02-13 جواهر الحکم المجلد الثانی ـ رسالة في جواب الآخوند الملا عبدالوهاب اللاهيجاني ـ مقابله

رسالة فی جواب الآخوند الملا عبد الوهاب اللاهیجی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 397 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و اله اجمعين الطيبين الطاهرين و لعن اللّه اعداءهم الي يوم الدين.

اما بعــد؛ فيقول العبد الفاني الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان المولي الاجل زبدة الاطياب الاخوند الملا عبدالوهاب اللاهيجاني اللنگرودي قد اتي بمسألتين و اراد جوابهما علي الاستعجال و انا في غاية تبلبل البال و اختلال الاحوال و لم‏يسعني الا اجابته اذ الزمت علي نفسي رعايته فكتبت له ما هو الميسور اذ لايسقط بالمعسور و قدجعلت كلامه متناً و جوابي كالشرح كما هو عادتي في اجوبة المسائل.

قــال ايده الله تعالي بعد البسملة: الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام علي محمد و اله الطاهرين المعصومين اما بعد سيدنا و ملاذنا (مولانا خ‌ل) و هادينا و محيي انفسنا و منقذنا من الهلكة و الشبهات و الجهل و الغفلات اريد من جنابكم و كريم بابكم جواب مسألتين قد صعبتا علي و ان‏تشرحهما لي شرحاً كافياً و تبينهما بياناً وافياً و توردني مورداً صافياً لااظمأ بعده و تفتح لي باباً ينفتح منه الف باب و ترفع بذلك غل صدري و ضيق قلبي و لااظن مثلك يخيب (تخيب خ‌ل) سائلاً و تطرد عن بابك بالخيبة و الخسران آملاً لكون رجائي فيك كاملاً.

المسألة الاولي انا اذا راجعنا الي انفسنا في وجداننا وجدناها تميل الي العمل و التقوي و تشتاق الي مجاورة العلماء و الاتقياء و الي الاعراض عن الدنيا و تحب مداومة الخيرات و الطاعات و المواظبة علي الاعمال الصالحات بحيث نستغرق فيها في كل الاوقات و علمنا ان كل ما تمنيه (ما نتمناه خ‌ل) (ما تمنيناه خ‌ل) مما ذكرنا محبوب لله تعالي و موافق لرضاه و الله سبحانه يعين علي كل خير و يوصل الي رضاه من يهواه و يستعين به و انه علي كل شي‏ء قدير فلم لايوصلنا الي المراد ممانتمناه في مستجنات الفؤاد و تقع منا المعاصي و السيئات و لسنا نرضي به و

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 398 *»

تغلب علينا الشهوات.

اقــول: اعلم ان الناس علي ثلثة اصناف صنف يحبون الخير و يعملون به و صنف لايحبون الخير و لايعملون به و ان‌ظهر منهم بعض اعمال الخير فانما هو لغرض من الاغراض الدنيوية و لايقصدون به التقرب الي الله سبحانه الذي بالانتساب اليه تتحقق الخيرات و لذا لايستحقون ثواباً (ثواباً و خ‌ل) مايستحقون به بعض المثوبات الفانية الزايلة فانما هو لتمكن حكم اللطخ فيهم من المؤمنين فيستنيرون به بالتبع قبل نزع ذلك اللباس و الخروج عن (من خ‌ل) ذلك الجلباب فعمل الخير حينئذ من احب الخير و الصنف الثالث يحبون الخير و يطلبونه و يتمنونه و لايعملون به اما الصنف الاول و الثاني فليس الكلام فيهما لان السؤال لم‏يقع عنهما و انما الكلام في الصنف الثالث لان السؤال انما وقع عنه فنقول ان الوجه و السر في محبة الخير و بغض الشر و عدم العمل بمقتضاهما احد امور ثلثة:

