رسالة فی جواب الشاهزاده محمود میرزا (1)
من مصنفات الشیخ الاجل الاوحد المرحوم
الشیخ احمدبن زین الدین الاحسائی اعلی الله مقامه
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 508 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين و صلي اللّه علي محمد و اۤله الطّاهرين .
امّا بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زينالدين المطيرفي الاحساۤئي الهجري ان الجناب العالي الشامخ و العَلَمَ الجالي الباذخ ركن الدولة الركين و عضد السلطنة المتين كعبة الوافدين و عزّ الدين و ناصر المؤمنين و ملجأ المضطرين حليف السعادة و عظيم الرفادة المحترم محمود الشاهزاده ادام اللّه عليه امداده و انعَم عليه و زاده و بلّغه في الدارين مراده بحرمة الميامين محمد و آله الطاهرين قد ارسل من نتاۤئج افكاره الذّكية و تنبيهات فِطنته اللّوذعيّة الي داعيه بالاخلاص و ناشر ثناۤئه بالاختصاص مساۤئل جليلة و تنبيهات نبيلة تنبي عن ذكاۤء فطنته و حسن سريرته قد طلب من مخلصه جوابها و تبيين قشرها من لبابها فامتثلث امره علي ما انا عليه من تشويش البال و كثرة الدواعي و الاشغال مع توارد الاعراض و تواتر الامراض و انا علي حالٍ لااستطيع القيام بشيء من المأمور و لكن لايسقط الميسور بالمعسور و الي اللّه ترجع الامور .
قال رفع اللّه قدره و اعلي ذكره : الاول منها انه ما سر عصمة الانبياۤء و الاوصياۤء قولاً و علماً و عملاً .
اَقُول سرّ عصمة الانبياۤء و الاوصياۤء عليهم السلام انَّ اَحْكام اللّه عزوجل و حدوده عظيمة في كثرتها و دقَّةِ مأخذ استنباطها و يُحْتاج في حفظِها و ضَبْطها الي قُلوبٍ مشرقة و صدورٍ منيرة لايجوز عليها الغفلة و لا السهو و النّسيان و لايحوم حولها الشيطان اذْ لو جاز عليها شيء من ذلك لمَاحصل الوثوق بما اخبروا به عن اللّهِ تعالي اذا جاز عليهم السهو و النسيان و الكذب و الافتراۤء و اذا كان كذلك انتفت فاۤئدة بِعْثتهم فلابدّ لمن جعل مبلِّغا الي العباد ما امر اللّه تعالي به عباده من التكاليف و مُؤَدِّياً لذلكَ اليهم ان يكون معصوماً اي يمتنع من
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 509 *»
دواعي السهو و النسيان و الكذب و الافتِراۤء و مساوي الاخلاق علماً و عملاً يعني في غيب سرّه بان لايجري علي قلبه و خاطره ما لايحبّه اللّه و لايريده و في لسانه بان لايقول و لا يلفظ الا ما يحبّه اللّه و يريده و في اركانه و اعضاۤئه و جميع جوارحه بان لايعمل و لايتحرك و لايسكن الا بما يحبّه اللّه و يريده كلّ ذلك بعمده و اختياره مع قدرته علي مخالفة ذلك كلّه و الموجب له ذلك هو سبقه الي اجابة اللّه و طاعته عن كمال البيان و المعرفة مع طيب طينته و نوريّة ماۤدّته و استقامة بنْيَتهِ و اعتدال صورته و علّة طيب طينته و نوريّة ماۤدّته و استقامة بِنْيَتِه۪ و اعتدال صورته انها اوّل فاۤئضٍ عن المبدء فان قلتَ لا شك انّ اوّل فاۤئضٍ عن المَبْدءِ لايكون الا كذلك و لكن السؤال في انّه لِمَ كان اوّلَ فاۤئض قلتُ انّ الفيض المشتمل علي حصصٍ متعدّدةٍ كنُور السّراج فانه لا بدّ للفيْضِ ان يتقدّم منه و يكون اشدّ نوراً من باقي الحصص لقربه من المبدء و حينئذٍ يكون طيّباً منيراً مستقيماً معتدلاً و ذلك لابُدَّ اَنْ يقبل اَمْر اللّهِ و طاعته لنوريّته لاجل قربه من المبدء و هذا من شأنه ان يكون معصوماً عاملاً بجميع ما امره اللّه تعالي مجتنِباً لجميع ما نهي اللّه عنه باختياره و عمده من نفسه مع قدرته علي خلاف ذلك من غير اكراهٍ في الفعل و التّرك و ليس لك ان تقول لو لميعصمه اللّه لماكان كذلك لانا نقول نعم كل شيء لايكون الا باللّهِ و لكن اللّه تعالي يفعل ذلك به باختياره و امتثاله لاَمْرِ اللّهِ فاذا امتثل امر اللّهِ و ادّي طاعته كما امره احدث فيه مقتضي امتثاله و القيام بطاعته كما قال تعالي مازال العبد يتقرّب اليَّ بالنَّوافِل حتّي اُحِبَّه فاذا احببتُه كنتُ سمعه الّذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده الذي يبطش بها اِنْ دعاني اجبته و ان سألَني اَعْطَيْتهُ وَ اِن سَكَتَ ابتدأتهُ الحديث ، فلمّا امرَهُ تعالي و دَلّه عَلَي ما يوصله الي اَعْلي الدَّرجَاتِ من التأدُّبِ بِآدابِ اللّهِ و التّخلّق باَخلاقِ الروحانيّين الّتي يكون القيامُ بهَا موجِبَاتٍ للعِصْمةِ اذَا وَاظَب عليها باختياره مع تمكُّنِه من فعل اَضْدَادِهَا فمن عرف مقتضي الفيض المشتمل علي الحصص المُتعدِّدة كنور السراج المشتمل عَلي الحصص المتعدده بانّ اوّله
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 510 *»
اشدّها نوراً لِقُرْبِه من المبدءِ اذ مقتضي طبيعة الصّنع علي مقتضي الحكمة ذلك و عرف ان مقتضي ما يكون كذلك قبول دعوة اللّهِ و امتثال اَوامِر اللّهِ و اجتناب نواهيه و التخلق باخلاق الروحانيين و التأدّب بٰادابِ اللّه و المواظبة عَلَي النّوافل تقرّباً الي اللّه تعالي حتي كان القيام بمرادات اللّه تعالي ملكةً و عرف ان اللّه تعالي يجري افعاله في تأثيراتها علي مقتضي القوابل و ان اللّه سبحانه اعلم حيث يجعل رسالاته عرف سِرَّ العصمة و عرف ان العصمة لاتجامع المعاصي و السهو و النسيان و الغفلة و الكسل و الضجر و التساهل في مرادات اللّه تعالي و الذنوب صغيرها و كبيرها و امثال ذلك اذ معْني العصمة الطهارة من تلك الاشياۤء و المنع منها فافهم.
قال رفع اللّه شأنه و اعلي مكانه : الثاني ما معني الولاية و بيان تفسير الاية الكريمة انا عرضنا الامانة الاية .
