاته بل القادر بالذات يعمل بالفعل و المجعول بنفسه في كل ما له جاعل هو نحو وجوده و المراد علي الوجه الحق بالمجعول الاول الذي هو ركن زيد مثلا و هو مادته التي لمتذكر الا في عالم الامكان و ذلك بجعل بسيط و هو رأس من رؤس مشية الله و فعله خاص بمادة زيد لميبرز تشخصه الخاص بمادة زيد الا بها خاصة و صورة زيد التي لمتذكر الا في مادته بجعل خاص بها تابع لجعل مادته مترتب عليه احدثه الله تعالي فكان ايجاد مادة زيد بجعل ( بجعله خل ) و صورته بجعل من جعل مادته و هما معا جعلان ضم احدهما اي الثاني الي الآخر اي الاول فهذان الجعلان فيما من الله
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 301 *»
سبحانه تكوين و مجعولهما وجود بالمعني الثاني و فيما من العبد تكون و مجعولهما ماهية بالمعني الثاني فكان للوجود و الماهية معنيان المعني الاول هو المادة و الصورة و المعني الثاني هو كونه اثر فعل الله تعالي و كونه هو هو و قول المصنف جعلا بسيطا مقدسا عن كثرة تستدعي مجعولا و مجعولا اليه يريد انه جعل يفيد الشئ لا غير و علي هذا فالماهية لمتكن مجعولة بهذا الجعل لانها ان كانت مجعولة به بان يكون لها حظ في الجعل كان الجعل علي رأيهم مركبا فيكون حينئذ يفيد الهيئة التركيبية الحملية و ان لميكن لها حظ فيه كان الجعل بسيطا و لكنه يمتنع وقوعه لان المجعول لا بد و ان يقبل الجعل و جهة قبوله الجعل التي هي انجعاله غير جهة جعله و يستحيل تعلق بسيط من جهة بساطة تعلقه بشيئين متغايرين و لو تعدد تعلقه لميكن بسيط التعلق و لهذا كان قولك جعلت الطين خزفا اذا كان الجعل متعلقا بجعل الطين و جعل الخزف من الجعل المركب لانه جعلان و لو لميكن الطين متعلق الجعل كان الجعل انما افاد الخزف خاصة و هو البسيط فهو كقولك جعلت الخزف .
قال اذ لو كانت الماهية بحسب جوهرها مفتقرة الي الجاعل لزم كونها متقومة به في حد نفسها و معناها بان يكون الجاعل معتبرا في قوام ذاتها بحيث لايمكن تصورها بدونه و ليس كذلك فانا قد نتصور كثيرا من الماهيات بحدودها و لمنعلم انها هل هي حاصلة بعد ام لا فضلا عن حصول فاعلها اذ لا دلالة لها علي غيرها و من الماهيات الموجودة ما نتصورها و نأخذها من حيث هي هي مع قطع النظر عما سواها اذ هي بهذا الاعتبار ليست الا نفسها فلو كانت هي في حد نفسها مجعولة متقومة بالعلة مفتقرة اليها افتقارا قواميا لمتكن بحيث يمكن اخذها مجردة عما سواه و لا كونها مأخوذة من حيث هي هي كما لايمكن ملاحظة معني الشئ الا مع اجزائه و مقوماته .
اقول لما ذكر ان الاشارة الي دليل ان المجعول بالذات هو الوجود لانه بجعل بسيط منزه عن كثرة يستدعي مجعولا و مجعولا اليه بان اسم الوجود يصدق اطلاقه علي الوجود القديم و الوجود الحادث بالاشتراك المعنوي و بان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 302 *»
الحادث انما هو تنزل القديم في مراتبه و منازله بشؤنه الذاتية و بان تخصيصه بنفسه ان كان صرف الوجود و خالصه و ان كان المشوب فتخصيصه بالشؤن الذاتية الي آخر ما تقدم و مراده هو و اتباعه بان الوجود الحق تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا كالبحر و الوجودات المشوبة كالامواج و ان الوجود الحادث لايقبل العدم و انما يختفي برجوعه الي ما منه بدئ الي غير ذلك لانه عندهم حقيقة واحدة بسيطة و التكثر عارض حتي ان الملا محسن في الكلمات المكنونة قال الذات واحدة و النقوش كثيرة فصح انه مااوجد شيئا الا ذاته و ليس الا ظهوره انتهي ، فلما كان الامر عندهم هكذا و بناء اعتقادهم علي هذا كانت الماهية يعني بها ماهيات الاشياء ليست شيئا في نفس الامر الا في الاعتبار و الفرض فلهذا اخذ في بيانها بما هو خلاف الوجود فكل ما اثبت لماهية زيد مثلا نفاه عن وجوده و بالعكس حتي لو شئت ان تعرف احدهما عرفته بنقيض صفات الآخر فقال اذ لو كانت الماهية بحسب جوهرها مفتقرة الي الجاعل لزم كونها متقومة به و كلامه هذا يفيد ان الوجود الحادث بحسب جوهره مفتقر الي الجاعل و متقوم به و هكذا في سائر العبارات يعني لو ان الماهية صادرة عن الجاعل لكانت مفتقرة اليه بحسب ذاتها و لو كانت مفتقرة اليه لكانت متقومة به في حد نفسها و معناها بان يكون الجاعل معتبرا في قوام ذاتها مأخوذا في حدها بحيث لايمكن تصورها بدونه و ذلك كما لوح اليه في امر الوجود الحادث و لا شك ان الجاعل للاشياء لميكن مأخوذا في حقيقة ماهية زيد و تصورها فلاتكون مفتقرة اليه فلاتكون مجعولة له و نقول عليه هذا الوجود الذي ميزته عن الماهية هل هو موصوف ام صفة فان جعلته موصوفا امكن اخذه مجردا عن جاعله كما في الماهية و علي قولك يلزمك الاتعلم هل هو حاصل ام لا الا ان تلتجئ في حصوله الي لفظ اسمه و ان جعلته صفة لزمك تقدم موصوفه عليه و ان جعلت موصوفه الواجب تعالي كان معروضا للحادث و التزامه بذلك كما يأتي يبطله ما سمعت و تسمع و انت هديك الله ايها الناظر في كتبهم اذا نظرت بعين عقلك رأيت ان هذه امور لاتجري علي مذهب المسلمين فان قواعد مذهبهم ان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 303 *»
كل ما سوي الله تعالي فهو مخلوق لله و السبب الذي اوقعهم فيه انهم سمعوا كلام الحكماء الاوائل و اسانيدهم الانبياء (ع) يقولون ان الله سبحانه هو الذي خلق الاشياء و ربما لميقولوا بفعله ففهم هؤلاء ان الايجاد و الافاضة بذاته تعالي لا بفعله و لذا يقولون ذاته البحت البسيط هو مبدء الفيض و هو علة الاشياء و لو انهم تنبهوا الي شيئين احدهما ان الفاعل و الجاعل لايفعل شيئا بغير فعل و ثانيهما ان المفعولات لاتتركب من الفعل و لا من الفاعل بل المفعول يتركب من المادة و الصورة كالكتابة فانها لاتتركب من فعل الكاتب الذي هو حركة يده و لا من ذاته و انما تتركب من المداد و الصورة فاذا تنبهوا الي هذين الشيئين تنبهوا الي شيئين آخرين احدهما ان كلما يتصور في الاذهان و تدركه العقول مما وضع له لفظ يدل عليه و مما تدركه الحواس و كل شئ سوي الله تعالي فهو مخلوق لله تعالي و ثانيهما ان الواجب تعالي لايكون من شئ و لايكون منه شئ و لا يحل في شئ و ليس فيه شئ و لايقترن به شئ فلو انهم تنبهوا لهذه الامور لماوقعوا في هذه الامور الشنيعة و الاعتقادات الفضيعة فاذا عرفت ان الحادث انما يحتاج الي فعل الفاعل و انما يتقوم به من المادة و الصورة اللتين من نوعه و الماهيات تحتاج الي الجاعل من جهة فعله و الجاعل ليس من نوعها لتركب ذاتها منه و اذا كان ( و ان كان خل ) كذلك جاز تصورها بحدودها و لميدخل فيها لانه لايدخل في شئ و لايدخله شئ و قوله فانا قد نتصور كثيرا من الماهيات بحدودها الي قوله اذ هي بهذا الاعتبار ليست الا انفسها صحيح و هو الدليل علي انها مجعولة لانها متصورة محدودة كما قال الصادق عليه السلام كل ما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مثلكم مخلوق مردود اليكم فقوله عليه السلام مثلكم له معنيان احدهما ان كل ما ميزتموه فهو حادث مخلوق كما انكم حادثون مخلوقون و ثانيهما انه مثلكم اي انه صفتكم مخلوق منكم او بكم او عنكم و لقوله عليه السلام مردود عليكم معنيان احدهما انه غير مقبول منكم اذا توهمتم انه الله تعالي و ثانيهما ان كل شئ يرجع الي ما منه خلق و الي مبدئه و انتم مبدء ذلك المتوهم و منكم خلق
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 304 *»
و قوله فلو كانت هي في حد نفسها مجعولة متقومة بالعلة مفتقرة اليها افتقارا قواميا غير مقبول منه بل المقبول انها في حد نفسها مجعولة و كيف لاتكون ماهيتك مجعولة و انت تخاطبني و اخاطبك و اقول لك انت و تقول انا فمن المخاطب و من المتكلم و من المعني بانت و انا الا ماهيتك لان وجودك لا انية له و انما الانية للماهية و هذه الانية هي التي بها تعصي و بها تتبع الشهوات و لا شئ من الوجود كذلك فافهم ان كنت تفهم فهي بلا شك مجعولة متقومة بمادتها و صورتها لا بالعلة فان العلة لايتقوم بها المعلول الا تقوم صدور و الذي يتقوم به المعلول تقوم صدور هو الفعل لا الفاعل انظر الي الكلام فهو يتقوم بحركة المتكلم ( متكلم خل ) بلسانه و اسنانه و لهاته لا بذات المتكلم نعم المعلول يتقوم تقوما ركنيا بمادته و صورته و متمماتها لا بالعلة كما مثلنا في الكتابة مفتقرة اليها في الصدور خاصة افتقارا قواميا اي ركنيا و هذا انما يكون بالمادة و الصورة خاصة فاذا اردت اخذها في الذهن فان اخذتها من حيث كونها اثرا و نورا كما تقدم بيانه لميمكن اخذها مجردة اذ العرض و الاثر من حيث كونه عارضا و اثرا لميؤخذ الا منضما الي معروضه و مؤثره و هي حينئذ وجود بالمعني الثاني كما ذكرنا اولا فراجع و ان اخذتها من حيث هي هي لميمكن ( لميكن خل ) اخذها الا مجردة و هي حينئذ ماهية مثلا انت اخذتك من حيث انت انت لاتحتاج في تصورك الي شئ غيرك فانت الآن ماهية و ان اخذت انك اثر و نور فذلك وجود لايؤخذ مجردا و اما بناء استدلاله هذا علي قواعد لايصح منها شئ فكذا ما بني عليها لانه بني علي ان الجاعل مأخوذ في ذات المجعول و ذلك باطل فان الكاتب لايؤخذ في ذات الكتابة و علي ان الفاعل فاعل بذاته و هذا باطل فان الكاتب كانت بحركة يده و علي ان كثيرا من الاشياء ليست مخلوقة لله تعالي اما لكونها امورا اعتبارية و هي عدمية او لانها من مخترعات النفس او انها حملية صناعية لا وجود لها الا في الاذهان استبعادا منهم ان يكون خلق بحرا من زيبق و رجلا له الف رأس فقلت لهم نعم خلقه الله قالوا ارنا اياه و لقد اريتهم اياه مرة بعد اخري و لكنهم لايبصرون و لقد روي الصدوق (ره) في اول كتابه العلل
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 305 *»
بسنده الي ابيالحسن الرضا عليه السلام قال يعني السائل قلت له لم خلق الله عز و جل الخلق علي انواع شتي و لميخلقه نوعا واحدا فقال لئلايقع في الاوهام انه عاجز و لاتقع صورة في وهم احد الا و قد خلق الله عز و جل عليها خلقا لئلايقول قائل هل يقدر الله عز و جل علي ان يخلق صورة كذا و كذا لانه لايقول من ذلك شيئا الا و هو موجود في خلقه تبارك و تعالي فيعلم بالنظر الي انواع خلقه انه علي كل شئ قدير ه ، و غير ذلك مما هو صريح في ان كل ما سوي الله تعالي فهو خلق الله عز و جل و صنعه و عباده و مما قالوا به ان الموت معني عدمي اعتباري و الله سبحانه يقول الذي خلق الموت و الحيوة و روي الفريقان من الخاصة و العامة ما معناه انه اذا دخل اهل الجنة الجنة و اهل النار النار اتي بالموت في صورة كبش املح فيذبح بين الجنة و النار و ينادي مناد يا اهل الجنة خلود و لا موت يا اهل النار خلود و لا موت ه ،
قال فاذن اثر الجاعل و ما يترتب عليه ليس هو هي بل غيرها فاذن المجعول ليس الا وجود الشئ جعلا بسيطا دون الماهية الا بالعرض فان قلت فعلي هذا يلزم ان يكون وجود الجاعل مقوما للوجود المجعول غير خارج عنه مثل ما لزم من جعل الماهية و مجعوليتها قلت نعم لا محذور فيه فان الوجود المجعول متقوم بوجود علته تقوم النقص بالتمام و الضعف بالقوة و الامكان بالوجوب و ليس كذلك ( لك خل ) ان تقول نحن نتصور وجود المعلول مع الغفلة عن وجود علته الموجبة له فلايكون متقوما به لانا نقول لايمكن حصول العلم بخصوصية نحو من الوجود الا بمشاهدة عينيته ( عينية خل ) و هي لاتتحقق الا بمشاهدة علته الفياضة و لذا ( و لهذا خل ) قالوا العلم بذي السبب لايحصل الا بالعلم بالسبب ( بسببه خل ) تأمل فيه .
