رسالة جواب الملاعلی البرغانی
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 441 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين و صلي اللّه علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطيبين الطاهرين و لعنة اللّه علي اعدائهم و مخالفيهم و مبغضيهم و منكري فضائلهم ابد الابدين و دهر الداهرين.
اما بعــد، فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان المولي الاجل و الحبر الانبل عارج معارج العلم و اليقين و راقي مراقي المعرفة بالتمكين العالم العامل و الفاضل الكامل الولي الوفي العلي مولينا الملاّ علي البرغاني بلغه اللّه تعالي افضل الامال و الاماني قداتي بمسائل صعبة مشكلة قصرت دونها الافهام و تحيرت في حلها العقول و الاحلام و طلب من الفقير جوابها و كشف نقابها و وافق ذلك حين مسافرتي الي مشهد مولينا و سيدنا الرضا علي جده و ابائه و عليه و ابنائه الاف التحية و الثناء و في مثل تلك الحال لايبقي للقلب اقبال لكمال اختلال الاحوال بمعاناة الحل و الارتحال و عروض الامراض المانعة من استقامة الحال و معذلك لصعوبة هذه المسائل و تلك الوسائل ما كل مايعلم يقال و لا كل مايقال حان وقته و لا كل ماحان وقته حضر اهله الاّ اني في سعة مع من اخاطب و اتكلم فانه سلمه اللّه تعالي بدقة نظره و ثاقب فكره يدرك الدقايق و يلتفت الي التلويحات و اشارات الحقايق فاقتصر بالاشارة و الوح الي الحقيقة بصريح العبارة متوكلاً علي اللّه سبحانه راجياً منه الاعانة و جعلت كلامه سلمه اللّه تعالي متناً و جوابي كالشرح له ليطابق كل سؤال بجوابه و بالعكس كماهو عادتي في اجوبة المسائل.
قــال ايده اللّه تعالي و سدده: بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للقديم الغايب عن درك الحواس و لمس الناس الخارج عن الحدين الابطال و التشبيه.
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 442 *»
اقــول: اشار بالقديم الي الهاء فانها هي التي ظاهرها عين باطنها و سرها عين حقيقتها و اولها نفس اخرها و اليه الاشارة بقول النبي9 التوحيد ظاهره في باطنه و باطنه في ظاهره رواه الصدوق في معاني الاخبار و الهاء صورة لفظها عين صورة معناها و هي الدائرة اي الواحد البسيط الذي لايتصور له جهة و جهة و اولية و اخرية و قديجعل دائرتين لبيان ظهور التوحيد في العالمين عالم الاجمال و عالم التفصيل و عالم الغيب و عالم الشهادة و عالم الباطن و عالم الظاهر و عالم المعني و عالم اللفظ و عالم النبوة و عالم الولاية و بالهاء ظهور كلمة كـن التي انزجر لها العمق الاكبر فانها اذا تكررت اربع مرات ظهرت الكاف و الاربعة ظهور التجلي في الطبايع الاربع بلاكيف و لا حيث و اذا تكررت مرة واحدة كانت عنها الياء فاذا نظرت الي الياء بالضرب كانت عنها النون فاذا اتصلت بالكاف كانت كلمة كن و هي سر الاختراع و الابداع و الامر التكويني قال تعالي انما امره اذا اراد شيئاً انيقول له كن فيكون و الفعل ظهور الذات بالاثر و هذا الظهور انما كان بالهاء فهي الاشارة الي القديم بلا اشارة و هو تثبيت الثابت الذي رواه الصدوق عن الباقر7 في تفسير قل هو الله احد و الهاء خمسة لكونها اصل المثلث الفرد الظاهر في المربع الزوج المضمحل للاشارة الي قوله7 الهي امرتني بالرجوع الي الاثار فارجعني اليها بكسوة الانوار و هداية الاستبصار حتي ارجع اليك منها كمادخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها و مرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك علي كل شيء قدير و لماكان توجه المخلوق الي الذات البحت ممتنعاً و انما هو بتلك الكلمة بظهور دلالتها و الكلمة في ذاتها مربعة و ظهورها خامسها وضعت لهذه الاشارة الهاء لا غيرها و لذا تحفظ نفسها في جميع مراتب التربيع و التكعيب.
و قوله سلمه اللّه تعالي الغايب عن درك الحواس و لمس الناس اشارة الي الواو لانها جهات الكثرة و الايام الستة التي بها ظهرت الانيات و ماهيات الاشياء و الكثرة جهة اختفاء
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 443 *»
الوحدة فالوحدة تعريف و اثبات و الكثرة تنكير و نفي و الوحدة حضور و الكثرة غيبة و لمّا كانت الوحدة هي باطن الكثرة اي باطن القيومية لا باطن الاستتار كانت الواو اذا نظرت الي باطن مراتبها مع قطع النظر عن نفسها يظهر الاحد و هو قوله تعالي و دخل المدينة علي حين غفلة من اهلها و هو مقام التوحيد الحقيقي الذي كانت الهاء مشيرة اليه لا بالاشارة و هو مقام امتناع ذكر الكائنات سوي الذات البحت البات و اذا ذكر ظاهر الواو مع باطنها كان الواحد و هو مقام الاسماء و الصفات و رتبة الربوبية اذ مربوب ذكراً و اذ لامربوب عيناً فافهم و اتقن ان شاء اللّه تعالي و الواو اشباع الهاء و ذلك تمام الاسم الاعظم «هو» و هو باطن اللّه و هو باطن العلي العظيم و معناه كماورد في معانيالاخبار عن مولينا الرضا7 .
و قوله سلمه اللّه تعالي الخارج عن الحدين الخ يريد اثبات الكمال المطلق و ذلك مااشار اليه اميرالمؤمنين7 كمال التوحيد نفي الصفات عنه لان الكمال المطلق هو الوحدة كما ان النقص المطلق هو الكثرة و كلما غلبت الوحدة غلب الكمال بضد العكس و اللّه سبحانه في اقصي مقام الكمال فليس فيه شوب كثرة و ان كان في الاسماء و الصفات و انما صفاته هي ذاته فافهم.
قــال سلمه اللّه تعالي: ثم الصلوة و السلام علي الشمس القديم الثاني القائم في الاداء مقام القديم الذي لا ثاني له و علي القمر القمراء و الزهرة الزهراء ثم علي الفرقدين الريحانتين ثم علي النجوم الطوالع و البروق اللوامع من سماء النبوة و سحاب الولاية لاسيما علي الكوكب المعروف بلسان المعروف بالقرءان العظيم اللّهم عجل فرجه و صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين ابد الابدين و دهر الداهرين.
اقــول: قوله «ثم» للاشارة الي ماقال النبي9 لماقال الاعرابي ماشاء اللّه و شاء محمد و ماشاء اللّه و شاء علي قال9 لاتقل هكذا و قل ماشاء اللّه ثم شاء محمد فان
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 444 *»
مشية محمد في مشية اللّه كمثل الذبابة في هذا العالم و ماشاء اللّه ثم شاء علي فان مشية علي في مشية اللّه كمثل البعوضة في هذا العالم و ثم لتراخي الرتبة و الصلوة وصل و وصال في قوله عزّوجلّ الذين يبايعونك انما يبايعون اللّه و لا فرق بينك و بينها الاّ انهم عبادك و خلقك و ذلك يستلزم السلام اي التسليم و الاداء علي المعاني كلها.
الشمس القديم الخ لقوة حرارة الفاعلية المكتسبة من نار الشجرة الزيتونة التي ليست شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لمتمسسه نار و لقوله7 في خطبة الغدير و الجمعة علي مارواه الشيخ في المصباح و ابنطاوس في مصباح الزائر استخلصه في القدم علي ساير الامم اقامه مقامه في ساير عالمه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و هذه الشمس مستمدة من باطن الكرسي و لذا كانت تلازم منطقته و لا عرض لها ابداً و الكرسي يستمد من العرش و هو باطن الشمس و القمر ظاهر الكرسي يستمد من الشمس التي هي ظاهر العرش و باقي الفقرات ظاهرة.
و الكوكب المعروف بلسان المعروف اي بلسان الشرع القرءان العظيم لمقام قران الاسباب بالمسببات و اجتماع العلل بالمعلولات و لذا كان يومه7 الجمعة كما عن الهادي7في الايام السبت رسولاللّه9 و الاحد اميرالمؤمنين7 و الاثنين الحسن و الحسين8 و الثلثاء علي و محمد و جعفر: و الاربعاء موسي و علي و محمد و علي: و الخميس الحسن العسكري7 و الجمعة القائم المنتظر عجل اللّه فرجه و فرجهم صلوات الله عليه و عليهم.
قــال سلمه اللّه تعالي: اما بعـد فيقول الفقير ان مماانحجب علي (عنّي خل) من الاخبار بعد انحجاب جميعها اخبار قال عزّوجلّ فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و امتثال الامر من اللوازم و تعيين الموضوع من الفرايض لان من اتخذ الهه هواه هوي و من اتخذ وليجة دون اللّه ولج فمن نظر بعين الانصاف يري القمر مقتبساً انواره من شموس الال فهو اهل للسؤال فعلي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 445 *»
النجوم التوجه اليه لانه باب الرحمة لها و كل مالميخرج من البيوت فهو باطل.
اقــول: قوله سلمه اللّه مماانحجب علي (عنّي خل) من الاخبار بعد انحجاب جميعها اشار بالاول الي مقام قوله7 ان حديثنا صعب مستصعب لايحتمله الاّ الملك المقرب او النبي المرسل او المؤمن الذي امتحن اللّه قلبه للايمان فالمؤمن الممتحن قديتفق لاشتغال القلب احياناً ينحجب عن بعض المعاني حسب مقامه فيحتاج الي منبّه و مذكّر و اشار بالثاني الي مقام قوله7 ان حديثنا صعب مستصعب لايحتمله احد حتي الملك المقرب او النبي المرسل او المؤمن الذي امتحن اللّه قلبه للايمان قيل فمن يحتمله قال7من شئنا و في رواية نحــن و في اخري او مدينة حصينة اي القلب المجتمع فيكون لاحاديثهم سلام اللّه عليهم مقامات كما لهم: مقام اجتماع مع الخلق و مقام افتراق و تمايز منهم ففي مقام الاجتماع مقامات مقام يشترك في فهم احاديثهم: كل الخلق من العقلاء و هو مقام الحجة البالغة علي كل مذروء و مبروء و ذلك في اغلب (الاغلب خل) ظواهر اخبارهم و اثارهم: و مقام لا حظّ فيه الاّ للخواص ممن تركوا المحرمات و المكروهات و فعلوا الواجبات و المندوبات و نظروا و تفكروا في خلق الارضين و السموات و ذلك بواطن اخبارهم و اثارهم و كذلك بواطن الايات القرءانية و هؤلاء اول مقامات المؤمنين الممتحنين و مقام لا حظ فيه الاّ لاخص الخواص و هم الخصيصون الذين تركوا المحرمات و المكروهات و المباحات و فعلوا الواجبات و المندوبات و حفظوا السر و الحقيقة عن الالتفات الي غير الحق سبحانه في اناء الساعات و هؤلاء هم الكبريت الاحمر بل اعز منه كمافي الكافي عن الصادقين8 و ذلك معرفة باطن الباطن في الايات و الاحاديث و الروايات و كلما يترقون في حفظ السر يترقون في معرفة البواطن الي السبعة بل الي السبعين بل الي ما لا نهاية له و هو قوله عزّوجلّ في الحديث القدسي حديث الاسرار كلما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً ليس لمحبتي غاية و لا نهاية و يظهر حينئذ لهم قولهم: ان حديثنا
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 446 *»
صعب مستصعب اجرد كريم ذكوان مقنع الحديث و فسر ذكوان بانه طري ابداً اي كلما (كل من ظ) يجد له معني فاذا (اذا ظ) نظر فيه نظرة اخري يجد معني اخر غير الاول بل اعلي من ذلك و هكذا فلايقف الي حد لان صاحب الحديث واقف علي باب فوارة الفيض الذي لا نهاية له و قداشار الامام الصادق7 الي كليات المراتب بقوله7 اني لاتكلم بكلمة و اريد بها احد سبعين وجهاً لي لكل منها المخرج و هنا مقامات كثيرة لايسعني الان بيانها فليطلب في شرحنا علي الخطبة الطتنجية في الجزء الثاني منه و لهم: في كل احاديثهم مقام افتراق مع كافة الخلق سواهم فلايعرف مرادهم ذلك منها سواهم فافهم.
قوله سلمه اللّه تعالي فاسألوا اهل الذكر الخ الذكر رسولاللّه9 كماقال عزّوجلّ و انزلنا اليكم ذكراً رسولاً و اهل الذكر هم المحمد: و هم المسؤلون لا سواهم الاّ ان لهم: السنة و ايادي يتكلمون بها و ذلك اذا جري الحق بلسان احد من الخلق كماقال النبي9 علي مارواه ابنعباس ما معناه يا ابنعباس لنتجد عند (بيد خل) احد حقاً الاّ بتعليمي و تعليم علي7 (اخي علي خل) انتهي و الخلق السنة لهم الاّ ان اللسان قسمان لسان خاص بهم فلاينطق به سواهم و لسان عام ينطق (قدينطق خل) به غيرهم فافهم و ان من تبعهم فانه منهم كما في الاية الشريفة فمن تبعني فانه مني فيصدق عليهم ايضاً اهل الذكر من باب الحقيقة بعد الحقيقة.