اقول معني الولاية في اللّغة بفتح الواو النّصرة و الصداقة و الدنو و القرب و بكسر الواو الامارة و الملك و السُّلْطان و في العرف الظّاهر النّيابة و القيام بامر الشيء و القيَام عليه و المراد بالاَمانةِ في الاية الشريفة انا عرضنا الاَمانة علي السّمواتِ و الارض و الجبال الاية ، ولاية علي بن ابيطالبٍ و ولاية اولاده الطاهرين ففي بصاۤئر الدَّرجات عن البَاقِر عليه السلام هي الولاية ابَيْنَ اَن يحملنَها كفراً و حملها الانسان و الانسان ابوفلان و في معانيالاخبار عن الصادق عليه السلام الامانة الولاية و الانسان ابوالشرور المنافق هـ ، و معني ابَيْن اي السموات و الارض و الجبال امتنَعْن ان يحملن الولاية كفراً يتحمَّلن ان يكفرنَ بها و ذلك لانّ اللّه سبحانه جعل لكل شيء من خلقه ضدّاً فلمّا خَلَق ولاية علي عليه السلام خلَق البراۤءة منه و خلق محبته و خلق ضدّها بغضه فلمّا عرض الولاية و المحبّة لعلي و اهل بيته الطّاهرين صلّي اللّهُ عليه و عليهم اجمعين فقبلها المؤمنون و كلّ طيّبٍ طاهرٍ من الملاۤئكة و الانس و الجنّ و الحيوان و النباتات و الجمادات و انكرها ما سوي اولۤئكَ و عرض عَدَاوته و بغضه و البراۤءة منه و هذه هي الّتي عبّر عليهالسلام عنها بقوله ابَيْنَ اَنْ يَحْمِلْنَها كفراً فحملها الانسان و ابو
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 511 *»
فلان هو الاوّل و ابوالشرور هو الثّاني و عن الرضا عليه السلام في هذه الاية قال الامانة الولاية من ادّعاها بغير حقّ كفَر ه ، و عن الصادق عليه السلام ان اللّه عرض ارواح الائمة عليهم السلام علي السموات و الارض و الجبال فغَشيَها نورهم و قال في فضلهم ما قال ثم فولايتهم امانة عند خلقي فايُّكم يحملها باثقالها و يدّعيها لنفسه فاَبَتْ من ادعاۤء منزلتها وَ تَمنّي محلِّها من عظمة ربّهم الحديث ، و الحاصل ان فُسّرت الامانة بالولاية فالمراد بعرضها اخْتبار المكلفين ليتميّز مَن يدّعيها لنفسه او يتمنّاها غير مَن جعله اللّه سبحانه اهلاً لحملِها و ان فسّرت الامانة ببغض علي عليه السلام فالمعني ظاهر و بعض المفسّرين فسّروها بجميع التكاليف الّتي يريد اللّه سبحانه من جميع المكلّفين و المعني تحمّل الانسان لها انه عاهد اللّه علي القيام بها فلميَفِ بما عاهَد اللّه عليه و المعاهدة في قوله تعالي ايّاك نعبد و ايّاك نستعين ، و معني الولاية في التأويل و الباطن هو الامانة في الاية و هي جميع التكاليف الّتي يريد اللّه من عباده المكلّفين من تكاليف الجنان من الاعتقادات و ما يلحق بها من المعارف الاصوليّة و من تكاليف اللسانِ و ما يلحقها من الاقرارات و الاعترافات و من تكاليف الجوارح و الاركان و متمّماتها و مكمِّلاتها و الحاصل جميع الاعتقادات و الاعمال و الاقوال و الاحوال مما يحبّ اللّه و يرضاه من ولاية علي عليه السلام و جميع ذلك مما يكره اللّه و يسخطه من ولاية اعداۤءِ عليّ عليه السلام و هذا مجمل القول.
قال رفع اللّه قدره و علّا ذكره : الثالث ما معني الحديث الذي قال الجناب النبوي صلي اللّه عليه و آله في جواب سوادة حاشَي ان يكون عن عمدٍ ه ، فاذا لميكن عن عمدٍ فهل المراد هو السهو او يوجد غير العمد و السهو حالة اخري و علي الاوّل لايجوز السهو عليهم عليهم السلام.
اقول اعلم انه صلي اللّه عليه و آله لاينطق عن الهوي و انّما يقول عن اللّه تعالي اوْ باللّهِ بمعني انّ جميعَ ما يَصْدُر عنه من قولٍ اَوْ عمَلٍ فانّما هو بامر اللّه او بتسديد اللّهِ اذْ لميُخلّه من يده و تسديدِه طرفة عينٍ ابداً و انّما ضرب بطن سوادة بِالْهامٍ من اللّهِ حتّي يكون اذا دعاه الي القصاصِ لاجل ان القصاص في الدنيا
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 512 *»
اهون فضيحةً من القصاصِ في الاخرة بين جميع الخلاۤئق علي رؤس الاشهاد ينظر اليه جميع العباد فانه ابلغ من الموعظة باللسان خصوصاً منه صلّي اللّه عليه و آله لانّه اذَا خافَ هو مع علوّ مقامه و قربه من اللّه عزوجلّ فكيف حال غيره فلذا الهمه اللّه تعالي اَنْ يفعَل ذلكَ فلايكون علي هذا الوجه فعلُه عَنْ عَمْدٍ لان المراد بالعمد هنا اَنْ يكون فعَل ذلك بشهوة نفسه و ميل هواه طلباً لمضرّة سَوادةَ و انّما فعل ذلك عَنْ اِلْهٰامٍ و يحتمل ان يكون لمّا ارادَ ضَرْبَ الناقة صَرف جبرئيل عليه السلام القضيبَ الي بطن سَوادة فاصابه ليدعو صلي اللّه عليه و آله سوادةَ الي القِصاص ليبيّن للناس بانّ اللّهَ يقتصُّ للمظلوم من كلّ احدٍ حتّي مِن نبيّه صلي اللّه عليه و آله و علي كل حالٍ لميكن فعله صلّي اللّه عليه و آله عن خطأٍ او سهوٍ او عن غفلةٍ او لا عَنِ اعتداۤءٍ و ظلم و ما اشبه ذلك ممّا ينافي العصمة و انما هو باحد امرين امّا بامرٍ من اللّه اوْ الهامٍ او تسديدٍ بحيث يكون راجحاً شرعاً و عقلاً و اِمّا من فعل الملك عن امرِ اللّه تعالي لاجل مصلحة الامّة بهذه الموعظة العظيمة و لمنفعة سوادةَ فانَّ اللّهَ قد عفا عنه و غفر لهُ حيث عَفَا عن بطن رسول اللّه صلّي اللّهُ عليه و آله .
قال رفع اللّه شانه و علّا برهانه : الرابع بيان الحديث لا جبر و لا تفويض بل امر بين امرينِ .
