شرح الزیارة الجامعة الکبیرة
من مصنفات
الشیخ الاجل الاوحد الشیخ
احمد بن زین الدین الاحسائی
المجلد الاول – الجزء الاول
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ الحمد للّٰه رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين . ما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زينالدين الأحسائي انّ السيّد السّند و العارف المعتمد صاحب الفخر و الزين سيّدنا السيّد حسين بن المرحوم السيّد محمدقاسم الحسيني الاشكوري الجيلاني كان قد التمس مني ادامَ اللّٰهُ تأييده ان اشرح الزيارة الجامعة المشهورة و ابيّن اسرار الفاظها و بعض ما اراده امامنا و سيدنا علي بن محمد الهادي عليه و علي آبائه و ابنائه افضل الصلوة و السلام منها علي جهة البسط و البيان لتلك المعاني و اشار اليه (ع) من الاسرار فسوّفت في الجواب و ان كان اهلاً لأنْ يُبادر في طلبته لوجوب اجابته و لكنه طلب امراً عظيماً فكان سبب التسويف علمي بنفسي اني لستُ من السفن التي يُسار بها في مثل هذا البحر المتعاظم و الموج المتلاطم و مع هذا فليس كلما يحضرني يمكنني اثباته لأنّ منه ما لايسعني فيه العبارة و لماعط فيها بياناً و لا اشارة و منه ما لايحسن بيانه لأنه قد يعسر برهانه و منه ما لاتكاد تحتمله الافكار فيسارع اليه بالأنكار و منه ما يطول فيه و في بيانه الكلام و بدون البسط التامّ يفوت المرام علي انّه سلمه الله لايريد مني بيان ظاهر الكلمات و بيان العبارات و لمّا راجع في الألتماس مرّة بعد اخري لماقدر علي رده عن مطلوبه مع ما فيه من المنافع العظيمة للعارفين و ربط قلوب المؤمنين بما يحصل لهم من ذلك من الثبات و اليقين فسارعتُ الي طلبته و التزمتُ فرض اجابته مع ما انا فيه من قلة البضاعة و كثرة الأضاعة بقصد ان اكتب ما يحسن كتابته من المقدور اذ لايسقط الميسور بالمعسور و الي الله سبحانه ترجع الامور . فاقول و بالله المستعان ان هذه الزيارة الجامعة اشتهرت بين الشيعة حتي استغنت باشتهارها عن ذكر اثباتها و بيان سندها فكانت متلقاة عند جميع الشيعة بالقبول من غير معارض فيها و لا راد لها مع ما كانت مشتملة عليه من المعاني الغريبة و الاسرار المتصعبة العجيبة التي كثير منهم ينكرونها في غير هذه الزيارة الشريفة و لكن لاجل ما اشتملت عليه من الالفاظ البليغة و الأمور البديعة و الأسرار المنيعة و الاحوال الشريفة الرفيعة التي تشهد للعقل السليم بصحة ورودها عن ذلك الامام العظيم فان علي كل حق حقيقة و علي كل صواب نورا مع ما هي عليه عندهم من القبول بحيث لايختلف فيه اثنان و هذه الزيارة المذكورة رواها الصدوق في الفقيه و رواها الشيخ في التهذيب عنه قال محمد بن علي بن الحسين بن بابويه عن علي بن احمد بن موسي و الحسين بن ابراهيم بن احمد الكاتب عن محمد بن عبدالله الكوفي عن محمد بن اسمعيل البرمكي عن موسي بن عبدالله النخعي قال قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب عليهم السلام علّمني يابن رسولِ اللّٰهِ (ص) قولاً اقوله بليغاً كاملاً اذا زرتُ احداً ( واحداً خل ) منكم . اقول في طريق هذه الرواية لهذه الزيارة رجال لا بأس بذكر اشارة الي بعض احوالهم تيمّناً بسنن العلماء عند السند امّا الصدوق قدس سره فلايخالف احد من العلماۤء في صحة روايته و ان لميصرّح علماۤء الرجال بتوثيقه قيل اِمّا لجلالةِ قدره و بيان حاله في الوثاقة بحيث لايحتاج الي ذكر ذلك و فيه انه ليس اجلّ و لا اشهر من ابيه و لا من الكليني و المفيد و اضرابهم ممن صرّحوا بتوثيقهم و قيل لأنّه اخذ روايته ( رواياته خل ) من الكتب الاصول المشهورة و المعروضة علي الائمة (ع) و حيثُ علم اقتصاره علي ذلك لميحتج الي ذكر توثيقه و فيه ما تقدم ايضاً و قيل لانه من مشايخ الأجازة و لمتجر عادة تلامذتهم بذكر توثيقهم لاشتهاره و فيه ايضاً ذلك فانّ كثيراً من المشايخ كان كذلك و قد ذكروا توثيقه و قيل لان كتب الرجال مشحونة من ذكر ممادح له لاتقصر عن التوثيق ان لمتزد عليه مثل ما ذكر في الخلاصة محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي ابوجعفر نزيل الري شيخنا و فقيهنا و وجه الطائفة بخراسان ورد بعد سنة ( ٣٥٥ ) خمس و خمسين و ثلثمائة و سمع منه شيوخ الطائفة و هو حدث السن كان جليلاً حافظاً للاحاديث بصيراً بالرجال ناقداً للاخبار لميُر في القمّيين مثله في حفظه و كثرة علمه له نحو من ثلاثمائة مصنف ذكرنا اكثرها في كتابنا الكبير مات رضي الله عنه بالري سنة احدي و ثمانين و ثلثمائة ه ، و في جش نحو ذلك و ذكر كتبه و اقول لا دلالة في هذه الممادح و امثالها علي المدّعي و الذي يجول في خاطري ان لمنرجح كونه من مشايخ الاجازة او لمنقل ان التوثيق من باب الاجتهاد في الرواية و لا من باب الرواية اَنَّ اسْتِفادَةَ توثيقه من الأجماع المحصّل الخاۤصّ ليرجع الي الرواية في الحكم في الجملة لمن جعل علّة صحة روايته التوثيق اقربُ و اللّه اعلم و امّا علي بن احمد بن موسي فهو الدقاق روي محمد بن علي بن بابويه عنه عن محمد بن يعقوب و محمد بن ابيعبداللّه و غيرهما مُترَضِّياً عنه و الحسين بن ابراهيم بن احمد الكاتب هو ابن ابراهيم بن احمد بن هشام ثاثانة بالمثلثة قبل الف ثم المثلثة قبل الف ثم نون الكاتب رضي الله عنه من مشايخ الصدوق روي عنه في الفقيه و غيره مشفعاً له بالرحملة و الرضيلة قال الميرزا في الرجال في طرق الصدوق ان الاسترضاء افاده مدحاً انتهي ، و لاسيما مع اعتماده علي روايته و محمد بن ابيعبدالله الكوفي فالظاهر انه ابن جعفر الاسدي الثقة المكني اباالحسين كان احد الابواب في كتاب الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة و قد كان في زمان السفراۤء المحمودين اقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الاصل منهم ابوالحسين محمد بن جعفر الاسدي و ربما يَظهر من كتاب الحسن بن داود انهما رجلان احدهما هذا المذكور و يحتمل انه ابن عون الاسدي و في ترجمته في الخلاصة للعلامة محمد بن جعفر بن عون الاسدي ابوالحسين الكوفي ساكن الري يقال له محمد بن ابيعبدالله كان ثقة صحيح الحديث الا انه يروي عن الضعفاء و كان يقول بالجبر و التشبيه فانا في حديثه من المتوقفين كان ابوه وجهاً روي عنه احمد بن محمد بن عيسي انتهي ، و يظهر من كلام فخرالدين بن طريح (ره) في جامع المقال في ذكر العدد ذكر في عدة سهل بن زياد حيث قال و اما الرابعة يعني عدة سهل فقد ذكر من رجالها محمد بن ابيعبداللّه و كأنه هو محمد بن جعفر بن عون الأَسَدي الثقة علي ما نبّه عليه البعض نقلاً عن النجاشي فان صحّ النقل صحّتْ العدة و الا فلا كما لايخفي انتهي ، ان محمد بن ابيعبدالله متعدد و ان كان الظاهر انه متحد و انه هو ابن عون الاسدي كما في التوقيع هكذا بالري محمد بن جعفر العوني فليدفع اليه فانه من ثقاتنا فالظاهر الاتحاد و لا معني لتردد فخرالدين بن طريح بعد نصّ الكليني علي انه في عدة سهل هو ابن عون الاسدي الثقة و محمد بن اسمعيل البرمكي هو المعروف بصاحب الصومعة قال النجاشي انه ثقة و قال ابنالغضائري انه ضعيف و قال العلامة قول النجاشي عندي ارجح و مثله قال ابنداود و هو كذلك لأنّ النجاشي له اعتناء و ممارسة في الجرح و التعديل لمتحصل لغيره مع ضبطه و حفظه و عدم استعجاله و توقفه في ذلك حتي يتبين الامر حتي ان الشيخ محمد بن الشيخ حسن في شرح الاستبصار ذكر فيما اذا ذكر الشيخ الرجل بالوقف او الفطحية و النجاشي لميذكر ذلك ترجيح النجاشي علي الشيخ و ان كان الجارح مقدماً قال اذا تعارض الجرح و التعديل فالجرح و ان كان مقدماً في الجملة علي ما فصّل في موضعه الّا ان مثل النجاشي له رجحان يوجب تقديم تعديله علي جرح الشيخ كما ذكر ايضاً في محلّه انتهي ، و الشيخ احسن استقامة من ابنالغضائري في باب الجرح و ذكر ذلك و بيان جهات الترجيح يطول به الكلام و لسنا بصدده و من نظر في كتب الرجال ظهر له صحة ما ذكرنا فقول النجاشي ارجح من ابنالغضائري و ان كان جارحاً فكون البرمكي ثقة ارجح و موسي بن عبداللّه النخعي روي عن عليٍّ الهادي (ع) لميذكر في كتب الرجال موصوفاً بالنخعي من اصحاب الهادي (ع) قال الشيخ ياسين البحراني في كتابه معين النبيه في بيان رجال من لايحضره الفقيه لماجد في كتب الرجال بقيد النخعي من اصحاب الهادي (ع) نعم ذكر الشيخ في اصحاب الجواد بن عبداللّه بن عبدالملك بن هشام و لعله هو و علي كل تقدير فهو مهمل عنه محمد بن اسمعيل البرمكي انتهي ، و ذكر الميرزا في كتاب الرجال و موسي بن عبداللّه بن عبدالملك بن هشام ج و لعلّه عن الشيخ و ما احتمله الشيخ ياسين قريب و الحاصل السند علي الأصطلاح الجديد ضعيف و لكنه عند الصدوق صحيح اما لقرائن مرجحة او لوجودها في الكتب المعتبرة و امّا عندنا فهذه الرواية صحيحة لاعتماد الشيخ الصدوق عليها لأيراده ايّاها في كتابه الفقيه الذي جعله حجة بينه و بين الله فاعتماده عليها من المرجّحات عندنا و من القرائن المقوّية و ان كان تصحيحه للروايات من باب الأجتهاد كغيره بل كثير من ترجيحاته تبعاً لتصحيح مشاۤيخه و هو اضعف من عمل المتأخرين و من بعدهم ممن يعتبون عليهم اهل الأخبار قال في آخر باب صوم التطوّع من الفقيه و فيه تعريف شيخه و اما خبر صوم الغدير و الثواب المذكور فيه لمن صلّي فان شيخنا محمد بن حسن بن احمد بن الوليد كان لايصحّحه و يقول انّه من طريق محمد بن موسي الهَمَذَاني ( الهمداني خل ) و كان غير ثقة و كل ما لميصححه ذلك الشيخ قُدّسَ سِرّه و لميحكم بصحته من الأخْبار فهو عندنا متروك غير صحيح انتهي اكثر ما يعتمد عليه تصحيح الأسانيد كما يفعله ( يفعل خل ) المجتهدون قال في الفقيه في حدّ الوضوء بعد ان اورد حديثاً في المسح علي الخفّين الي ان قال علي انّ الحديث في ذلك غير صحيح الأسناد و قال في الخصال لا سبيل الي ردّ الأخبار متي صح طرقها ه ، و هذا كما تري الّا ان ترجيحه و عمله يكون من المقوّيات البتّة بل ما يحصل للمتقدمين من القرائن تصل الينا او بدلها من جود الكريم الوهّاب و لتلقي الفرقة المحقة لها بالقبول حتي لاتجد و لاتسمع منكراً لها و لا متوقفاً فيها بل لو اراد البصير الناقد ان يدّعي الأجماع علي صحتها الكاشف عن قول المعصوم (ع) امكنه ذلك مع ما اشتملت عليه الفاظها من البلاغة و الفصاحة و المعاني و الاسرار التي يقطع العارف بها انها كلام المعصوم و لايصدر مثلها عن غيره ثم اعلم ان الشيخ التقي العارف الشيخ محمدتقي قد ذكر في شرحه علي الفقيه رؤياً رءاها في فضل هذه الزيارة و جعلها من المقرّرات لها و المرجحات و صورة ما ذكر قال زيارة جامعة لجميع الائمة عند مشهد كل واحدٍ و يزور الجميع قاصداً بها الأمام الحاضر و الناۤئي و البعيد يلاحظ الجميع و لو قصد في كل مرة واحداً بالترتيب و الباقي بالتبع لكان احسن كما كنتُ افعل و رأيت في الرؤيا الحقّة تقرير الأمام ابيالحسن علي بن موسي الرضا (ع) لي و تحسينه عليه و لما وفقني اللّه تعالي لزيارة اميرالمؤمنين (ع) و شرعت في حوالي الروضة المقدسة في المجاهدات و فتح الله تعالي عليّ ببركة مولانا صلوات اللّه عليه ابواب المكاشفات التي لاتحتملها العقول الضعيفة رأيت في ذلك العالم و ان شئت قلت بين النوم و اليقظة عند ما كنت في رواق عمران جالساً انّي بسُرَّمَنرأي و رأيت مشهدها في نهاية الارتفاع و الزينة و رأيت علي قبريهما لباساً اخضر من لباس الجنة لانه لمار مثله في الدنيا و رأيتُ موليٰنا و مولي الأنام صاحب العصر و الزمان جالساً ظهره علي القبر و وجهه الي الباب فلّما رأيته شرعتُ في الزيارة بالصّوت المرتفع كالمَدّاحِين فلما اتممتها قال (ع) نعمت الزيارة قلت مولاي روحي فداءك زيارة جدّك و اشرتُ الي نحو القبر فقال نعم ادخل فلما دخلتُ وقفتُ قريباً من الباب فقال (ع) تقدم فقلتُ مولاي اخاف ان اصيرَ كافراً بترك الأدبِ فقال (ع) لا بأس اذا كان باذننا فتقدمت قليلاً و كنت خائفاً مرتعِشاً فقال (ع) تقدم تقدم حتي صرت قريباً منه قال (ع) اجلس قلت اخاف مولاي قال (ع) لاتخف فلما جلست جِلسة العبد بين يدي المولي الجليل قال (ع) استرح و اجلس متربعاً فانك تعِبتَ جئتَ ماشياً حافياً و الحاصل انه وقع منه (ع) بالنسبة الي عبده الطاف عظيمة و مكالَمٰات لطيفة لايمكن عَدّها و نسيت اكثرها ثم انتبهت من تلك الرؤيا و حصل في ذلك اليوم اسباب الزيارة بعد كون الطريق مسدودة في مدة طويلة و بعد ما حصل الموانع العظيمة ارتفعت بفضل الله و تيسر الزيارة بالمشي و الحَفاۤء كما قاله الصاحب (ع) و كنت ليلة في الروضة المقدسة و زرت مكرراً بهذه الزيارة و ظهر في الطريق و في الروضة كرامات عجيبة بل معجزات غريبة يطول ذكرها و الحاصل انه لا شك لي ان هذه الزيارة من ابيالحسن الهادي سلام اللّه عليه بتقرير الصاحب (ع) و انها اكمل الزيارات و احسنها بل بعد تلك الرؤيا اكثر الاوقات ازور الائمة صلوات اللّه عليهم بهذه الزيارة و في العتبات العاليات مازرتهم الّا بهذه الزيارة و لهذا اخرت شرح اكثرها لان يشرح في هذه انتهي ما ذكره تغمده اللّه برحمته في شرح الفقيه امام شرح هذه الزيارة و ظاهر كلامه ان تحقق ثبوتها عنده بهذه الرؤيا و هو كما تري و وجه تحققها ما اشرنا اليه من مقبوليتها عند الكل و ما اشتملت عليه من الظواهر الزاهرة و البواطن الباهرة و خفايا الدنيا و الٰاخرة . فقال عليه السلام : اذا صرتَ بالباب فقف و اشهد الشهادتين و انت علي غسل فاذا دخلت و رأيت القبر فقف و قل اللّه اكبر اللّه اكبر ثلاثين مرة ثم امش قليلا و عليك السكينة و الوقار و قارب بين خُطاك ثم قف و كبر الله عز و جل ثلثين مرة ثم ادن من القبر و كبر الله اربعين تكبيرة تمام مأة تكبيرة يعني اذا صرت بباب الروضة فاستشعر انها حظيرة القدس و مهوي الأفئدة من الملائكة و الجن و الانس و معرس ولي الحساب الذي اليه الأياب حيث اقام الله الحق و امات الباطل فانت في قيامك ظاهرا جاث بباطنك خاشع ببصرك قد دعيت للحساب و ههنا ينطق عليك الكتاب و هو قوله تعالي هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق و موقفك هذا من ذلك الموقف فقل اشهد الّا اله الّا اللّه وحده لا شريك له و اشهد ان محمداً عبده و رسوله (ص) و انما كان هذا موضع الشهادتين لانّ من عرف اين هو حيث يقف هذا الموقف يعلم ان حاله كحال الملائكة في عالم الانوار حيث رأوا انوار محمد و آله (ص) فظنوا انه نور اللّه فقالوا سبحان اللّه فقالت الملائكة سبحان الله و انت ان صدقتَ في حبهم و عرفتهم بالنورانية رأيت انك واقف حيث وقفَتِ الملائكة و ناظر الي ما نظرت الملائكة و سمعتَ مَنْ ( ممّن خل ) اَنْتَ واقِفٌ بِبٰابِه۪ يشهَدُ الّا اله الّا اللّه وحده لا شريك له و انّهم (ع) عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لايشفعون الّا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون فتقول عند ما تسمع باذن قلبك قولهم لا اله الّا اللّه اشهد الّا اله الّا اللّه وحده لا شريك له و تعرف بهذا انّ سيّدهم و فخرهم و الواسطةَ بينهم و بين ربّهم محمدُ بن عبدالله (ص) عبد الله و رسوله الي جميع خلقه فتقول و اشهد ان محمداً عبده و رسوله و هاتان الشهادتان شرح ان الله اقام الحق و امات الباطل هذا و انت علي غسل للزيارة ليكون ظاهرك طاهراً و علي توبةٍ عما لايوافق التوحيد و الامتثال بمقتضي النبوة و الولايَة من المعاصي و الغفلات الظاهرة و الباطنة و الكبيرة و الصغيرة فاذا دخلت و رأيت القبر حصل لك نور الكبرياۤء المنبسط علي ظواهرك و لهذا يلين جلدك و قلبك الي ذكر اللّه و يحصل لك الخشوع و الاحتقار لظهور الكبرياۤء فقفْ قليلاً لترجع اليك نفسُكَ و يربط علي قلبك و تأخذ اهبتك و استعدادَك كما وقفتِ الملۤئكة عند ظهور هذه الكبرياۤء فلمّا كبّروا اللّهَ كبرت الملۤئكة و لولمتقف الملۤئكة عند ظهور هذه الكبرياۤء لكبّروا من ( ما خ ) رأوا من نور محمد و اهل بيته عليه و عليهم السلام فاذا وقفتَ حتي يكبر “٢” هذا الامام الذي انت واقف ببابه اللّه “٢” ربَّهُ و يعظمه فاذا سمعتَ التكبيرَ باذنِ قلبك من لسانِ انهم عباد مكرمون كبِّر اللّه تقول اللّه اكبر الله اكبر ثلاثين مرّة و انّما كان الذكر بالتكبير لكون الظهور بالكبرياۤء و انما كان الظهور بالكبرياۤء لانّ الخشية الحاصلة و الخشوع و التذلل انما هي بواسطة الحواس الظاهرة و هي التي تحصل فيها اشباح الكبرياۤء دون سائر الصفات لانها اخرها في اقليم الظهور للمظاهر و من ثَمّ ورد في الادعية المرويّة عن اهل العصمة (ع) وصفها بالعرض لانتهاء اشباحها الي الاجسام فقال (ع) في الثناء علي الله تعالي عريض الكبرياء فافهم فقد اسمعتُك تغريدَ الورقاء علي الافنان بفنون الالحان و انما كان التكبير ثلاثين بعددِ ايامِ الشهر و عددِ قوي لام التعريف لانه قد حقق في محله ان مراتب الوجود اربعون و قد ذكرنا ذلك مراراً مفصلاً في اجوبتنا لبعض المسائل الّا انّ المراد به المراتب كلها و الثلاثون منها مراتب تمام القوابل و العشر لتمام المقبولات فبالعشر تتم مراتب الوجود و الاشارة اليه علي سبيل الاختصار و الاقتصار . فاقول اِن الانسانَ خلق من عشر قبضات من الافلاك التسعة و من الارض و اديرت كل قبضة ثلاث دَوَرات فتتم بها قابليتها و في الدورة الرابعة يتم مقبولها فالرابعة هي تمام الثلاث فالثلاث في العشر القبضات ثلاثون و هي الثلاثون ليلةً لميقات موسي (ع) و الرابعة في كل قبضة من العشر هي قوله و اتممناها ( بعشر خ ) لان الرابعة فيها رتبة الحيوانية و امّا الثلاث فهي الدورة العنصرية و الدورة المعدنّية و الدورة النباتية و انما كان التكبير الاول و الثاني ثلاثين لأنّ الزائر الّذي ظهرت له تلك الكبرياۤء اول ظهورها بواسطة الحواس باشباحها و ذلك محلّها ( محله خل ) الجسم و هو بالنسبة الي الانسان الذي هو الكتاب مجمع القوابل الظاهرة و فيه العشر القبضات بعناصرها و معادنها و نباتها و ثاني ظهورها في الخيال بواسطة الحسّ المشترك و في النفس بواسطة الخيال و فيها اي النفس القبضات العشر من هُوْرقِليا بعناصرها و معادنها و نباتها فان اردتَ بالخيال النفس تحقق ظهور صورة الكبرياء فيها و ان فرّقت بينهما كان الخيال حاملاً و ناقلاً فذكره كذكر الحسّ المشترك و امّا في المرّة الثالثة فحيث اجتمع فيها مراتب القوابل الثلاثين و مراتب المقبولات العشرة كان التكبير اربعين و هي اتممناها بعشر فتم ميقات ربّه اربعين ليلة فيكون قوله (ع) تمام مائة تكبيرة كما قال اهل الصناعة في سقي المركب يسقي في الاولي من واحد و في الثانية من اثنين و في الثالثة من اربعة فهذه سبعة و يريدون انه يسقي في الاولي بمثله و في الثانية بنصف مثله و في الثالثة بربع مثله فافهم . و قوله (ع) : ثم امش قليلاً يراد منه مثل انه كلّما قرب من السراج كان اشد نوراً لأنه كلّما قرب من القبر الشريف عظم الاحترام و اشتد ظهور الكبرياۤء كما اشرنا اليه سابقاً و فيه اشارة ارشاديّة لأنّ ذلك اعظم في الأحترام ظاهراً و انجح في تنقل ذلك الخشوع من الحواس الظاهرة و الجسد الي النفس و منها الي الذات لتمكنه من الأستعداد للتوجه بقلبه و لهذا بيّنه بقوله (ع) و عليك السكينة و الوقار و السكينة هو اطمئنان القلب باليقين و النفس بالأيمان و الوقار سكون الظاهر و الأعضاء لانها الموصلة للسكينة الي الباطن و ذلك بما يظهر لك من عظمة الله و كبرياۤئه الظاهرة بعظمة اوليائه و كبرهم في قلوب محبيهم و شيعتهم . و قوله (ع) : و قارب بين خطاك اي في حال مشيك قليلاً لكونه ابلغ في الأحترام و ابطأ في الأقتراب و اكثر في الثواب فانّ له بكلّ خطوة حجة و عمرة و انجح للأستعداد في ابطان الوقار في السكينة و اظهار السكينة في الوقار و انما امر (ع) بالوقوف و بالمشي قليلاً و تقارب الخطاء لتزول عنه دهشة الكبرياء الظاهرة من كبرياء الله علي اوليائه كما مر و قد يحضر للزائر عند تصوّر عظم شأنهم و كبر مقامهم الموجب للتذَلّل تصوّر ما جري عليهم من المصائب و ما اصيبوا به من النوائب فيحصل له من هذين التصورين ما يوجب خشيته و يسكب عبرته و يجري دمعته و هي علامة الأذن في الدخول الي حضراتهم و القرب من قبورهم و قد يحصل ذلك من احد التصوّرين فان كان من تصوّر العظمة فهو اذن مُجازاةٍ لمن طلب و احسن الأدب و ان كان من تصوّر المصاب ( المصائب خل ) فهو اذن رحمةٍ و شفقةٍ لمَن عطف و رقّ . قوله (ع) ثم قف يعني مرّة ثانية و كبّر الله عزّ و جلّ ثلاثين مرّة كما تقدم ثم ادن من القبر و هذا نهاية الدنو و مقام التسليم و كبّر الله اربعين مرّةً تمام المائة لما قلنا لأنّ الانتقال الأول و هو الوصول الي الباب كالوصول من العظمة و الكبرياۤء الي البدن و الأنتقال الثاني كانتقال الكبرياء بتأثيرها الي النفس و الدنو من القبر كوصول الكبرياۤء باۤثارها الي الانسان بكلّه و هو تمام اجتماع المقبول و القابِل فذلك مقام الاتصال و هو اخصّ احوال الزائر في الأقبال لاجتماع القرب الظاهري و القرب المعنوي فاذا وصلتَ الي هنا ، قال عليه السلام ثم قل : السلام عليكم يا اهل بيت النبوة انما اتي بثم بعد الوصول الي هذا المكان الذي هو الدنو من القبر لانه عند وصوله يكبّر الله اربعين مرّة فتكون المهلة بين الدّنوّ و بين السّلام و يجوز ان تكون المهلة بين التكبير و بين السلام و يكون المراد ان التكبير طور غير طور السلام و مقتضي المغايرة المهلة أو انّ بين التكبير الذي هو مقتضي تصوّر الكبرياء الظاهرة علي المزور فانه حال يتعرض للبعيد و بين السلام الذي هو مقتضي الاتصال و الدّنو مهلة و فصلاً فناسب ذكر ثم . و السلام من السلامة من الآفات و هو اسم من اسماۤء الله تعالي فقوله تعالي لهم دار السلام ( عند ربهم خل ) اي دار الله و هي الجنة نسبها اليه لشرفها و يجوز ان تكون الاضافة بيانية اي دار هي السلام لان سكانها يسلمون من كل مكروه في الدنيا من مرض و وصب و فقر و همٍّ و فراق محبوب و تغير حالٍ و هرم و موت و ما اشبه ذلك و ان يكون بمعني المؤمن لمن التجأ اليه من كل محذور و ان يكون مصدراً بمثل السلام و السلامة و الرضاع و الرضاعة و اللَّذاذ و اللَّذاذة بمعني ان السلامة من المكاره انما تنال منه او بمعني انه سبحانه سالم من كل عيب و نقص و اختلاف و زوال و انتقال و تغير و غير ذلك مما يلحق الخلق و ان يكون بمعني الصَّواب و السَّداد كما في قوله تعالي و اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما اي صواباً و سداداً بمعني انه سبحانه به الصَّواب و السَّداد او انه اطلق عليه سبحانه لان افعاله كلها صواب و سداد و ان يكون بمعني الحافظ المسلِّم و لاجل ذلك عُدِّي بعلي فقولك السلام عليكم الله حافظ عليكم و ان يكون بمعني السلامة من الاذي و منه فسلام لك من اصحاب اليمين اي ماسلمتَ يا محمد من احدٍ من الخلق لميؤذِك الا اصحاب اليمين و هم شيعة علي (ع) او بمعني التسليم و الاداء اي لله علي عباده المؤمنين ان يؤدوا اليه الامانة التي عرضها عليهم اي يطيعوه فيما امرهم و ينتهوا عما نهاهم و عليه اذا اطاعوه ان يؤدّي اليهم دار السلام اي الجنة و روي الحسن بن سليمان الحلي في كتابه مختصر بصائر سعد بن عبدالله الاشعري عن محمد بن يعقوب عن بعض اصحابه رفعه عن محمد بن سنان عن داود بن كثير الرّقي قال قلت ما معني السلام علي اللّه و علي رسوله فقال ان الله لما خلق نبيه و وصيه و ابنيه و ابنته و جميع الائمة (ع) و خلق شيعتهم اخذ عليهم الميثاق و ان يصبروا و يصابروا و ان يتقوا الله و وعدهم ان يسلّم لهم الارض المباركة و الحرم الامن و ان ينزل لهم البيت المعمور و يظهر لهم السقف المرفوع و ينجيهم من عدوهم و الارض التي يبدّلها من المُسَلِّم و يسلّم ما فيها لهم و لا شبهة فيها و لا خصومة فيها لعدوّهم و ان يكون لهم فيها ما يحبّون و اخذ رسول اللّه (ص) علي الائمة و شيعتهم الميثاق بذلك و انما عليه ( ان خ ) يذكّره نفس الميثاق و تجديداً له علي اللّه لعله ان يعجّله و تعجّل المسلّم لكم بجميع ما فيه انتهي ، قال بعض الافاضل قدس سرّه لما كان السلام سابقاً في التحية بالسلام عن الٰافات و الفتن و العقوبة الدنيوية و الاخروية و موجباتها سأله هل المراد من السلام علي رسول الله (ص) هذا المعني او معني آخر فاجاب (ع) بان له تأويلاً آخر و هو المقصود الاصلي هنا بيانه انه تعالي لما خلق نبيه (ص) و وصيه (ع) و ابنته و جميع الائمة (ع) و شيعتهم اخذ علي شيعتهم او علي الجميع الميثاق و العهد بالربوبية و النبوة و الولاية و الصبر و المصابرة و المرابطة و التقوي و وعدهم ان يسلّم لهم الارض المباركة و هي هذه الارض سمّيت مباركة لكونها منازل الانبياء و الاوصياء و الاولياء و الصلحاء و معبدهم و محل اشتياقهم او بيت المقدس او الكوفة او الجميع و اَنْ يسلّم لهم الحرم الامن و هو حرم مكة او المدينة او كلاهما و اَنْ ينزل لهم البيت المعمور و هو بيت الشرف و المجد او البيت الذي في السماۤء حيال الكعبة في عصر الصاحب (ع) و ان يظهر لهم السقف المرفوع اي عيسي (ع) لكونه عالماً مرفوع المنزلة او مرفوعاً من الارض الي السماء او السماۤء بارسال عزاليها و انزال امطارها الموجب للخصب و الرخاۤء و سعة العيش و ان يريحَهم من عدوّهم بقهر المهدي (ع) و اهلاكه ايّاهم و وعد لهم الأرض التي يبدلها من دار السلام و هي الجنة و يسلّم ما فيها لهم لا خصومة فيها لعدوّهم لانتفاء قدرتهم فيها و زهوق الباطل هناك فلايمكن لهم المنازعة مع اهل الحق بخلاف الدنيا و ان يكون لهم فيها ما يحبّون مما لا عين رأت و لا اذن سمِعَت و اخذ ايضاً رسول اللّه (ص) علي جميع الامة و الشيعة الميثاق بذلك و السلام عليه (ص) انما هو تذكرة نفس الميثاق بما ذكر و وعد لهم ان يؤجرهم بالوفاۤء به و ان يسلّم لهم الامور و السّلامُ علي النبي صلي اللّه عليه و آله تذكرة للعهد و طلب لتعجيل الوعد ه ، و قد ذكرنا انّ قولك السّلامُ عليك معناه اللّه حافظ عليك كما مر معناه فاذا قلتَ السلامُ عليكم يا اهلَ بيت النبوة يكون المعني اللّه حافظ عليكم يعني يحفظ عليكم اي لكم ما انعم به عليكم من العلوم و الأسم الأكبر و الطهارة من كل رجسٍ و العصمة في جميع اعمالكم و اسراركم و اقوالكم و احوالكم و الزلفي لديه و يحفظكم عن كل ما يكره . و الأهل و الٰال في استعمال اهل اللغة و اهل الشرع عليهم السلام بينهما عموم و خصوص من وجهٍ و ان كان اصل آل اهل فقد يطلق الٰال و يراد به اشراف الأهل فهو اخص من الاهل و قد يستعمله اهل الشرع (ع) علي العكس و في معاني الاخبار عن محمد بن سليمان الديلمي عن ابيه قال قلتُ لابيعبداللّه (ع) جعلت فداءك مَن الٰال فقال ذرّية محمد (ص) قال قلتُ فمن الاهل قال (ع) الائمة (ع) فقلتُ قوله عز و جل ادخلوا آل فرعون اشد العذاب قال واللهِ ماعني الّا ابنته و فيه عن ابيبصير قال قلتُ لابيعبداللّه من المحمد (ص) فقال ذريّته فقلت من اهل بيته قال الائمة الأوصياء فقلتُ من عترته قال اصحاب العباۤء فقلتُ من امته فقال المؤمنون الذين صدّقوا بما جاۤء به من عند اللّه تعالي المتمسّكون بالثقلين اللّذين امروا بالتمسّك بهما كتاب اللّه و عترته اهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجسَ و طهرهم تطهيراً و هما الخليفتان علي الامة بعده (ص) ه ، و الحاصل انّ المراد بالاهل الائمة المعصومون (ع) لا غير هذا اذا اريد السلام علي اهل البيت بالاصالة و لو لوحظ ما هو اعم دخلوا الخُلّص من الشيعة بالتبعيّة فانهم من اهل البيت (ع) خُلِقوا من فاضل طينتهم و عُجِنوا بماۤء ولايتهم كما رواه ابنطاووس عن الحجة (ع) و غيره و بيان التبعية كتبعية القائم في المجيء لزيدٍ في قولك جاء زيد القائم فانّ المجيء لميسند الّا الي زيدٍ و امّا قائم فلايسند ( فلميسند خل ) اليه المجيء اصلاً و انّما ارتفع لأنّ المجيء اسند الي زيد لضم وصفِه۪ به فكان ضم القائم اليه مبيّنا لأجمال زيد لا لحال مجيئه لتكون له مشاركة في المجيء فارتفع لملابستِه۪ لزيدٍ في المجيء فاتباعهم يدخلون معهم لملابَسَتِهِم لهم حين يسند اليهم (ع) ما يُخَصّون به من الأمور المشتركة ظاهراً فخواصّ الشيعة يدخلون في تبعية السّلام علي ائمتهم بل تفوّق بعض العارفين و قال اذا قلنا السّلام عليكم انما نعني شيعتهم لأنّ مقامهم (ع) اجلّ من ان يُسلّمَ عليهم و يتمثل بكلام مجنون ليلي حيث يقول : سلامي علي جيران ليلي فأنها ** * ** اعزّ علي العشاق من ان يُسَلّما فان ضياء الشمس نور جبينها ** * ** نعم وجهُها الوضّاح يشرق حيثُمٰا ثم اذا اريد باهل البيت ما اريد به في اخبارهم من انّهم الائمة الاثناعشر (ع) لميكن ذلك منافيا لما اريد في اخبارهم من انّ الٰال هم الذّرية و العترة هم اهل العباۤء لأنّ قوله (ع) المحمدٍ ذريته لبيان الفرق فيما يدل عليه اللفظ الظاهر و كذا في العترة لأنّ الذرّية هي العقب و عقب العقب و النسل و نسل النسل و هكذا قال الله تعالي ذرّية من حملنا مع نوح يعني يا ذرّيّة ( ما اذريّه خل ) سامٍ و حامٍ و يافث و قال تعالي و آية لهم انّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون ، و العِتْرة لما كان من معانيها انّ العترة اصل الشجرة المقطوعة التي تنبت من اصولها و عروقها فناسب بملاحظة خصوص هذا المعني ان يفسر الصادق عليه السلام العترة باهل العباۤء و امّا ما يراد من الٰال و الأهل و العترة بالأصل في الأحاديث المتواترة معنيً من الفريقين فهم الائمة الاثناعشر و فاطمة عليهم السلام لا غير . و قوله عليه السلام : بيت النبوة يراد بالبيت في الظاهر بيت محمدٍ صلي اللّٰه عليه و آله كما قال صلي اللّه عليه و آله و عترتي اهل بيتي علي المعني المتقدم فهم اهل بيته علي معني انهم ذريّته و من صلبه او انّ المراد بالبيت بيت العلم الذي هو بيت النبي صلي الله عليه و آله من قوله تعالي ان اتخذي من الجبال بيوتاً و هي بيوت العلم بدليل تأويل اۤخر الٰاية يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاۤء للناس و انما سمّوا اهل بيت العلم النبويّ لانّهم حفظته و اضيف البيت الي النبوة اشارة الي ان ذلك العلم عن الوحي الألٰهي لأنّه صلي الله عليه و آله لاينطق عن الهوي و امّا في الباطن فالبيت هو رسول اللّه صلي اللّه عليه و اۤله الذي جُعلت النبوّة فيه و البيوت آلمحمد صلوات اللّه عليهم اجمعين و رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البيت الاعظم بل هو المدينة و هم الأبواب و قال ابوجعفر الباقر عليه السلام آلمحمد ابواب اللّه و سبيله و الدعاة الي الجنة و القادة اليها و الأدِلّاۤء عليها الي يوم القيمة و قال النبي صلي الله عليه و آله انا مدينة العلم و علي بابُها و لاتُؤتي المدينة الّا من بابها و روي انّه (ص) قال انا مدينة الحكمة ، و المراد بالحكمة هنا العلم و في كتاب الأحتجاج للطبرسي عن الأصبغ بن نُبٰاتة قال كنت عند اميرالمؤمنين (ع) فجاءه ابنالكَوّٰا فقال يا اميرالمؤمنين (ع) قول الله عز و جل و ليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها و لكنّ البرّ مَن اتقي و أتوا البيوت من ابوابها فقال (ع) نحن البيوت التي امر اللّه ان يؤتي من ابوابها نحن ابواب الله و بيوته التي يؤتي منها فمن بايعنا و اقرّ بولايتنا فقد اتي البيوت من ابوابها و من خالفنا و فضّل علينا غيرنا فقد اتي البيوت من ظهورها انّ الله عزّ و جل لو شاء عرف الناس نفسه حتي يعرفوه و يأتوه من بابه و لكن جعلنا ابوابه و صراطه و سبيله و بابه الذي منه يؤتي قال فمن عدل عن ولايتنا و فضل علينا غيرنا فقد اتي البيوت من ظهورها و انهم عن الصراط لناكبون و عن اميرالمؤمنين (ع) في حديث طويل الي ان قال قد جعل اللّه للعلم اهلاً و فرض علي العباد طاعتهم بقوله و أتوا البيوت من ابوابها و البيوت هي بيوت العلم الذي استودِعتهُ الانبياء (ع) و ابوابها اوصياؤهم ه ، فمحمد (ص) و اهل بيته هم البيوت التي اذن اللّه ان ترفع فاذا اريد بالبيت رسول اللّه (ص) فالأبواب آله (ع) و كذا اذا اريد به (ص) المدينة فاۤله هم الأبواب التي لاتؤتي المدينة الّا منها و قد يراد بهم البيوت المحيط بها سور المدينة فيكون تأويل قوله تعالي ان اول بيت وضع للناس لَلَّذي ببكة مباركاً و هدي للعالمين فاوّل بيت منهم (ع) وضع في الكعبة هديً للناس هو اميرالمؤمنين عليه السلام و هو الهادي من الضلالة لمن اخذ بهداه و الحاصل اهل بيت النبوة هم الائمة (ع) و بيت النبوة رسول اللّه (ص) و يجوز ان يكون المراد ببيت النبوة علياً عليه السلام لانه مَسْكَنُ احكامِها و الحاوي لأسرارها و الجامع لٰاثارها و الحافظ لشريعتها و النبوة الاخبار عن مراد اللّه بغير واسطة احدٍ من البشر و قيل النبوة هي الاخبار عن الحقائق الالهية و المعارف الربانية و هي الاخبار عن ذات الحق و اسماۤئه و صفاته و افعاله و احكامه و تنقسم الي نبوة تعريف و هي الأخبار و الأنباء عن معرفة الذات و الصفات و الاسماء و الافعال و الي نبوة تشريع و هي ذلك مع زيادة تبليغ الاحكام و التأديب بالاخلاق الحميدة و التعليم للاحكام و القياس بالسياسة و تسمّي هذه رسالة و قيل النبوة قبول النفس القدسية حقائق المعلومات و المعقولات من جوهر العقل الأول و الرسالة تبليغ تلك المعلومات و