01-09 جوامع الکلم المجلد الاول – الرسالة الرشيدية ـ مقابله

الرسالة الرشیدیة فی جواب الملارشید

 

من مصنفات الشیخ الاجل الاوحد المرحوم

الشیخ احمدبن زین الدین الاحسائی اعلی الله مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 148 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم و به ثقتي

الحمد لله رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.

فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي ان ذا الرأي السديد الملا رشيد قد عرض علي مسائل طلب مني الجواب عنها و القلب غير مجتمع و لكن لايسقط الميسور بالمعسور و الي اللّه ترجع الامور.

قال سلمه اللّه تعالي بعد الحمد و الصلوة الاستدعاء من العالم الرباني الي ان قال ان يمن علي العبد الفقير بتحقيق (و خ‌ل) جواب سؤاله و توضيح ماخفي علي باله و هو ان محمدا و آله9هل هم من الوجود المقيد ام المطلق ام هم: في مرتبة اخري غيرهما و ان كانوا من الوجود المقيد فكيف التوفيق بينه و بين قولهم (ع) و روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة و هو اول الوجود المقيد.

اقول اعلم ان محمداً و آله9 لهم مراتب اعلاها المعاني و اوسطها الابواب و اسفلها الامام و الحجة و القطب لكل قائم منهم: فاما المرتبة العليا فهم محل المشية و مثالهم هنا كالسراج المركب من النار و الدهن فالنار مشية (مشيته خ‌ل) و الدهن حقائقهم و كمثل الحديدة المحماة في النار و لاريب انهم هنا من الوجود المطلق لان حقائقهم:في هذه الحال بمنزلة الصورة و المشية بمنزلة المادة فالجبروت التي انزجر لها العمق الاكبر و الكلمة التامة كذلك هو ذلك الانسان الاكمل الذي قدره اللّه من ذلك (تلك خ‌ل) الصورة و تلك المادة و هو المراد من الوجود المطلق و عالم فاحببت ان اعرف و اما الرتبة الوسطي التي تسمي الابواب فهي من الوجود المقيد و في تلك مراتب اعلاها الماء الاول الصاد عن سحاب المشية (و خ‌ل) المساق الي الارض الميتة و ارض الجرز و هذه هيولي الهيوليات و مادة المواد و استقص الاستقصات و حيوة كل ذي حيوة و جميع القيود تحته

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 149 *»

و انما دخل في مطلق الوجود المقيد لعروض القيود له في مراتب مظاهره مع بقائه في ذاته علي كمال وحدته و حقيقة بساطته و بعدها العقل الاول و الروح الكلية و نفس الكل و طبيعة الكل و اسفلها المادة الجسمانية و الصور الجنسية و النوعية و الصنفية و الشخصية و هي باب للاشياء و احكامها فعقلهم باب للعقول و نفوسهم باب للنفوس و اجسامهم باب للاجسام و اجسادهم باب للاجساد و معني كونهم بابا انهم في كل رتبة من مراتب الوجود المقيد باب اللّه في ظهوره بتلك الرتبة و باب تلك الرتبة في قبولها من موجدها و الي هذا المعني الاشارة بقول الحجة7 في دعاء شهر رجب اعضاد من مفهوم قوله تعالي و ماكنت متخذ المضلين عضدا يعني انه اتخذ لها دين اعضا الخلقه فالتوفيق بين هذا و بين قول الحسن العسكري عليه و علي آبائه و ابنه السلام و روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة ان هذا هو حيوة روح القدس لانه هو الماء الذي جعل اللّه منه كل شي‏ء حي فلما ساق سبحانه سحاب المشية الي الارض الميتة (و خ‌ل) انزل بها هذا الماء فاجتمع مع مايشاكله من يبوسته الارض الميتة فنبتت في تلك الجنان اعني (الجنان خ‌ل) جنان الصاقورة شجرة الخلد فكان روح القدس اول غصن نبت فيها فروح القدس اول خلق من العالين الذين هم اركان العرش الذي هو الصاقورة فهو في الوجود المقيد اول الروحانيين لا اول رتبة من الوجود المقيد و (لذا خ‌ل)  لهذا قال الصادق7 ان العقل اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش و هذا الماء الذي هو اول مراتب الوجود المقيد ثاني رتبة لهم و الي هذا الماء اشار سبحانه بقوله و كان عرشه علي الماء و في الحديث عنهم: مامعناه ان اللّه حمل دينه الماء قبل خلق السموات و الارض الخ. في تفسير الاية و اما اول رتبة لهم فهي التعين الاول و هو محل المشية كماتقدم فافهم.

