رسالة فی شرح عبارات الشیخ علیبن عبد اللهبن فارس
فی علم الحروف
من مصنفات الشیخ الاجل الاوحد المرحوم
الشیخ احمدبن زین الدین الاحسائی اعلی الله مقامه
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۶۲ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي نبيه الامين و علي آله الطاهرين و علي صحبه الاكرمين و التابعين لهم باحسان الي يوم الدين.
و بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين هذه كلمات ذات تبيين تبين عن الحق المبين في هذا المضمار بايماء الي اسرار تبرق في الاسطار يكاد سنابرقه يذهب بالابصار في كشف بعض اشارات العلي الممارس الشيخ علي بن عبدالله بن فارس غمسه الله في فيوض عطفه و قلبه بين اصبعين من اصابع لطفه آمين.
قال: لما جال بنا قلم المعاني في ميدان البيان.
القلم مصباح المعاني و هي تظهر منه لكونها عبارة عنه و هو الالف القائم بين البحرين و صاحب النقطتين و هو الاصل المتفرع (للتفريع خل) المسبح باسم البديع و هو صاحب جنان الصاقورة لانه نور السيناء (نور المنبأ خل) ذات المخبرة و هو المنيع في الحدائق الباكورة لانه طور سيناء ذو الشجرة باطنه السر و وعاؤه الدهر و هو مجري المداد من باطن صاد و المعاني هي قصبة الياقوت و فيض اللاهوت و قوله في ميدان البيان الميدان له احدعشر مضمارا اشار تعالي اليها في سورة التوحيد في مقام التفريد لمريد التجريد بقوله هو فالخمسة الهاء اشارة الي بحر الوجوب يعني ظهور الثبوت و بحره المجرد و وعاؤه السرمد و هو السر المقنع بالسر ظاهره الظهور و باطنه الظاهر من حيث هو ظاهر و باطن باطنه الظاهر و باطن باطن باطنه الباطن من حيث هو باطن و باطن باطن باطن باطنه الباطن و الستة حجب من سبحات الجلال اعلاها الحجاب الابيض و هو بحر موجه حوته و ماؤه لاهوته لايظهر (لايبرز خل) منه ما برز عنه من سلك غير حوته يفقد لانه حقيقة المجرد و دونه حجاب الزبرجد و الانبساط المجرد حيتانه لايصطادها
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۶۳ *»
غيرهم الا انهم كما قال تعالي يتعارفون بينهم و دونه حجاب الياقوت و اصل القوت لا موج فيه و لا موت يعتريه و دونه حجاب الدرة و المدار و اصل الاطوار و اخر الاكوار الصافي من الاكدار و العاري عن الاغيار و دونه حجاب هياكل التوحيد و مظهر القريب و مبدأ البعيد و دونه حجاب الظلمات و وعاء التشكلات كثير العقارب و الحيات فالخمسة اثبات الثابت بدون اثبات و الستة مباينة لجميع الادراكات و البيان يظهر في هذا الاحد عشر المضمار كما بيناه.
قال: الي هنا من الكلام الوجيز (الموجز خل) بالتشبيه و الاستعارة علي براق التورية.
الكلام الوجيز الرابع من مراتب الهاء المذكور انفا و التشبيه في الاسماء الثلاثة من بسم الله الرحمن الرحيم و الاستعارة هي ظهوره لك بك و احتجاجه عنك بك كما قال عليهالسلام و كذلك التورية و البراق هي بقرة بنياسرائيل يعني البرزخ بين المرتبة الاولي و الثانية من مراتب الواو و هي حجاب الذهب و مركب العرب.
قال: صحبت الروح الامري بالعروج المجازي الي سدرة المنتهي.
