01-10 جوامع الکلم المجلد الاول – جواب الشيخ رمضان بن ابراهيم ـ مقابله

رسالة في جواب الشیخ رمضان بن ابرهیم

عن مسائل استشکلها من بعض عبارات الفوائد و غیرها

 

من مصنفات الشیخ الاجل الاوحد المرحوم

الشیخ احمدبن زین الدین الاحسائی اعلی الله مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 156 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين‌الدين انه قد بعث اليّ الاكرم المستقيم الوفي الحليم الكريم بن الكريم الشيخ رمضان بن ابراهيم ايده اللّه بمدده مساۤئل قد استشكلت من بعض عباراتي في الفواۤئد و غيرها يريد بيانها و انا علي حالٍ لايرجي مني مثل ذلك و لكن لا بد من الجواب لانه سلمه اللّه نبّه علي اشكالات تعرض لاكثر الطلبة و الجواب عنها نافع للجميع و رافع لاعتراض الشريف و الوضيع و انا انقل كلامه و اجيب عن كل مسئلة بما يخصّها.

قال سلمه اللّه: قال اعلي اللّه مقامه في الفائدة الثانية‌عشر قلنا هو سبحانه يعلم ما يكون و ما يشاء ان يغيّر الي ما شاۤء فكل طور يمكن ان يكون الممكن عليه فهو يعلمه الي آخر كلامه و حاصله ان العلم لايتغير بتغيّر المعلوم لاادري ان مراده هل هو العلم الذاتي الذي هو ذاته تعالي ام العلم الحادث الذي هو نفس المعلومات فسياق كلامه ظاهر (ظاهرا ظ) من اوله الي آخره يدلّ علي ارادة الثاني فعلي هذا كيف يتصوّر التغيير في المعلوم و عدمه في العلم الذي هو نفسه و ليس هذا الّا اجتماع المتنافيين و ان اراد الاول فيأباه آخر كلامه حيث شبّه هذا العلم بعلم المخاطب فقلت اذا علمت زيداً في مكان في وقت و علمت انه ينتقل الي آخر لايتغير علمك اذا انتقل الي آخر كلامه و ذلك لانه ظاهر في ان المراد بالعلم هو الحادث لا الذاتي.

اقول اذا كان الحق عندنا ان العلم عين المعلوم كان مرادنا بالذاتي هو سبحانه و كيف يكون الله تعالي عين المعلومات و انما نريد به الحادث و هو قسمان حادث امكاني و حادث كوني و كلاهما علم اشراقي ينسب الي اللّه تعالي بجهة احداثه له و تقوّمه بامره تقوم صدور و تقوم تحقّق كما ينسب اليك قاۤئم و تصف نفسك به و هو صادر بفعلك و ليس هو اياك و لا من ذاتك و لكنه

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 157 *»

متقوم بامرك الفعلي تقوم صدور و بامرك المفعولي اي القيام تقوّم تحقّق فاذا سمعتَ انه تعالي عالم بها قبل كونها كعلمه بها بعد كونها فالمراد به الاول الامكاني يعني ان امكانها و امكان ما ينسب اليها و ما هي عليه حاضر لديه في ملكه قبل كونها و مع كونها و بعد كونها و اذا اردت الكوني فهو هي فمعني انها تتغيّر و انه لايتغيّر و هي هو ان تغيرها لايخرج شيئاً منها عن ملكه فعلمه بالمتغير قبل التغير هو هو قبل التغير و علمه به بعد التغير هو هو بعد التغير فلم‌يختلف عليه ذواتها و لا احوالها اذ كلا الحالين حاضر لديه في ملكه و اذا حضر لديه في ملكه تغيّرها لم‌يغب عن ملكه حاله الاول و هو عدم التغير قبل التغير و بالعكس فلم‌تتبدل عليه الاحوال فلايقال ان علمه تغير لان معني كون علمه قد تغير انه تجدّد له حال لم‌يكن حاضراً في ملكه و فقد الحال الاول من ملكه و هو تعالي لايغيب عنه الماضي لانه تحوّل من حضوره لديه الي حضوره لديه و لا يغيب عنه المستقبل لانه تعالي لاينتظر و لايفقد فليس عنده في ملكه بالنسبة الي تسلّطه و تملكه بصنعه ماض و لا استقبال بل تحوّلها و تغيّرها في انفسها عند انفسها و اما هو عز و جل فليس عنده في ملكه منها تغيّر و لا تبدل و لا تحوّل و هي لاتتحوّل و لاتتبدّل و انما هو تعالي يحوّلها و يبدّلها و يغيّرها من ملكه الي ملكه فكما لاتستطيع لنفسها ايجاداً كذلك لاتستطيع لنفسها بقاۤءً و لا تحوّلاً و لا تبدلاً و لا ضراً و لا نفعاً و لا موتاً و لا حيوةً و لا نشوراً فاذا فهمت هذا صحا لك النهار بلا غبار و امّا الذاتي فلانعرفه و لانتكلم في حقه الا بالتنزيه و نفي التشبيه لانه هو اللّه لا اله الا هو.

قال سلمه اللّه تعالي: و لما قلتم في هذا الكلام ان العلم انطبق و وقع علي المعلوم حين انتقل علمنا ان مراده عليه السلام في اصول الكافي حيث قال لم‌يزل اللّه ربنا و العلم ذاته و لا معلوم الي ان قال فلما احدث الاشياۤء و كان المعلوم وقع العلم منه علي المعلوم ان يكون هو العلم الحادث و هذا كيف يجتمع مع قوله عليه السلام في ابتداۤء الحديث العلم ذاته و لا معلوم فان الذات لم‌تقع علي المعلوم بديهة بمعني المطابقة اذ هي من صفات الخلق تعالي اللّه عن

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 158 *»

ذلك علواً كبيراً.