قال سلمه اللّه و كيف يقال الحقيقة المحمدية هي المشية و كيف هم مقامات اللّه التي تقع عليها اسامي الوجود الحق كالذات البحت و مجهول النعت

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 150 *»

و عين الكافور و ذات ساذج (و خ‌ل) بلا اعتبار و غيرها كما في الفوائد و ان كانوا من الوجود المطلق و لايظهر لنا له معني فما التوفيق بينه و بين خلق اللّه الاشياء كلها بالمشية و هم من الاشياء علي ما نعرف و ان كانوا في مرتبة غيرهما فبينوها و اوضحوا لنا.

اقول انما يقال الحقيقة المحمدية هي المشية لاحد وجهين الاول ان الحقيقة المحمدية عبارة عن عالم الامر و ادم الاول و المحبة الحقيقية و لا يعني بالمشية الاّ ذاك لان ذلك المقام يسمي باسماء هذان منها الثاني ان نسبة الحقيقة المحمدية الي المشية كنسبة الانكسار الي الكسر لانها انفعال الفعل حين فعله الفاعل بنفسه نعم يكون الاطلاق علي سبيل الحقيقة ان المشية المخلوقة بنفسها هي الحقيقة المحمدية و تلك النفس هي المشية فيكون قوله7 ثم خلق الخلق بالمشية معناه ان اللّه خلق الخلق بشعاع الحقيقة المحمدية او بنفسها باعتبار انها محل المشية التي قلنا انها نفس الحقيقة كما قال سبحانه لايسبقونه بالقول و هم بامر يعملون يعلم مابين ايديهم و ماخلفهم او بالعكس بان‏تكون الحقيقة هي نفس المشية فيكون (فتكون خ‌ل) المشية مخلوقة بها بمعني انها القابل و القابل هو فاعل فعل الفاعال له كما قال تعالي كن فيكون و اما كونهم مقامات اللّه الخ فكذلك و معناه انه سبحانه كان كنزا مخفيا فلما احب ان يعرف ظهر لهم بهم و ظهر لكل شي‏ء بنفس ذلك الشي‏ء فهم من حيث هم المظاهر العليا يقال لهم الوجود المطلق كما مر و اما وقوع الاسامي المذكورة عليهم فلان تلك الاسامي تطلق علي معني هو عنوان الحق سبحانه فحقايقهم ذلك العنوان و الاسماء اللفظية اسماء لهذا العنوان و هذا العنوان اسم للذات الغيب البحت و هذا الاسم هو المشار اليه في الدعاء باسمك الذي استقر في ظلك فلايخرج منك الي غيرك و معني انه استقر في ظله (ظلك خ‌ل) انه استقر في ظل اللّه سبحانه و ذلك الظل هو ذلك الاسم بمعني انه اقامه بنفسه و معني آخر ان الاسم هو المشية و الظل هو الحقيقة المحمدية او بالعكس علي مااشرنا اليه سابقاً و اما كونهم من الاشياء فلايلزم ان لايكونوا علة للاشياء تجمعهم صفة و تفرقهم صفة فالصفة الجامعة

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 151 *»

للاشياء هي الشيئية و تصدق علي شيء بالحقيقة و علي شيء آخر بالحقيقة بعد الحقيقة يعني الحقيقة الاضافية و الصفة المفرقة هي ان الشيئية قسمان شيئية بنفسها و شيئية بغيرها و الاول علة و الثاني معلول و هم: لهم مراتب من الوجود المطلق الي ماتحت الثري هم في كل مرتبة علة لغيرهم ممن هو دونهم و يصدق عليهم انهم معلولون بالنسبة الي مافوق تلك المرتبة منهم و الي ذلك المعني الاشارة في الاحاديث و الادعية ان اللّه سبحانه اشهدهم خلق انفسهم و اشهدهم خلق جميع خلقه.

