رسالة شرح الحديث المعرفة النورانية
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني
اعلياللهمقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطيبين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين الي يوم الدين.
و بعد يقول العبد الاثيم كريم من ابرهيم ان زمانا قبل ذلك اتاني كتاب كريم و خطاب جسيم من صاحب المفاخر و مالك المآثر ذي العز و النجار و الكرامة و الفخار المولي الولي و السند الوفي و المقدم الصفي جناب الميرزا محمدرضا بن المرحوم الحاج محمد باقر الآهوئي القمي النخعي دام مجده العالي و مد ظله السامي و قد امرني فيه ان اشرح الحديث الشريف المروي عن مولانا و سيدنا اميرالمؤمنين صلوات الله عليه في المعرفة النورانية و قد اتاني كتابه و انا مشغول بتأليف كتابي فصل الخطاب في جمع الاخبار الصحيحة المأثورة في كتب الاصحاب فعاقني ذلك عن المبادرة الي امتثالي امره فعاودني مكررا و راجعني مرددا يطالبني بشرح الحديث و انا لاشتغالي بتأليف ذلك الكتاب لماتمكن من امتثال امره الي ان وفقني الله لاتمام ذلك الكتاب فبادرت الي ائتمار امره و امتثال حكمه مقتصرا علي ما هو الميسور لورود مسائل كثيرة من اطراف البلاد و لزوم اداء حق كل واحد هذا و فطانته ادام الله عزه تريحني عن التعب في تطويل المقال بل عن سلوك مسلك الاعتدال فاكتفي بالاشارة مقتصرا علي اخصر عبارة راجيا من الله ان يجعله ذخيرة لي ليوم المعاد و يوفقني فيه للرشاد و يجعله خالصا لوجهه ليوم لقياه و طريقا الي رضاه و سلما نعرج به الي قرباه و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و آله الطيبين.
فاقول ان هذا الحديث حديث رواه المجلسي رحمه الله في بحار الانوار قال رحمه الله في البحار باب نادر في معرفتهم صلوات الله عليهم بالنورانية و فيه ذكر جمل من فضائلهم: اقول ذكر والدي رحمه الله انه رأي في كتاب عتيق جمعه بعض محدثي اصحابنا في فضائل اميرالمؤمنين صلوات الله عليه فكان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰ *»
فيه هذا الخبر و وجدته ايضا في كتاب عتيق مشتمل علي اخبار كثيرة قال روي عن محمد بن صدقة انه قال سأل ابوذر و ساق الحديث الي ان قال في آخر الباب اقول انما افردت لهذه الاخبار بابا لعدم صحة اسانيدها و غرابة مضامينها فلانحكم بصحتها و لا ببطلانها و نرد علمها اليهم: و رواه في العوالم ايضا بهذا السند و رواه في مشارق الانوار مرسلا عن سلمان و ذكر في منتهي المقال في ترجمة محمد بن صدقة بصري غال ضا و زاد صه من اصحاب الرضا7 و في جش ابن صدقة العنبري البصري ابوجعفر روي عن ابيالحسن موسي7 و عن الرضا7 له كتاب عن موسي بن جعفر عنه الحسن بن علي بن زكريا و كذا ضعف الحسن و قال ضعيف جدا فالحديث علي الاصطلاح الجديد بين العلماء ضعيف ولكن علي اصطلاح القدماء ممن تقدم علي العلامة رحمه الله و من تأخر عنه من محدثي اصحابنا الحديث صحيح لاشك في صحة مضامينه فان بناء المحدثين علي تصحيح الحديث بالقراين فما حف بالقرائن الصحيحة التي تطمئن اليها القلوب يؤخذ به و ما دلت القرائن علي خلافه يترك و ما ليس عليه قرائن يتوقف فيه فهذا الخبر باصطلاح القدماء صحيح لاشك فيه و لاريب يعتريه كما ستتلي عليك ان شاء الله قرائن الصحة علي كل فقرة فقرة فلاسبيل لاحد الي انكاره و هذا هو الصحيح الذي امر محمد و آل محمد: باتباعه و المصحح بكتب الرجال لايسمن و لايغني من جوع فان الخبر ان كان صحيحا فلاحاجة الي تعديل رجاله و تصحيح سنده و ان كان مكذوبا فالذي يكذب في المتن يكذب في السند فيذكر سندا مكذوبا جميع سلسلته عدول ثم يكذب متنا فعلم الرجال لايغني عن القرائن و القرائن مغنية عنه نعم قد يحصل منه بعض القرائن ايضا و قد يحتاج اليه في بعض الموارد فنحن نشرع بحول الله و قوته في شرح فقرات ذلك الحديث جاعلا فقراته كالمتن و بياني لها كالشرح ليتبين ما قدر الله اظهاره في شرح كل فقرة فقرة و انمااذكر الفقرات علي ما رواه المجلسي في البحار فانه المرجع في هذا المضمار و ما ذكره الشيخ عبدالله بن نور الله في العوالم فانما رواه عنه و ما ذكره
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱ *»
شيخنا الاجل الاوحد اعلي الله مقامه فانما ذكر بعض فقرات ما رواه في البحار و لميذكر تمام الحديث و اقتصر علي موضع الشاهد منه و اما ما رواه الشيخ رجب في مشارق الانوار فيوافق رواية المجلسي في بعض الفقرات و يخالفها في بعض و ربما نشير الي موضع المخالفة ان شاء الله في تلو ذكر الفقرات.
قال روي محمد بن صدقة انه قال سأل ابوذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنهما يا اباعبدالله ما معرفة اميرالمؤمنين7 بالنورانية قال يا جندب فامض بنا حتي نسأله عن ذلك قال فاتيناه فلمنجده قال فانتظرناه حتي جاء قال صلوات الله عليه ما جاء بكما قالا جئناك يا اميرالمؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية.
اقول ابوذر رحمه الله شأنه اجل من ان يعرف اسمه الشريف جندب بضم الجيم و الدال و قد يفتح الدال و قد يكسر معه الجيم كدرهم و ابوه جنادة كسلالة و هو غفاري و هو ككتاب رهط من كنانة و هو كان من كبار صحابة رسول الله9 و من فضله انه قيل لعلي7 حدثنا عن ابيذر الغفاري قال علم العلم ثم اوكاه و ربط عليه رباطا شديدا و قال ابوعبدالله7 الايمان عشر درجات فالمقداد في الثامنة و ابوذر في التاسعة و سلمان في العاشرة و قال رسول الله9 من اراد ان ينظر الي زهد عيسي بن مريم7 فلينظر الي ابيذر.
و اما سلمان رضي الله عنه ففضله اكثر من ان يسطر و من فضله ما قال اميرالمؤمنين7 لابيذر يا باذر ان سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت رحم الله قاتل سلمان يا باذر ان سلمان باب الله في الارض من عرفه كان مؤمنا و من انكره كان كافرا و ان سلمان منا اهل البيت و قيل لابيعبدالله7 اكان سلمان محدثا قال نعم قيل من يحدثه قال ملك كريم قيل فاذا كان سلمان كذا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲ *»
فصاحبه اي شيء هو قال اقبل علي شأنك و عن الفضيل بن يسار عن ابيجعفر7 قال قال لي تروي ما يروي الناس ان عليا7 قال في سلمان ادرك علم الاول و علم الاخر قلت نعم قال فهل تدري ما معني ذلك قال قلت يعني علم بنياسرائيل و علم النبي9 قال فقال ليس هكذا ولكن علم النبي9 و علم علي7 و امر النبي و امر علي صلوات الله عليهما و آلهما و عن النبي9 سلمان بحر لاينزف و كنز لاينفد سلمان منا اهل البيت سلسل يمنح الله الحكمة و يؤتي البرهان و قال في حديث ماحضرني جبرئيل الا امرني عن ربي عزوجل ان اقرأه السلام و قال ابوعبدالله7 علم سلمان علما لو علمه ابوذر كفر و قال ان سلمان علم الاسم الاعظم و قال آخا رسول الله9 بين سلمان و ابيذر و اشترط علي ابيذر ان لايعصي سلمان و قال سلمان خير من لقمان الي غير ذلك من فضلهما و في العوالم و روي اصحاب الاخبار ان سلمان الفارسي لقي عيسي بن مريم و بقي الي زمان نبينا9 و خبره مشهور.
و اما المعرفة فالمراد بها ما يقابل الانكار و مشعرها الفؤاد و ذلك ان الله عزوجل خلق الخلق في ثلث مراتب اوليها مرتبة الحقيقة و هي اول اذكار الشيء الذي صدر من مشية الصانع من حيث انه نورها و اثرها و الي ذلك اشار اميرالمؤمنين7 في حديث كميل حين سأله عن الحقيقة فقال نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل التوحيد آثاره و هي الشيء من حيث صدوره من المبدء و ثانيتها مرتبة مادته و معنويته و هي كلية بالنسبة الي جزئيات حالاته و تطوراته جارية في كلها ثابته فيها و ليس فيها تعين شيء منها و ثالثتها مرتبة صورته و جزئياتها و حالاتها و تطوراتها في اطوارها و هذه الثلث المراتب في كل شيء بحسبه و لماكان الانسان انموذج جميع
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳ *»
العالم و جامعا لجميع ما فيه خلق فيه ثلث مدارك من جنس هذه الثلث المراتب لكي يدرك بكل مدرك ما يشاكله كما قال علي7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها فخلق الله جل و عز فيه من جنس الحقائق مشعرا يسمي بنور الله المشار اليه بقوله9 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و الفؤاد المشار اليه بقوله تعالي ماكذب الفؤاد ما رأي و به يدرك حقايق الاشياء و الامثلة الملقاة في هويات الاشياء و شأنه المعرفة و ضدها الانكار و خلق فيه من جنس المعاني مشعرا يسمي بالعقل و به يدرك المعاني الكلية و شأنه اليقين و ضده الظن و الشك و الوهم و خلق فيه من جنس الصور مشعرا يسمي بالنفس و لها من المراتب عشرون لتكثر مراتب الصور و بها يدرك الصور المجردة و المادية و شأنها العلم و ضده الجهل و الي هذه المراتب اشار الله سبحانه بقوله ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن و بقوله و من الناس من يجادل في الله بغير علم و لا هدي و لا كتاب منير فالحكمة دليل اهل الفؤاد و سبيلهم الهدي و الموعظة دليل اهل العقل و سبيلهم الكتاب المنير و المجادلة دليل اهل النفس و سبيلهم العلم و قد بسطنا القول في هذه المسائل في ساير كتبنا و لاحاجة الي تفصيلها هنا و الغرض بيان درجة المعرفة و قد تبين ان مشعرها الفؤاد فمن كان من اهل الفؤاد يمكنه المعرفة بالحقايق و المثل الملقاة في هويات الاشياء و من لميكن منهم لايمكنه ذلك ابدا كما ان رؤية الالوان و الانوار من شأن العين فمن كان له عين يمكنه رؤية الالوان و الانوار و من لميكن له عين و تكلف معرفتها بساير مشاعره لايكاد يصل الي دركها ابدا و ان كان ساير مشاعره سليمة و من اجل ذلك قال اميرالمؤمنين7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظايرها فالاداة بمعني الالة و المراد هنا المشاعر فانها آلات ادراك الاشياء فقال انما تحد الادوات انفسها اي ليست تحد انفس المدركات الخارجية فان الادوات لاتصل الي ذوات المدركات الخارجة و انما تدرك منها اشباحا تأتيها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴ *»
فتنصبغ تلك الادوات باصباغها كانصباغ المرايا اذا انطبع فيها اشباح الشواخص المنفصلة فاذا اتتها الاشباح و انصبغت بها تصورت بصورها فتحددت بحدودها فتصور ادراكها ايضا فانها مدرك مصبوغ فاذا ادركت نفسها و هي محدودة بتلك الحدود فقد حدتها فهي تحد نفسها المصبوغة لا الشيء الخارجي و اما الالات فالمراد بها ايضا المشاعر فهي تشير الي نظائرها فالعين لاتشير الي الاصوات و الاذن لاتشير الي الالوان و هكذا بل كل واحدة تشير الي نظيرها في الرتبة فالعين تشير الي الالوان و الاذن تشير الي الاصوات و هكذا فالحقايق لاتدرك الا بمشعر مناسب لها و الذي جعله الله لها و جعله آلة دركها الفؤاد فمن رام ذلك بغيره حرمه
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا
و ان لميكن فهم فيأخذه عنا
و ما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد
عليه و كن في الحال فيه كما كنا
فالمراد بمعرفة اميرالمؤمنين بالنورانية معرفة نورانية اميرالمؤمنين و حقيقته و كونه نور الله جل جلاله كماقال7 اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده و ذلك كما تقول معرفة زيد بالانسانية او الكاتبية او النجارية يعني معرفة انسانيته و كاتبيته و نجاريته فمعرفة اميرالمؤمنين بالنورانية معرفة نورانيته و كونه نورا لله جل جلاله و ذلك خاصة اهل الفؤاد و لماكان ابوذر رحمه الله من اهل الفؤاد و كان له ذلك المشعر و كان سلمان رضي الله عنه ايضا من اهل ذلك و اعلي و اجل و اعلم و اكمل سأله ابوذر رحمه الله عن ذلك و لماكان اميرالمؤمنين7 بين ظهرانيهم و مع ظهوره لميكن ينبغي لمثل سلمان ان يبادر بشرح ذلك له و كان بيانه صلوات الله عليه اتم و اكمل و اعلي و اجل قال فامض بنا حتي نسأله و اذا سالاه و تصدي للبيان فلامحالة يبين امورا ينفعهما معا و يتجلي لهما بنور و يعني بهما عناية لمتتعلق بهما قبل فاتياه فلميجداه اول مرة ليعلما انه لاكل من طلب ذلك المقام وجده و ليعلما انه ليس يصل الانسان الي مطلوبه من جهده بل هي عناية غيبية من الله جل جلاله و منهم يعنون بها من شاءوا بعناية خاصة و تفضل ابتدائي لهم فلماعرفهما ذلك بفقدانهما اياه عني بهما و توجه اليهما تفضلا منه و كرما فسألهما و هو اعلم بما جاءا له حتي يكون سؤاله اذنا لهما لعرض حاجتهما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵ *»
عليه صلي الله عليه ظاهرا اذ ما لميأذن العالي الداني بالسؤال لميقدر الداني علي السؤال و ما لميسأل الداني العالي حاجته ظاهرا بلسانه لميستحق قضاء حاجته كماقال الله عزوجل قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فلاجل ذلك سألهما عن حاجتهما اذنا لهما حتي يسألاه بلسانهما و ليس يسأل السائل بلسانه حتي ينزل السؤال من اعلي درجاته و مراتبه الي ادناها فيستحق قضاء الحاجة بجميع مراتبه فلايعوقه عائق عن قضاء حاجته و لذلك قال ابوعبدالله7 ان الله تبارك و تعالي يعلم ما يريد العبد اذا دعاه ولكنه يحب ان تبث اليه الحوائج فاذا دعوت فسم حاجتك هذا و في ملاطفة العالي الجليل العظيم تمكين و تقريب للداني و ايناس له حتي لايستوحش كماسأل الله عزوجل موسي7 و هو اعلم قال و ما تلك بيمينك يا موسي.
قال صلوات الله عليه مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه لستما بمقصرين لعمري ان ذلك الواجب علي كل مؤمن و مؤمنة.
قوله صلوات الله عليه مرحبا هو مصدر ميمي من قولهم رحب المكان رحبا كقرب اي اتسع فقوله مرحبا اي اتيت مكانا متسعا لايضيق بك و لاشك في اتساع عرصة علمه صلوات الله عليه بحيث لا غاية له و لا نهاية فمن جاءه جاء مرحبا و سعة لايدرك اطرافها و لاتحديد لارفها و اما الولي فهو بمعني المحب و الصديق و الناصر و اولياؤ علي7 محبوه و اصدقاؤه و ناصروه و تعاهد الشيء اذا حافظه و راعي حرمته فهما رحمهما الله كانا متعاهدين لدينه اي لدين الله اي كان كل واحد منهما يتعاهد دين الله حالا بعد حال فيحفظ كل واحد منهما دينه و يراعيه لئلا يتصرف فيه الشياطين من الجن و الانس و لئلاينسيانه لان الانسان ينسي كل ما لميتعاهده و لميراع حرمته فهما كانا متعاهدين لدينهما ليلا و نهارا و حالا بعد حال او كان كل واحد منهما يتعاهد الاخر و يراعيه و يراقبه حالا بعد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶ *»
حال لدين الله و قوله9 لستما بمقصرين اثبات درجة عظيمة لهما فان غير المعصوم لايكون غير مقصر كماقال ابوالحسن7 في حديث كل عمل تريد به الله عزوجل فكن فيه مقصرا عند نفسك فان الناس كلهم في اعمالهم فيما بينهم و بين الله مقصرون الا من عصمه الله عزوجل و قال ابوعبدالله7 في حديث حكم الله عزوجل لايقوم له احد من خلقه بحقه الحديث فشهادته7 لهما بقوله لستما بمقصرين مقام عظيم لهما و قوله صلوات الله عليه لعمري ان ذلك الواجب علي كل مؤمن و مؤمنة اي ان التعاهد للدين و سؤال الائمة الطاهرين و العلماء الراسخين و طلب العلم واجب علي كل مؤمن و مؤمنة و قد اديتما الفرض الذي كان عليكما او ان معرفتي بالنورانية هي واجبة علي كل مؤمن و مؤمنة و في هذا المعني يقع اشكال و هو ان المعرفة الفؤادية و ليس كل احد صاحب مشعر الفؤاد كيف تجب علي كل مؤمن و مؤمنة و لايكلف الله نفسا الا ما آتيها و درجات الايمان عديدة متفاوتة و لاينبغي ان يحمل علي صاحب الدرجة مايتحمله صاحب الدرجتين و هكذا و الجواب عن ذلك ان الانسان يجب عليه الاتيان بكل مكلف به يقدر علي الاتيان به و ما لايقدر علي الاتيان به موضوع عنه و ان الله جل و عز جعل ما امر به من اسباب التقرب اليه و الصعود اليه فاذا امر الله الانسان بامر و اتي به علي ما يستطيع حصل له التقرب الي الله سبحانه و صعد اليه و لولا ذلك لميكن لعمله فائدة فاذا حصل له التقرب و صعد تمكن من درجة تليه لامحالة و تقوي و قدر للوصول اليها فاذا تمكن من الوصول اليها كلف بالصعود اليه و هو تكليف بما يستطيع فاذا ائتمر بذلك و صعد اليها و عمل بمقتضاها صفا و تلطف و قدر علي الصعود و تمكن و هكذا فاذا تمكن كلف به ففي كل درجة يجب عليه طلب العلم بدرجة يفقدها و يتمكن من وجدانها فاذا حصل له العلم بها وجب له العمل به فاذا عمل به تقرب و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷ *»
تقوي علي طلب درجة عليا و علم اعلي و لذلك قال ابوعبدالله7 طلب العلم فريضة في كل حال و لو كان لكل احد الاقتصار علي اول درجة لماتقرب احد الي الله عزوجل و لماصعد اليه بل كان للجاهل الاقتصار علي جهله و ارتفع التكليف بالكلية و علم من ذلك ان الذين ينكرون وجوب طلب العلم و يقولون بكفاية دين العجائز تمسكا بحديث موضوع ليس منه اثر في آثار آل محمد عليهم السلام غافلون عن سر التكليف و عن ترقي الانسان اذا عمل بما علم و تمكنه من الوصول الي درجة عليا و وقوع التكليف بما يتمكن به هذا و الانسان اذا حصل له علم و عمل به عرف بعد حين انه ما فيه من التوحيد شرك و ما فيه من معرفة النبوة و الامامة تقصير و بعد معرفته بذلك لايجوز له الاقتصار عليه و يجب عليه طلب علم يزيل عنه ذلك الشرك و ذلك التقصير و الذين لميعرفوا كونهم في شرك و تقصير انما هو لاجل عدم عملهم بما علموه و عدم الاعتناء بدينهم و ترك السعي في الترقي و بقائهم علي التقصير في الاعتناء بدينهم فلو اعتنوا و اهتموا بدينهم و عملوا بما علموا عرفوا ان ما كانوا عليه غير لايق و يجب عليهم التجاوز عنه و هذا هو معني قوله7 في الدعاء تدلج بين يدي المدلج من خلقك و ذلك واضح في علم الفلسفة فان الله سبحانه قادر علي تغيير كل شيء عن جوهريته الي جوهر اعلي و مكمل لكل شيء و مشيته جل جلاله ظهور تلك القدرة و ذلك التكميل و كل شيء صدر من مشيته من حيث الصدور تابع لها فيكون فيه قوة التغيير و التكميل ففي كل موجود قوة التغيير و التكميل و كل شيء صالح للبلوغ الي رتبة الاکسيرية و الكمال و التكميل و انما يعوقه من ذلك الاعراض الملحقة به فمن قدر علي ازالة تلك الاعراض و رده الي حقيقته التابعة لمشية الله المكملة لكل ناقص قدر علي تحصيله و تلك الاعراض ليست تزول و تفارق الشيء الا بالحل و لاحل الا بالحرارة و الرطوبة فاذا انحل الشيء بما يناسب صفا و لطف و خف و صعد و لمينحل معه تلك الاعراض فبقيت ثقيلة صلبة فرسبت و صعد المحلول و امتاز و تمكن الصانع من اخراجها عنه و رميها خارج العالم فاذا عقده عليه ثم حله بماء آخر مناسب حل الجوهرية الاصلية و صفت و لطفت و صعدت اعلي و بقيت
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸ *»
الاعراض الثانية ثقيلة غير منحلة فرسبت و امتازت و تمكن الصانع من التفريق بينها و بين الصافي اللطيف و هكذا كلما حله امتاز العرضي و الجوهري و كلما يزداد الشيء حلا و عقدا ازداد نعومة و توحدا و تشاكلا الي ان يلوح من افقه صبح نور المشية فيصير فعالا في غيره في اول درجة ثم كلما يزداد حلا و عقدا ازداد انحلالا و نعومة و صفاء و لطافة و تخلي عن الاعراض و امتازت و تخلفت و رسبت فرميت خارج العالم و ازداد الجوهر تخلصا و لطافة و قوة و لاغاية لذلك و لانهاية فاذا سقي الانسان بماء العلم شيئا و انحل بالعمل به امتاز اعراضه عن اغراضه و شاهد في نفسه من القصور و التقصير و العوائق عن الوصول الي الدرجة القربي فعند ذلك يبادر الي تنقية نفسه بالاستغفار و التضرع و التوبة فيزيل عن نفسه تلك السيئات و التقصيرات فيصعد درجة فاذا سقي ماء العلم مرة ثانية و انحل بالعمل بعد العلم ازداد نعومة و لطافة و ميز بين سيئاته و حسناته و استغفر الله و لاجل ذلك حسنات الابرار سيئات المقربين و لذلك يكون الانسان دائم الترقي و بعد كل عمل يزداد بصيرة بماكان فيه و يري ما في نفسه من القصور و التقصير و يجب عليه ازالتها و طلب العلم ثانيا و العمل به و هكذا يجب علي المؤمن ان يعمل دائما.
ثم قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين قال7 انه لايستكمل احد الايمان حتي يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فاذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للايمان و شرح صدره للاسلام و صار عارفا مستبصرا و من قصر عن معرفة ذلك فهو شاك و مرتاب و ذكر الشيخ رجب هذه الفقرة بزيادة و تفاوت في الالفاظ هكذا قال من كان ظاهره في ولايتي اكثر من باطنه خفت موازينه يا سلمان لايكمل المؤمن ايمانه حتي يعرفني بالنورانية و اذا عرفني بذاك فهو مؤمن امتحن الله قلبه للايمان و شرح صدره للاسلام و صار
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹ *»
عارفا بدينه مستبصرا و من قصر عن ذاك فهو شاك مرتاب.
اعلم ان الايمان بمعني التصديق و التصديق هو استقرار القلب علي صدق ما سمع و مطابقته للواقع فالتصديق هو الاقرار و الاقرار التام هو العمل اذ لولا العمل لكذب الاعضاء ما استقر عليه القلب و لميحصل التصديق التام فلاجل ذلك كان للايمان درجات لان للانسان الكامل درجات و يجب عليه في كل رتبة و درجة ان يؤمن و اما الانسان الناقص فليس فيه جميع الدرجات بالفعل فلايقدر علي ايمان تلك الدرجة التي هي بعد بالقوة و كمال الايمان ان يكون بجميع الدرجات بالفعل و لماكان الفؤاد الذي به يحصل المعرفة بنورانية اميرالمؤمنين7 اعلي الدرجات و ليس للانسان درجة اعلي منه و حصول المعرفة بالنورانية علامة تحقق الفؤاد في الانسان لايكون العبد مستكملا للايمان حتي يعرفه صلوات الله عليه بالنورانية و من حصل له هذه المعرفة حصل له ساير مراتب الايمان البتة فانه لميصل اليها الا بعد التجاوز عن ساير المراتب و الايمان فيها و كليات مراتب الايمان ثلثة الاعتقاد بالجنان و العمل بالاركان و القول باللسان و القول باللسان من العمل بالاركان فالايمان اعتقاد و هو كالروح و عمل و هو كالجسد فلاظهور للروح الا بالجسد و لاقوام للجسد الا بالروح فاذا اجتمعا حصل الايمان التام الكامل و رجوع جميع العقايد الي معرفة اميرالمؤمنين و آله: فان معرفة الله جل جلاله ليس يحصل لاحد الا بمقاماته و علاماته التي يعرفه بها من عرفه و هم مقاماته و علاماته من عرفهم عرف الله و من جهلهم جهل الله و معرفة النبي9 لاتحصل الا بمعرفتهم صلوات الله عليهم لاتحاد انوارهم و كونهم نفسه و ظهوره و معرفة حقايق الاشياء لاتحصل الا بمعرفة مثلهم الملقاة في هويات الاشياء و معرفة ما له و ما عليه لاتحصل الا بمعرفة صفاتهم و اضدادها فلايستكمل احد الايمان الا ان يكمل في معرفته صلوات الله عليه و يعرفه بالنورانية فاذا عرفه فقد عرف الله و عرف رسوله صلوات الله عليه و عرف حقايق الاشياء و حقيقة ما له و ما عليه و كذلك رجوع الاعمال الي معرفته فان العمل هو معرفة الجسد كما ان الاعتقاد عمل الروح و ذلك كماان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰ *»
الجسد تنزل الروح و الروح مصعد الجسد و من لاعمل له لاثبات لعلمه لان العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الا ارتحل فالجسد الذي لاعمل له غير عارف فان كان تاركا كان منكرا و من كان منكرا ببعض مراتبه هو غير كامل الايمان فمن عرف اميرالمؤمنين صلوات الله عليه بجنانه و اركانه هو مستكمل الايمان و الا فلا بل هو ناقص الايمان قال ابوعبدالله7 لايقبل الله عملا الا بمعرفة و لا معرفة الا بعمل فمن عرف دلته المعرفة علي العمل و من لميعمل فلامعرفة له الا ان الايمان بعضه من بعض فمعرفته بالنورانية لاتحصل لاحد الا بعد استكمال العلم و العمل هذا و كمال العمل دليل وجود الفؤاد فان البدن ما لميتم خلقته لميتعلق به الروح و كذلك العمل جسد العلم فما لميتم العمل لميتعلق به العلم فدليل وجود الروح كمال الجسد و دليل وجود الفؤاد كمال الاعمال قال الله تعالي ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا و قال الصادق7 في حديث اذا تجلي ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة و اذا هاج ريح المحبة استأنس في ظلال المحبوب و آثر المحبوب علي ماسواه و باشر اوامره و اجتنب نواهيه و اختارهما علي كل شيء غيرهما و اذا استقام علي بساط الانس بالمحبوب مع اداء اوامره و اجتناب نواهيه وصل الي روح المناجات و القرب الخبر فلايذهبن بك المذاهب ان تزعم رجلا انه من اهل الفؤاد و ليس له عمل و لاتقوي فالعارف باميرالمؤمنين7 من له علم و عمل و كلما يزداد و يستكمل في العلم و العمل يزداد و يستكمل في معرفة اميرالمؤمنين صلوات الله عليه.
و اما قوله صلوات الله عليه فاذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للايمان و شرح صدره للاسلام و صار عارفا مستبصرا فاعلم ان الامتحان بمعني الشرح و التوسيع يقال امتحن الله قلوبهم اي شرحها و وسعها كذا في المعيار و الشرح بمعني التوسيع فشرح الله صدره للاسلام اي وسعه كذا في المعيار و انما خص القلب بالايمان و الصدر بالاسلام
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۱ *»
فان الاسلام وعاء الايمان و ظاهره قال الله عزوجل قالت الاعراب آمنا قل لمتؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا و لمايدخل الايمان في قلوبكم فالاسلام من شأن النفس و الايمان من شأن العقل و ذلك ان الاسلام هو التسليم و قد يسلم الانسان و ينقاد لكبير لاستيلائه عليه و هو في قلبه غير مصدق و لا بصير فاذا استولي العقل علي النفس و اسرها يسلم النفس للطاعة له ولكن فيها بعد من مقتضيات الانكار موجودة و ليست براضية لفعله و امره الا انها تسلم له لاستيلائه عليها و اسره لها و عدم امكان المروق لها عن امره فتسلم راغمة الانف لامره و لاتبالي ان تخالف امره اذا تمكنت و اما الايمان فهو شأن العقل اذ هو التصديق و التصديق هو العمل و العمل هو الاداء و العقل ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان و العقل عبد الله حقيقة مصدق له راض بامره و نهيه عن سجية و طباع فالايمان شأن العقل و الاسلام شأن النفس فالايمان يشارك الاسلام و الاسلام لايشاركه اللهم الا ان يكون المراد بالاسلام الاسلام الحقيقي فانه يرادف الايمان كما يأتي و قد شرح ذلك ابوجعفر7 قال الايمان ما استقر في القلب و افضي به الي الله عزوجل و صدقه العمل بالطاعة لله و التسليم لامره و الاسلام ما ظهر من قول او فعل و هو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها و به حقنت الدماء و عليه جرت المواريث و جاز النكاح و اجتمعوا علي الصلوة و الزكوة و الصوم و الحج فخرجوا بذلك من الكفر و اضيفوا الي الايمان و الاسلام لايشرك الايمان و الايمان يشرك الاسلام و هما في القول و الفعل يجتمعان كما صارت الكعبة في المسجد و المسجد ليس في الكعبة و كذلك الايمان يشرك الاسلام و الاسلام لايشرك الايمان و قد قال الله عزوجل قالت الاعراب آمنا قل لمتؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا و لمايدخل الايمان في قلوبكم فقول الله عزوجل اصدق القول قيل فهل للمؤمن فضل علي المسلم في شيء من الفضائل و الاحكام و الحدود و غير ذلك فقال لا هما يجريان في ذلك مجري واحدا ولكن للمؤمن فضل علي المسلم في اعمالهما و ما يتقربان به الي الله عزو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۲ *»
جل قيل اليس الله عزوجل يقول من جاء بالحسنة فله عشر امثالها و زعمت انهم مجتمعون علي الصلوة و الزكوة و الصوم و الحج مع المؤمن قال اليس قد قال الله عزوجل يضاعفه له اضعافا كثيرة فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عزوجل لهم حسناتهم لكل حسنة سبعين ضعفا فهذا فضل المؤمن و يزيده الله في حسناته علي قدر صحة ايمانه اضعافا كثيرة و يفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير قيل ارأيت من دخل في الاسلام اليس هو داخلا في الايمان فقال لا ولكنه قد اضيف الي الايمان و خرج من الكفر و ساضرب لك مثلا تعقل به فضل الايمان علي الاسلام ارأيت لو ابصرت رجلا في المسجد اكنت تشهد انك رأيته في الكعبة قيل لايجوز لي ذلك قال فلو ابصرت رجلا في الكعبة اكنت شاهدا انه قد دخل المسجد الحرام قيل نعم قال و كيف ذلك قيل انه لايصل الي دخول الكعبة حتي يدخل المسجد قال اصبت و احسنت ثم قال كذلك الايمان و الاسلام انتهي و اما ما ذكرنا من ان الاسلام الحقيقي يرادف الايمان فيدل عليه قول اميرالمؤمنين7 قال لانسبن الاسلام نسبة لمينسبه احد قبلي و لاينسبه احد بعدي الا بمثل ذلك ان الاسلام هو التسليم و التسليم هو اليقين و اليقين هو التصديق و التصديق هو الاقرار و الاقرار هو العمل و العمل هو الاداء ان المؤمن لميأخذ دينه علي رأيه ولكن اتاه من ربه فاخذه ان المؤمن يري يقينه في عمله و الكافر يري انكاره في عمله فو الذي نفسي بيده ماعرفوا امرهم فاعتبروا انكار الكافرين و المنافقين باعمالهم الخبيثة انتهي. و هذا الاسلام هو الاسلام الحقيقي و هو الايمان بالجملة لاجل ذلك خص7 الايمان بالقلب و الاسلام بالصدر و المراد بالقلب العقل كماقال عزوجل ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب و المراد بالصدر النفس فمادونها من المشاعر و هي وعاء العقل و ظاهره و صورته فالايمان معني و الاسلام صورة اما المعني فلايكون بلاصورة و اما الصورة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۳ *»
فقد تكون بلامعني خاص و ان لم تكن توجد بلامعني مطلقا هو الذي خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن فمن عرف اميرالمؤمنين علي ما اشرنا اليه وسع الله قلبه للايمان فلميضق بما ورد عليه من الايمان و لميحرج و وسع صدره للاسلام فلميضق بقبول امر او نهي وارد عليه فاستكمل المعني و الصورة و الروح و الجسد و صار ايمانه ايمانا تاما كاملا و صار عارفا حقيقيا مستبصرا مهتديا الي الحق.
و اما قوله و من قصر عن معرفة ذلك فهو شاك مرتاب فاعلم ان للقلب حالات اربع و هو مجبول عليها لايقدر علي خلافها فاما ان يجزم علي الشيء بحيث يثبت و يستقر بالكلية فهو اليقين و ذلك لايكون الا حاصلا من ادلة بينة واضحة تامة فتلك الادلة بمنزلة السحاب و مدلولها بمنزلة المطر فاذا وقع مدلولها علي ارض القلب نبت منها نبات اليقين فذلك اليقين ولد قد تولد بين ابوين ابوه الدليل القطعي و امه القلب او الدليل بمنزلة الشاخص و المدلول شبحه و القلب بمنزلة المرآة و كل مثل ينبيء عن وجه من وجوه المسألة فاذا كان في الخارج دليلان متضادان ناقصان فان الدليل لو كان تاما لدل علي ما دل بينا واضحا و اورث اليقين بمدلوله و اذا كان ناقصا يكون افادته وجود المدلول ناقصا فلايتضح للعقل مطابقته للواقع و مخالفته فيقع من كل واحد منهما شبح علي مرآة القلب فلايقدر علي ان يقر علي احدهما فيحصل له تردد فان غلب احد الدليلين علي الاخر تولد منهما الظن و تولد من المغلوب الوهم و ان تساويا حصل منهما الشك فيبقي مترددا لايقدر علي الاقرار بهذا و لا بهذا و اما الريب فهو اول الشك و احتمال الخلاف فكأنه الوهم المقابل للظن و لذا قال اميرالمؤمنين7 لاترتابوا فتشكوا فتكفروا يعني اذا عرفتم حقا لاتلتفتوا الي جهة الخلاف فتستأنسوا بها ثم تتقوي قليلا فترتابوا ثم تتقوي بعده فتساوي الحق في انظاركم فتشكوا ثم تتقوي بعده في انظاركم حتي تغلب الحق فتظنوا فتكفروا و اما ان يغلب جهة الباطل حتي يتولد منه اليقين بموافقة الواقع و الحق فلايكون ذلك ابدا و ما يقوله بعض الجهال من ان اهل الباطل ربما يقطعون علي حقية باطلهم فذلك افك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۴ *»
و افتراء و لايكون ذلك ابدا و ان لكل شيء اثرا مشاكلا له و مادة الباطل و صورته اللتان هما اركان دليله لهما اثر باطل فان الاثر يطابق صفة مؤثره فلايؤثر دليل الباطل في نفس احد يقينا بحقية مدلوله هذا و دليل الحق ما ليس معه دليل باطل و ان الله جل جلاله لميدع الباطل منفردا في الدنيا حتي يؤثر بلامعارض فمهما قام دليل باطل قام دليل حق بازائه يبطل دلالته قال الله عزوجل بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق و لكم الويل مما تصفون و قال قل جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا و قال ليحق الله الحق بكلماته و يبطل الباطل فلميقم قائم باطل الا قام بازائه قائم الحق يكسره و الا لميكن لله علي خلقه حجة و لكان يسع كل احد ان يقول اني اتيقن ان الحق معي حيث ما كنت ثم لايكون لنبي و لا لوصي نبي رده و تكذيبه و لاجل ذلك قال ابوعبدالله7 في قوله و اعلموا ان الله يحول بين المرء و قلبه قال يحول بينه و بين ان يعلم ان الباطل حق و قال7 في معني الاية لايستيقن القلب ان الحق باطل ابدا و لايستيقن القلب ان الباطل حق ابدا انتهي و لولا ذلك لميقم لنبي حجة علي رعيته و لا لله علي خلقه من حجة و ان قلت كما انه لميقم دليل باطل الا و قام معه بازائه دليل حق كذلك لميقم دليل حق الا و قام بازائه دليل باطل فيلزم من ذلك ان لايكون يقين ابدا و يكون المدار في جميع الامور بالشك او الظن قلت كذلك هو قال الله عزوجل و ما ارسلنا من رسول و لا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ولكن قال ان جند الله هم الغالبون و ان حزب الله هم المفلحون و قال بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق و قال ليحق الله الحق بكلماته و يبطل الباطل و قال لله العزة و لرسوله و للمؤمنين و من البين ان كل عزيز غالب الله مغلوب فلايكون لدليل الباطل غلبة علي الحق و علي الله ابطاله و دمغه و ازهاقه و لاتحسبن الله مخلف وعده رسله و انما خلي بين الباطل و جولته لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۵ *»
مقترفون هذا و قلوب المؤمنين خلقت من الحق و تنجذب الي الحق و تستأنس به و قلوب الكافرين خلقت من الباطل فتنجذب الي الباطل و تستأنس به الا انهم في الفطرة الاولية خلقوا علي طبق الحق فتلك الفطرة لاتدعهم يستقرون علي الباطل فهم مضطربون دائما و ان يتبعون الا الظن و ان هم الا يخرصون و اما المؤمنون فلميبدلوا تلك الفطرة و لميغيروه و لميتبعوا الشيطان القائل و لامرنهم فليغيرن خلق الله و اتبعوا ربهم الذي قال فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم فهم يثبتون علي الحق و يطمئن قلوبهم عليه و يتيقنون فقوله صلي الله عليه و من قصر عن ذلك فهو شاك مرتاب يعني به من قصر عن معرفتي فهو شاك مرتاب في دينه في توحيد الله عزوجل فانه صلي الله عليه برهان التوحيد و ظاهره و دليله و ركنه و جمعه فمن عرفه عرف الله و من لميعرفه فلاسبيل له الي الله و لايقدر علي الوصول الي كنه ذاته فان الحادث لايصل الي القديم و لا الي ظهوره و تعريفه و تعرفه فانه صلي الله عليه تعريفه و تعرفه فمن عرفه فامامه يقين و من لميعرفه فامامه سجين فهو شاك مرتاب في التوحيد و كذا في النبي9 فانه نفسه و كذب من زعم انه عرف الشيء و لميعرف نفسه فقد روي عن الرضا عن آبائه صلوات الله عليهم قال قال رسول الله9 يا علي انت و الائمة من ولدك بعدي حجج الله علي خلقه و اعلامه في بريته فمن انكر واحدا منهم فقد انكرني و من عصي واحدا منهم فقد عصاني و من جفا واحدا منهم فقد جفاني و من وصلكم فقد وصلني و من اطاعكم فقد اطاعني و من والاكم فقد والاني و من عاداكم فقد عاداني لانكم مني خلقتم من طينتي و انا منكم و هذا و الحمد لله واضح لاسترة عليه و كذا شاك مرتاب في معرفة اوامر الله و نواهيه فانه ليس العلم الا ما خرج منهم كما قال ابوجعفر7 لسلمة بن كهيل و الحكم بن عتيبة شرقا و غربا فلاتجدان علما صحيحا الا شيئا خرج من عندنا اهل البيت و قال7 ليس عند احد من الناس حق و لا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۶ *»
صواب و لا احد من الناس يقضي بقضاء حق الا ما خرج منا اهل البيت و اذا تشعبت بهم الامور كان الخطاء منهم و الصواب من علي7 انتهي و ذلك ان احدا لايطلع علي ما يرضي الله و ما يسخطه و لايعلمهما الا الله جل جلاله و قد انهي علمهما بالوحي الي رسول الله9 فانهاهما رسول الله9 الي علي7 بالسمع و النطق و قد انهاهما الي ذريته بالايداع و السمع و النطق فلايعرفهما احد الا بالاخذ عنهم و ليس للآراء في الوصول الي ذلك حظ و لانصيب ان اصابت عميانا خافت ان تكون قد اخطأت و ان اخطأت رجت ان تكون قد اصابت و هي دائما مضطربة و هي تتنقل في الحالات تميل مع كل ريح تغلبها كل رأي غالب و تصرفها كل شبهة هامدة فمن لميعرفهم فهو شاك مرتاب في دينه و حلاله و حرامه ايضا و كذا شاك مرتاب في معرفة الحقايق فان الله سبحانه خلقهم حين خلقهم و لا شيء سواهم ثم خلق الاشياء من انوارهم و اشهدهم خلق السموات و الارض و خلق انفس الخلايق فهم الشاهدون المطلعون لايشاركهم احد في ذلك فمن اخذ عنهم معرفة الحقائق وقع علي حقيقة الخلائق و من لميأخذ عنهم يخرص خرصا لايرضي به الخالق كما وقع الحكماء تحت كل كوكب و هم اشد الناس اختلافا فيما تكلموا فيه لاستبدادهم بعقولهم و اختلافها علي اختلاف صورهم فمن لميعرف آل محمد: هو شاك مرتاب في جميع اموره و لعمري جميع اصحاب العلوم شاكون مرتابون الا من اخذ منهم فان كانوا في علم يزعمون انهم علي يقين فانه علم اصطلاحي وضعوه او علم بديهي و مع ذلك فانهم في مباديه شاكون و في حقايقه مرتابون او في المقدمات يسامحون و لايعرف الحقائق الا بالمشاهدة و قد قال الله سبحانه في الظالمين ما اشهدتهم خلق السموات و الارض و لا خلق انفسهم فاذا جاوزت المشاهدة جاء الاستدلال و الاستدلال لايكشف عن حقيقة الشيء هذا و ان عرفوا وجها من شيء فانما يجهلون وجوها عديدة منه و لايعرف ذلك الا من مارس الامور و العلوم و لميسامح فيما سمع و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۷ *»
الا الظن و ان هم الا يخرصون.
قال صلي الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين قال7 معرفتي بالنورانية معرفة الله عزوجل و معرفة الله عزوجل معرفتي بالنورانية.
اعلم ان المعرفة هي الادراك الثاني للشيء بعد ادراكه اولا و غيبوبته فاذا رأيت زيدا تقول اعرفه اذا كنت رأيته قبل ثم غاب عنك فاذا رأيته ثانيا تقول اعرفه انه هو هو و ان لمتك رأيته سابقا تقول لااعرفه و كذلك الامر في كل حاسة فان سمعت صوتا ثم غاب عنك ثم سمعته تقول عرفته انه هو هو و ان لمتك سمعته قبل تقول لااعرفه و هكذا ثم تختلف المعرفة فمعرفة وجه من الشيء و معرفة وجهين و معرفة وجوه و معرفة جميع جهاته و هكذا فلايحصل المعرفة بالشيء الا بمدرك يناسبه فلايعرف الانسان صوتا بعينه و لا لونا باذنه و هكذا فقيل معرفة الله و معرفة رسوله و حججه: اما لاجل ان الله سبحانه خلق الخلق في عالم الذر و بثهم بين يديه و اخذ عليهم الميثاق و تجلي لهم بما تجلي و اظهر لهم محمدا و آله: و اخذ عليهم العهود و عقد عليهم المواثيق فلما جاءوا الي الدنيا و جدد عليهم العهد و ارسل اليهم الرسل و قال ذكرهم بايام الله و قال و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين فتجلي لهم ثانيا بما تجلي و اظهر لهم الحجج: عرفوا ان ما رأوه هنا هو ما رأوه هناك و عرفوه فعرفوا الله و عرفوا رسوله و حججه: و اما لان الله سبحانه خلق الخلق حين خلقهم من نور مشيته و جعل حقايقهم آيات توحيده فتجلي لها بها و ظهر لها بها ثم انزلهم الي ساير المراتب الخلقية المعنوية و الصورية و الغيبية و الشهادية الي ان جاء بهم في هذه الدنيا ابعد المراتب و اقصاها و غيب عنهم ذلك النور و حجبهم عن ذلك الظهور بحجب اغشية الاجسام و ساير المراتب التنزلية فغاب عنهم بها ثم لما صعدهم من مهاوي الاجسام الي مراقي تلك المراتب و كشف لهم الحجاب عن تلك الانوار عرفهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۸ *»
نفسه و عرفوه و عرفوا الوسائط بينه و بين خلقه فعلي هذا المعني يصح ان يقال عرفهم نفسه و حججه في عالم الذر ايضا فان عالم الذر عالم النفوس و هو متنزل عن عالم الحقايق التي تجلي لهم بها ثم غالب عنهم بحجب انيات المراتب التنزلية ثم ظهر لهم في عالم النفوس و لاجل ذلك قال7 ثبتت المعرفه و نسوا الموقف و سيذكرونه يوما ما و اما معرفته7 بالنورانية فاعلم ان الله جل و عز احد لايجزي و لايثني و لايتناهي فلايكون معه غيره و لايثبت معه سواه فلا شيء اذ هو الا هو فلايتحد معه شيء و لايجامعه شيء فلايمكن ان يدركه غيره اذ لا غير فهو هو لايعلمه سواه فتجلي لا بحركة بعد سكون و لا بنطق بعد سكوت و لا يتغير عماكان عليه فتجلي لا في وقت كان بعد وقت و في مكان كان بعد مكان و لا في رتبة كانت بعد رتبة و لا من شيء و لا بشيء و لا لشيء و لا علي شيء و تجليه كماله الازلي و جماله الابدي نور مستطير و ظهور اثير و هو قدرة قدير و لايتعدد بازلية التجلي القدماء للفقر الذاتي الذي للتجلي الي المتجلي و ليس التجلي الا للمتجلي و به فاني يتعدد القدماء و يتكثر الازل تعالي عن ذلك علوا كبيرا هذا و كمال الازل ازلي و ان فرض شيء بلاكمال في طرفة عين و فرض عدم تغير ذلك الشيء عماكان عليه ابدا لزم ان لايحدث له كمال ابدا فامتنع عدم كماله جل و عز و كماله هو ذلك التجلي الاعظم و الظهور الاجل الاكرم و كما انه يمتنع عدم كماله اولا يمتنع فناؤه آخرا فهو نور ثابت ازلا ابدا اولا اخرا و سميناه نورا لانه ظاهر بنفسه بل هو اظهر من كل شيء بل لاظهور لغيره و كل شيء بعد اعتبار الشيئية له فانما ظهر بفضل ظهوره و ذلك انه من حيث نفس الاشياء اولي بكل شيء من نفسه و اقرب الي كل شيء من نفسه و بلحاظ كل شيء آيته و نوره و ظله فهو اظهر من كل شيء بل لاظهور لغيره فان كل قابلية كان في الامكان معدوما و ان ما لبس من حلة الوجود فانما هو من فضله و ظله فلاوجود لشيء الا بفضل وجوده فهو مظهر جميع ماسواه فلاجل ذلك سمي بالنور لان النور هو الظاهر في نفسه و المظهر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۹ *»
لغيره و هو المشار اليه بقوله تعالي الله نور السموات و الارض و لماكان بكله له سبحانه لا لنفسه و لا لغيره حمل علي الله و اتصف به و ذلك النور هو الذي لايسبقه سابق و لايفوقه فائق و لايلحقه لاحق و لايطمع في ادراكه طامع و هو مقامهم صلوات الله عليهم لا لغيرهم اذ هم اول ما خلق الله باتفاق الشيعة و اشرفه و اكرمه علي الله و هم متحدون مع محمد9 في النور و الطينة و الروح باتفاق الشيعة و هو اول ما خلق الله باتفاق المسلمين فذلك النور هو اعلي درجاتهم و اس فضائلهم صلوات الله عليهم كما حققناه في كتاب نعيم الابرار و لك ان تقول ان مقام النور هو مقام الولي لانه مقام الظهور و التجلي و اما مقام النبي فهو مقام الغيب و البرزخية بين الله غيب الغيوب و بين خلقه فهو ليس بظاهر للمشاعر الغيبية و الشهادية الخلقية لغلبة جهة الرب عليه و اما الولي فهو ظاهر النبي و صفته و تجليه لمن دونه فلايظهر لمن دونه الا به فالولي هو النور و يدل عليه باطن قوله تعالي الله نور السموات و الارض فعلي اي حال معرفة علي7 بالنورانية هي معرفة ذلك النور و انه هو حقيقته و فؤاده لايشاركه فيه احد و هو بالنسبة الي النبي9 كنسبة الصورة الي المادة او النفس الي العقل او الماهية الي الوجود فمن عرف ذلك النور فقد عرف الله لانه جهة معرفة الله عزوجل و تعريف الله عزوجل نفسه لخلقه و تعرفه لعباده و هو النبأ العظيم الذي انبأ الله عن نفسه و الاية الكبري التي اراها الله خلقه ليتبين لهم انه الحق و الاشارة الي بيان هذا الاجمال ان ذات الله جل و عز احدية غير متناهية و يمتنع حيث هي و لا حيث ذكر غيرها فلو ذكر معها غيرها باي وجه لزم تركيبها و خروجها عن الاحدية فاذا امتنع معه ذكر غيره يمتنع ان يعرفه غيره بل لايعقل للذات الاحدية معرفة و معروفية اذ هي في ذاتها هي و ليس لها حيوث و مراتب تكون من حيث عارفة و من حيث معروفة و من حيث معرفة و لايقوم معها غيرها فيكون عارفا بها و ليست بمركبة فتكون موصوفة بالمعروفية فامتنع ان يعرف الذات او يكون لها معرفة البتة فمعرفة الذات لفظ مهمل لا معني له البتة نعم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳0 *»
تجلي الله سبحانه بنور جعله جهة اقترانه و جهة اضافته و جهة اتصافه لانه جعله له بكله و لميجعله لنفسه و لا لغيره بل جعله له مبرأ عن كل اسم و رسم و ذكر غير اسمه و رسمه و ذكره فلماكان كذلك صار جميع ما يضاف اليه او يقترن به او يقع وصفا له مضافا اليه جل و عز مقترنا به وصفا له جل جلاله بل لاحقيقة للاضافة الي الذات و الاقتران بها و اتصافها بشيء الا هذا و يكشف عن جميع ذلك معني قول اميرالمؤمنين7 كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل فالمضاف و المضاف اليه و المقترن و المقترن به و الموصوف والموصوف به و المنسوب و المنسوب اليه و جميع المتضايفات مقترنات و الاقتران دليل الحدث لانه دليل التركيب و الاحد لايقترن بغيره اذ غيره يمتنع معه فاذا لايقترن بالذات شيء فاذا جهة الاقتران مقترنة مع المقترن و لاجل ذلك قال ابوعبدالله7 في قول الله عزوجل فلما آسفونا انتقمنا منهم قال ان الله تبارك و تعالي لايأسف كأسفنا ولكنه خلق اولياء لنفسه يأسفون و يرضون و هم مخلوقون مدبرون فجعل رضاهم لنفسه رضا و سخطهم لنفسه سخطا و ذلك لانه جعلهم الدعاة اليه و الادلاء عليه فلذلك صاروا كذلك و ليس ان ذلك يصل الي الله كما يصل الي خلقه ولكن هذا معني ما قال من ذلك و قد قال ايضا من اهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة و دعاني اليها و قال ايضا من يطع الرسول فقد اطاع الله و قال ايضا ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله و كل ذلك و شبهه علي ما ذكرت لك و هكذا الرضا و الغضب و غيرهما من الاشياء مما يشاكل ذلك و لو كان يصل الي المكون الاسف و الضجر و هو الذي احدثهما و انشأهما لجاز ان يقال ان المكون يبيد يوما ما لانه اذا دخله الضجر و الغضب دخله التغيير و اذا دخله التغيير لميؤمن عليه الابادة و لو كان ذلك كذلك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳1 *»
لميعرف المكون من المكون و لا القادر من المقدور و لا الخالق من الملخلوق تعالي الله عن ذلك القول علوا كبيرا هو الخالق للاشياء لا لحاجة فاذا كان لا لحاجة استحال الحد و الكيف فيه فافهم ذلك ان شاء الله انتهي. فاذا الصفات للموصوف و المقترنات لجهة الاقتران و النسب لجهة الانتساب و الخطابات لجهة الخطاب و الاشارات لجهة الاشارة و التعبيرات لجهة التعبير و الاسماء لجهة التسيمة و هكذا و تلك الجهة هي ذلك التجلي المتمحض فيه الخالص له الذي لا ذكر فيه لنفسه هو لغيره الا هو و ذلك قوله جل قدره سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين فالذي يخصه و لايتعلق بغيره هو الحمد و الثناء الجميل الذي اثني الله به نفسه في الدعاء انت كما اثنيت علي نفسك لا احصي ثناء عليك و ذلك الثناء هو اول خلق خلقه الله عزوجل و اول تجل تجلي الله جل جلاله به و هو باجماع المسلمين و اتفاق النصوص حقيقة محمد9 لا من حيث انه حقيقته بل من حيث انها حق الله الظاهر في خلقه له به و لغيره به بهم فهو حمد الله و ثناؤه الجميل الذي اثني به علي نفسه و هو لله عزوجل ليس لغيره و هو تلك الجهة التي جميع ما يضاف اليها فقد اضيف الي الله عزوجل الم تسمع قوله ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله المتسمع قوله من يطع الرسول فقد اطاع الله و قوله لمتقتلوهم ولكن الله قتلهم و مارميت اذ رميت ولكن الله رمي و في الزيارات من احبكم فقد احب الله و من ابغضكم فقد ابغض الله و من اعتصم بكم فقد اعتصم بالله فلاجل ذلك صار معرفة ذلك الحق هو معرفة الله عزوجل و معرفة الله عزوجل معرفته بقي شيء و هو ان لتلك الحقيقة الشريفة و لو من حيث الاعلي جهتين جهة بها تجلي الله سبحانه بغيبوبته عن ابصار الخلايق و بصايرهم و تجلي به عدم مدركيته و قدسه و تنزهه عن ان يدركه شيء من خلقه كما قال سبحانه لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و جهة بها تجلي الله سبحانه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۲ *»
للعارفين و الواصفين و المتوجهين و امثال ذلك و لاشك ان هذه الجهة هي ادني رتبة من الجهة العليا فيقع المعارف و الاثنية عليها و هي اي هذه الجهة نفس الجهة العليا و ظهورها و يدها و وجهها و خليفتها و هي مقام الولاية و الجهة العليا مقام النبوة و هما من نور واحد قسم الله ذلك النور قسمين فقال لقسم كن محمدا و قال لقسم كن عليا فلاجل ذلك قال هذه الجهة معرفتي بالنورانية هي معرفة الله عزوجل و قال ظاهري امامة و وصية و باطني غيب ممتنع لايدرك فان جهة غيب ذلك التجلي لايعرف و لايوصف و لايسمي و لايشار اليه تعالي عمايقولون علوا كبيرا ففي الزيارة عن الرضا7 السلام علي الذين من والاهم فقد والي الله و من عاداهم فقد عادي الله و من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله و من اعتصم بهم فقد اعتصم بالله و من تخلي منهم فقد تخلي من الله و قال علي7 نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا الي غير ذلك من الاخبار فمن عرف اميرالمؤمنين7 بالنورانية عرف الله و من انكره فقد انكر الله و ذلك انه ليس لله عزوجل معرفة غير معرفة ما عرف من نفسه و هم الذين بهم عرف نفسه اولا لهم و بهم عرف نفسه ثانيا لغيرهم ثم لماكانوا سلام الله عليهم بكلهم لله عزوجل ليسوا لانفسهم و لا لغيرهم فذواتهم ذوات الله العليا و ارواحهم روح الله و انفسهم نفس الله و هم بكلهم ظاهر الله جل جلاله فمن عرفهم فقد عرف الله و لا معرفة لهم الا معرفة الله و لذلك صار جميع ما يضاف اليهم ايضا مضافا الي الله جل و عز كما في الجامعة من احبكم فقد احب الله و من ابغضكم فقد ابغض الله و من اعتصم بكم فقد اعتصم بالله.
قال صلوات الله عليه و هو الدين الخالص الذي قال الله تعالي و ما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلوة و يؤتوا الزكوة و ذلك دين القيمة يقول ما امروا الا بنبوة محمد9 و هو الدين الحنفية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۳ *»
المحمدية السمحة و قوله و يقيموا الصلوة فمن اقام ولايتي فقد اقام الصلوة.
