رسالة جواب عبد الله بیک عن تسع عشرة مسألة
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 315 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين و صلّي اللّه علي خير خلقه محمّد و اله الطاهرين و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين.
اما بعـد؛ فيقول العبد الفقير الحقير الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان الاخ السديد و الولي الرشيد الزكي اللوذعي و اللبيب الالمعي الموفق بتأييد اللّه عبداللّه بيك ابن المكرم المعظم المقدم المفخم نصراللّه بيك وفقه اللّه لمراضيه و جعل مستقبل حاله خيراً من ماضيه و امدّه بمايحبّه و يرضيه قداتي بمسائل عويصة جليلة صعبة المنال بعيدة الوصال و هي بعدد قوي الواحد من قوله عزّوجلّ قل انما اعظكم بواحدة و قدجري ذلك علي مقتضي الفطرة الطيّبة (الطبيعية خل) و الطبيعة الصافية و اراد من الفقير جوابها و كشف نقابها و انا في غاية الاشتغال و تبلبل البال و تعارض الاحوال ولكنه لماكان اهلاً للجواب و طالباً للحق و الرشد و الصواب اجبت مسئوله ولكني متعذر من بسط المقال و شرح حقيقة الحال لما انا فيه من غاية الكلال و الملال و اتٍ بماهو الميسور لانه لايسقط بالمعسور و الي اللّه ترجع الامور.
قال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الاولي: ما التوحيد و ما ادلّته و مراتبه و اركانه.
اقــول: اعلم انه سئل مولينا الصادق7 عن التوحيد بعبارة مختصرة قال7التوحيد الاّتتوهمه انتهي و معني التوحيد انتنزّهه سبحانه عن كلّ شيء مستقل سواه و تري كلّما سواه اثار افعاله و ظهورات صفاته كماتري زيداً مع صفاته و افعاله و احواله من قيامه و قعوده و حركاته و سكناته و تجد كلّ هذه الافعال (الاحوال خل) فانية باطلة مضمحلة عند ذات زيد و لا قوام لها الاّ بها و كذلك الموجودات و الكائنات و المكونات و الامكانات كلّها بالنسبة الي فعله تعالي نسبة قيامك الي فعلك فلاتذكر معه كما اني اذا سألتك من في البيت تقول
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 316 *»
زيد و لاتقول زيد مع قعوده و حركته و كلامه و ساير احواله لانها لاتجتمع معه حتي تذكر عند ذكره و كذلك الخلق مع اللّه سبحانه فهو سبحانه واحد ابداً و لايذكر الخلق معه في رتبة ذاته و لا عند ظهور افعاله بل الخلق في مقامات الاثر و اني هو مع المؤثر و اين الثريا من يد المتناول و اين التراب و ربّ الارباب.
و اما ادلة التوحيد فهي موجودة في الافاق و في انفس الخلايق بل لاتجـد ذرة من ذرّات الوجود الاّ و هي ناطقة له بالتوحيد و التفريد كماقال مولينا الصادق7 :
فواعجبا كيف يعصي الاله | ام كيف يجحده الجاحد | |
و في كلّ شيء له اية | تدلّ علي انه واحد |
و اما دليل المجادلة بالتي هي احسن كماهو مراد جنابك فاعلم انه لو كان اله اخر لوجب انيكون في الازل اذ لا واسطة بين الازل و الامكان فاذا جعلت الازل ظرفاً يشملهما و يسعهما فكان محيطاً بهما و كان اوسع من كلّ منهما و كلّما هو محيط علي شيء و اوسع من شيء فلا شك انه اشرف و اعظم من ذلك الشيء فاذا ثبتت الاشرفية للاعلي بطلت الالوهية لهما فلايكونا (فلايكونان خل) الهين لوجود ماهو اشرف منهما و اوسع منهما فان قلت ليسا في الازل فكانا في الامكان فان قلت ان الازل عين حقيقة واحد منهما فتفرّد (/بالذات خل) بالازلية فيكون الاخر حادثاً في الامكان /و ان (فان خل) قلت ان الازل هو عين حقيقتهما قلت بماذا افترقا فان قلت بنفس الازلية قلت يلزم انيكون مابه الامتياز عين مابه الاشتراك و فيه تناقض بيّن لانهما اذا كانا متمايزين بالذات فلا معني للقول بالاشتراك في الازلية و لايكون هذا التمايز الذاتي الاّ انيكون احدهما فاقداً للازلية فيكون الفاقد ممكناً حادثاً و الواجد هو ربّاً قديماً و ان كان كلاهما واجدين للازلية فثبت الاشتراك فان فرضت الاثنينية و التمايز فيجب انيكون التمايز بامر اخر فيكون كلّ منهما مركباً من جهة الاشتراك و من جهة الامتياز و التركيب نقص لانه موقوف علي الاجزاء و محتاج اليها فاذا كان محتاجاً فيضطرّ الي اخر يسدّ فقره و يغني حاجته فلو كان ذلك ايضاً مركباً
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 317 *»
لاحتاج الي اخر فثبت ان الغني الذي يسدّ فقر كلّ فقير يجب ان لايكون مركباً فاذا بطل التركيب بطلت الاثنينية لانها مستلزمة له لامحالة اذا فرضتهما في رتبة واحدة و اما اذا كانا في رتبتين كالواجب و الممكن فلايلزم التركيب اذ امتياز كلّ واحد بنفس ذاته و معني ذلك انه لا اشتراك هناك حتي يحتاج الي التمييز (التميّز خل) و قداشتهر عندهم ما لا جنس له لا فصل له و ذلك معلوم بيّن ان شاء اللّه تعالي.
ثم ان طلب الدليل علي التوحيد عند فرض تصور الشريك و الاّ لكان الطلب غير معقول بالضرورة و انّي للممكن و تصور الواجب سيما علي جهة الامتياز لان كلّ شيء لايدرك ماوراء ذاته و حقيقته فلايدرك الاعلي منه الاّ بالاية و الدليل و اية العلة حقيقة ذات المعلول من حيث هي و ذات كلّ شيء من حيث هي واحدة وحدة حقيقية فلايتوجه بها الاّ الي الواحد و ليست في ذاته جهة اخري حتي يدرك بها القديم الاخر و يميّزه فاذا بطل ادراك الاله الاخر و تصوره بطل الاستدلال علي نفيه لان نفي الشيء فرع ادراك /فرض (زائد خل) ثبوته و هو في هذا المقام فرع تعدد حقيقة ذات كلّ شيء لان ادراك الواجب لايكون الاّ بوجه منه و ذلك لايكون في المراتب السافلة فوجب انيكون في اعلي المراتب و ليس اعلي من مقام ذات الشيء مقام و لا مرتبة فيكون ذلك وجهاً للواجب و اية و دليلاً لمعرفته حيث امتنعت معرفة كنه حقيقته تعالي فيتوجه اليه تعالي بذلك الوجه فلو كان (/له خل) اله اخر لوجب انيكون في الحقيقة و الذات تعدد ذاتي ليكون كلّ (/ذلك خل) وجهاً لمبدئه فيدركه به و لا تعدد في الذات لانك تجد نفسك و تلاحظها مع قطع النظر عن جميع الكثرات و الاضافات و القرانات فلو كانت ذاتك متعددة للزم ان لايمكن لك ادراك الوحدة لان المدارك كلّها ظهورات الحقيقة و الذات و شـئوناتها و اطوارها و هي انزل رتبة منها فاذا امتنعت الوحدة في الذات التي هي اعلي المقامات ففي المقامات السافلة بالطريق الاولي فيجب ان لايدرك الوحدة ابداً و لايمكن لاحد انيقول «انا» و انما يجب انيقول «نحن» لمافي ذاته من التعدد و اللوازم كلّها باطلة بالضرورة فبطل ادراك القديم
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 318 *»
الاخر بكلّ جهة فبطل طلب الدليل عليه اصلاً فيالحقيقة.
و قول اهل المنطق في تعريف الكلّي و الجزئي ان الكلّي ما لايمنع نفس تصوره عن وقوع الشركة فيه و الجزئي مايمنع نفس تصوره عن وقوعها و قالوا انما قيدنا نفس التصور لدخول مفهوم الواجب في الكلّي و خروجه عن الجزئي لان مفهوم الواجب لايمنع وقوع الشركة فيه من حيث نفسه و انما يمنع بدليل خارج قالوا و لولا ذلك لمااحتاج احد الي اثبات التوحيد و هذا القول فاسد لان المفهوم المدعي لايخلو اما انيكون مطابقاً للمصداق ام لا و الثاني لميكن مفهوماً و لا فائدة في الكلام فيه و الاول فهل عدم منعه عن الشركة صدق او كذب فان كان صدقاً كيف يبطل الدليل الخارجي و ان كان كذباً فهو فان قيل ان الدليل يمنع عن تحقق الافراد غير الفرد الواحد الذي هو الحقّ سبحانه فالواجب حقيقة كلية تصلح لافراد غير متناهية ولكنها امتنعت الاّ الواحد فطلب الدليل لاجل صلوح المفهوم الكلّي لكثرة الافراد و الدليل يكشف عما الواقع عليه قلت اذا جعلت الحق سبحانه فرداً من مفهوم الواجب و لا شك ان الفرد مركب من الكلّي و القيد الخارجي بالضرورة فكان الحقّ سبحانه علي زعمهم مركباً فقدخرجوا علي زعمهم من كثرة الافراد و دخلوا في كثرة التركيب فان قيل (قلت خل) ان تركيب الحقّ سبحانه عمابه الاشتراك و مابه الامتياز تركيب عقلي و هو يصحّ علي اللّه سبحانه كماذهب (ذهبت خل) اليه جماعة من اهل الاسلام قلت ان مناط استحالة التركيب علي اللّه تعالي لزوم الفقر و الحاجة الي الاجزاء و هو في الحالتين ثابت الاّ انتقول ان التركيب في الذهن و العقل و الخارج ليس فيه تركيب فانا نقول قدكان قولك هذا و (او خل) نسبته الي اللّه حينئذ كذباً فيكون هذا المفهوم باطلاً فلا تركيب في الواجب فان ماتصوّرته غير الواجب الحقّ الذي مرادنا فوقع (فوقوع خل) تصورّك و فهمك علي غير المراد فان كان علي المراد فلزم ماذكرنا فبطل ماكانوا يعملون.
و اما الاحتياج الي الاستدلال في التوحيد علي الظاهر فليس كماتوهموا من اقتضاء مفهوم الواجب اياه و انما هو مكنسة لغبار الاوهام فان الوهم المشوب بخلط ظلمة المعصية و الادبار عن اللّه سبحانه يتصوّر شيئاً ممكناً ذا
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 319 *»
حدود و اعراض و يسمّيه شريكاً للّه سبحانه افكاً و الحاداً كما انهم صنعوا الاصنام علي صور شتي و سمّوها شركاء للّه تعالي و هذا التصور الباطل لما كان يفسد عليهم امرهم في توجههم و اقبالهم و سير حقايقهم و كينوناتهم قيل لهم لا اله الاّ اللّه و لا شريك له و ذكروا بعض الادلة اذهاباً لتلك الواهمة و ازالة لذلك الغبار و الاّ فكيف يمكن التصور و الادراك لان شريك اللّه يجب انيكون جامعاً لصفات القدس فوجب ان لايكون له صورة و لا كم و لا كيف و لا جهة و لا حدّ و لا اقتران و الاّ لكان محدوداً مركباً حادثاً و ليس في التصور الاّ الصورة فكيف يمكن انيكون تلك الصورة صورة الشريك للّه سبحانه فاذا نظروا الي العين التي لا كيف فيها و لا حدّ و لا صورة و لا جهة فهناك يرتفع التمايز و تبطل الكثرة فلايشاهد الاّ الوحدة فاين ادراك الشريك و لذا تجد اهل المعرفة و الصديقين المخلصين لايحتاجون الي الدليل و لايطلبونه بوجه من الوجوه حتي يـئول امرهم الي ان لايشاهدوا في الوجود سواه كماقال مولينا الحسين روحيفداه و7 كيف يستدل عليك بماهو في وجوده مفتقر اليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدلّ عليك و متي بعدت حتي تكون الاثار هي التي توصل اليك عميت عين لاتراك و لاتزال عليها رقيباً و خسرت صفقة عبد لمتجعل له من حبّك نصيباً الدعاء فافهم وفقك اللّه لمايحب و يرضي.
و اما مراتب التوحيد فاعلم انها من حيث نفس التوحيد اربعة و هي توحيد الذات كماقال تعالي لاتتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد و توحيد الصفات كماقال تعالي ليس كمثله شيء و هو السميع البصير و توحيد العبادة كماقال عزّوجلّ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لايشرك بعبادة ربه احداً و توحيد الافعال كماقال عزّوجلّ قل اللّه خالق كلّ شيء و قال تعالي اروني ماذا خلقوا من الارض و من حيث الموحِّد (بكسر الحاء) اثنان احدهما التوحيد الذاتي و هو توحيد اللّه سبحانه نفسه لنفسه بنفسه كماقال تعالي شهد اللّه انه لا
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 320 *»
اله الاّ هو و هذا التوحيد لايتيسر لاحد من المخلوقين و في هذا المقام قالوا ماعرفناك حق معرفتك، انا لااحصي ثناءاً عليك انت كمااثنيت علي نفسك و الثانية التوحيد الصفاتي و هو توجّه الخلق الي توحيده سبحانه و معرفته بظهور اياته و صفاته كماقال تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق فكلّ (و خل) الخلق يتوجهون الي اللّه سبحانه بماتعرف لهم به اي بماوصف نفسه لهم اذ لاتمكنهم معرفة ذاته تعالي علي الحقيقة فيجب انيعرفهم نفسه بوصفه لهم اياها فلولا ذلك الوصف لايمكن لاحد انيعرفه تعالي كماقال سيد الساجدين7 بك عرفتك و انت دللتني عليك و دعوتني اليك و لولا انت لمادر ما انت و معني ان اللّه عزّوجلّ وصف نفسه لهم انه تعالي خلق فيهم صفة معرفته و هيكل توحيده بحيث اذا عرفوا تلك الصفة عرفوا اللّه سبحانه بمقدار ماظهر لهم ممايمكن في حقيقة ذاتهم و الخلق كلّهم يتوجهون الي اللّه عزّوجلّ و يوحّدونه بتلك الصفة المودعة في حقايقهم و هو قول اميرالمؤمنين7 بل تجلّي لها بها و بها امتنع منها و لذلك سمّينا توحيد المخلوقين بالتوحيد الصفاتي.
و هذا التوحيد علي اربع مراتب بحسب مراتب الشخص في وقوفه في العوالم: (العالم: خل) المرتبة الاولي توحيد العوام اهل التقليد الذين لايعرفون الاّ الاسم و الرسم لا الحقيقة و يسمي توحيدهم توحيد العبادة حيث ظهر لهم الحق بصفة المعبودية و صدقوا الانبياء و الرسل و الكتب و امنوا بمضمون ماقالوا من غير انيذوقوا بقلوبهم و يدركوا بسرائرهم و كينوناتهم و الثانية توحيد العوام ايضاً لكنهم في مقام اعلي و هم الذين عرفوا الاثر و استدلّوا به علي المؤثر فكان استدلالهم انّياً و يسمي ذلك التوحيد بتوحيد الذات لعدم خصوصيته بصفة خاصة و اسم خاص كالاولي و هذا شأن المتكلمين و حكماء المشائين و الرواقيين و الثالثة توحيد الخواص و هم كماقال اميرالمؤمنين7 مارأيت شيئاً الاّ و رأيت اللّه قبله او معه و هؤلاء يستدلون علي الاثر بالمؤثر و دليلهم في معرفة الاشياء و حقايق الموجودات كلّها لمّي و يرون الحقّ سبحانه اظهر من كلّ شيء بل لايرون ظهوراً الاّ ظهوره و لايشاهدون نوراً الاّ نوره كماقال7 في
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 321 *»
الدعاء و لايسمع فيه صوت الاّ صوتك و لايري فيه نور الاّ نورك و هذا التوحيد يسمي بالتوحيد الشهودي و هو شأن اهل القلوب في الاشراقيين و الربانيين و الرابعة توحيد الخصّيصين و هم اخصّالخواص و هم الذين عرفوا اللّه باللّه فنسوا انفسهم و نسوا غيرهم و لميجدوا و لمينظروا الاّ الي اللّه صانعهم و بارئهم و دكّوا جبل انيتهم و هو المسمي بالتوحيد الحقيقي و هو شأن اوليالافئدة من الحكماء الالهيين و تلك المراتب الاربع الاول تلحظ في هذه المراتب فتحصل ستهعشر مرتبة و هذا المجموع يلحظ في ثمانية مراتب مرتبة الحقيقة المحمدية9 و مرتبة الانبياء و مرتبة الانسان و مرتبة الجن و مرتبة الملك و مرتبة الحيوان و مرتبة النبات و مرتبة الجماد و الحاصل من ضرب المراتب الستهعشرة مع الثمانية هو كليات مراتب التوحيد و لها مراتب اخر لايسع الوقت لبيانها و قدشرحت هذه المراتب بما لامزيد عليه في تفسيرنا علي اية الكرسي و من ارادها مفصلاً فليطلب هناك عند بيان قوله تعالي لا اله الاّ هو.
و اما اركان التوحيد فهم قصبة الياقوت اي محمّد و اله الطاهرون عليه و عليهم السلام و انما كانوا اركاناً للتوحيد لان التوحيد لايتحقق الاّ بهم و فيهم و عنهم (منهم خل) لانهم: ايات اللّه العظمي التي اراها اللّه في الافاق و في انفس الخلايق كماقال الصادق7و اي اية اراها اللّه في الافاق و في انفس الخلايق غيرنا و قال اميرالمؤمنين7 و اي اية اكبر مني و اي نبأ اعظم مني و هم معاني صفاته تعالي كماقال الباقر7 عن علي نحن معاني اللّه و نحن علمه و نحن حكمه و نحن حقّه الحديث و هم ابواب اللّه الي خلقه و ابواب خلقه الي اللّه كماقال7 في الزيارة من اراد اللّه بدأ بكم و من وحّده قبل عنكم و من قصده توجه بكم الزيارة و هم: حملة علمه و مفاتيح غيبه و خزّان سرّه و حفظة امره و نهيه فلايظهر التوحيد للخلق الاّ بهم و لايصدر الاّ عنهم و لايتحقق الاّ فيهم و سنزيدك بياناً ان شاء اللّه تعالي فيمابعد.
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 322 *»
قــال ايّده (سلّمه خل) اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الثانية: ما معني الصفات الذاتية و الفعلية.
اقــول: /اعلم (زائد خل) ان المراد من الصفة في هذا المقام هو الكمال و الكمال المطلق للشيء هو ذاته لا غيره (لا غير خل) اذ كلّ ماسوي ذاته ليس له و غاية الكمال و اصله و ينبوعه و منشأه الوحدة و البساطة و كلّ ماسوي الوحدة و البساطة نقصان لرتبة الذات فيكون الكثرة (التكثّر خل) و التعدّد و الاختلاف من لواحق الاثار و الشئونات و الاطوار لان الكثرة و الوحدة بينهما تضادّ فلاتجتمعان لان الكثرة علامة الحدوث و الامكان و الوحدة اية القديم فيستحيل فرض اجتماعهما في رتبة واحدة فلا كثير الاّ الممكن و لا واحد الاّ القديم الازل او اية القديم فعلي هذا فمقتضي الكمال المطلق للقديم انيكون احدي الذات و احدي المعني و الكثرة و التعدد هناك نقص يستحيل فرض تحققها هناك فالصفات ان اريد بها الجمع و التعدّد يمتنع (فلايمكن خل) انتكون في ذات الحقّ القديم تعالي و تقدّس و لهذا قال مولينا اميرالمؤمنين7 كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كلّ صفة علي انها غير الموصوف و شهادة كلّ موصوف علي انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدوث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث هـ و ان اريد بها الوحدة بلا فرض المغايرة و المخالفة لا في المفهوم و لا في المصداق لا في الوهم و لا في الخارج و لا في نفسالامر فصحيح و انما يراد بها الذات البحت الكامل المطلق الذي لا نقص فيه بوجه و قدعلمت ان الكمال المطلق في حقّ الواجب سبحانه هو الوحدة المطلقة الغيرالمشوبة بشيء من شوب الكثرة و خلط التعدد ولو بالفرض و الاعتبار فمعني الصفة الذاتية ليس الاّ الكمال المطلق الذي هو عين الذات يعني هو الذات من غير فرض المغايرة بوجه ولكن لمّاكان الكامل المطلق له اثار و افعال و انوار و تلك الاثار مختلفة اختلفت ظهورات ذلك الكمال المطلق بحسب اختلاف الاثار فكلّ اثر منبئ عن صفة و تلك الصفة انما امتاز عن غيرها في رتبة الاثر لا في ذات المؤثر لكن هذا الانباء علي قسمين انباء عن اتصاف الذات بها يعني ان ذلك الاثر يحكي عن اتصاف الذات بها لا
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 323 *»
من حيث تلك الصفة الظاهرة في الاثر فانها صفة رسم و حدوث و لا من حيث التعدد و التكثر فانه انما كان في الحدوث و الكثرة في رتبة الاثر بل من جهة الوحدة لكن لا من حيث جهة تخالف جهة الذات بل من حيث انها عين الذات و عين الصفة الاخري لماقلنا لك ان امتياز الصفات انما كان من جهة المتعلق لا من جهة اصل الصفة التي هي الكمال المطلق مثلاً اذا رأيت زيداً في مرايا متعددة مختلفة بحسب الالوان و الاحوال تري امثلة مختلفة و تلتفت بتلك الامثال و الصفات الي زيد الخارجي المقابل و تصف زيداً بتلك الاوصاف لكن لا من جهة ان تلك الاوصاف الظاهرة في المرايا هي الموجودة في المقابل مقترن بها و لا انه مختلف متكثر بتكثر المرايا و اختلافها في الالوان و ساير الصفات فتحكم علي زيد بتلك الصفات منزهاً له عنها و عالماً بانها انما اختلفت في المرايا لا في اصل الذات و كذلك حين تقول اللّه عالم و قادر لاتلتفت بهما الاّ الي الذات الواحدة و تعلم ان العلم و القدرة انما امتاز بحسب المتعلق اي المعلوم و المقدور و تعلم ايضاً بان هذا العلم الظاهر في المعلوم و القدرة الظاهرة في المقدور ليسا هو الذات البحت و الاّ اختلفت الذات و جاءت الكثرة فيماتمتنع فيه و انما العلم هو عين القدرة و هما عين الذات و المتعلق هو الظهور و كذلك حكم ساير الصفات و هذا القسم من الصفة ليس منحصراً في الثمانية كمازعموا و توهموا ان الصفات الثبوتية ثمانية و انما هي كلّ صفة يصحّ اثباتها للّه سبحانه و لايجوز سلبها و اثبات نقيضها له عزّوجلّ فكماتقول انه عالم و لاتقول انه جاهل و انه قادر و لاتقول انه عاجز و انه حي و لاتقول انه ميت و امثالها من الصفات الكمالية التي تثبتها و لايصحّ اثبات ضدّها و نقيضها ولتكن علي بصيرة علي انها تثبت للذات عزّوجلّ لا من جهة ملاحظة الخصوصيات و الاعتبارات بل تثبت باعتبار ان كلّ واحد منها عين (غير خل) الاخر لا من جهة ان هناك امتيازاً ليكون احدهما عين الاخر و لا ان هذه الصفات الاضافية الرابطية المتعلقة عينه تعالي و الاّ لزم انيكون اللّه عزّوجلّ امراً اضافياً نسبياً و قداجمع المسلمون علي بطلانه و لا ان مدلول قولك اللّه عالم ان
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 324 *»
هذه القضية الحملية التي فيها موضوع و محمول و نسبة حكمية و حكم ثابت في ذات اللّه عزّوجلّ تعالي اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً و لا ان هذا الحمل من باب الحمل المتعارف كماذكرنا و لا الحمل الغير المتعارف كمافي حمل الشيء علي نفسه فان في الحمل لابد فيه من المغايرة ولو بالفرض و الاعتبار و لايصحّ الحمل من غير فرض المغايرة مطلقاً سواء كان مفيداً ام لا و لا ان مفهوم هذه الصفات متغايرة و المصداق واحد فان هذا القول مزخرف فاسد فان المفهوم اذا كان مخالفاً للمصداق لميكن ذلك مصداقاً له فاذن فالقدرة المتعلقة بالمقدور و السمع المتعلق بالمسموع و البصر المتعلق بالمبصر و العلم المتعلق بالمعلوم ليس عين الذات و انما هو ظهورات افعاله و شئونات اثاره اذ لا ربط للاشياء مع الذات القديمة و الاّ لكانت الذات حادثة او الاشياء قديمة لان المنتسبين مهما لميكونا في رتبة واحدة استحالت النسبة لانها تعدم في رتبة احديهما و لاتزال كذلك فاين الارتباط و ذلك ظاهر لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد.