قال سلمه اللّه و منوا علينا ايضاً بايضاح انهم: مقامات اللّه و مظاهره و انها هي الذات الظاهرة بالصفات فانها غيرها ظاهرا الاّ مجازا و الرجاء الاّ تخيبوا و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته.

اقول قدذكرنا في كثير من رسائلنا و مباحثاتنا و هنا قد تقدم انهم: مقامات اللّه و مظاهره و ان معني المقامات و المظاهر في الجملة مثل واحد (شئ خ‌ل) نعم قديفرق بينهما فيقال انما يقال المقامات بملاحظة عدم تغير ذلك و تبدله و هو المعبر عنه بالسرمدية و في الدعاء سبحان من لاتبيد معالمه و اما المظاهر فبملاحظة ظهوره سبحانه بهم لهم و لغيرهم و اما ظهوره لهم بهم فظاهر و اما ظهوره بهم لغيرهم فخفي و الاشارة ان الله ظهر لغيرهم بذلك الغير في ظهوره بهم لهم فافهم و اما قولكم انها هي الذات الظاهرة بالصفات فاعلم انا لانريد بالذات الظاهرة (الظاهرة خ‌ل) بالصفات انها هي الذات البحت مع صفة فانك اذا قلت زيد قائم و قاعد و ذاهب و جائي كان قائم غير قاعد و كذا الباقي و انما الذات التي ظهرت بالقيام هي فاعل القيام و فاعل القيام موجده فينتهي الايجاد الي نفس الحركة الايجادية و لاتكون ذات زيد ابدا حركة لان الذات من حيث هي ليست حركة و اذا وجدت فعلا اوجده بنفسه و الحركة الصادرة عنها التي هي صفة الذات خارجة عن حقيقة الذات و هي عين الفعل لكن لما ظهر الذات بها ظهر بصفة الذات فاذا قلت قائم كان المستند اليه القيام عين تلك الصفة لا نفس الذات لان القيام في الحقيقة مستند و منته الي

 

«* جوامع الکلم جلد 1 صفحه 152 *»

الحركة و الذات كماقلنا ليست حركة و انما توجد الحركة بنفسها كماذكرنا مكرر أ لاتري ان النحاة يقولون في جاء زيد القائم ان القائم مرفوع بالتبعية و في جاء اخوك زيد ان زيدا مرفوع علي البدلية فلوكان القائم هو الذات او هو الذات مع الصفة لكان القائم مرفوعا علي البدلية لاستناد جاء اليه حقيقة كما في جاء اخوك زيد لايقال ان زيدا ليس معه صفة و الا لكان مثل قائم لانا نقول ان الاسم المميز له من بين اخوته صفة له و انما الفرق بينهما ماقلنا من كون استناد القيام في قائم الي نفسه لا الي الذات بخلاف الاسم في البدل فانه مستند الي الذات لا الي حركتها و لا الي نفسه فافهم و هذه الطريقة المشار اليها هي المعرفة و اثرها محبة اللّه و اثر محبة اللّه اَلاّ يؤثر ماسوي اللّه عليه و في الحديث القدسي مامعناه قال اللّه تعالي يا موسي كذب من زعم انه يحبني فاذا (و اذا خ‌ل) جاء الليل نام عني يا موسي ارأيت محبا ينام عن (من خ‌ل) حبيبه اللهم اعنا علي طاعتك و اغفر لنا ما مضي من ذنوبنا بمغفرتك و اعصمنا فيما بقي من اعمارنا برحمتك يا ارحم الراحمين و لا حول و لا قوة الاّ باللّه العلي العظيم و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين و كتب العبد المسكين احمد بن زين الدين عصر يوم الخميس التاسع عشر من شعبان سنة خمس و عشرين و مائتين و الالف من الهجرة النبوية علي مهاجرها افضل الصلوة و السلام حامداً مصلياً مستغفراً.