01-05 جواهر الحکم المجلد الاول ـ خطبة عيد الفطر2 ـ مقابله

خطبة عید الفطر (2)

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 511 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي مد نقطة الكينونة في عالم البينونة بالالف الابتداع و ادارها بها في مرتبة امكانها علي قطب نفسها بوحدتها مختلفة الاجناس و الانواع فافردها و جمعها و فرقها و فصلها و اختار لكل مقتضي بدو شأنه في علم الغيب صقعا من الاصقاع فاظهر سر النقطة في الالف الاولي كاظهار سرها في الحروف المصاغ عنها الكلمة العليا بسر الاختراع و تلك الاسرار قشور و ظواهر لتلك الهويات اعارها اياها بها للامتناع (الامتناع خ‌ل) ليحفظها و يقيم ميلها و يشد ازرها و يريها منعته و عزته و الا فالحقيقة الهوية ممتنعة عنها اي امتناع فكسي ظاهر (ظاهرها خ‌ل) بكسوة باطنها بحلية مثاله الملقي في هوياتها علي جهة الابداع و استدارت فاستبانت و استعارت فاستدلت و استكمنت (استمكنت خ‌ل) فاستخرجت ما فيها لسر الانتفاع فحققت و ذلت و ذهبت و ولت فوصف (فوصفت خ‌ل) و دلت فعظمت و جلت لما بدت فيه (قبة خ‌ل) من ذلك الشعاع فاوجد سبحانه و له الحمد بها البسملة الكونية في الرتبة الامكانية بظاهرها و باطنها بسر الابداع فكانت هي الاسم الاعظم و النور الاقدم و الحجاب الاقدم و السر المعمي و الرمز المنمنم في الصدور و الاصدار و الوقوع و الايقاع فتحققت الكاينات فكانت و تمايزت و بانت و اجتمعت و التأمت فيها علي سبيل الاستقرار و الاستيداع فتخالفت فيها الكثرة و الوحدة و تعاورت و تفرقت و امتزجت و تمايزت و تلايمت في مقام الاجتماع فكانت الكرة عين الدائرة و هي المحور المنتهي الي النقطة المنتهية الي نفسها بنفسها من نفسها بالوصل و الضم و الاقلاع فلما تمت الكلمة و عظمت النعمة و ائتلفت الفرقة ظواهر نقطة الباء في سرائر (اسرار خ‌ل) الخلقة ظهرت الشؤون المختلفات و الاسباب المتصلات المقترنات فاقام سبحانه السموات العاليات بغير دعائم و امسكها بلا قوائم و كونها من شعلات نارية متوقدة من الشجرة الزيتونة و عينها

 

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 512 *»

بحدود الهيئة متخذة من وجوه حجاب الوحدانية و زينها بالكواكب المضيات (المضيئات خ‌) و حبس في الجو مكفهرات (و حبس في الجو سحائب مكفهرات خ‌ل) و بسط الارضين علي زبد الماء الذي رشح من بحر جري و نبع من حرف من حروف الكلمات التامات فادار العلويات علي السفليات و استقبلت السفليات بمطارح فيضها من العلويات فاستخرج منها الانسان و الحيوان و النبات فنطقت الالسن بجوامع البيان بانه الله الجبار ذو المن و الاحسان و الفضل و الامتنان قد قصر الواقفون (الواصفون خ‌ل) عن نشر ادني صفة من صفاته و عجز العادون عن احصاء شيء من مآثر سماته و كلت البصائر لادراك معرفة ادني ما استاثر من سر ملكه و حسرت الضمائر عن البلوغ الي هوية شيء من آثار صنعه و فنيت الحقايق عند ظهور ذرة من شعاع نور قدسه مع انه لايري سواه و لايشاهد غيره قد ملأ الدهر قدسه و احاط بكل شيء علمه و خضع كل شيء دون جلال قدرته الطايف عليه نور عزته و اضمحلت الغرايز دون سطوع نور جمال آيته لا اله الا هو له الحكم و اليه ترجعون و الصلوة و السلام علي اول العدد و صاحب الابد نور الله الذي قهر به غواسق العدم و بواسق الظلم عرش الله العظيم و القلم الاعلي القديم و كرسيه الحفيظ العليم سيد الكونين و امام الحرمين و مالك الدارين و ملك الوجودين و صاحب قاب قوسين دليل الخلايق و هاديها شفيع البرايا و واقيها زين القيامة و صاحب الكرامة و الحاكم يوم الطامة الاول الآخر الظاهر الباطن الفائق الرائق (الواثق خ‌ل) الفاتح الخاتم العالم الحاكم الشافع الراحم الهيكل العاصم الشاهد القاسم ابي القاسم محمد بن عبدالله و علي اولاده المظلومين و امنائه المحجوبين و خلفائه المغصوبين الماخوذ حقهم و الممنوع ارثهم الذين خلقهم الله من نور عظمته و جعلهم ابواب رحمته و ولاهم ارضه و سمٰواته نطقت فيهم كلمته و ظهرت منهم مشيته امرهم امره و حكمهم حكمه و مقامهم في الخلق مقامه آياته و علاماته و كلماته سر الله المخزون و اولياؤه المقربون و امره بين الكاف و النون يفعل ما يريدون و يريد ما يفعلون ظاهرهم امر لايملك و باطنهم غيب