اعلم انه7 ذكر الضمير مع ان المرجع هو المعرفة نظرا الي المعني و ذلك ان زمام الاشارة بيد المشير يشير الي ما يقصد و ليس بملتزم للالفاظ و كيفما شاء المشير اشار و اجري كلامه عليه فنظر7 الي كونها دين الله عزوجل و الي كونها اعلي التعبدات و اسناها و اشرفها فرجع الضمير اليه و ان كان لايعرفه اهل العربية و من هذا الباب قال الله عزوجل بكلمة منه اسمه المسيح فاشار الي المعني دون اللفظ و اما الدين فمعناه التعبد و الشأن و وضع الهي و الاسلام كماقال الله عزوجل ان الدين عند الله الاسلام و العبادة و الطاعة و الذل و القهر و الغلبة و الاستعلاء و السلطان و الملك و الحكم و القضاء و الحال و السيرة و التدبير و التوحيد و اسمع لجميع ما يتعبد الله عزوجل به و الملة و الورع كذا في المعيار فتلك المعرفة هي الدين الخالص اي التعبد الخالص لله عزوجل و التعبد التنسك و ذلك لان للانسان مراتب و هو بجميع مراتبه عبد لله عزوجل و يجب عليه ان يسلك بجميع مراتبه في مسلك العبادة و القيام برسم العبودية و كل مرتبة منه يجب ان يتقرب الي الله جل و عز بما يتأتي منه فعبادة العين النظر الي ما يحب الله جل و عز و عبادة الاذن الاصغاء الي ما يرضي الله و عبادة اللسان التنطق بما امر الله و هكذا فعبادة الفؤاد المعرفة بالله جل و عز و تلك المعرفة لاتحصل الا من حيث عرف نفسه به و قد عرف نفسه لمحمد و آل محمد صلوات الله عليه و آله بهم و لغيرهم بهم و بها فاذا اذا عرف الانسان نفسه عرف ربه و عرفهم بها فاذا معرفة الفؤاد دينه و تعبده و تنسكه لله عزوجل او نقول ان المعرفة الحقيقية الكاملة ان يعرف كل مرتبة من مراتب الانسان بما ينبغي له ربه و تلك المعرفة هي عبادته فتعبد الاجساد هو معرفتها بربها كما ان عبادة الفؤاد هي معرفتها بالله عزوجل و معرفة العقل هي يقينه و معرفة النفس هي علومها الحقة و معرفة الاظلة هي تصوراتها العلينية الحقة فاذا عمل كل مرتبة من مراتب الانسان بما ينبغي له و ما يتأتي منه فذلك العارف حقا و تلك المعرفة هي ما عرف الله نفسه له بمحمد و آل محمدعلیهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۴ *»
السلام فتلك العبادات هي معرفة كل رتبة بهم صلوات الله عليهم فمعرفة الجسد بهم هي تعبده بجميع ما كلف به من الفرايض و المندوبات و هي ولايته لهم فان الحب فرع المعرفة و هي لاتتم الا بالبرائة من اعدائهم و هي ايضا في كل رتبة بحسبه فبرائة الفؤاد اعراضه عنهم و بغضه لهم و برائة العقل يقينه بكفرهم و برائة النفس علمه بشقائهم و كفرهم و شركهم و برائة الجسد اجتناب ما نهي الله عنه و حرمه او كرهه فمن اجتنب ما نهي الله عنه بجميع مراتبه هو المتبري عن اعداء آل محمد: بكله و بقدر ارتكابه لما نهي الله عنه هو مائل اليهم لعنهم الله موال لهم معرض عن ولاية آل محمد: و من ذلك ظهر ان احدا لايقدر علي اقامة ولايتهم من كل جهة كما ينبغي الا هم صلوات الله عليهم و لذلك امرهم الله خاصة بقوله و جاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم و قال اتقوا الله حق تقاته و اما غيرهم صلوات الله عليهم فلايقدر علي اقامة ولايتهم حق اقامتها حتي الانبياء فانه قد يحصل منهم ترك الاولي و هو مناف لاقامة ولايتهم و هذا معني تأمل الانبياء في ولايتهم و الا لايجوز لاحد منهم التأمل في الاعتراف بحق علي7 و ولايته قال الله جل و عز عهدنا الي آدم من قبل فنسي و لمنجد له عزما اي علي الامتثال التام بجميع مراتبه و حيوث كل مرتبة فتبين و ظهر ان معرفتهم هي الدين الخالص و اما خلوص التعبد فهو ان يكون لله وحده لاشريك له و لايكون عبادة لله وحده لاشريك له الا ان يكون قصد المتعبد طلب رضاه و رضاه في رضا آل محمد صلوات الله عليهم فانهم لايرضون الا بما يرضي الله عزوجل و لايرضي الله عزوجل اذا رضي الا برضاهم و في رضاهم فمن تعبد طلب رضاء محمد و آل محمد: فهو الذي اخلص في عبادة الله و كذا خلوصه الاعظم ان يتعبد الانسان امتثالا لامر الله وحده و امر الله امرهم و امرهم امر الله لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون من يطع الرسول فقد اطاع الله فالعمل امتثالا لامر الله هو العمل امتثالا لامر محمد و ال محمد: علیهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۵ *»
السلام و طاعة و انقيادا لهم فالعمل الخالص هو العمل لاجل امتثال آل محمد: و لايتحقق الامتثال الا بالانقياد لامرهم و نهيهم و لا امر و لا نهي الا ما صدر منهم فمن عمل مستندا في كل جزئي جزئي من اعماله الي امرهم و نهيهم فهو الممتثل و من عمل برأيه و هواه و استحسانه و استقباحه فليس عاملا علي وجه الامتثال فليس عمله خالصا لله عزوجل و هو مشرك بالله العظيم هواه افرأيت من اتخذ الهه هواه و اضله الله علي علم و ختم علي سمعه و قلبه و جعل علي بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلاتذكرون و كذلك لايكون العمل خالصا كمال الخلوص حتي يكون الانسان بعمله مريدا لوجه الله وحده لايري معه ثوابا و لايري معه رضاء و سخطا و لايري معه امتثالا و امرا و نهيا و ان كان في اول توجهه لابد و ان يلاحظ الامتثال ولكن بعد ما توجه و استغرق في بحره فلايري غير وجهه سبحانه فيسلك اليه غير ملاحظ لشيء غيره و من البين ان آل محمد: هم وجه الله الذي يتوجه اليه الاولياء و وجهه الذي لايفني و وجه الله الباقي بعد فناء كل شيء فمن توجه اليهم فقد توجه الي الله و من اعرض عنهم فقد اعرض عن الله في الزيارة من اراد الله بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم و كذلك يكون الخلوص لله عزوجل اذا كان من الباب الذي امر الله عزوجل فلو توجه اليه لا من ذلك الباب فيعبد الله ضالا لايقبل منه و لايكون خالصا و الباب الذي امر الله عزوجل به باب ولايتهم قال الله عزوجل و أتوا البيوت من ابوابها و هم ذلك الباب الذي لايؤتي الله عزوجل من غيره فمن اتي الله مواليا لهم و لاوليائهم متبرئا من اعدائهم آخذا بسنتهم متبعا طريقتهم فهو الخالص لله عزوجل و الا فهو مشرك بالله و ان كان عاملا ناسكا و كذلك يكون العمل خالصا اذا كان الانسان مقرا بفضائل آل محمد: قابلا من حملتها مسلما لرواتها و الا فلايكون اعماله مقبولة و ان زكت و لايرد الله عملا خالصا له ابدا في الدعاء في صفة علي7 من لااثق بالاعمال و ان زكت و لااراها منجية لي و ان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۶ *»
صلحت الا بولايته و الائتمام به و الاقرار بفضائله و القبول من حملتها و التسليم لرواتها بالجملة هذه هي وجوه خلوص الدين و التعبد لله عزوجل و علي ان يكون الدين بمعني الشأن اي العمل بما يحسن اذ يقال شأن شأنه اي عمل بما يحسن فتلك المعرفة علي ما بينا هي الشأن للمؤمن الخالص لله اي هي عمل احسنه و علمه من الله بهم صلوات الله عليهم و يكون خالصا لله عزوجل و قد يقال شأن شأنه اذا قصد قصده فتلك المعرفة هي القصد الخالص فان المؤمن بها قصد ربه و الشأن هو الامر و الحال و الخطب فكذلك تلك المعرفة هي الامر الخالص و الحال الخالصة و الخطب فكذلك تلك المعرفة هي الامر الخالص و الحال الخالصة و الخطب الخالص علي ما بينا و شرحنا و علي ان يكون الدين بمعني الوضع الالهي فتلك المعرفة هي الوضع الالهي الذي وضعه الله لعباده و عليهم اذ به عرف نفسه لهم فمن عرفهم فقد اتصف بالوضع الالهي و هو فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم فمن عرف الله بهم فهو علي الوضع الالهي الخالص لله عزوجل كما عرفت و علي ان يكون بمعني الاسلام كما قال الله عزوجل ان الدين عند الله الاسلام فمعرفتهم سلام الله عليهم هو الاسلام الخالص لله عزوجل ليس فيه طلب مغنم و لا اداء مغرم و لا حقن دم و انما هو ايمان بالله و برسوله و بحججه: لوجه الله و ذلك ان الاسلام هو التسليم و التسليم هو التصديق و التصديق هو الاقرار و الاقرار هو العمل و العمل هو الاداء فمن ادي ما حمل من عهد الايمان فقد اسلم و ذلك الايمان لايتحقق الا بمعرفتهم فانهم مقامات الله التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه و هم معاني ما يدعوه به ولاة امره و ابوابه و صفاته وتراجمة وحيه و السنة امره و نهيه فمعرفتهم هو الدين الخالص اي الاسلام الخالص بجميع حدوده و علي ان يكون بمعني العبادة و الطاعة فكالتعبد و قد مر و علي ان يكون بمعني الذل فمعرفتهم هو الذل لله تعالي الخالص و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۷ *»
الخضوع و الخشوع له الخالص لوجهه و ذلك ان مراتب الخلق علي ثلثة اقسام فمنها ما يغلب عليه انيته و غلائظها الحاجبة لما ورائها فهو يري نفسه مدعيا لما يقول فيتكبر و يدعي الربوبية و الاستقلال و ينازع ربه و منها ما يستوي فيه الغلائظ و الرقائق و الكثائف و اللطائف فيري شيئا مما وراءه و يحجب شيئا او يثبت نفسه مرة و ينفيها مرة و منها ما يغلب عليه جهة ربه و لطائف وجوده الشافة المرئية لما وراءها فهي خاضعة ذليلة لله عزوجل فانية مضمحلة لديه فذلك الذي بقاؤه في فنائه و وجوده في عدمه و استقلاله في اضمحلاله و هو واجد كل شيء بفقدان نفسه فالخير كل الخير و الكمال كل الكمال و النجاة و الدوام في فناء النفس و اضمحلالها عند سطوع نور الرب و لاجل ذلك مقام السجود اقرب الي الله سبحانه من جميع احوال الصلوة فانه مقام التذلل و الخضوع و الخشوع و الانقطاع عن الكل قال الله تعالي و اسجد و اقترب و قال7 اقرب ما يكون العبد الي الله و هو ساجد فجميع الخير في الذل لله اذا تذلل خالصا لوجه الله ففني لله وحده وحده وحده و هذا الفناء هو معرفتهم سلام الله عليهم بان يعرفهم بالفناء عند الله سبحانه من حيث انفسهم و البقاء به و التذلل التام الموجب للعزة الدائمة و هكذا فمن عرفهم بالفناء التام فقد عرفهم حق معرفتهم و من عرفهم بادني استقلال فقد قصر في معرفتهم منزل لهم عن درجة جعلهم الله فيها و ان اريد بالذل ذل العارف فذله لله عزوجل و لهم و انقياده لهم و طاعته لهم خالصا لوجه الله هو معرفتهم بالنورانية و الحقانية فان نفس ذلك الذل لهم و لله خير هم اصله و فرعه و معدنه و مأواه بل الذل هو جميع الطاعة و الامتثال لله جل و عز و لهم فمعرفتهم هي الذل الخالص لله جل و عز و لهم و علي ان يكون بمعني القهر و الغلبة و الاستعلاء و السلطان و الملك فمعرفتهم هي حصول سر الوحدة في الانسان و صيرورته بالفعل اذ ما لميصر سر الاحدية في الانسان بالفعل لميصل الي حيث اثريته لمؤثره و الي حيث آئيته له البتة فاذا تحقق فيه حيث الاثرية تحقق فيه سر الاحدية و عرف به مؤثره و هو هم سلام الله عليهم فان الخلق من شعاعهم و نورهم فمن وصل الي ذلك النور
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۸ *»
الذي خلق منه وصل الي نفسه و عرفها و من عرف نفسه عرف ربه و من عرف ربه عرفهم و من عرفهم عرف ربه و من تحقق فيه سر الوحدة و الاحدية حصل له القهر و الغلبة علي جميع الكثرات و انقاد له الكل لانها كلها تطوراته و شئونه و ذلك السر هو آية تعريفهم و تعرفهم به عرفوا انفسهم لآثارهم فمن بلغ ذلك المبلغ فقد عرفهم و استولي علي ماسواه فمعرفتهم هي القهر و الغلبة و الاستعلاء و السلطان و الملك و السلطان هو قدرة الملك بكسر اللام و الملك مصدر ملكه و علي ان يكون بمعني الحكم و القضاء و هما مترادفان او الحكم بمعني الحكمة من العلم فلاجل ان الانسان اذا بلغ ذلك المبلغ اطلع علي حقايق الاشياء و شاهد الامثلة الملقاة في هوياة الاشياء و عرف موصوله و مفصوله و عرف الكيف و الاين و اللم و عرف حسن الاشياء و قبحها و قدر علي الحكم علي كل شيء بما له و ما عليه خالصا لوجه الله او هي حكم الله له و قضاؤه له بتعريفه و تعرفه خالصا فافهم ذلك و علي ان يكون بمعني الحال فكما مر في الشأن و علي ان يكون بمعني السيرة و هي السنة و الطريقة و الهيأة فتلك المعرفة هي سنة الله في الشرع الكوني و الكون الشرعي اذ هي اصل محاب الله و مراضيه و فرعها و مبدؤها و منتهاها و هي مجموع ماكلف الله عباده به و علي ان يكون بمعني التدبير و هو النظر الي عاقبة الشيء و دبره فكذلك فان المعرفة هي العلة الغائية التي خلق الله الخلق لاجلها قال الله عزوجل في القدسي كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف فالمعرفة هي نظر الله في عاقبة الخلق و دبر الايجاد و المعرفة هي العبادة في كل مرتبة بحسبه قال الله تعالي ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و المعني ليعرفون فان العبادة هي المعرفة في كل مقام بحسبه او المعرفة اول العبادة و اصلها فعلي اي حال المعرفة هي غاية الايجاد و عاقبته و دبر الله الخلق بها و علي ان يكون بمعني التوحيد او جميع ما يتعبد الله عزوجل به و الملة فكما مر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۳۹ *»
و علي ان يكون بمعني الورع فالمعرفة الحقيقة هي الاعراض عن جميع ماسوي الله و التوجه اليه بكله و ذلك ان الاعراض تمام الاقبال و ما لميعرض العبد عماسوي الله لميقدر علي التوجه اليه و ما لميتوجه اليه لميعرفه فكون المعرفة الورع تسميتها باسم شرطها و ذلك كما ان البراءة من شروط العداوة و ما لميتبرء العبد من اعداء الله لميفز بولاية اوليائه البتة فالمعرفة بهذا النظر هي الورع عما حرمه الله و يجمعه الاعراض عماسوي الله عزوجل و عما ليس بموصل اليه مقرب منه فافهم ثم استشهد صلوات الله عليه علي ما قال بقوله عزوجل و ما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلوة و يؤتوا الزكوة و ذلك دين القيمة ثم فسر ذلك بقوله ما امروا الا بنبوة محمد9 و هو الدين المحمدية السمحة و النبوة اسم مصدر النبأ اي الخبر و اصلها النبوءة كرطوبة فادغمت الهمزة في الواو بعد قلبها واوا و السمحة بسكون الميم المتسعة التي لافيها ضيق و لاحرج فبين صلوات الله عليه ان عبادة الله هي الاعتراف بنبوة محمد9 و التصديق بما جاء به و التسليم لامره لقوله عزوجل من يطع الرسول فقد اطاع الله فنبوة محمد9 جميعها هي معرفة الله عزوجل لان جميع ما جاء به تفاصيل المعرفة و شئونها و اطوارها و ظهوراتها و هي جميعها ولاية علي7 كماقال الله عزوجل يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك و ان لمتفعل فمابلغت رسالته فنفي تبليغ الرسالة كلية بترك ابلاغ ما انزل اليه من امر الولاية و ذلك ان جميع ما امر الله عزوجل به هو هيئات مشيته المحبوبة و هم صلوات الله عليهم اول اثر صدر عن تلك المشية و الاثر تابع لصفة المؤثر فهم بذواتهم و صفاتهم و افعالهم و اقوالهم و جميع آثارهم محبوبون لله عزوجل مطابقون مع هيئة محبته و لاجل ذلك قال الله عزوجل تعليما لنبيه9 ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله فجميع ما لهم و بهم و منهم و اليهم محبوبة لله
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۰ *»
عزوجل و النور الذي صدر منهم الذي منه خلق شيعتهم الذي هو ولايتهم ايضا علي حسب محبة الله و لايخالف رضاه فولايتهم هي محبوبة لله و هي رضاء الله جل و عز و جميع ما صدر منهم من الشرائع و الاحكام هي تفاصيل تلك الولاية و شرحها و تعبيرها و بيانها لا غير لانها علي طبق هيئات مشية الله عزوجل و ولايتهم هي علي طبقهم و هم علي طبق مشية الله فمن اقام الشرايع فقد اقام ولايتهم فقوله ما امروا الا بنبوة محمد9 اي بالاخذ بها و العمل بمقتضاها و هي بكله ولاية محمد و آل محمد: فقوله تعالي و ما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء اي ما امروا الا بولاية محمد و آل محمد: و هي العبادة قال7 بنا عبد الله و لولانا ماعبد الله قال ابوجعفر7 انما يعبد الله من يعرف الله فاما من لايعرف الله فانما يعبده هكذا ضلالا قيل جعلت فداك فما معرفة الله قال تصديق الله عزوجل و تصديق رسول الله9 و موالاة علي و الائتمام به و بائمة الهدي: و البرائة الي الله من عدوهم هكذا يعرف الله عزوجل و قال7 انما يعرف الله عزوجل و يعبده من عرف الله و عرف امامه منا اهل البيت و من لايعرف الله عزوجل و يعرف الامام منا اهل البيت فانما يعرف و يعبد غير الله هكذا و الله ضلالا و قال اميرالمؤمنين7 ان الله عزوجل لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا ابوابه و صراطه و سبيله و الوجه الذي يؤتي منه فمن عدل عن ولايتنا او فضل علينا غيرنا فانهم عن الصراط لناكبون انتهي فعبادة الله عزوجل التي امروا بها هي الاقرار بولايتهم و العمل بمقتضاها وهي تكون كاملة اذا كان بجميع المراتب الذاتية و الصفات و الاعراض و الافعال و مجموع ذلك هو الاخذ بنبوة محمد9 و العمل بمقتضاها اذ لميجيء الا بالولاية و شئونها و اطوارها و قوله صلوات الله عليه و هو الدين الحنفية المحمدية السمحة و التاء في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۱ *»
الحنفية و المحمدية و السمحة علي ان يكون الدين بمعني الملة و في مشارق الانوار و هو الدين الحنيف و ترك المحمدية السمحة و لعله الاصوب و توصيف الدين بالحنيف و الملة بالحنفية لاجل ان الحنيف بمعني المستقيم و المائل عن الباطل الي الحق فالدين حنيف اي مستقيم و مائل عن الاديان الباطلة الي الحق و الملة حنيفة و المراد ان المعرفة بنبوة محمد9 و الاخذ بها هي الدين الحنيف الذي ليس بشرقي و لا غربي و انما هو ثابت علي الحق مائل عن الباطل و قد عرفت ان الدين الذي جاء به محمد9 هي الولاية جملا و جميع الجزئيات التي امر بها او نهي عنها هي شئون الولاية و فروعها و اوراقها و الجميع هو الولاية و هي معرفتهم و هي معرفة الله عزوجل.
و اما قوله صلوات الله عليه و قوله و يقيموا الصلوة فمن اقام ولايتي فقد اقام الصلوة اعلم ان الاقامة لغة بمعني الادامة يقال اقام بالمكان اذا ادام و اقامة الولاية و الصلوة ادامتهما و بمعني الاظهار يقال اقام الشرع يعني اظهره فاقامة الولاية بمعني اظهارها علي جميع الاعضاء و عملها بمقتضاها و اقام الصلوة اظهارها تامة الاركان كاملة الشروط علي الاعضاء و الجوارح و اعلم ان ما جاء به النبي9 و ان كان جميعه الولاية و شئونها و اطوارها الا ان فيها قطبا يدور عليه رحي الكل و قلبا به قوام الكل و هو الصلوة و لاجل ذلك ان قبلت قبل ماسواها و ان ردت رد ماسواها و هي افضل من جميع الاعمال و اجمع و اكمل فانها تشتمل علي عبادات جميع الارواح و الجسد باعضائه و لو شئنا ان نفصل ذلك لطال بنا المقال ولكنا نشير الي ذلك بقدر ما يسعه الحال سئل ابوعبدالله7 عن افضل ما يتقرب به العباد الي ربهم و احب ذلك الي الله عزوجل ما هو فقال مااعلم شيئا بعد المعرفة افضل من هذه الصلوة الا تري الي العبد الصالح عيسي بن مريم7 قال و اوصاني بالصلوة و الزكوة مادمت حيا و قال7 احب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۲ *»
الاعمال الي الله عزوجل الصلوة و هي آخر وصايا الانبياء الحديث و قال7 ان طاعة الله عزوجل خدمته في الارض و ليس شيء من خدمته يعدل الصلوة الخبر و انما صار ذلك كذلك لان هذه الخدمة مبثوثة علي جميع الاعضاء الظاهرة فلاعضو الا و قد حد له خدمة محدودة معينة في الصلوة و كذلك مبثوثة علي المشاعر و الارواح الباطنة فلاروح و لامشعر الا و قد فرض له خدمة محدودة معينة فلاشيء يعدلها من سائر الخدمات لان كل واحد منها لعضو او عضوين او اكثر و لاجل ذلك قال الرضا7 الصلوة قربان لكل تقي و قال ابوعبدالله7 قال رسول الله9 مثل الصلوة مثل عمود الفسطاط اذا اثبت العمود نفعت الاطناب و الاوتاد و الغشاء و اذا انكسر العمود لمينفع طنب و لا وتد و لا غشاء و قال قال رسول الله9 الصلوة ميزان من وفي استوفي فلاجل ذلك قال7 من اقام ولايتي اقام الصلوة اي قوله تعالي و يقيموا الصلوة انما هي بشرطها و هو اقام الولاية فمن اقام الولاية و صلي فقد اقام الصلوة و الا فلا و ذلك كقولك من تطهر فقد اقام الصلوة و من لميتطهر لميقم الصلوة فلاصلوة الا بطهور كذلك من اقام الولاية فقد وفي باعظم شروط قبول الاعمال و هو التقوي حيث يقول الله عزوجل انما يتقبل الله من المتقين و المتقي من اتقي محارم الله و ما نهي الله عنه و عمل بفرايض الله و اعظم الفرايض ولاية آل محمد: و اعظم المنتهيات ولاية اعداء الله قال ابوجعفر7 بني الاسلام علي خمسة اشياء علي الصلوة و الزكوة و الحج و الصوم و الولاية قيل و اي شيء من ذلك افضل فقال الولاية افضل لانها مفتاحهن و الوالي هو الدليل عليهن فالمتقي الحقيقي من والي اولياء الله و تبرأ من اعداء الله فانما يتقبل الله منه لا من غيره فالولاية اعظم شرط لقبول الصلوة البتة و قال ابوجعفر7 ذروة الامر و سنامه و مفتاحه و باب الاشياء و رضي الله الرحمن الطاعة للامام اما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۳ *»
لو ان رجلا قام ليله و صام نهاره و تصدق بجميع ماله و حج جميع دهره و لميعرف ولاية ولي الله فيواليه و يكون جميع اعماله بدلالته اليه ماكان له علي الله حق في ثوابه و لا كان من اهل الايمان انتهي هذا علي المعني الظاهر.
و اما باطن ذلك ان الصلوة بمعني الدعاء و الدعاء طلب العبد من الله حوائجه بتوجهه اليه و استمداده اياه و يمكن التوجه اليه اذا دخل عليه من الباب الذي فتحه الله فمن لميأته من ذلك الباب لميتوجه اليه و لميستمد منه و لادعاه و انما دعا غيره و سأل سواه فاذا جميع اعمال العبد دعاء و استمداد و دخول عليه من الباب الذي فتحه عليه فان الاعمال ابواب الدخول علي الله جل و عز و اعظم ذلك في الاعمال الظاهرة الصلوة فانه دعا بجميع الاعضاء الظاهرة و جميع الارواح و المشاعر و دخولها عليه من الباب الذي فتحه الله علي عبده فلاجل ذلك سميت صلوة علي الاطلاق دون سائر الاعمال و انت خبير بان الباب الاعظم الذي هو اصل جميع الاعمال و الخيرات و معدنها بل و فرعها و مأواها و منتهاها هو الولاية و جميع الاعمال شئونها و اطوارها و وجوهها و هي التي ان قبلت قبل ماسواها و ان ردت رد ماسواها قال رسول الله9 لكل شيء اساس و اساس الاسلام حبنا اهل البيت فالولاية هي اعظم الدعوات و افضلها و الولي داع بكل لسان و مستحق كل خير من الله جل و علا فالولي داع بلسان فؤاده بمعرفته لله عزوجل و لرسوله و لمشاهدة الامثلة الملقاة في هويات الاشياء و بحبه لله سبحانه و لرسوله و حججه و بايثاره طاعتهم علي ماسواها و داع بلسان عقله بيقينه و رجائه و مشاهدة الفضل و بنفسه بعلمه بالله و رسله و ما جاءوا به و خوفه من الله عزوجل و هربه من المآثم و بمشاعره الباطنة بتخيله و تفكره فيما يحب الله عزوجل و تصوير الصور المحبوبة و باعضائه و جوارحه بصنوف الطاعات الاتية منها هذا اذا كان جزئيا و اما ان كان له كلية فكذلك بكل فرد فرد من مجاليه و مظاهره فالولي هو الداعي بجميع هذه الالسنة و الاعمال ربه و يستحق الاجابة من الله عزوجل علي حسب جميعها فالولاية هي الدعاء الاعظم و الصلوة الوسطي الشرفي فقوله
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۴ *»
عزوجل حافظوا علي الصلوات و الصلوة الوسطي اي علي الصلوات الظاهرة او جميع الشرايع و الصلوة الوسطي الشرفي خاصة و هي الولاية التي هي اصلها و معدنها و مبدأها فمن اقام الولاية فقد اقام الصلوة علي الوجه الاكمل و النهج الاقوم البتة ولكن لهذا الكلام وجهان احدهما من اقام الولاية الكاملة العامة الشاملة بجميع المراتب فقد اقام الصلوة الكاملة الفاضلة اذ هي الصلوة الكاملة و ثانيهما من اقام الولاية التي هي اصل جميع الاعمال و اساسها فقد اقام الصلوة و ان سها عنها مرة او غفل عنها او غفا و ذلك ان صاحب الولاية قد حصل له اصل جميع الاعمال و حقيقتها و انما المانع من ظهورها بعض الاعراض العائقة له كشجرة مثمرة ذاتا غاب عنها ثمرها لبرد الشتاء فاذا دفيء الهواء ظهر عليها ثمرها و ليس هذه الشجرة كشجرة ليست بمثمرة ذاتا و كذلك صاحب الولاية هو مصل و مزك و حاج و زاير و مجاهد و عابد و زاهد و صاحب صفات محمودة و اخلاق زكية و ان كان الظاهر عليه خلاف ذلك لاعراض فاذا زال عنه الاعراض جاء يوم القيمة مصليا مزكيا حاجا و هكذا صاحب جميع اعمال الخير و الفرق بينه و بين من زال اعراضه في الدنيا و ظهر عليه الاعمال سبق هذا علي ذاك و قيام قيمته قبل ذلك و وصوله الي الجنة قبل ذلك و رفع درجته و سعة جنته و كثرة نعمه فافهم.
قال صلوات الله عليه و اقامة ولايتي صعب مستصعب لايحتمله الا ملك مقرب او نبي مرسل او مؤمن امتحن الله قلبه للايمان فالملك اذا لميكن مقربا لميحتمله و النبي اذا لميكن مرسلا لميحتمله و المؤمن اذا لميكن ممتحنا لميحتمله.
اعلم ان الصعب هو الجمل الممتنع عن الركوب و الحمل و المستصعب الذي يهرب منه من صعوبته و الامتحان الاختبار و القلب الممتحن الذي اختبره الله و ابتلاه حتي علم منه الثبات علي الحق ثم اعلم ان اقامة الولاية علي الحقيقة من اصعب الامور لان المراد بالولاية هو القيام بجميع محاب الله عزوجل فيوحده في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۵ *»
ذاته و صفاته و افعاله و عبادته و يعمل بمقتضي ذلك التوحيد بجميع مراتبه حتي يكون فيه بالفعل و يعرفه في ذاته و هويته و الوهيته و احديته و صمديته و يعمل بمقتضي تلك المعرفة في جميع مراتب وجوده حتي تكون فيه بالفعل و يعرف نبيه9 بمعرفة النورانية في مقام البيان و المعاني و الابواب و الامامة و القطبية و يقر بجميع ما خصه الله به من الفضائل مفصلا فيما يدركه و يتحمله و مجملا فيما لايدركه و لايتحمله حتي يتحمله و يؤمن بجميع ما جاء به من عند الله بحيث لايجد في نفسه حرجا منه و يسلم تسليما و لايخطر في خلده ساكنا اليه انه لو فعل ذلك كذلك لكان احسن و اولي و يؤمن بعصمته و عدم قصور فيه في خدمته ربه و عدم تقصير في اداء ما وكل به فادي ما حمل و بلغ ما ارسل به غير ناكل عما امر به و غير واه عما كلف به من تبيين الاحكام و توضيح الشرايع حتي بلغ منتهي رضي الله في ذلك و يعمل بمقتضي ذلك بجوارحه فلايكمل دينه بزعمه و لايرقع خروقه بظنه و لايشاركه في رسالته و لايشرك معه غيره و لايقيم اوده بهواه و يسلم له في جميع ما امر به او نهي عنه بقضه و قضيضه ساكن القلب ثلج الفؤاد و يؤمن بآل محمد: و يعرفهم بالنورانية في مقام البيان و المعاني و الابواب و الامامة و القطبية و يقر بجميع فضائلهم علي ما مر و يقبل من حملتها و يسلم لرواتها و يكون جميع اعماله باشارتهم و حكمهم و يسلم لهم فيما ورد عنهم غير ظان فيهم تقصيرا و لا وهنا و لا تركا للاولي و لايظن انهم ادوا ما حملوا ولكن عوائق الزمان منعهم و منع اخبارهم و آثارهم عن الوصول الي المكلفين و البقاء علي اليقين فانهم السلاطين المدبرون للملك و هم مالكوا الرقاب و بيدهم ازمة جميع ما في القباب بهم سكنت السواكن و تحركت المتحركات و بامرهم تمهدت الارض و دارت السموات فلميعقهم عن بلوغ شاء و مرادهم عائق و لميفقهم فائق و تدبيرهم في جميع ذلك التدبير الاحسن و حكمهم في الكون و الشرع الحكم الاتقن و يؤمن بعصمتهم و طهارتهم و سرهم و علانيتهم و بما بلغه مفصلا و بما لميبلغه جملا و يسلم لجميعها و يعمل بمقتضي جميع ذلك بساير مراتبه حتي يكون معرفته و ايمانه بالفعل محققا ثابتا اذ كما ان الروح بلاجسد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۶ *»
غير مستقر و لاثابت و الجسد بلاروح ميت لاقوام له كذلك المعارف و العلوم من غير عمل بالجسد لايكون ثابتا محققا و لذا روي العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الا ارتحل و روي ان الايمان اعتقاد بالجنان و قول باللسان و عمل بالاركان لانه اذا صار كذلك صار كشجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها و ان لميكن كذلك فاما هو فرع بلااصل او اصل بلافرع و كلاهما ناقصان و يعرف اولياء الله فيواليهم و اعداء الله فيعاديهم و يقر بفضائل اولياء الله و مثالب اعداء الله و يعمل بمقتضي ذلك في ساير جوارحه و مراتبه حتي يستقر ولايته و عداوته و يعرف ان ولاية اولياء الله تتصل الي الله و تنتهي اليه و البراءة من اعداء الله شرط كمالها بل تمامها و يطيع الله فيهم و يمشي فيهم بامر الله و نهيه ثم يكون في جميع مراتبه آخذا بما شرع لها فيكون آخذا عاملا بفرايضها و مندوباتها تاركا لمكروهاتها و محرماتها مخيرا بتخيير الله في مباحاتها مختارا لها لاجل الله جل جلاله فلايختار احد الشقين الا لله عزوجل فاذا صار كذلك فقد اقام الولاية حقا و كان من المصلين كما قال عزوجل لمنك من المصلين فعن ابيالحسن الماضي7 قيل لمنك من المصلين قال لمنتول وصي محمد و الاوصياء من بعده و لايصلون عليهم و من اجل ذلك نسب الله سبحانه الانبياء الي التقصير في ولاية علي7 حيث صدر عن بعضهم بعض ترك الاولي فان صدور المنافي لمحبة الله او كماله نقصان في الاستقامة المطابقة لمشية الله المحبوبة المطابقة لصفات الله فلميقم بكمال الولاية علي ما احب الله الا محمد و آل محمد: و جميع من سواهم مقصرون لانه حكم الله ان لايقوم بحقه احد فعن ابيحمزة الثمالي انه دخل عبدالله بن عمر علي زين العابدين7 و قال يا علي بن الحسين انت الذي تقول يونس بن متي انما لقي من الحوت ما لقي لانه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف قال بلي ثكلتك امك قال فارني انت ذلك ان كنت من الصادقين قال فامر بشد عينيه بعصابة و عيني بعصابة ثم امر بعد ساعة بفتح عيننا فاذا نحن علي شاطيء البحر تضرب امواجه فقال ابن عمر يا سيدي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۷ *»
دمي في رقبتك الله الله في نفسي فقال هيه و اريه ان كنت من الصادقين ثم قال ايتها الحوت قال فاطلع الحوت من البحر مثلا الجبل العظيم و هو يقول لبيك يا ولي الله فقال من انت قال انا حوت يونس قال ائتنا بالخبر قال يا سيدي ان الله لميبعث نبيا من آدم الي ان صار جدك محمد9 و سلم الا و قد عرضت عليه ولايتكم اهل البيت فمن قبلها من الانبياء و سلم تخلص و من توقف عنها و تمنع في حملها لقي ما لقي آدم من المعصية و ما لقي نوح من الغرق و ما لقي ابرهيم من النار و ما لقي يوسف من الجب و ما لقي ايوب من البلاء و ما لقي داود من الخطيئة الي ان بعث الله يونس فاوحي الله اليه ان يا يونس تول اميرالمؤمنين7 و الائمة الراشدين من صلبه في كلام قال و كيف اتولي من لماره و لماعرفه و ذهب مغتاظا فاوحي الله الي ان القمي يونس و لاتوهني له عظما فمكث في بطني اربعين صباحا يطوف معي في البحار في ظلمات ثلث ينادي ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين قد قبلت ولاية اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب و الائمة الراشدين من ولده فلما آمن بولايتكم امرني ربي فقذفته علي ساحل البحر فقال زين العابدين7 ارجع ايها الحوت الي وكرك و استوي الماء الحديث و في البحار عن جابر بن يزيد الجعفي عن رجل من اصحاب اميرالمؤمنين7 قال دخل سلمان رضي الله عنه علي اميرالمؤمنين7 فسأله عن نفسه فقال يا سلمان انا الذي دعوت الامم كلها الي طاعتي فكفرت فعذبت في النار و انا خازنها عليهم حقا اقول يا سلمان انه لايعرفني احد حق معرفتي الا كان معي في الملأ الاعلي قال ثم دخل الحسن و الحسين فقال صلوات الله عليه يا سلمان هذان شنفا عرش رب العالمين و بهما تشرق الجنان و امهما خيرة النسوان اخذ الله علي الناس الميثاق بي فصدق من صدق و كذب من كذب فهو في النار و انا الحجة البالغة و الكلمة الباقية و انا سفر السفراء قال سلمان يا اميرالمؤمنين لقد وجدتك في التورية كذلك و في الانجيل كذلك بابي انت و امي يا قتيل كوفان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۸ *»
والله لولا ان يقول الناس واشوقاه رحم الله قاتل سلمان لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس لانك حجة الله الذي به تاب علي آدم و بك انجي يوسف من الجب و انت قصة ايوب و سبب تغير نعمة الله عليه فقال اميرالمؤمنين اتدري ما قصة ايوب و سبب تغير نعمة الله عليه قال الله اعلم و انت يا اميرالمؤمنين قال لماكان عند الانبعاث للنطق شك ايوب في ملكي فقال هذا خطب جليل و امر جسيم قال عزوجل يا ايوب اتشك في صورة اقمته انا اني ابتليت آدم بالبلاء فوهبته له و صفحت عنه بالتسليم عليه بامرة المؤمنين فانت تقول خطب جليل و امر جسيم فوعزتي لاذيقنك من عذابي او تتوب الي بالطاعة لاميرالمؤمنين ثم ادركته السعادة بي يعني انه تاب و اذعن بالطاعة لاميرالمؤمنين7 و علي ذريته الطيبين و عن المفضل بن عمر قال قال لي ابوعبدالله7 ان الله تعالي توحد بملكه و عرف عباده نفسه ثم فوض اليهم امره و اباح لهم جنته فمن اراد الله ان يطهر قلبه من الجن و الانس عرفه ولايتنا و من اراد ان يطمس علي قلبه امسك عنه معرفتنا ثم قال يا مفضل والله ما استوجب آدم ان يخلقه الله بيده و ينفخ فيه من روحه الا بولاية علي7 و ماكلم الله موسي تكليما الا بولاية علي7 و لااقام عيسي بن مريم آية للعالمين الا بالخضوع لعلي7 ثم قال جمل الامر ما استأهل خلق من الله النظر اليه الا بالعبودية لنا الي غير ذلك من الاخبار المستفيضة فلميقم بولايتهم صلوات الله عليهم احد حق القيام الا هم صلوات الله عليهم و عرض كل من سواهم فيه هفوة بها تسفل عن درجة الكمال و نزل عن درجة مقربي حضرة المتعال فالولاية هي سبب اختلاف درجات جميع الخلق من الدرة الي الذرة فعلا من علا بزيادة قبوله اياها و تسفل من تسفل بقصوره او تقصيره في قبوله اياها و تسليمه لهم صلوات الله عليهم فلاجل ذلك قال صلوات الله عليه اقامة ولايتي يعني علي الحقيقة الكاملة صعب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۴۹ *»
مستصعب لايحتمله الا ملك مقرب اعلم ان لولايتهم درجات اعليها الولاية الكاملة المطابقة لهيئات محبة الله الكونية و الشرعية من جميع جهاتها في جميع المراتب الكونية و جميع الصفات الشرعية فتلك الولاية لايقوم بها غيرهم صلوات الله عليهم فذلك حظهم لايحتمله ملك مقرب و لانبي مرسل و لامؤمن ممتحن هنالك الولاية لله الحق و الي ذلك الاشارة بقول ابيعبدالله7 ان من حديثنا ما لايحتمله ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا عبد مؤمن قيل فمن يحتمله قال نحن نحتمله و قال في حديث ان عندنا سرا من سر الله و علما من علم الله لايحتمله ملك مقرب و لا نبي مرسل و لامؤمن امتحن الله قلبه للايمان والله ماكلف الله احدا ذلك الحمل غيرنا و لااستعبد بذلك احدا غيرنا انتهي فذلك مخصوص بهم من حيث هم هم اذ لايساويهم شيء من آثارهم و ليس لآثارهم مشعر من جنس ذاتيتهم في رتبتهم فذلك فوق مشاعر جميع الانبياء و المرسلين و الملائكة المقربين و المؤمنين الممتحنين و لايطيقه احد منهم و من ولايتهم مقام يحتاج دركه و الوصول اليه و التهيؤ بهيأته الي عناية خاصة و ليس يمكن ذلك بالعناية العامة التي بها يربي الكل و انما هو يتحقق بمقتضيات قدرها الله و قضاها في القوابل فكان بعضها اشد استعدادا لقبول ما يرد من سماء افاضة العالي بتلك الخصوصية و مثال ذلك ان السموات تدور علي جميع الارض و تشرق علي جميعها و تطلق عليها كواكبها و تربي الارض بتربية عامة ولكن يحصل في الارض حصص معتدلة كما و كيفا و تنفعل هي بما لاتنفعل ساير الحصص فتصير معدنا دون ساير الحصص فتتقدم و تصير سابقة بتلك الاستعداد و ان كان ساير الارض ايضا تنفعل و تصير معدنا بعد مدة طويلة بالاشراق العام و التربية العامة ولكن تقدم تلك الحصص الخاصة بعناية خاصة قدمها علي ساير الحصص فاستفاضت قبلها و كذلك قد يتقدم بعض المعادن و يصير نباتا و قد يتقدم بعض النباتات فيصير حيوانا و قد يتقدم بعض الحيوانات فيصير انسانا و كذلك قد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۰ *»
يتقدم بعض الاناسي فيصير عالما و قد يتقدم بعض العلماء فيصير كاملا و كل ذلك بالعناية الخاصة التي تشمل ذلك الفرد كما انه تشرق الشمس في الصيف علي الاشجار و تونع الثمار علي العموم ولكن قد يتقدم ثمر واحد خاص فيينع قبل ساير الثمار بالعناية الخاصة و علة العناية الخاصة من العبد لا من الرب فان الرب لانسبة بينه و بين احد و لاخصوصية فيه لاحد فاذا امتنعت من الرب وجب ان تكون من الخلق اذ لاثالث بينهما و اذ وجب ان تكون من الخلق فلاتكون من غير مباين بل هي منه و مما يقتضيه جملة العالم فوجب ان تكون في العبد علة بتقدير العزيز الحكيم الذي قدم بعض مظاهر الغاية ابقاء للباقي و لولا تقدم الغاية في اوقات الترقي اليها لكان بقاؤه بلاحافظ و لاجل ذلك لاتخلو الارض من الحق و لو خليت لقلبت و الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق بالجملة لاجل ذلك قد يكون لهم عناية خاصة في عرض الاثار باحد فيكملونه و يعطونه من فضلهم ما لايعطون غيره و ان كان غيره من جهات آخر اسبق و اقدم فلاجل ذلك قال ابوعبدالله7 لابيالصامت ان حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان ذكر وعر لايحتمله ملك مقرب و لانبي مرسل و لا مؤمن ممتحن قال فمن يحتمله جعلت فداك قال من شئنا يا ابا الصامت الخبر فذلك الذي يشاءون هو ايضا من هؤلاء الثلثة لامحالة الا انه بعناية خاصة لاقتضاء خاص و من ولايتهم مقام يحتاج دركه و الوصول اليه الي عناية عامة بالنسبة و ان كانت خاصة ايضا بالنسبة فذلك لايصل اليه الا اولئك الذين خلقوا لاجله و بديء فطرتهم لدركه و الوصول اليه فلايتجاوز الي غيرهم البتة و الي ذلك اشار اميرالمؤمنين7 بقوله خالطوا الناس بما يعرفون و دعوهم مما ينكرون و لاتحملوهم علي انفسكم و علينا ان امرنا صعب مستصعب لايحتمله الا ملك مقرب او نبي مرسل او عبد قد امتحن الله قلبه للايمان انتهي فذلك الذي يتحمله كل ملك مقرب و كل نبي مرسل و كل عبد ممتحن فالملك اذا لميكن مقربا لايحتمله
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۱ *»
و النبي اذا لميكن مرسلا لايحتمله و المؤمن اذا لميكن ممتحنا لايحتمله فيصدر من كل واحد منهم ما ينافي الولاية التامة الكاملة في جهة من جهات اعماله او اقواله او احواله اللهم الا النبي المرسل و الملك المقرب و العبد الممتحن فاولئك محفوظون بحفظ الله معصومون بعصمة الله فيما اريد منهم في مقامهم و ذلك ما سئل ابوعبدالله7 عن قول اميرالمؤمنين7 ان امرنا صعب مستصعب لايقر به الا ملك مقرب او نبي مرسل او عبد امتحن الله قلبه للايمان فقال ان من الملائكة مقربين و غير مقربين و من الانبياء مرسلين و غير مرسلين و من المؤمنين ممتحنين و غير ممتحنين فعرض امركم هذا علي الملائكة فلميقر به الا المقربون و عرض علي الانبياء فلميقر به الا المرسلون و عرض علي المؤمنين فلميقر به الا الممتحنون الخبر و هيهنا شيء يجب الاشارة اليه و هو ان جميع ما في هذا الباب من الاخبار ورد كما سمعت ولكن ليس الشيء الواحد من امرهم مما يحتمله النبي المرسل يحتمله العبد الممتحن فان العبد و ان بلغ في امر ما بلغ لايبلغ رتبة النبي غير مرسل و لايحتمل ما يحتمله و كذلك ما يحتمله العبد الممتحن ليس يحتمله الملك المقرب نعم هنالك شيء يحتمله الثلثة اما ما يحتمله الملك المقرب و العبد الممتحن يحتمله النبي غير المرسل فانه افضل منهما و اعظم و يدل علي ذلك ما رواه اسحق بن عمار عن ابيعبدالله7 انه قال ان المؤمنين اذ اعتنقا غمرتهما الرحمة الي ان قال فاذا اقبلا علي المسألة قالت الملائكة بعضها لبعض تنحوا عنهما فان لهما سرا و قد ستر الله عليهما قال اسحق جعلت فداك فلايكتب عليهما لفظهما و قد قال الله عزوجل ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد قال فتنفس ابوعبدالله7 الصعداء ثم بكي حتي اخضلت دموعه لحيته و قال يا اسحق ان الله تبارك و تعالي انما امر الملائكة ان تعتزل عن المؤمنين اذا التقيا اجلالا لهما و انه و ان كانت الملائكة لاتكتب لفظهما و لاتعرف كلامهما فانه يعرفه و يحفظه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۲ *»
عليهما عالم السر و اخفي فالمراد من هذه الاخبار ان من امرنا ما يحتمله الملك المقرب و لايحتمله غير المقرب و من امرنا ما يحتمله العبد الممتحن و لايحتمله غير الممتحن و من امرنا ما يحتمله النبي المرسل و لايحتمله غير المرسل و ان كانت الامور مختلفة و كل امر يخص قوما علي حسب شأنه و اما معني الاحتمال فالمراد به قبوله و سكون قلبه و عدم تردد خاطره و تلبس جميع مراتبه بهيئات محبة الله جل و عز علي ما ذكرنا و حفظه و كتمانه عمن ينبغي الكتمان عنه و اشار الي الشرط الاخير ابومحمد7 حيث كتب اليه روي لنا عن آبائكم: ان حديثكم صعب مستصعب لايحتمله ملك مقرب و لانبي مرسل و لامؤمن امتحن الله قلبه للايمان فكتب7 انما معناه ان الملك لايحتمله في جوفه حتي يخرجه الي ملك مثله و لايحتمله نبي حتي يخرجه الي نبي مثله و لايحتمله مؤمن حتي يخرجه الي مؤمن مثله انما معناه ان لايحتمله في قلبه من حلاوة ما هو في صدره حتي يخرجه الي غيره انتهي و سر ذلك ان جميع ما في ملك النفس يتربي و يتقوي بعناية النفس و يضعف باعراضها و عدم اعتنائها به فاذا كان علم مثلا في ملك النفس فاعرضت عنه ضعف و رق و خفي و كاد ان يفني و لربما يفني رأسا و اذا توجهت اليه قوي و نما و ربي حتي صار منشأ آثار بالفعل و ظهر آثاره علي الجوارح و ذلك سر سار في جميع شئون النفوس و وجوهها و كمالاتها و ما حصل في ملكها فاذا اودعك رجل سرا له فان اعرضت عنه حتي نسيته ضعف و كاد ان يفني من ملك نفسك فتنساه كلية و اما اذا توجهت اليه و ربته ينمو و يتقوي و يكبر حتي يصير منشأ آثار و طلب الظهور فظهر علي الجوارح فخرج من فيك و بدا من جوارحك و كذلك الحال في كل مرض و عرض و صفة و حال كانت في ملك النفس و لذا قال الحكماء اذا اردت كتمان سر فانسه و انشد الرضا7 في حضرة المأمون:
و اني لانسي السر كيلا اذيعه
فيأمن رأي سرا يصان بان ينسي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۳ *»
مخافة ان يجري ببالي ذكره
فينبذه قلبي الي ملتوي الاحشا
فيوشك من لميفش سرا و جال في
خواطره ان لايطيق له حبسا
فلاجل ذلك اذا علم الملك او النبي او المؤمن شيئا من امرهم اعجب به و اشتغل قلبه به من شدة حلاوته و عظم في نفسه و تربي و تقوي حتي لميستطع حبسه في قلبه فاظهره الي من هو مثله ان كان تقيا صائنا و الا اظهره الي من ليس من اهله و كان مذياعا و لايجوز ذلك فالاحسن ان يشتغل الانسان بالعمل بمقتضاه حتي يظهر علي جوارحه الصامتة فيسكن بذلك و من هذا الباب ما امر الباقر7 جابرا فقال حدثني ابوجعفر7 تسعين الف حديث لماحدث بها احدا قط و لااحدث بها احدا ابدا قال جابر فقلت لابيجعفر7 جعلت فداك انك قد حملتني وقرا عظيما بما حدثتني به من سركم الذي لااحدث بها احدا فربما جاش في صدري حتي يأخذني منه شبه الجنون قال يا جابر فاذا كان ذلك فاخرج الي الجبان فاحفر حفيرة و دل رأسك فيها ثم قل حدثني محمد بن علي بكذا و كذا و يشير الي ساير الشروط ما سئل ابوعبدالله7 عن قول اميرالمؤمنين7 ان امرنا صعب مستصعب و قد مر فان الاقرار اللساني فقد صدر من جميع الانبياء و هم اجل قدرا من الانكار و كذا من ليس بمؤمن ممتحن ولكن المراد الاقرار القلبي و اللساني و الجارحي بحيث لايفقده الله حيث امره و لايجده حيث نهاه فذلك الذي قال عرض علي الانبياء فلميقر به الا المرسلون و عن سليم بن قيس قال قال اميرالمؤمنين7 ان امرنا اهل البيت صعب مستصعب لايعرفه و لايقر به الا ملك مقرب او نبي مرسل او مؤمن نجيب امتحن الله قلبه للايمان انتهي فالمراد من قوله صلوات الله عليه ان الملك اذا لميكن مقربا لميحتمله و النبي اذا لميكن مرسلا لميحتمله و المؤمن اذا لميكن ممتحنا لميحتمله يعني به الاحتمال الكامل بالعلم و العمل بجميع مراتبه في جميع شرايعه و الا هذا الاقرار المعروف باللسان بل المحبة بالجنان و بعض العمل بالاركان فذلك حظ الجميع.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۴ *»
قال سلمان قلت يا اميرالمؤمنين من المؤمن و ما نهايته و ما حده حتي اعرفه قال7 يا باعبدالله قلت لبيك يا اخا رسول الله9 قال المؤمن الممتحن هو الذي لايرد من امرنا اليه شيء الا شرح صدره لقولنا و لميشك و لميرتد و في العوالم شرح صدره لقبوله و في المشارق الا شرح الله و لعله الاصح.
اعلم ان هذا المقام الذي اشار اليه صلوات الله عليه هو مقام التسليم و التسليم لغة هو الايصال يقال سلم الوديعة الي صاحبها اي اوصلها و ردها و بمعني التمكين يقال سلم الاجير نفسه للمستأجر اذا مكنه من نفسه و بمعني الاعتراف بالصحة يقال سلم الدعوي اي اعترف بصحتها فصاحب التسليم موصل نفسه اليهم صلوات الله عليهم لانها منهم بدئت و اليهم تعود فيوصلها اليهم بقبول جميع ما صدر منهم مطمئنا راضيا فان ما صدر منهم علي صفتهم فاذا وقع علي قلب الشيعة و اطمأن تحته كمله تكميلا علي حسب ما هو عليه فيجعل القلب علي صفتهم فيصير الطف و ارق و اصفي فاذا ورد عليه ثانيا منهم وارد يكمله مرة بعد اخري و هكذا يلطفه و يرققه و يصفيه شيئا بعد شيء فيصعد شيئا بعد شيء الي ان يلحق بهم و يتصل بهم فيدخل في زمرتهم و يصير منهم قال الله عزوجل يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي و هو مقام التسليم فالمؤمن اذا سلم لهم اوصل نفسه اليهم بالتكمل تحت تكميل اوامرهم و نواهيهم
و علي ان يكون بمعني التمكين فيمكن آل محمد: من نفسه بالايمان و ان كانوا متمكنين منه كونا يتصرفون فيه كيفما شاءوا و ارادوا ولكن الكمال ان يعتقد ذلك العبد و يسلم لهم بان يمكنهم من نفسه يامرونه و ينهونه بما شاءوا و يتصرفون فيه كما شاءوا و ارادوا فمن مكنهم من نفسه من كل جهة مطمئنا تحت تصرفهم فيه منشرح الصدر راضيا بما تصرفوا فيه فهو المسلم لهم و هذا هو الاخبات فان الاخبات هو الخضوع فاذا مكنتهم من نفسك يتصرفون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۵ *»
فيها كيفما شاءوا فقد خضعت لهم و انحلت عقدك و لمتستمسك بنفسك دونهم و لمتؤثرها عليهم قال ابوجعفر7 في قول الله و يسلموا تسليما قال التسليم الرضا و القنوع بقضائه و قيل لابيعبدالله7 ان عندنا رجلا يسمي كليبا فلانتحدث عنكم شيئا الا قال انا اسلم فسميناه كليب التسليم فترحم عليه ثم قال اتدرون ما التسليم فسكتوا فقال هو الاخبات قول الله الذين آمنوا و عملوا الصالحات و اخبتوا الي ربهم و علي ان يكون بمعني الاعتراف فهو التصديق كما فسره و نسبه اميرالمؤمنين7 قال لانسبن الاسلام نسبة لمينسبه احد قبلي و لاينسبه احد بعدي الا بمثل ذلك ان الاسلام هو التسليم و التسليم هو اليقين و اليقين هو التصديق و التصديق هو الاقرار و الاقرار هو العمل و العمل هو الاداء ان المؤمن لميأخذ دينه علي رأيه ولكن اتاه من ربه فاخذه ان المؤمن يري يقينه في عمله و الكافر يري انكاره في عمله فوالذي نفسي بيده ماعرفوا امرهم فاعتبروا انكار الكافرين و المنافقين باعمالهم الخبيثة انتهي ففسر التسليم باليقين الذي هو سكون القلب و اعترافه بان المتيقن به هو هكذا فمن فتح الله عين بصيرته و عرف الكيف و اللم و عرف موصوله و مفصوله و عرف حقائق الامور اعترف لآل محمد: ان الحق لهم و معهم و فيهم و بهم و منهم و اليهم و سلم لامامتهم و لامرهم و نهيهم و حكمهم مطمئنا ساكنا فمن سلم لال محمد: بهذه المعاني لميرد عليه شيء من امرهم و حديثهم الا لان له قلبه و اطمأن اليه و ركن و انس فتكمل به فرق و صفي و شابه اوائل جواهر علله فبذلك صار من النجباء المكرمين فعن كامل التمار قال ابوجعفر7 يا كامل المؤمن غريب المؤمن غريب ثم قال اتدري ما قول الله قد افلح المؤمنون قلت قد افلحوا فازوا و دخلوا الجنة فقال قد افلح المؤمنون المسلمون ان المسلمين هم النجباء و عن ابيالصباح الكناني قال كنت عند
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۶ *»
ابيعبدالله7 فقال يا ابا الصباح قد افلح المؤمنون قال ابوعبدالله قد افلح المسلمون قالها ثلثا و قلتها ثلثا ثم قال ان المسلمين هم المنتجبون يوم القيمة هم اصحاب الحديث و عن منصور الصيقل قال دخلت و الحرث بن المغيرة و غيره علي ابيعبدالله7 فقال له الحرث ان هذا يعني منصور الصيقل لايريد الا ان يسمع حديثنا فوالله مايدري ما يقبل مما يرد فقال ابوعبدالله7 هذا الرجل من المسلمين ان المسلمين هم النجباء انتهي فعلامة الايمان بالله و برسوله و بحججه: ان يسلم الانسان لامرهم في كل ما ورد عليه منهم فيمكنهم من نفسه و يعترف بحقيتهم و يوصل نفسه اليهم يلحق بحزبهم و يدخل في زمرتهم فاذا فعل ذلك ساكن القلب مطمئن الفؤاد فهو مؤمن قال الله عزوجل فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما و قيل لابيعبدالله7 باي شيء علم المؤمن انه مؤمن قال بالتسليم لله في كل ما ورد عليه و قال7 والله لو آمنوا بالله وحده و اقاموا الصلوة و آتوا الزكوة ثم لميسلموا لكانوا بذلك مشركين ثم تلا هذه الاية فلا و ربك الاية و عن صفوان بن يحيي الكاهلي عن ابيعبدالله7 انه تلا هذه الاية فلا و ربك الاية فقال لو ان قوما عبدوا الله و وحدوه ثم قالوا لشيء صنعه رسول الله9 لو صنع كذا و كذا او وجدوا ذلك في انفسهم كانوا بذلك مشركين ثم قال فلا و ربك الاية قال هو التسليم في الامور انتهي و اعلم ان التسليم كما سمعت هو اليقين فاذا لميتيقن الرجل و كان مضطرب القلب متردد الخاطر لايمكنه التسليم و اليقين هو التصديق فان من لميصدق و لمينسب المدعي الي الصدق كيف يتيقن بان قوله مطابق للواقع و التصديق هو الاقرار بان المدعي صادق فما لميقر بلسانه و اعضائه و جوارحه ليس بمصدق حقيقي و الاقرار الحقيقي هو العمل و العمل هو الاداء في وقته و محله و الايصال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۷ *»
و القضاء فالتسليم هو العمل في وقته و محله فمن عمل بما علم فهو المسلم حقيقة فقوله7 المؤمن الممتحن هو الذي لايرد من امرنا اليه شيء الا شرح الله صدره اي وسع صدره و تحمله راضيا بارد القلب ثلج الفؤاد يأخذ به و يعمل بمقتضاه في غاية السرور و الابتهاج و الثبات و اليقين و لميشك في قولنا فيتحير و يضل و لميجحد فيكفر و يرتد عن دينه فهو الذي امتحنه الله و اختبره بايراد آل محمد: عليه شيئا بعد شيء من فنون علومهم و عجائب افعالهم و معالي فضائلهم و بواطن امورهم فيلقاها بصدر واسع و وجه بشاش و سرور بما القي اليه فانه منه و هو منه و ذلك ان ما القي اليه من امرهم انما هو اشعة و انوار و كمالات من آل محمد: تطابق كينونتهم و صفاتهم و هم اي الشيعة ايضا خلقوا من شعاعهم و انوارهم فالشيعة من جنس اخبار آل محمد: و امرهم و هي من جنس الشيعة فلاجل ذلك اذا امدوا بها امدوا بالمشاكل و تقووا بها فسروا باستماعها و تلقوها ساكني النفس مسرورين بها و اما اعداؤهم فلما لميكونوا من جنس آل محمد: اذا سمعوا امرهم اشمأزت نفوسهم و اقشعرت جلودهم و قد بدت البغضاء من افواههم و ما تخفي صدورهم اكبر و ذلك انهم يتضعفون من الامداد بغير المشاكل فاذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم و اذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون فعن ابيبصير قال قال ابوعبدالله7 يا با محمد ان عندنا سرا من سر الله و علما من علم الله لايحتمله ملك مقرب و لا نبي مرسل و لامؤمن امتحن الله قلبه للايمان والله ماكلف الله احدا ذلك الحمل غيرنا و لا استعبد بذلك احدا غيرنا و ان عندنا سرا من سر الله و علما من علم الله امرنا الله بتبليغه فبلغنا عن الله عزوجل ما امرنا بتبليغه ما نجد له موضعا و لا اهلا و لا حمالة يحملونه حتي خلق الله لذلك اقواما خلقوا من طينة خلق منها محمد9 و ذريته و من نور خلق الله منه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۸ *»
محمدا و ذريته و صنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمدا9 فبلغناهم عن الله عزوجل ما امرنا بتبليغه فقبلوه و احتملوا ذلك و بلغهم ذلك عنا فقبلوه و احتملوا ذلك و بلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم الي معرفتنا و حديثنا فلولا انهم خلقوا من هذا لماكانوا كذلك و لا والله ما احتملوه ثم قال ان الله خلق قوما لجهنم و النار فامرنا ان نبلغهم كما بلغناهم فاشمأزوا من ذلك و نفرت قلوبهم و ردوه علينا و لميحتملوه و كذبوا به و قالوا ساحر كذاب فطبع الله علي قلوبهم و انساهم ذلك ثم انطق الله لسانهم ببعض الحق فهم ينطقون به و قلوبهم منكرة فيكون ذلك دفعا عن اوليائه و اهل طاعته و لولا ذلك ماعبد الله في ارضه فامرنا بالكف عنهم و الكتمان منهم فاكتموا ممن امر الله بالكف عنهم و استروا عمن امر الله بالستر و الكتمان منهم قال ثم رفع يده و بكي و قال اللهم ان هؤلاء لشرذمة قليلون فاجعل محياهم محيانا و مماتهم مماتنا و لاتسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم فانك ان فجعتنا بهم لمتعبد ابدا في ارضك.
قال صلوات الله عليه اعلم يا اباذر انا عبدالله عزوجل و خليفته علي عباده لاتجعلونا اربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فانكم لاتبلغوا كنه ما فينا و لانهايته فان الله عزوجل قد اعطانا اكبر و اعظم مما يصفه واصفكم و يخطر علي قلب احدكم فاذا عرفتمونا هكذا فانتم مؤمنون.
