رسالة فی جواب المیرزا علی الاشرف
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۱۵ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين و الصلوة و السلام علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطاهرين.
اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي انه قد وردت علي من جناب العالي الجناب لب الالباب الموفق في كل باب العالم العامل و الفاضل الكامل الجامع للفخر و الشرف الآميرزا علي اشرف شرفه الله بكراماته و انعم عليه افضل نعمه و حباته مسائل صعبة بعيدة المنال عزيزة الوصال و انا في كمال اشتغال البال و تعارض الاحوال و تصادم الامراض المانعة من استقامة الحال و حيث لميمكنني (يمكنّي ظ) رد مسئلته لما الزمت علي نفسي من رعايته و حمايته امليت هذه الكلمات مكتفيا بلطايف الاشارات اعتمادا علي فهمه العالي و ادراكه السامي اذ انا في مثل هذه الحالة لماتمكن من بسط المقال و شرح حقيقة الحال و الاشارة تكفي لمن لميقتصر علي العبارة و المقتصر عليها لايكفيه الف بيان لاحتجابه بحجاب النسيان و جعلت كلامه سلمه الله تعالي متنا و جوابي كالشرح له كما هو عادتي في اجوبة المسائل.
قال سلمه الله تعالي: المعروض علي الجناب المستطاب مفخر اهل العلوم و الآداب سيدنا و استادنا و من اليه في كل الامور استنادنا وحيد عصره و فريد دهره عمدة الفقهاء و المجتهدين و زبدة الحكماء المتألهين و نخبة العرفاء الاولين و الآخرين مجمع البحرين و مطلع الشمسين لا بل الشموس ادام الله ظله علي الرؤس و لميزل انوار معارفه مشرقة علي النفوس.
اقول انما ذكرت هذه الكلمات مع ما اعرف من نفسي خلافها بيانا لاعتقاده سلمه الله تعالي الذي هو كاشف الحجاب و رافع النقاب كما في الحديث ما معناه احسن الظن و لو بحجر فان الله تعالي يلقي الخير به اليك و قال
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۱۶ *»
۷ ان الله عند ظن كل امرء هـ ، فانه قارع الباب و فاتح الخطاب و الوسيلة لاولي الالباب و لذا كانت الرؤيا علي ما عبرت و انا اقول اللهم لاتؤاخذني بما يقولون و اجعلني خيرا مما يظنون و اغفرلي ما لايعلمون.
قال سلمه الله تعالي: انه قد حصلت لي شبهة في بعض المسائل و لماجدها مفصلا في مظانها من بعض الرسائل، الي انقال سلمه الله: فالملتمس انتبينوا حقيقة المسائل بدون الحوالة علي الكتب و الرسائل:
المسئلة الاولي ان الملائكة كلها هل هي حقيقة واحدة و رتبة مستقلة مثل الانسان و الجان و ساير المراتب الواقعة في سلسلة الطولية و انما التفاوت فيما بين الاشخاص في العرض ام حقايق متعددة و مراتب متكثرة مختلفة بالعلية و المعلولية و يطلق لفظ الملك عليهم بعنوان الحقيقة بعد الحقيقة مثل لفظ الوجود و العقل و ساير الالفاظ التي يطلق علي المراتب المتعددة.
اقول اعلم ان الملائكة هم حملة الامدادات الخاصة المنبعثة من الرؤس الخاصة الجزئية من المشية الكلية و هي روابط الفيض و حكمها حكم المعني الحرفي في الكلمات فان الحرف لاتفيد معني في نفسها و انما هي حاملة لمعني الفعل و موصلة الي الاسم و ليس لها الا الربط خاصة علي ما هو التحقيق فالملك ايضا حامل للوجه الجزئي من الرأس الجزئي من الفعل الكلي و يظهر علي صفة ذلك الاثر و طبيعته و هيئته و خاصيته و لما كان الفعل الكلي المتعلق بالمفعول الكلي شجرة كلية مشتملة علي جزئيات هي اغصان تلك الشجرة و هي و انكانت جزئية بالنسبة الي الشجرة لكنها كلية بالنسبة الي الاغصان الجزئية المنشعبة من كل غصن و هكذا نسبته الي باقي الاغصان الجزئية و نسبتها الي الاوراق و نسبة الاوراق الي الاعراض و الصفات و ساير القرانات و هكذا تترامي الكثرات بالنسبة الي رتبة واحدة من جهة المكان و الزمان و الجهة و الرتبة و الكم و الكيف و الاضافة و الوضع و الاجل و الكتاب و الاذن و قراناتها و نسبها و اضافاتها و لوازمها و شرايطها و متمماتها و مكملاتها و عللها و اسبابها و مباديها و هكذا ساير احوالها و لما كان الشئ لايكون في الارض و لا
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۱۷ *»
في السماء الا بسبعة بمشية و ارادة و قدر و قضاء و اذن و اجل و كتاب كان يتعلق بكل ذرة من ذرات الوجود بجميع انحاء الكثرات فعل خاص بها و يتولد من قران الفعل بالمفعول و تعلقه به حامل يربط ذلك الفعل بذلك المفعول و هو نقشه الفهواني و حكايته الخاصة و هو حرف من حروف المفعول قائم بالفعل قيام صدور و قائم به الفعل قيام ظهور كقيام ظهور النار في الحديدة المحماة بها و ذلك الوجه الخاص بالحاملية الخاصة علي الهيئة الخاصة هو الملك الحيوان ذو شعور و ادراك و اختيار الا ان اختياره ضعيف كاختيار الحديدة المحماة للبرودة و كاختيار الجائع المشرف علي الهلاك لشدة الجوع للامتناع من الاكل بعد تمكنه عنه و اقتداره عليه فالملك وجه من وجوه المفعول و شأن من شئونه و تابع من توابعه غارف من بحر ذاته و فارغ ما غرفه في ذلك البحر ايضا الا ان الاغتراف من مبدء الاجمال بل و مبدء النزول و الافراغ في مقام التفصيل عند عدم التعطيل سواء كان في الخير او الشر و سواء كان في الجنة