02-01 جواهر الحکم المجلد الثانی ـ رسالة في شرح حديث القدر ـ مقابله

رسالة فی شرح حدیث القدر

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 2 صفحه 3 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

في بيان الحديث الشريف المروي عن مولانا اميرالمؤمنين7 ان القدر سر من سر الله و ستر من ستر الله و حرز من حرز الله و امر من امر الله مختوم بخاتم الله موضوع عن العباد علمه رفعه الله فوق شهاداتهم و مبلغ عقولهم لانهم لاينالون به بحقيقة الصمدانية و لا بعزة الفردانية بحر عميق مظلم كالليل الدامس كثير الحيات و الحيتان يعلو مرة و يسفل اخري في قعرة شمس تضئ لاينبغي ان‌يطلع عليها الا الواحد الفرد فمن تطلع عليها فقد ضاد الله في ملكه و نازعه في سلطانه و باء بغضب من الله و مأواه جهنم و بئس المصير.

اعلم ان امر الله علي قسمين امر فعلي عرفناه من قوله تعالي انما امره اذا اراد شيئا ان‌يقول له كن فيكن فبعد تأويل ان الناصبة المضارع للمصدر (للمضارع خ‌ل) يصير المعني (معني الآية خ‌ل) هكذا انما (ان خ‌ل) امره اذا اراد ان‌يحدث شيئا هو قوله (قول خ‌ل) كن و كن فعل امر ضمير الفاعل و هو ضمير المخاطب يعني انت مستتر فيه و هو فاعل فعل الفاعل كانت في اضرب فان فاعل فعل الفاعل و هو الضرب و هو المخاطب فالاحداث من الله و القبول و الانوجاد من المفعول و العبد بالله و هذا سر الامر بين الامرين و يدل علي ان القبول انما هو من العبد قول الله عزوجل فيكون لان الضمير في يكون لاشك انه يرجع الي المخاطب و امر مفعولي قوله تعالي و كان امر الله مفعولا ثم لما اخبرنا تعالي في قوله عز و جل و كان امر الله قدرا مقدورا علمنا ان من امر الله ما هو قدر يسمي بالامر القدري و منه ما هو مقدور يسمي بالامر المقدوري و هذين التعبيرين تعبيران آخران من الامر الفعلي و (و الامر خ‌ل) المفعولي فاذا عرفت هذا فاعلم ان المراد من قوله7 ان سر القدر الخ، هو الامر الفعلي (هو امر المفعولي خ‌ل) و هو النور الوحداني البسيط الساري في هياكل الموجودات

 

 

«* جواهر الحکم جلد 2 صفحه 4 *»

و قوابلها فظهور هذا النور في كل قابلية انما هو بحسب تلك القابليات (القابلية خ‌ل) فان كانت مستقيمة يظهر النور مستقيما و ان كانت معوجة يظهر النور معوجا مثل الشمس المشرقة في المرايا المختلفة ثم هذا النور اذا تخصص بتعلقها (باعتبار تعلقها خ‌ل) بالقوابل يتحقق الشئ فظهور النور بالقابلية و وجود القابلية من النور فلولا القابلية ماظهر النور و لولا النور ماوجد القابلية فالقابلية و ان كانت بمنزلة الآلة للنور بل هي الآلة له حقيقة لكنه تابعة له بها (لكنها تابعة لها خ‌ل) من حيث الاستقامة و الاعوجاج كما بينا في التمثيل بالمرايا المختلفة فاذا تحقق الشئ المركب من النور و القابلية فيتعلق هذا النور بقوابل صفات هذا الشئ و هياكل افعاله و يتخصص باعتبار تلك القوابل فيحصل له صفات و افعال الي ماشاء الله فان كانت قوابلها و هياكلها مستقيمة موافقة لمراد الله تعالي مثل صور الطاعات فيصير النور المتعلق لها نورا و اصفي فكلما زادت القابلية في الاستقامة و القرب الي الصور الحقة زاد ذلك النور صفاء و بهاء و ان لم‌يكن مستقيمة بان كانت مخالفة لمراد الله كصور المعاصي يصير ذلك النور ظلمة و ينكدر فكلما زادت القابلية اعوجاجا و بعدا عن الحق زاد هذا النور ظلمة و كدورة و هذا النور المتعلق (التعلق خ‌ل) بالذوات و الصفات في جميع مراتبها هو القدر الذي اشار اليه بقوله ان القدر سر من سر الله اي حجاب من حجاب الله يعني (يعني ان خ‌ل) هذا النور هو ستر (سر خ‌ل) و قوله7 و ستر من ستر (سر من سر خ‌ل) الله اي حجاب من حجاب الله اي واسطة بينه و بين خلقه لايمكن الوصول اليه الا بهذا (بهذه خ‌ل) الحجاب كما ان الامام7 في الظاهر حجاب و باب الله لايمكن الوصول الي جنابه الا منه كذلك هذا النور في جميع مراتبه بالنسبة الي كل احد حجاب الله و باب له و قوله7 حرز (و حرز خ‌ل) من حرز الله يعني انه تعالي احتجب به و اخذه حرزا (حرزا له خ‌ل) و انه مخزون (محروزه خ‌ل) يعني مستوره اي ستر علمه عن عباده و قوله7 امر من امر الله اي من امر الله المفعولي كما عرفت و قوله مختوم بخاتم الله لايكون (اي لايكون خ‌ل) معرفته لاحد لانه مختوم بخاتم الله و قوله7 موضوع من (عن

