رسالة في شرح حدیث حدوث الاسماء
فی جواب الشیخ علی بن الشیخ صالح بن یوسف
من مصنفات الشیخ الاجل الاوحد المرحوم
الشیخ احمدبن زین الدین الاحسائی اعلی الله مقامه
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 212 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.
اَمَّا بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زينالدين الاحساۤئي انه قد التمس منّي الابن الروحاني الشيخ العلي الشيخ علي بن المقدس الصالح الشيخ صالح بن يوسف اعلي اللّه رتبته و رفع درجته ان اكتب عَلي هذا الحديث الأتي ما يحضرني من بيان المراد منه فان شرّاحه لميقفوا علي شيء من المراد منه لانه من اصعب ما ورد لخروجه علي خلاف ما تعرفه العقول المتفقّدة و انما هو جار علي ما تعرفه الافئدة المؤيّدة فاعتذرت منه لشدة صعوبة ذلك و تَمَنُّعِه علي المنال و لكثرة اشتغال البال بالحل و الارتحال فلميقبل مني عذراً فجعلتُ سؤاله امراً اذ لايسقط الميسور بالمعسور و الي اللّه ترجع الامور و توكلت علي الحيّ الذي لايموت ربّ العزّة و الجبروت و مالك الملك و الملكوت.
فاقول و باللّه استعين بسم اللّه الرحمن الرحيم في الكافي في باب حدوث الاسماۤء علي بن محمد عن صالح بن ابيحماد عن الحسين بن يزيد عن الحَسَن بن علي بن ابيحمزة عن ابراهيم بن عمر عن ابيعبداللّه (ع) قال انّ اللّه تبارك و تعالي خلق اسماً بالحروف غير متصوَّتٍ و باللفظ غير منطَقٍ و بِالشّخص غير مجسّدٍ و بالتشبيه غير موصوف و باللون غير مصبوغ منفي عنه الاقطار مبعّد عنه الحدود محجوب عنه حسّ كل متوهّم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامّة علي اربعة اجزاۤء معاً ليس منها واحد قبل الاۤخر فاظهر منها ثلاثة اسماۤء لفاقة الخلق اليها و حجب منها واحداً و هو الاسم المكنون المخزون فهذه الاسماۤء التي ظهرت فالظاهر هو اللّه تبارك و تعالي و سخّر سبحانه لكلّ اسمٍ من هذه الاسماۤء اربعة اركان فذلك اثناعشر ركناً ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسماً فعلاً منسوباً اليها فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارئ المصوّر الحيّ القيّوم لاتأخذه سنة و لا نوم العليم الخبير الحكيم العزيز الجبّار
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 213 *»
المتكبّر العلي العظيم المقتدر القادر السلام المؤمن المهيمن البارئ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الاسماۤء و ما كان من الاسماۤء الحسني حتي تتم ثلثمائة و ستين اسماً فهي نسبة لهذه الاسماۤء الثلاثة و هذه الاسماۤء الثلاثة اركان و حجبَ الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماۤء الثلاثة و ذلك قوله قل ادعوا اللّهَ او ادعوا الرحمن ايّاً ما تدعوا فله الاسماۤء الحسني هـ.
اعلم ارشدك اللّه ان هذا الحديث الشريف ابعد غوراً من ان يطّلع علي باطنه لأنه قد اشتمل علي بيان تفصيل الوجود من الاجناس و الفصول و تقسيم الفروع و الاصول و الذي يظهر لي انّ بيانه علي ما اشير فيه اليه من التفصيل و التقسيم لايحصل لغير اهل العصمة (ع) نعم يمكن الاشارة الي كليّات تلك الاصناف و مجملات تلك الاوصاف و تنويعها في الاختلاف و الائتلاف و هو غاية ما تصل اليه طامحات الافهام و نهاية ما تحوم حوله حائمات الاوهام و مع ذلك كله فلاتنال منه الا بالاشارة و ما اعزّ مَن يناله منتهي الحظّ ما تزوّد منه اللحظ و المدركون ذاك قليل و لا بأس بالاشارة الي ما يمكن الاشارة اليه.
فاقول و باللّه استعين قد اختلف المفسرون في المراد منه و الذي اجري علي خاطري ان المراد بذلك الاسم المخلوق هو مجموع عالم الامر بجميع مراتبه الاربع و عالم الخلق بجميع مراتبه الثمانية و العشرين لان ذلك الاسم هو مجموع الوجود باسره و هو الاسم الاكبر المكنون المخزون و ليس ذلك لفظياً فلايكون مشتملاً علي تصوّر الحروف و لفظ النّطق و شخص الجسد و تشبيه الصّفة و لون الصبغ لانّها به كانت و عنه صدرت و ليس جسماً و لا مقداراً فلاتعتريه الاقطار و لا حدَّ له و لا حجب له غير ظهوره احتجب عن احساس الاوهام باِحْسٰاسِها وَ اسْتتر بظهوره.