اقول فرع علي عدم العلم بجاعلها حال العلم بها علي انها ليست متقومة في حد نفسها بجاعلها و هذا صحيح و هذا عنده متفرع علي انها ليست مجعولة له و هذا باطل فما المناسبة بينهما و ما الرابطة فقد ضربنا لكم الامثال فان الاثر لايكون متقوما في حد ذاته بمؤثره و كل من نظر بادني نظر لايشك في هذا الا من كان لاينظر الا بعين عباراتهم العمياء فانه لايبصر هذا لانه حصر الاثر فيما اذا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 306 *»
تقوم في حد نفسه بالمؤثر و هذا عجيب و قوله فاذن المجعول ليس الا وجود الشئ لان وجود زيد مثلا متقوم في حد نفسه بوجود الحق تعالي سبحانه عما يقولون لانه اثره و فائض منه و مجعوله جعلا بسيطا لانه من البسيط دون الماهية فاذن ماهية زيد ليست مجعولة و علي هذا فمن زيد اذا كان وجوده متقوما بوجود الله تعالي و ماهيته ليست مجعولة فمن هذا الذي يأكل و يشرب و قوله الا بالعرض يريد انه لا حظ لها في الوجود و لمتشم رائحته كما ذكر قبل هذا فهي عدم و الا فانها قد شمت رائحة الوجود لان المعروف عندهم اذا قيل انها وجدت بالعرض ان المراد به ان المقصود بالايجاد هو الوجود و ان الماهية وجدت للوجود لا لنفسها فان اراد هذا المعني فقد شمت رائحة الوجود حتي ازكمها و انها مجعولة للحق تعالي عن اقوالهم و ان الحق سبحانه غير مأخوذ في حد نفسها و كل هذا حق و ان اراد انها معدومة فلم قال باتحاد الوجود بها فان الوجود لايتحد بالعدم فماادري ما يقول هذا المحقق و ان اراد به انها موجودة بالعرض يعني بواسطة الوجود فكثير من الوجودات وجدت بتوسط بعضها و ان اراد انها موجودة بالعرض اي بوجود ضعيف بالنسبة الي الوجود كوجود العرض بالنسبة الي وجود معروضه فاي مانع لها بهذا الاعتبار من الوجود حتي كانت ما شمته مع انه فيما تقدم ذكر بان الوجود هو وجودها في قوله بخلاف الوجود فانه نفس وجود الماهية فيما له ماهية ثم انه اورد اعتراضا لا مناص له عنه الا بالالتزام به فقال فان قلت فعلي هذا يلزم ان يكون وجود الجاعل مقوما للوجود المجعول غير خارج عنه مثل ما لزم من جعل الماهية و مجعوليتها قلت نعم لا محذور فيه فالتزم به لانه اذا جعل وجود الجاعل تعالي مقوما للوجود المجعول غير خارج عنه مثل ما لزم من جعل الماهية و مجعولها التي قال فيها لو افتقرت اليه افتقارا قواميا يعني كما اثبته للوجود لميمكن اخذها مجردة كما لايمكن ملاحظة معني الشئ الا مع اجزائه و مقوماته يريد به ثبوت هذا للوجود المجعول مع وجود جاعله و لذا قال نعم لا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 307 *»
محذور فيه يعني لا محذور في جعلنا وجود المجعول جزءا لوجود جاعله و قد صرح بهذا المعني و لوح فيما مضي و فيما يأتي غير معتذر و لا معترف بالجهل كيف و هو مصرح بان الوجودات منه تعالي بالسنخ و باتحادها به تعالي و انها شؤنه و اطواره و تنزلات ذاته في مراتب تطوراتها و انما تميزت منه بما لحقها من لوازم المراتب من جهة العروض من العوارض الخارجية و كل تلك التطورات مع تلك الذات المتطورة حقيقة واحدة بسيطة لذاتها قد طوت تلك الوحدة جميع تلك الكثرات و اتحدت اتحادا ذاتيا في تعدداتها العارضة من تلك المراتب و لايعلم ما فيه فوالله اني لاراه قد خر من السماء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق ثم انه بين هذا الاتحاد بما لايسمن و لايغني من جوع فقال فان الوجود المجعول متقوم بوجود علته تقوم النقص بالتمام و الضعف بالقوة و الامكان بالوجوب و لا شك ان تقوم النقص بالتمام لايحتمل الا احد وجهين اما ان يكون كتقوم الشبح بالشاخص او كتقوم القليل بالكثير بان يتمم الناقص القليل بجزء و حصة من الكثير تتممه و تكثر قلته و كلاهما لايفيده شيئا و لايدفع عنه المحذور اما تقوم الشبح كالصورة في المرءاة و النور من المنير فلان حقيقة الشاخص خارجة عن حقيقة الشبح و انما يمده بظهور منفصل من تجليه و هو حادث بحدوث قابله فلايدخل الشاخص بذاته في حد ذات الشبح و اما دخوله فيه في القضايا الحملية فلابتنائها علي ظاهر مفاهيم الالفاظ علي نحو ما قررنا ( كما قرر خل ) قبل كما هو المتعارف لان الحمل حمل متعارف و في هذا العلم لايفيد مثل ذلك نعم لو بني بعض مسائله علي شئ من ذلك ربما نفع الحمل الاولي الذاتي فيما يتعلق بالممكنات او ببعضها خاصة لان مبني مسائله علي الحقايق النفس الامرية فلايدخل الشاخص في حد نفس الشبح اذ المراد بالدخول في هذا العلم كون الداخل جزء الماهية لا كونه آلة لصحة الاعتبار كما في اخذ المعروض في حد العرض فانه آلة لصحة تصور العرض لا جزء من وجوده فلذا لايدخل وجود المعروض في حد ذات العرض و اما كتقوم القليل بالكثير بان يتمم الناقص
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 308 *»
القليل بجزء و حصة من الكثير تتممه و تكثر قلته و لايجوز ذلك في حق الواجب و مثله الضعف بالقوة و الامكان بالوجوب علي نحو ما ذكرنا فان تقوم الامكان بالوجوب علي الحقيقة هو اقامة الوجوب الامكان بنفسه علي نحو ما قلنا في الشبح و الشاخص و اما فرض تقومه بالوجوب علي نحو ما قلنا في النقص بالتمام علي الوجه الثاني فباطل و كفر و زندقة و بالجملة هذه الطريقة لايعرف بها المعبود الفرد الاحدي المعني عز و جل و مثلها قوله في جواب السؤال المقدر لانا نقول لايمكن حصول العلم بخصوصية نحو من الوجود الا بمشاهدة عينيته ( عينية خل ) و هي لاتتحقق الا بمشاهدة علته الفياضة فاما قوله لايمكن حصول العلم بخصوصية نحو من الوجود الا بمشاهدة عينيته ( عينية خل ) فليس بصحيح اذ لايتوقف حصول العلم علي المشاهدة للمعلوم لا فرق بين الوجود و غيره بل لو قيل بعدم التوقف ( توقف خل ) في خصوص العلم بالوجود لمتبعد صحته لبعده عن الافهام التي هي اقوي و اشد من المشاهدة كما هو رأيه سلمنا لكن توقف المشاهدة في التحقق علي مشاهدة العلة ضعيف جدا بل هو غلط فاحش لانه مبني علي ان علته ركن له حقيقة و هو باطل لايلتفت الي القول به بل لايحتاج بطلانه الي البيان و قولهم العلم بذي السبب لايحصل الا بالعلم بسببه الظاهر انهم ارادوا حيث كان ذو السبب عارضا لسببه لايتصور من هو عارض الا بحصول تصور السبب لانه معروضه و العارض محتاج في وجوده الذهني و الخارجي الي وجود معروضه اذا لوحظ من حيث كونه عارضا و ليس اذ ذاك ان وجود المعروض جزء لوجود العرض و لكنه آلة لتصوره و لهذا بدون الحيثية لايحتاج اليه .
قال الثاني ان الماهية لو كانت في حد نفسها مجعولة لكان مفهوم المجعول محمولا عليها بالحمل الاولي الذاتي لا بالحمل الشايع الصناعي فقط فيلزم ان يكون اثر الجاعل مفهوم المجعول دون غيره من المفهومات اذ كل مفهوم مغاير لمفهوم آخر اذ لا اتحاد بين المفهومات من حيث المعني و الماهية
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 309 *»
و لايتصور الحمل الذاتي الا بين المفهوم و نفسه او بينه و بين حده كقولنا الانسان انسان او حيوان ناطق و اما قولنا الناطق ضاحك فغير جائز بالحمل الذاتي بل الحمل الصناعي الذي مناطه الاتحاد في الوجود لا الاتحاد في المفهوم .