الاول ان تلك المحبة و العداوة لم‏تخرجا و لم‏تنشئا عن بصيرة و معرفة تامة و اطلاع كامل علي وقوع ذلك المحبوب و ترتب اثره عليه و كذلك المبغوض و ترتب اثره عليه و هذه المحبة انما نشأت عن السماع من الناس و الاباء و الامهات و مايري من ان العامل بتلك الاعمال محبوب و مرضي عند الناس و يسمع منهم انه مرضي عند الله كذلك و لم‏يرسخ في ذهنه معرفة الله و لا معرفة رسوله و اوليائه معرفة تامة كاملة بحيث يكون الغايب عنده كالشاهد و المخفي كالظاهر الاتري ان الرجل عرف و قطع ان النار تحرق و ان الماء تروي فلايجعل نفسه في النار و لااصبعه فيها ابداً ابداً و اذا عطش و لا مانع له شرب من الماء البارد قطعاً فلو انه عرف ان المعصية تؤثر فيه كما تؤثر النار بل اعظم و اعظم لما اجترأ علي الاقدام عليها كما لايجترأ (لم‌يجترأ خ‌ل) علي الاقدام علي النار و كذلك اذا عرف ان الطاعات تروي باطنه و تشفي غليل صدره اعظم من الماء لاقدم عليها و فعلها كمايقدم علي شرب الماء البارد و يبذل مجهوده في طلبه و تحصيله.

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 399 *»

فان قلت ان هذا الاقدام ليس للجهل و انما هو اعتماداً علي قدرة الله المعفو عنه في المعصية و لترويته (التروية خ‌ل) بغير تلك الطاعات بل بفضله قلت كذلك الامر في النار و الماء فان الله عزوجل قادر ان يمنع النار من احراقه كما منعها من احراق ابراهيم7 و يجعل له سبباً في التروي عن عطشه بغير الماء فلم لايعتمد علي معرفته هناك (هنا خ‌ل) و يعتمد عليها هناك و ما ذلك الا لما قلنا من الجهل هناك و العلم هنا و ان الله اجري سبحانه عادته ان‏يجري فعله علي حسب الاسباب و جعل الطاعات اسباباً للكمال و جعل المعاصي اسباباً للنقصان و الهلاك و ما ربك بظلام للعبيد و كيف عرف الله و عظمه من لم‏يجسر علي فعل المعاصي و الفواحش عند صبي مميز عاقل و ان لم‏يدرك الحلم فكيف يبادر بها عند العظيم الجبار القهار الناظر في احواله و اقواله و هلا ينزله منزلة الصبي المميز فانه (فلو انه خ‌ل) عرفه و عرف قهاريته و انه ناظر اليه (عليه خ ل) لحجزه ذلك عن ارتكاب المعصية (تلك المعصية خ‌ل) كما يحجز حضور غيره تعالي من اضعف عبيده عنها لذلك (و كذلك خ‌ل) الحكم فيما لو عرف رسول الله9 و الائمة الطاهرين انهم الشهداء علي الخلق و انهم اعين الله الناظرة و هكذا و علي هذا فقس باقي الاحكام مما لم‏نذكرها فان الاشارة الي كلها يطول بها الكلام فثبت ان محبته للطاعات و بغضه للسيئات لم تنشأ عن معرفة و بصيرة بحقايق (لحقايق خ‌ل) الطاعات و المعاصي و عظمة من يطاع و يعصي و هذه المحبة ليست قوية بحيث يهيج (تهيج خ‌ل) الالات و العضلات للتوجه الي جهة المحبوب و انما هي هوس و امنية تأتي و تذهب و اليهم الاشارة في قوله تعالي ليس بامانيكم و لا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به و عدم المعرفة ينشأ عن امرين احدهما عدم نضج البنية لضعف الكينونة و غلبة البلغم المعنوي و الظاهري بحيث لايؤثر فيها حرارة اشراق شمس المعرفة في فلك القدرة و لو زيدت الحرارة لاحترقت الكينونة فعلاجه باعانة الله تعالي و حسن تدبيره و تقديره ان‏تبقي البنية علي حالها و تشرق عليها شمس اسم الله القابض اولاً بحرارة لينة خفيفة كحرارة جناح الطائر و ثانياً بتشديدها كحرارة شمس الشتا و ثالثاً بتشديدها كحرارة

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 400 *»