اعلم انه صلوات الله عليه اظهر اعلي المقامات من نفسه حيث قال انا عبد الله لان مقام العبودية مقام علي و مكان سني ليس يبلغه كل احد الا من خصه الله بذلك و لذلك لمااراد الله عزوجل ان يشرف انبياءه و يلقبهم بالقاب كريمة لقبهم بالعبودية فقال تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده و قال في حق نوح و ابرهيم و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۵۹ *»
الياس انه من عبادنا المؤمنين و قال في موسي و هرون انهما من عبادنا المؤمنين و قال في سليمان نعم العبد انه اواب و قال و اذكر عبدنا ايوب و قال و اذكر عبادنا ابرهيم و اسحق و يعقوب و استثني العبيد من اغواء ابليس و لميجعل له عليهم سلطانا فقال لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين و قال ان عبادي ليس لك عليهم سلطانا و وصفهم باحسن الوصف و اخبر انهم ائمة الخلق و قال و عباد الرحمن الذين يمشون علي الارض هونا الي ان قال و اجعلنا للمتقين اماما و اخبر انهم لايحضرهم ملائكة العذاب و الحساب او الشياطين فقال فانهم لمحضرون الا عباد الله المخلصين و قبل مدحهم و ثناءهم علي الله عزوجل بعد ما نزه نفسه عن ثناء جميع خلقه فقال سبحان الله عما يصفون الا عباد الله المخلصين و ذلك ان العبد هو المنقاد لامر المولي الخاضع له و العبودية المطلقة هي الانقياد التام لامر المولي و الخضوع الكامل له و هي علي الحقيقة و الاطلاق لاتتحقق الا في محمد و آل محمد: حتي الانبياء و المرسلين فان كل واحد منهم قد صدر منه ما ينافي الانقياد التام الكامل و لذلك ابتلي من ابتلي بما ابتلي و تنزل عن درجة القرب التام و امر الله سبحانه هو مشيته التي هي تمام تجليه جل و عز و كماله الذي اظهره في عرصة الامكان و هي تحتوي علي اوصاف الله عزوجل نفسه بالاحدية المطلقة في ذاته و بالوحدانية المطلقة في صفاته و افعاله و عبادته و تحتوي علي وصف الذات و الهوية و الالوهية و الاحدية الوصفية و الصمدية و تشتمل علي جميع صفات الله و اسمائه المتعلقة بالقوابل الامكانية و الكونية بحيث لايشذ عنها شاذ و علي جميع انوار العظمة و الجلال و الكبرياء و هي متهيأة بهيأة صفات الله المحبوبة التي رضيها الله لنفسه و هي تقتضي الوجود في اعلي درجات الامكان و الاستعلاء علي جميع الاكوان و هم صلوات الله عليهم منقادون لهذا الامر فيجرون حيثما يجريهم و لايجريهم الا علي ما هو عليه و لايدعوهم الا الي مطابقة ما هو عليه ان كنتم تحبون الله فاتبعوني فهم طاوعوه في جميع ما هو عليه من ذاته و صفاته
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۰ *»
فلميخالفوا في ذرة من ذرات وجودهم فكانوا بذلك امر الله المفعولي المشار اليه في الباطن بقوله و كان امر الله مفعولا و قال الباقر7 في حديث و اما المعاني فنحن معانيه و نحن جنبه و يده و لسانه و امره و حكمه و كلمته و علمه و حقه و اذا شئنا شاء الله و يريد الله ما نريده الخبر فهم صلوات الله عليهم بذلك لا يأمرون الا بما امر الله و لاينهون الا عما نهي الله و لايفعلون الا ما فعل الله و لايظهرون الا بما ظهر الله و لذا قال7 في حديث كل ما في الذكر الحكيم و الكلام القديم من آية يذكر فيها العين و الوجه و اليد فالمراد منها الولي لانه جنب الله و وجه الله يعني حق الله و علم الله و عين الله و يد الله لان ظاهرهم باطن الصفات الظاهرة و باطنهم ظاهر الصفات الباطنة فهو ظاهر الباطن و باطن الظاهر الخبر و بذلك صار جميع المعاملات معهم معاملة مع الله عزوجل و لاجل ذلك قال الصادق7 العبودية جوهرة كنهها الربوبية يعني اذا عبد الله العبد حق عبادته و انقاد لامره حق الانقياد و خضع و رق حتي لمير نفسه بوجه من الوجوه و يري ربه بكله يبلغ مبلغ الربوبية و هذه الربوبية هي الربوبية اذ مربوب و هي غير الربوبية اذ يمتنع المربوب فانها مختصة بذات الله عزوجل لاتشارك فيها و لايتحد معها غيرها و هذه الربوبية التي هي كنه العبودية هي الربوبية الامرية و القهارية بسبب اسماء الله و صفاته علي مادونه فيبلغ مبلغ السياسة لمن دونه و التصرف فيه كيف ما شاء و اراد و ذلك ان الهواء بينك و بين الجدار لماخضع و رق و صفا ظاهرا و باطنا و فقد نفسه عند وجدان الجدار و انقاد في الانصباغ للوارد عليه من الاشباح المنفصلة و التهيؤ بهيأة الجدار صار بهذا الانقياد و الخضوع خليفة الجدار و مرأي الجدار و ظهوره بحيث انه لايري منه شيء الا الجدار و لايسمي الا باسم الجدار و يؤثر تأثير اشباح الجدار حتي كأنه لا شيء الا الجدار فهم صلوات الله عليهم اطوع لمشية الله و اشد انقيادا لارادة الله و اخضع لدي سطوع عظمة الله من الهواء عند الجدار الف الف مرة الي ما شا ء الله فهم بانقيادهم و خضوعهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۱ *»
الذي هو حقيقة عبوديتهم بلغوا مبلغ من رآني فقد رأي الحق و لنا مع الله حالات هو فيها نحن و نحن هو و من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقد جهل الله و من تخلي عنهم فقد تخلي عن الله و جميع ذلك بعبوديتهم لله عزوجل حق عبادته و لاجل ذلك قال7 بنا عرف الله و لولانا ماعبد الله فهو لما اثبت لنفسه العبودية لله عزوجل اظهر لنفسه اعلي درجات الربوبية و القهارية علي جميع ماسواه فان ظهور الربوبية يدور مدار صدق العبودية كلما يكون العبد اطوع و اخضع لربه يكون آثار الربوبية فيه اظهر و اقوي و ليس لذلك غاية و لانهاية فاذا ثبت بالضرورة من الاسلام عصمتهم الكاملة عن جميع ما كره الله و كون عبادتهم حق عبادة الله فيكون ربوبيتهم بلانهاية كما يكون عبوديتهم بلانهاية و ليس الله ببخيل و ليسوا بناقصين مقصرين في مقام العبودية التي هي قابلية ظهور الربوبية قال الحسين7 في دعائه اللهم منك البدء و لك المشية و لك الحول و لك القوة و انت الله الذي لا اله الا انت جعلت قلوب اوليائك مسكنا لمشيتك و ممكنا لارادتك و جعلت عقولهم مناصب اوامرك و نواهيك فانت اذا شئت ما تشاء حركت من اسرارهم كوامن ما ابطنت فيهم و ابدأت من ارادتك علي السنتهم ما افهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك و تدعو اليك بحقائق ما منحتهم به الدعاء فبذلك صاروا اربابا لجميع ماسواهم من العوالم الالف الف و ليس المراد بهذه الربوبية الربوبية المنهية فان الربوبية المنهية هي الربوبية اذ لامربوب و اما الربوبية اذ مربوب فاطلاقها علي غير الله الرب شايع و منه قوله تعالي اذكرني عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه فلامانع منه و اما قوله7 و خليفته علي عباده فهو بعد ما عبد الله حق عبادته و صار ظهوره الكلي الجامع بين عباده صار خليفة الله بين عباده و ظاهره في خلقه يبدي من الله ما اراد الله ابداءه و يأمر بما يريد الله الامر به و يحكم بما يريد الله الحكم به لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و لايعصون الله ما امرهم و يفعلون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۲ *»
ما يؤمرون قال7 في خطبة الغدير و الجمعة و اشهد ان محمدا عبده و رسوله استخلصه في القدم علي ساير الامم علي علم منه انفرد عن التشاكل و التماثل من ابناء الجنس و انتجبه آمرا و ناهيا عنه اقامه في ساير عوالمه في الاداء مقامه اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته و اختصه من تكرمته بما لميلحقه احد من بريته فهو اهل ذلك لخاصته و خلته اذ لايختص من يشوبه التغيير و لايخالل من يلحقه التظنين الخطبة فهم صلوات الله عليهم خلفاؤ الله في ارضه خلفهم في عباده ليؤدوا عنه ما يريد ان يؤدي اليهم من توحيد ذاته و صفاته و افعاله و عبادته و شئونها و جهاتها و انوارها و آثارها و من محابه و مساخطه في امره و نهيه و احكامه في الكون و الشرع و شرح احوال حقايق الاشياء و الامثلة الملقاة في هوياتها فكانوا صلوات الله عليهم كذلك فهم خلفاؤه يجري الله بهم ما يريد ان يجريه في خلقه من الامداد و الافاضات و التصرفات و اظهار شئون الربوبية و آثارها في الملك و يعاملهم العباد بما يريدون ان يعاملوا به ربهم فيتوجهون اليهم و يدعون الله اليهم و يتضرعون لديه اليهم و يرفعون ايديهم بالدعاء اليهم و تشخص اعينهم بترقب وجوه الفضل اليهم فلايخرج من الله شيء الي خلقه الا منهم و لايدخل عليه داخل الا منهم فانهم باب الله المفتوح في عباده في الزيارة و مقدمكم بين يدي حوائجي و ارادتي في كل احوالي و اموري و فيها من اراد الله بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم الزيارة بالجملة علي ذلك هم خلفاء الله في ارضه هذا و التوحيد هو غاية الايجاد كماقال الله عزوجل ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و اول عبادة الله معرفته و قال في القدسي كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف و معرفة الذات ممتنعة الا من حيث عرف نفسه بما عرف و لميعرف نفسه الا بذلك الخليفة الذي خلفه في الاداء عنه و لذا قال7 بنا عرف الله و لولانا ماعرف الله و قال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۳ *»
ابوعبدالله7 في حديث ان الله عزوجل لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا ابوابه و صراطه و سبيله و الوجه الذي يؤتي منه الخبر و قال الاوصياء هم ابواب الله عزوجل التي يؤتي منها و لولاهم ماعرف الله عزوجل و بهم احتج الله تبارك و تعالي علي خلقه فلاجل ان غاية الايجاد المعرفة و هي لاتحصل الا بهم كماسمعت قال الله عزوجل للملائكة اني جاعل في الارض خليفة اي ذلك من شأني و حكمتي و كمالي و سنتي في الايجاد فلاجل ذلك قال الله عزوجل وعد الله الذي آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم نحو آدم و داود8 و لذا قال ابوالحسن7 الائمة خلفاء الله عزوجل في ارضه فخلفهم الله في الارض في اداء التوحيد و اظهار التفريد و اجراء السنن الكونية و اقامة السنن الشرعية فكانوا كما احب الله حتي بلغوا منه الرضا و اما قوله صلوات الله عليه لاتجعلونا اربابا الخ فالمراد من الربوبية هنا الربوبية اذ لامربوب و حيث يمتنع المربوب فذلك مقام الاحدية الذاتية و لايبلغه محمد9 و من دونه و لو بادق مشاعرهم و اقصي مقاماتهم و اعلي مراتبهم فانهم حوادث من اعلي مراتب وجودهم الي اقصي مقامات شهودهم و اما مراتب الربوبية اذ مربوب ذكرا و الربوبية اذ مربوب كونا و الربوبية اذ مربوب عينا فتلك مقامات خلقية فلامانع من بلوغهم اياها و هم اشرف خلق الله و اوله بحيث لايسبقهم سابق و لايفوقهم فائق و لايلحقهم لاحق و لايطمع في ادراكهم طامع فبلوغهم اليها مما لاشك فيه و لاريب يعتريه و كذلك لاشك و لاريب في ان من جعلهم عين الذات القديمة الاحدية فهو كافر غال ملحد هالك و اما الربوبية اذ مربوب فاليه الاشارة بقوله تعالي و اشرقت الارض بنور ربها قال ابوعبدالله7 رب الارض يعني امام الارض قيل فاذا خرج يكون ماذا قال اذا يستغني الناس عن ضوء الشمس و نور القمر و يجتزؤن بنور الامام و قال اذا قام قائمنا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۴ *»
اشرقت الارض بنور ربها و استغني العباد عن ضوء الشمس و ذهبت الظلمة و في الجامعة و اشرقت الارض بنوركم و فاز الفائزون بولايتكم فالربوبية اذ مربوب ثابتة لهم قال في القاموس الرب باللام لايطلق لغير الله عزوجل و قال و رب كل شيء مالكه و مستحقه او صاحبه و قال في المصباح المنير الرب يطلق علي الله تبارك و تعالي معرفا بالالف و اللام و مضافا و يطلق علي مالك الشيء الذي لايعقل مضافا اليه فيقال رب الدين و رب المال و منه قوله7 في ضالة الابل حتي يلقاها ربها و قد استعمل بمعني السيد مضافا الي العاقل ايضا و منه قوله7 حتي تلد الامة ربتها و في رواية ربها و في التنزيل حكاية عن يوسف اما احدكما فيسقي ربه خمرا انتهي. فعلي ذلك لاغرو من ارادة آل محمد: من الرب في قوله تعالي و اشرقت الارض بنور ربها و في قوله وجوه يومئذ ناضرة الي ربها ناظرة و في قوله و جاء ربك و الملك صفا صفا علي ان يكون الخطاب لكل ناظر كقولنا في الكتاب اعلم فيصح الاطلاق بلاتكلف و لامانع اذ كان رب الارض امام الارض.
و اما قوله7 و قولوا في فضلنا ما شئتم فاما ان يكون القول بمعني الكلام فقولوا و تكلموا بفضائلنا يعني انهم كذا و كذا و يعملون كذا و كذا و يقدرون علي كذا و كذا و اما ان يكون بمعني الاعتقاد مثل ما يقال قول العلامة في هذه المسألة كذا و قول المشهور كذا اي اعتقادهم في المسألة و ان لميتكلموا بها ابدا فالمراد اعتقدوا في فضلنا ما شئتم من الدرجات العلية و المقامات السنية و من عرف ان الذات الاحدية جل شأنها منزهة عن الاسم و الرسم و التعبير و عرف ان اسماءها تعبير و صفاتها تفهيم و عرف قول ابيعبدالله7 اسم الله غيره و كل شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ماخلا الله فاما ما عبرته الالسن او عملته الايدي فهو مخلوق الخبر عرف ان كل ما يقع التعبير عنه او التفوه به او يسمي باسم فهو مخلوق والله عزوجل لا اسم له و لا رسم و لا لفظ و لا تعبير و انما يعبر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۵ *»
بمايعبر من باب اضطرار الخلق و اظهار التوحيد و اثبات التفريد و يحتاج الي تدارك كما لميزالوا يتداركون كيف و النبي لايوصف و الامام لايوصف و قال صلوات الله عليه انا الذي لايقع علي اسم و لا شبه و لا بأس بماقلت في قصيدة:
بل كل ما قلت او قد قال في سلف
من قائل مدحة في خير معناها
لمتجر الا لشأن من شئونك يا
ذاتا علت نزهة بالقدس اكناها
فاذ قد عرفت انه ليس بين الخالق و المخلوق شيء والله خالق الاشياء لا من شيء كما قال ابوعبدالله7 و نزلتهم عن رتبة الذات الاحدية فقل في فضلهم ما شئت اذ ليس رتبة في المخلوق لمينالوه و لا شيء افضل منهم و لايسبقهم احد من الخلق و الذين هم يفعلون كذلك يختلف درجاتهم باختلاف معرفتهم بالله و قصورهم في التوحيد فمن يصف الله بصفات المخلوقين يزعم ان تلك الصفات لاتليق بهم فانها صفات الربوبية و من بلغ في رتبة التوحيد درجة اعلي و علم ان تلك الصفات صفات حادثة و الذات اجل منها و اعلي يصف آل محمد: بتلك الصفات الحادثة و يقدس الله عنها و هو عامل بقوله صلوات الله عليه لاتجعلونا اربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فهنالك يرتاب الاولون و يشك القاصرون و ان جحدوا يكفرون.
و اما قوله صلوات الله عليه فانكم لنتبلغوا كنه ما فينا و لانهايته فاعلم ان الله جل و عز خلق شيعتهم من انوارهم المقدسة و يفصل نورهم من ساداتهم كما يفصل نور الشمس من الشمس و لاشك ان مادة النور ليست من مادة الشمس و انما يكون مادته ظل صورة الشمس و شبحها المنفصل و لاشيء يتجاوز عن مادته و اعلي اذكاره البتة اذ فوق اعلي اذكار الشيء امكانه و امكان الاشياء عدمها فالاشياء في الامكان معدومة و لا ادراك للشيء حيث هو معدوم و هذا معني لو دنوت انملة لاحترقت فان الكون يحترق في الامكان و يعدم كما يحترق الالف في المداد و يعدم عينه فالاثار في رتبة المؤثر معدومة اذ اعلي اذكارها دون رتبة المؤثر فهي في رتبة المؤثر معدومة بمادتها و صورتها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۶ *»
فكيف يمكن ان يصل الشيعي الي كنه ما في آل محمد: من الفضائل و المقامات كماعلل7 فان الله عزوجل قد اعطانا اكبر و اعظم مما يصفه واصفكم او يخطر علي قلب احدكم نعم ان الشيعي يمكن ان يبلغ من فضلهم ما تجلوا له به و وصفوا انفسهم به له كما يبلغ ما في المرآة من الشمس بقدر ما تجلت لها فلاجل ذلك تتفاضل درجات المؤمنين فمن كان اوسع صدرا يتحمل فضائلهم فهو اجل قدرا و ارفع شأنا و من كان اضيق صدرا فهو ادني درجة فان اشد المرايا توصيفا للشمس انورها قلبا بنور الشمس و كفي به لها فضلا و هو غاية المراد و منتهي الرشاد وفقنا الله و اياكم للقبول و الاستعداد.
و اما قوله7 فاذا عرفتمونا هكذا فانتم مؤمنون اي ان لمتعرفونا هكذا فانما انتم مسلمون ان لمتجحدوا و الا فانتم كافرون فان عرفتمونا هكذا فذلك دليل تحقق نورها في قلوبكم و صيرورتكم شيعتنا و حصول ما ذكرتم لنا فيكم و هو روح الايمان حقيقة فانتم مؤمنون يعني من آل محمد فان المؤمن صفتهم و هم المؤمنون حقا قل اعملوا فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون و انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و هم راكعون فالمؤمنون آل محمد: فاذا تحقق نورهم و شبحهم المنفصل في قلب رجل فقد تحقق فيه روح الايمان و صار مشاكلا متبعا للمؤمنين و من يتولهم منكم فانه منهم من اتبعني فانه مني فيصير من آل محمد: قال7 انتم من آل محمد فاذا صار من آل محمد: صار من المؤمنين فالمؤمن مؤمن لانه من زمرة المؤمنين صلوات الله عليهم و يقدر علي ان يؤمن من يشاء من عذاب النار و اهوال البرزخ و هول المطلع و القبر بل و الدنيا فيجيز الله امانه و يدخل في الشفعاء فيشفعه الله فيمن يشفع فيكون مؤمنا حقيقة لانهم تركوا ما يريدون لما يريد فاذا ارادوا شيئا يريد و ما ذلك علي الله بعزيز و ان اخذت المؤمن بمعني المصدق كما قال الله يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين اي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۷ *»
يصدق كما روي فمن عرفهم بهذه المعرفة فهو المؤمن حقا فان الايمان موضعه القلب اذ التصديق شأن القلب و القلب اذا صدق قر و اذا كذب او شك تلجلج و اضطرب قال الله عزوجل قالت الاعراب آمنا قل لمتؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا و لمايدخل الايمان في قلوبكم فمن سكن قلبه و دخل الايمان قلبه فلابد و ان يظهر آثاره علي جميع جوارحه فانه اميرها و حيوة الكل و حركة الكل منها و انما تتقلب بحكمها فاذا كان القلب مؤمنا يستعمل جميع الاعضاء في الطاعة و بفروع الايمان و ان صدر عن بعض الجوارح شيء بالعرض يوما ما فيتبادر القلب الي معالجته و محوه و اصلاحه.
قال سلمان قلت يا اخا رسول الله9 و من اقام الصلوة فقد اقام ولايتك قال نعم يا سلمان تصديق ذلك قوله تعالي في الكتاب العزيز و استعينوا بالصبر و الصلوة و انها لكبيرة الا علي الخاشعين فالصبر رسول الله9 و الصلوة اقامة ولايتي فمنها قال الله تعالي و انها لكبيرة و لميقل و انهما لكبيرة لان الولاية كبيرة حملها الا علي الخاشعين و الخاشعون هم الشيعة المستبصرون اعلم ان الصلوة في الاشتقاق المعروف من صلي عصاه علي النار تصلية و تصلاها لوح لتليينها فالداعي يصلي نفسه علي نار المبدء بالتوجه الي الله سبحانه لتليين صعاب وجوده و اذابة ما جمد منه و مطاوعته له جل و عز او يصلي حاجاته علي نار اجابة الله و قبوله فان القبول للمبدء اذا تجلي في عالم الظاهر يتجلي بالنار لان القبول منه جذبه اليه و الجاذبة من الحرارة و اليبوسة النارية و لاجل ذلك كان يظهر في اول الزمان قبول الله جل و عز بصورة النار كما قال بقربان تأكله النار اي يتقبله الله كما قال اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما و لميتقبل من الاخر فاذا ابدي المؤمن صفحته لنار القبول فقد صلاها علي ناره و كذلك يصلي المصلي بذات الاركان نفسه و اعضاءه و جوارحه علي نار قبول الله بتوجهه الي الله جل و عز او يصلي المصلي نفسه علي نار ذات الاركان لانها اعظم التكاليف و التكليف نار
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۸ *»
مؤصدة لا نار اشد منها و ذلك ان النار في هذه الدنيا تحدث من الحركة و كلما يكون الحركة اسرع و اشد يكون النار الحاصلة منها اقوي و احر و لا حركة في الامكان تساوي مشية الله جل و عز اذ بها تحرك جميع العوالم فلانار اشد مما صدر منها اولا و بالذات و هي المعبر عنها بالفلق بمعني الصبح او عموده المنفلق و هو نور الفجر و الفجر نور الشمس الذي يتبين من ظلمة الليل بالجملة الفلق اول صادر و نور من صبح الازل و فجره اي المشية فالفلق اشد النيران و لذا يظهر الشريعة التي هي تفصيل صفات ذلك النور في القيمة بصورة الفلق و هو نار تظهر يوم القيمة فعن النبي9 في حديث فيأمر الله عزوجل نارا يقال لها الفلق اشد شيء في جهنم عذابا فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل و الاغلال فيأمرها الله عزوجل ان تنفخ في وجوه الخلايق نفخة فتنفخ فمن شدة نفختها تنقطع السماء و تنطمس النجوم و تجمد البحار و تزول الجبال و تظلم الابصار و تضع الحوامل حملها و يشيب الولدان من هولها يوم القيمة الخبر و هي النار التي يعرض عليها المستضعفون يوم القيمة و يكلفون بدخلوها ليعلم المطيع من العاصي فيكون المبدء اشد الاشياء حرارة و لذا روي ان لله عزوجل سبعين الف حجاب لو كشفت لاحرقت سبحات وجهه ما انتهي اليه بصره من خلقه فاذا توجه العبد الي المبدء فقد صلي نفسه بناره البتة و كذلك في ذات الاركان فلاجل ذلك قيل صلي و حاصله اي توجه و لك ان تقول ان الداعي او الاتي بالاركان اذا دعا و عمل بها فقد دنا نار الشريعة و دخل فيها و هي كماعرفت نار حقيقة فمن دخل الشريعة فقد صلي نفسه بنارها ثم غلب الاسم علي تلك الاركان المخصوصة لانها اكملها و اعظمها تصلية و لماغلب الاسم علي الاركان لميقل صلي تصلية للاشتباه و قالوا صلي صلوة و اقيم الاسم مقام المصدر فحاصل ذلك ان الصلوة اذا بمعني التوجه الي المبدء للاستكمال و حصول المطاوعة التامة التي هي العبودية و قد يقال في الاشتقاقات الاخر انها مشتقة من الوصل و سميت به لان العبد يتصل بمبدئه حال صلوته فان الصلوة معراج المؤمن او من الوصلة اذ هي مابين الرجل و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۶۹ *»
بين ما يتصل به و الصلوة هي الوصلة بين العبد و بين ربه و بها يتصل بمبدئه او من الصلة بمعني البر و الاحسان و العطية فهي صلة من الله علي العبد فانه اذا توجه الي الله فقد احسن الله اليه ما اصابك من حسنة فمن الله و ما لمتنظر الي ما في المرآة لمينظر ما في المرآة اليك فكذلك ما لميذكر الله العبد باحسانه لميذكره العبد فالصلوة صلة من الله العبد و عليه جري ما في حديث المعراج قف يا محمد فان ربك يصلي قال كيف يصلي قال يقول سبوح قدوس رب الملائكة و الروح فمعني قف استعد و استشعر و اجمع قلبك و تنبه فان ربك يصلي اي يصلك بصلته و بره و احسانه قال كيف يصلي قال يقول سبوح قدوس الي آخر يعني يلقي في هويتك مثال قدسه و ربوبيته فهو يصلي اي يصلك بذلك المقام الذي لا غاية له و لا نهاية فقف و اسكن و توجه اليه بكلك حتي ينقطع جميع حركات اوصالك و تسكن و سئل ابوعبدالله7 عن قول الله ان الله و ملائكته الاية فقال الصلوة من الله رحمة و من الملائكة تزكية و من الناس دعاء و عن القمي قال قال صلوة الله عليه تزكية له و ثناء عليه و صلوة الملائكة مدحهم له و صلوة الناس دعاؤهم له و التصديق و الاقرار بفضله و قوله و سلموا تسليما يعني سلموا له بالولاية و بما جاء به انتهي فقوله قف ان ربك يصلي اي يزكيك و يثني عليك قال كيف يزكيني و يثني علي قال يقول سبوح قدوس كما قال سبح اسم ربك الاعلي رب الملائكة و الروح و هو الذي يربهم و يدبر امرهم و يأمرهم و ينهاهم قال العسكري7 ان روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدايقنا الباكورة و قال رسول الله9 ان الملائكة لخدامنا و خدام شيعتنا فافهم
فسأله صلوات الله عليه سلمان فقال من اقام الصلوة فقد اقام ولايتك اي من اقام الصلوة ذات الاركان بطهورها و حفظ مواقيتها و ستر العورة و توجهها و استقبالها و تكبيرها و قرائتها و ركوعها و سجودها و قيامها و قعودها و اذكارها و انظارها و ساير حدودها كما امر الله جل و عز و رسوله و اقام الصلوة يعني اظهر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۰ *»
امر الولي و وجوب طاعته و الائتمام به و الاقرار بفضائله و القبول من حملتها و التسليم لرواتها كما روي عن ابيعبدالله7 في قوله قد قامت الصلوة انما يعني به قيام القائم7 انتهي فاقامة الصلوة اقامة طاعته و امتثال امره و نهيه و نشر امره و انتظار فرجه و اثبات وجوده و ظهوره علي ما ينكره و حكم آخرهم حكم اولهم و اقام الصلوة و عمل بجميع مراتبه بمحاب الله و اجتنب جميع مساخط الله و جاهد نفسه الجهاد الاكبر و تلبس و تصور بجميع احكام الشرايع حتي صلي نفسه بنار الشرع و امتحنها بها و لينها و كملها حتي صلي نفسه بنار سبحات وجه الله فحضر حظيرة القدس و عرج الي مواضع الانس و وصل الي مقام القرب فوصله الله بحبائه و عطاياه و اقام الصلوة فسار في عرصاة الاسماء و الصفات و استنار بانوار تلك العلامات و السمات و تكمل باشراق تلك الشموس النيرات حتي استحال عما كان عليه من العبوديات و فاز باسرار الربوبيات و امثال ذلك من المقامات هل اقام ولايتك و صار وليا لك بحيث تحبه و ترضاه كما يحبك و يرضاك و يتحقق بينكما المماثلة و يطابق صفتك علي ما انت عليه و يبلغ مقام التشيع الذي هو مقام الشعاع المطابق للمنير الفاني من نفسه الباقي بمنيره الفاقد نفسه الواجد منيره و الساكت عن نفسه الناطق بمنيره الساكن عن نفسه المتحرك بمنيره بحيث يكون منظره منظرك و مخبره مخبرك و جميع ما يضاف اليه ما يضاف اليك و بالعكس لانه جهة اضافتك و جميع ما يخاطب به تخاطب به انت و بالعكس فانه جهة خطابك و جميع ما يعامل به تعامل به انت فانه جهة معاملتك فلاجل ذلك يكون قوله قولك و حكمه حكمك و اسمه اسمك و حده حدك و زيارته زيارتك و حبه حبك و بغضه بغضك و طاعته طاعتك و جحوده جحودك و صفاته صفاتك و ذاته ذاتك و اعراضه اعراضك و هكذا قال نعم يا سلمان يبلغ الرجل باقامته الصلوة اقامة ولايتي فيكون وليي حقا و اكون وليه حقا تصديق ذلك قوله تعالي في الكتاب العزيز و استعينوا بالصبر الخ اعلم ان الاستعانة طلب الاعانة يقال استعانه و استعان به اي طلب منه الاعانة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۱ *»
و العون هو الظهير فقوله استعينوا بالصبر و الصلوة اي اطلبوا كونهما ظهيرين لكم لبلوغ حوايجكم الباطنة و الظاهرة و لهما ظاهر و باطن اما ظاهر الصبر فهو حبس النفس و انما يحبس النفس علي الطاعة فتديم عليها و تحبس عن المعصية فلاتقربها و لاتميل اليها و تحبس علي البلاء فتسكن و تستقر فلاتفر منها و تحبس علي المصيبة و الالم فلاتجزع منها و تحبس علي النوائب فتقوم لها و تحبس علي تحامل الايام و الناس فتقوم بها و جميع ذلك من صنوف الصبر و منشأوه التسليم و الانقياد و لذلك قال ابوعبدالله7 الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد و الصبر الجميل ما لاشكوي فيه الي الناس و اما في التأويل فالصبر الصوم فانه حبس النفس عن الصفات الحيوانية و الصفات الشيطانية و ما نهي الله عزوجل عنه و حبس النفس علي الصفات الانسانية و ما امر الله عزوجل به لمن اراد ان يتم صومه فقال ابوعبدالله7 في هذه الاية اذا نزلت بالرجل النازلة و الشدة فليصم فان الله عزوجل يقول و استعينوا بالصبر يعني الصيام انتهي و لماكان الصوم يضعف جهة النفس بحبس النفس عن مقتضياتها و يقوي جهة الرب اختص بالله عزوجل و صار حجابا بين الانسان و بين النار و لذلك قال رسول الله9 الصيام جنة من النار و قال قال الله عزوجل الصوم لي و انا اجزي به و اصل الصيام الكف عما نهي عنه النبي9 و حقيقته الكف عماسوي الله عزوجل و الاعراض عماسواه بالكلية و التوجه اليه بالكلية فهو صورة لا اله الا الله اذ بقولك لا اله تكف عن كل اله متخذ دون الله عزوجل و كل ما يشغلك عن الله فهو صنمك فانت تكف نفسك عن كل صنم يدعي من دون الله و بقولك الا الله تثبت التوجه اليه و الفناء فيه فهذا هو حقيقة الصوم ثم له درجات الي ان يبلغ ادني الدرجات و هو كف الصائم عن الاكل و الشرب و الجماع و ذلك صوم العوام قال ابوعبدالله7 ان الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده انما للصوم شرط يحتاج ان يحفظ حتي يتم الصوم و هو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۲ *»
الصمت الداخل اما تسمع قول مريم اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا يعني صمتا فاذا صمتم فاحفظوا السنتكم عن الكذب و غضوا ابصاركم و لاتنازعوا و لاتحاسدوا و لاتغتابوا و لاتماروا و لاتكذبوا و لاتباشروا و لاتحالفوا و لاتغاضبوا و لاتسابوا و لاتشاتموا و لاتنابزوا و لاتجادلوا و لاتباذوا و لاتظلموا و لاتسافهوا و لاتضاجروا و لاتغفلوا عن ذكر الله و عن الصلوة و الزموا الصمت و السكوت و الحلم و الصبر و الصدق و مجانبة اهل الشر و اجتنبوا قول الزور و الكذب و الفراء و الخصومة و ظن السوء و الغيبة و النميمة و كونوا مشرفين علي الاخرة منتظرين لايامكم منتظرين لماوعدكم الله متزودين للقاء الله و عليكم السكينة و الوقار و الخشوع و الخضوع و ذل العبد الخائف من مولاه راجين خائفين راغبين راهبين قد طهرتم القلوب من العيوب و تقدست سرايركم من الخبائث و نظف الجسم من القاذورات و تبرأت الي الله من اعدائه و واليت الله في صومك و بالصمت من جميع الجهات مما قد نهاك الله عنه في السر و العلانية و خشيت الله حق خشيته في السر و العلانية و وهبت نفسك لله في ايام صومك و فرغت قلبك له و نصبت نفسك له فيما امرك و دعاك اليه فاذا فعلت ذلك كله فانت صائم لله بحقيقة صومه صانع لما امرك و كل ما نقصت منها شيئا مما بينت لك فقد نقص من صومك بمقدار ذلك الخبر.
و اما في الباطن فالصوم رسول الله9 و لذا قال الله عزوجل الصوم لي و انا اجزي به فان الصوم خالص له ليس لغيره كما قال الحمد لله رب العالمين فالحمد هو الصوم و الصوم هو الحمد و ذلك ان الصوم كما قلنا هو الكف عما سوي الله عزوجل و التوجه اليه وحده و لا احد في عرصة الخلق كف عماسوي الله عزوجل حتي نفسه الشريفة و توجه الي الله جل و عز بكله مثله9 و لذا اختص به و مدحه الله عزوجل بقوله الحمد لله فانه حمد حمد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۳ *»
الله به نفسه لايشركه في ذلك الثناء احد غيره و الله هو المثني و المثني به فهو الصوم الحقيقي الذي لا صوم اعظم منه و هو الصائم بصوم وجوده الذي هو الكف عماسوي الله عزوجل و الكون له وحده وحده هذا و قد سمعت في الزيارة ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه الزيارة و ذلك انهم صلوات الله عليهم لما تم نورهم و كمل ظهورهم خلق الله من شعاع نورهم جميع الذوات و الصفات و الجواهر و الاعراض فلاشيء في عرصة الوجود الا و هو مخلوق من نورهم او من عكس نورهم و سجد له بياض النهار و سواد الليل و ان من شيء الا يسبح بحمده فالكل اذا من نورهم و الكل خير فهم الذوات الطيبة و الصفات الحسنة كما روي عن ابيعبدالله7 انه قال نحن اصل كل خير و من فروعنا كل بر و من البر التوحيد و الصلوة و الصيام و كظم الغيظ و العفو عن المسيء و رحمة الفقير و تعاهد الجار و الاقرار بالفضل و اهله و عدونا اصل كل شر و من فروعهم كل قبيح و فاحشة فهم الكذب و النميمة و البخل و القطيعة و اكل الربوا و اكل مال اليتيم بغير حق و تعدي الحدود التي امر الله عزوجل و ركوب الفواحش ما ظهر منها و ما بطن من الزني و السرقة و كل ماسوي ذلك من القبيح و كذب من زعم انه معنا و هو متعلق بفرع غيرنا و قيل له7 انتم الصلوة في كتاب الله عزوجل و انتم الزكوة و انتم الحج فقال يا فلان نحن الصلوة في كتاب الله عزوجل و نحن الزكوة و نحن الصيام و نحن الحج و نحن الشهر الحرام و نحن البلد الحرام و نحن كعبة الله و نحن قبلة الله و نحن وجه الله و نحن الايات و نحن البينات و عدونا في كتاب الله الفحشاء و المنكر و البغي و الخمر و الميسر و الانصاب و الازلام و الاصنام و الاوثان و الجبت و الطاغوت و الميتة و الدم و لحم الخنزير الخبر فهم صلوات الله عليهم قد ظهروا بالذوات و بالصفات بالذوات فلو عرفهم احد و نظر الي الصفات رآهم فيها كما يري الشمس في النور الذي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۴ *»
في سطح الدار و في البيوت و البيوت الداخلة و المخازن و المفاتح اذا وضع فيها مرايا فيري في كل مرآة وجه الشمس عيانا كذلك من عرفهم بالنورانية رآهم في مرايا قوابل الذوات و الصفات و الافعال و الاقوال فلاشيء الا و وجههم ظاهر فيه عيانا و هو الاسم علي المكتوب علي كل شيء فافهم فهم الصفات الطيبة لكن قد يلاحظ الخصوصيات و الاحكائية فينسب بعض منها الي بعض منهم فينسب الصبر الي رسول الله9 لاجل المناسبة و الصلوة الي علي7 لمناسبة اخري فتخصيص الصبر برسول الله9 لما ذكرنا من انه كف النفس و الاعراض التام عن مجموع صفات الحيوانات و الشياطين و توجه و ذكر و هو اخلص العبادات لله عزوجل و لذا قال الصوم لي و انا اجزي به و هو اخفي العبادات عن الانظار و اصل رياضة النفس و حقيقته و اذا ارتاض النفس ذلت و انقادت لسايقها البتة فلاجل هذه المناسبات قيل ان الصبر رسول الله9 و اما الصلوة فانها لماكانت عبادة مفصلة موزعة علي جميع الاعضاء الظاهرة بحيث يراها كل احد و هي ظاهرة كما شرحنا خصت بالولي فقال من اقام الصلوة فقد اقام ولايتي فلاجل ان الباطن منهما النبي و الولي قال الله عزوجل استعينوا بالصبر و الصلوة اي استظهروا بهما و اطلبوا المظاهرة منهما ليكونا ظهيريكم في جميع اعمالكم و احوالكم و اقوالكم و تقلباتكم و في الشدايد و المهمات و الحوايج و الترقيات الي الله عزوجل و استعينوا بهما فانهما مانيا مقدورات الله عزوجل كما في الدعاء و مناة و اذواة و عونهما كالروح في اجساد اعمالكم و بغيره لايتم عمل منكم كما لايتم جسد بلاروح و بذلك قال العبد الصالح و ما توفيقي الا بالله و في الزيارة بكم سكنت السواكن و تحركت المتحركات فمن عرفهم حق معرفتهم وجب ان يستعين بهم في كل حالاته كما قال في الزيارة و مقدمكم بين يدي حوائجي و ارادتي في كل احوالي و اموري و هو باطن قوله كل امر ذي بال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۵ *»
لم يبدأ فيه ببسم الله فهو ابتر و انت قد امرت ان تبدأ في كل امر باسم الله الرحمن الرحيم فهل تدبرت ما ذلك الاسم الذي انا مأمور بالابتداء به او بالاستعانة به او بالتوسل به او بالاستكفاء به او بالاستعاذة به حتي امتثل امر الله فيه فانا اقول ذلك الاسم ما اخبر عنه في الزيارة حيث قال السلام علي اسم الله الرضي و وجهه المضيء و قال7 نحن والله الاسماء الحسني التي امر الله ان تدعوه بها فاللازم ان تبدأ في كل امر ذي بال باسم الله و هم اسماء الله عزوجل فاللازم ان تبدأ بهم كماتقول و مقدمكم بين يدي حوائجي و ارادتي في كل احوالي و اموري فهذا معني الاستعانة بالصبر و الصلوة علي جميع الاحوال و التصرفات و التقلبات و العبادات و كذا استعينوا بهما علي الله جل شأنه فانكم اذا استشفعتم بهم الي الله عزوجل و توجهتم بهم اليه فمنهم توجهتهم اليه و فيهم و بهم و لهم دخلتم البيوت من ابوابها و وصلتم الي ما تريدون فانهم السبيل الاعظم و الصراط الاقوم و الباب المبتلي به الناس و كذا استعينوا بهما علي ابليس و جنوده و علي اعدائكم من المنافقين و الكافرين و اطلبوا منهما المظاهرة لدفعهم فانهم كلاب الراعي و لاحيلة لدفعهم الا باللواذ بالراعي و اطلبوا منهم دفعهم و كيفية الاستعانة في الظاهر ان تأتي بالصوم و الصلوة علي شروطهما المقررة في الكتاب و السنة خالصا مخلصا لله عزوجل ولايكون مقصودك بلوغ المأمول لاجل نفس ذلك المأمول بحيث لولاه لاعرضت عن الله جل و عز بل علي انك تريد المأمول لاجل الوصول الي الله عزوجل و التقرب اليه و تدعوه و تعبده لبلوغ المأمول للتوصل به الي رضاء الله جل و عز هذا هو الاخلاص و الجمع بين الادلة في المقام فاذا اتيت بهما حصل لك قوة علي التوجه الي الله سبحانه و صفاء ينعكس في قلبك تلك الانوار التي طلبتها و دخلت من بابها و تلك الاسماء التي هي علل حاجتك فاذا حصل لك الصفاء و توجهت الي تلك الاسماء اشرقت علي قلبك انوارها و نفذت منه الي الاعضاء و الي الخارج من ساير الاعراض و المقارنات فيجري مطلوبك علي اكمل وجه مثل انك اذا اردت الغني و استعنت
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۶ *»
بالصبر و الصلوة حتي صفا قلبك و لطف روحك و ذكي حسك و توجهت الي اسم الله الغني و دخلت علي الله من ذلك الباب و مددت يد ضراعتك الي ذلك الجناب اشرق نور اسم الله الغني علي قلبك و حصل فيه الغناء القلبي الكامل ثم اشرق منه علي ساير الاعضاء فجرت علي وفق ما يوافق الصلاح و التوفيق ثم اشرقت علي ساير المقارنات فتوافقت الاسباب و العلل و اصابت التدابير و نفعت الاعمال و اثمرت الصنايع و نفقت التجارات فحصل لك ما تريد و ان ادمت علي ذلك حتي اشتعل زيت قابليتك بنار ذلك الاسم و بلغ اشده و كمل صرت مظهر اسم الله الغني و صرت فعالا لما تريد من التصرف بذلك الاسم فيما شئت و كذلك حال كل اسم و اما الاستعانة الباطنية فان تتوسل برسول الله9 و علي7 بان تتوجه اليهما و تتقرب بهما الي الله جل و عز و تسأل الله عزوجل بلسانهما حاجتك و تجعلهما شفيعيك في حاجتك و تسأل الله عزوجل بحقهما الذي جعل لهما و بحرمتهما و تسألهما ان يحتما علي الله الاجابة و تعلم انهم معاني اسمائه و صفاته و ابوابه الي جميع خلقه و حجج عليك و خلفاؤه في ارضه و تعلم انه لاسبيل الي الله الا هم و لايظهر الا فيهم و بهم و منهم فتعبده بهم و لاتشرك به شيئا فاذا فعلت ذلك استعنت بباطن الصبر و الصلوة و اعانك الله بهما و رزقك نيل الحاجات هذا مجمل معني الاستعانة و اما التفصيل فاحرز وعاء له الصدور و لاتسعه السطور و اما قوله9 فمنها قال الله تعالي و انها لكبيرة الخ اعلم ان النفس خلقت من ظل الربوبية و عكسها و لذا تدعي الربوبية و الاستقلال و العظمة و الجلال و لاتخضع لاحد ما امكنها و تريد ان تعمل برأيها و هواها في كل حال و لاتطيع احدا ابدا اللهم الا نفوسا مطمئنة ساكنة ذلت لله جل و عز و لرسوله و لحججه عليهم صلوات الله و سلامه و انقادت لهم لما بدا لها من عظمتهم و كبريائهم و من عجزها و فقرها و فاقتها عندهم و ذلك لما اسرها جيوش الاسلام و عساكر الايمان العقل و جنوده فغلبوا عليها و جنودها و قتلوا من قتلوا من جنودها و اسروها و قيدوها و اطعموها من طعامهم و البسوا عليها من لباسهم حتي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۷ *»
استأنست شيئا فشيئا بهم و سكنت و ذلت و استحسنت طريقتهم فمالت فاحبت و اشتاقت و رضيت فاطلقوها فمشت بينهم حتي رضوا بها فدخلت في زمرتهم و وردت موردهم و ذلك اقل قليل اقل من الكبريت الاحمر و هل رأي احدكم الكبريت الاحمر و اما الغالب الشايع فان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي فالنفس مادامت علي جماحها تأبي عن الانقياد و تأنف عن التذلل لغيرها فلاجل ذلك كانت تأنف النفوس عن متابعة الله عزوجل و التعبد له الي ان بدت آثار قدرته و قهاريته و سلطانه و ملكه و كبريائه و عظمته و جلاله ما لايخفي و لايسع احدا انكاره فتذللت النفوس له مطيعة و كارهة لاسيما بعد ما رأت ان باقرارها له تزداد عزة و لماكانت الرسل عبيدا بشرا من جنسهم انكروا طاعة الرسل و تكبروا عن طاعتهم و قالوا ما انتم الا بشر مثلنا و انتم من المسحرين تحتاجون الي ما نحتاج اليه فكيف نطيعكم فنفرت نفوس و جمحت و مردت عن طاعتهم و تجبرت عليهم الي ان غلبت معجزاتهم و ظهرت آياتهم و استولوا بقوة الله علي العباد فتذللت طائفة منها خوفا و طمعا و طوعا و كرها و رضوا ظاهرا بهم و لاسيما بعد ان رأت ان الاقرار بهم سبب عز و غلبة و رياسة لها و يمكنها النفاق فيه و لما ذكر لهم امر الوصي الذي كان احدا من الرعية يجالسونه و يساورونه و يواكلونه و يشاربونه و يشاركهم في الخدمات للرسل و امر عليهم قد هاج فيهم التجبر و التكبر و قالوا ذلك مما لانطيق و ذلك مما لانرضي به ان يتأمر علينا احد اخواننا و من كان يساوينا في البشرية و العبودية و الخدمة فانفوا بذلك عن طاعة الاوصياء و تكبروا عليهم و لميتذلل لهم الا قليل من عباد الرحمن الذين آمنوا بجميع ما نزل من عنده علي عباده و اخذوا عن طيب النفس و رضاء القلب و سرور الفؤاد و اما الباقون فابوا ذلك كل الاباء و لمترض نفوسهم بالتذلل و الانقياد فكبرت ولاية الاوصياء علي تلك النفوس المتجبرة لاجل ذلك بل و حسدوهم و عاندوهم و عزموا علي افنائهم عن بسيط الارض لئلايدعوا الامارة عليهم فعن الصادق عن آبائه: قال لمانصب رسول الله9 عليا7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۸ *»
يوم غدير خم قال من كنت مولاه فهذا علي مولاه طار ذلك في البلاد فقدم علي النبي النعمان بن الحرث الزهري فقال امرتنا عن الله ان نشهد ان لا اله الا الله و انك رسول الله و امرتنا بالجهاد و الحج و الصوم و الصلوة فقبلنا ثم لمترض حتي نصبت هذا الغلام فقلت من كنت مولاه فعلي مولاه فهذا شيء منك او امر من عند الله فقال والله الذي لا اله الا هو ان هذا من الله فولي النعمان بن الحرث و هو يقول اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء فرماه الله بحجر علي رأسه فقتله و انزل الله سأل سائل بعذاب واقع انتهي فهكذا كان تكبر النفوس عن قبول الولاية و لماكانت الصلوة عمود الدين و قطب الاعمال و امامها و مقدمها و اجمعها لشئون الولاية و اشدها خضوعا لله جل و عز و خصت بالولي كما ذكرنا كانت الصلوة من بين صنوف العبادات ايضا كبيرة علي النفوس و كل عبادة اسهل عليها من صلوة ركعتين و ذلك ان الرجل في الصيام كاف عن الشراب و الطعام و يعمل ببدنه ما يشاء و يذهب قلبه حيث يشاء و يتكلم بما يشاء و الزكوة عند حلولها يعطيها بيده و ساير اعضائه مشغول بما يشاء كلسانه و قلبه و الجهاد يسافر الرجل و هو مرخص الاعضاء و اللسان و القلب و هو مع ذلك يطمع في الظفر و الغنائم و هكذا و اما الصلوة فيحبس لسانه عما يشاء من الاقوال و اعضاءه عما يشاء من الافعال و قلبه عما يشاء من الخيال و هو واقف بين يدي ذي الجلال لايقدر علي التحول عن مكانه و منتهي هوي النفس في جميع افعالها ان تكون مطلقة كالطبيعة بلاروية و الذي يصعب عليها غاية الصعوبة الحدود و المقدرات و الصلوة كلها حدود الله و تقديراته التي تعبد الله بها عباده ليمتحنهم في تلك الحدود فلاجل ذلك صارت الصلوة كبيرة الا علي الخاشعين الذليلين الذلولين المنقادين الذين قد انحل عقد كينونتهم حتي صاروا سلس القياد لقائدهم و هم الشيعة و الخشوع في الصوت و البصر و السكون و التذلل لامامهم فطابق الظاهر الباطن و لماقال الله جل و عز و انها لكبيرة عرفنا انها الصلوة و ليس الصوم يكبر علي النفوس لما ذكرنا في الظاهر و كذلك ليس طاعة رسول الله9 كبيرة علي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۷۹ *»
النفوس لشدة كبره و عدم المقاومة لها و لان بناء الرسول علي الظاهر فمن شهد بلسانه لا اله الا الله و محمد رسول الله و عمل بشرايع الاسلام قبل منه و كان الناس مخلي القلوب لايسألون عن قلوبهم و بواطن امورهم و قال لاتقولوا لمن القي اليكم السلام لست مؤمنا و خاطب المجموع بيا ايها الذين آمنوا فلاجل ذلك سهل علي الناس الاسلام مع ما فيه من المطامع و لماكان مدار الايمان و الولاية علي القلب صعب علي الناس فقالوا ان امرنا صعب مستصعب لايحتمله الا ملك مقرب او نبي مرسل او عبد امتحن الله قلبه للايمان و هم الخاشعون فهم يتحملونه و قوله7 و الخاشعون هم الشيعة المستبصرون و ذلك انهم خلقوا من شعاع نورهم و اذا كانوا مستبصرين بحق ساداتهم عارفين بهم بالنورانية فقد صار ذلك النور فيهم بالفعل حتي صار منشأ آثار فافادهم خضوعا و خشوعا و انقيادا لساداتهم فان شأن النور الانقياد للمنير يتحرك بتحركه و يسكن بسكونه و يزيد بزيادته و ينقص بنقصانه و يتغير بتغيره و يذهب بذهابه و يؤب بايابه و ذلك انه الشبح المنفصل من الشبح المتصل بالمنير تابع له فلاشيء اشد تسليما للمنير من النور و اشد خشوعا للمنير من النور فان النور لاحقيقة له من نفسه و انما حقيقته بمنيره فان رؤي المنير فيه كان نورا و الا كان ظلمة فالتسليم هو مقام النورية للمنير و هو مقام الايمان الحقيقي فلايخشع للولاية و لايخضع و لايسلم و لايطاوع الا الشيعة المستبصرون الذين صار تشيعهم في الدنيا بلافعل و بلغوا مبلغ المشايعة و المتابعة المحض بالفعل فكانوا نورا لامامهم بالفعل فاولئك لايكبر عليهم الصلوة و لا باطنها و اما غيرهم ممن لميكن شيعة او كان و لميكن مستبصرا فانه لايتحمل ذلك و يكبر عليه حملها و الانقياد و الطاعة لهما اما غير الشيعة فانه ليس من نورهم و اذا لميكن من نورهم كان ظل غيرهم و اذ كان ظل غيرهم يدور علي قطب ذلك الغير و وجوده مستفاد منه يتحرك بتحريكه و يسكن بسكونه و يوجد بايجاده مادة و صورة و يعدم بعدمه فهو تابع للغير فلايكاد يطاوع لمبدء النور فيأبي عن الانقياد لطاعتهم كما يأبي ظل زيد عن طاعة جسد عمرو و اما الشيعي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۰ *»
غير المستبصر فسبب عدم استبصاره اعراض لحقته و حجبته و منعته عن الظهور و البروز و تلك الاعراض من الدوائر علي قطب الظلمة لامحالة و الا لماكانت تحجب فهو ايضا يتكبر عن طاعة مبدء النور بالعرض بواسطة تلك الاعراض الي ان يزول الاعراض و يصير نوريته لهم بالفعل فهنالك يسلم لمبدء النور و يخشع له فتبين ان غير الشيعة المستبصر يكبر عليه ذلك و من هذا الباب كبرت علي ايوب و امثاله بالنسبة الي مقامه و ان كان ما تحمله فوق شهادات ساير الشيعة لانهم فوقهم رتبة فافهم.
قال7 و ذلك لان اهل الاقاويل من المرجئة و القدرية و الخوارج و غيرهم من الناصبية يقرون لمحمد9 ليس بينهم خلاف و هم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها الا القليل و هم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال انها لكبيرة الا علي الخاشعين و قال الله تعالي في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوة محمد9 و في ولايتي فقال عزوجل و بئر معطلة و قصر مشيد فالقصر محمد و البئر المعطلة ولايتي عطلوها و جحدوها.