اقول هذا هو الشاهد الثاني علي كون الماهية غير مجعولة و حاصله انه لو كانت مجعولة لكان معني المجعول و مفهومه محمولا عليها بالحمل الاولي الذاتي يعني لكان مفهوم المجعول نفسها او نفس ما بمعناها لان معني الحمل الاولي الذاتي ان يحمل المفهوم علي نفسه نحو قولك الانسان انسان او علي ما هو بمعناه كحده نحو الانسان حيوان ناطق لا ان يكون الحمل بالحمل الشايع الصناعي الذي يكون الموضوع فيه احد افراد المحمول سواء كان الحكم فيها علي نفس مفهوم الموضوع كما في القضية الطبيعية ام علي افراده كالكليات و الجزئيات و المهملات و سواء كان المحكوم به ذاتيا للمحكوم عليه كالانسان حيوان ام عرضيا له كالانسان ضاحك فاذا جاز حمل مفهوم المجعول عليها بالحمل الاولي الذاتي اي الذي ليس بواسطة امر كما في الحمل الصناعي الذي هو بواسطة الوجود او لكونه اولي الصدق مثل الانسان انسان او اولي الكذب مثل الانسان فرس يعني فاذا ثبت كونها مجعولة جاز حمل مفهوم المجعول عليها بالحمل الاولي الذاتي الذي مفاده الاتحاد في المفهوم و المعني لزم ان يكون اثر الجاعل اعني الماهية حيث تكون مجعولة مفهوم المجعول دون غيره يعني ان يكون اثر الجاعل هو ماهية مخصوصة و اثره ايضا ماهية اخري اذ لا اتحاد بين المفهومات و لايتصور الحمل الذاتي الا بين المتحدين في الحقيقة كمفهوم و نفسه او بينه و بين حده كما قلنا و لايكون بهذا الحمل حمل العرض علي معروضه مثل الناطق ضاحك الا بالحمل الشايع الصناعي و المفروض انها مجعولة فيكون حمل مفهوم المجعول بغير واسطة امر كما في الحمل الصناعي فانه بواسطة الوجود و هذا الاستدلال الذي اشار اليه لميذكر لازمه المانع من صحة كونها مجعولة الا في الاستدلال الثالث لاتحاد اللازم فيهما و قد بان اللازم الذي يزعم انه مانع من ذلك في هذا الاستدلال و هو لزوم تكثر الماهيات لان
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 310 *»
الوجود انما جاز الجعل فيه لعدم استلزامه التكثر فيبقي الجعل علي بساطته لان الوجود كالمادة المطلقة فيقع فيها الاتحاد بخلاف الماهيات لانها هويات الاشياء المتغايرة فلايكون بينها اتحاد فتتعدد الجعلات علي ما يأتي و اقول اذا نظرت الي ادلته و استشهاداته رأيتها محض تكلف ليس فيها شئ من النور و لا من العلم و لا من الهدي و لا من الكتاب المنير لان اكثر الزاماته غير لازمة و اكثر ما يلزم منها غير مضر و انا اشير لك الي بيان ما هو الواقع مع الاعتراض ( الاعراض خل ) عن نقض الزاماته ليس لتعسرها و لكن لكثرة تردداته حتي كان تركها اولي من ذكرها و انا اذكر لك حقيقة الامر حتي يتبين لك منه الحق و نقض تلك الالزامات لكني اذكر لك كلمات قليلة تنقض تلك الالزامات كلها لمن عرفها فاقول انت تقول ان الوجود مجعول فيلزم ان يكون مفهوم المجعول محمولا عليه بالحمل الذاتي الاولي لا الصناعي و شرط الذاتي الاولي الاتحاد بين مفهوم المحمول اعني المجعول و الوجود فان اردت مفهوم لفظ الوجود اتحد بمفهوم المجعول و حينئذ يكون المحمول عليه هو الوجود النسبي البسيط او المعني المصدري و هذان و ان كانا عندنا من اثر جعل الجاعل الا انهما غير مراد المصنف و مراده حقيقة الشئ و عنده كل افراد تلك الحقيقة شئ واحد بسيط خارجي و لا مجعول بالذات الا هو فيصح الحمل الذاتي الاولي و الامر ليس كما قال بل كما ان الماهيات انما تكثرت بالمشخصات المتكثرة المختلفة الخارجة في نفس الامر عن حقيقة الماهية اذ هي الهو و انما تعدد في زيد و عمرو بالعوارض المختلفة كذلك الوجودات انما تكثرت بما تكثرت به الماهيات اذ هو اثر فعل الله تعالي فتكثر في زيد و عمرو بالعوارض المختلفة فالوجود الواحد البسيط في الخارج هو نفس الهيولي عندنا او كالهيولي عنده و الماهية البسيطة في الخارج هي نفس الصورة النوعية عندنا و عنده كالصورة النوعية و وجود زيد عندنا حصة من تلك الهيولي هي مادته و ماهيته عندنا حصة من تلك الصورة النوعية هي صورته و ما في زيد من الوجود و الماهية هو نفس ما في عمرو لان مادتيهما حصتان من الحيوان و صورتيهما حصتان من الناطق و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 311 *»
موجب التميز ( التمييز خل ) بينهما ليس هو الحصتين من الحيوان و من الناطق بل هو المشخصات الخارجية فالاتحاد ثابت حقيقة فيما من الحيوان في جميع افراد النوع و فيما من الناطق كذلك فلا فرق بين الوجود و الماهية في الاتحاد في افرادهما قبل المشخصات الخارجية و في التغاير و التعدد بعدها بقي عند المصنف مما يتشبث به كون الوجود مجعولا اولا و بالذات و الماهية ثانيا و بالعرض و قد ذكرنا كون الماهية مجعولة حقيقة في مواضع متعددة و نذكر الآن و انما قيل ان جعلها ثانيا و بالعرض لانها غير مرادة لله تعالي لذاتها و انما جعلها لاجل قوام الوجود فجعلها مترتب علي جعله كجعل الولد فانه مترتب علي جعل ابويه لا انها غير مجعولة و كون جعلها متوقفا علي جعل الوجود لايلزم منه كونها غير مجعولة و هذا ظاهر و انا اشرت الي بيان هذا و امثاله و لا اشكال فيه و انما الاشكال في معرفة مرادي و اصطلاحي و انا اكرره و اردده كما فعلت و افعل لتفهم ذلك و يتحقق عندك فاقول فاعلم ان الحق ان الماهية مجعولة ثانيا و بالعرض لا اولا و بالذات و معني كون جعلها ثانيا و بالعرض كما مثلنا لك سابقا بشراء الفرس و شراء الجل لها لان الوجود هو النور المقصود بالايجاد و الماهية هي الظلمة و ليست مقصودة لذاتها بالايجاد لكن لما كان المقصود الذي هو الوجود متوقف الظهور و الحصول عليها جعلت لاجله لانها هي تمام قابليته للايجاد لان الوجود لما كان في نفسه هو اثر الجاعل اي اثر فعله يعني انه ليس له حقيقة الا ذلك كان لا بد له من حيث هو هو ان يكون له اعتبار من جهة نفسه و ذلك هو ماهيته فكان الموجود وجد بجهتين جهة من ربه و لاينفك عنها ابدا و هي الوجود اي وجود ذلك الموجود و جهة من نفسه لاينفك عنها ابدا و هي ماهيته التي بها هو هو فكان الوجود اثر فعل الفاعل اولا و بالذات و الماهية اثر فعل الفاعل ثانيا و بالعرض لانها غير مرادة لنفسها و اعلم انه كان الله سبحانه و لا شئ معه في ازله الذي هو ذاته المقدسة و هو الآن علي ما كان ثم بلطفه و برحمته احدث الفعل بنفسه و امكن به الامكان في رتبته يعني خارج الذات و ذلك الذي شقه بفعله
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 312 *»
الذي هو مشيته هو العمق الاكبر كما في دعاء السمات و ذرأ فيه اي امكن بمشيته الامكانية فيه كل شئ ممكن علي وجه كلي كما تقدم ثم اخرج من عدم الامكان ما شاء من الاكوان فاول ما احدث بمشيته التكوينية الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله و هي الوجود و هو ( و هي خل ) الماء الذي جعل منه كل شئ حي و كانت المشية الامكانية و الكونية شخصا واحدا غير محدود بحد لان الحد محدث به فلايجري عليه و ذلك الشخص الشريف العزيز الجبار المظهر القدوس ( المطهر المقدس خل ) هو آدم الاول و حواه الامكان الاول و هو مكانه و وقته السرمد و لذلك الشخص الشريف رؤس كلية و جزئية بعدد الكل مما سوي الله فالرأس الكلي يحدث به الاصل الكلي و لذلك الرأس رؤس بعدد اشخاص ذلك الكلي و هكذا الي ما لا نهاية له مثلا يحدث بالرأس المختص بالعقل الكلي الاضافي زحل و فلكه و جميع ما يتعلق عليه و يرتبط به كل شئ منها بوجه منه و هو المربي للعقول الجزئية و لذلك الرأس رؤس و وجوه فيحدث عقل زيد بالرأس المختص به و يحدث عقل عمرو بالرأس المختص به و يحدث برأس كلي اضافي المشتري و فلكه و جميع ما يتعلق عليه و يرتبط به فيحدث علم زيد بالرأس المختص به و يحدث علم عمرو بالرأس المختص به و هكذا في كل كلي و جزئي و في كل كل و جزء و في كل ذات و صفة و في كل ذرة من ذرات الوجود له رأس من فعل الله و مشيته مختص به لايصلح لغيره الا بنوع من مشخصات الموجود ( الوجود خل ) زايد او ناقص او متغير الهيئة او الجهة او المكان او الوقت او الوضع فكل شئ له جعل خاص به ان كليا فكلي و ان جزئيا فجزئي و ادلة هذه كلها و امثالها قد اشرت اليها فيما سبق من قولي بان الادلة ثلثة كما قال الله سبحانه لنبيه صلي الله عليه و آله ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن فالمجادلة بالتي هي احسن بالعلم الذي هو صور المعلومات و مقره الصدر يعني صدر العقل اي النفس او صدر النفس اي الخيال و هذا يصلح دليلا للاحكام الشرعية و الثاني دليل الموعظة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 313 *»
الحسنة و هذا يصلح دليلا لتهذيب النفس و علم الاخلاق و اليقين و التقوي و هو بالقلب الذي في الصدر و هو اليقين و يقابله الشك و الريب كما ان العلم يقابله الجهل اعني عدم الصورة و الثالث دليل الحكمة و هو بالفؤاد الذي هو النور في قوله عليه السلام اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و هو الوجود و هو محل المعرفة و يقابلها الانكار كما قال تعالي ام لميعرفوا رسولهم فهم له منكرون و قال تعالي يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها و هذا دليل المعارف الالهية و الاعتقادات الحقة و لايصلح المعرفة الا به و كل معرفة نشأت عن دليل غيره فهي مشوبة بالشبه و الشكوك و لايذوق احد طعم العلم العياني الا به خاصة و دليل ما ذكرت لك من هذا اعني دليل الحكمة و مستنده الكتاب و السنة فمن الكتاب قوله تعالي سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قال تعالي و في انفسكم افلاتبصرون و قال تعالي و تلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الا العالمون و قال تعالي و كاين من آية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون فقد نطق الكتاب المجيد ان الانفس و العالم فيهما ادلة كل شئ بالمثل كما قيل الحق بالمثل و الباطل بالجدل و قد قال الشاعر و نسب الي اميرالمؤمنين صلوات الله عليه :
و انت الكتاب المبين الذي ** * ** باحرفه يظهر المضمر
اتحسب انك جرم صغير ** * ** و فيك انطوي العالم الاكبر