اقول هذا الحديث ظاهره سهل هين لانّ معناه لا جبر يعني ان اللّه لميجبر العباد علي اعمالهم بَلْ هم مختارون في افعالهم لانه تعالي جعل فيهم العقول و التمييزات و جعل فيهم الالات الّتي تصلح لفعل الطاعات و لفعل المعاصي و كلّفهم بما يَسْتَطيعون فعْلَهُ و خَلَق فيهم الاختيار و التمكين الصالح لفعل الطاعات و فعل المعاصي و ذلك بعد اَنْ كشف لهم عن علّيّين و اريٰهم صور الطاعات و قال لهم هذه صور اجابَاتي و طاعاتي فمَنْ اَجابَني اَلْبستُه صورة اِجابته لي من صُوَر طاعاتي ثم كشف لهم عن سجّين و اريٰهم صُوَر المعاصي و قال لهم هذه صور عدم اجاباتي و صور معاصي فمن لميجبني و لميقبل طاعتي البستُه صورة انكاره لدعوتي من صُوَر معاصيَّ و كانوا قبل الدّعوة متساوين في
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 513 *»
صلوحهم للاجابة و للانكار باختيارهم كما اشار تعالي الي ذلك بقوله كان الناس امّةً واحدة فبعث اللّه النبيّين مبشّرين و منذرين فلمّا جعل فيهم الاختيار و معرفة الخير و الشرّ و جعل لهم العقول و اعطاهم ما يحتاجون اليه و جعل لهم الالات و الصحة و تخلية السّرْب و التمكين من فعل ما شاۤؤا امرهم فقال لهم الَسْتُ بربّكم قالوا بلي فمن قالها بلسانه و قلبه عارفاً بذلك البسَهُ اللّه صورة اجابته و هي الصورة الانسانية و صبغ الرحمة فكان مؤمناً او نبيّاً علي حسب قبوله و اجابته و مَن قالها بلسانه و قلبه منكر بعد البيان البسَه اللّه صورة انكاره و هي الصورة الحَيوانية من صور الحيوانات او السباع او المسوخ او الحشرات فكان كافراً او منافقاً اَوْ مشركاً علَي حسب انكاره و من قالها عن غير علم كان امره موقوفاً فهو مُرْجيً لامرِ اللّه فاذا كان يوم القيمة حوسبَ بعمله فاِمَّا الي الجنّة و امَّا الي النّار و معني لا تفويض انّ المكلف ليس شيئاً في نفْسِه الا باللّه اذْ لَوْلا اِمْدَادهُ بالفيض اِمْدَاداً مُتَّصِلاً سَيَّالاً لمَابقي لحظةً و كذلك قواهُ و آلاتُه وَ افعاله و حركاته و سكناته لو بقي شيء آناً واحداً بدونِ مَدَدٍ و مَنْ كان كذلك لايستقلّ بنفسه و لا بشيء من افعاله و لاجل هذا ورد ان المفوّض مشرك لانه يدّعي انّه يفعل بدون اللّه فلذلك قال الصادق عليه السلام لا جبر و لا تفويض يعني ان اللّه سبحانه مااجبر العباد علي افعالهم و لافوّض اليهم امورهم بل هم الفاعلون لافعالهم باللّهِ اي بقدر اللّهِ بمعني ان جميع قواهم و جوارحهم و اراداتهم و جميع ما تتوقف عليه افعالهم من اللّه سبحانه و هو تعالي يحفظها لهم بامداده و قيّوميّته و الا لماكان شيء لا هم و لا قواهم و جوارحهم و اراداتهم فبذلك كانوا يفعلون فلايصح ان تقول انهم فاعلون بدون اللّه و لا فاعلون مع اللّه و لا فاعلون لبعض بدون اللّه و لبعض مع اللّه بل هم الفاعلون باللّه يعني بقدره حيث خلقهم و خلق لهم جميع ما يحتاجون اليه في افعالهم و حفظ تلك النعم عليهم و لهم و اعلم انّ هذه المسئلة ادق من الشعرة و احدّ من السيف و بيانها علي كمال ما ينبغي يطول فيه الكلام و لكن هذا فيه اشارة تكفي اولي الالباب و اللّه سبحانه هو المُسَدِّد للصواب .
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 514 *»
قال ادام اللّه له السرور و كفاه شر كل محذور: الخامس علم خاتم الانبياۤء صلي اللّه عليه و آله هل هو مأخوذ من اللّه بلا واسطةِ المَلَك ام بواسطة الملك و علي الثاني يلزم اشرفيّة الملك الواسطة و فضله عليه صلي اللّه عليه و آله .
اقول علم النبي صلّي اللّه عليه و آله من اللّه بغير واسطةٍ لا من البشر و لا من ملكٍ و بيان ذلك ان اللّه سبحانه اول ما خلق نور نبيه محمد صلي اللّه عليه و آله قبل ان يخلق انوار الانبياۤء عليهم السلام بالفِ دهرٍ كل دهرٍ علي ما ظهر لي من النقل مائةالف سنة و خلق انوار اهل بيته الطيبين صلي اللّه عليه و عليهم اجمعين من نوره كالسّراج المشعول من سراج قبله و لميخلق من ذلك احداً من خلقه غير الاربعة عشر عليهم السلام ثم خلق من نورهم شعاعاً قسمه مائة الف و اربعة و عشرين الفاً فخلق من كل قسمٍ نور نبيٍ فبقوا منذ خلقهم يعبدونه الف دهرٍ كلّ دهرٍ مائة الف سنة ثم خلق من شعاع انوارهم انْوَار المؤمنين فلمّا خلق نور نبيه صلي اللّه عليه و آله بقي في عوالم الغيب يسبّح اللّه و هو نور ابيض في صورة ملكٍ قائم فاوحي الله اليه ما شاۤء من العلم بغير واسطة اذ لا شيء قبله و لا معه و انّما قذف في قلبه العلم قذفاً و ذلك النور هُوَ نۤ و القلم و ما يسطرون فكان ذلك المسمّي بنُون و هو الدواة يستمدّ منه القلم و هو ملك و يستمدّ منه اللوح و هو ملك و يستمدّ منه اسرافيل و يستمدّ منه ميكاۤئيل و يستمد منه جبرئيل عليهم السلام و جبرئيل يؤدّي الي الانبياۤء و الرسل فالدواة الذي نور محمّد و حقيقته صلي اللّه عليه و آله يستمدّ من اللّه تعالي بغير واسطة بل بالهامٍ يقذفه اللّه في قلبه قذفاً و هو يؤدّي الي القلم و القلم يؤدّي الي اللّوح و القلم و اللوح ملكانِ و اللوح يؤدي الي اسرافيل و اسرافيل يؤدّي الي ميكاۤئيل و ميكاۤئيل يؤدّي الي جبرئيل و جبرئيل يؤدّي الي الانبياۤء عليهم السلام الي ان بعث محمد صلي اللّه عليه و آله فكان جبريل يؤدّي اليه صلي اللّه عليه و آله لانه يأخذ عن ميكاۤئيل عن اسرافيل عن اللوح عن القلم عن الدواة و هي الحقيقة المحمّدية عن اللّه تعالي بالهامٍ ينزله اللّه سبحانه من العلم الامكاني بغير واسطةٍ وَ اِنّما يقذفُه في ذلك النور قَذْفاً فجبريل في الحقيقة يأخذ عن حقيقة محمّد و يلقيه الي ظاهِر محمد صَلَّي اللّه
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 515 *»
عليه و آله و مثاله اذَا ارَدْتَ اَنْ تتصوّر ذلك انّي اسألك عن مسئلةٍ فربّما تقول الأن مااذكرها ثم بعد حين تقول خطر علي خاطرِي ان المسئلة كذا و كذا فاذا تأمّلتَ وجدتَ انّ الذي جاۤء علي خاطرك انّما اخذها من قلبك فقلبُك مثال الحقيقة المحمّدية و الذي ورد بها خاطرك اخذَها من قلبك هو مثال جبرئل فان خاطرك يأخذ من حقيقتك و يلقيه علي خيالك كذلك جبرئيل7 يأخذ من حقيقة محمد صلي اللّه عليه و اله و يلقيه علي خياله و يخاطبه به فافهم المثال فان جميع الملاۤئكة نسبتها الي نور محمد صلي اللّه عليه و آله نسبة خطراتك اليك فليس احد من خلق اللّه اقرب الي اللّه تعالي من محمد صلي اللّه عليه و آله حتي يكون واسطةً بيْنه و بين اللّه تعالي .