اعلم ان لكل كامل نورا ينبث في العالم و هو فضل وجوده و علي صفته فاذا وقع ذلك الفضل علي غيره من الناقصين الفاقدين بالفعل صفة ذلك الكامل اشرق الناقصون بذلك النور الواقع علي ظواهرهم فاستناروا و اشرقوا بظواهرهم و لمايبلغ تأثير ذلك الفضل الي بواطنهم و لمينبه كامن ما فيهم من جنس ذلك الفضل و لميخرجه الي الفعلية و اما الناقص الذي وقع عليه ذلك الفضل و ادام عليه و كان ذلك الناقص قابلا استحال ذلك الناقص الي طبع ذلك الكامل و خرج ما فيه من جنس ذلك الي عرصة الفعلية بتكميل ذلك الفضل مثال الاول ضوء السراج الكامل اذا وقع علي الجدار استنار وجه الجدار بذلك النور و لميبلغ تأثيره باطن الجدار لضعف النور و عدم استعداد الجدار لجساوته و غلظته و كثافته فلاجل ذلك استنار ظاهر الجدار بنور السراج استنارة ناقصة بحيث اذا ذهب السراج
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۱ *»
ذهب ذلك الضوء معه و انسلخ الجدار عنه و صار مظلما كما كان لان الذي كان عليه كان نور السراج فوقع عليه و انصبغ بصبغه و روي ذلك النور منصبغا بصبغ الجدار و الجدار بنفسه لميتغير و لميتكمل و مثال الثاني السراج المتوقد من السراج الاول فان ضوء السراج الاول و حره يقع علي الدهن و يغوص في اعماقه و يطرد رطوباته و يقوي ما فيه من النارية حتي تخرج الي الفعلية فيستضيء ما فيه من الارضية بالنارية و يصبغها و يظهر النارية بالترابية و ينصبغ بها حتي يكون شعلة مستقلة دائمة و ان انطفأ السراج الاول فهذا باق و كذلك امر الكاملين في العلم و الايمان فلهم فضل وجود ينبث في عصرهم الي اهل عصرهم فمنهم من يستضيء بنورهم و يكون ضيئا ماداموا قائمين عليه و منهم من ان تأمنه بدينار لايؤده اليك الا ما دمت عليه قائما فاذا ذهبوا ذهب الله بنورهم و تركهم في ظلمات لايبصرون صم بكم عمي فهم لايعقلون و منهم من يستضيء بنورهم و يستحيل وجوده الي نحو وجودهم حتي يصير كاملا مثلهم ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها فهو يبقي علي كماله و ان ذهب الاول فهو ثابت دائم و كذلك الامر في حجج الله عزوجل فانهم ماداموا في الدنيا لهم فضل نور منبث في الدنيا وقع علي اممهم فمنهم من يستنير بنورهم ظاهرا و لايؤثر ذلك النور في بواطنهم قالت الاعراب آمنا قل لمتؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا و لمايدخل الايمان في قلوبكم فهؤلاء اذا ذهب الحجة من بين ظهرانيهم ارتدوا علي اعقابهم قهقري قال الله عزوجل و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم علي اعقابكم و من ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا و منهم من يستنير بنورهم ظاهرا و باطنا و دخل الايمان قلوبهم و مشاشهم و امخاخ عظامهم فاستحالوا عما كانوا عليه من الضلالة فصاروا مؤمنين بقلوبهم و صدورهم و احنائهم و لسانهم و صفاتهم و افعالهم فلما ذهب الحجج او غابوا بقوا علي ايمانهم كما كانوا فلاجل ذلك تفرقت الامة بعد نبيهم علي ثلث و سبعين فرقة منهم من ذهب نوره بذهاب محمد9 و ظهر باطنه علي ما كان عليه و هم اثنتان و سبعون فرقة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۲ *»
و منهم من بقي مستضيئا كما كان في عصر النبي9 و هم الفرقة الناجية الباقية علي ما كانت عليه في عصر النبي9 و لمتبدع في دين الله و لمتغير و لمتبدل و قد ورد هنا حديث شريف احب ذكره بطوله لكثرة محصوله في البحار من كتاب سليم بن قيس عن سلمان ان اميرالمؤمنين7 قال سمعت رسول الله9 يقول لتركبن امتي سنة بني اسرائيل حذو النعل بالنعل و حذو القذة بالقذة شبرا بشبر و ذراعا بذراع و باعا بباع ان التورية و القرآن كتبته يد واحدة في رق واحد بقلم واحد و جرت الامثال و السنن سواء ثم قال ابان قال سليم و سمعت علي بن ابيطالب7 يقول ان الامة تفرقت علي ثلث و سبعين فرقة اثنتان و سبعون في النار و فرقة في الجنة و ثلث عشر فرقة من الثلث و سبعين ينتحل محبتنا اهل البيت واحدة منها في الجنة و اثنتا عشرة في النار و اما الفرقة الناجية المهدية المؤمنة المسلمة الموفقة المرشدة فهي المؤتمة بي المسلمة لامري المطيعة لي المتبرئة من عدوي المحبة لي المبغضة لعدوي التي قد عرفت حقي و امامتي و فرض طاعتي من كتاب الله و سنة نبيه فلمترتد و لمتشك لما قد نور الله في قلبها من معرفة حقنا و عرفها من فضلنا و الهمها و اخذ بنواصيها فادخلها في شيعتنا حتي اطمأنت قلوبها و استيقنت يقينا لايخالطه شك اني انا و اوصيائي بعدي الي يوم القيمة هداة مهتدون الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه في آي من كتاب الله كثيرة و طهرنا و عصمنا و جعلنا شهداء علي خلقه و حجته في ارضه و خزانه علي علمه و معادن حكمه و تراجمة وحيه و جعلنا مع القرآن و القرآن معنا لانفارقه و لايفارقنا حتي نرد علي رسول الله9 حوضه كماقال9 و تلك الفرقة الواحدة من الثلث و السبعين فرقة و هي الناجية من النار و من جميع الفتن و الضلالات و الشبهات هم من اهل الجنة حقا هم يدخلون الجنة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۳ *»
بغير حساب و جميع تلك الفرق الاثنتين و السبعين فرقة هم المتدينون بغير الحق الناصرون دين الشيطان الاخذون عن ابليس و اوليائه هم اعداؤ الله و اعداؤ رسوله و اعداؤ المؤمنين يدخلون النار بغير حساب برأوا من الله و من رسوله و اشركوا بالله و كفروا به و عبدوا غير الله من حيث لايعلمون و هم يحسبون انهم يحسنون صنعا يقولون يوم القيمة والله ربنا ما كنا مشركين يحلفون بالله كما يحلفون لكم و يحسبون انهم علي شيء الا انهم هم الكاذبون قال قيل يا اميرالمؤمنين ارأيت من قد وقف فلم يأتم بكم و لم يضادكم و لمينصب لكم و لميتولكم و لميتبرأ من عدوكم و قال لاادري و هو صادق قال ليس اولئك من الثلث و السبعين فرقة انما عني رسول الله9 بالثلث و السبعين فرقة الباغين النصابين الذين قد شهروا انفسهم و دعوا الي دينهم ففرقة واحدة منها تدين بدين الرحمن و اثنتان و سبعون تدين بدين الشيطان و تتولي علي قبولها و تتبرأ ممن خالفها فاما من وحد الله و آمن برسول الله9 و لميعرف ولايتنا و لا ضلالة عدونا و لمينصب شيئا و لميحل و لميحرم و اخذ بجميع ما ليس من المختلفين من الامة خلاف في ان الله امر به او نهي عنه فلمينصب شيئا و لميحلل و لميحرم و لايعلم و رد علم ما اشكل عليه الي الله فهذا ناج و هذه الطبقة بين المؤمنين و بين المشركين هم اعظم الناس و جلهم و هم اصحاب الحساب و الموازين و الاعراف و الجهنميون الذين يشفع لهم الانبياء و الملائكة و المؤمنون و يخرجون من النار فيسمون الجهنميون فاما المؤمنون فينجون و يدخلون الجنة بغير حساب و انما الحساب علي اهل هذه الصفات بين المؤمنين و المشركين و المؤلفة قلوبهم و المتفرقة و الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا و المستضعفين الذين لايستطيعون حيلة و لايهتدون سبيلا لايستطيعون حيلة الكفر و الشرك و لايحسنون ان ينصبوا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۴ *»
و لايهتدون سبيلا الي ان يكونوا مؤمنين عارفين فهم اصحاب الاعراف و هؤلاء كلهم لله فيهم المشية ان دخل احدهم النار فبذنبه و ان تجاوز عنه فبرحمته قلت ايدخل النار المؤمن العارف الداعي قال لا قلت ايدخل الجنه من لايعرف امامه قال لا الا ان يشاء الله قلت ايدخل الجنة كافر او مشرك قال لايدخل النار الا كافر الا ان يشاء الله قلت فمن لقي الله مؤمنا عارفا بامامه مطيعا له أمن اهل الجنة هو قال نعم اذا لقي الله و هو مؤمن من الذين قال الله عزوجل الذين آمنوا و عملوا الصالحات الذين آمنوا و كانوا يتقون الذين آمنوا و لميلبسوا ايمانهم بظلم قلت فمن لقي الله منهم علي الكباير قال هو في مشيته ان عذبه فبذنبه و ان تجاوز عنه فبرحمته قلت فيدخله النار و هو مؤمن قال نعم بذنبه لانه ليس من المؤمنين الذين عني انه لهم ولي و انه لاخوف عليهم و لا هم يحزنون هم المؤمنون الذين يتقون الله و الذين يعملون الصالحات و الذين لميلبسوا ايمانهم بظلم و عن ابيعبدالله جعفر بن محمد عن ابيه عن جده عن ابيه الحسين بن علي عن ابيه علي بن ابيطالب قال سمعت رسول الله9 يقول ان امة موسي افترقت بعده علي احدي و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و سبعون في النار و افترقت امة عيسي بعده علي اثنتين و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و احدي و سبعون في النار و ان امتي ستفترق بعدي علي ثلث و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و اثنتان و سبعون في النار و عن علي7 قال قال رسول الله9 ستفترق امتي علي ثلث و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و الباقون هالكون و الناجون الذين يتمسكون بولايتكم و يقتبسون من علمكم و لايعملون برأيهم فاولئك ما عليهم من سبيل انتهي بالجملة هؤلاء الفرق كلهم يقرون لله بالربوبية و لمحمد9 بالنبوة و يسمون انفسهم مسلمين فمنهم المرجئة و قد اختلف الاقوال فيهم ففي المجمع و قد اختلف في المرجئة فقيل هم فرقة من فرق الاسلام يعتقدون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۵ *»
انه لايضر مع الايمان معصية كما لاينفع مع الكفر طاعة سموا مرجئة لاعتقادهم ان الله تعالي ارجأ تعذيبهم عن المعاصي اي اخره عنهم و عن ابن قتيبة انه قال هم الذين يقولون الايمان قول بلاعمل لانهم يقدمون القول و يؤخرون العمل و قال بعض اهل المعرفة بالملل ان المرجئة هم الفرقة الجبرية الذين يقولون ان العبد لافعل له و اضافة الفعل اليه بمنزلة اضافته الي المجازات كجري النهر و دارت الرحي و انما سميت المجبرة مرجئة لانهم يؤخرون امر الله و يرتكبون الكباير و من المغرب نقلا عنه سموا بذلك لارجائهم حكم اهل الكباير الي يوم القيمة و في الاحاديث المرجيء يقول من لميصل و لميصم و لميغتسل من الجنابة و هدم الكعبة و نكح امه فهو علي ايمان جبرئيل و ميكائيل و في المعيار سميت المرجئة كمحسنة لانهم لايحكمون علي احد بشيء في الدنيا بل يؤخرون الحكم الي يوم القيمة و اما القدرية ففي العوالم عن شارح المقاصد لاخلاف في ذم القدرية و قد ورد في صحاح الاحاديث لعن الله القدرية علي لسان سبعين نبيا و المراد بهم القائلون بنفي كون الخير و الشر كله بتقدير الله و مشيته سموا بذلك لمبالغتهم في نفيه و قيل لاثباتهم للعبد قدرة الايجاد و ليس بشيء لان المناسب حينئذ القدري بضم القاف و قال المعتزلة القدرية هم القائلون بان الخير و الشر كله من الله و بتقديره و مشيته لان الشايع نسبة الشخص الي ما يثبته و يقول به كالجبرية و الحنفية لا الي ما ينفيه و رد بانه صح عن النبي9 قوله القدرية مجوس امتي و قوله اذا قامت القيمة نادي مناد اهل الجمع اين خصماء الله فتقوم القدرية و لا خفاء في ان المجوس هم الذين ينسبون الخير الي الله و الشر الي الشيطان و يسمونها يزدان و اهريمن و ان من لميفوض الامور كلها الي الله تعالي و يفرز بعضها فينسبه الي نفسه يكون هو المخاصم لله تعالي و ايضا من يضيف القدر الي نفسه و يدعي كونه الفاعل و المقدر اولي باسم القدري ممن يضيفه الي ربه انتهي و ذكر السيد نعمة الله الجزايري في الانوار بعد ذكر اعتزال واصل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۶ *»
بن عطا عن الحسن البصري و لاجل ذلك سمي هو و اصحابه معتزلة و يلقبون بالقدرية لاسنادهم افعال العباد الي قدرتهم قالوا ان من يقول بالقدر خيره و شره من الله اولي باسم القدرية منا لان مثبت القدر احق بان ينسب اليه من نافيه و اما في اخبار اهل البيت فيطلق هذا الاسم تارة علي المعتزلة و اخري علي الاشاعرة و وجه المناسبة ظاهر و قوله9 القدرية مجوس هذه الامة اشد انطباقا علي المعتزلة لانهم اثبتوا خالقين كالمجوس انتهي اقول و كيف كان الكفر ملة واحدة و اما الخوارج فهم قوم خرجوا علي علي7 ثم تفرقوا سبع فرق علي ما قيل و لسنا من شرح احوالهم في شيء الا ان لي كلاما في امر الملل و هو ان الذي ذكره الشهرستاني و غيره من امر الملل و النحل و تكلفوا حتي يكملوها ثلثة و سبعين مدخول مدحوض منقوص جدا جدا فان النبي9 قال ستفترق امتي ثلثا و سبعين فرقة و لميقل الي متي و من البديهيات انه يوم كان في الدنيا لميفترق امته كذا و كذا فرقة و كذا لميفترق ساعة ارتحاله من الدنيا كذا و كذا فرقة و انما حدثت المذاهب شيئا بعد شيء و ستحدث و ليس المراد بهذا الاختلاف الاختلاف في بعض المسائل النظريات فانهم بهذا اللحاظ الف الف فرقة و ازيد هذا و الاختلاف في النظريات لايصير سبب كفر يوجب دخول النار فالمراد بهذا الاختلاف اختلاف اقوام يكفر بعضهم بعضا و يلعن بعضهم بعضا و يبرأ بعضهم من بعض و ذلك لايكون الا بالاختلاف في الضروريات و نحن نري انه يحدث يوما بعد يوم مذاهب لمتكن و يكفر بعضهم بعضا و يبرأ بعضهم من بعض و ليس هذا الاختلاف باهون من تلك الاختلافات التي كتبوها و جعلوها مذاهب فكان غرض اولئك اكمال ثلثة و سبعين فرقة و هي الي الالف الف علي ما فرقوا اقرب فالفرق التي حدثت في هذه الايام هم داخلون في الثلث و سبعين فرقة البتة لانهم اكثر عددا من اولئك و اعظم اختلافا و يكفر بعضهم بعضا و كيف يمكن ان يعد المختلفين الذين يكفر بعضهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۷ *»
بعضا اليوم فرقة واحدة و يدخلان معا الجنة او النار فلاجرم هؤلاء من الفرق الثلث و السبعين و واحدة منهم في الجنة و الباقون في النار فلاتتعرج علي اقوال اولئك و تقسيمهم و تفريقهم و تدبر و كما ان تصديق محمد9 ظاهرا لميك سبب نجاة الفرق و هم يكفر بعضهم بعضا و عاقبة ذلك (التكفير خل) تكذيب محمد9 و قد روي من كفر مؤمنا فقد كفر احدهما كذلك التصديق بالاثني عشر ظاهرا لايجعل اهله فرقة واحدة اذا كان يكفر بعضها بعضا و يلعن بعضها بعضا و يتبرأ بعضها من بعض و يحترز بعضها من ملاقات بعض بالرطوبة و يستحل غيبته و اكل ماله و دمه و زوجته و هذا التكفير عاقبته تكذيب احدي الفرقتين الاثني عشر سلام الله عليهم لامحالة فكيف يكون مجموع الاثني عشر فرقة واحدة فان كانت فرقة واحدة هل هي في الجنة فما بالهم يكفر بعضهم بعضا ام في النار فمن الناجية فتدبر تجد ما قلت ولكن اختلفوا فمنهم من آمن و منهم من كفر فهؤلاء و غيرهم من النواصب الذين نصبوا العداوة لال محمد: و لانصب اعظم من ان يزيلهم عن مقامهم بعد ما عرف انه لهم و هم اولي بذلك المقام فيزيلهم عنه و يقيم فيهم من اعدائهم من لايليق به فهؤلاء كلهم مقرون بنبوة محمد9 بعد التوحيد ولكنهم مختلفون في ولاية الولي فمنهم من غلا في حقهم و افرط في القول فاثبت لهم النبوة او الربوبية و منهم من قلي و انزلهم من مقامهم الذي انزلهم الله فيه و هلك هاتان الفرقتان فيهم و منهم النمرقة الوسطي الذين اليهم يرد الغالي و بهم يلحق التالي و ذلك قول رسول الله9 لعلي7 يا علي ليس الاختلاف في الله و لا في و انما الاختلاف فيك يا علي و ذلك ان الله سبحانه خلق خلقه من مادة و صورة و لميخلق شيئا فردا قائما بذاته للذي اراد من الدلالة عليه فلابد لخلقه من مادة و صورة مادة يشترك في نوعها جميع الافراد كالخشب فيما يصنع منه و صورة بها يمتاز الافراد بعضها عن بعض كالسريرية و البابية و العصائية و امثالها فكل فرد من هذه الافراد مركب من مادة و صورة لا اختلاف بينها في المادة و انما الاختلاف
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۸ *»
بينها في الصورة و كذا الطيب و الخبث و السعادة و الشقاوة فالضريح ضريح سعيد في صورته و الوثن وثن شقي في صورته و هما متحدان في المادة و المادة لها مقام الاب و الصورة لها مقام الام لقول الصادق7 ان الله خلق المؤمنين من نوره و صبغهم في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و امه الرحمة و من البين ان النور هو المادة لدخول من عليه كقولك صغت الخاتم من فضة و نحتت السرير من الخشب و الرحمة هي الصورة لدخول في الدال علي الظرفية عليها فالمادة هي الاب و الصورة هي الام هذا و انت تري ان النطفة في صلب الاب ليس فيها تعين من الذكورية و الانوثية و الحسن و القبح و السواد و البياض و الطول و القصر و السعادة و الشقاوة بوجه و انما يصوركم في الارحام كيف يشاء فالصورة في بطن الام و من الحديث المستفيض قول رسول الله9 انا و علي ابوا هذه الامة و من البين ان رسول الله9 ابوهم لقوله تعالي النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم و في قرائة اهل البيت بعد انفسهم و هو اب لهم و الاولوية للاب ثم ان عليا7 ام المؤمنين لقوله و انفسنا و انفسكم و قوله خلق لكم من انفسكم ازواجا و قوله و ازواجه امهاتهم فعلي7 ام المؤمنين و في رحم ولايته يصور الناس فمن قبل ولايته فهو مؤمن و من انكرها فهو كافر و من اتخذ معه وليجة فهو مشرك و من توقف فيه فهو ضال و اما في صلب الاب اي رسول الله9 فجميع الثلث و السبعين فرقة كلهم متفقون علي نبوته كما هو ظاهر و ادق مما ذكرنا ان الله جل و عز لماتجلي باول ما تجلي جعله مثني لان الاحدية له جل و علا فكان لذلك التجلي جهتان جهة من ربه و جهة من نفسه اما جهته من ربه فهي جهة وحدته و بساطته و دلالته علي ربه و آئيته له و اما جهته من نفسه فهي جهة كثرته و تركيبه و اراءته نفسه و ان الله سبحانه اجري كل فيض اراد ان يجريه علي نفس ذلك التجلي بجهته الي ربه فان جهة النفس نفس تلك الجهة قائمة بها قيام تحقق و جهة الرب قائمة بها قيام ظهور فجميع ما لجهة النفس بجهة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۸۹ *»
الرب و لماخلق الله جميع الاشياء من ظل ذلك التجلي جري سر تينك الجهتين في كل شيء من آثاره فتركب كل اثر من مادة و صورة فمادة كل شيء من اثر تلك الجهة العليا الي الرب و صورة كل شيء اثر تلك الجهة السفلي الي النفس فهاتينك الجهتين ابوا جميع ما خلق بهما ابوه الجهة العليا جهة الرب التي هي جهة البساطة و الوحدة و امه الجهة السفلي جهة النفس التي هي الكثرة و التركيب و الاختلاف فلااختلاف في الخالق و لا في صلب اب المادة و انما الاختلاف في بطن ام الصورة و تلك الجهة العليا هي مقام محمد9 و لميك فيه اختلاف و انما الاختلاف في الجهة السفلي التي هي نفس تلك الجهة العليا و مقام الولي7 قال الله عزوجل عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و قال علي7 اي نبأ اعظم مني و هو ما اشار الله تعالي قدره و يستنبئونك احق هو قل اي و ربي انه لحق و ان قلت هذه الاحكام كلية و مقتضاها ان لايكون اختلاف في الله مطلقا و قد نري اختلاف الناس و اهل الملل و النحل في الله حتي انه منهم من يقول بالدهر و منهم من يقول انه ثالث ثلاثة و منهم من يقول انه حقيقة الاشياء و في محمد9 من البراهمة و اليهود و النصاري و اضرابهم فكيف لااختلاف في الله و لا في محمد9 و انحصر الاختلاف في علي7 قلت ان الناظر الي النار من وراء الدخان المشتعل و ان كان يري النار ولكنه يريها في الدخان و بالدخان و لو وضع علي الشعلة زجاجة و نظرت الي النار و الشعلة رأيت النار لكن في الشعلة الظاهرة في الزجاجة و رأيت الشعلة لكن في الزجاجة و مرد جميع الانوار الي الزجاجة لا الي الشعلة الا تري انها علي حسب الزجاجة لا علي حسب الشعلة فاذا هيأة جميع الانوار تابعة للزجاجة لا للشعلة و لا للنار و ان كان الجميع من النار ثم من الشعلة و كذلك الامر هنا فان التوحيد ليس يصل اليه احد الا في النبي و النبي لايكاد يصل اليه احد الا في الولي و المصير اليه في جميع الامور و ما في ايدي الخلق من توحيد و نبوة فانما هو مما انتشر في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۰ *»
الخلق بالولي من اراد الله بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم و انا مدينة العلم و علي بابها من اراد المدينة فليأتها من بابها و هو باطن قوله تعالي مثل نوره كمشكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري فجميع ما في الانوار من المواد و الصور من الزجاجة و هي سبيل الانوار الي الشعلة و النار و لاتعلم الانوار من الشعلة و النار الا ما اخبرها و افاض عليها الزجاجة فمن قبل قبل من الزجاجة و من رد رد علي الزجاجة فعاد جميع الاختلافات الي الولي و ان كان الاختلاف في التوحيد و النبوة فافهم و ليس يسلم للحق الا القليل الذي اشار الله اليهم و قال قليل من عبادي الشكور اي الممتثلون امري ان اشكر لي و لوالديك الي المصير و هم الخاشعون المسلمون كما اشرنا اليه و قد عبر الله عزوجل عن ذينك المقامين اي مقام محمد9 و مقام علي بقوله و بئر معطلة و قصر مشيد فالقصر محمد9 و ذلك ان القصر هو المنزل او البيت من الحجر و المشيد المرفوع من شاد القصر اذا رفعه فالقصر المشيد هو البيت المرفوع كماقال الله سبحانه في بيوت اذن الله ان ترفع فهو بيت اسماء الله و صفاته كما ان الدخان بيت النار قد حوي جميع اسماء النار و صفاتها و تجلياتها قد اذن الله ان يرفع فارتفع حتي بلغ اعلي ذري الامكان فهو القصر المشيد مقصور للرب جل و علا لايدخله غيره لقوله الحمد لله رب العالمين و اما البئر المعطلة فهي التي لاتنزح و قد عطلها القوم فلايستقون منها و صار البئر مقام الولي لان البئر مشتقة من بأرت الشيء اذا خبأته و هو مخبأ علم النبي9 قد اودعه فيه و ستره عن غيره حيث كان هو موضع الرسالة و قد قال الله سبحانه ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الي اهلها و قد اداها النبي9 الي علي7 و اودعها فيه و خبأها لديه فهو البئر و من خواص البئر انها تنبع و لمائها مادة و كلما ينزح لاينزف بل يزداد جودة و جدة فلذا عبر الله عنه بالبئر هذا و القصر مرفوع في السماء سماء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۱ *»
النبوة و الرفعة و البئر منخفضة في الارض ارض الولاية فالقصر اولي بالتعبير به عن جهة الرب و البئر اولي بالتعبير بها عن جهة النفس هذا و ماء البئر كله من ماء السماء كماقال عز من قائل انزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض فعلم علي7 كله من علم محمد صلي الله عليهما و آله قد انزل الله اليه من سمائه و السماء هي القصر المشيد و البيت المقصور علي انوار الله و اسمائه و صفاته الرفيع عن عرصة الطبايع.
قال صلوات الله عليه و من لميقر بولايتي لمينفعه الاقرار بنبوة محمد9 الا انهما مقرونان و ذلك ان النبي9 نبي مرسل و هو امام الخلق و علي من بعده امام الخلق و وصي محمد9 كماقال له النبي9 انت مني بمنزلة هرون من موسي الا انه لانبي بعدي و اولنا محمد و اوسطنا محمد و آخرنا محمد فمن استكمل معرفتي فهو علي الدين القيم كماقال الله تعالي و ذلك دين القيمة.
اعلم ان الله سبحانه احدي ازلي يمتنع معه ذكر ماسواه فلايدركه احد من خلقه اذ الادراك فرع قيام المدرك بالكسر مع المدرك بالفتح حتي يدركه و لايقوم مع الاحد شيء يدركه و لذلك قال جل من قائل لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير اللهم الا من حيث عرف نفسه كما عرف نفسه و قدعرف نفسه لخلقه بصفة تعريفه و بتعرفه و الصفة غير كنه ذاته و علي مثلها تدل و في شكلها تحل فهي مخلوقة لله جل و عز و قد جعلها جهة معرفته بل لايعقل من معرفة الشيء الا معرفة جهة معرفته فان الذات من حيث هي لاتقع معروفة و الا لكانت معروفة لكل احد و قد تري انها قد تقع معروفة و قد لاتقع و هي هي فهي تعرف من حيث جهة معرفته و جهتها غيرها و خلقها و هي اول ماخلق الله اذ لا اوحد منها و لا اجل و لا ارفع منها و هو باجماع المسلمين و الكتاب و السنة محمد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۲ *»
9 فهو صفة تعريف الله التي عرف بها نفسه و هو جهة معرفته فمن عرفه عرف الله و من جهله جهل الله و ليس لله عزوجل معرفة غير معرفته فمعرفة الله معرفته و معرفته معرفة الله اذ ليس الا لله و هو جهة معرفة الله و كما انه بالنسبة الي الله جل و عز كذلك علي بالنسبة اليه كما قيل له9 ما منزلة علي منك قال كمنزلتي من الله و ذلك انه7 نفسه و صورته و انيته و ماهيته كما اخبر الله عزوجل عنه بقوله و انفسنا و انفسكم فمحمد9 جهة غيب علي7 و علي7 جهة شهادة محمد9 و اليه الاشارة بتأويل قول علي7 ظاهري امامة و وصية و باطني غيب ممتنع لايدرك فلايمكن معرفة محمد9 الا بعلي7 قال من اراد المدينة فليأتها من بابها فكذب من زعم انه يعرف محمدا و ينكر عليا7 و هما لايجتمعان و ليس معرفة محمد معرفة صورته التي يراها الكفار و المشركون و المنافقون ايضا و يعرفونه كما يعرفون ابناءهم كما ان معرفة الله ليست محض قول لا اله الا الله او اقامة برهان علي خيال التوحيد و يقول به اليهود و النصاري ايضا بل معرفة محمد9 معرفته بالنورانية فتلك لاتحصل الا بمعرفة علي7 كما ان المراد بمعرفة الله ليس خيال التوحيد و يتمكن منه اليهود و النصاري و غيرهم بل المراد بها معرفة معاني اسمائه و حقائقه الخارجية و معاني آياته و علاماته و ابوابه التي بها يتجلي و يظهر و يفعل ما يفعل و ذلك لايمكن الا بمعرفة محمد9 فانه معني جميع ما يدعوه به ولاة امره المأمونون علي سره الواصفون لقدرته و انما يعرف زيدا من يعرف معني اسم زيد لا من يعرف الزيد اللفظي و لعمرك هكذا توحيد الحكماء الاشراقيين و المشائين و الرواقيين و المتكلمين و الظاهريين لايعرفون من التوحيد الا الفاظه او معاني الالفاظ اللغوية و الاصطلاحية و ليست من التوحيد بمراح و لا مغدي اللهم الا من كان عارفا منهم بمعاني ذلك و كذلك لعمري ان اكثر من يعترف بمحمد9 يعترف بان هذا الرجل الذي يراه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۳ *»
كل ذي عينين رجل ادعي النبوة و اتي بخوارق عادات فهو نبي ثم لايعرفون منه حقيقته و نورانيته فلو عرفوه بها لعلموا انه لايعرف بدون علي و في القدسي لولاك لماخلقت الافلاك و لولا علي لماخلقتك و لو عرفوهما لعرفوا ان المادة لاتقوم بدون الصورة و العقل لايقوم بدون النفس و الروح لايقوم بدون الجسد و المعني بدون الصورة و كذب من زعم انه وصل الي الروح بدون توسط الجسد و عرف الغيب بدون معرفة الشهادة هذا في الباطن و اما في الظاهر فكذلك من لميقر بولاية علي7 و نطق بها القرآن و نص عليها محمد9 في مواطن كثيرة و عليها تواتر الاخبار معني فمن لميقر بولايته مع جميع هذه الايات فقد كذب محمدا9 و من كذبه لميقر بنبوته و من كذب محمدا9 و لميقر بنبوته فقد انكر الله عزوجل فعن الرضا عن آبائه صلوات الله عليهم قال قال رسول الله9 يا علي انت و الائمة من ولدك بعدي حجج الله علي خلقه و اعلامه في بريته فمن انكر واحدا منهم فقد انكرني و من عصي واحدا منهم فقد عصاني و من جفا واحدا منهم فقد جفاني و من وصلكم فقد وصلني و من اطاعكم فقد اطاعني و من والاكم فقد والاني و من عاداكم فقد عاداني لانكم مني خلقتم من طينتي و انا منكم بالجملة علل صلوات الله عليه تلازم الاقرارين بوجهين احدهما ان محمدا9 نبي و علي7 وصي و هو يدل بظاهره و باطنه علي المعنيين اللذين اشرنا اما باطنه فان الوصي نفس النبي و الا فليس يقوم مقامه في الاداء في جميع جهات ادائه اذ لايقدر علي ما يقدر عليه الا من يكون مثله و من طينته و نوره و لايعلم ما يعلمه الا من بديء نوره من حيث بديء و خلق من حيث خلق فمن كان خلقته من دون خلقته لايحمل اعباءه البتة فاذا كان الوصي نفس النبي و ظاهره و شارح مجملاته و مبين معضلاته فمن انكره فقد انكر النبي البتة و اما ظاهره فانه وصيه الذي نص عليه و اقامه مقامه علي رؤس الاشهاد و اخبر عن الله انه الامام بعده فمن انكر امامته و ولايته بعد البيان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۴ *»
فقد انكر نبوته بلاشك كما ان منكر فرض الصلوة كافر بنبوة محمد9 مكذب له و الوجه الثاني انهما حقيقة واحدة و شخص واحد و قد تجلي ذلك الشخص الواحد بصورة المحمدية و بصورة العلوية فانكار كل واحد انكار الاخر و كذلك ساير الائمة فالكل هو الحقيقة المحمدية بالمعني الاعم قد ظهرت تارة بالمحمدية الخاصة و تارة بالعلوية و تارة بالحسنية و تارة بالحسينية و تارة بالسجادية و هكذا و هو باطن قوله تعالي و الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم و لاشك في ان آل محمد: اتبعوا محمدا بايمان و علي ذلك اجماع المسلمين و لذلك وجب مودتهم و الصلوه عليهم فاذا كانوا باجماع المسلمين متبعين لمحمد9 بالايمان فقد الحقهم الله بمحمد9 و هو يقول فمن تبعني فانه مني و يقول ذرية بعضها من بعض فهم من محمد و محمد منهم ملحقون به بدرجته و مقامه عند ربه و لايصل الي هناك احد الا و قد نزل منه اول مرة كما بدأكم تعودون فاذا كانوا من محمد9 فمن انكر واحدا منهم فقد انكر محمدا9 ثم قال صلوات الله عليه فمن استكمل معرفتي فهو علي الدين القيم كماقال الله تعالي و ذلك دين القيمة و ذلك ان من استكمل معرفته فقد استكمل معرفة محمد9 و من استكمل معرفة محمد9 فقد استكمل معرفة الله عزوجل فهو علي الدين القيم و القيمة في قوله تعالي قيل هي جمع القيم فالمعني و ذلك دين القائمين و القائمون مقام الله هم محمد و آل محمد: فذلك دين القائمين بامر الله و دين القائمين مقام الله في الاداء و القائمين في الله بالسنن و القائمين باوامر الله الكونية في الكون و الشرعية في الشرع و قد قال الله عزوجل و ما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلوة و يؤتوا الزكوة و ذلك دين القيمة اما عبادة الله مخلصا فانت تعلم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۵ *»
انهم صلوات الله عليهم قالوا بعبادتنا عبد الله و لولانا ماعرف الله فلما عرفنا ان الله لميأمرهم الا بالعبادة مخلصا عرفنا ان الله ما امرنا الا بطاعتهم في جميع الجهات الكونية و الشرعية و اما قوله و يقيموا الصلوة فقد عرفت ان من اقام الصلوة فقد اقام ولايتهم و اما الزكوة فانها اخراج الاوساخ عن المال و ايصالها الي بيت المال لاهلها و في الباطن هي اخراج ولاية الاعداء من القلب و تطهير الباطن عن اوساخ ذكرهم و الميل اليهم و كذلك تطهير الاموال باخراج اوساخ الاعمال الردية و تطهير الذوات باخراج اوساخ الاعراض و علي اي حال هي من متممات الولاية كما ان الزكوة الظاهرة هي من متممات الصلوة الظاهرة قال الله تعالي قد افلح من تزكي و ذكر اسم ربه فصلي و ذلك ان التخلية قبل التحلية فمن عبد الله كما ذكرنا و اقام الصلوة و آتي الزكوة فذلك علي دين القائمين بامر الله متبع لهم صلوات الله عليهم علي الحقيقة و في البرهان عن الصادق7 في تفسير دين القيمة دين القائم7 و علي هذا التفسير لعل التاء للمبالغة و المراد بالقائم هو النوعي اذ كل واحد منهم قائم بامر الله او دين (الله خل) يظهر به القائم حين يظهر و يدعو اليه و روي ان القيمة هي فاطمة3 و قيل دين القيمة دين الملة القيمة و فيه بعد بعيد بالجملة من استكمل معرفة علي7 و عرفه بالنورانية من حيث الاعلي و المنيرية من حيث الاسفل و اعترف بانواره فانه شرط الاعتراف به فهو علي الدين القيم كماقال الله عزوجل و ذلك دين القيمة.
قال صلوات الله عليه و سابين ذلك بعون الله و توفيقه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين صلوات الله عليك قال كنت انا و محمد نورا واحدا من نور الله عزوجل فامر الله تبارك و تعالي ذلك النور ان يشق فقال للنصف كن محمدا و قال للنصف كن عليا فمنها قال رسول الله9 علي مني و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۶ *»
انا من علي و لايؤدي عني الا علي و قد وجه ابابكر ببرائة الي مكة فنزل جبرئيل7 فقال يا محمد قال لبيك قال ان الله يأمرك ان تؤديها انت او رجل منك فوجهني في استرداد ابيبكر فرددته فوجد في نفسه و قال يا رسول الله ءانزل في القرآن قال لا ولكن لايؤدي الا انا او علي يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اخا رسول الله صلوات الله عليه و آله قال7 من لايصلح لحمل صحيفة يؤديها عن رسول الله9 كيف يصلح للامامة.
اعلم ان الله جل و عز واحد احدي المعني لاتكثر له في ذاته بوجه من الوجوه و فرض من الفروض و اعتبار من الاعتبارات اذ كل حاصل من الاجزاء محتاج الي الاجزاء في وجوده و كل محتاج الي غيره في وجوده غير قائم بنفسه دون غيره في وجوده و ان قلت لعل الاجزاء و الحاصل منها متحدة بلامغايرة قلت ليس بين النفي و الاثبات منزلة فان كانت احدية بلااحتمال اجزاء فهو الاحد الذي نقول و ان كان يحتمل فيه الاجزاء باي وجه كان فالحاصل غير قائم بنفسه و هذا الاحد جل قدسه تجلي لا بحركة بعد سكون و لا بنطق بعد سكوت و لا بعد وقت ممتد و لا في عقر مكان ممهد و لا بعد فاصل بينه و بينه بل الفاصل بينهما ممتنع محض و اذ لافصل لايلزم ان يكون وصل و التجلي غير مذكور مع الذات بل ممتنع محض و لايتصل شيء بشيء الا بعد ثبوت وجودهما و هذا التجلي لايحتمل فيه اجزاء سابقة و لا مادة و لا صورة متقدمة و لا سبب سابق و لا غاية بل هو مخلوق بنفسه داير علي قطبه و لايحتمل التعدد و التكثر فانه مهما حصل التعدد و التكثر ثبت له حقيقة جامعة متحدة فوقه يطويه تحت احديته الاضافية فتلك الحقيقة اذا مقدمة عليه فلايعقل كون المتعددات اول ماخلق و لايعقل في اول ماخلق الا الوحدة كما ان الله جل و عز واحد فهو جل و عز واحد خلق خلقا واحدا و لا اقول ان الواحد لايصدر عنه الا الواحد فاحكم علي الله بشيء و احصر قدرته بل الان خلق كذا و جبل مشاعرنا علي كذا فلسنا ندرك الا كذا فالخلق الاول حقيقة واحدة هي آية احديته سبحانه و هي احد الاحاد الاضافية نافذ في جميعها باحديته طاو لها بل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۷ *»
هي الاحدية الوصفية لله سبحانه و بها وصف نفسه و طيه لماسواه و نفوذه فيما سواه و احاطته بماعداه و هو اوحد ما يمكن في الامكان اذ المفروض انه اول ماخلق فلايتقدمه اجزاء لا في الخارج و لا في الذهن فلو كان اجزاء تسبقه لكانت الاجزاء ممتازة مركبة و كل منها مقدم عليه ولكن لا اجزاء له لانه اول ماخلق و ليس ببسيط ايضا فانه لا بسيط الا الاحد الذاتي فهو مرکب من بسيطين غير مستقلين لا وجود لاحدهما الا بالاخر و تعبيرنا عنه بالبسيطين لمحض التفهيم و الا فالبسيط لايتعدد و لا بسيط الا الاحد فهو اول مركب لاقوام لاحد جزئيه الا بالاخر لا في الخارج و لا في الذهن بخلاف ساير المركبات فان اجزاءها مستقلة اما في الخارج او في الذهن يعني يمكن وجود احدهما في الخارج او في الذهن بدون الاخر و اجزاء المركب الاول لايوجد احدها بدون الاخر لا في الخارج و لا في الذهن بالجملة المخلوق الاول ابسط ما يمكن في الامكان و اوحده و قد بلغ من بساطته الاضافية و احديته مبلغا صار آية للاحد جل شأنه و صفة له و من ذلك علم ان هذا المخلوق لايتجاوز مقام الواحد الحقيقي ابدا و لايبلغ مقام الاحد الحقيقي ابدا و التوحيد الذي يوحد الله به توحيد واحدي لا احدي يعني وجودا و ان كان وجدانا احديا بالجملة قد ثبت باجماع المسلمين الخاصة منهم و العامة و الاخبار المتواترة ان محمدا9 هو اول ماخلق الله لايسبقه سابق و لايفوقه فائق و لايلحقه لاحق و لايطمع في ادراكه طامع فله المقام الاعلي فوق كل عال و الجلال الامجد فوق كل جلال و المحل الارفع فوق كل حال فهو آية الله الكبري و صفته النعمي و اسمه الاعظم و وصفه الاكرم و ذلك النور كما بينا ليس باحد حقيقي اذ الاحد الحقيقي ليس الا الله جل و عز فهو واحد و له جزءان لايقوم احدهما بدون الاخر لا في الوجود و لا في الذهن اذ الخلق الاول ابسط ما يمكن في الامكان و هو اول خلق لايسبقه اجزاء مستقلة فمن ذا يلج بين ذينك الجزئين بل يمتنع جميع ماسواه فيه اذ كل ذات لوحظت من حيث هي يمتنع فيها غيرها اي يمتنع ان تكون هي من حيث هي غيرها من حيث هو غير الا تري ان الحرارة من حيث هي حرارة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۸ *»
يمتنع ان تكون برودة و الرطوبة من حيث هي رطوبة يمتنع ان تكون يبوسة و الفرق بين هذا الامتناع و امتناع الاشياء في ذات الله جل و عز ان هذا الامتناع ثابت مادام ذلك الشيء ثابتا و اما اذا كسر ذلك الشيء و رد الي امكانه يمكن ان يتصور بصورة ذلك الغير مثلا الالف من حيث انه الف يمتنع ان يكون باء من حيث هو باء فان فعلية الالف آية فعلية الله جل جلاله و لا فعلية و اما اذا كسر الالف و رد الي المداد يمكن ان يصاغ تلك الحصة بعينها باء و اما وجود الحق جل جلاله فلايمكن فيه الكسر و الصوغ و التغير و الزوال و يمتنع فيه جميع ماسواه اذ هو فعلية محضة صرفة احدية ليس فيه قوة و صلوح لغير ما هو عليه و لا نهاية له بالجملة الخلق الاول مركب من جزئين بسيطين لاقوام لاحدهما بدون الاخر لا في الخارج و لا في الذهن فلايلج بينهما والج و لايدخل هناك خارج و ذلك الخلق باجماع المسلمين محمد9 و باجماعهم علي7 نفسه و بذلك شهد الكتاب في اية انفسنا فهو من نفسه و لماكان متبعا له بالاجماع فهو منه بمقتضي فمن تبعني فانه مني فهو نفسه و منه باجماع المسلمين فهما من نور واحد و طينة واحدة و لذلك صار اخوه و شقيقه باجماع المسلمين فهما معا ذلك الخلق الاول و قد عرفت ان له جزئين فجزؤه الاعلي و هو جهته الي ربه محمد9 و جزؤه الاسفل و هو جهته الي نفسه علي7 فهو ذلك النور الذي خلقه الله نورا لذاته كما قال7 اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده فامر الله ذلك النور ان يشق و انشقاقه في العالم الادني حيث نزل في مقام الكثرة و ذلك انه في العالم الاعلي يمتنع انشقاقه لامتناع انشقاق المركب من البسيطين و لذلك قلنا ان المركب من البسيطين لا اول لوجوده و لا غاية لشهوده فهو لا اول له و لا آخر و لا مبدء و لا مقطع و لا نهاية له و لذلك صار آية ربه جل و عز فكيف يمكن انشقاق ذلك المركب و لايعقل وجود البسيطين الحقيقيين و اما في العالم الادني و المراد به عالم المظاهر فخلق الله له مظهرين فتجلي في مظهر بجهته من ربه فنطق بالمحمدية و الرسالة و الخلافة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۹۹ *»
لله عزوجل و صار برهان ربه و في مظهر تجلي بجهته من نفسه فنطق بالعلوية و الولاية و الخلافة لرسول الله9 و الشاهدية لمحمد9 و المراد بالعالم الذي حصل الانشقاق المعنوي عالم العقول و الانشقاق الرقيق عالم الارواح و الانشقاق الصوري مجردا في عالم النفوس و الانشقاق البرزخي في عالم المثال و الجسماني الظاهري في عالم الاجسام و ساير ما ذكر صلوات الله عليه بعد ما شرحنا ظاهر لا غبرة عليه و اما سر بعث ابيبكر اولا ثم رجعه و ارسال علي7 فليعلم ان الامور ليس بيده و انما الاختيار بيد الله جل و عز كما قال الله يخلق ما يشاء و يختار ماكان لهم الخيرة من امرهم و قال و ماكان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم و لو بعث اولا عليا7 فلربما قال قائل لو بعث غيره ايضا لكان مرضيا و انما اختاره لقرابته و لان يكون هذا الفخر و الفضل له فبعث شيخهم و اكملهم في اعينهم ثم نزل الوحي بعزله و رجعه و ليعلموا ان هذا الذي يزعمونه افضل اصحاب محمد9 لايصلح لذلك فماظنكم بالباقين الذين هم مفضولون باعترافكم و لان الله جل جلاله اوحي الي ابرهيم و خليفته اسمعيل ان طهرا بيتي للطائفين و القائمين و الركع السجود فاراد اظهار ان عليا7 هو خليفة محمد9 و هما اللذان يطهران البيت من ارجاس المشركين و يمنعانهم عن قرب المسجد الحرام كما نظفا البيت عن ارجاس الاوثان و اهبطا الاوثان عن بيت الله اشارة الي ذلك و قوله7 من لايصلح لحمل صحيفة يؤديها عن رسول الله9 كيف يصلح للامامة الخبر فمن اشارات هذه القضية ان الذي لايصلح لحمل عشر آيات و تفصيلها و شرحها و قرائتها علي الناس كيف يصلح لشرح جميع القرآن علي الامة و حل رموزها و بيان احكامها و من لايصلح لاجراء حكم واحد من الله و رسوله بين الرعية كيف يصلح لاجراء جميع احكام الله و احكام رسوله الي الامة جميعهم و من لايصلح لسياسة امر واحد من المشركين و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۰ *»
طردهم عن حول البيت كيف يصلح لسياسة المدن و منع الثغور و اصلاح الناس جميعا فبهذا الامر و العزل اشار صلوات الله عليه و اله الي انه ليس بقابل للخلافة و الامامة و انه ليس من رسول الله9 حيث قال جبرئيل له انه لايؤدي عنك الا رجل منك و اشار الي ان للباطل جولة و للحق دولة و الي قوله تعالي بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق و الي قوله جاء الحق و زهق الباطل ان الباطن كان زهوقا.
قال7 يا سلمان و يا جندب فانا و رسول الله9 كنا نورا واحدا صار رسول الله9 محمدا المصطفي و صرت انا وصيه المرتضي و صار محمد الناطق و صرت انا الصامت و انه لابد في كل عصر من الاعصار ان يكون فيه ناطق و صامت يا سلمان صار محمد المنذر و صرت انا الهادي و ذلك قوله عزوجل انما انت منذر و لكل قوم هاد فرسول الله9 المنذر و انا الهادي الله يعلم ما تحمل كل انثي و ما تغيض الارحام و ما تزداد و كل شيء عنده بمقدار عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال سواء منكم من اسر القول و من جهر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر الله.
اعلم بعد ما عرفت ان اول ما خلق الله هو محمد9 باتفاق المسلمين و ان عليا7 نفسه بنص الكتاب و اتفاق الامة و انه متبعه و منه فهما النور الذي خلق اول مرة كما قدمناه ان له جهتين جهة الي ربه و هي جهة السفارة و البرزخية الكبري و الرسالة و الاخذ عن الرب المؤدي الي العبد و جهة الي نفسه و هي جهة عبوديته التي يصاب فيها ما خفي في الربوبية عن مشاعر الخلق فهي ظهورها و شهودها و ترجمانها و لسان صدقها المعبر عنها فتجلي جهة ربه بالمحمدية و جهة نفسه بالعلوية و تجلي جهة الرب بالنبوة عن الله جل جلاله
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۱ *»
و تجلي جهة نفسه بالوصاية و الامامة و لقب جهة الرب بالمصطفي لانه اصطفاها من بين خلقه و اختارها علي جميع ما ذرأ و ما برأ و اتخذها صافي جميع ما خلقه و ازال عنه الاوساخ و الاكدار و نفض عنه الغبار و لقب جهة النفس بالمرتضي لانها نفس مطمئنة راضية مرضية لمحمد9 و لله عزوجل فارتضاها الله سبحانه لنفسه نفسا و لمحمد9 و ارتضاها مؤديا عنه و عن محمد9 و مفسرا لكتابه و شارحا مبينا لدينه و به اشار الي قوله تعالي عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احدا الا من ارتضي من رسول فالمرتضي من الرسول هو علي7 و اما قوله صار محمد الناطق الي قوله و صامت اعلم ان الله جل جلاله حكيم و الحكيم لايفعل العبث فلو كان خلقه الخلق لا لغاية كان عبثا و لغوا و هو محال صدوره عن الحكيم و غاية الخلق ماكانت مقدمة عليه وجودا و مؤخرة عنه شهودا و المتقدم علي جميع الكاينات كائنة ماكانت و بالغة ما بلغت هو التجلي الاعظم و الظهور الاكرم و النور الاول و جمال الازل جل و عز و هو جهة معرفته سبحانه التي بها عرف نفسه فلو كان الخلق طرفة عين و لا قائم بمعرفته جل و عز لكان في تلك الحال ابقاء الخلق لغوا فلابد في كل عصر من عارف بالله يقوم بحق معرفته فذلك العارف ان كان اماما لابد له من مأموم و ان كان مأموما لابد له من امام و لايمكن خلق ليس بامام و لا مأموم و ذلك انه ان كان آخذا عن الله بلاواسطة لكان قدوة لمن اقتدي به بعده و ان كان آخذا عن الله بواسطة فهو مؤتم بغيره و علي اي حال الامام و المأموم متضايفان لايقوم احدهما الا بالاخر و ان قلت قد يكون الانسان منفردا ليس بامام و لا مأموم كالانبياء الذين لميبعثوا الي قوم قلت نعم ان الانبياء الذين لميبعثوا لهم امام يقتدون به و هم علي شرع صاحب العزم الذي كان قبله و ساير الخلق ايضا لهم امام اما صاحب العزم او اوصياؤه الذين من قبله و لايمكن ان يكون رجل عارفا بالله عزوجل متدينا بدينه ليس بامام و لا مأموم و ذلك سر سار من اول الوجود الي آخره فتقول حق و خلق
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۲ *»
لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما ثم في الخلق انبياء و رعية و فعل و مفعول و امر و خلق ثم في عرصة هذا الخلق امام و مأموم و حجة و محجوج ثم في كل طبق و جنس و نوع كبير و صغير و رئيس و مرؤس و استاذ و تلميذ و مرشد و مريد و عالم و متعلم و حاكم و محكوم و لايقوم الخلق بدون ذلك البتة حتي انه منه الرجل و المرأة و اصل السر ناشيء من انه ما من شيء الا و فيه جهتان جهة من ربه و جهة من نفسه فجهة الرب امام و قدوة لجهة النفس و المفروض علي جهة النفس طاعة جهة الرب و جهة الرب جهة رب للنفس و جهة النفس جهة نفس لجهة الرب و لو لميرب جهة الرب جهة النفس لمتبق فان تحقق جهة النفس بجهة الرب فلابد من ربوبيته جهة الرب لجهة النفس و لو لميتبع جهة النفس جهة الرب لمتبق فلميخلق الله جهة رب منفردة لاترب جهة نفس و لميخلق الله جهة نفس بلا جهة رب و لماخلق الله المجالي و المظاهر فمنهم من حكي جهة الرب فكان ربا و اماما و من حكي جهة النفس كان مربوبا و مأموما و سري هذا السر في جميع ذرات الوجود و من كل شيء خلقنا زوجين فافهم فاذا عرفت ذلك فاعلم ان المأموم الحقيقي من يقتدي بالامام في جميع ذرات وجوده الشرعي و شرعه الوجودي فلميخالفه في شيء من الاشياء فان خالفه في شيء فمن ذلك الحيث ليس الامام بامام و لا المأموم بمأموم البتة و يبطل السر الذي عليه دار رحي الوجود و تفاوت الخلق و ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فالمأموم الحقيقي شرط ظهور امامة الامام كما ان الامام شرط تحقق المأمومية للمأموم و هما متضايفان و الامام هو الآخذ عن الله المؤدي الي المأموم الناطق عن ربه المترجم عنه و المأموم هو المنصت المستمع المقتدي القابل قال7 ينبغي للامام ان يسمع المأموم كل ما يقول و لاينبغي للمأموم ان يسمع الامام شيئا و قال الله عزوجل اذا قريء القرآن فاستمعوا له و انصتوا لعلكم ترحمون لان القاريء يؤدي عن الله و هو لسان الله الناطق بكلامه فلو لميكن في عصر الحجة فني الخلق و ساخت الارض و اهيلت السموات علي الارض البتة و بعد ما وجد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۳ *»
الحجة لو لميكن من يأتم به في جميع جهات وجوده الكونية و الشرعية لكان اماما بلا مأموم و لميخلق الله منفردا اماما بلامأموم و ان كان من يأتم به في جهة دون جهة فمن جهة عدم الائتمام يكون الامام منفردا معزولا عن الامامة و ذلك لايكون فلابد في كل عصر من امام ناطق و مأموم صامت يقتدي به في جميع جهات وجوده الشرعي و شرعه الوجودي فهو المعصوم الصامت فلاجل ذلك كان رسول الله9 هو الامام الناطق عن الله عزوجل و لمينطق حتي وجد له مستمع و واع لقوله و كان علي7 هو الصامت في عصره و كذا الحسن و الحسين و لايضر تعدد المأموم و اما الامام فلايتعدد ثم لماسكت محمد9 بالارتحال و نطق علي7 كان الحسن و الحسين هما صامتان مأمومان مقتديان به و لذا روي ان شيعة علي الحسن و الحسين: ثم لما سكت علي7 و نطق الحسن كان الحسين7 شيعته و المقتدي به و مأمومه كماقال رسول الله9 الاول خير من الاخر لانه امامه و الاخر وصي الاول الحديث و هكذا في كل عصر لابد من صامت و ناطق لاجل هذا السر الذي ابديناه فتدبر و ان قال قائل ان كان هذه القاعدة مسلمة و صاحب الامر عجل الله فرجه اليوم هو الناطق فمن الصامت قلت هذا هو اصل الخلاف اليوم بيننا و بين من يخالفنا و يعاندنا و الذي ينطق به الاخبار انه لابد في كل عصر من صامت و ناطق فلولا الصامت المأموم لميكن الناطق اماما مطلقا فحجتنا علي من يخالفنا اقراره بامامة الامام فان كان الصاحب اليوم اماما فلابد و ان يكون له مأموم يقتدي به في جميع اقواله و احواله و افعاله حتي يظهر امامة الامام و يقوم التضايف فمنكر المأموم الصامت اليوم منكر الامامة المطلقة و قائل بان الصاحب عجل الله فرجه امام من جهة و منفرد من جهة و هو خلاف ضرورة الشيعة انه امام مطلق البتة و المأموم المطلق اليوم هو الشيعة التي تقتدي به في جميع جهات وجودها و هم في عصرهم كسلمان في عصره و ذلك انا سمعنا الرضا7 يقول لقوم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۴ *»
طردهم لادعائهم التشيع لعلي7 و يحكم انما شيعته الحسن و الحسين و سلمان و ابوذر و المقداد و عمار و محمد بن ابيبكر الذين لميخالفوا شيئا من اوامره و لميرتبكوا شيئا من فنون زواجره الخبر و سمعنا موسي بن جعفر7 يقول لمن ادعي التشيع من الدلالين اتدرون ما مثل هذا هذا كمن قال انا مثل سلمان و ابيذر و المقداد و عمار و هو مع ذلك يناجش في بيعه و يدلس عيوب المبيع علي مشتريه الخبر و لذلك قال ابوعبدالله7 ان العلماء ورثة الانبياء و ذاك ان الانبياء لميورثوا درهما و لا دينارا و انما اورثوا احاديث من احاديثهم فمن اخذ بشيء منها فقد اخذ حظا وافرا فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فان فينا اهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و عن النبي9 يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين و تحريف الغالين و انتحال الجاهلين الي غير ذلك من الاخبار و المراد بالصامت الصامت عن التأسيس و الاستقلال و الا فكل امام لاحق في عصر السابق كان يتكلم الا انه ينهي كل شيء الي الناطق او السابقين و لايستقل ببيان و كذلك الشيعة اليوم صامتون ليس لهم رأي و هوي في الدين و لايعملون بعقولهم و لايسندون الامور الي انظارهم و بصايرهم و انما يروون عن الناطق و من تقدم عليه من الناطقين باذن الناطق الحاضر فهم صامتون عن مؤدي عقولهم و ظنونهم و اهوائهم و تبين من ذلك ان من قال ببصيرته و عقله و مؤدي ادلته العقلية غير المروية عن الناطق فهو مدع الناطقية مع الناطق الحق و من اخذ عنه فقد عبده و عبد الشيطان و دخل في قوله تعالي اتخذوا احبارهم و رهبانهم اربابا من دون الله بالجملة ففي كل عصر لابد من ناطق و صامت و هذا سر سار من اول الوجود الي آخره فالله جل و عز ناطق و متكلم باوامره الكونية و الشرعية و جميع القوابل الامكانية صامتة عنده ثم في الامكان محمد9 ناطق عن الله سبحانه بجميع الاوامر الكونية و الشرعية التي هي دونه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۵ *»
و جميع القوابل صامتة ثم الانبياء و الحجج كلهم ناطقون معبرون عن الله و ساير الرعية يجب عليهم السكوت و الصموت و الرواية ثم في الرعية ينحصر النطق في الرواة عنهم لقولهم اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و لايجوز لاحد بعدهم النطق و يجب علي جميع من سواهم الصمت و الاخذ عنهم و الانتهاء اليهم في النقير و القطمير و بذلك جري الوجود و عليه عبد المعبود و قوله7 يا سلمان صار محمد المنذر و صرت انا الهادي الي آخر اعلم ان النذير اسم من اعلم الناس و اطلع عليه و اكثر استعماله في التخويف اي الاعلام بما يخاف الناس منه فهو الذي يعلم الناس امر الغيب من عظمة الله و جلاله و كبريائه فانه اشد ما يخافه ارباب البصاير و الالباب و من اهوال القيمة و النار و من اهوال المطلع و البرزخ و القبر و من سكرات الموت و ما يشاهده عنده و يعلمهم بانتقامات الله التي وردت علي الامم الماضية و ترد علي من يعمل اعمالهم من هذه الامة و يخالف امر الله و اما الهادي فهو المرشد و الدليل يهدي الناس و يرشدهم الي الحق و الي طريق مستقيم و النذير و الهادي يطلقان علي النبي و الامام معا كما قال تعالي لانذركم به و من بلغ قال ابوعبدالله7 من بلغ ان يكون اماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما انذر به رسول الله9 و يطلق الهادي علي رسول الله9 كما قال و انك لتهدي الي صراط مستقيم و اما في هذه الاية الخاصة التي استشهد بها صلوات الله عليه فالمنذر هو رسول الله9 فانه منذر من الله قد انذر عشيرته الاقربين اولا و بالذات كماقال و انذر عشيرتك الاقربين ثم انذر بتبعيتهم ساير الناس كما قال تعالي شأنه و اخفض جناحك للمؤمنين و قال لاتكلف الا نفسك و حرض المؤمنين و هم انفسه صلوات الله عليهم اجمعين و لكل قوم في كل عصر امام هاد من نسله يهدي اليه كما قيل لابيجعفر7 في قول الله عزوجل انما انت منذر و لكل قوم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۶ *»
هاد فقال المنذر رسول الله9 و علي الهادي و في كل زمان امام منا يهديهم الي ما جاء به رسول الله9 و قال ابوعبدالله7 ان جبرئيل نزل علي محمد9 يخبر عن ربه عزوجل فقال له يا محمد لم اترك الارض الا و فيها عالم يعرف طاعتي و هداي و يكون نجاة فيما بين قبض النبي الي خروج النبي الاخر و لماكن اترك ابليس يضل الناس و ليس في الارض حجة و داع الي و هاد الي سبيلي و عارف بامري و اني قد قضيت لكل قوم هاديا اهدي به السعداء و يكون حجة علي الاشقياء انتهي فلابد و ان يكون في كل عصر هاد متصرف بالهداية كما ان ابليس متصرف بالاضلال فلو كان ابليس موجودا متصرفا بالاضلال و ليس في الارض هاد متصرف بالهداية لكان الله مغريا بالباطل و حاشا الرب ان يفعل ذلك و ان يخلي ارضه من هاد متصرف بالهداية و لاينفع هداية النبي الذي مات او الامام الذي مات فان من مات رفع يد تصرفه عن العالم و الا لكان النبي السابق كافيا عن النبي اللاحق و البيت لايستضيء بالسراج المنطفي و النبي السابق لميبق منه الا اقوال ذو وجوه و كل قوم يحملها علي هواه و حاشا الرب جل جلاله ان يبقي العبيد مع حكم حمال ذو وجوه يحمله كل خصم علي هواه بل لابد من حكم فاصل بين الحق و الباطل في كل عصر لايحتمل الوجوه و يهدي الي الحق و الي طريق مستقيم و ان قلت اليس انه قد غاب عنا ولينا منذ دهر و ليس بيننا الا اقوال حمال ذو وجوه و يئول اليه الرعية و يعيشون منذ غاب قلت في زمان حضور الحجة ايضا الحجة كان في بلد و في ذلك البلد في بيت و جميع اهل الارض غائبون في اطراف الارض لايرونه و لايكلمونه و انما يراه و يكلمه اناس مخصوصون و لميكن كل احد يتمكن من الوصول اليه و لا الي ارسال كتاب اليه و لمينقص الان عن ذلك فانه في بلد و عنده اناس مخصوصون و ساير شيعته في اطراف الارض غير متمكنين من الوصول اليه و ارسال كتاب اليه و رؤية آحاد له يوم حضورهم و مكالمتهم معه و مكاتبتهم اليه لايغني عن جميع اهل الارض شيئا بالبداهة و محض
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۷ *»
امكان الوصول اليه اذا سافر اليه ليس يهدي الانسان الي مجهولاته و كذلك اليوم حرفا بحرف فلابد و ان يكون وجود الهادي له منفعة غير النطق و السمع منه فمعني هذه الاخبار ان الهادي الحي في الزمان يهدي الي الحق بغير طريق السمع و النطق و بذلك تتم منفعة وجوده كما ان ابليس لعنه الله في طريق الباطل ليس اضلاله من طريق المشاهدة و النطق و السمع و انما يضل الناس بهيمنته التي جعل الله له و شهادته الناس فهو يضل بهيمنته و ان لميره الناس و ليس جانب الحق اضعف من جانب الباطل و ليس هيمنة اهل الحق باقل من هيمنة ابليس البتة و هذه الهيمنة لاتتفاوت حال مشهوديتهم و حال غيبتهم فهم في حال غيبتهم ايضا مهيمنون علي الخلق شاهدون مطلعون رقباء كماقال تعالي و يوم نبعث من كل امة بشهيد و جئنا بك علي هؤلاء شهيدا و قال مخاطبا لال محمد: ملة ابيكم ابرهيم هو سماكم المسلمين من قبل و في هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء علي الناس فهم سلام الله عليهم شهداء علي الخلق و الشرط في الهداية شهادة الهادي لا المهتدي كما انه قال في ابليس المغوي للخلق انه يريكم هو و قبيله من حيث لاترونهم فالحجة7 اليوم هاد كما كان آباؤه هداة يوم حضورهم بلاتفاوت و كما ان ابليس يضل باسباب غيبية من الوسوسة و النجوي و التزيين و التشبيه كذلك الهادي يقدر علي الهداية بالتقريب و التبعيد و التعمية و التوضيح و بما شاء كيف شاء و قد اخبر الله و اخبروا و هم الصادقون المصدقون بانهم يهدون و يعلمون الزيادة و النقصان ان زاد المؤمنون شيئا ردوهم و ان نقصوا اتموه لهم و ان اتوا بالحق قرروهم و صدقوهم فوجب الاعتراف بانهم يهدون بالحق و به يعدلون غابوا ام شهدوا بلاتفاوت و لايشترط في هداية الهادي مشهودية الهادي بل شهادته كما ان الله جل و عز هاد و لايشهده احد بل ذلك جار في كل فاعل فلايشترط مشهودية الفاعل مطلقا و انما يجب شهادته المفعول كما ان الله يخلق و يرزق و يحيي و يميت و لايري و كذلك الملائكة يجرون ما وكلوا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۸ *»
به و لايرون و كذلك الجن يتصرفون في الاجسام و لايرون و كذلك الشياطين يتصرفون في الاجسام و لايرون فليكن كذلك الامام7 فانه يتصرف في الملك و لايري و يفعل ما شاء كما شاء قال الحجة7 و اما وجه الانتفاع بي في غيبتي كانتفاع الناس بالشمس اذا جللها السحاب و لاشك ان للشمس تربية و آثارا في السفليات و ان كانت محجوبة بالسحاب و تأثير الشيء في الشيء بالمماسة و الاقتران و المشاهدة انما هو في عالم الاعراض الدنياوية الظاهرة و اما التأثيرات الطبيعية و النفسانية و الروحانية فلايحتاج فيها الي مماسة و مباشرة و اقتران و مشاهدة فهم في كل عصر هداة الخلق باسباب غيبية روحانية ملكوتية و ان كان لهم بعض التصرفات ايضا في عالم الاعراض بالمقارنة قال ابوعبدالله7 لن تبقي الارض الا و فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قد زادوا و اذا نقصوا منه قال قد نقصوا و اذا جاءوا به الحق صدقهم و لو لميكن كذلك لميعرف الحق من الباطل و بهذا المعني استفاضت الاخبار و ايدها صحيح الاعتبار و اما استشهاده صلوات الله عليه بقوله تعالي الله يعلم ما تحمل كل انثي فاستشهاد بباطنه علي كونهم صلوات الله عليهم هداة الخلق في كل عصر يهدون من شهدهم و من غاب عنهم فقال تعالي الله يعلم ما تحمل كل انثي من القوابل الخلقية في كل عالم بحسبه لايخفي عليه ما تحمله القوابل من المقبولات الذكر الغالب عليه جهة الرب و الانثي الغالب عليها جهة النفس و ما تغيض الارحام اي ما تنقصه من الكمال فتسقط نطفة او علقة او مضغة او عظاما او المكسو لحما او بعد انشائه خلقا آخر قيل ان يصل الي رتبة الكمال و ذلك في كل قابلية ناقصة بالذات او عرضتها عارض عاقها عن كمال الانفعال فلمتتم مسألتها فمنعت تمام المسئول و ذلك في كل عالم و كل شيء بحسبه و ما تزداد تلك القوابل فيكون استعدادها كاملا فتقتضي زيادة عن بنات جنسها فتأتي بالذكر و الانثي جميعا و من تفسيرهما ان الغيض كل حمل دون تسعة اشهر و ذلك لكمال استعداده انه يستوفي و يستمد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۰۹ *»
في زمان قليل شيئا كثيرا فيدرك قبل الاجل المضروب لعامة نوعه و ما تزداد اذا رأت المرأة الدم ايام حملها فلحقها ضعف فانها تزداد علي ايام مثلها بعدد ايام الدم فهي تشمل كل قابلية عرضها عارض في ايام استمدادها و استكمالها فلمتبلغ حد الكمال الي الاجل المضروب لها لولا العارض فهي تبقي علي الاستمداد حتي تتلافي تلك الايام التي اعرضت او فترت او عاقها عائق فلايخفي علي الله هذه الحالات الثلث اي التي تغيض و تنقص و التي تستوفي الايام المضروبة لها و التي تزداد فهي تعم كل ناقص و تام و زايد و كل شيء عنده بمقدار لانه قال انا كل شيء خلقناه بقدر فكل شيء عنده بمقداره و قضائه و ذلك ان المقدار يأتي بمعني القدر عالم الغيب و الشهادة فلايخفي عليه شيء في السرمد و الجبروت و الملكوت او لايخفي عليه ما قد كان و صار مشهودا و ما يكون و هو بعد في غيب الامكان و لميخرج الي عرصة الشهود الكبير في عالم الشهادة لقوله له الكبرياء في السموات و الارض المتعال في عالم الغيب لانه عالية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد و قد جعل التكبر في حال القيام الذي هو مقام بعد العبد و استمساكه و التسبيح بالعلو في حال السجود الذي هو اقرب ما يكون العبد الي ربه سواء منكم من اسر القول الكلمات و الحروف او الافعال او العقايد في نفسه و صدره و تصوره في خاطره فلميظهره لاحد و من جهر به و اظهره في عالم الشهادة فانتم سواء عند الله يري الفريقين و يطلع علي الصنفين بلاتفاوت كما لايتفاوت عند روحك في الوضوح ما اضمرته في صدرك و ما عملته باعضائك و جوارحك فالكل باشارته و تأييده قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثا و من هو مستخف بالليل ليل الماهيات فانغمر في بحار ظلماتها او ليل البعد عن الحق او ليل الجهل او ليل الاستتار عن المؤمنين و سارب بالنهار اي بارز بالنهار باضداد ما ذكرنا فهذه الاربع فرق عند الله سواء و لك ان تقول سواء منكم من اسر القول في اسرار نار الاثرية و من جهر به في علانية هواء المقبولية و من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۰ *»
هو مستخف بليل تراب الانية و سارب بنهار ميل ماء القابلية فجميع هذه الكيفيات الاربع من الخلايق في العالمين و تلك الكيان الثلثة التي هي غيض جهة النفس و حمل جهة الرابط و زيادة جهة الرب جميعها في العوالم مشهود لله رب العالمين لايخفي عليه شيء منها في السموات و الارض له معقبات من بين يديه و من خلفه و هذه الاية مما حرف فان المعقب لايكون من بين اليدين و انما نزلت له معقبات من خلفه و رقيب من بين يديه قال ابوعبدالله7 لقاريها الستم عربا فكيف يكون المعقبات من بين يديه و انما المعقب من خلفه فقال الرجل جعلت فداك كيف هذا فقال انما انزلت له معقبات من خلفه و رقيب من بين يديه يحفظونه بامر الله و من ذا الذي يقدر ان يحفظ الشيء من الله و هم الملائكة الموكلون بالناس انتهي فكل شيء له رقباء من بين يديه و معقبات من خلفه و رقباء في ملکوته و معقبات في ملکه و رقباء مما يلي المقبول و معقبات مما يلي القابلية و رقباء مما يلي المؤثر و معقبات مما يلي الاثرية و رقباء مما يلي جهة الرب و معقبات مما يلي جهة النفس و هكذا و هم من الملائكة الذين شأنهم و خدمتهم حفظ الاشياء بامر الله باذنه و هم الروابط بين الاشياء و بين مشية الله يأخذون عن الله و يوصلون الي ذلك فاذا كان الرقيب و المعقب مطلعين علي الشيء بامر الله فما ظنك بالله و كيف يمكن ان لايطلع الله علي خلقه الا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير فاثبت صلوات الله عليه بهذه الاية ان الله الذي علمه و اطلاعه كذا بخلقه فلايخفي عليه خافية في الارض و لا في السماء و يقدر ان يهدي من يشاء بما يشاء كيف يشاء فلاينبغي ان يتعجب بعد ذلك متعجب و يقول ان عبدا واحدا محدودا في بلد من البلدان و في بيت من البيوت جالس و ربما هو محبوس او غايب كيف يقول زادوا اذا زاد الناس في شرق العالم و غربه و متي قال و نحن لمنسمع و كيف يقول نقصوا اذا نقص الناس في اطراف الدنيا و متي قال و نحن لمنسمع ذلك ابدا و متي صدق و متي اطلع علي ما في الدنيا حتي يصدقهم و يقول قائلهم ترك الاستفصال عند عموم المقال و قيام الاحتمال يفيد العموم في المقال لان الاصل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۱ *»
العدم الازلي في علم الامام فلولاه لمينطق بهذا المقال المختلف الحال المفرق للبال المورث للكلال و هو احق بالاعراض عنه و المسكين غافل ان قوله قد زادوا و نقصوا و تصديقه ليس باللسان و القول الظاهري و انما هو اظهار بطلان الباطل و حقية الحق كماقال تعالي بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق و قال يحق الله الحق بكلماته و يبطل الباطل و عليهم صلوات الله عليهم اظهار بطلان الباطل و حقية الحق كيفما شاءوا و ارادوا و كيف لا و هم الشاهدون المطلعون علي حقايق الكاينات كما سمعت و المأمورون من الله بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر و القادرون علي التصرف بقدرة الله و لايكلف الله نفسا الا وسعها و لايخافون علي انفسهم عدوا و لو فرض انهم يخافون علي انفسهم او علي شيعتهم عدوا فهو محل الحكم الثانوي المتبع و لامانع من التصرف و هو اكمل و اتم و اقوي للحجة و مطابق للايات و الاخبار و صحيح الاعتبار فهم يتصرفون في العالم كيفما يشاءون و لابد للمؤمن ان يتكل عليهم و يعمل بما اروه و قد بسطنا القول في ذلك في ساير كتبنا اين ما مس الحاجة الي المسألة فان شئت فراجع فبين7 ان من هذه صفته لايصعب عليه الهداية و يهدي بالحق الي صراط مستقيم فمحمد9 هو المنذر و علي الهادي و لايزال منهم هاد بعد هاد ثم ما فرقوا في الهداية بان منها الايصال الي المطلوب و هو شأن الله سبحانه و ليس لغيره ذلك كما قال جل شأنه انك لاتهدي من احببت و منها الايصال الي ما يوصل الي المطلوب و هو شأن النبي9 كما قال و انك لتهدي الي صراط مستقيم فذلك شيء لانعرفه من طريق ال محمد: و محمد9 لايهدي من احب كما انه لايملك لنفسه نفعا و لا ضرا و لا موتا و لا حيوة و لا نشورا و مما لا يملك هو و لااحد من الخلق الهداية لا الي المطلوب و لا الي ما يوصل الي المطلوب و هو و اهل بيته سلام الله عليهم هداة الخلق الي المطلوب و الي ما يوصل الي المطلوب بالله جل و عز و ان هدي الله يهدي بهم و ان هدوا يهدون بالله ان هدوا في عالم الظاهر يهدون الي ما يوصل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۲ *»
الي المطلوب و ان هدوا في الاخرة فالي ثوابهم و عطائهم و رضوانهم و ان هدوا في الحقايق فالي مثالهم و تعريفهم و تعرفهم بهم عرف الله و لولاهم ماعرف الله
هذا اعتقادي فيه قد ابديته
فليقبل الواشون او فليمنعوا
قال فضرب بيده علي الاخري فقال صار محمد صاحب الجمع و صرت انا صاحب النشر و صار محمد صاحب الجنة و صرت انا صاحب النار اقول لها خذي هذا و ذري هذا و صار محمد صاحب الرجفة و صرت انا صاحب الهدة و انا صاحب اللوح المحفوظ الهمني الله عزوجل علم ما فيه.