و قوله سلمه اللّه تعالي و تعيين الموضوع الخ يشير الي الخلط الواقع في العالم و تشابه اللسانين في الصورة كمافي قوله عزّوجلّ كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء، و كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار و كذلك من الايات القرءانية كثيرة لايسع المقام لذكرها فاذا كان كذلك فكل مؤيد بالملك الالهي في مقابلة مقيض من الشيطان فالاول يمده من الانوار الالهية في عليين و الثاني يوصل اليه من الخبائث و الشرور و الظلمات الشيطانية في سجين و الصورة واحدة و الفرق
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 447 *»
بينهما من الايمان الي الكفر و من النور الي الظلمة و من العليين الي السجين و لمّا اقتضت كينونة الحوادث و المخلوقات ذلك الخلط و اللطخ كمايشير اليه قوله تعالي و ما ارسلنا من رسول و لا نبي الاّ اذا تمني القي الشيطان في امنيته فينسخ اللّه مايلقي الشيطان ثم يحكم اللّه اياته الاية فلابد من ميزان و هو المعبر عنه بقوله تعالي فينسخ اللّه مايلقي الشيطان.
و ذلك الميزان المعين الموضوع امران علم و عمل اما العمل فبان يكون صاحب الملك المسدد المؤيد عاملاً بمااتي به صاحب الشرع7 مماعليه الفرقة الناجية و موصوفاً بماوصف (وصفه خل) الامام7 اميرالمؤمنين كمافي الكافي في حديث همام و غيره من الاحاديث و اما العلم فبان لايتكلم في مسألة من المسائل علي اختلافاتها (اختلافها خل) الاّ بعد تحقق اربعة و عشرين خصلة بضرب الثمانية في الثلثة اما الاولي فاولها ان لايكون معانداً مكابراً قاصداً للدنيا و ثانيها ان لايكون مأنوساً بطائفة غير اهل العصمة: و ثالثها ان لايكون عنده قاعدة مأخوذة من غير اهلالبيت: و رابعها انيكون باقياً علي الفطرة و متوجهاً الي اللّه سبحانه و قاصراً نظره عن كل ماعداه بحيث لايركن الي كتاب و لا الي سؤال و جواب و لايجد في العالم كتاباً غير كتاب اللّه و احاديث ال اللّه: و خامسها انيكون عنده في كل مسألة اية من كتاب اللّه ظاهرة الدلالة عليها و يكون من محكمات الايات و سادسها انيكون عنده فيها حديث من الاحاديث المقبولة و المسلمة لا من الاحاديث الشاذة المطروحة و المتشابهة و سابعها انيكون عنده فيها دليل عقلي بالفطرة المستقيمة بحيث يكون عنده ظاهرة بينة كالشمس في رابعة النهار و ثامنها انيكون عنده فيها مثال من الايات المرئية في الافاق و انفس الخلايق كماقال تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و يضرب اللّه الامثال للناس و مايعقلها الاّ العالمون و كأين من اية في السموات و الارض يمرّون عليها و هم عنها معرضون الي غير ذلك من الايات و اما الثانية فان (فبان
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 448 *»
خل) يستدل علي كل مسألة بالادلة الثلثة كمافي قوله تعالي ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن و يجب مراعاة هذه الثمانية في كل (كل من خل) هذه الثلثة فيكون الحاصل اربعة و عشرين فاذا راعي هذه الامور في كل مسألة من المسائل فاعلم يقيناً ان كل مايقول هو الحق الذي لا ريب فيه و لا شك يعتريه فهو حينئذ القرية الظاهرة للسير الي القري المباركة و يجب علي الناس اتباعهم و التجنب عن مخالفتهم للامر الدال علي الوجوب في قوله تعالي سيروا فيها ليالي و اياماً امنين فشهد اللّه سبحانه لهم بانهم مأمونون عن الباطل و الزيغ و الاهواء و هو الذي روي حديثهم و نظر في حلالهم و حرامهم و عرف احكامهم و وجب علي الناس انيرضوا به حكماً فان اللّه قدجعله حاكماً علي الخلق و الرادّ عليه الرادّ علي اللّه و هو علي حد الشرك باللّه و قدذكرنا في الجزء الثاني من شرح الخطبة في هذا المقام مايغني عن الكلام.
قــال ايّده اللّه تعالي: فالسؤال من قبلة العارفين من اللوازم و عليه الاجابة كذلك و يختلج بالبال ان الجواب من اللوازم اشعاراً الي قوله تعالي و اما بنعمة ربك فحدث و لست غافلاً حين قولي من قوله تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب الحمدللّه الذي هدانا لهذا و ماكنا لنهتدي لولا ان هدانا اللّه.
اقــول: اما الاجابة بالنسبة اليه اطال اللّه بقاه فمن اللوازم و الواجبات لانه اهل و قدقال7 لاتمنعوا الحكمة من اهلها فتظلموهم و ليس كذلك الامر (الامر كذلك خل) مطلقاً و لا كل سؤال يجاب كماقال7 عليكم انتسألوا و ليس علينا اننجيب هـ و قدسئل اميرالمؤمنين7 عن مسألة فاجاب عنها ثم سئل اخري فاجاب ثم سئل اخري فقال7 ليس كل مايعلم العالم يقدر انيفسره فان من العلم مايحتمل و منه مالايحتمل و من الناس من يحتمل و منهم من لايحتمل و قال7 ان حديثنا صعب مستصعب خشن مخشوش فانبذوا الي الناس نبذاً فان عرفوا فزيدوه و الاّ فامسكوا و قالوا: من اذاع سرّنا اذاقه اللّه حرّ الحديد قال7 ما الناصب لنا حرباً اشد مؤنة علينا من المذيع لسرّنا
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 449 *»
و قال7 ما معناه ان من ذاع سرّنا قتلنا قتل عمد و لاقتلنا قتل خطأ و قال ايضاً7 ما معناه و محصله و ملخصه ان حديثنا صعب مستصعب الي ان قال7لاتخبروا به ضعفاء شيعتنا فانهم يقولون ليس كذلك و ليس كذلك و الانكار كفر و تحديث النعمة و ان كان مطلوباً مرغوباً اليه لكنه اذا لميصل الي المنعم بسببه سوء و اذية والاّ وجب الكف عن ذلك كماكفّوا: و لميخبروا الناس بماعندهم من الاسرار و الحكم و العلوم و المعارف و ذلك نظراً لمصلحتهم اذ لو اخبروهم (اخبروا خل) بذلك لكانوا اما مقرين من حيث لايشعرون فيعتقدون خلاف الحق لجهلهم فيقعون في التشبيه و الكفر و الالحاد او منكرين فتقع فتنة عظيمة و لذا قال7 لو علم ابوذر ما في قلب سلمان لكفره او لقتله و لقداخا رسولاللّه9 بينهما فما ظنّك بساير الخلق و قال اميرالمؤمنين7اندمجت علي مكنون العلم (علم خل) لو بحت به لاضطربتم اضطراب الارشية في الطوي البعيدة و قال علي بن الحسين8 فيماينسب اليه:
اني لاكتم من علمي جواهره | كي لايري العلم ذو جهل فيفتتنا | |
و قدتقدم في هذا ابو حسـن | الي الحسين و وصّي قبله الحسنا | |
فربّ جوهر علم لو ابوح به | لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا | |
و لاستحلّ رجال مسلمون دمي | يرون اقبح مايأتونه حسنا |
فالمقتدي لطريقتهم و التابع لسنتهم يجب عليه ان لايتكلم بماحكم اللّه كتمانه و ستره فان اسرار المحمد صلي اللّه عليهم كانوارهم و اشخاصهم في هذا الزمان في مقام الخفاء و الاختفاء و شيعتهم كذلك يجب عليه انيصون اسرارهم عن ابناء هذا الزمان الي انيأذن اللّه سبحانه لوليه عجل اللّه فرجه بالاظهار فهنالك تبدو الاسرار و تظهر الانوار فترقبوا ظهور تلك الايام رزقنا اللّه و اياكم رؤيتها قال الشاعر و نعم ماقال:
و مستخبر عن سرّ ليلي اجبته | بعمياء من ليلي بلاتعيين | |
يقولون خبرنا و انت امينها | و ما انا ان خبرتهم بامين |
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 450 *»
قــال سلّمه اللّه تعالي: منها مارواه ابنعباس عن مولينا اميرالمؤمنين7 قال اول ماخلق اللّه الخلق خلق نوراً ابتدعه من غير شيء ثم خلق منه ظلمة و كان قديراً انيخلق الظلمة لا من شيء كماخلق النور من غير شيء ثم خلق من الظلمة نوراً و خلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سموات و سبع ارضين ثم زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ماءاً مرتعداً و لايزال مرتعداً الي يوم القيمة ثم خلق عرشه من نوره و جعله علي الماء و للعرش عشرة الاف لسان يسبح اللّه كل لسان منها بعشرة الاف لغة ليس فيها لغة تشبه الاخري و كان العرش علي الماء من دونه حجب الضياء كيف يجعل النور من الظلمة و ان علمت بان كلتا يديه يمين.
اقــول: ظاهر هذا الحديث الشريف صلوات اللّه علي قائله شرح و بيان لكيفية ايجاد الموجودات المقيدة و ان كان لباطنه مقامات اخر و اشارات الي عوالم و مراتب كثيرة اخري و الاشارة الي الاول هي ان قوله7 ان اول ماخلق اللّه الخلق خلق نوراً من غير شيء هذا النور هو مبدأ المقيدات و هو في حد ذاته لا اسم له و لا رسم الاّ انه بحسب الاضافات و الاعتبارات له اسامي كثيرة كالنور و الفؤاد و المادة و الاصل و العنصر و الاسطقس و الركن و العضد و الحقيقة من المبدأ و الموضوع و المحل و الهيولي و الاب فمن جهة صلوحه للاشكال و الظهورات سمّي هيولي و من جهة انه حامل للصور سمّي موضوعاً و من حيث انه يخصص (يحصص خل) بالصورة (بالصور خل) سمّي مادة و من حيث انه اخر ماينتهي اليه التحليل سمّي اسطقساً و من حيث انه اول مايبتدي عنه التركيب سمّي عنصراً و من حيث انه الجزء المقوم للشيء سمّي ركناً و من حيث ان الصورة متقومة به و متحققة بعده سمّي عضداً و من حيث انه مبدأ الاشتراك في المختلفين سمّي جنساً و من حيث انه مبدأ النشو و التخلق سمّي اباً و من حيث ان الشيء يتكون منه سمّي اصلاً و من حيث وحدته و بساطته و قربه الي المبدأ سمّي نوراً و من حيث تشعبه بالحدود و الصور سمّي شجرة و من حيث ذوبانه و عدم
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 451 *»
تمايز اجزائه سمّي بحراً و من جهة التمايز المعنوي و الحدود الغيبية سمّي هباءاً و من جهة تساوي نسبتها مع كل الصور و كونه اول ماتعلق به الجعل اولاً و بالذات سمّي الحقيقة من المبدأ و من حيث ان به قوام الموجودات سمّي وجوداً و من حيث ان به حيوة الاشياء كلّها سمّي ماءاً و من حيث انه تأكيد للفعل الامر التكويني سمّي امراً و من حيث ان به يجري قلم الابداع و منه يستمد العقل و يمدّ الاشياء سمّي مدداً و من حيث انه به يتجلي اللّه سبحانه للخلق و به يخاطبهم سمّي خطاباً و من حيث ان الفيض الوحداني الاجمالي لبساطته يقع عليه و منه يصل الي الكائنات سمّي عرشاً و من حيث ان بالقلب تتكون الحقايق و هو اصل للقلب و اعلي منه سمّي فؤاداً و من حيث ان نسبة الممكنات المكونة في استمدادها من اللّه سبحانه به اليه متساوية سمّي قطباً و من حيث ان الحروف الكونية المتأصلة من الالف الكوني انما تحققت و تأصلت به سمّي نقطة و من حيث ان ظهور الحقايق به سمّي علماً و من حيث ان معرفة اللّه سبحانه تحصل به سمّي اسماً و امثال ماذكرنا من الاسماء و الصفات باعتبار الملاحظات و هذا النور هو اول ماتعلق به الجعل الالهي لبطلان الطفرة و هو واحد منبسط علي كلّ الجهات و الذرّات لان الوحدة اشرف من الكثرة و فعله سبحانه لكماله المطلق كغنائه و علمه يجري علي اشرف مايمكن اولاً و بالذات و هو المصدر المشتق من الفعل و هو المفعول المطلق و هو الواحد المثلث المقهور تحت سلطان الوحدة المنغمر في لجة الاحدية و قدخلق اللّه سبحانه هذا النور من غير شيء اي من غير مادة و لا مدة و لا شيء كان سابقاً عليه و الاّ لتسلسل و هو يستلزم عدم الشيء او تحقق المبدأ و المبدأ ان كان هو اللّه سبحانه فيلزم منه الولادة و ان كان غيره تعالي فان كان قديماً يلزم تعدد القدماء و ادلة التوحيد تبطله و ان كان حادثاً و بطل التسلسل كان ماقال7 من خلقه من غير شيء اي من غير مادة و لا مدة و هو معني لا من شيء لا من لا شيء ليكون العدم مادة الوجود و المادة اقوي الاجزاء فكيف يتحقق
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 452 *»
الشيء و كيف تطرء عليه الصور لعدم الاستقرار فليس لذلك النور مادة سوي ذاته و انما هو مادة المواد و نور الانوار و هيولي الهيوليات (الهيولات خل) و اسطقس الاسطقسات و لماكان الحادث من حيث هو حادث لابد له من انية و ماهية لتجري عليه احكامه و اسماؤه و صفاته و الاّ لميكن الخلق خلقاً لست اقول انه حينئذ حق كمازعمته الصوفية و انما هو ظهور الواحد البسيط فهو اسمه تعالي و صفته و لايكون ايضاً تعدد في الاسماء لانها انما تعددت بالمتعلقات فاذا فرضت الوحدة فاين الاسماء ثم لميكن للحق ظهور للخلق اذ ليس هنا شيء متميز فاقتضي الحكم الالهي لاظهار هذا النور و اعلان هذا الظهور و اثبات حدّ الغيور و اكمال نعمته و اتمام حجته و ابراز عظمته و قيوميته و قهاريته انيخلق الكثرة لاجل اثبات ظهورات الوحدة انما تعرف الاشياء اي تظهر باضدادها و لماكانت الكثرة عكس الوحدة و الوحدة هي صفة الحق سبحانه فكانت الوحدة هي النور و كانت الكثرة هي الظلمة لكونها عكس النور و هذه الكثرة و الظلمة هما المعبر عنهما بالانية و المهية و الصورة كما ان النور و الوحدة هما المعبر عنهما بالوجود و المادة فكانت الظلمة لازمة للنور و الماهية مساوقة للوجود و الصورة متقومة بالمادة.