 

 

«* جواهر الحکم جلد 2 صفحه 5 *»

 خ‌ل) العباد علمه اي لايمكن لهم معرفته و ادراكه و قوله7 بحر عميق مظلم كالليل الدامس اما كونه بحرا عميقا قد علمناه سابقا فان هذا النور بحر بحيث لو سال منه اودية الهياكل الي ما لانهاية له فلاينتهي عمقه اما (و اما خ‌ل) كونه مظلما فلانه يتحصص (يتخصص خ‌ل) القوابل و الهياكل فيتكثر و الكثرة سوداء مظلمة (ظلمة خ‌ل) قوله7 كثيرة الحيات و الحيتان و المراد منهما (بهما خ‌ل) الافراد المتحصصة من ذلك البحر و يسبحون فيه و انما عبر عن هذه الافراد بالحية لان الحية مشتق من الحيوة و لايموت الا بعارض و قوله7 يعلو مرة و يسفل اخري فانه اذا حسنت صورة و استقامت هياكله يميل الي الحق فيعلو و اذا قبحت صورة و اعوجت قوابله يميل الي الباطل فينكس (فينعكس خ‌ل) و يسفل و قوله7 في قعره شمس تضئ و هو النور المذكور قوله7 لاتطلع عليها (و قوله لايطلع عليها الا الواحد الفرد يعني لايعلمها الا الله تعالي فمن اراد الاطلاع عليها خ‌ل) فلابد ان‌يراها بعين الله و ينظر اليها بنظره قوله7 فمن تطلع عليها اي من دون ان‌يكون له عين الله و من دون ان‌ينظر بنظره فقد ضاد الله في ملكه و نازعه في سلطانه لانه حينئذ يريد ان‌يطلع عليها من دون الله حيث يري نفسه شيئا و ان هذا الا نزاع في سلطان الله و مضادة في ملكه و قوله و باء بغضب من الله و مأواهم (مأواه خ‌ل) جهنم و بئس المصير حيث نازع الله و عانده في ملكه و سلطانه و اراد هتك سره انتهي.

(الحمد لله الذي جميع الممكنات كالذرة في شمس عظمته و جميع الموجودات كالنقطة الموهومة في يد قدرته و جميع المخلوقات كالحباب في رحمته و الصلوة علي محمد و هو محمد في جميع خصاله و فعاله و علي علي و هو علي في جميع اوصافه و افعاله و علي ائمة و هم ائمة الامم و البدور اللامعة في ليالي الظلم و الشموس الطالعة في سماء المجد و العظم و النجوم الساطعة في فلك العز و الفخم و سادات اهل الجود و الكرم و قادات اهل التقي و الهمم الذين بهم كمال الدين و تمت النعم و بهم قدر القضاء و جري القلم و اللعن علي اعدائهم و هم اعداء الرحمن الذين بهم خلق النار و اشتد الغضبان و استقيم

 

 

«* جواهر الحکم جلد 2 صفحه 6 *»

الجور و العدوان و جرت سفينة الظلم و الكفران في لجج الضلالة و الطغيان و ضل الناس في تيه الغفلة و الخذلان و اجروا علي الله الذنب و العصيان و رجعوا من الحق الي البطلان و من الجنة الي النيران و لقد حقت عليهم كلمة العذاب و انهم حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الكافرون تم شرح الحديث الشريف اللطيف المنيف في يوم الثلثة من عشرين الثالث من شهر رمضان[1]).

-[1] مابين الهلالين كان ساقطا من نسخة 226 د.