رسالة فی جواب بعض العلماء (الملا مهدی)
فی انه هل یبقی جسد الانبیاء و الاوصیاء بعد موتهم فی الارض
من مصنفات الشیخ الاجل الاوحد المرحوم
الشیخ احمدبن زین الدین الاحسائی اعلی الله مقامه
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 558 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمدللّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.
اما بعـد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي انه قد بعث الي الشيخ الاجلّ بمسائل يريد جوابها علي حال اشتغال البال ببواعث الدنيا و بالامراض المانعة من التوجه و لكن لابدّ من ايراد مايحصل به التنبيه علي الجواب في الجملة اذ لايسقط الميسور بالمعسور و الي اللّه ترجع الامور و قد جعلت كلامه الشريف متناً ليحصل لكل كلام مايناسبه من الجواب و من اللّه الهام الصواب.
قال سلمه اللّه اما بعد فالباعث من تصديع جنابكم هوان تمنوا علي العبد الفقير بالجمع بين الاحاديث التي ذكرها الشيخ طوسي في التهذيب في كتاب الزيارات و بين الحديث الذي ورد ان موسي7 اخرج عظام يوسف7 و ما قال العسكري7 في حق ذلك الرجل ان في يده عظما من عظام نبي7 من الانبياء:.
اقول اعلم ان المعلوم بالدليل العقلي (القطعي خل) ان اللّه عزوجل لميخلق شيئا من الاجسام المعروفة خارجا عن حيطة محدد الجهات و ليس ورائه شيء مخلوق بل لا شيء ورائه و اما ما نثبته من عالم الاشباح و الهيولي المجردة عن الزمان و المكان و العناصر كعالم المثال و مانثبته من الاجسام المجردة عن الزمان و المكان و العناصر كذلك كجوهر الهباء المذكور و الطبايع الاول و النفوس و ما نثبته من المعاني القارة و الجواهر المجردة عن الزمان و المكان و
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 559 *»
العناصر و الصور كالعقول و ما نثبته من اضدادها و عكوسها فانما هي في جوف هذه الاجسام التي اعلاها محدب محدد الجهات و اسفلها اسفل التخوم من الارض السابعة المسمي بمركز العالم فهي في غيب هذه الاجسام و قولنا ليس وراء محدد الجهات شيء نريد به ما قاله المشّاؤن و اتباعهم من المتكلمين لانهم يتوهمون شيئا هناك فضاء لايوصف بخلاء لان فيه مجردات ليست اجساما لتملاء ما هي فيه كذا زعمه بعضهم و امثال هذا مما ليس بشيء لانهم نقلوا هذه العبارة من الحكماء الاولين اخذوها من الانبياء: و المعني ماقلنا لك و ليس قولنا انه لا شيء نفيا للامكان بل هو نفي للمكن اذ لا واسطة بين الامكان و الوجوب و المحال لايصلح للواسطة بحال من الاحوال و لا في الواقع و لا في الفرض و ليس وراء الامكان ليس شيئا بمعني انه لميكوّن لا بمعني انه لايمكن فيه التكوين كما قاله من جهل قدرة اللّه سبحانه فنفاه علي حسب مااقتضاه عقله و لسنا بصدد بيانه فاذا عرفت انه لميوجد شيء من الاجسام المعروفة الاّ الفلك الاطلس و ما في جوفه فاعلم ان عالم المثال عالم ذو اعاجيب و هو في الاقليم الثامن اسفله علي محدّد الجهات و المراد انه كذلك في الرتبة لا انه خارج عنه و في هذا العالم جنة الدنيا التي هبط منها آدم7 و اليها تأوي ارواح المؤمنين و هي الجنتان المدهامتان و هي في جهة المغرب قال تعالي و لهم رزقهم فيها بكرة و عشيا و منها تستمد الانهار الاربعة سيحان و جيحان و النيل و الفرات و فيه نار الدنيا في جهة المشرق و اليه تأوي ارواح الكفار و المنافقين و المشركين قال تعالي و حاق بال فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا و عشيا و هذا العالم اذا خلعت جسدك في النوم رأيت هناك لانك اذا دخلت في النوم خلعت الجسد العنصري البشري الكثيف و بقيت في الجسد العنصري الذي هو من ارض هورقليا من هذا العالم المذكور و هذا