و لما ان اللّه سبحانه حكم انيجعل كل شيء مركباً من الضدين ليدلّ علي ان لا ضد له وجب انيجعل الظلمة من نفس النور لئلايبقي النور بسيطاً فالنور من حيث مبدئه نور و من حيث نفسه ظلمة لانه من الجهة الثانية جهة الاحتجاب عن الحق سبحانه و ذلك معني الظلمة و هو قوله تعالي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها ليسكن اليها فالمهية مسكن للوجود اذا وقف و نزل عن السير الي الاعلي قال اميرالمؤمنين7علي مافي نهج البلاغة لاتحيط به الاوهام بل تجلّي لها بها و بها امتنع منها فالتجلي بالنور و الامتناع بالظلمة و قال سيدالساجدين7 في دعاء سحر و انت لاتحتجب عن خلقك الاّ انتحجبهم الامال دونك فالظهور بالنور و الاحتجاب بالظلمة فاذا ثبت ان كل
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 453 *»
شيء مركب من الضدين فالاثبات ضده النفي كالعكس فكل منهما مركب من نفسه و من الاخر كالامر و النهي و ضد الشيء انما هو من نفسه اي وجه احتجابه فلولا جهة نفسه لماتسمّي باسم و لماجري عليه حكم كماذكرنا و اشرنا و لمّا سـري بالقاء الشيطان في وهم الناس ان الماهية ليست مجعولة و انما هي تابعة و لازمة للوجود و اللوازم لاتحتاج الي جعل اخر غير الملزوم اذ لايتصور انفكاكها عن الملزومات كالزوجية للاربعة و امثالها من لوازم الماهيات و بذلك اخرجوا اللّه سبحانه عن سلطانه و قطعوا التفاته و نظره عن خصوصيات مخلوقاته و لعمري ان هذا المذهب يطابق مع القول بان اللّه لايعلم الجزئيات و هو لا شك انه كفر و زندقة و بالجملة لمّا سـري هذا الوهم في خيالاتهم و دوّنوه في كتبهم و تصنيفاتهم اراد الامام اميرالمؤمنين7 انيزيل هذه الشبهة و يبطل هذه الدعوي فصرح بالمراد لمن كان له قلب و فؤاد فقال7 ثم خلق منه ظلمة و كان قديراً انيخلق الظلمة لا من شيء كماخلق النور من غير شيء فاشار بثمّ الي ان هذا الخلق و الجعل تحت مقام الخلق الاول و الجعل الاول فيكون هناك جعلات فاشار الي الجعلين اللذين هما الاصل بقوله7 خلق النور و خلق الظلمة ثم اشار الي جعل النسبة الارتباطية بقوله7 و خلق من النور ظلمة اذ لابد بينهما من نسبة ارتباطية ليصحّ جعلها منه و هو قوله عزّوجلّ و جعل بينكم مودة و رحمة و هي تحتاج الي جعل اخر لانها رتبة غيرهما و لايتأصل شيء الاّ بنظر خاص منه تعالي اليه كماهو المعلوم و قوله7 و كان قديراً انيخلق الظلمة الخ اشارة الي قوله عزّوجلّ ألمتر الي ربك كيف مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً ثم قبضناه الينا قبضاً يسيراً و فرض عدم المقارنة لو شاء دليل علي ان لكل منهما جعلاً مستقلاً لكن من جهة الاسباب و اظهار الحكمة و ابراز حقايق النعمة جعل الظلمة تابعة للنور و المهية تابعة للوجود لاظهار مااشار7 اليه بقوله الشريف ثم خلق من الظلمة نوراً اعلم ان الفاعل لو لميكن القابل لميظهر و السماء لو لمتكن الارض
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 454 *»
الكثيفة لمتظهر و لمتظهر بركاتها و لولا اقتران النهار بالليل و غشيان الليل للنهار و العكس لمتظهر الانوار الوجودية من المتولدات و الحقيقة الانسانية و لولا دوران الشتا علي الصيف و الصيف علي الشتا لمتنضج الثمار و لمتنبت الاشجار فالنور فيه حرارة و الظلمة برودة فلولا تعلق النور بالظلمة لميثبت للنور قرار و لا له اثار و اطوار فالظلمة حاملة و النور ناضج فيتولد منهما الشيء الكامل ألاتري النار فانها نور لكنها محجوب نورها /مما (زائد خل) تحت حجاب العزّ و المنعة فاذا تعلقت بالدهن الذي هو الاجزاء الارضية الكثيفة الباردة اليابسة المخلوطة بالرطوبة ظهر السراج الوهّاج اي النور الشعشعاني الظاهر باشراقه و نوره في كل الفضاء فلولا كثافة الدهن الذي هو الظلمة لمتظهر تلك الشعلة العظيمة فخلق اللّه سبحانه النور من الظلمة بعد اقتران النور الاول الذي لا كيف له من كيفيات النور الثاني فالنور الاول هو الاب لانه حارّ يابس و الظلمة هي الام لانها باردة رطبة في ظاهرها و يابسة في باطنها فاذا قارن الاب بالام بالايلاج و الغشيان خلق اللّه سبحانه من الامّ ولداً طاهراً زكياً بارّاً ذكراً (ذكوراً خل) و قديتولد منها الظلمة كما اذا ولدت الامّ بعد الايلاج و الغشيان البنت فافهم لقداوقفتك علي كنز من العلم فافهم راشداً و اشربه صافياً و المراد في هذا المقام بالنور الاول هو الوجود و الظلمة هي الماهية و لمااقترن الوجود بالمهية صار من المهية بعد الاقتران العقل الاول و العقل الكلي و النور المحمدي9 و انما نسب هذا النور الي الظلمة لان فيه ظهور احكام الماهية و هي الحدود العقلية المعنوية و الاشارة الي ماقال7 في القرءان في قوله عزّوجلّ اللّه نور السموات و الارض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درّي يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضيئ ولو لمتمسسه نار الاية فالنور الاول هو النار و الظلمة هي الزيت و النور المتولد من الظلمة هو السراج الوهاج.
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 455 *»
ثم اراد7 بيان ظهور الكثرات و الموجودات من العقل الكلّي فقال7 و خلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سموات و سبع ارضين هذه الياقوتة انما خلقها اللّه سبحانه من النور الذي هو العقل بوسايط و هو حجاب الذهب خلقه اللّه سبحانه من ذلك النور المخلوق من الظلمة بلاواسطة (بواسطة خل) ثم منه خلق سبحانه حجاب الزبرجد و الزمرد ثم منه خلق سبحانه هذه الياقوتة فالمراد بحجاب الذهب هو عالم الارواح اي الروح الكلّي مقام الرقيقة و الزبرجد عالم النفس الكلية و الياقوتة عالم الطبيعة الكلية لانها مقام الكسر فيها حرارة الكسر و رطوبة المزج و برودة الموت و الانفعال و المركب من الحارّ الرطب و البارد الرطب يتولد منهما اللون الاحمر و هي مبدأ العالم الجسماني و غلظها غلظ سبع سموات و سبع ارضين لان السموات و الارض كليات مراتب عالم الاجسام و عالم الطبيعة محيطة بها و مقومة لها و المشبه عين المشبه به في القرءان و الاخبار كماتحقق عندنا ثم قال7 ثم زجر الياقوتة فماعت لهيبته اي نظر اليها بعين الهيبة اي تعلق فعله بها للانبساط و الانزجار و صلوح الكثرات لظهور المادة الجسمانية و هي بعد الطبيعة و هي البحر الحاصل من ذوبان الياقوتة لان الطبيعة في مقام الكسر و صلوح الحقيقة لقبول الصور الكثيرة الجسمانية و عدم تمايزها بلحوق الصور الشخصية فهي حينئذ سيّالة رطبة غير متميزة الاجزاء كماهو شأن البحر و لذا قال7 فصارت ماءاً مرتعداً و لايزال مرتعداً الي يوم القيمة اعلم ان الحرارة اذا اصابت الماء يهيجه للاضطراب و الارتعاد و الحرارة هنا هي تعلق الفعل الالهي بالحاق الصور اياه و خلقه بها حقيقة من الحقايق فالفيض لاينقطع و تعلق الفعل لايفني و الاحداث يستمر ابداً فالارتعاد باقٍ سرمداً و هو قوله عزّوجلّ كلّ يوم هو في شأن اي شئون يبديها لايبتديها و هي ماكان مستجناً بل ذائباً (ذاتياً خل) في ذلك البحر اي بحر الهيولي و المادة او ان الارتعاد لغلبة الخوف و فرار الحرارة الغريزية و اجتماعها في اللب و القلب و غلبة البرودة في الظاهر و الجوارح الظاهرية في كل مقام بحسبه
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 456 *»
فتضعف عن الاستمساك و وجود الحرارة و عدم اضمحلالها بالمرة يمنعه عن الموت و ضعفها يمنع عن الاستمساك فيبقي متزلزلاً مرتعداً و لماكان هذا المقام مقام الكثرة و هي تستلزم الخوف قال7 لايزال مرتعداً من خشية اللّه سبحانه حيث نظر اليه بعين الهيبة فافهم.
و لمّا ذكر7 مبادي عالم الاجسام اراد انيذكر7 تفاصيل مراتبه و مقاماته بعد الحاق الصورة بتلك المادة المتحصل منهما الجسم فقال7 ثم خلق عرشه من نوره و جعله علي الماء و الكلام في شرح هذه الفقرة غريب عجيب طويل الاّ انا نقتصر علي ماهو المطلوب في هذا البيان فالعرش هو مبدأ عالم الاجسام و القطب المعنوي المحيط بالاحاطة الظاهرية بكلّ الاجسام و هو وجه الفيض للاجسام من المبدأ و مقام الاجمال و اضمحلال الكثرات فيه و هو محدّد الجهات و هو المسخر للعالم يديره كلّ يوم و ليلة دورة واحدة و سمّي عرشاً لانه باب الفيض و خزانة الامدادات و فيه علم الكيفوفة و مصدر البداء و علل الاشياء و عنده سرّ الباطن و هو مظهر العقل و حقيقة النقل خلقه عزّوجلّ من نوره و هو النور المخلوق الذي خلقه سبحانه و اقامه في عزّ قدسه و نسبه الي نفسه و اشار اليه بقوله اللّه نور السموات و الارض مثل نوره كمشكوة الاية و ذلك النور هو نور الانوار و عنصر الاخيار و هي الحقيقة المقدسة المحمدية9 و العرش خلق من نوره كمادلّ عليه العقل و النقل و الماء الذي جعل العرش عليه روي انه العلم و انه الولاية و المراد في هذا المقام هو الزمان و هو نهر يجري من تحت جبل الازل الي ما لا نهاية له من المداء لان الزمان انما خلق مساوقاً له في الوجود و الايجاد و هو بحر سيال يحمل ذاته و اثاره و ان الماء هو الكرسي لانه مقام الكثرة و ظهور التفاصيل و الصور المختلفة و مقامه البرودة و الرطوبة بالاضافة الي العرش لان الصور طبيعتها باردة رطبة اما البرودة فلكونها جهة الانفعال و الكثرة و هي خلاف جهة الفعل و الوحدة و اما الرطوبة فلسهولة قبول الاشكال و تحقق الكيفيات فالعرش هو النار و الكرسي هو الماء و كان يحمل
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 457 *»
اثار العرش و يفصل انواره و يظهرها في عالم الكون كالامّ فانها تحمل اثار الاب و تحفظ حرارته ببرودتها و رطوبتها و تجعل تلك المادة مصورة محدودة مفصلة و تظهرها في الوجود و الكون فالكرسي حامل ظهورات العرش كالصدر للقلب و كالنفس للعقل و كالمرأة للرجل و كالليل للنهار و كالارض للسماء و كلّ ذلك علي طبع الماء البارد الرطب فافهم الاشارة باخصر العبارة ولو اردنا شرحها لملأت الدفاتر و ماذكرنا من الاشارة كفاية للعاقل الماهر.