و مثال ماذكرنا هو ان السراج حقيقة واحدة ثابتة مستقلة نوره عين ذاته و هو ذاته بلا فرض المغايرة فاذا لميكن جسم كثيف كان السراج نوراً و لا مستنير و نيّراً و لا منير لان وجود النور في السراج لايشترط انيكون هنا مستنيراً فاذا وجد المستنير وقع نور السراج عليه و لا شك ان هذا الواقع علي المستنير من جدار و غيره ليس عين النور الذي هو حقيقة ذات السراج و انما هو اثره لكنه مثاله و صفته للمستنير و ذات السراج منزه عن الجدار و عن النور الواقع عليه و هذا معني ماقال امامنا و مولانا جعفر بن محمد الصادق8 علي مافي الكافي كان ربّنا عزّوجلّ و العلم ذاته و لا معلوم و القدرة ذاته و لا مقدور و السمع ذاته و لا مسموع و البصر ذاته و لا مبصر فلمّا وجدت (احدث خل) الاشياء و كان المعلوم وقع العلم منه علي المعلوم و السمع علي المسموع و القدرة علي المقدور و هذا معني بعض الحديث و لا شك ان هذا الواقع ليس هو عين الذات و الاّ لاختلفت حالتاه و القسم الاخر هو ان الاثار تنبئ عن الصفات
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 325 *»
الكمالية المنسوبة الي المبدأ لكن فيها اقتران و ارتباط و نسبة و الاقتران و النسبة و الارتباط تستلزم الكثرة فحيث امتنعت الكثرات بكلّ الجهات في الذات البحت البات تعين انتكون تلك الصفات للفعل علي انها تثبت مرّة و تنفي اخري /و تثبت الضدّ اخري (زائد خل) و ماهذا شأنه يمتنع انيكون في الذات القديمة الازلية فتكون تلك الصفات ثابتة للفعل و ذلك كالمشية و الارادة كماتقول سافعل كذا ان شاء اللّه تعالي و ان اراد اللّه و قولك هذا دليل علي انه لميشأ و لميرد كما قال تعالي و ماتشاءون الاّ انيشاء اللّه و لميرد اللّه انيطهر قلوبهم للتقوي و قدقال مولينا الرضا7 كمافي التوحيد ان المشية و الارادة من صفات الافعال فمن زعم ان اللّه لميزل شائياً مريداً فليس بموحّد و كذلك ساير الصفات كالخالق و الرازق و المحيي و المميت و امثالها مماتثبت و تنفي و هذه الصفات كلّها للفعل ولكن لمّاكان الفعل مضمحلاً عند الذات و فانياً و باطلاً لديها مانسبت اليه الاّ في مقام العلم و الاّ فهي منسوبة الي اللّه سبحانه لكن /لا (زائد خل) علي المعني الذي ذكرنا و اوضحنا.
ثم اعلم ان الصفات علي ثلثة اقسام احدها صفات القدس و هي صفات لاتعتبر في مفهومها الانتساب الي الغير و الارتباط بالاخر كالقدّوس و السبحان و العزيز و امثال ذلك و ثانيها صفات الاضافة و هي التي تعتبر في مفهومها النسبة و الارتباط و الاضافة الي الغير كالعلم و القدرة و السمع و البصر و امثالها و ثالثها صفات الخلق و هي التي لها اقتران بالخلق و تعلّق كوني وجودي به كالخالق و الرازق و المحيي و المميت و امثالها فصفات القدس هي ذات اللّه عزّوجلّ علي المعني الذي ذكرنا و صفات الاضافة مهما اعتبرت فيها النسبة و الاضافة فهي من صفات الافعال كالعلم المتعلق و القدرة المتعلقة و امثالها و اذا قطعت النظر عن النسبة و الاضافة فهي عين الذات كالعلم اذ لامعلوم و القدرة اذ لامقدور و السمع اذ لامسموع و البصر اذ لامبصر و غير ذلك فافهم و اما صفات الخلق فهي حادثة خارجة عن حقيقة الذات البحت سبحانه و تعالي و انما هي اسماء في رتبة الفعل و الخلق و الاثر و الفعل و صفاته حادثة و الذات و صفاتها قديمة تدبّر فيماذكرت طويلاً
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 326 *»
فتجد صحواً بلا غبار و شرباً بلااكدار وفقك اللّه لمايحبّ و يرضي.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الثالثة: ما اسماء اللّه و اقسامها.
اقــول: قال مولينا اميرالمؤمنين7 الاسم ماانبأ عن المسمي الحديث و الصفة هي الاسم كماقال مولانا الرضا7 الاسم صفة لموصوف فكلّ صفة اسم و بالعكس و الاسم هو المنبئ عن الشيء مطلقاً ذاتاً كان او صفة لفظاً كان او معني فعلي هذا يتّضح لك ان الاسماء علي قسمين اسماء لفظية و اسماء معنوية لان الانباء كمايكون باللفظ يكون بالمعني فنور الشمس اسم لها لدلالته عليها و الدخان اسم للنار كذلك و لمّاكان الخلق كلّهم اجمعون بما هم فيه من ذات و صفة دالّة علي اللّه سبحانه باكمل الدلالة و اوضحها بحيث لا دلالة اعظم منها اذ ماعرف اللّه سبحانه الاّ بظهوره في الخلق اي بايجاده لهم و احداثه اياهم كانت الموجودات كلّها اسماء للّه (اللّه خل) عزّوجلّ و صفات له فعلية فلاتجـد الاّ ذاتاً واحدة و هو الواجب القديم تعالي و تقدس و كلّ ماسواه اسماؤه و صفاته كماقال مولينا الرضا7 ليس شيء الاّ اللّه و اسماؤه و صفاته و هذا علي معني التوحيد الصفاتي بان لايري الموحّد ذاتاً لها صفات غير اللّه حتي يكون بذلك مشركاً بل لايري الاّ ذاتاً واحدة و كلّ ماسواه من الذوات و الصفات و القرانات و الاضافات كلّها صفات و اسماء دالة عليه و منبئة عنه فكما تدلّ الاسماء اللفظية علي اللّه سبحانه كالاسم (كاسم خل) اللّه و الرازق و امثالهما مع انها مخلوقة كذلك حقايق المخلوقات كلّها دالّة علي وجوده سبحانه و علمه و قدرته و حيوته و سمعه فتكون اسماء له تعالي و لذا قالوا:نحن الاسماء الحسني التي امركم اللّه انتدعوه بها و في زيارة اميرالمؤمنين7 السلام علي اسم اللّه الرضي و نور وجهه المضيئ الاّ ان الاشياء لمّاكانت مختلفة في العلوّ و السفل و الشرافة و الكثافة و النورانية و الظلمانية و الاجمال و التفصيل و السعة و الاحاطة و الضيق و امثالها من الاحوال كانت مختلفة ايضاً في الدلالة علي اللّه سبحانه و عظمته و جلاله اذ لا شكّ ان الصنع كلّما كان اتقن و احكم كان ظهور جلالة الصانع و كماله فيه اعظم و اكثر فكلّما يكون الخلق
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 327 *»
اوسع احاطة و اعظم نوراً كانت الدلالة اتمّ فتختلف (فيختلف خل) في الاسمية و اليه الاشارة بما في دعاء سحر في شهر رمضان اللّهم اني اسألك من اسمائك باكبرها و كلّ اسمائك كبيرة و لمّاكان محمد و اله صلّي اللّه عليهم اشرف الخلق و افضل الخلق و اصل الخلق و مبدأ الخلق فيكونون هم اشرف الاسماء و اعظمها و اجلّها و اكبرها فهم المثل الاعلي و الدعوة الحسني و اليهم الاشارة بمافي الدعاء بعد كلّ ركعتين من نافلة الليل و باسمائك الحسني و امثالك العليا و نعمك التي لاتحصي و باكرم اسمائك عليك و احبّها اليك و اقربها منك وسيلة و اشرفها عندك منزلة و اجزلها لديك ثواباً و اسرعها في الامور اجابة و باسمك المكنون المخزون الاكبر الاعزّ الاجلّ الذي تحبّه و تهواه الدعاء فالاسماء الحسني هم الائمة: من الاسماء المعنوية و اكبر الاسماء و اعظمها هو مولينا اميرالمؤمنين7و الاسم المكنون المخزون هو (/اسم خل) رسولاللّه9 بعد ملاحظة ماورد انهم:الاسماء الحسني و لاتستغرب من ذلك فكما ان الواضع سبحانه و تعالي الّف هذه الحروف اي الاسماء من الحروف الهجاء الثمانية و العشرين و ركّبها و ربط بعضها ببعض حتي حصلت من تلك الهيئة التأليفية الدلالة علي اللّه سبحانه و تعالي و صفاته و احواله و لا شك ان الحروف اضعف تحققاً و اقلّ دلالة من الذوات فكذلك الحقّ سبحانه الّف و ركّب حقيقة الخلق و ماهيتهم و كينونتهم و ربط بعضها (بعضهم خل) ببعض حتي حصلت من ذلك التأليف الخاص المحكم المتقن الدلالة علي التوحيد و علي ساير المراتب و المقامات الحقية الواجبة و تلك الخلقة و الهيئة هي الفطرة المذكورة في اخبار الائمة الاطهار: كمافي قولهم كلّ مولود يولد علي الفطرة ولكن ابواه يهودانه و ينصرانه و في بعض الروايات و يمجسانه و في القرءان فطرة اللّه التي فطر الناس عليها و قد عقـد الصدوق; باباً في كتابه التوحيد (/في ظ) ان الفطرة هي التوحيد فمعني ان اللّه خلقهم علي الفطرة انه تعالي خلقهم علي هيئة تأليف و تركيب تدلّ تلك الهيئة علي توحيد اللّه سبحانه كمادلّت هيئة تلك الكلمات و الالفاظ مثل الحي القيوم و امثالهما
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 328 *»
علي كماله تعالي و توحيده من غير فرق.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الرابعة: /في (زائد خل) ان الموضوعله للاسماء الالهية ماهو.
اقــول: ان الاسماء اللفظية لا شك انها حادثة فقبل حدوثها هل كان ذات اللّه سبحانه مسمي بهذه الاسماء ام لا فان قلت بلي فهو يحتمل وجهين احدهما انه كان مسمي بها بالفعل و الثاني انه لميكن مسمي بالفعل ولكن من شأنه ذلك و هو ايضاً مسمي بالذكر و الصلوح و لا شك في امتناع اختيار الوجه الاول لانه كذب صريح و كذلك الثاني لانه يستلزم ان لايكون كلّما لذات اللّه سبحانه فعلياً حاضراً عنده فتكون له حالة الانتظار لانه قبل الاسم يصلح و يمكن انيكون مسمي بعد وضع الاسم له فبعد ماوضع يكون ذلك الصلوح و الامكان بالفعل و فرض الامكان في الوجوب ممايأباه اولوا الاحلام و العقول فوجب ان لايكون مسمي قبل وضع الاسم له و قداتفقت اراء العقلاء و اهل اللغة علي ان المشتق لايصدق قبل تحقق المبدأ و وجوده و ان اختلفوا في اشتراط بقائه عند الصدق و عدمه و لذا قالوا ان اسم الفاعل و المفعول بمعني المضارع و المستقبل مجاز و لو صح ذلك لجاز انيقال لمن لميزن الزاني و من لميسرق السارق و من لميظلم الظالم و من لميصلّ المصلّي و علي هذا ينسدّ باب الكذب و هذا ممايأباه كلّ ذي عقل سليم و طبع مستقيم و علي هذا فلميكن اللّه مسمي قبل وضع الاسم و حدوثه فاذا قلت انه تعالي بعد ماوضع له الاسم كان مسمي (/بما خل) في ذاته فثبت له حالتان حالة لميكن فيها مسمّي و هي قبل الوضع و حالة كان مسمي و هي بعد الوضع و اختلاف الحالات دليل الحدوث قال اميرالمؤمنين7 لمتسبق له حال حالاً ليكون اولاً قبل انيكون اخراً و يكون ظاهراً قبل انيكون باطناً و معذلك يلزم انيكون الاثر مؤثراً في ذات اللّه عزّوجلّ فان تغيير الاسم و وضعه ليس لمجرد اللفظ وحده و انما اختلاف الاسماء يدلّ علي حصول تغير في ذات المسمي فاذا قلت ان ذات اللّه سبحانه لميكن مسمي قبل الوضع ثم كان مسمي بعد الوضع فان قلت ان /حالته الاولي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 329 *»
هي حالته الثانية (الحالة الاولي هي الحالة الثانية خل) بعينها من غير فرق قلت اذن فلا معني لنفي كونه مسمياً (مسمي ظ) قبل الاسم و اثباته بعده فيجب اما انيكون اثبات مطلق او نفي كذلك فان قلت بالفرق بين الحالتين قلت ذلك لايكون الاّ بتجديد امر في الذات حتي يحصل الفرق و ذلك الامر ليس بقديم و الاّ لميتخلف فيكون حادثاً فكان ذات اللّه محلاً للحوادث ثم ان الحادث لابد له من علة و علة ذلك /الامر (زائد خل) لايصحّ انيكون هي الذات من حيث هي و الاّ لميتأخر اذ لا مانع له مع وجود المقتضي فيكون امراً خارجاً عن حقيقة الذات يكون مقتضياً لذلك التغيّر في الذات حتي صار مقتضياً لتغيير الاسم و تجديده و مرادي بهذا الاسم هو كونه مسمي و ليس هنا امر يقتضي ذلك الاّ نفس وضع الاسم و احداث اللفظ الخاص علي الهيئة الخاصة فكان الاثر مؤثراً في ذات المؤثر و هو في البطلان بمكان فبطل انيكون الاسم اللفظي موضوعاً للذات الاقدس سبحانه و تعالي اي اسم كان من غير استثناء و ايضاً قدثبت عندنا و عند العارفين كماسنبيّن ان شاء اللّه ان بين اللفظ و المعني مناسبة ذاتية يعني ان بين كلّ لفظ و مع معناه نسبة بها تخصص ذلك اللفظ لذلك المعني دون غيره و هي علة الوضع الخاص فلو فرض وضع الاسم للذات الاقدس لزم مناسبة القديم مع الممكن و ذلك باطل اذ لايناسب القديم الاّ الوحدة المحضة و الغني المطلق الغيرالمشوب بشيء من الفقر و لايناسب الممكن الاّ الكثرة المحضة و لذا اجمعوا و اتفقوا علي ان كلّ ممكن زوج تركيبي و الفقر المطلق كماقال تعالي ايها الناس انتم الفقراء الي اللّه و اللّه هو الغني و لا منزلة بين الفقر المطلق و الغني المطلق و الاّ لكان منزلة بين الواجب و الممكن و ذلك يستلزم ان لايكون الشيء مخلوقاً بذاته حين كونه مخلوقاً بذاته و الضرورة قاضية ببطلانه فاذا بطلت النسبة بطل وضع الاسم للذات الاقدس سبحانه و تعالي و ايضاً قداتفق العقلاء علي ان الاكوان الاربعة التي هي الحركة و السكون و الاقتران و الافتراق علامة الحدوث و دلّت عليه الادلة العقلية و النقلية و لا شك ان بين الموضوع و الموضوعله ارتباط و اقتران و لولا ذلك
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 330 *»
لامتنعت الدلالة و قداتفقوا علي هذا الارتباط الذي هو الاقتران و ان اختلفوا في ان هذا الارتباط انما حصل بمجرد وضع الواضع او للمناسبة الواقعية فاذا كان الموضوعله هو ذات اللّه سبحانه لزم اقتران القديم بالحادث قال اميرالمؤمنين7 و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث فاذا بطل الاقتران بطل الوضع لان الوضع ليس الاّ جعل الواضع الموضوعله قريناً مع الموضوع و بالعكس حتي تؤثر تلك المقارنة الدلالة علي الموضوعله و ذلك ظاهر مع ان الاسم صفة للمسمي و قال اميرالمؤمنين7 لشهادة /كلّ (زائد ظ) الصفة و الموصوف بالاقتران الخ و ايضاً قداتفقت كلمتهم ان وضع الاسماء و الالفاظ انما هي لاجل المعرفة و الافادة و الاستفادة و لا شك ان المعرفة لاتتعلق بالذات البحت من حيث هي هي و انما تتعلق بجهة ظهوراته في اثاره و افعاله و ساير احواله فلا فائدة اذن للوضع للذات اذا امتنعت معرفتها و افادتها و استفادتها فان قلت فعلي هذا يكون الموضوعله هو الذات من جهة ظهورها في الاعتبار قلت فحينئذ فالموضوعله بسيط او مركب و معني البسيط انيكون الموضوعله هو الذات البحت وحدها مع قطع النظر عن الظهور فيكون الموضوعله هو الذات من حيث هو هو و ذلك خلاف المفروض و معني المركب /انتكون (زائد خل) الذات مع ملاحظة الظهور فالمجموع المركب هو الموضوعله و حينئذ فهل هذا الظهور الذي جعلتموه مع الذات في رتبة واحدة و جزءاً /اخر (زائد خل) للموضوعله هو عين الذات ام غيره فان كان هو عين الذات بطل التركيب و رجع الكلام الي الاول و ان كان غير الذات فهل هو حادث ام قديم فان كان قديماً تعدد القدماء و قدبيّنّا في المسألة الاولي مايدلّ علي بطلانه و ان كان حادثاً فيلزم تركيب الشيء من الحادث و القديم و ذلك باطل لان الحادث معدوم في رتبة القديم فكيف يجتمع معه في رتبته حتي يكون المتحصل من الامرين امراً وحدانياً و هذا لايمكن الاّ عند اجتماع الامرين في صقع واحد حتي يتحقق بينهما النسبة و الارتباط فاذا عدم احدهما في رتبة الاخر تبطل النسبة فيفقد التركيب و يلزم ايضاً انيكون ذات اللّه حينئذ مركباً ضرورة ان التركيب
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 331 *»
لايتحقق الاّ بامور اربعة ذات و اجزاء و نسبة احدهما الي الاخر و لذا قال تعالي و من كلّ شيء خلقنا زوجين و لميقل فردين و الزوجان اربعة فاذا ثبت بالدليل القطعي (العقلي خل) ان ذات اللّه سبحانه لايصحّ انيكون لها من حيث هو اسم مطلقاً سواء كان لفظياً او معنوياً ظهر لك ان الموضوعله للاسماء هي الظهورات الخاصة المتعلقة بالتعلقات لان الاسم للظاهر و ليس الاّ بالظهور و ليس الظهور الاّ نفس الاثار و الظهور علي قسمين ظهور عام و ظهور خاص فالعام هو (/الاسم خل) المسمي بالاسم العام و الخاص هو المسمي بالاسم الخاص فزيد اسم للظهور العامّ الكلّي الساري في كلّ الظهورات و الاحوال فاذا ظهر بالكتابة مثلاً قلت كاتب و اذا ظهر بالقيام قلت قائم و اذا ظهر بالقعود قلت قاعد وهكذا ساير الصفات و الاسماء و كلّ ذلك انما حصل حين الظهور و التعلق فقبل الظهور و التعلق انقطع الاسم و الرسم و الدلالة التي هي مفاد الاسم انما هي حين الظهور و التعلق كماهو المعلوم البيّن فالقائم حينئذ اسم لظهور زيد بالقيام و ليس اسماً لذاته و الاّ لميكن القائم صفة بل كان مسمّي و القيام صفة و لا شك ان القيام ليس صفة لزيد و الاّ لصحّ التوصيف (التوصّف خل) به و لايجوز انتقول زيد قيام و انما يقال زيد قائم فالقائم هو مثال زيد و ظهوره بالقيام لا ذات زيد نعم لا فرق بينه و بين زيد في التعريف و التعرّف و المعرفة فمن عرف القائم عرف زيداً و لا شك ان حقيقة القائم صفة زيد و ظهوره لا ذاته و لذا قال النحاة في المشتقات انها اسم الفاعل و اسم المفعول و لميقولوا اسم الذات فان الفاعل ليس في رتبة الذات لانه ليس من الصفات الذاتية و انما هو في رتبة الفعل من حيث ظهور الذات لا نفس الذات و لمّاكان الظهور ليس ذاتاً كان مقامه مقام الفعل و الخلق اذ لا واسطة بين الذات و الفعل و لذا تري الائمة: يعبرون عن مثل هذه الاسماء باسماء الافعال لان الظهور منحصر في رتبة الفعل لكن لا من حيث هو فعل بل من حيث الدلالة علي الذات و لذا تري اسم الفاعل كالضارب لايدلّ الاّ علي الذات مع ان الفعل عامل فيه و مقوّم له و مقدّم عليه و ليس هذا العمل و التقدم (التقديم خل) لمجرد
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 332 *»
اللفظ وحده بل باعتبار مناسبات حقيقية و اشارات غيبية معنوية من نوع مااشرنا اليه فالذي وضعت الاسماء الالهية كلّها له انما هو تلك الظهورات المتحققة في رتبة الفعل و تلك الظهورات هي المقامات و العلامات التي لا تعطيل لها في كلّ مكان كما في دعاء رجب عن الحجة7و بمقاماتك و علاماتك التي لا تعطيل لها في كلّ مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الاّ انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك.