او النار فظهر لك من هذا البيان انه يجب انيكون الملائكة بعدد ذرات الوجود و سعتها و قوتها علي حسب سعة الموكل عليه و قوته و عدمهما فافهم و لما كانت الاشياء لاجل حكاية قيوميته تعالي و سعة قدرته لها نورا و شعاعا و ذلك النور و الشعاع قد تعلق بهما الفعل من الله سبحانه كان الفعل المتعلق بالشعاع شعاعا للفعل المتعلق بالمنير و حامل الشعاع شعاع لحامل المنير و هكذا حكم شعاع الشعاع و شعاع شعاع الشعاع و هكذا الي ما لانهاية له لسر عدم قطع الفيض و استمرار مادة المدد و عدم انتهاء القدرة فاذن فالملائكة حقايق مختلفة و ذوات متأصلة كالانسان لصريح الروايات الدالة علي ان المدبرات امرا هم الملائكة و الامر يختلف بالامر الفعلي و الامر المفعولي و الامر المفعولي يختلف بالاصالة و الفرعية و المنيرية و الشعاعية و المناسبة بين المدبر بكسر الباء و المدبر بفتحها مما لا بد منه و قوله تعالي حكاية عن الملائكة و ما منا الا له مقام معلوم و انا لنحن الصافون يوقف كلا في مقامه و مرتبته فاذن تم ما ذكرنا و صح ما قلنا و اختصاص التدبير بالمدبرات في مقام دون مقام يورث اختلال النظام و فساد
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۱۸ *»
الحكمة فما بقي الا ما بينا فخذه و كن من الشاكرين فاذن فالحق هو الثاني فانهم حروف الكلمات و شعاع الحروف حروف للكلمة الشعاعية و لاتساوي حروف المنير و انكار الشعاع و المنير في الكلمات الكونية مصادمة للضروري و مزاحمة للبديهي فحروف المصدر شعاع لحروف الفعل ككلمتيهما فافهم و لاتتوهم من قولنا ان الملائكة قوي للشئ كما زعمته الحكماء و انما هي ذوات روحانية هي روابط لايصال الافاضات و الامدادات الي تلك القوي و الحقايق فافهم ضرب المثل فاطلاق الملك علي كل طبقة من باب الحقيقة بعد الحقيقة.
قال سلمه الله تعالي: فان كان الاول كما حققتم في بعض رسائلكم في بيان السلسة الطولية و العرضية بانها رتبة تحت رتبة الجان فوق الحيوان و كما بين الشيخ المرحوم في دائرة العقل و الجهل يلزم انيكون كل فرد من افراد الانسان افضل من كل الملائكة حتي من العالين و الكروبيين و هذا مناف لبداهة العقل و الوجدان فضلا عما نطق به البرهان بل يلزم افضلية الجان ايضا لكونها تحته فضلا عن الانسان نعم في الانسان ايضا وجه لكون بعض افراده افضل لما قال النبي۹ ان رجلا من شيعة علي۷ افضل من جبرئيل و هو سلمان بخلاف الجان.
اقول كون الملك رتبة تحت الجان لايلزم كون الانسان او الجن افضل من العالين او الكروبيين لانهم اناسي و ان اطلق عليهم لفظ الملك فان مناسبة لفظ الملك لهؤلاء الذوات الكاملة المقدسة اقوي و اعظم منها بالنسبة الي الملائكة الذين كلامنا فيهم فان الملك اصله مألك فقدمت اللام و اخرت الهمزة و وزنه مفعل مأخوذ من الالوكة و هي الرسالة ثم تركت الهمزة لكثرة الاستعمال فقيل ملك بالتحريك فلما جمعوه ردوه الي اصله يعني قبل الحذف لا قبل التقديم و التأخير فقالوا ملائك فزيدت التاء للمبالغة او لتأنيث الجمع و عن ابن كيسان انه فعال من الملك فحذفت الالف تخفيفا و نقل عن ابيعبيدة انه مفعل يعني ملأك من لاك اذا ارسل في ملكه شيئا فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال بعد نقل حركتها الي ماقبلها او من الملك اي القهر فان الملائكة مظاهر القهر او لانهم
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۱۹ *»
مماليكه او من قولهم عبد مملكة و مملكة بفتح الميم و ضمها اذا ملك و لميملك ابواه و منه الحديث لايدخل الجنة سيئ الملائكة اي سيئ الصنع الي مماليكه و يقال فلان حسن الملائكة اي حسن الصنع الي مماليكه و سميت الملائكة لانهم رسل كما قال تعالي جاعل الملائكة رسلا او لانهم مظاهر القهر او لانهم مماليك ابتداء او لانه احسن صنعهم او احسن اليهم او احسن الي عباده بهم و في كل هذه الوجوه يحصل التشابه بين العالين و الكروبيين و بين الملائكة و ان كانت هذه الوجوه في جانب العالين و الكروبيين اقوي منها في جانب الملائكة فتسميتهم بالملك اولي من الملائكة فالعالون و الكروبيون ليسوا حروفا من الحروف الكونية الغير المستقلة في افادتها و دلالتها و الغير المعتبر اعتبار اقترانها باحد الازمنة الثلثة و انما هم كلمات كونية و ذوات متأصلة مستقلة في الافادة و الاستفادة بل هم مستمرون في الزيادة لايعتريهم وقوف و لا نقصان و قد قال مولانا الصادق۷ في الملائكه انهم ناقصون لايحتملون الزيادة فكيف يقاسون باولئك الذوات الملكوتية و الحقايق الجبروتية و الاسرار اللاهوتية فمحض التسمية لايوجب الافضلية فانهم خارجون عن محل البحث و الكلام و اما ماسويهم من الملائكة الذين في الرتبة الحرفية فهم علي حسب ما وكلوا به في المرتبة فمجرد الاشتراك في التسمية من باب الحقيقة بعد الحقيقة لايورث التساوي و لا الافضلية.
قال سلمه الله تعالي: و ان كان الثاني فلا معني لكونها رتبة تحت الجان بقول مطلق و حصر افراد السلسلة الطولية في الثمانية.
اقول هذا الكلام له جوابان احدهما تتحمله العقول و الثاني بعيد عنها دقيق جدا لايتحمله الا اولوا الافئدة من اهل المنقول.