و قال الرضا عليه السلام قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هناك لايعلم الا بما هيهنا ه ، و قال الصادق عليه السلام العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية و ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية الحديث ، و انت اذا عرفت مراد الله سبحانه بتلك الامثال و مراد اوليائه عليهم السلام بهذا الاستدلال ظهر لك فيما قلت و غيره حقيقة الحال بلا شبهة و لا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 314 *»
اشكال و لو اني اردت ( الاستدلال علي خ ) البرهان علي مثل ما سمعت بنحو ما يستدلون به العلماء و الحكماء من القياسات و القضايا الحمليات لذهب العمر و لمتقف منه علي نور و لا امر من الامور الا كما يقولون من هذه الاشياء المتناقضة و الاقوال المضطربة التي لاتوصل الي يقين و لاتفيد شيئا من الدين فمن اصغي الي ما قلت و توجه الي الله سبحانه باخلاص العمل و الطاعة فتح له الباب و سبب له الاسباب لانه سبحانه لمن قصده قريب المسافة و من تحير او عارض بما ليس له به علم فاني ما قلت ما سمعت من نفسي بل اقول له ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون لان كل ما كتبته فعن المعاينة و اليقين لا بالظن و التخمين فاذا اردت آية من الآيات التي في نفسك كما قال تعالي سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم تستدل بها علي ما ذكرت لك فآية الجعل و جميع مراتب الفعل حركة يدك عند الكتابة فانها متكثرة التعلق و الرؤس و الوجوه و ان كانت في نفسها و في الحقيقة واحدة لكنها متعددة الوجوه و الرؤس بعدد الحروف و الكلمات فالحركة التي تحدث بها الالف غير التي تحدث بها الباء و غير التي تحدث بها الجيم و غير التي تحدث بها الحركات و النقط و ما به الحرف ( الحروف خل ) المتصل كالجيم غير ما به هو في الانفصال و هكذا فالجعل تتعدد وجوهه و تعلقاته و تختلف بتعدد المتعلقات و تعددها باختلاف القوابل كما تتعدد الحركة من يد الكاتب بتعدد الحروف و تعدد المشخصات و المميزات فان الباء كالتاء و الثاء في الانفصال و الاتصال تميز بينها النقط و هي كالنون في الاتصال و المميز بينها النقط و في الانفصال تتميز بالهيئة فلا محذور في تعدد الجعل و تكثره لانه فعل و المفعولات منها ما يوجد اولا و بالذات و منها ما يوجد ثانيا و بالعرض و منها ما هو ذات و منها ما هو عرض فالاول هو المقصود بالفعل لفائدته و الثاني ليس بمقصود اذ لا فائدة فيه لذاته و انما فائدته لغيره فيوجد لاجل افادة غيره او كالماهية فانها لا فائدة فيها لذاتها و انما فائدتها للوجود لتوقفه في الظهور عليها و لفوائد تظهر به منها لاتكاد تحصي و معني توقفه عليها
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 315 *»
انه لولاها لكان في نفسه فردا بسيطا و لايقوم بنفسه الا الوجود الحق عز و جل و لذا قال الرضا عليه السلام ان الله سبحانه لميخلق شيئا فردا قائما بذاته دون غيره للذي اراد من الدلالة عليه ه ، او لاجل افادة معني في غيره كما روي عنهم عليهم السلام ما معناه ان الله سبحانه ماابقي الخضر عليه السلام بهذا العمر الطويل لتبليغ وحي و لا انزال امر و انما ابقاه ليكون دليلا علي وجود القائم عليه السلام عجل الله فرجه فابقاء الخضر (ع) في هذا العمر الطويل ثانيا و بالعرض و الثالث هو مقصود بالذات اولا ثم يكون متبوعا بقصد ثان و بالعرض و هذا المعروض فانه مقصود اولا و بالذات ثم يلحقه قصد بالعرض لان وجوده شرط في قابلية ( بقابليته خل ) العرض للايجاد و الرابع هو مقصود بالذات قصدا مترتبا علي ( وجود خ ) غيره فيكون ذا جهتين و هو العرض فانه مقصود لفائدة في نفسه الا انها مترتبة علي وجود غيره و هو العرض و الحاصل ان الماهية مجعولة لكنها ثانيا و بالعرض جعلا مترتبا علي جعل الوجود و قول المصنف لو كانت في حد نفسها مجعولة لكان مفهوم المجعول محمولا عليها بالحمل الاولي الذاتي نقول بموجبه بانها ( انها خل ) مجعولة ثانيا و بالعرض و مفهوم المجعول ثانيا و بالعرض محمول عليها بالحمل الاولي الذاتي في كل شئ بحسبه و لا محذور فيه و قوله فيلزم ان يكون اثر الجاعل مفهومه مغاير لمفهوم آخر كذلك ان اثر الجاعل في الماهية الذي هو ذاتها و يحمل عليها بالحمل الاولي الذاتي خاص بها كتخصيص وجه حركة يد الكاتب بحرف مخصوص و هو مغاير اي ذلك الاثر الخاص و التأثير الخاص مغاير لتأثير آخر خاص و اثر آخر خاص و لا ضرر فيه فانه لايزيد علي تعدد افراد الوجود في مراتبه و منازله كما تقدم و لا عيب بوجه بل هنا اولي بالتعدد في التأثير و الاثر و قوله اذ لا اتحاد بين المفهومات من حيث الماهية و المعني كذلك الامر و انما لمتتحد الماهيات لما يلحقها من العوارض الذهنية التي بها يتمايز
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 316 *»
بعضها عن بعض كما في الخارج لان ما في الذهن ان قلنا بانه كله انتزاعي كما هو الحق فظاهر و ان قلنا بان بعضه غير انتزاعي بل منه حقيقي فلا منافاة لانا اذا قلنا بقولهم بان حقيقة الشئ تكون في الذهن معراة عن العوارض الخارجية نقول بانها غير معراة عن العوارض الذهنية فلها مشخصات ذهنية و امور اعتبارية بها تتمايز و اذا تمايز المفعول تمايز جعله بتمايزه و لهذا كان فعل الله جاريا علي الحكمة في فعل الخير و في فعل الشر كما قال تعالي و قالوا قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم و هذا الطبع بفعل الله سبحانه بمقتضي اسباب كفرهم و به كتب في قلوب المؤمنين الايمان بايمانهم و ايدهم بروح منه بحقيقة ما هم اهله و الي هذا و نحوه اشار تعالي في قوله و ننزل من القرءان ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين الا خسارا فكما تعدد الجعل في جزئيات الوجود و افراده بسبب تمايزها بماهياتها و مشخصاتها و لذا تقول تتعدد الوجودات و لا ضرر كذلك تعدد الجعل في الماهيات بمشخصاتها في احد الظرفين كل واحد تتعدد فيه بمشخصاته و قوله و اما قولنا الناطق ضاحك فغير جائز بالحمل الذاتي يريد به الذي مناطه الاتحاد في المفهوم و المعني بخلاف الحمل الصناعي الذي مناطه الاتحاد في الوجود لا الاتحاد في المفهوم و يريد بالوجود حصول الموضوع في الاعيان و اعلم ان هذا الاصطلاح و ان كان لا مشاحة في الاصطلاح الا انه غير مناسب لمقتضي ضابطة الايجاد لان ما يلزم الشئ لوجوده لا لذاته المناسب ان يقال فيه انه يجتمع مع ما يعرض لوجوده لا انه متحد به لانه اتحد به المشخصات ( لانه متحد به لانه لو اتحد به لكان من المشخصات خل ) الخارجية و هو ذاتي للموجود يعني انه لايتحقق الموجود الا به و هذا الموجود ان اتحد بالوجود كما قالوا فهو متحد به في المعني فيصدق فيه الحمل الذاتي و الا فلايقال انه متحد به بل مجتمع معه فاذا جعل الموجود هو الماهية و جعلت متحدة بالوجود كان المتحد بها متحدا به ضرورة ان المتحد بالشئ متحد بما لحقه من كل لازم به يكون الشئ شيئا في الوجود يعني الخارج فاذا كان قد اجاز اتحاد الضاحك بالناطق في الوجود جاز اتحاد الضاحك
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 317 *»
بما يتحد به الناطق فيكون الحمل فيه بالاولي الذاتي فيحمل الضاحك علي الناطق حملا اوليا ذاتيا و حينئذ يكون الخارج داخلا هذا خلف فاذن المناسب ان يكون الضاحك مجتمعا مع الناطق في الوجود لا متحدا و سبب ذلك ان الاتحاد انما يكون بين الشئ و نفسه و بين الشئ و مساويه و ما لميكن كذلك لميكن كذلك و الصفة الخارجة ( الخارجية خل ) لاتتحد بذات الموصوف و الا لكانت داخلا لانها انما تتحد بما هو مصدر لها كالقائم فانه لايحمل علي زيد لا بالحمل الاولي الذاتي لمغايرته له في المفهوم و المعني و لا بالحمل الصناعي ايضا لان مقتضي الحمل الاتحاد فلو اتحد به في الوجود لكان من مقومات ذاته في الوجود فهو اذن صفة ذات و قائم صفة فعل لانه اسم فاعل القيام فاذن هو انما يتحد بمبدئه و مصدره و ليس ذات زيد مصدرا للقيام و الا لكان لازم ( القيام خ ) ابدا بل مصدره حركته الفعلية التي نشأ منها القيام فالقائم مركب من صفة و من اثرها الذي هو صفتها الذاتية لها بالمبدئية و لذا نقول ان قائم ليس محمولا علي ذات زيد لان ذاته ليست قائما اذ قائم صورة فعلها فتفهم هذا التعريف ان الضاحك لايحمل علي الناطق لا بالحمل الاولي الذاتي و لا بالحمل الشايع المتعارف و انما استعملوه علي ظاهر الحال من افهامهم لا علي ما هو نفس الامر فان قلت فعلي هذا يلزم ان يكون علم المنطق الذي حصل عليه الاتفاق باطلا لايفيد في شئ من العلوم قلت اما علم المنطق و ما هو مبني عليه فينفع في الاستدلال علي الاحكام الشرعية لان مداركها في كلام اهل العصمة عليهم السلام مبنية علي قدر افهامهم من الخطابات الشرعية و لهذا قال عليه السلام انا لانخاطب الناس الا بما يعرفون ه ، لان حقايق اسرار الاحكام الشرعية لاتدركها عقول المكلفين فسهلوا عليهم السلام مداركها للمكلفين باجرائها علي الظاهر و لذا نفع ( تقع خل ) فيه علم المنطق و القول بالظن اذا فقد العلم بخلاف حقايق الاشياء فانها في علم التوحيد بنيت مداركها علي نفس الامر و ما كان كذلك فكيف يكون منشأ استنباطها و معرفته مع خفاء اسباب الخليقة تقريبات العقول الضعيفة و تخمينها فتأمل و تدبر .
قال و ثالثها ان كل ماهية فهي لاتأبي عن كثرة التشخصات و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 318 *»
الوجودات و التشخص لما كان عين الوجود كما قرره المحققون او مساوقا له كما يظنه الآخرون فلايمكن ان يكون من لوازم الماهية كالوجود علي ما برهن عليه فلو كانت الماهية المجعولة متعددة الحصول في الاعيان كالنوع الواحد المتكثر افراده فلا محالة يكون جعلها متعددا فتعدد الجعل ( الجاعل خل ) اما ان يقتضي ان يكون بحسب نفس الماهية او تعدد حصولاتها و انحاء وجوداتها فيكون الوجود متعددا بالذات و الماهية متعددة بالتبع و الشق الاول مستحيل لان صرف الشئ لايتميز و لايتعدد فكيف تتكرر نفس الماهية و يتعدد جعلها من حيث هي هي و هذا شئ لا مجال لذي عقل ان يتصوره فضلا عن ان يجوزه فيبقي الشق الثاني و هو ان الصادر بالذات و المجعول اولا علي نعت الكثرة هي انحاء الحصولات اعني الوجودات المتشخصة بذواتها و تتكثر بتكثرها الماهية الواحدة .