الروح الامري هي البراق و مأوي الاشواق و الاذواق و اول الفراق و بشير التلاق و قوله بالعروج المجازي انما جعله مجازيا مع انه هو العروج حقيقة لنسبته الي الحق سبحانه لان الحقيقة مجاز الحق تعالي و هو المرتبة الثانية من مجازه تعالي في الوجود الثاني اي المقيد و عالم المعاني من مراتب الواو و سدرة المنتهي لها اطوار لاتتناهي اعلاها في الوجود الاول اي المطلق المرتبة الثالثة (الثانية خل) من مراتب الهاء من ميدان البيان و في الوجود الثاني اعلاها المرتبة الاولي من مراتب الواو في ميدان البيان.
قال: و الخطاب من جانب الطور الايمن من البقعة المباركة تحت ظل الشجرة.
الخطاب اشارة الي قوله تعالي و يخلق ما لاتعلمون و الطور هنا الالف
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۶۴ *»
يعني الذكر الاول و هو ذو النقطتين و جانبه الايمن بابه و صاحب (بابه صاحب خل) القصد القويم و الصراط المستقيم و البقعة هي وادي طوي و ما استنار بتلك النار و ما طوي (و ما حوي خل) و هي ظل الشجرة و سورة البقرة و الشجرة هي المشار اليها بمراتب الهاء و ما ظهر بها اولها باطن باطن الباطن من حيث هو باطن و اخرها الظهور و عين الفيوضات و النور و الخطاب هو ذلك التحت و القائم (التحت القائم خل) بذلك الظل الذي هو النور و البقعة الوادي القائم بتلك الشجرة قال تعالي الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فاذا انتم منه توقدون اشارة الي الخطاب و قابل الخطاب و قال تعالي يوقد من شجرة مباركة اشارة الي دوام المدد بمشهد القيومية.
قال: من اصطلاح اهل الصناعة الحقيقية الموسوية المسماة فلسفية بالدلالة الهرمسية الحرفية القرآنية الحسابية الابجدية.
يريد بذلك ظهور المعلوم بعد صحو الموهوم في مرآة المولود المكتوم في روضات الجنات باثار رفيع الدرجات فالصناعة هي اخت النبوة و عصمة المروة و قوله الحقيقية كما قال تعالي و الله خلقكم و ما تعملون و قوله الموسوية اشارة استخدام الي ظهور الصناعة بموسي عليهالسلام فجرت علي خالته بحق و علي قارون بباطل يعني عواقبها و ذلك لظهور الصناعة التكوينية و التدوينية بموسي الكليم في التكميل و التتميم و قوله فلسفية اشارة الي فعل الظاهرة (الظاهر خل) و ظهوره و مرآة ظهوره بانها فعل حكيم يعني تدبير (بتدبير خل) واحد فنظام الخلق كنظام الرزق و كنظام التكليف بالعبادات و كالدنيا و الآخرة و ما فيهما و ما بينهما و ما امرنا الا واحدة، و ما خلقكم و لا بعثكم الا كنفس واحدة، قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون فمن عرف ذلك و وقف علي ذرات التكليف بل علي احدها كالصلوة او علي صنع البعوضة مثلا بالعلم الكرسي و العرشي فاز بكل العلوم و صحا له المعلوم و دبر المكتوم بقدر (و بقدر خل) ما يفوته من ذلك يفوته من مطلوبه و هي الدلالة الهرمسية و الاعداد الحرفية في تنقلاتها في زبرها و بيناتها و
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۶۵ *»
الايماءات القرآنية و الحسابات الابجدية الوفقية و الفوقية.
و قال: من الحروف النورانية بطريق يسفر عن وجه الاشارة و يميط عن لثام العبارة بخلاف من شيد ابنية الدلالة عليه و ضمنها ما شاء من الرموز اليه متوكلا علي الله سبحانه فيما شاء بما شاء و هو علي مايشاء قدير و بعباده خبير بصير.