اما الاول فنقول لا شك و لا ريب ان المختار اشرف من المضطر و لما امتنع الاضطرار و الجبر فقوي الاختيار اشرف من ضعيفه في النوع و لاشك و لا ريب ان الملائكة ليس اختيارهم في قوة اختيار الانسان و الجن بحيث تكون لهم قوة الفعل و الترك بالفعل ظاهرة موجودة يترتب عليها الآثار و انما اختيارهم
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۰ *»
في جانب الشر ضعيف جدا لاتظهر آثاره الا نادرا و لذا لمتسمع ان الله قد بعث الي الملائكة رسولا و جعل لهم شرايع و انكانوا لايخلون من ذلك اذا الوجود مبني في تحققه علي التكليف كما برهنا عليه في كثير من مباحثاتنا و رسائلنا كما قال الله تعالي انما امره اذا اراد شيئا انيقول له كنفيكون فاذا كان كذلك فيكون الملائكة بهذا النظر مقامهم في الرتبة تحت الجان لقوة اختيارهم بالنسبة اليهم و لاشك ان قوي الاختيار اعلي رتبة من ضعيفه و لما كانت الملائكة في قوة الادراك و الشعور بل ظهور الاختيار في الجملة اقوي من ساير الموجودات التي رتبتها تحت الجان خصت بهذا المقام و ذلك ظاهر انشاء الله تعالي عند ذوي الافهام.
و اما الثاني فيجب ستره اذ ما كلما يعلم العالم يقدر انيفسره فان من العلوم مايحتمل و منها مالايحتمل و من الناس من يحتمل و منهم من لايحتمل و لكن لابد من الاشارة اليها لقوله۷ لاتمنعوا الحكمة من اهلها فتظلموهم و هو ان الملائكة انما هم عند الروابط التفصيلية و لذا يقل اعتبارهم في المراتب الاجمالية الي ان يبلغ الامر الي انتنتهي وجوداتهم كما قال۷ اذكروا الله بحيث لايسمعه الملائكة و قال ايضا۷ في حديث ارويه عن شيخي و استادي اعلي الله مقامه و رفع اعلامه ما معناه ان المؤمن اذا ذكر لاخيه فضيلة من فضايل آل محمد: يوحي الله تعالي الي الملائكة تنحوا عنهم فانهم مشغولون في سر هـ ، و ذلك لقلة اعتبارهم في العوالم الاجمالية لا لاعدام وجوداتهم بل ربما نقول لانتهاءها هنالك فاذا اعتبرنا مقام العلية في السلسلة الطولية انقطع اعتبار التفصيل في المراتب التي تعتبر فيها الوحدة و الاقرار بالوحدانية لله عز و جل و ذلك ينقطع علي الظاهر عند آخر مرتبة الجان فجاء مقام التفصيل و الكثرة فظهرت الملائكة و تفصلت و اما نزول الملائكة علي الانبياء و تدبيرهم للانسان و الجان و هيمنتهم علي الاكوان فذلك في مقام القطبية في السلسلة الطولية و العرضية لقوله تعالي و لو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا و للبسنا عليهم مايلبسون فان العالي لابد له من الرتبة الجامعية
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۱ *»
حتي يتمكن من الافاضة و يمكن قوابل السفليات للاستفاضة فالجهة الجامعة تظهر الاحكام المانعة حتي يقتل سيف شمر لعنه الله الف الف مرة سيدالشهداء روحي له الفداء مع انه لعنه الله معه۷ في السلسلة الطولية و نظرت الملائكة و قتلت الجان علي وجه الارض قبل خلق آدم۷ لما عصوا و عتوا و تجبروا فافهم انكنت تفهم و الا فاسلم تسلم،
و اياك و اسم العامرية انني
اغار عليها من فم المتكلم
و اما حصر السلسلة في الثمانية فتقريبي فان هؤلاء الثمانية ظهرت آثارها و استقلت كينوناتها و ان كان كل اسفل اضعف فلما بعدت السلسلة ضعفت الآثار و الكينونات فصارت لاتعد في الحساب و لايجري ذكرها في كتاب الا في الكتاب الحفيظ الذي هو ام الكتاب و منه البدء و اليه الاياب و الا فكيف تنحصر مراتب الفيض و مقامات الشعاع و شعاع الشعاع و شعاع شعاع الشعاع و هكذا الي ما لانهاية لها الا ان الاشعة لما ضعفت ضعف اعتبارها فالحصر علي الثمانية دليل النقص في القدرة و هو محال علي رب البرية فكم من عوالم و مقامات و مراتب و آيات عجزت عن ادراكها الابصار الضعيفة و القلوب المظلمة المدلهمة فوجب القول علي حسب متفاهم القوم و لذا قالوا ثمانية و الا فالامر اعظم و اعظم،
و لكل رأيت منهم مقاما
شرحه في الكتاب مما يطول
فافهم انشاءالله.
قال سلمه الله تعالي: و ايضا هل يجب اعتقاد عصمة الملائكة كما يقول به المجلسي (ره) ام لا فان كان الاول فكيف يكون الجواب عن قصة هاروت و ماروت التي اشتهر بين العوام و الخواص و كيف يمكن عصمتهم مع كونهم في الوسط اسفل من الجان و اعلي من الحيوان فان كانوا في اول الوجود كانوار الاربعة عشر سلام الله عليهم يمكن القول بعصمتهم بغلبة النور علي الظلمة و اضمحلال الانية و اما في الوسط فكيف يصير مع كون الجان و الانسان الذين هما اعلي رتبة منهم غير معصومين نعم الملائكة العالين و الكروبيين عصمتهم
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۲ *»
حتي لكونهم عبارة عن حقايق الائمة و الانبياء و اما ساير الملائكة فلا.