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 560 *»
الجسد الذي خلعته عند النوم هو الذي يدرك في هذه الدنيا من العناصر الاربعة الزمانية المعروفة من المزاج المتركب منها الساري بالاغذية من الطعام و الشراب فاذا خلعته لمتدرك بهذه الابصار و انما تدرك بابصار اهل ذلك العالم و اهل العصمة: يدركون في هذه الدنيا ما في ذلك العالم و ماوراءه فقد رأي رسول اللّه9 ليلة المعراج و قد عرج بجسده الشريف الذي خرج به في الدنيا لاهل الزمان بعثته رأي جميع ما في عالم الغيب و الشهادة و ما في الدنيا و ما في البرزخ و ما في الاخرة و اوقفه اللّه سبحانه علي جميع ما خلق كل في مكانه و وقته من عالم الملك و الملكوت و الجبروت و معني كلامي انه9رأي ليلة المعراج عند وصوله الي مقام قاب قوسين عقل الكل في الوقت الذي خرج فيه من كتم غيب الامكان الي الوجود الكوني و رأي مادونه الي ما تحت الثري كذلك و رأي ما فوق العقل و تحت المشية في مقام او ادني فاذا عرفت هذا فاعلم ان الاجساد جسدان جسد عنصري بشري و هو المرئي المحسوس و جسد عنصري برزخي من عناصر برزخي من عناصر هورقليا و هذا هو الذي يبقي في القبر مستديرا و يحشر فيه بعد تصفيته و هو الباقي الذي خلق للبقاء نزل في الاصل من باء بسم اللّه الرحمن الرحيم و الجسد البشري العنصري هو المتكوّن من الاغذية و هو داخل خارج دخوله و خروجه علي السواء و لايتعلق به في نفسه ثواب و لا عقاب و ليس له بقاء بل هو فان لايعود لانه بحكم الثوب لبسه و يخلعه نعم هو حامل في الدنيا للجسد الباقي المذكور و هو الجسد العنصري الفاني له ارتباط بالباقي و ذلك الارتباط مختلف في الاشخاص فمن كان طيبا طاهرا زكيا نقيا من المعاصي و الذنوب كان ارتباط الفاني فيه بالباقي ضعيفا فهو اقل و اضعف من ارتباط الثواب الذي تلبسه بجسدك و هذا الطيب اذا اراد خلعه في الحيوة كان اسهل عليه من خلع ثوبه و من كان خبيثا نجسا متهتّكاً مخلّطاً كان الفاني في باقيه معرفا متمكنا لايتخلّص منه الاّ بعد طول بعيد و مكث في اطباق الثري طويل بعد تقطع اوصاله و تبدد اعضائه و تفتت عظامه لان جسديه قدتمازجا لما بينهما من التقارب و
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 561 *»
التناسب بخلاف جسد الطيب مع مايلحقه من العنصري فانه قشر عليه ظاهر صحبه الي وقت مقدّر له و من اصوافها و اوبارها و اشعارها اثاثا و متاعا الي حين و من بين الطيب و الخبيث مختلف التعلق و الارتباط و لكل درجات مما عملوا فعلي هذا يكون المعصومون اسرع خلعاً لبشريتهم و اسرع غيبوبة عن ابصار اهل الدنيا و غيرهم ابطأ و قدثبت بالاجماع و الاخبار المتواترة معني بان النبي9 نوحا علي محمد و آل محمد و7 عند الطوفان استخرج عظام آدم7 من سرنديب او من مكة علي اختلاف الروايتين و حمله في السفينة علي الجودي في ظهر الكوفة فهو الان ضجيع نوح خلف قبر اميرالمؤمنين7 و كان عمر آدم علي ما رواه الصدوق في الاكمال سبع مائة سنة و ثلثين و المستفاد من كلام مروّج الذهب للمسعودي مع انضمامه الي الرواية المذكورة ان بين موت آدم7 و حمل نوح7 لجسده في السفينة الف سنة و خمس مائة سنة و اربع عشرة سنة و قدثبت في اللغة العربية استعمال لفظ العظام في الجسد لانها معظم الجسد و لهذا ورد وجوب صلوة الاموات علي مجموع العظام كما وجبت علي الجسد و ان