قال7 و للعرش عشرة الاف لسان يسبح اللّه كلّ لسان منها بعشرة الاف لغة ليس فيها لغة تشبه الاخري اعلم ان العرش اول نور انبعث من عالم الاجسام و هو في غاية من الصفاء و النورانية و المراتب العلوية كلّها محفوظة فيه ظاهرة لديه و هي عشر مراتب الاول ظهور نور المشية اي الفعل كضرب مثلاً الثاني ظهور المصدر الثالث مقام الاسم الفاعل الرابع مقام الاسم المفعول اي العقل الخامس مقام الروح السادس النفس السابع الطبيعة الثامن المادة التاسع الصورة و المثال العاشر الجسم و هذه الاطوار و المراتب هي السنة يحمد اللّه سبحانه و يثني عليه بها و كلّ مرتبة لها حكم التثليث الظاهر بجذره في التسعة المضيف اليه الواحد الجامع للمقامات كلّها و المجموع عشرة و لكل من هذه المراتب باعتبار ملاحظة بعضها في الاخر الف مقام و كلّ مقام لسان في الرتبة العليا و لغة في السفلي و كل واحد منها لايشبه الاخري او لان الالف هو رتبة الكمال و هو المناسب لمقام هذه المراتب فافهم.
قال7 و كان العرش علي الماء و من دونه حجب الضياء كون العرش علي الماء له وجوه كثيرة اشرنا الي بعض الوجوه و يتفرع عليه تفاسير و من دونه حجب الضياء و علي هذا البيان يكون المراد بحجب الضياء حجاب العظمة و الجبروت و الملكوت و القدرة و القهر و النور و الجمال و العلم و الحيوة و هذه الحجب هي حجب الضياء و النور الالهي الفيض الاقدس يشرق منها الي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 458 *»
العوالم السفلية و روح كلّ سماء من السموات السبع حامل حجاب من هذه الحجب فالسماء السابعة حامل حجاب العظمة و الجبروت و السماء السادسة حامل حجاب الملكوت و القدرة و السماء الخامسة حامل حجاب القهر و السلطان و السماء الرابعة حامل حجاب النور و السماء الثالثة حامل حجاب الجمال و السماء الثانية حامل حجاب العلم و السماء الاولي حامل حجاب الحيوة و ذكر وجه المناسبات و سرّ اختصاص كلّ سماء بالحجاب الخاص به يطول بذكره الكلام ولكني في سعة مع من اخاطب فان الاشارة تكفيه.
و قوله سلمه اللّه تعالي و كيف يجعل النور من الظلمة قدذكرنا الوجه في ذلك و لا استبعاد في ذلك بل يجب انيكون الظلمة من النور مجعولة لان الطفرة في الوجود باطلة و تساوي مرتبة النور و الظلمة ممتنع فلميبق الاّ القول كماذكر7 كماشرحنا الاتري ان اللّه سبحانه كيف جعل الظلّ من نور السراج و المرأة من نفس الرجل نعم قدتكون الظلمة مستنيرة بالنور حتي تكون لها لون الزبرجد او الزمرد او يميل الي الزرقة بشدة لمعان النور عليها و هو معني قوله7 في حديث المعراج و كان بينهما حجاب يتلألأ بخفق و لااعلمه الاّ و قدقال انه زبرجد و هو قوله تعالي و لاتنكحوا المشركات حتي يؤمن و قوله تعالي فان تابوا و اقاموا الصلوة و اتوا الزكوة فاخوانكم في الدين و مواليكم.
قــال سلّمه اللّه: و منها مارواه في الصافي عن مولينا الصادق7 انه قال لما امر ابرهيم و اسمعيل ببناء البيت و تمّت بناؤه قعد ابرهيم7 علي ركن ثم نادي هلمّ الي الحج هلمّ الي الحج ولو نادي هلموا الي الحج لميحج الاّ من كان يومئذ انسياً مخلوقاً ولكن نادي هلمّ الي الحج هلمّ الي الحج فلب (فلبي ظ) الناس في اصلاب الرجال لبيك داعي اللّه فمن لبّي عشراً حجّ عشراً و من لبّي خمساً حجّ خمساً و من لبّي اكثر فبعدد ذلك و من لبّي واحدة حجّ واحدة و من لميلبّ لميحجّ ما الفرق بين الصيغتين.
اقــول: مقصوده سلّمه اللّه تعالي في هذا السؤال الفرق بين الصيغتين
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 459 *»
فنقتصر عليه و لانتعرض لبيان تمام مضمون الحديث اعلم ان هلّم اسم فعل بمعني تعال و يستوي فيه الجمع و المفرد و التأنيث و التذكير في لغة اهل الحجاز كمافي قوله تعالي و القائلين لاخوانهم هلمّ الينا و لايأتون البأس الاّ قليلاً قال في مجمع البحرين ان اهل نجد يصرفونها هلمّي و هلمّا و هلمّنّ قال الجوهري و الاول افصح و قدتوصل باللام فيقال هلمّ لك و هلمّ لكما ثم نقل عن الخليل هلمّ اصله لم من قولهم لمّ اللّه شعثه اي جمعه كأنه اراد لمّ نفسك الينا بالقرب منا و ها للتنبيه و انما حذفت الفها لكثرة الاستعمال و جعلا اسماً واحداً و قيل اصله هلام اي هل لك في كذا امه اي اقصده فركبت الكلمتان فقيل هلمّ و قيل لفظ هلمّ خطاب لمن يصلح (لميصلح خل) انيجيب و ان لميكن حاضراً و لفظ هلمّوا موضوع للموجودين الحاضرين و يفسره الحديث هلمّ الي الحج فلو نادي هلمّوا الي الحج لميحجّ يومئذ الاّ من كان انسياً مخلوقاً انتهي كلامه فظهر لك من هذا البيان ان هلمّ موضوع للاعم من الحاضرين و الغائبين و الجن و الانس و هلمّوا في المادة المخصوصة موضوع للحاضرين وقت الخطاب فلو قال هلمّوا لماأدي المراد و اما النكتة في تأثير الواو التخصيص فعلي مذهب القائل بعدم لزوم المناسبة بين اللفظ و المعني فمحض ارادة الواضع لا غير و لايعتمدون و لايعتنون بتلك النكات لانها ليست عندهم مؤثرة و يجعلونها لو حصلت لهم من النكات بعد الوقوع و اما علي مذهب اهلالبيت: من لزوم المناسبة و وجوبها بين اللفظ و المعني فلابد لهذا التأثير و التخصيص من علة و سبب و اكثر العلل مخفية علينا لانها من الاسرار الحرفية و هي حقايق غيبية لايطلع عليها الاّ الاقلون و لعلّ النكتة و السرّ في ذلك ان الشيء كلما كان جهة الكثرة فيه قليلة كان شموله و انبساطه اعظم و اكثر بالنسبة الي ما /اذا (زائد خل) لحقته الكثرات و دواعي الانيات و لماكان هلمّ فيه حرف الاجمال و الوحدة اكثر و اعظم من حروف التفصيل و الكثرة فان اوله و اخره حرف من حروف محمد9 و اوسطه حرف من حروف علي7 فان
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 460 *»
الهاء في الغاية من البساطة كماعرفت سابقاً و الميم ايضاً جهة الوحدة الحاصلة من اجتماع المراتب و اللام حرف الكثرة الاّ انها مغلوبة بالنسبة الي الحرفين المذكورين و هما محيطان بها من كل جانب و الاجمال و الوحدة مقتضاهما المشابهة بالمبدأ و لهذا شابه الفعل و مقتضي المبدأ الشمول و الاحاطة و الانبساط و ان كان في مقام الاسماء عند ذكر المتعلقات فوجب انيكون هلم مقتضاه الشمول و الاحاطة لظهور تمام الخصلتين فيه و لماكان الواو حرف من حروف الماهية و مقام الانية لانها هي الحدود الستة و الايام الستة و هي جهة البعد عن المبدأ فيؤثر في انجماده و تخصيصه فيختص بالحاضرين من الانس و هو بخلاف الفعل فانها يؤثر التعميم فيه اذا لحقه الواو لان الفعل من الوجود المطلق و لا ذكر للاشياء في ذاته فيكتسب الكثرة من جهة التعلق بخلاف الاسم فانه في ذاته انجماد و ذوبان بالمشابهة فاذا زاد فيه مقتضي الكثرة و الانجماد قلّ الذوبان و ظهر التخصيص فيختص هلموا مع الواو بالحاضرين من الانس اما الحاضرون فلماذكرنا و اما الانس فلان الواو علامة الجمع المذكر العاقل الكامل و الجن ليس في صقع الانس فلايشمله و انما كان الواو علامة ذلك لانها العدد التام الذي اذا ثني يظهر العدد الزايد و هم الذكور الذين لا اناث فيهم و المبادي الذين ليس فيهم شوب المراتب السفلية فافهم و الاّ فاسلم تسلم.
قــال سلمه اللّه تعالي: و منها ماقال اميرالمؤمنين7 :
و تزعم انك جرم صغير | و فيك انطوي العالم الاكبر |
وجه انطباق الانسان بعالم الكبير مع مافيه من العرش و الكرسي و الحجاب و السدرة و الصاد و السرادق و المجردات من المواد العنصرية و المدة الزمانية و السيارات علي الترتيب و النظرات و كثرة النجوم مع شدة النور في بعضها و ضعفه في اخر و الكسف و الخسف و غير ذلك.
اقــول: اما سرّ هذا التطابق و اصله و مبدؤه فقدكتبت مستوفي في اجوبة
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 461 *»
المسائل الملاحسينعلي فراجع فيها فان فيها مالاتدركه العقول و الانظار و اما جهة المطابقة و خصوصياتها في الاغلب فقدكتبت في اجوبة المسائل الاصفهانية و اظن ان نسختها توجد عند جنابكم و ها انا اشير هنا الي جمل مالمنشر اكثرها في غير هذا الموضع.
و اعلم ان العرش له اطلاقات قديطلق علي الفعل و هو له مراتب الاولي مرتبة المشية و هي اول حركة نفسك للميل الي جهة الشيء و جهة احداثه و اظهاره و هي الذكر الاول فيك الثانية الارادة و هي فيك تصميم عزمك علي مقتضي ذلك الميل الثالثة القدر و هو تحديد نفسك اياه و تجزيته و تفصيل احواله الرابعة القضاء و هو اتمام ذلك الشيء في نفسك و تركيبه باجزائه و مراتبه المفصلة الملحوظة الخامسة الامضاء و هو اظهار مااحكمت و دبرته في نفسك في الوجود الخارجي الكوني و هذا هو النفس الرحماني الاولي فيك و قديطلق العرش علي الحقيقة المحمدية9 و هو الوجود اثر المشية و محلها و هو فيك ذاتك و حقيقتك من حيث صدورك عن المبدأ و علي هذا فيكون دليل المشية فيك الوجه الاعلي من ذاتك اي ظهور الفعل فيك بك و حكايتك اياه لان المصدر الذي هو الحقيقة له وجهان وجه الي الفعل و وجه الي المفعول به و هو المفعول المطلق الواقف بين الطتنجين و البرزخ بين العالمين فافهم و قديطلق العرش علي الانوار الاربعة و هو فيك باطن قلبك النور الابيض عقلك الكلي مقره في الجانب الايمن الاعلي من القلب و النور الاصفر روحك البرزخ بين العقل و النفس و هو رقيقة الوجود بين الغيب و الشهود اي المجمل و المفصل و هو في الجانب الايمن الاسفل من القلب و النور الاخضر نفسك المقومة لبدنك المدبرة له و مايتعلق به و هي النفس الناطقة القدسية فيك و هي قبضة من تراب عالم الذر الاول او الثاني او الثالث و هي في الجانب الايسر الاعلي من القلب و النور الاحمر طبيعتك الحاصلة من اجتماع الاكوان الثلثة و هي في الجانب الايسر الاسفل من القلب و وجه استمداد النور الابيض من حقيقتك عن اللّه سبحانه مثال
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 462 *»
ميكائيل و وجه استمداد النور الاصفر منها مثال اسرافيل و وجه استمداد النور الاخضر منها مثال عزرائيل و وجه استمداد النور الاحمر منها مثال جبرائيل و قديطلق العرش علي العقل الكلّي و مثاله فيك ماذكرنا و قديطلق العرش علي الفلك الاطلس و هو قلبك الظاهري اللحم الصنوبري و الكرسي علي اختلاف اطلاقاته مثاله باطن صدرك و ظاهره.