اقول اما عصمة الملائكة: فلاشك فيها و لاريب يعتريها و انا اذكر لك حديثا جامعا لما تسئل من عصمة الملائكة و بيان حال هاروت و ماروت بما لميبق لمحتج حجة و هو ما رواه في كنز الدقايق عن عيون الاخيار (الاخبار ظ) باسناده الي الحسن بن علي عن ابيه علي بن محمد عن ابيه محمد بن علي عن ابيه علي بن موسي الرضا عن ابيه موسي بن جعفر عن ابيه الصادق جعفر بن محمد: في قول الله تعالي و اتبعوا ما تتلوا الشياطين علي ملك سليمان و ماكفر سليمان و ساق الكلام في تفسير الآية الشريفة و ذكر حال هاروت و ماروت الي انقال يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار عن ابويهما انهما قالا فقلنا للحسن ابي محمد۷ فان قوما عندنا يزعمون ان هاروت و ماروت ملكان اختارهما الله لما كثر عصيان بنيآدم و انزلهما مع ثالث لهما الي الدنيا و انهما افتتنا بالزهرة و ارادا الزنا بها و شربا الخمر و قتلا النفس المحرمة و ان الله عز و جل يعذبهما ببابل و ان السحرة منهما يتعلمون السحر و ان الله تعالي مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة فقال الامام۷ معاذ الله من ذلك ان الملائكة معصومون محفوظون من الكفر و القبايح بالطاف الله تعالي قال الله عز و جل فيهم لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و قال عز و جل و له من في السموات و من في الارض و من عنده يعني من الملائكة لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون و قال الله تعالي في الملائكة ايضا بل عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لايشفعون الا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون ثم قال۷ لو كان كما يقولون كان الله قد جعل هؤلاء الملئكة خلفائه علي الارض و كانوا كالانبياء في الدنيا و كالائمة افيكون من الانبياء و الائمة: قتل النفس و الزنا ثم قال۷ اولست تعلم ان الله تعالي لميخل الدنيا قط من نبي او امام من البشر اوليس الله يقول و ما ارسلنا قبلك يعني الي الخلق الا رجالا نوحي اليهم من اهل القري
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۳ *»
فاخبر انه لميبعث الملائكة الي الارض ليكونوا ائمة و حكاما و انما ارسلوا الي انبياء الله قالا فقلنا له فعلي هذا لميكن ابليس ايضا ملكا فقال لا بل كان من الجن اماتسمعان الله يقول و اذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليس كان من الجن فاخبر عز و جل انه كان من الجن و هو الذي قال الله تعالي و الجان خلقناه من قبل من نار السموم قال الامام الحسن بن علي۸ حدثني ابي عن جدي عن الرضا۷ عن آبائه عن علي۷ قال قال رسول الله۹ ان الله عز و جل اختارنا معاشر آل محمد (ص) و اختار النبيين و اختار الملائكة المقربين و ما اختارهم الا علي علم منه بهم انهم لايواقعون مايخرجون به عن ولايته و ينقطعون به عن عصمته و ينتهون به الي المستحقين لعذابه و نقمته قالا فقلنا له فقد روي لنا ان عليا۷ لما نص عليه رسول الله۹ بالامامة عرض الله تعالي ولايته في السموات علي فئام و فئام من الملائكة فابوها فمسخهم الله ضفادع فقال۷ معاذ الله هؤلاء المكذبون لنا المفترون علينا الملائكة هم رسل الله فهم كساير انبيائه و رسله الي الخلق افيكون منهم الكفر بالله قلت لا قال فكذلك الملائكة ان شأن الملائكة لعظيم و ان خطبهم لجليل، و فيه عن علي بن محمد الجهم قال سمعت المأمون يسئل الرضا علي بن موسي۸ عما يرويه الناس من امر الزهرة و انها كانت امرأة فتن بها هاروت و ماروت و ما ترويه من امر سهيل و انه كان عشارا باليمن فقال الرضا۷ كذبوا في قولهم انهما كوكبان الي ان قال۷ و اما هاروت و ماروت فكانا ملكين علما الناس السحر ليحترزوا به من سحر السحرة و يبطلوا به كيدهم و ما علما احدا من ذلك شيئا الا قالا له انما نحن فتنة فلاتكفر فكفر قوم باستعمالهم لما امروا بالاحتراز منه و جعلوا يفرقون بما تعلّموه بين المرء و زوجه قال الله تعالي فيهم و ما هم بضارين به من احد الا باذن الله يعني بعلمه انتهي. و فيما ذكرنا من هذه الاخبار كفاية لاولي الابصار و ما ورد في الاخبار في غير هذا المعني فهو محمول علي التقية و هو موافق لمذهب العامة و اما ما ذكره الملامحسن في الصافي في قصة هاروت
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۴ *»
و ماروت من التأويلات البعيدة و التوجيهات السخيفة و زعم انها طريق الجمع بين الاخبار فكلام خارج عن الاعتبار لايلتفت اليه اولوا الابصار.
و اما ماذكرت سددك الله و ايدك ان الملائكة رتبة تحت الجان فلاتمكن عصمتهم و الا لزم عصمة الجان و الانسان لبطلان الطفرة فجوابه ان عصمة الملائكة ليست لقوة الاختيار فان جهة الظلمة فيهم ضعيفة جدا و لهم دائما وجه واحد فلايتجاوزونه بخلاف الانس و الجن فان جهتي النور و الظلمة فيهم قويتان تظهران آثارهما باستخدام القوي و الآلات و الجوارح و لا كذلك الملئكة اذ ليس لهم الا جهة واحدة و لذا كانوا ناقصين لايحتملون الكمال علي ما روي عنهم: فعصمتهم لضعف كينونتهم اي ضعف قوة المعصية فيهم كالعنين الذي ليست له قوة الجماع و لا شهوته لا لانهم مجبورون مضطرون بل فيهم الاختيار لكنه ضعيف بالنسبة الي المعصية لقلة الظلمانية في حقايقهم و عصمة الانبياء و الائمة: لقوة اختيارهم و شدة اختيارهم بحيث ازاحوا الظلمة و اناروا بتسديد الله سبحانه السريرة و الطويلة و الفطرة فلايعصون ابدا و اما ساير الخلق من الجن و الانس فلما لميكونوا في القوة مثل الانبياء: و لا في ضعف جهة الظلمة و قلتها مثل الملائكة فتظهر منهم المعاصي و السيئات فلاتدل عصمتهم علي قوتهم في الرتبة و لا عصيان غيرهم علي نقصانهم اذ جهات العصمة و عللها مختلفة فعصمة الملائكة لنقصان تركيبهم و هذا لا كمال فيه و عصمة الانبياء لقوته و شدته و كثرة العناية في الشريعة العملية و هذا هو الكمال الذي لايدانيه كمال و الجمال الذي لايساويه جمال نعم نوع الملك لطهارتهم و نورانيتهم و كونهم محل العناية و حاملي الارادة الالهية اشرف من نوع الانس و الجن و لذا كانوا مؤثرين فيهم و مقدمين في الذكر اذا ذكروا معهم كالحروف العاملة في الفعل و الكلام مع تأخر رتبتها عنهما اجماعا من اهل اللغة بل العقلاء باجمعهم فافهم و علي من يفهم الكلام السلام نعم قد يصدر من الملائكة احيانا نادرا ترك الاولي من جهة ما فيهم من الاختيار الضعيف و الانية لاجل بعض المرجحات الخارجية كما وقع لفطرس و
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۵ *»
الملائكة الذي اعترضوا علي الله سبحانه و قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء ثم تابوا بالاقتران بمعين خارجي و باللواذ بباب رحمة ذاتية حقيقية كلواذ الملائكة بالعرش و لواذ فطرس بالحسين۷ و ذلك لحكمة ربانية الهية سبقت المشية بها و نفذت الكلمة بها و مثل هذا لايعد معصية بخلاف الجن و الانس و اما الحديث المروي في البحار عن الباقر۷ في امر ذلك الملك الذي عجب بعد ما خلق السموات و الارض فاحرقه الله تعالي بما خلق لما اندخله العجب ان صح فمحمول و مأول قال تعالي ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و قال ايضا عز و جل الشمس و القمر بحسبان قال۷ علي ما رواه القمي في تفسيره و عبره في عبره ان الشمس الاول و القمر الثاني و حسبان طبقة من طبقات جهنم فافهم.