اعلم ان الحروف الهجائية علي قسمين نورانية و ظلمانية و كل منهما اما ملفوظ و اما مكتوب و اما مسرود و الكلام (و اما الكلام خل) علي النورانية فالملفوظ حرفان اشار بهما الي البدء في المخترعات لانها منه و التثنية اشارة الي تفرده تعالي و رسم (وسم خل) ما سواه و من كل شيء خلقنا زوجين و مجموعهما اشارة الي البحر الذي تحت العرش قال ادن من صاد ليتوضأ و صاد حرفان «من» الي غير ذلك و المكتوب سبعة اشارة الي طوف (طواف خل) الاسبوع لان السبعة اكمل الاعداد فتكون اذا كتبت بعدد حروف الفاتحة من غير تكرير احدا و عشرين اشارة بانتهائها اليها الي ان سر القرآن في الفاتحة و المسرود خمسة اشارة الي الهاء اذ هي اقل الاسماء كما ان الهاء اظهر الاشارات يشار بذلك الي ان ليس بعد حذف حرف واحد مع انه اعلاها الا المسمي كذلك الهاء ليس بعد الاشارة الا المسمي الي غير ذلك من الاسرار. و قوله بطريق يسفر عن وجه الاشارة الطريق المشافهة لكونها تطرد العصافير بقطع الشجرة لا بالتنفير و لكن بشروطها و من شروطها كمال التلقي و تمامه اما كماله ففي اربعة وجوه باربعة وجوه: الاولي (الاول خل) في الوجود بالنور الامري و الثاني في العقل بالنور الابيض و الثالث في النفس التي هي الروح و الصدر بالنور الاصفر و الاحمر و الرابع في الجسم بالنور الاخضر و الازرق فالثلاثة الاول هي التمام و هي مع الرابع هو الكمال فالثالث يظهر في الكعبة المربعة و الثاني يظهر في البيت المعمور المربع و الاول يظهر في العرش المربع و الكل معناه سبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله و الله اكبر.
و اعلم انه لما قال تعالي لهم الست بربكم افترقوا باعتبار احوالهم علي
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۶۶ *»
ثلاث فرق الاولي قالوا بلي بكمال (لكمال خل) التلقي و تمامه يعني ليس همهم الا القبول كما الهمهم عالمين بما اولاهم كما اولاهم فظهروا علماء مهتدين ليس بينه و بينهم حجاب غيرهم و الثانية قالوا بلي مستعدين بنعم يعني كانوا مستعدين للمعارضة حال الخطاب فحال ذلك بينهم و بين حظهم و لو قطعوا اعتبار انفسهم طاروا و فازوا و جرت عليهم صورة الخطاب و هم كارهون و حيل بينهم و بين ما يشتهون فقالوا بلي مع الذي اضمروه فكانوا جاهلين في علمهم غير مهتدين لرشدهم قال تعالي بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون و الثالثة قالوا بلي غير منكرين و لا عارفين فكانوا كما تري و علي الله سبحانه قصد السبيل فمن تعرف في هذه الدار لحق باحد الفريقين علي حسب حاله و الا ارجي لامر الله فمن كان عنده اثارة من علم فليجعلها بمعزل حالة التلقي حتي يدرك الملقي اليه بالمشافهة ثم لينظر و لا سبيل لسالك من غير هذه الطريق قال الشاعر:
اعدم وجودك لاتشهد له اثرا | و دعه يهدمه طورا و يبنيه |
و ذلك لان الوجود ظل الموجود الفاعل لما يشاء بما يشاء كيف يشاء بلا مزاحمة و لا مصادمة لانه المختار فيما يشاء فهم من فهم و اما الاشارة فان فيها كمال الالقاء لقابل الالقاء (لقابل البقاء خل) بشرط ما ذكر بانيحك النطفة و يزيل (الغلظة خل).
قال: اعلموا يا اهل الصناعة الدنياوية انكم متي طلبتموها للدنيا لمتظفروا بشيء منها مطلقا و انطلبتموها للترقي الي مشاهدة العالم العلوي فربما تظفرون بشيء منها انما الاعمال بالنيات و انما لكل امريء ما نوي.
اقول ما ذكره هنا من الامور المقطوع بها فلاتفسير له اجلي منه الا تفصيل الاحوال و ضرب الامثال و هو يحتاج الي التطويل و لا داعي له هنا.