شمس الصيف و رابعاً بتشديدها الي ان‏يصل (ان‌تصل خ‌ل) الي حرارة نار السبك فهنالك تنضج البنية و تصبر علي النار التي هي فعل الطاعات و ترك المعاصي و السيئات و هذا اذا كانت تلك المحبة الضعيفة دائمة و التوجه و التمني و الاقبال ابدياً فاذا انقطع الاقبال ازدادت الرطوبة و كثر البلغم و عاد الي ماكان اولاً فعون الله تعالي حينئذ ان‏يبقيه علي تلك الحالة و الا لاعدمه و ضيعه و بذلك ظلمه و جبره و ما ربك بظلام للعبيد و ثانيهما اغتشاش حواسه و اضطراب قلبه فلايسكن و لايستقر فيه نور المعرفة انظر الي المرءاة المتحركة الغير القارة هل تستقر (يستقر خ‌ل) فيها شي‏ء من صفة المقابل و علاجه بعون الله ان‏يجمع قلبه و يتوجه الي ربه فيفيض الحق سبحانه في قلبه نور المعرفة حتي يتهيج الاعضاء و العضلات و تتقوي الي طاعة الله سبحانه و عبادته و اجتناب معاصيه و سيئاته فلو انه تعالي اجبره علي سكون القلب و علي فعل الطاعات لمااستحق ثواباً و هو خلاف مايتمني العبد من ربه و ذلك ظاهر.

الثاني ضعف بنية القلب و تسلط الامراض المعنوية علي العبد بحيث يعجز عن اظهار متمناه و مأموله و محبوبه فان الباطن علي طبق الظاهر و الظاهر علي مثال الباطن و قدقال مولينا الرضا7 قدعلم اولوا الالباب ان ما هنالك لايعلم الاّ بماهيهنا فكما ان بنية الجسد تمرض و تفسد و تصح لاجل الاغذية و الادوية الجسمانية و الجسدانية كذلك بنية الروح تمرض و تفسد و تصح لاجل الاغذية و الادوية الروحانية و هي الاعمال الصالحة و الطالحة و الخطورات و الاعتقادات الحقة و الباطلة و امثالها من الاحوال و الاقوال و الحركات و السكنات فكما ان بنية الجسد اذا مرضت و ضعفت لم‏يقدر علي النهوض الي ماهو صلاحه و خيره في اكتساب معيشته و ان كان يقطع علي ان نفعه في النهوض البتة و كذلك اذا عاقبه عدو لايقدر من ضعفه ان‏يهرب عنه فيؤذيه فيتأذي و لايقدر دفعه مع معرفته بعدوه و ان علاجه الهرب و المقابلة و المقاتلة لكن المرض اعجزه و اقعده عن ذلك و كذلك الانسان اذا عمل المعصية و اشتغل بالملاهي و الالتفات الي السوي تتمكن (يتمكن خ‌ل) منه

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 401 *»

الشيطان لتفسد (فتفسد خ‌ل) بنيته و تضمحل طبيعته و بقي كسلاناً عن فعل الطاعات و ترك المعاصي و لايقدر لضعفه عن النهوض في الطاعة فاذا اطاع ايضاً طاعة لايلتذ منها و لايستأنس بها كالمريض الذي لايتهنأ بطعام و لايلتذ بشراب الاتري انه اذا عصي معصيته (معصية خ‌ل) كيف يتأثر و يتألم كالمريض الذي قصدته عقرب و لايقدر علي النهوض الي الفرار فتصل اليه و تلدغه (تلذعه خ‌ل) ثم بعد ذلك يصح (يصيح خ‌ل) و يبكي فاذا رأيت الرجل يتألم (يتألم و يتأثر خ‌ل) عن فعل المعصية فاعلم انه بعد حي و اذا لم‏يتألم (لم‌يتأثر خ‌ل) فاعلم انه ميت كالميت الظاهري الذي لايتألم بلدغ الحية و العقرب ظاهراً و هولاء علاجهم الحمية و استعمال الادوية المنضجة اولاً ثم المسهلة ثم المقوية علي مافصلنا في اجوبة مسائل جناب السيد الامجد (امجد خ‌ل) علي الطبيب الهندي فمن اراد الاطلاع الكامل البالغ فليراجع هناك و الله سبحانه يعينه الي الوصول الي المطلوب بالحمية و استعمال تلك الادوية كمايعين المرض الظاهري بها للوصول الي الصحة الظاهرية التي هي الخير فلو فعل بغير ذلك خالف مااقتضته مشيته (المشية خ‌ل) الحتمية و فيه فساد الكون و الخلق و حينئذ لم‏يحسن الايجاد فافهم.