قال سلمه الله تعالي: المسئلة الثانية ـ انه بعد فناء هذا العالم و خراب الدنيا اي النفخ الثاني و قيام القيامة الكبري هل يكون في دار التكليف ايضا مكلف موجود متأصل مستقل ذو شئون و اطوار مثل هذا المكلفين لهم ايضا عقل و نفس و شعور و ادراك و نبي و امام و جنة و نار غير هذا بالجملة عالم غير هذا العالم جواهرها و اعراضها بل كل السلسلة الطولية و العرضية ام لا بل كلما يأتي و يكون بعد القيمة من فروع المكلفين و توابعهم مثل خلق الواحد منهم الف حورية و الف اولاد بل كل مايتخيل الحاصل هل يكون اساس غير هذا الاساس من اول ما صدر الي آخر ما نزل او كلما يكون من توابع بواطن هذا العالم و توابعه و يترقي و يتنزل كل شئ في رتبته و ينفصل المخروطين (كذا) كل عن صاحبه و يلحق كل باصله النور في سلسلته و الظلمة في سلسلتها كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما.
اقول قد روي الصدوق (ره) في آخر كتاب الخصال عن جابر عن ابيجعفر۷ في تفسير قوله تعالي افعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد ان الله تعالي اذا افني الخلق و احياهم و حشرهم و ادخل اهل الجنة الجنة و اهل النار النار يخلق في هذه الدنيا خلقا من غير فحولة و لا اناث
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۶ *»
يعبدون الله و يوحدونه ثم قال۷ يا جابر اتري ان الله سبحانه خلق عالما واحدا و آدم واحدا بل خلق الف الف عالم و الف الف آدم انتم في آخر تلك العوالم و اولئك الآدميين نقلت الحديث بالمعني و الذي يظهر لي ان هذا الخلق ليسوا خلقا مستقلا غير مرتبط بهذا العالم فان تدبير الله سبحانه لايختلف و انما هو علي نظم واحد قال تعالي ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و قال عزوجل و ما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر فلا تباين في الصنع و التدبير و ذلك تقدير العليم الخبير و ليسوا من بواطن هذا العالم كما يشير اليه كلام جنابك لان الطفرة في الوجود باطلة و الاخس لايتقدم الاشرف و قد تقدم القوس الصعودي فالرجوع الي هذه الدنيا فلايصح من العالم الاعلي نزول و ادبار بعد ما بلغوا مقام الصعود بعد النزول و قد قام البرهان علي امتناعه و نطق القرآن علي بطلانه فاذن لايصح انيكون المتجدد بعد خراب العالم من بواطنه فيجب انيكون من قشوره و ظواهره و يجب انيكون اضعف من هذا العالم بنية و تحققا و وجودا و شرفا و مكانة و نحن نري بالعيان ان الفواضل و القشور اذا تعفنت و نضجت و صلحت كانت مادة تكون حيوان من البهائم و الحشرات كالفارة و امثالها فافهم ضرب المثل فان الله تعالي يقول و يضرب الله الامثال للناس، و مايعقلها الا العالمون و لذا قال۷ من غير فحولة و لا اناث مثل حكم حور النابتات و بنات جزاير الواق واق هؤلاء مكلفون لهم دين و كتاب و شريعة و حامل شريعتهم من قبل نبينا۹ اما من وراء حجاب كما كان الامر كذلك من بدو ظهور آدم علي محمد و آله و۷ او بغير حجاب و الاول اقرب الي الحق و اولي بالصواب و يؤيده قوله۷ انتم في آخر تلك العوالم و اولئك الآدميين.
و اما ان لهم عقلا و نفسا الي آخر المراتب فنعم لان هذه المراتب مما اقتضته حكمة الايجاد بسر الانوجاد و ان اختلفت محالها و مواقعها باللطافة و الكثافة و القوة و الضعف و النورانية و الظلمانية و اما سر التسبيح باجتماع الكيان مع الكيفيات لتحقق الكمال و بلوغ الوصال و ظهور الآمال فمما لابد من الجعل
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۷ *»
في الخلق الاول و الثاني و قد ذكرنا وجه حصر العوالم في السلسلة العرضية في الثمانية و هي الفؤاد (۱) و العقل (۲) و الروح (۳) و النفس (۴) و الطبيعة (۵) و المادة (۶) و المثال (۷) و الجسم (۸) في جواب مسائل الملا حسينعلي الرشتي فان ما فيها غنية للطالب و كذلك الحكم في الجنة و النار و الثواب و العقاب و كذلك الحكم بعدهم و بعدهم و بعدهم الي ما لانهاية له فان فيض الله لاينقطع و حكم الله لاينفد و وجه الله لايفني و المقامات لاتعطيل لها في كل مكان و من دخل الوجود امن من العدم نعم تعتور عليه الاحوال بكسر و صوغ لجري حكم الاسباب لينال نصيبه من الكتاب و يري الامر واضحا مرتفع الحجاب مكشوف النقاب ان ذلك لذكري لاولي الالباب.