قال: و اعلموا ان علم هذه الصناعة من اشياء حقيرة لو صرحت لكم بها لحلفتم الا يكون ذلك و قلتم كيف يكون هذا العزيز من هذا الحقير.
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۶۷ *»
اقول الامر كما ذكر و كيف لاتكون حقيرة و هي ملقاة علي المزابل ينكرها كل جاهل و لكنها مثل لخساسة العبودية اذا دبرها الحكيم انغمست في عزة الربوبية قال تعالي ان الله يحب التوابين و يحب المتطهرين فاذا عمدت الي هذه العبودية و فصلتها كما امرك الحكيم عليهالسلام بانغسلت درن جسدها بالماء الطهور (الطور خل) و رين روحها بماء النور و توجهت الي العبادة التي هي صفة العبودية الظاهرة في ظلمة الديجور و سحقت جسدها بمائها الذي هو العلم و النور و اقمت الصلوة في الاصيل و البكور و زكيتها بالزهد عنها و صمت عن سوي الفطور و حججت اليها علي اعلي الكور مزاوجا بين الاناثي و الذكور و جاهدت تلك الكفار في الليل و النهار حتي يظهر الدين و يخرج من الظلمات الي النور خرجت خرجت لك اخت النبوة من باطن السور لان هذا الحقير مثل حقارته عند الجاهل به كحقارة العبودية عند الجاهل بها و عزازته في حقارته عند العالم به كعزازة الربوبية في حقارة العبودية و الي ذلك اشار علي عليهالسلام بقوله و خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكاها بالعلم و العمل فقد شابهت اوائل جواهر عللها فاذا اعتدل مزاجها و فارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد هـ ، فالانسان المكتوم مثل للانسان الادمي و هو مثل للانسان الكبير و الوضع واحد و التدبير واحد و المدبر واحد و الكل من ماء مهين و الكل في قرار مكين و الي قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون.
قال: و اعلموا بان الموفق لهذا العلم اذا شاهد حقارة هيولاه استرجع الي مولاه و نطق بقوله ما شاء الله كان و ما لميشأ لميكن.
اعلم ان هذا الموفق له له حالتان حالته العليا يري الله بالله فلايري ما سواه فهو الشاهد و المشهود و الشهادة قال جعفر بن محمد عليهالسلام لنا مع الله وقت هو فيه نحن و نحن هو و نحن نحن و هو هو الحديث، لان الشهادة حجاب ما لمتكن هي الشهود (المشهود خل) و لنا قالوا عليهمالسلام المحبة حجاب بين المحب و المحبوب الخ، و الحالة الثانية انينظر الي ذلك باعتبار انه مقام من مقامات الظهور و
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۶۸ *»
الظاهر فيه (فيه ظاهر خل) قال عليهالسلام لقد تجلي الله لعباده في كلامه و لكن لايشعرون و هذه الحالة مقام الاسترجاع و محل الانتفاع و من نظر اليها بنفسها فهو من الهمج الرعاع (فهو الهمج الرعاع خل).
قال: و اعلموا ان هذا الشيء كانسان و له صورة مرآة ينتقش بها و هو ضمها و صورة المرآة براعة سورة البقرة و هي الف لام ميم فمن قابل هذا الشيء بهذه الصورة و رأي الشيء منتقشا بالصورة و رأي الصورة متجلية علي الشيء فاز (حاز خل) بالمطلوب و ملك كنوز الدنيا و الآخرة و صار علم اليقين و عين اليقين قبض يده و اما حق اليقين فذا درجة الكشف و هي للانبياء خاصة العلماء ورثة الانبياء و من لميمكنه المقابلة بهذا الشيء الي هذه الصورة و لميشاهد هيئة الانتقاش و لا هيئة التجلي فانه علي غير الطريق و لا استقامة و ذلك هو الصراط المستقيم.