اقول هذا هو الشاهد الثالث من التكلفات التي يشهد العقل السليم ببطلانها من غير احتياج الي ابطال و بيان قوله اولا ان الماهية من حيث هي لاتأبي عن كثرة التشخصات اي لاتمنع من وقوع الشركة فيلزم ان لايكون لها تشخص خاص من لوازمها و الا لابت وقوع الكثرة لكن التالي باطل فالمقدم مثله و قولهم بان تشخص العقول المفارقة من لوازم ماهياتها يريدون به عدم انفكاكه عنها اي عن العقول المفارقة بمعني اقتضائها انحصار انواعها في تشخصه لا بمعني ان ماهياتها اقتضت ما به التعين و التشخص و التشخص هو عين الوجود كما يراه المحققون او انه غير المساوق له كما يظنه الآخرون فلايكون من لوازم الماهية كما هو الموجود علي ما برهن عليه فلو كانت الماهية المجعولة متعددة الحصول في الاعيان مثل النوع الذي تكثرت افراده لانها لاتأبي وقوع الكثرة فلا محالة يكون الجعل الذي جعلت به متعددا كتعدد متعلقاته منها فتعدد الجعل اما بحسب تعدد ذاتها او تعدد حصولاتها فعلي فرض كونها مجعولة يكون التشخص من لوازمها فتكون علة له و قد ثبت انه عين الوجود او مساوق له فعلي الاحتمالين يلزم الدور لتقدمها علي ما يتوقف حصولها عليه او علي ما يساوقه او التسلسل لتوقف حصولها علي حصوله و هكذا و علي فرض كون جعلها متعددا
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 319 *»
بحسب تعدد نفس الماهية يلزم ان يكون صرف الشئ من حيث هو هو متعددا و هذا محال فان الشئ من حيث هو هو واحد و لايتعدد الشئ من حيث كونه واحدا و علي فرض كون جعلها متعددا بحسب تعدد حصولاتها في الاعيان و انحاء وجوداتها يكون الصادر بالذات و المجعول اولا علي نعت الكثرة هي انحاء الحصولات اعني الوجودات المتشخصة بذواتها كما تقدم ان تخصيصه في منازله و مراتبه بشؤنه الذاتية فيكون تعدده من ذاته و الماهية لاتكثر فيها لان الشئ من حيث هو هو واحد و انما تتكثر الماهية الواحدة بتكثره بذاته فتدبر هذه المعاني المعقدة الغير المرتبطة بل تدخلها المغالطة و الهفوة و تخفي مع انها مبنية علي اشياء غير مسلمة بل ظاهرة البطلان فانه قد ذكر بيان قبول الماهية لوقوع الكثرة من حيث هي ثم انكره و قال لان صرف الشئ لايتميز و لايتعدد فكيف تتكرر نفس الماهية و يتعدد جعلها من حيث هي هي و ذكر ان التشخص هو الوجود او انه مساوق له و عنده انه هو هو ثم قال الصادر بالذات و المجعول اولا علي نعت الكثرة هي انحاء الحصولات اعني الوجودات المتشخصة بذواتها و ذلك ان قوله ان الماهية من حيث هي لاتأبي كثرة التشخصات فيه ، ان الوجود ايضا من حيث هو لايأبي ذلك لانك اذا نظرت الي نفس الحقيقة المعراة عن النسب تساويا في امكان كثرة التشخصات و اذا نظرت الي خصوص المرتبة من كل منهما لزم التشخص لكل فرد منهما بلوازم المرتبة و كذا الي خصوص كل منهما و التشخص لايكون عين الوجود و لا مساوقا لها علي القول الآخر دون الماهية لان التشخص يكون علي حسب الاتصاف بالوحدة و لايكون في الحادث الا باعتبار خاص كما ذكرنا سابقا و كل الحوادث مشتركة في حكم التشخص باعتبار و الكثرة باعتبار لا فرق في ذلك بين الوجود المخلوق و بين الماهية كذلك لما ذكرنا من اعتبار الجهتين في كل ما سوي الله و الجعل واحد في جهة الوحدة و كثير في جهة الكثرة فيتحد في الجنس و يتعدد في الانواع و يتحد في النوع و يتعدد في الافراد و يتحد في الفرد و يتعدد في الاجزاء و الجهات و الامكانات و الاعتبارات و فيما
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 320 *»
وضع له اسم او علامة او اشارة او غير ذلك قال تعالي ام جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ و هو الواحد القهار و الوجود الذي به تحققت الماهية غير الحصول المتعارف في الذهن او الخارج بل هو ركن الشئ في المعني الاول الذي ذكرنا سابقا او الشئ من حيث كونه اثرا لفعل الله في المعني الثاني الذي ذكرنا سابقا فلايلزم دور و لا تسلسل و كون الشئ صرفا في الملاحظة يكون مانعا من التعدد يصدق علي الوجود و الماهية و الصادر بالذات و المجعول اولا علي نعت الكثرة هي انحاء الحصولات اعني الوجودات المتشخصة لا بذواتها كما زعمه المصنف لان التشخص بالذات لايحصل لغير الذات المقدسة عز و جل و اما المخلوق كما ذكرنا مرارا متعددة لايظهر في عالم الاكوان الا بشرائط قبول الايجاد و هي انفعاله بحدود الشرائط المذكورة سابقا اعني الكم و الكيف و المتي و الاين و الجهة و الرتبة و الوضع و الاذن و الاجل و الكتاب و ما اشبه ذلك و كل هذه من علل الماهية و للموجود منها حصص من كل شئ حصة و هي هندسة الماهية و حدودها و متمماتها و مكملاتها و كلها في الحقيقة خارجة عن اصله اعني مادته التي هي الوجود بالمعني الاول ( الاولي خل ) نعم هي اعني هذه الحصص داخلة في جملته اعني حقيقة هذا الموجود ظاهره و باطنه اللذين مجموعهما هو و لاتظن من كلامي حيث قررت ان هذه المشخصات ترجع الي حقيقة الموجود ان تخصيصه و تشخصه ذاتي له لان الوجود الذي يشيرون اليه هو مادة الموجود خاصة و الصورة و جميع ما لها من المذكورات ليست هي المادة لتكون المشخصات ذاتية له فيكون تشخصه من ذاته و انما هي مغايرة للمادة و ان كانت في الحقيقة صفة لها و المصنف يريد بشؤنه التي تشخص بها ميولات ذاتية لذاته غير مغايرة له و ان كان بروزها عنه منوط بمراتبه و منازله و يلزمه التكثر لذاته و عدم الوحدة الا في الاعتبار و قد صرح به هنا في مثل قوله ان يكون الصادر بالذات و المجعول ( فالمجعول خل ) اولا علي نعت الكثرة هي انحاء الوجودات اعني الوجودات المتشخصة بذواتها و مع هذا فقد صرح فيما تقدم بوحدته و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 321 *»
بساطته المنزهة عن شائبة الكثرة و الحق ان الوجود الممكن ليس له تشخص لذاته و الا لزم محذورات ذكرنا بعضا منها سابقا احدها لزوم الجبر في افعال العباد الاختيارية الذي يلزم منه بطلان الثواب و العقاب و فائدة ارسال الرسل بل و بطلان فائدة الايجاد اصلا و رأسا مع انه هو و متابعوه يقولون بوجوب متابعة ائمة الهدي عليهم السلام في كل ما هم عليه و مع هذا القول يحتاجون الي متابعة اعدائهم و الاخذ عنهم انا لله و انا اليه راجعون و حاصل هذا كله ان الوجود الممكن اذا اردت كمال معرفته و صحة الحكم عليه فسمه باسمه الحق فانه صريح الدلالة علي ما هو عليه عند الله و اسمه الحق هو المادة المطلقة فاذا وفقت لقبول هذا بما يفتح الله سبحانه عليك و لك من البراهين القاطعة و العلم العياني عرفت انه لا تشخص له جزئي من ذاته و انما تتشخص افراده بمشخصاتها الخارجة علي نحو ما قلنا فهو كالمداد ليس له تشخص جزئي لذاته نعم تشخص نوعي و افراده كالحروف و الكلمات المكتوبة كل واحد منها له تشخص جزئي اعني هذه الهيئات و الاوضاع و عرفت ان تلك المشخصات هي الماهيات الاولية اي علي المعني الاول كما مر و انها مجعولة ثانيا و بالعرض علي النحو الذي ذكرنا في معني ثانيا و بالعرض من انها مجعولة بجعل مغاير لجعل الوجود الا انه مترتب عليه يعني ان الوجود هو المقصود بالايجاد و فائدة الايجاد انما هي عنه لكنه لما لميتمكن من قبول الايجاد و استمرار الثبات الا بالماهيات ( بالماهية خل ) وجب في الحكمة ايجادها دعامة للوجود فهي مجعولة ثانيا و بالعرض فاشرب صافيا من حوض علي عليه السلام فان من شرب شربة لميظمأ بعدها ابدا .
قال و رابعها ان الماهية الموجودة ان كانت نوعا منحصرا في شخص كالشمس مثلا فكونها هذا الموجود الشخصي مع احتمالها بحسب نفسها التعدد و الاشتراك بين كثيرين ان كان من قبل الجاعل فيكون المجعول بالحقيقة هو الوجود دون الماهية و هو المطلوب و ان كان من قبل الماهية فمع لزوم الترجيح من غير مرجح لتساوي نسبة الماهية الي اشخاصها المفروضة يلزم ان يكون قبل
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 322 *»
الوجود و التشخص موجودة متشخصة فيلزم تقدم الشئ علي نفسه و هو ممتنع و مع ذلك ننقل الكلام الي كيفية وجوده و تشخصه فيلزم الدور او التسلسل .
اقول يريد ان الماهية الموجودة ان كانت نوعا اعني مفهوما كليا مشتملا بحسب نفسه علي افراد متعددة الا ان الحكمة اقتضت عدم تعدد موجودات منها في الخارج في عالم واحد لمصلحة النظام و اقتضاء الصنع المتقن اذ لايتحمل امكانها بدون تغيير الاسباب اكثر من واحد كالشمس فان مفهومها انها كوكب نهاري ينسخ وجوده وجود الليل كما قيل و لميوجد في العالم الواحد الا واحد و انما قلنا في العالم الواحد لما روي ان الله عز و جل خلق الفالف عالم و الفالف آدم نحن في آخر العوالم و آخر الآدميين و في بعض الاخبار لميخلق من التراب الا هذا العالم و لا ريب ان كل عالم فانه مثال لما فوقه فكل ما فيه يوجد فيما تحته مما فوقه ففي كل عالم منها شمس بحسبه فالشموس الفالف شمس الا انه لميوجد في عالم واحد اكثر من شمس واحدة فكونها اي تلك الماهية الكلية هذا الموجود الشخصي مع ما تقتضيه بحسب نفسها ان كان هذا الانحصار في واحد من الجاعل فالمجعول هو الوجود اذ لو كان هو الماهية فان كان قد جعلها علي ما هي عليه اقتضي ذلك وجود ما تقتضيه مما لاتتناهي من افرادها في عالم واحد فلما كان الايجاد من قبل الصنع كان مقتضي الجعل هو الوجود فخرج متحدا و ذلك هو المطلوب و ان كان الصنع المقتضي لخصوص واحد من نحو الماهية فمع لزوم الترجيح من غير مرجح اذ ليس من افراد شئ اولي من الآخر فترجيح فرد منها ترجيح بلا مرجح و هو غير جائز يلزم ان تكون الماهية قبل الوجود و الجعل من الجاعل و قيل التشخص الذي هو عند المتحققين عين الوجود موجودة متشخصة لانها هي الحاصرة للجعل في واحد علي خلاف مقتضي الماهية و لايكون المؤثر في الموجود معدوما و لاتوجد الا بالوجود الذي هو نفسها كما تقدم فيلزم تقدم الشئ علي نفسه و هو ممنوع لانه ممتنع و مع هذا اذا نقلنا الكلام الي كيفية ذلك الوجود و التشخص و توقفه علي الوجود لزم الدور و التسلسل و اقول هذا الشاهد علي عدم جعل الماهية هو مفاد ما تقدم
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 323 *»
لان كل كلامه يدور علي معني واحد و انما انبه علي الاعتراض و المناقشة في اغلب كلامي و لماذكره لان ذكره يطول به الكلام و ربما لا فائدة فيه اذ بمجرد الاشارة الي وجه الاعتراض و الخطاء يعرف العاقل الذكي ذلك لان اغلب هذه الامور ضرورية وجدانية و محسوسة لايتوقف من عرف كلامي فيه الا من سبقت له شبهة او انس بقولهم او من شأنه انه ينظر الي من قال لا الي ما قال و يعرف المقال بالرجال و لايعرف الرجال بالمقال و الاشارة هنا كما في غيره ان افراد الماهية الكلية و المفهومات الكلية علي الظاهر من العلم هي في الامكان و تعددها في ذلك الغيب باعتبار لبسها حلل التميز و التشخص في عالم الاكوان و علي الباطن من العلم هي موجودة في خزائن الاكوان الغيبية و لايظهر شئ منها في الشهادة الا بلباس عالم الشهادة و الكلام علي الظاهر و الباطن فيما نحن فيه شئ واحد و هما داخلان تحت قوله تعالي و ان من شئ الا عندنا خزائنه و ماننزله الا بقدر معلوم و القدرة العامة تقتضي دخولها الذي لايتناهي في قبضته في خزائن امكاناتها و اكوانها و الجاعل سبحانه يجري فيها بفعله علي مقتضي مصلحة النظام بقابلياتها لا بدون القابليات و قابلياتها في ازمنة وجودها و امكنة حدودها لا ( الا خل ) في رتبتها من الامكان و خزائن الاكوان الغيبية فاذا اقتضت الحكمة ابراز شئ منها و انزاله في عالم الشهادة البسه ملابس مكان حدوده و وقت وجوده و تلك الملابس هي المشخصات و هي حدود القابليات و اركانها فظهر في عالم الكون تلك ( بتلك خل ) المشخصات بما هو مذكور ( مذكورة خل ) في تلك الخزائن به في هذه الشهادة فافهم التعبير فتعيين ( فتعين خل ) الفرد الواحد من قبل الجاعل لان ايجاده و جعله علي حكم الاقتضاء و المجعول هو الفرد الخاص من الافراد الممكنة الغير المتناهية و الترجيح انما يكون لمرجح و ذلك المرجح لايجوز ان يكون من محض فعل الفاعل و الا لزم الترجيح من غير مرجح بل المرجح من المجعول حين الجعل علي جهة المساوقة كالانكسار و الكسر ( للكسر خل ) و هو ترجح ذلك الفرد بقرب قابليته و سبق امكان استعداده عند الفعل لا قبله و حدوث الشرايط بايجاد المشروط كالانكسار عند الكسر لتوفر اسباب قبول الايجاب بقربها اي بقرب
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 324 *»
التمكن من التمكين و قد اشار سبحانه الي كون الترجح ممكنا قريبا من الترجيح لان الترجيح انما يكون به فقال تعالي يكاد زيتها يضيء و لو لمتمسسه نار فلايلزم الترجيح من غير مرجح بل المرجح حاصل و هو ترجح ذلك الفرد علي سائر الافراد بقرب قابليته و سبقها الي الايجاد عند صدوره لا قبله و لايلزم كونه موجودا قبل الوجود فكيف يكون موجودا قبل ان يكون موجودا بل هو موجود حين هو موجود يعني وجد هو و اسباب الايجاد مع ظهور الايجاد كالكسر و الانكسار فلاتذهب بك العبارات المذاهب المتفرقة فتكون قائلا بما قالوا من غير شعور ظنا منك بانك مشعر فان جميع الاشياء من جميع ذرات الوجود لميوجد منها شئ بعد اسبابه الخاصة به و لا قبلها بل معها اذ لو كانت قبله و لوجد شئ ذو تعلق لذاته قبل متعلقه و لو كان كذلك لميكن ذا تعلق لذاته و لو كانت بعده لمتكن اسبابا اذ السبب لايتأخر عن مسببه في الوجود و آية ذلك في العالم في قوله تعالي سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق الكسر و الانكسار فان الله سبحانه قد ضربه مثلا لهذا المعني المشار اليه و بهذا المعني يبطل لزوم الدور و التسلسل فافهم .