الثالث عدم الالتفات كماينبغي مع تحقق المعرفة و حصول الصحة فان الدنيا الان قبل ان‏يظهر مولانا و سيدنا القائم عجل الله فرجه في فصل الشتاء و تكثر الثلوج و الامطار المعنوية التي هي عبارة عن الميولات الباطلة الي السوءي (السوي خ‌ل) و الي ما لايحب الله سبحانه فاذا تكثرت (كثرت خ‌ل) الامطار و تزاحمت برودة الاغيار لابد من الالتجاء الي النار و الي اللباس (اللباس الكثيرة خ‌ل) الدافية و الجلوس في الحجرة المنسدة الابواب و المسامات لكي لاتتضرر من تلك البرودة (البرودات خ‌ل) فالنار هي محبة الله سبحانه و ذكره و التوجه اليه و اللباس هي لباس التقوي و غلظها تأكيدها و تثبيتها بذكر المواعظ و تذكر الغفلات و الحجرة هي بيت ولاية ال‏محمد صلي الله عليهم و هي اول بيت وضع للناس هدي و رحمة للعالمين فيه ايات بينات مقام ابرهيم و من دخله كان امناً فمادام هو ملاحظ تلك الامور التي ذكرناها فهو مشتاق الي الخيرات و عامل بالاعمال الصالحات

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 402 *»

و مناج لله تعالي بسر حقيقته في الخلوات فمهما غفل عن شي‏ء منها ضربته برودة كيد الشيطان ان‏يدعون من دونه الا اناثاً و ان يدعون الا شيطاناً مريداً فحينئذ علاجه الالتفات الي ماذكرنا فلو لم‏يلتفت و ادبر و جبره الله سبحانه علي الالتفات لما استحق شيئاً من الثواب بل ربما يستحق انواع العذاب و العقاب و هؤلاء الاصناف الثلاثة ممن اراد الله بهم الخير فيصلح شأنهم بمايريد من اختلاف الحالات لانه الطبيب الحبيب الشفيق المداوي لتلك النسمات و الكينونات فانظر في نفسك انك من اي هذه الثلثة فعالج نفسك بماذكرنا فان الله عزوجل يعينك في كل الحالات و محبتك للطاعة و عدم توفيقك لها من تلك المعالجات و سؤالك من الله توجهك الي جنابه بالعمل كما ان سؤال المريض للطبيب المعالجة عمله بقول طبيبه و استعماله ادويته و احتمائه عن كل مايضره و ينهاه الطبيب و الي التفصيل الذي ذكرنا وقع التصريح في كلام الامام مولينا ابي‏الحسن علي بن موسي الرضا8 عن ابائه عن اميرالمؤمنين: عن رسول‏اللّه9 قال قال الله عزوجل يا بني‏ادم كلكم ضال الا من هديت و كلكم عائل الا من اغنيت و كلكم هالك الا من انجيت فاسئلوني اكفكم و اهدكم سبيل رشدكم و ان عبادي (من عبادي خ‌ل) من لايصلحه الا الفقر ولو اغنيته لافسده ذلك و ان من عبادي من لايصلحه الا الغنا و لو افقرته لافسده ذلك و ان من عبادي من لايصلحه الا الصحة و لو امرضته لافسده ذلك و ان من عبادي من لايصلحه الا المرض و لو اصححت (صححت خ‌ل) جسمه لافسده ذلك و ان من عبادي لمن يجتهد في عبادتي و قيام الليل فالقي عليه النعاس نظراً مني اليه فيرقد حتي يصبح و يقوم حين يقوم و هو ماقت لنفسه زار عليها و لو خليت بينه و بين مايريد لدخله العجب بعمله ثم كان هلاكه في عجبه فلايتكلن العاملون باعمالهم و ان حسنت و لاييئس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم و ان كثرت لكن (و لكن خ‌ل) برحمتي فليبغوا و لفضلي فليرجوا و الي حسن نظري فليطمئنوا و ذلك اني ادبر عبادي بمايصلحهم و انا بهم لطيف خبير.