قوله (ع) فجعله كلمةً تاۤمّةً لاشتماله علي جميع مظاهر الصفات الحقيّة و الخلقيّة و الاضافيّة من مبادي الحدوث و الامكانات و عللها و جميع انحاۤء الخلق
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 214 *»
و الرزق و الحيوة و الممات اذْ لميوجد سواه بل كلّ موجود فمنه متفرّع (تفرع ظ) و عنه انشقّ و به تَقَوّمَ و له خُلِق و اليه يعود.
قوله (ع) علي اربعة اجزاۤء معاً الجزؤ الاوّل عالم الامر و هو النقطة اعني الرحمة و الالف اي العماۤء الاول و النَّفَس الرحماني بفتح الفاۤء و الحروف المشار اليها بالسحاب المزجي و الكلمة التّامة المشار اليها بالسحاب المتراكم و هذه الاربعة هي مراتب المشيّة في الوجود المطلق و هو الوجود الامري و انما قلنا انّ هذه الكلمة تامّة و قلنا انّ ذلك كلمة تاۤمّة لانّ تمام هذه تمام جزء و ذلك تمام كلٍّ و باعتبار آخر تمام هذه تمام جزئي و هذه تمام كلّيٍ و هذا الجزء هو المكوّن الحقّ و الوجود المطلق و الشجرة الكليّة و الحقيقة المحمديّة و رتبته مقام اوْ ادني و وقته السرمد و شأنه المدّ و الجزء الثاني هو النور الابيض و القلم الجاري و الالف القائم و خزانة معاني الخلق و هو العقل الاوّل و هو عقل الكل و هو ملك له رؤس بعدد الخلاۤئق لميخلق اللّه شيئا الّا و يكون في ذلك وجه لذلك الشيء و رأس خاۤصّ به تتفاوت الرؤس و الوجوه بتفاوت ما هي لها و الجزء الثالث هو النور الاصفر و خزانة الرقاۤئق و هو الرؤس و هو الروح و النفس باعتبارٍ و باعتبارٍ آخر نور اخضر الا ان الغرض بيان الاجزاۤء لا غير و له من الرؤس و الوجوه كما للجزء الثاني و الجزء الرابع النور الاخضر و جسم الكل و ربّما فسّرت الاجزاۤء الثلاثة بما تتضمّن المسئلة من صفة اللّه و هي النور الابيض و هي شهادة انّ محمداً رسول اللّه (ص) و باعتبار هي شهادة الا اله الا اللّه و هي الالف القاۤئم و من صفة الرحمن و هي النور الاصفر و الالف المبسوط باعتبار و باعتبارٍ آخر بيّن بين صورته كضلعي المثلث القاۤئم الزاوية هكذا و هي شهادة انّ الائمة الاثنيعشر خلفاۤء رسول اللّه (ص) و من صفة الرّحيم و هي النور الاخضر و الالف الراكد الذي يظهر بصورة الياۤء و يكون ياۤءً و هي الكروبيون و الانبياۤء و المرسلون و الاتباع لان الرحيم علي الاقوي صفة الرحمن و صفته صفة لصفة الرحمن و بالجملة فالمراد بالاربعة الاجزاۤء بالعبارة الظاهرة المشيّة و عقل الكل و نفس الكلّ و جسم الكلّ.
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 215 *»
قوله (ع) ليس شيء منها قبل الاخر لا ريبَ ان هذه الاجزاۤء بعضها متقدّم علي بعض في الذاتِ و انّما تساوت في الظهور لتوقّف ظهور المشيّة علي وجود ما بعدها فتكون هذه الاربعة متساوقة في الظهور فليس شيء منها قبل الٰاخر.
قوله (ع) فاظهر منها ثلاثة لفاقة الخلق اليها و حجب منها واحدا و هو الاسم المكنون المخزون المراد بالثلاثة التي اظهرها سبحانه العقل و النفس و الجسم و المراد بالاسم الذي حجبَ هو المشية و هو الاسم المكنون المخزون و انما احتياج الخلق الي هذه الثلاثة لان التكوين و التكليف اللذَيْن بهما قِوامهم و استقامة نظامهم و بلوغهم غايات كمالاتهم لايكونان بدونها اعني العقول و النفوس و الاجسام و انما لميحتاجوا الي الرابع لانهم لايتوقف نظامهم و لا تكليفهم و لا بلوغهم اعلي الدرجات علي معرفة المشيّة و معرفة تقوّمِهمْ بها الا في الاعتقاد و يكفي فيه معرفة العقول التي فيهم.