قوله: هذا الشيء اشارة الي انسانهم فان الانسان كانسان و صورة مرآته التي ينتقش بها هي من كونه عقلا الي كونه عاقلا في اكواره و ادواره و ذلك من اول التدابير الي اخر فتفصيله و تقطيعه و حرقه بنفسه و تزويجه بها حتي يموت في رابع الاكوار هذا في عالم الغيب فاذا نزل نزل ماء قال تعالي أنتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون و المزن شجرة تحت العرش تقع منها النطفة فتسري في النبات و تجري منها في الاغذية قوي لطيفة تبقي في قبرها مستديرة تحفظها الطبيعة فتجري تلك القوي في الطعام فاذا طبخت المعدة ما هنالك صعدت مع الكيلوس فاذا طبخت ثانية انقسم قسمين اعلاه كيموس هي الانسان الادمي و اسفله تدفعه القوي الي اعلي الطور فينبت شجرة تنبت بالدهن في عالم الادوار و صبغ للاكلين و هذه الشجرة هي التي تفصل حتي يطير غرابها و يرتفع حجابها فاذا فعلت (فعل خل) بها ما ذكر حتي تنزل ماء حصل منها المني الملقح و ظهرت البيضة التي اشار اليها ابن ارفع راس فربها في بطن امها ذات الوقود نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما و يكسي لحما و ينفخ فيه الروح و هو الانسان الفلسفي الخير الكريم الشجاع
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۶۹ *»
العالم الناطق بالحق و الصواب عند اولي الالباب فتجلي الانسان المعلوم في الانسان المكتوم بالصورة لانه مثله و الي هذه المرآة اشار علي عليهالسلام بقوله:
و انت الكتاب المبين الذي | باحرفه يظهر المضمر |
و النطفة و مابعدها في عالم الادوار فالانسان لايلد الا انسانا و لايكون الذهب الا من الذهب لا والله لايتكون الذهب الا من معدنه و في معدنه و كل الذهب و الفضة معدن و العمل (العملي خل) فاسد و الله بذلك شاهد فهم من فهم و انما قال براعة سورة البقرة لان سورة البقرة عبارة عن هذه الاحرف الثالثة و هو اصح التفاسير فيها من باب الحقيقة فالالف اشارة الي القلم الجاري في السطور و هو هنا الروح المذكور لانه الاب المربي و الصابع المتهبي (الصانع المنهي خل) و اللام اشارة الي اللوح المحفوظ لكونه للنطفة حفوظ و هو البدر المنير و ماء البئير (البئر خل) و هي النفس يعني الباء الموحدة و هي المرتبة الثانية للالف و اول بيناته و مركبه و انما يظهر الالف في الميم التي هي نصف الفاء بواسطة اللام و الميم اشارة الي الارض المقدسة في الجنتين المدهامتين فهذا (فهذه خل) مقابلة الصورة للانموذج و النقش و التجلي عليه فاذا سرت (سيرت خل) الجبال رأيت الارض بارزة، و قوله علم اليقين الخ، علم اليقين يتحقق في الصدر و يثمر الخوف المستلزم للهرب الموجب للنجاة و عين اليقين يشرق في القلب و يثمر الرجاء المستلزم للطلب الموجب للوجدان و حق اليقين ينجلي في الفؤاد و يثمر ايثار الله علي ماسواه فالفؤاد نقطة في القلب و القلب نقطة في الصدر و الصدر نقطة في الملك فالملك محل القدر (محل الصدر خل) و الصدر محل الصور المجردة عن المادة و القلب محل المعني المجرد عن المادة و الصورة و الفؤاد محل الصحو للمعلوم عند محو الموهوم كما قال علي عليهالسلام لكميل و فيه يظهر التجلي بالمتجلي له به.
قال: و اعلموا بان هذه الدلالة من العلم هي اصعب الدلالات و لولا غزازة هذا العلم و صيانته ماضمن المبدع الاول كتابه المبين الف لام ميم ذلك الكتاب
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۷۰ *»
لاريب فيه.