قال شدّ اللّه اركانه و انار برهانه : السادس هو ان صفات الواجب تعالي عين ذاته و علم الواجب بالنظام الاتمّ عين الداعي و عين الارادة و عين الذات الذي هو متعلق بكل الممكنات و منها الكفر و الايمان و المعصية و الطاعة و ارادة الحق ايضاً متعلق بالكل .
اقول اعلم ان صفات اللّه التي هي عين ذاته غير صفاته الفعلية فالعلم الّذي هو عين ذاته مثلاً هو ذاته تعالي و العلم الفعلي ليس هو عين ذاته و انما هو مخلوق خلقه و جمع فيه حقاۤئق المعلومات و سمّاه علماً له كما قال تعالي قال فما بال القرون الاولي قال علمها عند ربّي في كتابٍ لايضِل ربّي و لاينْسي ، و المراد اللوح المحفوظ و كذا قوله تعالي قد علمنا ما تنقص الارض منهم و عندنا كتاب حفيظ فالعلم الفعلي هو اللوح المحفوظ و الواح المحو و الاثبات و هذا ليس هو عين ذاته تعالي و انما هو حادث مخلوق و نحن اذا اردنا ان نتكلّم تكلّمنا علي العِلم الحادث و لانتكلّم علي القديم الا بذكره و عبادته لانّه هو اللّه لانّ الاسماۤء الدّاۤلّة علي العلم و القدرة و السمع و البصر و الحيوة و اللّه الفاظ مترادفة معناها واحد كالاسد و السبع و العَفَرْنَي و السّيد و ما اشبه ذلك فان فرضنا انّ لها مفاهيم متغايرة و معانِيَ متعدِّدة فنعني بها صفات الافعال لانّها هي المتغايرة المتكثرة و امّا صفات الذات فليس لها الا معني واحد هو المعبود
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 516 *»
بالحق عزّوجل و امّا المتعلّقة بالنظام الاتمّ فهي صفات الافعال الحادثة و هي عين الداعي و الداعي عين الارادة و الارادة عين الفعل و فعل اللّه واحد تتكثّر اسماۤؤه و تختلف باعتبار تكثر متعلّقاتها و اختلافها فان تعلق الفعل بالامكان قلنا الامكاني و ان تعلّق بالاكوان قلنا الكوني ثم الكوني ان تعلّق باِحْداثِ الكون اعني الوجود و المادة قلنا خلق و شاۤء و ان تعلّق بالعين اعني الصورة النوعيّة قلنا برأ و اراد و ان تعلق باحداث الحدود و المشخّصات قلنا قدّر و صوَّر و ان تعلّق بالاتمامِ قلنا قضي و الفعل فِي الكل واحد لانه عبارة عن الحركة الايجاديّة و كل شيء وضع بازاۤئه اسم له فهو مخلوق للّه سبحانه كما قال جعفر بن محمد عليهما السلام كلّ ما ميّزتموه باوهامكم في ادقّ معانيه فهو مثلكم مخلوق مردودٌ اليكم هـ ، اذ ليس شيء الا اللّه تعالي و فعله و خلقُه فكلّ ما سوي اللّه ممكن مخلوق للّه من الذوات و الصفات و الكل من الممكنات خلقها اللّه سبحانه علي حسب قبولها فصارت ثلاثة اقسام قسم موجود في نفسه و في اصله كالذوات من الجواهر و الاجسام و كالصفات الطيّبة كالحسنات فانها موجودة و اصلها موجود لانها من الوجود المتّصل بفعل اللّه تعالي بالاصالة و الذات قال تعالي و مثل كلمة طيبّة كشجرة طيّبةٍ اصلها ثابتٌ و فرعها في السماۤء ، و قسم موجود في نفسه كالصفاتِ الخبيثة كالمعاصي فانّها في نفسها موجودة محسوسة مرئيّة و المعدوم لايحسّ و لايري و امّا اصلها فهو معدوم بمعني انّه لاينتهي الي موجود و لا الي وجود قال تعالي و مثل كلمة خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثَّتْ من فوق الارض ما لها من قرارٍ لان المعصية تنتهي الي الماهيّة من حيث نفسها لا من حيث وجودِها قال تعالي وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون اللّه علي ما فسّرهُ علماۤء التأويل من ان المعصية من النفس الامّارة بالسوۤء و هي تنتهي الي الماهيّة المنتهية الي الوجود من حيث نفسه لا من حيث الوجود و مثالها فيك ان طاعتك من باعث عقلك المطيع لوجودك المطيع لامر اللّه فكانت الطاعة متّصلةً بالنور و معصيتك من باعث نفسِك المطيعة لهواها و شهوتها كما قال تعالي افرأيتَ من اتّخذ الٰهَهُ هواه و قال تعالي و من اضل ممّن اتّبع هواه بغيرِ
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 517 *»
هديً من اللّه ، و قسم معدوم في نفسه و في اصله و هو اصل المعاصي و الشرور و الثلاثة الاقسام كلّها مخلوقة للّه تعالي لكن بعضها بارادته و محبّته و رضاه كالطاعات و الحسنات و ما يترتّب عليها من الثواب و بعضها ليس بمحبّة اللّهِ و لا برضاه و ذلك كالمعاصي و السّيئات فانّها من تمام الطاعات بمعني لو لميتمكَن العبد من فعل المعصية لميقدر علي الطاعة لانه لايكون فعله طاعة حتي يتمكن من فعل المعصية و يتركها باختياره مع القدرة عليها و لايتمكن من المعصية حتي يفعل اللّه ما يتوقّف المعصية عليه ، مثاله انّ اللّه سبحانه خلق الحنطة لمصلحة عباده المؤمنين المطيعين و قدّر فيها انّها اذا القيت في الارض الجرز الصالحة للزرع و سُقِيَتْ بالماۤء انّها تنبت بمعني انّ اللّه تعالي ينبتها لمن يفعل ذلك فاذا غصبَ الظالم حنطة المؤمن و زرعها في ارضٍ مغصوبة و سقاها بماۤء مغصوب انبتها اللّه سبحانه بمقتضا ما جعل في الحنطة و في الارض و في الماۤء و لميرض بغَصبِ حنطة المؤمن و لا غصب ارضه و لا غصب ماۤئه و لكنه فعل ذلك اجراۤء لما جعله سبباً في التّأثير في مسبّباته و كذلك اذا زني الرجل الزاني و القي نطفته في رحم المرأة التي زني بها فانه يخلق منها الولد و هو لايرضي بالزنَي و لا القاۤء النطفة الحرام في الرحم الحرام و لايرضي بولد الزني و لكنّه تعالي اعطي الاشياۤء ما تقتضيه طباۤئعها و خلقها للطاعات و للمطيعين و نهي عن استعمالها فيما يكره و توعّد فاعله بالعقاب و اخبرهم بانه لايرضي بذلك فاذا فعل العاصي خلاف ما امره به لميمنع الكريم عزوجل عطيّته بل يعطيها مقتضي طباۤئعها فيخلق مقتضي فعل العاصي و ان لميرضه و لايمنع عطيّته فالفعل من العاصي وحده و اللّه سبحانه يخلق مسبّب ذلك الفعل فاذا كفر العبد خلق اللّه الكفر فيه بفعله و هو اسوداد قلبه و ظلمته و سلبه اللطف مع ان اللّه لايحب ان يفعل بعبده ذلك و لكنّه لما فعل ما يوجبه ماجاز في الحكمة ابطال الاسباب بل يحدث لازمها المسمي فان الكفر الذي خلقه تعالي هو مقتضي فعل الكافر لا نفس فعل الكافر و اليه الاشارة بقوله تعالي و قالوا قلوبنا غلف بل طبع اللّه عليها بكفرهم فلايؤمنون الا قليلا و هذا الطبع هو الكفر الذي خلقه اللّه لا انكار