 

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 513 *»

لايدرك بطنوا لفرط ظهورهم و استترو لعظم نورهم و احتجبوا عن غيرهم بغيرهم و انقادت الاشياء لامرهم و استسلمت بسريراتها لسرهم و اعلنت بهوياتها لفضلهم و ذكرهم صلي الله عليهم و علي امنائهم و الادلاء عليهم و انصارهم و لعنة الله علي مبغضيهم و منكري فضايلهم اجمعين ابد الابدين.

عباد الله انصتوا فاذا انصتم فاسمعوا و اذا سمعتم فعوا و اذا وعيتم فاحفظوا فاني شارح لكم بعض مزايا آل محمد صلوات الله عليهم و البلايا النازلة بساحتهم و المصائب الحالة بفنائهم و مستنصركم لاعلان ذكرهم و اظهار امرهم و ناظر كيف انتم صانعون و ما جوابكم حين قال ربكم و مولاكم خطابا للملائكة الغلاظ الشداد قفوهم انهم مسئولون ما لكم لاتناصرون و اعلموا ان الله سبحانه دعي محمدا و آله9 في الذكر الاول الي طاعته فاجابوا دعاءه و ناداهم للاقبال عليه فلبوا نداءه فاقاموا مراسم العبودية بصافي طويتهم و اخلصوا له الانقياد بسر ذاتهم و جبلتهم و سبحوا في (مغطغط ظ) بحار الوحدانية بخالص هويتهم و خاضوا تيار طمطام الاحدية بلبيب (لب خ‌ل) حقيقتهم فاصبحوا لايرون سواه و لايشاهدون ماعداه و لاينظرون الي غيره و لايبصرون سوي نوره فهم في بيداء المحبة هائمون يسبحون الليل و النهار لايفترون فحيث اعطوا ربهم انفسهم بما لها اعطاهم ربهم من نفسه بما له فاقامهم مقامه و البسهم عزه و اكرامه و ولاهم امر الدنيا و يوم القيامة و جعل اليهم حساب الخلايق يوم الطامة و ملكهم مقاليد الجحيم دار المقامة و اعطاهم ملكوت الاشياء و اسبابها من الخاصة و العامة فحسدوهم من في سجيته الشقاق و اضمر عداوتهم من في طويته النفاق و لم‌ياتوا بمثلهم و ارادوا ان‌يؤتوا مثلهم تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان‌كنتم صادقين تلك طين ملعونة و مركبات مسخوطة بعيدة من (عن خ‌ل) سماء المكرمات قريبة الي ماء الشهوات و ارض النكبات قد استكنوا في الاراضي الخبيثات و اعرضوا عن آل محمد السادات: من رب البريات و استوجبوا بذلك عظيم اللعنات عليهم لعنة الله ما سكنت السواكن و تحركت المتحركات ثم لما انزل الله سبحانه الخلق الي هذه الدنيا دار البلايا و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 514 *»