وجه صعوبة الدلالة انها (انه خل) انما تدرك بغير عالم الاجسام في غير عالم الزمان بل اسفل ماتدرك به بتعريف اهل الملكوت و اهل الجبروت في الدهر و اعلي ماتدرك به بتعريف اهل اللاهوت في السرمد و اي شيء اصعب من ذلك علي من لمير تلك المسالك ثم لما كان الفاعل الاول واحدا و هو الحق كانت (كان خل) صفته الاحدية و صفة فعله الواحدية و سرت الوحدات في اثر افعاله فلما ظهر الوجود الحق بالوجود المطلق في الوجود المقيد كان كما قال الشاعر:
كل شيء فيه معني كل شيء | فتفطن و اصرف الذهن الي |
كثرة لاتتناهي عددا | قد طوتها وحدة الواحد طي |
فكل شيء يشهد لكل شيء فكان الكتاب التدويني الذي هو القرآن طبق الكتاب التكويني الذي هو العالم بل العالم كتاب تدويني و القرآن كتاب تكويني الا ان القرآن الثقل الاكبر و العالم الثقل الاصغر كل منهما مبني علي صاحبه لنيفترقا حتي يرد الجامع لهما الحوض فصارت الحروف النورانية التي توحشت بها الاغيار كما انست بها اولوا الابصار فيها جميع ما في السورة من الاحكام و الامثال و الاخبار و الاسرار الي غير ذلك كما كانت الكيان في المغنيسيا كذلك بل في كل انسان كما هو عيان لمن له عينان.
قال: و اعلموا بان هذه الحروف هي الحروف النورانية التي توحشت بها اوائل السور و عددها نيف و سبعون حرفا بالتكرار و اربعة عشر حرفا من غير تكرار في تسع و عشرين سورة و القمر قدرناه منازل.
وجه كونها نيفا و سبعين حرفا ظهورها بالعدد الكامل في مرتبة الاحاد بالسبعة و في مرتبة العشرات بالسبعين و وجه كونها اربعة عشر من غير تكرير ان هذا العدد هو عدد يد قال الله تعالي يد الله فوق ايديهم، و السماء بنيناها بايد، بل يداه مبسوطتان اليد اليمني الحروف
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۷۱ *»
النورانية و تلك قبل قال تعالي سبقت رحمتي غضبي فلذلك اطلق عليهما اليمين و الشمال لأن الحروف هي الابداع الثاني و هي مظاهر لتلك الحروف الاولية بعد الالف الاول التي هو النفس الرحماني و اما هذه الالف الذي (الذي هو خل) في ابجد فهي الهمزة و هي شرارة من تلك النار و ذرة من ذلك الغبار، قوله في تسع و عشرين سورة كونها في تسع و عشرين سورة اشارة الي عدد الحروف بعد الالف اللينة علي تأليف اهل التهامة و اسراه بذكر لام الف من حروف الهجاء و هو مظهر الالف الاول و صورة له و لهذا قيومية بهذه الحروف كما لذلك الالف الاول و انما ذكرت الحروف النورانية التي هي قصبة الياقوت ذات الاربعة عشر مقاما و لمتذكر (لمنذكر خل) الظلمانية معها لتأصلها و تبعية تلك فترك ذكرها في مقام النور اشارة الي عدمها فيه و انوجدت ثانيا و بالعرض به و قوله و القمر قدرناه منازل اشارة الي ان القمر يزيد الي اربع عشرة بعدد النورانية و ينقص في اربع عشرة (اربعة عشرة خل) ليلة بعدد الظلمانية و اشارة الي النفس الكلية و ظهورها في العلويات الاربعة عشر غيبا و شهادة نورانية و في السفليات الاربعة عشر غيبا و شهادة ظلمانية الي اسبوعي النفس الفلسفية.
قال: و اعلموا بان طريق الدلالة علي هذه الاحرف النورانية بعلم البسط هذا فيما اصطلحناه علي هذا (هذه خل) الانموذج من دون تكسير و نتكلم علي هذه الحروف الثلثة ببعض من طريق البسط و الاختصار و الا فالكلام علي بسط الحروف تتعذر عن حمله الاوراق و فميا قاله الوصي عليهالسلام لو اردت اناتكلم علي الف الحمد لاوقرت منها سبعين وقرا و هذا اعظم شاهد ما اورده باب مدينة العلم علي عليهالسلام علي انعلم البسط بحر لا ساحل له.