لميكن فيها شيء من القلب كما في صحيح علي بن جعفر عن اخيه موسي7 و ايضاً روي في المشهور المقبول من الروايات ان موسي7 حمل عظام يوسف7 من شطّ نيل مصر و دفنه في بيت المقدس و كان بينهما اربع مائة سنة تقريبا او تنقص قليلا و كان يوسف7من عباد اللّه المخلصين فلاينقص عن حال آدم7 و المراد باخراج عظامه اخراج جسده و انما عبّر عنه بها لانها معظم الجسد و استعمال ذلك كثير في كلام العرب في خطاباتهم و محاوراتهم و في اشعارهم و منه ما قال الشاعر يرثي طلحة بن عبيد اللّه بن خلف و يسمي طلحة الطلحات لان امه صفية بنت الحارث بن طلحة بن ابي طلحة بن عبد مناف قال:
رحم اللّه اعظما دفنوها | بسبحستان طلحة الطلحات |
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 562 *»
فسمي جسده المدفون بسبحستان اعظما و استعمال ذلك غير و منكور في لغة العرب و انت اذا عرفت ما حققنا لك قبل لمتشكّ في ان الذي حمله نوح و موسي8 هو الجسد لا العظام و مثال جسد المعصوم:كسبيكة الذهب الصافي اذا لحقها غبار فانك اذا جلوتها انكشف عنها و هي باقية علي هيئتها لان الغبار لميغص فيها كما ان البشرية لم تقص في بواطن اجسادهم لانها نورانية ظاهرة و لهذا تنطوي لهم الارض و يمشون علي الماء و في الهواء اذا شاءوا لان اجسادهم: كنفوس غيرهم و مثال جسد الشخص من سائر الناس كمثل سبيكة ممزوجة من ذهب و نحاس او فضة و نحاس فانك اذا صفّيتها لاتصفو الاّ باذابتها و تصفيتها و كسرها من اصلها لان الخلط ممازج لها و لهذا تراه يحتلم في المنام و يجنب لان البشرية مازجت ظاهره و باطنه و ان لمتكن من حقيقته و المعصوم: لايجنب في المنام و لاينام قلبه و ان نامت عينه فافهم و اما ما قال ابومحمد العسكري7 في حق ذلك الرجل و هو ما رواه في كتاب ثاقب المناقب و خرائج الراوندي روي عن علي بن الحسين8 بن سابور خال قحط الناس بسر من رأي في زمن الحسن الاخير7 فامر الخليفة الحاجب و اهل مملكته ان يخرجوا الي الاستسقاء فخرجوا ثلثة ايام متوالية الي المصلي يستسقون و يدعون فما سقوا فخرج الجاثليق في اليوم الرابع الي الصحراء و معه النصاري و الرهبان و كان فيهم راهب فلما مديده هطلت السماء بالمطر فشك اكثر الناس و تعجبوا و صبوا الي دين النصرانية فانفذ الخليفة الي الحسن7 و كان محبوسا فاستخرجه من حبسه و قال الحق امة جدك فقد هلكت فقال له اني خارج في ذلك و مزيل الشك ان شاء اللّه فخرج الجاثليق في اليوم الثالث و الرهبان معه و خرج الحسن7 في نفر من اصحابه فلما بصر بالراهب و قد مدّ يده امر بعض مماليكه ان يقبض علي يده اليمني و يأخذ ما بين اصبعيه ففعل و اخذ من بين سبابته و الوسطي و اخذ عظما اسود فاخذه الحسن7 بيده ثم قال استسق الان فاستسقي و كانت السماء مغيمة فتقشعت و طلعت الشمس بيضاء
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 563 *»
فقال الخليفة ما هذا العظم يا ابامحمد7 قال هذا رجل مرّ بقبر نبي من الانبياء فوقع في يده العظم و ما كشف عن عظم نبي الاّ هطلت السماء بالمطر هـ. فيحتمل انه قطعه و كشف عنه لحمه ليكون العظم بارزا و ذلك انه سمع ذلك من بعض الكتب المنزلة او من كلام بعض الانبياء: فقطعه و كشطه لاجل هذا السر و من الامارات الدالة علي هذا كونه اسود لانه لو اخذه باليا لكان ابيض و قولي من الامارات لاحتمال ان يكون اسوداده من مسّ الراهب لاجل ذنوبه كما في الحجر الاسود و كان حين اخذه آدم7درا ابيض و انما نرجح الاول لانه هو الظاهر المحسوس المشاهد بخلاف الاحتمال الثاني فانه امر