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 518 *»
الوحْدانية التي فعله الكافر و لكنه ايضاً لايرضي و لايحبّ ان يفعل بعبده ذلك و لولا ما اوجب علي نفسه من انه لايبطل الاسباب التي جعلها اسباباً لمَاخلق الكفر في الكافر بكفره و اليه الاشارة بقوله عليه السلام في دعاۤء كميل فباليقين اقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك و قضيتَ به من اخلاد معانديك لجعلتَ النار كلها برداً و سلاماً و ماكان لاحدٍ فيها مقرّاً و لا مقاماً لكنّك تقدست اسماۤؤك اقسمتَ ان تملأها من الكافرين من الجنة و الناس اجمعين الدعاء ، اذ لو فعل جميع مقتضي ما يحبّ خاۤصّة بطل النظَام لانه تعالي اقام الاشياۤء باضدادها ليعلم اَلا ضدّ له فلميخلق شيئاً بسيطاً قال الرضا عليه السلام ان اللّه لميخلق شيئاً فرداً قائما بذاته للذي اراد من الدلالة علي نفسه و اثبات وجوده ه ، فاصل المعصية عدم في نفسه و في اصله لعدم انتهاۤئه الي وجود فلايراد بالمخلوق خصوص الموجود لا في الكتاب و لا في السنّة بل انّما المراد به كل ما يدركه العقل فانّ كلّ ما يتعقّل فهو شيء ممكن لانّ الواجب عزوجلّ و انْ كان شيئاً بحقيقة الشيئيّة الا انه لايدرك و لايمكن تعقّله و الممتنع ليس شيئاً و لايمكن تعقّله لان الصورة المعقولة ان كانت هي الممتنع فليست ممتنعة بل موجودة و ان كانت صورة الممتنع فالصورة عرض و ظل لاتقومُ الّا بمعروضها و لايعقل وجود صورةٍ لا معروض لها و لا ظلّ لا شاخص له و لذا قال تعالي الذي خلق الموت و الحيوة فاخبر تعالي ان الموت مخلوق مع ان كثيراً يتوهم انه ليس بشيء لانه عدم الحيوة و لايعلمون ان عدم الشيء مخلوق كما ان وجوده مخلوق و روي بسنده الي الرضا عليه السلام ان علي بن يونس بن بهمن قال للرضا عليه السلام جعلتُ فداك ان اصحابنا اختلفوا فقال في اي شيء اختلفوا فتداخلني من ذلك شيء فلميحضرني الا ما قلتُ جعلتُ فداك من ذلك ما اختلف فيه زرارة و هشام بن الحكم فقال زرارة النفي ليس بشيء و ليس بمخلوق و قال هشام النفي شيء مخلوق فقال لي قل في هذا بقول هشام و لاتقل بقول زرارة ه ، و قوله و عين الارادة و عين الذات صريح في كون الارادة قديمة و هي ذات اللّه و هذا لايجوز لانّ الارادة تتعلّق بالممكنات كما قال و لو كانت
* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 519 *»
هي ذات اللّه تعالي لكانت ذات اللّه تتعلّق بالممكنات تعالي عن ذلك علوّاً كبيراً بل الارادة هي الفعل و هو يتعلّق بالممكنات و قوله و منها الكفر و الايمان اي من الممكنات الّتي تتعلّق بها الارادة الكفر و الايمان فيَلزم ان يكون الكفر مراداً للّه تعالي و ليس كذلك بل الارادة ارادة محبّةٍ و هي التي امرَ بموجبها كاَمره بالصلوة و ارادة عدلٍ و قضاۤء و هو انه تعالي مثلاً خلق النار حارّة يظهر اثرها في كل ما باشرها لاجلِ مَنافع العباد و علّمك انّك ان وضعتَ فيها اِصبعك فانّها تحرقه و اخبرك بانه لايرضي بذلك فاذا خالفتَ امرَه و وضعتَ اصبعك فيها احدثَ بها في اصبعك ما يترتّب عليها من الاحراق و ذلك بارادة عدلٍ و قضاۤءٍ لا بارادةِ محبّةٍ كما قال تعالي بل طبع اللّه عليها بكفرهم فافهم و كلّ ما تسمع في الاحاديث من قولهم عليهم السلام ان اللّه تعالي خلق الخير و الشر و الكفر و الايمان و ما اشبه هذا فمن هذا القبيل و لا شك انه يجب علي المؤمن الرضا بالقضاۤء علي نحو ما بيّنّا .
قال ايده اللّه : و بعبارة اخري انّه لا بدّ من عموم القدرة المتعلقة بمعني ان الكل بارادة الحق و قضاۤئه و يجب الرضا بالقضاۤء عقلاً و شرعاً كما في الحديث القدسي من لميرض بقضاۤئي الي آخر الحديث و الحال انه ورد عن ائمة الهدي الراسخين في العلم الرضا بالكفرِ كفرٌ و ورد ايضاً في كلامه المجيد و لايرضي لعباده الكفر .
اقول كلامه اعلي اللّه مقامه متوجّه في الاشكال و بيانه الذي لا غبارَ عليه هو ما ذكرنا فانه سبحانه لايرضي لعباده الكفر و لكنه تعالي مَن عصاه و كفر حكم عليه بالكفر و مثاله اذا كان زيد و عمرو قاعدين قريباً منك و امرتهما بطاعتك فيما يقدرانِ اَنْ يُطيعَاكَ فيه فاطاع زيد فانّك تحكم عليه بانه مطيع و عصاك عمروٌ فانّك تحكم عليه بانه عاصٍ و تعامله بما تعامل به مَن عصاك و انت لاترضي ان يعصيَك عمروٌ و لاترضي له بالمعصية و لكنّك لمّا امرتَه و عصاك باختياره و هو قادر علي طاعتك جعلته مع العاصين لك و جازيته مجازاة العاصين و انت لاترضي له بالمعصية فلمّا عصَي رضيتَ ان تجعله عاصياً و جعلك له
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 520 *»
عاصياً يجب ان يكون مقبولاً عقلاً و شرعاً بمعني انك لمتظلمه و لكنه باختياره فعل ما يستحق به الاهانة و هذا بيان ذلك السؤال و دفع الاشكال فافهم.