اقول هذا الكلام مضت الاشارةاليه و هو ظاهر، بقي هنا شيء هو انه قد مر عليك ان كل شيء فيه معني كل شيء و كلما قرب من المبدأ كان اكمل و اشمل و الحروف هي الابداع الثاني و هي الفاظ اسماؤها الفاظ و لها معاني
* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۷۲ *»
(معان خل) و هي الورق الخارج من خلال السحاب و صورها لها اعداد و كذا صور اسمائها و كل حرف مصدر في اسمه لانه لفظ كاسمه و ليسهل فهمه الا الهمزة صدرت بالهاء لقرب المتحركة من الهاء في المخرج و لئلا يلتبس اسمها و صورتها بالالف اللينة بل الاولي و انما صدر اسم اللينة بالمتحركة لان المتحركة اول مظاهر اللينة و اشبه الحروف بها صورة و عددا و للفرق بينهما لانها لايحويها اسم متشخص و ان عبر به عنها لظهورها في سائر الحروف بخلاف المتحركة ففرق بينهما في الاسم لان الهاء مجاز المتحركة التي هي الهمزة و الهمزة مجاز اللينة فافهم و اصل الاعداد اشارة الي النقطة التي في (الي النقط التي هي في خل) المعدود باعتبار رتبته بالنسبة الي الوسائط الفعالة فلكل حرف هيئة في المرتبة الاولي و عدد غير كونه في المرتبة الثانية و هما غير ذلك في الثالثة و كذلك في الرابعة كما (كما مر خل) هو مبين البسط الترفع (الترفعي خل) في مراتبه الثلاث الا انه في الرابعة من اولي الثلاث اقرب شبه بالاولي لانه الدور الثاني لان التثليث اكمل سطح في شرف الوحدة لتركبه من ثلاث نقط و كل حرف له عدد يظهر فيه في الاولي و يظهر في اخر في اخر في الثانية و في الثالث في الثلاثة (و يظهر في اخر ثالث في الثالثة خل) و كذلك اسمه و زبره و بيناته و تكريره و في وزنه و في نسبته الي مثله من الانسان و المتكفل بذلك علم الجفر الذي املاه صلي الله عليه و آله علي علي عليهالسلام بربوات المقدسين فوق احساس الكروبيين و فوق غمائم النور علي جبل فاران و كل حرف بذلك المعني يتضمن كل شيء في عالمه حتي قال الباقر عليهالسلام علم كل شيء في عسق معني (يعني خل) كلما انطوي عليه الف فهو في الف قال عليهالسلام انا باطن السين و كلما اشتمل عليه اللام فهو في العين و كلما حواه الميم فهو في القاف المحيط بالدنيا فبسط الحروف يملأ الدنيا و الآخرظ و قوله لاوقرت سبعين وقرا تمثيل لاهل التمثيل و الا فهو تحديد بالقليل كيف لا و انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها و اين نظير
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۷۳ *»
الف الحمد و اين قوله تعالي و البحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات الله و قد اشار الكاظم عليهالسلام فيها الي العيون الخمس و الجمتين.