معنوي و اذا قام الاحتمال المساوي بطل الاستدلال فكيف بما اذا قام الاحتمال الراجح و بيان الارجحية انه لا قائل بالفرق بين آدم7 و بين غيره من الانبياء بل كل من قال بان اجسادهم لاتبقي عمّم و كل من لميقل بذلك بل حكم بالبقاء عمّم و اذا ثبت عدم الفرق و ثبت ان نوحا حمل جسد آدم7 او عظامه عليهما السلام فقد ثبت بالوجدان ان من حكم ببلاء لحمه و ان الارض تأكله حكم علي العظم بذلك و ان كان العظم ابطي اضمحلالا و لو جاز ان الارض تأكل لحم آدم عليه السلام اكلت عظامه فلايبقي منها شيء اصلا لان مدة مكثه في الارض كما ذكرنا اولا الف سنة و خمسمائة سنة و اربع عشر سنة و يستحيل بقاء العظام هذه المدة تامة الاّ لسرّ عظيم و هذا السرّ المانع من اضمحلال العظام هو بعينه المانع من اضمحلال اللحم و من تغير الصورة مع ما ورد في الاخبار من ان اللّه تعالي حرم علي الارض ان تأكل لحومهم فافهم و يأتي ان شاء اللّه تعالي تمام الكلام.
قال سلمه اللّه و الاحاديث التي ذكرها الشيخ رحمه الله في التهذيب في كتاب الزيادات بسنده عن عطية الابزاري قال سمعت اباعبد اللّه7 لاتمكث جسد نبي و لا وصي اكثر من اربعين يوماً.
اقول يريد7 ان ابطأ خلع البشرية يكون اربعين يوما و قديكون اقل من ذلك و لو كان المراد بها مكث الجثة علي المعني المفهوم عند العوام
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 564 *»
لما وجد نوح آدم7 و لما وجد موسي يوسف7 لما سمعت من طول المدة بينهما و انما خصّ آخر الخلع باربعين يوما دون الاقل منها و الاكثر لان عدة اللبس و الخلع متساوية فان لبس البشرية في النزول مساو لخلعها في الصعود و كانت مراتب اللبس في النزول اربعين و ذلك لانه مخلوق من عشر قبضات من الافلاك التسعة و من الارض من كل واحد قبضة فمن الاطلس قلبه و من المكوكب نفسه و من فلك زحل عقله اي تعقله و من فلك المشتري عمله من فلك المريخ وهمه و من فلك الشمس وجوده الثاني و من فلك الزهرة خياله و من فلك عطارد فكره و من فلك القمر حياته و من العناصر الاربعة جسده فهذه عشر قبضات و ادار كل قبضة اربع دورات دورة عناصرها و دورة معادنها و دورة نباتها و دورة حياتها في كل شيء بحسبه فهذه اربعون و هي مراتب الوجود بعدد ميقات موسي7 و في الخلع البطيء التدريجي كذلك اربعون نازلا و صاعدا.
قال سلمه اللّه في التهذيب بسنده عن زياد بن ابي الحلال عن ابي عبد اللّه7قال ما من نبي و لا وصي يبقي في الارض بعد موته اكثر من ثلثة ايام حتي يرفع روحه و عظمه و لحمه الي السماء و انما يؤتي مواضع آثارهم و يبلغهم السلام من بعيد و يسمعوهم من مواضع آثارهم من قريب و في التهذيب ايضاً بسنده الي علي بن بزرج الخياط قال حدثنا عمرو قال جاءني سعد الاسكاف قال يا بني تحمل الحديث فقلت نعم فقال حدّثني ابوعبد اللّه7 انه قال لما اصيب اميرالمؤمنين7 قال للحسن و الحسين8 غسّلاني و كفناني و حنطاني و احملاني علي سريري و احملا مؤخره تكفيان مقدمه فانكما تنهيان الي قبر محضور و لحد ملحود و لبن موضوع فالحداني و اشرجا اللبن علي و ارفعا لبنتا مما يلي رأسي و انظرا ما تسمعان فاخذ اللبنة عند الرأس بعد ما اشرجا عليه اللبن فاذا ليس في القبر شيء و اذا هاتف يهتف اميرالمؤمنين7 كان عبدا صالحا فالحقه اللّه بنبيه9 و كذلك يفعل اللّه بالاوصياء بعد الانبياء حتي لو ان نبيا مات في المشرق و مات وصيه بالمغرب
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 565 *»
لالحق اللّه الوصي بالنبي صلوات اللّه و سلامه عليه.