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 403 *»

قــال ايده الله (سلمه الله خ‌ل) تعالي: المسألة الثانية ان الله سبحانه امرنا بالدعاء في حوائجنا و مطالبنا كما قال تعالي ادعوني استجب لكم و كم دعونا و لم‏يستجب و لو في مظان الاجابة و اوقاتها و ايضاً قال7 ما معناه ان الله تعالي خلق الصحة و الداء و جعل لكل داء دواء و التداوي اما بالعقاقير علي ماهو المعروف عند الاطباء و اما بالادعية المطلقة و (او خ‌ل) المختصة المأثورة عنهم: كماورد في التربة الحسينية علي مشرفها و جده و ابيه و امه و اخيه و ابنائه الطاهرين الاف الثناء و التحية انها شفاء لكل داء و ان الدعاء تحت قبته الشريفة يستجاب و ان العسل شفاء لكل داء و امثالها في الاخبار كثيرة جداً اما التداوي بالادوية و العقاقير فيحصل اذا احسنوا التدبير و اما بالادعية فكثيراًما يتخلف و لايحصل بها المطلوب عموماً و خصوصاً ارجو منك بعون الله تعالي ان‏تبين لي حقايق هذه الامور و معانيها و ظواهرها و تأويلاتها و كيف السبيل الي تأثير الاذكار و الادعية و الاوراد و اسرارها و دقايقها و شرايطها و لو بالرمز.

اقــول: ان الله سبحانه امر بالدعاء و ضمن الاجابة و هو سبحانه لايخلف ضمانه و لا وعده و من اصدق من الله قيلاً الا ان الداعي له لسانان لسان الحال و الكينونة و لسان المقال فلسان الحال ماسألته الكينونة بلسان الاستعداد و القابليات و لسان المقال مايقوله باللسان الظاهري حسب مايختلجه من الحالات فان وافق لسان المقال لسان الحال فقد وصلت الطلبة الي الباب بسر الكينونة لبطلان الطفرة فان الفيض من المبدأ الحق سبحانه يصل الي الخلق بطور استحقاقهم من جهة الاشرف فالاشرف و كذلك يقرع انامل السؤال باب الرحمة بواسطة الاعلي فاذا كانت السلسلة كلها متصلة فتفتح الباب و يجري الفيض حسب القوابل من ذلك الجناب و ان لم‏يكن متصلة بل بعض الطبقات تخالف البعض الاخر و لماكان الاتصال للطبقة العليا يأتيها المدد علي حسبها بخلاف الطبقة السفلي فتكون تابعة للعليا فالاستجابة حينئذ للعليا لا لغيرها و الا لزمت الطفرة و لزم ان‏يستجاب دعاء و تحقق الخليقة بدون توسط الصفوة اهل بيت العصمة و الطهارة و الضرورة قضت ببطلانهما فضلاً عن تواتر الاخبار و

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 404 *»

الاثار و اجماع علماء (العلماء خ‌ل) الاخيار فاذا كان كذلك فاذا طابق اللسانان جاءت الاستجابة (الاستجابة في الان خ‌ل) و ان خالفها (خالفا خ‌ل) فالاستجابة للاعلي و الاسفل تابع مثاله المريض اذا كان مرضه من غلبة الصفراء و هيجان المواد الحارة فهو حينئذ اذا اشتهي المحموضات (الحموضات خ‌ل) و المبردات و المرطبات فالطبيب المداوي يجيبه بمايقول لتوافق اللسانين و رفع الخلاف عن البين و ان اشتهي العسل و التمر و ساير الحلويات فحينئذ خالف اللسانان فان بنيته و كينونته تقتضي و تطلب ضد مايطلب لسان المقال فيخيب اذن لسان المقال و يستجاب لسان الحال و قد لايتوافقان ابداً فلايستجاب كذلك و قديتوافقان في حين بعد زمان المسألة و لو بطويل (بتطويل خ‌ل) فيستجاب الثاني لموافقة الاول في ذلك الوقت و قد لايتوافقان في الدنيا و يتوافقان في العقبي فيستجاب هناك فافهم لقد فتحت لك باباً من العلم ينفتح منه الف باب و تجمع به بين الاخبار المختلفة الواردة في هذا الباب ان في ذلك لذكري لاولي الالباب و قد سئل مولينا الصادق7 و قيل له روحي فداه مابالنا ندعو فلايستجاب لنا قال7 لانكم تدعون من لاتعرفون فاول الشرايط المعرفة و كمال الاعتماد و عدم اضطراب القلب في كل باب قال تعالي و اذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي و لاشك ان الله سبحانه واحد فاذا توجهت اليه يجب ان‏تتوجه الي الواحد و لايتمحض لك هذا التوجه و الاقبال الا اذا نسيت كل شي‏ء سواك حتي نفسك و حاجتك فحينئذ عملت بمقتضي قوله تعالي ادعوني فاذا توجهت اليه للدعاء و انت ذاكر نفسك و حاجتك فما توجهت اليه و انما توجهت الي ثالث ثلثة و هو ليس برب سبحانه و تعالي عمايقولون و انت حينئذ تدعو غيره و تطمع ان الله يستجيب لك و ذلك لايكون ابداً الا ان الله عزوجل امر ان‏تدعوه و هو واحد و ان‏تؤمن به بالوحدانية و ان لا قادر علي قضاء حاجتك سواه و ان عظمت و جلت فانها عند الله ليست عظيمة و لا جليلة و لايخطر ببالك انه يخيبك لوثوق الظن به تعالي بل في تلك الحالة التي اشرت اليها لايبقي مجال لذكر