فائدة اعلم ان الترجح بلا مرجح واجب الوقوع و الا لزم الترجيح بلا مرجح ممتنع الوجود و الا لاستغني المعلول عن علته فمعني ان الترجح بلا مرجح واجب الوقوع ما اشرنا اليه قبل هذا الكلام من ان فعل الله سبحانه لايتعلق بشئ من المفعولات الا علي حسب قابليته و معني هذا انه لو تعلق به علي حسب مقتضي الفعل من حيث هو لتساوت المفعولات اذ افتقارها اليه علي السواء في كل شئ و نسبته اليها علي السواء فتكون الاشياء علي نمط واحد في القوة و البقاء و العلم و الغني و القرب و الخير و السعادة و اضدادها بل لاتتعدد الاشياء و انما يوجد شئ واحد اذ مقتضي التعدد و التغاير من المشخصات المذكورة سابقا لاتقاوم مقتضي فعل الله سبحانه بل المفروض الا اعتبار لها فلايقع تعدد اصلا و لا اختلاف بحال من الاحوال اذ الاختلاف و التعدد انما جاء من قبل اختلاف المشخصات و تعددها كأن يكون شيئان من تفاوت كمهما او
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 325 *»
كيفهما او مكانهما او زمانهما او رتبتهما او جهتهما او اختلاف الوضع و مراتبه فيهما الي غير ذلك و من ذلك ان الشئ الممكن في ذاته نسبة الوجود و العدم الي امكانه علي السواء فلا بد من ترجح احدهما ليكون فعل الفاعل وقع ترجيحه لمرجح و لا جائز ان يكون المرجح من الجاعل او فعله اذ لو كان كذلك لرجع فعله الي الترجيح ( الترجح خل ) من غير مرجح فافهم و اما ان الترجيح من غير مرجح ممتنع الوجود فبمعني ان الشئ الممكن لايكون موجودا بغير موجد و الا لزم الترجيح ( الترجح خل ) من غير مرجح و هو مستحيل لان الشئ لايوجد نفسه فللترجيح ( فللترجح خل ) من غير مرجح وجهان احدهما انه واجب كما قلنا بمعني انه لو لميكن لزم الجبر في الافعال الاختيارية و بطل النظام علي نحو ما ذكرنا من اتحاد المفعول و ثانيهما انه ممتنع فباعتبار امتناع ايجاد الشئ نفسه و يتفرع علي الاول جواز الترجيح بلا مرجح كما قال بعضهم في تناول احد الرغيفين المتساويين من كل جهة للجائع بلا مرجح و سلوك احد الطريقين للخائف الهارب من السبع اذا تساويا من كل وجه و علي الثاني امتناع الترجيح بلا مرجح و معناه فيما هو متفرع عليه ان المراد منه ان الترجيح بالترجح بنفسه من غير مرجح خارج فاعل بالترجيح بالترجح محال و هو كذلك يعني ان الترجح لايتكون به المترجح بنفسه بل لا بد له من مرجح يكونه بذلك الترجح و اما في الوجه الاول المتفرع علي الاول اعني جواز الترجيح بلا مرجح كما مثل بالرغيفين و الطريقين للشيئين المتساويين من كل جهة علي ما قيل فهو من الممتنع الترجيح من غير مرجح لان الفاعل يرجح الفعل للراجح برجحانه لا بدونه فاذا تعلق بمتساوي الطرفين كان فعله لاحدهما ترجيحا بالمرجح و هذا المرجح اما نفس الفعل اذ لا محذور هنا لعدم لزوم الجبر في الافعال الاختيارية و اما لان الفعل وجود و الترك عدم فالفعل ارجح و اما لان نفس التساوي مرجح لما يقع من الفاعل من فعل او ترك
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 326 *»
لوجود الرجحان في الاعتبار لان المتساوي لو لميكن راجحا لكان مرجوحا و انما حصل التساوي بين الراجحين لتعادلهما و لايكون بين المرجوحين لان المرجوح غير مقتض للانفعال فافهم و اما لان المرجح من خارج غير المفعول و غير ما منه او به بل لداع آخر باعث للفاعل علي الفعل كما في الرغيفين و الطريقين .
قال و خامسها لو كانت الجاعلية و المجعولية بين الماهيات و كان الوجود امرا اعتباريا عقليا يلزم ان يكون المجعول من لوازم مهية الجاعل و لوازم الماهيات امور اعتبارية فيلزم ان يكون جواهر العالم و اعراضه كلها امورا اعتبارية الا المجعول الاول عند من اعترف بان الواجب جل اسمه عين الموجودية علي ان القائلين بان الواجب عين الوجود لو علموا حقيقة الوجود و انها عين ذاته تعالي المنزه عن الماهية لعلموا ان كل موجود يجب ان يكون فعله مثل طبيعته و ان كان ناقصا عنه قاصرا درجته عن درجته فما كانت طبيعته بسيطة ففعله بسيط و كذا فعل فعله ففعل الله في كل شئ افاضة الخير و نفخ روح الوجود و الحيوة .
اقول يريد انه لو فرض كون الجاعلية التي هي صفة الجاعل و المجعولية التي هي صفة المجعول بينهما فان فرض حصول الوجود كانت التضايف بينه و بين جاعله و ثبث المطلوب و ان فرض التضايف بين الماهية و بين جاعلها كان ذلك علي تقدير كون الوجود اعتباريا و الا لكان احق منها كما تقدم لزم ان تكون الماهية من لوازم ماهية الجاعل اذ نسبتها اليه حينئذ كنسبة الزوجية الي الاربعة فيلزم ان يكون معها لاينفك عنها و لوازم الماهية كما برهن عليه كلها امور اعتبارية فيلزم ان تكون جواهر العالم كلها و اعراضه كلها امورا اعتبارية لانها بالنسبة الي ماهية الجاعل من المعقولات الثانية و المفروض انها ليست وجودات اذ الوجودات اذا لمتكن مجعولة اولا و بالذات كانت اعتبارية و اذا فرض ان المجعول اولا و بالذات هو الماهية و المجعول من لوازم ماهية الجاعل و لمتكن وجودات و لوازم الماهية كلها من المعقولات الثانية كانت جميع
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 327 *»
جواهر العالم و اعراضه اعتبارية لانها من لوازم الماهية اعني ماهية الجاعل و لوازم الماهية كذلك لتساوي جميع اللوازم في هذه النسبة ما لمتكن وجودات اذ الوجود من الجاعل الا المجعول الاول الذي هو العقل الكلي البسيط الحقيقة عند من اعترف بوحدة الوجود و قال بان الواجب جل اسمه عين الموجودية حيث وافقوا الحكماء المتقدمين من الفلاسفة كاغاثاريمون و ابنادقلس و فيثاغورس و سقراط و افلاطون علي ان الواجب و العقول و النفوس ذوات نورية ليست نوريتها و وجودها زائدة علي ذاتها فان الشيخ صاحب الاشراق قد وافقهم علي ذلك و قال في التلويحات ان النفوس و ما فوقها من المفارقات انيات صرفة و وجودات محضة فان هذا الايراد من لزوم كون جميع جواهر العالم و اعراضه امورا اعتبارية لايرد بخصوصه عليهم لهذا الاعتراف اي اعترافهم بوحدة الوجود بان الواجب عز و جل عين الموجودية فان المجعول الاول و المفارقات ذوات نورية و وجودات محضة ليست وجوداتها زائدة علي ذواتها و ان كان يلزمهم في قولهم ان الوجود اعتباري في غير المجعول الاول و يرد عليهم في لوازمها و لوازم لوازمها و هكذا الي الثري فان لازم اللازم لازم و هكذا علي انهم اعني القائلين بان الواجب عين الوجود لو علموا حقيقة الوجود علما بالمعاينة و الشهود و انها اي حقيقة الوجود عين ذاته تعالي المنزه عن الماهية لماذهبوا الي اعتبارية الوجود و نفي كون الوجود امرا واقعيا عينيا و اقامة البراهين علي ذلك و لعلموا ان كل موجود يجب ان يكون فعله مثل طبيعته في البساطة و الشدة و التمام و الرتبة و غير ذلك و اضدادها فما كانت طبيعته بسيطة مطلقا ففعله بسيط بحسب نسبة الصفة الي الذات و كذلك فعل فعله بالنسبة الي فعله و ما كان مفيضا للجود و الخير و مفيدا للوجود و الفضل الكثير ففعله كذلك و كذلك فعل فعله و فعل فعل فعله و هكذا الا انها متناسبة في كل رتبة كنسبة الصفة الي الذات ففعل الله سبحانه في كل شئ افاضة الخير و نفخ روح الوجود و الحيوة فيلزم ان يكون جواهر العالم و اعراضه كلها امورا حقيقية و عينية واقعية ليست امورا اعتبارية لانه اذا عرف ذلك شاهد ان افاضة الحق
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 328 *»