و اما حكم الخلط و اللطخ و التمييز ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة فمما لابد منه في كل تكليف في كل عالم الا انه في كل عالم علي حسب مقامه و مرتبته خصوصا في عالم القشور و استتار النور و ذكر الغيور و ذلك ظاهر واضح انشاءالله تعالي.
قال سلمه الله تعالي: المسئلة الثالثة– هل الفعل اشرف و اكرم ام المقامات و اسم الفاعل فبناء علي اشرفية اسم الفاعل كما ينقلون عن الشيخ المرحوم اعلي الله مقامه و رزقني الله ادراك كلماته حيث كان يقول الفعل اقرب و ذاك اكرم فما وجه اشرفيته و اكرميته فانه لاشك ان الاشرفية و الاكرمية هناك ليس الا بالقرب كالاشعة فلايمكن تعقل اشرفية الوسط عن المتصل القريب بالسراج كما هو المعلوم.
اقول قد دلت الادلة القطعية من العقلية و النقلية ان عالم الالفاظ و الكلمات و الحروف علي طبق المعاني و الذوات و الصفات و الحقايق و قد افردنا لها رسالة علي حدة فاذن لاشك و لا ريب ان اسم الفاعل مشتق من المصدر المشتق من الفعل و المشتق فرع من المشتق منه اجماعا فاسم الفاعل فرع للفعل فكيف يداني الفرع من الاصل فضلا عن المساواة فضلا عن الافضلية و الاكرمية مع ان الفعل هو الاصل في العمل و التأثير و اسم الفاعل هو
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۸ *»
الاصل في الانفعال و المعمولية و لكنه قد طرءته العاملية لاجل المناسبة و المشابهة للفعل فاذا كان كذلك فكيف يصح القول باشرفية اسم الفاعل ان هذا الا زور و بهتان.
و اما المنسوب الي مولانا و استادنا اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه فهو بمحل من قبول الا ان القائل مافهم مراده و لارام مرامه و اين هو منهم و اين الثريا من يد المتناول و الذي قال اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه هو المأخوذ من الحديث الشريف ان روح القدس اقرب الخلق الي الله و ليس باكرمهم عليه هـ ، و المراد من روح القدس هو العقل الكلي و لاشك انه اول ما خلق الله و اقرب الخلق الي الله و اما الاكرمية و الاشرفية فلا لان الجامع المطلق الذي هو العاقل لا شك انه اشرف من العقل الكلي لانه بشرافته مرتبة من مراتب العاقل فله شرافته و زيادة و الكل لاشك انه اكرم و اشرف و اعلي من الجزء لاشتماله علي الكل و حيازته شرافة الكل و هذا انما يتم في الجزء و الكل و الجامع و ذو الرتبة الواحدة و اما الشعاع و المنير و العلة و المعلول و الاثر و المؤثر فلايتم ذلك ابدا و ان كان الشعاع كلا جامعا في رتبته فلايساوي الجزء في رتبة المنير و لايدانيه ايضا ابدا و الاسم الفاعل فرع للمصدر و المصدر شعاع و اثر للفعل فكيف يكون افضل منه و ان كان فيه ذكر الذات فانا قد بينا بالبراهين القاطعة ان الذات المعتبرة في المشتقات امثال و آيات و حكايات و ظهورات للذات لا نفس الذات الا ان الظهور لما كان مضمحلا عند الظاهر بالظهور و هو عند الذات فلاينصرف الذهن عند سماع اللفظ الا الي الذات و لذا قلنا في تعريف اسم الفاعل انه حكاية الفعل للمفعول المطلق عدم استقلالية نفسه فهو في الحقيقة اثر للفعل و لذا كانت اسماء الفاعلين من صفات الافعال لا صفات الذات كالقائم و القاعد و الآكل و الشارب و امثالها.
و اما المقامات المشار اليها في كلام مولانا تغمده الله برحمته فهي مركبة من الفعل و التعلق بالمفعول المطلق في مقام الوجود المطلق لا الوجود المقيد في اعتبار مخلوقيته فان الامام الصادق۷ قال خلق الله الاشياء بالمشية و
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۲۹ *»
خلق المشية بنفسها فلما اعتبرت مخلوقية المشية فلابد من اعتبار تعلق فعل عليها بضرورة استحالة تحقق المفعول بدون الفعل و لما لميكن فعل غيرها كان ذلك منها و من رتبتها فتكون النسبة بينهما نسبة الكل الي الجزء اذ لايجوز انتكون النسبة في هذا المقام نسبة الشعاع الي المنير لعدم مذكورية الشعاع في رتبة ذات المنير و المقصود هنا ايجاد الفعل نفسه و اعتبار المفعولية في نفسه بجميع مراتبها و مقاماتها فان الايجاد يستلزم الكثرة علي النهج المقرر في العالم الاكبر فيكون عالم الوجود المطلق عالما برأسه يعتبر فيه جميع ما يعتبر في غيره الا انه علي جهة الوحدة و البساطة و عدم الاختلاف و الكثرة فاسم الفاعل الذي هو المقامات التي هي اشرف من الفعل هو في هذا المقام في كينونة الفعل بنفسه و هي التي لاتعطيل لها في كل مكان من عوالم الامكان علي وجه الحقيقة فان ماسواها و ان كان لاتعطيل له في كل مكان لكن الكلية جزئية و النسبة اضافية فهذا مراد شيخنا اعلا الله مقامه من اشرفية المقامات علي الفعل و اقربية الفعل بالنسبة اليها فانه ح تكون نسبة الجزء الي الكل و نسبة العقل الي المرتبة الجامعة و الدليل علي ماذكرنا موجود في كلامه اعلا الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه فانه ذكر في جواب مسئلة اشتراك الوجود نسبة الفعل الي اسم الفاعل و قال ان نسبته اليه نسبة السراج الي الاشعة و نسبة المقابل الي الصورة المرئية في المرآة فعرفنا ان عنده ان اسم الفاعل شعاع للفعل و نور له يحكي الذات به عنه فطابق هذا الكلام ما عليه علماء اللغة بجميع فنونها من اشتقاق اسم الفاعل عن الفعل و مبدئية الفعل له و عمل الفعل فيه و قال ايضا في شرح الفوائد في مسئلة الوجود المطلق و ذكر اسمائه و ان منها الحقيقة المحمدية و ذكر فيه ان اسم الفاعل مركب من الفعل و اثره فعرفنا ان هذا الاسم الفاعل ليس مباينا للفعل و لا شبحا منفصلا عنه لاطباق العقول و تصريحه اعلا الله شأنه ان الشئ لايتركب من نفسه و اثره كما في الفوايد في مبحث الجعل فاذا فيكون هذا الاثر هو الاثر المتصل و هو من سنخ الفعل و حقيقته و تنزل مرتبته كالعقل من الفؤاد فعلي هذا تكون هذه المقامات اشرف من الفعل لانها جامعة له و لغيره و ان كان
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۳۰ *»
الفعل وحده اقرب فان الفعل بشرافة قربه موجود فيه مع شئ زايد فتكون جامعة لشرافته و شرافته غيره فذو الشرفين اشرف من ذي شرف واحد هذا مراده اعلا الله مقامه فيما افاده فافهم و ادرك كلامه فانه ليس مشرعة لكل خائض و لا منهلا لكل وارد بلغنا و اياك التوفيق و سقانا الله و اياك من رحيق التحقيق.