و اما الحجاب اعلم ان المبادي العالية كلها حجب اي وسايط بين فعله تعالي و فيضه و بين مفعولاته المفاض عليهم كمافي الزيارة و صلّي اللّه علي محمد المنتجب و علي اوصيائه الحجب و قديطلق علي المباين المانع للظهور كمافي قوله7 في الدعاء و انت لاتحتجب عن خلقك الاّ انتحجبهم الامال دونك و هو لايراد هنا و علي المعنيين فعلي الاول فحجاب الالوهية تجلي الحق لك بفؤادك و حجاب الجمال تجلي الحق لك بفؤادك في /الوجه (زائد خل) الثاني و حجاب الجلال و القدس تجليه تعالي لك في عقلك و حجاب اللطف تجليه لك في روحك و حجاب القدرة ظهوره تعالي لك في نفسك بنفسك لا بذاته و حجاب القهر و الغلبة ظهوره سبحانه لك بك في طبيعتك و حجب الاسماء ظهور فعله تعالي بتعلقات اطوارك و اكوارك و ادوارك و اوطارك فكل ظهور باعتبار كل تعلق منشأ اسم من الاسماء الحسني كظهورك المطلق في اطوار اثارك من القيام و القعود و الاكل و الشرب فظهورك بالقيام يكون منشأ اسمك القائم و ظهورك بالقعود يكون منشأ اسمك القاعد وهكذا و حجب الاكوان عن الملك فحجاب الدر الابيض عقلك و حجاب الذهب و العقيق الاصفر روحك و حجاب الزبرجد نفسك و حجاب الياقوت طبيعتك و حجاب الالماس مادتك الجسمانية و حجاب الزمرد مثالك وهكذا تصاريف باقي الحجب فافهم راشداً.
و اما السدرة فهي اعلي مراتب النفس و اسفل مقامات العقل و اليها تنتهي الكثرات و الاعيان و اطوار الشئونات و هي فيك روحك كماذكرنا
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 463 *»
و الصاد هو بحر تحت العرش الاعظم الاقدم اي المشية و يسمي بالنون و المزن و هو الحقيقة المحمدية9 و مثالها فيك ماذكرنا و السرادقات و هي الجهات العليا من العرش و هي جهات الروابط العرشية حسب استمداده و مقابلته لفوارة النور و الفيض و مثالها فيك جهات استمداد فؤادك باعتبار متعلقاته من المشية الجزئية الخاصة بك و المجردات من المواد العنصرية و المدة الزمانية و هي فيك خمسة العقل و الروح و النفس و الطبيعة و المادة و المثال برزخ (البرزخ خل) وجهه الاعلي الي المجردات و وجهه الاسفل الي الماديات.
و السيارات علي الترتيب اما الترتيب الطبيعي الالهي فالشمس فيك الحرارة الغريزية باطنها قبضة من باطن الشمس و ظاهرها من ظاهرها و هي الدم الاصفر في تجاويف القلب او مقرها فافهم و زحل عقلك الظاهر في دماغك قبضة من باطنه و الدماغ من ظاهره و المشتري علمك الظاهر في الدماغ ايضاً كماذكرنا و المريخ وهمك و همتك و محلها من الدماغ و الزهرة خيالك و محله و عطارد فكرك و محله و القمر حيوتك و الروح البخاري كماذكرنا و النظرات قرانات هذه القوي بعضها مع بعض و اختلاف احوال الانسان بتلك القرانات كما اذا غلب الوهم او العقل او الخيال او المركب فيحدث في البدن احوال غريبة الاتري الخجل كيف يحمر وجهه و الخايف يبيض و يرتعش و المحب و العاشق يصفر وهكذا من الاحوال و لايسعني الان تفصيل الوجوه فاقتصر علي مجرد الاشارة اعتماداً علي ذلك الفهم السامي و الادراك العالي و كثرة النجوم في الكرسي اي الصدر و هي الصور الذهنية التي في النفس و هي لاتحصي و شدة النور و ضعفه علي حسب قوة تلك الصور و بقائها و ثباتها و دوامها و استمرارها و ضعفها و عدم قوتها و ثباتها كماهو المعلوم و الكسوف عند ضعف الحرارة الغريزية و فتورها لكثرة المعاصي و هي زيادة التبريد و احداث الفضلات و الرطوبات الغريبة المانعة عن اظهار اثر الحرارة فيحصل بذلك الفساد الكلي في البدن و علاجه الصلوة و هي اصلاح البدن بالحمية و اكل المسخنات و قلة شرب الماء و دفع
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 464 *»
الرطوبات الغريبة الفضلية و ذلك لايكون الاّ باسباب التوجه و القرب الي الروح الحيوانية المستمدة من الانسانية المستمدة من اللّه عزّوجلّ و له ايضاً وجوه اخر و الخسوف ضعف الروح البخاري كماذكرنا في الكسوف بالنوع حرفاً بحرف فافهم و غير ذلك كالجوزهرين الحاصلين من تقاطع فلك الشمس بالقمر و هو هنا اتصال الروح البخاري بالحرارة الغريزية فحدث من هذا الاتصال و التقاطع نقطتان احديهما الرأس و هو الروح النفساني الذي في الدماغ و ثانيهما الذنب و هو الروح الطبيعي الذي في الكبد.
و اما العناصر فكرة النار المرة الصفراء و كرة الهواء الدم و عنده مهب ريح الجنوب كما ان عند الاولي مهب ريح الدبور و كرة الماء البلغم و عنده مهب ريح الصبا و كرة التراب السوداء و عندها مهب ريح الشمال.
و اما الانهار و العيون و هي جريان الدم في العروق و عين البصر مالحة و عين الاذنين مرة و عين الانف عفن و عين الفم تفه و الجبال هي العظام و غير ذلك من الامور و قدذكرنا اغلبها في اجوبة المسائل الاصفهانية فاطلبها.
قـــال سلمه اللّه تعالي: و في الانسان من العمر الطبيعي المحدود و فصول العمر و مراتبه من النطفة الي يوم الميلاد كيف انطباق ذاك بهذا و هذا بذاك.
اقــول: ان الاطباء و ان اختلفوا في تحديد العمر الطبيعي الاّ ان المشهور المعروف عندهم مائة و عشرون سنة و هو الاوفق بمقتضي النظام و وضع الملك العلام و قسموه بالفصول الاربعة فاول الميلاد الي ثلثين سنة فصل الربيع و مقام النمو شيئاً فشيئاً و تحليل الرطوبات و الفضولات و رفع الاخلاط كالجدري و غيره من الكثافات التي صحبت معه من بطن الام و الثلاثين الاخر اي الي الستين فصل الصيف و مقام النضج و الاعتدال و الكمال و بلوغ العقل الي غاية الكمال و ان كان بعد الخمسين يأخذ في الانحطاط و من الستين الي السبعين الي الثمانين فصل الخريف و مقام ضعف القوي و الحواس و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 465 *»
المشاعر و فتور الاعضاء و انهدام البنية و قطع النضارة عن الوجه و البدن و من السبعين الي المائة و العشرين فصل الشتاء و غلبة الرطوبات و الفضلات الغريبة و هم قداختلفوا في منتهي العمر هل هو فصل الخريف لقوة البرودة التي هي طبع الموت و (او ظ) فصل الشتاء لقوة البرودة و الرطوبة التي هي ضد الحرارة الغريزية الحاملة للروح فاذا فسدت الالات الجسمانية بغلبة البرودة و الرطوبة ضعفت الحرارة الي انتفني و تبرد و تبطل كالنار التي تلقي عليها الماء الي انتنطفي و الحيوة انما تحصل بتعلق تلك الحرارة و هي النار الغيبية التي كانت مع الشمس فظهرت في القلب عند الصلاحية فالمناط ظهور تلك النار و هي تبطل بالماء و لذا تري الناس في سن الشيخوخة تكثرت عندهم البرودات و الرطوبات و اصلاحهم بانواع التسخينات و دليل ذلك بياض الشعر قال تعالي حكاية عن زكريا و اشتعل الرأس شيباً و هذا القول هو المختار عندي لوجوه كثيرة يطول الكلام بذكرها و فيماذكرنا كفاية لاولي الدراية.
و اما العالم فعمره الطبيعي من اول انعقاد نطفته بعد ماكانت سارية في النباتات و الجمادات الي اوان موته و حين اجله مائة و عشرون سنة الاّ ان بين السنين فرق كثير و ماورد من ان عمر الدنيا مائة الف سنة فهو احد الاقوال في العمر الطبيعي بجعل كل فصل خمسة و عشرين سنة الاّ ان ذلك لاينافي المائة و العشرين لان المراد بالسنين في كلية العالم المراتب و قدتجمل و قدتفصل فمائة الف ملاحظة اجمال المراتب و تفصيلها كمايتضح لك ان شاء اللّه تعالي فاول انعقاد نطفة العالم حين خلق ابينا ادم علي محمد و اله و7 و هو اول حرارة وقعت في العالم بعد كمال استيلاء البرودة و الرطوبة المخلوطة بالبرودة و اليبوسة الحاصلة من ظلمة الادبار و حامل تلك الحرارة و النار للانضاج الشريعة التي جاء بها ادم7 فصلحت بها كينوناتهم و نضجت طبايعهم الي ان ترقّت الي المرتبة العليا كالنطفة التي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 466 *»
تترقي بقوة حرارة الرحم و حرارة الرجل التي تحملها منيه في الرحم الي انتصير علقة فيتغير الموضوع تغييراً كلياً الي انتستوجب حرارة اقوي و نضجاً اتمّ و اكمل فيمحو و ينسخ حكم النطفة و يأتي حكم العلقة الناسخ لحكم النطفة و ذلك اول زمان نوح7 الي زمان ابراهيم علي نبينا و اله و7 فلماصلحت بتلك الشريعة طبايع الخلق و قويت بالحرارة التي حملتها شريعة نوح7 ترقت الي مقام اعلي و انضج و ذلك مقام المضغة فيتغير الموضوع و يرتفع الحكم الاول فيستدعي تغيير الحكم العام الكلي و هو قوله عزّوجلّ ان اللّه لايغير مابقوم حتي يغيروا ما بانفسهم فتمحو تلك الشريعة اي شريعة نوح7 و تثبت شريعة ابراهيم7 فالنار التي حملتها تلك الشريعة من نار الشجرة الزيتونة التي اصلها ثابت و فرعها في السماء و هي التي لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضيئ ولو لمتمسسه نار انضجت الطبايع و اصلحتها و قوّتها الي ان وصلت رتبة العظام و ذلك اول زمان شريعة موسي7 و لماكان احتياج النار في هذا المقام اكثر لانعقاد المايع اي المضغة حتي يصير عظاماً كان ظهرت شريعة موسي7 من نار الشجرة و نضجت الطبايع و الكينونات بشريعته7 الي ان ترقّت و وصلت الي مقام اكتساء اللحم فانمحت الشريعة بانمحاء موضوعها و ظهرت شريعة عيسي7 لاثبات مقتضيات ذلك المقام الي ان قويت البنية و نضجت الطبيعة بنفخ الروح العيسوي7 باظهار الشريعة الحاملة للنار التي بها نضج ثمار الجنة الي ان ترقّت و وصلت الي مقام تحمل ظهور الحيوة و عدم احتراقها تشعشع (بتشعشع ظ) لمعان بروق الروح الحيواني و هو المقام السادس مقام الكمال و مقام قوله تعالي ثم انشأناه خلقاً اخر و ذلك مقام ولوج الروح و ماسبق من المراتب كلها كانت مقدمات و معدات لذلك النور فاذا ولجت الروح لميبطل امرها و لمينسخ حكمها بل تترقي الروح اناً فاناً و تتدرج في الكمال الي انيظهر الولد في الدنيا تامّاً سوياً ثم
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 467 *»
تتدرج في الكمال الي انتموت و تصير الي عالم البرزخ و منه الي القيامة و منها الي ما لا نهاية له من الترقيات فحكم الروح لايبطل ابداً و تلك الروح هي النبوة المحمدية علي الصادع بها الاف الثناء و التحية فلايجوز نسخها و لايتغير حكمها و لاتكون نبوة بعدها لان المقدمة ذهبت و وصلت الي مقام ذيالمقدمة و ساير الشرايع و الملل كلها مقدمات لظهور هذه الشريعة الغراء البيضاء فظهرت الروح في العالم و من اول اظهار (ظهور خل) نبوته9 الي مقامه في مكة المشرفة هو بقاء الجنين في بطن الام في العالم الاكبر و يوم مهاجرته7 مقام المخاض للتولد و من اول جهاده روحي له الفداء يوم ميلاد العالم و لذا كان عدد اصحابه يوم بدر ثلثمائة و ثلثهعشر و هي مدة بقاء الجنين في الرحم علي اكمل الوجه تقريباً و لماكان الطفل في اول بدو ولادته لايتحمل اكل الاغذية القوية اللذيذة الاصلية فيغتذي بالاشياء الرقيقة و تختلف الاغذية بحسب نمو الطفل و تدرجه شيئاً فشيئاً الي انيبلغ فهناك يغتذي بالاغذية اللطيفة العالية و يمنع من ارتكاب المعاصي و يؤخذ عليها و قدعرفت ان الشريعة و احكامها غذاء الروح فوجب انتختلف شريعته9 و يجري عليها بها احكام النسخ و المحكم و المتشابه و العموم و الخصوص و الاطلاق و التقييد و الظهور و البطون و امثال ذلك الي انيبلغ اوان الحلم و يكمل في الاستعداد فهناك ظهور سيدنا القائم عجل اللّه فرجه و7 الي انتتمّ مدته و يقتل روحي له الفداء فحينئذ مقام بلوغ العالم الي ثمانيهعشرة سنة ثم من بدو ظهور سيدنا الحسين7 في الرجعة الي ظهور اميرالمؤمنين7 مقام بلوغه الي ثلثين سنة و من ظهوره7 في الكرة الثانية و حربه مع ابليس و ظهور النبي9 و قتل ابليس مقام اربعين سنة فتم ميقات ربه اربعين ليلة و هو مقام الكمال المطلق للعالم علي جهة الاطلاق و من بدو ظهور النبي9 و استيلائه علي العالم و استدارة العالم كهيئة يوم خلق اللّه السموات و الارض الي نهاية المقام هو بلوغه الي خمسين سنة ثم يأخذ في الانحطاط فاول ذلك رفع الصديقة الطاهرة علي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 468 *»
ابيها و بعلها و بنيها و عليها افضل السلام هو بلوغه الي الستين ثم رفع الائمة الثمانية: الي السبعين ثم رفع مولينا و سيدنا القائم عجل اللّه فرجه الي الثمانين ثم رفع الحسين7 الي التسعين ثم رفع الحسن7 الي المائة ثم رفع الامام اميرالمؤمنين7 الي المائة و العشرة علي طبق اسمه الشريف ثم رفع النبي9 الي السماء الي المائة و العشرين و ذلك تمام البلوغ الي تمام العمر الطبيعي ثم بعد ذلك يتمرض العالم و يبقي في مرضه اربعين يوماً و هو زمان الهرج و المرج و بعد مضي الاربعين يموت بنفخ الصعق و الجذب و يبقي في موته و هلاكه اربعمائة سنة الي انيحييه الله سبحانه و اما فصول العمر فبدو ظهور نبوة خاتم النبيين9 الي ظهور مولانا القائم و الحسين8 فصل الربيع الاّ انه كلما قرب الي بدو النبوة كان بالشتاء اشبه و كلما قرب الي ظهور الحجة كان بالصيف اشبه فافهم فان هنا تفصيل يعرف بالاشارة و باب من العلم ينفتح منه الف باب و من بدو ظهور الولي اميرالمؤمنين7 الي عند رفع فاطمة3 فصل الصيف و مقام الكمال و نضج الثمار الظاهرية و الباطنية و الصورية و المعنوية و من رفعها3 الي رفع مولينا الحسين7فصل الخريف و منه الي رفع رسول الله9 فصل الشتاء و يتعقبه الموت و تجديد الفصل في القيمة يطول الكلام بذكر احوال تلك الفصول الاّ ان الاشارة كافية لاهلها و اعلم اني قدجمعت لك العلوم كلها خصوصاً سر مذهب الحق في هذه الكلمات القليلة فخذها و كن من الشاكرين و لا حول و لا قوة الاّ بالله العلي العظيم.