تعالي كذلك و كذا فعله لمجعوله الاول و فعل مجعوله و فعل مجعول مجعوله و هكذا فلايكون الماهيات مجعولة اولا و بالذات و الا لكانت من لوازم ماهية الجاعل و لوازم الماهية اعتبارية فيلزم من فرض كونها مجعولة اولا و بالذات انها ليست مجعولة كذلك بل تكون اعتبارية و في كلامه في هذا الشاهد ابحاث كثيرة واردة عليه و علي خصمه لايكاد من اطلع عليها يقدر علي ايرادها لكثرتها و شناعة ذكرها و ايرادها و لكن لا بد من ذكر شئ ينبه علي بعض من ذلك ليتوجه الغافل و الآنس بها عليها فمنها قوله لو كانت الجاعلية و المجعولية الخ ، اعلم ان التضايف المشار اليه لايتحقق بين المجعول و بين ماهية جاعله اذ لا ارتباط بين المفعول و ذات الفاعل كما ذكرنا مرارا و انما الارتباط بين المجعول و بين شيئين احدهما فعل الفاعل و جعله كما مثلنا من ان الكتابة ليس بينها و بين ذات الكاتب ربط و انما الربط بينها و بين حركة يده فان الكتابة تشابه هيئة ( هيئته خل ) حركة اليد و تدل عليه و يستدل بها عليها في الحسن و الاعتدال و عدمهما و لاتدل الكتابة علي شئ من ذات الكاتب لما ثبت ان كل اثر يشابه صفة مؤثره من تلك الجهة و لو كانت الذات مؤثرة في الكتابة لدلت عليها بجهة من جهاتها و الارتباط و التضائف بين هذين حقيقي واقعي و ثانيهما ظاهر الفاعل من حيث هو فاعل لذلك الفعل فان الجاعل من حيث هو جاعل لذلك المجعول ظاهر بذلك المجعول للمجعول و غيره فظهوره بنفس المجعول و جعله كما قال اميرالمؤمنين عليه السلام لاتحيط به الاوهام بل تجلي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمها ه ، و ليس المراد ان الجاعل ظهر بنفسه في الجعل بل المراد انه ظهر بجعل مجعوله ثم ليس المراد من الجاعل نفس الذات البحت و انما هو مثال الذات و هو منشأ الجعل المتصف باثره و هو الجعل فهو كالقائم اي كمعني القائم فان القائم اسم فاعل القيام و هو مثال ( مثل خل ) الذات و هذا المثال هو مبدء القيام و منشاؤه الحركة التي هي منشأ القيام المتصفة باثرها و هو القيام و القائم صورة الحركة الايجادية النائبة مناب الذات متصفة بصفة اثرها و ذلك المثال النائب
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 329 *»
مناب زيد في احداث القيام اقامه زيد بنفسه اي بنفس المثال في مكانه اي في مقام النيابة فالقائم في الحقيقة مركب من الحال و هو الحركة و المحل و هو الاثر فهو وجه زيد و عنوانه في ظهوره بتلك الصفة اي القيام فالارتباط بين المجعول و بين الجعل ارتباط حقيقي صدوري و تضايف واقعي لا بمعني انه جزء المجعول اذ المجعول جزءاه مادته و صورته اي وجوده و ماهيته بل بمعني انه قائم به قيام صدور و الارتباط بينه و بين الجاعل الذي هو الوجه و المثال و العنوان ارتباط اشراقي حضوري و المصنف يعني بالجاعل هو الواجب المعبود بالحق تعالي فلو كان كذلك حصل بينهما اقتران و هو دليل الحدوث فذرهم و ما يفترون و قوله و كان الوجود امرا اعتباريا ، فيه رد عليهما معا اذ ليس الوجود اعتباريا كما يقول الخصم و لايلزم من كون المهية مجعولة اولا و بالذات ان يكون الوجود اعتبارا لانه علي كل تقدير كونها مجعولة اولا و بالذات يكون عارضا لها من جملة الاعراض العينية المتحققة و قوله يلزم ان يكون المجعول من لوازم ماهية الجاعل قد بينا انه لايلزم و لايجوز لانه يكون لازما للجعل لا للجاعل و لوجوده لا لماهيته و ان كان لا تغاير بين ماهيته و وجوده و لكن لم قال لماهية الجاعل و لميقل لوجوده ليرتب عليه صورة القياس فاذا ذكر الماهية و لا ماهية الا في اللفظ رتب عليه الكبري و ما هو الا كما قال علماء البديع ان هذا النمط يقال له القول بالموجب كما قال الشاعر :
قده لا طعن في اوصافه ** * ** عجبا لا طعن فيه و هو رمح
شح بالوصل و للريم حكي ** * ** اح من شخص كريم فيه شح
و ما اسرع نقله من الوجود الحق البحت الي الاعتباري فما اشبهه بما قيل ان رجلا دخل السوق و عنده عنز يبيعها فاتاه شخص فقال له بكم من درهم تبيعها فقال هي بخمسة رخيصة بستة مليحة بسبعة تسوي ثمانية ان كان عندك تسعة
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 330 *»
هات عشرة و خذها و هذا مثال هذا الشيخ جعل الماهية لازمة لماهية الواجب تعالي ثم جعلها هي و جميع المخلوقات بقضية واحدة اعتبارية بطفرة واحدة و قوله الا المجعول الاول و ذلك قول بعض الرواقيين كشيخ الاشراق فانه حكم بكون الوجود امرا اعتباريا اذ لايعقل شئ في الخارج هو وجود و قد نص علي ان وجود الله سبحانه حقيقي في الخارج و ليس كسائر الاشياء لانها به وجدت و به قامت و لا بد ان يكون موجودا في الخارج و اورد حججا كثيرة يطول الكلام بذكرها ثم ذكر تبعا للحكماء المتقدمين في زعمه و ما فهم من ظاهر كلامهم استثناء المفارقات البسيطة فقال ان النفوس و ما فوقها من المفارقات انيات صرفة و وجودات محضة و نقل المصنف عنه في الكتاب الكبير و كون النفوس و العقول وجودات محضة و انيات صرفة باعتبار ان وجوداتها غالبة علي اعدامها و اعدامها مضمحلة في جنب وجوداتها بخلاف هذا العالم الكدر الظلماني الذي هو مملو من الظلمات و الاعدام و النقايص و الآفات فكأنهما وجودات محضة فاذا اطلق عليهما الوجودات المحضة و الانيات الصرفة فلا اشكال انتهي ، و قد تقدم ما يدل علي ما يلزمهم بعدم الفرق و الاستثناء بل اما القول بالعيني في الكل و الا بالاعتباري في الكل و قوله يريد رد قولهم بان الواجب عين الموجودية و عين الوجود اشارة منهم الي وحدة الوجود فرد عليهم بما هو كقولهم و اشنع منه فقال لو علموا حقيقة الوجود اي عرفوها و انها عين ذاته تعالي المنزه عن الماهية يشير به الي ما ذكروا من كون الاشياء من لوازم ماهية الواجب فرد عليهم بانهم لو عرفوا حقيقة الوجود و ان تلك الحقيقة هي عين الحق تعالي و انه ليس له ماهية لانه وجود صرف فاصلح شيئا لا فساد فيه لو قيل به فان ماهية الواجب هي وجوده بافساد شئ فيه صلاح ( اصلاح خل ) و هو ما يلزم علي قوله من نفي ماهيات كل الاشياء و انما هي وجودات صرفة و ذلك بقوله لعلموا ان كل موجود يجب ان يكون فعله اي مفعوله مثل طبيعته و ان كان اي مفعوله ناقصا عنه في الشدة و الصرافة قاصرا عن درجته في البحتية و المحضية فقد نفي جميع الماهيات عن جميع
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 331 *»
الاشياء لان المعلول كعلته من سنخه فحيث كانت العلة وجودا بحتا لا ماهية له و مفعولها كطبيعتها كان ذلك المفعول وجودا بحتا صرفا لا ماهية له و كذا مفعول مفعوله و هكذا في جميع الاشياء لا فرق بينها الا بالشدة و الضعف خاصة فقال بيانا لهذا فما كانت طبيعته بسيطة ففعله بسيط و كذا فعل فعله ثم كشف القناع في التصريح فقال ففعل الله تعالي في كل شئ افاضة الخير و نفخ روح الوجود و الحيوة و اراد بقوله مثل طبيعته اي في الحقيقة الذاتية بان يكون العلة و المعلول بالذات من سنخ واحد و من حقيقة واحدة و اراد بالفعل في الفعل و فعل الفعل ما هو الفعل بالذات فيلزم ان يكون الوجود صادرا عنه تعالي بالذات و كذا كل معلول صادر عن علته بالذات فيكون الوجود في الممكنات كلها من سنخ الوجود الواجب تعالي عن ذلك و هو تعالي بسيط لا تركيب فيه فكذا ما صدر عنه بالذات لانه مثل طبيعته في المشاركة الحقيقية فعلي زعمه هي كموجدها و ليست الماهية جزءا لها و لا عينها كموجدها فاذن يوجه قول الحكماء ان كل ممكن زوج تركيبي يعني من ماهية و وجود ان معناه كل ماهية موجودة فهي بحيث يحللها العقل الي شيئين وجود و ماهية فاقول تأمل رحمك الله تعالي و هداك في هذه الاعتقادات الباطلة و المذاهب الفاسدة و من مال الي اقوالهم و انس بمذاهبهم فلايجوز له ان ينكر علي و لايرد شيئا مما طعنت به عليهم لاني عنده انا و اقوالي كلها وجودات صرفة و انوار حقة من سنخ حقيقة الوجود الحق تعالي ربي عما يقولون علوا كبيرا فكل ما اقول في الطعن عليهم فهو حق لايجوز الشك فيه لان الشك فيه شك في الحق انظر كيف يفترون علي الله الكذب و كفي به اثما مبينا .
قال قول عرشي اعلم ان للوجود مراتب ثلاث الاول الوجود الذي لايتعلق بغيره و لايتقيد بقيد مخصوص و هو الحري بان يكون مبدء الكل .