المعقولات الي المستعدّين و يجوز ان يراد بالنبوة الرفعة من نبا ينبو بمعني ارتفع اي يا اهل بيت الرفعة و الشأن العظيم كما اشير اليه فيما بعد طأطأ كل شريف لشرفكم و بخع اي خضع كل متكبر لطاعتكم او يراد يا اهل بيت رفعة النبوة و الرسالة و الفتوّة اي الايمان و في الحديث الفتي المؤمن ان اصحاب الكهف كانوا شيوخاً فسمّاهم اللّه فتيةً لايمانهم او لايمانهم بلا واسطة و قد يراد من البيت ما يكنّي به عن المجد و الحسب كما يقال فلان اهل بيتٍ و يكون المعني يا اهل مجد النبوة و حسبها و فخرها لانهم الذين نشروا اعلام النبوة و اسّسوا قواعد مستقرّ الفتوّة فتحرر ان معني السلام عليكم يا اهل بيت النبوة اللّه الحافظ يحفظ عليكم و لكم او عليكم اي يلزمكم بما وعدتم به شيعتكم السلام اي تسليم دار السلام يعني الجنة اليهم تسلمونها اليهم لموالاتهم لكم او تسلّمونهم من كل ما يكرهون و من عذاب البرزخ بعد الموت و من عذاب النار يوم القيمة يا آلمحمد او يا عترة محمد (ص) او يا ابواب العلم او يا بيوت الحكم او يا حفظة الشريعة و امثال ذلك فانكم انتم بيت الرسالة و تعلمون ما تنزل به الملائكة علي جدكم (ص) فان اهل البيت ادري بما في البيت . قال عليه السلام : و موضع الرسالة الموضع هو المحل و الرسالة الاخبار عن مراد اللّه بكلامه تعالي بدون واسطة بشرٍ و لهم (ع) في محل الرسالة اربعة مقامات المقام الاول مقام السرّ المقنّع بالسرّ و الثاني مقام المعاني و هو مقام سرّ السرّ و الثالث مقام الابواب و هو مقام ( السّرّ و خل ) السفارة و الوساطة و الترجمة و الرابع مقام الأمامة و قد اشار الصادق (ع) الي هذه المواضع الشريفة و المقامات المنيفة كما رواه محمد بن الحسن الصفار في بصائرالدرجات عنه (ع) انّ امرنا هو الحق و حق الحق و هو الظاهر و باطن الظاهر و باطن الباطن و هو السرّ و سرّ السرّ و سرّ المستسرّ و سرّ مقنع بالسرّ ه ، فاشار الي المقام الاول بقوله (ع) و سر المستسرّ و سرّ مقنع بالسرّ و الي المقام الثاني بقوله و باطن الباطن و هو سِرُّ السرّ و الي المقام الثالث بقوله (ع) و باطن الظاهر و الي المقام الرابع بقوله و هو الظاهر و الي الاخيرين بقوله و هو الحق و الي الاولين بقوله و حق الحق و عنه (ع) انّ امرنا سرّ مستسرّ و سرّ لايفيده الّا سرّ و سرّ علي سرٍّ و سرّ مقنع بسرّ ، فاشار في هذا الي الاول بقوله سرّ مقنع بسرّ و الي الثاني بقوله سرّ علي سرّ و الي الثالث بقوله و سرّ لايفيده الّا سرّ و الي الرابع بقوله سرّ مستسرّ اما الاول فهو مقام البيان و الثاني مقام المعاني و الثالث مقام الابواب و الرابع ( مقام خ ) الامام (ع) و في رواية جابر الاشارة الي الأولين روي عن جابر بن عبدالله عن ابيجعفر (ع) انه قال يا جابر عليك بالبيان و المعاني قال فقلتُ و ما البيان و المعاني قال قال علي (ع) امّا البيان فهو ان تعرف الله سبحانه ليس كمثله شيء فتعبده و لاتشرك به شيئاً و امّا المعاني فنحن معانيه و نحن جنبه و يده و لسانه و امره و حكمه و علمه و حقّه اذا شئنا شاء الله و يريد الله ما نريده فنحن المثاني الذي اعطانا الله نبينا (ص) و نحن وجه الله الذي يتقلّب في الارض بين اظهركم فمن عرفنا فامامه اليقين و من جهلنا فامامه سجين و لو شئنا خرقنا الارض و صعدنا السماۤء و انّ الينا اياب هذا الخلق ثم انّ علينا حسابهم ه ، اقول و بيان اذا شئنا شاء اللّه و يريد اللّه ما نريده في الجملة كما اجاب به بعض الأولياء كان في سفينة فاشتد بهم الموج و اشرفوا علي الغرق فالتجأوا اليه ان يدعو اللّه فقال ليس لي ان اعترض علي ربي فلما اشتدّ الامر ضجّوا و تضرعوا اليه فحرك شفتيه فسكن الموج علي الفور كأن لميكن فقال له شخص كثير الملازمة له و الخدمة اخبرني بأي شيء دعوت الله فقال انا نترك ما نريد لما يريد فاذا اردنا ترك ما يريد لما نريد الخ ، و هذا صورة ما قالوا (ع) و ذكر الامام سيدالساجدين عليه السلام الاشارة الي الكل علي ما روي في كتاب انيس السمراۤء و سمير الجلساۤء قال حدثني احمد بن عبدالله قال حدثنا سليمٰن بن احمد قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا ابراهيم بن محمد الموصلي قال اخبرني ابي عن خالد عن القاسم عن جابر بن يزيد الجعفي عن علي بن الحسين (ع) في حديث طويل ثم تلا قوله تعالي فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا و كانوا بآياتنا يجحدون و هي واللّه آياتنا و هذه احدها و هي واللّه ولايتنا يا جابر الي ان قال (ع) يا جابر أوتدري ما المعرفة المعرفة اثبات التوحيد اولاً ثم معرفة المعاني ثانياً ثم معرفة الابواب ثالثاً ثم معرفة الامام رابعاً ثم معرفة الاركان خامساً ثم معرفة النقباء سادساً ثم معرفة النجباء سابعاً و هو قوله عز و جل قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مدداً و تلا ايضاً و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات اللّه ان اللّه عزيز حكيم يا جابر اثبات التوحيد و معرفة المعاني اما اثبات التوحيد فمعرفة اللّه القديم الغاية ( العامّة خل ) الذي لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و هو غيب باطن كما سنذكره كما وصف به نفسه و امّا المعاني فنحن معانيه و ظاهره فيكم اخترعنا من نور ذاته و فوّض الينا امور عباده الحديث ، و انما ذكرته بطوله لما فيه من الاسرار و سنشير الي بيان بعضها فيما بعد . فاما المقام الاول المسمي باثبات التوحيد و بالسرّ المقنع بالسر و حق الحق فالاشارة الي بيانه من الاحاديث المروية عنهم (ع) كثيرة فمنها ما قال علي (ع) لاتحيط به الاوهام بل تجلي لها بها و بها امتنع منها و قال (ع) نحن الاعراف الذين لايعرف الله الّا بسبيل معرفتنا ، اقول الذي يشير الي هذا المقام من الحديث الثاني هو الوجه الثالث منه و المراد من هذا المقام الذي هو اثبات التوحيد هو معرفة الله بصفته التي وصف بها نفسه لعباده الذين اراد ان يعرفوه بها و هي صفة محدثة لاتشبه ( لاتشتبه خل ) صِفةَ شيءٍ من المخلوقات و هي مقاماته و علاماته التي لا تعطيل لها في كل مكان اي في غيبتك و حضرتك من عرفها فقد عرف اللّه لانها امثاله و ليس كمثله شيء و في دعاء كل يوم من شهر رجب عن الحجة (ع) فجعلتهم معادن لكلماتك و اركاناً لتوحيدك و آياتك و مقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك الخ ، فبين انهم (ع) معادِن لكلماتِه۪ يعني انهم اعضاد لخلقه لأنّ العلّة الماۤدّية لجميع الخلق هو شعاع انوارهم فقد اتخذهم الله سبحانه اعضادا لخلقه يعني يخلق خلقه من شعاع انوارهم و الخلائق من الاسباب و المسبّبات كلمات اللّه كما قال تعالي بكلمة منه اسمه المسيح عيسي بن مريم فهم معادِن لكلماته و جعلهم سبحانه اركاناً لتوحيده لانّ المقام الذي لا فرق بينه و بين اللّه سبحانه الا انه عبده هو ظهوره للعبد بالعبد و هم (ع) تلك المظاهر كما يأتي في التمثيل بالقائم فانه لا فرق بينه و بين زيدٍ الا انه ظهور زيد بالقيام فهو محدثة به و ركنه القيام فحقيقتهم كالقيام و ظهوره علي تلك الحقيقة بها كالقايم و القايم هو المقام الذي يعرف زيداً به من عرف زيداً اي لايُعرف زيد الا به و المراد انّ اللّه سبحانه لايعرف الّا بتلك المقامات و هي لاتتحقق الّا بهم و فيهم كما انّ القائم لايتحقق الّا بالقيام و فيه هذا معني قول علي (ع) لايُعرف اللّه الّا بسبيل معرفتِنا فهم اركان توحيده و آياته كذلك و مقاماته و كونها لا تعطيل لها لانها وجه اللّه قال تعالي فاينما تولّوا فثمَ وجه اللّه و كون الاثبات لايكون الّا بالخلق لانّ ذاته تجلّ عن ادراك العقول و توهّم الأوهام لأنّ العقول و الاوهام انما تدرك انفسها و تشير الي نظائرها و ما ذكرنا من المعرفة هي سبيل معرفتهم التي لايعرف اللّه الّا بها و مثال المقام الذي هو التوحيد القائم كما مر قبل هذا فانك اذا قلتَ القائم فهو صفة زيدٍ و هو ظهور زيد بالقيام و ليس هو زيداً و لميستتر ضميره فيه و انما استتر فيه جهة فاعليّة قيامه و تلك الجهة قائمة بزيدٍ قيام صدورٍ و قائمة في غيب قائمٍ قيام ظهورٍ و قائم قائم بها قيام تحقق لانها لاتظهر الّا في قائم و قائم لايتحقق الا بها لانها مبدء وجود قائم و هي حركة احدثها زيد بنفسها و هي ليست زيداً و انما هي حركته فالقائم مثال زيد و ظهوره بفعله فاذا اردت ان تعرف زيداً فانما تعرفه بما احدث لك من امثاله و وصفه كالقائم و القاعد و المتكلم و هذا اي المشار اليه و المسمي بزيدٍ و ما اشبه ذلك من امثاله و صفاته و توصيفاته فتعرفه بما وصف به نفسه و هو ما ظهر لك به من هذه الافعال و الصفات و كلها غيره و هي و ان كانت مثله بحيث يكون بينهما في جهة التعرّف و التعريف و المعرفة مساواة لرجوع ذلك كله الي الصفات و الذات عن ذلك كلّه بمعزلٍ الّا انها محدثة به صادرة عنه لا منه و هو قوله (ع) في الدعاۤء المتقدم لا فرق بينك و بينها الّا انهم عبادك و خلقك فافهم فقول علي بن الحسين عليه السلام في الحديث المتقدم و هي واللّهِ آياتنا و هذه اي الحركة للخيط الاصفر . احدها و ذلك في بيانه لقوله تعالي و كانوا بآياتنا يجحدون يشير الي ما ذكرنا و انهم ذووا الٰايات التي جحد بها الكافرون و المشركون و هم الذين نسوهم كما نسوا لقاء يومهم يوم القيمة و هذا المقام كلّه و هو مقام و اليه يَرجع الامر كلّه احد الآيات و هي تلك الفعلة التي فعل بهم حين حرك الخيط الاصفر و هي ولايتهم الا انّ هذا اعلاها لانه ليس له شبه كما قال (ع) اما البيان فهو ان تعرف اللّه سبحانه ليس كمثله شيء فتعبده و لاتشرك به شيئاً امّا ان ذلك ليس كمثله شيء فلأنّه وصف الحق سبحانه نفسه للعباد فلايشابه شيئاً من الخلق و اما انك تعبده فلانك تعبد اللّه الظاهر لك به حتي انه غيَبه عن نفسه و عن المخلوقات فلايتوجّه العابد الّا الي الذات مع انه ابداً لايجدها و لايفقدها حيث لايجدها ابداً فهذا مقام السرّ المقنع بالسر و حق الحق و هو البيان و التوحيد و هذا المقام لهم حيثُ لايجدون انفسهم شيئاً و وجدوا اللّه ظاهراً في كل شيء قد جعله دكّا و دخل المدينة علي حين غفلة من اهلها كان وحده لايسمع فيها صوت الّا صوته و هذا المقام لايكون موضع الرسالة لانه مصدر الارسال فكيف يكون موضع الرسالة . و المقام الثاني مقام المعاني و باطن الباطن و هو سرّ السر و سرّ علي سرّ و حق الحق ( باعتبار خ ) و هو كونهم معانيه تعالي يعني علمه و حكمه و امره الخ ، يعني علمه الذي وسع السموات و الارض و حكمه علي كل الخلق و نعمه علي جميع خلقه و خيره الذي منّ به علي الخلايق و جنبه الذي لايضام من التجأ اليه و ذمامه الذي لايطاول و لايحاول و درعه الحصينة و حِصنه المنيعة و رحمته الواسعة و قدرته الجامعة و اياديه الجميلة و عطاياه الجزيلة و مواهبه العظيمة و يده العالية و عضده القويّة و لسانه الناطق و اذنه السميعة و حقه الواجب و هذا مثل قولك قيام زيد و قعوده و حركته و سكونه و تسلّطه و اياديه و امتنانه و معاقبته و امثال ذلك فهذه معاني زيد فقولهم (ع) نحن معانيه كما تقدم في حديث جابر يراد منه نحو ما اشرنا اليه لانّ هذه المعاني بالنسبة الي الذات ليست شيئاً الّا بالذات فلا تحقق لها الا بالذات و انما تذوّتها بالنسبة الي آثارها و اعراضها فهي بالنسبة الي الذات اسماء معانٍ بهذا المعني و بالنسبة الي اۤثارها اسماء اعيانٍ و ذوات قائمة علي اۤثارها و اعراضها بما قبِلَت من امداداتها و لايعني بالذات و العين الّا هذا فهم في هذا المقام اعلي مقامات موضع الرسالة لانّه مطارح ارسالات موادّ الحيوة الوجوديّة من الماء الألٰهي و النفس الرحماني الثانوي في ايجاد الشرعيات الوجودية و ايجاد الوجودات الشرعية و هذا هو الدواة الاولي و هو ن و القلم و ما يسطرون و الماء الذي جعل منه كل شيء حيّ و الكتاب الاول و مفاتح ( مفاتيح خل ) الغيب لايعلمها الا هو و يعلم ما في البر و البحر و ما تسقط من ورقة الّا يعلمها و لا حبّة في ظلمات الارض و لا رطب و لا يابس الا في كتاب مبين و هو ارض الجرز و الزيت الذي يكاد يضيء و لو لمتمسسه نار . و المقام الثالث مقام الابواب و باطن الظاهر و سرّ لايفيده الّا سرّ و السفارة الي الله و ترجمة وحي الله و بيانه انه اذا وقع الماء الاول علي ارض الجرز و البلد الميت و بعبارة اخري اذا استضاء الزيتُ عن النار و بعبارة اخري اذا وقعت الدلالة من الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر علي المعني الميت في قلب العبد المؤمن ظهر علي العبارة الاولي الزرع و النبات الطيب و علي الثانية المصباح و علي الثالثة المعني و المراد من الزرع و النبات و المصباح و المعني شيء واحد و هو الاسم الذي اشرقت به السموات و الارضون و هو المعبّر عنه عند اهل الاشراق بالعقل الكلّي و عند اهل الشرع بالقلم و العقل المحمدي و قد يطلق عليه الرّوح المحمّدي فلما اسْتَوي عليه الرحمن اودع فيه غيوب الاشياۤء و هي معاني جميع الخلق فهو باب اللّه الي خلقه و لما امر العقل فقال له ادبر فادبر ثم قال له اقبل فاقبل اخرج منه رقائقها و صورها الي قوابلها فيما لايزال فهو باب اللّه الي خلقه كما في الدعاء : الهي وقف السائلون ببابك و لاذ الفقراء بجنابك . و لما تهيّأت القوابل ( لقبول خ ) حياتها و جميع ما لها من ربّها و قبلت كان ذلك القبول بواسطته فهو باب الخلق الي الله فلما امرهم بطاعته و امتثلوا امره قبل اعمالهم بواسطته و التّوجه به الي اللّه فرفع به اعمالهم فهو باب الخلق الي اللّه و هذه الوساطة و الترجمة و السفارة عامة في جميع الوجودات الشرعية و الشرعيات الوجودية فهم (ع) في هذا المقام موضع الرسالة بالنسبة الي المقام الأوّل ( و خ ) محلّ وحيه و مهبط نوره و مسقط نجومه و هكذا بالنّسبة الي المقام الثاني هم حفظة شريعته و موضع رسالته ( رسالة خل ) الثاني من الأوّل ليترجموا لمَن دونهم الامدادات ممن هو فوقهم . و المقام الرابع مقام الامامة و هو الحق و هو الظاهر و هو السرّ المستسرّ و هو مقام حجة اللّه علي خلقه و خليفته في ارضه افترض طاعته علي جميع خلقه جعله اللّه قيماً علي العباد و حفيظاً و شاهداً و داعياً الي اللّه و هادياً الي سبيله و وجهه الذي يتقلب في الارض و عينه الناظرة في عباده فكّاك الازمات المعضلة و فاتح الحصون المقفلة و القصر المشيد و البئر المعطّلة ملجأ الهاربين و عصمة المعتصمين و امن الخائفين و عون المؤمنين فالامام في مقام الامامة هذا هو موضع الرسالة يعني ان جميع احكام اللّه التي اوحاها الي رسول اللّه (ص) عندهم فهم حفظته من حكم و علم و فهم و ذكر و فكر و غير ذلك فهم (ع) موضع الرسالة في الاحوال الثلثة كل مقام بحسبه بخلاف المقام الاول فانه لايصلح للموضعيّة اذ ليس قبله ارسال و لو قرئ بجرّ موضع عطفاً علي بيت اي يا اهلَ موضع الرسالة جاز و يكون موضع الرسالة هو محمد (ص) فيلحظ في هذا المعني الله اعلم حيث يجعل رسالته فيكون انما استحق ان يجعل موضِعاً للرسالة لنورية طينته و اعتدال قابليته و استقامة سيرته و صفاء سريرته و عظم مسارعته الي طاعة ربّه حتي انه تفرد في هذه الصفات و امثال ذلك من صفات الكمالات عن جميع ما خلق اللّه لميساوِه۪ في شيء منها احدٌ من الخلق و لميدانِه في شيء منها احد الّا ابن عمه علي بن ابيطالب (ع) و ابنته و بنيه ( و بنوه خل ) الائمة الطاهرين عليه و عليهم السلام اجمعين فهو امامهم في كل مقام من هذه المقامات الأربعة و الواسطة بين الله تعالي و بينهم (ع) و باعتبار اۤخر الاربعةعشر معصوماً هم صفات اللّه و اسماؤه و آلاۤؤه و نعمه و رحمته الواسعة و رحمته المكتوبة و هم معانيه كما ذكرنا الاشارة اليه كما قلنا و هم وجه اللّه الذي يتوجه اليه الأولياء و هم اسم اللّه المبارك ذو الجلال و الأكرام و وجه الله الباقي بعد فناء كل شيء و الوجه الذي يتقلب في الارض و مقصد كل متوجه و سائرٍ من مطيع حيث يحب اللّه و من عاصٍ حيث يكره اللّه و هم اوعية غيبه و هم ظاهره في سائر المراتب و جميع المعاني و المقامات آياتهم ظاهرة في الاۤفاق و في انفس الخلق و معجزاتهم باهرة و هم ملوك الدنيا و الاۤخرة اللهم صل علي محمد و آلمحمد كما صليت علي ابراهيم و آل ابراهيم انك حميد مجيد ، و قولي سابقاً لو قُرئ بالجر لمارد به اني وقفت علي نسخة بالجر و انما ذكرته احتمالاً لبيان صحة المعني علي تقديره و انما نقرؤه بالفتح بمعني ان جميع ما وصل الي محمد (ص) من العلوم و ما ارسله الله به فقد وصل الي علي و فاطمة و الطيبين من آله صلي اللّه عليهم اجمعين ، ففي الكافي عن حمران بن اعين عن ابيعبداللّه (ع) قال ان جبرئيل (ع) اتي رسول اللّه (ص) برمّانتين فاكل رسول الله (ص) احدهما و كسر الاخري بنصفين فاكل نصفاً و اطعم علياً نصفاً ثم قال له رسول اللّه (ص) يا اخي هل تدري ما هاتان الرمّانتان قال لا قال اما الاولي فالنبوة ليس لك فيها نصيب و اما الاخري فالعلم فانت شريكي فيه فقلت اصلحك اللّه كيف يكون شريكه فيه قال لميعلّم الله محمداً (ص) علماً الا و امره ان تعلّمه علياً (ع) و عن محمد بن مسلم قال سمعت اباجعفر (ع) يقول نزل جبرئيل (ع) علي محمد (ص) برمانتين من الجنة فلقيه علي (ع) فقال ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك فقال (ص) اما هذه فالنبوة ليس لك فيها نصيب و امّا هذه فالعلم ثم فلقها رسول اللّه (ص) بنصفين فاعطاه نصفها و اخذ رسول اللّه صلي اللّه عليه و اۤله نصفها ثم قال (ص) انت شريكي فيه و انا شريكك فيه قال (ع) فلميعلم واللهِ رسول اللّه (ص) حرفاً ممّا علّمه اللّه تعالي الا و قد علّمه عليّاً (ع) ثم انتهي العلم الينا ثم وضع يده علي صدره ، و فيه عن سليم بن قيس الهلالي قال قلت لاميرالمؤمنين عليه السلام اني سمعت من سلمان و المقداد و ابيذر شيئاً من تفسير القرآن و احاديث عن نبيّ اللّه (ص) غير ما في ايدي الناس الي ان قال علي (ع) و كنت اذا دخلتُ عليه بعض منازله اخلاني و اقام عنّي نسائه فلايبقي عنده غيري و اذا اتاني للخلوة معي في منزلي لميقم عني فاطمة و لا احداً من بَنِيَّ و كنت اذا سألته اجابني و اذا سكت عنه و فنيتْ مسائلي ابتدأني فمانزلَتْ علي رسول اللّه (ص) آية من القرآن الا اقرأنيها و املاها عليّ فكتبتها بخطي و علمني تأويلها و تفسيرها و ناسخها و منسوخها و محكمها و متشابهها و خاصّها و عامّها و دعا اللّه ان يعطيني فهمها و حفظها فمانسيت آية من كتاب اللّه تعالي و لا علماً املاه عليّ و كتبته منذ دعا اللّه لي بما دعا و ماترك شيئاً علّمه الله من حلال و لا حرام و لا امر و لا نهي كان او يكون و لا كتاب منزل علي احد قبلَه من طاعة او معصية الّا علّمنيه و حفظته فلمانس حرفاً واحداً ثم وضع يده علي صدري و دعا اللّه لي ان يملأ قلبي علماً و فهماً و حكماً و نوراً الحديث ، و روي الحسن بن سليمن الحلي عن كتاب تأويل ما نزل من القرءان لابيعبداللّه محمد بن العباس بْن مروان بسنده الي عمران بن ميثم ان عباية ( عبابة خل ) حدثه انه كان عند اميرالمؤمنين عليه السلام خامس خمسة هو اصغرهم يومئذ فسمع اميرالمؤمنين (ع) يقول حدثني اخي انه ختم الف نبيّ و اني ختمت الف وصيّ و اني كلّفتُ ما لميكلّفوا و اني لاعلم الف كلمة مايعلمها غيري و غير محمد (ص) ما منها كلمة الّا مفتاح الف باب بعد ما تعملُون ( تعلمون ظ ) منها كلمة واحدة غير انكم تقرؤن منها آية واحدة في القرٰان و اذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابةً من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لايوقنون و ماتدرون بها ه ، اقول و روي الف باب ينفتح من كل باب الف باب و من كل باب الف باب و روي الف حرفٍ ينفتح من كل حرف الف حرف ، و في الكافي عن الحارث بن مغيرة و عدة من اصحابنا منهم عبدالاعلي و ابوعبيدة و عبداللّه بن بشر الخثعمي سمعوا اَباعبداللّه (ع) يقول اني لاعلم ما في السموات و ما في الارض و اعلم ما في الجنة و اعلم ما في النار و اعلم ما كان و ما يكون قال ثم مكث هُنَيّةً فرأي ان ذلك كبر علي من سمعه منه فقال علمت ذلك من كتاب اللّه تعالي ان اللّه تعالي يقول فيه تبيان كل شيء ه ، و الحاصل انهم عليهم السلام موضع الرسالة بهذه المعاني التي ذكرناها و ما اشبهها لا بمعني انهم رسل جعلهم محال الرسالة يوحي اليهم كما توهّمه بعض الغُلاة و قد كذبوا و انما هم محدّثون صلي الله عليهم اجمعين . قال عليه السلام : و مختلف الملائكة اي محل ترددهم اي ينتهي ترددهم ابتداءاً و انتهاءاً اليهم للخدمة و اكتساب الكمالات و العلوم منهم (ع) و لتبلغ ( و لتبليغ خل ) ما حتم و قضي من المقدرات فان اللّه سبحانه و تعالي ببديع حكمته جعل الملائكة رُسلاً في تبليغ الامدادات و تكميل الاستعدادات كما قال سيدالساجدين (ع) في الصلوة علي الملاۤئكة من الصحيفة قال (ع) و رسلك من الملائكة الي اهل الارض بمكروه ما ينزل من البلاء و محبوب الرخاۤء و كذلك في تبليغ الاحكام من المحتوم من خلقٍ و رزقٍ و موتٍ و حيوة و ما يحدث من كلّ مُشاۤء و مرادٍ و مقدّرٍ و مقضي و ممضي و مكتوب و مؤجل و مأذون اليهم (ع) لأنّهم ابواب الفيض و منبع الخير فالملاۤئكة تأتي اليهم بما يبرز من الألهامات و القذوف و ما تجري به الأقلاۤم و تمضي به الأحتام مما تحت المشيّة من سابق علمه و مقدّر حكمه و تبلّغ الملاۤئكة ما تنزل به عليهم عن امرهم الي ما يشاۤء الله من خلقه فهم (ع) ابواب الله تعالي في جميع ذرّات الوجود في الصدور و الورود فالملاۤئكة المرسلون اليهم تتلقّي ما تنزل به اليهم من انوارهم و امثال حقائقهم و تبلّغه الي آثارهم و صورهم و بيوتهم و مواطنهم و غنمهم و انعامهم فهم يتلقّون عنهم و يبلغونهم ما تلقّوه الا انّهم يأخذون عن غيبهم و يوصلونه الي شهادتهم و مثال ذلك في نفسك انّ خواطرك التي ترد عليك بالتذكر و الفهم و المعرفة حتي تستفيد منها العلوم و الفهم و التذكر انّما ترد عليك من قلبك و هذا مثال تلك الملاۤئكة المرسلين في صدورهم بالوحي و الألهامات من المبدء انما تصدر من انوار حقايق المحمد عليهم السلام فهم المعلِمون للخلق اجمعين روي الصدوق باسانيده عن عبدالسلام بن صالح الهروي عن علي بن موسي الرضا (ع) عن ابيه عن اۤبائه عن علي بن ابيطالب صلوات الله عليهم قال قال رسول الله (ص) ماخلق الله خلقاً افضل مني و لا اكرم عليه مني قال علي (ع) فقلتُ يا رسول اللّه (ص) فانت افضل او جبرئيل فقال (ص) يا عليّ انّ اللّه تبارك و تعالي فضّل انبياۤئه المرسلين علي ملائكته المقربين و فضّلني علي جميع النبيّين و المرسلين و الفضل بعدي لك يا علي و للائمة من بعدِك و انّ الملاۤئكة لخدامنا و خدّام محبينا يا علي الذين يحملون العرش و من حوله يسبّحون بحمد ربّهم و يستغفرون للذين امنوا بولايتنا يا علي لولا نحن ماخلق الله اۤدم و لا حواء و لا الجنة و لا النار و لا السماء و لا الارض فكيف لانكون افضل من الملاۤئكة و قد سبقناهم الي معرفة ربّنا و تسبيحه و تهليله و تقديسه و تمجيده لأنّ اوّلَ ما خلق الله عز و جل خلق ارواحنا فانطقنا بتوحيده و تحميده ثم خلق الملاۤئكة فلما شاهدوا ارواحنا نوراً واحداً استعظموا امرنا فسبّحنا لتعلم الملاۤئكة انا خلق مخلوقون و انه منزه عن صفاتنا فسبّحت الملاۤئكة بتسبيحنا و نزّهته عن صفاتنا فلما شاهدوا عظم شأنِنا هلّلنا لتعلم الملاۤئكة الّا اله الّا اللّه و انا عبيد و لسنا باۤلهَةٍ يجب ان نعبد معه او دونه فقالوا لا الٰه الّا اللّه فلما شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا لتعلم الملاۤئكة ان اللّه اكبر من ان يُنال عظيم المحل الّا به فلما شاهدوا ما جعله لنا من العزّ و القوة قلنا لا حول و لا قوة الّا بالله العلي العظيم لتعلم الملاۤئكة ان لا حول و لا قوة الّا بالله فلما شاهدوا ما انعم الله به علينا و اوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا الحمد للّه لتعلم الملاۤئكة ما يحق لله تعالي ذكره علينا من الحمد علي نعمه فقالت الملاۤئكة الحمد لله فبنا اهتدوا الي معرفة توحيد اللّه و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده ثم ان اللّه تبارك و تعالي خلق اۤدم فاودعنا صلبه و امر الملاۤئكة بالسجود له تعظيماً لنا و اكراماً و كان سجودهم للّه عز و جل عبوديّة و لٰادم اكراماً و طاعةً لكوننا في صلبه فكيف لانكون افضل من الملاۤئكة و قد سجدوا لٰادم كلهم اجمعون الحديث ، و عن حبيب بن مظاهر رضي الله عنه انه قال للحسين بن علي بن ابيطالب (ع) أي شيء كنتم قبل ان يخلق اللّه اۤدم (ع) قال كنا اشباحَ نورٍ تدور حول عرش الرحمن فنعلّم الملاۤئكة التسبيح و التهليل و التحميد كما تقدم مفصلاً ، و عن ابنابيعمير عن عمرو بن جميع عن ابيعبدالله (ع) قال كان جبرئيل (ع) اذا اتي النبي (ص) قعد بين يديه قعدة العبيد و كان لايدخل حتي يستأذنه ، و روي الكليني في الصحيح عن ابيحمزة الثمالي قال دخلتُ علي علي بن الحسين (ع) فاحتبستُ في الدار ساعة ثم دخلتُ البيت و هو يلتقط شيئاً و ادخل يده في وراء الستر فناوله مَن كان في البيت فقلتُ جُعلتُ فداۤءك هذا الذي اراك تلتقطه أي شيء هو فقال فضلة من زغب الملاۤئكة اي صغار ريشهم نجمعه اذا خلونا نجعله سبحا لِاَوْلٰادِنا فقلت جعلتُ فداۤءك و انهم ليأتونكم فقال يا اباحمزة انّهم ليزاحمون علي تُكَأَتِنٰا ، و عن ابيالحسن عليه السلام قال سمعته يقول ما من ملكٍ يُهْبِطه اللّه في امر مايهبطه الّا بدأ بالامام (ع) فعرض ذلك عليه و انّ مختلف الملاۤئكة من عند الله تبارك و تعالي الي صاحب هذا الامر (ع) ، اقول و يجوز ان يكون معني كونهم (ع) مختلف الملاۤئكة ان ما اختلفت الملاۤئكة به الي جدهم (ص) انه عندهم اي محل ما اختلفت به او المستحفظون له او ( و خل ) اختلاف الملاۤئكة المقتضي لتعدّدهم و ذلك لاختلاف جهات قوابل الملائكة و استمداداتهم منهم عليهم السلام في بدء خلقهم من انوارهم و في استمداداتهم و تلقّيهم منهم الكمالات و المعارف و ساۤئر العلوم و التحمّلات في التأدية الي من شاء اللّه فانّ الملائكة في تلقي تلك الاشياۤء مختلفون في الجهات و الافعال و المفعولات اختلافاً عدد ذرّات الوجود كل ملك يتحمل بحسب قابليته و ما يناسبُه و ما هو من جنسه او نوعه او شخصه و كل ذلك الاختلاف و التّبايُن و التمايز منحصر في جهتهم صلي اللّه عليهم اجمعين فلذا كانوا مختلف الملاۤئكة و المعني الأوّل هو الظاهر من العبارة الظاهرة و غيره مراد في المعني و اللّه اعلم . قال عليه السلام : و مهبط الوحي اي محل هبوط الوحي بواسطة جدهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كما تقدم لانهم الحافظون لما نزل به الوحي من احكام الذوات و الصفات و الاَفْعال و الاعمال و الاقوال و الاحوال يعني انهم محل ما هبط منها بالوحي الخاص الذي ينزل به الملك ظاهراً بالوحي و ان اريد بالوحي ما هو اعمّ من هذا و من الألهام و سماع الصوت و ما نطقت به الجمادات و النباتات و الحيوانات و احوالها و ما نطق به احوال الكلام و الألفاظ و الاعراض فهم علي الحقيقة محلّ ذلك و انما قيل مهبط الذي يراد منه المحل الذي ينزل فيه من المكان الذي هو اعلي منه مع انهم (ع) اعلي من هذا الهابط علي الوجهين لأنّ المراد بالهبوط اليهم ظهور ذلك علي حقاۤئقهم و عقولهم و نفوسهم و ظواهرهم و في كل مقامٍ من هذه المهابط الأربعة ينزل فيه مما هو اعلي منه فينزل في حقائقهم من فعل الله و في عقولهم من الماۤء الأوّل و في نفوسهم من عقولهم و في ظواهرهم من نفوسهم بواسطة الملائكة تحدّثهم عن نفوسهم عن عقولهم عن حقائقهم عن الماۤء عن الفعل عن الله سبحانه و تعالي فان قلتَ ما الجمع بين ما ورد انّ جبرئل (ع) قال عند موت النبي (ص) هذا آخر نزولي الي الدنيا و الٰان اصعد الي السماۤء و لاانزل ابداً و انّ الائمة يسمعون الصوت و لايرون الشخص و بين ما روي انّ عليّاً (ع) كان يخطب في مسجد الكوفة فقال سلوني قبل اَن تفقدوني فاتاه رجل فقال اخبرني أين جبرئل الٰان فرمق السموات ثم رمقَ الأرضين و الجهات فقال للسّائل انت جبرئل فقال صدقتَ فعرجَ الي السماۤء و الناس ينظرون اليه و انّهم (ع) تأتيهم الملاۤئكة و يقعدون علي فرشهم و يتّكؤن علي متّكَأٰتهم ( متكائهم خل ) و يرونهم قلتُ الجمع بينهما انّ جبرئل (ع) بعد موت النبي (ص) لاينزل الي الارض بوحيٍ قطّ لانختام النبوّة بنبوّة نبينا صلّي اللّه عليه و آله و ان نزل بغير وحيٍ و انّ الائمة (ع) يسمعون صوت الوحي من الملك و لايرون شخصه حين ينزل بالوحي و في غير هذا الحال يرونهم و يقعدون معهم و يخبرونهم بكلّ ما يسئلونهم و يرونهم حين يأتون باحكامِ القضاۤء و الامضاۤء الذي هو بيان ما ينزل ( نزل خل ) به الوحي علي النبي (ص) و امّا انّهم يسمعون الصوت و لايرون الشخص فالمراد انّهم اذا نزل الوحي علي النبي (ص) بامرٍ من الأمور فانّهم عليهم السلام يسمعون ما يسمع (ص) و لايرون شخص الملك الذي ينزل بالوحي التأسيسي علي النبي (ص) لِأَنّ السماع و الرؤية معاً اعظم مظاهر الحق و اظهر و لاتصلح الّا للنبي (ص) و الي هذا الاشارة في دعاء ليلة مبعث النبي صلي الله عليه و آله الليلة السابعة و العشرين من شهر رجب قوله (ع) اللهمّ اني اسألك بالتجلي الأعظم في هذه اللّيلة من الشهرِ المكرّم ان تصلي علي محمّدٍ و المحمدٍ و ان تغفر لنا ما انت به ( اعلم منا خل ) منّا اعلم يا مَن يعلم و لانعلم اللهمّ بارك لنا في ليلتنا هذه التي بشرفِ الرسالة فضّلتها و بكرامتك اجللتها و بالمحل الشريف احللتَها ، و يحتمل انّ المراد انّ الأمام (ع) لايري شخص الملك النازل بالوحي محدِّثاً له و انما يراه محدِّثاً للنبي (ص) الّا ان يحدِّثه ببيان الوحي الذي نزل قبل علي النبي (ص) و يدلّ علي انه يري الملك النازل بالوحي علي النبي (ص) قوله (ص) يا علي انّك تسمع ما اسمع و تري ما اري و لا ضرر في ذلك فانّهم لايرون الشخص النازل بالوحي التأسيسي عليهم لأنّه انما يرونه نازلاً علي النبي (ص) و انما كانوا (ع) مهبط الوحي مع ان مهبط الوحي هو رسول الله صلي الله عليه و آله لانهم (ع) امثالُه و نفسه كما يشير اليه قوله تعالي في تأويل ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخيرٍ منها او مثلها فلما مات رسول اللّه (ص) اُتي بعليٍ (ع) و هو مثله و كذلك علي و الحسن و الحسين الي الحسن العسكري عليهم السلام فلما مات العسكري اُتي بخير منه و هو القائم (ع) لأنه افضل الثمانية كما روي عن النبي (ص) انه قال تاسعهم قائمهم اعلمهم افضلهم و يحتمل ان يكون بخيرٍ منها ليس للتفضيل بل المعني نأت بخير كثير من الذي قبله و تكون ( من خل ) للأبتداء اي بدله و مثله و كذلك قوله تعالي و انفسنا و انفسكم فجعل عليّاً (ع) نفس الرسول (ص) و ما يجري لعلي يجري لولده الطيبين عليهم السلام فيكون بهذا المعني ايضاً مهبط الوحي و الوحي قد يراد به ( منه خل ) خصوص الالهام كما في قوله تعالي و ماكان لبشرٍ ان يكلّمه اللّه الّا وحياً اي الهاماً او من وراۤء حجاب كتكليمه موسي (ع) من الشجرة او يرسل رسولاً كجبرئل فبهذه الأرادة يكونون حقيقة مهبط الوحي لأنّهم مهبط الألهام من الملك العلّام و كذلك بالحجاب و بارسال الملائكة ماخلا ما يختص بالنبوة و الرسالة من الوحي التأسيسي و الّا ففي كلّ سنة الي فناۤء الدنيا في ليلة القدر تنزل الملاۤئكة و الروح فيها اي روح القدس و هو الملك الأعظم و هو المحدِّث لكلّ نبيّ و امامٍ فينزل عليه مع الملائكة التي لايحصي عددهم الّا اللّه بما كان محتوماً من الأمور المقضيّات علي امامِ العصر (ع) فيراهم و يسمعهم البتّة الّا انّ الذي يأتون به ليس من الوحي التأسيسي و انما هو لبيان المحتوم مما عنده من الامور المشروطة فافهم . قال عليه السلام : و معدِن الرحمة المعدِن بكسر الدال مركز كلّ شيء من عَدَن بالمكان عَدْناً و عُدوُناً اي اقام به و جنّات عدنٍ اي جنات اقامة لا زوال لأهلها و لا انتقال لهم عنها و منه المعدن اي مستقرّ الجوهر و في الحديث الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة لأنّهم يتفاوتون في الكمالات الشرعية علي حسب استعداداتهم ففيهم الجيد و الردي كالمعادن ، و الرحمة لغة في الأنسان رقّة القلب و عطفه و يستعملونها في حق الله في عطفه و برّه و رزقه و احسانه و عنايته و ما اشبه ذلك و في العرف الخاصّ الرحمة اعطاۤء كلّ ذي حقٍّ حقّه و هو قوله تعالي الرحمن علي العرش استوي انّه سبحانه استوي برحمانيته علي العرش فاعطي كل ذي حقٍ حقه كقوله تعالي اعطي كل شيء خلقه ثم هدي فالعرش عبارة عن اركانٍ اربعةٍ لأنّه ينقسم اليها فالركن الأحمر استوي الرحمن عليه بصفة الخلق فعنه خلق كلّ شيءٍ و استوي الرحمن علي الركن الأصفر بصفة الحيوة فعنه احيي كلّ شيءٍ و استوي الرحمن علي الركن الأبيض بصفة الرزق فعنه رزق كلّ شيءٍ و استوي الرحمن علي الركن الأخضر بصفة الموتِ فعنه امات كلّ شيءٍ و كون الرحمة اعطاۤء كل ذي حقٍّ حقّه هو السرّ في قوله تعالي الرحمن علي العرش استوي ، ثم استوي علي العرش الرحمن فاسئل به خبيراً ، ثم استوي علي العرش الرحمن يدبر الأمر و ما اشبه ذلك و لميقل اللّه علي العرش استوي ، ثم الرحمة قسمان الرحمة الواسعة سمّيتْ بذلك