قال رفع اللّه ذكره و قدره : السابع ان حدوث العالم كيف يجتمع مع دوام الفيض و ازليّة الجود.
اقول اعلم ان الازل و الابد هو اللّه سبحانه و الازل هو الابد اذ لايجوز ان يكونا اثنين و الّا لزم حدوث الازل و الابد لما يلزم من تغايرهما الاجتماع او الافتراق او الاقتران و ما كان كذلك فهو حادث قال اميرالمؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة لميسبق له حال حالاً فيكون اوّلاً قبل ان يكون آخِراً و يكون ظاهراً قبل ان يكون باطناً و قال الصّادق عليه السلام اللهم انت الابَدُ بلا امدٍ و الحاصل لاتتوهّم ان الازل مكان او وقت و الحقّ تعالي حاۤلّ فيه اذْ لو كان كذلك لكان غيره فيلزم امّا تعدّد القدماۤء ان فرضتَ الازل قديماً و ان فرضته حادثاً كان تعالي حالّاً في الحادث بل هو ذاته الحق و الفيض الذي يكون مدداً للاشياۤء لابدّ اَنْ يكون حٰادثاً مثلها لانّ الازل صمد بسيط لايخرج منه شيء و لايدخله شيء و انما الصانع الحق تعالي خلق الامكان عَلَي نحو كُلّيّ لايتناهي و لايتصوّر ان يدخله نقص بما يخرج منه فخلق منه الاشياۤء و امدّها منه فالفيض ممكن داۤئم لايتناهي و لاينقص بالافاضة و الجود كذلك فافهم .
قال حرسه اللّه و بَلّغه ما يتمنّاه : الثامن ان خطبة البيان و خطبة الططنجيّة هل هما عن علي عليه السلام ام لا .
اقول اعلم ان خطبة البيان ذكر محمدباقر المجلسي في بعض ما نقله عنه بعض العلماۤء انه قال سمعت من استاذي علامة العلماۤء و المجتهدين مولانا محمدباقر المجلسي ايده اللّه ان اهل الخلاف نقلوا خطبة البيان انتهي ، و معلوم عنْدَ كلِّ احد من الشيعة نسبتها اليه عليه السلام بحيث لايكاد اَحدٌ يشكّ في نسبتها اليه نعم ذكر بعضهم ان فيها زياداتٍ و نسخها مختلفة لاتكاد توجد نسختانِ متوافقتانِ و امَّا الطّعن فيها بانها فيها ارتفاع فممّا لايلتفت اليه لانّ لها معاني و محَامِلَ تصرف اليها و الّذي يترجّح عندي صحة نسبتها اليه عليه السلام
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 521 *»
و امّا ان الزيادات من اختلاف النسخ فغير بعيدٍ و امّا الخطبة الطّطنجيّة فلا عَيْبَ فيها و المعاني المذكورة فيها الّتي قيل فيها من اجلها انّها من وضع الغلاةِ لاتدلّ علي شيء من امر الغلاة و الّذين يَزْعمون باَنّ مثل ذلك غلوٌّ لايفهمون كلامَهُمْ عليهم السلام فاذا رأي شيئا غير ما يفهم انكره مع انّه يسمع كلامهم عليهم السلام يقولون انّ حديثنا صعب مستَصْعَبٌ خشن مخشوش فانبذوا الي النّاس نبذاً فمن عرف فزيدوه و من انكر فاَمسِكوا لايحتمله الا ثلاث ملك مقرّب او نبي مرسل او عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للايمان و يقولون عليهم السلام انّ امْرنا هو الحقّ و حقّ الحقّ و هو الظاهر و باطن الظاهر و باطن الباطن و هو السرّ و سرّ السّرِّ و السرّ المستسِرّ و سرّ مقنّع بالسر ه ، و امثال هذا حتّي ان الصادق عليه السلام قال ما معناه انّي لاتكلّم بالكلمة و اريد بها احد سبعين وجهاً لي من كلٍّ منها المخرج و في رواية ان شئتُ اخذتُ هذا و ان شئتُ اخذتُ هذا الي غير ذلك فاذا كان هذا شأنهم عليهم السلام في مراداتهم فكيفَ يحصر كلامهم في شيء مخصوصٍ مَن يكون عقله قاصراً عن الاحاطة ببعضِ معاني كلامهم بحيث يقول في كلامهم هذا غلوّ و باطل مع عدم ادراكه لشيءٍ من ذلكَ و الحاصل قد ورد عنهم عليهم السلام في عدّة اخبار عن النبيّ صلي اللّه عليه و اله ما معناه ان كلّ ما يوجد في ايدي النّاسِ من حقٍّ فهو من تعليمي و تعليم علي بن ابيطالب فاذا ثبت مثل هذا و ثبت علي اَنّ علي كلِّ حقٍّ حقيقةً و علي كل صوابٍ نوراً ظهر انّ مثل هاتين الخطبتين و ما اشبههما لايكونان من غير اهل العصمة عليهم السلام و من تأمّل فيهما عرف ذلك .
قال ايّده اللّه بنصره و بتوفيقه : التاسع ما وجه صحة نسبة التردّد و الابتلاۤء و البداۤء الي اللّه تعالي .
اقول ان التردّد الوارد في الحديث القدسي في قوله تعالي ماتردّدتُ في شيءٍ انَا فاعله كتردّدي في قبضِ روح عبدي المؤمن يكره الموت و اكره مساۤءته و لا بدّ له منه ه ، و معني ظاهره انّه تعالي لمّا حكم بالعدل حكم بانّ مَن كره لقاۤء اللّه كرِهَ اللّه لقاۤءَه و لمّا رأفَ به اَسْبَغ عليه نعمه و لمّا تواترَتْ عليه النعم
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 522 *»
كره الموت و احب البقاۤء في الدّنيا و كره مفارقة النعيم و ذلك موجب لكراهة لقاۤء اللّه تعالي و من كره لقاۤء اللّهِ كره اللّه لقاۤءه و من كره اللّه لقاۤءه اَدْخلَهُ النّار و اللّه سبحانه لرحمته لَهُ يكره مَساءته فلمّا كان الموت عَلَي هذه الحال مستلزماً لذلك و لِمَساۤءته۪ تردّد سبحانه في قبض روحه .