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 405 *»

الغير حتي يظن او يحتمل خلاف المراد لانه ذاهل عن نفسه فعن المراد و غيرها (غيره خ‌ل) بالطريق الاولي و من الشرايط الصلوة علي محمد و ال‏محمد صلي الله عليه و عليهم ظاهراً و باطناً و الباطن ملاحظة الاسماء الاربعة الله الرحمن البديع الباعث بان‏تتوجه الي الواحد بهذه الاسماء الاربعة ماحياً نظرك عنها و عن جهة مغايرتها (مغايرتها فافهم خ‌ل) و منها الخضوع و الخشوع و الاستكانة في حال الفرق و لاتكون ممن اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون و ذلتك و اقرارك بانه لا اله الا هو عملك بكل ماجاء به محمد9 مع الاخلاص التام بحيث تكون نفسك بيدك ان شئت محوتها و ان شئت اثبتتها (اثبتها خ‌ل) فمن وفق لتحصيل هذه الشرايط فيستجاب دعاؤه في ساعته و لايتأخر لانه الذي وافق لسان حاله لسان كينونته و اما التأخير في بعض الحالات مثل دعاء بعض الانبياء: كموسي و هرون و غيرهما و غيرهم من خواص الشيعة من المؤمنين الممتحنين فذلك علي حسب حال الداعي و مختاره فان كان اراد من الله عزوجل و طلب حتماً فانه تعالي لايخيبه و يجعل الاسباب مقتضية لوقوع المطلوب المسئول فانه تعالي سبب كل ذي‏سبب و مسبب الاسباب من غير سبب و الا فعلي مقتضي الحكمة العامة ربما يتأخر و لابد من وقوعه و قد قال بعض العارفين اشارة الي المقام الاول انا نترك مانريد لمايريد و هو يترك مايريد لمانريد انتهي و قد صدق رحمه الله تعالي.

و اما التداوي بالادوية و العقاقير فذلك لسر مااودع الله سبحانه فيها من المنفعة الخاصة حسب اقرارها بولاية اميرالمؤمنين7 و اعراضها عن ولاية المعاندين المشركين و لماكان اقرارها ليس عاماً في جميع مراتبها و مقاماتها بل فيها لطخ من شوب الانكار اما بالعرض او بالذات سرت فيها من تلك الجهة المضرة الخاصة بها فصارت تضر لشي‏ء و تنفع لاخر و تضر وحدها و تنفع اذا ركب معها غيرها و هكذا من انحاء التراكيب فيحتاج الي طبيب ماهر يعرف المرض و يلاحظ العشرة الخصال في المريض و يعرف

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 406 *»

مقدار مافي تلك العقاقير من المنفعة و المضرة و ذلك يحتاج الي بصيرة تامة ثم يداوي فتبرئ الاسقام ان وافقت مشية الله سبحانه و ان لم‏يكن في اللوح المحفوظ علي مقتضي الباطن التشريعي العملي مايوجب الظهور في العالم الجسمي الدنياوي لها معارض اقوي فيتقوي المرض حينئذ و لاتمنعه تلك العقاقير باذن اللطيف الخبير فافهم.