لشمولها لجميع الخلق من مؤمنٍ و كافر و صالحٍ و طالحٍ و جمادٍ و نباتٍ و حيوانٍ و هي خير ( حيز خل ) الايجاد فهي وجود و الوجود خير ( حيز ظ ) فمنها الفضل و منها العدل و هي ( فهي خل ) صفة الرحمن فتعمّ المؤمن و الكافر في الدنيا و الثاني الرحمة المكتوبة و هي الرحمة الخاصّة و هي محض الفضل في الحقيقة و ان انقسمَت في الظاهر الي فضلٍ و مجازاة و هي صفة الرحيم فتخصّ المؤمن في الٰاخرة قال الله تعالي و رحمتي وسعت كل شيءٍ و هذه هي الرحمة الواسعة قال تعالي فسأكتبها للذين يتقون و يؤتون الزكوة و هذه هي الرحمة المكتوبة و هي خاصة بالمؤمنين قال تعالي و كان بالمؤمنين رحيماً و الروايات مختلفة هذا معني روايةٍ ، و معني اخري تعلّق الصفتين بالدنيا و الٰاخرة ففي الدعاء يا رحمن الدنيا و الٰاخرة و رحيمهما و وجه آخر و هو ان الرحمن اكثر حروفاً من الرحيم و زيادة المباني تدل علي زيادة المعاني فتكون الرحمن بالدنيا و الٰاخرة و الرحيم بالاۤخرة فعلي الأوّل عموم صفة الرحمن للمؤمن و الكافر في الدنيا من جهة الفضل علي المؤمن و العدل بالكافر او انّه سبحانه قد تفضّل علي المؤمن بما يستحقه لأيمانه و علي الكافر اتماماً للنعمة لعله يتذكر نعمة اللّه او يخشي عقوبته عليها بترك شكرها او بزوالها او استدراجاً كما قال تعالي فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتي اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتةً فاذا هم مبلسون و انه قد اجري عدله علي المؤمن بان يؤاخذه بما يقع منه من الذنوب و لميعف عنه فيبتليه بالمرض و الفقر و موت النسل و الهموم او يسلّط عليه ظالماً يؤذيه او جار سوء او امرأة تؤذيه او غير ذلك ليعلم الصابرين و يكون ما اصابه كفّارة لِما وقع منه من الذنوب و ليعلم المؤمن ان الدنيا لَيْسَتْ بدار امنٍ و ثوابٍ و راحةٍ فلايرغب في الركون اليها و انّه قد اجري عدله علي الكافر جزاءً بما كانوا يكسبون او ليرْغَبَ في الاسلام او ليكره الدنيا لأنّ كثيراً ممن كفر انما كفر لرغبته في الدنيا اذ قد يكون عليه في الاسلام ذلة في زعمه بالأنقياد الي اهل الأسلام او خوفاً علي فوات بعض حطامها و امثال ذلك فلايسلم حرصاً علي الدنيا فأذا تبيّن له فساد الركون اليها و انّه لايدرك مطلوبه آمَن او انّ ذلك تقدمة لعذابه و غير ذلك ، و علي الثاني يرحم المؤمن في الدنيا بأن يتفضّل عليه بجزيل النعم انعاماً لبالِه۪ قال تعالي أليس الله باعلم بالشاكرين و ان يعفو عن تقصيراتِه۪ و سيّئاۤته تفضّلاً فلايؤاخذه بشيءٍ من ذلك و هذا جهة الفضل من الرحمة الواسعة و ذلك الفضل هو الرحمة المكتوبة فتجري علي ذلك المؤمن بنعيم الأبد و ملكٍ لايبلي و هذا صفة الرحيم و قد تجري صفة الرحيم علي الكافر في الدنيا بأن تُرْفَع عنه البلايا و المحن و الفقر و الهموم و الامراض استدراجاً او تذكيراً لنعمه عليه و لاتجري عليه في الٰاخرة اِلّا علي نحوٍ لايحسّ بها كما لو كانت له استحقاقات من الاعمال الظاهرة كما لو اعطي فقيراً شيئاً من رقّة قلبه و لميجاز عليها في الدنيا ثم تفرّق عليه في النار حتي يُوفَّاها و هو في النار مفرقة بحيث لايحسّ بالتخفيف و علي الثالث ما يعلم مما تقدم و بالجملة الرحمة الواسعة تعم المؤمن و الكافر في الدنيا و الٰاخرة و هي صفة الرحمن و الرحمة المكتوبة قد تعمهما في الدنيا و الٰاخرة و قد تخصّ المؤمن في الٰاخرة الّا انّه لايجري علي المؤمن من الرحمة الواسعة في الٰاخرة الّا جهة الفضل التي يطلق عليها الرحمة المكتوبة و في الدنيا يشارك الكافر في الفضل و العدل الّا انه علي نحو اللّطف به و التطهير له بخلاف جريان الرحمة الواسعة علي الكافر فانها لاتجري عليه علي نحو اللّطف و التطهير فكونهم (ع) معدن الرحمة انّهم معدن الرحمة الواسعة في الدنيا و الٰاخرة بجميع معانيها و معدن الرحمة المكتوبة في الدنيا و الٰاخرة كذلك و ذلك لأنّهم (ع) اولياۤء النعم و سيوف النقم و اليه الأشارة بقوله تعالي حتي اذا فتحنا عليهم باباً ذا عذابٍ شديدٍ اذا هم فيه مبلسون ، فضرب بينهم بسورٍ له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب لأنّهم عليهم السلام مُناة للخلق اي مبتلون و مختبرون و مقدِّرون للخلق في جميع الحركاتِ و السكناتِ و الاراداتِ و الاعمالِ و الاعتقاداتِ و اذواد يذودون الاعداۤء عن الخير و الأولياۤء عن الشرّ و بالجملة قال الحجّة عليه السلام في دعاۤءِ كلّ يومٍ من شهر رجب اعضادٌ و اشهاد و مُناة و اذواد و حفظة وَ رُوّاد الخ ، و من اتصف بهذه الصفات فهو معدن الرحمة الواسعة و محلّها الذي وسعها فاعضاد اشارة الي مفهوم قوله تعالي مااشهدتهم خلق السموات و الأرض و لا خلق انفسهم و ماكنتُ متخذ المضلّين عضداً فهم (ع) قد اشهدهم خلق السموات و الارض و خلق من اسكنهما من جِنّه و انسه و ملاۤئكته و سائر ما برأ و ذرأ و ما احدث من جمادٍ و نباتٍ و حيوان و اشهدهم خلق انفسهم و اتخذهم اعضاداً لخلقه لأنهم الهادون و اتخذ الهادين عضداً و معني انّه سبحانه اتخذهم اعضاداً لخلقه ان الشيء لايتقوّم الّا بمادّته و صورته لتوقف وجوده علي العلّة المادّية و العلّة الصوريّة و لمّا خلق اللّه محمداً (ص) سراجاً منيراً اشرق نوره حتي ملأ العمق الاكبر فخلق الله موادّ الاشياء غيبها و شهادتها مادّيها و غير مادّيها و جواهرها و اعراضها من نور محمد صلي اللّه عليه و آله و لمّا خلق اللّه عليّاً عليه السلام قمراً منيراً اشرق نوره حتي ملأ العمق الاكبر فخلق سبحانه صور الاشياء غيبها و شهادتها ماۤدّيها و غير ماۤدّيها و جوهرها و اعراضها من نور علي (ع) فالمادّة هي الأب و الصورة هي الأم و الي هذا اشار (ص) انا و علي ابوا هذه الامّة و في الحديث عن الصادق (ع) بيان ذلك قال (ع) انّ اللّه خلق المؤمنين من نوره و صبغهم في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لأبيه و امّه ابوه النور و اُمّهُ الرحمة و لا شك انّ الصبغ هو الصورة و هي الامّ فتفهّم فالمادة و الصورة اللّتان هما العلّتان اللّتان لايتقوّم الشيء الّا بهما هما ركنا الشيء و عضده فقد اتخذهم اعضاداً لخلقه ، و اشهاد اي انّ الله جعلهم شهداۤء علي خلقه يعني يشهدون اعمالهم فسيري الله عَملَكُمْ و رَسُوله و المؤمنون و احوالهم و اقوالهم و جميع حركاتهم و سكناتهم لايغيب عنهم شيء من احوال الخلق و في عيون الاخبار انّ الرضا عليه السلام سأله بعض من حضر من الفقهاء و اهل الكلام من الفرق المختلفة في مجلس المأمون فقال يا ابن رسول الله بأي شيء تصحّ الامامة لمدّعيها قال بالنص و الدليل قال له فدلالة الامام في ما هي قال في العلم و استجابة الدعوة قال فما وجه اِخباركم بما يكون قال ذلك بعهدٍ معهود الينا من رسول الله (ص) قال فما وجه اِخباركم بما في قلوب الناس قال له امابلغك قول رسول اللّه (ص) اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه قال بلي قال فما من مؤمن الا و له فراسة لنظره بنور اللّه علي قدر ايمانِه۪ و مبلغ استبصاره و علمه و قد جمع اللّه للائمة منّا ما فرقه في جميع المؤمنين و قال عز و جل في محكم آياته انّ في ذلك لٰاياتٍ للمتوسّمين فاوّل المتوسّمين رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ثم اميرالمؤمنين عليه السلام من بعده ثم الحسن و الحسين و الائمة من ولد الحسين الي يوم القيمة قال فنظر المأمون فقال يا اباالحسن زدنا ممّا جعل اللّه لكم اهل البيت فقال الرضا (ع) انّ الله تبارك و تعالي قد ايّدنا بروحٍ منه مقدّسة مطهّرة ليست بِمَلَكٍ لمتكن مع احدٍ ممّن مضي الا مع رسول اللّه (ص) و هي مع الائمّة منا تسدّدهم و توفّقهم و هو عمود من نور بيننا و بين اللّه عز و جل الحديث ، اقول فبهذا العمود النور يشهدون جميع اعمال العباد و هذا العَمود قد يسمّي ملكاً في بعض الاخبار و في بعض الاخبار ما معناه انّ اللّه يعطي وليّه عموداً من نورٍ يَري فيه اعمال الخلائق كما يري احدكم الشخص في الْمِرءٰاة و بالجملة فالمراد بكونهم اشهاداً انهم لايخفي عليهم شيء من اعمال الخلائق فهم يشاهدونهم و اَنّهم يشهدون علي مَن وَفي بما وفي و مَن انكر بما انكر ، و في الكافي عن سماعة قال قال ابوعبداللّه عليه السلام في قول اللّه تعالي فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيدٍ و جئنا بك علي هؤلاۤء شهيداً قال نزلت في امّة محمد (ص) خاصّة في كل قرنٍ منهم امام مِنّا شاهد عليهم و محمد (ص) شاهد علينا ، و فيه عن بُرَيدٍ العجلي قال سألتُ اباعبداللّه عن قول اللّه تعالي و كذلك جعلناكم امّةً وسطاً لتكونوا شهداۤء علي الناس قال (ع) نحن الامّةُ الوسطي و نحن شهداۤء اللّه علي خلقه و حججه في ارضه قلتُ قول اللّه ملّة ابيكم ابراهيم قال (ع) ايّانا عني خاۤصّة هو سمَّيكم المسلمين من قبل في الكتب التي مضت و في هذا القرءان ليكون الرسول عليكم شهيداً فرسول اللّه (ص) الشهيد علينا بما بلّغنا عن الله تعالي و نحن الشهداۤء علي الناس فمن صَدَق صدّقناه يوم القيمة و مَن كذب كذبناه ، و في حديث ليلةالقدر منه و لذلك جعلهم شهداۤء علي الناس ليشهد محمد (ص) علينا و لنشهد علي شيعتنا و لتشهد شيعتنا علي الناس فرسول اللّه (ص) شاهد علينا و نحن شهداۤء اللّه علي خلقه و حجته في ارضه و نحن الذين قال اللّه تعالي و كذلك جعلناكم امةً وسطاً ( لتكونوا الخ ، خل ) ه ، و امّا ما دلّت عليه الأخبار من انّ تلك الشهادة انما هي بروح القدس لانّه هو الّذي يسددهم و يحدّثهم بل في بعضها انّ الامام (ع) اذا غاب عنه الملك المحدث لايعلم و يغفل فالمراد به العقل الأوّل عند الحكماۤء و هو القلم و هو عقل محمد (ص) و عقلهم (ع) فهو ينتقل فيهم كصورة الوجه المنتقلة في مِرْءٰاةٍ من اخري مقابلةٍ لها و لهذا ورد انه لميكن مع احدٍ قبلهم الّا رسول اللّه (ص) و في الكافي روي ابوبصير قال سمعتُ اباعبداللّه (ع) يقول يسئلونك عن الروح قل الروح من امر ربي قال خلق اعظم من جبرئل و ميكائيل لميكن مع احد ممّن مضي غير محمد (ص) و هو مع الائمة (ع) يسدّدهم و ليس كلما طلب وجد ه ، قوله (ع) و ليس كلما طلب وُجِد انّ التوجه من المخلوق له اجل عند اللّه فحصولُهُ لَهُ لايكون الّا بمشيّةٍ من اللّه و ارادةٍ و قدرٍ و قضاۤء و اذنٍ و اجلٍ و كتاب و هذا حكم يشترك فيه جميع الخلق اذ ما بالفعل مطلقاً ابداً بلا غيبةٍ و لا طلبٍ حكم الواجب سبحانه و تعالي و ما ورد بأنّه يكون مع سائر الانبياۤء (ع) لاينافي انّه لميكن مع احدٍ ممّن مضي غير محمد (ص) لانّ المراد من كونه مع الانبياء (ع) بوجهٍ من وجوهه يعني مظهراً من مظاهره و لايحيط به احد غير الاربعةعشر (ع) و الي ذلك الاشارة بقوله تعالي حكاية عن عيسي (ع) تعلم ما في نفسي و لااعلم ما في نفسِك انك انت علّام الغيوب و قول الرضا عليه السلام كما تقدم انّ تلك الروح المقدّسة ليست بملك و قول الصادق (ع) خلق اعظم من جبرئل (ع) مع ما ورد انه ملك يراد منه انه ليس بملك بسيط مفرد ليس بجامع مُمَلّكٍ بل هو جامع مُمَلّك و كونه ملكاً انه ليس ببشرٍ و المعني انّ الملك بمنزلة جزء الانسان و الانسان بمنزلة ملك و شيطان فهو جامع بالنسبة الي الملك و مملّك و لاتملّك في الملك و لا جامعية و هذه الروح جامعة لها خلق من دونها و ليس ببشر يجري عليه احكام التغير و التبدّل ( التغيير و التبديل خل ) ظاهراً و بالجملة بيان هذه المسئلة كما ينبغي يطول به الكلام ، و مناة جمع مَانٍ و هو المقدِّر او المبتلي او المبتلي به فمعني المقدر انهم محالّ القدر و التقدير و وضع حدود الأشياء و مقاديرها في الكم و الكيف و الأين و المتي و الوضع و الرتبة و المكان و الأجل و الأذن و الكتاب و النسب و الأضافات و ذلك في الاسباب و المسبّبات قال اللّه تعالي و عنده مفاتح الغيب لايعلمها الّا هو و يعلم ما في البرّ و البحر و ماتسقط من ورقة الّا يعلمها و لا حبة في ظلمات الارض و لا رطب و لا يابس الا في كتاب مبين ، و معني المبتلي انه يهدي و يضلّ فيستنطق الطبائع بما انطوت و السرائر بما اضمرت و الحقاۤئق بما اسرّت فبذلك كل يسرّ لما خلق له و كل عَمِلَ بعمله و معني انه مبتلي به انه محنة الخلق من الانبياۤء و المؤمنين و الملاۤئكة و الناس اجمعين بل جميع الموجودات كما انّ عليّاً (ع) سبب ابتلاء ايّوب (ع) قال علي (ع) لما كان عند الانبعاث للنطق ( للمنطق خل ) شك ايوب (ع) و بكي و قال هذا خطب جليل و امر جسيم قال اللّه عزّ و جلّ يا ايّوب أتشكّ في صورةٍ انا اقمتُه اني ابتليتُ آدم بالبلاۤء فوهبته له بالتسليم عليه بامرة المؤمنين فانت تقول خطب جليل و امر جسيم فوعزّتي لاذيقنّك من عذابي او تتوب اليّ بالطاعة لاميرالمؤمنين ثم ادركته السعادة بي يعني انه تاب الي اللّه و اذعن بالطاعة لاميرالمؤمنين صلي الله عليه و علي ذريّته الطيبين و معني المبتلي به ان الابتلاۤء هو الاختبار بالتكليف الشاقّ بان يؤمر الشخص او ينبّه بما لايعرف حقيّته ( حقيقته خل ) بعقله بل يعرف عدم حقيّته كما قد يعرض لكثير من المكلّفين و قد يظهر له من التكليف احتمال لاينبغي كما سمعت ممّا روي عن ايّوب بل اكثر الأنبياۤء (ع) و ان كان ذلك الاحتمال لايوجب المعصية و لكنه ينقص كمال ما ينبغي في حق المقرّبين كما روي انّ حسنات الابرار سيّئات المقرّبين فيعرض ذلك الاحتمال الموجب لترك الأولي في حق الأنبياء (ع) فلأجل قربهم يؤاخذون و يبتلون و في الحديث ما معناه انّ في الصراط عقباتٍ كَؤُداً لايقطعها بسهولةٍ الّا محمد و اهل بيته (ص) و تلك العقبات يعثر فيها الخلق و العثراتُ تختلف فمنها عثرات عظيمة كما في كثير من غير المعصومين كثير منها مهلِك لايُتلافي و كثير منها مهلِك يُتلافي و منها عثراتُ اهل العصمةِ من الأنبياۤء (ع) و هي عثرات في حقهم خاصّة و امّا في حق الناس فلايَلتفت الوليّ اليها فاذا وقعت من الأنبياۤء عُوتِبوا فكان الأصل كلّه في تلك العثرات المهلكة و غيرها التقصير في ولايتهم (ع) فهم المبتلي بهم و هم المبتلون و الي هذا الاشارة بقوله تعالي و ان كنّا لمبتلين ، و اذواد جمع ذائد يذودون وليّهم عن الشرّ و عدوّهم عن الخير كما تقدم و منه حديث ابيالطفيل عامر بن واثلة قال قلتُ يا اميرالمؤمنين اخبرني عن حوض النبي (ص) في الدنيا ام في الٰاخرة قال (ع) بل في الدنيا قلتُ فمن الذائد عليه قال انا بيدي فليردنّه اولياۤئي و ليُصْرفَنَّ عنه اعدائي و في روايةٍ و لأُورِدَنّه اولياۤئي و لاَصرِفَنَّ عنه اعداۤئي ، اقول قد تقدم ما يدلّ علي هذه الرواية و يأتي ان شاء الله تعالي ، و حفظة جمع حافظ و المراد انهم (ع) يحفظون علي العباد اعمالهم و اليه الاشارة بقوله تعالي هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون و احاديث عرض الأعمال عليهم و احاديث انهم الشهداۤء علي الخلق داۤلّة علي ذلك اذ لايشهدون علي ما لايحفظونه و معني آخر لكونهم (ع) حفظة و هو انّهم مُناة اي مقدِّرون لكونهم مَحاۤلّ قَدرِ اللّه تعالي و مظاهره فيبعثون بامر اللّه ملاۤئكة يحفظون كلّ نسمةٍ فلايأتيه حجر و لا صاۤئب و لايقع من شاهقٍ الّا و حفظته الملاۤئكة من كلّ ما يرد عليه من مكروه حتي يقدّر اللّه سبحانه ذلك فيرد قدره علي قلب الولي من آلمحمدٍ (ص) فيأمر الملاۤئكة الحفظة عن امر اللّه ان يَكُفّوا عن الحفظ و الدِّفاع فيكفّون فيصيبه ما قدِّرَ له و هو تأويل قوله تعالي له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر اللّه و تأويل قوله تعالي ان كلّ نفس لمّا عليها حافظ ، فملائكةٌ تحفظ عنهم اعمال العباد و تعرضها عليهم و ملائكة تحفظ عنهم مقدرات الأسباب حتي يظهر وقت الأصابة و يحضر فيجري كما قدّروا و ملائكة تحفظ عنهم اعمال العباد و تكتبها في كتب المكلّفين و هم غير الذين يحفظون الأعمال و يعرضونها علي الخليفة من آلمحمد (ص) و هؤلاۤء يعرضون علي محمّد (ص) ثم من بعده علي عليّ (ع) ثم الحسن ثم الحسين ثم القائم ثم الائمة الثمانية ثم علي فاطمة عليهم اجمعين افضل الصلوة و ازكي السلام ، و رُوّاد جمع رائد و هو الرائد الذي يتقدم القوم لينظر لهم الكلأ و مساقط القطر و في الحديث النبويّ الحمّي رائد الموت و حرها من فيح جهنم و هي حظ كل مؤمن و مؤمنة من النار اي رسوله فهم (ع) رُوّاد الخلق يقودونهم بوضع اسباب التيسير و تقديرها بامر اللّه حتي يصل كل واحد من الخلق الي مقرّ اعماله من سعادةٍ و شقاوةٍ و يتقدمون السّعيد بما له عندهم من الخيرات حتي يضعوه في دار اعماله و يسوقون الشقي بما له مما كسبت يداه حتي يضعوه في دار اعماله و الحاصل كلّما سمعتَ مما اشرنا اليه مما ينسب لهم و اليهم و منهم كُلّه و ما لمتسمع هو آثار تلك الرحمة التي هم معدنها لما ذكرنا قبل من انّ الرحمة المشار اليها هي التي ظهر بها الرحمن و استوي علي عرشه و هي صفة الرحمن و الي هذا الأشارة في الحديث القدسي ماوسعني ارضي و لا سمائي و وسعني قلب عبدي المؤمن . قال عليه السلام : و خزّان العلم الخُزّان كرُمّان جمع خازن بمعني انهم وُلاَة خزاينِ علم اللّه و بمعني انهم عين خزاين علم الله و بمعني انهم مفاتيح تلك الخزائن كما ورد في تفسير قوله تعالي و عنده مفاتح الغيب لايعلمها الّا هو و يعلم ما في البر و البحر و ماتسقط من ورقةٍ الّا يعلمها و لا حبةٍ في ظلماتِ الأرض و لا رطبٍ و لا يابسٍ الّا في كتابٍ مبين منها ما في العياشي عن الحسين بن خلف قال سألت اباالحسن (ع) عن قول اللّه عز و جل و ماتسقط من ورقةٍ الّا يعلمها و لا حبةٍ في ظلماتِ الارض و لا رطبٍ و لا يابسٍ الّا في كتابٍ مبين فقال الورقة السّقط السُقط بالضم هو الولد قبل تمامه يسقط من بطن امّه ، ٢ . يسقط من بطن امّه من قبل ان يُهِلَّ الولد قال فقلت و قوله و لا حَبّة قال يعني الولد في بطن امّه اذا اهلّ و يسقط من قبل الولادة قال قلت و قوله و لا رطبٍ قال يعني المضغةَ اذا استكنّت في الرحم قبل ان يتم خلقها قبل ان تنتقل قال قلتُ قوله و لا يابسٍ قال الولد التام قال قلتُ في كتابٍ مبين قال في امامٍ مبين ، فدلّ هذا الحديث علي انّ الامام عليه السلام هو الكتابُ فهو خزانة علم اللّه و في الفقيه خطبة عليّ (ع) و فيها و ماتسقط من ورقة من شجرة و لا حبة في ظلمات الأرض الّا يعلمها لا اله الّا هو و لا رطبٍ و لا يابسٍ الا في كتاب مبين ، و هذا يدلّ علي انّ الأمام هو الكتاب و اللّه سبحانه يعلم ذلك حيث سجّله في كتابه فهو (ع) خزانة علم اللّه ، و في احتجاج الطبرسي عن ابيعبدالله (ع) في حديثٍ طويل و فيه قال لصاحبكم اميرالمؤمنين قل كفي بالله شهيداً بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب و قال اللّه عز و جل و لا رطبٍ و لا يابسٍ الّا في كتابٍ مبين و علم هذا الكتاب عنده ه ، و هذا يدل علي انّ الأمام وليّ خزانة علم اللّه ، و في التوحيد و المعاني و المجالس عن الصادق (ع) لما صعد موسي (ع) الي الطور فنادي ربّه قال يا ربّ ارني خزائنك قال يا موسي انما خزانتي اذا اردتُ شيئاً ان اقول له كن فيكون ، و هذا يدل علي انهم مفاتح الخزاۤئن و وجه الأستدلال انهم (ع) اخبروا انهم محاۤلّ مشية اللّه و في هذا الحديث ذكر انّ الخزانة المشية و لا جائز ان يكون الامام يصرّف المشية او يتصرّف فيها لنجعل انهم اولياۤء الخزانة لأنّ الامام (ع) لايجد لنفسه اعتباراً مع المشيّة بل هو يتقلّب في مشيّة الله كيف شاۤء لا مشيّة له و لا انهم عين المشيّة ليكونوا عين الخزانة و لكنهم ابواب المشيّة و مفاتح الأستفاضة منها لانهم اعضاد العباد و روي عن السجاد (ع) في تفسير قوله تعالي و ان من شيء الّا عندنا خزائنه انّ في العرش تمثال جميع ما خلق اللّه من البر و البحر و هذا الحديث يدلّ بما يحتمل علي الثلثة الوجوه ( الوجوه الثلثة خل ) الاوّل انّ العرش هو الخزانة و هم مفاتح الأستفاضة و اعضاد الفيض و الثاني انهم ولاة ذلك الفيض المقدِّرون له و اولوا الوساطة في قوام الفيض و المستفيض و الثالث انّ العرش هو قلب النبي (ص) و قلوبهم (ع) فهم تلك الخزانة و العلم الذي هم خزانه العلم الحادث و هو علمٌ موجود بالمعني المتعارف و هو قوله تعالي و لايحيطون بشيء من علمه الّا بما شاۤء يعني انّ ما لميشأ من علمه ان يعلموه لايحيطون به و ليس المراد بهذا العلم الذي لايحيطون بشيء منه هو القديم الذي هو الذات ليكون المعني و لايحيطون بشيء من ذاته الّا بما شاۤء ان يحيطوا به منها و هذا معني باطل بل المراد به شيئان احدهما انّ العلم الحادث الذي هو غير الذات منه ممكن مقدور غير مكوّنٍ و منه تكوين و منه مكوّن فالممكن المقدور غير المكوّن هو الممكنات قبل ان تكسي حلّة الوجود في جميع مراتب الوجود فهذه لمتكن مشاءة الّا في امكانها فهذا لايحيطون بشيء منه احاطة وجودٍ و يحيطون به احاطة امكانٍ لانه اذ ذاك مشاء مشيّة امكان و التكوين الممكن و هذا يحيطون به لانّه مشاء بنفسه و هم محالّ ذلك و المكوّن قسمان مكوّن مشروط و مكوّن منجّز و المكون المشروط يحيطون به لانّه مشاۤء و لايحيطون بالشرط الّا بعد ان يكون مشاۤءً و المكوّن المنجّز يحيطون به ثم ما كانوا يحيطون به قسمان قسم كان و هم يحيطون به انّه كان و لايحيطون به انه مستمرّ او منقطع الّا احاطة اخبارٍ و قسم لميكن فهم يحيطون به احاطة اخبارٍ ايضاً لا احاطة عيانٍ فظهر لمن نظر و ابصر من هذا التفصيل انهم (ع) لايحيطون بشيء من علمه الذي هو غير ذاته الّا بما شاۤء ان يحيطوا به و الذي شاۤء ان يحيطوا به ما سمعته في هذا التفصيل فافهم و ثانيهما انّ ما احاطوا به و علموه لميكونوا علموا شيئاً منه الّا بتعليم اللّه سبحانه و لميكن تعليمه لهم انه اعلمهم و رفع يده عنه فيكون ذلك الشيء لايحتاج الي اللّه تعالي ( اللّه خ ) عن امكان استغناء شيء عنه علوّاً كبيراً بل ما علموه انما هو بتعليم اللّه لهم في ( كل خ ) لَحظةٍ بمعني انهم اذا علموا انّ غداً تطلع الشمس ان شاء اللّه ما ملكوا من هذا العلم شيئاً الّا لحظة علمهم بذلك حين علموا لا قبلها و لا بعدها و لميعلموا بعد تلك اللحظة ما علموه من ان الشمس تطلع غداً ان شاء اللّه الّا بتعليم جديد من اللّه تعالي كما هو حال المحتاج الي الغني المطلق و ذلك التعليم الدائم القائم حين يكون هو ما شاء اللّه و هو الذي يحيطون به و هو ما ملكوه من العلم فافهم فانه دقيق لطيف رشيق و العلم الذي هم خزّانه هو هذان الشيئان من العلم علي نحو ما ذكرنا لا غير ، ففي الكافي عن ابيجعفر عليه السلام قال واللهِ انا لخزّانُ اللّه في سمائه و ارضه لا علي ذهبٍ و لا فضةٍ الّا علي علمه و فيه عن سدير عن ابيجعفر عليه السلام قال قلتُ له جعلتُ فداك ما انتم قال نحن خزّانُ علم الله و نحن تراجمة وحي اللّه نحن الحجة البالغة علي مَن دون السماء و مَن فوق الارض و فيه عن ابن ابييعفور قال قال ابوعبداللّه (ع) يا ابن ابييعفور انّ اللّه واحد متوحد بالوحدانيّة متفرد بامره فخلق خلقاً فقدّرهم لذلك الامر فنحن هم يا ابن ابييعفور فنحن حجج اللّه في عباده و خزّانه علي علمه و القائمون بذلك و فيه عن علي بن جعفر عن ابيالحسن موسي عليه السلام انّ الله تعالي خلقنا فاحسن خلقنا و صوّرنا فاحسن صورتَنا و جعلنا خزّانه في سمائه و ارضه و لنا نطقت الشجرة و بعبادتنا عبد اللّه و لولانا ماعُبِدَ اللّه ، و امثال ذلك كثير و معني الخزّان ما مرّ عليك و المراد من العلم المخزون عندهم ما سمعتَ . قال عليه السلام : و منتهي الحلم المنتهي هو الغاية التي ليس وراۤءها للشيء المنتهي ذِكْرٌ غير انه مقدور و الحلم عدم المسارعة الي المعاقبة مع القدرة و ذلك يكون عن العلم بالعواقب فيؤخر العقوبة امّا لكرم النفس و ذلك هو العفو و التجاوز و المسامحة قال اللّه تعالي و العافين عن الناس فقد مدح العفو عن الناس باكمل مدح قال و اللّه يحب المحسنين فجعلهم اهل محبته و اِمّا للعلم بعدم الفوات و ذلك هو الاناة و عدم الاستعجال و في الدعاء و انما يعجل من يخاف الفوت و التُّؤدَة و هو التّأنّي و التثبت في الامور و التأنّي عدم المبادرة في الامور بلا روية و هو يثمر العلم بالأصلح و امّا لكون عدم المسارعة ابلغ في الأنتقام كما اشار سبحانه اليه بقوله الحق قل للذين اۤمنوا يغفروا للذين لايرجون ايام اللّه ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون فامر اللّه نبيّه ان يأمر المؤمنين بعدم الانتقام من المجرمين لانهم اذا انتقموا منهم لميكن لهم حق فاذا اعرضوا عن القصاص جازاهم اللّه باعمالهم و اللّه اشد بأساً و اشد تنكيلاً و هو من العلم و فيما اجاب به النبي (ص) لشمعون بن لاوي ابن يهودا من حواريّ عيسي (ع) حين سأله عن العقل الي ان قال (ص) فتشعّبَ من العقل الحلم و من الحلم العلم و من العلم الرشد و من الرشد العفاف و من العفاف الصيانة و من الصّيانة الحياۤء و من الحياۤء الرّزانة و من الرّزانة المداومة علي الخير و من المداومة علي الخير كراهة الشر و من كراهة الشر طاعة الناصح فهذه عشر اصناف من انواع الخير و لكل واحد من هذه العشر الأصناف انواع فامّا الحلم فمنه ركوب الجميل و صحبة الابرار و رفعٌ من الضِّعة و رفع من الخساسة و تشهّي الخير و تقرّب صاحبه من معالي الدرجات و العفو و المهل و المعروف و الصمت فهذا ما تشعّب ( يتشعب خل ) للعاقل بحلمه و امّا العلم فيتشعّب منه الغني و ان كان فقيراً و الجود و ان كان بخيلاً و المهابة و ان كان هيّناً و السلامة و ان كان سقيماً و القرب و ان كان قصيّاً و الحياۤء و ان كان صَلفاً و الرفعة و ان كان وضيعاً و الشرف و ان كان رذلاً و الحكمة و الحُظْوة ( الخطوة خل ) فهذا ما يتشعب للعاقل بعلمه فطوبي لمن عَقِلَ وَ عَلِم و امّا الرُّشد فيتشعّب منه السَّداد السّداد بفتح السين القصد في الدّين و بكسرها البلغة من العيش قال الشاعر : اضاعوني و ايّ فتيً اضاعوا ** * ** ليومِ كريهةٍ و سِداد ثغرِ ١٢ و الهُديَ و البرّ و التقوي و المنالة و القصد و الاقتصاد و الثواب و الكرم و المعرفة بدين اللّه فهذا ما اصاب العاقل بالرشد فطوبي لمن اقام علي منهاج الطريق و امّا العفاف فيتشعّب منه الرضا و الاستكانة و الحفظ و الحظ خ و الراحة و التفقّه و التفقّد خ و الخشوع و التذكّر و التفكّر و الجود و السخاء فهذا ما يتشعّب للعاقل بعفافه و رضي باللّه و بقسمه و امّا الصّيانة فيتشعَّب منها الصّلاح و التواضع و الورع و الأنابة و الفهم و الأدب و الأحسان و التحبّب و الخير و اجتناب الشرّ فهذا ما اصاب العاقل بالصيانة فطوبي لمن اكرمه مولاه بالصيانة و امّا الحياۤء فيتشعّب منه اللِين و الرأفة و المراقبة لِلهِ في السرّ و العلانية و السلامة و اجتناب الشر و البشاشة و السماحة و الظفر و حسن الثناء علي المرء في الناس فهذا ما اصاب العاقل بالحياۤء فطوبي لمن قبل نصيحة اللّه و خاف فضيحته و امّا الرّزانة فيتشعّب منها اللّطف و الحَزْم و اداۤء الامانة و ترك الخيانة و صدق اللسان و تحصين الفرج و استصلاح المال و الاستعداد للعدوِّ و النهي عن المنكر و تَرك السّفَه فهذا ما اصاب العاقل بالرّزانة فطوبي لمن توقّر و لمن لمتكن له خفة و لا جاهليّة و عفا و صفح و امّا المداومة علي الخير فيتشعّب منه ترك الفواحش و البعد من الطيش و التحرّج و اليقين و حبّ النجاة و طاعة الرحمن و تعظيم البرهان و اجتناب الشيطان و الأجابة للعدل و قول الحق فهذا ما اصاب العاقل بمداومة الخير فطوبي لمن ذكر ما امامه و ذكر قيامه و اعتبر بالفناۤء و امّا كراهية الشر فيتشعّب منه الوقار و الصدق و النصر و الصبر و الأستقامة علي المنهاج و المداومة علي الرشاد و الأيمان باللّه و التوفر ( و التوقير خل ) و الأخلاص و ترك ما لايعنيه و المحافظة علي ما ينفعه فهذا ما اصاب العاقل بالكراهة للشر فطوبي لمن اقام الحق لِلّهِ و تمسّك بعُري سبيل اللّه و امّا طاعة الناصح فيتشعّب منها الزيادة في العقل و كمال اللّبّ و محمدة العواقب و النجاة من اللّوم و القبول و المودة و الأسراج و الانصاف و التقدم في الامور و القوة علي طاعة اللّه فطوبي لمن سلم من مصارع الهوي فهذه الخصال كلها تشعّبتْ من العقل الحديث ، اقول انّ الحلم تشعّب من العقل و ما بعده تشعب منه فهذه مائة خصلة تشعّبت من الحلم و كلّ واحدة من هذه الخصال المائة لها مراتب باعتبار اختلاف مراتب مَن اتّصف بها و عملها و قد قاموا (ع) بجميع مراتب هذه الخصال علي اعلي حدود الممكن منها فهم منتهي الحلم و انّما جمعوا تلك المراتب بجميع نهاياتها لأنّها كلّها قد تشعّبت من العقل الكامل و لميكمله الله الّا فيمن يحبّ و هم صلي اللّه عليهم اجمعين اهل محبة اللّه و ربّما يطلق علي العقل لتشعّبه اي الحلم منه فهذه فروع الحلم في الشهادة و اصولها في الغيب و هم (ص) منتهي طرفَيْهِ فافهم . قال عليه السلام : و اصول الكرم . اصول جمع اصل و هو ما يُبْتَنٰي عليه شيء و الكرم هو سخاء النفس بما تحب فيدخل فيه القيام بأوامر اللّه و نهيه و منه قوله تعالي انّ اكرمكم عند اللّه اَتقاكم اي اشدّكم تقويً لِلّهِ سبحانه ثم الكرم الذي هو السخاۤء و بذل الفواضل للمستحقين له مراتب اعلاها في الأمكان الراجح و هم في هذا المقام محاۤلُّهُ ثم هم بعد ذلك هم اصول الكرم يعني ينابيعه و مفاتيحه و في الدرة الباهرة من اصداف الطاهرة في كلام ابيمحمد العسكري (ع) و اسباطنا خُلفاۤء الدين و حُلفاۤء اليقين و مصابيح الأمم و مفاتيح الكرم و الكليم اُلْبِسَ حلّة الاصطفاۤء لما عهدنا منه الوفاۤء و روح القدس في جنان الصاقورة ذاقَ من حداۤئقنا الباكورة فقوله (ع) مفاتيح الكرم يُراد به كونهم محاۤلّ ذلك الكرم فعنهم يصل الي غيرهم فَلِذَا كانوا مفاتيح الكرم و كذا قوله (ع) و الكليم اُلبِسَ حلّة الاصطفاء يعني ان موسي (ع) لمّا عهدنا اليه بولايتنا و التسليم لنا و الردّ الينا فاجاب و وفي لنا و عهدنا ذلك منه جعلناه من المصطفَين الأخيار و روح القدس المعبّر عنه بالعقل الأوّل عند الحكماۤء و بالعقل و القلم و الحجاب الأبيض و ما اشبه ذلك عند اهل الشرع (ع) اوّل مَن اَكلَ من باكورة ثمار الجنان الّتي غرسناها بايدينا فانّ تلك الحدائق التي في جنان الصّاقورة غرسوا فيها من كل شيء فاوّل ما نَبَتَ روح القدس و معناه ظاهراً انّه لمّا فاض الوجود علي ارض القابليات كانَ اول ما وجد هو العقل الاوّل المسمّي بروح القدس لا جبرئل (ع) و ان كانَ يسمّي بروح القدس كما قال تعالي قل نَزَّلَه روح القدس من ربّك بقرينة نزل به الروح الأمين علي قلبك ، و معني قوله روح القدس في جنان الصّاقورة اي في اعلي علّيين من الجنان و الصّاقورة في اللّغة باطن القحف المشرف علي الدِّماغ و السماۤء الثالثة و المراد به هنا العرش لأنّه هو سقف الجنان و هو من الوجود كقحف الرأس علي الدِّماغ و كان روح القدس اول مَن وجد في الجنّة و الجنّة اول الموجودات و الباكورة اوّل الثمرة و المراد انّ اوّل مَن قبل الأيجاد روح القدس و هو ذَوقهُ الباكورة و في بعض الأخبار انّه اوّل غصن من شجرة الخلد فهم اصل ذلك الفيض فمن الكرم الذي به كانوا هم تكرّموا علي روح القدس بوجوده و بما اُودِعَ فيه حين قال اللّه له اقبِل فاقبَل ثم قال له ادبِر فادبَر فأفاَض روح القدس من الكرم الذي حمّلوه علي جميع الموجودات بوجوداتها فخرج كلّ شيء يحمد اللّه علي نعمه و يشكره علي آلاۤئه و هم (ع) آلاۤؤه و نعمه و احسانه علي جميع من دونهم و هو تأويل قوله تعالي و ان من شيء الّا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم انه كان حليماً علي مَن قصّر في ولايتهم غير معاند و لا مستكبر غفوراً لمن تاب و اتبع سبيله و في الزيارة الجامعة الصغيرة يسبّح الله باسمائه جميع خلقه و السلام علي ارواحكم و اجسادكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، فقولنا سابقاً اعلاها في الأمكان الراجح انّ ما وراۤء ذلك من الكرم الذّاتي يتعالي عن البيان و النسبة الي المكان و ما دون ما في الأمكان الراجح من الكرم فهم صلوات اللّه عليهم اصوله و الي ما لوّحنا اليه في هذه الأشارات الاشارةُ بقول عليٍّ (ع) انا فرع من فروع الربوبية ، و قد قلت في قصيدة ( قصيدتي خل ) في مرثية الحسين (ع) بيتاً يناسب ذكره هنا و هو : فراحَتا ( و راحتا خل ) الدهر من فضفاض جودِهم ** * ** مملوئتان و ما للفيض تعطيلُ اي انّ راحتي الدهر من جودهم الفيّاض علي قابليّات الممكنات بواسطة الدهر او انّ المراد بالدهر اَهْلُوهُ مملوئتان و فيض جودهم علي القابليّات لا تعطيلَ له ابد الأبدين و دهر الداهرين و صلي اللّه علي محمد و آله الاكرمين الطيبين الطاهرين . قال عليه السلام : و قادة الامم . القادة جمع قاۤئد و هو الجاذب للشيء الي غايةٍ و الجارّ اليه و في الحديث عن عليٍّ (ع) قريش قادَة ذادَة اي يقودون الجيوش و الامم جمع امّة و المراد بها هنا ( هيهنا خل ) جماعة من الخلق ارسل اليهم نذير و انما قلنا من الخلق لانّ الأمّة لاتختص بالأنسان و لهذا قال تعالي و ما من دابّة في الأرض و لا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم مافرّطنا في الكتاب من شيء ثم الي ربّهم يحشرون فيكون كل جماعة من الخلق من الأنسان و غيره امّة و ان من امّةٍ الّا خلا فيها نذير فدّل الكتاب علي ما يدّل العقل عليه من اَنّ كل جماعة