المحن دار الغرور و الفتن دار الابتلاء و الاختبار دار تمايز الاخيار من الاشرار اظهروا بواطنهم الخبيثة و اركسوا من اجاب دعاءهم في الرذيلة و الخسيسة و موهوا علي الناس بالحيلة و الدسيسة‌ فشاركوا الناس بانفسهم و اموالهم و خالطوهم بآمالهم و احوالهم فاقاموا دعائم الجور و الظلم و شيدوا قواعد المكر و الغشم و اظهروا غياهب الظلمات و ملأوا الكون من الغواسق المدلهمات الي ان مد الجور باعه و اسفر الظلم قناعه و دعي الغي اتباعه فلبوه من كل جانب و مكان و اطاعوه باللسان و الجنان فراموا اطفاء نور الله و استضعفوا آل محمد صلوات الله عليه و آله آل الله و ارادوا اخماد نورهم المخلوق من نور الله فواجهوهم بالظلم و العدوان و قابلوهم بالكفر و الطغيان فنكثوا زمامهم و بيعتهم و تركوا مودتهم و محبتهم و بدؤوهم بالحرب و قابلوهم بالطعن و الضرب و نصبوا لهم غوائل مكرهم و قاتلوهم بكيدهم و شرهم و لم‌يرعوا لهم ذماما و لا راقبوا فيهم اثاما الي ان‌ضيقوا عليهم اكناف الارض و سدوا عليهم سبل الراحة من الطول و العرض و اولغوا فيهم سيوف الاحقاد و رموا نحوهم اسهم العناد الي ان‌تمكنوا منهم و بلغوا المراد فهم سلام الله عليهم بين صريع في المحراب قد فلق السيف هامته و شهيد فوق الجنازة قد شبكت بالسهام اكفانه و قتيل العراء قد رفع فوق القناة رأسه و سبيت نساؤه و حرمه و مكبل بالسجن قد رضت بالحديد اعضاؤه و مسموم قد قطعت بجرع السم امعاؤه و خائف مترقب خرج لما كثرت اعداؤه و قلت احباؤه و شملهم عباريد (عباديد ظ) تفنيهم العبيد و ابناء العبيد، تبكي عليهم السماء و سكانها و الجبال و خزانها و الهضاب و اقطارها و البحار و حيتانها و مكة و بنيانها و الجنان و ولدانها و الجحيم و نيرانها و لم‌يزالوا في البكاء و الانين لما نال آل ياسين من الكفرة الفجرة الملحدين و لكن العاقبة للمتقين و لم‌يزالوا اولوا الشقاق و النفاق و حملة الاوزار المستوجبين للنكال و الوبار متظاهرين و مجتمعين علي اطفاء نور الدين و تلبيس الشك علي اليقين و اخماد ذكر الائمة الميامين عليهم سلام الله ابد الآبدين بحيث لم‌يبقوا منهم باقية و شيدوا اساس امر الباغية الطاغية الي ان‌جاء المتأخر اللاحق من اتباع الاول

 

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 515 *»