اقول ان مراد الامام عليه السلام و مرادنا تبعاً لمراده (ع‌) ان قوله لم‌يزل اللّه ربنا عزوجل و العلم ذاته و لا معلوم ان هذا العلم هو اللّه سبحانه و ان اللّه و العلم و القدرة و السمع و البصر و الحيوة الفاظ مترادفة تدل علي معني واحدٍ متنزّه في عز جلاله عنها و عن دلالتها و لكن كما قال اميرالمؤمنين عليه السلام صفة استدلال عليه لا صفة تكشف له هـ‍ ، و امّا قوله عليه السلام وقع العلم منه علي المعلوم فالمراد بهذا الوقوع هو الاشراق الحادث بنفس حدوث المعلوم و هو معني فعلي ايجادي و اضرب لك مثلاً و للّه المثل الاعلي انك انت سميع لذاتك و السمع ذاتك لانك تقول انا السميع انا البصير فانت لذلك سميع قبل ان يتكلم زيد فلما تكلم سمعت كلامه و انت قبله سميع لا اصم و لكن ادراكك للكلام حدث بوجود الكلام و هو اشراق من سمعك و فعل حدث منك كاشراق الشمس الذي لم‌يتحقق قبل وجود الكثيف و يذهب بذهابه اذ هو عبارة عنه فالتعلق هو نفس حضور المتعلق اي وجوده و هو الحضور الخاص لانه حضر بنفس وجوده و كونه الذي هو به هو لا الحضور العام الذي هو ضد الغيبة و هذا هو سرّ قوله عليه السلام وقع العلم منه و لم‌يقل وقع ذاته و لا علمه فافهم.

قال ايده اللّه : و ايضا قد قسّمتم العلم علي الحادث و القديم و قلتم الثاني ذاته تعالي و لم‌اعلم من اين هذا التقسيم و بعد ما قسّمتم لم‌تذكروا هذه القسمة في القدرة و الحيوة بل خصّصتموها بالعلم مع جريانها فيها بل في غيرهما ايضاً.

اقول هذا التقسيم من كلام الناطقين عنه تعالي عليهم السلام حيث جعلوا العلم ذاته و هذا هو القديم و جعلوا علماً آخر له و هو اللوح المحفوظ كما قال في كتابه العزيز قال فما بال القرون الاولي قال علمها عند ربي في كتاب لايضل ربي و لاينسي فجعل ذلك العند هو الكتاب الذي فيه علمه و قال تعالي قد علمنا ما تنقص الارض منهم و عندنا كتاب حفيظ و امثال ذلك في القرءان كثير و بيّنوا ذلك عليهم السلام و منه قول علي بن الحسين عليهما السلام العرش و الكرسي بابان من العلم و بيّن عليه السلام ان العرش هو العلم الباطن و فيه علل الاشياء و

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 159 *»

الكيفوفة و مظهر البدع و الكرسي هو العلم الظاهر و هذا انشاء اللّه تعالي ظاهر و امّا باقي صفات الذات كالحيوة و القدرة و السمع و البصر فانها كالعلم هي عين ذاته و له باسماۤئها صفات فعلية كالعلم حرفاً بحرف فالتي هي ذاته لم‌يسمّ نفسه بها بعد و لكنه وصف نفسه بالفعلية لانها هي مبادي البدع و التكاليف و التعريف و هي المحمولة علي ذاته فقولك اللّه عالم و قادِرٌ و حيّ و سميع و بصير مثل قولك زيد قاۤئم و قاعد و آكل و شارب و هذه الصفات في جانب الحق تعالي و صفات زيد في حقه لم‌تكن محمولة عليه بالحمل الاولي المفيد للاتّحاد و انما هي محمولة عليه بالحمل المتعارف المفيد للاتحاد في المفهوم و المفهوم من ذات الحق تعالي هو المقامات التي لا تعطيل لها في كل مكان و هي العنوان و هي المثال و هي الوجه الذي يتوجه اليه الاولياۤء و كذلك المحمول عليه في زيد ليس هو ذات زيد و الا لم‌تزل ذات زيد قاۤئمة او تكون القضيّة كاذبة بل المحمول عليه هو جهة فاعلية زيد للقيام في زيد قاۤئم و للقعود في زيد قاعد فلما انجرّ الكلام بالناس الي ان سألوا هل كان تعالي لذاته عالماً و قادراً اجابوا عليهم السلام نعم و صفاته عين ذاته و لوّحوا لشيعتهم بالبيان و قد ذكرنا ذلك في كثير من كتبنا كشرح المشاعر و شرح العرشية و غيرهما و لكنه مفرّق و ليس كل المسائل مجموعة في كتاب فافهم معني ما لوّحوا به لك.

قال سلمه اللّه: و بيّن لنا ما قد قيل بمغايرة العلم لذاته حيث استدلّ عليها بدلائل اربع علي طريقة قياس الخلف فقيل ان العلم غيره تعالي لانه لو كان عينه لماافاد حمله عليه و لماامتازت الصفات و لماافتقر الي الاثبات و لجاز اتّصافه بما اقتضت به الذات و التوالي باطلة بالبديهة فالمقدّمات مثلها.