قــال سلمه اللّه تعالي: و ايضاً في الكبير من الانبياء بالعدد المعروف و منهم اولوا العزم و المرسلين و النبي و انحصار اوليالعزم بالخمسة و الشرايع بالستة و المرسلين بثلثمائة و ثلثهعشر و السادس من الشرايع ناسخاً للكل و اين هذه المذكورات في الانسان.
اقــول: اما خصوص هذا العدد لهم: فهو من الاسرار المخفية عند اهله و مجمل الاشارة اليه ان ذلك علي عدد سنين العمر الطبيعي لان
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 469 *»
ذلك اوفق الاعداد من حيث تعلق الجعل الالهي و السر السبحاني في التكويني و التشريعي في الاشياء و الانبياء:حملة ذلك الجعل و السر و لماكان مراتب القابليات لاظهار ذلك السر ثلثين و هو المثلث و لايتم كونه الاّ بالمربع وجب انيظهر ذلك المثلث في المربع و هو الطبايع الاربع التي كل واحدة منها منشأ فصل من الفصول الاربعة فالنار منشأ فصل الصيف و الهواء منشأ فصل الربيع و التراب منشأ فصل الخريف و الماء منشأ فصل الشتاء فاذا ضرب الثلثون في الاربعة كان عدد تمام العمر الطبيعي و هو مائة و عشرون و لماكان اصل التربيع هو الاربعة اظهروا الاصل لان الله تعالي ابي الاّ انيجري فعله و فيض اختراعه و ابداعه مشروح العلل مبين الاسباب لمن طلب ذلك سيما بالنسبة الي حججه و خلفائه لان له الحجة البالغة و بلاغ الحجة يقتضي جمع جميع الكمالات المناسبة لمقام الخليفة كلية كانت ام جزئية فبزيادة الاربعة كان الحاصل مائة و اربعة و عشرون و لماكانت الانبياء هي وجوه الحق سبحانه الي الخلق و الواحد عندنا الف عند الله كمايشير اليه تلويح قوله تعالي ان يوماً عند ربك كالالف سنة مماتعدون لان الملك الظاهر لايتعلق به الجعل الحق الاّ بعد اربعة مقامات اللاهوت و الجبروت و الملكوت و الملك و الاحاد اذا تفصلت بالعشرات و المئات و الالوف يكون المرتبة الرابعة هي الالوف فوجب انيظهر الانوار المقدسة في التعيين و التحديد بهذا العدد الخاص اي مائة الف و اربعة و عشرين الف و منهم ظاهرية نبينا9 لانه روحي فداه لمااتم السباحة في الابحر الاثنيعشر ثم في البحور العشرين قطرت منه مائة الف و اربعة و عشرين الف قطرة و كان من كل قطرة روح نبي من الانبياء.
اما وجه انحصار اولي العزم في الخمسة فلكونهم كف الحكيم لان النبوة حدود الولاية و شئوناتها و الولاية هي يد الله العليا المستخرجة منها الكلمة التي انزجر لها العمق بضرب الاربعهعشر عقود اليد
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 470 *»
في الخمسة اصابعها و المتحصل منها السبعون و هو كلمة كن التي انزجر لها العمق الاكبر فلذا ثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في الولاية لا غير فصاروا بذلك اركاناً لظهورات نور الولاية المحمدية9 الظاهرة في علي7 و لان ميادين التوحيد خمسة هي قوي الهاء علي حسب تفاوت الدرجات في ظهور التوحيد و الانبياء هم الناظرون في حجاب القدس الجالسون علي بساط الانس فكان كل واحد منهم مظهر مرتبة من مراتب التوحيد الخمسة و لو بالتجلي و الشعاع فافهم.
و اما انحصار الشرايع بالستة و عدم نسخ الشريعة السادسة فقدبينا في المسألة السابقة فراجع.
و اما انحصار المرسلين بثلثمائة و ثلثهعشر فلان ذلك عدد انصار القائم7 و انماكان عددهم هذا لكونهم بعدد اصحاب النبي9 يوم بدر و انما كانوا كذلك لانهم بعدد اصحاب طالوت حين قتل جالوت و انما كانوا كذلك لانهم بعدد الايام التي قبلت توبة ادم7 فيها حين عصي و اخرج من الجنة الي الارض قيل ان هذا هو المروي عنهم:و لماكان ظهور الانبياء لاظهار الجنين الروحاني في بطن الام التي هي الدنيا و اكمل احوال الجنين و بقائه في بطن الام عشرة اشهر و ثلثهعشر يوماً و اما العشرة لاتمام ظهور القبضات العشر كل قبضة في شهر و اما الثلثهعشر يوماً فلاتمام الحواس العشرة و القلب و النفس و الجسد و لماكانت مراتب الالواح اسرع ظهوراً او نضجاً من الاجساد كانت للقبضات الجسدانية المأخوذة من قبضات الافلاك عشرة اشهر و للمراتب المجردة الروحانية ثلثهعشر يوماً بازاء كل مرتبة يوم و لذا كانت موت الارواح للتصفية له حد معلوم و هو اربعمائة سنة و ليس لموت الاجسام و الاجساد الدنيوية حد معلوم و العود كالبدو قال تعالي كمابدأكم تعودون و الماء مصدرية و المشبه عين المشبهبه فيكون الحاصل بدؤكم عودكم فافهم راشداً و اشرب صافياً و قوله سلمه الله تعالي و اين هذه المذكورات في الانسان و اما عدد
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 471 *»
الانبياء فهو ظهور العقل في اطوار تعينات الشخص من القابليات و المقبولات الي انقضاء عمره الطبيعي كماقررنا سابقاً و لاشك ان نور العقل باعتبار التشخصات و التعينات الخارجية تتعدد و تتفاوت شدة و ضعفاً و ظهوراً و خفاء و صفاء و كدورة و الانبياء: فانهم نور واحد من نور العقل الكلي قدتطور بهذه الاطوار بهذا العدد المذكور كماحققنا في اثبات النبوة الخاصة المحمدية9 و اما اولوا العزم فهو الحواس الخمس اشرفها و اعلاها القوة العاقلة و العقل هو مظهر المحبة قال تعالي في العقل و لااكملتك الاّ فيمن احب و اما الشرايع الست فكما ذكرنا من كونه نطفة في اليوم الاحد و علقة في اليوم الاثنين و مضغة في الثلثاء و عظاماً في الاربعاء اكتسي لحماً في الخميس و انشئ خلقاً اخر في الجمعة و وجه كونها مثالاً للشريعة فقدذكرنا سابقاً فراجع تفهم و السادسة الناسخة الغير المنسوخة الغير المنسوخة هي الروح اي النفس الناطقة القدسية التي لاتبطل و لاتعدم و لاتضمحل فاذا عادت عود ممازجة و اما الثلثمائة و الثلثهعشر فهي ظهور القبضات العشر في ظهور الفعل و المفعول المطلق و مقام الاسماء و الصفات و القلب و الروح و النفس و الطبيعة و المادة و المثال و الجسم و الحاصل مائة و ظهور المجموع في ثلثة اطوار طور الجماد و طور المعدن و طور النبات و الحاصل ثلثمائة و هي مع الحواس العشر العقل و الصدر و الجسد و ذلك تمام الثلثمائة و الثلثة عشر في الانسان.
قــال سلمه الله تعالي: و ايضاً في الصغير من الموت المحتوم و فناء القشر و الاعراض الغريبة و بقاء الوجه و له الحشر و عليه الحسنات و الصراط و الميزان و غير ذلك و اين هذه المذكورات في الكبير.
اقــول: الموت المحتوم في الكبير عند نفخ الصعق و الجذب و هلاك الاشياء و اضمحلال الارواح و الاشباح و بطلان الحركات و اندكاك السموات و انتشار النجوم و تزلزل الارض و تكدر الكواكب و خسف القمر و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 472 *»
كسف الشمس و فناء القشر و الاعراض الغريبة عند قوله عزوجل يوم تبدل الارض غير الارض و السموات فتذهب القشور و الكثافات و تصفو لظهور نور باري المسموكات و تصير صافي تلك القشور خبزة نقية صافية تأكلها اهل المحشر الي انيفرغوا من الحساب كماورد عن مولينا الباقر7 و يخلق الله سبحانه خلقاً من كدر تلك القشور من غير فحولة و لا اناث بعد انيدخل اهل الجنة في الجنة و النار في النار و اما الوجه الباقي فهو يد الله اي الاربعة عشر المعصومون:كمايشهد عليه قوله تعالي و نفخ في الصور فصعق من في السموات و الارض الاّ من شاء الله و هم الذين شاء الله ان لايصعقوا حتي يتوجه اليهم سؤال لمن الملك اليوم و ليجيبوا لله الواحد القهار قالوا: نحن السائلون و نحن المجيبون و لاينافي ذلك ماورد عنهم: من ان الله سبحانه هو السائل و هو المجيب لان امرهم امر الله و قولهم قول الله و حكمهم حكم الله و طاعتهم طاعة الله و معصيتهم معصية الله و حبهم حب الله و بغضهم بغض الله ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله و اما حشر العالم الاكبر فهو وقوفه علي الاجمال و التفصيل في ارض القابليات بين يدي الكريم الغفار و العزيز الجبار تحت حجاب الاختراع و الابتداع و اما حسابه فهو بقول الست بربكم القول الواحد الساري في اطوار القابليات التي هي قوله بلي الظاهر في كل طور علي مقتضاه من الخير و الشر و النورانية و الظلمانية و العلو و السفل و التجرد و المادية و العود كالبدء و كالعكس الاّ ان في العود يظهور قول الست بربكم بقول اشهد ان لا اله الاّ الله و ان محمداً رسول الله9 و ان علياً اميرالمؤمنين ولي الله و هذا هو معني صورة ماورد في حساب الخلايق يوم القيمة من ان مولينا علياً7 يصعد منبراً اسمه الوسيلة يوم القيمة و صحيفة كل واحد من الخلايق في ايديهم ينظرون فيها جميعاً اي اصحاب اليمين و اصحاب الشمال و هو7 يتكلم بكلام واحد يري كل من اهل المحشر انه يقرأ صحيفته خاصة مع اختلاف الصحائف في الاعمال و ساير الاحوال فافهم و لاتكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال و اما الصراط فهو مروره في
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 473 *»
قوسي الصعود و النزول و ذلك لطلب الاستقامة احد من السيف و ادق من الشعر الاّ ان للمؤمن اوسع مابين الارض و السماء قال النبي9 في قوله تعالي و استقم كماامرت شيبتي هذه الاية و اما ميزانه فهو تقدير مايستحقه بحسب مراتبه و اعماله و الميزان للشيء الواحد كثير و هو قوله تعالي و من ثقلت موازينه افرد الشخص و جمع الميزان فميزان الكم و ميزان الكيف و ميزان القيمة و ميزان الجهة و ميزان المحل و غير ذلك و قدشرح و فصل الموازين مولانا و استادنا الشيخ اطال الله بقاه و جعلني فداه في شرح العرشية فانظر فيه فاجر في الكبير كماتجري في الصغير فان الخلط كمارفع هناك وقع هنا حرفاً بحرف و ليس لي الان اقبال شرح حقيقة هذه المسألة و الاشارة كافية لاهلها.