اعلم ان الله سبحانه احدي لاتكثر فيه بوجه من الوجوه و خلق خلقا ذا كثرة و وجوه ابانة منه لهم عن صفة القديم اذ ما وجب فيه امتنع في الحدث و ما يجب في الحدث يمتنع في القدم فكان جميع ما خلق مركبا من اجزاء اقلها جزءان و هما في النظر الاعلي جهتان جهة الي ربه و جهة الي نفسه و هاتان الجهتان مما قد تكرر ذكرهما في كتبنا و في مباحثاتنا ولكن من ادرك ذلك علي الحقيقة و علي ما هو في القلوب قليل قليل و ساشرح هيهنا من ذلك ما شاء الله ان اشرحه اعلم ان لجميع هذا الخلق اعتبارين و فيها نظران فمرة ينظر الناظر اليها فيري جميعها شيئا واحدا لا اختلاف فيه و لا تعدد و لا تكثر و مرة ينظر اليها من حيث انفسها فيري خلقا متعددا متكثرا ممتازا بعضها من بعض و آية ذلك انك مرة تنظر الي هذا العالم بنظر انها جوهر منجمد له كيف ما و كم ما و جهة ما و رتبة ما و وقت ما و مكان ما ففي هذا النظر لاتري في السموات و الارض الا شيئا واحدا ليس فيه ذكر لعرش و لا كرسي و لا سماء و لا ارض و لا شيء مما بينهما فتري جسما واحديا لاتعدد فيه فتنظر الي العرش و تري منه ما تري من الكرسي اذا نظرت اليه و ماتري من السموات اذا نظرت اليها و ماتري من الارض اذا نظرت اليها و ذلك مشهود رأي العين لكل غبي و ذي لب بل لكل طفل و ان لميقدر علي التعبير عنه و مرة تنظر فتري سماء غير ارض و شمسا غير قمر و تري مولودا غير مولود بينهما و ذلك ايضا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۳ *»
بديهي يري بالعين يراها كل احد فتحقق لكل محسوس جهتان جهة انه جسم و جهة انه هو هو غير غيره و كذلك اذا نظرت الي جميع ما في العالم من الغيب و الشهادة و الحقايق و المعاني و الصور فانك تري فيها امرا واحدا يجمع الكل و لا اختلاف فيه و لا تعدد و لا تمايز و تري جميع الكثرات فيه محلولا مذابا معدوم الاثر و العين و ذلك ايضا مشهود كل جاهل و عالم و ان لميقدر الجاهل ان يعبر عنه و تري مرة اخري كل شيء هو هو بحدوده و كثرته و امتيازه عن غيره فتري اشياء عديدة فلكل شيء يتحقق هاتان الجهتان رأي العين و نعبر عن جهة الوحدة بجهة الرب و عن جهة الكثرة بجهة النفس فلاجل ذلك قلنا ان لكل شيء جهتين جهة الي ربه و جهة الي نفسه و ليس المقصود ان الرب جل جلاله في جهة من الخلق و جهة من الخلق تكون اليه بل نسبته الي الجهتين علي السواء و كلتاهما خلقان منه الا ان الخلق له جهتان جهة وحدة و هي ما وصف بها ربها نفسه له و هي احكي الجهتين لله سبحانه و بها تري ربها اي ما عرف به نفسه و جهة كثرة تري بها انفسها و لاتحكي ربها و تري انفسها فهاتان الجهتان لايخلو منهما الحادث في اي رتبة كان و من تلك الرتب رتبة الخلق الاول فله ايضا تانك الجهتان ثابتتان فلماتجلي ذلك الخلق الاول في مراتب الكثرة و الفرق ظهر في مظهر و الغلبة لجهة وحدته و ظهر في مظهر و الغلبة لجهة نفسه و كثرته و ليس المظهر الذي فيه جهة الوحدة غالبة بخلو من جهة الكثرة و لا المظهر الذي فيه جهة الكثرة غالبة بخلو من جهة الوحدة الا ان كل واحدة في كل واحد غالبة و آية ذلك الذكر و الانثي اللذان هما انسان فيه جهتان جهة وحدة و جهة كثرة ولكنه ظهر في هذه الدنيا في مظهرين مظهر فيه جهة الوحدة غالبة و فيه من جهة الكثرة اقل و هو الذكر و مظهر فيه جهة الكثرة غالبة و فيه من جهة الوحدة اقل و هو الانثي و ذلك ان الذكر فيه من جهة الوحدة جزءان و من جهة الكثرة جزء و الانثي فيه من جهة الكثرة جزءان و من جهة الوحدة جزء و قد مثلا في هذا المربع: ذي الثلثة الذي هو آدم الالواح و مبدؤها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۴ *»
8 | 1 | 6 |
3 | 5 | 7 |
4 | 9 | 2 |
حيث ان العدد الموضوع فيه الاحاد الي التسعة و هي اصل الاعداد و مبدؤها الذي يدور عليه رحاها و قد وضعت في هذا اللوح و اذا جمعت جميع اعدادها كانت خمسة و اربعين و هو عدد آدم و اذا جمعت ضلعا واحدا كان خمسة عشر و هو عدد حوا فحوا هي ضلع واحد له و مع ذلك العقل الذي لحواء من ظل ضلع آدم الايسر لا من نفس ضلعه كما يقوله العامة و الا لكان لآدم ثلثين و لها خمسة عشر بل من فاضل ضلعه الايسر بالجملة الانسان حقيقة واحدة ذات جهتين و قد ظهر في مظهر الذكر بغلبة جهة ربها و في مظهر الانثي بغلبة جهة نفسها و كذلك الامر في ظهور الخلق الاول في مظاهر الكثرة فظهر في مظهر بالاصطفاء و غلب عليه جهة الوحدة و ظهر في مظهر بالارتضاء و غلب عليه جهة الكثرة فلاجل ذلك قال7 صار محمد صاحب الجمع و صرت انا صاحب النشر فمحمد9 هو صاحب الوحدة و الجمع و عدم الكثرة و الاختلاف و لاجل ذلك قال ليس الاختلاف في الله و لا في فمحمد صاحب الجمع يتحد فيه الكثرات و الاختلافات و هو صاحب الجمع يؤلف بين مختلفات الامم علي ظاهر الاسلام و اذكروا اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا و كنتم علي شفا حفرة من النار فانقذكم منها و هو صاحب الجمع يؤلف بين متعاديات الطبايع و الاضداد و الارواح و الاجساد و الاسباب و المسببات و الشروط و المشروطات و العلل و المعلولات و المبادي و الغايات و هو صاحب الجمع ليوم الجمع فيجمعهم ليوم واحد و محشر واحد لامر واحد من امكنة متشتتة و مراتب مختلفة و مقامات متفاوتة و علي7 صاحب النشر و المراد به التفريق من قولهم نشر الشيء فرقه و ذلك قوله9
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۵ *»
و انما الاختلاف فيك يا علي و قد قال الله عزوجل عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و ذلك ان عليا7 هو الباب المبتلي به الناس من اتاه فقد نجا و من لميأته فقد هلك و المشار اليه في قوله تعالي و ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و هو الام التي سعد في بطن ولايتها من سعد و شقي من شقي و هو صاحب كل نشر فان الاشياء تنتشر و تتفرق في مقام صورها و حدود انياتها و هو7 مبدأ الصور و اولها و ذلك ان الخلق الاول صلوات الله عليه و آله هو منير الكل و مؤثر الكل و جميع ماسواه نوره و اثره كما استفاض بذلك الاخبار و النور اثر المنير و فضله و شبحه المنفصل و مادة النور من مادة المنير و صورته من صورته الا تري ان السراج مركب من ضياء و من لون و شكل و نوره و اثره ايضا له ضياء يحكي ضياء السراج و لون و شكل يحكيان لون السراج و شكله فالنور بجهتيه اي بمادته و صورته مشتق من السراج تابع له مادته تابعة لمادته و صورته تابعة لصورته فمادة السراج هي صاحبة الجمع اذ المادة مقام الجمع يجتمع جميع الافراد فيها بالقوة و هي ما به الاشتراك في الكل و صورته صاحبة الفرق و النشر و الامتياز لان الصورة هي ما به يتميز كل فرد عن كل فرد و كذلك محمد9 صاحب الجمع اذ يجتمع عنده جميع ما يظهر من امر الله و حكمه في الوجودات الكونية و الشرعية و علي7 صاحب النشر يفرقه في الخلق يعطي كل ذي حق حقه و يسوق الي كل مخلوق رزقه و يغني كلا من سعته فبذلك و امثالها صار محمد9 صاحب الجمع و علي7 صاحب النشر و قوله صلوات الله عليه و صار محمد صاحب الجنة و صرت انا صاحب النار اقول لها خذي هذا و ذري هذا الي آخر حقيقته هي حقيقة الكلام السابق و هي انه لماعرفت ان محمدا9 في عالم الكثرة هو من غلب عليه جهة الرب و علي7 هو من غلب عليه جهة النفس و جهة الرب هي جهة الوحدة و الائتلاف و الرحمة السابقة العامة و النعمة و كل خير و كمال و نور و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۶ *»
دوام و ثبات و جهة النفس هي جهة الكثرة و الاختلاف و النقمة و الشقاء و كل شر و نقص و ظلمة و انقطاع و زوال و كان الخلق الاول بكله لله و من الله و الي الله جري في عرصات الاثار ما يناسب كل ركن من ركني الخلق الاول بركن من ذينك الركنين ٭فكل الي كل مضاف و منسوب٭ فصار محمد9 صاحب الرحمة لانها تناسبه و صار علي7 صاحب النقمة لانها تناسبه فلاجل ذلك صار محمد صاحب الجنة و الرحمة و هو باطن علي7 باب باطنه فيه الرحمة و صار علي صاحب النار و الغضب و هو ظاهره و ظاهره من قبله العذاب فما يقال ان عليا7 رحمة الله علي الابرار فيعني بباطنه و نقمته علي الفجار فيعني بظاهره و باطنه هو ظاهر النبوة فلاجل ذلك قال انا مدينة العلم و علي بابها فباطن الباب يلي المدينة و ظاهره يلي البر و التيه فمن دخله كان آمنا و من لميدخله فقد هلك فلاجل ذلك صار محمد صاحب الجنة و صار علي7 صاحب النار يقعد علي عجز جهنم و تنقاد له كما تنقاد الذلول لصاحبه فيقول خذي هذا و ذري هذا و قوله صار محمد صاحب الرجفة و صرت انا صاحب الهدة فالرجفة الزلزلة و الهد الهدم بصوت شديد و ذلك ايضا من الباب السابق فان محمدا9 جاء ينبه الخلايق و يوقظهم فرجفهم و حركهم للتنبيه مداراة و تذكيرا و لميهدم بنيانهم و اما الولي صلوات الله عليه فهو صاحب الهدة و صاحب تأويل هو الذي ارسل رسوله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين كله و لو كره المشركون و صاحب تأويل و قاتلوهم حتي لاتكون فتنة و يكون الدين كله لله فهو يهد اركان الكفر و يهدم بنيانه حتي لايبقي له اثرا في الرجعة ان شاء الله و اما في هذه الدنيا فقد ظهر بالمحمدية و لذلك صبر كما صبر اولوا العزم من الرسل و ما استعجل لهم و املي لهم و ذلك من الرحمة المحمدية و الا فمقتضي شأن الولي القلع و القمع حتي لايبقي ما يخالف دين الله و يكون الدين كله لله كما قمع و قلع
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۷ *»
آثار الانية من نفسه و كان بكله لمحمد9 و كان مرآة مظهرة له ليس له من نفسه عين و لا اثر و كذلك تأثيره في العالم فيفني جميع آثار الانيات و اظلال الماهيات و يصفي الدنيا عن الكدورات حتي يظهر جمال الله في جميع الذرات و لميبق حجاب يحجب الاسماء و الصفات حتي يعبد الله جل جلاله علانية في جميع الارضين و السماوات كما سيظهر به سلطان العصر و صاحب الخلق و الامر اللهم عجل فرجهم و سهل مخرجهم و اما محمد9 فبمقتضي قوله انما انت منذر فانذرهم و خوفهم من يوم الولي حتي وجلت قلوبهم و ارتعدت فرايصهم و اكتفي بالقول و بعض الفعل علي التنزيل و اما الولي فهو صاحب التأويل و صاحب الافعال و اظهار حقايق الاقوال في جميع الافعال و اما قوله و انا صاحب اللوح المحفوظ الهمني الله عزوجل علم ما فيه ففيه اشارة لاهل الدراية ان محمدا صاحب القلم و هو صلوات الله عليه صاحب اللوح و ذلك ايضا من الباب السابق فالاشارة اليه ان الله سبحانه اول ما خلق القلم و المراد به العقل الذي هو اول خلق من الروحانيين عن يمين عرش مشية الله و هو نور محمد9 كما في حديث جابر حيث قال اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر و انما سمي بالقلم حيث اجري الكلام علي رسم الكتابة و اعتبر في الاكوان الكتابة حيث انها كلمات كتبت في الواح الامكان كما قال تعالي في عيسي بكلمة منه اسمه المسيح و اشار الي الائمة: بقوله فتلقي آدم من ربه كلمات فلما اعتبر فيما سوي الله انه كتاب تكويني و ان الموجودات كلمات مكتوبة في لوح الامكان فاعتبر في هذا الرسم لها قلم تكتب به و لوح تكتب عليه فالقلم هو السبب الاعظم الاول الذي به كتب ما كتب في الواح محالها كما يكون السبب في كتابة الكتاب القلم فلاجل ذلك قيل ان اول ماخلق الله القلم فان ايجاد السبب قبل ايجاد المسببات و لابد لهذا القلم من مداد يمد و يجري ذلك المداد بذلك القلم علي اللوح و يكون مادة للكمات المكتوبة و الي هذه المراتب اشار الله جل و عز بقوله ن و القلم و ما يسطرون فنون هو الدواة الاولي التي هي وعاء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۸ *»
المداد و هو نهر يجري من تحت العرش عرش المشية فقال الله عزوجل له اجمد فجمد فكان مدادا و ذلك انه كان رقيقا برقة الامكان و ماكان يصلح لان يكون مادة للكلمات فسلط الله علي ذلك الماء برد البعد فجمد و غلظ و صار مناسبا للمادية و القلم هو اول شجرة نبتت علي حافة ذلك النهر و اليه الاشارة بقوله7 ان روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدايقنا الباكورة فباكورة ثمر الوجود كان نصيب روح القدس الذي هو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش و هو ذلك العقل و ذلك القلم قد نبت علي حافة نهر الوجود الدنيا و ذلك النهر هو المداد لجميع ما كتب في اللوح و هو النون المشار اليه في قوله تعالي ن و قد نبت قلم العقل علي حافته و اما اللوح فهو لوح القوابل الخلقية و محال وجود المكونات التي حدثت بقوله تعالي ادبر فادبر و ذلك الادبار هو جريان القلم بما شاء الله و اراد و لذلك اللوح ثلث صفحات كلية صفحة منها للملكيات و صفحة منها للملكوتيات و صفحة منها للجبروتيات الرقيقة فالقلم جري في هذه الالواح بما شاء الله فهو بالنسبة الي علم الله فقد جف لايزيد شيئا و لايكتب شيئا ابدا و اما بالنسبة الي علم الملائكة و الانبياء و ساير الخلق فهو جار ابدا كل يوم هو في شأن و يزيد في الخلق ما يشاء و لدينا مزيد عطاء غير مجذوذ و يحدث منه الامر بعد الامر و الشيء بعد الشيء فلكل من هذه الصفحات مقامان مقام محو و اثبات و زيادة و نقصان و يقع فيه البداء و مقام علمية لله سبحانه فذلك يجمع جميع ما محي و ما سيمحي و ما اثبت و ما سيثبت فلاجل ذلك لايقع فيه بداء و محو و اثبات و امثل لك مثالا انك تأخذ لوحا و انت تعلم في نفسك انك تريد ان تكتب عليه سورة ثم تمحوها و تكتب عليه سورة اخري فانت عازم في نفسك علي ذلك اولا ثم تشرع فتكتب السورة الاولي علي وفق عزمك ثم تمحوها ثم تكتب عليه السورة الثانية علي وفق عزمك فالكتاب الظاهر حدث فيه محو ما كان و اثبات ما لميكن و اما علمك السابق و المقارن و اللاحق لميزد عليه شيء و لمينقص منه شيء و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۱۹ *»
لميتغير و لميتبدل بوجه من الوجوه و كذلك لكل واحد من هذه الصفحات مقامان مقام ظاهر يمحو الله منه ما يشاء و يثبت فيه ما يشاء و مقام علمية لله عزوجل ازلية فذلك لايزيد فيه و لاينقص منه لان المحو و الاثبات معا فيه مثبتان قال فما بال القرون الاولي و هي الممحوة قال علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي و لا ينسي و لايتغير علمه فذلك المقام العلمي لله سبحانه هو ام الكتاب الذي عنده و يظهر في عرصة الامضاء فعرصة الامضاء هي مطابقة مع ذلك العلم الازلي و اما مقام المحو و الاثبات فهو مقام المشية و الارادة و القدر و القضاء فاذا وقع القضاء بالامضاء فلابداء فالامضاء مؤخر ظهورا و كل موخر ظهورا مقدم وجودا و وجود الامضاء المقدم هو ذلك العلم الذي قال7 فيه بعلمه كانت المشية فالعلم سابق علي المشية وجودا و يظهر في عرصة الامضاء شهودا فافهم و غموض هذه المسألة يستدعي ما يتيسر من البسط اعلم ان الله سبحانه احد في ذاته ليس له رتبة و لا وقت و لا مكان و جميع ماسواه من الخلق الذي لانهاية له حاضر عنده علي نهج التفصيل و هذا تفصيل لايضاده اجمال فان التفصيل و الاجمال حرفان من ذلك التفصيل الاول يري كل شيء بنفسه في مقام وجوده و مكان شهوده الاجمال في مقام الاجمال و التفصيل في مقام التفصيل اي الامكان في مقام الامكان و الاكوان في مقام الاكوان و لكل شيء اعتبار حضور في هذا المحضر و بهذا الاعتبار هو ازلي علي ان علمه جل جلاله ازلي وهذا الازل غير القديم للذات فهذا المحضر الذي لابدء له و لا غاية و لا انقضاء له و لا نهاية هو صفحة علمه جل جلاله الذي لايزيد فيه زايد و لا ينقص منه ناقص و لايتغير و لايتبدل و لايمحي منه شيء كان فيه مكتوبا و لايثبت فيه شيء لميكن فيه ثابتا و هو كماله عزوجل ليس منه بباين و هو عنده كيدك منك كما روي و هو العلم السابق علي المشية به خلق الله المشية و لايحيط به احد من خلقه و هو العلم المكنون المخزون عنده لايطلع عليه احد سواه و هو مقدم وجودا علي جميع ماخلق الله لانه ازلي فلمينزل من هذا العلم شيء و لميصعد اليه شيء و لايتحول و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۰ *»
لميتجزأ ثم لكل شيء مقام امكان مطلق علي انه شيء و حادث و موجود و امثال ذلك من الامور العامة فهو بهذا الاعتبار امكان مطلق و موجود مطلق فهو في هذا المقام العلم الصلوحي الاجمالي الامكاني فانه يصلح ان يكون كذا و كذا و كذا و كذا و هذا هو العلم الذي لميطلع عليه احد الا ما اظهره الله في عرصة الاكوان منه و هذا هو العلم الذي يقدم الله منه ما شاء و يؤخر منه ما شاء و منه البداء فيشاء الله شيئا او يريد او يقدر او يقضي ثم يبدو له فيتركه بخلاف العلم الازلي فلايقدم منه شيء و لايؤخر و لايبدو لله جل و عز فيه اذ الكل فيه موجود بالفعل و هو العلم بالفعل بخلاف العلم الثاني فانه العلم بالاشياء بالقوة و جميع الاشياء فيه بالقوة فاذا نظرت الي جميع ماسوي الله بهذا الاعتبار رأيته بحرا ساكنا زخارا عميقا لا غاية له و لا نهاية و لايقدر احد علي السباحة في هذا البحر و هو ايضا علم مخصوص بالله سبحانه و مرة تنظر الي الشيء من حيث هو هو فتري سماء و ارضا و شمسا و قمرا و زيدا و عمرا و هكذا فالاشياء بهذا الاعتبار كلمات علمية مكتوبة في لوح المحو و الاثبات و هذا علم علمه الله ملئكته و انبياءه و رسله و اهله من خلقه فهم يحيطون به علما و هذا الكتاب يتغير و يتبدل و يمحا منه و يثبت فيه فما وقع في هاتين المرتبتين و ما سيقع كله مكتوب في العلم الاول علي التفصيل و في العلم الثاني علي الاجمال و وقع في الثالث مفصلا علي طبق العلم الاول و لهذا العلم الثالث باعتبار آخر ثلث ورقات ورقة فيها رسم الذوات و الحقايق فان لكل شيء من حيث هو هو حقيقة لايذكر معها فيها غيره و ورقة فيها رسم الصفات و الاقترانات فان لكل شيء صفاتا تلزمه من جهة الاعراض الخارجة الحاصلة من اقتران الاشياء بعضها ببعض و ورقة فيها رسم افعالها و آثارها و اشباحها و اشباح اشباحها و هكذا و جميع هذه الاوراق تفصيلية و كانت مرسومة في العلم الاول بالتفصيل و هذه الالواح الثلثة التفصيلية هي الواح الامضاء علي طبق العلم الاول فان ما يخلقه الله و يقضيه و يمضيه لايخالف علمه السابق بالاشياء و لايمكن ان يتحرك متحرك مقدار رأس ابرة من حده و لميكن في ذلك العلم السابق فمن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۱ *»
تحرك كان فيه متحركا و من سكن كان فيه ساكنا و انما يخلقه الله علي حسب علمه و علمه في كل باب اولي بحقيقة التصديق و هذه الالواح اذا محي منها شيء ليس فيه ذلك الشيء بعد و اما العلم الاول فاذا محي عنه شيء كان فيه لايخرج منه الي عرصة غيره و لاعرصة و اما العلم الثاني فلامحو فيه و لا اثبات ولكن منه المحو و منه الاثبات يبدو منه في هذه الالواح التفصيلية اما هذه الالواح الثلثة فقد رسمت بالقلم و كان جميع ما رسم فيها في القلم علي نحو الاجمال و الكلية و المعنوية و انما برزت منه الي هذه الالواح مفصلا و لماكان جميعها آثار الخلق الاول و انواره و كان له كما مر مقام وحدة و مقام كثرة و ظهر في عالم الكثرة بمظهرين مظهر كان الغالب عليه جهة الوحدة فهذا في هذا المقام صار قلما و حاكيا لعلم القلم و مظهر كان الغالب عليه جهة الكثرة فهذا في هذا المقام صار لوحا و لماكان الخلق الاول مؤثرا بجميع مادونه و انما يجري منه الاثار علي نهج الحكمة و كان له جهتان كان جهة وحدته مبدء الاجمال و جهة كثرته مبدء التفصيل و كان يجري من مبدء اجماله الفيض علي مبدء التفصيل و منه ينتشر في الخلق في عالم التفصيل كان في مظهر الكثرة ذكر جميع الكائنات في عرصات التفصيل و ذلك الذكر هو الوجه المشار اليه في الاية كل شيء هالك الا وجهه فلكل شيء ذكر و وجه في ذلك المظهر المتكثر و اليه الاشارة بقوله تعالي و كل شيء احصيناه في امام مبين و كل شيء احصيناه كتابا و بقوله هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون و بقوله بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم مع انه قال تبيانا لكل شيء و قال ما فرطنا في الكتاب من شيء فذلك المظهر المتكثر في مقام العلية هو اللوح المحفوظ و ذلك المظهر المتوحد هو القلم الجاري ولكن بين هذا اللوح و لوح العلم الاول الازلي الذي اشرنا اليه ان العلم الازلي لايزيد فيه و لاينقص و لايمكن فيه التغير و التبدل و هذا اللوح فيه مبادي جميع مايجري في الالواح الثلثة التفصيلية و كل ما يمحي فيها يمحي به و كل ما يثبت فيها يثبت فيه و هو علة جميع ما فيها و مبدؤها و مثلهما ما هو مثبت في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۲ *»
نفسک من تصور ما توجده و تصنعه فانت تعلم في نفسك ما انت صانعه و ما انت ممحيه و ما انت مثبته قبل صنعك و مع صنعك و بعد صنعك ولكن قد يبدو لنفسك شيء فينقلب عزمك و يتغير و اذا تغير لمتنس ماكان فيها قبل و انما ثبت معه شيء آخر الا تري انك تعزم علي ان تكتب في الكتاب الفا ثم تمحوه و تكتب باء فان كتبت و محوت و اثبتت علي ما في عزمك فعلت و ان بدا لك في نفسك و عزمت علي ان تكتب باء ثم تمحوه و تكتب جيما لمتنس ما كنت عازما عليه قبل و تقول عرفت الله بفسخ العزايم و نقض الهمم و قال علي7 عرفت الله بفسخ العزايم و حل العقود و كذلك مبدء الكثرة يمكن ان يبدو فيه ما لميكن و اذا بدا له لمينس ماكان عازما عليه قبل و هو يوافق العلم الازلي فيما مضي و ان لميوافقه فيما يأتي بخلاف الالواح الثلثة التفصيلية فانه اذا محي منها شيء فقد منها ثم ليس فيها الا ما اثبت ثانيا كما انك اذا محوت عن الكتاب الالف و كتبت باء ليس بعد الف فيه فهذا هو الفرق بين الالواح و هذا اللوح المحفوظ المشار اليه في قوله7 انا صاحب اللوح المحفوظ فالمراد به لوح مبدء الكثرة و لاجل ذلك قال لولا آية في كتاب الله لاخبرتكم بماكان و ما يكون الي يوم القيمة يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الكتاب و اعلم ان المراد بمبدء الكثرة هذا النفس الكلية و هي اللوح المحفوظ كما ان المراد بمبدء الوحدة العقل الكلي و هو القلم الجاري فالنفس الكلية فيها وجوه الكثرات و مباديها جميعا و هي باطن ليلة القدر التي يفرق فيها كل امر حكيم و يأتي فيها مبادي جميع ما في السنة ثم يفصل في اوقات السنة شيئا بعد شيء ولكن ليس يمضي في ليلة القدر جميع ما في السنة مفصلا لانها تمضي في اوقات السنة و اما في ليلة القدر فهي جمل و امثل لك مثالا ظاهرا تكشف عن باطن ان الامور في ليلة القدر بمنزلة قولك كل شيء طاهر حتي تعلم انه قذر و قولك اذا شككت فابن علي اليقين و امثال ذلك و اما في عرض السنة فيجري تلك الاحكام في كل شيء شيء و مورد مورد فما في ليلة القدر محتوم ممضي جملا لا مفصلا و في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۳ *»
عرض السنة يقع شيء بعد شيء مفصلا و لاجل ذلك يحتمل فيها البداء التفصيلي بان لايقع الشيء اليوم و يقع غدا و اما ان لايقع و كان في ليلة القدر انه يقع فلايكون فافهم ذلك فالعلم الذي في صدر الامام7 هو العلم الجملي و يجري الله جل جلاله الخلق من نوره علي حسبه فان بدا لله في الخلق او لميبد كان في ذلك اللوح الذي هو صدر الامام نعم قد يقع البداء في نفس ما في صدر الامام فيبدو لله عزوجل فيه اولا ثم يشرق منه في الخلق كما شاء الله كماتري ان جميع الانوار تابعة للسراج و لربما يبدو لك فتمد السراج مدا او تغيره فاذا غيرته تغير جميع الانوار علي حسبه و لاجل ذلك قالوا يحتمل فيما اخبرنا به البداء.
بقي شيء و هو انه قد يقع منهم اخبار بالغيب في محل التحدي فيقع و يشكل فهم ذلك جدا اما في الظاهر فيقال ان الله جل و عز يوحي اليهم بوحي خاص ان الامر الفلاني يقع و لابد منه و لا بداء فيه فيخبرون في مقام التحدي فيكون كما اخبروا و اما عند الحكيم فيشكل درك ذلك ان الله جل و عز كيف يخبرهم و ما معني يخبر و لايصعد بهم الي مقام ذاته ليطلعوا علي العلم الاول و العلم الامكاني الاجمالي ليس فيه تعين شيء حتي يعلموا منه المحتوم و غير المحتوم و العلم الكوني التفصيلي يحتمل فيه البداء نعم اشهدهم الله خلق السموات و الارض و خلق انفسهم و اتخذهم اعضادا في خلقه بلاشك و هذه الشهادة لاتزيد علي عالم الخلق و الكثرة و عالم الخلق و الكثرة مما يحتمل فيه البداء اعلم ان كثيرا مما يخبرون به في مقام التحدي مما قد شهدوه و لميشهده غيرهم او لميخلق بعد و سيخلق و هم يعلمون نوعا ان هذين لايقع فيهما البداء ابدا و ان كان يقدر الله علي تغييره لانه يخالف الحكمة و الله عزوجل لايخالف الحكمة او اخبر الله عزوجل به نوعا و هم يرون ان عدم وقوع ذلك قبيح و ينافي الحكمة كما انك تعلم علما يقينيا ان الله سبحانه لايدخل نبيه النار و لايفني الجنة و ان الله لايكذب و لايفعل الا الاصلح و لايفعل فعل السفهاء و لايفعل القبيح و هكذا و لمتبلغ رتبة الازل و جميع ما في الخلق يحتمل فيه الوقوع و عدم الوقوع ولكن تعلم مما علمك الله كلية و جملا ان ذلك كذلك و كذلك هم صلوات الله عليهم يعلمون بما علمهم الله
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۴ *»
جملا بعض الامور انها تقع او لاتقع و لاتخالف الواقع و ذلك معني انهم يخبرون بان ذلك محتوم و لايقع فيه البداء هذا و ان الله سبحانه لايغير ما يغير بمقتضي ذاته تعالي و تقدس و انما يغير و يبدل بمقتضي ما في الامكان كما قال عز من قائل ان الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم و هم سلام الله عليهم علة جميع الكاينات فلايكون فيه قابل و لا مقبول الا و هو شعاع نورهم فلايتغير شيء مما في الامكان عما كان الا بهم بكم سكنت السواكن و تحركت المتحركات فاذا عزموا صلوات الله عليهم ان يكون شيء كذلك و هو عزم الله و ارادته فلايحدث في القوابل ما يوجب التغيير و يتفق العلل و الاسباب علي كون ذلك الشيء فيقع حتما و لايقع فيه بداء و اعلم ان الاشياء اما لايجوز فيه البداء ابدا و اما يجوز و لايقع و اما يجوز و يقع فما اخبروا به علي وجه التحدي مما يجوز فيه البداء ولكن لايقع فيه البداء و لايكذب الله نبيه الذي هو لسانه فكما لايكذب و يقبح منه الكذب لايكذب نبيه و حجته فيقع لامحالة الا ان يكون اخبر علي غير جهة الحتم فيحتمل فيه البداء و ربما يقع بالجملة علي صلوات الله عليه هو صاحب اللوح المحفوظ اي النفس الكلية كما ان محمدا9 هو صاحب القلم الجاري اي العقل الكلي و جميع ما خلقه الله عزوجل او سيخلقه فانما يجريه اولا بذلك القلم علي ذلك اللوح ثم يشرق من ذلك اللوح علي الالواح الجزئية التي هي جميعا شئون ذلك اللوح الاعظم المحفوظ و اولاده و وجوهه و اوراقه و سطوره و كلماته و حروفه و معني كونه محفوظا انه محفوظ ما اثبت فيه لايخرج منه قال الله عزوجل قال فمابال القرون الاولي قال علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي و لاينسي و لكل ما ذكرناه اخبار و آيات قد تركنا ذكرها خوف الاطالة ولكن وضعنا في كلماتنا اشارات الي تلك الاخبار فمن كان متتبعا في الاخبار تنبه من تلك الاشارات الي اصول اخبارها و آثارها.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۵ *»
قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب و صار محمد يس و القرآن الحكيم و صار محمد ن و القلم و صار محمد طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقي و صار محمد صاحب الدلالات و صرت انا صاحب المعجزات و الايات و صار محمد خاتم النبيين و صرت انا خاتم الوصيين و انا الصراط المستقيم و انا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و لا احد اختلف الا في ولايتي و صار محمد صاحب الدعوة و صرت انا صاحب السيف.
اعلم ان الله عزوجل كما سمي نبيه9 باسماء معروفة كمحمد و احمد و امثال ذلك سماه بصفات كالذكر و الرسول و الخاتم و امثال ذلك و كما سماه باسماء و صفات سماه بحروف مثل يس و طه و حم و ن و ص و امثال ذلك و لكل واحد وجه اما تسميته بيس فقد روي عن ابيجعفر7 ان لرسول الله9 عشرة اسماء خمسة في القرآن و خمسة ليست في القرآن فاما التي في القرآن فمحمد و احمد و عبدالله و يس و ن الخبر فهي اما من جهة ان س اسمه و ياء حرف النداء و اما كلاهما اسم له فان اخذ يا حرف النداء و س اسمه فلاجل ان سين من بين الحروف اختص بمطابقة زبره مع بينته فان س له من العدد ستون و الياء و النون ايضا ستون و ذلك خصوصية لس ليس لساير الحروف و الزبر هو المسمي و الموصوف و البينات هي الاسم و الصفة فهو صلوات الله عليه و آله يطابق باطنه ظاهره و ظاهره باطنه و وجوده ماهيته و ماهيته وجوده لكمال الاتحاد الذي بينهما و كونهما اول ماخلق الله و لايوجد هذه المطابقة الا فيمن يقدر ان يقول انا محمد و محمد انا و هو مع ذلك قطب الحروف و وسطها يتقدمه اربعة عشر و يتأخر عنه اربعة عشر كما انه صلوات الله عليه و اله قطب جميع الحروف الكونية عليه يدور رحاها و لاجل ذلك صار قلب القرآن كما روي عن النبي9 ان لكل شيء قلبا و قلب القرآن يس انتهي و قد وقع في النصف الاخر كما ان قلب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۶ *»
الانسان وقع في الجانب الايسر و يمكن ان يقال ان يا و سين كليهما معا اسم و يشهد بذلك قوله تعالي سلام علي آل يس يعني آل محمد: و هما معا قواهما سبعون و هو قوي كن و هو قطب الوجود و عليه يدور رحي ما في الغياب و الشهود فهو9 محل مشية الله و وكر ارادته و مظهر امره فلاجل ذلك سمي بيس و اما في القرآن الحكيم فهو علي7 لانه الكتاب الناطق الذي احصي كل شيء فيه كما قال و كل شيء احصيناه في امام مبين و اشار اليه في الباطن بقوله الرحمن علم القرآن اي علم عليا علم ماكان و مايكون كما قال علمته علمي و علمني علمه و باطن قوله هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق و قال تعالي شأنه بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم و هو الذي اوتي العلم بكله و جميع افراده و القرآن مثبت في صدره بقلم ابداع الله جل جلاله فافهم و يس اي محمد قلب القرآن اي علي8 لانه قلبه و اميره و قطبه يستمد منه و يطيعه في جميع حركاته و اما قوله صار محمد ن و القلم فقد اشرنا سابقا ان النون هو الدواة الاولي و الماء الذي خلقه الله قبل كل شيء ثم خلق منه كل شيء و هو مبدء كل حيوة و كل حي فقد سئل ابوعبدالله7 عن ن و القلم و ما يسطرون فقال في حديث طويل و اما ن كان نهرا في الجنة اشد بياضا من الثلج و احلي من العسل قال الله له كن مدادا فكان مدادا ثم اخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال و اليد القوة و ليس بحيث تذهب اليه المشبهة ثم قال لها كوني قلما ثم قال له اكتب فقال يا رب و ما اكتب قال ما هو كاين الي يوم القيمة ففعل ذلك ثم ختم عليه و قال لاتنطقن الي يوم القيمة و عن سفيان بن سعيد عن الصادق7 في حديث فاما ن فهو نهر في الجنة قال الله له اجمد فجمد فصار مدادا ثم قال للقلم اكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما هو كائن الي يوم القيمة فالمداد مداد من نور و القلم قلم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۷ *»
من نور و اللوح لوح من نور قال سفيان فقلت له يابن رسول الله بين لي امر اللوح و القلم و المداد فضل بيان و علمني مما علمك الله فقال يابن سعيد لولا انك اهل للجواب مااجبتك فن ملك يؤدي الي القلم و هو ملك و القلم يؤدي الي اللوح و هو ملك و اللوح يؤدي الي اسرافيل و اسرافيل يؤدي الي ميكائيل و ميكائيل يؤدي الي جبرئيل و جبرئيل يؤدي الي الانبياء و الرسل قال قال لي قم يا سفيان فلاآمن عليك انتهي فن هو رسول الله9 لانه هو المداد الاول و الماء الاول النازل من سحاب المشية و هو الذي خلق الله الكاينات من نوره فمادة كل شيء من نوره صلوات الله عليه و اله كما اشرنا اليه قبل و نوره هو المتطور باطوار جميع الكاينات فالكل تمثلاته و ظهوراته
ما في الديار سواه لابس مغفر
و هو الحمي و الحي و الفلوات
و انما عبر عنه بالنون لانه ظل ادني المشية المعبر عنها بكن الا تري ان كل نور من ظاهر منيره و ادني مراتبه يحكي ادني مراتبه فهو في هذا المقام ن قد ظهر المراتب الخمسة التوحيدية في جميع مراتب وجوده العشر فكان نونا هذا و النون هو الحوت المشتق من الحيوة و هو ذلك الماء الذي منه كل شيء حي و اما القلم المحلوف به فهو علي7 كما سئل ابوالحسن موسي7 عن قول الله ن و القلم و ما يسطرون قال فالنون اسم لرسول الله و القلم اسم لاميرالمؤمنين انتهي و هو المشار اليه بقوله اقرأ و ربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لميعلم فالله جل جلاله علم الانسان باميرالمؤمنين7 ما لميعلم من امر التوحيد فمادونه الي ارش الخدش فانه معلم الكل و لو لميجر القلم بماتعلم من ن علي لوح الكاينات لماعلم احد من المذروءات شيئا فقوله7 فن ملك يؤدي الي القلم و هو ملك و القلم يؤدي الي اللوح و هو ملك فهذه الملائكة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۸ *»
من الملائكة العالين الذين لميسجدوا لآدم و لا لاحد من خلق الله و ساير ملائكة الرحمن يتعلمون منهما و نسب الكلمتين في الايتين الي محمد9 من اجل انه محمد و محمد هو فصار محمد يس و القرآن الحكيم يعني في مقام الجمع مع ان يس هو محمد و القرآن هو علي8 في مقام الفرق و كذلك صار محمد9 ن و القلم و ما يسطرون في مقام الجمع و اما في مقام الفرق فن محمد و القلم علي8 و كون علي7 قلما في هذا المقام مع انا قلنا ان القلم هو رسول الله و اللوح هو علي8 لاينافي ما مر فان شيئا واحدا يكون له دلالة علي شيء بالنسبة الي شيء و دلالة علي شيء آخر بالنسبة الي شيء آخر الا تري ان شيئا واحدا يكون مثلا ذاتا بالنسبة الي مادونه صفة بالنسبة الي مافوقه فمن حيث الذاتية يكون له دلالة و من حيث الوصفية له دلالة و كذلك رجل واحد اب من جهة و ابن من جهة و من حيث الابوة له دلالة و من حيث البنوة له دلالة اخري فاذا اعتبرت القلم مع اللوح فالقلم آية محمد و اللوح آية علي و ان اعتبرت القلم مع النون فالنون آية محمد و القلم آية علي فافهم.
و اما قوله و صار محمد طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقي فاعلم ان طا قواه تسعة و هي تمام الاحاد و مبادي الاعداد عليه يدور رحي جميع المراتب و كل الاعداد من تنزلاته و تنزلات تنزلاته و هكذا و الهاء هو تنزل الالف بعد حركته اليه و قواه خمسة و هي مع التسعة اربعة عشر و الهاء قطب التسعة عليه يدور رحاها و اذا ضرب الطا في الها حصل مه و اذا ضرب الطاء في نفسه حصل فا فاذا تطرفا الطا حصل فاطمة و هي مجمع الاربعة عشر و الطا بزبره و بينته عشرة و الها ستة فاذا ضرب العشرة في الستة حصل ستون و هو س كما مر انه اسم محمد9 و اذا ضرب عشرة في خمسة حصل ن و هو ايضا اسم محمد9 فعلي اي حال طه هو مجموع الاربعة عشر و هو محمد في مقام الجمع و قوله ما انزلنا عليك القرآن لتشقي هو علي7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۲۹ *»
انزله الله عليه لينعم لا ليشقي و يتعب لانه نعمة الله عليه و هو الكتاب الناطق الذي انزله الله علي محمد9 الذي احصي الله كل شيء فيه كما قال و كل شيء احصيناه في امام مبين و هو ناصره و معينه و يده و سيفه و نعيمه و جنته و روحه و ريحانه.
و اما قوله و صار محمد صاحب الدلالات و صرت انا صاحب المعجزات و الايات اعلم ان محمدا9 هو الدليل في الخلق يدل علي الله و علي توحيده و صفاته و اسمائه و افعاله و عبادته و علي محابه و مساخطه و يدل علي الانبياء من قبله و علي الاوصياء من بعده و يدل علي الجنة و ما يقرب منها و علي اسباب دخول النار و ما يقرب منها و يدل علي الابرار و ولايتهم و يعرف الفجار و البراءة منهم و هكذا فهو صاحب الدلالات و اما كونه7 صاحب المعجزات و الايات اما بحسب الظاهر فمعناه انه و ان لميكن صاحب الدلالات الابتدائية كما ان محمدا9 كذلك بقوة ما جعل الله فيه من انواره و اودعه من اسمائه لكنه صاحب المعجزات و الايات علم من اسماء الله ما يفعل به المعجزات و الايات الباهرات ما يثبت حقيته لمن لميصله النصوص الواضحات و كذلك يثبت به صدق محمد9 و الانبياء السابقين و الاوصياء اللاحقين و لك ان تقول ان محمدا9 في عالم الظاهر هو الدليل يدل الي علي7 في الباطن و هو المدلول عليه و شواهد دلالته التي هي المعجزات و الايات انا صاحبها و مجريها علي يديه فان الولاية الباطنة مقدمة علي النبوة الظاهرة و ان كانت النبوة الباطنة مقدمة علي الولاية الباطنة و النبوة الظاهرة مقدمة علي الولاية الظاهرة و انما مثلهما باطنين كالعرش و الكرسي و ظاهرين كالشمس و القمر فالشمس هي الدليل يدل علي ما خفي من امر العرش و الكرسي ولكن الكرسي هو صاحب انوار الشمس و بنوره و قوته تدل و تنير و تحكي ماوراءها فافهم و لك ان تقول ان محمدا9 هو آية الذات
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۰ *»
لانه الذات الظاهرة و علي7 آية الصفات و الافعال لانه ظاهر محمد9 و صفته و صورته فصار محمد صاحب الدلالت علي الذات بلااقتران و صار علي7 صاحب المعجزات و الافعال و الصفات التي تعجز عنها المعلولات و هو غامض لغير الحكماء.
و اما قوله صار محمد خاتم النبيين و صرت انا خاتم الوصيين فالخاتم قيل بفتح التاء مأخوذ من حلي الاصبع و كان المراد به الزينة و خاتم النبيين اي زينتهم و الجوهر الذي به يتزينون و هو بعيد جدا عن الفصاحة فلعله سمي به لانه به ختم علي صحيفة النبوة بعد ما تمت و بكسر التاء اي آخرهم و هو الاولي الافصح فهو9 آخر الانبياء لانه كان اولهم وجودا فصار آخرهم شهودا و تأخر ظهور المبدء الاول لان القوابل الخلقية لمااستكملت و صارت قابلة لان يظهر عليها المبدء ظهر كما ان العقل في الانسان اول ماخلق و انما يظهر فيه بعد ما استكمل قابليته و صفت و اعتدلت فهو مقدم وجودا و مؤخر شهودا و كذلك لماكان محمد9 اول ماخلق الله مقدما وجودا علي الكل تأخر ظهوره حتي يستكمل قوابل العالم و صارت قابلة لظهوره و تجلي نوره و لان البدء عودا يقع ختما فلاجل ذلك صار خاتما لجميع النبيين و كذلك علي7 صار خاتما للاوصياء الماضين لانه ايضا مقدم وجودا علي الكل و هو من نور محمد9 و كان معه في سابق رتبته فظهر في آخر الاوصياء و ان قلت ان الائمة: هم اوصياء ايضا و هم جاءوا بعده فكيف هو خاتم الاوصياء قلت انهم جميعا نور واحد و طينة واحدة و من روح واحد و اولهم علي و آخرهم علي و كلهم علي صلوات الله علي جميعهم لافرق بينهم و يحتمل ان يكون آخر الاوصياء في الكرة في الوقت المعلوم حيث يقاتل ابليس في الروحا و يمكن ان يكون هو آخر الاوصياء صعودا الي السماء عند قرب القيمة ثم بعده يصعد محمد9 و يكون الهرج اربعين صباحا حتي ينفخ في الصور فهو خاتم الاوصياء بهذه المعاني علي ما ذكرنا.
و اما قوله و انا الصراط المستقيم اي المعهود في القرآن حيث يقول و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۱ *»
هذا صراط علي مستقيم و يقول اهدنا الصراط المستقيم او المعهود في السنة ان لله صراطا مستقيما او المراد جنس الصراط المستقيم الي كل خير فكل صراط و وسيلة الي كل خير هو هو كما يأتي و الصراط هو الطريق و فيه لغة بالسين و المستقيم المستوي الذي لاانحراف له و لا ميل الي جهة من الجهات المتطرفة عن المقصد كالعمود القائم علي الارض غير المائل الي جانب و الصراط المستقيم الطريق الممتد من عند السالك الي المقصد علي نحو الاستقامة فلاينحرف الي المضلات كما قال علي7 اليمين و الشمال مضلة و الطريق الوسطي هي الجادة و هو7 هو الصراط المستقيم الي الله سبحانه فان من توجه اليه رأي الله سبحانه ظاهرا في منتهي نظره كما قال7 جالسوا من يذكركم الله رؤيته و عن النبي9 من رآني فقد رأي الحق كما ان طريق بلد هو الذي اذا واجهته رأيت ذلك البلد في منتهاه و ذلك لظهوره في مرآة ذلك الطريق و وقوع شبحه الذي لايصدر الا علي الاستقامة عليه فيري الناظر ذلك البلد اذا وقف في بطن الطريق متوجها الي منتهاه و كذلك هو7 صراط بين الله و بين خلقه فمن توجه اليه رأي انوار التوحيد ظاهرا من وجهه لانه عند الله عزوجل بمنزلة الزيت عند النار حيث عمل فيه النار حتي كلسته و بددت رطوباته و طردت برودته فبقي فيه الاجزاء الترابية و الاجزاء النارية المتقوية بالنار الواصلة اليها من الخارج مع قليل رطوبة فصعد بقوة النار دخان لطيف رقيق صيقلي متصل الاجزاء متشاكلها فعملت فيها النار و شددت عليها و كان شأن الدخان السواد للاجزاء الترابية من ساير العناصر و اقتضاء البرودة و اليبوسة السواد و الانقباض و التراكم و الاستتار و تلك الرطوبة القليلة الباقية تقتضي بياضا من نفسها و سوادا في الاجزاء الترابية لضم بعضها الي بعض كماتري من انه يسود التراب اذا صب عليه ماء و كان شأن النار الانتشار و الانبساط و الانفتاح و الوضوح و البيان و تقتضي لونا بينا ظاهرا غاية الظهور فلما تركب لون النار و الماء و التراب حصل بينها الحمرة و لماكان يشوبه قليل رطوبة مال الي الصفرة و برق لصقالة الدخان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۲ *»
و اقتضاء النار الوضوح فصار شعلة و لسنا بصدد بيانها فالنار الجوهرية الغيبية قد عملت في الدخان حتي اشعلته فاتخذته مظهرا لنفسها حتي اعطته اسمها و حدها فيسمي في عالم الظاهر بالنار فهي اي الشعلة النار الظاهرة او ظاهر النار و هي ممسوسة بالنار و اليه الاشارة بقوله يكاد زيتها يضيء و لو لمتمسسه نار فالزيت ممسوس بالنار بالجملة الشعلة صراط مستقيم الي النار للانوار ليس صراط اقوم منها الي النار و لا اقرب اليها منها كيف لا و هي ممسوسة بها وهي ظاهرة منها لا من غيرها و ليست بالفعل الا فيها و لولاها ماعرفت النار و لا رؤي ضوؤها و بريقها و التماعها البتة فمن عرف الشعلة عرف النار و من جهلها جهل النار و من تخلي عنها فقد تخلي عن النار و من توجه اليها فقد توجه الي النار و من اعرض عنها فقد اعرض عن النار و هي باب النار ترفع الانوار ايدي ضراعتها اليها و تشخص ابصار آمالها اليها و تقصد بخالص توجهها اليها حين ارادتها النار في الزيارة من اراد الله بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم و لك ان تقول انه7 الصراط المستقيم الي محمد9 فانه المشتعل بنوره صلوات الله عليه و اله اذ هو نفسه و انيته و ماهيته يقوم هو به قيام ظهور و تجل و هو9 ظاهر به كما ظهر امره به و هو7 مخلص فيه متبع لامره هاد اليه داع اليه فهو7 الصراط المستقيم الي محمد9 متبع له في جميع اقواله و افعاله لايتبع الظنون و الاهواء و الاراء في دين الله جل جلاله و لايشير الي غيره و لايدعو الي سواه و كذلك هو سبيل الله الي خلقه في خلقه يعني ان الله سبحانه يجري به و علي يديه جميع ما يريد ان يجري الي خلقه من معرفة توحيده و اسمائه و صفاته و افعاله و محابه و مساخطه و امداده و فيوضه الكونية و الشرعية فلايصل الي احد من اهل العالمين شيء الا بهم صلوات الله عليهم فهو صلي الله عليه الصراط المستقيم من الله الي خلقه و من الخلق الي الله جل و عز.