امّة فقوله (ع) قاۤدة الأمم انّهم (ع) قادة الأمم الي معرفة اللّه و دينه فمن اجاب قادوه الي المعرفة لأنّهم يقودون الشخص بدعاۤئهم و تعريفهم و امرهم و ترغيبهم الي المعرفة و الدّين فمن اجاب قادوه بالمعونة و التأييد بالمدد و الدعاۤء فاذا استجاب و عمل قادوه الي الجنة و ان لميجب ساقوه بانكاره و عدم قبوله الي عدم الأستجابة فان لميعمل بما اُمِرَ به كما لميقبل في الدعاۤء ساقوه الي الأنكار و ذادوه بانكاره عن الأقرار و دَعُّوه الي نار جهنم و بئس المصير فهم المعلِّمون للأمم في كلّ عالَم فهم الداعون الهادون لكلّ خلقٍ النجدين طريق الخيْر و طريق الشرّ فلايهتدي احد الّا بهداهم و لايضلّ ضاۤلّ بخروجه عن الهدي الّا بترك ولايتهم يدل علي هذا ما روي في الكافي عن ابيالصامت الحلواني عن ابيجعفر (ع) قال فضِّل اميرالمؤمنين (ع) “٢” ما جاۤء به اُخذ به و ما نهي عنه انتُهِيَ عنه جري له من الطاعة بعد رسول اللّه (ص) ما لرسول اللّه (ص) و الفضل لمحمد (ص) المتقدم بين يديه “٢-” كالمتقدم بين يدي اللّه و رسوله (ص) و المتفضّل عليه كالمتفضّل علي رسول اللّه (ص) و الرادّ عليه في صغيرةٍ و كبيرةٍ علي حدّ الشرك باللّه فانّ رسول اللّه (ص) باب اللّه الذي لايؤتي الّا منه و سبيله الذي مَن سلكه وصل الي اللّه تعالي و كذلك كان اميرالمؤمنين من بعده و جري للائمّة واحداً بعد واحدٍ جعلهم اللّه اركان الارض اَن تميد باهلها و عُمُدَ الأسلام و رابطة علي سبيل هداه لايهدي هادٍ الّا بهداهم ( بهديهم خل ) و لايضلّ خارج من الهدي الّا بتقصيرٍ عن حقهم اُمناۤء اللّه علي ما اهبط من علمٍ او عذرٍ او نذرٍ و الحجة البالغة علي مَن في الارض يجري لٰاخِرهم من اللّه مثل الذي جري لأوّلهم و لايصل احد الي ذلك الّا بعون اللّه تعالي و قال اميرالمؤمنين (ع) انا قسيم اللّه بين الجنة و النار لايدخلها داخل الّا علي حَدّ قَسْمي الحديث ، و بالجملة هم (ع) قادة الأمم لأنّهم يقودونهم الي اعمالهم بتيسير ماخُلِقوا له باسبابِ الالطاف المعينة علي الخيرات و المانعة من الشرور اعانةً لاتبلغ حدّ الألجاۤء و منعاً لايرفع الاختيار و ذادة الخلايق يذودنهم ( يذودونهم خل ) عمّا لمييسّروا ( لمتيسروا خل ) له فيذودون المؤمنين عمّا لايحبّ اللّه بطاعتهم لهم و بولايتهم لهم و يذودون الكافرين و المنافقين عمّا يحبّ اللّه بمعصيتهم و تركهم ولايتهم و قول محمد بن علي (ع) المتقدّمُ لايهدِي هادٍ الّا بهديهم يدلّ علي انّ جميع من سواهم من الهداة من الانبياۤء و المرسلين و الأولياۤء و الاوصياۤء و الصالحين و الملاۤئكة المقرّبين لايهدي احد منهم احداً من الخلق الّا بهداهم (ع) و هم يهدون بالحق من اللّه سبحانه و قوله (ع) و لايضلّ خارج عن الهدي الّا بتقصيرٍ عن حقهم يدلّ علي انّ الهداية لاتمكن ( لايمكن خل ) لاحدٍ من الخلق بدونهم فاذا تأخر عنهم احد تأخر عن الهدي بعين تأخره عنهم و كذا المتقدم عليهم فعين التقدم عليهم و التأخر عنهم ضلالة الطريق اي الطريق الي الله لأنهم السبيل الأعظم كما يأتي في الزيارة فاذا قصّر في حقهم قصّر في الطريق الي اللّه فحقّت عليه الضلالة فجعل الهِداية بهم و الضّلالة بالضّلال عنهم فالهدي ينسب اليهم لأنّهم اصل الهدي و الضلالة تنسب الي نفسها كما قال تعالي فريقاً هدي و فريقاً حق عليهم الضلالة فاسند الهداية اليه سبحانه و ذلك بهم (ع) و اسند الضلالة الي نفسها لأنها مفارقتهم عليهم السلام و قال الله تعالي يوم ندعو كلّ اناسٍ بامامهم فيدعي المؤمنون بهم فيتبعونهم فيذهبون بهم الي رضوان الله حيث ذهبوا و يُدعي الضّاۤلّون بائمة الضلال فيتبعونهم و كلّ يتبرّء من الٰاخر و يلعن بعضهم بعضاً فيذهبون بهم الي سخط اللّه حيث ذهبوا فهم (ع) القادة الذّادة كما مر صلي الله عليهم اجمعين . قال عليه السلام : و اولياۤء النعم . الأولياۤء جمع وليّ و هو المتصرّف الذي يدبّر الأمور و في الكافي في تفسير قوله تعالي انّما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الآية عن الصادق (ع) يعني اَوْلي بكم اي احقّ بكم و باموركم من انفسكم و اموالكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا يعني عليّاً و اولادَه الائمة (ع) الي يوم القيمة اقول اعلم انّ اللّه سبحانه خلقهم و جعلهم خزاۤئن كرمه و خلق الخلق لهم كما روي عن علي (ع) في حديثٍ منه نحن صنائعُ اللّه ( ربنا خل ) و الخلقُ بعدُ صنايعُ لنا اي بعد ان خلقنا و صنعنا لنفسه صنع لنا الخلق فهم اولياۤء اللّه علي خلقه و لِلّهِ سبحانه نِعَمٌ علي العباد لاتُحصي كما قال تعالي و ان تعدوا نعمة اللّه لاتحصوها و جعل المحمد (ص) خزاۤئن كرمه و اولياۤء نعمه و النّعم منها غيب و منها شهادة و منها ظاهرة و منها باطنة و مرادنا بالغيب و الشهادة نعم الوجود و بالظاهرة و الباطنة نعم التّكليف و الأوّل يلزمه الشرع و الثاني يلزمه الوجود فمن النعم في الغيب خلقه للشخص مثلاً في مراتبه و نقله من مرتبةٍ الي مرتبةٍ من اصل الماۤء الأوّل الي ان وصل به الي رتبة البشر في الشهادة كما قال سبحانه يا ايّها الناس ان كنتم في ريبٍ من البعث فانّا خلقناكم من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلّقة و غير مخلّقة فوضعه في كل مرتبة و تربيته و تغذيته و لطفه بتدبيره و امداده بما يصلحه و دفع ما يضرّه و يفسده فاذا بلغ فيها تمامه فيها نقله الي طورٍ آخر كما اشار اليه سبحانه بقوله ما لكم لاترجون للّه وقاراً و قد خلقكم اطواراً فخلقه نطفةً معنويّةً ثم نطفةً ظلّية ثم نطفة صوريّة ثم نطفة طبيعيّة ثم نطفة ماديّة ثم مثاليّة فهذه ستة اطوارٍ ثم الي الملائكة ثم الي الريح ثم الي السحاب ثم الي الماء ثم الي الارض ثم الي النبات من الفواكه و البقول و ما اشبه ذلك فهذه ستة اطوارٍ ثم الي النطفة ثم الي العلقة ثم الي المضغة ثم الي العظام ثم الي تمام الخلقة ثم الي الحيوة فهذه ستة اطوارٍ فخلقه سبحانه في ظلماتٍ ثلث كلّ ظلمة في ستّةِ اطوارٍ فهذه ثمانيةعشر عالماً في الغيب و الشهادة فهذه كلّها نعم من اللّه لاتحصي خَلَقَهُمْ (ع) و اقامهم اعضاداً لخلقه و حججاً علي بريّته و جعل اليهم ايصال ما يريد ان يَصِلَ من جوده و كرمه و احسانه و نعمه الي مَن يَشاۤء مِن خلقه لأنّ الخلق بدونهم لايقدرون علي القبول منه بغير الواسطة كما اشار علي (ع) في خُطْبَةِ الغدير في ذكر النبي البشير النذير (ص) قال و اشهد انّ محمداً عبده و رسوله استخلصه في القدم علي سائر الأمم علي علمٍ منه انفرد عن التّشاكل و التّماثل من ابناۤء الجنس و انتجبه آمراً و ناهياً عنه اقامه في ساۤئر عالمه في الأداۤء مقامه اذ كان لاتدركه الأبصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثّله غوامض الظنون في الأسرار فقوله (ع) اقامه في سائر عالمه في الاداۤء يشير الي ما ذكرنا من انّه سبحانه جعل اليهم ايصال ما يريد ان يصل من جوده الخ ، و تقدم في حديث ابيجعفر (ع) في ذكر ان رسول اللّه (ص) باب اللّه الذي لايؤتي الّا منه الي ان قال و كذلك كان اميرالمؤمنين عليه السلام من بعده و جري للائمة واحدا بعد واحدٍ الي الخ ، و من النعم الظاهرة ارسال الأنبياۤء و تأمير الاوصياۤء و استحفاظ الحفظة و استخلاف الخلفاۤء و انابة العلماء و اقامة الٰامرين بالمعروف و الناۤهين عن المنكر و المعلّمين و المرشدين للمسترشدين و كذلك جميع الدعاة الي اللّه و الي ما يحبّ و لا ريب عند من يعرف الوليّ انّ هذا الارسال و التأمير و الاستحفاظ و ما بعدها انها اۤثار الولي لللّطف بالمكلّفين و هي اعظم النعم و النعم الباطنة العقول التي بها تحصل المعارف و الجيّد و الرّدي و الخير و الشر و الناصح و الغاۤش و المصلِح و المفسد و الضّاۤر و النافع في العاجلة و الٰاخرة و هذه العقول لَحَظَاتُ عِنَاياتٍ من الوليّ و مُنَادَاة للمكَلَّفين من الجانب اليمين و هي اعظم النعم و انفعها لمن لميخالف مقتضياتها بل هو النور الذي يمشي به في ظلمات النفوس من شهواتها و غواسق اِنّيّاتها و ظلمات الطباۤئع و المواۤدّ الجسمانية و الي كون الأنبياۤء و الداعين الي اللّه النعمَ الظاهرَةَ و كونِ العقول النَعَم الباطنةَ اشار صريح قوله تعالي و اسبغ عليكم نعمه ظاهرة و باطنة فالظاهرة الأنبياۤء و الرسل و الباطنة العقول كذا في الخبر و ورد ايضاً في تفسير قوله تعالي و ماكُنّا معذّبين حتي نبعث رسولاً انّه العقل فاطلق الرسول علي العقل كما اطلق العقل علي الرسول و كلّما سمعتَ و ما لمتسمع فمن تدبير الوليّ لمصالح غنمِه۪ و ذلك لأنّ النعم المتأصّلة في الحقيقة هم (ع) روي في الكافي عن الأصبغ بن نُباتة قال قال اميرالمؤمنين (ع) ما بال اقوام غيّروا سنة رسول اللّه (ص) و عدلوا عن وصيّه لايتخوفون ان ينزل بهم ( عليهم خل ) العذاب ثم تلا هذه الٰاية المتر الي الذين بدّلوا نعمة اللّه كفرا و احلّوا قومهم دار البوار جهنّم ثم قال نحن النعمة التي انعم اللّه بها علي عباده و بنا يفوز من فاز يوم القيمة ، و امّا من سواهم من الأخيار و الخيرات من الأعمال الصالحات من كلّ ما يجب ان يكون فذلك من كرمهم و احسانهم و فواضل طاعاتهم و حسناتهم و ذلك كلّه ولايتهم و من ولايتهم و هم اولياۤء ذاك ( ذلك خل ) كله و في الكافي عن ابييوسف البزّاز قال تلا ابوعبداللّه (ع) هذه الآية و اذكروا اۤلٰاء اللّه قال اتدري ما آلاۤء اللّه قلتُ لا قال هي اعظم نعم اللّه علي خلقه و هي ولايتنا و المراد بولايتهم هي طاعة اللّه في كلّ ما يريد من عباده من المعتقدات و الأعمال و الأخلاق و الأقوال و غير ذلك من الواجبات و المندوبات و كلّها نعم اللّه علي عباده من نعمه العظمي محمد و آله (ص) فانّ ايجادات الخلق و ما تضمّنت من الشرعيّات و تكاليف المكلّفين و ما تضمّنت من الوجودات كلّها اۤثارهم و هم النعم التي لاتحصي و هي نعم جليلة لايقوم بها خلقٌ بل كلّ خلق مقصّرون فيها عاجزون عن اداۤء شكرها و هم اولياۤء هذه النعم التي عجز عن اداۤء شكرها الخلايق اجمعون و هي ممادحهم و فضاۤئلهم مكتوبة في الألواح من الأجسام و الاشباح و النفوس و الأرواح كل يسبّح بحمد ربّه بما اُوتي و في الاحتجاج للطبرسي سئل يحيي بن اكثم اباالحسن العالم (ع) عن قوله تعالي سبعة ابحرٍ مانفدت كلمات اللّه ما هي فقال (ع) هي عين الكبريت و عين اليمين و عين ابرهوت و عين الطبريّة و جمّة ماسيدان و جمة افريقيّة و عين بلعوران ( ناجروان خ ) و نحن الكلمات التي لايدرك فضلنا و لايُسْتَقْصَي فاخبر (ع) بانّ هذه الأبحر السبعة التي يكنّي بها عن اقسام الموجودات من الغيب و الشهادة و ما بينهما من البرازخ و النور و الظلمة و ما بينهما من البرازخ و الجامع لها كلّها تفني و لاتدرك فضلنا و لاتحيط به لأنّ كل بحر انما يعدّ ما فيه من النعم فهذه آياتهم تتلي بِالْسنَةٍ عاجزة عن اداۤء شكرها لأنّ شكرها مزيد نعم جديدة و آلاۤء عديدة و للّه در الشاعر حيث يقول : كلما قلتُ اعتقَ الشكر رقي ** * ** جعلَتْني لك المكارم عبداً اين مَهْلُ الزمان حتي اُؤدّ۪ي ** * ** شُكرَ احسانِك الذي لايُؤدّي اقول انّ فيما اشرتُ اليه و كررتُ كفاية بينّة لقومٍ يعقلون انهم اولياۤء النعم فانّ بهم ينزل المطر و بهم تنبت الأرض بركاتها فان ابصرتَ لمتسمع الّا اصوات الشاكرين لتلك و لاتري الّا اشباح المادحين هذا في التكويني و في التدويني كذلك فانّ في سورة النحل خاصّة نحو احدي و سبعين نعمة قد مُلِئَتْ بالواحدة الدنيا و ما فيها فانظر تجد . قال عليه السلام : و عناصرَ الابرار العناصر جمع عنصر كقنفذ و قد تفتح الصاد و هو الأصل و منه هذا و يستعمل في النّسب و منه لايُخالِطه يعني النبي (ص) في عنصره سفاح اي لايخالطه في نسبه زناً لأن النسّب اصل للشخص و في الكبد و منه الحديث خشن عنصره اي غلظ كبده و الأبرار جمع بَرٍّ بفتح الباء كسَبْع جمعه اسباع و عَشر جمُعُه اعشار و البَرُّ بمعني الباۤرّ و الاَبرار الصادقون و اولياۤء الله المطيعون و الزّهاد و العُبّاد و فاعِلُوا الخيرات و المطهّرون من الكبائر و الائِمة (ع) هم عناصر الأبرار من وجهَيْن احدهما انّ الأبرار هم شيعتهم من المرسلين و الأنبياۤء و الأوصياۤء و الصالحين و الملاۤئكة و انّما سمّوا شيعة لأنهم خلقوا من شعاعهم او من المشايعة اي المتابعة لأنهم يتابعونهم في اقوالهم و افعالهم فمنهم مَن خُلِقَتْ روحه من شعاع ارواحهم كالأنبياۤء و المرسلين و المراد انها خلقت من فاضل ضياء ارواحهم و منهم مَن خُلقَتْ روحه من فاضل طينة صُوَرِهم كالأوصياۤء و منهم مَن خُلِقَتْ روحه من فاضل طينتهم كالمؤمنين الصالحين روي في الكافي بسنده عن محمد بن مروان عن ابيعبدالله (ع) قال سمعته يقول انّ اللّه خلقنا من نورِ عظمته ثم صوّر خلقنا من طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ من تحت العرش فاسكن ذلك النور فيه فكنّا نحن خلقاً و بشراً نورانيين لميجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيب ( نصيبا خل ) و خلق ارواح شيعتنا من طينتِنا و ابدانهم من طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ اسفل من ذلك الطّينة و لميجعل اللّه لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيباً الّا للأنبياۤء و لذلك صرنا نحن و هم الناسَ و صار سائر الناس همَجاً للنار و الي النار ه ، فقوله (ع) من نور عظمته اشارة الي ارواحهم التي خُلِقَتْ ارواح المرسلين و الأنبياء من فاضلها و خُلِقَتْ ارواح الاوصياء من فاضل طينة صورهم و خُلِقَتْ ارواح المؤمنين الصالحين من فاضل طينتهم اي اجسامهم النورانيّة و في الكافي عن محمد بن عبداللّه بن عمر بن علي بن ابيطالب (ع) عن ابيعبداللّه (ع) قال انّ اللّه كان اِذْ لا كان فخلق الكانَ و المكان و خلق الأنوار و خلق الانوار و خلق ، نسخة نور الأنوار الّذي نوِّرت منه الأنوار و اجري فيه من نوره الّذي نوِّرت منه الأنوار و هو النور الذي خلقَ مِنه محمّداً و عليّاً فلميَزالا نورَيْنِ اوّلاً اِذْ لا شيءَ كُوِّنَ قبلهما فلميزالا يجريان طاهرَيْن مُطَهّرَين في الأصلاب الطّاهرة حتّي افترقا في اطهر طاهرَيْنِ في عبداللّه و ابيطالب ( ع ، نسخة ) اقول الظاهر انّ المراد بنور الأنوار الّذي نوِّرت منه الأنوار هو الماۤء الأوّل الذي به حيوة كلّ شيء و هو مَسُّ النار الّذي تعلقَّ بالزّيت الّذي يكاد يضيۤء فكان منهما العقل الأوّل الذي هو القلم الأعلي و يحتمل ان يكون هذا النور المشار اليه هو هذا العقل فانه قد نُوِّرَتْ منه الأنوار الرّوحيّة و النفسيّة و الطبيعيّة و لايجوز ان يكون هذا النّور المشار اليه هو المشيّة لأنّ المشيّة لايخلق منه المخلوق و انما يخلق به و هذا النور المشار اليه قال عليه السلام و هو الذي خلق منه محمّداً و عليّاً و نور محمد و علي (ع) انما يطلق علي الماء الأول او العقل الأول و فيه عن جابر بن يزيد قال قال ابوجعفر (ع) يا جابر انّ اللّه اول ما خلق خلق محمداً و عترته الهداةَ المهتدين فكانوا اشباح نورٍ بين يدي اللهِ قلتُ و ما الأشباح قال ظلّ النور اَبْدٰان نورانيّة بلا ارواحٍ و كان مويداً بنور بروح خل واحدة و هي روح القدس فبِه۪ كان يَعْبُدُ اللّهَ و عترته و لذلك خلقهم حلماۤء علماۤء بَرَرَةً اصفياۤء يعبدون اللّه بالصّلوة و الصّوم و السّجود و التّسبيح و التّهليل و يصلّون الصلوات و يحجّون و يصومون ه ، اقول الظاهر انّ المراد بالأشباح مثالهم و هو ظلّ النّور الذي هو نفوسهم و تلك الاشباح ابدانٌ نورانيّة و الدّليل علي انّ تلك الأشباح هي مثالهم قوله (ع) بلا ارواح و لعلّ هذه الأبدان النورانيّة الّتي بلا ارواح هي الّتي سمّيناها باجسامهم الّتي خلق من فاضلها ارواح المؤمنين الصالحين و بالجملة انهم اصل الأبرار مِن كلّ مَن سواهم فماۤدّة وجودهم من فاضل نور محمد (ص) و صورتهم الناطقة من فاضل صورة علي (ع) و اهل بيته (ع) قال (ص) يا علي انا و انت ابوا هذه الأمّة فمن فاضل نور محمد (ص) خُلِقَتْ مواۤدّهم الّتي هي الاب و من فاضل نور عليّ (ع) الذي هو الرحمة صبغهم بصبغة الأيمان و هي الصورة و هي الأمّ و عن الصادق (ع) اِنّ اللّه خلق المؤمن المؤمنين خ من نوره و صبغهم في رحمته فالمؤمن ( و المؤمن خل ) اخو المؤمن لأبيه و امِّه۪ ابوه النور و امّهُ الرحمة فالأبرار خلقوا من اشعّةِ انوارهم فهم اصل الابرار بهذا المعني و الثاني ان الأبرار كانوا في اصل خَلقهم كغيرهم قال اللّه تعالي كان الناس امةً واحدةً فبعث اللّه النبيين الٰاية ، و بيان ذلك انّ الخلاۤئق في عالم الذر كانوا سواۤءً في التّكليف بمعني انّ كلّ واحدٍ متمكن من الأستجابة و الأمتناع باختياره ( باختيارهم خل ) علي اختلاف مراتبهم في القرب و البعد من المبدء الفيّاض و في النّور و الظلمة فامر اللّه نبيّه (ص) باخذ الاقرار من الانبياۤء فقال لهم يقول اللّه لكم الستُ بربكم و محمد نبيّكم و عليّ وليكم و امامكم و الأئمّة من ولده اولياۤؤكم و ائمتكم قالوا بلي آمنّا و صدّقنا و سلّمنا و اشهد بأننا مسلمون ثم امرهم ان يأخذوا من اُمَمِهِم الاقرار بما اخذ منهم و كذلك الأوصياۤءُ و المرشدون و السفراۤء و المعلّمون فمن اجاب بقلبه و لسانه و عَمِلَ بما اُمِرَ به بجوارحِه۪ و اركانه فهم ابرار و السابقون منهم المقرّبون و في امالي الشيخ باسناده الي جابر عن ابيجعفر عن ابيه عن جده عليهم السلام انّ رسول اللّه (ص) قال لعلي (ع) انت الذي احتجّ اللّه بك في ابتداعه الخلق حيث اقامهم اشباحاً فقال لهم الستُ بربّكم قالوا بلي و قال محمد رسولي قالوا بلي قال و علي اميرالمؤمنين فابي الخلق جميعاً الّا استكباراً و عتوّاً عن ولايتك اِلّا نفر قليل و هم اقلّ القليل و هم اصحاب اليمين ه ، اقول قد دلّ هذا الحديث و غيره ممّا هو اصرح منه او مثله انّ جميع الخلق انما نجي مَن نجي بولايتهم و التسليم لهم و الأئتمام بهم و انّما هلك من هلك بتركهم الولاية ففي الظاهر انّ الأبرار انما كانوا ابراراً لانّهم توالَوا بهم و تبرّؤا من اعداۤئهم و احبّوهم و اطاعوهم و اتّبعوهم في طريقتهم و ردّوا الأمر اليهم و سلّموا لهم فيما علموا و ما لميعلموا فبذلك كانوا ابراراً فهم اصل هدايتهم و في الحقيقة انّما قَبِلَ الأبرار هذه الأمور المذكورة لأنّهم (ع) هم اوردوهم ذلك و هم ذادوهم عن الخلاف و هم عفوا عن تقصيرهم و سدّدوا لهم الخلل و ثبّتوهم عن الزلل فالابرار نَالُوا الخير بتيسيرهم و تحبيبهم الايمان اليهم و تزيينه في قلوبهم و تكريههم الكفر و الفسوق و العصيان اليهم فهم (ع) اصل ما بَرَّ به الأبرار اَوْ هُمْ اَبرّوا الأبرار اي جعلوهم بامر اللّه ابراراً او حكموا عليهم ببرِّهم انّهم ابرار او انّهم اَدِلّاۤءُ العباد علي البرّ فكان المتَّبِعُونَ لهم العامِلُون بما دَلُّوا عليه ابراراً حين ابرّوا لِتبرَّ شيعتهم باتباعهم او تنبيهِهم او بسوقهم و في كلّ ذلك هم الأصل في ذوات الأبرار و صفاتهم و افعالهم و الي جميع ما ذكرنا يشير قول ابيجعفر (ع) رواه في كشف اليقين في حديث طويل الي ان قال (ع) و جعلهم يعني الائمّة (ع) ائمّة هدي و نوراً في الظلم للنّجاة اختصّهم لدينه و فضلهم بعلمه و اۤتاهم ما لميؤت احداً من العالمين و جعلهم عماداً لدينه و مستودعاً لمكنون سرّه و امناۤء علي وحيه و نجباۤء من خلقه و شهداۤء علي بريّته اختارهم اللّه و حباهم و خصّهم و اصطفاهم ( و خصهم و حباهم خل ) و ارتضاهم و انتجبهم و انتقاهم و جعلهم للبلاد و العباد عُمّاراً و ادلّاۤء للأمّة علي الصّراط فهم ائمّة الهدي و الدّعاة الي التقوي الحديث ، و في هذا الحديث قبل هذه الكلمات قال (ع) كانوا نوراً مشرقاً حول عرش ربّهم فامرهم فسبّحوا فسبّح اهل السموات بتسبيحهم ثم اهبطوا الي الأرض فامرهم فسبّحوا فسبح اهل الارض بتسبيحهم فاِنّهم لهم الصّاۤفون و اِنّهم لهم المسبّحون فمن اوفي بذمّتهم فقد اوفي بذمّةِ اللّه و من عرف حقهم فقد عرف حق اللّه الحديث . قال عليه السلام : و دعاۤئم الاخيار الدّعٰاۤئم جمع دِعامة بكسر الدال و هي عماد البيت و الذي عليه استناد الشيء و به قوامه و منه الحديث لكلّ شيء دعامة و دعامة الأسلام الشيعة و فيه دعامة الانسان العقل منه الفطنة و الفهم و الحفظ و العلم و الدّعامة ايضاً الأصل الذي ينشأ عنه الفروع و الاحوالُ و ما يستند عليه الحاۤئط لئلّايسقط و في الدّعاۤء اسئلك باسمك الذي به دعمتَ السمواتِ فاستقلّتْ ، و الأخيار جمع خيِّر بتشديد الياء ذو الدين و الصَّلاح و هذه الفقرة كسابقِه فانّ آلمحمد (ص) هم دعامة كلّ خير و صلاحٍ فانّ شرط الأيمان ولايتهم و شرط التوحيد ولايتهم و شرط النبوة ولايتهم و شرط قبول الأعمال ولايتهم بل لايكون الشخص العارف مُسْلِماً الا اذا تولّهٰم و المراد بكون ولايتهم شرطاً للتوحيد و النّبوّة و الأيمان و قبول الأعمال بل و الأسلام انّ هذه الأمور انما هي عبارة عن ولايتهم حقيقةً امّا التوحيد فحقيقته تنزيه ذات اللّه عن الشريك في ذاته و صفته و فعله و عبادته و لايتحقق في شيء من هذه الأربعة الّا بما اسَّسُوه و دَلُّوا عليه كما قال علي (ع) نحن الاعراف الذين لايعرف اللّه الا بسبيل معرفتنا يعني يعرفنا لأنّنا معانيه و ظاهره و يعرف بنا لأنّنا السبيل اليه و بابه و ليس له سبيل غيرنا و لا باب الّا نحن و يعرف بما بيّنّا من صفته و وصفنا من الدّليل عليه فكونُهم معانيه و ظاهره من ولايتهم و كونُهمْ السبيل اليه و بابه الذي يؤتي منه من ولايتهم و كونهم معلّمين للخلق واصفين للحق من ولايتهم لأنّها هي ولاية اللّه قال ( اللّه خل ) تعالي فاللّه هو الولي و هو يحيي الموتي و قال تعالي هنالك الولاية للّه الحق فهي الغني المطلق بمعني انه يفتقر اليه كلّ ما سواه لانّ اثبات هذا المعني للّه سبحانه كمال و سلب الكمال نقص يمتنع في حقّ الواجب تعالي و هم (ع) ظهروا بما شاۤء منه يعني انهم هم مظهر ذلك الغني المطلق و هو جميع ما شاء اللّه منه لانهم (ع) محلّ مشيّته فهم محتاجون اليه سبحانه و هم به من دونه يحتاج اليهم كل شيء من عين او معني و التوحيد آية اللّه في الأنفس كما قال تعالي سنريهم آياتنا في الٰافاق و في انفسهم حتي يتبيّن لهم انه الحق يعني حتي يتبين لهم ان الأمام هو الدليل الي اللّه فلايُعرف اللّه الّا بسبيل معرفته “٢-” علي نحو ما اشرنا اليه من الوجوه الثلثة فظهر لمن عرف ما اشرنا اليه ان التوحيد من ولايتهم و هم دعامته كما قال الحجة عليه السلام في دعاۤء ( شهر خل ) رجب فجعلتهم معادِن لكلماتك و اركاناً لتوحيدك و آياتك و مقاماتك التي لا تعطيل لها في كلّ مكان يعرفك بها مَن عرفك لا فرق بينك و بينها الّا انّهم عبادك و خلقُك الخ ، و لا ريبَ انّ الشيء لايقوم و لايتحقق الّا باركانه و امّا النّبوّة فلأنّها ارسالٌ و بَعْثٌ الي الرعيّة و لا شك انّ ذلك لايكون الّا من الوليّ و الوليّ هو اللّه و مظهر الولاية في الخلق من اللّه فيهم فعن ( و عن خل ) ولاية اللّه الظاهرة فيهم و بها اَرْسَل الرُّسل و بعث الانبياۤء لأنّ الولاية الأزليّة هي ذاته جلّ و علا و الارسال و البعث انما يكون في الفعل و هو في الخلق فيجب ان يكونَ هذا البعث الخلقي الامكاني صادراً عن ولايةٍ امكانيّةٍ هي في الحقيقة الربوبيّة اِذْ مربوب و الألوهية اذ مَألُوه و هي فعله و مشيّته و هم محلّ فعله و مشيّته فعنهم اَظْهَرَ مٰا اظْهَرَ وَ فَعَلَ ما فَعَلَ وَ لَهُ المَثَلُ الاعلي في السموات و الارض و هو العزيز الحكيم و الي هذا و نحوه الاشارة بقول علي (ع) كما في الغُرَرِ و الدّرر في وصف الملأ الاعلي و هو يعني به ظاهراً الملاۤئكة و باطناً هم (ع) لأنّ الملائكة امثال الأمثال قال علي (ع) و القي في هويّتها مثاله فاظهر عنها افعاله ، فتدَبّر كلامه صلوات اللّه و سلامه عليه ما اصرحه في المُدَّعَي لمن وَعَي و معلوم انّ النبوّة “٢” بعد الولاية “٣” ذاتاً و علّةً لترتبها “٢-” عليها “٣-” و امّا الأيمان فهو يتحقق في مقامين الأوّل في ذاته و جملته و الثاني في اركانه الاوّل ان الايمان نور يكتبه اللّه سبحانه في قلب الشخص بقلم اعماله و اقواله و اعتقاداته و ذلك النّور حيوة لانّه روح ينفخ في قلب العبد من روح من اللّه سبحانه قال تعالي اَومن كان ميتاً فاحييناه و جعلنا له نوراً يمشي به في الناس و قال تعالي نورهم يسعي بين ايديهم و باَيمانهم و قال تعالي اولئك كتب في قلوبهم الايمان و ايدهم بروحٍ مِنْهُ وَ الْعبارة عنه ظاهرا ان العبد اذا قام بما اراد الله منه كان فعله ذلك صورة الايمان و النور و الخيرات في الدنيا و الٰاخرة كالجسد و الله سبحانه ينفخ فيه من روحه و هو معني كتب في قلوبهم الأيمان بقلم من المؤمن و هو القلم المصور و هو اعماله و الكاتب فيه و النافخ فيه هو جبرئل قد اعانه اسرافيل بنصف قوته و ذلك عن الولي بأمر الله و هم بأمره يعملون يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و تلك المنفوخ منها روح للّه و هي روح الوليّ و كيفيّة النفخ كما تضع الْمِرءاۤة في ضوء الشمس فينعكس عنها نور فضوء الشمس نور الأمام (ع) اي نور ايمانه و المِرءاۤة ظاهراً قلب المؤمن و لسانه و جوارحه و صورة المكتوب اعماله فالماۤدّة صورة ايمان الأمام (ع) و الأيجاد صَدَرَ بفعل الله عن الأمام (ع) كما تقدم و ذلك كلّه هو ولاية الأمام التي هي ولاية اللّه الثاني سَنَذْكُرُهُ في بيان و اَبْواب الأيمان مجملاً و امّا قبول الأعمال فلأنّ الأعمال انما تتقبل من المتقين قال تعالي انما يتقبل اللّه من المتقين و المتّقي هو الذي يتّقي الله بالقيام بأوامره و اجتناب نواهيه و الطاعة للّه فرع الولي (ع) و معصية اللّه فرع اعداۤء الولي (ع) فاذا اطاع فقد تولّي و اذا لميعص فقد تبرّأ فاذا تولّي و تبرّأ فقد اتّقي و من اتقي قبلت اعماله لأنّها اعمال صالحة وَ كَلمٌ طَيِّبٌ و قد قال تعالي اليه يصعد الكلم الطيّب و العمل الصالح يرفعه و في ما اوحي اللّه الي محمد (ص) ليلة المعراج اَنْ قال يا محمد و عزتي و جلالي لو انّ عبداً عبدني حتي ينقطع له و يصير كالشنّ البالي ثم اتاني جاحداً لولايتهم لمادخله جنّتي و لااظلُّه تحت عرشي و انما يتقبّله و يرفع بالولاية لأنّ الطاعة فرع الولي لأنّها امتثال الأمر و اجتناب النهي هذا ظاهر القبول و باطنه هو رجوع الصّفات الي الذّوات و الفروع الي الأصول و قد قرّرنا في الفوائد انّ التابع تابع باختياره للمتبوع و المتبوع قابل له باختياره و مريد له لما بينهما من التضاۤئف و ذلك لأنّ شيعتهم منسوبون اليهم و مردّهم اليهم و هذا مقتضي القبول لِمَا بينهما من الموافقة و المناسبة و ايضاً كونهم بعملهم الخير اخياراً لأنهم جعلهم اللّه عن ائمّتهم بفعلهم الخير اخياراً او حكموا عليهم بعملهم انّهم اخيار فكانوا صلّي اللّه عليهم دعاۤئم للأخْيار في كونهم اَخْيَاراً بالجَعْل او الحكم و في نسبةِ الاعمال الطيّبة اليهم و في تقوّم الاعمال الصّالحة في نفسها بولايتهم و البراۤءة من اعداۤئهم و بأنّها عبارة عن اتباعهم و موافقة رضاهم و في قبولها كذلك و قد اشرتُ الي كلّ شقٍّ و التفصيل يستلزم التطويل . قال عليه السلام : و ساسةَ العباد السّاسة جمع ساۤئس و هو المدبِّر لأمر المَسُوسِ و المربّي له علي كمالِ ما ينبغي و العباد جمع عبدٍ اي مملوكٍ او مطلق الأنسان و هو يجمع علي عبيدٍ و اعبُد و عباد و عُبدون و عُبْدان و عِبْدان كغُفْران و غِلْمَان وَ عِبِدّان كَطِرِمّاح و مَعْبَدةٍ كَمَشْنَحَة ( كمشيخة خل ) و معابِد و عِبِدّاۤء كَزِمِكّاۤء و عِبّدي بِكَسرِ العين و الباۤء المشدّدة و عُبُد كسُبُل و عَبُد كنَدُس و معبوداۤء وَ اَعابِدُ جمع اَعْبُد و العبد له اصطلاح شرعيّ و معنيً لغويّ فالأصطلاح هو قول الصّادق (ع) العين عِلْمه باللّه و الباۤء بَونه عن الخلق و الدال دنوّه من الخالق بلا اشارةٍ و لا كيفٍ و يظهر من هذا انّه من العبادة و هي الطّاعة و كمال احوالها اَنْ يكون العبد متّصفاً بهذه الصّفات او من المعبّد كمعظّم المذلّل لأنّ العباد قد ذُلّلُوا بالتّكليف الشّاۤق او المكرّم من الأضداد لأنّ اللّه قد كرّمه كما قال تعالي و لقد كرّمنا بني آدم اَوْ لانّه اتخذه عبداً كما قال (ع) كفاني فخراً اَنْ اكونَ لك عبداً ، فالعباد في ايّ حالٍ من هذه الثلاث الطاعة و التذليل ( التذلل خل ) و التكريم و غيرها لا بدّ لهم من مدبّر حكيم و سايس عليم لأنّهم لايملكون لأنفسِهم ضرّاً و لا نفعاً و لا موتاً و لا حيوةً و لا نشوراً فلما خلق محمّداً و المحمد (ص) دعاهم فاجابوا و امرهم فأتمروا و نهاهم فانتهوا فحمّلهم علمه و دينه و امرَهُ و نهيَه فاشرقَتْ بنورهم الظلماتُ و استضاۤءتْ بهم الحجبُ و السّرادقاتُ ثم لمّا اراد ان يُعَرِّف العبادَ نفسَه و دينَه عَصَرَ نورَ محمدٍ و اهل بَيتِهِ الطاهرين فخلق من تلك العُصارة انوارَ شيعتهم و هو ما رواه جابر بن عبداللّه الأنصاري قال سمعتُ رسولَ اللّه (ص) يقول انّ اللّه خلقني و خلق عليّاً و فاطمة و الحسن و الحسين (ع) و الاَئمة (ع) من نورٍ فعصر ذلك النور عَصْرةً فخرج منه شيعتنا فَسَبّحْنٰا فَسَبّحُوا و قدّسنا فقدّسوا و هلّلنا فهلّلوا و مجّدنا فمجّدوا و وحّدنا فوَحّدوا ثم خلق السموات و الأرضين و خلق الملاۤئكة فمكثتِ الملاۤئكة مائة عامٍ لاتعرف تسبيحاً و لا تقديساً و لا تمجيداً فسبّحنا فسبّحتْ شيعتنا فسبّحت الملاۤئكة لتسبيحنا و قدّسنا فقدست شيعتنا فقدستِ الملاۤئكة لتقديسنا و مجّدنا فمجّدتْ شيعتنا فمجّدتِ الملاۤئكة لتمجيدنا و وحّدنا و وحّدت شيعتنا فوحّدتِ الملاۤئكة لتوحيدنا و كانت الملاۤئكة لاتعرف تسبيحاً و لا تقديساً من قبل تسبيحنا و تسبيح شيعتنا فنحن الموحّدون حين لا موحّد غيرنا و حقيق علي اللّه تعالي كما اختصنا و اختص شيعتنا ان يُنْزِلَنا اَعْلَي عِلّيّين ان اللّه سبحانه و تعالي اصطفانا و اصطفا ( و اصطفي خل ) شيعتنا من قبل ان نكون اجساماً فدعانا و اجَبْنا فغفر لنا و لشيعتنا من قبل ان نستغفر اللّه ه ، و في رواية ابنعباسٍ عنه (ص) الي ان قال (ص) ثم خلق الملاۤئكة فسبّحنا فسبّحتِ الملائكة فهلّلنا فهلّلت الملاۤئكة و كبّرنا فكبّرتِ الملاۤئكة و كان ذلك من تعليمي و تعليم عليٍ (ع) و كان ذلك في علم اللّه السابق انّ الملاۤئكة تتعلّم منا التسبيح و التهليل و كلّ شيء يسبّح اللّه و يكبّره و يهلّله بتعليمي و تعليم علي (ع) الحديث ، فظهر مما ذكر انهم هم المعلّمون للعباد في جميع طرق الرشاد كيفية السُّلوك و الاقتصاد و انما قيل ساسة و لميُقَل معلّمون لأنّ الساۤئس هو المربّي لمن لايَعرف رشده لولا الساۤئس و لأنّه يصلحه بالتدريج و التسهيل الطبيعي المطابق للحكمة بتسبيب اسباب التربية و تتميم القوابل بالمعالجة الحكميّة الألهيّة المعبّر عنها بسلوك سُبُل الرّبّ مقتصراً عليه لايكون من الساۤئس شيء الّا مما جعل اليه المربّي الاكبر المتعالي سبحانه و تعالي فانّهم صلي اللّه عليهم لميجعل لهم من الامر شيئاً الّا به فهم بامره يعملون يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لايشفعون الّا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون و من يقل منهم اني اِلٰه من دونه فذلك نجزيه جهنّم و هذا كما في قوله تعالي فاسلكي سبل ربّك ذُلَلاً ، و حيث قلنا انّ العباد جمع عبدٍ اي مملوك او مطلق الأنسان فينبغي ان يُنبّه علي المراد من العبد في حق المكلّف اذا نسب الي الائمّة (ع) امّا نسبة العبد الي اللّه سبحانه فلا توقف لاحدٍ من المسلمين في انّه عبد رقٍّ و عبد طاعة لايملك شيئاً من امره و هذا لا فائدة في ذكره الّا لتوطية الذكر بالنسبة الي غيره و من احتمل غير هذا فهو كافر كفر الجاهليّة الأولي كما ادّعي في حق عيسي (ع) فانزل اللّه سبحانه قرءاناً رداً عليهم قال تعالي لنيستنكف المسيح ان يكون عبداً للّه و لا الملاۤئكة المقربون و من يستنكف عن عبادته و يستكبر فسيحشرهم اليه جميعاً نعم قد تقع اوهام مبنيّة علي اصولٍ باطلةٍ يتوهّم المدّعي لها صحّتها و يلزم منها ذلك و هي علي انحاۤءٍ شتّي منها مَن يدّعي بأنّ الماهيّاتِ غيرُ مجعولة و انّما هي صُوَر عِلميّة و يدّعي انّها مكلّفة فانْ احسنت اثابها و ان اَسَاۤءتْ عاقَبَها و انّه ليس له في الخلق الا افاضة الوجود نَفْسَه عليهم و وجوداتها تابعة لها و مَن اراد معرفة هذا القول و الاطلاع علي فساده فليراجع كلام الملّا محسن في الوافي في باب الشقاوة و السعادة لأنه ممن يقول بهذا القول و منها مَن يقول بأنّ المخلوقات منه بالسنخ او بالظل و يريد به ظل الذّات البحت علي ما يعرفون من معني الظل فانه ايضاً باطل فانّ الخلق لاينتهي شيء منه الّا الي مثله و لاينتهي الي الواجب و الّا لكان واجباً او كان الواجب ممكناً تعالي ربّي و منها من يقول بأنّ الانسان معتصر من حقٍّ لا خلقَ فيه و خلقٍ لا حقَ فيه فهو حقّ و خلق كما ذهب اليه ابنعربي مميتالدّين قال في الفصوص في ما نَقَلَ من الشعر : فانّا اعبُدٌ حقّاً ** * ** و انّا اللّهُ موليٰنا و انّا عينه فاعلم ** * ** اذا ما قيل انسانا فكن حقّاً و كن خلقاً ** * ** تكن باللّه رحمانا و منها مَن يقول اِنّه ليس له ان شاۤء فعل و ان شاۤء ترك و منهم الملّا محسن قال في الوافي فيما اشرنا اليه من كلامه فمشيّته احدية