قــال سلمه اللّه تعالي: و منها ماهو المروي في العوالم ان في الصراط سبعة كؤد و كل كؤد سبعهعشر الف سنة ما المراد بالكئود و بالمدة المعينة و ايضاً في العالم الكبير القائم الغائب و لابد له من الظهور و الكرة و ما ذاك في الصغير و له المداين في غيبته و ما ذاك في الصغير و له عند الظهور العدد المعروف من الانصار و اول من يبايعه بالكلمة المستورة الساكن في الرابع و جبرئيل و ما ذاك في الصغير.
اقــول: روي عن كنز الكراجكي مسنداً عن ابنعباس قال قال رسولاللّه9 اذا كان يوم القيمة امر الله مالكاً انيسعر النيران السبع و امر رضوان انيزخرف الجنان و يقول يا ميكائيل هذا الصراط علي متن جهنم و يقول يا جبرئيل انصب ميزان العدل تحت العرش و يقول يا محمد قرب امتك للحساب ثم يأمر انيقعد علي الصراط سبع قناطر طول كل قنطرة سبعهعشر الف فرسخ و علي كل قنطرة سبعون الف ملك يسألون هذه الامة نساءهم و رجالهم علي القنطرة الاولي حب اهل بيت محمد9 فمن اتي به جاز القنطرة الاولي كالبرق الخاطف و من لايحب اهل بيته9 سقط علي ام رأسه في قعر جهنم و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 474 *»
لو كان معه اعمال البر عمل سبعين صديقاً انتهي فعلي هذا قوله سلمه اللّه تعالي سبعة كئود مراده سبع عقبات كئود كماروي عنهم: ان في الصراط عقبات كئود لايقطعها بسهولة الاّ محمد و اهل بيته الطاهرون صلّي اللّه عليه و عليهم اجمعين و العقبة هي القنطرة في هذا الحديث و هي رتبة من المراتب الوجودية فان كل شخص له سبع مراتب الاكوان الثلثة و الكيفيات الاربع و هي عدد ايات فاتحة الكتاب و له في كل مرتبة من هذه المراتب تكليف خاص غير ما للمرتبة الاخري لاختلاف الاقتضاءات المستدعية لاختلاف الاحكام فالثواب و الحساب و العقبات علي مقتضي تلك الاعمال في تلك المراتب بتلك الاقتضاءات فوجب انتكون كليات العقبات سبعة و لماكان الصراط هو مقتضي تلك الاعمال التي يشير بها الشخص اما الي الجنة او الي النار و كانت افضل الاعمال و اشرفها و اقويها و اسناها هي الصلوة تقدرت حدود كل مرتبة علي عدد ركعات الصلوات المفروضة و هو سبعهعشر ركعة لان باقي الاعمال كلها فروع و شعب من الصلوة و لذا كانت عمود الدين ان قبلت قبل ماسواها و ان ردت رد ماسواها و المعاصي كلها اضداد حدود الصلوة و اضداد فروعها فيكون السير في كل رتبة اما علي حدود الصلوة التي هي حدود الولاية او علي اضداد تلك الحدود فلايقع في قعر جهنم الاّ بعد انينزل سبعهعشر الف دركة من الدركات و انما ترقت المراتب الي الف لماذكرنا مراراً من ان الواحد عندنا الف عند الله سبحانه و الوجه فيه ماذكرنا و يقطعون كل فرسخ الف سنة لماذكرنا و اما القائم الغائب عجل الله فرجه فمثاله فيك عقلك الذي كان ظاهراً في العالم الاول ثم اخذ في النزول و غلبت البرودة و الرطوبة و انحاء الكثافات فغاب العقل و استتر و كان يدبر البنية و البدن و الروح و ساير المقامات في الباطن من غير انيظهر فاذا ان اوان ظهوره و نضجت البنية بعد
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 475 *»
اتمام اربعهعشر سنة من الولادة ظهر العقل و ملأ البدن قسطاً و عدلاً كماملأ ظلماً و جوراً من انحاء تصرفات النفس الامارة التي هي سلطان الجور من قوة الادراك و الفهم و الطمأنينة و السكون فيعلو امره و يقوي سلطانه الي الاربعين و ذلك تمام الظهور و الاعتدال كماذكرنا سابقاً و مدائنه7 اما الجزيرد الخضراء فهو الصدر و النفس و البحر الابيض و الانوار العقلية و ساير القوي بكمالها و استقامتها مدينته تظهر تلك المدن و البلدان علي كمال نوريتها مع كمال الاشجار و الانهار اذا زكيها بالعلم و العمل فافهم و اما العدد المعين لانصاره7فقدمضي الكلام فيه في الكبير و الصغير عند ذكر المرسلين من الانبياء: لان المناط في المقامين واحد اما بيعته الساكن في الرابع في الانسان فاعلم ان عيسي7 هو روح الله و كلمته و الكلمة هي العلم و الروح هي الحيوة التي هي الايمان و العلم و مقره في السماء الرابعة لانها محل العلم و ينبوعه اي العلم بالله و هو النقطة التي كثرها الجاهلون و لماكانت تلك الكلمة المستورة التي يقولها مولينا الحجة7 هي من اسرار الوحدة و لاتنال الاّ بتلك النقطة التي قدضلت في الدائرة و لمتزل في ذاتها حائرة فاسرع7 في الاجابة و الثبات و بقي معه و ثبت اثنيعشر نقيباً فمثال عيسي7 في الانسان القلب اي الروح التي تحملها الحرارة الغريزية التي هي مثال السماء الرابعة و هي اول من يصل اليه احكام العقل و فيوضاته ثم منه بترجمته يصل الي غيره علي حسب مقام ذلك الغير و النقباء هي صفو الحواس العشر و الصدر و صفو الجسم النوراني من حيث نظرها الي الوجه الاعلي و اما الذين يهربون و لايتحملون هم ساير القوي و الاعضاء و الجوارح و تلك القوي ايضاً من حيث نظرها الي الوجه الاسفل و ذلك قبل التصفية البالغة فاذا صفت لحقت بالاوائل و لذا ورد انهم اذا هربوا و انكروا يجولون شرق الارض و غربها ثم يأتون و يبايعون من غير بصيرة ثم يزدادون و يترقون الي انيقبلوا و اما جبرئيل فعبر عنه بالطائر الابيض و هو و ان كان مقامه مقام الطبيعة الاّ ان مجاورة
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 476 *»
النبي9 صعدت به الي مقام العقل بالعرض و التحمل حتي تخلق باخلاقه و تسمي باسمه و قيل انه الطاير الابيض لان البياض صفة العقل المرتفع المدرك للاسرار و لذا صدقه الله سبحانه حين افتخر علي ميكائيل من جهة المجاورة لا من حيث الذات و هو سر التقديم و اما ساير الملائكة فتحملهم لكونهم ليس عندهم ماينافي ذلك من الاحتمالات الباطلة الغير المرادة فلهم وجه واحد لايعدون عنه ابداً و كذلك الجن في بعض الروايات لضعف بنيتهم و قابليتهم عن التصرف في الاطوار لتحصيل المنافي فلميبق لهم الاّ التسليم و القبول اذ لايجدون المنافي فافهم.
قــال سلمه الله تعالي: و المرجو من الله تعالي ثم من ركن العارفين و شمس الزاهدين و سيد السالكين البسط في الجواب بطريق الباطن و باطن الباطن و ان كنت شاعراً حين استدعائي قول مولينا الصادق7 لا كل مايعلم يقال الحديث اطال الله بقاكم و اعطي في الدارين منالكم اللهم صل علي محمد و ال محمد و عجل فرجهم.
اقــول: هذا اخر كلماته نقلتها بالفاظه الشريفة و كتبت الجواب علي حسب ماوسعني المقام اما البسط بالاشارة و التلويح فقدامتثلت امره العالي و ظني ان ذلك يكفيه و اما البسط بتطويل المقال و تكثير المقدمات فلايمكن لماذكرت من الحديث الاّ ان الاشارة بجميع مااردت فقدجعلت و الله سبحاني خليفتي عليك و لا حول و لا قوة الاّ بالله العلي العظيم و الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و اله الطاهرين و قدفرغ من تسويدها مؤلفها و منشيها في الخامس و العشرين من جمادي الثانية في سنة 1238 حامداً مصلياً مستغفراً.
از اينجادر كتاب نيست
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لولي الحمد و الصلوة علي والي لواء الحمد و اله و اولاده حاملي لواء الحمد.
اما بعــد، فيقول العبد الفقير الي الغني ابن محمدقاسم محمدكاظم الحسيني الموسوي الرشتي لمااشرقت انوار الحكم من جوامع الكلم علي سرائر النعم انكشفت الحجب و تراكمت السحب فنزل الورقاء من بلد العنقاء فصاح بالديك فنعق الغراب و هدرت الحمامة و انتشرت اجنحة الطاوس فمحي الموهوم و صحي المعلوم فجاء السكر و ذهب الصحو فقدم العدم و عدم القدم فسمعنا صيحة اللاهوت في الجبروت بالملكوت عند الملك فقدمنا للجواب فعدمنا في الحساب فبدا لنا اننكتب هذا الكتاب و نلقي علي السلاك ذلك الخطاب لنفوز بالثواب و يكون زادنا ليوم الاياب و الله الموفق للصواب.
فنقول اعلم ان الكون هو الحروف الصادر من المتكلم المتنزل الي اللفظ و النقش و هي ثلثة و ثلثون ثمانية و عشرون منها هو المعروف في السنة العرب و خمسة منها تخحج و لايجوز التكلم عنها الاّ بالتلويح المؤمي اليه في الكلام المجيد للعارف لعلم التجويد فاشتمل القرءان علي جميع مراتب الانسان عند صيرورة العرش مستوي الرحمن و هو قول الرحمن علم القرءان خلق الانسان علمه البيان و هو القرءان فكان الاول عين الاخر فهو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن علي تفسير ظاهر الظاهر فهناك امران نور و سر نور رباني و هنا اسرار كثيرة نقتصر هنا علي بيان نقطة من اسرار النقطة و الاشارة الي ان البسملة مشتمل علي كل الوجود الاّ انها تظهر بالتلويح من اسرار النقطة اي قليلاً من كثيرها فنقول:
بسم الله الرحمن الرحيم سر سبحاني الباء ثلثة نقطة و نقش و حركة فالنقطة هي الاصل و هي هنا باعتبارنا هذا هي الالف القائمة المحتجبة باتصال الباء بالسين التي هي من الوجود المقيد التي طولها الف الف ذراع و هو قوله7 و انا النقطة تحت الباء لانه القلم الظاهر باوله بالقاف المحيط بالدنيا و العقل الظاهر بوسطه بالقاف المحيط بالدنيا و القلق الظاهر باخره بالقاف المحيط بالدنيا و اعتبار القاف اما في الظاهر في الاول و الاخر و الوسط اشارة الي ملئه الوجود في الايام الثلثة فذكرهم بايام الله يوم الاولي و يوم الدنيا و يوم الاخرة فاحاط في كل منها بكل منها مع مافيها من المراتب و المقامات و الدرجات فالاحاطة واحدة و ظهورها مختلفة كمالايخفي علي الفطن العارف و اما باعتبار العدد فللاشارة الي ماتتعلق به الاحاطة من المراتب العشرة المخلوقة من القبضات العشرة و اما باعثار المرتبة فللاشارة الي انه اول المرتبة الثالثة فلميظهر الكون الاّ مثلثاً النار و الزيت و المس و لذا تري الكلمات الوجودية الدالة الي هذه المرتبة اكثرها ثلاثية ع ق ل ق ل م ر و ح ع ل ق ز و ر ا م ر و امثالها من العبارات و الاشارات و التلويحات و لذا قلنا ان الكون مثلث و اما باعتبار الصورة كذلك ايضاً هذا اذا اعتبرت النقطة هي الالف القائمة و اما اذا اعتبرتها الالف اللينة فيكون المحتجب الالف القائمة و تكون الباء اي الالف القائمة المائلة الي الانبساط الذي هو علي شكل القاعد لا الالف المبسوطة التي هي علي شكل المضطجع اشارة الي البرزخ الثانوي اي الاولي من الوجود المقيد اول التميز و مبدأ الكثرة و اصل الشئون المتمايزة و هو الروح في صورة الافتراق اي الرقيقة و لذا تري شكل النقش في النور الرباني هكذا بســـم و فيها دلالة صريحة علي ما اومأنا اليه فالباء بهذا الاعتبار اشارة الي الركن الاسفل الايمن من العرش في مراتب الوجود المقيد فالنقطة في قوله7 و انا النقطة تحت الباء في هذا الاعتبار اشارة الي الحقيقة المسئولة عنها في حديث كميل الممنوعة جوابها المنهية السؤال عنها قال كميل لمااردفه مولينا اميرالمؤمنين عليه الصلوة و السلام و روحي فداه علي ناقته فسأله فقال يا اميرالمؤمنين ما الحقيقة اي ما لطيفة السر الوجودي الذي هي غاية سيرنا و منتهي سفرنا و مرجعنا و مئابنا و تجلي الحق لنا و لماكان الامام7 عارفاً بمراد كميل و كان ذلك لايصلح لمقامه و مرتبته لكونه فوق ذكره و سره و لبه منعه عن ذلك فقال7 و روحي فداه مالك و الحقيقة اي مالك و هذا السؤال و انت عنيت بها مايعمنا و يعمكم و هو لايصح و ليس بيننا و بينكم حقيقة جامعة بل النسبة بالاثرية و المؤثرية و المتبوعية و التابعية و