قال سلمه الله تعالي: المسئلة الرابعة ـ انه بناء علي ما قررتم في مسئلة الحركة الجوهرية من ان الذاهب عين العائد و العائد عين الذاهب كالنهر المستدير كيف يمكن انتصدر الحركة لان الحركة علي ما قرروه في محله هي توسط الشئ بين المبدء و المنتهي او مايحصل من هذا السبب استمرار ذاته و اختلاف نسبه الي حدود المسافة كما عرفه الملا محسن في عين اليقين فبناء علي هذا لا معني للحركة في الحركة الوضعية اذ ليس فيها مبدء و لا منتهي خصوصا علي ما قررتم في محله بعدم جواز الترقي في الطول بل باعتبار في العرض ايضا لان العقل و النفس و ساير المراتب لاتترقي عن مرتبتها بالبديهة سلمنا الترقي في العرض لكن اذا لميكن في الطول فلا معني للحركة بل هو عين السكون لان كل شئ في مقامه و مرتبته لايصعد و لاينزل و ما منا الا له مقام معلوم لا ابتداء و لا نهاية.
اقول هذا آخر مسائله بلغه الله منتهي امله و ماذكره من تعريف الحركة ما ادري هل المجموع تعريف واحد او تعريفان و علي اي تقدير فلايعقل عليه و لايركن عند التحقيق لديه فان توسط الشئ بين المبدء و المنتهي ان اراد بالشئ الحركة كان دورا و تعريفا للشئ بنفسه و ان اراد به المطلق يلزم ان لايوجد الا الحركة اذ كلما دخل في الوجود من الجواهر و الاعراض و الذوات و الصفات متوسطة بين المبدء و المنتهي علي فرض حدوث الاشياء و مبدء كل شئ كمنتهاه بحسب ذلك الشئ من النهاية و اللانهاية و الغير المتناهي متناه عند مبدئه و خالقه فان قيل ان الحركة هي التوسط لا المتوسط قلنا يلزم انتكون الاشياء كلها متحركة و عندهم ان الحركة لاتقع الا في مقولات اربع الكم و
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۳۱ *»
الكيف و الاين و الوضع و جعل بعضهم الجوهر و الاشياء منحصرة في هذه المقولات و الجوهر و يلزم انيكون السكون ايضا متحركا لانه متوسط بين المبدء و المنتهي اي ايجاده و انوجاده فمبدئه في ذاته لا في ذات علته و كذا قوله استمرار ذاته و اختلاف نسبه فانه لايتم الا في الحركة في الاعراض و اما في الجوهر فلايتم ذلك لعدم استمرار الذات هناك و الحاصل ان هذا كلام لا محصل له الا انيقيد بقيود كثيرة لايناسبها مقام التعريف و علي فرض التسليم لايرد النقص بالحركة الوضعية لان لها مبدء و منتهي فان المبدء اما انيراد مبدء الحركة او ذات الشئ او علته فان كان مبدء الحركة فهو بعد ايجاده و خلقه كما ان الافلاك خلقها الله تعالي حين كان طالع الدنيا السرطان و الكواكب في اشرافها فتكون الشمس في الرابع في كبد السماء وقت الظهر و كان النهار مقدما علي الليل كما نص عليه تعالي بقوله و لا الليل سابق النهار ثم تحركت الافلاك بالحركة الوضعية فغابت الشمس و جاء الليل ثم جعل الحساب من الليل فصار الليل مقدما علي النهار كما هو المتعارف الآن و ذلك في النزول الصعودي و ذلك مبدء الحركات الوضعية الفلكيه و اما منتهاها فبين النفختين بعد الاولي نفخة الصعق فتبطل الحركات و تسكن الموجودات من الذوات و الصفات و تندك الافلاك و تنفطر و تتغير النجوم و تنتثر فيبقي بلاحركة الي انقضاء اربعمائة عام و ذلك بتقدير العزيز العلام و الا فليس هناك حركة حتي تعرف مقادير الزمان ثم يجدد الله سبحانه الخلق و يحيي الافلاك فيأخذ في الحركة فتستدير علي وجه مبدئها شائقة لقاء ربها و مصفاة عن جميع العوارض المانعة لها و لما لميمكن الوصول فليس لتلك الحركات فتور و غايتها الوصال فلاتزال لاجله هائمة ازل الآزال فلانهاية لحركتها و لا وقوف لمشيها و طلبها فالمنتهي دائما في نظرها و تتحرك اليه فاذا وصلت سكنت و اني لها الوصول كما تري في الحركة الاينية مثلا اذا كان لشخص مطلوب لايصل اليه و هو يظن الوصول فلايزال يتحرك اليه من غير فتور و لايسكن حتي ينفخ في الصور فافهم.