و اما قوله و انا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و لا احد اختلف الا في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۳ *»
ولايتي
اعلم انه7 هو نبأ الله الذي نبأ خلقه به فنبأ الله به خلقه عن وحدة ذاته و واحديته في صفاته و واحديته في افعاله و واحديته في عبادته و نبأ به عن اسمائه و صفاته و افعاله و انواره جميعا و نبأ به عن ماكان و مايكون الي يوم القيمة و نبأ به عن مراضيه و مساخطه و نبأ به عن انبيائه المرسلين و غير المرسلين و عن علومهم و حكمهم و اسرارهم جملا و مفصلا و هكذا و لنعم ما قال الشاعر:
لو جئته لرأيت الناس في رجل
و الدهر في ساعة و الارض في دار
فلانبأ لله عز و جل اعظم منه بل هو النبأ الذي نبأ الله به محمدا9 في المقام الظاهر الشمس فهو نبي لانه نبئ بهذا النبأ و لميعرف حقيقة هذا النبأ علي ما هو عليه الا محمد9 قال يا علي ماعرفك الا الله و انا و اما ساير الناس فقد اختلفوا في هذا النبأ فمنهم من عرفه حق معرفته و منهم من عرفه منحرفا عن حق معرفته الي جهات لاتحصي و منهم من لميعرفه و من لميجعل الله له نورا فما له من نور بل لميختلف احد في شيء مع احد الا و كان الاختلاف في ولاية علي7 و ذلك ان الخلق الاول الذي هو علة العلل مركب من جهتين جهة الي ربه و جهة الي نفسه فخلق من جهته الاولي برزخ البرازخ و الواسطة الكبري بين الله و بين خلقه و ليس قولي انه خلق من الجهة الاولي انه خلق منها وحدها فان الله لميخلق شيئا فردا قائما بذاته بل خلق من الجهتين و الجهة الاولي فيه غالبة كما انه خلق الذكر و الانثي كلاهما من العقل و النفس و العقل في الذكر غالب فيه منه جزءان و من النفس جزء و النفس في الانثي غالبة و فيها منها جزءان و من العقل جزء فخلق من الجهة الاولي نور محمد9 و فيه من الجهة الثانية مسحة و خلق من الجهة الثانية نور علي7 و فيه من الجهة الاولي مسحة فالولي نفس النبي و انزل الله بذلك قرآنا و قال و انفسنا و انفسكم و قال ماكان لاهل المدينة و من حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله و لايرغبوا بانفسهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۴ *»
عن نفسه و هو ظاهره و صورته و محمد9 باطنه و معناه و غيبه و هذان الوجودان الكاملان في مقام الوحدة علة الكاينات و منير الموجودات قد افيض من الوجود المحمدي مادة الكل و جهة اتحادها و افيض من الوجود العلوي صورة الكل و جهة تمايزها و اليهما الاشارة بقوله7 ان الله خلق المؤمنين من نوره و صبغهم في رحمته فنوره هو نور محمد9 و جهة وحدة الكل لانه مدخول من و رحمته هو نور علي7 حيث قال كتب علي نفسه الرحمة و هو نفس الله القائمة فيه بالسنن و رحمة الله علي الابرار بالجملة الرحمة المكتوبة هي علي7 و ان الله صبغ المؤمنين في ولاية علي7 فالمؤمن اخو المؤمن ابوه النور و امه الرحمة فابوهم نور محمد9 و امهم الرحمة نور علي عليه السلام فصح انا و علي ابوا هذه الامة فمحمد ابوهم لان منه المادة و علي نفس رسول الله و خلق لكم من انفسكم ازواجا و الطيبات للطيبين فعلي ام المؤمنين و قال تعالي يصوركم في الارحام كيف يشاء فلا اختلاف في مقام المادة و انما جميع الاختلاف في الصورة ففي الارحام يتميز الذكورة و الانوثة و الحسن و القبح و غيرها و جميع اختلاف اهل العالم في صورهم لا في موادهم و الصور من علي7 و لذلك روي ليس الاختلاف في الله و لا في و انما الاختلاف فيك يا علي نعم من الناس من صبغ في باطن الولاية و هو الرحمة علي الابرار و منهم من صبغ في ظاهر الولاية و هو النقمة علي الفجار و ذلك انه السور الذي ضرب بين الناس له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب اذ هو الباب المبتلي به الناس من اتاه فقد نجي و من لميأته فقد هلك فالناجي ناج به و الهالك هالك عليه و هو البينة التي كان رسول الله علي بينة من ربه ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة بالجملة علي7 هو اصل الصور جميعا و اصل جميع الاختلافات
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۵ *»
فما اختلف جميع الكاينات الا في الصورة المفاضة منه7 و تلك الصورة المفاضة ان لميغيرها مغير من القوابل ظهرت علي وفق صورة العلة علي ما هي عليه و ان غيرها مغير ظهرت علي حسب القابلية المغيرة فالصورة المتغيرة هي المنكرة للعلة و علي خلاف كينونته ينكرها و يتبرأ منها و هي صورة خارج الباب و الصورة المبغوضة للعلة الساكنة في دار غضبه و هي سجين و ان كان قوامها بشبح العلة المنفصل و الصورة غير المغيرة هي الموافقة لشبح العلة المنفصل و هي المحبوبة للعلة الساكنة في دار حبه و هي عليون و هذه الصورة هي ولاية الولي المفاضة علي الكائنات لانها هي التي عندهم من الولي و ما افيض عليهم من ذكر الولي و النسبة بينه و بينهم فبها يحبونه و يحبهم و علي حسب اختلاف مراتب الموافقة اختلافهم في المحبة و الولاية فافهم و نحن و ان لمنستقص المسألة بتطويل ذيل الكلام لكنا وضعنا في هذا المختصر كل شيء تريد علي نحو الاشارة و العاقل تكفيه و الجاهل الافها لاتغنيه بالجملة فعلي7 هو النبأ الذي نبأ الله سبحانه به خلقه منه فاختلفوا فمنهم من آمن و منهم كفر فكل من اختلف في التوحيد او الرسالة او الامامة او المعاد او شيء من الحكم او الفروع او الحقايق او غيرها فقد اختلفوا في الولي و لك ان تسميه النبأ لان رسول الله9 نبأ به امته و رعيته عن الله سبحانه و اخبرهم بان الله سبحانه نصبه خليفة له بعده او هو جميع ما انبأ النبي9 امته و رعيته كما قال انا صلوة المؤمنين و صيامهم و كما في الزيارة ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه فهو جميع ما بعث به رسول الله9 و جاء به فمن اقر به فقد اقر بما جاء به النبي و من انكره فقد انكر جميع ما جاء به النبي و لذلك قال الله عزوجل يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك و ان لمتفعل فمابلغت رسالته فناط عدم تبليغ الرسالة بعدم ابلاغ الولاية فكأنه اذا لميبلغ الولاية لميبلغ الرسالة مطلقا فهو ما جاء به الرسول و انبأ به و انما اختلفت الامة الي ثلث و سبعين فرقة فيما جاء به النبي و في دينه و كل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۶ *»
يستدل بقوله و يستند الي حديثه و الفرقةالناجية من اخذ بجميع ما جاء به النبي9 و هو هو فافهم.
و اما قوله صلي الله عليه و صار محمد صاحب الدعوة و صرت انا صاحب السيف فمحمد صاحب الدعوة لان الله سبحانه امره بذلك و قال ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة فقال ادعو الي الله علي بصيرة انا و من اتبعن فهو داعي الخلق الي الله سبحانه بنار التكليف و جاذبهم اليه بقوة الحرارة التي له من اثر المشية التي هي الحركة الايجادية فلما طرح انواره الجاذبة اليه علي عرصات الامكان و كانت حارة بحرارة المشية التي هي عالم احببت ان اعرف دعا القوابل بجذبه الي الله سبحانه فاختلفت القوابل في الانجذاب فساع سريع نجا و متأخر بطيء رجا و مقصر في النار هوي فمن كان من القوابل لطيفا خفيفا صافيا انفعل و انجذب و صعد و من كان قابلا للصعود و كان له عارض تبطأ الي زوال العارض و من كان كثيفا غليظا غير منفعل لميجب و لمينجذب و في اثناء هذه المقامات درجات لاتحصي فلاجل ذلك صار محمد9 صاحب الدعوة و البينات و الزبر و الحجج علي دعوته ما يكفي العباد و يكتفي به كل احد ما لميكن من اهل العناد و قد دعا صلوات الله عليه و آله اهل جميع العوالم بكتابه المنزل و شرعه المفصل كما قال الله تعالي تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيرا و دعا كل شيء بلسانه فانه الرسول الي الكل و الله يقول و ما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه فدعا كل شيء بلسانه الي الله سبحانه و الي شرعه كما قال الله عزوجل كل قد علم صلوته و تسبيحه و قال و ان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم و دعوته صلوات الله عليه و آله دعوتان دعوة جوانية في كينونات الاشياء حيث خلقت من نوره فدعا القوابل الامكانية بالسنة وجوداتها و كينوناتها فاجابت بانفعالاتها و امتثالاتها و هو قوله سبحانه انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون و دعوة برانية و هي علي نوعين برانية كونية و هي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۷ *»
ما يلقي من سموات كل رتبة التي هي مجالي افعاله و ايدي تدبيره علي ارضي كل رتبة من الانوار للتكميل و استخراج ما في كوامنها فمنها ما اجابت و اسرعت و منها ما اجابت و ابطأت و منها ما لميجب و جميع ذلك دعوته فان الله عزوجل اذا اراد شيئا القاه الي روح القدس و هو عقله9 فالقاه الي النجوم و جرت به كما روي عن ابيعبدالله7 ان الله تبارك و تعالي خلق روح القدس و لميخلق خلقا اقرب اليه منها و ليست باكرم خلقه عليه فاذا اراد امرا القاه اليها فالقاه الي النجوم فجرت به هذا و هو حيوة الكل به تحركت المتحركات و سكنت السواكن فلافعل للسموات في الارضين الا به و هو دعوته و برانية شرعية و هو بدعوته الفصلية الظاهرة حيث دعا العباد بعد ما ظهر لهم بالبشرية المعروفة و اظهر لهم خفايا التوحيد و اسرار التفريد و ابدي لهم الشرايع و الاحكام و الحلال و الحرام و مصالح الانام فدعاهم الي الله عزوجل و الايمان به و اليوم الاخر و الي رسالته و شريعته و ولاية اولياء الله و البراءة من اعداء الله فهذا هو دعوته الظاهرة الي الله عزوجل و اتي9 علي اثبات دعوته بالبينات الواضحات حتي ما ابقي لذي مقال مقالا.
و اما قوله و انا صاحب السيف اي السيف الذي جاء به محمد9 و بعث به و ذلك خمسة سيوف ثلثة منها شاهرة فلاتغمد حتي تضع الحرب اوزارها و لن تضع الحرب اوزارها حتي تطلع الشمس من مغربها فاذا طلع الشمس من مغربها امن الناس كلهم في ذلك اليوم فيومئذ لاينفع نفسا ايمانها لمتكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا و سيف منها مكفوف و سيف منها مغمود حكمه اليهم صلوات الله عليهم و سله الي غيرهم فاما السيوف الثلثة المشهورة فسيف علي مشركي العرب قال الله عزوجل اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد الاية فهؤلاء لايقبل منهم الا القتل او الدخول في الاسلام و السيف الثاني علي اهل الذمة قال الله تعالي قاتلوا الذين
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۸ *»
لايؤمنون بالله و لا باليوم الاخر و لايحرمون ما حرم الله و رسوله و لايدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون و السيف الثالث سيف علي مشركي العجم يعني الترك و الديلم و الخزر قال الله عزوجل فضرب الرقاب حتي اذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد و اما فداء حتي تضع الحرب اوزارها و اما السيف المكفوف فسيف علي اهل البغي و التأويل قال الله عزوجل و ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما علي الاخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء الي امر الله و اما السيف المغمود فالسيف الذي يقوم به القصاص قال الله عزوجل النفس بالنفس فسله الي اولياء المقتول و حكمه الي آل محمد: فهذه السيوف التي بعث بها محمد9 و اميرها و عمادها و قوامها و شاهرها و ضاربها و المقاتل بها علي يدي من كان هو علي7 في الزيارة ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه فاينما شهر سيف في سبيل الله و ضرب به و قوتل به فمحركه و صاحبه علي7 و ذلك ان السيف لازالة الاعداء و دفع الاخابث و تطهير الارض و هو في مقام يذكر فيه الاعداء المنافرون المتباينون و ذلك في مقام الصورة لا المادة فولاية الاولياء و التأليف و الاتحاد و الدعوة و الضم راجع الي محمد9 و البرائة من الاعداء و التفريق و التمييز و القطع و الفصل راجع الي علي7 فلذلك صار محمد9 صاحب الدعوة و صار علي7 صاحب السيف.
قال صلي الله عليه و صار محمد نبيا مرسلا و صرت انا صاحب امر النبي9 قال الله عزوجل يلقي الروح من امره علي من يشاء من عباده و هو روح الله لايعطيه و لايلقي هذا الروح الا علي ملك مقرب او نبي مرسل او وصي منتجب فمن اعطاه الله هذا الروح فقد ابانه من الناس و فوض اليه القدرة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۳۹ *»
و احيي الموتي و علم بها ماكان و مايكون و سار من المشرق الي المغرب و من المغرب الي المشرق في لحظة عين و علم ما في الضماير و القلوب و علم ما في السموات و الارض.
اعلم ان الروح خلق من خلق الله اعظم من جميع ملائكته و اقرب الي الله تعالي من جميعهم و هو الحيوة السارية فيهم به يتحركون و به ينزلون و يصعدون و به يسبحون و به يعملون اعمالا وكلوا بها كما قال الله عزوجل ينزل الملائكة بالروح من امره و هذا الروح مخلوق من امر الله المفعولي كماقال الله عزوجل يسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي يعني مادته امر الله المفعولي المشار اليه في قوله و كان امر الله مفعولا و امر الله المفعولي هو اول نور صدر من امر الله الفعلي المشار اليه بقوله له الخلق و الامر فالله سبحانه خلق امره الاول بنفسه لا بامر سابق اذ لاسابق عليه و لا بذاته اذ لاتنقلب الذات عما هي عليه فلما اكمل خلقه اشرق منه نور هو علي صفته و هيأته و مثاله فهو امر الله المفعولي ثم اخذ من هذا النور و خلق منه الروح و هو المشار اليه بقوله و اوحينا اليك روحا من امرنا فهذا هو الروح من امر الله و هذا الروح اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش ليس لله عزوجل خلق اعظم منه قد ملأ بجثته الشريفة جميع العوالم الخلقية بحيث لميخلق منه موضع خردلة و هو حيوة الكل و علة العلل و وسط الكل و المحيط بالاشياء من جميع جهاتها عالم بما مضي و ما سيأتي من الازمان و الدهور الملكوتية لايخفي عليه شيء في السموات و الارض و لايعجزه شيء و نسبته الي الف الف عالم علي حد سواء و قد خص الله محمدا و آل محمد: بتأييد هذا الروح و هو معهم اينما كانوا و قد انزله الله علي محمد9 ثم لميصعد و لايصعد الا قبيل القيمة حين يصعد محمد و ال محمد: عن الارض و يبقي اهل الارض في هرج و مرج فهو معهم سلام الله عليهم يعلمون به ماكان و ما يكون الي يوم القيمة و يقدرون به علي ما يشاءون و هو لايلهو و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۰ *»
لايسهو و لايخطي و لايزل و لميكن بكليته مع احد من الانبياء و انما كان بوجوهه و رؤسه معهم يسددهم علي النبوة و هو قوله في عيسي7 و ايدناه بروح القدس و قد عبروا صلوات الله عليهم عن هذا الروح بتعبيرات عديدة كالعمود من نور و نور انا انزلناه في ليلة القدر و روح النبوة و روح القدس و الروح من امر الله و امثال ذلك و قد يفرق بين روح القدس و الروح من امر الله فيراد بالروح من امر الله الروح الملكوتي الذي هو تنزل العقل و هو حقيقة الانبياء و هو قوله رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره علي من يشاء من عباده فعن الرضا7 ان الله عزوجل ايدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك لمتكن مع احد ممن مضي الا مع رسول الله9 و هي مع الائمة منا تسددهم و توفقهم و هو عمود من نور بيننا و بين الله عزوجل الخبر و في رواية عن ابيعبدالله7 انا انزلناه نور عند الانبياء و الاوصياء لايريدون حاجة من السماء و لا من الارض الا ذكروها لذلك النور فاتاهم بها الخبر و عن المفضل بن عمر قال قلت لابيعبدالله7 سألته عن علم الامام بما في اقطار الارض و هو في بيته مرخي عليه ستره فقال يا مفضل ان الله تبارك و تعالي جعل للنبي9 خمسة ارواح روح الحيوة فبه دب و درج و روح القوة فبه نهض و جاهد و روح الشهوة فبه اكل و شرب و اتي النساء من الحلال و روح الايمان فبه امر و عدل و روح القدس فبه حمل النبوة فاذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار في الامام و روح القدس لاينام و لايغفل و لايلهو و لايسهو و الاربعة الارواح تنام و تلهو و تغفل و تسهو و روح القدس ثابت يري به ما في مشرق الارض و غربها و برها و بحرها قلت جعلت فداك يتناول الامام ما ببغداد بيده قال نعم و مادون العرش و قال7 ان الروح خلق اعظم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۱ *»
من جبرئيل و ميكائيل كان مع رسول الله9 يسدده و يرشده و هو مع الاوصياء من بعده و قال في قوله و كذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ملك منذ انزل الله ذلك الملك لميصعد الي السماء كان مع رسول الله و هو مع الائمة يسددهم و سئل عن قوله عزوجل يسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي قال خلق اعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع رسول الله9 و هو مع الائمة و هو من الملكوت و قال في حديث انما الروح خلق من خلقه له بصر و قوة و تأييد يجعله الله في قلوب الرسل و المؤمنين و قال ان الله تبارك و تعالي خلق روح القدس و لميخلق خلقا اقرب اليه منها و ليست باكرم خلقه عليه فاذا اراد امرا القاه اليها فالقاه الي النجوم فجرت به و قال في حديث فاذا مضي ذلك الامام الذي قبله رفع لهذا منار يبصر به اعمال العباد فلذلك يحتج به علي خلقه و قال ابوجعفر7 في حديث فاذا هو تكلم اي الامام رفع الله له عمودا يشرف به علي الارض يعلم به اعمالهم و قال ابوعبدالله في حديث في الامام و جعل له مصباح من نور يعرف به الضمير و يري به اعمال العباد و قال في رواية فاذا سقط من بطن امه اوتي الحكمة و جعل له مصباح يري به اعمالهم الي غير ذلك من الاخبار و المراد بالجميع هو ذلك الروح الملكوتي الذي خلقه الله اول شيء و هو من امر الله مادته امر الله المفعولي و صورته المعنوية الكلية مكانه الجبروت عظمته تسع الف الف عالم و ما من ملك الا و هو صادر من امره متحرك باذنه عامل بتأييده عالم بتعليمه و يسمي باسم العقل ايضا اذ هو عقل الكل و هو عقلهم صلوات الله عليهم و هو اقرب الخلق الي الله عزوجل و ليس باكرمهم عليه فانه بعضهم و روحهم و الكل اكرم من البعض قال العسكري7 ان روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة و هي باكورة الوجود لمتذق قبل فاول من ذاقها هو روح القدس
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۲ *»
فاذا عرفت ذلك فاعلم انه صلوات الله عليه قال صار محمد نبيا مرسلا فالنبي فعيل من النبأ و هو المخبر عن الله تعالي كما في القاموس و المرسل من الارسال بمعني التوجيه يقال ارسله اي وجهه اليه فالمرسل من وجهه الله الي خلقه و امره بالتوجه اليهم و سئل ابوجعفر7 عن قول الله عزوجل و كان رسولا نبيا ما الرسول و ما النبي قال النبي الذي يري في منامه و يسمع الصوت و لايعاين الملك و الرسول الذي يسمع الصوت و يري في المنام و يعاين الملك قيل الامام ما منزلته قال يسمع الصوت و لايري و لايعاين الملك ثم تلا هذه الاية و ما ارسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث انتهي فالرسول الذي يعاين الملك بالوحي في اليقظة و يحدثه و يسمع صوته و كذلك في المنام يعاين الملك و يسمع صوته و اما النبي فهو لايري الملك في اليقظة بوحي تأسيسي و يسمع صوت الملك و اما بغير الوحي التأسيسي فلربما يري و كذلك الائمة: فانهم كانوا يرون الملك و يرون شيعتهم و لربما يري شيعتهم الملك فكيف بهم صلوات الله عليهم و اذا كان شيعتهم يرون فكيف الانبياء و هم اجل الشيعة و اعظمهم بالجملة صار محمد نبيا متصفا بصفة الانبياء قبل البعثة و متصفا بصفة الرسل بعد البعثة و اوحي اليه الروح من امر الله كما قال الله عزوجل و كذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا و قد مر صفة الروح من امر الله و اما علي7 فهو ليس بنبي و لا برسول ولكن هو صاحب امر النبي اي صاحب الروح من امر الله كان فيه وجودا في زمان النبي9 و انتقل اليه بالحكم و التصرف بعد وفاة النبي9 فلاجل ذلك قال و صرت انا صاحب امر النبي9 و استشهد بآية الروح.
و اما قوله لايعطيه و لايلقي هذا الروح الا علي ملك مقرب او نبي مرسل او وصي منتجب الظاهر ان المراد منه العطاء و الالقاء لاجل التصرف و الحكم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۳ *»
فذلك لايحصل الا لملك مقرب ذو تصرف في الاشياء او نبي مرسل ذو معجز او وصي ذو معجز و اما بغير هذا الوجه فيؤيد غير هولاء ايضا بروح القدس كماقال ابوعبدالله7 ما قال فينا قائل بيت شعر حتي يؤيد بروح القدس و قال ابوجعفر7 للكميت بن زيد لاتزال مؤيدا بروح القدس مادمت تقول فينا لكن هنا دقيقة و هي ان روح القدس روح كلي تحته ارواح جزئية عديدة و يسمي جميعها بروح القدس من باب الحقيقة بعد الحقيقة كما يسمي الشمس في السماء بالشمس و نورها علي الارض و في المرايا بالشمس فالروح الكلي لايؤيد به الا محمد و ال محمد: و لايتحمله احد غيرهم و اما غيرهم من الانبياء فانهم يؤيدون برأس من رؤسه و ساير المؤمنين يؤيدون بوجه من وجوهه و لايعمل عامل عمل خير الا اذا ايد بروح القدس فانه اصل كل خير و مبدأه.
و اما قوله فمن اعطاه الله هذا الروح فقد ابانه من الناس و فوض اليه القدرة الي آخر الكلام فالمراد ان من اعطي هذا الروح فقد فضله الله علي غيره و فوض اليه القدرة فلان هذا الروح هو اول صادر من مشية الله و اشبه شيء بها و احكي شيء لها و انسب شيء اليها فمن باب ان الاثر يكون علي صفة مؤثره يكون ذلك الروح علي صفة مشية الله من القدرة و الحكمة و العلم و الحيوة و السلطنة و الدوام و الاستعلاء و القهر و غير ذلك فمن اوتيه استحق جميع هذه الصفات و صدر منه آثارها كما اذا حصل في جسد روح الحيوان فبمحض ولوجه في الجسد يصير بصيرا سميعا ذائقا شاما لامسا متحركا مدركا مريدا و لايحتاج في ابداء تلك الاثار الي تكسب و رياضة و كلفة بل تصير جبلة له و كذلك روح القدس اذا تعلق ببشر تكون صفات الله و اخلاقه سجيته و جبلته تتأتي منه من غير كلفة و لايحتاج في ابدائها الي رياضة و مشقة ثم اختلاف الاثار علي حسب اختلاف القابل و المقبول فان كان القابل لا كدورة فيه و الروح المتعلق روح كلي يظهر منه الاثار العظيمة الكلية مما سمعت و ان كان الروح من الارواح الجزئية و القابلية كدرة حاجبة في الجملة يظهر منها الاثار علي حسبهما فلربما ينتهي الامر الي انه لايظهر من القابل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۴ *»
الا عمل خير واحد كانشاد شعر واحد و لايكون ذلك الا بتأييد روح القدس الا ان الروح وجه من وجوه الروح الكلي و القابلية لاصفاء لها الا من وجه واحد و حيث واحد و من ساير الوجوه حاجبة فاذا كل مؤمن ينطق بكلمة حق هو من تأييد روح القدس و بذلك هو اصل كل خير و اما محمد و آل محمد: الذين مرايا قوابلهم صافية معتدلة مستقيمة من كل جهة و حيث و الروح المتعلق بهم هو الروح الكلي فلايعجزهم شيء في السموات و لا في الارض و لنعم ما قال ابن ابيالحديد:
تقيلت افعال الربوبية التي
عذرت بها من شك انك مربوب
فقوله فوض اليه القدرة ليس معناه ان الله يفوض اليه القدرة ثم لايكون قادرا او لايفعل فعلا بعد ذلك و الكل فعلهم بل القدرة قدرة الله و الفعل فعل الله جل و عز الا انها تظهر علي ايديهم و تظهر بارادتهم التابعة لارادة الله جل و عز كماقال الحسين7 في دعاء له اللهم منك البدء و لك المشية و لك الحول و لك القوة و انت الله الذي لا اله الا انت جعلت قلوب اوليائك مسكنا لمشيتك و ممكنا لارادتك وجعلت عقولهم مناصب اوامرك و نواهيك فانت اذا شئت ما تشاء حركت من اسرارهم كوامن ما ابطنت فيهم و ابدأت من ارادتك علي السنتهم ما افهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك و تدعو اليك بحقايق ما منحتهم الدعاء و ذلك هو التفويض الحق و ذلك ان التفويض تفويضان تفويض هو شرك بالله عزوجل و هو ان يكل الامر الي غيره و يرفع يده عنه فلايفعل هو شيئا و يكون الفعل لذلك الغير فذلك شرك و هو قول القدرية الذين هم مجوس هذه الامة و تفويض هو عين ايمان كماقال7 خلقنا الله من نور ذاته و فوض الينا امور عباده انتهي فاذا قيل ان الله فوض امر ملك الي سلطان فليس معناه ان الله فوض اليه امره و رفع يده عنه بل هو المالك لما ملكه و القادر علي ما اقدره عليه و المتصرف فيما فوض اليه اذ الرب اولي بالعبد من نفس العبد و اقرب اليه منه و اشد اطلاعا عليه منه و هذا هو التفويض الحق فالمعني ان الله سبحانه اظهر ما اراد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۵ *»
اظهاره لهم بهم و بهم لغيرهم و هذا هو تفويض الايمان الذي هو من ناصع التوحيد و خالص التفريد.
و اما قوله و احيي الموتي فله معنيان احدهما كما قال الله عزوجل كيف تكفرون بالله و كنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم فنفخ الروح في انشاء الخلق الاخر هو من احياء الموتي و كذلك رد الروح الي الاجساد البالية في القيمة من احياء الاموات و المعني الاخر انه يحيي الموتي كما كان عيسي علي نبينا و اله و عليه السلام يحيي الموتي فصاحب روح القدس هو محيي الموتي بجميع هذه المعاني يجري علي يديه لان ذلك الروح اصل حيوة العالم و حيوة كل شيء من شعاعه و نوره فاذا توجه الي ميت و اشرق عليه بوجهه احياه باذن الله و ليس ينافي قوله تعالي الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه و تعالي عما يشركون كماكان لاينافيه خلق عيسي من الطين كهيأة الطير و نفخه فيه و احياؤه اياها و ساير الاموات و ذلك ان الله هو الفاعل ما يشاء كما يشاء بما يشاء و هم السبب الاعظم فافهم ان كنت تفهم و الا فاسلم تسلم.
و اما قوله و علم بها ما كان و ما يكون فلاجل ان الروح من عالم الجبروت الذي هو اعلي الملكوت و الملك و هو مهيمن عليهما فجميع المدد الزمانية و الدهرية عنده كنقطة حاضرة يري آخرهما كما يري اولهما و ليس عنده لهما تفض و لا مضاء و لاترقب مستقبل بل جميعهما حاضر لديه فيعلم ما كان كما يعلم ما يكون بلاتفاوت و اية ذلك ان الحديد الدهري مثلا لاتخصص له بسيف دون سيف و لاسكين دون سكين و لاتخصص له بزمان آدم و ما بعده و لا بيومنا و لا بما بعده من الايام الي يوم القيمة فاين ما و متي ما وجد سيف او سكين او شيء يصنع منه فهو حاضر لديه و هو ظاهر فيه فلاجل ذلك هو في دهره مهيمن علي جميع الازمان مستعل عليها غابرها و آتيها و هنا شيء احب الاشارة اليه علي نحو التمثيل و هو ان للحروف عرصة فيها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۶ *»
الف غير باء و باء غير جيم و حرف غير حرف فمن كان من اهل عرصة الحروف بوجود حرفي رأي الفا غير باء و باء غير جيم و هكذا بمشعر دراك بالانطباع كما في عينك و فوق الحروف عرصة المداد الدهري الذي هو في كل حرف و المداد الدهري غير الحصص المدادية التي في الحروف و ما في الالف غير ما في الباء و ما في الباء غير ما في الجيم اذ هذه الحصص هي الحصص الهبائية المادية و ليس كل حصة يري في كل حرف ولكن المداد الدهري هو الذي تراه في كل حرف بكله فهنالك جميع الحروف منحلة معدومة التعين و التكثر فلاشيء هناك سوي المداد فاذا نظرت من عين مدادية لاتري الا بحرا متشاكل الاجزاء لاتعين فيه لحرف فهنالك عدم الحروف الذي خلقت منه فعلمك في عرصة المداد بالحروف علم اجمالي لا تفصيلي كما ان المداد بحر متشاكل الاجزاء لاتعين لحرف فيه ولكن المراد بالمداد الدهري هنا المداد الاطلاقي بشرط لا فالاطلاق غير التقييد و الاجمال غير التفصيل و هذا المداد المطلق لايعطي مادونه اسمه و حده الا تري ان كل فرد ليس بمداد مطلق كما ان كل فرد من الحيوانات ليس بجنس و الحيوان جنس ولكن المطلق مرتبةاعلي و هو لابشرط و يسمي بالحق و هو الذي يعطي مادونه اسمه و حده و هو المداد لا من حيث الاطلاق كما ان الحيوان مع قطع النظر عن الجنسية يعطي مادونه اسمه و حده فالفرس حيوان و الابل حيوان و هكذا فذلك الوجود الحق الثابت لاينافي الاطلاق و التقييد فالاطلاق ظهور منه كما ان التقييد ظهور منه فعلم المداد المطلق بالحروف علم اجمالي لاجمال المداد و الالات تشير الي نظائرها و اما علم المداد لا بشرط بالحروف علم تفصيلي و بالمداد بشرط لا علم اجمالي يعلم الاجمال في رتبة اجماله و يعلم التفصيل في رتبة تفصيله لانه لا خصوصية له بالاجمال و التفصيل و الاطلاق و التقييد و هو اولي بهما منهما و اقرب اليهما منهما و اوجد منهما في مكانهما فيري الحروف باعينها و باعيانها في عرصتها و يري المداد بعينه في عرصته فمعني انهم صلوات الله عليهم يعلمون ماكان و ما يكون فان اريد بما كان ماوجد في الزمن الماضي فلاشك انهم يعلمون ما وجد في الزمن الماضي و امضي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۷ *»
و كتب في اللوح قال فمابال القرون الاولي قال علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي و لا ينسي و ان اريد بماكان ما خرج الي عرصة الكون من الامكان فلاشك انهم يعلمون ذلك علم احاطة و مشاهدة و عيان فانهم اصله و مبدأه و ما خرج الي عرصة الكون شيء الا بهم فلايخفي عنهم و اما ما يكون فان اريد به ما سيأتي و لما يأت في الزمان و هو بعد في الامكان و هو مقدر مشروط بشروط محققة و يحتمل فيه البداء او اريد به ما لميخرج من الامكان في اي عالم كان و هو مقدر مشروط بشروط لمتقع ولكن ستقع فيعلمونه كما هو في الخارج بلاتفاوت بين علمهم و معلومهم فيعلمون ما سيكون بعد في الامكان مشاءا و مرادا او مقدرا او مقضيا مشروطا بشروط وقعت او لمتقع و سوف تقع و يحتمل ان يبدو لله فلاتقع الشروط و لاتخرج و يحتمل ان تقع و تخرج و يحتمل التقديم و التأخير و التبديل و التغيير كما هو في الواقع و لو كان علمهم بما سيكون علي غير ذلك لكان علي خلاف الواقع اذ واقعه الخارج للخلق المتدرج في الاوقات الواقف في عرصة الحروف هكذا فما سيكون بالنسبة اليه في عرصة المداد المشار اليه و هو علي سبيل الاجمال و اما ما كان فقد خرج الي عرصة الكون و اما ما سيكون بالنسبة الي الله سبحانه فانه يري كل شيء في وقته و حده و علمه سابق علي الكون و الامكان اذ بعلمه كانت المشية و بالمشية كانت الاشياء و ليس علمه علما اجماليا و لا تفصيليا بل ازلي خارج عن الاجمال و التفصيل و هما معا من علمه الا ان الانسب عند الاضطرار ان يقال علمه تفصيلي لايغادر صغيرة و لا كبيرة الا احصاها و هذا هو العلم المشار اليه بقوله لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فالمستثني منه هو العلم الازلي و المستثني منقطع و المراد به العلم الامكاني و الكوني و العلم الازلي هو العلم المضروب دونه حجب الغيوب لايطلع عليه الا الفرد الصمد و هو المكنون المخزون عند الله لايطلع عليه احد سواه و يستزيد محمد و آل محمد: منه بقولهم رب زدني علما و اما العلم الثاني فهو العلم الذي علمه ملائكته و انبياءه و رسله و هم يعلمونه فهكذا يعلمون بروح القدس ماكان و ما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۸ *»
يكون الي يوم القيمة
و ان قلت هل هم يشاهدون ما سيأتي رأي العين فيرون غدا في مكانه و بعد غد في مكانه و هكذا الي يوم القيمة و يرون كل احد و كل شيء فيما سيأتي في وقته و مكانه و ما يؤل اليه امره ام لا قلت ان ذلك مسألة معضلة لايعرف حقيقته الا الاقلون و ظاهر بعض الاخبار انهم يعلمون ذلك علم مشاهدة و عيان و ظاهر بعضها انهم لايعلمون ذلك و انه من علم الغيب و كلاهما حق و الذي افهم من الايات و الاخبار و صحيح الاعتبار ان لهم مقامات فمن مقامهم البشرية الظاهرة و الرسالة الظاهرة و هم في هذا المقام فرد من افراد الانسان و حرف من الحروف محدودون في اوقاتهم فبهذا المقام يشاهدون الموجود و يعلمون ما سيأتي بالعلم الامكاني لا الكوني العيني و من مقامهم الكلية الاطلاقية و جميع الخلق بالنسبة اليهم كالاجسام بالنسبة الي الجسم المطلق فعلمهم في هذا المقام بالافراد علم اجمالي اطلاقي فهم في هذا المقام يعلمون الاشياء بالعلم الامكاني و يعلمون ان لله فيها المشية يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء فما اوجده الله اوجده بهم فارادة الله في مقادير اموره تهبط اليهم و تصدر من بيوتهم الي ساير الخلق و تجري في الملك فهم و الخلق في ذلك بمنزلة السراج و الاشعة فما شاء الله ايجاده من الاشعة فانما يوجده بالسراج فما اوجده اوجده بالسراج و ما يوجده يوجده بالسراج و ما لميوجده فلاعلم للسراج به بالعلم العياني و انما يعلمه بالعلم الامكاني فهم في مقام الاطلاق يعلمون ما اوجده الله بهم علما عيانيا و ما لميوجده الله يعلمونه بالامكان فاذا اراد الله ايجاده يصل اليهم الامر اولا ثم منهم يجري الامر الي عرصة الافراد فيكون بهم كما شاء الله و اما مظاهر الحق في كل رتبة فهي صاحب علم اجمالي و تفصيلي و هو علم مخصوص بمظاهر الحق جل جلاله و هي المقامات و العلامات التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه لافرق بينه و بينها الا انهم عباده و خلقه فلايعلمه الا الله فذلك علم لايعلمه الا الله و به يوحي اليهم وحي خاص فيما سيأتي و يكون من المحتوم فما اوحي اليهم بوحي خاص انه سيكون كذا و كذا حتما فهم سلام الله عليهم يعلمون ذلك و ما لميوح اليهم لايعلمونه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۴۹ *»
فافهم ان كنت تفهم و الا فلاتفسدنها و اعط القوس باريها.
و اما قوله و سار من المشرق الي المغرب و من المغرب الي المشرق في لحظة عين فاعلم ان مجموع هذا العالم اذا نظرت اليها وجدتها كلها جسما يعني جوهرا غليظا له كم و كيف و جهة و رتبة و وقت و مكان و زمان فلاتري شيئا الا و هو هكذا و هذا الجسم علي اطلاقه يطلق علي العرش و الكرسي و الافلاك و العناصر و ما بينها فلاتري شيئا غير الجسم وهذا الجسم علي اطلاقه متمثل بالكل و الكل تمثله و نسبته الي العرش و الفرش علي حد سواء ليس شيء اقرب اليه من شيء و ليس شيء اولي به من شيء وجميع ما يصدر من واحد من هذه الافراد يصدر من الجسم فالجسم هو المتحرك و هو الساكن و هو الذاهب و هو الجائي و هو المعطي و هو الاخذ و هو صاحب جميع الاثار و الافعال و الحركات و السكونات و هذا الجسم هو جسمهم في مقام الكلية و الاطلاق و كذلك عقلهم في العقول و روحهم في الارواح و نفسهم في النفوس و طبعهم في الطبايع و مادتهم في المواد و ظلهم في الاظلة فنسبة المشرق و المغرب اليهم علي حد سواء يعني هم حين كونهم في المشرق يكونون في المغرب و بالعكس و حين كونهم في الارض يكونون في السماء علي حد سواء و اينما ارادوا ان يظهروا اخذوا مظهرا من ذلك المكان و ظهروا فيه و تمثلوا به فان شاءوا في مظهر واحد و ان شاءوا في مظاهر شتي و لذلك يحكي عن علي7 ظهوره في ليلة واحدة في امكنة شتي و ظهوره يوم الغزي وراء كتايب عديدة فلاغزو ان ظهر في الف الف صورة في آن واحد كما ان الجسم في آن واحد يظهر في الف الف صورة بلاتمانع منها فاذا كان الامر كذلك يقدر ان يسير من المشرق الي المغرب و من المغرب الي المشرق في لحظة واحدة و ذلك يتصور بنوعين فاما ان يفني الصورة التي في المشرق و يتخذ لنفسه صورة في المغرب في لحظة عين و اما ان يحمل الصورة التي في المشرق و يسير به الي المغرب و لايصعب عليه ذلك و لايعجزه كما انك تذهب يمناك من يمينك الي يسارك و يعبر عنه بطي الارض بالجملة الذي هو في المشرق
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۰ *»
حين كونه في المغرب لايعجزه السير من المشرق الي المغرب و لك ان تجعل المشرق مشرق الوجود و هو العقل و المغرب مغربه و هو الجسم و التراب فهو في لحظة عين يسير من المشرق الي المغرب بالتنزل اليه و بالعكس بالصعود اليه.
و اما قوله و علم ما في الضماير و القلوب و علم ما في السموات و الارض فذلك ايضا من باب ما قدمنا فاذا كان حقايق الاشياء كلها من اشعة انوارهم و جميع ما لهم و منهم و اليهم و بهم و فيهم منهم و اليهم كيف يخفي عليهم ما في الضماير و القلوب و ما في السموات و الارض و بذلك تواترت الاخبار منهم صلوات الله عليهم و قد اخبروا من ضماير العباد قبل ان يظهروها و ذلك واضح ان شاء الله.
قال صلوات الله عليه يا سلمان و ياجندب و صار محمد الذكر الذي قال الله عزوجل انا ارسلنا اليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آياتي افلاتعقلون اني اعطيت علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب و استودعت علم القرآن و ما هو كاين الي يوم القيمة و محمد9 اقام الحجة حجة للناس و صرت انا حجة الله عزوجل جعل الله لي ما لميجعل لاحد من الاولين و الاخرين لا لنبي مرسل و لا لملك مقرب.
اعلم ان محمدا9 هو الذكر اي ذكر الله الذي ذكر به نفسه في خلقه حيث خلقهم لمعرفته و كان يمتنع وصول الحادث الي القديم و لميخلقوا من اصول ازلية و لميكن لهم مشعر من جنس القديم فيعرفوه به و لميكن الله لينزل الي رتبة الحدوث فيعرفوه و يشاهدوه فيكون متغيرا عن حاله فذكر الله لهم نفسه بمحمد9 فذكر به احديته في ذاته و احديته في صفاته و افعاله و عبادته و ذكر به صفاته الذاتية و صفاته القدسية و صفاته الاضافية و صفاته الخلقية و ذكر لهم به جميع مقامات التوحيد و منازل التفريد و لولا ذكره نفسه به لميطلع احد علي ذكره و كذلك هو بصفاته ذكر الله محابه و يعرف عن عكوسها مساخطه و كذلك هو صلوات الله عليه ذكر الخلق عند الله به يذكرون لديه في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۱ *»
مقام الاجمال او هو اصل الخلق و مبدؤهم و علتهم و جميع المعلولات مذكورة في العلة و تلك الاذكار هي مبادي تلك المعلولات فجميع الخلق به يذكرون في رتبة الاجمال عند الملك المتعال بل به يذكرون في مقام التفصيل علي معني ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه فهو الاصل و هو الفرع اذ هو اولي بهم منهم و اوجد في امكنة وجودهم منهم و اقرب اليهم منهم و الكل تمثله و كونها له اولي من كونها لها فهو ذكرهم في مقام الاجمال و التفصيل به يذكرون عند ربهم و هو سبب تذكر العباد ربهم كقوله جالسوا من يذكركم الله رؤيته فمن رآه فقد رأي الحق فبه يذكرون ربهم و صفاته و اسماءه و انواره و افعاله و محابه و ما يتقرب به اليه فالذكر هو رسول الله9 بجميع تلك المعاني يتلو عليهم آيات الله التكوينية و التدوينية لكي يعقلوا عن الله و اسمائه و صفاته و افعاله و محابه و مساخطه.
و اما قوله اني اعطيت علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب اما علم المنايا فالمنايا جمع المنية و هي كناية عن الموت مأخوذة من مني الشيء اذا قدره فالمنية فعيلة بمعني مفعولة اي مقدرة و علم المنايا علم موتات الناس و آجالهم و هو يستنبط من جهات فمرة يستنبط من القيافة و مرأي الناس فان علي وجوه الناس و اعضائهم ادلة لآجالهم كما يعرف القائف و مرة يستنبط من مواليد الناس و معرفة طوالعهم و مربياتهم من النجوم كما يعرفه المنجم و مرة يستنبط من انطباعات النجوم في الاشياء السفلية كالرمل و الخيط و غيرهما و امثال ذلك و هذه الانواع تحصل بالتعلم و صائب الفكر و ليس ذلك مما خص به و يخصصون به من شاءوا من اوليائهم فما خصوا به هو انكشاف مواقع التقدير و كميات الاجال له صلوات الله عليه بالعلم العياني و لانه محل المشية و وكر الارادة و ارادة الله في مقادير اموره تهبط اليكم و في بيوتهم الصادر عما فصل من احكام العباد فلايبلغ اجل ذي اجل منتهاه الا و هم المناة لذلك و يجري بهم هذا و لهم ليلة القدر و ما ينزل فيه من كل امر فانه ينتهي اليهم آجال جميع من كان اجله في تلك السنة فيأتيهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۲ *»
الملائكة بذكر كل اجل اجل هذا و لهم المشاهدة لمقتضيات جميع الافعال و الاقوال و الاعراض و القرانات و ما يقتضي تقديم الاجل و تأخيره كما اخبروا به غير مرة و ربما يعلمون بعض هذه الوجوه بعض مواليهم او يخبرونهم عن آجال قوم بخصوصياتها ولكن هذا العلم علم يحتمل فيه البداء لانه مما لميقع فلربما يرون عيانا قرب اجل احد ولكن يبدو لله بهم فيؤخر الله اجله فيرون حينئذ ذلك الذي بدا لله ثانيا و شاهد جواز البداء في هذا العلم ما رواه في البحار عن ابيعبدالله7 قال مر يهودي بالنبي9 فقال السام عليك فقال النبي9 عليك فقال اصحابه انما سلم عليك بالموت فقال الموت عليك قال النبي9 و كذلك رددت ثم قال النبي9 ان هذا اليهودي يعضه اسود في قفاه فيقتله قال فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله ثم لميلبث ان انصرف فقال له رسول الله9 ضعه فوضع الحطب فاذا اسود في جوف الحطب عاض علي عود فقال يا يهودي ما عملت اليوم قال ما عملت عملا الا حطبي هذا احتملته فجئت به و كان معي كعكتان فاكلت واحدة و تصدقت بواحدة علي مسكين فقال رسول الله9 بها دفع الله عنه و قال ان الصدقة تدفع ميتة السوء عن الانسان و عنه7 ان عيسي روح الله مر بقوم مجلبين فقال ما لهؤلاء قيل يا روح الله ان فلانة بنت فلان تهدي الي فلان بن فلان في ليلتها هذه قال يجلبون اليوم و يبكون غدا فقال قائل منهم و لم يا رسول الله قال لان صاحبتهم ميتة في ليلتها هذه فقال القائلون بمقالته صدق الله و صدق رسوله و قال اهل النفاق ما اقرب غدا فلما اصبحوا جاءوا فوجدوها علي حالها لميحدث بها شيء فقالوا يا روح الله ان التي اخبرتنا امس انها ميتة لمتمت فقال عيسي يفعل الله ما يشاء فاذهبوا بنا اليها فذهبوا يتسابقون حتي قرعوا الباب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۳ *»
فخرج زوجها فقال له عيسي7 استأذن لي علي صاحبتك فدخل عليها فاخبرها ان روح الله و كلمته بالباب مع عدة قال فتخدرت فدخل عليها فقال لها اصنعت ليلتك هذه شيئا قالت لماصنع شيئا الا و قد كنت اصنعه فيما مضي انه كان يعترينا سائل في كل ليلة جمعة فننيله ما يقوته الي مثلها و انه جاءني في ليلتي هذه و انا مشغولة بامري و اهلي في مشاغيل فهتف فلميجبه احد ثم هتف فلميجب حتي هتف مرارا فلماسمعت مقالته قمت متنكرة حتي انلته كما كنا ننيله فقال لها تنحي عن مجلسك فاذا تحت ثيابها افعي مثل جذعة عاض علي ذنبه فقال7 بما صنعت صرف عنك هذا انتهي. و هذا من علم المنايا قد جري فيه البداء.
و ان قلت الذي يري لدغ الافعي لم لايري الصدقة قلت ان لدغ الافعي مما قد قدر في لوح التقدير و رآه صاحب علم المنايا في لوح التقدير و لميره في لوح الامضاء و لو رآه في لوح الامضاء لماجاز فيه البداء و كان محتوما ولكنه رآه في لوح التقدير او في مبادي القضاء و قبل الامضاء فاخبر بما قد قدر و قضي و اما الصدقة فلمتقدر له ذلك الوقت و لمتقض او قدر و لمينظر اليه صاحب العلم و انما نظر في تقدير المنية حسب فاخبر بما رأي و ذلك مثل كتاب كتب فيه سطور و انت تقرأ سطرا و تعرض عن ساير السطور فلاتنظر اليها لحكمة او اشتغال بامر اهم و امثال ذلك فتخبر بما رأيت و يجري ما شاء الله ان يجري و لست بكاذب فيما اخبرت ولكن جري ساير الاقدار فحجب مابين الشيء و بين ما قدر له و اما الرب جل جلاله فانه يري غدا ممضي و يري ما سيفعل و لايبدو له في علمه و لايظهر له شيء غير ما يعلمه و لايجهل شيئا و لايخفي عليه شيء و كذلك علم البلايا فانه بعينه كعلم المنايا فان صاحب علم البلايا يعلم ما قدر من البليات العامة و الخاصة للعالم و الاشخاص ولكنه علم يحتمل فيه البدا فلربما قدر بلاء عام ولكن لما عدلوا و تضرعوا و انابوا صرف الله عنهم البلاء كما في قوم يونس لماآمنوا كشف الله عنهم العذاب و يدل علي ذلك ماقال ابوعبدالله
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۴ *»
7ان الله عزوجل جعل لمن جعل له سلطانا مدة من ليالي و ايام و سنين و شهور فان عدلوا في الناس امر الله عزوجل صاحب الفلك ان يبطيء بادارته فطالت ايامهم و لياليهم و سنوهم و شهورهم و قد وفي تبارك و تعالي لهم بعدد الليالي و الايام و الشهور انتهي. بالجملة علم البلايا ايضا مما يحتمل فيه البداء و وجوه استنباطه ما ذكرنا ولكن الولي يطلع عليه كما ذكرنا و اما فصل الخطاب فهو الخطاب الفاصل بين الحق و الباطل و هذا الذي فيه فضل لا ما ذكره اهل القال و القيل و منه ما قال ابوعبدالله7 علم رسول الله9 عليا الف باب يفتح كل باب الف باب و قال اميرالمؤمنين7 ان رسول الله9 علمني الف باب من الحلال و الحرام مما كان و مما هو كاين الي يوم القيمة كل باب منها يفتح الف باب فذلك الف الف باب حتي علمت علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب و قال ابوعبدالله7 علم رسول الله9 عليا حرفا يفتح الف حرف كل حرف منها يفتح الف حرف انتهي. فذلك الخطاب الفاصل بين كل حق و باطل فقوله سبحانه آتيناه الحكمة و فصل الخطاب فالحكمة معرفة الحقايق في النفس و العمل بالاعضاء و فصل الخطاب هو البيان المميز بين الحق و الباطل بالنسبة الي الغير و البيان الهادي لغيره الي طريق الصواب و البيان الشارح للمشکلات و البيان الكاشف عن حقيقة الاحوال و الامور و البيان القاضي بين الناس بالحق و امثال ذلك كل ذلك من فصل الخطاب فالحكمة لنفس الانسان و الخطاب لغيره فافهم ذلك.
و اما قوله و استودعت علم القرآن و ما هو كائن الي يوم القيمة اعلم ان القرآن في الظاهر هو هذا الكتاب الذي منه آيات محكمات هن ام الكتاب و اخر متشابهات و هذا القرآن قد اودع فيه علم كل شيء لان الله يقول ما فرطنا في الكتاب من شيء و يقول تبيانا لكل شيء و يقول و لارطب و لا يابس
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۵ *»
الا في كتاب مبين و ليس المراد من قوله لا رطب و لايابس الا في كتاب مبين ان كل اسم و كل لغة و شرح كل جزئي جزئي من الحوادث و شرح كل صنعة و حل كل مشكل في القرآن بخصوصيته حتي انه صار بعض الجهال يمتحنون العلماء بان هذه المسألة في اي موضع من القرآن بل في القرآن علوم و ابواب كلية يفتح من كل باب ابواب و فيه اصول كلية لها فروع و قد بين القضية الواحدة بحيث تنطبق علي الظاهر و التأويل و الباطن و باطن الباطن الي سبعين بطنا فكذلك يكون في القرآن علم كل شيء و لو كان يقال ان فيه كل جزئي جزئي لزم التناقض لان الله يقول منهم من قصصنا عليك و منهم من لمنقصص عليك فما لميقصه عليه كيف يكون في القرآن بالجملة القرآن فيه كليات و اصول يتفرع عليها جزئيات العالم و يستخرج منه علمها و بذلك يشهد استدلالات الائمة: بالكتاب علي المطالب و من علم علم القرآن علم كل شيء و في الباطن هو محمد9 كما ان الفرقان هو علي7 و ذلك ان القرآن هو مقام الجمع و الفرقان هو مقام الفرق و ذلك ان القرآن هو مجموع الكتاب و الفرقان هو المحكم الواجب العمل به فقوله و استودعت علم القرآن يعني علم محمد9 اودعني و علمني علمه و في التأويل فالمراد به العقل و ذلك ان الكلام دليل عقل المتكلم و شرحه و تفصيله و ظاهره فكل احد يتكلم علي مقدار عقله فالعقل هو مبدء الكلام و اصله و روحه فالقرآن ظاهر عقل النبي9 و شرحه و بيانه و منطوقه و جميع ما في القرآن من العلم هو في عقله صلوات الله عليه و آله علي نحو الكلية و المعنوية و تنزل في روحه بالصور الرقيقة و في نفسه بالصور العلمية المجردة و في مشاعره الباطنة بالصور الظلية البرزخية و في جسمه علي لسانه بالصور الحرفية فالعقل في القرآن كالروح في الجسد فهو القرآن الروحاني و القرآن هو العقل التدويني البياني فالمراد بالقرآن في التأويل هو عقل النبي9 و لاجل ان العقل من الروحانيين سمي بروح القدس و سمي القرآن بالروح و كذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الايمان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۶ *»
فقوله استودعت علم القران يعني ما اودع روح القدس و ايدت به و جعل في قلبي حتي علمت به ماكان و ما هو كائن الي يوم القيمة علي ما شرحنا سابقا و بينا.
و اما قوله و محمد9 اقام الحجة حجة للناس و صرت انا حجة الله عزوجل و في نسخة اقام الحجة حجة الناس و صرت انا حجة الله فاعلم ان محمدا و عليا صلوات الله عليهما كليهما حجة الله عزوجل الا ان كلا منهما يدعو الي شيء و يقيم الحجة لاثبات ما يدعو اليه و لاشك ان محمدا9 يدعو الي الظاهر و يكتفي به من الخلق و علي7 يدعو الي الباطن و لايكتفي بالظاهر فلاجل ذلك صار محمد صاحب الاسلام و علي صاحب الايمان و من محاسن الاتفاق ان بينات محمد (ي_م_ا_ي_م_ا_ل) و هي مأة و اثنان و ثلثون و يساوي عدد الاسلام و بينات علي (ي_ن_ا_م_ا) و هي مأة و اثنان و هو يساوي عدد الايمان بل يوافق حروفه فمحمد اقام الحجة حجة للناس او حجة الناس يحتج بها بعضهم علي بعض و يثبت بها اسلامه و اما علي عليه السلاام فهو حجة الله علي الناس يحتج بها عليهم فيقبل من ثبت الايمان في قلبه و يرد من لميستقر الايمان في قلبه فيحتج بعلي7 عليه و يثبت بموافقته و مخالفته الايمان و الكفر و قد قطع به عذر المعتذر و محمد9 المرشد الي السبيل و انك لتدعوهم الي صراط مستقيم و علي7 هو الموصل الي المقصد انما انت منذر و لكل قوم هاد و قال يهدي اليه من اناب.
و اما قوله جعل الله لي ما لميجعل لاحد من الاولين و الاخرين الي آخر فلاشك في ذلك فانه طأطأ كل شريف لشرفهم و خضع كل جبار لفضلهم و ذل كل شيء لهم و جعلهم مهابط ارادته و مساكن مشيته و مرآة لجميع اسمائه و صفاته و انواره و هم جمع الله و هم كل الله لافرق بينه و بينهم الا انهم عباده و خلقه فتقهم و رتقهم بيده بدؤهم منه و عودهم اليه فتح الله بهم الوجود و ختم بهم الشهود فلايسبقهم سابق و لايفوقهم فائق و لايلحقهم لاحق و ذلك واضح لاغبرة عليه.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۷ *»
قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين قال انا الذي حملت نوحا في السفينة بامر ربي و انا الذي اخرجت يونس من بطن الحوت باذن ربي و انا الذي جاوزت لموسي بن عمران البحر بامر ربي و انا الذي اخرجت ابرهيم من النار باذن ربي و انا الذي اجريت انهارها و فجرت عيونها و غرست اشجارها باذن ربي و انا عذاب يوم الظلة و انا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان الجن و الانس و فهمه قوم اني لاسمع كل قوم من الجبارين و المنافقين بلغاتهم و انا الخضر عالم موسي و انا معلم سليمان بن داود و انا ذو القرنين و انا قدرة الله عزوجل الخبر.