قوله (ع) فهذه الاسماۤء التي ظهرت فالظاهر هو اللّه سبحانه و تعالي و هي هذه المذكورة و قوله فالظاهر هو اللّه تبارك و تعالي المراد به ما اشرنا اليه فان صفة الاسم الكريم الذي هو اللّه هو العقل الاول اذ ليس المراد بهذه هذا اللفظ لانه قال بالحروف غير متصوت و هذا متصوت بالحروف ملفوظ بالنطق و لا المراد به معناه الذي هو الذات المتصفة بالالوهيّة و انما المراد به مظهره و هو العقل كما اشار سبحانه بقوله اللّه نور السموات و الارض مثل نوره الخ ، فذكر اللّه و ذكر مظهره و هو قوله مثل نوره و هو العقل الاول و هو الاسم الذي اشرقت به السموات و الارضون و هو المصباح الظاهر في الاشباح و تعالي اشارة الي صفة العليّ و هو النفس و تبارك اشارة الي صفة العظيم و هو الجسم و في رواية اخري فالظاهر هو اللّه العلي العظيم و المعني واحد.
قوله و سخر سبحانه لكل اسم من هذه الاسماۤء اربعة اركان فذلك اثناعشر ركناً و الاصل في ذلك انه لمّا كان كل جزء منها عالماً مستقلا وجب ان يكون جامعاً لما يتم به النظام من الاصول الاربعة التي هي الخلق و الرزق و الحيوة و الممات فيكون كل واحد منها مربعاً لاشتماله علي الاربعة الاصول و
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 216 *»
سخّر سبحانه لكل اصل ملكاً حافظاً له قائماً به قد وكّله اللّه بتلقّي فيوضاته و ابلاغها غاياتها و جعل لكل ملك ملاۤئكةً يخدمونه في المراتب الثلاثة يسلكون فيها بهديه سبل ربّهم ذللاً كلّ منهم من جنس ما وكّل به ففي العقول عقليّون مختلفوا المراتب لاختلاف مراتب العقل كماً و كيفاً و في النفوس و الارواح روحانيون و نفسانيون مختلفوا المراتب لاختلاف مراتب الروح و النّفس كذلك و في الاجسام جسمانيون مختلفوا المراتب كذلك و اختلافهم في الاربع الطباۤئع الحرارة و الرطوبة و البرودة و اليبوسة في المراتب الثلاث كذلك فان العقول تجري فيها الطبائع الاربع العقلية لذاتها و بما يطرء عليها من الاضافات من محاۤلّها و كذلك النفوس و الاجسام كلّ بحسبه لذاته او لما اضيف اليه فالملك الموكل بركن الخلق و الايجاد جبرئيل و له جهة و اجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقلية و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها و له جهة و اجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النفسيه و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها و له جهة و اجنحة جسمانية يطير بها في الجهات الجسمية و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها فهذه ثلاثة اركان لجبرئل (ع) يتصرّف بها كما امر في العوالم الثلاثة عالم الجبروت و عالم الملكوت و عالم الملك و هذه العوالم الثلاثة هي مجموع عالم الخلق و هو الوجود المقيد و الملك الموكل بركن الحيوة اسرافيل (ع) و له جهة و اجنحة عقلانيّة يطير بها في الجهات العقليّة و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها و له جهة و اجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النفسية و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها و له جهة و اجنحة جسمانية يطير بها في الجهات الجسمية و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها فهذه ثلاثة اركان لاسرافيل يتصرف بها كما امر في العوالم الثلاثة عالم الجبروت و عالم الملكوت و عالم الملك و الملك الموكّل بركن الرزق ميكائيل (ع) و له جهة و اجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقلية و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها و له جهة و اجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النفسية و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 217 *»