اقول هذا الكلام كله صحيح و انما بطلانه من جهة ظنّهم ان هذه الصفات المحمولة هي الّتي قالوا انّها عين الذات و من ظن ذلك فقد اخطأ لان المحمولة هي المغايرة للذات في معانيها و في مفاهيمها بل و في وجوداتها و هي المتغايرة في انفسها في مفاهيمها و في معانيها و التي يقال فيها بالعينية غير المحمولة و ليس بينهما اشتراك معنوي و لا لفظي و انّما اشتركا في خصوص الالفاظ بل عند

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 160 *»

اهل العصمة عليهم السلام ان المحمولة مجاز و الحقيقة هي المقول فيها بالعينية.

قال سلمه اللّه تعالي: و بيّن لنا انه هل يجوز ان يقال في الحديث السابق انه بتقدير المضاف اي سبب العلم و الباعث الي ايجاده بنفسه هو ذاته فعلي هذا يكون المراد بالعلم في هذا الحديث العلم الحادث فيكون حينئذ للوقوع علي المعلوم بمعني المطابقة معني محصّل و هل يجوز ان يقال ان التسمية بالعلم الذاتي كانت باعتبار ان بعض الصفات كالعلم و القدرة منسوبة الي الذات فسمّيت بها و بعضها منسوبة الي الفعل كالمشية فسمّيت به علي قياس تسمية الاعراض الذاتية بالنسبة الي الانسان و هل يجوز ان يقال في معني العينية ان الصفات باسرها منفيّة عن الذات كما قال بعض الحكماۤء و امّا حديث العينية فيرجع الي نفي الصفات و جعل الذات ناۤئباً منابها في ترتب الاثار فعلي هذا كان ذاته البسيط تعالي شانه قد ذوّت الذوات من ذات المشية و وصّف الصفات من صفاتها.

اقول لا حاجة الي تقدير المضاف بل المراد ما ذكرنا و وقوع العلم هو مطابقته للمعلوم فاذا قلنا ان العلم نفس المعلوم لم‌تكن المطابقة اصدق من مطابقة الشي‌ء لنفسه و هو معني مستعمل في اللغة العربيّة و احاديثهم و ادعيتهم عليهم السلام مشحونة به و ليس الفرق بين الصفات العينية و الصفات الفعلية امراً اعتباريا ليقال ان ما نسب منها الي الذات يسمي عينيّاً و ما نسب الي الفعل يسمي فعلياً بل الصفات العينية ذاته القدسية لها اسماۤء متعدّدة مترادفة تدل علي معني واحد بجهة واحدة غير متعدد لا في المعني و لا في المفهوم كما توهمه من لايعرف فانها اذا كانت هي ذاته من حيث الوجود و المصداق و غيره من حيث المفهوم كان ذو الحيثيّتين عين البسيط البحت فيكون حينئذ البسيط مختلف الحيثية و مختلف الحيثيّة حادث و ليس معني عينيّة الصفات نفيها اصلاً بل المراد ثبوتها و ذلك الثابت هو الواحد الحق سبحانه و من نفاها و جعل الذات ناۤئبة منابها فانما دعاه الي ذلك مغايرة مفاهيمها للذات فيكون المعلومية مثلاً اثراً للعلم لا للسمع و اثبات العلم يوجب تعدد القدماۤء فَينفيه و يجعل الذات ناۤئبة

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 161 *»

مناب العلم لان المعلومية لاتصلح ان تكون اثراً للذات و انّما هي اثر للْعلم و انت خبير بان الذات اذا كانت فاعلةً بنفسها لا معني للنيابة عما ليس بشي‌ء.

قال ايده اللّه تعالي: و هل يصحّ ان يقال في دعاء العديلة كان عالماً قبل ايجاد العلم و العلّة ان المراد بالعلمين الحادثان فالاوّل هو المطلق بقرينة التنكير و الثاني المقيّد بقرينة تعريفه الدال علي تقييده و انما يحمل العلمانِ علي الحادثين بقرينة ذكر القبل فانه يدلّ علي التفاوت الموجود في الحوادث لانه صفة الخلق اذ الحق بريۤ‌ء منه لاستواۤئه بالنسبة الي المخلوقات طراً علي ما ذكرتم في مواضع عديدة.

اقول قوله عليه السلام في دعاۤء العديلة كان عالماً قبل ايجاد العلم و العلة دليل ظاهر صريح علي ان العلم الاوّل هو الذاتي لانّه هو الّذي قبل ايجاد العلم المطلق و المقيد الحَادثينِ و قبل ايجاد مطلق العلّة و العلم الذي وقع بالايجاد هو الحادث فليس المراد بالعلمين الحادثين بل الاول هو القديم و الثاني هو الحادث و قرينة التنكير اعم من الاطلاق و ذكر القبل لايدل علي الحدوث الا اذا اريد بالقبل الابتداۤئي و لكن استعمال القبل بمعني اللابتداۤء و اللانتهاۤء مشهور خصوصاً في مثل هذا المقام و استواۤؤه بالنسبة الي جميع الاشياۤء لاينافي تفرّده بالقبلية الازليّة لانها هي عين البعديّة بجهة واحدة و في الدعاۤء يا من هو قبل كل شي‌ء يا من هو بعد كل شي‌ء.

قال سلمه اللّه تعالي : و ايضاً قلتم ان المشية بالنسبة اليه تعالي لا وصل به و لا فصل عنه و لم‌نفهم مرادكم فبيّن لنا هذا وجدنا هذا الكلام منكم في بعض تعليقاتكم في جواب الساۤئلين المتضرعين ببابكم و قد عرضنا الاسئلة علي السيد السند سيد محمد بكّاء سلمه اللّه مراراً و لم‌نفهم المراد.