اعلم ان الله سبحانه ذات احدية يمتنع معها سواها فلاتقترن بغيرها و لايقترن بها غيرها و لاتتغير و لاتتبدل و لاتتقلب و لاتحدث فيها ما لميكن و لاتضاف الي شيء و لايضاف اليها غيرها و لاتصدر من شيء و لايصدر منها غيرها فلاينسب اليها شيء و لامعها شيء و هذه الاحكام اسهل بالنطق بها و اصعب بتحملها و اجرائها في الجزئيات و ترني الناظر و لايدري ما يستنتج منها فلااسم و لافعل و لاحرف و لاقول و لاكلام و ما ذكرناه لاجل التقديس و التسبيح لا لاجل التشبيه ثم بعد ذلك عرصة الكلام و القول فيقال ثم خلق خلقا بنفسه اي بنفس ذلك الخلق اذ لميسبقه خلق آخر فجعله فعلا منه و قولا به يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد و ذلك قوله عليه السلام خلق الله المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية و هذا هو الخلق الاول الذي لايسبقه سابق و لايفوقه فائق و لايلحقه لاحق و هذا الخلق هو حقيقة ماسوي الله سبحانه و اعلي اذكاره و فؤاده اذا نسبته ولكن لاينتسب الي غير الله بوجه من الوجوه و باعتبار من الاعتبارات اذ هو نسبة الله و جميع ما في العالم من الحركة و السكون و التغير و التبدل و الانقلاب كلها به و بارادته و نظره فبه سكنت السواكن و تحركت المتحركات و هو مقلب الاحوال و يد ذي الجلال و هو مشية الله و ارادته و قدره و قضاؤه و امضاؤه و حكمه و قدرته و يده و لسانه و وجهه و امثال ذلك و هو في العالم كالروح في الجسد لايتحرك متحرك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۸ *»
عن مكانه الا به و لايسكن ساكن في مقامه الا به و لايتغير شيء عماكان عليه من جوهريته الا به و لايتحول شيء عما هو عليه الا به و لايخرج شيء من العدم الي الوجود الا به بالجملة لايخرج كمال من قوة شيء الي الفعلية الا به فاذا الافلاك به دائرة و الارض به قارة و النجوم به سارية و الرياح به هابة و الانهار به جارية و الجمادات به متولدة و النباتات به نابتة و الحيوانات به ماشية و هكذا بل الاعين به بصيرة و الاذان به سميعة و هكذا بل النفوس به عالمة و العقول به دراكة و هكذا بل العابدون به عابدة و المصلون به مصلية و الصائمون به صائمة بل الناجون به ناجية و الهالكون به هالكة و اذا اردت المقايسة فقايس نفسك في بدنك و مراتبك فجميع الافعال بك و منك و اليك انت ترفع يدك و تخفض و انت تحرك رجلك و تسكن و انت تنطق لسانك و تسكت و هكذا جميع ما يصدر منك فانما هو صادر من نفسك و لاجل ذلك من عرف نفسه فقد عرف ربه اي من عرف نفسه في بدنه و مراتبه فقد عرف ظهور ربه في ملكه فافهم و ذلك الخلق الاول باجماع العامة و الخاصة و نصوص الكتاب و السنة هو هم صلوات الله عليهم حيث خلقهم الله قبل خلق الخلق بالف الف دهر ثم خلق بهم ماسواهم و ذلك واضح ان شاء الله و مع ذلك قد كتبنا في هذه المسألة كتابا مستقلا سميناه بنعيم الابرار فاذا كان الخلق الاول هو هم صلوات الله عليهم فلاغرو في امثال هذه العبارات ان بهم سكنت السواكن و تحركت المتحركات و في قوله السلام علي مقلب الاحوال و سيف ذي الجلال و في فقرات هذا الحديث الشريف انا الذي حملت نوحا في السفينة الي آخر و لايحتاج الي تأويل و توقف و شك و ريب فهو بنفسه الذي حمل نوحا في السفينة كما اذا وضعت يدك اليمني علي يدك اليسري ثم قلت انا الذي حملت يدي هذه علي يدي هذه او اخرجت يدك من جيبك و قلت انا الذي اخرجت يدي هذه من جيبي فالذي تامل في هذه الفقرات كالمجلسي رحمه الله و تلميذه الشيخ عبدالله و قالا لو صح صدور الخبر منه9 لاحتمل ان يكون المراد به و بامثاله ان الانبياء: بالاستشفاع بنا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۵۹ *»
و التوسل بانوارنا رفعت عنهم المكاره و الفتن كمادلت عليه الاخبار الصحيحة انتهي و كانهما حسباهم صرف هذه الابدان البشرية التي كانت في مكان مخصوص و زمان مخصوص ثم تعجبا من كونه صلي الله عليه هو الذي حمل نوحا في السفينة مع انهما رويا روايات متواترة انهم خلقوا قبل الخلق و بهم فتح الله و بهم يختم و ان الخلق من شعاع انوارهم فبعد تلك الاخبار اي حاجة الي التأويل و هم بمنزلة روح العالم و نفسه و حقيقته كانوا كذلك من اول الدهر الي يومنا هذا و ما بقي ملك الله لايتحرك متحرك و لاتحرك الا بهم و بارادتهم و بتحريكهم فمن عرفهم هكذا فقد عرفهم بالنورانية و صدق الاخبار المتواترة ثم لاغبرة في الفقرات بعد ذلك و اما قوله و انا عذاب يوم الظلة فالمراد بالظلة الحر و السمائم و يوم الظلة يوم حر و سمائم سلطهما الله علي قوم شعيب كماقال فكذبوه فاخذهم عذاب يوم الظلة فمن تفسير القمي قال قوم شعيب فاخذهم عذاب يوم الظلة قال يوم حر و سمائم و قال فبلغنا و الله اعلم انه اصابهم حر و هم في بيوتهم فخرجوا يلتمسون الروح من قبل السحابة التي بعث الله فيها العذاب فلماغشيهم اخذتهم الصيحة فاصبحوا في دارهم جاثمين انتهي فقال انا عذاب يوم الظلة يعني به تلك الحر و السمائم و الصيحة فيقول انا هو لاني نقمة الله علي الفجار و ذلك العذاب انا حيث تجليت بالعذاب لهم و اعلم ان قوله انا عذاب يوم الظلة غير ان يقول انا معذب قوم شعيب و كونه معذبا لهم و لغيرهم ظاهر لما بينا ان كل حركة و سكون بهم صلوات الله عليهم و هم في العالم كالروح في الجسد و اما كونه عذابا او رحمة فيخفي قليلا و الوجه فيه ان لهم صلوات الله عليهم مقامين الاول مقام الفاعلية و المحركية و هو مقام كونهم بمنزلة الروح في الجسد و نسبة الروح و الجسد نسبة التنزل و الاشتراك في المادة و ان كانت مختلفة المراتب بل نسبة القطب الي الكرة و القلب الي البدن فانه المحرك المباشر و الثاني مقام الاطلاق الحقي و المؤثرية التي هي اولي من الاثار بالاثار و اوجد في مكانها منها فذلك الذي يحمل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۰ *»
عليه كل ذات و كل صفة و فعل و نسبة و اقتران و جهة و اعتبار و ذلك الذي يسعه ان يقول انا صلوة المؤمنين و صيامهم و له يقال ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه و ذلك بعينه بنفسه رحمة الله علي الابرار و نقمته علي الفجار و هو الراحم و المنتقم ايضا فافهم ان كنت تفهم. و قوله و انا المنادي من مكان قريب اشارة الي قوله تعالي و لو تري اذ فزعوا فلافوت و اخذوا من مكان قريب و هو جيش البيداء يؤخذون من تحت اقدامهم يبعث الله جبرئيل فيقول يا جبرئيل اذهب فابدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها و لايفلت منهم الا رجلان من جهينة و لذلك جاء القول و عند جهينة الخبر اليقين فقوله و انا المنادي من مكان قريب يعني من تحت اقدامهم بنداء يا بيداء ابيدي القوم الظالمين كما في حديث مفضل و ذلك مما بينا واضح الوجه ان شاء الله و قوله و اني لاسمع كل قوم من الجبارين و المنافقين بلغاتهم فذلك في الصيحات من السماء قبل خروج القائم عجل الله فرجه و حين ظهوره ينادي الخلق بحيث يسمع كل قوم بلسانهم بالانذار بالقائم و البشارة بظهوره فيقول انا المنادي من السماء و ان كان من فم جبرئيل فاني اولي بجبرئيل منه و اوجد في مكانه منه فاذا نادي هو فانما انا انادي و ان كان من هناك و هو كما قال7 ان لنا مع كل ولي اذنا سامعة و عينا ناظرة و لسانا ناطقا فافهم و اما قوله و انا الخضر عالم موسي و انا معلم سليمان بن داود و انا ذو القرنين و انا قدرة الله عزوجل فاعلم انه قد كثر امثال هذه الحمول في كلماتهم صلوات الله عليهم و تحير العقول فيها و لميجعل الله علمها الا عند اهله و انا اشرح لك في هذا المقام ما يرفع عنه الابهام بحول الله الملك العلام اعلم ان ذات الشيء لامجال فيها للتعدد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۱ *»
و الاختلاف فلاموضوع هناك و لامحمول و لا نسبة و لا حمل اللهم الا ان يضم اليها غيرها و تلاحظ مع شيئين غيرها فتلاحظ مع شيء خارج عنها مرة و مع شيء آخر خارج عنها اخري فيحصل بين الحالين تغاير ما فتقول هذه اي مع هذا هي تلك اي مع ذاك فيصح و يعقل الحمل حينئذ فتقول مثلا زيد اي الذي سمعته هو زيد اي الذي رأيته فتضم ذات زيد الي المسموعية و المرئية فتقول هذه المسموعة هي تلك المرئية فمن اجل وحدة الذات و عدم تغاير فيها لميصح الحمل في الذات و يسمي ان حمل بحمل هو هو و كذلك لايصح الحمل في المتباينين من كل جهة فانه كذب محض كأن تقول ان الوجود عدم و مابين هذين من الاشياء يجوز فيها الحمل لوجود وجه اشتراك و ايتلاف و وجه تغاير و اختلاف اما وجه الاشتراك بين الاشياء فيمكن ان يكون جنسيا كاشتراك الفرس و الغنم في الحيوانية ثم تتصاعد هذه الاجناس الي جنس الاجناس و هو الوجود و يمكن ان يكون نوعيا كاشتراك زيد و عمرو في نوع الانسانية و يمكن ان يكون صنفيا كاشتراك زيد و عمرو في العالمية و يمكن ان يكون الاتحاد في الوجود الخارجي كأن تقول الفرس حيوان صاهل و يمكن ان يكون الاشتراك في المادة كاشتراك السرير و العصا في الخشب و يمكن ان يكون الاشتراك في التأثير كاشتراك الماء و الابقر في رفع العطش و النار و الماء الحار في الاحراق و يمكن ان يكون الاشتراك اشراقيا كقولك زيد قائم و يمكن ان يكون الاشتراك فعليا كقول الوزير انا السلطان يعني به في قولي هذا و في فعلي هذا فيكون القبول مني قبولا من السلطان و الرد علي ردا علي السلطان و طاعته طاعة السلطان و معصيته معصية السلطان و يمكن ان يكون الاشتراك وصفيا كان تقول للليل القار لاشتراكهما في وصف السواد او تقول لللبن الثلج لاشتراكهما في وصف البياض و زيد اسد لاشتراكهما في الشجاعة فاذا تحقق احد هذه الوجوه في شيئين تحقق الاشتراك و يكون في ماسوي وجه الاشتراك المغايرة بين الاشياء فلابد في الحمل من مغايرة بين الموضوع و المحمول حتي يحصل الفايدة و يتحقق النسبة و يكون لكل واحد منهما مصداق لفظ و من اشتراك حتي يصدق الحكم و الحمل كما عرفت فقد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۲ *»
يكون الاشتراك جنسيا او نوعيا او صنفيا او ماديا فحينئذ اما يحمل فرد منها علي فرد او فرد علي جنس او جنس علي فرد اما الاول فقليلا ما يقع في المعميات و الالغاز للستر و لو جاز مطلقا لجاز حمل كل شيء علي كل شيء للاشتراك في الجنس البعيد مثلا اقلا فلايقال زيد حجر لاشتراكهما في الجسم و اما الثاني فيكثر وقوعه كأن يقول الجسم انا العرش و انا الكرسي و انا الافلاك و العناصر و اما الثالث فكأن تقول العرش جسم و الكرسي جسم و الافلاك جسم و العناصر جسم و يأتي في الحمل الاشراقي ما يكشف عن ذلك فان الافراد آثار للاجناس و اشراق منها و اما الاشتراك في الوجود الخارجي فيكثر حمله كأن تقول الفرس حيوان صاهل و الحمار حيوان ناهق و الكلب حيوان نابح فالحيوان الصاهل في الخارج متحد مع الفرس و انما تغايرا بالاجمال و التفصيل و الجمع و التفريق و اما الاشتراك في التأثير فيكثر الحمل فيه كأن تقول للصوم الجنة او تقول للماء الحاد النار او تقول للدعاء السهم و امثال ذلك و اما الاتحاد الاشراقي فهو ان يتحد احدهما مع اشراق الاخر لا مع ذاته فيجوز ان تحمل المشرق علي الاشراق و هذا اكثر كأن تقول العرش جسم و الكرسي جسم و الافلاك جسم و العناصر جسم فلايوهم حصر المشرق في الاشراق و يجوز ان تحمل الاشراق علي المشرق ولكن علي وجه لايوهم حصر المشرق في الاشراق كان يقول الجسم انا العرش انا الكرسي انا الافلاك انا العناصر و امثال ذلك يكثر في كلمات آل محمد: كقول الحجة7 يا معشر الخلايق الا و من اراد ان ينظر الي آدم و شيث فها انا ذا آدم و شيث الا و من اراد ان ينظر الي نوح و ولده سام فها انا ذا نوح و سام و من اراد ان ينظر الي ابرهيم و اسمعيل فها انا ذا ابرهيم و اسمعيل الا و من اراد ان ينظر الي موسي و يوشع فها انا ذا موسي و يوشع و من اراد ان ينظر الي عيسي و شمعون فها انا ذا عيسي و شمعون و من اراد ان ينظر الي محمد9 و الي اميرالمؤمنين فها انا ذا محمد و اميرالمؤمنين الا و من اراد ان ينظر الي الحسن و الحسين8
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۳ *»
فها انا ذا الحسن و الحسين الا و من اراد ان ينظر الي الائمة من ولد الحسين فيعد واحدا واحدا الي الحسن7 فها انا ذا هم فلينظر الي الخبر فالحمول الي قوله من اراد ان ينظر الي محمد9 كلها اشراقية لانهم خلقوا من شعاع نورهم بتواتر الاخبار فينتسب الي الكل و لاغرو لانه اولي بالاثار من الاثار و اوجد في امكنتهم منهم و اما الانتساب الي محمد و الائمة: فهو من باب الاشتراك في المادة باطنا و ضعف ما به الامتياز كما في الزيارة اشهد ان ارواحكم و نوركم و طينتكم واحدة و كما في القرآن ذرية بعضها من بعض و اما في الظاهر فيمكن ان يكون من باب الاشتراك في الفعل و التأثير لانه يفعل ما يفعل اولئك لافرق بينه و بينهم و كذلك الانتساب الي الانبياء: في الظاهر يمكن ان يكون من باب التأثير و الفعل فانه يظهر ما اظهروا و يفعل ما فعلوا و يشرح ما شرحوا و امثال ذلك واما الاشتراك في الفعل و الصنع فقد ذكرنا انه كقول الوزير انا السلطان يعني في الفعل و الحكم و التدبير و مثل ذلك ما قال7 لابيبصير الراد عليك هذا الامر كالراد علي رسول الله9 و ما قال فاذا حكم بحكمنا فلميقبل منه فكأنما بحكم الله استخف و علينا رد و الراد علينا كالراد علي الله و هو علي حد الشرك بالله و كقوله في الدعاء لافرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك يعني في الفعل و الحكم و القول و الامر و المشية و الارادة و المحبة و العداوة و امثال ذلك لبداهة انهم لايشتركون مع الله في الذات و لااشراق للذات و ليحمل علي ذلك قوله7 ان لنا مع الله حالات هو فيها نحن و نحن هو و هو هو و نحن نحن لبداهة عدم اشتراك بين ذات الله و بينهم يصح به الحمل الا الاشتراك في الفعل فهم لماكانوا لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و حكمهم حكم الله و فعلهم فعل الله و قولهم قول الله و امرهم امر الله و ارادتهم ارادة الله و هكذا جميع ما يضاف اليهم قالوا نحن هو و هو نحن كأن يقول الوزير انا السلطان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۴ *»
و السلطان انا يعني في الحكم و الامر و لنعم ما قال ابن ابيالحديد في وصف علي7:
تقيلت افعال الربوبية التي
عذرت بها من شك انك مربوب
و اما الاشتراك في الوصف فكما ذكرنا ان يقال للليل الكحل او القار و للشمس السراج و هكذا و يمكن ان يحمل علي ذلك قوله هو فيها نحن و نحن هو يعني في الصفة علي انهم صفة الله و معانيه و علي ان اسماءهم اسماؤ الله و صفاتهم صفات الله و جميع مالهم و بهم و منهم لله و بالله و من الله فلو احطت باطراف كلامنا و تدبرت في ما شرحنا عرفت وجه قوله7 في هذا الحديث الشريف انا الخضر عالم موسي و امثال ذلك و اما قوله و انا معلم سليمان و انا ذو القرنين و انا قدرة الله فمعلم سليمان اشارة الي قوله تعالي و علمنا منطق الطير و اوتينا من كل شيء و يرجع اليه قوله ففهمناها سليمان و انا ذو القرنين لانه ضرب علي قرنه في هذه الدنيا و يضرب علي قرنه الاخر في الرجعة كما يظهر من الاخبار او المراد اسكندر و هو مثل قوله انا الخضر و انا قدرة الله لانه مشية الله المتعلقة بالامكان بها اخرج الله جميع البدايع و يخرج ما يشاء و لايعجزه شيء في السموات و لا في الارض فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة و بارادتك دون نهيك منزجرة و جميع المقدورات في الامكان و هو العمق الاكبر فما انزجر به هو قدرة الله علي كل مقدور و فيما ذكر كفاية و لو اردنا بسط كل مسألة لطال بنا المقال و يمنعني عنه الكلال و ما شاء الله كان و ما لميشأ لميكن و لاقوة الا بالله العلي العظيم.
قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب انا محمد و محمد انا و انا من محمد و محمد مني قال الله تعالي مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لايبغيان.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۵ *»
اما قوله انا محمد و محمد انا فقد مر شرحه ان هذا الحمل اما للاشتراك في الفعل فان جميع ما يفعله محمد9 يفعله علي7 و هو خليفته و القائم مقامه امره امره و حكمه حكمه و قوله قوله و طاعته طاعته لا فرق بينه و بينه الا ان محمدا نبي و عليا ولي ليس بنبي فمن اجل جهة الاشتراك قال انا محمد يعني في الطاعة و الامر و الحكم و غير ذلك و اما للاشتراك في المادة فانهما خلقا من نور واحد و طينة واحدة و روح واحد و المراد بهذه الوحدة الوحدة في المادة فهم مشتركون في المادة مختلفون في الصورة فقوله انا محمد يعني في المادة و يؤيده قوله انا من محمد و محمد مني فان من لبيان المادة و انا من محمد يعني من مادة محمد و من طينته كما تقول لمائين في انائين هذا من هذا و هذا من هذا يعني هذا من نوع هذا او من جنسه او من مادته و اما التبعيض فيصح علي معني دقيق و هو ان الله سبحانه يقول و جعلوا له من عباده جزءا فذكر ان الولد جزء والده و لاشك ان عليا7 هو قاسم الجنة و النار و محمد9 ابوالقاسم قال الله عزوجل النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم و في قراءة اهل البيت: و هو اب لهم فهو ابو علي و علي جزؤه فهو من محمد علي معني التبعيض و يصعب عكسه علي معني التبعيض و يسهل بان تعلم ان لهما صلوات الله عليهما مقامين مقام كلية و مقام جزئية و جزئية محمد فرع كلية علي لان محمدا9 في مقام الكلية كالعرش و عليا فيها كالكرسي المستنير من العرش و محمدا في مقام الجزئية كالشمس المستنيرة من الكرسي و عليا فيها كالقمر المستنير من الشمس فمحمد في مقام الشمسية فرع علي في مقام الكرسية و جزؤه و ولده فبهذا المعني يصح ان يقال محمد من علي صلوات الله عليهما و آلهما و اما البحران يلتقيان في الاية فهما علي و فاطمة فعلي7 بحر العلم الباطن و فاطمة3 بحر العلم الظاهر يلتقيان يقترنان بالتزوج بينهما برزخ هو محمد9 و البرزخ ماكان احد طرفيه من جنس
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۶ *»
هذا و احد طرفيه من جنس هذا فمحمد من جنس علي و من جنس فاطمة و هو برزخ في الظاهر لانه ابن عمه و اخوه و ابوها و يدل علي هذا الباطن ما روي عن ابيعبدالله7 في قوله مرج البحرين يلتقيان قال علي و فاطمة بينهما برزخ لايبغيان قال لايبغي علي علي فاطمة و لاتبغي فاطمة علي علي يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان الحسن و الحسين انتهي و اللؤلؤ الحسن7 و المرجان الحسين7.
قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين قال7 ان ميتنا لميمت و غائبنا لميغب و ان قتلانا لميقتلوا.
اما قوله صلوات الله عليه ان ميتنا لميمت يعني كساير الاموات حيث يزهق ارواحهم بسبب خراب ابدانهم و فسادها فلايبقي لارواحهم مظهر تظهر فيه فترفع عن الدنيا كمرآة كانت موضوعة تحت الشمس و كانت فيها ظاهرة تتلألأ و تشرق منها فكسرت و تفرقت اجزاؤها فخفيت الشمس عن الارض و ارتفع نورها و عاد اليها و كذلك حال الروح عند خراب البدن لانها لاتظهر و لاتقدر ان تتصرف في الدنيا لفقدانها الالة المجانسة للاجسام و اما هم صلوات الله عليهم اذا ماتوا لميعجزوا عن اتخاذ بدن آخر متي شاءوا و ارادوا فيظهرون فيه فيتصرفون في العالم كما شاءوا و ارادوا هذا و هم لاجل كليتهم و احاطتهم و ملئهم السموات و الارض اذا ماتوا لميخلوا الدنيا من وجودهم فيعودوا الي البرزخ و يكونوا في البرزخ دون الدنيا كساير الاموات بل هم اذا خلعوا ابدانهم لمتذهب ارواحهم عن الدنيا و هم اقرب الي كل شيء منه يرونه و يسمعونه و يطلعون عليه و بهم يسكن السواكن و يتحرك المتحركات فمثل هؤلاء لايصدق عليهم الموت و الفنا كساير الاموات المنقطعين عن الدنيا المحبوسين في البرزخ و كذلك غائبهم اذا غاب لميغب و حقيقة غيبته عدم رؤية الناس اياه و الا فهو شا هد مطلع كماقال عزوجل ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء علي الناس فهو لما ازال الاعراض
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۷ *»
عن نفسه عميت الاعين المدركة للاعراض عن دركه فلايدركه فصار كالغائب المحجوب بحجب الاجسام و البعد و اما في الحقيقة فهو حاضر شاهد ليس بغائب لانه في مقام الكلية اقرب الي كل شيء منه و اولي به منه و احضر عند كل شيء من نفسه و اوجد من كل شيء في مكانه فهو اكبر الاشياء شهادة فمثل ذلك اذا غاب لميغب و لميتغير شهادته نعم كان له اعراض و كان لها شهادة في المشاهد فلما تفرقت ذهب شهادتها دون شهادته و اما قوله و ان قتلانا لميقتلوا فكقوله ان ميتنا لميمت فان سيوف الدنيا العرضية و اسلحتها لاتعمل الا في البدن العرضي و من كان تعلقه بالدنيا بسبب البدن العرضي فاذا تقطع و تفرق اجزاؤه و فسد ارتفع تعلق روحه عن الدنيا و اما من كان اوجد في مكان ما في الدنيا و الاخرة منه فلايضره القتل هذا و قتيلهم متي شاء يتخذ لنفسه بدنا آخر و يظهر فيه فلميقتل منهم الا بدنهم العرضي و لاينافي ذلك قول الحجة7 و اما قول من زعم ان الحسين7 لميقتل فكفر و كذب و ضلال فان الكفر هو انكار وقوع القتل علي البدن العرضي و لاشك في وقوعه و اما وجودهم في العالم و تصرفهم فيه فمما لاينكر و معجزات قبورهم و ظهورهم بعد الممات اوضح من الشمس في رابعة النهار.
قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين صلوات الله عليك قال7 انا امير كل مؤمن و مؤمنة ممن مضي و ممن بقي و ايدت بروح العظمة و انما انا عبد من عبيد الله لاتسمونا اربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فانكم لنتبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا و لا معشار العشر لانا آيات الله و دلايله و حجج الله و خلفاؤه و امناء الله و ائمته و وجه الله و عين الله و لسان الله بنا يعذب الله عباده و بنا يثيب و من بين خلقه طهرنا و اختارنا و اصطفانا و لو قال قائل لم و كيف و فيم لكفر و اشرك لانه لايسأل عما يفعل و هم يسألون الخبر و قد روي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۸ *»
السيد الجليل الاستاد اعلي الله مقامه من البحار هذه الفقرة هكذا بعد قوله بروح العظمة و انا تكلمت علي لسان عيسي بن مريم في المهد و انا آدم و انا نوح و انا ابرهيم و انا موسي و انا عيسي و انا محمد انتقل في الصور كيف اشاء من رآني فقد رآهم و من رآهم فقد رآني و لو ظهرت للناس في صورة واحدة لهلك في الناس و قالوا هو لايزال و لايتغير و انما انا عبد من عباد الله الي آخر باختلاف قليل لايغير المعني.
اما قوله امير كل مؤمن و مؤمنة فالامير بمعني الآمر المستعلي علي المأمورين و المؤمن هو المصدق فهو امير كل مؤمن و مؤمنة في الشريعة لان النبي9 نصبه اميرا علي رعيته و امته يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر فالنبي9 هو صاحب الامر و الحكم و علي7 مظهره و مؤديه بين العباد والبلاد فهو امير كل مؤمن و مؤمنة و اما امارته لمن مضي فلاجل ان الانبياء و الاوصياء سلام الله عليهم هم الدعاة الي امرهم و حكمهم و الادلاء علي دينهم بل هم بانفسهم مجالي انوارهم و مظاهر آثارهم و هم الناطقون عن السنتهم الناظرون عن اعينهم الباطشون بايديهم بل هم اولي بهم منهم و اوجد في امكنتهم منهم فهو لاجل ذلك امير من مضي و من بقي فافهم و اما باطن ذلك فهو امير كل مؤمن و مؤمنة كونية لانه محل مشية الله و وكر ارادة الله منه تظهر الي جميع الكائنات و تنتشر الي جميع المذروءات بل هو امره صلوات الله عليه كما قال7 نحن امره و حكمه اذا شئنا شاء الله و يريد الله ما نريد بل لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون له الخلق و الامر تبارك الله رب العالمين و جميع ما في عرصة الامكان من الامكانات و الاكوان و الاعيان كلها ممتثلة امر الله عزوجل فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة و بارادتك دون نهيك منزجرة و لاجل ذلك قال الله عزوجل و ان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم و قد دانت له السموات و الارض بالعبودية و اقرت له
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۶۹ *»
بالوحدانية و شهدت له بالربوبية فجميع ما في الامكان مؤمنة بالله وحده مؤتمرة بامره ممتثلة امره و اميرهم هو اميرالمؤمنين7 لانه محل امر الله جل و عز و منه يظهر الامر الي جميع الخلق فهو امير كل مؤمن و مؤمنة و لك ان تقول بظاهر الظاهر و تأخذ امير فعلا من الميرة بمعني الطعام فهو يمير المؤمنين اي يطعمهم و يجلب لهم العلم بقدر كيل قوابلها و يطعمهم الامداد و الفيوض الشرعية و الكونية علي حسب قوابلهم و اما قوله و ايدت بروح العظمة فالمراد بروح العظمة هو روح القدس فانه خلق اعظم من جبرئيل و ميكائيل و ليس لله جل جلاله خلق اعظم منه و هو مظهر عظمة الله جل و عز و قد ايده الله به كما مر الاشارة اليه و فيه اشارة الي قوله تعالي و ايدهم بروح منه و في عيسي و ايدناه بروح القدس الا ان الذي ايد به محمد و آل محمد: هو الروح الكلي بكليته و الذي ايد به الانبياء وجوهه و اعوانه و اما قوله و انما انا عبد من عبيد الله فالمراد بعبيد الله محمد و آل محمد: المشار اليهم في قوله و ادخلي في عبادي و ادخلي جنتي و في باطن قوله ان عبادي ليس لك عليهم سلطان و اعلم ان العبودية مقام علي و مكان سني و هي جوهرة كنهها الربوبية فماخفي في الربوبية اصيب في العبودية و ما فقد في العبودية وجد في الربوبية والعبد لايكون عبدا في التشريع الا ان يكون منقادا بظاهره و باطنه للرب و ذلك الانقياد لايتحقق الا بان يخفي نفسه و يظهر ربه و يخالف هواه و يتبع امر مولاه و لاينظر الي نفسه ابدا و لايرفع نظره عن ربه ابدا و لايجده ربه حيث يكره و لايفقده حيث يحب و يتصف من كل جهة بصفات ربه فاذا صار كذلك هو عبد بحقيقة العبودية ليس لظلمة الشيطان فيه اثر و لا له عليه سلطان و يكون حينئذ معني الرب و ظاهره و آيته و دليله و وجهه و عينه و لسانه و يده و امره و حكمه و يكون جميع ما يضاف اليه مضافا اليه و يقع جميع ما يعامل عليه عليه و ليس للحادث مقام اعلي من كمال العبودية و لا له فضل اجل و اشهي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۰ *»
و اعز و ابهي منه و لذلك خص الله به محمدا9 و سماه بعبد الله علي الاطلاق و هو قوله و انه لماقام عبدالله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا و قال تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيرا و لمااراد اعزاز انبيائه و اجلالهم سماهم بالعبيد كماقال في نوح و ابرهيم و الياس انه من عبادنا المؤمنين و قال في موسي و هرون انهما من عبادنا المؤمنين و قال و اذكر عبدنا داود ذا الايد انه اواب و قال في سليمان نعم العبد انه اواب و قال و اذكر عبدنا ايوب فالعبودية امر عظيم و خطب جسيم و وصف كريم لايبلغها الا من اصطفاه الله و اختصه و اصطنعه لنفسه فعن الصادق7 العبودية جوهرةكنهها الربوبية فما فقد من العبودية وجد في الربوبية و ما خفي عن الربوبية اصيب في العبودية قال الله عزوجل سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لميكف بربك انه علي كل شيء شهيد اي موجود في غيبتك و حضرتك و تفسير العبودية بذل الكلية و سبب ذلك منع النفس عما تهوي و حملها علي ما تكره و مفتاح ذلك ترك الراحة و حب العزلة و طريقه الافتقار الي الله قال رسول الله9 اعبد الله كانك تراه فان لمتكن تراه فانه يراك و حروف العبد ثلثة ع و ب و د فالعين علمه بالله و الباء بونه عماسواه و الدال دنوه من الله بلاكيف و لاحجاب الحديث و اعلم انه حق و خلق و رب و عبد لاثالث بينهما و لاثالث غيرهما و جميع ماسوي الرب عبد للرب و العبد عبدان عبد كوني و عبد شرعي فالعبد الكوني هو المنقاد لامر الله الكوني و مشيته الكونية فلاشيء في عرصة الخلق الا و هو واقف موقف العبودية عامل بمراسمها مؤد حقها فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة و بارادتك دون نهيك منزجرة لايخالف شيء منها رضاه و لايمتنع شيء منها عن محبته فكانت كما شاء الله من كل جهة فكانت علي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۱ *»
صفة مشية الله و وفق محبته فكانت مظاهر اسماء الله و مجالي صفاته فكانت آيات الله و مقاماته فكانت انوار جلال الله و جماله فكانت مقامات و علاماته فوقفت في الكون موقف لافرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك و في هذا المقام لا فخر لاحد علي احد و لامزية لاحد علي احد اذا الكل مشتركون بلاتفاوت بينها و الرحمن علي العرش استوي و اما العبد الشرعي فهو الذي له المزية و الشرف و الفضل و الكمال و الفخر و ليس جميع الخلق مشتركين في هذه العبودية و عليها وقع الاستثناء في قوله لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين فقسم الخلق قسمين قسم هم اولياء الشياطين و قسم عباد الله المخلصين و ذلك ان في عرصة التشريع رب تشريعي هو خليفة الرب الاعلي القائم مقامه في الاداء و هو من جانب النور و الوجود فهو مبدء الوجود و آية المعبود و عدو له يدعو الي نفسه و ينهي عن طاعة رب التشريع و هو مدعي الربوبية لنفسه و لكل اتباع فاتباع الرب التشريعي اولياؤ الرحمن و من عباد الله و اتباع عدوه اعداؤ الله و اولياؤ الشياطين و لمحمد و آل محمد سلام الله عليهم في مقام التشريع مقامان مقام الربوبية اذ مربوب و هو مقام اشرقت الارض بنوركم و قال الله تعالي اشرقت الارض بنور ربها قال7 رب الارض امام الارض و مقام الرسالة و العبودية اللتين في قولك اشهد ان محمدا عبده و رسوله و هو مقام قيامهم بين العباد و قطبية البلاد و لهم الفخر و الشرف و الفضل و الكمال و العز و الجلال بهذه العبودية اذ حقيقة العبودية العصمة عماسوي صفات الربوبية و هي لهم صلوات الله عليهم و هي كنهها الربوبية المشار اليها فما فقد في عبوديتهم من الهيمنة و الاحاطة و الكلية و الشهادة التامة وجد في ربوبيتهم و ما خفي في ربوبيتهم لغموض لطايف ذلك المقام و علو درجته فانما يصاف في عبوديتهم التي هي آيتها و دليلها و ظاهرها و لذلك استشهد الامام7 بقوله تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۲ *»
حتي يتبين لهم انه الحق
بالجملة قوله انما انا عبد من عبيد الله ظاهره تخضع و تخشع ولكن باطنه ذكر اعظم فضائله صلوات الله عليهم فانهم لمينالوا ما نالوا من المقامات العلية التي تنحسر دونها ابصار العقول الا بعبوديتهم لله و فنائهم في جنب ربوبيته و اخفائهم انفسهم و اظهارهم ربهم فصاروا بذلك مظهر جميع اسماء الله و صفاته و جميع آيات الله و مقاماته و اما قوله لاتسمونا اربابا اي قدماء مستقلين ازليين اغنياء عن غيرنا فالربوبية الربوبية اذ لا مربوب و هي مخصوصة بذات الازل جل قدسه فلايجوز تسميتهم بالرب و الغلو فيهم و رفعهم عن درجة الخلق فانهم عبيد لله عزوجل كائنين ما كانوا لايملكون لانفسهم نفعا و لا ضرا و لا موتا و لا حيوة و لا نشورا و تسميتنا لهم بالرب فانما هو بالرب اذ مربوب و الرب اذ مربوب يطلق علي غير الله كما اطلق الله علي عزيز مصر حيث قال اذكرني عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه و كما روي رب الارض امام الارض و في القاموس الرب باللام لايطلق لغير الله عزوجل و قال و رب كل شيء مالكه و مستحقه او صاحبه و قال في النهاية الرب يطلق في اللغة علي المالك و السيد و المدبر و قال في المصباح الرب يطلق علي الله تبارك و تعالي معرفا بالالف و اللام و مضافا و يطلق علي مالك الشيء الذي لايعقل مضافا اليه فيقال رب الدين و رب المال و قال في معيار اللغة الرب بالالف و اللام مخصوص بالله عزوجل و قد يخفف بالاضافة يطلق علي غيره تعالي ايضا و ربما جاء بالالف و اللام عوضا عن الاضافة اذا كان بمعني السيد و الملك و قال في مجمع البحرين يطلق الرب علي السيد ايضا و المربي و المتمم و المنعم و الصاحب و لايطلق غير مضاف الا علي الله الي ان قال لايجوز استعماله بالالف و اللام للمخلوق و ربما جوزه بعضهم عوضا عن الاضافة بالجملة الرب يطلق علي كل سيد و مالك و نزل به الكتاب و ورد به الخبر و تكلم به العرب و لا نهي من الرب المضاف و هو الرب اذ مربوب و انما الممنوع هو الرب اذ لا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۳ *»
مربوب فقوله لاتسمونا اربابا يعني الها قديما و الا فهم رب اموالهم و عبيدهم اي صاحبها بالبداهة و اما قوله و قولوا في فضلنا ما شئتم يعني مما فيه كمال و حكمة و فضل و في قوله ما شئتم عموم لايحيط باطرافه طوامح العقول و لذا قال فانكم لنتبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا و اعلم ان الله جل جلاله خلقهم اول شيء ثم خلق من انوارهم ساير شيعتهم و قد عبروا عن ارتفاع مقامهم علي شيعتهم بالف الف دهر فاعلي اذكار الشيعة دون ادني مقامهم بالف الف دهر و لايتجاوز شيء وراء مبدئه و لايدرك مافوق مشعره ابدا ابدا فالشيعة لاتدرك من فضائلهم الذاتية و المخصوصة بمرتبتهم العليا شيئا و هي علمها مخصوص بهم لايتحمل ذلك غيرهم و هو العلم الذي لايدركه ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا عبد امتحن الله قلبه للايمان و انما يدرك منهم ما ظهر منهم في مرتبة الشيعة و هو المعبر عنه بالالف غير المعطوفة و ظاهره ان الالف في الخط الكوفي كان هكذا ـا و ذيله عطفه و الالف مع الذيل يكتب اذا كان منفردا غير متصل بحرف من الحروف و اما اذا اتصل به حرف يحذف ذيله فهم سلام الله عليهم في مقامهم الذي انفردوا به و لميكن معهم غيرهم بمنزلة الالف المعطوفة اي التام الكامل الفذ المنفرد و اما اذا اتصل فضلهم بغيرهم و هو الذي عرفوه شيعتهم و تعرفوا به لهم و اقترن بشيعتهم فهو الالف غير المعطوفة و خص التشبيه بالالف لان الالف حرف علة و ابسط حروف العلة و لذلك صار حرف الوحدة و خص من صفات الله بست صفات الابتداء و الاستواء و الانفراد و اتصال الخلق بالله و عدم اتصاله بغيره و الالفة فاكمل مثل لصفاتهم الالف فلميعلم شيعتهم من علومهم و فضائلهم الا الفا غير معطوفة من شأنها الاتصال بالغير. بالجملة الشيعة لاتدرك كنه ما جعله الله لهم مما يخص بمقامهم الفذ و لا معشار العشر و المعشار بمعني العشر و قيل المعشار عشر العشير و العشير عشر العشر فهو جزء من الف جزء ثم علل7 لعدم درك الشيعة كنه فضائلهم بقوله لانا آيات الله و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۴ *»
دلايله و الاية العلامة فايات الله علاماته و علاماته دلايله كماقال7 دليله آياته و وجوده اثباته فايات الله دلايله و علة كونهم آيات الله و دلايله ان الله سبحانه لما احتجب باحديته عن خلقه فلميبلغه غوص الفطن و بعد الهمم و تفسخت دون الحقائق فامتنعت معه خلق الله جل جلاله في رتبة الخلق ادلاء عليه و آيات و علامات بها يستدل الخلق عليه و بها يعرفوه فتعرف لهم بها و تجلي لهم بها و اقامها مقامه في الاداء فادت اليهم احديته في ذاته و واحديته في صفاته و افعاله و معبوديته و ابانت لهم عن الذات و الهوية و الالوهية و الاحدية و الواحدية و اظهرت لهم صفات القدس و الاضافة و الخلق فلاجل ذلك صارت تعرف الله و تعريف الله نفسه و اولئك الادلاء هم هم صلوات الله عليهم اذ لا احد اسبق منهم و لا اولي بالله منهم و لا احب الي الله منهم و لا اوفق بصفاته و اسمائه منهم فهم هم صلوات الله عليهم ثم لما ظهروا سلام الله عليهم لساير الخلق صار جميع الخلق كلهم آيات الله و دلايله لانهم نورهم و شعاعهم و علي هيأتهم فلاجل ذلك قال الله تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق فلك ان تقول معناها سنريهم آل محمد: في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق فانهم الظاهر في مرايا قوابل الامكان آفاقه و انفسه و لك ان تقول ان في كل شيء له آية تدل علي انه واحد و صارت كذلك لان اشعة آيات الله آيات لله عزوجل فكل شيء علامة دالة علي الله عزوجل فلاجل ذلك اي لاجل انهم آيات الله علي احديته و واحديته و قدسه لايبلغ احد كنه ما جعله الله لهم من الفضل كيف و اني و يقول الله جل و علا و ما قدروا الله حق قدره و يقول سبحان ربك رب العزة عما يصفون و يقول لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و اما قوله و حجج الله و خلفاؤه و امناؤ الله و ائمته فذلك علة اخري دالة علي عدم بلوغ الناس كنه ما جعله الله لهم فعلل7 بانهم حجج الله و ذلك ان الحجة لايكون حجة الا ان يكون اكمل من جميع رعيته في جميع جهات الكمال كمالا يعجز جميعهم عن بلوغه و يقصر مشاعرهم عن دركه و ذلك لايكون الا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۵ *»
فيمن لايكون في مقام الرعية و يكون في مقام العلة و المؤثر و بانهم خلفاؤ الله اي القائمون مقامه في الاداء اي اداء توحيد ذاته و اداء توحيد صفاته و افعاله و عبادته و من كان كذلك فلابد و ان يكون في مقام المؤثر للخلق فان مما ينبغي ان يؤدي الي الخلق كونه خالق الخلق و موجده و مؤثره و اعلم ان الخليفة من خلفته بعدك علي اهلك او مالك فالخليفة دليل المخلف و آيته و القائم مقامه لافرق بينه و بينه في شيء سوي الذات ان ذات هذا هذه و ذات هذا هذه و ان تجاوزت عن الذات فلافرق بينهما في الصفات و الافعال و الاثار فلقياه لقياه و قوله قوله و امره امره و حكمه حكمه و فعله فعله و آثاره آثاره و ملكه ملكه و سلطانه سلطانه و معاملاته معاملاته فان بلغ احد هذا المبلغ فهو الخليفة و القائم مقام المخلف في الاداء و بانهم امناؤ الله علي توحيده و صفاته و اسمائه و امناؤ الله علي مشيته و ارادته و قدره و قضائه و امناؤ الله علي خلقه و ملكه و دينه و وحيه و من كان كذلك يكون في مقام المؤثر لا محالة و بانهم ائمته الذين قدمهم الله امام خلقه ليكونوا لهم اسوة بهم يتأسون و يقتدون و اثرهم يقفون و الامام امامان امام وصفي و امام ذاتي اما الامام الوصفي فهو الذي يقتدي به في صفة من الصفات و ان لميكن في الذات يقتدي به كالامام الذي يقتدي بصلوته دون ساير صفاته و ذاته و اما الامام الذاتي فهو الذي يكون المأموم مقتديا به في كونه موجودا كاقتداء شبحك في المرآة بك اذا صليت امامها فالشبح فيها يقتدي بك في صلوتك و حركاتك و سكونك و في ذات شبحك المتصل فيكون حمرته و صفرته و بياضه و سواده و هيأته التي هي ذاته تابعا مقتديا لشبحك المتصل فهو ذاته حمرة لاجل ان ذات الشبح المتصل حمرة و صفرة لان الذات صفرة و هكذا و هؤلاء صلوات الله عليهم ائمة ذاتيون مقدمون علي الرعايا بالذات فلايسعهم درك فضائلهم و معرفة مقامهم البتة.
و اما قوله و وجه الله و عين الله و لسان الله اعلم ان الوجه مستقبل كل شيء و نفس الشيء و ذاته و سيد القوم و شريفهم و الجاه و ما يتوجه اليه الانسان من عمل و غيره كذا في المعيار و اعلم ان من الاصول البينة ان الاحد جل شأنه يمتنع معه سواه فلاذكر لشيء معه فلايصل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۶ *»
اليه شيء و لايقارنه شيء فلايدركه شيء بوجه من الوجوه و اول ما تجلي تجلي بنور شعشعاني ليس في الامكان شيء اوحد منه و باحديته الوصفية التي له حاز جميع انحاء الكمالات و الربوبيات و الهيمنات علي ساير الموجودات و اليه يرجع الامر كله و عليه يدور رحي جميع ما في عرصة الامكان فهو قطب دائرة الوجود و وجه المعبود اذ به يستقبل و يستقبل و يتوجه اليه الخلق لامحيص لهم عنه و لا مناص و لا سبيل لهم الي الاحد الفرد ابدا ابدا فهو المقصود و ظاهر المعبود و مبدء الوجود و سابق الحدود ولكنه وجه للمعبود بذاته و بحقيقة ما هو عليه لاذكار الاشياء السرمدية لا لاعيانهم و لا لاكوانهم و لا لامكاناتهم الجايزة فانها بقضها و قضيضها منحطة عن ذلك النور فانها آثاره و اشعته فهي محجوبة عن دركه كما هي محجوبة عن درك الاحد الفرد الصمد ولكن له مقام آخر في دايرة الاكوان الجايزة و هو وسط الكل و قطب الجميع و هو اول ما خلق الله منها و هو عقل الكل به فتح الله و به يختم و ذلك القطب هو عرش ظهور ذلك الرحمن و كرسي استوائه يمكن ساير الاكوان الجايزة الوصول اليه و استقباله و التوجه اليه فهو وجه الوجه ولكن لايصلون اليه بكليته الا باذكارهم المعنوية في مقام الكلية اذ الجزئي لايصل الي الكلي بجزئيته ابدا و الجزئي اثر الكلي و شعاعه و الاثر لايصل الي المؤثر و لايدركه بذاته فله مقام آخر في رتبة الجزئيات بجزئي كامل جامع هو وجه وجه الوجه به يتوسل الي الوجه الكلي و به يتوسل الي الوجه الحقيقي و به يتوسل الي الحق جل شأنه قال الله جل و عز فابتغوا اليه الوسيلة و اعلم ان لزيد حقيقة بها عرف الله نفسه له فبها يوحد الله و يعرفه و يتوجه اليه و هي مقدسة عن جميع ما هو دونها من الصفات الذاتية و العرضية و المضافات بحيث وصف الله بها لها نفسه ولكن هي كذلك في الوجدان و اما في الوجود فهي حادثة و هي اعلي اذكار الشيء و هي مركبة من مادة و صورة حقيقة و لذلك يمتاز فؤاد زيد عن فؤاد عمرو و هي قد تنزلت بعقله الكلي المعنوي بالنسبة و هو مركب من مادة نورية و صورة معنوية كلية و تنزل هو بنفسه الجزئية الصورية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۷ *»
بالنسبة و هي مركبة من مادة نورية و صورة جزئية دهرية و تنزلت هي بجسدها الجزئي المصور بصورته الجزئية التي بها امتاز عن عمرو و بكر و غيرهما و هو مركب من مادة غليظة جسدانية و صورة شخصية من اعماله و علومه و اخلاقه بها يمتاز عن غيره و انت لو لطفت المادة الجسدانية شيئا بعد شيء و حللتها و اذبتها و صفيتها صارت مادة النفس ثم ترقت و صارت مادة العقل ثم ترقت و صارت مادة الفؤاد كما تنزلت اول مرة الي تلك المراتب و كما يمكن ذلك في الوجود يمكن ذلك في الوجدان بان تتوجه الي الجسد فتكشف عنه سبحة صورته و سبحة غلظة مادته و جمودها ثم تكشف عنها السبحة النفسانية ثم السبحة العقلانية ثم سبحة انيتها فتنظر الي ما وصف الله به نفسه و عرف فتعرفه به الا تري انه يسعك ان تنظر الي الخاتم فتكشف عنه السبحة الخاتمية و تشاهد الفضة علانية و تكشف السبحة الفضية فتشاهد المعدني المنطرق علانية ثم تكشف السبحة المعدنية و تشاهد الجسم ذا الطول و العرض و العمق و هكذا و اذا شاهدت الخاتم لاتكاد تصل الي الفضة الا ان تنبذ الخاتمية وراء ظهرك و تولي عنها فمادمت تري الحلقة لاتكاد تري الفضة ابدا و اذا رأيت الفضة ليس يبقي لك حلقة ابدا بالجملة و لزيد بعد جسده الذي ذكرنا اعراض ملحقة به من رتبة الحيوان و النبات و الجماد التي هي ليست اياه بل و لا منه و لا اليه فتلك مما لايرنو اليها الا المغرور الغبي كالذي كان يشتبه عليه نفسه بغيره فعلق علي رجله قرعة يعرف بها نفسه فنام يوما فحل رجل القرعة من رجله و علقها علي رجله فانتبه النائم فلميجد القرعة فاشتبه عليه امر نفسه فقال ان كنت انا انا فاين القرعة و ان كنت غيري فاين انا فالغبي يزعم ان قرعة الاعراض مما هو به هو و لو كان له شهامة عرف انها غيره و مراتبه الذاتية ما اشرنا اليه بالجملة ذلك الذي بينا و شرحنا فطري الخلايق بل فطري البهائم فلايجرون علي غير ذلك فيكشفون جميع السبحات بالطبع فلايرون من كل شيء الا حقيقته دائما الا تري انه اذا دخل سلطان عليك قمت له و اذا كلمك اجبته و لاتلتفت الي قامته و الي لونه و الي ثيابه و الي ساير مشخصاته و الي جسده و نفسه و عقله بوجه من الوجوه الا ان تتعمد ذلك فتشتغل بها عنه فتغفل و الا و بالفطرة لاتري الا حقيقة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۸ *»
السلطان و تكلمها و تكلمك لاغيرها مع ان عينك لمتقع علي غير ثيابه او جسده الظاهري و قد بسطنا القول في ذلك في رسالة خاصة يجدها من كان من اهلها بالجملة هو9 وجه الله الذي به توجه الي خلقه و به يتوجهون اليه ولكن الوجه وجه ان لمير و الا فليس بوجه و ذلك كالباب انه باب ان لمير و رؤي منه البيت و الا فهو حجاب لاباب و كذلك الوجه هو باب ذي الوجه ان لمير و الا فهو حجابه و ظهره لا وجهه فهو7 لفنائه في الله و ممسوسيته في ذات الله جل و عز كان وجها لله عزوجل لايحجبه بوجه و كان عند تجلي الله جل جلاله كزيت مسه النار فاشتعل فكان مرأي النار و منظرها و مشهدها فلايري منه الا هي و ليس يحجبها بوجه من الوجوه فاختارته و اجتبته و قربته و اصطفته حتي اعطته اسمها و حدها و هذا هو معني الممسوس في ذات الله فالشعلة هي وجه النار و قبلتها و ما تستقبل بها و ما تستقبل به و اما اذا كان الوجه بمعني النفس و الذات فلاشك انه7 نفس الله القائمة فيه بالسنن و ذات الله العليا ولكن ليس ذلك علي ما تزعم بل انه7 نفس مخلوقة و ذات مخلوقة اختصت بالله فلمتكن لغير الله حتي لنفسها لانها فنيت من ذات نفسها و بقيت بالله و اعدمت نفسها و اظهرت ربها كالشعلة عند سطوع النار فليس الدخان المشتعل الا للنار فلماكانت كذلك نسبت الي الله جل جلاله فكانت نفسا شريفة و كانت لله و كانت ذاتا شريفة و كانت لله فبذلك قيل نفس الله و ذات الله و كذلك تكون عين الله و لسان الله و يد الله و جنب الله و اما اطلاق القول بانه عين الله و امثالها فانه صلوات الله عليه بكله دراك و بكله بصير و بكله سميع و بكله قدير و بكله فعال و ليس الحقيقة كالاعراض حتي يكون عضو منها بصيرا و عضو سميعا و ان كان عينه ايضا عين الله و اذنه اذن الله و لسانه لسان الله و يده يد الله و هكذا بهذا المعني الذي ذكرنا و اما اذا كان الوجه بمعني السيد و الشريف فذلك واضح فمن اسود منه و اشرف و قد خلق الله جميع الخلق من شعاع نوره و سوده و شرفه بان جعله ركن توحيده و مقامه العلي و مظهره السني و ان كان بمعني الجاه فهو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۷۹ *»
المنزلة و القدر و في الزيارة انتم جاهنا اوقات صلواتنا اي انتم قدرنا و انتم منزلتنا عند الله اي نحن اذا تقربنا اليكم و اتصلنا بكم فقد حصل لنا قرب و منزلة و قدر عند الله سبحانه فكونه وجه الله بمعني الجاه يعني انت الجاه المنسوب الي الله لعباده او انت قدر الله كما قال ما قدروا الله حق قدره اي انت علوه و ارتفاعه و جلاله و عظمته و كبرياؤه و هكذا و اما قوله بنا يعذب الله عباده و بنا يثيب و من بين خلقه طهرنا و اختارنا و اصطفانا فاعلم ان الاثابة الجزاء الا انها اصطلحت علي جزاء الخير و الجزاء الخير امداد الرجل بمجانس يزيد في قوته و قدرته و حسنه و ملكه و ماله و العقاب ما يعامل به الشخص عقب ما عمل به السوء فهو جزاء السوء و الجزاء السوء امداد الرجل بغير مجانس لفطرته الاصلية الالهية بما ينقص من راحته و نعمته و سلامته في نفسه و مالها من الامور الخارجة عنها و الجزاء خيرا كان او شرا مدد لاينزل الا بالاستمداد من المجزي فان الله جل و عز لاصلوح لذاته لامداد الخلايق كما حقق في محله و الاستمداد عمل من المستمد فالاستمدادات الكونية تقتضي الامداد الكونية و هي امداد وجودية ذاتية بها يكون الشيء هو هو فلايكون الا ثوابا اجزاء مشاكلة و الاستمدادات الشرعية تقتضي الامداد الشرعية و هي اما موافقة او منافرة فان كانت موافقة زادت في حسن المستمد و قوته و قدرته و دوامه و ثباته و ان كانت منافرة نقصت منها البتة و ضعفت و تألم الشيء بضعفها و فقدها و تعذب و المستمد الشرعي لايهتدي الي الاستمداد الا بلطف من الله جل و عز و تعليم و ارشاد منه و التعليم و الارشاد لايتحقق و لايظهر الا علي من يفهم و يعقل فان الجهل ليس بقابل للتعليم و الارشاد فتبين ان الهداية شرطها العقل و هو التكليف و لايهتدي الا العقل و لايكلف الا العقل و لايطيع و لايعصي الا العقل فلايستحق الثواب و العقاب الا العقل و لذا قال ابوجعفر7 لماخلق الله العقل استنطقه ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر ثم قال و عزتي و جلالي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۰ *»
ماخلقت خلقا هو احب الي منك و لااكملتك الا فيمن احب اما اني اياك آمر و اياك انهي و اياك اعاقب و اياك اثيب انتهي فالامر و النهي يقعان عليه و الثواب و العقاب ايضا يقعان عليه فانه المستمد بعد الهداية ثم لايخفي عليك ان العقل عقلان عقل هو مطيع لله عزوجل يعبد به الرحمن و يكتسب به الجنان و هو علي فطرة الله التي فطر الخلق عليها و هي مطابقة لصفة مشية الله باقية علي صفة حال صدورها منه و لمتغير و لمتبدل فهو يطيع و لايعصي و يكون محبوبا لله عزوجل و عقل متغير عماكان عليه و خلق عليه بشوائب الانيات و انما مثل ذلك كشبحك في المرآة فمرة يكون المرآة مستقيمة عديمة الالوان مصقولة كاملة فتحكي شبحك علي ما انت عليه فتحبه و تضيفه الي نفسك و هو منك و اليك و مرة يكون المرآة معوجة مصبوغة كدرة فيري فيها شبح اعوج مصبوغ كدر قبيح فتنفيه عن نفسك و تشنأه و تتبرأ منه فانه ليس منك و لا اليك و هو علي ما هو عليه قائم بظهورك و مادته شبحك و كذلك نور العقل الذي صدر من مشية الله جل و عز و من العقل الكلي هو من حيث الصدور علي حسب المشية و هي محبوبة لله عزوجل و يقع ذلك النور علي قوابل الخلق فمنهم من يكون قابليته صافية معتدلة غير مصبوغة باصباغ الاراء و الاهواء و العادات و الشهوات و الغضب و الالحاد و الشقاوة فيظهر عليها العقل كما صدر فيكون محبوبا لله عزوجل يضيفه الله اليه و هو يطيع الرحمن و يكتسب الجنان و يتقرب الي الله عزوجل و يسلك اليه و يستأنس بطاعة الله دائما و هو علي فطرة الله التي هي الدين القيم و منهم من يكون قابليته كدرة معوجة مصبوغة بتلك الاصباغ فتغير العقل و لآمرنهم فليغيرن خلق الله فيتغير العقل مع كونه قائما بمشية الله و يكون تغيراته علي حسب تغيرات القابلية فيظهر عليها العقل علي حسبها فالذي عليها مركب من امرين من نور عقل صادر من المشية محبوب و اعوجاجات مبغوضة فهو له شعور و تمييز حصل له بما صدر من المشية و بطلان و عصيان و تباعد و منكرات من ذات القابلية فيستعمل شعوره في العصيان و لولا الشبح لميظهر علي مرآة قابليته شيء و لولا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۱ *»
اعوجاجه لظهر معتدلا فهو الذي يتقوي بقوة الله علي معصية الله و يستعين بنعمة الله علي مخالفة الله فلاجل ذلك قال الله جل و عز للعقل و خصه بالخطاب فقال ماخلقت خلقا هو احب الي منك اي لو بقيت علي صرافتك و علي ما خلقتك عليه و اياك آمر و اياك انهي اذ لاشعور لغيرك و انما التكليف لمن يفهم التكليف و لا فهم لغيرك و اياك اثيب فانك لو بقيت علي فطرتك و اطعتني استحققت المزيد مني و اياك اعاقب فانك بعد التغير و التبدل تذهب مذهب الانيات المغيرة و تعصيني و تغتر بغرور الغرور و لولا انت لافهم للماهية و لاحس و لا حركة فتبين و ظهر ان الثواب و العقاب للعقل و لاشك ان العقول الجزئية التي في الخلق جميعها اشعة العقل الكلي و العقل الكلي هو عقلهم صلوات الله عليهم و هو الملك الذي له رؤس بعدد الخلائق يشرق من وجه كل رأس منه نور علي قلب من يخص به فلاجل ذلك قال7 بنا يعذب الله عباده و بنا يثيب اذ لولاهم لميكن لاحد عقل و اذ لاعقل لاتكليف و اذ لاتكليف لااستحقاق لثواب و لا عقاب و معني آخر لذلك انهم صلوات الله عليهم علة الكاينات و مؤثر الموجودات و جميع ما في الخلق و لهم و بهم و منهم و عليهم كله صادر منهم راجع اليهم و هم ممدون جميع القوابل الكونية و الشرعية بفضل انوارهم يقولون كلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ماكان عطاء ربك محظورا فيعطون كل ذي حق حقه و يسوقون الي كل مخلوق رزقه و بهم سكنت السواكن و تحركت المتحركات فلايصعد صاعد الي عليين و دار القرب الا بهم و لاينزل نازل الي سجين الا بهم فبهم يعذب الله من يعذب و بهم يثيب الله من يثيب و لااشكال في ذلك و في الظاهر انهم سلام الله عليهم قسيموا الجنة و النار و بيدهم مفاتيحهما فيدخلون الجنة من شاءوا و يدخلون النار من شاءوا و كذلك انهم صلوات الله عليهم في العالم بمنزلة الروح في الجسد و حيوة العالم بهم كما ان حيوة بدنك بروحك فلايتحرك عضو الا بالروح و كذلك هم الروح الكلي للعالم الكلي فلايتحرك منه شيء و لايسكن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۲ *»
الا بهم فلامحرك لهذا العالم سواهم و لامسكن غيرهم فهم المعطون ما شاءوا لمن شاءوا و هم المانعون من شاءوا ما شاءوا و اليهم كل القبض و البسط و العطاء و المنع و الحركة و السكون فجميع ما اصاب قوم منذ اول الدهر الي يومنا هذا و يصيب الي يوم القيمة من النعيم و الراحة و العزة فبهم و جميع ما اصاب قوم و يصيب من العذاب و الذلة و الهوان فبهم فبهم يعذب الله من يشاء و بهم يثيب فتثبت.
و اما قوله من بين خلقه طهرنا و اختارنا و اصطفانا فان الله سبحانه طهرهم في الظاهر من ارجاس المعاصي و الواثها و من كل مغمض في ذواتهم و صفاتهم و افعالهم و احوالهم و اموالهم و طهرهم في الباطن من جميع ارجاس مقتضيات القوابل الامكانية الناقصة اذ خلق الجميع من انوارهم و اجراها في عرصة الامكان بسببهم فلايجري عليهم ما هم اجروه و لايعود فيهم ما هم ابدأوه و ذلك ان مقام المؤثر فوق مقام الاثار بوجوداتها و ماهياتها مبرأ من جميع مقتضياتها منزه عن جميع نقائصها فكذلك الله رب العرش طهرهم و اختارهم حيث اتخذهم خير خلقه و اصطفاهم و اتخذهم صفوة جميع الكاينات عن كدوراتها و اصطفاهم اول مرة في السرمد عن جميع كدورات الدهر ثم اصطفاهم في الدهر عن جميع كدورات الزمان ثم اصطفاهم في الزمان عن جميع كدورات الزمان و نقايصها فصلي الله عليهم ما كر الجديدان و تتالي الملوان.
و اما قوله و لو قال قائل لم و كيف و فيم لكفر و اشرك لانه لايسأل عما يفعل و هم يسألون فلايخفي ان ذلك بعد معرفتهم و معرفة ما آتاهم الله من فضله فمن عرفهم و عرف فضائلهم ثم انكر و جحد و قال متعجبا لم و كيف و فيم لكفر فان الكفر لايكون الا بالجحود كماقال7 لو ان الناس اذا جهلوا وقفوا و لميجحدوا لميكفروا فالمعني لو قال قائل من العارفين بمقامي لم كفر و اشرك كماقال جل و علا يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها و وجه الكفر ان عدم حصول الشيء يكون من شيئين اما من نقصان في الفاعل و اما من نقصان من القابل فايهما تحقق لميحصل الشيء الذي من شروط وجوده الفاعل و القابل و هنا الفاعل هو الله جل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۳ *»
جلاله فانه خالق كل شيء لا من شيء و هو الكامل الحق و الاحد المطلق لانقصان فيه و لايترقب زيادة في نفسه و استفادة لذاته و هو ظاهر و القابل هنا هو قابليتهم و لاشك انه لايعوق قابلية الامكان الذي لا غاية و لا نهاية عن قابلية كاملة تقبل جميع ما يمكن في الخلق من الكمال البتة ففيه قابلية وجود كامل جامع لجميع الصفات الكمالية التي يمكن حصولها في الامكان و هو جميع ماسوي الربوبية الذاتية اذ حق و خلق لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما فالفاعل الكامل موجود و القابلية لوجود ذلك الكامل في الامكان موجود بلاشك و لاترقب في السرمد و في العالم الاول فما المانع من حصول خلق كذلك و لايسبقه سابق و لايفوقه فائق و لايلحقه لاحق فلابد و ان يكون خلق كذلك لوجود المقتضي و فقد المانع و لذلك قالوا نزلونا عن الربوبية و قولوا في فضلنا ما شئتم و لن تبلغوا فمن انكر وجود خلق كذلك فهو اما منكر لكمال الله جل و عز و اما منكر لقدرته و لذلك تقرأ في الجامعة الصغيرة اني لمن القائلين بفضلكم مقر برجعتكم لا انكر لله قدرة و لاازعم الا ما شاء الله و ان وجب خلق خلق كذلك فقد خلق و اذ ثبت و عرف انهم اشرف الخلق و اوله و اكمله فلامجال لانكار شيء من الكمال لهم مما دون الربوبية الذاتية القديمة و اما ماسوي الذات الاحدية من الصفات فلابد و ان يكون لهم ثابتا صلوات الله و سلامه عليهم و اما استدلاله بقوله لانه لايسأل عما يفعل و هم يسألون فاعلم ان السؤال يقع عن اربعة اشياء اما يسأل الشخص عن العلة الفاعلية في صنعه فيقال له بم فعلت و اما يسأل عن العلة المادية فيقال مم صنعت و اما يسأل عن العلة الصورية فيقال علي ما صنعت و اما يسأل عن العلة الغائية فيقال لاجل ما صنعت و لا خامس و يلحق جميع القرانات و الاعراض و الحدود و الاذن و الاجل و الكتاب العلة الصورية فالله جل جلاله كان في احديته و ازليته و لاشيء سواه ثم ابدع الخلق ابداعا و اخترعه اختراعا بلااستعانة بآلة اذ هو مخترع الالة لا من شيء و حق و خلق لا ثالث بينهما فلميك لخلقه الخلق آلة يستعين بها فيقال له بم خلقت فلايسأل عن العلة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۴ *»
الفاعلية لخلقه فان العلة من خلقه كما روي في الدعاء كان عليما قبل ايجاد العلم و العلة و كذلك لايسأل الذي يخترع الخلق لا من شيء و لميخلقه من اصول ازلية و لا اصول محدثة احدثها غيره بل خلق مواد الخلق ثم خلق الخلق منها كما قال و جعلنا من الماء كل شيء حي فجعل نسب الخلق الي الماء و لميجعل للماء نسبا فكان الماء اول ما خلق لا من شيء فلايقال لمن هو كذلك مم صنعت و كذلك لايسأل انك علي احتذاء اي صورة و مثال صنعت فانه لميكن صورة ازلية يظهرها بالايجاد و لامثال محدث احدثه غيره فيوجده و يظهره بافاضة الوجود عليه بل ابدعه ابداعا و لميك شيئا مذكورا و كذلك لايسأل انك لاجل اي شيء صنعت فانه لاغاية ملحوظه لخلقه و ليس ذات الازل غاية الخلق و ليس بينها و بين الخلق شيء يكون ملحوظا و غير مخلوق و لا شيء مخلوقا لغيره يكون غاية خلقه بل اوجد الغاية التي هي معرفته و اوجد لها الخلق و لا شيء سواه فلايسأل الله سبحانه بوجه من الوجوه عن ما فعل و هم يسألون فانهم فيما يفعلون يحتاجون الي آلة و الي مادة يأخذونها لصنعهم و يصورونها علي احتذاء مثال سابق و يركبونه لاجل غاية بعثتهم علي العمل فاستدل7 علي ان الله سبحانه جعلهم كذلك لا بعلة غائية بعثته علي العمل اذ لا كان شيء سواه فانشأهم انشاءا قبل كل شيء فهم الاولون لا اول قبلهم و الاخرون لا آخر بعدهم لايسبقون و لايلحقون بل هم اول مذكور في عرصة الامكان فهم غاية الغايات و نهاية النهايات و انما خلق الله ماسواهم لاجلهم و لميخلقهم لاجل شيء ابدا اذ بهم عرف نفسه لهم و بهم لغيرهم فلاغاية لخلقهم سوي انفسهم و انما صنعهم لنفسه كما قال و اصطنعتك لنفسي و هم نفس الله القائمة فيه بالسنن و هم علة العلل خلقهم الله بهم كما قال خلقت المشية بنفسها ثم خلقت الاشياء بالمشية فالله سبحانه ابدعهم و اخترعهم بهم لابسواهم اذ لاسابق عليهم فهم اول العلل لانفسهم و لغيرهم و كذلك لميخلقهم من مادة سابقه و لا علي احتذاء صورة متقدمة فانه خلقهم لا من شيء فلاجل ذلك لا بدء لخلقهم و لا غاية و لا اول و لا آخر و لا تنقل و لا زوال كانوا هم هم ابد الاباد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۵ *»
و ازل الازال لا فناء لوجودهم و لا انتقال و لاجل ذلك هم وجه الله المتعال كل من عليها فان و يبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام و هم عند الله الذي قال فيه ماعندكم ينفد و ما عند الله باق و من عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون فهم دائمون و في صلوتهم قائمون.
