01-06 جواهر الحکم المجلد الاول ـ الخطبة الثانية من عيد الاضحي ـ مقابله

الخطبة الثانیة من عید الاضحی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 519 *»

 (كان يقرأ سلمه الله) في الاضحي هذه الكلمات الطيبات:

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله و في مثل هذا اليوم العظيم ابتلي الله ابراهيم الخليل بذبح ولده اسمعيل فراي الخليل في المنام و هو بين الركن و المقام انه لولده ذابح و لدمه سافح فانتبه من رقدته مرهوبا و من منامه مرعوبا و قال لابنه يا خير النبيين و يا سلالة النبيين اني اري في المنام عيانا اني اذبحك قربانا فانظر ماذا تري يا سيد الوري فقال يا ابه افعل ما تؤمر ستجدني ان‌شاء الله من الصابرين فاذا بترت مني الاوداج و فار لك الدم الثجاج فاحتسبني عند الله فرضا اذ جعل الله ذلك عليك فرضا و ضم ثوبك علي دمي لئلا تراه الشفقية امي و اقرأ عليها سلامي متعبا و اردد اليها قميصي مسلبا و قل لها ان ابنك نقله مولاه الكريم الي دار الخلد و النعيم فلما انتهت مقالته و كملت وصيته شده الخليل شدا وثيقا و اضجعه اضجاعا رفيقا فاقبلت الطير عليه عاكفة و ضجت الارض و الجبال راجفة و الملائكة متضرعة و الوحوش متسرعة و السماء من فوقهم تضج و الارض من تحتهم تعج رحمة للطفل الصغير و تعجبا من صبر الشيخ الكبير فلما علم الله صدق نيته و اخلاص طويته و قوة صبره عند بليته ناداه ارحم الراحمين ان يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزي المحسنين ان هذا لهو البلاء المبين و فديناه بذبح عظيم فنهض عند ذلك الخليل بالدرية الي ما اتاه جبرئيل من الفدية فذبحها قربانا و جهر عليها بسم الله الرحمن الرحيم عيانا فاجراها الله في عقبه سنة اكمل عليكم بها المنة ثم بكي الخليل عليه‌السلم تاسفا و حزن طويلا تلهفا علي ما فاته من الصبر بذبح ابنه و قوة عينه و فلذة كبده و قوة جسده لينال بذلك درجات الصابرين و يفوز بصبره مراتب المقربين فناداه الله ان يا ابراهيم محمد خاتم النبيين احب اليك من نفسك و ابنه و ابن سيد الوصيين الحسين بن علي اميرالمؤمنين اعز عندك من ابنك و من شخصك و قتله بيد اعدائه مظلوما اوجع

 

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 520 *»

لقلبك و اطول لحزنك من قتل ابنك بيدك و اعلم ان يا ابراهيم ان الحسين قرة عين الرسول و فلذة كبد الزهراء البتول يقتل مظلوما ظمآنا و يذبح مضطهدا حيرانا بين قوم لئام يرشقونه بالنبل و السهام و يبسطون اليه اكف الاصطلام لايرامون (لايراعون ظ) له ذماما و لايراقبون فيه اثاما في قتلهم اوليائه و نهبهم رحاله و هو مقدم في الهفوات و محتمل للاذيات قد عجبت من صبره ملائكة السموات فيحدقون به من كل الجهات و يثخنونه بالجراح و يحولون بينه و بين الرواح الي ان لايبقي له ناصر و هو محتسب صابر يذب عن نسوته و اولاده حتي ينكسوه عن جواده فيهوي الي الارض جريحا تطؤه الخيول بحوافرها و تعلوه الطغاة ببواثرها (ببواترها ظ) فيرشح للموت جبينه و يختلف بالانقباض و الانبساط شماله و يمينه يدير طرفا خفيا الي رحله و بيته و قد شغل بنفسه عن ولده و اهله فيسرع فرسه شاردا الي خيامه قاصدا محمحما باكيا فاذا راين النساء جواده مخزيا و ينظرن الي سرجه ملويا يبرزن من الخدور ناشرات الشعور و الوجوه سافرات و علي الخدود لاطمات و بالعويل داعيات و بعد العز مذللات و الي مصرعه مبادرات و الشمر جالس علي صدره و مولغ سيفه في نحره قابض علي شيبته بيده ذابح له بمهنده فتسكر (فتسكن ظ) حواسه و تخفي انفاسه و يرفع علي القناة رأسه تسبي اهله كالعبيد و تصفد في الحديد فوق اقتاب المطيات تلفح وجوههم حر الهاجرات يساقون في البراري و الفلوات ايديهم مغلولة الي الاعناق يطاف بهم في الاسواق فيقوم ناعيه عند قبر جده الرسول فينعاه بالدمع الهطول قائلا يا رسول الله قتل سبطك و فتاك و استبيح اهلك و حماك فينزعج الرسول و يبكي قلبه المهول و يعزيه به الملائكة و الانبياء و تفجع به امه الزهراء و تختلف جنود الملائكة المقربين تعزي اباه اميرالمؤمنين و تقام له المآتم في اعلي عليين و تلطم له الحور العين و تبكي السماء و سكانها و الجنان و خزانها و الهضاب و اقطارها و البحار و حيتانها و مكة و بنيانها و الجنان و ولدانها و البيت و المقام و المشعر الحرام و الحل و الاحرام فابكه يا ابراهيم طويلا و اطل عليه البكاء و العويل فان بكائك عليه و صبرك علي مصيبته و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 521 *»

مساعدتك لجده و ابيه افضل من صبرك علي ذبح ابنك بيدك و اعلم اني قد جعلت لزواره في هذا اليوم مقاما محمودا و مكانا مشهودا كتب لهم بكل خطوة ثواب الف الف حجة و الف الف عمرة و الف الف غزوة مع نبي مرسل و امام عادل و عتق الف الف نسمة و اجعله مع الانبياء و الشهداء و الصديقين و حسن اولئك رفيقا، تمت.