اقول نعم ذكر ذلك في معرض جواب اورده الحكماۤء علي المتكلمين ما ملخّصه قال الحكماۤء للمتكلمين قولكم انه تعالي قبل كل شي‌ء و هذا لايصح اذ لايخلو ان يكون سبق الاشياۤء بمدّة او بدون مدة فعلي الثاني يلزم اما حدوث الواجب او قدم العالم و اللازمان باطلان فالملزومان مثلهما و علي الاول اما ان

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 162 *»

تكون المدة متناهية او غير متناهية فعلي الاوّل يلزم ما لزم في الشق الثاني من حدوث الواجب او قدم العالم لانه يكون متصلا بالعالم و علي الثاني يلزم ان العالم الي الٰان لم‌يوجد قال فخرالدين الرازي و هذه الشبهة بقيت متصعِّبَة علي الاذهان الي الأن فاشرتُ الي جواب تلك الشبهة بانها سهلة لا صعوبة فيها بان هذه النسبة التي يلزم منها ما ذكره الحكماۤء لاتصح بين شيئين الا اذا كانا في صقع واحدٍ و ليس بين الازل و الامكان نسبة من النسب الاربع[1] و ليس شي‌ء يوصف بالثبوت الا اللّه سبحانه و اسمه و صفته و الخلق اسماۤؤه و صفاته و ليس بينه و بينهم وصل ليصحّ ما فرضه الحكماۤء و لان الوصل يلزمه الاقتران الموجب للحدوث و لا فصل و الا لماوجد عنه شي‌ء و آية ذلك التي جعلها سبحانه دليلاً في الافاق السراج فان اشعته لم‌تكن متّصلة به لان طرفي المتّصلين متماثلانِ و اقرب جزءٍ من الشعاع الي السراج لايصح ان يكون متّصلاً بالسّراج لانه لايكون منيراً ابداً و انما هو نور و الجزء الذي يليه من السراج لايكون نوراً ابداً و انما هو منير فلا مُماثلةَ فلا وصل و لا فصل و الا لماوجد الشعاع و لان الوصل و الفصل من صفات الحوادث لايقع شي‌ء منهما الا بين حادثين لانهما من الاكوان الاربعة فالفصل يلزم منه الاقتران و الوصل يلزم منه الاجتماع و لايكونان الا بين حادثين و المشيّة و الارادة اذا نسبا الي الازل لم‌تكن بينه و بينهما نسبة من النسب الاربع لتباين الظرفين و تفارق العالمين و اذا لحظتَ انهما قاۤئمان به اي بذاتهما اي اقامهما بذاتهما قيام صدورٍ و قيام تحقّق فلا وصلَ و لا فصْلَ لانّه تعالي وحده لايقرب منه قريب يحصل منه الوصل و لايبعد منه بعيد يحصل منه الفصل لانّ هذين الحالين من احكام الوضع فافهم.

قال ايده اللّه تعالي : و بيّن لنا ان الاول هل واسطة بين المقدس و المشية فان قلتم به فما معني كلامكم لا فصلا منه اذِ الاقدس حينئذ واسطة و بين لنا ما

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 163 *»

معني الاقدس و المَقدس هل هذا مثل التقدير و المقدّر الداۤلّين علي التعدد حيث ورد في بعض الاحاديث ان اللّه خلق خلقين اثنين تقديراً و مقدراً الي اخره او غير ذلك بان يكونا شيئاً واحداً معنيً لا لفظا و بيّن لنا الحقيقة في ذلك علي التفصيل و اخرجنا من الظلمات الي النور و الي الصواب من الزور و الغرور.

اقول انتهي كلامه الاول اعلي اللّه مقامه و اعلم ان المقدس و الاقدس ليس هذا من كلامي و لااستعمله لما فيه علي مرادهم منه من الفساد و لكني ابيّن ذلك لجنابك علي ما يظهر لي اعلم انهم يريدون بالمقدس الذات الحق تعالي و اللّه سبحانه اعلم و يريدون بالاقدس الروح القادسة اعني روح‌القدس فعندنا روح‌القدس يطلق علي جبرئيل عليه السلام قال تعالي قل نزّله روح‌القدس من ربّك بالحق و يطلق علي الروح من امر اللّه و هو عقل الكل و علي روح‌القدس و هو روح الكل و هما ركنان من العرش الاول النور الابيض و الثاني النور الاصفر و عندهم ان روح القدس لايدخل تحت كن لانه هو كن و ليس هو ممّا سوي اللّه تعالي صرح الملا صدرالدين الشيرازي في اخر المشاعر و في اوله قال ان العقل و ما فوقه كل الاشياۤء من قولهم بسيط الحقيقة كل الاشياۤء و قد اشرنا الي بطلان كل ذلك في شرح المشاعر فعلي ما يظهر من كلامهم اذا كانوا يجعلون روح‌القدس ليست مما سوي اللّه تعالي و لاتدخل تحت كن و انّها كل الاشياۤء لانها بسيط الحقيقة ان الاقدس هو نفس المشية و هي واسطة بين المقدس و بين المشية هذا ما يظهر لي من هذا الكلام لاني ماسمعته الا من خطكم الأن و ليس لي انس باصطلاح الصوفية و اللّه سبحانه اعلم و امّا ما في حديث الرضا عليه السلام من ان اللّه تعالي خلق التقدير و المقدّر فالمراد بالتقدير الابداع و المقدَّر المبدَع و هو عندنا النور المحمدي صلي اللّه عليه و آله و الحمد للّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.