لها و له جهة و اجنحة جسمانية يطير بها في الجهات الجسمية و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها فهذه ثلاثة اركان لميكاۤئيل (ع) يتصرف بها كما امر في العوالم الثلاثة ايضا و الملك الموكل بركن الممات عزراۤئيل و له جهة و اجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقليّة و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها و له جهة و اجنحة نفسانيّة يطير بها في الجهات النفسية و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وَ له جهة و اجنحة جسمانيّة يطير بها في الجهات الجسميّة و يتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها فهذه ثلاثة اركان لعزرائيل يتصرف بها كما امر في العوالم الثلاثة المذكورة فهذه اثناعشر ركنا لكل ملك ثلاثة اركان و لكل ملكٍ طبيعتان و اعوانهم كلّ علي طبيعة متبوعه و للمتبوع علي التابع هيمنةٌ و تسلّط من الجهة التي سخّر لها فجبرئل يعين بحرارته اسرافيل في الحيوة و بيبوسته عزراۤئيل في الممات و اسرافيل يعين بحرارته جبرئيل في الخلق و برطوبته ميكاۤئيل في الرزق و ميكاۤئيل يعين برطوبته اسرافيل في الحيوة و ببرودته عزراۤئيل في الممات و عزراۤئيل يعين ببرودته ميكاۤئيل في الرّزق و بيبوسته جبرئيل في الخلق و قد دلّت الٰاثار علي ان العرش الذي هو خزانة كل شيء من الخلق و لايظهر شيء في الاعيان او يرتبط بشيء منها الا و قد كان فيه و اليه الاشارة بقوله الرحمن علي العرش استوي لانه استوي برحمانيته علي عرشه الذي هو خزاۤئن كل شيء فاعطي بفضله ابتداۤء منه كل ذي حق حقه و ساق بكرمه الي كل سائل منه فقير اليه رزقه لاينزل شيء و لايظهر من غيب العرش الّا بتقديره قال تعالي و ان من شيء الّا عندنا خزائنه و ماننزله الّا بقدر معلوم و علي ان العرش مركب من اربعة انوار نور احمر منه احمرّت الحمرة و نور اصفر منه اصفرّت الصفرة و نور اخضر منه اخضرّت الخضرة و نور ابيض منه البياض و منه ضوء النهار و كلّ نورٍ من هذه الاربعة قد تقوّم به ربع من كلّ شيء من العوالم الثلاثة الجبروت و الملكوت و الملك فيكون ما تقوّم به الربع تامّاً في الجهة التي به تقومت.
قوله (ع) ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسماً فعلاً منسوبا اليها اعلم انه لما
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 218 *»
كان كل ركن من هذه الاركان الاثنيعشر تاماً في جهته فالنور الاحمر تام في تقويم ربع من الجهة العقلية و في تقويم ربع من الجهة النفسية و في تقويم ربع من الجهة الجسميّة و كذلك الاصفر و الاخضر و الابيض فاذا ثبت ان ما تقوم به ربع من كل عالم تام في ذلك دلّ ذلك علي تدويره و تكويره في المتولدات الثلاثة المعدن و النبات و الحيوان و ذلك ان اصل مبدأ التكوين هو انّ اللّه سبحانه خلق الحرارة من حركة الفعل الكونية و خلق البرودة من سكون المفعول المكوّن فادار الحرارة علي البرودة و البرودة علي الحرارة فتكونت الطبائع الاربع فلما كانت الطباۤئع الاربع و تمّت جعلها بكمال صنعه و اتقان علمه اصلاً لعالم الغيب و الشهادة فهي في كل عالم من جنس جواهر علله فادار هذه الاربعة بعضها علي بعض فتولدت منها المعادن ثم ادارها في المعادن كذلك فتولدت النباتات ثم ادارها في الجميع فتولدت الحيوانات فصارت بذلك ثلاثين دوراً و ذلك لان الافلاك تسعة و الارض عاشرة و الشيء الكائن قد تكوّن من عشر قبضات من كل قبضات من كل واحد من هذه العشرة قبضة و كل قبضة قد اديرت ثلاث دورات في الطباۤئع الاربع قد تكوَّنَ في الاولي معدنها و في الثانية نباتها و في الثالثة حياتها سواۤء كانت القبضة جبروتيّة او ملكوتية او ملكيّة الا ان طبائعها و ادارتها و نفسها من جنس ما هي منه فصار ثلاثين دوراً في كل ركن من الاركان الاثنيعشر فصار جميعها ثلثمائة و ستين و في كل واحد منها روحاً (روح ظ) به تقوَّمَ و هو اسم من اسماۤء اللّه و هو مظهر من مظاهر الاسم المكنون المخزون المشار اليه سابقاً و هو في كل واحد فعل منسوب الي ذلك الواحد من الثلاثين الدور من كل ركن من الاثنيعشر فعل من افعال اللّه تعالي و هو فعله الخاص بذلك المفعول اعني الواحد المشار اليه و ذلك الفعل هو اسم من اسماۤء اللّه تعالي.
قوله (ع) فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارئ المصور الي آخرها تمثيل للاسماۤء بذكر بعضها ثم قال عليه السلام فهذه و ما كان من الاسماۤء الحسني حتي تتم ثلثمائة و ستين اسما.