فان قلت فعلي هذا كان الاسماء كلّها للافعال فما معني الصفات الذاتية اذن قلت الفرق حينئذ فيمايراد من الالفاظ و الاسماء لان الذات البحت القديمة سبحانه و تعالي لمّاكانت لاتدرك لذاتها فانما تتوجه اليها باياتها و علاماتها فتلتفت اليها مع قطع النظر عن تلك الايات في نفسها كما اني /مااذا (اذا خل) اردت ان اخاطبك اقول يا قائم مثلاً و لااريد حين (من خل) الخطاب ظهورك بالقيام و لايخطر ببالي ذلك ابداً و انما اتوجه الي ذاتك و اقصدها و انما جعلت هذه اللفظة الدالّة بالوضع علي صفة من صفاتك وصلة و دليلاً عليك وحدك اذ لايمكنني الوصول الي ذاتك من حيث هي فالمقصود من قولي يا قائم انما هو الذات وحدها و /ان (زائد خل) لميكن اللفظ موضوعاً لها و /لكن (زائد خل) لمّا كان موضوعاً للصفة و هي باطلة مضمحلة عند ظهور الذات فالتفت باللفظ و بالاسم الي الذات التي قدغيبت كلّ الصفات من غير ملاحظتي لمدلول اللفظ الذي هو تلك الصفة كما انك حين ماتنظر الي المرءاة تلتفت الي المقابل الخارجي و لاتلتفت الي المرءاة و لا الي خصوص الصورة بحدودها و هيئتها و اعوجاجها و استقامتها و لايخطر ببالك حين الاستدلال علي المقابل هذه الامور ابداً مع انك لاتنظر الاّ الي المرءاة و لاتجد سواها و لاتصل غيرها ولكن من جهة انها صفة للغير و مثال له فغيّب ذلك الغير بظهوره اياها فالناظر حين ظهور ذلك الغير و ارادة مشاهدته لايلتفت الي نفس المرءاة بوجه من الوجوه فكذلك القائم لايدلّ الاّ علي صفة زيد و ظهوره بالقيام ولكن لماكان الصفة
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 333 *»
مضمحلة عند الذات و انما هي سبيل و اية و دليل عليها ماتلتفت (تلتفت خل) اليها مع قطع النظر عن خصوص مدلول اللفظ الذي هو الصفة فافهم هذا البيان المردّد بالفهم المسدّد.
فاذا نظرنا في الاسماء و الالفاظ بهذا النظر قلنا انها الاسماء الذاتية و صفاتها مع قطع النظر عن الخصوصيات الاسمائية و الصفاتية كماذكرنا في المسألة المتقدمة فان قلت فعلي هذا كانت الاسماء كلّها ذاتية فما معني تقسيمها الي الذاتية و الفعلية قلت نعم اذا نظرت في الاسماء كلّها و ماقصدت منها خصوصيات التعلقات و لا المتعلقات و الاضافات و القرانات بل جعلتها اية و دليلاً لمعرفة الذات و التوجه اليها من طريق الاسماء و الصفات كماقال علي7 و اسماؤه تعبير و صفاته تفهيم و ذاته احقاقه (حقاقه خل) و كنهه تفريق بينه و بين خلقه الحديث رواه الصدوق في التوحيد و العيون و اما التقسيم فذلك من جهة الملاحظات اذ قدتطلق و يراد بها خصوص المدلولات الوضعية في مقام الاضافة و الارتباط و التعلق فحينئذ هي الصفات الفعلية الحادثة المتحققة في مقام الفعل و الارادة و ليست هي من الصفات الذاتية كما اذا قلت عالم و اردت به العلم الاضافي النسبي المتعلق بالاشياء المنطبقة عليها ضرورة وجوب تطابق العلم مع المعلوم و كذلك القدرة المتعلقة الواقعة فان ذلك يستحيل انيجعل حينئذ من الصفات الذاتية لان التعلق و الاقتران من صفات الحدوث و سمات الممكن فلايجري عليه ماهو اجراه فاذا قطعت النظر عن الاقتران و التعلق و الارادة و الارتباط و توجهت الي صرف الذات مع قطع النظر عن التعلقات فحينئذ يقال انها اسم للذات اي هي المقصودة منها و ان لمتكن موضوعة بازائها كماذكرت لك من قولك يا قائم و ارادتك للذات مع قطع النظر عن الهيئة الخاصة التي هي الصفة و هي الموضوع له اللفظ.
فعلي ماذكرنا لك تبين ان المسمي يطلق علي معنيين مرة يطلق و يراد منه المقصود و المراد من الاسم لا الموضوع له و المدلول عليه و هذا يطلق عليه سبحانه كمافي الحديث من عبد الاسم دون المسمي فقدكفـر و لميعبد شيئاً و من عبد المسمي و الاسم فقداشرك و من عبد المسمي دون الاسم فذاك التوحيد و في رواية بايقاع الاسماء عليه فذاك
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 334 *»
التوحيد فالمسمي في هذا المقام يراد به مايقصد من الاسم و المراد منه و هو اللّه سبحانه اذ لاتصحّ العبادة الاّ له تعالي و ليس المراد منه الموضوع له اللفظ فان القول به كفر و زندقة كماسمعت و مرة يطلق المسمي و يراد به المدلول و الموضوعله و هذا لايصحّ انيطلق علي اللّه سبحانه و لذا نفاه الامام7 كمافي الكافي الي ان قال7 ان اللّه ليس بمسمي الحديث اي بمقترن و موضوعله و هذا اقصي مايعبر عنه في هذا المقام في ظاهر المقال و اما مقامات الباطن و شرح حقيقة الاحوال من جهة الحقيقة فذلك ممايجب كتمانه الاّ عن اهله و ما هذا شأنه فلايسطر في الكتاب و الدفاتر و انما تخزن في الضماير فلو شافهتني وفّقك اللّه لمراضيه بعد مااتقنت مازبرت في هذه الكلمات ربما تحظي بالنصيب الاوفي من الرقيب و المعلي و السلام علي من اتبع الهدي و خشي عواقب الردي.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الخامسة: ما معني ظهور ايات اللّه تبارك و تعالي في ائمة الهدي عليهم الصلوة و السلام.
اقــول: اعلم ان اللّه عزّوجلّ لمّاكان صمداً ازلياً لايدخل فيه شيء و لايخرج منه شيء و لايحيط به شيء و لمّاكان الممكن في مقام الامكان و الفقر لايصل الي القديم سبحانه و هو لتعالي (تعالي خل) ذاته المقدسة لاينزل الي الامكان (المكان خل) امتنع ادراك معرفة الذات سبحانه لان الشيء لايتجاوز ماوراء مبدئه و ذاته لانه هناك ليس بشيء فكل احواله من ادراكاته و مدركاته و صفاته و توصيفاته كلّها في مقام ذاته و ماتحتها من المقامات و المراتب من الاحكام التفصيلية و لمّاكانت الغاية في ايجاد الاكوان و الاعيان هي معرفته تعالي كماقال في الحديث القدسي كنت كنزاً مخفياً فاحببت اناعرف فخلقت الخلق لكياعرف و قال عزّوجلّ و ماخلقت الجن و الانس الاّ ليعبدون و العبادة ثمرة المعرفة التي هي ثمرة المحبة او بالعكس و كلاهما يصحّ و قدعرفت استحالة معرفة الذات الاقدس وجب عليه سبحانه انيعرف نفسه للخلق و يصف لهم توحيده و اسماءه و صفاته و مااراد منهم ممايرقيهم الي غاياتهم و مراتبهم المقصودة من
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 335 *»
ايجادهم و الاّ لزم انيكون الخلق قدخلق عبثاً و ترك سدي فلاتتمّ حكمة الايجاد و هو سبحانه حكيم عليم (حليم خل) فوصف سبحانه نفسه للخلق و عرفها اياهم و علي اللّه قصد السبيل بك عرفتك و انت دللتني عليك و دعوتني اليك و لولا انت لمادر ما انت قال اميرالمؤمنين7 في الدعاء يا من دلّ علي ذاته بذاته و لمّاكان للّه الحجة البالغة فوصف اللّه سبحانه يجب انيكون اوضح و اجلي مايمكن في الايجاد في عالم الامكان لئلايكون للناس علي اللّه حجة و ليجري اللّه سبحانه و تعالي فعله علي اكمل الاستقامة.
و الوصف و البيان ينحصر في امرين احدهما الوصف الحالي الشهودي العياني و ثانيهما الوصف المقالي الحاصل بالالفاظ و العبارات و الوصف الحالي هو الوصف بالامثال و الصفات لا بالمقال و العبارات و لايستريب عاقل ان الوصف الحالي اجلي و اوضح من الوصف المقالي فيجب انيصف اللّه سبحانه توحيده و صفاته و اسماءه و خلقه لخلقه بالتوصيف الحالي اي يخلق لهم ادلّتها و امثلتها و صفاتها و لماكان الوصف كلّما يكون اقرب الي من وصف له لئلايحول بينهما حائل احسن و اولي و ليس شيء اقرب الي الشيء من نفسه اليه فجعل سبحانه انفس الخلايق و حقايقهم صفة لجميع /مااراد (المراد خل) منهم انيعرفوه فحقايق الخلايق صفة توحيده و اسمائه و افعاله و احكامه و جميع مايريد منهم بحيث اذا عرفوا انفسهم علي كمال ماينبغي فقدعرفوا ربّهم لانه سبحانه تعرّف لهم بهم و تجلّي لهم بهم فحقيقتهم اية معرفة اللّه سبحانه و دليل توحيده و هو قوله تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قول النبي9 اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه و قول اميرالمؤمنين7 من عرف نفسه فقدعرف ربه و قول مولينا الصادق7 العبودية جوهرة كنهها الربوبية فمافقد في العبودية وجد في الربوبية و ماخفي في الربوبية اصيب في العبودية قال اللّه تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و تلك الخلقة علي النمط المذكور هي الفطرة التي فطر الناس عليها و قدقالوا: كلّ مولود يولد علي الفطرة ولكن ابواه يهودانه و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 336 *»
ينصرانه و قدعقد الصدوق; باباً في التوحيد ان المراد من الفطرة هي التوحيد و اورد احاديث كثيرة عديدة علي ذلك و ذكرها يؤدي الي التطويل و من ارادها فليطلب ذلك الكتاب المستطاب.
فاذا فهمت ماذكرنا علمت ان كل شيء قدفطر علي التوحيد ففي كلّ شيء حينئذ ظهور ايات اللّه سبحانه كماقال مولينا الحسين7 في دعاء عرفة علي مارواه في الاقبال و المصباح و غيرهما من الكتب المعتبرة تعرّفت الي في كلّ شيء فرأيتك ظاهراً في كلّ شيء فانت الظاهر في كلّ شيء بكلّ شيء و اما ائمتنا الطاهرون و سادتنا المعصومون سلام اللّه عليهم فهم اعلي مظاهر تلك الايات و اعلي تلك الامثال بل هم مظاهر تلك الايات و العلامات و ساير الخلق مظاهرهم فمظاهر المظاهر مظاهر لان اللّه سبحانه خلقهم في حجاب العظمة و القدس و لميكن هناك خلق فقدتحملوا عن اللّه سبحانه في العالم الاول جميع المعارف و الظهورات و مراتب التوحيد فحكوا المثال علي الحقيقة كما قال تعالي ماوسعني ارضي و لا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن و العبد المؤمن هو رسولاللّه9 و ذلك حيث استخلصه اللّه في القدم علي ساير الامم و انتجبه امراً و ناهياً و اقامه مقامه في ساير عالمه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار كما قال علي7 علي مارواه الشيخ في المصباح في خطبته7يوم الغدير و يوم الجمعة فلمّا خلق اللّه الخلق من شعاع انوارهم و ظهورات اثارهم فوصل الي الخلق بواسطة ذلك الشعاع نورٌما عندهم: من سرّ التوحيد و المعرفة و الاسماء و الصفات فما عندهم: الظهور الاوّلي الاصلي و التوحيد الحقيقي الامكاني و ماعند غيرهم ظهور الظهور و مثل المثل (بضم الميم و الثاء المثلثة) بل هم ايات اللّه سبحانه في ساير الخلق لان ماسويهم من فاضل شعاعهم فلايحكون الاّ نورهم: و لايصلون في اعلي مقاماتهم الاّ الي ظهورهم كالشعاع فانه لا حظّ له الاّ معرفة نور السراج فيجعله دليلاً للنار الموجدة للسراج فالنار الغايبة في السراج
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 337 *»
مثال فيض اللّه سبحانه فيهم: و السراج مثل حقيقتهم في هذا المقام و الاشعة مثل ساير الخلق من المؤمنين فاذا تأملت وجدت ان الشعاع مايصل الاّ الي نور السراج لا الي ذات السراج فلايصل الي النار بالطريق الاولي و السراج لايصل الي حقيقة النار ابداً لكن (لكنه خل) علمه بالنار و ظهورها له اعلي و اعظم مماعند الشعاع بل لا نسبة بينهما فالشعاع و ان كان يحكي النار و يتوجه اليها لكنه مايصل الاّ الي السراج في مقامات ظهوره لا في مقام ذاته فعلي هذا فاجمع بين قوله9 ما عرفناك حق معرفتك و قوله9 يا علي ماعرف اللّه الاّ انا و انت و قوله7 اي اية اكبر مني و اي نبأ اعظم مني و قول مولينا الصادق7اي اية اراها اللّه سبحانه في الافاق و في انفس الخلايق غيرنا انتهي فاعلم من ذلك ان الخلق مثل المثل و اسم الاسم و صفة الصفة و ظهور الظهور و هم:الاصل و ماعديهم فروع و اشعة و اظلّة قال7انما سميت الشيعة شيعة لانهم خلقوا من شعاع انوارنا فافهم و اللّه سبحانه ماظهر للخلق و ماظهرت اياته الاّ بهم:فهم اركان التوحيد و في دعاء رجب فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الاّ انت و قال الجواد7في زيارة ابيه8السلام علي اقبال الدنيا و سعودها و من سئل عن كلمة التوحيد فقال انا (نحن خل) واللّه من شروطها السلام علي شهور الحول و عدد الساعات و حروف لا اله الاّ اللّه في الرقوم المسطرات و في هذا المقام غرايب من المعرفة يضيق الصدر باظهارها و لايضيق بكتمانها كماقال الشاعر:
و مستخبر عن سرّ ليلي اجبته | بعمياء من ليلي بلا تعيين | |
يقولون خبّرنا فانت امينهـا | و ما انا خبّرتـهم باميـن |
و السلام و فيماذكرت جواب جميع ماسألت علي جهة الوضوح.
قــال سلمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة السادسة: فسّر لنا بعض الرموزات الحرفية.
اقــول: اعلم ان الحروف عالم مثل عالم الذوات و فيها جميع مافي العالم (العوالم خل)
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 338 *»
من الاحوال و الاوضاع و القرانات و الطبايع و الصفات و ساير الامور و ها انا انبئك مايجمع الكلّ فان بيان الكلّ علي جهة التفصيل يؤدي الي التطويل و لايمكن الاستقصاء ايضاً اذ لا نهاية لاحوالها و لا غاية لاطوارها فمن وصل الي بعض الرمز فاز بالكنز فاعلم ان اللّه سبحانه لمّاخلق الذوات و كينونات الحقايق في مقام التفاصيل جعل لكلّ ذات صفة و لكلّ معني صورة و الحروف صفات الذوات و حاملة اثارها و ترجمان احكامها و مرءاة (مراتب خل) شئوناتها فلولاها لمتظهر صفات الذوات و احكام الكينونات الغيبية في عالم الشهادة بل في كلّ عالم لان الحروف لها مراتب لاتنحصر في الالفاظ الحسية الجسمانية او (و خل) النفسية بل لها مراتب اربعة فعددية و فكرية و لفظية و رقمية فالعددية هي القوي المستجنة في كلّ حرف و الفكرية هي الحروف الغيبية المجردة فبرزخية مثالية و نفسية ملكوتية و روحية رقايقية و عقلية معنوية و اللفظية هي (/اللفظية خل) المؤلفة المقطعة من الهواء المصاغة بالضغط و القرع و القلغ (القلع خل) و الرقمية هي الصور المكتوبة المنقوشة و لكلّ منها احكام و اثار يترتب عليها و لمّاكانت الصفة علي طبق الموصوف و كانت مراتب الذوات ثمانية و عشرين تقررت الحروف ايضاً علي ثمانية و عشرين حرفاً فبازاء كلّ رتبة حرف لوجوب المناسبة و المرابطة بين الصفة و الموصوف و لمّاكان كلّ مرتبة لها جهات ثلثة جهة الي صرف مبدئه (بدئه خل) فهو حينئذ صرف اسم مبدئه لماذكرنا سابقاً من جهة كونها صرف الدلالة عليه و جهة كونه اثراً للمبدأ و متلقياً الفيض عن المبدأ و جهة صرف الانية و الماهية المظلمة المدلهمة فالجهة العليا نور محض و خير بحت من جهة الاضافة و الجهة الثانية لمّاكانت مشوبة بالعليا و السفلي فماقربت الي العليا قويت فيها جهة النور و مابعدت عنها قويت فيها جهة الظلمة و اما الجهة السفلي فهي منكسة الرأس بعيدة عن الخير و النور و السرور و الحبور ظهرت الحروف علي هذه الجهات الثلثة (الثلث ظ) فاول المراتب في الوجه الاعلي للعالم هو اسم اللّه البديع فبازائه الالف من الحروف التي هي الاعلي و اوّلها في الجهة الوسطي العقل و بازائه الالف ايضاً في الوجه الاوسط و اولها في الوجه
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 339 *»
الاسفل الشرّ المحض الجهل الكلّي و بازائه الالف المنكوسة هكذا صورتها و ثاني المراتب في الوجه الاعلي الباعث و بازائه الباء من الحروف في الوجه الاعلي و ثانيها في الوجه الاوسط النفس الكلية و بازائها الباء في الاوسط و ثانيها في الوجه الاسفل الباطل الثري و بازائها الباء المنكوسة هكذا و ثالث المراتب في الاعلي اسم اللّه الباطن و بازائه الجيم في الاعلي و ثالثها في الاوسط الطبيعة و بازائها الجيم في الاوسط و ثالثها في الوجه الاسفل الباطل الطمطام و بازائها الجيم المنكوسة و رابع المراتب في الاعلي اسم اللّه الاخر و بازائه الدال في الاعلي و رابعها في الاوسط المادة الكلية جوهر الهباء و بازائها الدال في الاوسط و رابعها في الاسفل الباطل الفاسد جهنم في الطبقات السبعة و بازائها الدال المنكوسة هكذا و خامس المراتب في الاعلي اسم اللّه الظاهر و بازائه الهاء في الاعلي و خامسها في الاوسط المثال شكل الكلّ و بازائها الهاء في الاوسط و خامسها في الاسفل الباطل ريح العقيم و بازائها الهاء المنكوسة هكذا و سادس المراتب في الاعلي اسم اللّه الحكيم و بازائها الواو في الاعلي و سادسها في الاوسط جسم الكلّ و بازائها الواو في الاوسط و سادسها في الاسفل البحر و بازائها الواو المنكوسة هكذا و سابع المراتب اسم اللّه المحيط و بازائها الزاء في الاعلي و سابعها في الاوسط العرش محدّد الجهات و بازائها الزاء في الاوسط و سابعها في الاسفل الحوت و بازائها الزاء المنكوسة هكذا و ثامن المراتب في الاعلي اسم اللّه الشكور و بازائها الحاء في الاعلي و ثامنها في الاوسط الكرسي و بازائها الحاء في الاوسط و ثامنها في الاسفل الباطل الثور و بازائها الحاء المنكوسة هكذا و تاسع المراتب في الاعلي اسم اللّه الغني و بازائها الطاء في الاعلي و تاسعها في الاوسط فلك البروج و بازائها الطاء في الاوسط و تاسعها في الاسفل الصخرة و بازائها الطاء المنكوسة هكذا و عاشر المراتب اسم اللّه المقتدر و بازائها الياء في الاعلي و عاشرها في الاوسط فلك المنازل و بازائها الياء في الاوسط و عاشرها في الاسفل بهموت و بازائها الياء المنكوسة هكذا و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 340 *»
حاديعشر المراتب اسم اللّه الربّ و بازائها الكاف في الاعلي و حاديعشرها في الاوسط فلك زحل و بازائها الكاف في الاوسط و حاديعشرها في الاسفل الباطل ارض الشقاوة و بازائها الكاف المنكوسة هكذا و ثانيعشر المراتب في الاعلي اسم اللّه العليم و بازائها اللام في الاعلي و ثانيعشرها في الاوسط فلك المشتري و بازائها اللام في الاوسط و ثانيعشرها في الاسفل ارض الالحاد و بازائها اللام المنكوسة هكذا و ثالثعشر المراتب في الاعلي اسم اللّه القاهر و بازائها الميم في الاعلي و ثالثعشرها في الاوسط فلك المريخ و بازائها الميم في الاوسط و ثالثعشرها في الاسفل ارض الطغيان و بازائها الميم المنكوسة هكذا و رابععشر المراتب اسم اللّه النور و بازائها النون في الاعلي و رابععشرها في الاوسط فلك الشمس و بازائها النون في الاوسط و رابععشرها في الاسفل ارض الشهوة و بازائها النون المنكوسة هكذا و خامسعشر المراتب في الاعلي اسم اللّه المصوّر و بازائها السين في الاعلي و خامسعشرها في الاوسط فلك الزهرة و بازائها السين في الاوسط و خامسعشرها في الاسفل ارض الطبع و بازائها السين المنكوسة هكذا و سادسعشر المراتب في الاعلي اسم اللّه المحصي و بازائها العين في الاعلي و سادسعشرها في الاوسط فلك عطارد و بازائها العين في الاوسط و سادسعشرها في الاسفل الباطل ارض العادات و بازائها العين المنكوسة هكذا و سابععشر المراتب في الاعلي اسم اللّه المبين و بازائها الفاء في الاعلي و سابععشرها في الاوسط فلك القمر و بازائها الفاء في الاوسط و سابععشرها في الاسفل الباطل ارض الممات و بازائها الفاء المنكوسة هكذا و ثامنعشر المراتب في الاعلي اسم اللّه القابض و بازائها الصاد في الاعلي و ثامنعشرها في الاوسط كرة النار و بازائها الصاد في الاوسط و ثامنعشرها في الاسفل الباطل كمثل الكلب و بازائها الصاد المنكوسة هكذا و تاسععشر المراتب في الاعلي اسم اللّه الحي و بازائها القاف في الاعلي و تاسععشرها في الاوسط كرة الهواء و بازائها القاف في الاوسط و تاسععشرها في الاسفل الباطل السموم و بازائها القاف المنكوسة هكذا و العشرون من
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 341 *»
المراتب في الاعلي اسم اللّه المحيي و بازائها الراء في الاعلي و العشرون منها في الاوسط كرة الماء و بازائها الراء في الاوسط و العشرون منها في الاسفل الباطل البحر الاجاج المالح و بازائها الراء المنكوسة هكذا و الحادي و العشرون من المراتب في الاعلي اسم اللّه المميت و بازائها الشين في الاعلي و الحادي و العشرون منها في الاوسط كرة الارض و بازائها الشين في الاوسط و الحادي و العشرون منها في الاسفل الباطل ارض السبخة و بازائها الشين المنكوسة هكذا و الثاني و العشرون من المراتب في الاعلي اسم اللّه العزيز و بازائها التاء في الاعلي و الثاني و العشرون منها في الاوسط المعدن و بازائها التاء في الاوسط و الثاني و العشرون منها في الاسفل الحجارة و الحديد و بازائها التاء المنكوسة هكذا و الثالث و العشرون من المراتب في الاعلي اسم اللّه الرازق و بازائها الثاء في الاعلي و الثالث و العشرون منها في الاوسط النبات و بازائها الثاء في الاوسط و الثالث و العشرون منها في الاسفل النبات المرّ و بازائها الثاء المنكوسة هكذا و الرابع و العشرون من المراتب في الاعلي اسم اللّه المذلّ و بازائها الخاء المعجمة في الاعلي و الرابع و العشرون منها في الاوسط الحيوان و بازائها الخاء المعجمة في الاوسط و الرابع و العشرون منها في الاسفل المسوخ و بازائها الخاء المنكوسة هكذا و الخامس و العشرون من المراتب في الاعلي اسم اللّه القوي و بازائها الذال في الاعلي و الخامس و العشرون منها في الاوسط الملك و بازائها الذال في الاوسط و الخامس و العشرون منها في الاسفل الشياطين و بازائها الذال المنكوسة هكذا و السادس و العشرون من المراتب في الاعلي اسم اللّه اللطيف و بازائها الضاد في الاعلي و السادس و العشرون منها في الاوسط الجن و بازائها الضاد في الاوسط و السادس و العشرون منها في الاسفل شياطين الجن و بازائها الضاد المنكوسة هكذا و السابع و العشرون من المراتب في الاعلي اسم اللّه الجامع و بازائها الظاء في الاعلي و السابع و العشرون منها في الاوسط الانسان و بازائها الظاء في الاوسط و السابع و العشرون منها في الاسفل شياطين الانس و بازائها الظاء المنكوسة هكذا و الثامن و العشرون من المراتب في الاعلي اسم اللّه رفيع
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 342 *»
الدرجات (الرفيع الدرجات خل) و الثامن و العشرون منها في الاوسط الجامع7 و بازائها الغين في الاوسط و الثامن و العشرون منها في الاسفل ابليس لعنه اللّه تعالي و بازائها الغين المنكوسة هكذا فهذه هي مراتب الموجودات و بازاء كلّ موجود في كلّ مرتبة حرف تؤثر تأثيره (اثره خل) و تعمل عمله و تفعل فعله اذا قدرت بالميزان الطبيعي فكلّ حرف بازائها الخواص المختصة بكلّ (في كلّ خل) مرتبة فيشار بها اليها فكما ان العوالم و المراتب الغيرالمتناهية انما حصلت من قرانات هذه المراتب بعضها مع بعض كذلك اللغات و الاوضاع و الكلمات الغيرالمتناهية انما حصلت من قرانات هذه الحروف بعضها مع بعض و هذا الذي ذكرت لك مفتاح كلّ مشكل و اللّه الهادي الي الصواب و به يظهر اسرار السنة و الكتاب.
و اعلم ان في الحروف حروف متحابية و حروف متصادقة و حروف فكرية و حروف رقمية و حروف متواخية و مفردة و صامتة و ناطقة و ظاهرة و باطنة و متصلة و منفصلة و خاصة و عامة و روحانية و جسمانية و علوية و سفلية و جمالية و جلالية و ليلية و نهارية و غربية و شرقية و شمالية و جنوبية و ثابتة و ساقطة و متحركة و ساكنة و بسيطة و مركبة و مذكرة و مؤنثة و شمسية و قمرية و عقلية و حسية و غالبة و مغلوبة و سعدية و نحسية و فاتحة و خاتمة و وترية و شفعية و لطيفة و كثيفة و حيوانية و نباتية و معدنية و نارية و هوائية و مائية و ترابية.
فاما المتحابية ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق و عدتها 20 حرف و كلّ حرف لها نتايج و بسايط و قديطلق عليها المتصادقة.
و اما المتصادقة فهي حروف ا هـ ط م ف ش ذ مع حروف ب و ي ن ص ت ظ و حروف ج (ح) ز ك س ق ث ض.
و اما المتعادية فهي الاحرف الاولي (الاول خل) مع د ح ل ع ر خ غ و الاحرف الثانية مع الاحرف الثالثة فتدبر.
و اما الحروف الفكرية فهي التي تكون في حديث النفس في اختراع امر من الامور الكلية و تجمعها الثلثة و الثلثون حرفاً كماورد في الحديث عن الرضا7 علي مارواه في عيونالاخبار و التوحيد.
و اما الحروف الرقمية فهي علي نوعين و ذلك باعداد جملي للحروف و اعداد رقم الهندي بقلم اهل الهند
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 343 *»
و يسمونه بقلم الانوار و مثال الاول الالف احد و الباء اثنان و الجيم ثلثة الي اخر الحروف (الاحرف خل) و مثال الثاني الالف 1 الباء 2 ج 3 د 4 وهكذا الي اخرها.
و اما الحروف المتواخية فهي المزدوجة مثل ب ت ث ج ح و امثالها.
و اما المفردة فهي التي لايكون لها حرف بين الحروف يماثلها مثل ا هـ م و ك.
و اما الصامتة فهي ا ح د ر س ص ط ع ك ل م.
و اما الناطقة فهي مثل م ن و و هذا مذهب اهل المغرب و اما اهل المشرق فانهم يقولون انها هي الحروف ذوات النطق.
و اما الظاهرة فهي التي يتلفظ الشخص عند النطق.
و اما الباطنة فهي التي تظهر في النطق لا في الخط كالالف في اللّه و الرحمن و تطلق ايضاً علي تكسير الحروف.
و اما المتصلة فهي التي اذا كسرت و بسطت الحروف تجمع كلّ حرف علي طبيعته و تنظم المناسب.
و اما المنفصلة فهي التي تكررت وقت التكسير.
و اما الخاصة فهي حروف المراتب مثل ا ب ج د.
و اما العامة فهي حروف الدقايق و مابعدها الي اخر مراتبها مثل ذ ض ظ غ.
و اما الروحانية مثل الالف و ماشاكلها في المرتبة.
و اما الجسمانية فمثل ح ص ض اصحاب اجسام في تشكيلها.
و اما العلوية فهي حروف المراتب.
و السفلية هي الحروف (حروف خل) الدقايق.
و اما النهارية فهي النورانية و هي ص ر ا ط ع ل ي ح ق ن م س ك هـ .
و اما الشرقية فهي ا ي ق غ ب ك ر ج ل ش د م ت هـ ن ث و س خ ز ع ذ ح ف ص ط ض ظ.
و اما الغربية فهي ا ع هـ ط ن ف ش الي اخرها.
و اما الجنوبية فهي منصع ثخذ الي اخرها.
و اما الشمالية فهي ابجد هوّز الخ و هي اصل في الاعداد.
و اما المتحركة فمثل الخاء و ماشاكلها.
و اما البسيطة فهي الحروف الهجائية.
و المكسرة و معني التكسير تفكيك الاسم و بسطه و تفصيله بالحروف المقطعة.
و اما المركبة فهي الحروف المؤلفة المجتمعة من البسط و التكسير.
و اما المذكرة فهي اصول الحروف من الالف الي الطاء.
و اما المؤنثة مثل فهي حروف يتلفظ بحرف (بحروف خل) الهاء.
و اما الشمسية فهي الحروف الحارّة.
و اما القمرية فهي الحروف الباردة.
و العقلية هي حروف المراتب و الدرج.
و الحسية هي الحروف الشفوية كما
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 344 *»
ان العقلية هي حروف الحلق.
و الغالبة ماكان عددها وتراً.
و المغلوبة ماكان عدد بسايطها زوجاً.
و السعيدة في اوايل السور.
و النحسية ق ش ج ث ظ ح ذ (ز خل) هـ .
و الفاتحة مثل ا ل و ت (ث خل) ي.
و الخاتمة مثل م ا ي ن.
و الوترية ماكان بسايطه ثلثة احرف او خمسة.
و الشفعية ماكانت اربعة او ستة.
و اللطيفة هي النورانية.
و الكثيفة هي الظلمانية و هي الليلية.
و النباتية ب هـ ح (/ك خل) ن ر ق ت د ع.
و الحيوانية ف ج هـ ك /ن (زائد خل) ر د ت ض (ص خل).
و المعدنية ح (ج خل) و ط ل س ص ش خ لا.
و اما حروف الطبايع و المراتب و الدرجات فانظر في هذا الجدول فاعرفها.
مقامات الطبايع | نارية | ترابية | هوائية | مائية | قيل في الانبياء |
المراتب | ا | ب | ج | د | ابراهيم7 |
الدرجات | هـ | و | ز | ح | هارون7 |
الدقايق | ط | ي | ك | ل | موسي7 |
الثواني | م | ن | س | ع | ادريس7 |
الثوالث | ف | ص | ق | ر | يوسف7 |
الروابع | ش | ت | ث | خ | عيسي7 |
الخوامس | ذ | ض | ظ | غ | آدم7 |
و نسبة المرتبة الي الدرجة و هي الي الدقيقة وهكذا الي اخرها قيل انها ثلثون و قيل عشرة و للكلّ وجه فزن مقادير الحروف بهذا الميزان فاذا وقع التعارض و التنافي بين الحروف المتعادية فاعرف مراتبها من هذا الجدول ثم عدلها بمايناسب مقامها و مرتبتها من الحروف المصلحة لها كماهو المقرر عندهم.
و اما الحروف الساقطة فهي التي تسقط عند الطرح او عند البسط او غير ذلك من الاحوال و الثابتة تقابلها.
و اعلم ان الحروف علي ثلثة اقسام مكتوب و ملفوظ و مسرود فماكان من الحروف ثنائية تسمي مسرودة و ماكان ثلاثية فان كان اوّلها عين اخرها كالميم و النون و الواو فهي ملفوظة و الاّ فمكتوبة.
و لها تقسيم اخر لانها تنقسم الي جبروتية و ملكوتية و ملكية فماكان من حروف الحلق فهي جبروتية و ماكان من حروف الوسط فملكوتية و ماكان من حروف الشفة فملكية.
و لها تقسيمات اخر و يتفرع علي كلّ منها تصاريف و احكام و تأثيرات
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 345 *»
غريبة عجيبة يطول بذكرها الكلام و الاطلاع عليها موكول الي كتب اهل الجفر الاّ ان الذي ذكرت كليات العلم فالمتفطن يلتفت الي الرمز و يستخرج الكنز و اللّه الهادي للصواب و عليه المعوّل في المبدأ و المئاب.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في المسألة خل) السابعة: ما المراد من الحروف المقطعة في القرءان.
اقــول: اعلم ان جلّ العلوم بل كلّها (/من خل) تفاصيل احوال الخلق اغلبها علي جهة الواقع و الحقيقة انما تستفاد من الحروف المقطعة القرءانية من جهة ذاتها و صفاتها و قراناتها و اتصالاتها و انفصالاتها و طبايعها و اوضاعها و علويها و سفليها و مجردها و ماديها و حارها و باردها و رطبها و يابسها و مرتبتها و درجاتها و دقايقها و ثوانيها و ثوالثها و روابعها و خوامسها و نورانيها و ظلمانيها و افلاكها و عناصرها و نجومها و بروجها و منازلها و ملائكتها و شياطينها و ساير احوالها من اعرابها من ضمّها و فتحها و كسرها و رفعها و نصبها و جرّها و جزمها و سكونها و بنائها و غيرها و (من خل) ساير شئوناتها بساير قراناتها فان لكلّ واحد من هذا المجموع له نسبة الي المجموع و تؤثر كلّ نسبة الي المجموع استخراج حكم خاص من الاحكام الوجودية و لا نهاية لهذه القرانات و الاحوال فلا غاية اذن للاسرار القرءانية و الي نوع ماذكرنا ينظر قول مولينا الباقر7 علي مارواه في التوحيد الي ان قال7 لو شئت لاستخرجت جميع مايحتاج اليه الخلق من لفظة الصمد و قول مولينا اميرالمؤمنين7 ان كلّ مافي القرءان في الحمد و كلّ مافي الحمد في البسملة و كل ما في البسملة في الباء و كل ما في الباء في النقطة و انا النقطة تحت الباء و نوع كيفية الاستخراج و الاستنباط مااشرنا اليك من ملاحظة نسبة هذه الحروف و الكلمات بعد التقطيع (التقطع خل) و مشاهدة ماقبلها من الحروف اي يمينها و يسارها و فوقها و تحتها فان لكلّ حرف لها يمين و يسار و فوق و تحت مثل الالف فان يمينها الغين و يسارها الباء و فوقها الباء و تحتها القاف /هكذا (خل) /و يمينها الالف و يسارها الجيم و فوقها الكاف و تحتها الراء فاذا اردت وضعها عند نسبة هذه الجهات فارسمها هكذا (زائد خل) فاذا لوحظت
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 346 *»
هذه النسبة التي اشرنا الي قليل من انواعها تستنبط (تنبسط خل) العلوم و المعارف و الاخبار بالمغيبات و ماتكنه الضماير و تستجنه السرائر و وقوع الحادثات المستقبلة و تحقيق الاحوال الماضية و الواردات الخيالية مماعندك و المشرق و المغرب فان الحروف مظاهر للابتداع و الاختراع و بها جري التأثير و الفعل في العوالم العلوية و السفلية كماقال مولينا الرضا7علي مارواه في العيون ان اول ماخلق اللّه الاختراع و الابتداع ثم خلق الحروف فجعلها فعلاً منه يقول للشيء كن فيكون و القرءان هو اعلي مظاهر الفعل الظاهر في الكينونات بسرّ الحروف فيكون بتلك الحروف مشتملاً علي جميع اسرار الفعل و لذا قال تعالي تفصيل كلّ شيء، مافرطنا في الكتاب من شيء و تبياناً لكلّ شيء و لايطلع علي تلك الاسرار بتلك الاطوار الاّ محمد و اله الاطهار الابرار عليه و: مادام الليل و النهار /اذ لاتقتضي (فلايقتضي خل) كينونات الخلق (الخلائق خل) انيدركوها و يعرفوها و يحيطوا بها نعم قدعلموا بعض خواص الشيعة نوعها و شرذمة من بعض تفاصيل احوالها و ذلك /ممايصعب (لصعب خل) بيانه و يعسر (لعزيز خل) برهانه فطيّها اولي من شرحها و ان كانت قدذكرت بالنوع يدركها من كان له قلب او القي السمع و هو شهيد و هذا هو الحكم في الحروف المقطعة في جميع القرءان اذا قطعت الكلمات و فصلتها حروفاً.
و اما الحروف المقطعة في اوائل السور فاعلم انه اختلفت اقوال المفسرين فيها اختلافاً فلانتعرض لذكرها اذ لا فائدة فيها و اما ماورد التصريح به في الاخبار فقدورد في تفسير الم، انا اللّه اعلم و في تفسير المر، انا اللّه اعلم و اري و ورد ايضاً ان الالف اشارة الي اللّه و ان اللام اشارة الي جبرئيل و ان الميم اشارة الي محمد9 يعني ان هذا القرءان نزل من اللّه سبحانه بواسطة جبرئيل الي محمّد9 و ورد ايضاً انها حروف الاسم الاعظم الذي اذا دعي اللّه به اجاب و هو الاسم اللفظي لا الاسم الاعظم المعنوي فان تأثير الثاني لاناس مخصوصين و الاوّل لكل احد فاذا اراد الامام7 انيدعو اللّه سبحانه بذلك الاسم يؤلف من هذه الحروف اسماً كيف يشاء (شاء خل)
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 347 *»
فيدعو اللّه به و ذلك مكتوم يتفردون به سلام اللّه عليهم لايشاركونه (لايشاركه خل) سواهم و ورد ايضاً انها بيان التواريخ كمافي حديث ابيلبيد (ابيالنذ خل) المخزومي عن الباقر7 ان الم تاريخ خروج النبي9 و الم اللّه تاريخ خروج الحسين7 و المص تاريخ خروج الفولسق (القويس خل) المهدي العباسي لعنه اللّه و المر تاريخ خروج المهدي مولينا صاحب الزمان عجل اللّه فرجه و عليه السلام و ذلك بالحكم الوضعي و يمحو اللّه مايشاء و يثبت و عنده امّ الكتاب و ورد ايضاً عن العسكري7 ماوجد بخطه الشريف روحيفداه ان طه و الطواسين (طواسين خل) ايضاً اشارة الي ذلك كماقال7 بعد كلام له و شيعتنا الفئة الناجية و سينفجر (سنفجر خل) لهم ينابيع الحيوان بعد لظي النيران لتمام الم و طه و الطواسين (طواسين خل) و ورد في تفسير كهيعص انه اشارة الي الاسماء الالهية اي الكافي و الهادي و الولي و العالم و الصادق و ورد ايضاً عن الحجة7 ان الكاف اشارة الي كربلاء و الهاء اشارة الي هلاك العترة الطاهرة: و الياء اشارة الي يزيد لعنه اللّه تعالي (عليه اللعنة و العذاب خل) و العين اشارة الي عطش اهل بيت الرحمة جعلني اللّه فداهم و الصاد اشارة الي صبرهم علي تلك المصايب الجليلة و الرزايا العظيمة و ورد في تفسير طه انه اسم من اسماء النبي عليه و اله السلام و لمّاكان9يتعبد للّه سبحانه و يقوم قائماً بابهامي رجليه الشريفة حتي تورمت قدماه نزلت الاية طه ماانزلنا عليك القرءان لتشقي اي طأها و لاتجعل نفسك في المشقة و ورد في تفسير يـس عن ابنعباس يا انسان او يا سيد الاولين و الاخرين و ورد انه اسم من اسماء النبي9 و اليس اي المحمد9 و هو قلب القرءان و ورد في تفسير الصاد انه بحر تحت العرش و هو الماء الذي كان العرش عليه قبل خلق السموات و الارض و عن اميرالمؤمنين7 لو صبّ خردل حتي ملأ الفضاء و سدّ مابين الارض و السماء و انت لو عمرت و كلّفت مع ضعفك انتنقل حبة حبة من المشرق الي المغرب حتي ينفد لكان ذلك اقل من جزء من مائة الف جزء من رأس الشعير ممابقي العرش علي الماء قبل خلق السموات و الارض و استغفر اللّه من قلة
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 348 *»
التحديد بالقليل انتهي و ورد في تفسير حـم انه اسم محمد9كماورد في قوله تعالي حم و الكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كلّ امر حكيم، ان حم هو اسم رسولاللّه9 و الكتاب المبين هو مولينا اميرالمؤمنين7 انا انزلناه اي علياً7 في ليلة مباركة و هي الصديقة الطاهرة فيها يفرق كلّ امر حكيم اي يمتاز كلّ امام حكيم بعد امام حكيم و ورد في تفسير حمعسق، ان حم اسم محمّد9 و علم علي كلّه في عسق انتهي فالعين اشارة الي عقله7 و السين اشارة الي نفسه و القاف اشارة الي جسمه الشريف7 و هذه المراتب هي مواقع العلوم علي الاطلاق و لايشذّ علم عن هذه المراتب و ورد في تفسير ق انه جبل من زمردة خضراء محيط بالدنيا و عليه اطراف السماء و منه خضرة السماء و ورد في تفسير ن و القلم و مايسطرون، ان النون ملك يؤدي الي القلم و هو ملك يؤدي الي اللوح و هو ملك انتهي و هذا ماوقفت عليه من تفاسير هذه الحروف المقطعة عن اهلالبيت: من جهة التصريح.
و اما التلويح و الاشارة فيظهر من تلويحات الاخبار و اشاراتها و بواطنها تفاسير غريبة عجيبة لهذه الحروف المقطعة و ذكر الجميع يؤدي الي التطويل و ليس لي الان ذلك الاقبال لتوفّر الاشغال لكنك اعلم مجملاً انك اذا حذفت مكررات هذه الحروف تخلص اربعهعشر حرفاً كلّها من الحروف النورانية و هي ص ر ا ط ع ل ي ح ق ن م س ك هـ و يجمعها قولك «صراط علي حق نمسكه» و فيها اشارة الي سرّ القرءان و انه ماظهر و ما تمّ و ماوضح الاّ بالهياكل الاربعهعشر ثم اشار الي اسرار هذه الهياكل النورانية التي هذه الحروف صفاتها و مظاهرها بذكر مراتب الحروف ففيها من الحروف الملفوظة اثنان (اثنتان ظ) احديهما الميم و الثانية النون فجعل الميم في الاول و النون في الاخر للاشارة الي الاول و الاخر و الظاهر و الباطن لاظهار سرّ بكم فتح اللّه و بكم يختم و دلالة كون محمد9خاتمالانبياء و هم: خاتمالاوصياء انهم الفاتح لمادلّ الدليل القطعي علي ان كلّ خاتم
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 349 *»
هو الفاتح و اليه الاشارة بمافي حديث الشمس حين سلمت علي علي7بمحضر من اصحاب النبي9 و قالت السلام عليك يا اوّل يا اخر و يا ظاهر و يا باطن الحديث و الحديث معروف مشهور فابتدأ بالميم للاشارة (اشارةً خل) الي البدء اذ بدء ظهور الكون في اربعين مقاماً ثلثون لاتمام القابليات و عشرة لظهور المقبول (المقبولات خل) كمافي قوله تعالي و واعدنا موسي ثلثين ليلة و اتممناها بعشر فتمّ ميقات ربه اربعين ليلة فقداشار باللام الي الثلثين المراتب المتقدمة في القوس الصعودي و بالميم الي اجتماع المراتب و بالالف الي المبدأ الفاتح فان البسملة اذا عددتها هي تسعهعشر حرفاً و هي قوي الواحد و الواحد استنطاقه الالف المتحركة و البسملة هي الاسم الاعظم كمادلّت عليه الاخبار و شهد له صحيحالاعتبار و اللّه سبحانه خلق الخلق باسمائه كمافي الدعاء و باسمك الذي به خلقت كذا و كذا الي اخر الدعاء فالالف هي الاشارة الي المبدأ لفظاً و معني و اللام الي ظهور القابليات و الميم الي اجتماع القوابل مع المقبولات فبالميم تمّ الكون الاول فاقتضي انيكون الم في الاول اشارة الي الاصل و الفرع و النون هي الاشارة الي العود لان النون هي بحر الصاد و ذلك نهاية مقام المعراج حين مانودي يا محمّد ادن من صاد و توضأ لصلوة الظهر فافهم و فيها من الحروف المكتوبة سبعة و هي الصاد و الالف و العين و اللام و القاف و السين و الكاف و هي الاشارة الي السبع المثاني كمافي قوله تعالي و لقداتيناك سبعاً من المثاني و القرءان العظيم و قال مولينا الباقر7 نحن المثاني الذي اعطانا اللّه نبيّنا و اسماؤهم صلّي اللّه عليهم سبعة بعد حذف المكرّر و فيها من الحروف المسرودة خمسة و هي الطاء و الياء و الخاء و الراء و الهاء و هي الاشارة الي التوحيد لان الخمسة استنطاقها هاء و الهاء اذا اشبعت تتولد منها الواو فيتمّ اسم هو الذي هو من الاسم الاعظم و هو ميادين التوحيد لانها احدعشر خمسة منها فيها ظلمة و هلاك و خمسة منها فيها نور و نجاة و واحدة فيها ظلمات و رعد و برق فاشار بالخمسة الي المقامات النورية التي استنبطت في الاسم اللّه فلمّاذكرت الستة التي هي مقامات الواو
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 350 *»
ظهرت كلمة التوحيد التي هي لا اله الاّ اللّه و في دعاء رجب فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الاّ انت و في الزيارة و حروف لا اله الاّ اللّه في الرقوم المسطرات فلنقبض العنان فللحيطان اذان فافهم وفّقك اللّه لمايحبّ و يرضي و لولا خوفي من اشباه الناس لاطلقت عنان القلم في هذا الميدان ولكن لكلّ شيء اجل مقدر.
قــال ايّده اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الثامنة: كم مقدار فضل محمّد9علي علي7 .
اقــول: هذا سرّ غامض فان التفاضل بين ائمتنا المعصومين: شيء لاتصل اليه افهامنا (اذهاننا خل) و لاتدركه عقولنا و احلامنا و لاتسعه اسماعنا لان احوالهم فوق ذكرنا و ذاتنا و الشيء لايجاوز ماوراء ذاته فاني للرعية و معرفة ذوات الائمة: حتي يعرف مقادير تفاضل بعضها علي بعض فنسبتنا اليهم كماقال تعالي حكاية عنا لانفرق بين احد من رسله و نسبتهم: الينا كماقال اميرالمؤمنين7 كلّنا محمّد اوّلنا محمّد و اخرنا محمّد صلّي اللّه عليه و عليهم اجمعين فلا فرق بينهم (بينهما خل) في جميع العلوم و الاسرار و الاحوال المتعلقة بالمخلوقين باسرهم باسرها و هو قولهم: كلّنا في العلم سواء و قوله7حتي لايكون اخرنا اعلم من اوّلنا الحديث ولكن لهم:مراتب و مقامات في المراتب الذاتية حسب اختلافهم (اختلافاتهم خل) في تقدم الاجابة لمّاسألهم سبحانه ألست بربكم فكان رسولاللّه9 اول من اجاب داعي الحق و لبّي نداءه كماقال9 اني فضلت النبيين لاني كنت اول من اجاب داعي ربي حين قال الست بربكم ثم بعد اجابته9اجاب علي7 و هذا الاختلاف في اجابتهم انما وصل الينا باخبارهم: و الاّ فنحن قاصرون لادراكه و التفاوت بين الاجابتين هو مقدار الفضيلة و قد حدّد هذا التفاوت في بعض الاخبار كمافي رواية جابر عنه9 حين سأله عن اول المخلوقات قال9 ان اول ماخلق اللّه نور نبيك يا جابر
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 351 *»
فكان يطوف حول جلال القدرة ثمانين الف سنة فلمّا وصل الي جلال العظمة خلق منه نور علي فكان نوري يطوف حول جلال العظمة و نور علي يطوف حول جلال القدرة انتهي فبيّن9 مقدار التفاضل و هو ثمانون الف سنة فحيث لا زمان هناك و لا تقدير هذه الليالي و الايام ترجع السنة الي المرتبة فيكون محمّد9افضل من علي7 بثمانين الف مرتبة و بذلك التأخر تحققت العبودية في قوله7 انا عبد من عبيد محمد9 و هذا لاينافي كونهما حقيقة واحدة لان المراد هو الظهور بالتعين و التشخص في مقام الامتياز لان مقام النبي9 هو مقام الاجمال و هو مقام النقطة و مقام علي7مقام التفصيل و هو الالف و قدتقدّم مراتب وجوده علي مراتب وجود علي7في المقامين مقام الغيب و الشهادة و المراتب اربعون و هي القبضات العشر المأخوذة من افلاك ذلك العالم اي عالم النقطة الظاهرة في اربعة ادوار دورة المعدن و دورة النبات و دورة الحيوان و دورة (دور خل) الانسان بحسب ذلك العالم البسيط علي جهة البساطة و الشرافة و الوحدة و دلّت علي الاعلي مقامات الاسفل لقول اللّه تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قول مولينا الرضا7 قدعلم اولوا الالباب ان ماهنالك لايعلم الاّ بماهيهنا فاذا اعتبرت مقام نشو النقطة في باطنها عن بارئها وجدتها علي هذه المراتب /و نشوها في ظاهرها بذكر المتعلقات فيها وجدتها علي هذه المراتب (زائد خل) و كلّ مرتبة تقابل الف مرتبة مماعندنا فان يوماً عند ربك كالف سنة مماتعدّون فكان (فكانت خل) ثمانون الف رتبة و هي مقامات فضل محمد9 علي علي7 و قدظهر ذلك (لك خل) في اسمه الشريف حيث زيد الميمان للاشارة الي هذه الدقيقة و الاّ فهما صلّي اللّه عليهما و الهما يتفقان و يجتمعان بحسب الاسم بملاحظة ظهور المبدأ في مادة الحمد و الفرق اما بزيادة الالف ليكون احمد او بزيادة الميمين ليكون محمد9فلك انتقول ان النبي9 افضل من علي7 لكونه اعلم منه في معرفة
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 352 *»
التوحيد بحرف واحد في مقام احمد و ثمانون الف حرف في مقام الاسم محمد او قل اعلم منه بحرف واحد مشتملة علي ثمانين الف جهة او قل بكلمة واحدة مشتملة علي ثمانين الف حرف.
و اعلم ان التفاضل انما هو منحصر في العلم باللّه لا سواه و العلم باللّه /انما يتصور (لايتصور خل) للعالم في مقام ذاته لا في مرتبة صفاته و شرح ذلك يطول به الكلام و كأنه ظاهر يقرب حدّ الضرورة و لا منافاة في ذلك مع قوله9 يا علي ماعرف اللّه الاّ انا و انت فانه9يريد ان غاية المعرفة الممكنة بعده منحصرة فيه7 لا انهما متساويان في العلم باللّه و الاّ لماكان احدهما افضل من الاخر ضرورة وجوب تساويهما في كلّ ماسواه من الاحوال المتعلقة بالخلق ثم ان تلك الاحوال معرفتها لاتورث شرفاً اذ لا شرافة لغير اللّه و لا فخر لماسواه فالمتعلق بغير الافضل لايكتسب فضلاً اصلاً كمن عنده الخزف مع من عنده جوهرة فافهم هذا ظاهر الكلام من اقصي مايمكن عنه التعبير بالكتابة لاهل العموم.
يقولون خبّرنا فانت امينها | و ما انا ان خبّرتهم بامين |
و لا حول و لا قوة الاّ باللّه العلي العظيم.
قــال وفّقه اللّه لمراضيه (سلّمه اللّه تعالي خل): (/في خل) المسألة التاسعة: ما معني الجبر و التفويض و الامر بين الامرين.
اقــول: اما الجبر فهو جعل الشيء علي خلاف مايقتضيه و يلزمه القول بانه (بان خل) الخلق علي غير ماهو عليه فالاختلاف في الاشياء علي القول بالجبر ينسب الي نفس /ارادة (زائد خل) الخالق الجاعل لا الي شيء سواه و فيه لزوم الترجيح من غير مرجح و هم يلتزمون بذلك فيجعلون نسب الاشياء بعضها ببعض من الامور الاتفاقية حسب جعل الجاعل لا لاقتضاء بينهما و نسبة حقيقية بينهما و قالوا ان اللّه سبحانه اجري عادته انيخلق شيئاً بعد شيء و ان سئلوا عن سبب جريان هذه العادة و اختصاصها يقولون ان ذلك بلا سبب و ترجيح من غير مرجح و هو تعالي لايسأل عمايفعل و قالوا ان اللّه تعالي خلق الافعال من الخير و الشرّ و لا دخل للعبد (للعباد خل) فيه
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 353 *»
فحين مايخلق الزنا في زيد و يخلق الصلوة في عمرو لا خبث في زيد اقتضي ذلك و لا حسن في عمر يقتضي ذلك فاذن لا مدح يرجع الي عمرو و لا ذمّ يرجع الي زيد و تشبّثوا في ذلك ببعض الايات و الاخبار المتشابهة التي اوردت كذلك لاستنطاق سرايرهم الخبيثة و استعلام بواطنهم الفاسقة المدلهمة و فيالحقيقة هذا القول يقرب الي السوفسطائية بل هو قولهم حقيقة و الادلة الثلثة من الحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي احسن مع شرايطها الاربعة و متمماتها و مكمّلاتها التي هي الكتاب المحكم و السنة المعلومة و العقل المستنير و العالم من الافاق و الانفس التي اري اللّه سبحانه اياته فيها ايانا ناصة علي بطلانه و فساده لضرورة ان اللّه سبحانه ذمّ المسيئين و مدح المحسنين و ليس ذلك الاّ لقبح السيئة و مدح الحسنة فاذا كان هو سبحانه الفاعل لذلك قبح الذم و المدح بالضرورة و لكان المحسن اولي بالاساءة من المسيئ لان الاحسان انما اجري فيه من غير اقتضائه و طلبه بل كان يطلب الاساءة و يقتضيها و الاّ لميكن الجبر و لكان المسييء اولي بالاحسان من المحسن لماذكرنا و لا ظلم اعظم من انيجعل الشخص كافراً ثم يحرقه بالنار و يعذبه بانواع العذاب لانه كفر و يجعل الشخص مؤمناً ثم يثيبه و يمدحه و يدخله الجنة و ينعم عليه بانواع النعم و لا جهل اعظم من انيكلّف احداً ماليس في وسعه او يكلّف مالايسعه خلافه و لا كذب اعظم من القول بعد ذلك لايكلّف اللّه نفساً الاّ وسعها و قوله تعالي فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند اللّه ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مماكتبت ايديهم و ويل لهم ممايكسبون فان نسبة الفعل الي غيره و هو الفاعل لذلك الفعل كذب و افتراء تعالي اللّه سبحانه عمايقوله الملحدون و المشبّهون علوّاً كبيراً.
و اذا نظرت الي دليل الموعظة الحسنة وجدت فساد هذا القول لان اللّه سبحانه كامل مطلق و قادر مطلق يجب انيجري فعله علي احسن الكمال لئلايقول احد لو كان كذا لكان احسن فاذا كان كذلك فلا شك و لا ريب ان اجزاء فعله علي جهة الاختيار و جعل المخلوقين مختارين ذوي شعور و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 354 *»
ادراك و اختيار و ارادة اولي و احسن من انيجعلهم مجبورين و لا ريب ان المختار اشرف من المضطر المجبور فيجب انيختار المختار لا المضطر و يجري فعله و مفعوله علي جهة الاختيار اذ لا شك انه قادر علي ذلك و متمكن منه.
و اما دليل الحكمة فاعلم ان الجبر لايمكن تصوره و التعبير عنه لان الايجاد يستحيل من غير الانوجاد فاذا قلت ان اللّه سبحانه اوجد هذا الشيء فهل هو انوجد ام لا فاذ لمينوجد لميوجد و اذ انوجد وجد و الضمير في الانوجاد يرجع الي الشيء /او مخلوق لا الي الفاعل الخالق كمافي قوله تعالي كن فيكون فان الضمير الفاعل في فيكون يرجع الي الشيء (زائد خل) و لايرجع الي المكون ضرورة اذ لا ريب ان الشيء حين حدوثه يكون له جهتان جهة الي نفسه /و جهة الي ربّه (زائد ظ) و بها تحكم عليه و تشير اليه و تقول هو و جهة الي ربّه و بها تسنده (تنسبه خل) الي خالقه و تجعله اثراً و لاتجري عليه حكم التمييز (التميز خل) و من نسبة هاتين الجهتين و اقترانهما حصل الاختيار للشيء المركب من هاتين الجهتين و هما الضدان في قوله تعالي و من كلّ شيء خلقنا زوجين لعلّكم تذكرون و قول مولينا الرضا7 ان اللّه لميخلق فرداً قائماً بذاته للذي اراد من الدلالة علي نفسه فخلق لكلّ شيء ضدّاً و هو قوله تعالي و من كلّ شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون الحديث فاذا حصل الاختيار بطل الاضطرار لان الانوجاد من باب المطاوعة لا المكرهة (المكروهة خل) فبطل الجبر اذن.
و اما التفويض فهو القول بان اللّه سبحانه خلق الخلق و هيّأ لهم الاسباب و الالات و الاختيار و الشعور و الادراك و القدرة علي الفعل و عدمه ثم فوّض الامر اليه يعني رفع يده عنه لان المكلّف كالوكيل فانه يجعل الموكّل له كلّما يحتاج اليه ثم يرفع يده عنه فهو يفعل و ان كان فعله بامر الامر لكن حال الفعل ليس للامر تسلط عليه اي ليس حين الفعل بيده و انما هو معزول عنه كمافي مثال الوكيل و الموكّل و ذلك في البطلان بمكان لانه يستلزم اعتزال الحقّ سبحانه عن ملكه و استغناء الممكن حين الفعل عن خالقه و ان كانت الات الفعل كلّها به لان الوكيل حين الفعل ليس في يد الموكّل و انما هو مستقل و ان كان بامره و حكمه و مثل العبد حين يقول له سيّده افعل الامر
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 355 *»
الفلاني فانه حين فعله له خارج عن يد السيد و احاطة قدرته كماهو المعلوم و اذا صحّ استغناء الممكن عن اللّه سبحانه في حالة صحّ في كلّ الاحوال.
و اما سرّ الامر بين الامرين فهو و ان كان من اصعب مايرد علي العلماء الاّ ان الاشارة اليه في قوله تعالي في الحديث القدسي و ذلك انا (اني خل) اولي بحسناتك منك و انت اولي بسيئاتك مني انتهي و ذلك ان الطاعة نور مقصود لذاته فيتعلق به الجعل الالهي بالذات و المعصية ظلمة مقصودة بالعرض فيتعلق به الجعل بالعرض لقوام الطاعة و تحققها فالطاعة من العبد بالذات قائمة بمشية اللّه لها بالذات و المعصية من العبد بالذات قائمة بمشية اللّه لها بالعرض يعني ان اللّه سبحانه حافظ لفعل العبد في كلتا الحالتين اي في حالة الطاعة و حالة المعصية فلو رفع حفظه عنه انعدم و فني لايقدر علي الطاعة و لا علي المعصية فيبطل (فبطل خل) اختياره فاللّه سبحانه يحفظ فعله اذا اطاع و يوافق الفعل (ذلك خل) محبة اللّه سبحانه و لمّاكانت الطاعة هي النور و الخير فكانت منسوبة الي اللّه سبحانه لانه المقصود بذاته في الايجاد ولكنه لايظهر الاّ بالعبد فالطاعة و النور من اللّه و اليه لكنهما بالعبد و كذلك يحفظ فعله حين المعصية لكن بالتخلية و الخذلان ليبقي الاختيار فهي راجعة الي العبد و منه و اليه ولكنها باللّه سبحانه فكان اللّه سبحانه اولي بالطاعة و العبد اولي بالمعصية و ان كان لكلّ منهما مدخلية و مثال ذلك الشمس لمّا اشرقت علي الجدار ظهر النور و وجد خلفه الظلّ فلولا الشمس لميكن النور و لا الظلّ فهما موجودان بها و متحققان بفاضل ظهورها لكن النور من الشمس و هو المقصود لذاته في احداث الشمس اياه ولو لميكن الجدار لميظهر ذلك النور ابداً فكان الجدار له مدخلية في الاستضاءة و يرجع المدح اليه حيث انه قبل عطية الشمس علي ماينبغي ولكن الشمس حين مااعطته النور لمترفع يدها عنه فالنور في الجدار ايضاً متقوّم بالشمس حال كونه فيه ولكن (ولكنه خل) قابلية الظهور من الجدار حسب مااعطته الشمس و اما الظلّ فهو و ان كان متقوماً بالشمس و محفوظاً بها لكنّه لاينسب الاّ الي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 356 *»
الجدار و لايرجع الاّ اليه و الشمس انما حفظته بحكم التخلية و الخذلان حسب (حيث خل) ماسأل الجدار بلسان فقره اياها لتحدث له ذلك فالجدار اولي بالظلّ من الشمس فتقول الشمس للجدار انا اولي بالنور منك و انت اولي بالظل مني و المراد بالجدار نفس قابلية النور المتشعشع من الشمس الظاهرة في هذا الجسم الكثيف فافهم ان كنت تفهم و الذي ذكرنا اشارة يسيرة و شرح حقيقة الحال مايمكن في هذه العجالة مع ان هذه المسألة من اسرار القدر الذي امرنا بالكفّ عنه و لو يسّر اللّه لنا مشافهتكم لالقينا اليكم من هذه الجواهر المكنونة المخزونة اعلاها و اثمنها الاّ ان فيماذكرت بالاشارة كفاية لمن طلب الهداية و جانب العناد و اللجاج و اللّه الموفق للصواب.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة العاشرة: ما اوّل الوجود و مراتبه و محلّه.
اقــول: قال مولينا الرضا7 ما معناه ان اوّل ماخلق اللّه الاختراع و الابتداع ثم خلق الحروف فجعلها فعلاً منه يقول للشيء كن فيكون اعلم ان كل ماسوي اللّه سبحانه مخلوق به و صادر عنه و ليس شيء سواه لميكن مخلوقاً بالضرورة فاذا كان كذلك فاللّه سبحانه يقول له الخلق و الامر و هو جامع لكلّ الموجودات سواه تعالي و الامر هو عالم الاختراع لانه هو الخلق لا عن مادة و صورة فلو سبقه خلق لكان السابق مادة له اما بذاته او بنوره فلميصحّ الاختراع حينئذ و الامر (الخلق خل) هو الارادة و المشية لقول مولينا الرضا7 ارادته احداثه لا غير لانه لايروي و لايهمّ و لايفكر و انما يقول للشيء كن فيكون بلا لفظ و لا كيف لذلك كما انه لا كيف له رواه في الكافي و قال سبحانه انما امره اذا اراد شيئاً انيقول له كن فيكون فجعل الامر هو قول كن و به قامت السموات و الارضون كماقال عزّوجلّ و من اياته انتقوم السماء و الارض بامره علي احد المعاني و قال مولينا الصادق7 كلّ شيء سواك قام بامرك فليس فوق امره تعالي شيء اذ كان كلّ ماسواه قائم به و الاّ لماصحّت الكلية و المشية و الارادة هما الاختراع و الابتداع كماقال مولينا الرضا7 المشية و الارادة و الابداع معناها واحدة و اسماؤها ثلثة فصحّ
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 357 *»
ان اول الصادر منه تعالي و اول الحوادث المشية فلمّاكانت اقرب الاشياء الي المبدأ حتي كانت واسطة في ايجاد الكائنات و هويات الموجودات وجب (وجبت خل) انتكون اشرف الذوات و اقويها (اقومها خل) و اعلاها و اعظمها لان الذوات انما تذوتت و الاشياء انما تأصلت بها فنسبة الاشياء اليها نسبة القيام و القعود اليك فلايتوهمن متوهم انها امر اعتباري او نسبة اضافية ضرورة ان كلّما قرب الي المبدأ اقوي و اعظم و انور ممابعـد عنه فاذا كانت هي اول الاشياء كانت اقرب فكانت انور و اعظم تحققاً و تأصلاً و وجوداً و انما هي ذات الهية و حقيقة صمدانية خلقها بنفسها /و اقامها بنفسها (زائد خل) و امسكها (اسكنها خل) بظلّها و لها اسماء حسب جهات ظهوراتها و اطوارها في شئوناتها و الاّ فهي من حيث هي اعلي من الاسم و الرسم و الصفة و قداستعمل ائمتنا: /لها اسماء (الاسماء خل) بحسب تلك الاضافات و لا بأس بالاشارة الي بعضها و وجه التسمية بالوجه الاخصر.
فنقول ان تلك الذات المقدسة من حيث انها جهة اللّه سبحانه و ذكره و مذكوريته في الامكان سمّيت ظهوراً و تجلياً اولياً و من حيث انها ظهوره سبحانه لغيره و موصل فيضه الي مايريد من خلقه سمّيت فعلاً و حركة ايجادية و من حيث انها ظهوره لها و بها و لغيرها سمّيت فاعلاً و من حيث انها اول الذكر و المذكور و بها تشيّأت الاشياء و تأصلت سمّيت مشية و من حيث انها مبدأ الصور و الاعيان سمّيت ارادة و من حيث انها تكوّنت لا من شيء سمّيت اختراعاً و لا لشيء و لا علي حذو (احتذاء خل) مثال سمّيت ابتداعاً و من حيث انها اول مظاهر الحق سبحانه و ظهوراته في الامكان سمّيت التعين الاوّل و من حيث انه الاصل المتشعب (المنشعب خل) عنه الحدود و الجهات و الحيثيات سمّيت شجرة مباركة زيتونة و من حيث انها مبدأ الايجاد و علته و اول الميل سمّيت محبة و من حيث انه بها الاحسان و الامتنان او من اثرها الماء الذي به كلّ شيء حي سميت رحمة و من حيث انها تدبير الحق للخلق في الخلق و الاخذة بذمام كلّ شيء و بناصية كلّ دابة سمّيت ولاية مطلقة و من حيث انها لا غاية لاولها و لا نهاية لامدها و هي منقطعة و مضمحلة لها اوّل و اخر عند بارئها سمّيت ازلاً ثانياً و من حيث انها اول
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 358 *»
ظهور الحق سبحانه سمّيت صبحاً و هو صبح الازل و من حيث انها اول الاصول و اصلها و غايتها سمّيت ادم الاول و من حيث انها لاتتوقف في تكونها و انصدارها علي شرط و سبب سوي ذاتها سمّيت الوجود المطلق و من حيث ان كلّ الظهورات و التجليات الالهية انما هي بفاضل تجلّيه بها سمّيت الاسم الاعظم و من حيث انها متممة لحقايق الامكان و الاكوان و متممة لنفسها باللّه سبحانه سمّيت الكاف المستديرة علي نفسها و من حيث انها علة العلل و مبدأ المبادي سمّيت السرّ المقنع بالسرّ و المجلّل به و من حيث ان الماء الواقع علي ارض الجرز انما نشأ منها و صدر عنها و تأصل بها سمّيت سحاباً و من حيث انها اللفظ الصادر عن فعله بنفسها سمّيت كلمة و من حيث انها حكم اللّه علي الموجودات سمّيت امراً و من حيث انها المادة الظاهرة بمحلها و صورتها الظهورية سمّيت الحقيقة المحمدية9 و من حيث انها المستديرة علي نفسها و قطب لماسويها سمّيت فلك الولاية المطلقة و من حيث انها الذكر الاول للاشياء سمّيت علماً و من حيث انها بها استولي اللّه سبحانه علي الاشياء كلّها و استطال عليها سمّيت قدرة و من حيث انها /بها (زائد خل) ظهور مواد الخلق و تأييداتهم من عند اللّه سبحانه سمّيت عرشاً و غيرها من الاسماء و الصفات التي يطّلع عليها الفطن الماهر في استعمالات حفظة الشريعة: .
و بالجملة فهذه الحقيقة المقدسة بهذه الاسماء المباركة و غيرها من امثالها هو اول الوجود علي /جهة (زائد خل) الاطلاق في عالم الخلق و الحدوث لان العالم يقوم بفعل و مفعول و المقصود من الفاعل هو اللّه سبحانه و الفعل هو هذه الحقيقة المشار اليها و المفعول حقايق الموجودات و ذوات الكائنات من العقل الاوّل الكلّي الي اخر المراتب السفلية من مراتب الوجود و لمّاكان الفعل لايظهر بل لايوجد الاّ بالمتعلق و المحلّ و هو المعبّر عنه بالانفعال و الانوجاد و كان ذلك المحل و المتعلق هو الحقيقة المحمدية9فيكون بها تمام الفعل و المشية كانت الحقيقة المحمدية
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 359 *»
اول الوجودات و الموجودات و المحل يجب انيكون من سنخ الحالّ و الاّ ارتفعت المناسبة فامتنعت المحلية فافهم.
و لهذه الحقيقة المقدسة اطلاقان في مقامين مقام الاجمال و مقام التفصيل ففي المقام الاول يراد بها مجموع قصبة الياقوت و هم الاربعهعشر المعصومون: و في المقام الثاني يراد بها خصوص نبينا9 ففي المقام الاول لماكانوا: هم الكلمة العليا و كلمة التقوي و كلمة التوحيد كانت لهم اربع مراتب: الاولي مقام النقطة في الكلمة و هي اصلها و بدؤها منها نشأت الكلمة و اليها تعود و هي مقام السرّ المقنع بالسرّ و مقام الباطن و حقّ الحق و الظهور المطلق و العلم الاطلاقي و النور الاشراقي مقام العزة و القدس و السبحان و هو مقام نبينا9 الثانية مقام الالف في الكلمة و هي (هو خل) بدء انتشارها و انبعاثها و ظهورها بالدلالة و مقام السرّ المستسرّ بالسرّ و مقام الباطن من حيث هو باطن و مقام /حق (زائد خل) الحق مبدأ التفصيل و مظهر التقدير و محل الارادة و رتبة الحمد للّه و هو مقام مولينا اميرالمؤمنين7 و لذا اختص هذا الاسم به دون الخلق كلّهم اجمعين الثالثة مقام الحروف العاليات في الكلمة و هي تمام القدر و ظهور الهندسة و بروز الاحكام التفصيلية و سرّ الامر بين الامرين و سرّ الامر بين الكاف و النون و مقام الظاهر و مرتبة سرّ السرّ و باطن الظاهر و مقام التكبير و ظهور قول لا اله الاّ اللّه و هو مقام ساير الائمة:ماعدا علي7 و الرابعة مقام تمام الكلمة و مبدأ ظهور الدلالة و مقام الظاهر من حيث هو ظاهر و مبدأ القضاء و ينبوع علل الاشياء اخر المبادي و مقام اللّه اكبر و هو مقام فاطمة الصديقة الطاهرة علي ابيها و بعلها و بنيها و عليها الاف التحية و الثناء فالاولي مقام المشية و الثانية مقام الارادة و الثالثة مقام القدر و الرابعة مقام القضاء و الاولي مقام النقطة من بسم اللّه الرحمن الرحيم و الثانية مقام الباء منها و الثالثة مقام حروفها و الرابعة مقام تمام الكلمة المباركة.
و لهم ايضاً: مراتب اخر بحسب اجابتهم لداعي ربّهم و ترتّبهم في ذلك
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 360 *»
فاول المراتب و اعلاها و اشرفها و اسناها مقام نبينا9 لانه اول من اجاب حين قال /له (زائد خل) ألست بربكم و الثانية مقام مولينا اميرالمؤمنين7 لانه7 ثاني من اجاب فكان للنبي لواء الحمد و علي8 حامل اللواء فله9 مقام الالف و له7 مقام الباء صلّي اللّه عليهما قال النبي9 ظهرت الموجودات من باء بسم اللّه الرحمن الرحيم و الثالثة مقام مولينا و سيدنا الحسن7 فشابه جدّه صلّي اللّه عليهما في الظهور الاجمالي و الرابعة مقام مولينا و سيدنا ابيعبداللّه الحسين الشهيد7 فشابه اباه في الظهور التفصيلي فاظهر الدين و كان من نسله الائمة الميامين سلام اللّه عليهم اجمعين و الخامسة مقام سيدنا و مولينا حجة اللّه القائم بالحق عجّل اللّه فرجه و سهل مخرجه و لذا كان هو7الاخذ بثاره لانه حامل ظهور اللّه للخلق بعده و المجيب لداعي ربه حين قال ألست بربكم و السادسة مقام الائمة الثمانية الاخرين سلام اللّه عليهم اجمعين لانهم في مقام واحد و رتبة واحدة علي مايستفاد من الاخبار و السابعة مقام الصديقة الطاهرة3 لانها اخر مراتب المبادي و لمّاكانت مقاماتهم و مراتبهم الذاتية سبعة كانت اسماؤهم الشريفة سبعة فلماثنيت صارت اربعهعشر و هو قوله تعالي و لقداتيناك سبعاً من المثاني و القرءان العظيم.
و لهم: في المقام الثاني اي مقام التفصيل مراتب و مقامات اذ لكل منهم:اربع مقامات الاولي مقام البيان و هو مقام التوحيد و هم: في هذا المقام اسماء اللّه الحسني و صفاته العليا و المثل الاعلي كماقالوا: نحن الاسماء الحسني التي امركم اللّه انتدعوه بها و في الزيارة السلام علي اسم اللّه الرضي كماتقدم و في الدعاء فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الاّ انت الثانية مقام المعاني كماقال الباقر7 اما المعاني فنحن معانيه و نحن علمه و نحن حكمه و نحن امره و نحن حقّه الحديث و كذلك ساير معاني الصفات كالعظمة و القدرة و الرحمة و الجلال و الجمال و الكبرياء و امثالها الثالثة مقام الابواب مقام الترجمة و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 361 *»
الوساطة من اللّه الي الخلق في الوجودات الشرعية و الشرعيات الوجودية و الذوات و الصفات و الالفاظ و المعاني و غيرها و من الخلق الي اللّه سبحانه في استمداداتهم و استفاضاتهم و جهة افتقارهم اليه سبحانه كماقالوا:في عدة اخبار نحن ابواب اللّه و خزائن علمه و مفاتيح رحمته و مقاليد مغفرته الرابعة مقام البشرية الظاهرية و مقام انما انا بشر مثلكم يوحي الي انما الهكم اله واحد اي يأكلون مماتأكلون و يشربون مماتشربون فاذا لوحظت هذه الاربعة في اربعهعشر تبلغ ستة و خمسين.
و لهم ايضاً: /مراتب و مقامات (مقامات و مراتب خل) في ظهور التوحيد لهم و لغيرهم حين كونهم مقامات اللّه و اياته و علاماته التي لا تعطيل لها في كلّ مكان و قدعلمت ان الحوادث كلّها يجمعها الفعل و المفعول و الفعل قدعرفت ان له اربع مراتب كماتقدّم و المفعولات كلّها تدور علي امر واحد كماقال عزّوجلّ خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالاً كثيراً و نساءاً و قال و ماامرنا الاّ واحدة و قال ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فتكون مراتب الخلق كلّها خمسة اربعة مراتب الفعل و واحد رتبة المفعول و ظهور الحق سبحانه للخلق بالخلق فيكون ظهور التوحيد في كلّ مرتبة علي حسبها كماقال عزّوجلّ و لكلّ وجهة هو مولّيها فيكون ظهور التوحيد ايضاً خمسة الاول ظهور الباطن و الثاني ظهور الباطن من حيث هو باطن و الثالث ظهور الظاهر و الرابع ظهور الظاهر من حيث هو ظاهر و الخامس نفس الظهور و لمّاكانت الحقيقة المحمدية9 محلّ جميع المظاهر و حامل كلّ الظهورات كماقال عزّوجلّ في الحديث القدسي ماوسعني ارضي و لا سمائي و وسعني قلب عبدي المؤمن كانت هذه المراتب مجتمعة في كلّ من الائمة: فترتقي المراتب باضافة هذه المراتب الخمسة الي الاربعهعشر الي السبعين و لذا وضعت لهم كلمة كـن فافهم.
و لهم ايضاً: مراتب بحسب الظهورات الفعلية التي هم: محلّها و معدنها و اصلها و ينبوعها يطول الكلام بذكرها و ذكر احوالها و فيماذكرنا كفاية لاولي الدراية.
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 362 *»
و اما محل تلك الذات المقدسة و رتبتها بمراتبها ففي المقام الاعلي محلّها الامكان الراجح و في المقام الاسفل الاعلي محلّها الوجود الراجح من قوله تعالي يكاد زيتها يضيئ ولو لمتمسسه نار نور علي نور و هو يشمل المقامين و يعمّ المنزلتين و لذا ظهروا: في كلّ ذرة من ذرات الامكان و الاكوان و الاعيان.
و اذا سألت عن الوقت فاعلم ان وقتهم الاولي السرمد المحيط بكلّ الدهر و الزمان و هو الازل الثاني في قوله7 انا صاحب الازلية الاولية و في رواية انا الازلية الثانية و هذا الازل بالنسبة الي ازلالازال فانٍ باطل مضمحل و هو سبحانه وراء مالايتناهي بمالايتناهي.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الحاديهعشرة: هل الكليات الثلثة من المنطقي و العقلي و الطبيعي موجودة في الخارج ام لا.
اقــول: اعلم ان القوم اتفقوا علي ان الكلّي المنطقي و العقلي لايوجدان في الخارج و انما هما في العقل فحسب اما الكلّي المنطقي فلانه هو المفهوم اي مالايمتنع فرض صدقه علي كثيرين و كلّما في الخارج محدود متناهٍ و اما العقلي فلانه مجموع العارض و المعروض فلايمكن وجوده في الخارج اذ لايمكن وجود احد اجزائه فيه و لذا قالوا ان المركب من الداخل و الخارج خارج و انما اختلفوا في الكلّي الطبيعي فقال قوم بوجوده في ضمن الافراد و قال اخرون بعدمه و انما الموجود افراده و اشخاصه لا ذاته و انما هو امر اعتباري انتزاعي فلا وجود له و لهم علي ذلك ادلة اخترعوها بل اقترحوها.
اقول اما علي القول بان الكلّي الطبيعي موجود في الخارج فلا مناص عن القول بوجود اخويه لان الكلّي الطبيعي هو الحقيقة الساذجة لابشرط الغير الملحوظة فيها العموم و الخصوص و الكلّي المنطقي ملاحظة /صلاحيته للعموم و للكثرة (صلاحية العموم و الكثرة خل) و العقلي اثبات هذه الصلاحية له فلو لميكن هذه الصلاحية ثابتة لتلك الطبيعة كان اثباتها لها كذباً و منه يلزم انيكون القول بالكلّي المنطقي كذباً و الضرورة تقضي ببطلانه مثلاً اذا اردت انتقول زيد قائم فتلاحظ زيداً اولاً مع قطع النظر عن جميع خصوصيات الصفات ثم تلاحظ القائم صفة ثابتة ثم تلاحظ
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 363 *»
نسبة القيام بزيد ثم تحكم علي زيد بالقيام فلو لميكن زيد صالحاً للقيام قبل ملاحظتك كانت ملاحظتك اياه كذباً و باطلاً و كان اخبارك بذلك ايضاً كذلك فاذا قلت الانسان كلّي بمعني لايمتنع فرض صدقه علي كثيرين فقدلاحظت تلك الطبيعة اولاً مجردة عن كلّ القيود من العموم و الخصوص و الكلية و الجزئية ثم لاحظت معني صدقه علي كثيرين ثم لاحظته فوجدته صالحاً لذلك في الواقع سواء لاحظته ام لا كما في القيام ثم حكمت عليه بذلك فان كان قولك الانسان كلّي بهذا المعني صدقاً يجب ان لايكون منوطاً بذهنك و بعقلك بل يكون موجوداً و موصوفاً بالكلية سواء فرضه الفارض او اعتبره المعتبر ام لا و الاّ فيجب ان لايكون الانسان كلياً اذا لميتصوره متصور و لميتعقله متعقل فحينئذ يكون القول بان الانسان كلّي في الواقع كذباً فيكون هذه القضية من القضايا الكاذبة مثل الخمسة زوج اذ ليس لها وجود واقعي الاّ مااخترعه في الذهن فانتقش في الخارج للحكم الوضعي عند اهل الاصول فيجب انيصدق ان الانسان ليس بكلّي في الواقع و الفرق بين القضايا الذهنية و الواقعية علي ماقالوا هو ان النسبة الحاصلة الثابتة بين المنتسبين ان كانت حاصلة ثابتة سواء فرضها الفارض و اعتبرها المعتبر ام لا فالقضية واقعية و ان لميكن لها تحصّل الاّ في الذهن فاذا ارتفع الذهن بطلت القضية كانت ذهنية و لا شك ان حقيقة الانسان و طبيعة ذاته و كونه صالحاً للتقييد بالقيود الكثيرة لو لمتكن موجودة ثابتة و انما هي محض اختراع الذهن كان /الحكم (حكم الذهن خل) عليه بالكلية الواقعية باطلاً فاسداً كالحكم علي الخمسة بانها زوج و البديهة تحكم بفساد هذا القول.
و الحق في المسألة ان الكلّي الطبيعي موجود في الخارج وجوداً حقيقياً ثابتاً مستقلاً لكن في مقام و رتبة فوق رتبة الافراد و الاشخاص و له ظهور في الافراد كظهور الماء في الاشجار و الاحجار و ساير المعادن و الحيوانات و الانسان و كذلك الكلّي المنطقي و العقلي بل هذه الكلّيات اشدّ تحققاً و تأصلاً من الافراد و الجزئيات لكن لمّاكان جهة الانجماد و الكثرة في الافراد غالبة
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 364 *»
تأصلت عند اهل الانجماد و خفيت تلك الحقايق و الكلّيات في ابصارهم و اعينهم لان الاشياء كلّها انما صدرت من المبدأ الحق سبحانه و تعالي بجميع مراتبها و قد دلّ الدليل العقلي و النقلي ان كلّ اثر يشابه صفة (/فعل خل) مؤثره و فعل اللّه سبحانه في كمال الشمول و الانبساط و الاحاطة و القيومية فوجب انيكون اوّل مايتعلق به الفعل في كمال الانبساط و الاحاطة و الشمول ثم ذلك الامر الواحد العامّ الكلّي بحسب تلاحق الصور و الاعراض و الحدود و المشخصات يتقيد و يتخصص (يتشخص خل) الي انيصير شخصاً واحداً لايشمل غيره فينجمد (فيجمد خل) بعد ماكان ذائباً فاول مايبرز عن المبدأ هو طبيعة ساذجة و ذات بلااعتبار و شرط و بها تحكي ظهور التوحيد الالهي الغير المشوب بشيء من انحاء الكثرات و حدود الانّيات ثم بعد ذلك يذكر فيها صلوحه للتعين بالحدود المشخصة الغيرالمتناهية ثم بعد تلاحظ تلك الطبيعة من حيث صلوحها للكثرات ثم بعد ذلك تلاحظ تلك الطبيعة مع حدّ واحد من تلك الحدود و المشخصات فتتشخص (فتشخص خل) بالتشخص (بالتشخيص خل) الخاص و لذا تجد كلّما هو اقرب الي المبدأ كان انبساطه و شموله اكثر مماهو ابعد انظر الي بسائط العناصر كيف لايمتنع فرض صدقه علي كثيرين فتصدق علي كل مبروء و مذروء من العناصر و هي موجودة في الخارج بل في الاجسام و الذهن مرءاة و عين بها تدرك الاشياء الغيبية كالعين الحسية فلاتدرك الاّ ماهو موجود في الخارج في خزائن اللّه تعالي كماقال عزّوجلّ و ان من شيء الاّ عندنا خزائنه و ماننزله الاّ بقدر معلوم كما انك ماتري ببصرك الاّ موجود في الخارج كذلك ماتري بذهنك فانه في الخارج بحسب عالمه لان الادوات انما تحدّ انفسها و الالات انما تشير الي نظايرها و العالم عالمان عالم الغيب و عالم الشهادة فكما ان اللّه سبحانه جعل لك لادراك عالم الشهادة الات و اسباباً بها تنظر اليها و (او خل) تدركها كذلك جعل لعالم الغيب اسباباً و الات فماتدركه بذهنك /هو (زائد خل) موجود في الخزائن الغيبية كالحواس الظاهرية فلاتتوهم انك تدرك شيئاً و ليس لها وجود في الخارج في الخزائن الاّ ان الخزائن علي قسمين غيبية و شهودية و الحسني و السوءي فكل الكواذب في الخزائن السوءي فالاعدام و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 365 *»
الممتنعات التي تدركها كلّها امكانات و وجودات امكانية تسميها اعداماً في الكون و قدقال مولينا الصادق7 كلّما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم و قال الرضا7 لميتصور احد شيئاً الاّ و قدخلقه اللّه قبل ذلك حتي لايقال لم لميخلق ذلك و قال الصادق7 عند اختلاف زرارة و هشام في النفي فقال هشام النفي شيء و قال زرارة النفي ليس بشيء قال7 لزرارة قل بقول هشام في هذه المسألة و قال مولانا اميرالمؤمنين7 انما تحدّ الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها و امثال ذلك من الاخبار الكثيرة /فاعرف (فاذا عرفت خل) مماذكرنا و اشرنا الي نوع الدليل ان كل شيء مماحوته دائرة الامكان مماتعقله و تدركه و تخيله و تصوره و تتوهمه و تحسه كلّ ذلك موجود بوجود مغاير لوجودك و انت انما انتزعته الي ذهنك كانتزاع المرءاة الصورة عن المقابل و قداقمنا علي ذلك براهين قطعية من العقلية و النقلية في كثير من رسائلنا و مباحثاتنا و اشرنا الي نوعها هيهنا فخذه و كن من الشاكرين و قس عليه حال الكليات الثلثة مع ان تلك الكليات علي ماذكرنا لك هي اشدّ تحققاً و تأصلاً من الاشخاص و الافراد و الكلّي مادة بحصته و ظهور حقيقته للجزئي و الجزئي جزء و الكلّي كلّ فافهم راشداً.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الثانيهعشرة: ما تعريف العقل و كيف ادراكه.
اقــول: العقل نور الهي بدئ من الاختراع الاوّل جوهر مجرد عن المادة الملكوتية و الجسمانية و الشبحية البرزخية و عن المدة المقدارية المثالية و المدة الزمانية اول نور مشرق من صبحالازل و ادم الثالث و اول ولد تولد من ادم الثاني الذي هو الوجود المقيد اعني الماء النازل من سحاب المشية الذي به كلّ شيء حي و من حوائه ارض الجرز ارض القابلية اي الماهية الاولي و هو اول غصن اخذ من شجرة الخلد و هو القلم في قوله تعالي ن و القلم و مايسطرون و هو الطور و هو اوّل /خلق (ماخلق اللّه خل) من الروحانيين عن يمين العرش و هو النور الابيض الذي منه ابيض البياض و هو روحالقدس و هو الملك المسدّد للانبياء و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 366 *»
هو العمود من النور الذي به يري الامام7احوال الخلايق و هو النفس الرحماني الثالثي و هو عبد من عباد اللّه قائم في طاعة اللّه صورته هيكل التوحيد و صفته الرضا و التسليم و مقامه الركوع و طبيعته البرودة و اليبوسة في ظاهر ذاته و عمله و البرودة و الرطوبة في ظاهر فعله و الحرارة و اليبوسة في اصل ذاته و ادراكه المعاني الكلية المجردة عن الصور النفسية و المثالية و الجسمية و دليله الموعظة الحسنة و سبيله اليقين و طريقه التقوي و علم الطريقة و صفته الاستقامة و مكانه كلّ الممكن المكون الموجود بالوجود الكوني و وقته الدهر و هو الوقت الثابت المستمر الذي يجمع المختلفات و يفرق المجتمعات الزمانية و لونه البياض في صفته و السواد في ظاهر ذاته و الحمرة في باطن حقيقته مقبل علي اللّه عزّوجلّ فلمّا خلقه اللّه سبحانه قال له اقبل فاقبل فاظهر اللّه سبحانه باقباله الذي هو ادباره عنه حقايق الاكوان و مستجنات غيوب الاعيان ففي كلّ مرتبة نازلة اظهر قشره و استتر في لبّه الي ان ظهرت القشور المتراكمة و خفي اللب المقصود بالحقيقة ثم امره سبحانه بالاقبال فكان اقباله بحسب الاسباب الظاهرية و الباطنية فظهر بظهور الاسباب عند بلوغ الولد اوان الحلم فهناك اول ظهوره و مقام كمال الولد فيتكلف ليكون سبباً لكمال الظهور و مستشرقاً بشوارق النور و الظهور فهو في اول ظهوره عقل بالملكة اي بالاستعداد و التهيؤ القريب الي الفعل بكمال الظهور و الاّ فهو فعلي فاذا قوي في العلم و العمل كان عقلاً بالفعل اي يكون جميع مداركه و احواله حاضرة لديه و هو ناظر الي جميع الاحوال السفلية و مطلع علي جميع مراتب الوجودات المقيدة و اذا قوي ايضاً بالعلم و العمل كان عقلاً مستفاداً فيعود الي مبدئه (بدئه خل) و يحصل له الاتصال بعالم اللانهاية فيقف حينئذ علي باب فوارة النور فلا غاية لادراكاته و لا نهاية لظهوراته و هذا هو العقل الكلّي في العالم الاكبر و العقل الجزئي في كلّ فرد و شخص من افراد الانسان او مايعـمّ الكلّ من افراد الموجودات كماهو الحق و هذا عليه مدار التكليف و السعادة و الشقاوة و الثواب و العقاب.
و لمّاكان كلّ شيء مركباً من
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 367 *»
النور و الظلمة و هما متعادلان متعاكسان في الفعل كان للعقل ايضاً ضدّ و هي ماهيته لكنها ضعيفة مغلوبة لتراكم الانوار فيه لكونه من الخلق الاول ولكن العبد اذا انهمك في المعاصي و اعرض عن اللّه عزّوجلّ و خالف اوامره و نواهيه و بارزه بالعصيان و الطغيان يضعف ذلك النور و يخفي و بقدره تقوي تلك الظلمة و تظهر الي انيذهب النور بالكلية و لميبق له اثر و تأثير الاّ بقدر مايمسك الوجود و تستقل الظلمة و تقوي و يكون لها التأثير و الاثر فينقلب ذلك النور الذي به عبد الرحمن و اكتسب الجنان الي النكراء و الشيطنة يعني يخفي ذلك و يظهر هذه فيبقي للشخص حينئذ ادراك و تمييز (تميّز خل) و يدرك الكليات و يفهم الدقايق و يقع عليه التكليف لكنّه لايميل الي الخير و لايحبّه و لايقبل علي اللّه عزّوجلّ و لا علي اوليائه و انما هو يبغضهم و يكرههم و هذا معني قوله7 لماسئل عن العقل قال7 ماعبد به الرحمن و اكتسب به الجنان قال و ما الذي في معاوية قال7 تلك النكراء و الشيطنة و ليست بعقل لكنها شبيهة بالعقل انتهي و هو ماذكرنا لك من ان الضدين متعادلان و متعاكسان في الاحوال كلّها فضد النور الكلّي ظلمة كلية فافهم و قديطلق العقل علي ماسوي الخارج من الحواس الباطنية (الباطنة خل) سواء كانت تدرك الكليات او الجزئيات و هذا اذا قالوا المعقول في مقابلة المحسوس و كماقال المنطقيون في تفسير العلم انه الصورة الحاصلة في العقل او عند العقل و يريدون به الذهن ماسوي الخارج ليكون تفسيرهم جامعاً و مانعاً و هذا الاطلاق يرجع /حقيقة الي (الي حقيقة خل) ماذكرنا لكنه علي طور دقيق رشيق كتمانه اولي من بيانه لان من الناس من يحتمل و منهم من لايحتمل و قدقال سيد الساجدين7 لاتتكلّم بماتسارع العقول الي انكاره و ان كان عندك اعتذاره.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الثالثهعشرة: هل بين الالفاظ و معانيها مناسبة ذاتية بها حصلت الدلالة ام لا بل لمجرد (بمجرد خل) الوضع.
اقــول: الذي تقتضيه ادلة التوحيد بعد ثبوت القول بان الواضع للالفاظ كلّها
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 368 *»
هو اللّه سبحانه هو اثبات المناسبة بين الالفاظ و معانيها ليخرج فعله تعالي عن العبث اذ القول بان اللّه تعالي جعل بعض الالفاظ لبعض المعاني حرفاً واحداً كهمزة الاستفهام و الباء للصلة و للقسم و للتعدية و غيرها و التاء و الواو و امثالها و بعضها ثنائية كقد و ما و لا و ان و امثالها و بعضها ثلاثية و هي كثيرة و بعضها رباعية و بعضها خماسية و اختص (اختلف خل) بعض الحروف بكونها اصلية و بعضها زوايد و غير الاوضاع الحرفية في الرسوم اللفظي و امثالها من القرانات و الاوضاع و الاحوال كلّ ذلك عبثاً و هباءاً من غير داعٍ و خصوصية لايصدر عن عاقل و اللّه سبحانه نصّ في كتابه العزيز و قال عزّ من قائل ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً و قال تعالي و ماامرنا الاّ واحدة و ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و لمّانظرنا في الذوات و القرانات الوجودية الذاتية و وقوعها علي هيئة مخصوصة و اقتضاءاتها لخواصّ و اثار معينة وجدنا كلّها لنسبة مقتضية لذلك القران انظر الي ترتيب الفصول الاربعة و احوالها و اوضاعها و مايترتب عليها و وجود الاثمار في اماكن و فصول معينة و عدمها في غيرها و كذلك المعادن و توفر الثلوج و الامطار في بعض الاماكن و قلّتها في بعضها و عدمها في الاخر هل تجوز انيكون هذه الاختلافات كلّها عبثاً و هباءاً فتبطل اذن الحكمة و يستلزم الظلم و البخل حيث امدّ بعض الاشياء بالمدد و الفيض و منعهما عن الاخر و ثبوت الحكمة و وجود المناسبة المقتضية لترتب تلك الاثار و المقتضيات امر ضروري بديهي سيما علي مذهب الامامية الاثنيعشرية الفرقة الناجية فكيف يراعي سبحانه المناسبة في الاكوان العنصرية الوجودية و لايراعيها في الالفاظ و الاحوال الوضعية و هو سبحانه يقول و ما امرنا الاّ واحدة فكما ان اصول الموجودات اربعة و كلّ الكائنات خصوصاً العالم الجسماني انما حصلت من قرانات هذه الاربعة علي نظم طبيعي محكم متقن كذلك اصول الحروف ثمانية و عشرون و الاسماء و الالفاظ كلّها انما هي مركبة من قرانات هذه الحروف بعضها مع بعض و القول بان الارادة مخصصة غلط فان العبث هو ارادة الشيء من غير موجب و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 369 *»
داعٍ الي ذلك مع ان ارادة هذا الشيء مثلاً و عدمها في نفسها ممكن و هو لايوجد الاّ بمرجح خارجي اذ لو كان ذلك نفسه لزم التسلسل فثبت ان ترجيح احدي الجهتين يحتاج الي مرجح اخر غير الارادة فوجب القول بان اللّه سبحانه خلق ثمانية و عشرين حرفاً هي مواد الالفاظ و الاسماء فاذا اراد وضع لفظ لمعني خاص اخذ حروفاً يناسب ذلك المعني و ألفها بهيئة مناسبة سواء كانت المناسبة نوعية او شخصية فان المعني روح اللفظ كماقال اميرالمؤمنين7 المعني في اللفظ كالروح في الجسد و لا شك ان بين الروح و الجسد مناسبة خاصة يقتضي تعلق تلك الروح بذلك الجسد فاذا اراد اللّه انيخلق روحاً و يظهره في الوجود خلق لها جسداً يناسبها حتي اذا تمّ ولجته الروح كما هو المعلوم فالواضع انما وضع هذه الالفاظ و خصّصها للمعاني الخاصة لمابينهما من المناسبة في الصفات و الذوات و جهات المناسبة مختلفة و الاشياء لها جهات متضادة فمن هذه الجهة لايمكننا ادراك جميع المناسبات في الالفاظ كلّها و يصحّ انيوضع لفظ واحد لمعنيين متضادين لان كلّ شيء له ضدّ و لايتركب الاّ من ضده فيناسب كلّ ضد بالجهة الخاصة به كما ان الانسان يناسب النار لذاته و يناسب الماء كذلك و يناسب الهواء و يناسب الارض و كلّها متضادة و يصحّ ايضاً النقل و اختلاف اللغات لماذكرنا و لمّاكانت المناسبة تختلف بالشدة و الضعف جاز الحقيقة و المجاز و لمّاكانت المناسبة اعم من انتكون شخصية و نوعية جاز وضع الاعلام الشخصية و الناس لمّا لميعثروا علي هذه الحقايق انكروا المناسبة و اذ لميهتدوا بهذا فسيقولون هذا افك قديم و انت اذا تتبعت الاخبار و امعنت النظر فيها وجدت ان هذه المناسبة من الامور المعلومة عندهم: الاتري كيف افهم الامام7 ذلك الزنديق لماسأله عن اسمه قال اسمي عبدالملك فسأله عن كنيته قال ابوعبداللّه قال7 من هذا الملك الذي انت عبد له أمن ملوك الارض ام من ملوك السماء و اخبرني عن ابنك هل هو عبد اله الارض ام اله السماء فانقطع الرجل و لميحر جواباً فلو لميكن بين الالفاظ و المعاني
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 370 *»
مناسبة ذاتية لجاز للرجل انيقول كون اسمي عبدالملك لايدل علي انيكون لي مولي ارجع اليه لانه اسم وضعه لي ابي ليدلّ علي و لا نسبة بين اللفظ و المعني او تجوز ان الامام7 اراد افحامه و ان كان علي الباطل حاشاهم عن ذلك و قال7 في العبد /انه (زائد خل) ثلثة احرف العين علمه باللّه و الباء بونه عن الخلق و الدال دنوه من الخالق من غير كيف و قال7في اللّه الالف الاء اللّه علي خلقه من النعيم بولايتنا و اللام الزام خلقه ولايتنا و الهاء هوان لمن خالف ولايتنا و قال7 في بسم اللّه ان الباء بهاء اللّه و السين سناء اللّه و الميم ملك اللّه و في رواية مجد اللّه و قال في قل هو اللّه ان الهاء اشارة الي تثبيت الثابت و الواو اشارة الي الغايب عن درك الحواس و لمس الناس و امثالها من الاخبار كثيرة يقف عليها الفطن الماهر و قدافردت رسالة منفردة في هذا الباب و ذكرت فيها جميع الايرادات الواردة التي اوردوها و حقّقت المسألة فيها كماينبغي فمن اراد الاطلاع علي حقيقة الامر فعليه بمطالعة تلك الرسالة فان مافيها غنية للطالب الصادق.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الرابعهعشرة: ما الوجه في تركيب الاشياء من الضدين و كيف لايمكن تركيبها من المتؤالفين او المتخالفين اللذين لميبلغا حدّ التضاد.
اقــول: قال مولينا الرضا7 علي مارواه الصدوق في التوحيد و العيون ما معناه ان اللّه عزّوجلّ لميخلق فرداً قائماً بذاته للذي اراد من الدلالة علي نفسه فخلق كلّ شيء من ضدّين و هو قوله تعالي و من كلّ شيء خلقنا زوجين لعلّكم تذكّرون انتهي الحديث و يريد7ان صفات المخلوق من حيث هو مخلوق يجب انيكون بخلاف صفة الخالق حتي لايشبهه شيء و لايوافقه شيء و لان الممكن فقير محض و صفاته كلّها من مقتضيات ذاته بل اقلّ رتبة منها فان الصفات تحت رتبة الذات فصفات الممكن بالفقر اولي فلايصحّ توصيف الممكن بصفات الوجوب الذي هو الغناء (الغني خل) المحض و لمّاكان الواجب سبحانه غنياً مطلقاً و كاملاً مطلقاً و بسيطاً مطلقاً ليس فيه سبحانه جهة
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 371 *»
تضادّ و اختلاف و اراد انيصف نفسه للخلق بذواتهم و كينوناتهم خلقهم سبحانه علي جهة التركيب و التضادّ و ركبهم من اشياء متضادة ليعلموا ان صانعهم منزّه عن ذلك و هو قوله7 بمضادّته بين الاشياء علم ان لا ضدّ له و بتجهيره الجواهر علم ان لا جوهر له و لمّاكان صنعه متصلاً و امره واحداً خلق كلّ شيء علي هيئة كلّ شيء و جعل في الجزء ماجعل في الكلّ و جعل في السافل ماجعل في العالي فيجب انيكون كلّ شيء مركباً من ضدّين ليعلم ان لا ضدّ له و ايضاً قدرة اللّه سبحانه تامة كاملة فوق التمام و الكمال فيجب انيجري سبحانه فعله و ايجاده علي اكمل مايمكن في القدرة و يكون بذلك دالاًّ علي كمال قدرته البالغة و نعمته الكاملة و لا شك ان التركيب و الجمع بين الضدّين بحيث يكون في حين التركيب و الامتزاج متمايزين في الفعل و الاثر علي صرافة حال البساطة شيء لايطيقه احد من المخلوقين و هذا دليل علي كمال قدرته سبحانه فيجب انيخلق هكذا و انيركب الاشياء من الاضداد و ايضاً قدسبق منا ان الاثر كلّما كان اشرف يدلّ علي كمال شرف المؤثر و لا شك ان الاثر المختار اشرف و اعظم من الاثر المضطر و اللّه سبحانه لايؤثر الاشرف علي الاخس لسعة قدرته و عموم علمه و كمال استغنائه عن ماعداه فوجب انيكون اثره مختاراً ذا شعور و ادراك و الاختيار لايكون الاّ انيكون في الشيء جهتان متضادّتان ليقتضي (ليقضي خل) بجهة حكماً و امراً و بالجهة الاخري عدمه و ضده حتي يمكن انيكون مورداً للامر و النهي فلو كان له جهة واحدة لايقتضي الاّ حكماً واحداً فيكون مجبوراً و لايصحّ انيكون الايجاد علي مقتضاه كماتقدّم فوجب انيخلق الاشياء كلّها من قبضة من النور و قبضة من الظلمة فالنور يقتضي الحرارة و الظلمة يقتضي البرودة فمن امتزاجها حصلت الرطوبة و اليبوسة و جميع الاشياء انما حصلت من هذين الاصلين الحقيقيين فافهم و من هذه الجهة قلنا ان كلّ شيء مختار الاّ ان الاختيار يختلف في الاشياء في القوة و الضعف و الظهور و الخفاء و ليس هنا موضع استقصاء الموجودات.
و ايضاً كلّ شيء لمّا بدا (بدئ خل) من المبدأ الفياض حصلت له جهتان جهة الي ربّه و جهة الي نفسه كمافي الحديث القدسي يا (ابن خل) ادم روحك من روحي و طبيعتك علي خلاف كينونتي فاذا تحقق لكلّ شيء جهتان فلا شك انهما متقابلتان في الاقتضاء و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 372 *»
الميل و الاثر لان جهة نفس الشيء ظلمة و جهة ربه نور تلك شجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار و هذه شجرة طيّبة اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اكلها كلّ حين باذن ربها فيكون كلّ شيء مركباً من ضدّين و هو قولهم المتفقعليه كلّ ممكن زوج تركيبي.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة الخامسهعشرة: ما وجه تقسيم الاشياء الي الكثيف و اللطيف و الالطف.
اقــول: اما الكثيف فهو الاجسام بمراتبها و احوالها و اوضاعها اي الجواهر المقترنة بالمادة العنصرية الفلكية و الوسيطة و المدة الزمانية و اما اللطيف فهو النفوس اي الجواهر المجردة عن المادة الجسمانية و المثالية و المدة الزمانية و البرزخية الشبحية و اما الالطف فهو العقول اي الجواهر المجردة عن المادة النفسانية و المثالية البرزخية و الجسمانية و المدة الزمانية فالاول له اقتران بالمواد و الثاني لا اقتران له بها الاّ من جهة الفعل و الثالث لا اقتران له بها اصلاً لا في الذات و لا في الفعل و قديراد من الالطف الحقيقة المجردة عن السبحات الفعلية و ان كانت مع السبحات الذكرية اي محل اسم الرحمن و موضع سرّ الديان. و وجه حصول هذه الاقسام اختلاف اجابتهم لقول بلي حين كلّمهم اللّه سبحانه بسرّ كينوناتهم بلسان حقايقهم ألست بربكم فتقدم العقول فتحلي بحلية الوجود و صار اقدم و الطف و اشرف من كلّ المراتب لانه اول من وقع عليه فعل الفاعل و جعل الجاعل ثم بعد ذلك اجابت النفس فكانت من الروحانيات لكنها اغلظ من العقل و اكثف و ان كانت هي جوهرة مجردة بسيطة ثم بعد ذلك اجابت الاجسام و لبّت لداعي الحق الملك العلاّم فصارت كثيفة لانها اخر من لبّي لذلك النداء و اخر من سمع نداء اني انا اللّه ثم هذه المراتب المجتمعة في كلّ شخص تختلف مراتبها و مقاماتها باللطافة و الكثافة و الشرافة و الغلظة فاشرفها و اعلاها و الطفها و ارقّها الحقيقة المحمدية9 فان اجسامهم: علّة لوجود ذوات الانبياء و هم: اشرف و الطف من الانسان طبقة الرعية و هم الطف
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 373 *»
من الملائكة و الجن و هم الطف من الحيوانات اي البهائم و هم الطف من النباتات و هي الطف من الجمادات و اليها انتهت الكثافات و هذا الترتيب لاختلاف اجابتهم حين سألهم ألست بربكم و محمد9 نبيكم و علي اميرالمؤمنين و اولاده المعصومون الطيبون الطاهرون و فاطمة الصديقة الطاهرة عليها و عليهم السلام اولياءكم فاجابت الهياكل الاربعهعشر هذا النداء اولاً فتقدموا علي كلّ البريّات فصاروا محلاًّ للمشية و موضعاً للرسالة قال تعالي اللّه اعلم حيث يجعل رسالته.
و كيفية السؤال و الاجابة ممانعتذر عن بيانها لصعوبة برهانها فانها تدرك بعين الفؤاد و انّي للواقفين مقام الاجسام و النفوس بل العقول ذلك الاستعداد.
قــال سلّمه اللّه تعالي: (/في خل) المسألة السادسهعشرة: ما الوجه في بطلان كون المفهوم للواجب سبحانه.
اقــول: المفهوم هو الذي يحصل في الذهن مماانتزع من الخارج علي ماهو التحقيق (المتحقق خل) عندنا او مطلقاً علي ماهو عند القوم و هم يريدون بمفهوم الواجب المعني الكلّي العام الذي يصلح لافراد غيرمتناهية لكنه ماوجد من افراده الاّ الفرد الواحد الذي هو اللّه سبحانه فيكون مفهوم الواجب كلّياً منحصراً في الفرد و يمتنع (ممتنع خل) الافراد الاخر للمانع و قدتقدّم الكلام عليه في اول المسائل لكنا نقول هذا المفهوم كذب او صدق فان كان الاول فلا كلام و ان كان الثاني فيكون اللّه سبحانه ذا اجزاء لان الفرد مركب من الكلّي و الحدود المشخصة فان لمتعتبر الحدود المشخصة فهو كلّي علي صرافته فان قلت هذه الحدود بذاته قلت اذن بطلت الكلية لاستحالة انيكون الشيء خاصاً حين كونه عاماً جزئياً حين كونه كلياً الاّ باعتبارين فاذا تحقق الاعتباران تحققت الجهتان فجاء التركيب.
ثم علي مااخترنا ان الكلّي الطبيعي موجود في الخارج و كذا غيره فاين يوجد هذا المفهوم هل هو في الازل ام في الامكان فان كان في الازل فهو مقدم علي اللّه لانه فرد و الكلّي مقدم علي فرده بالضرورة فيكون هو اللّه سبحانه لكونه سابقاً و لايصحّ انيسبقه شيء و ان كان في الامكان فلميكن واجباً لاستحالة اجتماع الوجوب و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 374 *»
الامكان و ان كان ليس شيئاً الاّ في الاذهان فاللّه سبحانه قبل خلق الخلق لميكن فرداً و لميكن الواجب حينئذ مفهوماً كلياً و انما صار كذلك حين ايجاد الخلايق فان كان كماذكرنا كانت له سبحانه حالتان حالة قبل الخلق كان ذاتاً بسيطة و لميكن تحت مفهوم كلّي و بعد الخلق صار كذلك هل هذا كلام العقلاء فظهر لمن له عين و قلب ان هذا المفهوم امر باطل و كذب و افك فاسد زايل مماقال سبحانه و تخلقون افكاً و الاّ فهو جلّ (عزّ خل) و علا اعزّ و اجلّ من انيكون تحت مفهوم او يشمله كلّي اذن يكون وجوده زايداً علي ذاته.
و فصل القول ان لهذا المفهوم ان كان تأصل في غير الاذهان و له تحقق و ثبات فلايخلو اما انيكون واجباً او ممكناً فان كان واجباً فلايخلو اما انيكون هو عين ذات اللّه سبحانه من غير مغايرة او غيرها فان كان الاول فبطلت الكلية و الفردية و انما هما شيء واحد بكلّ اعتبار و علي القول بان اسماء اللّه توقيفية كماهو الحق يمتنع اطلاق المفهوم عليه تعالي لعدم وروده من الشارع و ان كان الثاني فلا شك ان المفهوم لكونه كلّياً صادقاً علي كثيرين مقدم علي الفرد بالذات فقدتقدم حينئذ شيء علي اللّه سبحانه ذاتاً و قداجمع المسلمون علي بطلانه مع مايلزم من تعدد القدماء و اختلاف الحالتين و امثال ذلك و ان كان المفهوم ممكناً فلايشمل الواجب فلايكون اللّه سبحانه احد افراده و ان لميكن له تأصل و تحقق الاّ في الاذهان فلا ذكر له قبل الاذهان و بعدها فلايوصف الحق سبحانه في القبل و البعد بانه فرد للمفهوم و لايوصف الواجب بانه مفهوم كلّي فعند الاذهان و تحققه فيها فهل يؤثر في ذات اللّه سبحانه شيئاً اي يورث له حكماً و صفة لميكن قبل ذلك ام لا فان كان الاول فاختلفت حالتاه و كان للاثر الممكن تأثير في المؤثر الواجب سبحانه و تعالي عمايقولون علوّاً كبيراً و ان كان الثاني فيكون كذباً و افكاً كماقال عزّوجلّ و تخلقون افكاً.
ثم الخبط (الخطب خل) الاعظم جعلهم المفهوم امراً مقسماً للواجب و الممتنع و الممكن و جعل الثلثة اقساماً لحقيقة واحدة مع اتفاقهم علي ان المقسم يجب انيكون معتبراً في الاقسام فان كان المفهوم شيئاً فكيف يكون احد اقسامه اللاشيء البحت الذي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 375 *»
عدمه ضروري و شيئيته محال و ان كان ليس بشيء فكيف يكون احد اقسامه الشيء البحت الثابت الذي لا شيئية لغيره بالنسبة اليه و اتفقوا علي ان الواسطة بين الشيء و اللاشيء و القديم و الحادث ممتنعة لاستلزام كون الشيء الواحد مخلوقاً حين كونه غير مخلوق و غير مخلوق حين كونه مخلوقاً و هذا لايعقل لان التعقل انما هو باحداث الصورة في القوة العاقلة و لايمكن انتحدث النفس في الخيال صورة حين عدم تلك الصورة او حين احداث صورة عدمها او حين عدمها و لذا قال مولينا الصادق7 اذ ليس بين النفي و الاثبات منزلة و قداتفقوا ايضاً علي ان كلّ قسم قسيم /للقسم الاخر (للاخر خل) و القسيم هو الضدّ فيكون علي هذا للّه تعالي ضدّ و /انيكون (يكون خل) الممكن ضدّاً للواجب و اتفقوا ايضاً ان ضدّ الشيء من حيث هو لميصدر من ضدّه فلميكن اللّه خالقاً للممكن حينئذ و اتفقوا ايضاً علي ان المقسم غير الاقسام فيجب انيكون المفهوم علي هذا لا واجباً و لا ممتنعاً و لا ممكناً و اتفقوا علي بطلان القسم الرابع انظر الي هذه التناقضات و كيف يخالفون ماهم متفقون عليه فان قيل ان هذا التقسيم في الذهن و ليس في الخارج قلنا هل هو كذب او صدق فان كان كذباً (كاذباً خل) فهو المطلوب و ان كان صدقاً (صادقاً خل) فهل يطابق الواقع ام لا فان كان يطابق فجاء ماقلنا و ان لميطابق فهو المراد و الاصل في هذه المغالطات كلّها عدولهم عن القرية الظاهرة للسير الي القري المباركة و قالوا ربنا باعد بين اسفارنا و ظلموا انفسهم فجعلناهم احاديث و مزقناهم كلّ ممزق.
و لو قلدوا الموصي اليه امورهم | لزمت بمأمون عن العثرات |
و قداجرينا الكلام في هذا المقام علي مقتضي دليل المجادلة بالتي هي احسن و اما دليل الحكمة فالناظر اليه في هذا المقام يشاهد سرّاً غريباً و امراً عجيباً لكنّا تركنا ذكره لعدم الاقبال و تطويل المقال و عدم الاعتدال في طبايع الرجال و علي اللّه التوكل في المبدأ و المئال.
قــال ايّده اللّه تعالي و وفّقه لمراضيه: (/في خل) المسألة السابعهعشرة: ما معني قول اميرالمؤمنين7 من عرف نفسه فقدعرف ربه.
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 376 *»
اقــول: لمّادلّت الادلة العقلية و النقلية علي ان الادراك لايمكن الاّ انيكون المدرك محيطاً علي المدرك (بفتح الراء) /او عينه (زائد خل) امتنع ادراك الازل الواجب الحقّ سبحانه و تعالي فانسدّت باب معرفته و لايحيطون به علماً و عنت الوجوه للحي القيوم و قدخاب من حمل ظلماً و قددلّت الادلة العقلية و النقلية ايضاً علي انه سبحانه و تعالي انما خلقنا لنعرفه و نعبده كمافي الحديث القدسي كنت كنزاً مخفياً فاحببت اناعرف فخلقت الخلق لكياعرف و قال تعالي و ماخلقت الجن و الانس الاّ ليعبدون و لمّا استحالت معرفة الازل بذاته لميبق الاّ معرفته بوصفه و لماكان الازل صمداً لميدخل فيه شيء و لميخرج منه شيء ليس لاحد سبيل الي توصيفه و تعريفه سواه وجب انيصف نفسه لخلقه و يعرفهم اياها (اياه خل) ليعرفوه بماوصف نفسه لهم و يعبدوه كذلك و لمّاكان فعل اللّه سبحانه يجب انيحمل علي اكمل ماينبغي في الوجود وجب انيكون وصفه نفسه لخلقه اجلي مايمكن من التوصيف و التعريف لئلايكون لاحد حجة و يكون اكمال (اكمل خل) نعمة للمؤمنين و اتمام (اتمّ خل) حجة للكافرين المعاندين و لمّاكان الوصف قسمين حالي و مقالي و كان الحالي اجلي من المقالي وجب انيصف سبحانه نفسه لهم بالوصف الحالي يعني يخلق لهم امثاله و اياته و صفاته ليعرفوه بها و لمّاكان الوصف كلّما هو اقرب الي من وصف له كان ابلغ و اكمل و اقطع للحجة و ليس شيء اقرب الي الشيء من نفسه اليه جعل سبحانه و له الحمد و المنّة ذوات الخلايق و انفسهم امثالاً و صفاتاً لمعرفته في كلّ المقامات في توحيده و في اسمائه و صفاته و في اثاره و افعاله و في عبادته فابان عن هذه الحقيقة بقوله الحق سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق الا انه بكل شيء محيط و قال تعالي و في انفسكم افلاتبصرون و يضرب اللّه الامثال للناس و مايعقلها الاّ العالمون فهو سبحانه عرف نفسه لك بك فلولاه ماعرفته فهو تعالي بنفسه عرف نفسه لنفسك بنفسك و الي العبارة الاولي اشار7 في الدعاء يا من دلّ علي ذاته بذاته و في دعاء السحر بك عرفتك و انت دللتني عليك و دعوتني اليك و لولا انت لمادر ما انت فكان الدعاء الثاني
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 377 *»
بياناً و شرحاً للدعاء الاول بان المراد انه هو الذي دلّ علي نفسه بنفسه بماوصف للخلق من امثال توحيده و ايات تفريده في انفس الخلائق و لذا قال اميرالمؤمنين7 من عرف نفسه فقدعرف ربّه اي من عرف نفسه بماجعل اللّه سبحانه فيها من ادلّة توحيده و اسرار اسمائه و صفاته و كيفية عبادته و ظهور اثاره فقدعرف ربّه بمايمكن له انيعرف لا انه يعرفه علي ماهو عليه في ذاته حاشاه عن ذلك و انما هي المعرفة الكاملة الممكنة في حقّه ممايجد من الصفات الالهية التي فطرت طويته و جبلته عليها فحقايق الخلايق هي هيكل التوحيد و لذا قال النبي9 اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه.
و لماكانت مراتب الخلايق متفاوتة في العلوّ و السفل و التجرد و المادية و العلية و المعلولية و الاثرية و المؤثرية و القرب و البعد كان وصف الحقّ سبحانه نفسه للخلق ايضاً علي حسب مراتب الموجودات و لذا قيل «ان الطرق الي اللّه بعدد انفس (نفوس خل) الخلايق» فوصف سبحانه نفسه للقوي بماهو عليه و للضعيف بماهو عليه و لايعرف احد الاّ ماانتقش في لوح حقيقته من صفة توحيد ربه و معرفة معبوده حتي قالت النملة ان للّه زبانيتين و قال النبي9 يا علي ماعرف اللّه الاّ انا و انت الحديث و لا عرف علي7من معرفة اللّه سبحانه ماعرفه النبي9 و النبي9 يقول ماعرفناك حقّ معرفتك فالادراك الذاتي الازلي مماسدّه الغني المطلق عن كلّ مبروء و مذروء و الادراك الوصفي تختلف مراتب الخلق فيه في القوة و الضعف حتي كان ادراك الضعيف في التوحيد شركاً بالنسبة الي ادراك القوي الاّ انه توحيد بالنسبة اليه لانه الذي اعطاه اللّه سبحانه حسب مسألته و لايكلّف اللّه نفساً الاّ مااتيها معاذ اللّه اننأخذ الاّ من وجدنا متاعنا عنده فعلي هذا تفهم معني قول اميرالمؤمنين7 انما تحدّ الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله رجع من الوصف الي الوصف و دام الملك في الملك و هجم له الفحص علي العجز و
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 378 *»
البلاغ (البلوغ خل) علي الفقد و الجهد علي اليأس الطريق مسدود و الطلب مردود دليله اياته و وجوده اثباته نقلت معني الحديث بتقديم و تأخير في اللفظ و قول مولينا الصادق7كلّما ميزتموه باوهامكم في ادقّ معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم فاتضح الامر لمن طلب الرشد و الحق.
و اعلم انك لاتتوجه الاّ الي الحق القديم الازلي و لاتعبد الاّ اللّه الحي القيوم لكنه بقي الكلام في كيفية معرفة النفس التي هي معرفة الرب فقالت كلّ طائفة حسب ماوجدوا مقدار ماوصلوا لانهم لمانزلوا في القوس النزولي ففي الصعودي اختلفت مراتبهم فكلّ من وقف مقاماً حسب انه وصل و صعد الي المنزل الاصلي و الموطن الواقعي لكنه ليس كذلك و نعم ماقال:
خليلي قطّاع الفيافي الي الحمي | كثير و اما الواصلون قليل |
لان لهم علامات و حالات بها يعرفون انهم ممن اشهدهم اللّه خلق انفسهم و خلق السموات و الارض فمنهم من قال في كيفية المعرفة انه يعرف نفسه اي روحه بانه ليس في الجسد داخلاً دخول الممازجة و لا خارجاً عنه خروج المفارقة و ليس في مكان خاصّ في الجسد و لايخلو منه مكان فيه و هو المقوم للجسد و المحصل الممدّ له فاذا عرف هذا في نفسه عرف ربه بالنسبة الي العالم الكلّي هذا معرفة اولي العلم اصحاب عالم النفوس مقام الرسوم و النقوش و منهم من قال يعرف نفسه بالعجز فيعرف ربه بالقدرة و يعرف نفسه بالذلّ فيعرف ربه بالعزّ و يعرف نفسه بالفناء فيعرف ربه بالبقاء و يعرف نفسه بالجهل فيعرف ربه بالعلم و امثال ذلك من الامور و الاحوال و هذا معرفة اولي الالباب اصحاب عالم العقول و منهم من قال يعرف نفسه المنسوباليها كلّ الاحوال و هي غيرها فيعرف ربه بذلك كما انه يقول جسدي و جسمي و خيالي و نفسي و روحي و عقلي و ذاتي و كل جزئي و احوالي و اعراضي و هو منزّه و مبرّء عن ذلك كلّه لضرورة المغايرة بين المنسوب و المنسوباليه
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 379 *»
كماهي شرط الاضافة كذلك اللّه عزّوجلّ يقول عبدي و ملكي و سمائي و ارضي و اسمي و صفتي و هويّتي و ماهيتي و هو سبحانه منزّه عن الكلّ و الكلّ منسوباليه و هذا علي اعلي المعاني معرفة اولي الافئدة اصحاب الحقايق و اهل المشاهدة و اصحاب الاذواق يقولون ان كيفية معرفة النفس كماسئل كميل عن اميرالمؤمنين7 و قال يا اميرالمؤمنين ما الحقيقة قال7مالك و الحقيقة قال أولست صاحب سرّك قال بلي ولكن يرشح عليك مايطفح مني قال أومثلك يخيب سائلاً قال7 الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير اشارة قال زدني بياناً قال7 محو الموهوم و صحو المعلوم قال زدني بياناً قال7 هتك الستر لغلبة السرّ قال زدني بياناً قال7 جذب الاحدية لصفة التوحيد قال زدني بياناً قال7 نور اشرق من صبحالازل فيلوح علي هياكل التوحيد اثاره قال زدني بياناً قال7 اطفأ السراج فقدطلع الصبح انتهي و المراد بالحقيقة المسئولعنها هو النفس التي معرفتها عين معرفة الربّ فبين7 انها بالمحو و الصحو و لو اردنا شرح هذه الكلمات لطال بنا المقال و انا النوّام المكسال (الكسل خل) و مرادي الاشارة الي حقيقة المراد و قدكتب مولانا و استادنا اطال اللّه بقاه و جعلني في كلّ محذور فداه شرحاً مبسوطاً كافياً وافياً لهذا الحديث الشريف فمن اراد انيطلع حقيقة الاطلاع فعليه بمطالعة تلك الرسالة الشريفة.
قــال وفّقه اللّه تعالي: المسألة الثامنهعشرة كيف كان ظهور المعجزات و خوارق العادات عن مولينا اميرالمؤمنين7 و ما معني كونه7 اية النبي (للنبي خل)9 .
اقــول: الجزء الاول من السؤال له وجهان احدهما السؤال عن كيفية ظهور اصل المعجز عنه7 و عن غيره و الثاني عن وجه شيوع ظهور المعجزات عن اميرالمؤمنين7 دون غيره من النبي و الائمة: حتي ان الناس قالوا فيه بالالوهية لعظم مايجدون منه من
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 380 *»
الكرامات و خوارق العادات و بيان الخطب البليغة و وصف نفسه الشريفة بانه خالق الارضين و السموات باذن اللّه سبحانه مع ان ساير الائمة:كانوا مشتركين معه في تلك المزايا و الخواص و كان يثبت لهم ماكان يثبت له فاذن ما الوجه في ظهورها فيه و عدمه في غيره صلّي اللّه عليهم.
الجواب اما عن الاول فاعلم ان الاشياء علي ثلثة اقسام منها ما لطيفته انقص من ذاته يعني لايقدر علي اظهار مااستجن في امكان ذاته من الانوار فضلاً عن غيره الاّ بمعونة الخارج و مثاله في الظاهر الصخر و مااشبهها ليست هي نورانية و لاتنوّر غيرها و منها ما لطيفته يساوي ذاته مثاله الجمرة فانها تضيئ نفسها و لايتعدي ضوءها الي غيرها فيضيئ ذلك الغير و منها ما لطيفته زائدة علي ذاته يعني يضيئ ذاته و يضيئ غيره و ذلك كالاجسام المضيئة مثل الشمس و السراج و امثالهما و الامام7 لمّاكان منغمساً في بحر الاحدية و سابحاً في لجّة الواحدية و مصباحاً موقداً من نار الشجرة الزيتونة التي ليست شرقية و لا غربية كان له7 نور زايد تستضيئ به العالم فاذا اراد اظهار معجزة و خوارق عادة اتمّ بفاضل نوره ماكان في ذلك الشيء من النقصان حتي ظهر بكمال مرتبته عند اعتدال فطرته كما امر الشجرة بالكلام و امرها بالحركة و السكون و التقطع و اظهار الثمرة المونعة و امره للحصي بالتسبيح و التهليل و امثال ذلك او بفاضل نوره يسدّ ما قدكان يحصل الخلل في العالم اذا تغير ذلك الشيء عماهو عليه و ذلك كشقّ القمر و ردّ الشمس بعد غروبها و عروجه9 في المعراج و خرقه الافلاك عند عروجه بجسده الي العرش و ربما يرقون السافل الي الاعلي كمارقوا الحمامة و الغزال حتي تكلّما باللغة العربية يعرفها كلّ من سمع و ربما ينزلون في مقام اسفل كماتكلّم مولينا الباقر7 مع تلك الحمامة حيث تكلّم7 بكلامها معها و هذا هو الحكم الجامع في كلّ معجز لكلّ نبي او ولي او وصي او عبد صالح فانهم بفاضل نورهم يجبرون كلّ كسير و يصلحون كلّ شيء ثم يمدّونه للاظهار كمافعل
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 381 *»
7 بصورتي الاسد المنقوشتين علي مسند مأمون و كذلك الهادي7 مع ذلك الهندي.
و اما الجواب عن الثاني فلما ذكرنا كثيراً في مباحثاتنا و رسائلنا خصوصاً في الشرح علي الخطبة الشريفة الطتنجية ان مقام رسولاللّه9 مقام الاجمال و مقام علي7مقام التفصيل فنسبة رسولاللّه9 نسبة العرش الفلك الاطلس الخالي عن الكواكب و نسبة مولينا اميرالمؤمنين7 نسبة الكرسي الفلك المكوكب مع ان الكرسي مستمد من العرش /تري (كماتري ان ظ) الكواكب و الاثار و التأثيرات انما هو في الكرسي بقرانات الكواكب بعضها مع بعض و نسبة ساير الائمة: نسبة الافلاك السبعة و هي تستمدّ من الكرسي و الكرسي يستمدّ من العرش لكن مبدأ التفاصيل و ظهور الامر انما هو في الكرسي حتي نسبوا التأثيرات الي الكواكب المركوزة في الكرسي و لاينسبونها الي العرش مع انها كلّها به و منه و عنه فنسبته9 نسبة النقطة و نسبة علي7 نسبة الالف الممتد من النقطة و نسبة الائمة: نسبة الحروف فعلي7 اميرالمؤمنين و المؤمنون هم الائمة: و هو7 يميرهم العلم و الحكمة و لذا كان ظهور المعجزات و الخوارق من علي7 دون النبي و ساير الائمة: و هو قوله تعالي انما انت منذر و لكلّ قوم هاد قال رسولاللّه9 انا المنذر و علي الهادي و الهادي هو الموصل الي المطلوب من خير و شرّ و نفع و ضرر و نور و ظلمة لانه الواقف في حجاب الرحمانية التي بها ظهر اللّه علي العرش فاعطي كلّ ذيحقّ حقّه و ساق الي كلّ مخلوق رزقه فافهم راشداً موفقاً ان شاء اللّه تعالي.
و اما كونه7 اية للنبي9 لانه7 سبب ظهوره و اظهار نوره و انتشار امره و اعلاء ذكره و افشاء خبره اما في الظاهر فلان بسيفه7 ظهر الدين و باعانته قوي الاسلام و المسلمون اذ ماانتشر امر النبي9 الاّ بعد الغزوات في جهاد الكفار و ماحصل الفتح
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 382 *»
فيها الاّ بعلي7 فكان هو اية للنبي9 به اقام الدين و اعزّ الاسلام و المسلمين و اما في الحقيقة و الواقع فلماذكرنا انفاً ان مقامه7 مقام التفصيل و لايظهر المجمل الاّ في مقام التفصيل لان النقطة لاتظهر الاّ بالالف و العرش لايتبين الاّ بالكرسي و لذا كان7 هو حامل لواء الحمد و مقامه مقام النفس الكلية و مقام النبي9 مقام العقل الكلّي و لايظهر اثار العقل في مقام التفصيل و عالم الظهور الاّ في النفس فكانت النفس اية للعقل و لايظهر الاّ بها فلولا النفس لميكن للعقل ظهور ولو لميكن الكرسي لميكن للعرش ظهور فالكرسي اية العرش و محلّ لظهوراته كذلك علي7 اية للنبي9 و لولاه لميظهر اثار النبوة اذن يقبح بعث النبي لعدم الاية و هو معني ماورد لولاك لماخلقت الافلاك و لولا علي لماخلقتك.
قــال ايّده اللّه تعالي: المسألة التاسعهعشرة لم كان الثواب علي الطاعة عشرة و الجزاء علي المعصية بمثلها كماقال تعالي من جاء بالحسنة فله عشر امثالها و من جاء بالسيئة فلايجزي الاّ مثلها.
اقــول: اعلم ان اللّه سبحانه و تعالي خلق الخلق من عشر قبضات من الافلاك التسعة و من الارض فخلق من العرش قلبه و من الكرسي صدره و من فلك زحل عقله و من فلك المشتري علمه و من فلك المريخ وهمه و من فلك الشمس وجوده و من فلك الزهرة خياله و من فلك عطارد فكره و من فلك القمر حياته و من العناصر الاربعة جسده فخلق من كرة النار مرّته الصفراء و من الهواء دمه و من الماء البلغم و من الارض مرة (مرّته ظ) السوداء و بها تمّ هيكل الجسد فلماكانت الطاعة جهة النور و الخير و قدخلقت مقصودة لذاته فاذا اقبلت علي المؤمن اقبل المؤمن عليها بكلّه فكلّ جهة من جهاته تتوجه بالاقبال الي الطاعة لانها خلقت للخير و النور فتميل تلك الجهات بميل المؤمن الي الطاعة ميلاً غريزياً فتستحق طاعة واحدة عشر مثوبات بعدد كلّ مرتبة و هذا اقلّ مافي الباب و قديكون الجزاء و الثواب في بعض الطاعات اكثر كمافي الانفاق كماقال تعالي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 383 *»
مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيلاللّه كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبة و اللّه يضاعف لمن يشاء و وجه المائة من جهة ملاحظة تلك العشرة معها في نفسها و قديكون اكثر علي حسب اقبال المؤمن او قوة تلك الطاعة اما من جهة الذات او من جهة القرانات و الانتسابات و اما المعصية فمن جهة انها خلقت بالعرض فلايقبل اليها المؤمن بالذات فاذا وردت علي هذه المراتب ماقبلت الي ان وصلت الي الجسد فتستقر لمناسبة ظلمة الجسد بظلمة المعصية فيواقع الرجل المعصية و قلبه و ساير قواه الباطنية منكر لها معرض عنها فاذا تاب و ندم في تلك الحالة او بعد الفراغ من غير مهلة او مع المهلة قبل انتمضي سبع ساعات فلايكتب لها شيء لانها لطخ جزئي يسير زال قبل الاستقرار فاذا لميتب حتي صعدت الابخرة المنتنة الي الخيال بعد الحس المشترك و خرقت القبضات السبعة الفلكية و استقرت في النفس فيظلم الرجل فيكتب بعد مضي سبع ساعات معصية واحدة لانها ليست باقبال المؤمن اليها بكلّه و لذا كانت جزاء المعصية واحداً.
الي هنا تمت المسائل جعلنا اللّه و اياكم ممن يقبل الي الطاعات و يجتنب المعاصي و السيئات ثم يا اخي اني معتذر اليك من بسط المقال فاني في غاية الاختلال من ضعف البنية و القوي و تفرّق الحواس من كلّ جهة و عدم الاقبال و عدم التمكن علي الاستقرار و اللّه يعلم اني كتبت هذه الوريقات في كمال الضيق و الاستعجال و معذلك طالت هذه المدة و العذر عند كرام الناس مقبول و الحمدللّه اولاً و اخراً و صلّي اللّه علي محمد و اله الطاهرين.
و كتب منشيها كاظم بن قاسم الحسيني في عصر يوم السبت الخامسعشر من شهر محرم الحرام في سنة 1237 حامداً.