قال سلمه اللّه تعالي: و في اصول الكافي في جواب الساۤئل بهذا الكلام هل الاسماۤء و الصفات التي ذكرت في القرءان هي هو فقال مولي الانام في

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 164 *»

جوابه هي عنده في علمه و هو مستحقها بيّن لنا ان المراد بهذا العلم ما ذا فاذا قلتم انه غيرالمشية فبيّن لنا ان سبَب ابتداۤء الحديث بالمشية ثم الارادة ثم القدر ثم القضاۤء ثم الامضاۤء ما ذا لم لم‌يبتدء بالعلم ثم بالترتيب المذكور و حينئذ ما معني العلم و اذا قلتم انه هو المشية ما السبب في اختيارها عليه في الذكر علي هذا التقدير و في بعض الاحاديث هكذا علم و شاۤء الي اخر الحديث لم‌نعلم ما السبب في ترك العلم في حديث و ذكره في اخر بيّن لنا هذا و قلتم ان المشية هي الذكر الاول فما معني العلم المقدم عليه في الحديث فتشابه علينا الامر فاخرجنا منه من احيي نفساً فكانما احيي الناس جميعاً و بين لنا ان عقد القلب علي المجهول في ضمن الاسماۤء و الصفات التي وصف اللّه بها نفسه هل يضرّ بالنية ام لا اذ لانقدر علي غير ذلك و لانعلمه بوجه من الوجوه اذا اشتغلنا بالصلوة و ساۤئر العبادات هل هذا القدر كافٍ لنا ام نحتاج الي شي‌ء اخر فبيّن.

اقول هذا اخر كلامه اعلي اللّه مقامه ، قوله عليه السلام هي عنده يعني في ملكه و قوله في علمه اي في ملكه الذي هو ذواتها اي حضورها بذواتها لديه في امكنة حدودها و اوقات وجودها كلُّ في مقامه و هو مستحقها اي مالكها و هذا العلم هو ذات المعلوم كلٌّ في رتبته و اذا ذكر مع المشية كما في هذا الحديث حديث كاظم عليه السلام في قوله علم و شاۤء و اراد و قدّر و قضي و امضي فالعلم هو العلم الامكاني و المشيّة هنا المشية الكونية حدث بها الكون اي الوجود يعني حصّة الماۤدة النوعيّة كحصّة الانسان من الحيوان و الارادة الكونية حدث بها العين اعني الماهيّة الاولي يعني الصورة النوعيّة و هذا هو الخلق الاول و الخلق الثاني اوّله التقدير اي ايجاد الحدود الحسّيّة و المعنوية من البقاۤء و الفناۤء و الرزق و ما اشبهها و في هذا الشقاوة و السعادة و القضاء اتمام ما قدّر و الامضاۤء اظهاره مشروحاً مبيّن العلل و الاسباب فاذا اريد بالعلم غير المشية فهو الامكاني و اذا ابتدئ بها فهي المشيّة الكونية و اذا اريد بالعلم المشية و ذكرت دونه فالمراد ان الكلام في الايجاد و العلم لايعرف ذلك منه بخلاف المشيّة و اذا فسّرت المشية بالذكر الاول فالمراد بذكره بالكون اي بتكوينه و العلم المقدم

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 165 *»

عليها الامكاني و معني توجه القلب و عقد يقينه علي معبود مجهول مطلق ان العابد يتوجّه الي معبود يعرفه و الشي‌ء لايعرف الا بما هو عليه فاذا عرف معبوده بما هو عليه فقد عرفه كمال معرفته و هو تعالي لايدرك كنهه و لايعرف الا من حيث وصف نفسه و هو تعالي وصف نفسه بانه لايعرف و امر بان يدعي باسماۤئه فاذا عقد قلبك علي الجهل به مطلقا فقد عرفته بما هو عليه و اذ دعوته باسماۤئه فقد امتثلتَ امره و لايقبل هو معرفته من عبده الا هكذا و لو توهمه المكلف او تصوّره و عبد ذلك المتوهّم او المتصوّر فقد عبد الشيطان و عصي الرحمن و لاتصح النية و لاتقبل العبادة الا بعقد القلب علي المجهول الذي لايدعي الا بما وصف به نفسه.

قال سلمه اللّه: ثم بيّن لنا ان الخلق لو اعتقدوا ان اللّه تبارك و تعالي ذات بسيط خال من جميع الصفات و اضدادها حتي العلم و الجهل و القدرة و العجز و غير ذلك فلما خلق العلم في الاشياۤء صار عالماً و سمّي به بمعني انّه لو لم‌يخترع و لم‌يحدث شيئا لم‌يكن عالماً و لا جاهلاً اذ هما لايتصوّران الا بعد الشّي‌ء الموجود و امّا قبل الوجود فايّ معني لعلمه بالشي‌ء و في الحديث علمه بالاشياۤء قبل الاشياۤء كعلمه بها بعدها اذ لا حصول صورة و لا حۤضور شي‌ء حينئذ اذ لو كان لثبت القول بالاعيان الثابتة و هو مذهب القاۤئلين بوحدة الوجود و قد ابطلتم هذا المذهب بطرق عديدة و قلتم في حقّ مميت‌الدين انه ضل و اضلّ كثيراً من اهل اليقين فالحاصل لو اعتقدوا كذلك هل كان له وجه صحة ام ينبغي ان يعتقد انّه سبحانه متّصف باشرف طرفي النّقيض و لم‌يجز خلوّه عنه فان قلتم بالاخير فما معني حديث انه لا اسم له و لا رسم و لا وصف و كذا حديث حقيقة التوحيد نفي الصفات عنه و هو المذكور في نهج البلاغة لسيد الوصيين عليه السلام فاكشف الغطاۤء و بيّن المراد و ثبِّتنا علي ما هو الحق في دار الغرور و لاترض لنا بالجهل في هذه الأُمور فانا وجدناكم انّكم علي الساۤئلين شفيق جدير.