التعلّق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم انت و احوالك الي ان قال لأنّ الأختيار في حقّ الحق تعارضه وحدانيّة المشيّة فنسبته الي الحقّ من حيث ما هو الممكن عليه لا من حيث ما هو الحق عليه الي ان قال فما شاء فانّ الممكن قابل للهداية و الضلال من حيث ما هو قابل فهو موضع الأنقسام و في نفس الأمر ليس للحقّ فيه الّا امر واحدٌ و منها ما ذكره السيد المرتضي في رسالةٍ له ذكر انّ اللّه سبحانه ليس الٰهاً للعرض و الجوهر الفرد لأنّ الالٰه هو المنعم علي المألوه و هذانِ غير محتاجَيْنِ الي المدد لبساطتهما نقلتُه بالمعني و امثال هذه المقالات الفاسدة المستلزمة لنفي العبوديّة عن كثير من الخلق و استغناۤئهم عن اللّهِ تعالي الله عن ذلك علوّاً كبيراً و المعروف عندي من كلام اهل العصمة و اشاراتهم انّ مَن وقعت منه امثال هذه و كان لايظهر له ان مثل ذلك منافٍ للأعتقاد بل يري انّ ذلك هو الصّواب و انّه هو مذهب اهل الحقّ (ع) و كان من شأنه الردّ الي ائمّة الهدي (ع) بمعني انه لو تبيّن له انّ هذا الأعتقاد مخالف لمراد الامام (ع) لتَرَكَهُ هو علي ظاهر الاسلام و اللّه اعلم بظاهر امره و باطنه لأنّ كثيراً من احاديث اهل العصمة (ع) دالّة بصريحها علي انّ مثل ذلك كفر و لعلّه محمول علي ما ذكرنا و امّا نسبتهم الي الخلق فالمعروف عند كثير من العلماۤء و من بعض الأخبار انهم عبيد طاعة لا عبيد رقّ حتي انّ بعضهم قال لايجب طاعة الأمام (ع) فيما يخالف حكمه فلو اراد ان يصلّي علي الميت و له وصيّ في ذلك او وليّ و لميأذن “٢” الوصيّ او الوليّ لميجز له التقدم “٢” في الصّلوة بدون اذنه و هذا غلط ظاهر و حكم فاسد و مثله حَكَم بعضهم في كثير من الأموال اذا مَنَع المالِك و هذا و مثله و يؤلّون انّه (ع) اولي بهم من انفسهم بانّ طاعته واجبة علي المكلَّف في جميع الأحكام الشّرعية و ما يرتبط بها كالجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ممّا يتعلّق بمصالحهم و هذا كلام ينبغي عدم الألتفات اليه و ان يجعل في زاوية الأهمال لِما دلّ الدليل عليه عقلاً و نقلاً انّه (ع) اولي بهم من انفسهم بالأولويّة التي كانت لرسول اللّه (ص) و هي انّ اللّه سبحانه و تعالي خلق الأشياۤء له و لأهل بيته الطاهرين و في الحديث القدسي او انه في الأنجيل خلقتُك لاجلي و خلقتُ الاشياءَ لاجلِك و قول عليّ (ع) نحنُ صناۤئع ربِّنا و الخلقُ بعدُ صناۤئعُ لنا اي صنعهم الله لنا و اللّام في لنا للملك و هذا المعني هو الذي تفيده اخبارهم اشارة لأنّ التصريح فيه فضحٌ بالحكمة فوجبتِ الأشارة للتقيّة و سألني الشيخ موسي بن محمد الصاۤئغ الشهيد لعن اللّه قاتله قال انّا لمنجد في كتب الرجال رجلاً من الرّواة و لا فيما قَبْلُ سُمّي بعبدالنبي و لا بعبد ( و لا عبد خل ) علي و لا عبدالحسن و لا عبدالحسين و لا عبدالرضا كما هو المستعمل الٰان في زماننا مع انّه لاينافيه الأعتقاد سواۤء قصدت عبوديّة الطاعة ام الرقيّة و لميَرِدْ منع خاۤصّ من ذلك فهل الأمتناع من التسمية لنصّ لمنقف عليه او للتقيّة فاجبته بأنّي لماقف علي اسمٍ كذلك ممّن تقدم و لا علي نصّ بالمنع بل قد تشير ( يشير خل ) بعض الأخبار ببواطنها علي جواز ذلك و لعلّ المانع من وقوعه من بعض شيعتهم هو التقية لوجوهٍ منها ان الخلفاۤء كانوا يكرهون مَنْ يتسمّي باسم واحدٍ من ائمتِه۪ ( الائمة خل ) فكيف يقدر ان يتسمّي بعبوديّته و منها ان التشيّع كان في الزّمن السابق ضعيفاً لميكن لكثير من الشيعة قوة ايمانٍ بحيث يعرفون مقام الأمام (ع) و انّ كل شيء مُلْكٌ له و انما خلقتِ الأشياۤء له و امّا من كان عارفاً بذلك فلايقدر خوفاً من الأعداۤء و ممّن لايعرف و لقد رأينا في زمانِنا ببلادِنا الأحساۤء اناساً من الناصبين يعيبون علي هذه التسمية و يستهزؤن ببعض من يسمّي بذلك و منها انّ ذلك الزمان كانت الغلاة كثيرة و لايعرف اكثر الشيعة المعني المدّعي للأمام (ع) فاذا سمعوا شيئاً من هذا النحو حملوه علي الغلوّ بخلاف هذا الزمان فانه كثيراً ما يستعمله مَن لايخطر علي بالِه۪ شيء من ذلك لا من كون الأمام (ع) مملّكاً و لا من نسبة الغلوّ و التقيّة التي كانت في الزمن السابق لميحصل مثلها في اكثر ساۤئر البلدان و لو وجد مثلها كما في بلدان النجدي ابنسعود لميسمّ بذلك حتي انّ كلّ من كان اسمه عبدعلي تسمّي بعبدالعالي و في عبدالحسن ( و عبدالحسين خل ) و الحسين بعبدالمحسن او عبدالله و هكذا و الّا قتلوه و الذي في ظنّي انّه وَرَدَ التسمية بذلك الّا اني الٰان عزب عني موضعه و بالجملة فقوله (ع) و ساسةَ العباد يريد به عباد اللّه و لا شك اِنّ العباد عباد اللّه و انّهم (ع) عباد اللّه و انّ العباد عباد لهم عباد طاعةٍ و انّما الكلام في انّ العباد عباد لهم عباد رِقٍّ و الأخبار في بواطن تفسيرها و دليل العقل تدلّ “٢” علي ذلك الّا انّه من المكتوم الذي امروا بكتمانه و لهذا لميذكروه صريحاً بل ربما ذكروا عليهم السلام ما يدلّ بظاهره علي المنع من ارادة معني الرِّقّيّة و ان لميكن نصاً في ذلك لاحتمال التّقية و ارادة عدم البيع او عدم تجويزه او عدم اظهاره و لو لفظاً او انّ النفي واردٌ علي دعوي الزعم كما في الرواية المذكورة كما يأتي لان الزعم ركوبُ مطيّةِ الكذب و انّما هو اليقين و الحق كما هو مقتضي قوله تعالي النبي اوْلَي بالمؤمنين من انفسهم فانّ المراد منه العموم اي في كلّ شيء او ان المنع من اظهاره و اطلاع المكلفين عليه انما هو لئلّايمتنعوا من قبول احكام الاسلام او الايمان فانّهم عليهم السلام دعوا الناس الي الاسلام و الي الايمان و لميقبل اكثر الناس منهم و هم يقولون لهم اذا آمنتم او اسلمتم فانتم اخواننا فكيف لو قالوا لهم اِذا آمنتم او اسلمتم فانتم عبيدُنا و مماليكُنا بل ارشدهم سبحانه علي ان يقولوا اخواننا تألّفاً لهم و امالةً لقلوبهم الي الاسلام و الأيمان فقال تعالي فان تابوا و اقاموا الصلوة و آتوا الزكوة فاخوانكم في الدين ، فان قلتَ سمّاهم اخوانهم لانهم احرار و لو كانوا مماليك لماسمّاهم بذلك و هو دليل النفي قلتُ لايلزم ذلك فانه سمي مماليكهم باخوانهم فقال تعالي ادعوهم لاۤبائهم هو اقسط عند اللّه فان لمتعلموا آباۤءَهم فاخوانكم في الدين و مواليكم و لعلّ النفي او المنع من اظهار ذلك لمصالح يتوقَف اللّطف بالمكلّفين عليها و لانحيط بها علماً او لانحتملها لانهم عليهم السلام قد يتكلمون بالكلمة ( و خل ) يريدون بها احد سبعين وجهاً كما ورد عنهم و نريد بما يدلّ بظاهره علي المنع ما رواه في الكافي بسنده الي محمد بن زيد الطبري قال كنتُ قائماً علي رأس الرضا عليه السلام بخراسان و عنده عدّة من بنيهاشم و فيهم اسحق بن موسي بن عيسي العباسي فقال يا اسحق بلغني انّ الناس يقولون انّا نزعم ان الناسَ عبيدٌ لنا لا و قرابتي من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ماقلتُه قطّ و لاسمعتُه من احدٍ من آباۤئي قاله و لابلغني عن احد من آباۤئي قاله و لكنّي اقول النّاس عبيدٌ لنا في الطاعة مَوَالٍ لنا في الدينِ فليبلغ الشاهدُ الغاۤئب ه ، و كلامه عليه السلام صريح في التقيّة عند مَن يفهم معاريض الكلام خصوصاً قوله عليه السلام و لكني اقول الناس عبيد لنا في الطاعة اذ لو لميقل ذلك لفهم اسحق بن موسي العبّاسي و غيره قال ذلك تقيّة فلمّا اظهر لهم ان الناس عبيد لنا ( لهم خل ) في الطاعة فهموا منه ان هذا اعتقاده و مذهبه و انّه لو اتّقي لماقال ذلك و هو عليه السلام قاله لانهم يعلمون ذلك من مذهبه و من مذهب شيعته فاتّقَي من اسحقَ باظهار ما ينافي التّقيّة عنده لأنه معلوم من مذهبه عليه السلام و مذهب شيعته و الحاصل لا شكّ ان جميع الخلق عبيد طاعةٍ لهم و مَا سوي ذلك فان كان كذلك “٢” فقد امسكوا عن ذكره فعليك ان تتأسّي بهم و ان لميكن كذلك فلايجوز لكَ ان تقول ما لميقولوا فان قلتَ فانتَ لم قلتَ ما لميقولوا قلتُ لك انا ( انّي خل ) قد بيّنتُ لك الاحتمالين فان وجدتَ انتَ ما وجدته انا فقل ما وجدتَ من نفيٍ او اثباتٍ و الّا فلا اعتراضَ لك علَيّ و اللّه سبحانه يقول الحق و هو يهدي السبيل ، نعم ورد عن الصّادق عليه السلام انّه قال رحم اللهُ شيعتَنا اُوذوا فينا و لمنُؤذَ فيهم شيعتنا منّا و قد خُلِقُوا من فاضِل طينَتِنا و عُجِنُوا بنور ولايتِنا رضوا بنا ائمّة وَ رضينا بهم شيعة يصيبهم مصابُنا و تبكيهم اَوصْابُنَا و يحزنُهم حزنُنا و يسرّهم سرورنا و نَحْن ايضاً نتألّم لتألّمِهم و نطلّع علي اَحْوالهم فهم معنا لايُفارِقونا و نحنُ لانُفارِقهم لأنَّ مرجع العبد الي سيّدِهِ و مُعوَّله علي مولاه فهم يهجرون مَنْ عَادانا و يجهرون بمدح مَنْ والانا و يباعِدُون مَنْ ناوانا اللهم اَحْي شيعتنا في دَولتِنا و اَبْقهم في مُلكِنا و مَملكتِنا اللّهم انّ شيعتنا منّا مُضافين الَيْنا فمن ذكر مُصَابَنا و بكي لِاَجْلنا استَحْيي اللّهُ اَنْ يعذِّبَهُ بالنّار ه ، و هذا ظاهره كما اشرنا اليه لانه عليه السلام قال لان مرجع العبدِ الي سيّده و معوّله علي مولاه و هذه العبارات اذا استعملت لايفهم منها الا معني الرقيّة و لكنّه ليس نصّاً صريحاً لاحتمال ارادة عبوديّة الطّاعة كما في الحديث الأول و ان كان الاحتمال غير مساوٍ للظاهر و انما يبطل الاستدلال ما كان مساوياً من الأحتمال لا المرجوح و اللّه ولي التدبير و اليه المصير . قال عليه السلام : و اركانَ البلاد الأركان جمع ركنٍ و هو الجانب الاقوي و البِلاد جمع بلدةٍ مثل كلاب جمع كلْبَةٍ و المراد منها جميع بلدان الدنيا و المراد بكونهم اركان البلاد انّ جميع الدنيا و ما فيها لولا وجودهم فيها لساخت لأنّ وجودهم علّةٌ لوجود الموجودات و وجود الموجودات قاۤئم بوجودِهم قيامَ صُدُورٍ لأنّ الشيء يتقوّم بماۤدّتِه۪ و صورته و نفسه فامّا مادّة جميع بلدان الدنيا و ما فيها من الأنهار و الأشجٰار و الجبال و ساۤئر ما فيها من الجمادات و النباتات و الحيوانات فمن فاضلِ شعاع اجسادهم و نريد بالفاضل حيث يطلق في الأخبار و فيما كتبنا من رساۤئلِنا و اجوبتنا هو الشّعاع فمعني فاضل شعاع اجسادهم شعاعُ شعاعِ اجسادِهم و اجسادُهُمْ شعاعُ اجسامِهم و امّا صُوَرُها فمن فاضلِ شعاعِ اشباحِهم و اشباحُهم هي ظلُّ النُور و هي ابدانٌ نورانيّة بلا ارواحٍ كما تقدم في الرواية و امّا نفوسُها فمن فاضلِ شُعاعِ نفوس بَشريّتِهِم و هذه الثلاثة المراتب فيها من اركان العرش السّفليّة لأنّ العرش له ستّمائةالفِ ركنٍ هذه منها و قد قال اللّه تعالي و كان عرشه علي الماۤء و الماۤء هو العلم و هو حامل العرش قبل خلق السّموات و الأرض و العلم الحامل هو ما حملوه (ع) من العلم لأنّه هو علّة بقاۤء وجود ما دونه فلو فقد حامله ساخت الأرض و في الكافي عن ابيحمزة عن ابيجعفر (ع) قال قال واللّهِ ماترك اللّه ارضاً مُنْذ قَبض اللّه آدم (ع) الّا و فيها امام يُهتدي به الي اللّه و هو حجّته علي عباده و لاتبقي الأرض بغير امامٍ حجةٍ للّه علي عباده و فيه عن ابيحمزة قال قلت لأبيعبداللّه (ع) تبقي الارض بغير امامٍ قال لو بقيت الأرض بغير امامٍ لساخت يعني انخسفت باهلها و ذهبت بهم و فيه عن محمد بن الفُضَيْل عن ابيالحسن الرضا (ع) اتبقي الارض بغير امامٍ قال لا قلتُ فانّا نروي عن ابيعبداللّه عليه السلام انّها لاتبقي بغير امامٍ الّا ان يسخط اللّه علي اهل الأرض او علي العباد فقال لا لاتبقي اذاً لساخت ه ، يعني ليس المراد بقول ابيعبداللّه (ع) السّخط الذي تبقي معه الارض بل المراد به السَخَط الذي تصير به الارض منخسفةً و فيه مثله عن الوشّا قال سألتُ الرضا (ع) هل تبقي الارض بغير امامٍ قال لا قلتُ انّا نرْوي انها لاتبقي الّا ان يسخط اللّه تعالي علي العباد قال لاتبقي اذاً لساخت ه ، و هذا مثل سابقه فقد دلّتِ الاخبار المذكورة و غيرها علي انّ الأرض لو خلتْ من احدٍ منهم ظاهراً او باطناً او مستتِراً لانخسفت بأهلها لأنّ قِوَامها بالأمام (ع) علي نحو ما اشرنا اليه سابقاً و قولنا ظاهراً ظاهرٌ كما في زمان ظهور احدهم (ع) و قولنا باطناً نشير به الي الزمن المتقدم علي زمان بعثة النبي (ص) فانه لايخلو وقت منه عن نبيّ داعٍ الي اللّه و الي عبادته منذ اهبط اللّه آدم الي الأرض الي زمان بعثة النبيّ (ص) الّا انهم ظاهراً هم اركان الأرض و البلاد و بهم يحفظ اللّه البلاد لكن انما حَفِظَ اللّه البلاد و الانبياۤء (ع) بوجود امامنا (ع) في كلّ زمانٍ مستتراً يظهر في الصّوَر كيف شاۤء اللّه او كما دلّت عليه الأحاديث الكثيرة و في بعض الأخبار اشارة الي انّ الانبياۤء (ع) هم الحافظون و هم اركان البلاد كل واحدٍ في زمانه و هذا عندي صحيح لكنهم حافظون للبلاد و ائمتنا (ع) حافظون لهم و للبلاد فالأمام (ع) حافظ للبلاد عن الأنبياۤء (ع) في زمانهم و اللّه سبحانه حافظ لخلقه بخير ما خلق من صفوته و خيرته من عباده و في دعاۤء مفردة الوتر و انت اللّه عماد السموات و الأرض و انت اللّهُ قِوَام السموات و الأرض و فيه اشارة الي انّ الحسن بن علي بن ابيطالب عليهما السلام عماد السموات و الأرض و انّ الحسين اخاه (ع) قِوَام السموات و الارض و بيان هذه الأشياۤء كما ينبغي بحيث يعرفه الاكثر يستلزم تطويلاً كثيراً و يلزم منه ذكر اشياۤء ليس للعقول فيها حظ و انما يعرف ذلك اصحاب الأفئدة اذا كانوا من اهل التصديق و التسليم و امّا البيان بالأشارة ففي هذه الكلمات ممّا ذكرنا لكل سؤال جواب و تقرير عبرة لأولي الالباب . قال عليه السلام : و ابوابَ الأيمان اي انهم صلّي اللّه عليهم لايُعْرَفُ الأيمان الّا عنهم و لايُكْتَسَب الّا منهم و لمينزله ( و لمينزل خل ) اللّه من خزاۤئن غيبه الّا فيهم و لايخرجه الي احدٍ من الخلق الّا منهم و لايخرجه منهم الّا بهم ثم الأيمان منه باطن و منه ظاهر و الباطن منه معرفةٌ و محبّة و منه علم و تذكّر و تفكّر و منه يقين و ثبات و جزم و الظاهر منه قول و منه عمل فامّا المعرفة فمعرفة اللّه و توحيده في ذاته بنفي المعاني و الصّفات و الأضداد و توحيده في صفاته بتجريد جهة المعرفة عن الأنداد و توحيده في افعاله عن المشاكلة و التعدد و الأنفراد و توحيده في عبادتِه۪ عن مشاركة العباد و لايكون شيء من هذه المذكورة ( المذكورات خل ) و لا ممّا يتفرّع عليها حقّاً الّا اذا كان بسبيل معرفتهم يعني بما بيّنوا و عرّفوا و بسبيل معرفتهم يعني بأنهم ابواب هذه الأشياۤء المذكورة و بسبيل معرفتهم يعني انهم اركان هذه الأمور المذكورة و بسبيل معرفتهم انهم معاني هذه الأمور المذكورة و بسبيل معرفتهم انهم هم هذه الأمور المذكورة و بسبيل معرفتهم انهم هم ظاهر هذه الأمور المذكورة و معرفة رسول اللّه (ص) بأنه عبد اللّه و رسوله و حجته و عينه الناظرة و اذنه الواعية و يده المبسوطة و عضده القويّة و ذكره الأكبر و اسمه الأعزّ الأجل الأكرم و فضله العامّ و رحمته الواسعة و بابه الذي لايؤتي الا منه و النُّور المُنَوِّر للأنوار و القلب الذي وسع الأقدار و الأسرار و خيرة الجبّار في جميع الأطوار و امثال ذلك و معرفة الأمام (ع) انّه كلّما ذكر من هذه الأوصاف المذكورة للنبيّ (ص) و غيرها فانه شريكه فيها الّا شيئين احدهما الرسالة و النبوّة و ما يتعلّق بهما من الخواص التي اختصّ صلّي اللّه عليه و آله بها من الخواصّ المذكورة في كتب اصحابنا رضوان اللّه عليهم ممّا خفّف اللّه فيها علي نبيّه (ص) كما قال ماانزلنا عليك القرءان لتشقي او شدّد عليه لانّه المراد كما قال تعالي لاتكلَّف الّا نفسَك او كرّمه بها كما قال و لسوف يعطيك ربُّك فترضي ، هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب و ذلك امور منها ما قال (ص) كتبَ عليّ الوتر و لميكتب عليكم و كتبَ عليّ السِّواك و لميكتب عليكم و كتبَ عليّ الأضحيّة و لمتكتب عليكم و منها وجوب التخيير لنسائه بين المقام و بين مفارقته كما في قوله تعالي يا ايّها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحيوة الدنيا ( و زينتها خل ) الٰاية او ( و خل ) انّ التخيير “٢” نفسه طلاق لمن اختارته “٢-” كما قيل و منها قيام الليل قال تعالي قم الليل و في المبسوط انه اي الوجوب منسوخ بقوله تعالي و من الليل فتهجَد به نافلةً لك فلايكون من الخواصّ و في التذكرة استدل علي الوجوب بهذه الٰاية و منها خاۤئنة الأعين و هو الاشارة بها و منها تحريم نكاح الأماۤء بالعقد و تحريم نكاح الكتابيّات علي القول بجوازه علي الأمّة و تحريم الأستبدال بنساۤئه بمعني انه يطلق واحدة و يتزوّج اخري لقوله تعالي و لا ان تبدّل بهنّ من ازواج و لو اعجبكَ حسنهنّ الّا ما ملكت يمينك و تحريم الزيادة عليهنّ حتي نسخ بقوله تعالي يا ايّها النبيّ انا احللنا لك ازواجك و المنع من الكتابة و الشعر لأظهار الأعجاز و ان كان قد ورد في بعض احاديثنا انه كان يكتب و يقرأ باثنين و سبعين لساناً و تحريم نزع لامّته اذا لبسها قبل لقاۤء العدوّ هذا كلّه من التشديدات و من التّخفيف انه ابيح له ان يتزوّج بغير عدد و ان يتزوج و يطأ بغير مهرٍ و ان يتزوج بلفظ الهبة و له ترك القسم بين زوجاته و له ان يصوم صوم الوصال و ان يصلّي قاعداً بقاۤئمين و اخذ الماۤء من العطشان و الطعام من الجاۤئع و ان اضطُرّا اليهما و يحفظ نفسه الشريفة لأنّه اولي و حفظ نفسه اهمّ و من التكريم له (ص) انّ ازواجه امهات المؤمنين فيجب احترامهنّ و يحرم نكاحهن و بعث للناس كاۤفة و جعل خاتم النبييّن و نُصِر بالرعب من مسيرة شهر و خصّ بالشفاعة و كان تنام عينه و لاينام قلبه و يتضاعف ثواب مَن اطاعتْ من نساۤئه (ص) و عقاب مَن عصت و اذا نظر الي امرأة و رغب فيها وجب علي زوجها طلاقها و يبقي معجزه و هو القرءان الي انقضاۤء النظام و غير ذلك و ثانيهما انه ثانٍ للنبي (ص) و تال له فلا يساويه لذاته و معرفة شيعة الامام (ع) كما تعرف الشعاع من الشمس فان الشعاع انما يظهر مستنيرا اذا كان مستمداً من الشمس و الّا فانّه من حيث نفسه لا نور له بل هو من حيث نفسه ظلمة فكذلك الشيعيّ فانما هو مؤمن و عارف و صالح و ناجٍ بمتابعة اِمامِه۪ و الأخذ عنه و الأقتداۤء به فبقدر اقتداۤئه بامامه و طاعته له و معرفته به يكون قدره و ايمانه و بحسب ذلك تجب موالاته تبعاً لوجوب موالاة امامه كما اشار اليه في الدعاۤء اُوَالي مَن والَوْا و اُجانِب مَن جانَبُوا و معرفة اعداۤئهم و البراءة منهم و من اتباعهم فالمؤمن يعرف اعداۤء علي و اهل بيته (ع) بسيماهم و في لحن القول و لقد سمعتُ ممن اثق به ينقل عن بعض اولئك الناصبين يقول لا شكّ ان عليّا كرَّم اللّه وجهه افضل من سيّدنا ابيبكر و سيّدنا عمر و اعلم و اشجع و اتقي الّا انّه يجب عليك ان تعتقد بانّ ابابكرٍ و عمر افضل من عليّ و اعلم و اشجع و اتقي فقال بعض الحاضرين منهم من جهّالهم واللهِ يا سليمن و كان ذلك القائل قاتله اللّه اسمه سليمٰن مااقدر علي ذلك و لاتطيعني نفسي اذا كان علي افضل و اعلم و اشجع و اتقي ان اقول هما افضل و اعلم و اشجع و اتقي قال سليمن بلي هذا واجب في المذهب قال ذلك الرجل مااعرف الّا اذا كانا افضل فانظر بعقلك الي لحن قول هذا المناصب المعاند بعد اقراره بفضل عليّ كيف يُنكره و يئوّله انّ هذا واجب في المذهب ، و امّا المحبّة فهي فرع المعرفة فمَن عرف الخير احبّه و هي في كلّ مقامٍ بحسبه و تفصيل ذلك بالنسبة الي اللّه سبحانه و الي امره و الي نبيه (ص) و الي اولياۤئه (ص) و اولياۤء اولياۤئه يطول به الكلام ، و امّا العلم فهو ان ينتقش في خيالك صور ما صدّقتَ به و اطمأنَنْتَ عليه فانّ هذه الصورة التي انتقشتْ في خيالك معناها في قلبك و التصديق بها و الأطمئنان عليها كلّها في قلبك و حقيقتها بلا كيف تنجلي في فؤاۤدك فتكون هذه المنتقشة آيةَ معرفة ربّك و نبيّك و ائمّتك و شيعتهم و التسليم لهم و البراۤءة من اعداۤئهم الّا انّ تلك الٰاية بواسطةٍ او بوسائط فيكون ذلك داعياً للخوف المستلزم للنجاة و للرّجاۤء المستلزم للطلب و العمل و للمعرفة المستلزمة للحبّ الماحي بصدقه لكل اعتبارٍ سوي اعتبار المحبوب ، و في مصباح الشريعة قال الصادق (ع) فاذا تحقق العلم في الصّدر خاف و اذا صحّ الخوف هرب و اذا هرب نجا و اذا اشرق نور اليقين في القلب شاهَدَ الفضل و اذا تمكّن من رؤية الفضل رجا و اذا وجد حلاوة الرجاۤء طلب و اذا وفّق للطلب وجد و اذا انجلي ضياۤء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبّة و اذا هاج ريح المحبّة استأنس في ظلال المحبوب و آثر المحبوب علي ما سواه و باشر اوامرَه و اجتنب نواهيه و اختارهما علي كلّ شيء غيرهما فاذا استقام علي بساط الانس بالمحبوب مع اداۤء اوامره و اجتناب نواهيه وَصَل الي رَوْح المناجاة و القرب و مثال هذه الأصول الثلثة كالحرم و المسجد و الكعبة فمن دخل الحرم اَمِنَ من الخلق و من دخل المسجد امِنَتْ جوارحه ان يستعملها في المعصية و من دخل الكعبة امِنَ قلبه من ان يشتغل بغير ذكر اللّه تعالي الحديث ، و امّا التذكر و التفكّر فهو ان تعالج نفسك بعدم الغفلة و بالتوجه بقلبك الي عظمة اللّه سبحانه و الي ما يريده منك ليسعدك به في الدارين حتي يكون التذكّر و الأقبال الي اللّه سبحانه في كل ما يراد منك طَبْعاً لنفسك بحيث لو خاطبك شخص فلاتتوجه له الّا بالعرض كما قال الشاعر في التوجه الي ( نحو خل ) المحبوب : و اُدِيم نحوَ محدِّثي نَظري ** * ** ان قد فهِمتُ و عندكم عقلي و لقد ورد انّ علامة المؤمن هو انّ كلامه ذكر و صمته فكر و نظره اعتبار و ورد انّ تفكّر ساعةٍ خيرٌ من عبادة سنةٍ و ذلك انّه يتوجه بقلبه الي آثار العظمة و القدرة في الخلق فاذا نظر وجد ما لايحيط به الوصف و يَعْرِفُ مقامَ صاحبِ الأمرِ و النهي فاذا عَرَفَ ذلك ثبتَ عنده بلا تردّدٍ انّه لا فخر الّا في طاعتِهِ و طلب رضاه و انّه لايكون مطلوب في الدنيا و الٰاخرة حاصِلاً لاحدٍ الّا منه قال تعالي من كان يريد ثواب الدنيا فعند اللّه ثواب الدنيا و الٰاخرة فعند ذلك يعرف انه لايحسن طاعته و خدمته لغرضٍ غيره لانّه اهل ذلك فيطلب بامتثال امره رضاه فيرضي منه بكل نعمةٍ و بلاۤءٍ فاذا كان كذلك كان مرضياً عند ربّه فيذكر ربّه في نفسه عند ذكر عظمته و نعمته و بلاۤئه في الحيوة و في الممات و في القبور و عند نفخ الصور و في النشور و حيث تصير اليه الأمور ، و في الكافي عن زرارة عن احدهما (ع) قال لايكتب الملك الّا ما سمع و قال اللّه عزّ و جلّ و اذكر ربّك في نفسك تضرّعاً و خيفةً فلايعلم ثواب ذلك الذكر “٢” في نفس الرجل غير اللّه عزّ و جلّ لعظمته “٢-” و فيه باسناده الي ابيالمغراۤء الخصّاف رفعه قال قال اميرالمؤمنين (ع) مَن ذكر اللّه في السّر فقد ذكر اللّه كثيراً انّ المنافقين كانوا يذكرون اللّه علانية و لايذكرون اللّه في السّر فقال اللّه تعالي يراۤؤن الناس و لايذكرون اللّه الّا قليلا ، و امّا اليقين و الثبات و الجزم فمذكور في دعائم الأيمان في حديث الكافي الذي نذكره الٰان و امّا الظاهر فمنه قول و عمل و الأحاديث في بيان ذلك متكثرة روي في الكافي عن ابيعمروٍ الزبيري ( عن ابن ابيعمير و الزبيري خل ) عن ابيعبداللّه قال قلتُ له ايّها العالم اخبرني اي الأعمال افضل عند اللّه قال ما لايقبل اللّه شيئاً الّا به قلتُ و ما هو قال الأيمان بالله الذي لا اله الّا هو اعلي الأعمال درجةً و اشرفها منزلةً و اسناها حظّاً قال قلت اَلٰاتخبرني عن الأيمان اَقَوْلٌ و عمل ام قَول بلا عمل فقال الايمان عمل كلّه و القول بعض ذلك العمل بفرضٍ من اللّه بيّنه في كتابه واضح نورُهُ ثابتة حجّته يشهد له به الكتاب و يدعوه اليه قال قلتُ صفه لي جعلت فداۤءك حتي افهمه قال الأيمان حالاتٌ و درجات و طبقات و منازل فمنه التّاۤم المنتهي تمامه و منه الناقص البيّن نقصانُه و منه الراجح الزائد رجحانه قلتُ انّ الأيمان ليتمّ و ينقص و يزيد قال نعم قلتُ كيف ذلك قال لأن اللّه تعالي فرض الأيمان علي جوارح ابن آدم و قسّمه عليها و فرّقه فيها فليس من جوارحه جارحة الّا و قد وكِّلَتْ من الايمان بغير ما وكِّلَتْ به اختُها فمنها قلبه الذي به يعقل و يفقه و يفهم و هو اميرُ بَدَنِهِ الذي لاتردُ الجوارح و لاتصدر الّا عن رأيه و امره و منها عيناه اللتان يبصر بهما و اُذناه اللّتان يسمع بهما و يداه اللّتان يبطش بهما و رجلاه اللّتان يمشي بهما و فرجه الذي البَاهُ الباۤءَةُ خل من قِبَله و لسانه الذي ينطق به و رأسُه الذي فيه وجهه فليس من هذه جارحة الّا و قد وكِّلتْ من الأيمان بغير ما وكِّلتْ به اختُها بفرضٍ من اللّه تبارك و تعالي اسمه ينطق به الكتاب لها و يشهد به عليها و الحديث طويل في بيان ذلك و الأستدلال عليه من القرءان من اراده طلبه و في الكافي ايضا عن جابر عن ابيجعفر (ع) قال سُئِلَ اميرالمؤمنين (ع) عن الايمان فقال انّ اللّه تعالي جعل الأيمان علي اربع دعاۤئِم علي الصبر و اليقين و العدل و الجهاد فالصبر من ذلك علي اربع شعبٍ علي الشوق و الأشفاق و الزهد و الترقب فمن اشتاقَ الي الجنة سَلَا عن الشّهَوَاتِ و من اشفق من النار رجع عن المحرمات و مَن زَهِدَ في الدّنيا هانَتْ عليه المصيبات و من راقب الموت سارع الي الخيرات و اليقين علي اربع شُعَبٍ تبصرة الفطنة و تأوّل الحكمة و معرفة العبرة و سنّة الأوّلين فمن ابصر الفطنة عرف الحكمة و من تأوّل الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة عرف السنّة و من عرف السنّة كأنما كان من الأوّلين و اهتدي للّتي هي اقوم و نظر الي مَن نجا بما نجا و من هلك بما هلك و انما اهلك الله من اهلك بمعصيته و انجي من نجا بطاعته و العدل علي اربع شُعَبٍ غامض الفهم وَ غَمر غمر – بالفتح – الكثير العلم و زهرة الحكم و روضة الحلم فمن فهم فسّر جميع العلم و من علم عرف شرائع الحكم و من حلم لميفرِّط في امرِه و عاش في الناس حميداً و الجهاد علي اربع شُعَبٍ علي الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و الصدق في المواطن و شَنَآن المنافقين فمن امر بالمعروف شدّ ظهر المؤمن و من نهي عن المنكر ارغم انف المنافق و اَمِنَ كيدَهُ و مَن صَدَق في المواطن قضي الذي عليه و من شَنَأ المنافقين غَضِبَ للّه و من غَضِبَ للّه غَضِبَ اللّه تعالي له فذلك الأيمان و دعائمُهُ و شُعَبُهُ ه ، و كلّ ما سمعتَ من اركان الأيمان و دعائمه و اقسامه من ظاهرٍ و باطنٍ و قولٍ و عملٍ و من تقسيماتِه علي الجوارح و القوي و المشاعر و الحواۤسّ الظاهرة و الباطنة من فروعهم و شعاع ولايتهم و من مرسوم هديهم و سبيل سنتهم و لايقبل اللّه شيئاً الّا بولايتهم و اتِّباعهم روي في الكافي في حسنة زرارة عن ابيجعفر (ع) الي ان قال ثم قال ذُروة الأمر و سنامُه و مفتاحه و باب الأشياۤء و رضا الرحمن الطاعة للأمام عليه السلام بعد معرفته ان اللّه تعالي يقول من يطع الرسول فقد اطاع اللّه و من تولّي فما ارسلناك عليهم حفيظاً اَمَا لو انّ رجلاً قام ليلَه و صام نهاره و تصدّق بجميع ماله و حجّ جميع دهره و لميعرف وِلاية وليّ اللّه فيواليه و يكون جميع اعماله بدلالته اليه ماكان له علي اللّه حقّ في ثوابه و لاكان من اهل الأيمان الحديث ، فالأيمان فرعهم و صفتهم لأنّه عبارة عن ولايتهم و هي الدّين الخالص اَلٰا للّه الدّين الخالص و هي دينهم (ع) لأنّهم لايدينون اللّه الّا بولايتهم و الي هذا اشار الباقر عليه السلام لابيالجارود حين سأله عن حاجته قال (ع) هات حاجتك قال قلتُ اخبرني بدينك الذي تدين الله تعالي به انت و اهل بيتك لاَدِينَ اللّه تعالي به قال ان كنتَ اقصرتَ الخطبة فقد اعظمت المسئلة واللّه لاعطينّك ديني و دين آبائي الذي ندين اللّه تعالي به شهادة الّا ( ان لا خل ) اله الّا اللّه و انّ محمداً رسول اللّه (ص) و الأقرار بما جاۤء به من عند اللّه و الولاية لوليّنا و البراۤءة من عدوِّنَا و التسليم لأمرنا و انتظار قاۤئمنا و الأجتهاد و الورع ه ، و هذا دينهم و هو الولاية و هو الأيمان و الصفة لاتقوم بدون الموصوف و الفرع لايتحقق الّا بالأصل فهم ابواب الأيمان (ص) فلايوجد الأيمان الّا عنهم و لاينزل الي شيعتهم منهم الّا بهم و لايصعد الي اللّه و لايقبله الّا بهم و لاقُبِل الّا لهم و لميُمدح به احدٌ غيرهم فهو ممادحهم تتلي علي الواح الأنبياۤء و المرسلين و الملاۤئكة المقرّبين و الشهداۤء و الصالحين و كل ساكنٍ و متحركٍ و كلّ رطبٍ و يابسٍ و كلّ مقبل باقباله و كلّ مدبرٍ بادباره فثبت انّهم ابواب الأيمان في جميع الاحوال . قال عليه السلام : و اُمَناۤء الرحمن الأمناء جمع امينٍ و هم (ع) اُمناۤء الرحمن يعني انّ الرحمن سبحانه ائتمنهم علي دينه في حفظه عن التغيير و التبديل لعلمه تعالي انهم يحفظونه لعدم ما ينافي ذلك فيهم من احد امورٍ سبعةٍ : الأول انهم معصومون مطهّرون من الرجس فلايظلمون بتضييع الأمانة لشهوةٍ او تكبّرٍ او حسدٍ او غير ذلك من الذماۤئم النفسانيّة الثاني انّهم لايجري عليهم السهو و النسيان لأنّ ذلك انّما يحصل لمن يلتفت و هم سلام اللّه عليهم لايلتفت منهم احد لأنّ اللّه امرهم بذلك فقال تعالي و لايلتفت منكم احد و امضوا حيث تؤمرون و مَن لميلتفت لميَسْهُ و لميغفل و لمينسَ الثالث انهم علماۤء فلايجهلون فهم مراقبون مراعون لما يراد منهم الرابع انّهم مظاهر قدرة اللّه فلايحصل منهم عجز عن تحمّل ما حمّلهم اللّه من غيبه الخامس انّ الذي استُحْفِظوه هُوَ لَوازِمُ ذواتهم و الذوات لاتفارق لوازمها لأنّهم خزائن الغيب و تلك المخزونة عندهم صفاتهم التي مظاهرها حقاۤئق الخلاۤئق السادس انه سبحانه ائتمنهم علي انفسهم بأن يحبسوها علي طاعته و يحفظوها عن معصيته فانها هي غيبه الذي عنده مفاتِحُهُ لايعلمها الّا هو و هي نفسه التي لايعلم ما فيها عيسي (ع) و هي النفس الملكوتيّة الألٰهيّة فهي ذاتُ اللّه العليا و شجرة طوبَي و سدرة المنتهي و جنة المأوي السابع انّه سبحانه ائتمنهم علي مَشِيّته و ربوبيّته اِذْ مربوب فجعلهم محاۤلّ مشيّته و حملة ارادته فهم بامره يعملون يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لايشفعون الّا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون فحفظها ان لايجدوا لأنفسهم و لا لشيءٍ من ميولاتها و لا لشيء من مشيئاتِها اعتبار وجودٍ بل و لا وجود اعتبار و انما ذكر الرحمن دون اللّه و الرحيم لأنّ الرحمن هو الجامع لصفات الأضافة و صفات الخلق و بصفته الرحمانية استوي علي عرشه و هي الرحمة الواسعة التي وسِعَتْ كلّ شيء و هي التي ملأ الرحمن منها خزاۤئن غيبه و اظهر عنها افاعيله و صناۤئعه و ابان بها اوامره و نواهيه و مدّ عنها سرادقات قدسِه۪ و فضله و علّا عنها بنيان عفوه و عدله و بسط بها بساط كرمه و آلاۤئه و نشر فيها بِوابل انعمه مبسوط حمده و ثناۤئه و فتق الأجواۤء و شقّ الأرجاۤء و بثّ في افعاله ما قد برأه من الأنس و الجن و سائر الحيوانات و من المسبّحين الصاۤفين و الزاجرين و التالين و المدبرين و اجري الأقلام بما مضت به الأحتام و اقام لازمات الأيجاب بما اقتضته اطلاقات الأسباب و يسّرها بدواعي الأشواق عند نوازع الأذواق و قدّر الأقوات و انبت النبات في الأرض الكِفات للأحياۤءِ و الأموات و جعلَ بلطيف صنيعه الي عبادِه۪ كل شيءٍ سَبَباً لشيءٍ و مسَبَّباً لٰاخر و دليلاً و مدلولاً و مبْتلي وَ مُبْتَليً به و كتاباً لشيءٍ و مكتوباً في شيء الي غير ذلك من الشئون و الأحوال التي ينقطع دونها المقال و لايجد العقل فيها المجال و في جميع ما اشرنا اليه في كل جزئي و جزءٍ و ذاتٍ و صفةٍ مما في جميع العوالم لميخلق اللّه شيئاً من جميع ما اومأنا اليه من مخلوقاته الّا اشهدهم خلقه و انهي علمهم اليهم و هم الحجة عليهم و قد يعبّر عن ذلك الأشهاد بعرض ولايتهم علي الخلق ففي السرائر لأبنادريس من جامع البزنطي عن سليمن بن خالد قال سمعتُ اباعبداللّه (ع) يقول ما من شيءٍ و ما من آدمي و لا انسي و لا جنّي و لا ملك في السموات الّا و نحن الحجج عليهم و ما خلق اللّه خلقاً الّا و قد عرض ولايتنا عليه و احتجّ بنا عليه فمؤمن بنا و كافر و جاحد حتي السموات و الارض و الجبال الٰاية يعني و الشجر و الدوابّ ه ، و الحاصل انهم امناۤء الرحمن لانّه سبحانه ائتمنهم علي جميع ما استوي به من رحمانيّته علي عرشه و امرهم ان يؤدّوا الأمانات الي اهلها فادّوا الي كلّ ذي حقٍّ حقه حتي انتهوا الي انفسهم فادّوا اليها جميع ما لها من الحق و الأستحقاق فامرهم حينئذٍ ان يؤدّوا الأمانات الي اهلها فعرفوه بما اعطاهم فسبّحوه بما لَه و حمدوه بما هو حقاۤئقهم و هلّلوه بما وجدوا و كبّروه بما لهم و عرّفهم ما ذلك الأمر فقالوا انّا لله و انا اليه راجعون و الي ذلك الأشارة بقول سيّدالشهداۤء صلوات اللّه و سلامه عليه الهي امرتَ بالرجوع الي الٰاثار فارجعني اليها بكسوة الأنوار و هداية الأستبصار حتي ارجع اليك منها كما دخلتُ اليك منها مصونَ السرّ عن النظر اليها و مرفوع الهمّة عن الاعتماد عليها انك علي كلّ شيء قدير . قال عليه السلام : و سُلالةَ النبيّين السُّلالة بضم اوّله هي الخلاصة فسلالة الشيء ما انسل من صفوته سمّيت بذلك لأنّها تسلّ من الكدر او هي ما تسلّ من الشيء القليل و السلالة النطفة لانها خلاصة الطعام و الشراب و صفو