و اعلم ان العلماۤء اختلفوا في معني التّردّد المنسوب الي اللّه تعالي و ذكروا له وجوهاً و الّذي ترجّح عندي وجهٌ غير تلك الوجوه التي ذكروها و هي انّه سبحانه يضيّق علي عبده المؤمن امور الدنيا فاذا خيف عليه القنوط وسّع عليه فاذا خيف عليه الركون الي الدنيا ضيّق عليه المعيشة فاذا خيف عليه القنوط وسّع عليه فاذا خيف عليه الركون الي الدنيا ضيّق و هكذا حتي يعرف خساسة الدنيا و تقلّبها فيكره الدنيا و البقاۤء فيها فيحبّ الموت و يحبّ لقاۤء اللّه فيحبّ اللّه لقاۤءه فيقبضه اليه مكرّما و هذا عندي احسن معاني ما يحتمل التردّد و اما الابتلاۤء و الفتنة و الاضلال اذا نُسِبَتْ الي اللّه تعالي فالمراد منها الاختبار لانّ اللّه لمّا دعا عباده علي لسان نبيّه و السنة اولياۤئه صلي اللّه عليه و آله كانوا علي اربعةِ اقسام : قسم اجابوا عن بصيرة و علمٍ و هم الانبياۤء و المرسلون و اوصياۤؤهم عليهم السلام و شيعتهم و قسم انكروا عن بصيرة و علمٍ و هم الكفار و المشركون و المنافقون و اتباعهم و قسم اجابوا من غير علم و لا بصيرة و قسم انكروا من غير بصيرة و لا علمٍ و هؤلاۤء الفريقان امرهم موقوف لايسئلون في قبورهم و يُلْهي عنهم فاذا كان يوم القيمة و زالت عنهم موانع الفهم و الادراك عرض عليهم التكليف فمن اجاب لحق بالمؤمنين و من انكر لحق بالكافرين و اما القسمان الاولان و هم الذين اجابوا اوْ انكروا فيبتليهم بما لايعرفون فامّا المجيبون فيبتليهم بخلاف ما يعرفون ليتبيّن مَن ثبت عن بصيرة اذا ورد عليه ما لايعرفه و اما المنكرون فيبتليهم بما لايعرفون لئلّايقولوا لولاارسلتَ الينا رسولاً فنتّبعَ آياتك و لاجل هذا المعني قال تعالي انّ الساعة آتية اكاد اخفيها لِتجزي كلّ نفسٍ بما تسعي و قال تعالي الم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنّا و هم لايفتنون اي و هم لايُخْتَبرون و كذلك معني يضلّ اللّه من يشاۤء و مثاله كان في مشركي
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 523 *»
قريش من هو لايقدر علي معارضة القرءان و هو راۤدّ للوحي و لكنه ساكت لانّه مايدري ما يقول و سكوته ليس عن ايمانٍ او تسليم فاراد اللّه سبحانه ان يختبرهم فانزل في وصف سقر قال لاتبقي و لاتذر لواحة للبشر عليها تسعةعشر فلمّا قال عليها تسعةعشر ضحكوا فقال بعضهم عجز عن تمام عشرين و قال شخصٌ منهم انا عليَّ سبعةعشر و انتم يا صناديد قريش تعجزون عن اثنين فانزل اللّه سبحانه و ماجعلنا اصحاب النار الا ملاۤئكة و ماجعلنا عدّتهم الا فتنةً للّذين كفروا ليستيقن الذين اوتوا الكتاب و يزداد الذين آمنوا ايماناً و لايرتاب الذين اوتوا الكتاب و المؤمنون و ليقول الذين في قلوبهم مرض و الكافرون ماذا اراد اللّه بهذا مثلاً ثم قال تعالي في سبب اختبارهم و بيان ضلالتهم بسبب اختبارهم قال كذلك يضلّ اللّه من يشاۤء و يهدي من يشاۤء يعني انّا جعلنا الزبانية تسعةعشر ليضلّ به من شاء اللّه ممن انكر و يهدي به مَنْ سَلّم و لميعترض .
و امّا البداۤء المنسوب الي اللّه تعالي فالمراد بانه تعالي جعل لكل شيء وقتاً و اجلاً مقدّراً لايزيد و لاينقص فاذا امر بحكم فانه عنده مؤجّل بمعني ان المكلّفين يكلّفون به مدّة امّا الي يوم القيمة كالصلوة و امّا الي مدّة معيّنة كتكليفهم بالتوجّه الي بيت المقْدس في الصلوة ثلاثعشرة سنة و اربعة اشهر تقريباً ثم تنقضي تلك المدّة و يكلّفون بالتوجّه الي الكعبة و انقضاۤء الحكم الاوّل يسمي نسخاً و انقضاۤء مدة الذوات مثلاً يسمّي بداۤءً و لذا قيل البداۤء نسخ وجودي و النسخ بَداۤء تشريعي مثال البداۤء يكتب اللّه اجل زيدٍ مثلاً خمسين سنة و يكتب انه ان قطع رحمه او زني كان عمره خمس سنين و ان تَعفّف او وصل رحمَهُ كان عمره خمسين سنة و مثاله انّك اذا رأيتَ جداراً بُنِي بالطين انتقش في خيالك انه يبقي عشر سنين ثم ينهدم فاذا اتاه صاحبُه و بناه بالجصّ و الصخر و ضبطه و احكم بنيانه و رأيته بعد ذلك انمحي ما كان في خيالك منتقشاً من انّه يبقي عشر سنين و انتقش فيه انّه يبقي مائة سنة و مثاله في زيد انّ الملاۤئكة الموكّلين به لمّا رأوا زيداً و نظروا الي بنية آلات نفسه بعد ما زني او قطع رحمَه انتقش في انفسهم انّه يعيش عشر سنين و ذلك انه اذا فعل المعاصي ضعف
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 524 *»
المدد الوجودي الّذي به قوامه و بقاۤؤه فتحلّل آلٰاتُ الروح التي لاتبقي الرّوح في البدن الّا بها حال اسْتِقامتها فلمّا رأت الملاۤئكة اختلالَ تلك الالاتِ و قدّرَتْ بقاۤءَهُ بنسبة ما بَقيَ من الالاتِ انتقش في اَلْوَاحِ نفوسها انه يعيش عشر سنين فلمّا تاب و عفّ او وصل رحمه قوِيَ المَدَد بينه و بين فيض الوجود فقوِيت آلاتُ النفس فلما نظرت الملاۤئكة الي تلك الالات و قوّتها قدّرت بقاۤءَهُ بنسبة قوّة الالات انمحي ما كان في نفوسها من قبل و انتقش فيها انّه يعيش خمسين سنة فهذا معني يمحو اللّه ما يشاۤءُ و يثبت انه محا بسبب المعصية قوّة آلات نفس زيد و محا بقاۤءه خمسين سنة و محا من نفوس الملاۤئكة قوّة آلات نفس زيد و ما اقتضته من البقاۤء خمسين سنة و لمّا اطاع محا ما اثبت اوّلاً في الواحِ الالات و قوّتها و بقاۤء عشر سنين و في نفوس الملاۤئكة و اثبت في تلك الالواح ما اقتضته الطاعة من قوّة آلات نفس زيد و من بقاۤئه خمسين سنة و من انتقاش ذلك في نفوس الملاۤئكة فالواح المحو و الاثبات آلات نفس زيد و قوّتها او ضعفها و نفوس الملاۤئكة و بقاۤء زيد عشر سنين او خمسين سنة و ما اثبت باعمالِ زيدٍ من اسباب الزيادة كالطاعات او اسباب النقص كالمعاصي فافهم فهذا معني البداۤء امّا بالنسبة الي اللّه فانّها اشياۤء يُبْد۪يها لا يبتديها و اما بالنسبة الي نفس الشيءِ بدا فيه فانه في كل ما يحكم به او عليه مؤجَّل و الاجل غاۤئب فان انتهت المدّة ارسلوا اليه اَنْ اَقْبِل فاذا جاۤء اجلهم لايستأخرون ساعة و لايستقدمون و انْ ز۪يدَ في المدة ارسلوا اَنْ تأخّر كذا و كذا و الزيادة بسبب الطاعات و النقيصة بسبب المعاصي فهذه الاشارة فيه كفاية لاولي الالباب .