اقول في الحديث الاول اشارة الي ما اشرنا اليه من اختلاف مدة خلع البشرية و معلوم ان منهم: من يخلع بشريته في ثلثة ايام و يراد من هذا الحديث البعض المخصوص عندهم و ان كان ظاهره يدل علي العموم جمعا بين الاخبار فان قلت هذا صريح في ان جميع الجسد و ما يتعلق به من غيبه و شهادته يرفع حتي يبقي موضعه خاليا و تأويله علي ما تدعيه خلاف الظاهر و الاصل عدمه قلت قدثبت بالادلة القطعية ان آدم7 نقله نوح7 من موضع مدفنه بسرنديب او بمكة من الارض العنصرية هذه و كذلك يوسف7 مع موسي7 و قدبقي آدم7 و يوسف7 هذه المدة الطويلة و يمكن تأويل هذه الاخبار علي مثل ما ذكرنا سابقا و هو تأويل متجه و لايمكن التوجيه و التأويل في استخراج آدم و يوسف8 و نقلهما و صرفه عن ظاهره و لاقائل بالفرق فيجب المصير الي ما قلنا فانه اذا خلع الصورة البشرية فقدرفع بذلك الي السماء في الرتبة و الي العرش كما في قصة الحسين7 كما يأتي ذكره فهو و ان بقي في قبره لكنّه لايراه غير المعصوم الذي يري ببصره ما في عالم البرزخ و ما في عالم الغيب و لو نبشهما غير معصوم لمير شيئا كما رواه محمد بن جعفر بن قولويه في كامل الزيارة عن عبد اللّه ابن بكر الارجائي في حديث طويل عن الصادق7 الي ان قال قلت جعلت فداك اخبرني عن الحسين7 لو نبش كانوا يجدون في قبره شيئا قال يا ابن بكر ما اعظم مسائلك الحسين7 مع ابيه و امه و الحسن في منزل رسول اللّه9 يحبون و يرزقون و لو نبش في ايامه لوجد فاما اليوم فهو حي عند ربه ينظر الي معسكره و ينظر الي العرش متي يؤمر ان يحمله و انه لعلي يمين العرش متعلق يقول يا رب انجز لي ما وعدتني و انه لينظر الي زواره و هو اعرف بهم و باسمائهم و باسماء آبائهم و بدرجاتهم و منزلتهم عند اللّه من احدكم بولده و ما في رحلهم و انه ليري من يبكيه فيستغفر له رحمة له و يسئل اباه الاستغفار له و يقول لو تعلم ايها الباكي ما اعدّ لك لفرحت اكثر مما جزعت
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 566 *»
و يستغفر له كل من سمع بكاءه من الملائكة في السماء و في البحر و ينقلب و ما عليه من ذنبفقوله7 لو نبش في ايامه لوجد يراد منها اكثر من ثلاثة ايام لان ايام جمع قلة اريد به جمع كثرة و ذلك لانه لو نبش في ايامه و لميوجد لانكر الاعداء كونه مقتولا و علي هذا لو نبش بعد الاربعين يوما ما وجد و بعد السنة و السنتين و ازيد لانها من ايامه و لو اريد ما في الحديث المتقدم لما كان ينبغي ان يقال في ايامه و هو يريد بها يومين او ثلثة لانه لو اريد بهذا الكلام انه لو نبش بعد دفنه بيوم او يومين او ثلثة لما حسن ان يقال في ايامه اذ لاتفهم الثلثة من هذه العبارة في العرف و للعلة المذكورة و رفع روحه و عظمه و لحمه الي السماء يراد منه ماقلنا الاّ انهم9 يتكلمون بالحقايق و نحن نتكلم بظواهر اللغة و لو اردنا ان نتكلم بالحقيقة لمنجد عبارة عنها احسن مما قالوا فان الجسد اذا خلع البشرية عنه التي هي ارض بالنسبة الي الاجساد الباقية العنصرية و هي سماء لها مع انا قدمنا لك ان هذه البرزخية