الغذاۤء و يكني بالسلالة عن الولد او عن الولد الصافي ، و سلالة النبيّين اولادهم قال الشيخ محمدتقي المجلسي (ره) في شرح الفقيه في شرح هذه الفقرة فانهم ذريّة نوح و ابراهيم و اسمعيل ظاهراً و من طينة الانبياۤء و الرسل روحاً و بدناً كما نطقت به الاخبار المتواترة ه ، و ظاهر كلامه انهم سُلّوا من طينة الأنبياۤء اي صفّيت او خلّصت ارواحهم و ابدانهم من طينة الأنبياۤء و هذا يدلّ علي انهم من حقيقةٍ واحدةٍ و انه لايلزم ان يكون المسلول اعلي من المسلول منه لأنّ الولد سلالة ابيه و لايلزم ان يكون افضل منه و ان جاز ذلك لدليل آخر لما دلّت ( عليه الاخبار خل ) الاخبار عليه و انعقد الأجماع من الشيعة انّ محمداً (ص) خير الخلق و انّ عليّاً نفسه بنص القرءان و الاتحاد مُحٰالٌ فكان المراد به المماثلة و مماثل الأفضل افضل فيكون علي (ع) افضل الخلق بعد محمد (ص) و ما يجري لعليّ (ع) يجري لولده الاحدعشر الطيّبين و هذا التفصيل مع تسليمه لايستلزم اختلاف الطينتين كما هو ظاهر كلامه تغمده اللّه برحمته و قد تقدم من احاديثهم ما يدّل علي انّ الطينة التي خلقوا منها لميكن لأحدٍ من الخلق فيها نصيب ثم خلق من فاضل طينتهم اي من شعاعها كما نبّهنا عليه سابقاً خلق من ذلك طينة شيعتهم و لميجعل لأحدٍ فيما خلق منه شيعتهم نصيباً الّا الأنبياۤء و الأحاديث في ذلك متكثرة جدّاً و يدلّ علي هذا قوله تعالي و انّ من شيعته لأبراهيم فاخبر انّ ابراهيم عليه السلام الذي هو من افاضل اُولي العزم من شيعة علي (ع) بنصّ الأحاديث الكثيرة و قد دلّت احاديثهم انّ شيعتهم خلقوا من شعاع نورهم قال اميرالمؤمنين (ع) اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه قال ابنعبّاس كيف ينظر بنور اللّه قال (ع) لأنّا خلقنا من نور اللّه و خلق شيعتُنا من شعاع نورنا فهم اصفياۤء ابرار اطهار متوسّمون نورهم يضيۤء علي مَن سواهم كالبدر في اللّيلة الظلماۤء ه ، فقد اخبر (ع) ان اللّه خلق شيعتهم من شعاع نورهم فاذا كان الأنبياۤء خلقوا من شعاع نورهم و لا ريبَ انّ نورهم تحت حقيقتهم و انّ ذلك الشعاع الذي خلقت منه حقاۤئق الانبياۤء تحت نورهم فكيف يكونون (ع) خلّصوا من طينة الأنبياۤء (ع) نعم في الظاهر خلّصوا منْها علي معني ان وضع انوارهم في صلب آدم (ع) فهم ينتقلون من صلب الي رحم و هم وداۤئع اللّه عند الأنبياۤء حتي ادّوا وديعة اللّه كما امرهم سبحانه الي صلب عبدالمطلب فانقسم منه الي صلب عبداللّه و ابيطالب و كانت تلك الأنوار تعلّقت بالنطف الطيّبة تعلّق ما بالقوّة بما بالفعل كتعلّق الشجرة في غيب النواة بالنواة اي بشهادتها و مما قال في هذا المعني العبّاس بن عبدالمطلب في هذا المعني في مدح النبيّ (ص) قال : من قبلها طِبتَ في الظِّلال و في ** * ** مستودعٍ حين يُخصَفُ الوَرقُ ثم هبطتَ البلاد لا بَشَرٌ ** * ** انتَ و لا مضغةٌ و لا عَلَقُ بل نطفة تَركَب السَّفِينَ و قد ** * ** اَلْجَمَ نَسْراً و اهله الغَرَقُ تُنْقَل من صالبٍ الي رحمٍ ** * ** اذا مضي عالَمٌ بدا طَبَقُ حتي احتوي بيتك المهيمن من ** * ** خِنْدِف عَلياۤءَ تحتَها النُطُقُ و انت لمّا وُلِدتَ اشرقتِ الأرض و ضاۤءت بنورك الأفُقُ فنحن في ذلك الضياۤء و في النُّور و سُبل الرشاد نختَرقُ و امّا في الباطن فانّ تلك الأصلاب الشامخة التي تستقرّ فيها و الارحام المطهّرة التي تستَودع فيها قشور لتلك الألباب احاطت بها كاحاطة الأشعة بالسراج و مدَبَّرون بتلك الأرباب تقدرها في ساۤئر اطوارها بمقتضي الأسباب فهي مفارقة لتلك المحالّ الشريفة في التقدير و ان كانت مقارنة لها في التدبير و لأجل هذا كان كل مَن انتقل اليه ذلك النور المفارق اشرق وجهه و غرّته نوراً حتي يعرف بذلك الي ان ينتقل منه الي الرحم الطاهرة فيسلب منه النور و يتلألأ بوجه الحامل به الي ان تضع الجنين فيخرج مشرقاً بما فيه و تسلب امّه النور و هو قول الباقر (ع) فمازال ذلك النور ينتقل من الأصلاب و الأرحام من صلبٍ الي صلب و لااستقرّ في صلبٍ الّا تبين عن الذي انتقل منه انتقاله و شرّف الذي استقرّ فيه الحديث ، و هكذا حتي انفصلت الأنوار من عبداللّه و ابيطالب و انجلت الأسرار من كل جانب و ليس ذلك الّا لانّهم متعيّنون متميّزون و ان كانوا قد تعلّقوا بالمحال الشريفة و لقد روي انّ خديجة لما حملت بفاطمة (ع) كانت تسمع منها في بطنها التسبيح و التحميد و التهليل ثم كانت تعلّم امّها احكامَ دينها و هي في جوفها ، فمعني كونِهم سُلالة النبيّين انهم اُودعوا في اصلابهم و هم انوار كونيّة و اشباح نورانية لَا انّهم نطف ماديّة و ان عُبّر عنها بالنطف لانّ النطف في اخبار اهل العصمة (ع) اكثر ما تستعمل في الّتي من عالم الغيب كما في تفسير علي بن ابراهيم باسناده عن الحلبي عن ابيعبداللّه (ع) قال النطفة تقع بين السماۤء و الأرض علي النبات و الثمر و الشجر فيأكل الناس منه و البهائم فتجري فيهم ه ، و معلوم انّ هذه النطفة ليست ماۤدّيّةً و الاستدلال بكونها تقع بين السماۤء و الأرض علي انها ماۤدّيّة غلط لانها في الحديث الٰاخر ما معناه انّ في الجنة شجرة تسمّي المزن يقطر منها قطر علي النبات و البقول فمااكل منها مؤمن او كافر الّا خرج من صلبه مؤمن ه ، و معلوم انّ الجنة فوق فلك البروج و لو كانت ماۤدّيّة لما جاز ان تخرق فلك البروج و السموات السبع و توجيهها بانّ الملاۤئكة تحملها او انها قوّة هو ما اشرنَا اليه من انها ليست ماۤدّيّة ، و ما في الكافي و التهذيب بأسنادهما عن سعيد بن المسيب قال سألتُ علي بن الحسين (ع) الي ان قال في مراتب دية الجنين قلتُ له ارأيت تحوّله في بطنها من حالٍ الي حالٍ ابروح كان ذلك او بغير روح قال (ع) بروحٍ عدا الحيوة القديم المنقول في اصلاب الرجال و ارحام النساۤء و لولا انّه كان فيه رُوحٌ عدا الحيوة مايحوله من حالٍ بعد حال في الرحم و ماكان اِذنْ علي من يقتله دية و هو في تلك الحال ه ، فقوله (ع) بروح عدا الحيوة القديم يريد به في الظاهر النفس النامية النباتية فانه لولاه لمينتقل من النطفة الي العلقة و لا من المضغة الي العظم و لا من العظم الي ان يكسي لحماً و ليس المراد به النفس الحيوانيّة لأنّها لا مدخل لها في النمو لعدم ممازجتها للأجسام و لانّها قبل الأجسام و لهذا استثناها (ع) بقوله عدا الحيوة القديم فانّ الحيوانيّة الحسيّة ليست من الأجسام بل هي من وراۤء الافلاك يعني من نفوسها و انما سمّاها بالقديم لانّها سابقة علي الروح النباتيّة و القديم يحتمل ان يراد به ما كان قبل الزمان ذاتاً و ان كانت بعد الزمان ظهوراً و يحتمل ان يراد به القديم الشرعي اي ما كان له ستة اشهر كما في قوله تعالي حتي عاد كالعرجون القديم بمعني انّه سابق بالذّاتِ فيكون المراد من سلالة النبيّين اما بمعني الصفوة و الخلاصة من النبيّين و ان لميكونوا من نوع طينتهم لكن لما كانت الحكمة تقتضي في كل نازل التعلّق بالمحالّ المناسبة له في مراتب النزول في كل شيء بحسبه و لميكن في المَحاۤلّ اشرف من اصلاب النبيّين تنزّلوا فيها حتي سُلّوا و تخلصوا منها فقيل سلالة النبيّين او بمعني اولاد النبيين لانّ الولد سلالة ابيه و امّا لانّ المراد من النبيّين محمد (ص) خاصّة لانّه قد يقال هذا اللّفظ و يراد منه محمد (ص) كما روي في تفسير قوله تعالي فأولۤئك مع النبيين و الصّديقين و الشهداۤء و الصالحين و حسن أولۤئك رفيقاً عن ابيالصباح الكناني عن ابيجعفر (ع) قال اعينونا بالورع فانه من لقي اللّه عز و جل منكم بالورع كان له عند اللّه فرجاً انّ اللّه عز و جل يقول من يطع اللّه ( و رسوله خل ) و قرأ الي و حسن أولۤئك رفيقاً فمنّا النبيّ و منا الصّدِيق و الشهداۤء و الصالحون و عن محمد بن سليمن عن ابيعبداللّه (ع) انه قال لأبيبصير يا ابامحمد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال فاولۤئك الي و حسن اولۤئك رفيقاً فرسول اللّه (ص) في الٰاية النبيّون و نحن في هذا الموضع الصديقون و الشهدٰاء و انتم الصالحون فتسَمَّوا بالصلاح كما سمّاكم اللّه عز و جل و روي انس بن مالك قال صلّي بنا رسول اللّه (ص) في بعض الأيام صلوة الفجر ثم اقبل علينا بوجهه الكريم فقلتُ يا رسول اللّه ارأيت ان تفسّر لنا قوله تعالي فاولۤئك مع الّذين انعم اللّه عليهم من النبيّين و الصدّيقين و الشهداۤء و الصالحين و حسن اولئك رفيقاً فقال امّا النَّبِيون فانا و امّا الصِّدّيقون فاخي علي و امّا الشهداۤء فعمي حمزة و الصالحون فابنتي فاطمة و اولادها الحسن و الحسين و الحديث طويل و في تفسير علي بن ابراهيم و امّا قوله من يطع اللّه و الرسول فاولۤئك مع الذين انعم اللّه عليهم من النبيين و الصِّدّيقين و الشهداۤء و الصالحين و حسن اولۤئك رفيقاً قال النبيين رسول اللّه (ص) و الصديقين علي و الشهداۤء الحسن و الحسين و الصالحين الائمة و حسن اولئك رفيقاً القاۤئم من المحمد صلوات اللّه عليهم ه ، فاذا اشتهر عندهم (ع) اطلاق النبيين علي محمد (ص) كما سمعتَ و ما لمتسمع فلَكَ ان تريد بقوله (ع) سلالة النبيين سلالة رسول اللّه (ص) و علي هذا الوجه فيتّجه مراد محمد تقي من السلالة كما تقدم فانهم (ع) قد سُلّوا من محمد جدّهم صلي اللّه عليه و آله سَلَّ النور من النور كما اشار اليه اميرالمؤمنين صلوات اللّه عليه حيث قال انا من محمّدٍ كالضوء من الضوء ، ثم اعلم انّ ما ذكرنا من معني السلالة هو المعني اللّغويّ اوّلاً و بعده المعني المراد في بواطن التفسير و امّا ماهيّتُها بالعبارة الحكمية علي الميزان الشرعي اذا اريد منها ما يكون سلالة مادّية فاعلم انّ السلالة هي النطفة و النطفة مؤلّفة من نطفة معنوية ملكوتيّة و نطفة هيولانيّة جسمانيّة امّا النطفة المعنويّة الملكوتية فانها تنزل قطرة من شجرة المزن كما مر في الحديث و هي قطرة من درة الوجود لحظها بعين ارادته سبحانه فذابت ماۤءً من خشيته و هي نور ذائِب يعني معني تنَزَّل من معاني العقل الي رقيقة من رقاۤئق الروح ثم منها الي صورة من صور اللوح المكتوبة فيه ثم اذابَها حتي مزجَها بذرّة من ذرّات الهباۤء الجوهريّ ثم حملها الأملاك و اجروها في قوي الأفلاك و سلّمتها الي الرياح و تقبّلتها ( تقلبها خل ) من السحاب كلّ دَلّاحٍ و القتها في الأمطار حتي سرت في البقول و الثمار و جرت في الطعام و خالطت غذاۤء الأنام و خلصت من اثفال الكيلوس و شعور الكيموس حتي جاورت النفوس ثم نزلت نطفة من منيٍ يمني فصار ما فيها بالقوة من الماۤدّة بالفعل و ما فيها بالفعل من الحيوة و الاحساس بالقوة فاذا كرّت عليها الملاۤئكة الأربعة بالرياح الأربع تنقّلت ( تنقلب خل ) من طور النطفة الي العلقة و منها الي المضغة و منها الي العظام ثم يكسي لحماً فاذا تمّت خلقته كان ما فيه بالقوة من الحيوة و الشعور بالفعل و روي القمي باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي عن ابيجعفرٍ محمد بن علي بن الحسين عن ابيه عن آباۤئه (ع) عن اميرالمؤمنين (ع) قال انّ اللّه تبارك و تعالي اراد ان يخلق خلقاً بيده ثم ذكر ما قال اللّه للملائكة في امر خلق آدم الي ان قال فاغترف ربّنا عز و جل غرفة بيمينه من الماۤء العذب الفرات و كلتا يديه يمين فصلصلها في كفّه حتي جمدت فقال منك اخلق النبيين و المرسلين و عبادي الصالحين و الائمة المهتدين و الدعاة الي الجنة و اتباعهم الي يوم القيٰمة و لاابالي و لااسئل عمّا افعل و هم يسئلون ثم اغترف غُرفة اخري من الماۤء المالحِ الأجاج فصلصَلها في كفّه فجمدت ثم قال لها منك اخلق الجبارين الفراعِنة و العتاة و اخوان الشياطين و الدعاة الي النار يوم القيٰمة و اشياعهم و لاابالي و لااسئل عمّا افعل و هم يسئلون قال و شرط في ذلك البداۤء فيهم و لميشترط في اصحاب اليمين ثم خلط الماۤئين جميعاً في كفه فصلصلهما ثم كفأهما قدّام عرشه و هما سلالة من طين ثم امر اللّه ( ملاۤئكة خل ) الملائكة الشمال و الجنوب و الصّبا و الدبور ان يجولوا علي هذه السلالة الطين فابرأُوها و انشأُوها ثم ابرأُوها و جزّؤها و فصّلوها و اجروا فيها الطباۤئع الأربعة الريح و الدم و المرّة و البلغم فجالت الملائكة عليها و هي الشمال و الجنوب و الصَّبا و الدبور و اجروا فيها الطباۤئع الأربعة الريح في الطباۤئع الأربعة من ناحية الشمال و البلغم في الطباۤئع الأربعة من ناحية الصبا و المرّة في الطباۤئع الأربعة من ناحية الدبور و الدم في الطباۤئع الاربعة من ناحية الجنوب قال فاستقلّت النسمة و كمل البدن فلزمه من ناحية الريح حبّ النساۤء و طول الأمل و الحرص و لزمه من ناحية البلغم حبّ الطعام و الشراب و البر و الحلم و الرفق و لزمه من ناحية المرّة الغضب و السفه و الشيطنة و التمرد و العجلة و لزمه من ناحية الدم حبّ اللذات و ركوب المحارم و الشهوات قال ابوجعفر (ع) وجدنا في كتاب علي (ع) و الحديث طويل اقول قد بيّن (ع) ان السلالة مركّبة من غرفة اليمين و غرفة اليمين التي هي من الماۤء العذب هي طينة النبيّين و هي الصورة الأنسانيّة و هيكل التوحيد بعد ان كسرها ثم عركها بيده و قد اشار تعالي الي ذلك العرك بقوله الحقّ لنبلوهم ايّهم احسن عملاً ليميز اللّه الخبيث من الطيب و هو معني فصلصلها حتي اقرّت بالأخلاص حتي جمدت و استقرّت طيناً ثابتاً بعد ان كانت ماۤءً سَيّالاً و معني اغترافه لها بيمينه هو قولها بلي مصدّقة عارفة مسلّمة لقوله الستُ بربّكِ و محمد نبيّكِ و عليّ وليّكِ و امامكِ و الأئمة من بنيه ائِمّتكِ و جمودها بذلك كقوله تعالي ان الذين قالوا ربّنا اللّه ثم استقاموا و مثل فاستقم كما امرت و مثل و لايلتفت منكم احد فقال لها منكِ اخلق النبيّين و المرسلين الخ ، و من غرفة الشمال و غرفة الشمال التي هي من الماۤء الاجاج هي طينة الجبّارين الفراعنة و العتاة و هي الصورة الشيطانية و هيكل الجحود و الطغيان بعد اَن كسرها و عركها بيده و هو قوله تعالي و لقد صدّق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الّا فريقاً من المؤمنين و ماكان له عليهم من سلطان الّا لنعلم من يؤمن بالٰاخرة ممن هو منها في شك و ربك علي كل شيء حفيظ فصلصلها حتي جحدت و جمدت و استقرّت طيناً منتناً بعد ان كانت ماۤءً لزِجاً رِجراجاً و ذلك حين عرض عليها التوحيد فقبلتْ و عرض عليها النبوة فسكتَتْ فتردَدَتْ في توحيدها و ارتابَتْ فلمّا عَرَضَ عليها الولاية انكَرَتِ الٰامر بها فجحَدتِ التّوحيد و كذّبَتِ الدّاعي اليها فانكرتِ النبوّة و هو تأويل قوله تعالي و لقد صدّق عليهم ابليس ظنه و ذلك انه عظم عليه ( اليه خل ) و علي جنده اقرارهم بالتوحيد و النبوّة فقال لجنده اظنّ انّهم لايقبلون الولاية فيجحدون التوحيد و النبوة فلمّا وقع منهم جحود الولاية و عدم قبولها قال ابليس لجنده انّ ظنّي فيهم قد صدق فانزل اللّه علي نبيه (ص) الٰاية فخلق اللّه تعالي من صفوة الاُوْلَي الأنبياۤء و المرسلين و اهل العصمة (ع) و من كثيف الثانية ائمة الضلال و الدعاة الي النار ثم خلط الفاضلَين من الطينتَين بعد ان اذاب كلّ فاضلٍ علي حِدَةٍ ثم جمعهما و عركهما و صَلْصَلَهما في كفّه و هو تأويل قوله تعالي انّ الساعة آتية اكاد اخفيها لتجزي كلّ نفس بما تسعي ، و في اصلدرست عن محمد الأحول عن حمران بن اعين قال قال ابوعبداللّه (ع) انّ اوّل وقوع الفتن احكام تُبْتَدَع و هويً يُتَّبَع يخالف فيها حكم اللّه يتولّي فيهما رجالٌ رجالاً و لو انّ الحقّ اُخلِصَ فعُمِلَ به لميكن اختلاف و لو انّ الباطل اُخلِص فعُمِل به لميخف علي ذي حِجيً و لكن يؤخذ ضِغثٌ من هذا و ضِغثٌ من هذا فيضرب بعضه ببعضٍ فعند ذلك يستولي الشيطان علي اولياۤئه و ينجو الذين سبقتْ لهم منا الحسني ثم كفأهما اي كبّهما تحت عرشه يعني تحت الحجاب الأحمر من عرشه فلمّا امتزجا بالتعفين الصلصالي كان ذلك الشيء سلالة من طين و هذا في الظاهر ماۤدّي الّا ان ما كان فيها من العلوي غيب في هذا الماۤدّي كالشجرة في غيب النواة و هذا الغيب هو الحيوة القديم الّذي اشار اليه علي بن الحسين (ع) في الحديث المتقدّم و هذا الغيب في المادي هو الغصن المغروس في ارض الأرحام و الملائكة الأربعة هم الزارعون و هم الساقون لهذا الغصن و المُدَبِّرون كما في قوله تعالي فالمدبّرات امراً فاوّل ما يتلقاه الدبور فاذا ادخله الحَمّام توجَّه له الجنوب فعفّنه و حلّه و صفّاه الدبور و القي عنه الغراۤئبَ الصَّبا و عقده الشمال ثم حلّه الجنوب ثانياً و صفّاه الدبور و القي عنه الغراۤئب الصّبا ثانياً و عقده الشمال ثانياً و هكذا حتي يظهر الغيب بٰاثاره في الشّهادةِ و شرح ذلك لايسَعُهُ هذا الكلام فظهر انهم سُلالة النبيين علي هذه المعاني التي ( للّتي خل ) اشرنا اليها سابقاً و هي انّه ان اريد بالسُلالة المادّية كان المعني انّ نطفهم النورانيّة حين تنزُّلها هبطت في المواد الطيبة الي الاصلاب الطاهرة و يكون النبيين اعمّ و تسمّي حينَئذٍ خلاصَة و ان اريد بها النورانية فسَلُّها سَلُّ ماتعلّقَتْ به او انّ النبيين رسول اللّه (ص) و سلم . قال عليه السلام : و صفوة المرسلين الصفوة مثلّثة الصاد الخلاصة و قد تقدم الكلام في الأنبياۤء و المرسلين في الجملة و المعني في هذا كمعني سابقه و امّا كونهم صفوة المرسلين فعلي ظاهر الحال ان طينتهم و طينة الانبياۤء واحدة كما دلّ عليه كثير من الروايات فاخذت طينتهم من صفوة تلك الطينة و جعل الباقي طينة الانبياۤء فقيل صفوة المرسلين الّا انّ احاديثهم تدلّ علي انّ طينتهم لميُجعل فيها لمخلوق نصيب و قد تقدم في رواية محمد بن مروان عن ابيعبداللّه (ع) فانه قال لميجعَل لاحدٍ في مثل الذي خلقنا منه نصيباً فابان (ع) انفراد طينتهم عن كل احد حتي الأنبياۤء و المرسلين بدليل قوله (ع) بعد ذلك و خلق ارواح شيعتنا من ابدانِنا و ابدانهم من طينةٍ مخزونةٍ اسفل من تلك الطينة و لميجعل اللّه لأحدٍ في مثل الذي خلقهم منه نصيباً الّا الأنبياۤء و المرسلين الحديث ، و قد تقدم فانه ادخل طينة الأنبياۤء و المرسلين في طينة شيعتهم التي هي اسفل طينتهم فاذا اُدخِلَتْ طينتهم في طينة الانبياۤء و المرسلين كان ذلك لملاحظة مقابلة طينة الجاحدين و الكافرين و الّا فلاتدخل لانّ طينتهم خلقها اللّه و لميكن خلق فخلق من فاضلها اي من عرقها و شعاعها ارواح النبيين و المرسلين و ارواح النبيين و المرسلين قبل طِينِهِمْ لأنّ طينهم ( طينتهم لأن طينتهم خل ) من فاضل شعاع ارواحهم و يدلّ علي انّهم في ارواحهم سابقون و كذا طينتهم ما رواه في رياض الجنان عن جابر بن عبدالله قال قلتُ لرسول اللّه (ص) اول شيء خلقه اللّه تعالي ما هو فقال نور نبيّك يا جابر خلقه اللّه ثم خلق منه كل خير ثم اقامه بين يديه في مقام القرب ما شاۤء اللّه ثم جعله اقساماً فخلق العرش من قسمٍ و الكرسي من قسمٍ و حملة العرش و خزنة الكرسي من قسمٍ و اقام القسم الرابع في مقام الحبّ ما شاۤء اللّه ثم جعله اقساماً فخلق القلم من قسمٍ و اللوح من قسمٍ و الجنة من قسمٍ و اقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاۤء اللّه ثم جعله اجزاۤء فخلق الملاۤئكة من جزء و الشمس من جزء و القمر و الكواكب من جزء و اقام القسم الرابع في مقام الرجاۤء ما شاۤء اللّه ثم جعله اجزاۤء فخلق العقل من جزء و العلم و الحلم و العِصمة و التوفيق من جزء و اقام القسم الرابع في مقام الحياۤء ما شاء اللّه ثم نظر اليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور و قطرتْ منه مائةُالف و اربعة و عشرون الف قطرة فخلق اللّه من كل قطرة روح نبيّ و رسول ثم تنَفّستْ ارواح الأنبياۤء فخلق اللّه من انفاسِها ارواح الأولياۤء و الشهداۤء و الصالحين ه ، فانظر الي هذا الحديث و صراحته في انّ ارواح الائمة (ع) كانوا و لميكن شيء فمكثوا يسبّحون اللّه و يهلّلونه قبل خلق السموات و الأرض بما لايدخل تحت حصرنا و لقد روي عن علي (ع) ما معناه و قد سُئِل كم بقي العرش علي الماء قبل خلق السموات و الارض فقال (ع) اتُحسن انْ تُجَبْ ( تحسب خل ) فقال نعم فقال اخشي الّاتحسن قال بلي قال لو صُبّ خردل حتي سَدَّ الفضاۤء و ملأ ما بين الأرض و السماۤء ثم اُذِنَ لك و عُمِّرتَ مع ضعفك ان تنقله حبة حبة من المشرق الي المغرب حتي ينفد لكان ذلك اقلّ من جزءٍ من مائةالف جزءٍ من مثقال الذّر مما بقي العرش علي الماۤء قبل خلق السموات و الأرض و استغفر اللّه عن التحديد بالقليل ه ، فتفكّر في معني هذا الحديث فاذا حصل لك معرفة ذلك بالتقريب فاعرف انّ ذلك يدلّ علي ما لايتكيّف و لايوصف و انوارهم (ع) قبل كون العرش علي الماۤء قبل خلق السموات و الأرض بمُدة اقامة نور محمد و انوار اهل بيته الطاهرين صلي اللّه عليه و عليهم في مقام القرب و ذلك المقام لا تقدير له و لا نهاية الّا عند اللّه تعالي و سبق انوار الأنبياۤء و المرسلين حين تعيّنهم بمدة اقامة العرش و الكرسي و حملتهما في مقام الحبّ و مدة اقامة القلم و اللوح و الجنة في مقام الخوف و مدة اقامة الملاۤئكة و الشمس و القمر و الكواكب في مقام الرجاۤء و مدة اقامة العقل و العلم و الحلم و العصمة و التوفيق في مقام الحياۤء و كل مدّة من هذه المُدَد ما شاۤء اللّه و لميتبيّن لي خصوص كميّة اعدادِها الّا انّ الأعداد الواردة في نوع هذه المقامات مختلفة فمنها ثمانونالف سنة و منها سبعوناَلْفاً و منْهَا اَرْبعَةَعشرالفاً و منها اثناعشرالفاً و منها غير ذلك و في بعضها اكثر مما ذكر و في بعضها اقلّ ثم نظر اللّه سبحانه الي ذلك النور بعين الهيبة فرشح ذلك النور الي آخر ما ذكر في الحديث السابق فاذا عرفتَ ما ذكرنا تبيّن لك انّ انوارهم (ص) سابقة علي انوار النبيّين بما لايتناهي و هو تأويل قوله تعالي قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربّي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربّي و لو جئنا بمثله مدداً و هو كناية عن عدم انتهاۤء فضاۤئلهم و سبق ابتدائهم فاذا ظهر لك انّهم بعد ان خلقهم اللّه و امرهم بالأدبار لتشييد النّظام فاخذوا يتنزلون من مقامٍ الي مقامٍ و كلما وصلوا مقاماً في نزولهم بقوا فيه يسبّحون اللّه بكل لسان يمكن في ذلك المقام من كلّ لغة الي ان وصلوا الي آخر مقامٍ من مقامات الأختصاص فلمّا حصلوا هناك و لحظهم سبحانه بعين الهيبة رشح من انوارهم تلك القطرات المذكورة و هي مائةالفٍ و اربعة و عشرونالف قطرةٍ خلق اللّه من تلك القطرات من كل قطرة روح نبيّ او مرسل الخ ، ظهر لك ان اطلاق صفوة المرسلين لايُراد منه الّا انّه سبحانه اصطفاهم و اختارهم من الأنوار الخالِصة التي هي ضدّ الظلمات كما اشرنا اليه سابقاً بعد ان اجتمعت العالية حين نزلَتْ بالسَّافلةِ فنظر سبحانه اليهم مجتمعين في صعيد الحشر الأول من الذّر فاصطفي السابقين الٰي دعوته و السابقون في الأجابة الثانية هم السابقون في الأجابة الأولي صلي اللّه عليهم اجمعين . قال عليه السلام : و عترة خيرة ربّ العالمين قال محمدتقي (ره) في شرح الفقيه هنا العترة نسل الرجل و رهطه و عشيرته الاقربون و هم اهل بيته كما ورد متواتراً عنه (ص) اني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي اهل بيتي و الخيرة بسكون العين و فتحها المختار ه ، و في معاني الاخبار باسناده عن ابيسعيد الخدري انّ النبيّ (ص) قال اني اوشك انْ ادعي فاجيب فاني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه تعالي و عترتي كتاب اللّه حبل ممدودٌ بين السماۤء و الأرض و عترتي اهل بيتي و انّ اللطيف الخبير اخبرني انهما لنيفترقا حتي يردا عليّ الحوض فانظروا بماذا تخلفوني فيهما ، و فيه انّ اباالعبّاس تغلب سئل عن معني قوله (ص) اني تارك فيكم الثقلين لم سُمِّيا بالثقلين قال لأنّ التمسّك بهما ثقيل و فيه قال سئل اميرالمؤمنين (ع) عن معني قول رسول اللّه (ص) انّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي مَن العترة فقال عليه السلام انا و الحسن و الحسين و الائِمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم و قاۤئمهم لايفارقون كتاب اللّه و لايفارقهم حتي يردوا علي رسول اللّه (ص) حوضه ، اقول في هذا الحديث الشريف انّ العترة هي جميع الائمّة (ع) و هذه هو ( هي خل ) المعلوم من مراد رسول اللّه (ص) و ان كان قد يخصّ باصحاب الكساۤء تبعاً لظواهر بعض الاخبار و ان باقي الائمّة يدخلون من جهة اللّزوم ، و قوله (ع) لايفارقون كتاب اللّه يعني به انّهم في جميع احوالهم و اعمالهم و اقوالهم و افعالهم و معتقداتهم لايخرجون فيها عما حَكَم به كتاب اللّه و بيّنه في الصغيرة و الكبيرة و الدقيقة و الجليلة و قوله (ع) و لايفارقهم انه لميظهر منه حقٌ لأحدٍ من الخلق في جميع الأحوال و الأقوال و الأعمال و الأعتقادات في ظاهر و لا باطن و لا ظاهرِ ظاهرٍ و لا باطنِ باطنٍ و لا تأويلٍ و لا باطنِ تأويلٍ و لا قصّةٍ و لا مثالٍ و لا اعْتبارٍ و لا استدلال و لا اخبار و لا حكم و لا علم و لا غير ذلك مما يطابق الشرعي الواقعي او الوجودي الاّ بهم و عنهم و لهم و العترة بكسر اوّله في اللغة قال ابوالعباس تغلب حدثني ابنالأعرابي و قال العترة قِطاع المسك الكبار في النافجة و تصغيرها عُتَيرة و مثها ( مثلها خل ) الرِيقة العَذبة و شجرة تنبت علي باب وِجار الضبِّ قال تغلب و احسبه اراد وِجار الضبع لأنّ الذي للضبّ مِكْو و المَكَا مقصورةً جُحْر الثعلب و الارنب كالمِكْو و جبل مشرف علي نعمان ، ق . و للضبع وِجار اقول في ق و الوِجار بالكسر و الفتح جُحْر الضبع و غيرها ه ، قوله و غيرها لايدل علي انّه يستعمل في الضبّ ايضاً ثم قال و اذا خرجت الضبّ من وِجَارِها تمرغت علي تلك الشجرة فهي لذلك لاتنمو و لاتكبر و العرب تضرب مثلاً للذليل و الذلّة فيقولون اذل من عترة الضبّ و العترة ولد الرجل و ذريّته من صلبه فلذلك سمّيت ذريّة محمد (ص) من عليّ و فاطمة عترة محمّدٍ (ص) قال تغلب فقلتُ لابنالاعرابي فما معني قول ابيبكر في السقيفة نحن عترة رسول اللّه (ص) قال اراد بلدته و بيضته و عترة محمّد (ص) لا محالة ولد فاطمة (ع) و الدليل علي ذلك رَدُّ ابيبكر و انفاذُ عليٍّ عليه السلام بسورة براۤءة و قوله (ص) اُمِرْتُ اَلاّيُبَلِّغُها عنّي الّا انا او رجل منّي فاخذها منه و دفعها الي مَن كان منه دونه فلو كان ابوبكر من العترة نسباً دون تفسير ابنالأعرابي انّه اراد البلدة لكان مُحالاً اخذ سورة براءة منه و دفعها الي عليّ عليه السلام و قد قيل انّ العترة الصخرة العظيمة يتخذّ الضب عندها جحراً يأوي اليه و هذا لقلّة هدايته و قد قيل انّ العترة اصل الشجرة المقطوعة التي تنبت من اصولها و عروقها و العترة في غير هذا المعني قول النبي صلي الله عليه و آله لا فرعة و لا عتيرة قال الاصمعي كان الرجل في الجاهليّة ينذر نذراً علي انّه اذا بلغت غنمه مائة ان يذبح رَجيبَهُ و عتاۤئره العَتِيْرةُ شاة كانوا يذبحونها في رجب لأٰلهتهم صحاح ، العتر الذبح و كلما ذبح ، ق . فكان الرجل ربما بخلَ بشاتِه۪ فيصيد الظباۤء و يذبحها عن غنمه عند آلِهتهم ليوفي بها نذره و انشأ الحارث ابن حِلْزة بكسر الحاء المهملة يقول : عَنِتٰا العنت محركة الفساد و الاثم و الهلاك و دخول المشقة علي الانسان و الزنا و اكتساب الماثم ، ق . باطلاً و ظلماً كما ** * ** يُعترُ عن جحرة الجُحْر بالضم كل شيء تحتفره الهوامّ و السباع لانفسها كالجحران و الضب اجتحر له جحراً اتخذه و الجحر الغار البعيد القعرُ و بهاۤءٍ السَنَةُ الشديدة المجدبة و تحرّك و المجحر الملجأ و المكمن ، ق . الرّبيض الربيض الغنم برعاتها المجتمعة في مرابضها ، ق . الظباۤءُ يعني يأخذونها بذنبِ غيرها كما يذبح اولٰئك الظباۤء عن غنمهم و قال الأصمعي و العترة الريح و العترة ايضاً شجرة كثيرة اللبن صغيرة تكون عند القامة خ نحو تهامة و يقال العتر الذكر ( يقال خل ) عَتَرَ يعتر عتراً اذا انعَظ و قال الرياشي سألتُ الأصمعي عَن العترة فقال هو نبتٌ مثل المرزنجوش ينبتُ متفرّقاً قال مصنّف يعني الصدوق (ره) لان هذا الكلام منقول من معاني الأخبار و آخره الي و بركاتهم منبثة في المشرق و المغرب ، ١٢ . هذا الكتاب رضي الله عنه و العترة علي بن ابيطالب و ذريّته من فاطمة و سلالة النبي (ص) و هم الذين نصّ اللّه تبارك و تعالي عليهم بالأمامة علي لسان نبيّه صلي اللّه عليه و آله و هم اثناعشر اوّلهم عليّ و آخرهم القاۤئم عليهم السلام علي جميع ما ذهبتْ اليه العرب من معني العترة و ذلك انّ الائمة عليهم السلام من بين جميع بنيهاشم و من بين جميع ولد ابيطالب كقطاعِ المسك الكِبار في النافجة و علومهم العذبة عند اهل الحَلّ و العقد و هم الشجرة التي اصلها رسول اللّه (ص) و اميرالمؤمنين (ع) فرعها و الائمة من ولده اغصانُها و شيعتهم ورقها و علمهم ثمرها و هم عليهم السلام اصول الأسلام علي معني البيضة و البلدة و هم عليهم السلام الهداة علي معني الصّخرة العظيمة الّتي يتخذ الضب عندها جحراً يأوي اليه لقلّة هدايته و هم اصل الشجرة المقطوعة لأنّهم وُتِروا و ظُلِمُوا و جُفوا و قُطِعوا و لميوصَلوا فنبتوا من اصولهم و عروقهم لايضرّهم قطع مَن قطعهم و ادبار مَنْ ادبر عنهم اذ كانوا من قبَلِ اللّه منصوصاً عليهم علي لسان نبيّه صلّي اللّهُ عليهم و من معني العترة هم المظلومون المأخوذون بما لميجرموه و لميذنبوه و منافعهم كثيرة و هم ينابيع العلم علي معني الشجرة الكثيرة اللّبن و هم عليهم السلام ذكران غير اناثٍ علي معني قول من قال ان العترة هو الذكر و هم جند اللّه تعالي و حزبه علي معني قول الأصمعي انّ العترة الريح قال النبي (ص) الريح جندُ اللّهِ الأكبر في حديث مشهور عنه صلّي اللّه عليه و آله و الريح عَذابٌ علي قوم و رحمة لٰاخرين و هم عليهم السلام كذلك كالقرءان المقرون اليهم بقول النبيّ صلّي اللّه عليه و آله اني مخلّف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي اهل بيتي قال اللّه تعالي و ننزّل من القرءان ما هو شفاۤء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين الّا خساراً و قال تعالي و اذا ما انزلت سورة فمنهم مَن يقول ايّكم زادَتْه هذه ايماناً فامّا الذين آمنوا فزادتهم ايماناً و هم يستبشرون و امّا الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً الي رجسهم و ماتوا و هم كافرون و هم عليهم السلام اصحاب المشاهد المتفرقة علي معني الذي ذهب اليه مَن قال انّ العترة هو نبت مثل المرزنجوش ينبت متفرِّقاً و بركاتهم منبثّة في المشرق و المغرب انتهي ما نقلته من معاني الأخبار للصدوق و انما اكتفيتُ بما ذكره لانّه كاف في معناه في اللّغة و امّا البيان المتعلّق بغير اللّغة فهو لايفيد الّا ببيان ما هو موضوع له و ذلك هو مفاتح الغيب لايعلمها الّا هو ، و امّا الخيرةُ بسكون الياۤء و فتحها فهو المختار و المراد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و وصفه كما قال (ص) يا علي لايعرفك الّا اللّه و انا و لايعرفني الّا اللّه و انتَ و لايعرف اللّه الّا انا و انت و كما قال علي عليه السلام في خطبة يوم الغدير و الجمعة قال عليه السلام و اشهد انّ محمداً عبده و رسوله استخلصَهُ في القدم علي ساۤئر الأمم علي علم منه انفرد عن التشاكل و التماثل من ابناۤء الجنس و انتخبه ( انتجبه خل ) آمِراً و ناهياً عنه اقامه في ساۤئر عالمِه في الأداۤء اذ كان لاتدركه الأبصار و لاتحويه خواطر الأفكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الّا هو الملك الجبار قَرَنَ الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيّته و اختصّه من تكرمته بما لميلحقه احد من بريّته فهو اهل ذلك بخاۤصّته و خلّته اذ لايختصّ من يشوبُهُ التغير ( التغيير خل ) و لايختار من يلحقه التظنينُ و امر بالصلوة عليه مزيداً في تكرمته و طريقاً للداعي الي اجابته فصلّي اللّه عليه ( و آله خل ) و كرّم و شرّف و عظم مزيداً لايلحقه التقييدُ و لاينقطع علي التأبيد ، و قال في وصف العترة الطاهرة عليهم السلام بعد هذا الكلام بِلا فاصلةٍ و انّ اللّه تعالي اختصّ لنفسِه۪ بعد نبيّه صلّي اللّه عليه و آله من بريّته خاصّة علّاهم بتعليته و سَما بهم الي رتبتِه و جعلهم الدُّعاةَ بالحقّ اليه و الأدِلّاۤءَ بالأرشاد عليه لِقَرْنٍ قرنٍ و زمنٍ زمنٍ انشأهم في القدم قبل كل مذرُوۤءٍ و مَبْروۤءٍ انوارٌ ( انواراً خل ) انطقها بتحميده و الهمَها شكره و تمجيده و جعلها الحجج له علي كل معترف له بملكةِ الربوبيّة و سلطان العبوديّة و استنطق به الخُرَساتِ بانواع اللّغاتِ بخوعاً له بأنّه فاطر الارضين و السموات و اشهدَهم خلقه و ولّاهم ما شاۤءَ من امره و جعلَهُم تراجمَ مشيّته و السُنَ ارادته عبيداً لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لايشفعون الا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون يحكمون باحكامه و يستنّون بسنّته و يعتمدون حدودَه و فرضه و لميَدَع الخلق في بهماۤء صمّاۤء و لا في عمياۤء بكماۤءَ بل جعل لهم عقولاً مازجت شواهدهم و تفرّدت في هياكلهم حَقّقها في نفوسهم و استعبدَ لها حواۤسّهم فقرر بها علي اسماعٍ و نواظرَ و افكارٍ و خواطر الزمهم بها حجته و اراهم بها محجّته و انطقهم عمّا شهدته بالسُنٍ ذَرِبَةٍ بما قام