السابق من اهل تلك الطين الملعونة و المركبات المسخوطة و امضوا ان لم‌يشاركوا (لايشاركوا خ‌ل) اسلافهم في اراقة دماء العترة الطاهرين و سلب ذراريهم الزاكية الزاهرة . . . في انكار فضائلهم و جحد ما اتضح من دلائلهم و سعوا في اطفاء نورهم و جهدوا في اخماد ذكرهم و شمروا عن ساق الجد في تضعيف ما دل علي علو مقامهم و منزلتهم و سمو درجتهم و مرتبتهم الي ان‌نزلوهم: عند الطغام العوام و اشباه البهائم و الانعام عن منازلهم التي جعلها الله لهم حسب وسعهم (سعيهم خ‌ل) و جهدهم فبعين الله يعملون و علي الله يردون و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون فوا اسفاه علي تلك المعالم التي درست و والهفتاه علي تلك الحرمات التي هتكت و واحسرتاه علي تلك الحقوق التي ضيعت و الفضائل التي انكرت و المقامات العاليات التي حجبت و سترت اللهم انك اشد باسا و اشد تنكيلا فيا معشر الشيعة و حملة الشريعة و اعضاد الملة و محبي آل محمد9 في الطوية و السريرة انتم نعم الفرقة انتم انصار الله و الاطهار في خلق الله انتم شرف الدين و انتم عروة الدين انتم السابقون الاولون و السابقون الآخرون انتم اهل دعوة الله و اهل اجابته و اهل ولايته انتم تخرجون من قبوركم مشرقة وجوهكم قرت اعينكم قد اعطيتم الامان يخاف الناس و لاتخافون و يحزن الناس و لاتحزنون، والله لولاكم (لولا كنتم خ‌ل) ما زخرفت الجنان والله لولاكم ما خلقت الحور الحسان والله لولاكم ما نزلت قطرة والله لولاكم ما نبت (ما نبتت خ‌ل) حبة والله لولاكم ما قرت عين والله لولاكم ما زال مين كل ذلك كرامة لانتسابكم الي آل محمد الاطهار و امناء الله في الاعلان و الاسرار فتنافسوا في فضايل الدرجات و ثبتوا قلوبكم في حب آل محمد السادات: من رب البريات فلئن اخرتكم الدهور و عاقكم من نصرة ساداتكم المقدور و لم‌تحضروا سيد الشهداء في الطف و كربلاء و لم‌تذوقوا كاس المنايا مع اولئك النبلاء و لم‌تدركوا ايامهم لتبلغوا من نصرتهم مرامكم و تفدوا انفسكم و اموالكم دون امامكم فتداركوا ذلك باحياء ذكرهم و نشر فضائلهم و ذكر حججهم و دلائلهم و بيان مناقبهم و شرح مراتبهم و تحقيق

 

 

«* جواهر الحکم جلد 1 صفحه 516 *»

مقاماتهم (مقالاتهم خ‌ل) و تبيين درجاتهم و ارووا احاديثهم و اخبارهم و ارفعوا اعلامهم و آثارهم و اكتموا اسرارهم و اعلوا منارهم و ارغموا انوف اعدائهم بتقوية اوليائهم و كونوا في الدنيا معروفين بفضلهم و مسلمين لامرهم و معترفين بعلو قدرهم كما كنتم في العالم الاول كذلك و اعلموا ان لافخر الا فخرهم و لا فضل الا فضلهم و لا نور الا نورهم و لا حكم الا حكمهم و امرهم هم حكم الله في العباد و اركان توحيده في البلاد و امناء الله في المبدء و المعاد و عطاء الله الذي ما له نفاد (ما له من نفاد خ‌ل).

و كان سلمه الله يقرأ في عيد الفطر بعد ما يقرأ الخطبة هذه الفقرات:

و اعلموا عباد الله ان في هذا اليوم العظيم ينظر الله تعالي الي زوار قبر ابي‌عبدالله الحسين سيد شباب اهل الجنة فيقول ملائكتي أماترون عبادي قد اقفروا الاوطان و هجروا الاولاد و النسوان يحنون الي حنين الطير الي اوكارها و يفدون علي من فجاج الارض و اقطارها قد ملأوا البلاد تكبيرا و تهليلا و اتخذوا الوحدانية بزيارة الشهيد المظلوم الي سبيلا فاشهدكم و انا معكم من الشاهدين اني قد وهبت العاصين و المسيئين للمحسنين و وهبتهم اجمعين لمحمد9 خاتم النبيين عباد الله هذا يوم عظيم و عيد كريم فرضه رحيم اختتم به شهر الصيام و افتتح به شهور حج بيته الحرام و حرم عليكم فيه الصيام و احلي لكم فيه الطعام و بسط الله لكم فيه رحمته و انزل بركته فسبحوا الله فيه و قدسوه و كبروه و هللوه و اخرجوا من مال الله الذي اتاكم حق الزكوة المقرونة بالصلوة فان الله تعالي فرض عليكم في زكوة الفطر امرا و جعلها لكم سنة و طهرا فليخرجها كل امرء منكم من ماله عن نفسه و عياله من حر و مملوك و غني و صعلوك (مفلوك خ‌ل) صاعا من شعير او بر او زبيب او تمر فبادروا الي ما فرضه الله فانه اتاكم المال فرضا و سألكم منه قليلا قرضا فقال ان‌تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ان احسن قصص المؤمنين و ابلغ مواعظ المتقين كلام رب العالمين ان الله يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربي و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون.