شرح بعض الفقرات اللوامع الحسینیة
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 241 *»
بسم الله الرحمن الرحيم و نستعين علي القوم الظالمين
(بسم الله الرحمن الرحيم خل)
الحمدلله رب العالمين و الصلوة و السلام علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم و مبغضيهم و منكري فضائلهم اجمعين ابد الابدين.
اما (بعد ظ) فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان الله سبحانه و تعالي لما وفقني لرسم الجزء الاول من كتاب الموسوم باللوامع الحسينية في المعارف الالهية و الحقايق اللاهوتية و شرح الاسماء و الصفات و العلل و المبادي و ساير الاسباب و المعدات و كانت مشتملة علي معان بديعة مبتكرة و انكانت عند آل محمد صلي الله عليهم و خواص شيعتهم معروفة مشتهرة و مع ذلك مشتملة علي الفاظ محررة محبرة موجزة مختصرة مكتفية بادني عبارة و اخصر اشارة و كانت لاتنالها لفظا و معني ايدي الافهام و لاتصل اليها طامحات (لامحات خل) العقول و الاحلام امرني من تجب علي طاعته و الزمت علي نفسي رعايته و هو جناب الاكرم المكرم العالم العامل المعظم المقدم ذو الفطرة الزاكية و السريرة الصافية السامية المؤيد المسدد الممجد الاخوند الملا مشهد بن المرحوم المبرور . . . الشبستري اصلح الله حاله و طهر باله و جعل مع الرفيق الاعلي مآله بمحمد و آله صلي الله عليهم اناملي عليه شرحا يحل عبارته و يفك رموز اشارته و يسهل صعابه و يفتح للطالبين الراغبين بابه فاستخرت الله سبحانه و امتثلت امره في حال تبلبل البال و اختلال الاحوال و عروض الامراض المانعة من استقامة الحال و في وقت قد مد الجور باعه و اسفر الظلم قناعه و دعا الغي اتباعه فكثر مجيبوه و عظم ملبوه و مع ذلك آتي بما هو الميسور لانه لايسقط بالمعسور و اقتصر علي حل العبارة و ذكر بعض ما فيها من الاشارة معرضا عن التطويل و الله يقول الحق و هو يهدي
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 242 *»
السبيل.
قلت بسم الله الرحمن الرحيم.
اقول اعلم ان اسرار البسملة كثيرة و جواهر لطايفها و حقايقها عجيبة غريبة لاتحصي عجائبها و لاتفني غرايبها كيف لا و هي مجمع صور العالمين و فيها تفصيل النشأتين و قد اشرنا الي بعض اسرارها و دللنا علي مقدار سم الابرة من تلالؤ انوارها في عدة مواضع من رسائلنا الا اني اشير هنا الي ما لماشر في كتاب و لا ذكر في خطاب و لا جري في سؤال و لا جواب و هو من الواردات الالهية و الاضافات الغيبية.
فنقول ان البسملة هي الاسم الاعظم كما اشير اليه في الدعاء اللهم اني اسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم و قال مولانا الرضا7 ان البسملة اقرب الي الاسم الاعظم من سواد العين الي بياضه و هو اقرب الباطن من الظاهر المعبر عنه بقرب المداخلة و هو اقرب من الملاصقة فباطنها الاسم الاعظم و ظاهرها الحامل للنور الاقدم في قوله7 و انا النقطة تحت الباء و قد دلت الاخبار و شهد صحيح الاعتبار علي ان الاسم الاعظم هو الحي القيوم و قد اشير الي هذين الاسمين الاعلين فيها معني و خطا و لفظا اما الاول فليطلب في رسالتنا الموضوعة لذلك و اما الثالث فاذا استنطقتها يخرج الحي فاحاط بالوجود كله و قام به الخلق و الامر اذ لهذا الاسم المعظم المكرم ثلاثة مظاهر:
الاول الماء الذي به حيوة كل شيء المداد الاول مبدأ المبادي و اسطقس الاسطقسات.
الثاني الهواء كبد العالم الذي به النضح (النضج خل) و الاصلاح و التهيؤ للقبول.
الثالث الماء الجسماني علي المعني الاعم الذي عليه مدار علم البيان و المعاني فتم الكون بدوا و تحققا بالاسم الحي و لما كان الحي في هذا المقام ليس من الصفات الذاتية لحكم الاقتران الممتنع من الازل لزمه القيوم فذكر الاسمان احدهما بالتصريح و الثاني بالتلويح (بالتلويح و اما خل) في الكتابة فاذا
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 243 *»
استنطقتها يكون تسعة عشر فيظهر الاسم الواحد اول مظاهر الاحدية و هو يدل علي ما يدل عليه القيوم و زيادة اما الاول فظاهر و اما الثاني فانه يدل علي اضمحلال الغير و لا شيئية السوي و يصح قوله تعالي و هم بامره يعملون، و من يقل منهم اني اله من دونه الخ، و لايتم الواحد الا بالاحد فهو المتمم للاسم الاعظم فاذا تحلت الاحدية في الواحدية ظهر مقام الفعل و الايجاد و الولاية المقتضية للعبودية المطلقة و تلك العبودية و هي المتحققة بالاصل الواحد و الاركان الاربعة و المتممات الثلاثة و هي حدودها ليظهر هيكل التوحيد فالاصل الواحد هو النقطة في البسملة و الركن الاول الذي هو الآخر كالسجود في الصلوة مقام الفناء المطلق هو الالف اللينية المطوية في النقش و الخط و اللفظ للاشارة الي الفناء المحض و الركن الثاني مقام الركوع الالف القائمة في الله و الركن الثالث مقام القيام المتصل بالركوع و هو الالف المبسوطة في الرحمن و الركن الرابع مقام تكبيرة الاحرام هو الالف الراكدة في الرحيم و المتممات الثلاثة من القراءة و التشهد و التسليم ظهرت في الله الرحمن الرحيم فلما تمت مقامات العبودية و صح امتثال اطعني ترتب عليها مقتضاها اجعلك مثلي تقول للشيء كنفيكون فاول ما ظهر من تجلي الاحد في الواحد الكاف فاول ما ظهر من الكاف مقامات التجلي و التوصيف فظهر عنها الهاء في هو الاشارة الي تثبيت الثابت و لما كان الهاء هي حرف الظهور و المقبول و كان مقدما علي المظهر ظهر عنها الياء للاشارة الي الرتبة الثانية ارض القابليات فلما ظهر المقبول بالقابل في القابل تمت الكلمة فظهرت العين التي لها من العدد سبعون و هي تمام كن فلما تمت الكلمة ظهر و وجد بحر الصاد اول المداد فاشار الي الكل بعد البسملة بقوله تعالي كهيعص فلما تم سريان بحر الصاد علي ارض القابليات صحت الاستدارة التامة فظهر القاف الجبل المحيط بالدنيا نفصل القاف باللام و رجع الجميع الي هو و اليه يرجع الامر كله فابتدأ من الواحد المتقوم بالاحد و اختتم به و ثبتت الاسفار الاربعة و التجليات الالهية و ظهر معني قوله7 في الدعاء يا قل هو الله احد فاستجمعت البسملة
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 244 *»
قوي الاسم الاعظم من الاسماء و هي (هو خل) الحي القيوم الواحد الاحد الرب الظاهر المقتدر المحصي القابض المحيي العليم فافهم انكنت تفهم و الا فاسلم تسلم و انما كانت الحروف المقطعة في القرآن في مبدأ النصف الآخر الكاف و في مبدأ النصف الاول الالف لان النصف الاول حيث كان حاكيا مقام الوحدة و التوحيد فظهرت فيه قوي البسملة في الخط فاستنطقت بالواحد و ظهرت حرفه و هي الالف القائمة و اما النصف الآخر فحيث كان شارحا مقام الصنع و الايجاد ظهرت البسملة اللفظية اي الخطية حاملة للالف اللينية الحاكية لمقام الاحدية فاستنطقت منها الكاف فتولدت عنها الهاء لانها غيبها فلما تكررت الهاء اربع مراتب في الطبايع تمت الكاف و تولدت من الهاء الياء لانها تكرارها و ظهرت الهاء في الياء علي معني فتلوح علي هياكل التوحيد آثاره و تولدت عنهما (عنها خل) النون فتمت كلمة كن لان الامام الرضا7 قال حق و خلق لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما فالنصف الاول لبيان احكام الحق فالمبدأ الالف و النصف الآخر لبيان احكام الخلق المبدوء (المبدأ و خل) بالكاف المتممة لكن فافهم و لا تتوهم اني صعبت المسألة و اشكلت العبارة و ذلك لقصوري في التعريف و التبيين بل لصعوبة المطلب و علو مقامه و ارتفاع شانه و هو عند اهله لمن اجلي الواضحات و ابين البينات.
قلت حمدا لمن خلق الانسان.
اقول انما اتينا بالجملة الفعلية و اثرناها علي الاسمية لبيان شرافة الجملة الفعلية علي الاسمية لانها حاملة للفعل العامل في كل الاسماء و كل الذرات و الاسم معمول و مفعول له او خلق الله الاشياء بالمشية و خلق المشية بنفسها و هي الفعل و هي كلمة كن و للدلالة علي الحدوث و صفة (صفته خل) الامكان لدلالتها علي التجدد و الانتقال علي الدوام و الاستمرار من قوله تعالي انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون و الذكر هو المدد الكوني الغيبي لقوله تعالي بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون او من قوله تعالي ذكرا رسولا، فاسألوا اهل الذكر انكنتم لاتعلمون و التجدد من قوله تعالي و قل رب
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 245 *»
زدني علما و الاستمرار و الدوام من قوله تعالي ادعوني استجب لكم، و من عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون فهو دائم الطلب و الله سبحانه دائم الفيضان و الافاضة فالاستمرار مع التجد (التجدد خل) و هو صفة الحدوث و الامكان و ذلك مؤدي الجملة الفعلية و انما حذفنا الفعل و فاعله و اقتصرنا علي ذكر المفعول المطلق لبيان ان الفعل هو الغيب المستتر و هو الاسم المحجوب الذي حجبه الله سبحانه و هو الاسم المكنون المخزون الذي استقر في ظله فلايخرج منه الي غيره و الفاعل مرفوع معلو (معلم خل) بالضم الي عالم ذلك المخزون و هو ادني ما استاثره الله تعالي كما في دعاء الصحيفة و لميبلغ ادني ما استأثرت به من ذلك اقصي نعت الناعتين فالاعلي هو الفعل و الادني هو اسم الفاعل المرفوع المرتفع بالفعل و بقي الاثر من حيث هو اثر الذي هو المفعول المطلق دالا علي (ظ) الفعل و فاعله و ذلك علي طبق العالم التكويني فنصبه دل علي رفع الفاعل و لولا ذلك لتوهم في حقه الاستقلال و لذا قالوا لا اله الا الله و لا حول و لا قوة الا بالله ليعلم انهم عبيد مكرمون و انوار مخلوقون فنصبه دليل انتصابه من الفاعل المرفوع بالفعل المتقوم بالذات قيام صدور بلاكيف و لا اشارة و الكل مضمحلون دون ظهور الذات و معدومون عند جلالها و جمالها و كبريائها و اتينا بالمصدر لكونه اول مشتق من الفعل و اول حادث عنه به و اول حامل لظهوره و مثال نوره و اول حاك عن وجهه و اول مؤكد له فيكون حمدا في قوة قولك حمدت حمدت الا ان الثاني شعاع الاول و المصدر اول ذات تذوتت منها الذوات و تاصلت منها الصفات و الاعراض و الجهات و قولهم انه امر اعتباري غيرصحيح لان المبدأ القابض اولا من الحق القديم بفعله لايصح انيكون اعتبارا محضا لا وجود له في الخارج و التحقق و هو مادة المواد و هيولي الهيوليات و اسطقس الاسطقسات و جوهر الجواهر قد اشتق منه الاسم الفاعل و الاسم المفعول و هو الامر المفعولي فيكون هو الاولي بالذكر و احري بالبيان في مبدأ الكتاب التدويني المطابق للكتاب التكويني و اخترنا مادة الحمد دون الشكر و غيره مما يدل علي الثناء
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 246 *»
لان الحمد اول متولد من البسملة التي هي الاسم الاقدم الذي به خلق الله بضرب من التنزل و المعبر عنه بالتكرير فان استنطاق البسملة الواحد كما سبق و حرفه الالف المتكررة في الباء المتكررة في الدال التي بها تمام الاركان الاربعة و الطبايع و هي قد تكررت في الحاء فاذا تكررت الحاء خمس مرات ظهرت الميم فالدال لبيان الاصل الاول الكائن المجتمع من الطبايع الاربع و الميم لسر التخمير و التعفين لطينة آدم7 الاول و الحاء لبيان كون الاصل الاول في العالمين الاجمال و التفصيل و الغيب و الشهادة و الظاهر و الباطن فاذا ظهر سر البسملة الذي هو الالف التي هي سر الحمد و حقيقته في مبدأ الحمد كان احمد و هو اول ما خلق الله و اول ما صدر به الكتاب التكويني فوجب انيكون في اول الكتاب التدويني تأسيا و لذا كان الحمد هو الثناء باللسان علي الجميل الاختياري علي قصد التعظيم سواء كان في مقابلة النعمة ام لا و اللسان اعم من انيكون حاليا او مقاليا و الاول اعم من انيكون جوهرا ام عرضا و الجميع اعم من انيكون غيبا (غيبيا خل) او شهادة و الكل اعم من انيكون اجمالا او تفصيلا و بالكل يقع الثناء علي الله تعالي من حيث هو لا لاجل امر آخر كما قال7 ما عبدتك خوفا لنارك و لا طمعا في جنتك بل وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك و العبادة هي الثناء علي الله تعالي بلسان الكينونة و الحقيقة و هذا المقام اشرف المقامات و اعظمها و لذا قال9 الفقر فخري و به افتخر و لذا اشتق اسمه الشريف من مادة الحمد فهو احمد و محمد و حامد و حميد و له المقام المحمود عسي انيبعثك ربك مقاما محمودا فتصدر هذا الكتاب بما صدر الله سبحانه به كتابيه التكويني و التدويني نعم حذفنا الالف و اللام لبيان كمال الاضمحلال نظرا الي القول اشهد ان محمدا عبده (عبده و رسوله خل) و هو سبحانه اتي بالالف و اللام التعريف لبيان الرسالة المستلزمة للولاية الحاكية لمقام اجعلك مثلي فكساه الله سبحانه ثوب الجلال و الجمال و توجه بتاج الكرامة و الاقبال و عرف الحمد بالالف و اللام فمقام الخضوع و الاطلاق اقدم من هذا المقام فحيث ان لنا مقام الكبرياء و العظمة و الربوبية فله سبحانه
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 247 *»
ملاحظة ذلك المقام فافهم و اللام في قولنا لمن خلق الانسان صلة و ارتباط و تمليك و اختصاص و مضمونها و مؤداتها و مسماها يكون هو الباب و الجناب و الحامل للواء و خلق فعل و الخالق اسم فعل لاشتقاقه من خلق المشتق من خلق و اسماء الافعال حادث عند الامامية كافة و قد نصوا علي ذلك في عدة من كتبهم الكلامية و الانسان هو الكامل الموصوف من عند الله تعالي بذي الخلق بذي الخلق العظيم و هو الحيوان بالحيوة الابدية الالهية الاولية الكلية قد انحصرت افراده في اربعة عشر لا غير قال7 خلقنا الله من طنية الاحد و في الزيارة حيث لا يلحقه لاحق و لا يفوقه فائق و لا يسبقه سابق و لايطمع في ادراكه طامع حتي (حتي لايبقي ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا صديق خل) و هو الناطق بالتوحيد و التمجيد و التفريد و التنزيه و التقديس و العبودية و رفع الاضداد و التنزه عن الاقتران و الحدود و هو المدرك للكليات و الحقيقية (للكليات الحقيقة خل) و هو المراد و هو المريد و هو المحبوب و هو الحبيب و هو المدلول و هو الدليل خلقه الله لنفسه و خلق الخلق لاجله و هو جمال الله و ما سواه جماله و هو جلال الله و ما عداه جلاله و سمي الغير بالانسان من باب الحقيقة بعد الحقيقة و نسب الحكم اليه من باب التبعية كما ياتي بيانه و يتضح برهانه فافهم.
قلت و علمه القرآن الناسخ لجميع الاديان.
اقول التعليم من الله سبحانه ايجاد العلم و احداثه فيما يشاء من عباده علي حسب قابلية كينونته من زيادة و نقصان و قلة و كثرة و العلم ظهور المعلوم للعالم و الظهور امر اضافي قائم بالمعلوم قيام تحقق و هذا التعليم تكويني و تشريعي و كل منهما واقعي و نفس الامري و الواقعي هو الحكم الاولي الالهي المثبت في الورقة العليا من اللوح المحفوظ و هو الثابت الباقي الذي لايزول و لايتغير و لايتبدل لانه الحكم لكينونة الاولي في العالم الاعلي و النفس الامري هو الحكم الثانوي المتغير المتبدل الذي هو المثبت في الورقة السفلي من اللوح المحفوظ الذي هو عبارة عن لوح المحو و الاثبات و معني هذا التعليم هو
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 248 *»
الكشف عن حجاب القلب و عن باطن هذه الالواح و ظاهرها حتي يري ما فيها رؤيته عيانية في جميع المراتب و المقامات و هو معني اراءة الله آياته في الآفاق و في الانفس و اشهاده لمن شاء خلق السموات و الارض و اراءة ابراهيم علي نبينا و آله و عليه السلام ملكوت السموات و الارض و اليه الاشارة في قوله تعالي فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد فافهم فكم من خبايا في زوايا و القرآن حقيقة الهية كانت مخزونة تحت حجاب الواحدية و مصورة علي هيكل التوحيد و هيئة التفريد و التجريد معلنة لله بالحمد و الثناء و حاكية عن الله سبحانه لموسي و غيره اني انا الله و ان الساعة آتية اكاد اخفيها لتجزي كل نفس بما تسعي فانزلها الله سبحانه الي الخزائن الغيبية ما لهداية (بالهداية خل) الخلق و ارشادهم في كل مقام بحسبه متلبسة في كل خزينة و مرتبة لباسها و ظاهرة في كل مرتبة بصفة اهلها و هي في كل هذه المراتب محفوظة المقامات سالمة المراتب من تنزلها الي الدرة البيضاء عالم العقول و هي اذن نور ابيض قائم يسبح الله سبحانه و الي عالم الارواح و هي اذن نور اصفر و الي عالم النفوس و هي اذن نور اخضر و الي عالم الطبايع و هي اذن نور احمر و الي عالم المثال و هي اذن نور اخضر يميل الي السواد و الي عالم الاجسام و هي اذن نور اخضر ايضا علي احسن صورة و اعلي استقامة و اشرف هيئة في عالم كان طالع الدنيا السرطان و الكواكب في اشراقها (اشرافها خل) و هي هناك تدعوا الي الله سبحانه بجميع مراتب الدعوات فلما تحركت الافلاك و تقدم الليل علي النهار و الظلمات علي الانوار حصلت الآفاق المائلة و جاءت الاحكام النفس الامرية و صار الاعلي اسفل و الاسفل اعلي و الظاهر باطنا و الباطن ظاهرا ظهرت تلك الحقيقة الاولية بحدود الالفاظ و الخطوط و النقوش و بقيت محفوظة فيها حفظ الاجزاء (حفظا لاجزاء خل) الاصلية الحافظة للنفس الناطقة في حدود النطفة و العلقة و المضغة و العظام و اكتساء اللحم و الجنين و المرضع و الفطيم و الصبي و المراهقة و البلوغ و التمام و الكمال و الانحطاط و الشيب و الهرم و في اطوار المرض و الصحة و السمن و الهزال و القوة و الضعف و غيرها من باقي الاحوال
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 249 *»
فالشخص هو هو و ان عرته هذه الاحوال و هي اعراض لاتخرج الشئ عن حقيقة ما هو عليه و ذلك معلوم واضح و كذلك القرآن الظاهر بحدود الالفاظ فانه لايخرج باختلاف القارين و صوغهم الهواء بحدود الالفاظ الخاصة و صورها عما هو عليه من كونه قرآنا كلام الله حقيقة قارة ثابتة و سيظهر في العود الجاري علي حكم البدو في القيمة لقوله تعالي كما بدأكم تعودون بصورة اهل المحشر و ياتي من كل صف من صفوف الملائكة و الجن و الانس و الانبياء كاحسن صورة اهل ذلك الصف الي انياتي و يقف عند الصراط و يشفع للقاري و التالي له و المضيع حقه و ذلك معلوم في الاخبار المتكثرة ثم القرآن علي قسمين تكويني و تدويني كالفرقان فالقرآن (فالفرقان خل) التكويني هو محمد9 و الفرقان كذلك هو امير المؤمنين7 و قد قال7 انا كتاب الله الناطق و القرآن التدويني هذا هو الكتاب المبين من حيث الجامعية و اللطيفة السارية و الفرقان هو تفاصيل الكتاب بالارباع او الاثلاث او غير ذلك و سيأتي لذلك زيادة بيان عند ذكر الميزان فترقب و النسخ اظهار انقطاع حكم من الاحكام الالهية بانقطاع وقته و مدة وجوده و تغيير المصلحة المقتضية لذلك و اظهار حكم آخر عند حلول اجله و وجود المصلحة المقتضية لاثباته و ابرازه و قد تقصر مدة الحكم فيتغير في زمان حيوة النبي9 و قد تطول مدته الي بعد وفاته فيوصي الي وصيه7 تغيير ذلك الحكم عند حلول اجله و النسخ قد يكون في زمانه9 و قد يكون بعد وفاته لكنه بحكمه و بيانه لوصيه و القائم مقامه9 و قولنا الناسخ لجميع الاديان مسامحة و مماشاة باعتبار ظهوره الثاني في هذه النشأة بعد مضي الانبياء عليه و عليهمالسلام ليكون هو خاتمهم بل التحقيق ان نبينا9 هو النبي علي العالمين لقوله تعالي تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيرا و العالمون ما سوي الله تعالي علي التفصيل كما تقول الحمد لله رب العالمين فالعالمون الذين كان الله ربهم يكون محمد9 نبيهم فاذن يدخلون الانبياء: في العالمين و قد نص الله سبحانه في
«* جواهر الحكم جلد 2 صفحه 250 *»
القرآن علي هذا المعني بقوله تعالي و اذ اخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال ءاقررتم و اخذتم علي ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا و انا معكم من الشاهدين و قال9 كنت نبيا و آدم بين الطين و الماء (الماء و الطين خل) فاذا ثبت ذلك فلاريب ان القرآن علم الله . . .
(الي هنا وجد في النسخ الموجودة)