اقول من اعتقد ان معبوده ذات بسيطة خال من جميع الصفات الي اخر ما قال من الاعتقاد الاول هذا كله حق و اعتقاده صحيح و لكن يحتاج الي بيان علي

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 166 *»

نمط الشرح المزجي ذات بسيط حق هو ذات بسيط لا تركيب فيها لا في الخارج و لا في نفس الامر و لا‌في الذهن و لا في الفرض و الاعتبار خال من جميع الصفات و اضدادها لان الصفات التي لها اضداد و لو في الفرض هو منزّه عنها بخلاف صفاته التي هي ذاته فانه غير خالٍ منها لانها ذاته و الشي‌ء لايخلو من ذاته حتّي العلم و الجهل و القدرة و العجز و غير ذلك هذه منزّه عنها لان لها اضداداً فهي غيره و هي خلقه فلما خلق العلم في الاشياۤء صار عالماً و سمّي به هذا هو العلم الاشراقي الحادث و هذا الكلام حق لان هذا العلم الاشراقي يحدث بحدوث المعلوم و يرتفع بارتفاعه لانه نفس المعلوم بمعني انه لو لم‌يخترع و لم‌يحدث شيئاً لم‌يكن عالماً لان هذا نفس المعلوم و لا جاهلاً لانه عالم لذاته تعالي و لم‌يزدد علماً بوجود الاشراقي و لايلحقه نقص بفقدانه لانّه لايفقده في ملكه اذ هما لايتصوران الا بعد الشي‌ء الموجود و اما قبل الوجود فاي معني لعلمه بالشي‌ء و لا شي‌ء لان دعوي ذلك جهل و قد قال تعالي قل اتنبئونه بما لايعلم في السموات و لا في الارض و قال ام تنبئونه بما لايعلم في الارض فاخبر تعالي بانه لايعلم ان له شريكاً لا في السموات و لا في الارض فنفي العلم لعدم المعلوم و في الحديث علمه بالاشياۤء قبل الاشياۤء كعلمه بها بعدها هذا هو العلم الاشراقي الامكاني لان الامكان قبل الممكن و معه و بعده و هذا العلم كغيره نفس المعلوم و هو ايضاً موجود عنده في ملكه لم‌يفقده من ملكه ابداً اذ لا حصول صورة و لا حضور شي‌ء حينئذ هذا العلم المتعلق بالمعلوم لا فرق فيه بين حصول الصورة و عدمها لانه العلم الحادث الموجود في ملكه لا في ذاته فلا محذور في الصورة و غيرها لان قوله علمه بالاشياۤء دليل علي العلم الحادث لان القديم هو اللّه تعالي و هو تعالي لايقترن بشي‌ء و لايرتبط به شي‌ء اذ لو كان حصول صورة او حضور شي‌ء لثبت القول بالاعيان الثابتة و هو قول القائلين بوحدة الوجود اذا اريد بالعلم العلم الذاتي الذي هو اللّه تعالي و اما اذا اريد به الامكاني الاشراقي الحادث فلا محذور و قد ابطلتم هذا المذهب بطرق عديدة و قد ابطله اللّه و اولياۤؤه عليهم السلام و قلتم في حق مميت‌الدين انه ضل

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 167 *»

و اضل كثيرا من اهل اليقين بل اقول ان حاله اسوء من ان يوصف و لقد هلك و اهلك و ان يهلكون الا انفسهم فالحاصل لو اعتقدوا كذلك هل كان له وجه صحة نعم هذا دين الله و دين انبياۤئه و رسله و اولياۤئه و لكن بالحدود التي وصفتُ لك في هذا البيان و اللّه سبحانه هو المستعان ام ينبغي ان يعتقد انه سبحانه متّصف باشرف طرفي النقيض و لم‌يجز خلوه عنه هذا المعني لايصح علي القديم تعالي لانه لايوصف بما له جهة تعدد او مقابلة او حيثية او غير ذلك فاشرف طرفي النقيض و لو كان النقيض لفظا او اعتبارياً يكون نقصاً في شأن ذاته تعالي لان الاتصاف هنا ذاتي فيجب فيه اعتبار ما في الصفة في الذات فلو جاز وصفه باشرف طرفي النقيض كان هو في ذاته اشرف طرفي النقيض فيكون ذلك اثباتاً للضد تعالي عن ذلك و لم‌يجز خلوّه عنه لانه عينه فتكون ذاته اشرف طرفي النقيض و هو باطل فان قلتم بالاخير فما معني حديث انه لا اسم له و لا رسم و لا وصف نحن لانقول بالاخير لاستلزامه ما سمعتَ و كذا حديث نفي الصفات عنه و هو المذكور في نهج البلاغة لسيد الوصيين عليه السلام فاكشف الغطاۤء عن المراد و ثبّتنا علي ما هو الحق في دار الغرور و لاترض لنا الجهل في هذه الامور الخ ، اعلم ان قول علي عليه السلام و قول الرضا عليه السلام و هو كمال توحيده نفي الصفات عنه ليس المراد منه عدم الاتصاف اصلاً بل المراد ان هذه الصفات كالحيوة و العلم و السمع و البصر و القدرة هي ذاته بغير مغايرة و لا تعدّد لا في الخارج و لا في نفس الامر و لا في الذهن و لا في الوجود و لا في المفهوم و لا في الفرض و الاعتبار و انما هي الفاظ مترادفة تدل علي معني بسيط و ذات بحت فاللّه و العلم و القدرة و باقي الصفات معناها واحد و مفهومها واحد و مصداقها واحد و وجودها واحد فهي كأسد و سبع و سيد و عفرنَي اسماۤء مترادفة مُسمَّاها الحيوان المفترس المعروف و ليست هذه هي المحمولة عليه في قولك اللّه عالم لان المحمولة اسماۤء افعال صيغت من الفعل و اثره اسماۤء للفاعل كما صيغ من حركة فعل القيام و اثره الذي هو القيام اسم لفاعل القيام و هو مثال زيد الظاهر بالقيام و ليست معني العينيّة علي مذهب