في الاقليم الثامن و اسفله علي محدّب محدد الجهات يعني في الرتبة فكيف يدركه اهل الدنيا غير المعصومين عليهم السلام و كيف لايقال انه في السماء و قوله و انما يؤتي مواضع آثارهم الخ لانها هي محل خلع البشرية فاذا خلع الجسد الباقي الجسد العنصري الثقيل في محله من القبر الذي تدركه العوام بقي الجسد الباقي في سمائه من ذلك القبر فيأتون الزوار محل القشر الملقي و لعمري ان الجسد الباقي فيه في غيبة الي يوم القيمة عند ربه يرزق و قوله يبلّغهمالسلام من بعيد لبعد مابين الخالع و المختلع و قوله و يسمعونهم من قريب لان الزوار بعيدون عن الخالع و الخالع في القبر في غيبه فيسمعهم من قريب لانهم لايرونه و هو يراهم و لايسمعونه و هو يسمعهم و حديث كامل الزيارة بهذا المعني و اما حديث سعد الاسكافي فهو كغيره و روي ان الذي رفع مقدم السرير هو اميرالمؤمنين7 لانه كما قال7 في كلامه لسلمان و ابيذر ان ميتنا اذا مات لميمت و ان مقتولنا اذا قتل لميقتل و كان علي7 يغتسل رسول اللّه9 يوم مات و هو يتقلب و لايحتاج الي من يقلّبه و
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 567 *»
كل هذا و امثاله لضعف بشريتهم و قوة نوريتهم فهم احياء كهم اموات فافهم و قوله فاذا ليس في القبر شيء روي انه بعد ما يجتمع بنبيه9 يعود الي حفرته و هو كثير في اخبارهم: و في الزيارات المروية عنهم: في زيارة اميرالمؤمنين7 سلام عليك و علي ضجيعيك آدم و نوح و ذلك لان جسده الشريف في القبر الي الان و الي مابعد ذلك اي الي ما بعد خروج صاحب العصر عجل اللّه فرجه و بعد قتله7 بثمان سنين فجسده الشريف في قبره المشهور بظهر الكوفة في غيبه علي المعني المتقدم مضاجعا لنوح و آدم8 كما في صريح الزيارة و الاصل في الاستعمال الحقيقة و احتمال خلافه مرجوح لايخرج عن حكم الاصل المؤيد بالادلة العقلية و النقلية.
قال سلمه اللّه و ما قلتم ان الائمة: يكونون في القبر و لكنهم لايرونهم الناس لانخلاعهم البشرية عنهم لايوافق الحديث الاخير فان الامام يري الامام الاخر .
اقول قولي هذا حق و قولكم فان الامام يري الامام الاخر حق ايضاً و لكنه حينئذ لايراه في بشريته الي ان يرجع بعد اجتماعه بالنبي9 و بعد رجوعه يراه في بشريته الي اوان الخلع العادي له و مع هذا اذا اراد الامام7 ان يري الامام الميت بعد خلعه البشرية فيها راه فليس بينهم غيبة و لا فرقة ابدا و ان حصل ذلك في الظاهر و من المعلوم ان الانبياء و الاوصياء: يحشرون من مواضع حفرهم و ليس لانهم يدفنون فيها مرة ثانية بعد ما يرفعون الي السماء فآدم و نوح8يحشران في قبريهما بظهر الكوفة و قوله في الحديث كامل الزيارة و انه لعلي يمين العرش متعلق ليس لانه هناك بل علي نحو ما قال اميرالمؤمنين7 صحبوا الدنيا بابدان ارواحها معلقة بالمحل الاعلي يعني توجهها اليه و هذا ان شاء اللّه تعالي مما لااشكال فيه و الحمدللّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين و كتب العبد المسكين احمد بن زين الدين يده الجانية حامدا مصليا مسلما مستغفرا.