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 219 *»
قوله (ع) فهي نسبة لهذه الاسماۤء الثلاثة اي جهة من جهاتها و فرع من فروعها لانها مظاهر لهذه الاسماۤء الثلاثة فهي نسبة لها اي بيان لصفتها و فعلها.
قوله (ع) و هذه الاسماۤء الثلاثة اركان اي اركان للكلمة التامة و يجوز ان يكون المراد لظهور الاسم المخزون.
قوله (ع) و حجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة يعني انه سبحانه قد حجب الاسم المشار اليه بهذه الاسماء اي بظهورها لانه اذا ظهر بنفسه غيّبها و اذا اختفي ظهرت فلمّا ظهر بها احتجب بظهورها لان المشاۤء اذا ظهر خفيت المشيّة و ذلك قوله تعالي قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعوا فله الاسماۤء الحسني ، يشير الي ان للاسماۤء الثلاثة علي ساۤئر الاسماۤء الثلاثمائة و ستين هيمنة و ربوبيّة لانها تدخل تحت هذه الثلاثة فهي صفاتها فقوله (ع) فله اي لكلٍّ من هذين الاسمين له ساۤئر الاسماء الحسني يعني تكون هذه الاسماۤء صفة للّه و داخلة تحت حيطته و كذلك الرحمن و المراد به هنا في هذا الحديث تعالي اي العليّ و كذلك العظيم و تبارك هنا بمعناه و معني دخولها و معني دخولها تحت حيطة هذه الثلاثة انها تنسب اليها تقول يا اللّه ارحمني يا اللّه ارزقني يا اللّه اغفر لي يا اللّه اهلك عدوّي و كذلك الرحمن و لاتقول يا رحيم اهلك عدوّي يا مهلك اغفر لي او ارزقني بل تقول يا مهلك اهلك عدوّي يا غفور اغفر لي يا رازق ارزقني لعدم شمول ما سوي هذه الاسماۤء الثلاثة اعني اللّه و العليّ و العظيم و يراد بالعلي معني الرحمن او يراد بالعظيم معني الرحمن علي الاعتبارين فتلخّص ان الاسم المذكور هو مجموع الوجود المطلق الذي هو عالم الامر و الوجود المقيد الذي هو عالم الخلق و انه علي اربعة اركان متساوقة في الظّهور و ان سبق بعضها بعضا في الذات و ان الاول منها المكنون المخزون هو المشيّة و ان الثلاثة الظاهرة التي هي عالم الخلق عالم الجبروت و عالم الملكوت و عالم الملك و ان لكل واحدٍ من هذه الثلاثة اربعة اركان ركن خلق و ايجاد و ركن حيوة و ركن رزق و ركن ممات و ان كل ركن تكوَّنَ من تسعة افلاك و ارض و ان كل واحد من هذه العشرة اديرت ثلاث دورات دورة في
«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 220 *»
معدنه و دورة في نباته و دورة في حياته فيكون في كل ركن ثلاثون فعلاً منسوباً اليه خاصاً به و هو اسم من اسماۤء اللّه الجزئيّة و ان تلك الثلاثة الاسماۤء الكليّة اركان للوجود المقيد الذي اوله العقل و آخره التراب و انه سبحانه قد حجب الاسم المكنون اكتفاۤء بظهور آثاره في الثلاثة لعدم احتياج الخلق الي ازيد من ذلك و ان هذه الثلاثة تدخل تحتها باقي الاسماۤء كما انها تدخل تحت الاسم المكنون المخزون صلي اللّه علي محمد الامين و آله الطيبين و شيعتهم الميامين ، و اعلم اني قد ذكرت ما لميذكره غيري من شرّاح هذا الحديث الشريف و كشفتُ من مُعَمَّي اسراره ما لميكد يعثر عليه الفهم اللطيف و لماترك شيئاً وجدته في نور اللّه حال الكتابة و التأليف الا اشرت اليه الا ما كان من طريق التفصيل و التعريف و الاستقصاۤء علي ذلك يضيق به الزمان و احلتُ ما لماذكره من جهة طريق الحديث و لغته و ظاهر عبارته علي ما ذكره الشارحون فليطلب مبتغيه ذلك من كتب ذويه و الحمد للّه رب العالمين اوّلاً و آخِراً و باطناً و ظاهراً و و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.
و فرغ من نسخه منشئها العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي في التاسع و العشرين من صفر سنة العشرين بعد المائتين و الالف من الهجرة النبوية علي مهاجرها السلام تمت.