و اما التربة (التربتة الشريفة خ‌ل) الحسينية علي مشرفها و جده و ابيه و امه و اخيه و ابنائه الاف الثناء و التحية فهو (فهي خ‌ل) طيبة طاهرة منزهة و مصفاة عن جميع الكدورات و الكثافات التي تضر حين اندكت تلك الارض بنور من كان اندكاك جبل طور سيناء بنور جزء من سبعين الف جزء من مثقال الذر من نوره روحي فداه فلما تجلي عليها نور البهاء و العظمة و الكبرياء الظاهرة من اشراق جسد الحسين7 اذهب (ذهب خ‌ل) عنها جميع الاوساخ و الغرايب و بقيت كالاكسير الصافي المسقي بالسقيات الغير المتناهية بل الاكسير مثلها في النورانية و قوة الحرارة فصارت كلها شفاء و دواء لايتصور فيها جهة الدائية ابداً ابداً الا ان هذا التأثير بحيث لم‏يتخلف ابداً ابداً لمن عرف الحسين7 بالنورانية و علم قطعاً بانها شفاء (شفاءه خ‌ل) فلايحتاج الي غيرها مع الشرايط المقررة لحفظ مس شياطين الانس و الجن و الا فقد يتخلف و قد لايتخلف اذا كان اكله لتلك التربة المقدسة مقترنة بفتح باب من الابواب السماوية (من ابواب السماوات خ‌ل) و الالطاف الالهية فانها تعين علي دفع الموانع فيقع التأثير و الا فلا و كذلك القول في العسل فانه قبل ولاية اميرالمؤمنين و اولاده الطيبين الطاهرين: ظاهراً و باطناً و سراً و علانية حتي سري فيه سر المحبة فكان بذلك شفاء من كل افة و عاهة علي جهة الاطلاق لا كما ذهب اليه الصدوق; من انه شفاء الامراض (للامراض خ‌ل) الباردة كالافليج و القولنج و اللقوة و امثالها الا ان التأثير كما ذكرنا من انه انما يقع اذا تداوي به القلب الخالص المخلص في ولاية اهل البيت: كما (و غيره كما خ‌ل) ذكرنا في التربة الشريفة و اما الادعية المأثورة فانها اسم الله و ذكره و

 

«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 407 *»

لاشك انها شفاء من كل داء و هو قوله7 في الدعاء يا من اسمه دواء و ذكره شفاء و طاعته غني الا ان الدعاء كماذكرنا لابد له من التوجه و الاقبال و الطلب من الله ذي‏الجلال و الطلب من الله كما ذكرنا سابقاً لابد من التوجه الي الواحد الحقيقي و الاعراض عن كل ماعداه فاذا صدر الدعاء كذلك من العبد فقد بلغ محله و لابد ان‏يستجاب كماقلنا و الا فقد يستجاب اذا قارن فتح الابواب الغيبية او صعود دعاء مستجاب لعبد مؤمن صالح و امثال ذلك و اذا خلا عن ذلك فلايستجاب لعدم تحقق الدعوة و هو قوله روحي فداه (فداؤه خ‌ل) و عليه‌السلام لانكم تدعون من لاتعرفون انتهي (الخ خ‌ل) يا اخي اعلم ان الاعمال (و اعلم يا اخي ان الآمال خ‌ل) لاتنجح الا بالاقبال و الاقبال لايحصل الا باجتماع القلب و هو لايحصل الا بترك الهموم فلاتهتم لشي‏ء فاتك و اسأل الله ان‏يبلغك باحسن مما فاتك فانه ذو الفضل العظيم و المن الجسيم و هذه اشارة الي كل ماتريد و تطلب علي التفصيل بالاشارة و الله الهادي الموفق الي سواء الطريق و كتب هذه الكلمات منشيها يوم الثلاثاء خامس‏عشر شهر (من شهر خ‌ل) ذيحجة الحرام في سنة 1237 حامداً مصلياً مستغفراً.