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 168 *»

الائمة عليهم السلام ما ذهب اليه بعض العلماۤء من انها عينه في الوجود و غيره في المفهوم فافهم و اشرب صافيا و الحمد للّه ربّ العالمين.

قال سلمه اللّه تعالي: و بيّن لنا ما السبب في اختلاف الاشياۤء حيث كان بعضها شقياً و بعضها سعيداً و انا قد وجدنا اكثر رساۤئلكم و نظرنا الي تلك الرساۤئل و لم‌نفهم المراد منها واللّه لو منعتم منا حق نفس الامر و لم‌تبيّنوا لنا ما هو المكنون المخزون عندكم علي ما هي عليه في الواقع و نفس الامر لكنتم قد اَمَتُّونَا و في القيمة نقول ان الاعتقاد الذي وصل الينا هو الذي وصل منكم فبيّن ان الحق الحقيق في صيرورة هذه الاشياۤء علي ما كانت عليه ما السبب في ذلك فان لم‌توصل الينا ما هو الحق لكنتم من البخلاۤء تعالي شأنكم عن ذلك فنجّنا من النار و الا لهلكنا و اللّه انا طالبون للحق ليس قصدنا سواه فبين لنا حق البيان الذي ليس شي‌ء سواه لكم بل بيّن ما هو الحق عندكم بحق العزيز الحكيم قال اللّه تعالي لاتيئسوا من رحمته فانه قريب من المحسنين فاحسن الينا حق الاحسان ببيان مرادكم الواقعي في هذه الاشياۤء كمال البيان ان‌شاۤء اللّه.

اقول هذا اخر كلامه نقلته حرفاً بحرفٍ و اُريد منه كما يريد منّي و الحكم غداً امامنا فاعلم انك و ان لم‌تشدّد هذا التشديد لاتسمع مني حرفاً الا ما اعتقده و لكن كيف انت و احتماله و قبوله مع ما تسمع ما الناس فيه من الخبط و الحاصل ان اللّه سبحانه خلق ماۤدة نوعية يسمونها الناس بالوجود و هي هيولي لجميع اولياۤئه محمد و اهل بيته عليه و عليهم السلام و جعلها اربع‌عشرة حصّة و البس كل حصّةِ هيكل توحيده علي حسب اجابته فبقوا يعبدون اللّه تعالي ليس في الكون غيرهم الف دهر كل دهر مائة‌الف سنة ثم خلق من شعاع ذلك النور مائة و اربعة و عشرين‌الف لمعة نور و البس كل لمعةٍ صورة من صور احوال الاوّلين عليهم السلام و هؤلاۤء هم الانبياۤء و المرسلون و بعث اليهم محمداً صلي اللّه عليه و آله مع اهل بيته شهداۤء علي التبليغ فاجابوا و بقوا يعبدون اللّه تعالي الف دهر كل دهر مائة الف سنة ثم خلق من شعاع انوار الانبياۤء عليهم السلام انوار المؤمنين ثم خلق من اظلّة هذه الانوار ذوات الكافرين و المنافقين و اتباع

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 169 *»

الفريقين من اصحاب اليمين و اصحاب الشمال عند الكعبة فقام داعي اللّه صلي اللّه عليه و آله في عالم الذر قبل خلق السموات و الارض باربعة‌الاف سنة مسنِداً ظهره الي الحجر الاسود من الركن العراقي فجعلهم حِصَصاً كل حصّة غير الاخري بامر اللّه تعالي فجعل اللّه سبحانه بداعيهِ في كل حصّةٍ منها التمييز و الاختيار و بيّن لكل حصّة منها طريق الخير و الشر و هذه مثالها لو كان عندك خشب فاخذتَ شيئا منه تريد ان تعمل منه اذا شئتَ باباً و حصّة اخري للسرير قبل ان تعمل ذلك و لكن الحصّة صالحة لعمل ما تريد و لغيره فكذلك اعطي كل حصّة منها التمييز و الفهم للخير و الشر و للحسن و القبيح و جعل فيها الاختيار ثم انّ داعي اللّه صلي اللّه عليه و آله كشف للحصص بامر اللّه عن عليين كتاب الابرار و قال لهم عن اللّه هذه الصور صور طاعات اللّه و اجابته فمن اطاعني فيما امره به من طاعة اللّه و اجاب دعوتي الي اللّه البسه اللّه صورة اجابته من هذه الصور التي هي صور طاعات اللّه و اجاباته ثم كشف عن سجّين كتاب الفجار بامر اللّه و قال لهم عن اللّه هذه الصور صور معاصي اللّه و عدم اجابته فمن عصاني فيما آمره به عن اللّه تعالي و انكر دعوتي الي اللّه البسه اللّه سبحانه صورة معصيته و انكاره ثم امره ان يدعوهم فنطق عن اللّه تعالي و قال لهم معاشر الناس يقول اللّه ربكم أ لستُ بربكم قالوا بلي فقال لهم و محمد نبيكم فاجاب المؤمنون بالسنتهم و قلوبهم فخلقهم اللّه من النور و صبغهم في الرحمة و المنافقون سكتوا عند قوله و محمد نبيّكم بمعني انهم قالوا بلي متوقفين منتظرين لما سيكون، فعلم تعالي ما في قلوبهم فاوحي الي نبيه صلي اللّه عليه و اله ان اعرض عنهم و انتظر انّهم منتظرون ثمّ تمادَي بهم الامهال و الاعراض حتي وصلوا في عالم الذرّ الي غدير خمّ فامر داعيه صلي اللّه عليه و آله ان يقوم فيكمل لهم الدين و يجدّد عليهم العهد المأخوذ عليهم فنطق عن اللّه تعالي كما امره فقال يقول اللّه لكم يا معاشر الناس الست بربكم و محمد نبيّكم و عليّ امامكم و وليكم و الائمة من ولده ائمتكم و حجج اللّه عليكم فقال المؤمنون بلي بقلوبهم و السنتهم فكتب في قلوبهم الايمان و ايّدهم بروحٍ منه و قال المنافقون