قال عليه الصلوة و السلام يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين صلوات الله عليك قال7 من آمن بما قلت و صدق بما بينت و فسرت و شرحت و اوضحت و نورت و برهنت فهو مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للايمان و شرح صدره للاسلام و هو عارف مستبصر قد انتهي و بلغ و كمل و من شك و عند و جحد و وقف و تحير و ارتاب فهو مقصر ناصب اما من آمن و صدق بما قلت فهو مؤمن قد اختبر الله قلبه للايمان.
فان القلب موضع الايمان و الصدر موضع الاسلام قال الله تعالي قولوا اسلمنا و لمايدخل الايمان في قلوبكم و قال فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام و ذلك ان الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس و يحقن به الدماء و هو القول باللسان و العمل بالاركان و المراد بالصدر هو النفس التي هي مبدء الحواس الظاهرة و الباطنة و هي محل الاسلام و هي وعاء العقل الذي يعبر عنه بالقلب كما قال الله عزوجل ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب فالمراد بالقلب العقل و هو موضع الايمان اي التصديق و اليقين بالحق كما قال و لمايدخل الايمان في قلوبكم فكل مؤمن مسلم و لا كل مسلم مؤمن فان القول باللسان و العمل بالاركان مأخوذان في الايمان و الاعتقاد بالجنان ليس مأخوذا في الاسلام و قد مر ما يدل علي ذلك فلاجل ذلك امتحن الله قلبه للايمان و شرح صدره للاسلام و اما قوله و من شك و عند الخ فلاشك في ان المعاند الجحود و المتوقف
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۶ *»
بعد البيان و كذا المتحير بعد البرهان هو مقصر ناصب كافر مشرك بالله العظيم ثم باقي الفقرة ظاهر ان شاء الله لايحتاج الي زيادة شرح.
قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين صلوات الله عليك قال7 انا احيي و اميت باذن ربي و انا انبئكم بما تأكلون و ما تدخرون في بيوتكم باذن ربي و انا اعلم بضماير قلوبكم و الائمة من اولادي: يعلمون و يفعلون هذا اذا احبوا و ارادوا لانا كلنا واحد اولنا محمد و آخرنا محمد و اوسطنا محمد و كلنا محمد فلاتفرقوا بيننا و نحن اذا شئنا شاء الله و اذا كرهنا كره الله الويل كل الويل لمن انكر فضلنا و خصوصيتنا و مااعطانا الله ربنا لان من انكر شيئا مما اعطانا الله فقد انكر قدرة الله عزوجل و مشيته فينا.
اعلم ان الاحياء هو رد الروح الي البدن بعد خروجه منه و الاماتة هي اخراج الروح من البدن و درك معني الاحياء مشكل جدا جدا و ليس هيهنا موضع بيانه مفصلا و لا علينا ان نشير اليه علي نحو الاجمال اعلم ان الجنين بعد ما تم خلقة اعضائه الظاهرة و الباطنة و تمت نباتيته جذبت الدم من سرته و جري الدم من قرينه الي سرته الي معدته فانهضم فيها و جري صوافيه من العروق التي تسمي بماساريقا الي كبده فانهضمت فيها و جري صوافيها الي قلبه فتبخرت فيه بخارا لطيفا معتدلا فيه جزء من الحرارة و جزء من البرودة و جزء من اليبوسة و جزءان من الرطوبة و ذلك البخار هو خلاصة ذلك الدم الذي كان في القرين و مصعده فاشتعل ذلك البخار بحيوة الام و شعلات النجوم المربيتين لذلك البخار المعدلتين له المنضجتين اياه المنشئتين له كما يشتعل البخار الصاعد من الزيت بحرارة النار المقربة به فيشتعل البخار حيا و ظل يتحرك و يحس باللمس و يسمع بالاذن و الحيوة التي اشتعل بها كانت في كمون البخار و ضعيفة خامدة و انما تقوي و نشط كما ان الحرارة كانت كامنة في البخار و لمتحدث النار الخارجية فيه نارا و انما نهبت راقدة ماكان فيه من الحرارة و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۷ *»
قوت ضعيفها و اخرجت الي الفعلية ماكانت فيه بالقوة و كذلك الحيوة الخارجية لاتحدث الحيوة في البخار بعدان لمتكن و انما اظهرتها بعد ان قد كمنت و هي اي الحيوة صورة فلكية ملكوتية تعرض نباتية البخار و يتصور نباتية البخار بها و تلك الصورة قالبها حيوة الام و الشعلات فتصوران نباتية البخار علي حسبهما من الصفا و الاعتدال و النضج و علي حسب البخار و تلك الصورة هي الحيوة الحيوانية و هي غير البخار الصاعد بالحرارة النباتية و هي من عالم البرزخ و هي من يوم تعلقت بالبخار النباتي متشبثة به الي ان ينعقد الدم فينقطع البخار فيبطل الصورة و تذهب و هو الزهوق و الموت و الهلاك و ربما يبرد القلب و ينجمد الدم فيموت و يبطل صورة الحيوة فاذا جمد الدم و انقطع البخار و تحلل الموجود ذهبت الصوره و فنيت و محيت من لوح الزمان اي المادة الجسمانية و عادت الي ما بدئت منه عود ممازجة كالنباتيه و الجمادية و اما النفس الانسانية فليست من اصل الجسم و ليست جسمانية المبدء و ليس لها انبعاث من اصل البدن بل هي مادتها شعاع الانسان الكلي يأتي من الخارج و صورتها حقيقة العلوم المتكثرة و العمل بها و تلك العلوم تصعد من الخارج فتطرق المشاعر الظاهرة ثم تدخل علي الحس المشترك ثم تصعد الي الخيال فتتجرد عن المواد الخارجية و تخرج ما كمن فيه من النفس الانسانية شيئا بعد شيء و لذلك ليس للانسان كمال علم لميصعد اليه من الجوارح الظاهرة الا تري ان الاعمي بالولادة لايقدر علي تصور لون و الاصم بالولادة لايقدر علي تصور صوت فما صعد من العلم و العمل الي الخيال و تجرد و صعد الي النفس يصير صورة النفس و تمتاز بها عن غيرها فتلك النفس في كل احد بحسبه و لذلك تمتاز نفس زيد عن نفس عمرو و تزداد نعومة و لطافة بزيادة العلوم و الاعمال و تزداد غلظة بقلة العلوم و تسفلها و تلك صورة تعرض غيب الحيوانية كما ان الحيوانية صورة تعرض النباتية و النباتية صورة تعرض الجمادية و النباتية هي اعتدال و صفاء يعرض العناصر فيظهر من كل عنصر فعله و يطاوعه الاخوان ثم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۸ *»
ان الحس و الحركة و الارادة تعرض ذلك الصفاء و لاتصاقعه ليحتاج مجيئها الي ذهابه كالالف و الباء ثم العلوم و الاعمال صور تعرض الحس و الحركة و الارادة و لاتصاقعها ليحتاج مجيئها الي ذهابها فالنفس الانسانية كامنة في الحيوانية كمون النار في الزيت و انما تستخرج بمساعدة نار بالفعل فتخرج تلك النار من القوة الي الفعلية كما كانت الحيوانية في كمون النباتية و النباتية في كمون الجمادية و لاجل انها لميصاقع بعضها بعضا و كانت احديها فوق الاخري قلنا انها واقعة في الطول بالجملة النفس الانسانية صورة مجردة عن المواد الزمانية كماوصفها اميرالمؤمنين7 حين سئل عن العالم العلوي فقال صور عالية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد تجلي لها فاشرقت و طالعها فتلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله الخبر فهي مادام الانسان حيا متعلقة بالحيوانية المتعلقة بالنباتية المتعلقة بالجمادية و اذا فسد الجمادية فسد النباتية و فارقت الحيوانية و عادت الثلثة عود ممازجة و فارقت الانسانية الدهرية و هي قائمة في دهرها تعود عود مجاورة فهي قائمة في دهرها الي ان يشاء الله احياء الشخص فيؤلف بدنا نباتيا علي صفة بدنه الاول فيصعد من دمه بخار و يشتعل بالحيوانية فاذا حيي حيوة تشابه حيوته الاولي تعلق بها تلك النفس لانها دهرية و نسبتها الي كل الابدان علي السواء فان ناسبها بدن حكيها و الا حجبها فاذا ناسبها بدن و ظهرت منه عرفت نفسها كما كانت تعرف ذلك صفة الاحياء و الاماتة علي نهج الاختصار فالولي7 لقدرته علي ما يشاء اذا شاء احياء او اماتة فعل ذلك و لاغرو و يمكن ان يراد بالاحياء و الاماتة اللذين في الدنيا و الاحياء و الاماتة في الرجعة والاحياء في القيمة فجميع ذلك راجع الي الولي لانه وكر مشية الله و محل ارادته و جميع ما يشاء الله و يريده يظهر منهم و يجري بهم و قلب الولي هو الصور كما قال الله عزوجل فاذا نقر في الناقور اي في قلب الامام فاذا اراد الله اماتة اهل العالم اعرض قلب الولي عن افاضة الحيوة فجذب الحيوة المفاضة علي الاحياء فمات الكل و اذا اراد الاحياء توجه الي من يشاء بعد صوغ بدنه و يشرق من قلبه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۸۹ *»
نور الحيوة عليه فيحيي و ذلك انه مؤثر الكل فلايحدث حادث الا بهم و لايسكن ساكن الا بهم و لايتحرك متحرك الا بهم و اما قوله باذن ربي فاعلم ان اذن الله هي مشيته و امره اذا انفرد فهم لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و هم لكونهم محال مشية الله يفعلون ما يشاءون و ما يشاءون الا ان يشاء الله و اما اذا اجتمع مع المشية و الارادة و القدر و القضاء و الامضاء فالاذن هو رخصة من الله عزوجل ليخرج الشيء من العدم الي الوجود و ذلك من خواص مذهب آل محمد: فغيرهم يقول اذا وجد العلة التامة و استعد القابل بوجود المقتضي و رفع المانع فتخلف المعلول محال و يجب وجوده و الحق عند آل محمد: ان الله لايضطر الي شيء و لايسلب لاختيار منه تعالي شأنه و في اي حال بيده الامر و يمكن ان لايخرج الشيء مع ذلك كله من العدم الي الوجود فان وجود المقتضي و فقد المانع و صلاحية القابل و وجود العلة لاتوجب علي الله شيئا و لا تضطره و لاتلزمه و لاتخصصه ابدا ابدا والله سبحانه احد قدوس لاتعين له ابدا فلايجب مع ذلك كله عليه اخراج الشيء الي الوجود فان اذن خرج و ان لميأذن لميخرج و العلة عندنا مخلوقة و ليس ذات الله علة شيء و في الدعاء كان عليما قبل ايجاد العلم و العلة و بذلك يتمكن العبد من تسوية الخوف و الرجا فلايأمن من مكر الله ابدا و لاييأس من روح الله ابدا فهو يرجو من الله النجاة و ان احاطت به اسباب الهلاك و يخاف من الله الهلاك و ان احاطت به اسباب النجاة و كذلك ينبغي للعبد ان يكون مع ربه و اما قوله انا انبئكم بما تأكلون و ما تدخرون في بيوتكم باذن ربي فاعلم ان للانسان عينين عينا في ظاهر جسده يشاهد به الالوان و الاشكال القائمة بالمواد الجسمانية و سببها الضياء و الهواء و المقابلة فان العين بمنزلة المرآة الصافية ينطبع فيها شبح كل لون و شكل وقع عليه نور فاذا لميكن مقابلا للعين لميقع منه شبح في العين اي عين كانت فان ذلك طباع العين و هذه العين يحجبها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۰ *»
الحواجب فتمنعها عن المشاهدة و عينا في باطنه قد فتحت في عالم الدهر والاظلة يشاهد الانسان بها الاظلة و لايحجبها ظلمة الدنيا و لاحواجبها فهي تشاهد المثل و صفة مشاهدتها من مشكلات المسائل و لا علينا ان نشير اليها هنا اعلم ان عالم المثال عالم مقداري اسفله موضوع علي المواد الدنياوية فهو غليظ كثيف يناسب المواد الدنياوية الغليظة و المراد بالمواد الدنياوية مواد كانت في الزمان موجودة قبل تكوين ذلك الشيء الزماني كوجود الخشب قبل السرير و الطين قبل الكوز فصورة السرير و الكوز من اسفل عالم المثال و هذه المثل السفلية لاتظهر منفصلة عن المواد الزمانية و لابد و ان تحل علي مادة زمانية و تظهر عليها فجميع ما تري من المثل بعينك الظاهرة علي المواد الزمانية كلها من اسفل عالم المثال و اما اعلي عالم المثال فهو دهري قائم علي المواد الدهرية و المادة الدهرية هي التي لاتوجد في الخارج بلامثال منفردة عنه كما لايوجد المثال الدهري بلامادة منفردا عنها و المثال هو الكم و الكيف و الجهة و الرتبة و الوقت و المكان التي بها تحددت مادة الجسم و هي صور اهبية هذا العالم و مادتها المادة الدهرية فهما نوعيتان بالنسبة الي ما في الزمان من الكائنات و يمكنك ان تدركهما اذا نظرت الي كل شيء من حيث انه جسم فالجسم المركب زماني و اجزاؤه دهرية نوعية بالنسبة الي هذا العالم ثم ان الجسم ذا الشبح يكمل الهواء المقارن علي نحو ما هو عليه من الشبح فينفعل الهواء و يتكمل تكملا لطيفا رقيقا خفيا ولكن لرقة مادته لايظهر الشبح للعين فيتكمل اجزاء الهواء الي ان يلاقي صفحة العين كما يتكمل اجزاء الماء بالتمويج الي منتهاه فيتكمل صفحة العين بتكميل الهواء اياها و ليس ينفصل من ذي الشبح شيء آخر غير ثابت في مادة فان العرض لايقوم بلاجوهر و ليس العرض بشيء ينتقل و يمر من لدن ذي الشبح الي المرآة مثلا و انما هو تكمل اجزاء الهواء بعضها عن بعض كتاثر الماء بعضه عن بعض اذا تموج فنفس ما يتأثر منه الهواء هو المراد من الشبح المنفصل و هو اثر من ذي الشبح و لاينفصل شيء عن ذي الشبح و يمشي و الهواء لشدة رقته و لطافته يتكمل اجزاؤه سريعا في طرفة عين و ان كان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۱ *»
من السماء الي الارض فالتكميل قائم بالمكمل قيام صدور و بالاجسام المتكملة قيام ظهور و من ذلك ما يقع في الاعين من المثل فان الاعين كالمرآة و الاشباح تنفصل عن ذويها كما بينا و تقع في العين فما وقع في العين من الشبح ينصبغ به الجليدية ثم العصبة الجوفاء التي تصل الي العين علي نحو التألم و الانفعال و التأثر و لذلك ربما يبقي المثال في العين اياما اذا تألمت العصبة و انفعلت كثيرا كالذي ينظر الي الشمس المنخسفة فيتألم العصبة و يبقي فيها المثال اياما بحيث يري قرص شمس علي كل شيء نظر اليه ثم ينطبع في الروح البخاري الذي في العصبة فينصبغ هو صبغا لطيفا كانصباغ الهواء بالشبح و ان كان خفيا و ذلك ايضا علي نحو التألم فالموجود عند العصبة و البخار تألمهما لا الشبح الاتي فان الشبح الاتي تابع لذي الشبح و قد ذهب بذهابه و تألمهما تكملهما بكمال الشبح الاتي و لماكان روح الحيوان في البخار ينفعل من البخار علي نحو التكمل فالموجود عنده كماله الحاصل الا انه لارتباطه الكامل بالطبايع و قلة تكمله و ضعفه يرتفع عنه الكمال سريعا و يبقي بلاكمال كارتفاع النور من الجدار اذا ذهب السراج فاسرع ذلك يكون في الجليدية و بقاؤه في العصبة ابطأ و بقاؤه في الروح ابطأ منه و لذلك يبقي في الحس المشترك الشبح زمانا بعد ذهاب ذي الشبح و الشبح ثم يفني منه بعد حين و اما اذا انطبع منه فيه و انطباعه فيه يحصل بتكمله بالاقتران به فيتكمل منه الخيال علي نحو التألم و التأثر و الانفعال و ذلك التكمل يبقي له ما توجه اليه و حفظه و ان ذهب الشبح و ذو الشبح من الخارج و زال شبحه عن العين الا ان تكمل الخيال لابد و ان يكون مسبوقا بما ذكر و لا يأتيه شبح من غير هذا الطريق و لايصعد نفس الشبح اليه و انما ذلك علي نحو التكمل و كما ان الحديدة ربما تتسخن و تبقي متسخنة و قد ذهبت النار كذلك بعد ما تكمل الخيال يبقي فيه الكمال و ان ذهب المكمل و اعلم ان الشيء اذا كان لطيفا صافيا عن الاعراض يسرع انفعاله عن الوارد و اذا كان غليظا يكون ابطأ انفعالا فلاجل ذلك يكون الهواء مثلا اسرع انفعالا من الارض الجاسية و كذلك يكون البخار اسرع انفعالا من الجسم الغليظ و الحس المشترك اسرع منه انفعالا و الخيال اسرع من الحس انفعالا و هكذا و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۲ *»
كذلك يتصور الخيال باي صورة شاء و لايقدر الجسم الغليظ علي ذلك و لذلك يتصور الجن باي صورة شاء و لايقدر الانسان علي التصور باي صورة شاء بالجملة اذا تكمل الخيال و حصل له ملكة ذلك الكمال يتصور بتلك الصورة الخاصة متي ما شاء و اراد و الي ما شاء و اراد و يتفاوت ما يقع في الخيال فلربما يقع فيه شيء و لايدوم عليه حتي يتأثر منه تأثرا قويا فيكون له ملكة فذلك موجود عليه مادام ذو الشبح موجودا و يذهب بذهابه و ربما يداوم عليه حتي يتأثر قويا و يصير له ملكة فذلك متي ما شاء يتصور بتلك الصورة و لاينساه و ان تركه احيانا ولكن يتذكره متي ما شاء و الفضل في اعماله في الملكة فالذي يدركه الخيال صفته و كماله الحاصل له و لذلك قال7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها فالخيال لايدرك الا نفسه فالشبح الحاصل في الخيال لايحتاج بعد الي المواد الخارجية فهو مجرد عن المواد الخارجية لا عن مادة الخيال فان العرض لايقوم بلامادة في عالم من العوالم فمابقي الخيال متهيأ بهيأة ذلك الكمال يجد ذلك الكمال علي ما وصل اليه من الخارج فاذا اعرض عنه ذهب و ان شاء تصورها و غيرها كيفما شاء ثم لماحصل له قوة ذلك الكمال و افاده استعدادا و ملكة يمكنه التهيؤ بهيأته متي ما شاء و اراد و لذلك لايقدر علي ما لميستفد و تخيل ما لميدركه و لميصل اليه و تهيؤ الخيال بهيأة ما اراد كجلوس البدن و قيامه و حركته و سكونه فكما ان البدن اذا شاء ان يجلس جلس و اذا شاء ان يقوم قام كذلك الخيال يتهيؤ باي هيأة شاء و اراد و انما يعجز البدن عن ذلك لغلظته و كثافته و بطء مطاوعته و اما الخيال فروح لطيف يتهيؤ باي هيأة شاء واراد ولكن هنا دقيقة و هي ان الشيء لايقدر علي ان يغير نفسه و ما يري في البدن من القيام و القعود فانما يقيمه و يقعده الروح اقول و كذلك الخيال لايقدر علي ان يغير نفسه و انما يغيره النفس التي فوقها و بقي ايضا دقيقة انيقة و هي ان النفس جوهرة وحدانية لا خصوصية لها بصورة حتي تختار صورة فتأمر الخيال بالتصور عليه و انما يأتي اسباب الترجيح من ابواب المشاعر الظاهرة و ابواب الطبايع و العادات و غيرها فاذا حصل مرجح صورة تصور الخيال و النفس دائمة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۳ *»
الاشراق فتصور النفس الخيال علي حسب المقتضي و الا فالنفس لا خصوصية لها بشيء من تلك الصور و ان كان لها خصوصية بالنسبة الي نفس زيد و يكون لكل نفس قوي قريبة الي الفعلية ليست في غيرها و ذلك ان ما حصل في الخيال حينا بعد حين يتكمل منه النفس و لا حين لها الا حين واحد فيجتمع عندها جميع الكمالات التي حصلتها في نقطة واحدة و حين واحد فبذلك المعلومات و الاعمال تمتاز عن غيرها و لاجل ذلك كان يقال ان حدود نفس المؤمن تخطيطات علمية و عملية احاطت به و كل احد يمتاز عن آخر بعلمه و عمله فكذلك تترقي النفوس و تتنزل و تكون من اهل عليين و اهل سجين فلاجل ذلك لايقدر نفس ان تصور خيالها الا علي نحو علوم اكتسبها و صارت ملكة لها و له بالجملة اذا حصل المرجح صور النفس بقدرتها الحاصلة المكتسبة خيالها و تصور الخيال علي حسب تلك الصورة فيدرك الانسان في خياله ما تصور عليه و هذا الذي كان يقال ان الخيال اذا اراد تصور شيء واجه لوح الارتسام و هو لوح النفس قد ارتسم فيه صور ما اكتسبته و صارت ملكة لها و تلك الملكة هي حافظتها فيواجه الخيال ذلك اللوح فيتجلي النفس بصورة تريدها بسبب المرجحات فيقع مثالها في الخيال فيتصور الخيال علي حسبه بصورة ذلك المثال فيجد الانسان في خياله تلك الصورة و لاجل ذلك لايغلط الخيال و يتصور تلك الصورة المرادة من بين جميع معلوماته و لربما صورت حسها المشترك فذلك لها اصعب لغلظته و يصعب عليها تغييره اذا تطبع علي هيأة و لذلك يصعب علي اناس اخراج ما انطبع في اذهانهم و تطبعوا عليه كأهل الوساوس و النجوي بالجملة الخيال سريع التشكل بقدر لطافته و علي ذلك سهل علي الجن التصور باي صورة شاءوا و لهم صورتهم النوعية و انما مثل تصورهم كتصور السكر بصور عديدة و هو سكر لا خل كذلك زيد الجني يتصور بصور و هو زيد بالجملة الخيال هكذا يتصور و هكذا يري في المنام ما يري و لايري الا ما حصل له اسباب ترجيح لصورة من الاسباب المذكورة و هكذا جميع ما يظهر من النفس من الاعمال و الصفات فكلها محتاجة الي حصول اسباب و الا فلامرجح في اصل النفس الا لما به هي هي من خصوصيات زيدية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۴ *»
او عمروية فتلك مرجحها في نفسها بالجملة المثل ليست منضودة في عالم حتي يتوجه اليها الخيال و يقع فيه الشبح فيدركه اذ لو كان كذلك لكان يدرك الانسان بخياله اشباحا لميدركه قبل اذا طلب شبحا و دار في طلبه الي ان يظفر بمطلوبه او طلب الاشباح ابتداء فافهم بل عالم المثال كهذا العالم الاشباح الماضية فانية و الاشباح الاتية لماتظهر لاهله و الاشباح الموجودة محسوسة نعم المثل جميعها موجودة في اللوح المحفوظ الذي هو صفحة علم الله لايفني و لايمحي منها شيء و ما دخل في ملك الله لايخرج من ملك الله قال فمابال القرون الاولي قال علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي و لاينسي و لايعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات و لا في الارض و اما غيره سبحانه ممن يمر عليه اوقات فالماضي و الآتي عنده معدومان و الحاضر عنده موجود كل بحسبه و هل للانسان ان يدرك ما في عالم المثال من المثل الموجودة و لمايدركها في هذا العالم اقول لايوجد في الخيال الا ما صعد اليه من الزمان الاتري ان الاعمي الامي لايقدر علي تصور الالوان و الاشكال و النور بوجه من الوجوه و الاصم الامي لايقدر علي تصور الاصوات بوجه من الوجوه و الذي تزعم ان الانسان يتخيل ما لميره انما لمير شخص الخيال ولكنه رأي اجزاءه و نوعه مثلا اذا رأي انسانا له الف رأس لمير في الخارج انسانا كذا ولكن رأي الانسان و رأي الرأس و رأي التعدد فركب ذلك في خياله و لو لمير شيئا من ذلك لميقدر عليه كالاعمي الذي لايقدر علي تصور اللون ابدا و ذلك انه لميحصل له ذلك الكمال فلايقدر علي تصوير ما ليس عنده الا بالقوة البعيدة ولكن لايخفي ان الخيال قد يكون مرجحه من اعيان المدركات الخمس و قد يكون من الدوال عليها و قد يكون من مستلزماتها او من لوازمها او ما يقرب منها و امثال ذلك فتصير سبب ترجيح توجه النفس الي مثال و تصورها به و تصور الخيال بسبب ذلك فتدبر فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الولي يري ما في العالم من وجوه عديدة فمرة يري بالابصار مبصراتها و بالاسماع مسموعاتها و بالحواس محسوساتها فانه اولي بالحواس من الحاسين بها فجميع ما يدركه الانس و الجن و الملائكة يدركونه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۵ *»
سلام الله عليهم بادراكهم فانهم اولي بهم و بادراكهم و مرة يدرك كل شيء بذلك الشيء فكما ان الشيء لايغيب عن نفسه و لايفقده و هو هو هو اولي به منه فيدرك كل شيء بنفس ذلك الشيء و مرة يدركون الشيء بالانطباع فينطبع في مشاعرهم كما ينطبع في مشاعر غيرهم و مرة يدركون المعلولات في عللها و المسببات في اسبابها و المشروطات في شروطها و المعد له في المعد له و اللوازم في ملزوماتها و المدلولات في دوالها و المتضايفات في قرينها و المنطبعات في مراياها و يدركون الشيء من مشاعر غيره اذا واجهته و ادركته فيدركون زيدا بمشاعر عمرو و هكذا و امثال ذلك و ذلك انحاء طرق الاستدلالات و مرة يدركون الشيء بالاحاطة لانهم هم المؤثرون لجميع ما في العالم و خلق الكل من نورهم و شعاعهم و هم اولي بكل شيء من كل شيء و اوجد من كل شيء في مكان وجود كل شيء و اقرب من كل شيء الي كل شيء فلايخفي عليهم خافية في السموات و لا في الارض فاي عجب في ان ينبأوا الناس بما يأكلون و مايدخرون في بيوتهم و هم لايخفي عليهم اثر النمل علي الصفا في الليلة الظلماء و لايخفي عليهم قطر السماء و كيل البحار و مثقال الجبال و انما ذكر ذلك لانه كان معجزة عيسي و ثبت نبوته بذلك و ظهر عظمته لذلك فقال انا ايضا افعل ماكان يفعل عيسي و هو نبي الله و كان عظيما في اعين الناس و في نفوسهم و انا اري ما تأكلون في بيوتكم وما تدخرون بجميع انحاء الرؤية و كذا اشاهدكم و اشاهد ضمايركم و ما في صدوركم و قلوبكم و نفوسكم و ما انتم عليه في جميع عوالمكم علانية علم احاطة لاعلم اخبار و اما قوله لانا كلنا واحد فاعلم انهم واحد نوعا فانهم من نور واحد نوعي و طينة واحدة نوعية و روح واحد نوعي فانهم من نوع اللاهوت فهم نور واحد قد تجلي باربع عشرة صورة و من عجايب ذلك النور انه لتوحده و تجرده لمينقسم كانقسام الروح المتجسد بانقسام الجسد فذلك النور لتجرده واحد قد ظهر في اربع عشرة مرآة و يدرك ذلك النور الواحد من اعين الكل و يسمع من آذان الكل و يحس بحواس الكل فعلي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۶ *»
7 يري بعين محمد و محمد يري بعين علي و علي يسمع من اذن محمد و محمد يسمع من اذن علي و هكذا فلاجل ذلك مرأي كل واحد مرأي كل واحد و مسمعه مسمعه و لاجل ذلك يقول بقية الله سلام الله عليه من اراد ان ينظر الي محمد و علي فها انا محمد و علي و من اراد ان ينظر الي الحسن و الحسين فها انا الحسن و الحسين و هكذا يعد جميع الائمة و يعد الانبياء و اوصيائهم و انما مثل ذلك النور و تلك القوابل مثل علي7 حيث ظهر في اربعين صورة و كلها علي7 اخ الرسول و زوج البتول و ابوالحسن و الحسين يري من اعين كل الصور و يسمع من آذان الكل و يبطش من ايدي الكل و هكذا و كذلك تلك الحقيقه الواحدة الشريفة قد ظهرت باربع عشرة صورة و تري من اعين الكل و تسمع من آذان الكل و تبطش من ايدي الكل و مرأي كل واحد مرأي الكل و زيارة كل واحد زيارة الكل و مسرة كل واحد مسرة الكل و اذي كل واحد اذي الكل و حديث كل واحد حديث الكل و بكل واحد من هذه الامور يشهد اخبار اعجبها ما روي في البحار عن الجابر الانصاري في حديث فدخل اميرالمؤمنين7 فاخذه النبي فتعانقه حتي انهما صارا شخصا واحدا فقدنا اميرالمؤمنين فلمنجد له عينا و لا اثرا فزدنا تعجبا و قلنا ما الذي جري علي ابن عمك لما تعانقتما و مانريك الا وحدك فتبسم النبي9 و قال يا قوم اما سمعتم مني انا و علي من نور واحد لما تعانقنا انا و اياه و هو اشتاق الي المنزل الاول من نور فامتزج نوره بنوري حتي بقينا شخصا واحدا كماترون قال فلماسمعنا ما قال النبي9 رعبت قلوبنا و اصفرت وجوهنا و الناس شاهدوا النبي و قد طال غيبة اميرالمؤمنين فقالوا يا رسول الله بحق من ارسلك بالحق الا ما اخبرتنا كيف صار علي فاحضره الينا حتي يزول الشك من قلوبنا و طال العجب منا فقال علي مني و انا من علي فقد جلله العرق فرأينا من جبهته قد ظهر مصباح نور حتي ظننا نحترق و اهل الارض كلهم يحترقون من نور ذلك المصباح فلماشاهد النبي حالنا صرخ صرخة و قال اين قيوم الاملاك اين مدبر الافلاك اين مبدء الكاينات
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۷ *»
اين عالم الغيب و المكاشفات اين الصراط المستقيم و اين من بغضه عذاب اليم اين اسد الله الغالب اين الذي دمه دمي و لحمه لحمي و روحه روحي اين الامام الهمام اميرالمؤمنين الا و صوت علي قد ظهر و ينادي لبيك لبيك يا سيد البشر فلماسمعنا صوته فانتظرنا طويلا من اين يظهر علي بن ابيطالب و نحن ننظر الي النبي فاذا علي قد ظهر من الجنب الايمن من النبي و هو يقول لبيك لبيك قال جابر لماوصل علي بالنبي و خرج منه سالته كيف وصوله بك و خروجه منك فقال يا جابر ان غيبة علي كانت امرا يعلمه الله و هو انه التصق صدره بصدري و امتزج لحمه بلحمي و دمه بدمي و نوره بنوري كماكان في الموطن الاول قبل ذرة الهياكل حتي صرنا شخصا واحدا انتهي بالجملة تلك الحقيقة الكلية هي محمد الكلي و لاجل ذلك قال كلنا محمد يعني ذلك المحمد الكلي و اما هذا المحمد الجزئي فهو فرد من افراد ذلك المحمد الكلي و لك ان تقول كلهم محمد الجزئي علي ان يكون الناطق هو ذلك الكلي و هو يقول انا محمد اي الجزئي كما يصح ان يقول انا علي انا الحسن انا الحسين فيصح ان يقول كل واحد منهم انا محمد و محمد انا من هذه الجهة فافهم.
و اما قوله و نحن اذا شئنا شاء الله و اذا كرهنا كره الله فاعلم ان الله سبحانه كان اذ لا كان فاحدث اول كل شيء مشية و لاتكون المشية مشية الا لمشاء اذ لايعقل شاء الا مع مشاء و المشاء الاول هو حقيقة محمد و آل محمد: اذ هي باجماع الشيعة اول ماخلق الله فلامشية الا مع وجودهم و لميك وجودهم الا مع المشية فهم المشاء الاول الذي لا مشاء قبله فهم المشية من حيث كونها مشاء الم تسمع انه7 يقول خلق الله المشية بنفسها فهي لها حيثان حيث كونها فعلا و مشية لله عزوجل و حيث كونها مفعولا و مشاء فحيث كونها مشاء هو المشاء الاول الذي لا مشاء قبله و ذلك لما ثبت في الحكمة ان الله عزوجل يخلق كل شيء في مقامه و حده بنفسه حتي لايكون لاحد عليه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۸ *»
حجة فالمشاء الاول و المخلوق الاول الذي هو مجمع علي كونه اول ماخلق مخلوق بنفسه و مشاء بنفسه فهو له حيثان حيث مشية و حيث مشائية فكما انه مشاء اول كذلك مشية اولي بالجملة حيث محمديتهم و علويتهم محل المشية و مسكن الارادة و ممكن القدر و وكر القضاء و مظهر الامضاء فلايتعلق مشية الله بشيء من الاشياء الا و يجب ان يظهر منهم فيتعلق به كما انك اذا ضربت زيدا فانما ضرب بمشية الله و انما جعل الله مشيته في قلبك فاذا شاء ان يضرب الضارب حرك من بواطن زيد كوامن ما ابطن فيه من ارادته و هيج سره للميل الي ضرب زيد و بسط اليد اليه و بطشها عليه كذلك ان الله جل و عز جعل في قلوبهم المشية الكلية التي بها خلق ما سواه فاذا اراد فعل شيء حرك سرهم و اماله الي ذلك الشيء فاظهر مشيته علي جوارحهم فكان ماكان و يشهد بذلك قنوت الحسين7 اللهم منك البدء و لك المشية و لك الحول و لك القوة و انت الله الذي لا اله الا انت جعلت قلوب اوليائك مسكنا لمشيتك و ممكنا لارادتك و جعلت عقولهم مناصب اوامرك و نواهيك فانت اذا شئت ما تشاء حركت من اسرارهم كوامن ما ابطنت فيهم و ابدأت من ارادتك علي السنتهم ما افهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك و تدعو اليك بحقائق ما منحتهم و اني لاعلم مما علمتني مما انت المشكور علي ما منه اريتني و اليه اويتني اللهم و اني مع ذلك كله عائذ بك لائذ بحولك و قوتك راض بحكمك الذي سقته الي في علمك جار بحيث اجريتني قاصد ما اممتني الدعاء فلاجل ذلك لايشاءون صلوات الله عليهم الا ان يشاء الله و لا يشاء الله الا بمشيتهم قال الله تعالي و ما تشاءون الا ان يشاء الله و قال لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فقال7 و نحن اذا شئنا شاء الله يعني بنفس مشيتنا و اذا كرهنا كره الله يعني بعين كراهتنا فافهم ان كنت تفهم و الا فاسلم تسلم.
و اما قوله لان من انكر شيئا الفقرة فقد مر مفصلا فمن اعترف بقدرة الله انه لايعجزه شيء و اعترف بقدس الله و احديته انه لايشوبه شيء و بجود الله عزو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۱۹۹ *»
جل انه لايبخله شيء و بان ما ليس بممتنع فقد جعل في الامكان و يمكن ان يتعلق به القدرة فلو ذكر ليس بممتنع وقوعه و لميقم دليل علي امتناع وقوعه و لكون وجودهم اول الموجودات لايعقل وجود مانع من كمالهم قبلهم و لا معهم و لايمنع عنه ما بعدهم فاذا لا مانع من فاعل و لا قابل فما الباعث علي انكار فضلهم هل هو الا خبث الطين او ضعف اليقين فالويل كل الويل لمن انكر فضلهم و خصوصيتهم و ما اعطاهم الله ربهم فمن انكر شيئا مما اعطاهم الله فقد انكر قدرة الله عزوجل و مشيته فيهم فان امكان ذلك الكمال مما لايخفي علي العقلاء فلميبق الا انكار قدرة الله علي ايجاد ذلك الكمال نعوذ بالله من بوار العقل و قبح الزلل و به نستعين.
قال صلوات الله عليه يا سلمان و يا جندب قالا لبيك يا اميرالمؤمنين صلوات الله عليك قال7 لقد اعطانا ربنا ما هو اجل و اعظم و اعلي و اكبر من هذا كله قلنا يا اميرالمؤمنين ما الذي اعطاكم ما هو اعظم و اجل من هذا كله قال7 قد اعطانا ربنا عزوجل من علمه الاسم الاعظم الذي لو شئنا خرقنا السموات و الارض و الجنة و النار و نعرج به السماء و نهبط به الارض و نغرب و نشرق و ننتهي به الي العرش فنجلس عليه بين يدي الله عزوجل و يطيعنا كل شيء حتي السموات و الارض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب و البحار و الجنة و النار اعطانا الله ذلك كله بالاسم الاعظم الذي علمنا و خصنا به و مع هذا كله نأكل و نشرب و نمشي في الاسواق و نعمل هذه الاشياء بامر ربنا و نحن عباد الله المكرمون الذين لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و جعلنا معصومين مطهرين و فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين فنحن نقول الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله و حقت كلمة العذاب علي الكافرين اعني الجاحدين بكل ما اعطانا الله من الفضل و الاحسان يا سلمان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۰ *»
و يا جندب فهذا معرفتي بالنورانية فتمسك بها راشدا فانه لايبلغ احد من شيعتنا حد الاستبصار حتي يعرفني بالنورانية فاذا عرفني بها كان مستبصرا بالغا كاملا قد خاض بحرا من العلم و ارتقي درجة من الفضل و اطلع علي سر من سر الله و مكنون خزائنه انتهي.
اعلم ان للشيء الواحد مراتب عديدة من جهات شتي و من هذه الجهة التي نحن بصدده للشيء مراتب فمرة تنظر الي الشيء و تراه من حيث انه هو هو و لاتري فيه ذكر غيره بوجه من الوجوه فتري الحجر حجرا و الشجر شجرا و هكذا و لاشك في ثبوت هذا الحيث للاشياء و مرة تنظر الي الشيء من حيث انه مصنوع الغير و لاتقدر علي ادراك هذا الحيث حتي تري فيه ذكر صانع و ذكر صنعه ثم تراه مصنوعا بذلك الصنع الا تري ان المصنوع ما صنع به صانع صنعا و الا فلامصنوع و ذلك كنظرك الي خط الكاتب من حيث انه مكتوب الكاتب فتري فيه ذكر الكاتب و تعرف انه خطه منسوب اليه و تري فيه صنعه من استقامته و اعوجاجه و هكذا ساير صفاته و ذلك محسوس في الاشياء فلاجل ذلك مهما نظرت الي صنع صانع رأيت فيه الصانع و تتذكره علانية كما انك مهما سمعت شعر امرأ القيس تذكرته و رأيت شبحه فيه و رأيت اعتدال قريحته في الشعر و لو لمترهما لمتتذكرهما و مرة تنظر الي الشيء غافلا عن هذين المنظرين و تري صنع الصانع و تقصر نظرك فيه فتتمحض في مشاهدة اعتدال صنعه و حسنه و كماله من دون رؤية شيء غيره و ذلك الصنع المشهود شبح في المصنوع الا تري انك قد تري عمرا المضروب و انت غافل عن كونه عمرا و عن مضروبيته و انما ترنو الي قوة الضرب و كيفيته و حدته و ايلامه و كسره و جرحه مثلا و ذلك امر مشهود في كل شيء فلاجل ذلك تستدل بالبناء علي حكمة الباني و حسن قريحته و اعتدال سجيته و كمال علمه بالبناء مثلا و ذلك ايضا امر مشهود واقعي لايخفي علي ذي مسكة و مرة تنظر الي الشيء و تري صانعه فيه و تغفل عن الصنع و المصنوع كما يتفق لك ان ترنو الي الابن و تري فيه الاب او تنظر في الاب و تري الابن و انما المنظور اليه هو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۱ *»
مثال كل واحد في صاحبه و كذلك مثال الصانع في المصنوع موجود و ان كان المثال من حيث الصنع لا من حيث آخر و معني ذلك ان في الكتابة مثال كاتبية زيد لاخياطيته و ضاربيته ففي كل صنع مثال صانعية صانعه لامحالة و الصانع و المصنوع متضايفان و ليس بمصنوع ما لا ذكر للصانع فيه و ليس بصانع ما لاذكر للمصنوع فيه الا تري انك تمر بدار السلطان فتتذكر السلطان و مالكيته لهذا الملك و متصرفيته له و ربما تقول اين بانوك و اين ساكنوك فهذا الحيث ايضا في كل شيء و من باب هذا النظر روي مارأيت شيئا الا و رأيت الله قبله او معه و في الدعاء انت الذي تعرفت الي في كل شيء فرأيتك ظاهرا في كل شيء فانت الظاهر لكل شيء فمن تمكن من هذا النظر و نظر الي العالم رأي الصانع الحكيم القادر العليم بما القي من مثال معرفته في كل شيء و هو قوله سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم و من عجايب القرآن انه في جل مقام خاطب النبي قال المتر الي ربك كيف مد الظل او كيف فعل ربك باصحاب الفيل و امثال ذلك فاضاف الرؤية الي الرب و ذلك في اغلب المواضع و اما اذا تكلم في غيره اضاف الرؤية الي الصنع او المصنوع كقوله او لمير الذين كفروا ان السموات و الارض كانتا رتقا و هكذا فتدبر و الا فمن نظر الي العالم رأي الصنع و اتقانه و احكامه اذا تمكن منه و الا رأي المصنوع و دخل عرصة الاستدلال منه علي الصانع و ان عقل عن ذلك ايضا و هو كاكثر الناس رأي سماء و ارضا و جبالا و براري و بحارا كماتري فاحفظ هذه المقدمة و استمع اخري و هي انه ذات زيد ليس فيها ذكر شيء غير حقيقة زيد ابدا و لاتذكر غيرها الا ان تغفل عنها اذ ليس لك قلبان و ليس زيد مركبا من نفسه و من غيرها بداهة و ان نزلت من رتبة الذات فاول المقامات مقام الحركة الكلية و التجلي الاعظم الذي له و لايعقل غير ذلك فان كل تجل له دون هذا التجلي الاعظم و ذلك التجلي هو الحركة الكلية الكبري العظمي فان كل تجل حركة من زيد احدثها و نعبر عن تلك الحركة بالمشية فلتكن مشية زيد فزيد يحدث مشيته
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۲ *»
اول شيء ثم يحدث سائر تجلياته و صفاته و افعاله بتلك المشية و ليس في هذا المقام كثرة و لا اختلاف ممايحدث بها لا في ذاتها و لا فيما يحل فيها ان حل فانها اوحد تجل بعد ذات زيد و لايجري عليها ما هي اجرته و لايعود فيها ما هي ابدته فليس هيهنا شيء الا الكينونة الظاهرة لزيد من حيث اعلاها ثم الحركة الكلية من حيث اسفلها ثم اول حادث بالفعل المصدر الذي هو تأكيده و يعمل عمله لقربه منه و هو اسمه و آيته و لافرق بينه و بين الفعل الا انه اثره و آيته ثم بعد ذلك مقام اسم الفاعل و هو حكاية الفعل للمفعول عدم استقلال نفسه و اضمحلاله عند الذات و لذلك يقال ان اسم الفاعل مشتق من المصدر و المشتق كائنا ما كان فرع المبدء ولكن قد يشتبه الامر علي الناس بين اللفظ و المعني لشدة اضمحلال اللفظ في المعني الا تري انك لو قلت ليس هذا مكان زيد يشتبه الامر علي السامع انك قصدت المسمي او الاسم و كذا لو قلت رأيت زيدا بل المتبادر المسمي دون الاسم لشدة اضمحلال الاسم عند المسمي فلاجل ذلك اذا قلنا ان الضارب مقامه دون الضرب يشتبه علي السامع فيحسب انه ذات الضارب و المراد بالضارب دون الضرب و ليس الامر كذلك فلاتغفل عن هذا فاسم الفاعل مقامه بعد المصدر و لذلك لو لميحدث زيد الضرب ليس بضارب و ما لميحدث الكتابة ليس بكاتب و ما لميزن ليس بزان و ما لميعص ليس بعاص فاذا احدث زيد المصدر حدث له اسم الفاعل و اما المراد من الاسم فهو الذات التي فوق التجلي الاعظم ثم دون اسم الفاعل مقام المفعول و هو ايضا مشتق من المصدر و الفرق بين الفاعل و المفعول ان الفاعل فرع اعلي المصدر و لذا زيد فيه الالف الدال علي المبدء و المفعول فرع اسفل المصدر و لذا زيد فيه الميم الدال علي كونه مخلوقا في اربعين صباحا و الواو الدال علي الحدود الستة اللازمة لحيث الانية فمقام اسم الفاعل تحت مقام المصدر في كل شيء و الذات تتصف به و هو في مقامه و حده و الاسم غير المسمي و هو صفة لموصوف و هو خارج عن الذات و مقامه بعد مقام المصدر فاذا عرفت هذه المقدمة السديدة فاعلم ان لما في هذا العالم الكبير مقام اسمية لصانعه و كل شيء اسم بحسبه لان الاسم الذي بعد الضرب ضارب و الذي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۳ *»
بعد النصر ناصر و الذي بعد العلم عالم و هكذا فلكل شيء مقام اسمية لله سبحانه الجزئي بجزئيته و الكلي بكليته فبلحاظ و نظر جميع العالم اسم الله و صفته كما قيل ليس الا الله و صفاته و اسماؤه و من البين ان كل مفعول مفعول لفاعله فالمضروب مضروب الضارب و المنصور منصور الناصر و هكذا فلله سبحانه في كل شيء اسم خلقه بذلك الاسم و اقامه و احياه و رزقه و حفظه بذلك الاسم و العبد اذا رفع النظر عن انية الاشياء و عن مفعوليتها وصل الي النظر الي اسماء الله و صفاته و اطلع علي الاسماء و عرف ما يقوم به كل شيء من اسماء الله و علم ان جميع ماسوي الله قائم باسماء الله و ان عند كل ملك و علي جبهته اسما من اسماء الله به ينزل و يعرج و به يسبح الله و يعبد و به يقوم بما امر به من امر الخلق و بقي هنا شيء ان الاسماء تختلف في الكبر و الصغر و في الاحاطة و المحاطية و القوة و الضعف كما ان المفاعيل تختلف فكما ان نور الشمس صادر منها فرع لها حادث بها كذلك الاسم الذي خلق الله به النور صادر من الاسم الذي خلق به الشمس فرع له حادث به و كذلك جميع الاسماء التي خلق بها الاثار فرع الاسماء التي خلق بها المؤثرات لها فالاسم الذي خلق به المؤثر اعظم من الاسم الذي خلق به الاثار و محيط بها متصرف في المؤثر و الاسماء و الاثار البتة و جميع تلك الاسماء و الاثار قائم به متحرك بتحريكه ساكن بتسكينه كما هو واضح فاعظم اسماء الله جل جلاله هو الاسم الذي خلق الله به علة العلل و النور الازل و التجلي الاول فليس لله اسم اعظم منه و اجل فهو الاسم الاعظم الاعظم الاعظم و الذكر الاجل الاعلي الاعلي الاعلي فبه اقام الله الكون و المكان و الدهر و الزمان بل به اقام الامكان و عليه يدور رحي الاكوان و الاعيان و ماسوي الملك المنان فبه خلق الكاينات و قام الموجودات و يحفظ الله المذروءات و يمسك الله الارضين و السموات و هو الاسم الذي استقر في ظل الله فلايخرج منه الي غيره و هو الاسم الذي استتر عن جميع الكاينات لا لاجل انه كان يمكن لهم العلم به و لا حجب عنهم لعدم المصلحة لهم بل لاجل انها فات الاوهام قدره و علا العقول شأنه و صعد عن الافئدة مكانه و لايسع مشعر احد العلم به و لذلك اختص الله بعلم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۴ *»
ذلك الاسم واحدا وحيدا لميخلق له نديدا و انما جعله في لاهوته فريدا فاصطنعه لنفسه و اختصه من تكرمته بذلك الحرف يعني ماوسعني ارضي و لاسمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن فذلك العبد يسعه معرفة ذلك الاسم و الدعوة به و تسبيحه به و هو الثناء الذي اثني الله به و ذلك الاسم محجوب عن كل نبي و وصي الا عن محمد و ال محمد: فقد منحهم الله ذلك و علمهم اياه و هنا دقيقة شريفة يجب الاشعار بها و هي ان تعليم الاسم الاعظم و العلم به علي اقسام احدها ان يعلم الانسان بالتعليم الظاهري بالالفاظ و الحروف حتي يقع معاني ذلك في القلوب فيكون الانسان عالما بمفادها و معناها كتعليم اهل المجادلة و علومهم و ذلك كان تعلم ان النار احد العناصر و بهذا العلم لاتحرق و لاتجفف و لايصدر منك آثار النار و ثانيها ان يريك المعلم ما يريد ان تعلمه فتصير مشاهدا له علي ما هو عليه فتعبر عنه بما شئت و ذلك كان يريك المعلم الهادي النار فتريها و تمسها و تجد حرارتها فتعبر عنها بما شئت و كيف شئت و بهذا العلم ايضا لست محرقا مجففا و لايصدر منك آثار النار و هذان العلمان عرضيان وصفيان لايفيدان لك الا كمالا عرضيا و ثالثها ان يوصلك الهادي الي مقام النار حتي تحترق بالنار و تستحيل نارا فتكون نارا تحرق و تكلس و تضيء و تطبخ فحينئذ تكون عالما بظاهر النار و باطنها و حقيقتها يصدر منك ما يصدر منها و هذا العلم كمال ذاتي واقعي و تصير الذات به منشأ آثار و مبدء انوار و كذلك العلم بالاسم الاعظم فمن الناس من يتعلم الفاظا و يدرك منها معاني و يتصور بعض التصورات و صوابه ان يطابق الموضوع الخارجي و منهم من يحصل له صفاء بدوام العلم و نور بدوام التفكر و انقطاع بالزهد في الدنيا فيديم النظر في آيات الافاق و الانفس حتي ينقطع عن انية الاشياء بل عن حيث مصنوعيتها لله جل و عز فيري اسماء الله و انواره حتي يقول لايري فيه نور الا نورك و لايسمع فيه صوت الا صوتك و يشاهد آيات الله في الافاق و في الانفس و انما شاهد ذلك لما انفتح له عين قلبه و بلغ مبلغ العقل و ادراك هذا المقام له بالانطباع المعنوي و هو عرضي لا ذاتي فيحصل له
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۵ *»
اليقين و يشاهد الاسم الاعظم عيانا ولكن لمايحصل له انقلاب ذاتي و استحالة اليه و منهم من ينقطع عن انية الاشياء حتي انية نفسه و عن مصنوعية الاشياء حتي مصنوعية نفسه و يري جمال الصانع في جميع الموجودات و يدوم علي ذلك حتي يلون طباعه ذلك و يكون انصرافه عن هذا النظر بعنف و قهر و اما من حصل له حالة حينا ما فوصل الي ذلك و غفل عنه في ساير الحالات فليس ذلك من اهل هذا المقام و اما من كان طباعه الوقوف ذلك الموقف و قصروا انظارهم عماسواه حتي انهم اذا ارادوا التوجه الي سواه كان ذلك قصرا و قهرا فذلك الذي اريد و همي في بيان حاله فذلك الذي قد قوي من مراتبه مرتبة اسميته حتي قهرت ساير مراتبه و لمتكن منشأ آثار و كان جميع الاثر لمرتبة اسميته كالذي يغلب عليه الصفراء و يضمحل فيه ساير اخلاطه فلايظهر منها اثر و انما يكون تمام الاثر للصفراء فكذلك اذا غلب علي الجماد النباتية يكون السلطان و التأثير و الحكم للنباتية و كذلك اذا غلب علي النبات الحيوانية و كذلك اذا غلب علي الانسان الرتبة الاسمية يكون المؤثر تلك الرتبة وحدها فيصدر من الشخص آثار ذلك الاسم و يصير صاحب تصرف و تصريف في العالم بقوة ذلك الاسم و يفعل الله به ما يفعل بذلك الاسم و يكون الاشياء علي حسب ارادته فيريد الله به ما يريد و ما يريد الا ما يريد الله عزوجل فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فاعلم ان محمدا و ال محمد: هم اول ماخلق الله و هم معصومون مطهرون لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و هم قد بلغوا مبلغ الاسمية لله عزوجل و غلبت علي جميع مراتبهم الدنيا حتي لميبق لها آثار و ان صدر لها آثار فلتلك الجهة و لحفظها لا لنفسها فلاجل ذلك قد بلغوا مبلغ الاسم الاعظم و التجلي الاكرم و الذكر الاعلي و النور الاسني و هكذا علمهم الله الاسم الاعظم فلاجل ذلك يفعلون ما يشاءون و ما يشاءون الا ان يشاء الله كما بينا سابقا و انقادت الاشياء لهم فهي بمشتيهم دون قولهم مؤتمرة و بارادتهم دون نهيهم منزجرة و لو شاءوا ان يقلبوا السماء ارضا و الارض سماء و الدنيا آخرة و الاخرة دنيا و اللوح قلما و القلم لوحا بقوة ذلك الاسم لفعلوا لانهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۶ *»
اول ماخلق خلقهم الله و خلق من انوارهم ساير الكائنات فهكذا يكون نسبة اسم الله الذي تعلق بهم مع ساير الموجودات فهم اذا بلغوا مبلغ ذلك الاسم احاطوا بماسواهم خبرا و قدروا علي ما شاءوا بحول الله و قوته و ذلك منهم حول الله و قوته فيفعل الله بهم ما شاء و يفعلون بالله ما شاءوا فهكذا علموا الاسم الاعظم و الذكر الافخم و يتصرف به في الملك و الملكوت و في الجبروت و الماهوت و يرتقون الي عرصة اللاهوت و ليس لله عزوجل اسم اعظم بسطة و احاطة و قدرة منه و هو الاسم المشار اليه في دعاء الاسماء الحسني اسألك باسمك الذي انشأت به ما شئت من مشيتك يا الله و اسألك باسمك الذي تقول به للشيء كن فيكون بقدرتك يا الله الدعاء ثم اعلم ان الاسم الاعظم علي اقسام منها الاسم الاعظم الكوني و هو الذي اشرنا اليه انه من بلغ ذلك المبلغ و استولي عليه ذلك الاسم بحيث صار اسم الله الاعظم قدر علي ما يشاء كما يشاء و لايجاوز امره بر و لا فاجر و لاحقير و لا كبير و منها الاسم الاعظم الوصفي و هو ان يتصف الرجل بصفات ندب الله اليها من الزهد و الورع و العفاف و اليأس عما في ايدي الناس و الانقطاع الي الله و التوكل عليه و التفويض اليه و التسليم له و اجتناب المحارم و المواظبة علي الفرائض و المداومة علي المندوبات و مجانبة المكروهات ما تيسر فاذا فعل ذلك كان ممن يستحق الاجابة من الله عزوجل فهو صاحب الاعظم الوصفي الذي اذا دعا الله به اجابه و قد جري الشرع ببيان تلك الاوصاف و منها الاسم الاعظم اللفظي و هو حروف و كلمات مؤلفة يعلمها العالم فاذا الفها العالم و دعا الله به استجاب له و قد اخفي عن عامة الخلق لئلا يدعو الجهال به فيستجاب لهم لمااوجب الله عليه من حق ذلك الاسم و قد يلاحظ معه صلاح الوقت و المكان و الحال و اللباس و الاكل و الحركات و ساير المقارنات فانها تكون سبب كمال القابلية و الاستعداد و تمام المقتضي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۷ *»
و منها الاسم الاعظم الشخصي و هو الشخص الذي انتهي اليه السؤدد و الشرف في عالم الاكوان و قد كمل في جميع المراتب حتي كان جامعا لجميع المراتب فهو علي حسب نحن والله الاسماء الحسني التي امر الله ان تدعوه بها اسم الله الاعظم من عرفه و توسل به الي الله سبحانه حق التوسل و دخل علي الله من بابه و دعاه به و سأله به استجاب له البتة و منها الايماني و هو ان يعرف المؤمن ربه و يعرف نبيه و وليه و القري الظاهرة بينه و بينه فيتوسل بهم الي الله و يدعو الله بهم فيستجاب له كما روي عن الكاظم7 ان الاسم الاعظم اربعة حروف الاول لا اله الا الله و الثاني محمد رسول الله و الثالث نحن و الرابع شيعتنا و جميع ذلك مشروح في الاخبار ظاهر لمن جاس خلال الديار بالجملة آل محمد سلام الله عليهم بجميع تلك المعاني عالمون بالاسم الاعظم و به يقدرون علي جميع ما يتعلق به ارادتهم و يحبون و يشاءون لايعصيهم شيء و لايخالفهم احد و مع ذلك لايشاءون الا ان يشاء الله كما لايشاء الله الا ما شاءوا فاذا هم قادرون علي ما ذكره7 و ما لميذكره و كتمه و اما قوله و ننتهي به الي العرش فنجلس عليه بين يدي الله عزوجل فاعلم انهم سلام الله عليهم خلقوا من طينة العرش فطينتهم الذاتية بلطافة العرش و صفائه و حيزها هناك بحيث لو خليت و طبعها لصعدت الي حيزها و انما نزلت لما لحقها من الاعراض و قبلت بامر الله و مهما شاءوا و ارادوا صعدوا الي حيزهم كما صعد النبي9 ليلة المعراج و يصعد ابدان الائمة: بعد الموت اليه و اذا كانوا من طينة العرش كانوا من اعلاه لا من اسفله فانهم اشرف الخلق فلاجل ذلك قال نجلس عليه بين يدي الله و ليس المراد من الجلوس نحو جلوسك علي الفراش فيكون رأسك في الهواء فوق البساط فتزعم انهم يجلسون علي العرش و يكون رؤسهم في هواء فوق العرش اذ ليس فوق العرش ضيق و لا سعة و لا فضاء و لا امتداد و انما جلوسهم علي العرش لايتجاوز
«* مکارم الابرار عربي جلد ۳ صفحه ۲۰۸ *»
محدب العرش و انما يجلسون علي العرش من جميع نواحيه لانهم كالطف جزء منه و اوسع و قد اطلنا البحث عن ذلك في كتابنا الفطرة السليمة و غيرها فراجع ان شئت و لاحظ اخبار الباب هنالك ثم باقي الفقرة واضح ان شاء الله و لولا توارد الاسؤلة عن الاطراف و كثرتها و اشتغال القلب بالهموم و اعراض القلب عن هذا الخلق المنكوس و اليأس من انتفاعهم بالعلوم الحقة و شوقهم اليها حاشا المؤمنين و هم القليلون لبسطت الكلام في شرح هذا الحديث الشريف ولكن يمنعني ما ذكرت فاكتفي بما ذكرنا و انما اقللت من ذكر شواهد الاخبار لان ساير كتبي مملو من تلك الاثار و لميكن حاجة الي التكرار و كان غرضي محض ازالة الاشكال عن الالفاظ و بعض المعاني مع الايجاز و الاختصار و قد قدر الاتيان بذلك علي حسب الميسور و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم و قد وقع الفراغ من تسويد هذه الاوراق ليد مصنفها كريم بن ابرهيم عفا الله عن آثامهما في رابع شهر شوال من شهور سنة اثنتين و ثمانين بعد المأتين من الالف الثاني حامدا مصليا مستغفرا تمت.