المنيرية و النورية و انك لاتدرك مالنا و لطيفة وجودنا و ليس فيك مايهديك اليه بحقيقته فاستغرب كميل ذلك لنقصان معرفته فقال اولست بصاحب سرك اي السر المقنع بالسر اي ليس سرنا واحد و امرنا غير مختلف فقال7بلي ولكن يرشح عليك مايطفح مني فاقره علي ذلك لئلايتوهم البينونة و العزلة و المخالفة التامة و المباينة الكلية فيفسد امره فاستدركه بلكن فقال7 ان الذي عندك و امثالك رشح ترشح من بحر الصاد الذي هو سرنا و لبنا فماتعرف الاّ الرشح و لاتدرك الاّ العرق و الفاضل و النور و السنا فقال او مثلك يخيب سائلاً فاجابه7 بمايناسب مقامه و مرتبته من الرشح بالنسبة مقامه فقال كشف سبحات الجلال الحديث و بالجملة النقطة هي تلك الحقيقة في قوله و انا النقطة تحت الباء و هي مقام الخامس من المقامات و العلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان و هي الدلالة الظاهرة من الكلمة التامة و الماء النازل من السحاب المتراكم الذي اثاره الريح بين يدي الرحمة و الماء الذي كان عرش الحق عليه قبل خلق السموات و الارض بالمدة الغيرالمتناهية و جنان الصاغورة التي ذاق روح القدس اي الالف القائمة منها الباكورة و نور السموات و الارض الذي مثل نوره كمشكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة و امر الله الواحد الذي هو اقرب من لمح البصر و بحر المزن الذي ينزل منه الماء في قوله تعالي أفرايتم الماء الذي تشربون ءانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون و الذات و ذات الذوات و الذات في الذوات للذات و الجوهر الذي به قامت الاعراض كلها من الذوات و الصفات و الجواهر و الاعراض قال و نعم ماقال:
يا جوهراً قام الوجود به | و الناس بعدك كلهم عرض |
فتلك النقطة هي التي مبدأ الالف و منشأها و مقوم وجودها و محقق حقيقتها و مذوت ذاتها و هي النقطة التي اشار اليها الشاعر بالفارسية:
نقطه با كو ز ظل وحدت حق شد پديد | منشأ خط الف گرديد بي گفت و شنيد | |
از الف پيدا حروف از حرف قرآن مجيد | پس به هر حرف از كلام واحد فرد وحيد |
شاهد موجود بر يكتايي مولا عليست
و يقال لهذه النقطة انها اصل الحروف و كلها و ليس الحروف شيئاً غيرها لانها لماتحركت وجدت الالف القائم في كمال البساطة و القيام اشارة اليها علي هذه الصورة فاذا انبسطت وجود الباء فهي تكرير الالف و انبساطها لفظاً و معني اما الثاني فلانها في العدد اثنان و هو تكرر الواحد و اما الاول فلان صورتها هكذا و هي انبساط القائم فاذا مالت الالف علي الباء حدثت الجيم علي هذه الصورة فاذا انبسطت الباء و تكررت كانت منها الدال هكذا فاذا مالت علي الجيم كانت منها الهاء هكذا لان ميل القائم الي الانبساط و ميل المنبسط الي الركود فافهم و كذا ساير الحروف فانها وجدت بحذافيرها من تكرر الالف و الباء فلذا قالت الجفرية ان الالف هو الاختراع الثاني و الباء هو الابتداع الثاني و الباء في الحقيقة هي تكرر الالف و انبساطها فكانت مادة الحروف كلها و صورها هي الالف اذا زالت عنها السبحات و السبحات وقوعها مكررة و الاّ ما من شيء الاّ الالف في الحروف و لماكان الظاهر طبق الباطن و الصورة مثال الحقيقة كانت البواطن مثل الظواهر فكان باطن الالف الذي هو الواحد اصلاً و اساً و اسطقساً لبواطن ساير الحروف لان الاثنين ليس الاّ الواحد مرتين و كذا الثلثة ثلث مرات فمادة الاعداد و صورها انما هو الواحد خاصة كما ان مادة الحروف و صورها كلها الالف القائم خاصة و الصوفية لمااطلعوا علي هذه الدقيقة و لميعثروا علي انها مثال الظهور و التجلي للخلق بالخلق في مقامات الرسم و درجات الاسم زعموا فحكموا علي انها الحق و قالوا انه تعالي كالواحد في الاعداد و كالالف في الكلمات كماقال شاعرهم:
اينجا حلول كفر بود اتحاد هم | اين وحدت است ليك به تكرار آمده |
و جعلوا الاية الهاً و الصورة اصلاً فكانوا كماقال الامام7 بدت قدرتك يا الهي و لمتبد هيئة فشبهوك و جعلوا بعض اياتك ارباباً يا الهي فمن ثم لميعرفوك يا سيدي و لو شاء الله مافعلوه فذرهم و مايفترون و لاتتوهم ان المقام الخامس من المقامات و العلامات التي جعلناها بهذا الاعتبار هي النقطة في قوله7 انا النقطة تحت الباء هـ كذلك الاشياء فتكون الحقيقة المحمدية صلي الله عليهم في هذا المقام كل الاشياء فيرد علينا مااوردناه علي القول بان بسيط الحقيقة كل الاشياء لست اقول ذلك و انما اقول ان النقطة لماتحركت حدثت منها الالف التي هي تكررها و هي النفس الرحماني الاولي بفتح الفاء فتنزلت الالف الي الحروف العاليات المناسبة لتلك المقامات فانقسمت اليها ثم اجتمعت تلك الاحرف كلمة فكانت الكلمة التامة وعاء لمراتب النقطة الغير المنقسمة في الجهات الثلث و هو قوله تعالي حــم و هي النقطة و الكتاب المبين و هي الالف و النفس الرحماني انا انزلناه اي الالف في ليلة مباركة اي الكلمة التامة و التعبير عنها بالليلة اشارة الي الكثرة المستلزمة للسواد الذي اصله الليل فكل سواد من الليل كما ان كذلك كل بياض و ضياء من النهار فيها اي في الكلمة التامة يفرق يمتاز كل امر حكيم كل امام حكيم بعد امام حكيم كل حرف عال بعد حرف عال و هذه المراتب كل واحد منها عين الاخر و هو قولهم: في مقام الجمع كلنا محمد اولنا محمد اخرنا محمد اوسطنا محمد صلي الله عليهم اجمعين و هو الكلمة التامة الطيبة التي هي كالشجرة الطيبة التي اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها و هو قوله9انا الشجرة و علي اصلها و فاطمة لقاحها و الائمة اغصانها الحديث الحاصل لك انتقول ان النقطة هي كل الكلمة بهذا الاعتبار لكن لماتمت الكلمة ظهرت منها الدلالة و هي المقام الخامس من تلك المقامات فوقعت علي قلب المخاطب فقام المعني و تحقق المدلول و بهذا تعرف ان المعني بعد اللفظ في الزمان و ان كان قبله في الدهر فتنزل ذلك المعني الذي هو عبارة عن العقل الكلي و النور المحمدي9 الي مقام الرقايق من سنخه فتحقق البرزخ اي الرقيقة التي هي عبارة عن الروح الكلي اي النور الاصفر كما ان العقل هو النور الابيض و بياضه لكمال بساطته و عدم تحركه بالنسبة اليه في مقامه و رتبته و صفرة الروح من جهة الحرارة الحاصلة من حركة التنزل و رطوبته نفسه فكان العقل في مقام الروح حاراً رطباً و هو يقتضي لون الصفرة علي التحقيق و لماوصل في النزول الي هذا المقام تنزل الي مقام الصورة من ذلك السنخ التي هي عبارة عن النفس الكلية النور الاخضر و خضرتها من جهة اختلاط السواد الحاصلة من الكثرة مع الصفرة و هو يقتضي الخضرة فتنزل من ذلك المقام الي مقام الطبيعة اي النور الاحمر لاختلاط الصفرة مع البياض كالشجرف المركب من الكبريت الاصفر و الزيبق الابيض فتنزل من ذلك المقام الي مقام الاجسام فلماتمت المراتب و الدرجات و كان من جهة قربها الي المبدأ الفياض في كمال النورانية انعكست عن كل مرتبة اشعة يناسبها فتكثرت اشعة العقل الكلي و الروح الكلي و النفس الكلية و الطبيعة الكلية فتكثرت الاشخاص و الافراد و الانواع و الاجناس و الكليات و الجزئيات و الذاتيات و العرضيات علي كثراتها و اختلافاتها و كلها اشعة و اثار من تلك المراتب و اختلافها من جهة اختلاف تلك ضرورة ان الشعاع يشابه المنير و هو قول مولينا اميرالمؤمنين علي محمد و عليه و زوجته و ابنائه الصلوة و السلام و روح العالمين فداهم حيث قال العرش مركب من اربعة انوار نور احمر منه احمرت الحمرة و نور اخضر منه اخضرت الخضرة و نور اصفر منه اصفرت الصفرة و نور ابيض منه ابيض البياض و منه ضوء النهار و منه في رواية و منه ابيض البياض فالعرش عبارة عن مجموع الانوار الاربعة و هو العرش الثالث و محل استواء الرحمن برحمانيته فالنور الابيض عبارة عن الركن الايمن الاعلي انما اخره رعاية لمرتبة الصعود و هو العقل الاول الكلي و القلم و النور و الامر الذي به قامت السموات و الارضون و بياضه لماعرفت ممااسلفنا و النور الاصفر عبارة عن الركن الاسفل الايمن من العرش و هو الروح الكلي و الروح من امر ربي و الروح في قوله تعالي و نفخت فيه من روحي و صفرته لماعرفت و النور الاخضر اشارة الي الركن الاسفل الاعلي من العرش و النور الاحمر اشارة الي الركن الاسفل الايسر من العرش و قوله7 منه ابيض البياض و منه احمرت الحمرة و منه اصفرت الصفرة و منه اخضرت الخضرة اشارة الي انبعاث العقول الجزئية من العقل الكلي و الارواح الجزئية من الروح الكلي و النفوس الجزئية من النفس الكلية و الطبايع الجزئية من الطبيعة الكلية انبعاث الاشعة من المنير فالمنير اصل بالنسبة الي الانوار و مراتب المنير عاليها اصل بالنسبة الي سافلها فتذهب السلسلة حتي تتصل الي النقطة فهي اصل للكل و هي اس التأسيسات و مادة المواد و هيولي الهيوليات و اسطقس الاسطقسات و الماء الذي به حيوة كل شيء فبهذا الاعتبار يصح لك انتقول انه كل الاشياء علي هذا المعني الذي بينت و شرحت و فصلت و اجملت و احكمت و اتقنت فافهم المراد و لاتظن بنا ظن السوء فتقول انا تبعنا اولئك الجماعة في قولهم بسيط الحقيقة ببساطته كل الاشياء لانقول بقولهم و لانتبع كلماتهم بل نقول كماقال سيدنا و مولينا علي بن محمد النقي الهادي علي جده و جدته و ابائه و ابنيه الصلوة و السلام ذكركم في الذاكرين و اسماؤكم في الاسماء و ارواحكم في الارواح و انفسكم في النفوس و اثاركم في الاثار و قبوركم في القبور الزيارة و كماقال اميرالمؤمنين7 انا الذات انا ذات الذوات انا الذات في الذوات للذات فاحفظه و عه و تحفظه من الزلل هذا كله اذا اردنا بالنقطة هي الالف اللينية و اما اذا جعلناها الكلمة التامة فالمراد بالهاء هو الالف القائمة كمادلت عليه الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم سلام الله الملك الجبار و المحتجب هو الالف اللينية المشار اليها بالواو المطوية لفظاً و نقشاً في كن قال7 الباء بهاء الله و هو الالف و اعلم ان النقطة هي القطب فكل عال قطب لسافله فهو نقطة لوجوده و لذا اعتبرناها مرة الفاً قائمة و مرة لينية و مرة كلمة تامة و هي كماسبق مركبة من اربع مراتب السر و الظاهر من حيث هو ظاهر و الحق و سر السر و الظاهر و حق الحق و السر المستسر بالسر و الباطن من حيث هو باطن و حق الحق و السر المقنع بالسر و الباطن و حق الحق و الرابع هو النقطة الحقيقية الاصلية و هي ليست كل الحروف و الاّ يصح قول الضرار ان مشية الله تنكح و تشرب و تأكل نعم هي كل حروف نفسها فحدثت منها الالف بالانبساط فوجدت منها الحروف بالافتراق و الامتياز فاجتمعت في الكلمة التامة و هذه المراتب الاربعة هي المقامات و العلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان قال الحجة المنتظر عجل الله فرجه و بمقاماتك و علاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الاّ انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و رواد فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الاّ انت فافهم و اعرف ان النقطة في البسملة هي الاسم الذي استقر في ظله فلايخرج منه الي غيره و هو الاسم الاعظم و هو الذي لايعلمه الاّ الله و كل مراتب اسماء الاعظم في تمام الكلمة و لسنا بصدد بيان الكل و المقصود قدحصل و الحمدلله رب العالمين و السلام علي تابع الهدي.