رسالة في شرح حدیث لولاک لما خلقت الافلاک
فی جواب السید مال الله بن السید محمد الخطی
من مصنفات الشیخ الاجل الاوحد المرحوم
الشیخ احمدبن زین الدین الاحسائی اعلی الله مقامه
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 222 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي انه قد سألني السيد الاواه السيد مال الله بن السيد محمد الخطي احسن الله احواله في الدارين عن الحديث القدسي و هو قوله تعالي لولاك لما خلقت الافلاك و لولا علي لما خلقتك هـ ، و لميكن الوقت وقت بسط فيقتضي بسطا فكتبت له الجواب.
اعلم ان صدر هذا الحديث مستفيض بل متواتر معني لايختلف في معناه احد من المسلمين و اما عجزه فلماقف عليه في كتاب نعم سمعناه من الافواه بل منقولا عمن يعتمد علي قولهم و نقلهم اخبرني شيخي الشيخ محمد بن الشيخ محسن بن الشيخ علي القريني (القرني خل) الاحسائي تغمده الله برحمته و اسكنه بحبوبة جنته و كان صادق الحديث قال سألت الشيخ الفاخر زبدة الاوايل و الاواخر الشيخ الاقا محمد باقر ابن الشيخ محمد اكمل اكمل الله رفيع رتبته و قدس طيب تربته عن قول الله تعالي لولاك لما خلقت الافلاك و عن معناه فقال هذا لا اشكال فيه و انما الاشكال في تتمة الحديث و هو قوله تعالي و لولا علي لما خلقتك و كلامه (ره) مع شدة فحصه (فهمه خ ل) في تصحيح الاخبار و جودة فكره و عظيم اطلاعه و سابقته في ذلك المضمار كالنص علي ثبوته عنده و ان احتمل انه انما اورده كما سمعه ايرادا و استطرده عند ذكر استشكال الشيخ محمد في صدر الحديث استطرادا و ان لميثبت عنده الا من السماع الافواهي الا ان الاول هو الظاهر.
و علي كل حال فالجواب في معناه فاقول ان ذلك يحتمل وجوها كلها مرادة لله (الله خل) تعالي احدها ان الله تعالي خلق محمدا و عليا (ع) من نور واحد فقسم ذلك النور قسمين فقال للقسم الاول كن محمدا (ص) و قال للاخر كن عليا (ع) فيصدق انه لولا احد القسمين لميخلق القسم الاخر و الا لميكن
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 223 *»
الشيء شيئا و الي ذلك اشار علي عليهالسلام في جوابه لليهودي لما سأله عن نصف الشيء فقال عليهالسلام مؤمن مثلي فافهم.
و ثانيها ان العلة في خلق النبي صلي الله عليه و آله من حيث هو نبي الاخبار عن الله و التبليغ للرسالة فيما يحتاج اليه الخلق و لاريب ان النبي صلي الله عليه و آله في ذلك محتاج الي وجود علي عليهالسلام لانه نصف النور الاخر و لهذا قال علي عليهالسلام في خطبته في حق النبي صلي الله عليه و آله فعلمني علمه و علمته علمي.
و ثالثها انه صلي الله عليه و آله من حيث هو بشير نذير يتوقف فائدة ذلك علي هاد و مضل يعني علي مورد و زائد و هو علي عليهالسلام قال الله تعالي انما انت منذر و لكل قوم هاد و بيان هذا الحرف يوجب كشف السر عن مفتاح من الالف الباب الذي كل باب ينفتح منه الف باب بل و من كل باب الف باب كما اومي اليه اميرالمؤمنين عليهالسلام فيما رواه الشيخ حسن بن سليمان الحلي من تلامذة الشهيد الاول و هو شريك الشيخ احمد بن فهد الحلي رواه في كتابه مختصر بصائر سعد بن عبدالله بسنده الي اميرالمؤمنين (ع) في قوله (ع) ما منها كلمة الا مفتاح الف باب بعد ماتعلمون منها كلمة واحدة غير انكم تقرأون منها آية واحدة في القرآن و اذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لايوقنون و ماتدرون بها الحديث.
و رابعها انه صلي الله عليه وآله من حيث هو نبي لابد له من اية تدل علي نبوته و هي علي عليهالسلام قال علي عليهالسلام كما رواه الفريقان الست اية نبوة محمد صلي الله عليه و آله و قال عليه السلام ليس لله اية اكبر (اعظم خل) مني و لا نبأ اعظم مني.
و خامسها انه صلي الله عليه و آله قال يا علي انت مني بمنزلة الروح من الجسد و قال صلي الله عليه و آله انت نفسي التي بين جنبي و روي الفريقان انه صلي الله عليه و آله قال انت مني بمنزلة الرأس من الجسد و قال تعالي و انفسنا و انفسكم و لاريب ان الروح و النفس و الرأس يتوقف وجود
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 224 *»
الجسد عليه.
و سادسها ان النبوة مسبوقة بالولاية و هذا ظاهر و رسول الله صلي الله عليه و آله هو الظاهر بالنبوة و علي هو الظاهر بالولاية و لا نبوة الا بالولاية و محمد (ص) صاحب التنزيل و علي صاحب التأويل و الي ذلك الاشارة بقوله صلي الله عليه و آله اعطيت لواء الحمد و علي حامله.
و سابعها ان محمدا صلي الله عليه و آله من حيث انه خاتم النبيين يتوقف ختمه للنبوة علي كون علي خاتم الوصيين اذ لو لمتختم الوصية لمتختم النبوة و لايخفي في الظاهر ان الامر في هذا الوجه علي العكس و لكن في الحقيقة لامنافاة في كون المعلول علة لكون علته علة من باب التضائف اذ الشيء لايكون علة الا يكون (بكون خل) المعلول معلولا له فافهم.
و ثامنها ان الاشياء كلها بحكم شيء واحد بل هي شيء واحد في الحقيقة فيتوقف بعضها علي بعض لكون العالي مجازا و درجة لما تحته في الصعود و وسيلة له الي المعبود و كون السافل مجازا للعالي و مظهرا في النزول و رابطة بين العلة و المعلول حتي انه لوتغير البعض تغير الكل كما اشار اليه سبحانه في الحديث القدسي كما رواه الملا محسن في كتابه مفتاح العرفان ان نبيا من انبياء الله (من الانبياء خل) شكا بعض ما ناله من المكروه الي الله فاوحي الله اليه اتشكوني و لست باهل ذم و لاشكوي هكذا (هذا خل) بدء شأنك في علم الغيب فلمتسخط قضائي (قضائي عليك خل) اتريد ان اغير الدنيا لاجلك او ابدل اللوح المحفوظ بسببك فاقضي ماتريد دون ما اريد و يكون ماتحب دون ما احب فبعزتي حلفت لئن تلجلج هذا في صدرك مرة اخري لاسلبنك ثوب النبوة و لاوردنك النار و لاابالي الحديث، فانه صريح في توقف الاشياء بعضها علي بعض و لايخفي علي الناظر البصير رجوع هذا الوجه الي الاول في الجملة الا ان ذلك خاص و هذا عام.
و فيه ايضا وجوه اخر اعرضنا عنها لغموضها و لرجوع بعضها الي ماذكر و الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.