فيها من قدرته و حكمته و بيّن عندهم بها ليهلك مَن هلك عن بينّةٍ و يحيي من حيّ عن بيّنةٍ و انّ اللّه لسميع بصير شاهد خبير ه ، فقوله صلّي اللّه عليه و آله يا علي لايعرفك الخ ، يشعر بانّ جميع خلق اللّه بعدهما لايعرفهما كنه معرفتهما و ربما استشكل بعضهم في هذا فقال الائمة الطاهرون علي هذا لايَعْرِفون كنه جدهم و ابيهم و هذا غريب لأنّهم قد ورثوا جميع ما وصل الي محمد و علي (ص) و من المعلوم انّ من جملة ذلك معرفة انفسهم و لايجوز ان ينفردَ واحدٌ من الحجج بعلمٍ عن غيره من الحجج مع انه شريكه في استحفاظ الدين و الجواب انه لما كان الشيء لايعرف الّا بصفته الّا ان يكون مع المعروف في مقامٍ واحدٍ فيعرفه به لما تقرّر انّ العلم عين المعلوم فانت تعرف زيداً مثلاً بصفته التي في خيالك و تلك الصورة هي معلومك و هي علمك بزيدٍ اي بصفته الانتزاعيّة التي هي علمك فان اجتمَعْتَ مع زيدٍ في مكانٍ بحيث تشاهده علمته بِه۪ لا بصورته الأنتزاعيّة فانها هي علمه بصورته و لو لمتجتمع معه في مقامٍ لما علمت ذاته الّا بصفته لانها هي العلم بصفته و رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله هو اصلهم و كذا علي عليه السلام للائمة (ع) و هم فروعه و الفرع لايجتمع مع الأصل ليعرفه به لانّ الأصل في المقام الأوّل و الفرع في المقام الثاني فلايعرفه بالكنه و انّما يعرفه بالصّفة فقوله (ص) لايعرفك الّا اللّه و انا يعني معرفة ( معرفته خل ) بالكنه لانّه في مقام الأصل و لايعرفه بالكنه الّا مَن كان في مقامه و قول علي عليه السلام استخلصه في القدم يريد بهذا القدم امّا السرمد الذي هو وقت المشيّة اي بانْ جعله محلّاً لمشيّته لأنّه هو الذي يسع ذلك و لايسعه غيره كما قال تعالي في الحديث القدسي ماوسعني ارضي و لا سماۤئي و وسعني قلب عبدي المؤمن و امّا القدم الزماني و الدهري يعني استخلصه قبل الزمان في الدهر او قبل الدهر في السرمد و امّا القدم اللغوي فهو السبق المطلق بالنسبة الي المتأخر و امّا القدم الشرعي فيصدق علي من كان له ستّة اشهر يسمّي قديماً كما هو مشهور في الأخبار و عند الفقهاۤء و قد يراد به قبل هذا العالم كما قال صلّي اللّه عليه و آله كنت نبيّاً و آدم بين الماۤء و الطين و قال علي عليه السلام كنتُ وليّاً و آدم بين الماۤء و الطين نقله ابن ابيجمهور في كتابه المجلي قوله (ع) انفرد يعني رسول اللّه صلّي الله عليه و آله عن التشاكل و التماثل من ابناۤء الجنس يريد به انه صلي اللّه عليه و آله بما هو هو انفرد فلا مشاكل له و لا مماثل له في خلق اللّه فلمتتعلّق مشية اللّه و لاتتعلّق بشيء يساويه الّا نفسه صلي اللّه عليه و آله و ليس في الأمكان اشرف منه و لايساويه الّا ذاته و لايدانيه الّا عليّ عليه السلام ، قوله (ع) آمراً و ناهياً يريد انّه جعله مظهر امره و نهيه في تكاليف العباد عن مراده تعالي و قوله (ع) اقامه في ساۤئر عالمه يريد به انّه سبحانه جعله ظاهره في جميع الخلق و وجهه الذي يتوجّه اليه العباد ( و خل ) قوله (ع) في الأداۤء يريد انه سبحانه في كلّ شيء اراد اللّه ان يؤديه الي احد من خلقه فانه لايمكن لاحدٍ ان يتلقي الفيض من جهة الحقّ الّا بواسطته (ص) لانّه الرابطة بين الحكمين و مقتضي الرابطة التوسط لتوقف ترتّب الٰاثار من المقبولات و القابلات عليه (ص) و قوله (ع) قرن الأعتراف بنبوّته بالأعتراف بلاهوتيّته اراد انّ ما ورٰاءَ رتبته و وجوب معرفته لايكلّف الله العباد بذلك لانّهم لايحتملونه فلايتوقف وجودهم و لا نظام دينهم و دنياهم عليه و قوله (ع) اذ لايختص من يشوبه التغيير الخ ، يريد به بيان علة الأختصاص من الحكيم العليم و انّها كونه لذاته سراجاً منيراً و انه لعلي خلق عظيم لا اله الّا اللّه ربّ كلّ شيء و مالكه و قوله (ع) و امر بالصلوة عليه الخ ، يشير به الي انّ ذلك من اللّه سبحانه رفع لشأنه (ص) و بيان لأنّ هذه العبادة ثناۤء منه علي نبيّه (ص) كما يليق بمقامه (ص) فانّه (ص) مقترن بالوجود الراجح و ذلك لا غاية له و لا نهاية و لا بدء له في الأمكان و لا اوليّة له الّا من اللّه الذي لايكون غاية لشيء و لا آخر له في الوجود كذلك الّا الي اللّه الذي لا اله الّا هو فافهم فانّه مسلك ادقّ من الشعر و احدُّ من السيف يصعد السالكون فيه الف سنة و يمكثون في وسطه خمسينالف سنة و ينزلون الف سنة فاصبر صبراً جميلاً و قوله (ع) في اهل البيت (ع) و انّ اللّه اختص لنفسه بعد نبيّه (ص) فيه اشارة الي انهم (ع) مساوون لمحمد في كل ما يريد اللّه سبحانه لجميع المخلوقات و ان اختلفوا من حيث مراتب ذواتهم او كانوا مرتّبين ( مترتبين خل ) عليه (ص) بدليل قوله بعد نبيه (ص) و قوله (ص) علّاهم بتعليته يراد منه وجهان احدهما انهم انما بلَغوا ما بلغوا بمحمد (ص) و هو كذلك و ثانيهما انّ اللّه رفعهم الي المكان الذي رفعه (ص) اليه لأنّ مقامهم من مقامه و طينتهم واحدة و نورهم واحد و ان كان (ص) هو السابق و هم التابعون لكنهم به رأوا ما رأي و سمِعوا ما سمع و قوله (ع) لقرنٍ قرن و زمن زمن ، يشير الي ان الله سبحانه جعلهم الدعاة بالحق اليه في جميع العوالم الالفالف و في جميع الأوقات يظهرون في كل عالم من جنسه ظاهراً و بسرّ علّته و قيّوميّته باطناً و قوله (ع) انشأهم في القدم قبل كل مذروء و مبروء انوارٌ انطقها الخ ، يريد بالقدم المعني الذي ذكر في حق النبي (ص) و المذروء هنا في التقدير و المبروء في الأعيان انطقها فحمدته بحقائقها و شكرته علي ذواتها فسبحه الخلائق بهم و مجدوه بذكرهم و في الزيارة الجامعة الصغيرة يسبح اللّهَ باسماۤئه جميع خلقه و السلام علي ارواحكم و اجسادكم و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته و قوله (ع) و اشهدهم خلقه و ولّاهم ما شاۤء من امره يريد انّه سبحانه خلقهم له و خلق الخلق لهم و اشهدهم خلق خلقِه و ولّاهم ما شاۤء من امره لانهم محاۤلّ مشيته و قوله عليه السلام و جعلهم تراجمَ مشيته يريد انهم يفعلون بمشية اللّه فمشية اللّه لاتعرف الّا بفعلهم فهم المترجمون لمشيته و السُن ارادته يعني ان ارادته تنطق بالمفعولات و بيان العبارة عنها هو فعلهم “٢-” فهو “٢” الناطق عن مشيته و افعالهم و اقوالهم و اعمالهم السُن مشيّته و قوله (ع) بل جعل لهم عقولاً مازَجَتْ شواهِدَهم الخ ، يشير الي انه سبحانه جَعَلَ عقولهم يعني المكلّفين تدرك المعاني بنفسها و تدرك الرقائق بممازجتها للارواح و تدرك الصور بممازجتها للنفوس و تدرك الأشباح بممازجتها للحس المشترك و تدرك الألوان بممازجتها للعيون و تدرك الأصوات بممازجتها للٰاذان و تدرك الرواۤئح بممازجتها لحَلمَات الٰانافِ و تدرك الملموسات بممازجتها لبشرات الّلٰامِس۪ين و هذه المشاعر ظاهرها و باطنها انما تحسّ بمدركاتها و يُحِسّ صاحبها بتلك المدركات بالعقول لا غير و المراد بممازجة العقول لها ظهورها بادراكاتها فيها و استعمالها لها فيما يراد منها ، و اعلم اَنّي انما ذكرتُ بعض بيان ما ذكر في هذه الكلمات من خطبته ليحصل في ذكرها فائدة غير مجرّد الأستشهاد بها علي مقامه و مقام اهل بيته (ص) و في قوله ربّ العالمين الرب هو المالك و الصاحِب و السيّد و المصلح و المربّي و المدبّر و المنعم و هذه الأحكام السبعة معان للربّ و باضافته الي العالمين تظهر فائدة اضافته في المالك و المربّي و السيّد و المصلح و المدبّر و المنعم و امّا الصاحب فاذا اريد به المالك اريد هنا و ان اريد به معناه المشتق من المصاحبة فيجوز ايضاً اطلاقه علي اللّه تعالي بمعني انه مع كلّ شيء و بمعني المحيط بكل شيء كما في الدعاۤء يا صاحبَ كلّ نجوي و منتهي كلّ شكوي اي انّه الحاضر عندها و المحيط بها و المطّلع عليها و الّذي بامره تقوّمتِ النجوي و اذا لُوحِظَ في هذا المضاف معني المربّي و المصلح و المدبّر و المنعم كان في اضافة الخيرة اليه انّه (ص) هو المربّي بامر اللّه لساۤئر الخلق و المصلح لما فسد منهم و المدبّر لهم بما فيه صلاحهم من الاوامر و النواهي و التأديبات الارشادية التي بها نالوا حظوظهم من الدرجات و المقامات العاليات او انّ اللّه سبحانه لشدة اعتناۤئه بتربية عباده و حسن تدبيره لهم و اصلاحهم و جزيل نعمه عليهم اختار منهم لأيصال هذه الخيرات اليهم خير خلقه لانه كان (ص) شديد العناية بما فيه صلاح نظامهم و دينهم و دنياهم و نفوسهم و لذلك اخبر سبحانه عن هذه الصفات البالغة فيه (ص) كمال الغاية فيما هي له بحسب الرتبة الامكانية قال تعالي لقد جاۤءكم رسول من انفسِكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم ، و العالمين جمع عالَم بفتح اللّام اسم لما يعلم به كالخاتم لما يختم به غُلِّبَ فيما يعلم به الصانع سبحانه مما سوي اللّه او انه اسم لذوي العلم من الملاۤئكة و الثقلَين و قيل يراد به هنا الناس لانّ كلّ واحد منهم عالم مستقل لأنّه انموذج من العالم الكبير و لانّ فيه جميع ما في العالم الكبير من الأفلاك و الارض و اقواتها و ما فيها من الجبال و الشجر و المطر و البرق و الرعد و النبات و غير ذلك مما يعلم به الصانع ( الصائغ خل ) سبحانه و جُمِعَ لئلّايتوهّم انّ الالف و اللّام لاستغراق افرادِ شخصٍ واحدٍ اي اجزاۤؤه و ان كان يمكن تصحيح ذلك علي تكلّفٍ بمعني ارادة جميع امثاله في احواله و اقواله و افعاله و اعماله لانها امثاله فانك اذا رأيتَ زيداً قاۤئماً يوم الاحد و قاعداً يوم الأثنين و آكِلاً يوم الثلاثا و زانياً يوم الأربعاۤءِ و مصلّياً يوم الخميس مثلاً فكلّما التفتَ خيالك الي زيد يوم الأحد رأيته في كل حالٍ قائماً و في يوم الأثنين في كل حالٍ قاعداً و هكذا فلاتزال ما دمتَ حيّاً كلّما التَفتّ الي تلك الحال من زيد رأيت ذلك المثال عاملاً و ان مات زيدٌ و هذه هي امثاله و صفات اعماله و افراده فلو ادخلتَ لام الأستغراق علي الواحد لاستغراق افراده بهذا المعني جاز الّا انه لايتبادر عند الاطلاق و لايصلح لخطاب العوام فلمّا جمع كان الجمع لاستغراق الأجناس و حرف التعريف لاستغراق افراد الجنس و دلّ هذان الاستغراقان المضافانِ الي الربّ جلّ و علا علي انّه سبحانه اختار محمداً (ص) لاجل اصلاح جميع بريّته و تربيتهم و اصلاحهم و ارشادِهم و تبليغهم المراتب العالية صلّي اللّه عليه و آله الطاهرين . قال عليه السلام : و رحمة اللّه و بركاته الرحمة هنا لعلّ المراد بها الرحمة المكتوبة الخالصة من جميع مكاره العَدْل و المتخلّصة للكرم و الفضل و هذه هي الرحمة الخاصّة و قد تقدم بعض بيانها و قد اشار الامام (ع) في تفسيره في بيان هذه الرحمة الخاصة بالمؤمنين و هي صفة الرحيم قال (ع) و امّا قوله الرحيم فانّ اميرالمؤمنين (ع) قال رحيم بعباده المؤمنين و من رحمته خلَقَ مائة رحمة و جعل منها رحمة واحدة في الخلق كلّهم فبها تتراحم الناس و ترحم الوالدة ولدها و تحنّ الأمّهات من الحيوانات علي اولادها فاذا كان يوم القيمة اضاف هذه الرحمة الواحدة الي تسعٍ و تسعين رحمة فيرحمها امّة محمد (ص) ثم يشفعهم فيما يحبّون له الشفاعة من اهل الملّةِ حتي انّ الواحد ليجيۤء الي مؤمنٍ من الشيعة فيقول له اشفع ليِ فيقول له ايّ حقّ لك عَلَيَّ فيقول سقيتك يوماً ماۤءً فيذكر ذلك فيشفع له فيُشفّع فيه و يقوم آخر فيقول انا لي عليك حقّ فيقول ما حقّك فيقول استظللتَ بظلِ جداري ساعة في يوم حار فيشفع له فيُشفّع فيه فلايزال يشفع حتي يشفّع في جيرانه و خلطاۤئه و معارفه و انّ المؤمن اكرم علي اللّه تعالي مما يظنّون ثم اعلم انّ الرحمة بمعني العطف او ( و خل ) ايصٰال الفضاۤئل او دفع المكاره او هي الحيوة في عالم الغيب بل و في الشهادة و بمعني المغفرة فعلي الأول و الثاني قوله (ع) يا بارئ خلقي رحمة بي و كان عن خلقي غنياً و علي الثالث قوله تعالي لا عاصم اليوم من امر اللّه الّا من رحمَ و علي الرابع قوله تعالي فانظر الي آثار رحمة اللّه كيف يحيي الارض بعد موتها و علي الخامس قوله تعالي اَلَا انها قربة لهم سيدخلهم اللّه في رحمته ان اللّه غفور رحيم فاذا عطفت علي السلام كما تقدم من معناه كانت بمعناه او هو لدفع المكاره و الرحمة لجلب الفواضل و الفضاۤئل الدينيّة و البركة محركة النما و الزيادة و السعادة قال في القاموس و بارك علي محمّدٍ و آلمحمّدٍ ادِمْ له ما اعطيته من التشريف و الكرامة و تَبٰارَكَ اللّه ( تعالي و خل ) تقدّس و تنزّه ه ، فعَطْفُ البركة علي الرحمة يفيد تنمية رحمته لهم و زيادتها و الدعاۤء لهم باسعادهم بالقرب منه لهم و لأتباعهم قال محمدتقي في الشرح هنا و البركة للدنيويّة و الاخرويّة او الاعم منهما و من الدينية و قد تقدم انها لطفٌ لنا فانّ مراتبهم عند اللّه تعالي بحيث لاتقبل الزيادة الّا بحسب المراتب الدنيويّة و ظهورهم علي الأعادي و اعلانهم كلمة اللّه تعالي و هما ايضاً لنا ه ، اقول اراد من الدنيويّة المال و الجاه و الأولاد و جميع الاسباب التي للمعاش في هذه الدنيا كالمساكن و المتاجر و غيرها و الأخرويّة الاعمال الصالحات و الثواب الذي هي صُوره و اراد بالأعم منهما و من الدينيّة انّ البركة في نعم الدنيا و فضاۤئلها و في الأعمال و ثوابها و في كيفيّة العلم بها و كيفيّة العمل و المعونة علي فعل تلك الاعمال التي هو احوال الدين قوله و قد تقدم انها لطف لنا يعني انّ صلواتِنا عليهم تزكية لنا و كفارة لذنوبنا فجميع ما يقع منّا كدعاۤئنا و اعمالنا و صلوتِنا عليهم لاينتفعون به و انما نفع ذلك راجع الينا ثم قال فانّ مراتبهم عند اللّه تعالي بحيث لاتقبل الزيادة الّا بحسب المراتب الدنيويّة و يريد انهم (ع) لاتزيد الأعمال في درجاتهم سواۤء كانت الأعمال منهم او من شيعتهم و ربّما يستدلّ علي ذلك بما روي انهم (ع) لو شاۤؤا خزاۤئن الدنيا و سألوا اللّه تعالي ذلك لأعطاهم و لاينقص من حظوظهم يوم القيمة كما كان لمحمّد (ص) حين اتاه جبرئل (ع) بمفاتح ( بمفاتيح خل ) خزاۤئن الدنيا و قال هذه مفاتح ( مفاتيح خل ) خزائن الدنيا الحديث ، منها انه اتاه ميكائيل فقال له يا محمد عش ملكاً متنعماً و هذه مفاتيح خزائن الأرض معك و تسير معك جبالها ذهباً و فضةً و لاينقص ممّا ادّخر لك في الٰاخرة شيء فاومأ الي جبرئل (ع) و كان خليله من الملائكة فاشار اليه ان تواضع فقال (ص) بل اعيش نبيّاً عبداً اۤكل يوما و لاٰاكل يومين حتي الحق باخواني من الأنبياۤء الحديث ، و لو كان العمل يزيد في مقامهم لكان تسلّطهم علي خزائن الدنيا ينقص مراتبهم عند اللّه لأنّ صبرهم علي شدة الفقر و الحاجة للّه تقرُّباً اليه و محبّة لما يحبّ من مفارقة الدنيا افضل و احب الي اللّه و اقرب و في بعض الأخبار ما يصلح دليلا له ايضاً الا ان هذا شيء جارٍ علي الظاهر و امّا علي ما هو الواقع فانهم (ع) اعْلي مقاماً مما ذكره و اجلّ قدراً مما وصفه و مع هذا كلّه فلايلزم منه انهم لاينتفعون باعمالهم او ( و خل ) اعمال شيعتهم و لا انّ مراتبهم لاتقبل الزيادة عند اللّه فانّ من تتبّع اخبارهم و لاحظ المراد منها ظهر له انهم ينتفعون باعمالهم بَل لاينالون شيئاً من خير الدّنيا و الٰاخرة الا بالأعمال و في الحديث القدسي حديث الاسرار يا احمد هل تدري لأيّ شيء فضّلتك علي ساۤئر الأنبياۤء قال (ص) لا قال اللّه تعالي باليقين و حُسن الخُلق و سخاوة النفس و رحم الخلق و كذلك اوتاد الأرض لميكونوا اوتاداً الّا بهذا و عن ابيعبداللّه (ع) انّ بعض قريش قال لرسول اللّه (ص) بأيّ شيء سبقتَ الأنبياۤء و انت بعثتَ آخرهم و خاتمهم قال اني كنت اوّل مَن آمَن بربّي و اوّل من اجابَ حين اخذ ميثاق النبيين و اشهدهم علي انفسهم الستُ بربكم قالوا بلي و عن ابيعبداللّه (ع) سُئِل رسول اللّه (ص) بأيّ شيء سبقت ولد آدم قال انني اوّل من اقرّ بربي انّ اللّه اخذ ميثاق النبيين و اشهدهم علي انفسهم الستُ بربكم قالوا بلي فكنتُ اوّل من اجابَ ه ، فبيّن (ص) انه انما كان افضل و اسبق لأنّه سبقهم الي الأجابة فلو لمتزد الأعمال في درجاتهم لماكان السبق الي الأجابة سبباً في تفضيله علي جميع الخلق و قال (ص) تناكحوا تناسلوا فاني مُباهٍ بكم الأمَم الماضيةَ و القرونَ السالفة يوم القيٰمة و لو بالسُّقْطِ ه ، فان المباهاة افتخار يرجع الي النفس و الروايات الدالّةُ علي انهم ترتفع درجتهم بالأعمال لايمكن معارضتها لموافقة الأصل و قالوا (ع) لشيعتهم اعينونا بورعٍ و اجتهادٍ و ادني ما يوجّه به انكم اعينونا علي الشفاعة لكم فانكم ان تورّعتم كفيتمونا مؤنة الشفاعة و الّا احتجنا الي الشفاعة لكم و ما دلّ من الأخبار علي انهم لاينتفعون باعمال شيعتهم و دعاۤئهم لهم فادني ما يقال انّهم لاينتفعون بذلك لانفسهم و امّا انهم لاينتفعون به لشيعتهم فلا علي انّ كونَ شيعتهم محتاجين لفاضل ( الي فاضل خل ) حسناتهم و اعمالهم لاينافي انتفاعهم باعمال شيعتهم باعتبار كما قلنا فانّ الشجرة تنتفع بورقها في نفسها بمعني تزداد بها قوةً و نضارةً و حسنا و ان كانت الورق محتاجة في جميع احوالها الي الشجرة فانّها لاتبقي بدونها و لاتستمدّ الّا منها فالشجرة علّة وجودها و المؤمن ورقة من شجرتهم روي ابوحمزة الثمالي انه سئل الباقر (ع) عن قوله تعالي كشجرة طيبةٍ اصلها ثابت و فرعها في السماۤء فقال قال رسول اللّه (ص) انا اصلها و علي فرعها و الائمة اغصانها و علمنا ثمرُها و شيعتنا ورقها يا اباحمزة انّ المؤمن ليولد من شيعتنا فتورق ورقة فيها و يموت فتسقط منها ورقة و قال رجل آخر جعلتُ فداۤءك تؤتي اكلها كلّ حين بأذن ربها قال ما يفتي الائمة شيعتهم من الحلال و الحرام و ايضاً فانّ قوله فانّ مراتبهم عند اللّه تعالي بحيث لاتقبل الزيادة ان اراد به عند اللّه تعالي في سابق علمه الذي هو ذاته فكُلُّ الخلائق كذلك لا فرق بينهم و بين الشجر و غيره فكل شيء عنده بمقدار لايزيد فيه زايد و لاينقص منه ناقصٌ فقد جفّ القلم بالنسبة الي علم اللّه في كلّ شيء و ان اراد به في انفسها فكل الخلاۤئق تقبل الزيادة كما تقبل النقصان لا فرق بينهم في ذلك و بين ساۤئر الخلاۤئق و كيف لاتقبل مراتبهم الزيادة و قد اخبر اللّه تعالي بذلك في كتابه العزيز قال تعالي لنبيّه (ص) قل ربِّ زِدْني علماً و قال (ص) اللّهم زدني فيك تحيراً و قد اخبر تعالي في كلامه القدسي في حديث الاسرار عن ذلك قال تعالي يا احمد وجبتْ محبّتي للمتقاطعين فِيَّ و وجبتْ محبّتي للمتواصلين فيَّ و وجبتْ محبّتي للمتوكلين عليّ و ليس لمحبّتي غاية و لا نهاية كلّما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً اولئك الذين نظروا الي المخلوقين بنظري اليهم و لايرفعون الحواۤئج الي الخلق بطونهم خفيفة من اكل الحلال يغنيهم من الدعاۤء ( الدنيا خل ) ذكري و محبتي و رضائي عنهم ه ، يعني انّ صلتي لاهل محبتي لاتنقطع ابداً كلّما رفعتُ لهم علماً وضعت لهم حلماً فهم ابداً طالبون مني المدد و الزيادة و انا ابداً اَمِدّهم بالصّلة و الافادة فهذا و امثاله مما تدل عليه الٰاثار من انهم ابداً في الزيادة و امّا دلالة العقول الصحيحة علي ذلك فهي اظهر شيء لمن يفهم و ممّا يدلّ عليه العقل من ذلك فهو ما اتلو عليك فاستمع لما يُتلي ان هو الّا وحي يُوحي و هو انه قد قام الدليل علي انّ جميع الخلق من الحيوان و النبات و الجماد لاتستغني في بقاۤئها عن المدد بل تحتاج اليه في كل لحظة و لو جاز بقاۤؤها لحظةً بدون المدد لجاز استغناۤؤها الي الأبد فهي ابداً محتاجة الي المدد بل ليست شيئاً الّا به فالشيء منها دائماً تأتيه اشياۤء لمتكن عنده و تذهب منه اشياۤء الّا انه ابداً يمدّه مما لَه مما ذهب عنه فهو ابداً في الزيادة و السير الشديد الحثيث الي اللّه تعالي فالمؤمن ابداً يقرب من ربّه تعالي و ربّه امامه يسير به اليه كما في الدعاۤء تدلج بين يدي المدلج من خلقك ، و مع انه يقرب في كل لحظةٍ الي اللّه تعالي لاتقصر المسافة بينهما ابد الٰابدين و دهر الداهرين فمدده منه اليه فهو نهر يجري و كرة مستديرة تدور علي نقطة لا الي جهة فلا محور لها سوي وجهها من مشيّة اللّه و هذا هو الذي نريد به من قولنا انّ اللّه سبحانه يمدّه بما ليس عنده بل بمدد جديد به يترقّي و يزيد و ان كان ذلك الجديد هو ما مرّ عليه خرج عنه الي العدم الامكاني السرمدي ثم يحدثه بعد ان لميكن و يختصّ به حين خصّص به و كان لايختص به قبل ان يختص به و تعيّن له حين عُيِّن له و تعيّن له و بالجملة فهم (ع) ابداً يأتيهم المدد من اللّه لا بقاۤء لهم بدونه و كذلك سائر الخلق الّا انه في كل شيء بحسبه فاذا تقرر انهم يقبلون الزيادة لذواتهم من قِبَلِ المبدءِ الفيّاض و لايجوز ان يأتيهم ما ليس منهم و الا لتغيرت الحقائق و لا ان يذهب عنهم ما هو منهم و الّا لتغيّرت الحقاۤئق و يلزَم من تغيّرها بطلانُ الثواب و العقاب لانّ الشخص علي هاتين الحالتين ابداً طريّ مغاۤئر للأوّل فتذهب في كل آنٍ اعماله من خيرٍ و شرٍ فيعود و لا ثواب له و لا عقاب عليه و يلزم منه بطلان التكليف لعدم الفائدة و يلزم منه بطلان الايجاد و الخلق لعدم الفائدة و هذا باطل بالضرورة فلا بّد ان يكون ما يعود اليهم انما هو منهم و قد دلّ الدليل علي انّ شيعتهم منهم من فاضل طينتهم و عجنوا بماۤء ولايتهم و جميع الأعمال الصالحة فرعهم و من ولايتهم فاذا عَمِلَ العامِل من الشيعة عملاً لهم او دعا لهم او صلّي عليهم كان ذلك مدداً لهم في كل رتبة بما يناسب لها فهم ينتفعون باعمال شيعتهم و لايلزم من ذلك انهم كيف يستمدّون مما ليس لهم لانّ اعمال شيعتهم منهم و لهم و لهذا كانت ذنوب شيعتهم عليهم و لايلزم منه و لاتزر وازرة وزر اخري لانّ اوزار شيعتهم عليهم لانهم منهم و صفتهم و الأعمال صفات العاملين و صفةُ الصفةِ صفةٌ نعم هذا في المقام الذي يجتمعون فيه مع شيعتهم و امّا ما يفارقونهم فيه من المقامات العالية التي لايصل اليها الشيعة فلاينتفعون فيه باعمال الشيعة نعم ينتفعون في كلّ مقامٍ باعمالهم فهم في كل حالٍ و في كلّ مقام عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون . قال عليه السلام : السَّلَام علي ائمّة الهدي الايمّة ( الائمّة ) بالياء و الهمزة جمع امام و هو هنا المقصود و الدليل و الهادي و المقدّم لانّهم عليهم السلام المقصودون لكل خير و الهداة الي طريق النجاة و السعادة و النجاح و المقدّمون و الهدي الرشاد و الدلالة و هداه ارشده و دلّه يتعدي بنفسه نحو اهدنا الصراط المستقيم و باللّام نحو انّ هذا القرءان يهدي للتي هي اقوم و بالي نحو و يهدي الي صراط مستقيم و نقل عن صاحب الكشّاف ان هداه لكذا او الي كذا انما يقال اذا لميكن في ذلك فيَصِل بالهداية اليه و هداه كذا لمن يكون فيه فيزداد او يثبت و لمن لايكون فيَصِل و قد يقال لا نزاع في الأستعمالات الثلاث الّا انّ منهم من فرق بأنّ معني المتعدّي بنفسه هو الأيصال الي المطلوب و لايكون الّا فعل اللّه فلايستند الّا اليه كقوله تعالي لنهدينهم سبلنا و معني المتعدّي بحرفِ الجرّ هو الدلالة ( للدلالة خل ) علي ما يوصل اليه فيسند تارة الي القرءان و اخري الي النبيّ (ص) قيل و هداية اللّه تعالي تتنوّع انواعاً لايحصيها عدٌّ لكنها تنحصر في اجناس مرتّبة الاوّل افاضة القوي التي يتمكن بها العبد من الأهتداۤء الي مصالحه كالقوي العقليّة و الحواۤسّ الباطنة و المشاعر الظاهرة و الثاني نصب الدلاۤئل الفَارقة بين الحقّ و الباطل و الصلاح و الفساد و الثالث الهداية بارسال الرسل و انزال الكتب الرابع ان يكشف علي قلوبهم السراۤئر و يريهم الأشياۤء كما هي بالوحي و الألهام و المنامات الصّادقة و هذا القسم يختصّ بنَيْله الأنبياۤء و الأولياۤء و طلب الهداية و غيرها من المطالب قد يكون بلسان القول و قد يكون بلسان الأستعداد فما يكون بلسان الأستعداد لايتخلّف عنه المطلوب و ما يكون بلسان القول و وافقه الأستعداد استجيب و الّا فلا فان قلتَ فعلي هذا لا حاجة الي لسان القول قلتُ يمكن ان يحصل في بعض استعداد المطلوب من الطلب بلسان القول فالأحتياط ان لايَتْرك الطالبُ الطلبَ بلسان القول فبالنّسبة الي بعض المراتب يطلب بلسان الأستعداد و في بعضها بلسان القول انتهي كلامه ، اقول هذا الكلام لميكن في التفسير و الذي في التفسير قال هدي ( انّ خل ) اصله ان يتعدّي باللّام او بالي كقوله تعالي انّ هذا القرءان يهدي للتي هي اقوم و انّك لتهدي الي صراطٍ مستقيم فعُومِلَ معاملة اختار في قوله و اختار موسي قومه و معني طلب الهداية و هم مهتدون طلب زيادة الهدي بمنح الألطاف كقوله و الذين اهتدوا زَادهم هديً و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلَنا ه ، اقول في الكلام الأوّل لعلّ مأخذ الفرق الأوّل و هو قوله ان هداه لكذا او الي كذا الخ ، انّه اذا عُدِّي بنفسه كان الفعل متّصلاً بالمفعول بلا موصل و هذا يدلّ علي حصول المطلوب له و انّما الفائدة الزيادة من المطلوب او الثبات عليه بخلاف المتعدّي بغيره فانّه دالّ علي عدم الأتصال و الحصول حين الأسناد و لعلّ الفرق الثاني ممّن فرق هو انّ ما لايحتاج الي شيء كان في فعله مستغنياً فيوصل الي المطلوب بنفس فعله فيقال اهدنا الصراط المستقيم و لأنّه سبحانه لا معَقّب لحكمه و لا راۤدّ لقضائه و غيره لايقدر علي ذلك و ان كان اللّه سبحانه اقدره علي الأيصال الي ما يوصل الي المطلوب الّا انّ الأيصال الي المطلوب لايقدر عليه لجواز ان يمحوه اللّه سبحانه قال سبحانه لنبيّه انّك لاتهدي مَن احببت ثم لمّا كانت زيادة المباني تدلّ علي زيادة المعاني كان هدي اذا عُدِّي باللّام اقل وساطةً منه اذا عدّي بالي و لمّا كان محمّد صلّي اللّه عليه و آله انّما يهدي بالقرءان كان القرءان نفسه اقرب وساطة فيستعمل في الأيصال الي طريق المطلوب باللّام لبساطة لفظها بالنسبة الي الي و يستعمل في حق النبي صلّي اللّه عليه و آله في الأيصال الي طريق المطلوب بالي لانّه انما يوصل بالقرءان قال اللّه تعالي و كذلك اوحينا اليك روحاً من امرنا ماكنت تدري ما الكتاب و لا الأيمان و لكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاۤء من عبادنا و انّك لتهدي الي صراط مستقيم و قوله تعالي نهدي به لاينافي انّه يوصل الي المطلوب لانّه يوصل الي المطلوب بالقرءان و لا ضرر لانّه لميذكر المطلوب بحرف الجرّ و انما ذكر آلة الهداية و الطالب و ايضاً لاينافي كون القرءان اۤلةً للهداية ما قلنا من انه سبحانه يوصل بفعله بلا توسط غيره لان القرءان وجه من الفعل و قد برهنّا عليه في مباحثاتنا و كذلك قوله تعالي و انك لتهدي الي صراط مستقيم بدون ذكر وساطة القرءان في هداية النبي صلي اللّه عليه و آله لأن هذا معلوم من القرءان و الأحاديث المتكثرة بانّه صلي اللّه عليه و آله انّما يهدي بالقرءان الاتسمع قوله تعالي ماكنت تدري ما الكتاب و لا الأيمان و قد سئل احدهم عليهم السلام اكان في حال لايدري ما الكتاب و لا الأيمان قال نعم قد كان في حال لايدري ما الكتاب و لا الأيمان و اعلم ان هذه المسئلة اذا اردنا بيان ما يتوجّه عليها او علي بعض شقوقها يطول الكلام فيه و نخرج عن الحدّ الّا اني اعطيك كلاماً مجملاً و هو انّ اللّه سبحانه فاعل و كان من لطفه بخلقه ان يفعل بالسّبب و هو اقرب الي السّبب من نفسه و من المسبّب و اقرب الي المسبب من نفسه و من سببه لأنّه جاعل السّبب سبباً فاذا قيل هداكَ اللّه الصّراط المستقيم او هداك بالقرءان او بنبيّه الصراط المستقيم كان كلّ ذلك حقاً و المعني واحد لايختلف في شيء الّا انّه قد يبيّن جهة السببيّة و هو الفاعل للسبب و المسبب و هو المسبِّب بلا سبب و اذا قلنا انّ محمداً (ص) انما يهدي بالقرءان فهو حق و لاينافيه كونه افضل من القرءان لأنّ كونه افضل من القرءان هو المقتضي للتوسط فافهم و امّا ما ذكر من الأجناس المرتبة الأربعة فهو كلام جيّد الّا انّ فيه شيئاً لايهتدي اليه الّا من هداهُ اللّه اليه بنور الأئمة الطاهرين (ع) و هو قوله فما يكون بلسان الأستعداد لايتخلّف عنه المطلوب و هو اني اقول ما كان بلسان الأستعداد فهو مقتضٍ لعدم التخلف بما جعله الله كذلك فان وقع فهو كذلك و ان لميقع فهو كذلك لانّ اللّه جعله مقتضياً ان اذن له و الّا فالأشياۤء واقفة ببابه منتظرة للأذن معلّقة بين العطاۤء و الردّ فليس لشيء من الخلق شيء من الأمر لا حول و لا قوة الّا باللّه العلي العظيم فايّاك ان تخرج عن هذه الدرع الحصينة ولاۤءِ اهل بيت محمد صلّي اللّه عليه و آله فانه من التفت عن هذا السمت المستقيم فكأنّما خرّ من السماۤء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق فقوله (ع) السلام علي ائمة الهدي ، يريد انّهم هم ادلّة الهدي و هم الهدي و المرشدون و الهادون بالهدي كما قال اللّه لنبيه قل هذه سبيلي ادعوا الي اللّه علي بصيرة انا و مَنِ اتّبعني فهذه الدقيقة التي اشرنا اليها من هذا السبيل سبيل محمّد الذي يدعو فيه الي اللّه و هو سبيل اهل بيته (ع) و هم الائمّة الذين يهدون بالحق و به يعدلون و امّا توجيهُ ما في التفسير فانّه يُريدُ انّ كونه متعدّياً بنفسه عَلَي خِلَافِ الاصل فعلي هذا لايكون استعماله بدون حرف الجرّ للّه في هدايته و لا عبارة موضوعة علي ما يوصل الي المطلوب و لا الي ما يوصل الي المطلوب و انما الأستعمال و التخصيص لغرضٍ آخر و الحاصل الذي تقتضيه الأدلّة انّهم مهديّون من اللّه سبحانه و هم لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و انّهم هادون باللّه الي اللّه سبحانه فيوصلون الي المطلوب و الي ما يوصل الي المطلوب بل هم المطلوب و المطلوب ثوابهم و ظاهر اضافة الائمة الي الهدي الأختصاص و الواقع كذلك لانهم مع الحق و الحق معهم و فيهم و بهم و منهم و لهم فلايفارقهم الهدي و لايفارقونه فافهم ما اجملنا لك فقد جمعتُ في هذه الكلمات تفسير الظاهر و الباطن و باطن الباطن و ليس طلب ازيد من هذا . قال عليه السلام : و مصابيح الدجي المصابيح جمع مصباحٍ و هو السراج المركب من نارٍ و دهن فامّا النار التي في المصباح فالمراد منها ظهورها و اثرها و هو ماۤدّة السراج و صورته الدهن و اذا تكلّس الدهن بحرارة النار و تلطّف و كان دخاناً استضاۤء باثر النار و ظهورها فالاستضاۤءة من الدخان عن النار اي انفعل بالاستضاۤءة عن اثرها و مَسِّها و انما المراد من النار التي في المصباح لا التي هي الحرارة و اليبوسة فانها غيب في هذا الظهور فالنار في هذه المصابيح المذكورة هي المشيّة و ظهورُها و مَسُّها هو الوجود المحدث بالمشيّة كالدّلالة المحدثة عن اللفظ التاۤمّ و الدهن في السراج كالمعني الميت قبل وقوع دلالة اللفظ فانّه ليس شيئاً كما انّ الاستضاۤءة من الدخان الدهني قبل تعلّقِ فعل النار به لَيْسَتْ شيئاً و هذا المَسُّ الذي هو كالدلالة هو الماۤءُ المنزلُ من السحاب الثقال علي البلد الميت فالماۤء الذي جعل منه كل شيءٍ حيّ هو الوجود و البلد الميت هو القابليّة و الثمرات المخرجة به هي الموجودات و اوّلها العقل قال ابومحمد العسكري (ع) و روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حداۤئقنا الباكورة و الباكورة اوّل الثمرة اي اوّل ثمرة الوجود و اوّل مَن ذاقها اي قبلَها روح القدس و هو العقل الكلّي و هو اوّل خلق من الروحانيين عن يمين العرش فالمصباح هو العقل الكلّي فعقولهم التي هي شيء واحد تقسّم في هياكل التوحيد مصابيح الدجي و الدجي جمع دُجْيَة بضمّ اوّله و سكون الجيم و هي الظلمة و المراد بها ظلمات العدم و الشك و الجهل و الفناۤء فبهم في الأول ظهرت الموجودات و بهم في الثاني استقر اليقين و الثبات و بهم في الثالث افيض العلم علي الواح القابليات و بهم في الرابع علت الدرجات و حصلت المكرمات و السعادات و قد تقدّم في ما اشرنا اليه سابقاً انّ لهم ثلاث مقامات الاوّل مقام المعاني و هو اعلاها و الثاني مقام الأبواب و هو دون الأوّل و الثالث مقام الأمامة و الحجّة البشريّة و هو دون الثاني و كونهم مصابيح الدجي يصلح للمقامين الأخيرين امّا مقام الامامة فانّهم هداة الخلق و الدعاة الي الحقّ سبحانه فيكشفون بدعوتهم و هديهم عمّن اقتدي بهم و اهتدي بهديهم ظلمات الجهل و الضلالة فمن اقتدي بهم و استضاۤء بنورهم فقد نجا و بلغ من الخيرات الغاية القصوي فهم في هذه الرتبة مصابيح دجي الجهل و الشك و الفناۤء و امّا مقام الأبواب فانهم هم المصباح الذي استضاۤءت به مصابيح الأكوان و الأعيان و الأديان و الأعمال و الأحوال و الأقوال و الافكار و جميع اطوار مَن دونهم لانهم في هذا المقام باب الوجود فكل شيء يصل الي الخلق من خلقٍ و رزقٍ و ممات و حيوةٍ فمنهم يعني انّ فعل اللّه يتعلّق بتلك الأشياۤء بواسطتهم فبهم تستنير الاكوان و عنهم تظهر الأعيان فهم مصابيح الدجي لكشفهم تلك الظلمات و في الكافي باسناده عن صالح بن سهل الهمذاني ( الهمداني خل ) قال قال ابوعبداللّه (ع) في قول اللّه تعالي اللّه نور السموات و الارض مثل نوره كمشكوة فاطمة (ع) فيها مصباح الحسن المصباح في زجاجة الحسين الزجاجة كأنها كوكب درّي فاطمة كوكب درّي بين نساۤء اهل الدنيا يوقد من شجرة مباركة ابراهيم (ع) زيتونة لا شرقية و لا غربية لا يهودية و لا نصرانية يكاد زيتها يضيۤء يكاد العلم ينفجر بها و لو لمتمسسه نار نور علي نور امامٌ منها بعد امامٍ يهدي اللّه لنوره من يشاۤء