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 170 *»

و الكافرون لا بمعني انهم قالوا بلي بالسنتهم و اما بقلوبهم فقالوا لا بمعني انهم اضمروا اَلّانطيعَ هذا المنادي فانه انما اراد بذلك ان يستولي علينا هو و اهل بيته فحصر الولاية و الخلافة فيهم فنطق القرءان بما اضمروا حكاية عما في سراۤئرهم اجعل الالهة الهاً واحداً ان هذا لشي‌ء عجاب و انطلق الملأ ان امشوا و اصبروا علي الهتكم ان هذا لشي‌ء يراد و انما شقي من شقي و ضلّ من ضلّ بعد البيان و ابيّن هذا لك حتي يرتفع الغبار عن وجه النهار ، اعلم ان اللّه سبحانه قال سنريهم آياتنا في الٰافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق ، و قال الصادق عليه السلام العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة فما فقد في العبوديّة وجد في الربوبيّة و ما خفي في الربوبيّةِ اُصيبَ في العبوديّة الحديث، و الربوبيّة هنا كناية عن المؤثر و المنير و العبودية كناية عن الاثر و النور و قال الرضا عليه السلام قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هناك لايعلم الا بما هيٰهنا ه‍، و انت اذا نظرتَ الي الظالم يظهر لك انه مختار لو شاۤء لم‌يظلم و التقي مختار لو شاۤء فسق فالخلق مختارون فان قلتَ كيف يتبين للعاقل القبيح و يرتكبه قلتُ انظر الي اهل الدنيا تجد الذكي العاقل يعلم قبح الفعل و يرتكبه و الاسباب المرجّحة للقبيح عند بعض الناس في الدنيا مثل حب الجاه و حبّ المال و الحسد و العناد و هذه بعينها في عالم الذر فانّ هناك جميع ما وجد في الدنيا من خير و شرّ حتي انك ربما تريد تمضي الي المسجد او الي السوق من طريق قريب فتري اَمامَك مَن تكره رؤيته او اطّلاعه عليك او كلامه لك او غير ذلك فترجع عن الطريق الاقرب و تسلك الابعد و ربّما رجعتَ الي بيتك و تركتَ عزمك كل ذلك كراهة صحبة من تكرهه فكذلك في عالم الذر يكون بعض الناس اذا رأي شخصاً ضدّاً له سبقه الي الاجابة فيترك اجابة الداعي كراهة ان يكون تابعا له او يكون سابقاً عليه او يقال بان فلاناً تابع لفلانٍ فمن اجاب هناك عن معرفة و بصيرة او انكر عن معرفة و بصيرة فانه في هذه الدنيا لايتغيّر عن حاله في عالم الذر الا ان يشاۤء اللّه فانه علي كل شي‌ء قدير و هو قوله تعالي فماكانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل اي في عالم الذرّ و قال الصادق عليه السلام

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 171 *»

لايكون هؤلاۤء من هؤلاۤء و لا هؤلاۤء من هؤلاۤء و من اجاب او انكر من غير بصيرة و لا علم فامره موقوف علي البيان الي يوم القيمة الصغري او الكبري ثم يجدّد له التكليف فامّا ان يجيب عن علم و امّا ان ينكر عن علم و اعلم وفّقك اللّه ان شقوق هذه المساۤئل و ما يرد عليها و ما يجاب به كثيرة لايمكن جمعها في كتابٍ و التسليم و القبول لما يرد عن الرسول و اۤل الرسول صلي اللّه عليه و عليهم مفتاح ينفتح به كل مقفل و يحلّ به كل مشكل و يعالج به كلّ معضل فمن رَوِيَ بماۤء هذا المَنهل و الا فلا علاج له الا بالمشافهة لان المشافهة تطرد العصافير بقطع الشجرة لا بالتنفير و اللّه سبحانه ولي التدبير و اليه المصير. و فرغ من تسويدها مؤلفها العبد المسكين احمد بن زين‌الدين الاحساۤئي في الليلة السابعة و العشرين من جميدي الاولي سنة 1235 خمس و ثلاثين بعد المأتين و الالف من الهجرة النبوية علي مهاجرها و آله افضل الصلوة و السلام حامدا مستغفرا مصليا مسلما.

[1] النسب الاربع التوافق و التباين و العموم و الخصوص المطلق و العموم و الخصوص من وجه ، منه ( اعلي الله مقامه )