قال ايّده اللّه : العاشر بيان استجابة الدعاۤء و اغاثة الملهوفين عند الالحاح و الالتماس .
اقول انّ اللّه سبحانه قال ادعوني استجب لكم و هذا مجمل و بيّنه في قوله و اذا سألك عبادي عنّي فانّي قريب اُجيبُ دعوة الداع اذا دعانِ فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون و من معني بيانه انه قال فليستجيبوا لي يعني اني دعوتهم الي ان يدعوني فيدعوني و ليؤمنوا بي اي يصدّقون باَنّي اقرب اليهم
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 525 *»
من حبل الوريد و اَنّي اجيب الداع فاذا دعا الداعي و هو شاكّ في انّه يجيب الدعاۤء لايستجيب له و ان دعا و هو لايعرف مَن دعاه لايستجيب له كما قال جعفر بن محمد عليهما السلام لمّا قيل له ما بالنا ندعو و لايستجاب لنا قال عليه السلام لانكم تدعون مَنْ لاتعرفونه فاذا اردت استجابة الدعاۤء فادعه وحده لانّك اذا لمتعرفه فانما تدعو غيره و طريق معرفة موجب الاستجابة ان تعزم عليه تعالي بما دعاك فتتوجّه اليه غير ناظرٍ الي حاجتكَ و لا الي نفسك علي نحو ما اذا قلتَ لزيد يا قاعد فانّك غير لاحظ للقعود و انّما انت متوجّه الي زيد فكذلك اذا قلت اللّهم اغفر لي فلاتلتفِت الي كونكَ و لا الي كونك ساۤئلاً و لا الي المغفرة و تتوجّه اليه تعالي لا الي جهة بلا كيف فانّك اذا فعلتَ كذلك استجاب لك في مَكَانك و لقَدْ جَرّبتُ ذلك خمس او ست مرّات فلاينقطع كلامي الا بالاجابة و طريق آخر اَنْ تَتّقِيَ اللّهَ بان تطيعَه في كلّ ما يريد منك فاذا كنتَ كذلك فهو اكرم منك و اولي بالفضل فاذا دعوته استجاب لك في كلّ ما تريد و هو تعالي نبّهك علي ذلك بقوله انّما يتقبّل اللّه من المّتقين .
قال ايّده اللّه بنصره و اعانه بتوفيقه : و كذلك نريد بيان انّ الرّضا عليه السلام حين اكل العنب المسموم هل كان عالماً بالسّمّ ام لا .
اقول انه عليه السلام كان عالماً بالسّمّ و له جوابانِ احدهما انه عالمٌ بالسَّمّ الي ان اكَله بل اكله مع علمه بالسّمّ و لايلزم من ذلك انه القي بنفسِه الي التّهلكةِ من وجهين احدهما انّه لايقدر علي الامتناع من الاكل لانه لو امتنع قتله اللّعين بالسيف و الممنوع من الالقاۤء بالنفس الي التهلكة ما كان مع القدرة علي الامتناع و امّا مع عدم القدرة علي الامتناع فلا و ثانيهما انه قد اخبره اسلافه: عن اللّه تعالي بان اللّه قد كتب عليه ذلك و امره بالاكل فلايكون امتثال امر اللّه تعالي اِلقاۤءً بالنفس الي التهلكة كما لو امرَك الامام عليه السلام بالجهاد و اخبرك بانّك تقتل فانه يجب عليك امتثال امرِه و ان علمتَ بانّك مقتول و لايكون القاء بالنفس الي التهلكة و هذا
«* جوامع الکلم جلد 2 صفحه 526 *»
ظاهر و ثاني الجوابَيْنِ انّه عند التّناول غاب عنه الملك المسدِّد كما في روايةٍ و هو معني ما رُوي انه كان يعلم ذلك الي وقت التناول فلمّا اراد اَن يتناول اُنْسِيَهُ ليجريَ عليه القضاۤء هـ ، فانّ معني ما في الرّوايتَيْن واحِدٌ فان الاولي معناها انّ الملك الذي يُسَدّد الامام عليه السلام غاب عنه، المراد بالملك عقله الشريف و معني غيبته عنه انّه حين امرهُ اللّه باكل العنبِ المسموم توجّهَ الي اللّه تعالي كناية عن مسابقته الي اللّه و الي امتثال امره و غفلته عن نفسه .
و معني ما في الثّانية اَنّ توجّهه الي اللّهِ و الي امْتثال امره مستلزم للغفلة عن نفسه و لتركه لنفسِه و الاِنْساۤء بمعني التّرك يعني انّه اشغله بلذَاذةِ لقاۤئه عن نفسه ليجري عليه القدر فلميلتفِتْ الي نفسه و لا الي المحافظة عليها فكنّي عن الاقبال علي اللّه و امتثال امره و الاشتغال بما اظهر له من الجمال و المحبّة للقاۤئه و عن تركه للمحافظة علي نفسه بغيبوبَةِ الملك المُسَدِّد عنه و بالانساۤء لانّه لمّا اراد الاكل من العنب المسموم حضره آباۤؤه الطاهرون صلي اللّه عليهم اجمعين و قالوا الينا الينا فانّا مشتاقون اليك و ما عند اللّه خير لك فتوجّه الي اللّه تعالي و اليهم و الي النعيم الداۤئم و لميلتفت الي شيءٍ بل ترك كل شيء من الدنيا حتي نفسه لان الانسان اذا اشتغل بشيءٍ مُهمٍّ لميُحِسَّ بالضربة و الصَّدْمَةِ و لهذا كان الانسان اذا اشتغل قلبه بفَرحٍ شديدٍ او خوفٍ ربّما تدخل الشوكة او العظم في رجله و لايُحِسّ به و لا باَلَمِه لانه قد اجتمعت مشاعره علي ما هو مهتمٌّ به و نسي نفسه و هذا امر وجْدَاني و هو بهذا البيان منكشِف لمن له عينان و الحمد للّه ربّ العالمين.
و كتب بيده العبد المسكين احمد بن زينالدين بن ابراهيم عفي اللّه عنهم و فرغ من اجوبة هذه المساۤئل الشريفة ليلة الرابع و العشرين من شهر رجب سنة ١٢٣٧ سبع و ثلاثين بعد المائيتن و الالف من الهجرة النبويّة علي مهاجرها و آله افضل الصلوة و السلام حامدا مصليا مسلما مستغفرا تائبا.