يهدي اللّه للائمة (ع) من يشاۤء و يضرب الله الامثال للناس الحديث ، فضرب الله لنورهم مثلاً هو المصباح لانّ نورهم و فاضل وجودهم قد لاح شعاعه علي ساۤئر الأشباح فبهم قامت الأعيان و لهم خلقت الأكوان و علي سبيلهم و هديهم دار الأسلام و الأيمان و للّه در القاۤئل شعراً في علي عليه السلام : يا جوهراً قام الوجودُ به ** * ** الناسُ بعدكَ كلّهم عَرَض ، قال عليه السلام : و اعلامِ التقي الأعلام جمع علم كاسباب جمع سبب و هو الجبل الذي يعلم فيه الطريق فهم الجبال التي يعلم بها طريق التّقي و التّقي اصله الوقا فابدلت الواو تاۤء و لما ادخلت عليها اللّام الشمسيّة ادغمت فيها و في الفعل اذا دخلت عليه تاۤء الأفتعال ادغمت التاۤء في التاۤء فقيل اتّقي يتّقي كافتعل يفتعل و قيل في تقوي اللّه ثلثة وجُوه احدها و هو احسنها ان معناها ان يُطاع و لايُعصي و يُشكر و لايُكفر و يُذكر و لايُنسي و هو المروي عن ابيعبداللّه (ع) و ثانيها انه المجاهدة في اللّه و اَلّاتأخذه فيه لومةُ لاۤئم و ان يُقَامَ له بالقسط في الخوف و الامن و هذا عن مجاهدٍ و ثالثها ان تتقي جميع معاصي اللّه و هذا عن ابيعلي الجباۤئي نقلت هذه الوجوه الثلاثة في قوله تعالي و اتقوا اللّه حقّ تقاته ، و قيل علي الوجه الثاني و الثالث انها منسوخة بقوله تعالي فاتقوا اللّه ما استطعتم و هو المروي عن ابيجعفر و ابيعبدالله عليهما السّلام و لو قيل انّها منسوخة علي الثالث خاۤصّة لأنّ المجاهدة لاتنافي تقوي اللّه علي الأستطاعة لميكن بعيداً بل و لو قيل انها غير منسوخةٍ علي الثالث ايضاً لميكن بعيداً كما هو المنقول عن ابنعَبّاس و الجباۤئي و طاووس لأنّ ذلك لاينافي التقوي بالاستطاعة و الذي يظهر لي انّ الٰاية المذكورة منسوخة كما هو المروي عنهما (ع) ليس لأنّ معناها احد الوجوه الثلاثة المذكورة بل لأنّ معناها انه سبحانه قد حكم اَلّايقوم له احد من خلقه بحقّه فلو كان التكليف علي حسب حق اللّه سبحانه و تعالي لكان تكليفاً بما لايطيقه الخلق و يدلّ علي هذا قول علي بن الحسين سيّد العابدين عليه السلام في السجود بعد الرابعة من صلوة الليل فتأمل قوله عليه السلام تجد انّ اللّه سبحانه ( كما خ ) لايعدله شيء كذلك لايقوم بحقّه احد قال (ع) الهي و عزّتك و جلالك لو انّني منذ بدعتَ فطرتي من اوّل الدهر عبدتُك دوامَ خلود ربوبيّتك بكلّ شعرة في كل طرفة عين سرمدَ الابدِ بحمد الخلاۤئق و شكرهم اجمعين لكنتُ مقصراً في بلوغ اداۤءِ شكر خفيّ نعمةٍ من نعمِكَ عليّ و لو انّني يا الهي كربتُ معادِنَ حديد الدنيا بانيابي و حرثتُ ارضها باشفار عينيَّ و بكيت من خشيتك مثل بحور السموات و الارض دماً و صديداً لكان ذلك قليلاً في كثير ما يجب من حقّك عليّ و لو انّك يا الهي بعد ذلك عذّبتني بعذاب الخلاۤئق اجمعين و عظّمت للنار خَلقي و جسمي و ملأتَ طبقات جهنّم مني حتي لايكون في النار معذّب غيري و لا لجهنّم حطب سواي لكان ذلك بعدلك قليلا في كثير ما اَستوجبُ من عقوبتك ه ، فانظر بعين بصيرتك و امعن نظر قريحتِك فيما ذكر (ع) هل يمكن حصولُ هذا من احدٍ من ( الخلق خل ) المكلفين بل يمتنع وقوع ذلك و مع هذا لميجعله حالة تقوي اللّه حق تقاته بل جعله كما هو الواقع تقصيراً في حق الجبّار جل جلاله بحيث لو عذب فاعل ذلك الذي لايمكن وقوعه من المكلّف لكان قليلاً في جانب عدله علي ذلك الفاعل لتقصيره في تلك الحال في خدمة الملك المتعال جل جلاله فيكون هذا وجه تطرّق النسخ علي الٰاية من جهة انّ التكليف لايحسن في الملّة السمحة السهلة لا ما ذكر في الوجه الثاني و الثالث ، و قيل انّ الٰاية الثانية مبيّنة للمراد من الأولي لا ناسخة يعني اتقوا اللّه حق تقاته الذي تقدرون عليه علي جهة الملّة الحنفيّة السهلة السمحة التي هي جهة الأستطاعة و هذا القول حسن اذا لميلاحظ مدلول العبارة الظاهرة ثم علي تسليم صحة هذا الوجه فما الفائدة في العدول عن النسخ الي التبيين لانّ النسخ هنا لايراد منه نفي التقوي بالكليّة و انما يراد منه التخصيص و لا معني للتبيين المذكور الّا تخصيص ذلك العموم و التقي الخشية و الخوف من اللّه سبحانه في الغيب عند ملاحظة سطوات الجبروت و منه قوله تعالي و اتق اللّه ، و سيجنبها الأتقي ، و التقي تعظيم عظمة العظيم و استشعار جلاله و عظم شأنه و سعة كبرياۤئه و منه قوله تعالي لمسجد اسّس علي التقوي يعني تعظيماً لشعاۤئر اللّه و عظيم ( عظم خل ) شأنه و التقي الطاعة و العبادة الخالصة بأن يتّقي كلما ينافي امر اللّه و منه قوله تعالي و تزوّدوا فانّ خير الزاد التقوي يعني خير الاعمال الطاعاتُ الخالصة لوجه اللّه تعالي و الأصل فيها تطهير الظواهر و تنزيه القلوب من الذنوب للقيام بخدمة المحبوب كما قال تعالي و من يطع اللّه و رسوله و يخش اللّه و يتّقه فاولئك هم الفائزون ، و التقوي ثلاث تقوي العوامّ و هي فعل الواجبات و ترك المحرّمات و تقوي الخواص و هي فعل الواجبات و المندوبات و ترك المحرمات و المكروهات و تقوي خواۤص الخواۤص و هي فعل الواجبات الظاهرة التي تضمنتها الشريعة الحقّة علي ما قرّره اهل العصمة عليهم السلام مما فرضه اللّه و شرعه و وصي به نوحاً و ابراهيم و موسي و عيسي و ساۤئر الانبياۤء (ع) و مندوبات العوامّ فانهم يعني خواۤصّ الخواۤص لايَرْضَونَ لانفسهم ترك ما هو راجح الفعل و عمل الواجبات الاخلاقية التي تضمنتها علوم الطريقة و مندوباتها فانها لازمة علي السابقين لانهم لما قرأوا و ماتأتيهم من آية من آيات ربهم الّا كانوا عنها معرضين فقد كذّبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم انباۤء ما كانوا به يستهزؤن عرفوا انّ مَن بيّن اللّه له في نفسه شيئاً حتي راي انّ فعله ارجح من تركه بوجهٍ مّا فلميعمل به و يُبادر اليه فقد اعرض عنه و من اعرض عن ما ينبغي الي ما لاينبغي فقد كذّب بالحق لانّه ان كان صادقاً فيما يدعيه من معرفة هذا الشيء انه ينبغي له ان يعمل به و انّ تركه مرجوح و تركه لا لمرجّح لتركه و ان كان من دليل خارج صحيح فقد كذب بالحقّ الذي يعرفه بان فعله ارجح من تركه و من كذب بالحق بعمله مع تصديقه به في نفسه فقد استهزأ باللّه و آياته و رسوله (ص) كما قال تعالي قل اباللّه و آياته و رسوله كنتم تستهزؤن و من استهزء باللّه لأنه لميطع ربّه فيما امره به بعد التعريف و التصديق و القبول و المعاهدة علي الوفاۤء و استهزءَ بٰاياته التي بيّنها له و اقر بها و اعترف و عاهد عليها و استهزء برسوله (ص) لأنّه قد اجابه اذْ ( اذا خل ) دعاه الي الأسلام و الأيمان و التصديق و اعترف بما عرّفه و عاهد عليه مرة بعد اخري فسوف يأتيه انباۤء ما كان به يستهزء و ترك جميع محرمات الشريعة و مكروهاتها و ترك جميع محرمات الطريقة ( و مكروهاتها خل ) و مرجوحاتها في كل حال و اقامة منار التوحيد بتوحيده في الذات و الصفات و الأفعال و ( العبادة خ ) في السرّ و النور و الخيال و الحسّ المشترك و في السمع و البصر و الحسّ و بالجملة حيثما وجد الحق و محض الصدق حتي يدع ما لا بأس به حذراً مما فيه بأس و مراتب التقي في نفسه و باعتبار العالمين ( العاملين خل ) مختلفة غير محصورة في العدِّ و في كل رتبة ( مرتبة خل ) يجد اهلها عليها عَلماً من المحمد (ص) داۤلّاً علي طرقها و منيراً لما ادْلَهَمَّ من ظلمات احوالها مُسَهِّلاً لسُلوكِها معيناً لسالكِيها علي سلوكها مسدِداً لما نقص من دواعيهم اليها متممّا لقابليّاتها و مقبولاتها بل هم في كل رتبةٍ من التقي قادَةُ اهلها و ائمتهم في تعليمهم و انما قال اعلام التقي اي جبال التقي لفواۤئد : منها انّ الجبال رواسي فهم الذين تثبت بهم التقي و منها انهم علامات لطرقها كالجبال و منها انّ كل من وصل الي مرتبة منها رٰاهم (ع) فيها بحال عظمةٍ لايقدر ان يصفهم فيها كما في تأويل قوله تعالي انك لنتخرق الارض و لنتبلغ الجبال طُولاً بمعني انّ من وصل الي مقامٍ من مراتب التقوي رٰاهم فيها اربَابها و ادلّاۤءَها و اساسَها وَ انّها لهم خُلِقَتْ لتعظيمهم و رفع شأنهم سُنَّتْ و علي حسب ما هم اهله قُدِّرتْ و لتشييد سُلْطانِهم شُرعَتْ ففعل الواجب منهم و ترك الحرام عنهم و فعل المندوب فيهم و ترك المكروه لهم و حفظ الأسرار عن الاغيار بهم و هو قول علي (ع) جذب الأحديّة لصفة التوحيد فهم اعلام التقي بكل معني و علي كل احتمال و بكل اعتبار صلي اللّه عليهم اجمعين . قال عليه السلام : و ذوي النهي ذوي جمعُ ذي بمعني صاحب الّا انّه اكثر ما يستعمل في مقام الشرف و الثناۤء و صاحب يستعمل فيهما و في ضدّهما علي السواۤء فاذا ذُكِرا في شيء في حالتين كان ذو للمدح و صاحب للذم و اذا كان المقام يقتضي المدح و الثناۤء في الحالين استعمل ذو في الغيب و اللطيف و الباطن و صاحب في الشهادة و الغليظ و الظاهر مثال الاوّل قوله تعالي في مقام الثناۤء و ذا النون اذ ذهب مغاضِباً و في مقام اللوم و العتب قال تعالي فاصبر لحكم ربّك و لاتكن كصاحب الحوت و مثال الثاني ( قوله تعالي خل ) تبارك اسم ربّك ذي الجلال و الأكرام و في الدعاۤء يا صاحب كل نجوي و منتهي كل شكوي و من الثاني ذوي النهي لانّ النهي من الغيب و اللطيف و الباطن و النهي جمعُ نُهية بالضم فيهما و هي العقل و سمّي نهية لانه ينهي صاحبه عن القباۤئح او ينتهي اليه صاحبُهُ و يردّ اليه فيترك بمحبته القباۤئح و يفعل باختياراته الأوامر و في القمي عن عمّار ابن مروان عن ابيعبداللّه (ع) قال سألته عن قول اللّه عز و جل انّ في ذلك لأٰيات لأولي النهي قال نحن واللّهِ اولوا النهي فقلت جعلتُ فداۤءك و ما يعني اولوا النهي قال ما اخبر اللّه به رسوله (ص) مما يكون بعده من ادّعاۤءِ ابي فلانٍ الخلافة و القيام بها و الٰاخر من بعده و الثالث من بعدهما و بنياميّة فاخبر رسول اللّه (ص) فكان ذلك كما اخبر اللّه به نبيّه (ص) و كما اخبر رسول اللّه (ص) علياً و كما انتهي الينا من علي (ع) فيما يكون من بعده من الملك في بنيامية و غيرهم فهذه الٰاية التي ذكرها اللّه في الكتاب انّ في ذلك لٰايات لأولي النهي فنحن اولوا ( اولي خل ) النهي الذي انتهي الينا علم هذا كلّه فصبرنا لأمر اللّه فنحن قوّام الله علي خلقه و خزّانه علي دينه نخزنه و نستره ( نسره خل ) و نكتم به من عدوّنا كما اكتتم ( اكتم خل ) رسول اللّه (ص) حتي اذن اللّه له في الهجرة و جاهد المشركين فنحن علي منهاج رسول اللّه (ص) حتي يأذن اللّه لنا في اظهار دينه بالسيف و ندعو الناس اليه و نضربهم عليه عوداً كما ضربهم رسول اللّه (ص) بَدءاً ه ، و هذا المعني من معاني اولي النهي اي الذين تنتهي اليهم علوم كل الخلق او ينتهي اليهم العلم بالخلق كما يشير اليه هذا الحديث و من معانيه ( معاني خل ) ذوي النهي اي الذين هم النهاية و في الزيارة ليس وراۤءَ اللّه و وراۤئكم منتهي ، او تنتهي اليهم الأمور او اذا انتُهي بكم الي حقائقهم فامسكوا فهم ذووا العقول الكاملة لا سواهم و اصل المسئلة انّ العقل واحد و هو عقل محمّد (ص) و هو يظهر في محمّد (ص) ثم يظهر في عليّ (ع) ثم في الحسن (ع) ثم في الحسين (ع) ثم القاۤئم (ع) ثم الائمة الثمانية علي ترتيب ظهورهم في الدنيا ثم فاطمة (ع) و هذا العقل و ان كانَ وَاحِداً فانّه يتعدّد في الائمة عليهم السلام كتعدّد البدل مثاله محمّد (ص) كالسراج و علي سراج شعلَ منه فمحمد قبل علي و بعد وجود علي (ع) كان مُسَاوِياً لمحمد (ص) و عليّ قبل الحسن (ع) و بَعْدَ وجودِ الحسن كانَ مُسَاوِياً لعليّ (ع) و هكذا فليس يتعدّد الّا في التعلّق كمثل السّراج فانّه واحدٌ في النار و اذا شعلَتْ منه سُرُج لمتتعدّد النار الّا باعتبار التعلّق و الي هذا المعني اشار عليّ عليه السلام بقوله انا من محمّد كالضّوء مِنَ الضّوء ، و لو كان متعدّداً لتعدّد بالاختلاف كما لو كان الثاني ظهور الأوّل كالنور من المنير او مُشَكّكاً كاختلاف اجزاۤء النور بسبب قربها و بعدها من المنير فانها لاختلافها كمّاً و رتبةً متعدّدة و لا كذلك ذلك النور الذي هو عقلهم صلي اللّه عليهم فانه شيء واحدٌ و ان اختلف رتبةً باعتبار تقدم المتقدم منهم كالنبي صلي اللّه عليه و آله فهو متّفق متّحِدٌ كما و ان اختلف رتبةً و لهذا لميزد رسول اللّه (ص) علي احدٍ من الائمة لشيء ( بشيء خل ) الّا تقدّمه ذاتاً و كذلك ساۤئر التّفاضل بينهم و هو و ان كان التّفاوتُ به عظيماً لكن النور الوارد علي تلك الحقيقة الشريفة بعينه و كُلِّيّته وارد علي حقيقة عليّ (ع) و علي حقيقة الحسن و الحسين و الائمة التسعة و فاطمة عليهم اجمعين السلام كما اذا اشعلتَ سراجاً من سراج لا انّه ينتقل عن الاوّل الي الثاني فيلزم خلّو كلّ اَوّل و لا انّه يظهر علي الثاني ليكون الظهور ضعيفاً ناقصاً فلايساوي الأوّل في ذلك النور بل كلّه شيء واحد و انما كان بعضهم افضل من بعض لاجل تقدم حقيقة الفاضل فبالتقدم بوجود حقيقته لا غير كان افضل و في ذلك الفضل العظيم لأنّ هذا الحرف لايقدر مَن دونه علي تحمّله و لهذا قال علي (ع) انا عبد من عبيد محمّد (ص) و قد يطلق علي الروح الذي هو من امر اللّه و في تفسير علي بن ابراهيم باسناده الي ابيبصير عن ابيعبداللّه (ع) في قوله و السماۤء و الطارق قال السماء في هذا الموضع اميرالمؤمنين صلوات الله و سلامه عليه و الطارق الذي يطرق الائمة من عند ربهم مما يحدث بالليل و النهار و هو الروح الذي مع الائمة يسدّدهم قلت و النجم الثاقب قال ذاك ( ذلك خل ) رسول اللّه (ص) و في بصاۤئر الدرجات عن ابيبصير قال سمعتُ اباعبداللّه (ع) يقول انّ منّا لمن يعاين مُعَاينةً و انّ منّا لمن ينقر في قلبه كيتَ و كَيْتَ و انّ منّا لمن يسمع كوقع السلسلة كما تقع السلسلة في الطست قال قلتُ فالذين يعاينون ما هم ( هو ظ ) قال خلق الله اعظم من جبرئل و ميكاۤئيل و في عيون الأخبار باسناده عن الحسن بن الجهم عن الرضا (ع) قال انّ اللّه عزّ و جل ايّدنا بروحٍ منه مقدّسةٍ مطهّرة ليست بمَلَكٍ لمتكن مع احدٍ ممن مضي الّا مع رسول اللّه (ص) و هي مع الائمة (ع) منّا تسدّدهم و توفقهم و هو عمود من نور بيننا و بين اللّه عزّ و جلّ فان قلتَ قد تكثرت الروايات انّ هذه الروح تكون مع الانبياۤء (ع) من لدن آدم الي محمد (ص) فما الجمع بينها و بين هذه الأخبار الدّالة علي انها لمتكن مع احد ممّن مضي الّا مع رسول اللّه (ص) الخ ، قلتُ الجمع بينهما من وجهين الأوّل انّ هذه الروح انما كانت عند الأنبياۤء (ع) بواسطتهم فلمتكن عند الأنبياۤء حقيقة كما تقول انّ عبد زيد ينفع عمراً باذن سيّده فانه يصدق علي هذا العبد انّه لميكن مع عمروٍ و ان نفعه باذن مولاه و هذا ظاهر ، الثاني انّ الملك المذكور انّما يكون مع الانبياۤء السابقين بوجهٍ من وجوهه و لميكن بكليّته الا مع محمد و آله صلّي اللّه عليه و آله و قد بيّنا انّ هذا هو العقل و في الكافي عن محمد بن مسلم عن ابيجعفر (ع) قال لمّا خلق اللّه تعالي العقل استنطقه ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر ثم قال و عزّتي و جلالي ماخلقتُ خلقاً هو احبّ اليَّ منك و لااكملتُك الّا فيمن اُحِبُّ الحديث ، فقوله تعالي و لااكملتك الّا فيمن احبّ يبيّن علي انه لميكمله الّا في محمد و آله (ص) اذ لا حبيبَ له اذا اطلق يتبادر اليه الأطلاق الّا محمد و آله (ص) فان قلتَ ما الجمع بين ما ذكر في رواية عيون الأخبار انّ هذه الروح ليستْ بملك و مثلها كثير انّه خلق اعظم من الملاۤئكة و بين ما ورد في القرءان بانّه ملك قال تعالي و جاۤء ربّك و الملك صفّاً صفّاً علي ما روي فيه و ذكر في بعض وجوه تفسيره انه ليس المراد به الجنس بل ملك و معني ما روي فيه هنا انّه ملك يقوم وحده صفّاً و جميع الملاۤئكة من السموات و ملاۤئكة الحجب و السرادقات و حملة العرش و جميع ما خلق اللّه من الملاۤئكة صفّاً و يكون هو اعظم منهم قلتُ هو من العالين الأربعة المعبّر عنهم باركان العرش نور احمر منه احمرّت الحمرة و نور اصفر منه اصفرّت الصفرة و نور اخضر منه اخضرّت الخضرة و نور ابيض منه ( ابيضت خل ) البياض و منه ضوء النهار و ليست هذه الأربعة من الملاۤئكة لأنّ الملاۤئكة حروف من حروف الوجود و هذه هي الكلمات التامّات التي لايجاوزهن برٌ و لا فاجر و انما تسمي هذه الروح التي هي احد الأربعة و هو عبارة عن الركن الأصفر و قد يطلق و يراد منه الأبيض انما يسمّي ملكاً في بعض الأحوال نظراً الي ما بينهما من مشاكلة الصفة و الفعل فانّ الملك كان مستتراً محتجباً بلطافة جسمه و لهذا تسمّي الملاۤئكة بالجنّة كما حكي عن القائلين بانّ الملائكة بنات اللّه قال تعالي و جعلوا بينه و بين الجنّة نسباً و لقد علمتِ الجنّة انّهم لمحضرون فشابهت الأنوار العالون الملاۤئكة في هذه الصفة و ايضاً ملك اصله مألك فقدّمت اللّام و اخّرت الهمزة و وزنه مَعْفَل مأخوذ من الأَلُوكة و هي الرسالة ثم تركت الهمزة لكثرة الاستعمال فقيل ملَكَ بالتحريك فلمّا جمعوه ردّوه الي اصله يعني قبل الحذف لا قبل التقديم و التأخير فقالوا ملاۤئك فزيدت التاۤء للمبالغة او لتأنيث الجمع ، و عن ابنكيسان انّه فعال من الملك فحذفت الالف تخفيفاً و نقل عن ابيعبيدة انه مفعل يعني مَلْأك من لأك اذا ارسل في ملكه شيئاً و ليس في ملكه شيء اي لايملك شيئاً فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال بعد نقل حركتها الي ما قبلها او من الملك اي القهر فانّ الملاۤئكة مظاهر القهر او لانهم مماليكه او من قولهم عبد مَملكةٌ و مُمْلكة بفتح الميم و ضمّها اذا مُلِك و لميملك ابواه و منه الحديث لايدخل الجنّة سَيّءُ الملاۤئكة يعني سيء الصنع الي مماليكه و يقال فلان حسن الملاۤئكة اي حسن الصنع الي مماليكه و سمّيتِ الملاۤئكة لانهم رسل كما قال تعالي جاعل الملاۤئكة رُسُلاً او جُعلوا رُسُلاً الي مَن سيكون او لانّهم مظاهر القهر او لانّهم مماليك ابتداۤء او لانّه احسن صنعهم حتي قيل في قوله تعالي و لقد كرّمنا بني آدم و حملناهم في البرّ و البحر و رزقناهم من الطّيّبات و فضّلناهم علي كثير ممّن خلقنا تفضيلاً انه اخرج جنس الملاۤئكة من التّفضيل عليهم و ان كان الحقّ انّهم داخلون او احسن اليهم او احسن الي عباده بهم و في كلّ هذه الوجوه يحصل التشابه بين الروح و بين الملاۤئكة و ان كانت هذه الوجوه في جانب الروح اقوٰي منها في جانب الملاۤئكة فيسمّي بالمَلَكِ في هذه الوجوه اولي من الملاۤئكة و انّما نفي كونه ملكاً بالمعني المعروف من الملك فانّه ليس من جنس الملاۤئكة و انّما الملاۤئكة خُلِقَت من فاضل شعاعه لانّ ارواح الأنبياۤء (ع) خلقوا من شعاعه و الملاۤئكة خُلِقَتْ من شعاع ارواح الأنبياۤء (ع) فهم صلّي اللّه عليهم ذَوُوا النهي علي الحقيقة يعني اصحاب العقول الكاملة و انّما ذكرنا في تعريف العقول الرّوح و ان كان انما يراد منه عند الأطلاق غير العقل امّا النفس التي هي محلّ الصور و اللوح المحفوظ و امّا الروح الكليّة التي خلقت من شعاعها البراق و هي الرقاۤئق الحقيقية و برزخ الذّرين و تحت هذا الورق الخضر و ورق الاۤس الّا انّها قد يطلق و يراد منها العقل و لاسيما في هذا الموضع فافهم راشداً . قال عليه السلام : و اولي الحجي قال الشارح (ره) كالي العقل و الفطنة انتهي ، اقول اُولي علي وزن رُمي مبنياً للمجهول في النصب و الجر و اولوا علي وزن حُبُك في الرفع و الواو في الحالين يؤتي بها للفرق بين اولي و الي حرف جرّ و كذا في اولوا و اولاۤء و اولئك و اولات كلها للفرق بينها و بين ما يشبهها في الصورة في النقش و لهذا تسمي هذه الواو واو الفارقة ، و اولوا قيل جمع لا واحد له من لفظه و قيل اسم جمع واحده ذُو و اولات للأناث واحدها ذات و اولا جمع و يمدّ لا واحد له من لفظه او يكون واحده ذا في المذكر و ذه في المؤنّث و معناه كما تقدّم في ذوي النهي و الحِجَي بكسر الحاء المهملة العقل و الفطنة و المقدار و هو مفرد جمعه احجاۤء كٰالاۤء جمع الي بكسر الهمزة بمعني النعمة و هو من حَجيَ به كرَضي به اولع به و لزمَهُ او عداه من الاضداد او من حَجيٍّ به كغنِيٍ بمعني جدير اي حقيق به قال علي عليه السلام في الشقشقيّة فرأيت انّ الصبر علي هاتا احجَي ، او من تحجَّي بالسرّ اي حفظه او من تحجّي عند الشيء وقف او تحَجّاه منعه او من حجا بالمكان حجواً اقام به او من حاجيته محاجاةً و حِجاۤءً فحجوتُه اي فاطَنْتُهُ فغلبته او من الحجا اي الستر كما في الحديث من بات علي ظهر بيت ليس عليه حجا فقد برئت منه الذمّة اي ليس عليه ستر يمنعه من السقوط و انما اتي بالجمع في النهي و المفرد في الحجي للسّجع و الا فقد تقدّم انّ الجمع هناك ليس لان عقولهم متعددة حقيقة و انما هو لموافقة التعدّد ظاهراً فهنا ادلّ علي الباطن و هناك ادلّ علي الظاهر ، و علي اخذه من حجي به كرضي للزومه للحق و محبّته له لما بينهما من كمال الموافقة او للحقاۤئق لانهما من وادٍ واحدٍ و من عدا الشيء لانه ابداً مفارق للباطل ماقتٌ له في جميع احواله و من حجيٍّ كغنيٍّ بمعني جدير لأنّه حقيق بطهارة مداركه و متعلّقاته و من تحجيّ بمعني حَفِظ لانّه يكتم ما وصل اليه مما دونه و لايهمل ما وصل اليه مما فوقه و من تحجَّي عنده لانّه لايقدم علي المظنون مع امكان المعلوم و لا علي الموهوم مع امكان المظنون عند فقد المعلوم حال التكليف او الحاجة و من تحجّاه بمعني منعه لانه يمنع صاحبه عن الباطل كما يمتنع هو منه و من حجا بمعني اقام لانّه لاينتقل من ( عن خل ) اليقين الّا الي يقين يقابله ارجح منه بمرجّح ذاتي او خارجي يوجب الانتقال فيكون الاوّل بذلك المرجح ليس بيقين في الحقيقة بالنسبة الي اليقين المنتقل اليه و الّا لمينتقل عنه و مِن حاجيته انّه ينزع الي مداركه قبل ما يتوجّه اليها غيره من المشاعر و ان توجّه الغير اليها قبله سبقه علي الأدراك اذ ليس ادراك الّا به فهو يحجو غيره منها و يغلبه و من الحجا اي الستر لانّه يستر عيوب صاحبه بحسن نظره او يمنعه عن فعل ما تبدو به عورته فهو يستره لمنعه عن الكشف فهم عليهم السلام اولوا الحجيَ علي المعني الأوّل و الثاني و الثالث و الرابع و السادس و التاسع علي احد معنييه امّا علي الخامس فلا علي اطلاقه لأنهم لايفقدون المعلوم و لايصيرون الي مظنون و لا موهوم و اذا صاروا الي شيءٍ منها بالنسبة الي غيرهم فهو عندهم معلوم واجب المصير اليه عليهم امّا للتقيّة او لبيان الجواز او التخيير او التعليم و التسهيل علي الرعيّة و غير ذلك و امّا علي السابع فيصحّ لهم علي نحوٍ خاۤص فانّهم لاينتقلون عن يقين الي يقين ارجح منه قبل الانتقال و انّما ينتقلون عن الاوّل اذا انقضت مدة العمل به و لو وقت الانتقال و كتبت مدة اليقين المنتقل اليه و وقع تكليفهم به فهم ابداً في راجح بخلاف غيرهم فانه يجوز ان يكون المنتقل اليه قبل الانتقال ارجح من المنتقل منه في الواقع الوجودي او التكليفي بالنسبة الي ذلك الغير و لميصل اليه الترجيح او لميعرف الترجيح و لعلّ آخر قام بالراجح مع بقاۤء ذلك الغير علي ما هو مرجوح في نفس الأمر بل قد يكون الراجح قد وصل اليه و عرفه و اقام علي المرجوح امّا لانس نفسه بالمرجوح او لخلوده الي قاعدةٍ عنده مع ظهور الرجحان له عند نفسه فركن الي المرجوح للقاعدة و لعلّ الفساد من القاعدة و لميعثر علي خللِها اوْ لغرضٍ آخر دنياوي ( دنيوي خل ) يصرف فكره الي تلفيق مرجّحات البقاۤء علي الأوّل و هو يعلم و هو لايعلم و ذلك من قوله تعالي و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم ظلماً و علواً و قوله تعالي و هم يحسبون انهم يحسنون صنعاً و هم عليهم السلام مطهرون عن هذه الامور كلّها و امّا علي الثامن فيصحّ لهم ذلك علي انّهم (ع) لذاتهم و فطرتهم التي فطرهم اللّه عليها هم السابقون و هم الغالبون بلا مماراة و لا مغالبة لأنهم حزب اللّه الا انّ حزب اللّه هم الغالبون و لانّهم سبقوا و لا مُسَابق فاذا وجد فهو لاحق و تابع و متعلّم اوْ حاسد قاصر منحطّ عن مقامهم قد خرّ من دون سماۤء رتبتهم من حيث حسد و نظر فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكَان سحيقٍ . قال عليه السلام : و كهف الوري الكهف غار واسع في الجبل فان كان صغيراً قيل له غار و المنقور في الجبل كالبيت كهف و المراد هنا الملجأ و الحاوي للشيء و المأوي له و في الحديث الدعاۤء كهفُ الأجابة كما انّ السحاب كهف المطر يعني انّ الدعاۤء مظنّة تضمن الاجابة كما انّ السحاب مظنّة تضمن المطر يعني انّهم عليهم السلام ملجأ الوري اي ملجأ الخلق و المراد بالوري الخلق و المراد بالخلق هنا الناس هذا ظاهر اللغة و ظاهر العبارة و لهذا ذكر في كونهم ملاذاً ما يناسب الافهام و الّا ففي الحقيقة فهم ملجأ جميع المخلوقات كانت الأنبياء اذا قصّروا التجأوا اليهم و تشفّعوا بهم فيُشفع لهم روي الصدوق في اماليه باسناده عن معمّر ابن راشد قال سمعت اباعبداللّه الصادق عليه السلام يقول اتي يهوديٌّ النبيَّ صلي اللّه عليه و آله قال فقام بين يديه و جعل يحدّ النظر اليه فقال يا يهوديٌ ما حاجتُك فقال انت افضل ام موسي بن عمران الذي كلّمه اللّه و انزل عليه التّورية و العصا و فلق له البحر و ظلّله الغمام فقال له النبي صلي اللّه عليه و آله انّه يكره للرجل ان يزكي نفسه و لكن اقول انّ آدم لمّا اصاب الخطيئة كانت توبته اللّهم اني اسألك بحق محمّد و آلمحمد الّا ما غفرتَ لي فغفرها له و انّ نوحاً لمّا ركب السفينة و خاف الغرق قال اللّهم اني اسألك بحقّ محمّد و آلمحمّد لمّا نجّيتني من الغرق فنجّاه الله منه و انّ ابراهيم لمّا القي في النار قال اللّهم اني اسألك بحق محمّد و آلمحمّد لما نجّيتني منها فجعلها عليه برداً و سلاماً و انّ موسي لمّا القي عصاه فاوجس في نفسه خيفة قال اللّهم اني اسألك بحق محمّد و آلمحمّد لمّا نجّيتني فقال اللّه جل جلاله لاتخف انك انت الأعلي يا يهودي لو ادركني موسي ثم لميؤمن بي و بنبوّتي مانفعه ايمانه شيئاً و لانَفَعَتْه النبوّة يا يهوديّ و من ذرّيتي المهدي اذا خرج نزل عيسي بن مريم لنصرته و قدّمه و صلّي خلفه و قال علي بن الحسين (ع) حدّثني ابي عن ابيه عن رسول اللّه (ص) يا عباد اللّه انّ آدم لمّا رأي النور ساطعاً في صلبه اذ كان اللّه قد نقل اشباحنا من ذروة العرش الي ظهره رأي النور و لميتبيّن الأشباح و قال اللّه عزّ و جل انوار اشباحٍ نقلتهم من اشرف بقاعِ عرشي الي ظهرك و لذلك امرتُ الملاۤئكة بالسجود لكَ اذ كنت وعاۤءً لتلك الأشباح فقال آدم يا ربّ لو بيّنتها فقال اللّه عزّ و جلّ انظر يا آدم الي ذُروة العرش فنظر آدم (ع) و واقع اشباحنا من ظهر آدم (ع) الي ذُرْوة العرش فانطبعَ فيه صور اشباح انوارنا الّتي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المِرءٰاة الصّافية فرأي اشباحنا فقال ما هذه الأشباح يا ربّ قال اللّه عز و جل هذه اشباحُ افضل خلاۤئقي و بريّاتي هذا محمّد و انا ( الحمد الحميد خ ) المحمود في افعالي شققت له اسماً من اسمي و هذا عليّ و انا العلي العظيم شققتُ له اسماً من اسمي و هذه فاطمة و انا فاطر السموات و الأرض فاطم اعدائي من رحمتي يوم فصل قضاۤئي و فاطم اولياۤئي عمّا يُبيرهم و يشينهم و شققتُ لها اسماً من اسمي و هذان الحسن و الحسين و انا المحسن المجمل شققتُ اسمهما من اسمي هؤلاۤئي (هؤلاء خل ) خيار خلقي و كرام بريّتي بهم آخذ و بهم اعطي و بهم اُعاقب و بهم اُثيب فَتَوَسَّلْ بهم اليّ يا آدمُ و اذا دَهتْك داهية فاجعلهم اليّ شفعاۤءَك فاني آليتُ علي نفسي قسماً حقّاً لااُخيّب بهم آملاً و لااردّ بهم ساۤئلاً فلذلك حين نزلتْ منه الخطيئة دعا اللّه عزّ و جّل فتاب عليه و غفر له ه ، فهذا و امثاله من الاحاديث الدّالّة علي انّهم هم الملجأ و الملاذ فلايستجيب اللّه الدعاۤء الّا بهم لانّهم ذمامه المنيع الذي لايُطاول و لايُحاول اي لايضام جارهم و لايُرام حماهم و لايَعْدِلهم شيء اَلَاتَسْمَع قول الضّاۤلّين يوم القيمة لمّا كشف لهم عن الحقاۤئق حتي عرفوا انّ ما ينسب للمعبود من الأحوال المرتبطة بالخلق هي بعينها ما لهم (ع) فطاعتهم عين طاعة اللّه و معصيتهم عين معصية اللّه فمن اطاعهم فقد اطاع اللّه فلما كشف لهم هذه الحقاۤئق و قيل اينما كنتم تعبدون من دون اللّه يعني تطيعونهم في معصيةِ وليّ اللّه هل ينصرونكم او ينتصرون اي ينجونكم من النار او ينجّون انفسهم منها فكبكبوا فيها هم يعني الضالين و الغاوون يعني المضلين المطاعين في معصية اللّه و جنود ابليس اجمعون يعني ( قرناؤهم خ ) من الشياطين الذين زيّنوا لهم ماضيهم و غابرهم قالوا اي الضّالّون و هم فيها يختصمون مع الغاوين تاللّه ان كنّا لفي ضلالٍ مبين اي واللّه الذي هو الهادي لمن اطاعه و اۤمن به لقد كنّا في ضلالٍ مبين بمخالفته و طاعة اعداۤئه اذ نسوّيكم بربّ العالمين يعني جعلناكم مساوين لرب العالمين حيث امرنا بطاعة وليّه و امرتمونا بمعاداة وليّه و طاعة عدوّه فاتبعناكم و تركنا مالِكنا و مصلحنا و مربّينا و هادينا و مدبّر امورنا فلما كشف لهم في الأٰخرة عن الحقاۤئق و رأوا انّهم (ع) لايَعْدِلهم شيء و لايدنوا من مقامهم شيء قالوا ما حكي اللّه عنهم فمن اعتصم بهم حُفِظَ من شر كلّ غاشم و طارق من خلق اللّه الصامت و الناطق لأنّ الله سبحانه خلقهم قبل كل شيء ثم خلق الأشياۤء و اشهدهم خلقها و انهي اليهم علمها و جعلهم ملاذ كلّ شيء و مرد كلّ شيء و اليهم اياب كل شيء و عليهم حساب كلّ شيء روي المفيد (ره) في الأختصاص و الصّفار في البصاۤئر باسنادهما الي ابيحمزة الثمالي ثابت بن دينار قال سمعت اباجعفر (ع) يقول من احللنا له شيئاً اصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال لأنّ الائمة منّا مفوّض اليهم فما احلّوا فهو حلال و ما حرموا فهو حرام و في الاختصاص باسناده عن محمد بن سنان قال كنت عند ابيجعفر (ع) فذكرتُ اختلاف الشيعة فقال انّ اللّه لميزل فرداً متفرداً في الوحدانيّة ثم خلق محمداً و علياً و فاطمة (ع) فمكثوا الف دهر ثم خلق الأشياۤء و اشهدهم خلقها و اجري عليها طاعتهم و جعل فيهم ما شاۤء و فوض امر الأشياۤء اليهم في الحكم و التصرف و الأرشاد و الامر و النهي في الخلق لانهم الولاة فلهم الأمر و الولاية و الهداية فهم ابوابه و نوّابه و حجّابه يحلّلون ما شاء و يحرّمون ما شاء و لايفعلون الّا ما شاۤء عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فهذه الديانة التي مَن تقدّمها غرق في بحر الأفراط و من نقّصهم من هذه المراتب التي رتّبهم اللّه فيها زهق في بحر التفريط و لميعرف المحمّد حقهم فيما يجب علي المؤمن من معرفتهم ثم قال خذها يا محمد فانها من مخزون العلم و مكنونه و في البصاۤئر باسناده عن زرارة قال سمعت اباجعفر (ع) و اباعبداللّه (ع) يقول انّ اللّه فوّض الي نبيه امر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثم تلا هذه الٰاية و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا ه ، فلمّا خلق الخلق و اشهدهم امر الخلق و انهي علم الخلق اليهم و امر جميع الخلق من الصامت و الناطق بطاعتهم و انّه لايتقدم متقدم و لايتأخر متأخر الّا عن امرهم كانوا مردّ جميع الأعيان و المعاني و لعلّ ما اشار عليّ (ع) في خطبته في تنزيه الخالق جلّ و علا بقوله انتهي المخلوق الي مثله يشير في باطن تفسيره الي هذا و ممّا يدلّ علي ذلك ما في كتاب محمد بن شاذان بن نعيم بخطّه عن حمران بن اعين قال سمعتُ اباعبداللّه (ع) يحدّث عن ابيه عن آباۤئه (ع) انّ رجلاً كان شيعة اميرالمؤمنين (ع) مريضاً شديد الحمّي فعاده الحسين بن علي عليهما السلام فلمّا دخل من باب الدار طارت الحمّي عن الرجل فقال قد رضيتُ بما اوتيتم به حقّاً حقّاً و الحمّي لتهرب منكم فقال له واللّهِ ما خلق اللّه شيئاً الّا و قد امره بالطاعة لنا يا كبّاسة قال فاذا نحن نسمع الصوتَ و لانري الشخص يقول لَبّيْك قال اليس امركِ اميرالمؤمنين (ع) اَلّاتقربي الّا عدوّاً او مذنباً لكي يكون كفّارةً لذنوبه فما بالُ هذا و كان الرجل المريض عبداللّه بن شداد الهادي الليثي ه ، و روي هذا الحديث ابنشهراشوب عن زرارة بن اعين فاذا ظهر لك ممّا اشرنا اليه و من الروايات انّهم ملجأ الكلّ فاعلم انه قد ذكرنا في مواضع كثيرة انّهم باب اللّه الي الخلق و باب الخلق الي اللّه تعالي و بعد ما عرفتَ انّ كلّ شيء من اللّه و انه سبحانه ليس له باب الي الخلق الّا هم (ع) و انّ الشرط الأعظم و الركن الكلّي في وجودات الخلق و ماهياتهم و قوابلهم هو وجودهم عليهم السّلام لانّ الله سبحانه اتخذهم اعضاداً لخلقه فاذا تحقق لك هذه الأمور ثبت عندك انّهم الملجأ و الملاذ و المرجع في كلّ شيء صدر عن مشيةِ اللّه بعدهم من عين او معني جوهر او عرض ذات او صفة حال او ظرف او بُعدٌ جسمي او بعدٌ مكاني او بعدٌ زماني و الحاصل ان كلّ شيء يلتجأ اليهم في جهة فقره و تختلف حوائج الساۤئلين اليهم فمنهم في خلقٍ او رزقٍ او حياةٍ او مماتٍ و منهم في نموٍّ و غذاۤءٍ و منهم في بقاۤءٍ و حفظٍ و منهم في طلبٍ و رجاۤءٍ و منهم في استجارةٍ و وقاۤء الي غير ذلك علي حسب استعداداتهم و هو قول علي بن الحسين (ع) الهي وقف الساۤئلون ببابك و لاذ الفقراۤء بجنابك يا شافي يا كافي يا معافي يا ارحم الراحمين . |
بازدید 56