اقول قوله قول عرشي علي ما في كثير من نسخ هذا الكتاب و معناه مقول اي مطلب رفيع لان الرفيع قد يعبر عنه بالعرش لكونه اعلي الموجودات او مطلب شريف كما ان العرش اشرف المظاهر و هو خزائن كل شئ و هو
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 332 *»
العند الذي ذكرهما في كتابه فقال و ان من شئ الا عندنا خزائنه فهو العند و هو الخزائن و انما يعبر عنه بالخزائن لان الجمع بالنسبة الي كل فرد من الموجودات فكل شئ له كون في الركن الايمن الاعلي من العرش و له عين في الركن الايمن الاسفل من العرش و له قدر و هندسة في الركن الايسر الاعلي منه و له طبيعة في الركن الايسر الاسفل منه و له صورة جوهرية في نفس العرش و له هيولي في تعين ( التعين خل ) الايسر الاسفل منه و له صورة ظلية في مثاله و له مادة في جسمه و له اركان اربعة في وجوده الثاني و له طبايع اربع في عناصره و هكذا فكل شئ فله في العرش خزائن في نزوله و في صعوده و لاتكاد تحصي فلذا قال تعالي و ان من شئ الا عندنا خزائنه فافرد الشئ و جمع خزائنه و كلها في العرش او مطلب دقيق و سر عميق لان العرش مظهر البدع و علل الاشياء و العلم الباطن و منه يظهر حكم يمحو ما يشاء و يثبت او لانه متلقي بالالهام من افاضة ( اقامة خل ) الواسطة بين الله سبحانه و بين خلقه صلي الله عليه و آله و هو قلبه الشريف كما قال تعالي ما وسعني ارضي و لا سمائي و وسعني قلب عبدي المؤمن صلي الله عليه و آله و المصنف يشير بهذا الي ان هذا التقسيم علي النمط المذكور من الواردات التي وردت عليه و هذا التقسيم يراد فيما اذا اريد التعبير عنه بالوجود صدق هذا اللفظ بقيد علي واحد و بقيد آخر علي آخر كالجنس مع فصوله لانواعه و نريد بالاول الوجود الحق يعني المعبود عز و جل و بالثاني فعله و هو الوجود الراجح علي اصطلاحنا و هو المشية و الارادة و الابداع و بالثالث الوجود المقيد بالمشخصات و هو وجود الكاينات من الوجودات الجواهر و الاعراض في الغيب و الشهادة و هذا اصطلاحنا الذي نجري عليه عند الاطلاق و اما المصنف فكان بصدد الماهية فخصص التقييد و عدمه هنا بها فقال الاول الوجود الذي لايتعلق بغيره و لايتقيد بقيد مخصوص و هو الحري
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 333 *»
اي الحقيق بان يكون مبدء الكل و اقول قوله الاول الوجود الذي لايتعلق بغيره حق لان الوجود الواجب لايتعلق بغيره و لكن يجب ان تعلم ان هذا القول علي جهة الحقيقة التي لايحتمل غير هذا المعني لا في الخارج و لا في الذهن و لا في نفس الامر فعلي كون هذا علي جهة الحقيقة يكون القول بان صور الاشياء في ذاته قولا بتعلق الواجب بغيره ( لغيره خل ) و كذا قول من قال انه ( ان خل ) كل الاشياء لكونه بسيط الحقيقة و كذا قول معطي الشئ ليس فاقدا له في ذاته و ان كان علي نحو اشرف كما يتوهم صحته بهذا التقييد و كذا من جعل علمه مقترنا بالمعلومات الا اذا اراد بالعلم هنا العلم الحادث كالكتب السماوية و الواح النفوس الملكية و كذا من قال بانه تعالي فاعل بذاته و كذا من قال بان مجعوله لازم لماهيته و كذا قول ان فعله كطبيعته و كذا قول ان تعدد مراتب الوجود بشؤنه الذاتية هي باحكامها افراده و كذا سائر اقوالهم الفاسدة التي ليس في تعدادها فائدة الا انك تقف عليها ان شاء الله تعالي كل في مكانه فان كل من نسب اليه شيئا من هذه و امثالها فانه قد جعل وجوده تعالي متعلقا بغيره و لقد عني غيره من وصف متعلقا بغيره بصفته تعالي كما قال الصادق عليه السلام في دعاء الوتيرة بعد العشاء كما رواه الشيخ في المصباح قال عليه السلام بدت قدرتك يا الهي و لمتبد هيئة يا سيدي فشبهوك و اتخذوا بعض آياتك اربابا يا الهي فمن ثم لميعرفوك الدعاء ، و قد كشف عن ذلك ابوالحسن الثاني علي بن موسي الرضا عليه السلام في خطبته و كمال توحيده نفي الصفات عنه لشهادة ان كل صفة غير موصوف و شهادة كل صفة و موصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث ه ، و قوله بقيد مخصوص ان اراد به تقييد القيد فهو باطل و ان اراد به بيان الواقع فهو صحيح و هذا اصطلاحنا الذي نجري عليه و نريده عند الاطلاق و اما المصنف فانه استعمل هذا التقسيم باعتبار ما هو بصدده من تقييد الوجود بقيد مخصوص و هو الماهية و عدمه فقال الوجود اما ان لايتعلق بغيره اي ليس معلولا لشئ و لايتقيد بقيد مخصوص اي لايتقيد بماهية اصلا و
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 334 *»
هو الوجود الواجب تعالي او لايتعلق بغيره بالايكون مرتبطا و مقترنا بغيره الا انه يتقيد بقيد مخصوص اي بماهية و هو العقول و النفوس المفارقة او يتعلق بغيره و لايتقيد بقيد مخصوص و هو الوجود المنبسط فانه يتعلق و ينبسط علي اعيان الموجودات و لا يتقيد بقيد مخصوص اي بماهية لانها عنده ليست مجعولة بالذات و لايتقيد الوجود بها لانه لو تقيد او اتصفت به لكانت مجعولة و هذا تقسيم مبني علي مذهبه من عدم كونها مجعولة الا بالتبع علي النحو الذي يذكره لانا نريد بالجعل ثانيا و بالعرض هو ان يكون المجعول غير مقصود في اصل مقتضي العناية لذاته و انما هو مقصود لغيره لا انه غير موجود كما ذكرنا مرارا بخلاف مراد المصنف و قوله و هو الحري اي الحقيق بان يكون مبدء الكل هذا مما قلنا فانه اذا كان مبدأ الكل كان متعلقا بغيره بالذات تعلق الجاعل بالمجعولات كما اشار سابقا الي لزوم الوجودات لوجوده او الماهيات لماهيته كما تقدم من مذهب القائلين به و يكون ايضا غيره متعلقا به و لايراد بالاقتران الموجب للحدوث الا هذا و مثله و ايضا قوله مبدء الكل ان اراد به ان ( انه خل ) يكون الكل كامنا فيه بالقوة متأهلا مستعدا لقبول كن عند توجه الخطاب اليه كما صرح به الملا محسن في الكلمات المكنونة و كلام المصنف يومي الي هذا في قوله بسيط الحقيقة كل الاشياء و معطي الشئ ليس فاقدا له في ذاته و ان الاشياء و جميع كمالاتها فيه بنحو اشرف و غير ذلك فقد ( قد خل ) جعله متعلقا بغيره و غيره متعلقا به بل هذا ابلغ لانه ولادة صريحة كما تقدم ذكره في حديث الحسين صلوات الله عليه و الله سبحانه يقول الله الصمد لميلد و لميولد و لميكن له كفوا احد فهذا ( و هذا خل ) مخالف لكلام الله سبحانه و كلام سيدالشهداء صلوات الله عليه في تفسير الصمد و كذا ان اراد بالمبدئية ايجادها من الحقائق المتأصلة و الصور المجردة التي هي في علمه و علمه عين ذاته كما تقدم النقل عن ابن ابيجمهور الاحسائي في المجلي عنهم و بالجملة فاكثرهم يقول بانه وجود لا تعلق له بغيره و لا تعلق لغيره به الا انه قول باللسان و يريدون ما سمعت اللهم مالك الملك عالم الغيب و الشهادة انت
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 335 *»
تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون .
قال الثاني الوجود المتعلق بغيره كالعقول و النفوس و الطبايع و الاجرام و المواد .
اقول هذا القسم الثاني من اقسام الوجود و هو تقسيم مبني علي ما يترتب مذهبه عليه اذ ليس يريد تقسيم الوجود الي واجب و غيره و الوجود الغير الواجب الي وجود امر و وجود خلق بل باعتبار صحة تقييده بالقيد المخصوص الذي هو الماهية و عدمها علي رأيه اذ لو قسمناه باعتبار تقييده بخصوص الماهية و عدمه علي مذهبنا لقلنا هكذا المعبر عنه عند التعريف بالوجود ينقسم الي ثلثة اقسام الاول هو الذي لايتعلق بغيره و لايتعلق به غيره و لايتقيد بقيد مطلقا حتي قيد الاطلاق و هو الواجب عز و جل و الثاني هو الذي يتعلق بغيره تعلق الفاعلية و العلية و يتعلق به غيره تعلق المفعولية و المعلولية و هو الوجود الراجح و هو المشية و الفعل و الاختراع و الابداع و الارادة و ساير مراتبه كالقدر و القضاء و الامضاء و الاذن و التأجيل و الكتاب و لايتقيد بماهية لاضمحلاله في نور ربه عز و جل و قد يطلق علي هذا الوجود عالم الامر كما قال تعالي الا له الخلق و الامر ، الثالث هو الذي يتعلق بغيره و يتعلق به غيره و يتقيد بقيد مخصوص اي بالماهية و هو الوجود المقيد بسائر مراتبه اوله العقل الكلي و آخره ما تحت الثري فالوجود الحق هو المعبود عز و جل و فعله يسمي بالوجود الراجح و مفعوله يسمي بالوجود المتساوي و بالجواز فليس الا الله عز و جل ثم احدث الوجود الراجح بالممكن الراجح في المكان ( الامكان خل ) الراجح و الوقت الراجح لان وجودها اي هذه الثلثة ارجح من عدمها رجحانا ذاتيا و هي المشية و مكانها الامكان الراجح و العمق الاكبر و وقتها السرمد و كلها راجحة الوجود يكاد زيتها يضيء و لو لمتمسسه نار ثم احدث بذلك الوجود الراجح الوجود المتساوي اي المفعولات
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 336 *»
المقيدة اولها العقل و آخرها ما تحت الثري و اما ما قبل العقل من المفعولات كالماء الاول اي الحقيقة المحمدية و قد يسمي هذا بالدواة الاولي و كالامكان التكويني الذي هو ظرف هذا الماء و هو الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله و عالم الامر و الوجود الحقيقي و النفس الرحماني الثانوي و قد يطلق عليه بالحق المخلوق به لانه المادة المطلقة و الامر الذي قامت به الاشياء قياما ركنيا و قد يراد بالحق المخلوق به المشية و الارادة و سائر مراتب الفعل و كالارض الميتة و ارض الجرز اعني ارض القابليات و قد تطلق الدواة الاولي علي هذا لان الدواة هي التي يستمد منها القلم و يكتب و قد يراد به الاستمداد المادي اي يستمد من الهيولي الاولي و المادة المطلقة حصصا مادية لسائر المخلوقات لكل واحد حصة منها اي من شعاعها كما مر كما يأخذ النجار حصة من الخشب لعمل السرير و حصة منه لعمل السفينة و حصة منه لعمل الباب لان شعاع هذه الحقيقة المحمدية هيولي كل الاشياء لا ذاتها كما تقدم و قد يراد به الاستمداد الصوري اي يستمد من شعاع ارض القابليات حصة لصورة زيد و حصة لصورة السماء و حصة لصورة التراب و هكذا فبهذين الاعتبارين يسمي كل من الماء الاول و ارض الجرز و الارض الميتة اعني ارض الاستعدادات بالدواة الاولي علي احد الاعتبارين و يتفرع علي هذا ان ما قبل العقل الكلي هو الماء و ارض الجرز قد يطلق عليه الوجود المقيد لانه من المفعولات لا من الفعل و قد يطلق عليه الوجود المطلق لانه قبل التقييد اذ اول المقيدات العقل الكلي و هو مركب منهما فالوجود المطلق هو الفعل و الوجود المقيد هو المفعول و هذان بينهما برزخ قد يلحقان باسم الاول و قد يلحقان باسم الثاني و هذان الوجودان هما المراد في التأويل بقوله الا له الخلق اي المقيد و الامر اي المطلق و الوجود الحق سبحانه هو الله تعالي هذا ملخص اصطلاحنا في التقسيم و الوجود الحق عز و جل عندنا لايدخل في التقسيم و انما نذكر ذلك من جهة عبارات التعريف و البيان و مع هذا كله فيراد منه العنوان يعني الدليل و الوجه الذي ليس كمثله شئ و هو السميع البصير
«* جوامع الکلم جلد 3 صفحه 337 *»
و قوله و الطبايع و الاجرام و المواد ، يراد منه سائر الموجودات فانها كلها تتعلق بغيرها من عللها و معلولاتها و اسبابها و مسبباتها و كلها تتقيد بماهياتها بما لها من الحدود و المشخصات لانا نريد بالتقييد بالماهية بالحدود اذ الماهية وحدها انما تعين الهو و هو كلي لايتشخص و لايشخص الا بالحدود و المشخصات يعني اتحاد وجوداتها بماهياتها و نحن نعني ارتباط ماهياتها بوجوداتها و ربط وجوداتها بماهياتها علي نحو ما لوحنا فيما مضي و يأتي ان شاء الله تعالي .