قال: و عنه صلي الله عليه و آله مازالت امتي بخير ما وقر صغيرها كبيرها فانظروا هذا الحديث ما اشبهه بكلام الوصي عليهالسلام ايضا و قول الشاعر:
لو كنت اعلم اني لااوقّره | كتمت سرا بدا لي منه بالكتم |
الي آخر الابيات، فانظر يا اخي ان شممت روايح القبول كيف التباين في هذا اللفظ من كلام النبي و الوصي عليهماالسلام و كيف الاتفاق في المعني بينهما و لله در القائل:
اعرض في قولي بليلي و تارة | بهند فما ليلي عنيت و لا هندا |
اراد بالاتفاق بين اوقر و بين وقر الموافقة في حروف الهجاء في الجملة و هو باب شريف يشتمل علي سر لطيف و هو في القرآن يراد به تفسير ظاهر الظاهر و قد يراد به باطن التأويل و هو مقام صعب المرتقي لايكاد يثبت عليه قدم الا لمن عرف حيث و لم و كيف و عرف مفصوله و موصوله و اخلص لله العبودية و اما غير ذلك فهو و ان حفظ شيئا غابت عنه اشياء فمعني وقر صغيرها كبيرها ان صغيرك حمل كبيرك الي بلد لمتكن بالغا لها الا بشق الانفس و هو قوله تعالي و جعل لكم من جلود الانعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم و يوم اقامتكم و من اصوافها و اوبارها و اشعارها اثاثا و متاعا الي حين و تلك البلد هي الوطن في قوله عليهالسلام من الايمان حب الاوطان و هو الذي اشار عليهالسلام اليه بقوله مازالت امتي بخير و الخير هو الايمان لقوله تعالي هو خير ثوابا و خير عقبا و اشار علي عليهالسلام بقوله سبعين وقرا الي العين في عسق كما مر و الي انه هو العدد الكامل لا خصوص هذا العدد و كذلك قول الشاعر و امهال القلم في هذا الميدان يتسع مجراه و ليس هذا مدعاه.
قال: و اعلموا ان الكلام علي البسط له طرق شتي فمن ذلك الكلام علي الالاف من الف لام ميم يحتمل ان المقصود بها في هذا الموضع واحد فان صح
«* جوامع الکلم جلد ۱ صفحه ۲۷۴ *»
(صح كذلك خل) فهي لمتزل الف علي حالها و يحتمل ان المقصود بها عشرة فان صح فهي حرف ي، و يحتمل ان المقصود بها مائة فان صح كذلك فهي حرف ق، و يحتمل ان المقصود بها الف فان صح فهي حرف غ و قد حال بينك و بين معرفتها صدف العبارات و قشر الاشارات فان انت ازلت القشر تمكنت مما في باطنها و الا فانت علي شفا جرف هار و الله سبحانه يقول الحق و هو يهدي السبيل.
هذا كلامه زيد في مقامه بلا زيادة و لا نقصان قوله فمن ذلك الكلام علي الالاف من قوله الف لام ميم الخ، قد مر بيانه مرارا مرموزا و مشروحا و ما ذكره من البسط الترفع (الترفعي خل) العددي لا الحرفي و لا الطبيعي و الحق في هذه الالاف لمن جاس خلال تلك الديار و نظر بعين الاعتبار التي تبوأت عشرة بيوت اذ كل نظر سوي نظرها كبيت العنكبوت ان الف الف قائم فهو واحد في كل مقام و ان ظهر في مرتبة العشرات و المئات فان ذلك ظهور صفات و رسوم بينات و اما الف لام فهي الف مبسوط لها من حروف الواو الباء الموحدة و من المراتب (المراتب الباء المشيدة يعني القصور العشرة و اما الف ميم فهي الف راكد لها من الحروف خل) الياء و من المقامات ثمانية و عشرين فهي فلك المنازل و منازل الحروف و قد مضي بيان الاشارة اليها في الصناعة.
و اعلم اني ساعة وصلني كلامكم لماستقر حتي كتبت هذه العجالة لساعتها و لماستقص في الكلام لان الغاية الصلة و الامتثال و يحصل باقل من ذلك و الا فما اظنها تتم الا بالمشافهة مع الشروط و لقد هممت بالوصول (بالوصل خل) الي خدمتكم فعاق الدهر و لله عاقبة الامور و اقول:
سلامي علي جيران ليلي فانها | اعز علي العشاق من انيسلما |
فان ضياء الشمس نور جبينها | نعم وجهها الوضاح يشرق حيثما |
و الحمد لله رب العالمين. وصلت و اتصلت و انفصلت في الثالثعشر من شوال سنة ۱۲۰۸ ثمان و مأتين و الالف (و الف خل) حامدا ذاكرا مصليا مسلما (و لله الحمد خل).