فالنهاية الفعلية غير معتبرة في الحركة نعم يجب اعتبارها للمتحرك و الا
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۳۲ *»
امتنعت الحركة و لذا تري الغني بالذات عن كلما عداه لا حركة له و لا سكون و ان كان المراد بالمبدء الذات و العلة فاثبات الابتداء و الانتهاء للمتحرك اوضح شئ في الكون و الوجود و كذلك القول في الحركات الدهرية المجردة التي للعقول و النفوس كلها استدارات ذاتية حقيقية لها مبدء و منتهي بالوجوه الثلثة كما عرفت في الافلاك فان عالم الغيب علي طبق عالم الشهادة حرفا بحرف كما قال مولانا الرضا۷ قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا و الدواير الوجودية و الحركات الجوهرية الذاتية تبتدئ من مبدئها الذي هو الفعل و المشية و تنتهي اليها و لاتزال بايادي فقرها طارقة باب غني مبدئها و هو يفيض اليها من خزائن جوده و كرمه كل آن و دقيقة فلا نفاد للفيض و لا وقوف للطلب فلاسكون اذن للحركة و كلما يأتي اليه من فوارة الفيض يصاغ ذاته بعد كسرها مع ذلك المدد ثم يأتي آخر فيكسر و يصاغ كذلك و لما جري التقدير الالهي انيكون لكل فيض نازل من سماء الجود و المشية اقبال و ادبار و صعود و نزول فلاجرم اذا نزل ذلك الفيض من بحر الابداع و الاختراع و تخصص بالشئ حين تخصص بالقيودات المشخصة نزل من عوالمه العلوية الي عوالمه السفلية فيصعد اليه ما كان قد نزل عنه فدائما يذهب منه شئ و يأتي اليه آخر بدله و يعود الذاهب علي ما هو عليه مصاحبا للمدد الجديد لا وحده بعين ما ذهب و لايلزم التغير الموجب لانقلاب الحقيقة المستدعي لرفع الثواب و العقاب بل الحقيقة علي ما هي عليه مع زيادة كالطفل الذي يكبر و ينمو شيئا فشيئا اذ ليس النمو مغيرا لحقيقة علي ما هي عليه مع زيادة كالطفل الذي يكبر و ينمو شيئا فشيئا اذ ليس النمو مغيرا لحقيقته نعم ذلك يستلزم الكسر و الصوغ و هما المعبر عنهما بالحركة و السكون فالقول بانقطاع المدد قول بان يد الله مغلولة و القول باستغناء الخلق عند المدد قول بقدم الاشياء و وجوبها و القول بالاستغناء في المادة و الصورة و الافتقار في الحفظ و البقاء قول باجتماع الحدوث و القدم و سلب للكمال المطلق للغني المطلق و اليه يشير في التأويل قوله تعالي افعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد فافهم.
و اما القول بعدم الترقي في الطول فحق لا شك فيه و لا ريب يعتريه و الا
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۳۳ *»
لانقلبت الحقايق و جاز الصعود الي مقام الوجوب و لايقول به عاقل.
و اما استلزام ذلك السكون و عدم الحركة فممنوع فان الحركة انما تقع للطلب فيما يمكن الوصول اليه لا فيما لايمكن و قد قلنا ان الحركة استمداد الحادث بفقره من مبدئه و مدد كل شئ يصل اليه مما هو في مقامه و مرتبته فهو يتحرك الي نحو مبدئه لاستمداده و ذلك ابد الابد و دهر السرمد فدائما يحصل له مقام لميكن قبل ذلك و يترقي في رتبته كالحجر الذي يترقي الي انيصير اكسيرا فعالا و مؤثرا فيما سواه من المعادن و الفلزات ثم لايزال يتحرك في مراتب القوة و الشدة و زيادة التأثير الي ما لانهاية له و لانعني بالحركة الا هذا لا ان الشئ بالحركة يخرج عن مركزه و يلحق بالاصل الاعلي فان ذلك محال و ما منا الا له مقام معلوم و انا لنحن الصافون فلايلحق النفس بالعقل ابدا بالحركة نعم يتحرك النفس من مقام ذلها طالبة لمقام كمالها فتتحرك من مقام النفس الامارة الي الملهمة و منها الي اللوامة و منها الي المطمئنة و منها الي الراضية و منها الي المرضية و منها الي الكاملة و منها الي المراتب الكمال في القوة و الشدة الي ما لانهاية له و هذا معني الحركة و كذلك العقل يتحرك من العقل المنخفض الي العقل المستوي و من المستوي الي المرتفع و منه الي ما لانهاية له من المراتب و المتحرك في مقام العقل صاعدا نازلا جوهرة بسيطة نورانية يحصل لها مراتب بحسب سعيها و حركتها اما في المراتب السافلة او في المقامات العالية و ذلك النور الساري هو المتحرك المترقي قال تعالي و لكل درجات مما عملوا و كذلك في مقام النفس هي جوهرة بسيطة بالحركة تحصل مراتب و مقامات و تلك المراتب ايضا لها حركات ذاتية الي شئونها و مطالبها و هكذا الي ما لانهاية له في اطوار الجنة و مقاماتها و مايضاعف لكل مؤمن في كل جمعة و الحركة لاتقع الا في ما يمكن للشئ الطلب لا فيما لايمكن و السكون لايكون الا فيما يقع فيه الحركة و لذا لايجوز لله تعالي انيقال له انه ساكن لانه لايجوز انيقال له انه متحرك فالشئ في رتبة العلة لاذكر له ابدا فكيف تقع الحركة في السلسة الطولية و كذلك في العرضية الا بقلب الحقايق و ماجرت حكمة الله سبحانه في
«* جواهر الحكم جلد ۲ صفحه ۴۳۴ *»
العادة بذلك لوجوه له لايناسب هذه العجالة لذكرها و الاشياء تتحرك في حوزتها و تقرء حروف نفسها و لاتخرج عما هي عليه في ذاتها ذلك انتقول انها ساكنة و ما منا الا له مقام معلوم و لك انتقول انها متحركة و تري الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شئ و لذا جري السكون و الحركة في الاعراب اللفظية و السلام.
قد فرغ من تسويد هذه العجالة مع كمال اغتشاش البال و اختلال الاحوال منشيها في سلخ شهر محرم الحرام سنة ۱۲۴۳ حامدا مصليا مسلما مستغفرا.